إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قدرات خارقة لدى الحيوانات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قدرات خارقة لدى الحيوانات



    قدرات خارقة لدى الحيوانات

    هل تملك الحيوانات التي يرعاها الناس قدرات تتجاوز الحواس المعروفة أم أن لديها فقط حواس شديدة الحساسية نسبياً؟
    في الواقع هناك الكثير من القصص الغير عادية عن قدرة الحيوانات
    على التخاطر وعلى حس تحديد الإتجاه وإستشعار الأمر قبل حدوثه. فهل تلك
    القدرات أمثلة عن مدى قوة حواس الحيوانات أم أنها دليل على إمتلاكها لقدرات
    نفسانية خارقة وغامضة ؟


    لقد سمعنا قصصاً من قبيل :


    - قطة تقفز إلى حافة الشباك يومياً وذلك قبل عدة دقائق من وصول صاحبها إلى المنزل .

    - كلب يبدأ بالنباح فقط قبل أن يرن جرس الهاتف وكأنه على علم بأن الإتصال الهاتفي على وشك الحدوث.

    - ببغاء تعلم الكلام ويقول أشياء تبدو أنها إستجابة لما يفكر فيه صاحبه في نفس الوقت.

    - حيوان عزيز على أصحابه يضيع أثناء قيام العائلة برحلة وبأعجوبة يجد سبيلاً إلى منزل أصحابه وفي بعض الأحيان يقطع في رحلته مئات بل آلاف الأميال.

    فكيف حدث ذلك ؟
    هل تملك الحيوانات الأليفة (وربما جميع الحيوانات الأخرى) عدداً من القدرات الفطرية النفسانية التي تتيح لها الإستماع إلى الأمواج الدماغية لأصحابها أو حتى قراءة المستقبل الوشيك ؟ أم أن أنها عبارة عن
    حواس أكثر تفوقاًُ من البشر كالبصر والسمع بالإضافة إلى الإحساس بتغيرات طفيفة مغناطيسية كامنة ومتواجدة في البيئة المحيطة ولأننا لا ندرك هذه التغيرات تبدو تصرفاتها إعجازية بالنسبة لنا ؟

    ما زال النقاش محتدماً حول ذلك بين طرفين سواء من جهة الذين يفكرون بمجريات
    الأحداث الفيزيائية ومعهم الكثير من مربي الحيوانات الأليفة ومن جهة
    المتشككين والذين يفكرون بطريقة علمية .



    يعتقد (روبرت شيلدريك) مؤلف كتاب Dogs That Know When Their Owners Are
    Coming Home أو " كلاب تعرف بأن أصحابها قادمون إلى المنزل " والذي نشر في
    عام 1999 أن الحيوانات لها قدرات كان البشر يمتلكونها فيما مضى ولكن
    لسبب ما لم يعد لها وجود بينهم. ومن خلال بحثه الموسع خلص إلى أن هناك 3
    أصناف رئيسية من الإدراك الخفي في الحيوانات :


    - التخاطر Telepathy
    تواصل نفساني بين بعض الحيوانات الأليفة وأصحابها من خلال نقاط إتصال يطلق
    عليها (شيلدريك) " الحقول المتحولة " morphic fields ، وهي القدرة التي
    تمنح الحيوان الأليف لأن يعرف عندما يكون صاحبه في طريقه إلى المنزل.

    - حس الإتجاه Sense Of Direction

    وهي القدرة التي تفسر "رحلات لا تصدق" تقوم بها الحيوانات لتعود إلى أصحابها بما في ذلك طير الحمام المنزلي.

    - الهاجس أو الإستشعار بالخطر الوشيك Premonition

    وهذا يفسر لماذا تعرف بعض الحيوانات قرب حدوث الزلازل وأحداث أخرى على وشك الحدوث.
    يقدم (شيلدريك ) في كتابه الذي يزيد من 300 صفحة بحثاً موسعاً من الدراسات
    التي تناولت القدرات الغامضة لدى الحيوانات بالإضافة إلى العشرات من
    الأمثلة من التجارب الواقعية التي رواها أصحاب الحيوانات الأليفة :

    1
    - التخاطر Telepathy


    يركز هذا الفصل من كتاب (شيلدريك) على قدرة التخاطر ، ويفترض بأن هذه

    القدرة تنشأ من خلال الصلة الوثيقة التي تتطور بين الإنسان والحيوان الأليف

    حيث يسوق عدداً

    من الحكايات التي رواها أصحاب الحيوانات الذين يرون بأن

    الحيوانات تعلم نواياهم ، على سبيل المثال نذكر التجربة الواقعية التالية
    :

    " لا يمكنني أن أفهم كيف لكلبي (جيني) وهو
    نسل مهجن وأربيه منذ 7 سنوات أن يستطيع أن يعلم بأنني على وشك تمشيته ،
    فمجرد التفكير في ذلك يكون كافياً له ليقفز مبتهجاً ، ولكي أستبعد أي شك
    حول إمكانية الإتصال معه بالعين أو أية معلومات يأخذها من الحواس الأخرى
    فقد تركت كلبي خارجاً في حديقة المنزل وخلف النوافذ والأبواب المغلقة
    وعندها فكرت فقط في تمشيته جفاءت النتيجة كما سبق في كل مرة ، فقد كان
    الكلب مجنوناً من الحبور والتوقع ، وعندما ارتديت ملابسي للذهاب إلى العمل
    بقي هادئاً تمامأً ".

    ويمكن القول بأن الكلب يلتقط تلميحات من صاحبه بدون أن يدرك صاحبه ذلك ،
    ويمكن أيضاً أن يكون هذا التلميح على شكل رائحة تفوح من صاحب الكلب ولا
    يشمها سوى كلبه فقط مما يدله على أن صاحبه متأهب للذهاب لتمشيته ، ومع ذلك
    يبقى التفسير صعباً .

    - ونسرد كذلك قصة قطة في سويسرا يبدو أنها تعلم متى سيأتي إتصال هاتفي معين:
    " بعد أن تقاعد أبي من وظيفته عمل في بعض
    الأحيان لأحد معارفه في (أراغو) ، وكان يتصل معنا أحياناً من هناك خلال
    فترة المساء ، وقبل دقيقة من رنين هذا الإتصال تخرج القطة من حالة هدوئها
    وتجلس في الأسفل وبجوار مكان الهاتف ، وفي بعض الأحيان يأخذ أبي القطار إلى
    مدينة (بييل) ومن ثم يستخدم الدراجة الهوائية ليصل إلى المنزل فتجلس القطة
    خارج الباب الأمامي قبل 30 دقيقة من وصوله ، وفي أوقات أخرى يصل أبي إلى
    (بييل) في وقت أبكر من المعتاد من ثم يتصل بنا من المحطة ، فتجلس القطة في
    الأسفل قرب الهاتف وقبل وفترة وجيزة من رنينه ، ومن ثم تذهب لتجلس عند
    الباب الأمامي، كل ما ذكرته كان على غير إنتظام أو توقع معتاد ، لكن يبدو
    أن القطة تعلم بالضبط أين كان وما سيحدث بعد ذلك ".


    2
    - حس الإتجاه Sense of Direction
    هناك قصص عن حيوانات قطعت رحلات طويلة وفي بعض الأحيان رحلات شاقة لكي يلتم
    شملها مع أصحابها وهي قصص يصعب تصديقها عن قدرات الحيوان الغامضة، وقبل أن
    يتطرق (شيلدريك) إلى هذا الموضوع في فصل مخصص من كتابه بدأ بشرح عادات
    الطيور المهاجرة والحيوانات الأخرى والفصائل التي تتبع نفس أنماط السفر
    لمئات بل لآلاف السنين ، يعتبر العلم ذلك أنه سلوك فطري ، ولكن ما هي هذه
    الغريزة أصلاً ؟ هل تتم بمساعدة الإشارات البصرية ومعالم المكان وموقع
    الشمس وربما النجوم إضافة إلى إشارات رائحة المناطق المنقولة بالرياح
    والماء وربما أيضاً مكامن المجال المغناطيسي الأرضي الذي يمكن أن تستشعره
    هذه الحيوانات ؟


    يقدم كتاب (شيلدريك) أمثلة توضح أن بإمكان الحيوانات أن تستشعر متى تكون
    قريبة من منازل أصحابها حينما تكون في طريق عودتها من الرحلات ، لكن ألا
    يفسر هذا من خلال مشاهدة الحيوان لمعالم مألوفة في المكان أو شم رائحة
    مألوفة أو التقاط تغيرات في سلوك أصحابها عندما يقتربون من منازلهم ؟ ، وما
    يجعل الأمر مذهلاً هو أن الحيوانات الأليفة تقطع رحلات طويلة في عودتها
    وتمر بأماكن غير مألوفة لها ، ويقدم (شيلدريك) أمثلة عدة في كتابه بما فيها
    الواقعة التالية :

    " كان لدى حماي مزرعة صغيرة وضع فيها كلب
    حراسة وأطلق عليه اسم (سلطان) ، وفي أحد الأيام أصبح حماي مريضاً حيث نقل
    إلى المستشفى بسيارة الإسعاف ، وبعد عدة أيام توفي وجرى دفنه في مقبرة
    محلية تبعد 5 كيلومترات عن المزرعة ، وبعد مضي عدة أسابيع من الدفن م يشاهد
    أحد هذا الكلب لأيام ، وبدا ذلك غريباً لنا فلم يكن من عادة (سلطان) أن
    يضل مطلقاً ، ولكننا لم نكترث لذلك كثيراً حتى جاءت عاملة سابقة يوم
    الأحد وهي تعيش بجوار المقبرة وأخبرتنا : " تخيلوا أنني حينما ذهبت إلى
    أنحاء المقبرة ذاك اليوم رأيت (سلطان) جالساً عند قبر العائلة ! ، ولا
    يمكنني أن أتخيل كيف استطاع أن يجد الطريق ويتبع 5 كيلومترات فيه ؟!، فلا
    يوجد آثار لسيده يمكن أن يتبعها ، حتى أنه لم يسبق له أن أخذه أحد إلى
    المقبرة أو حتى إلى الحقول ؟ خاصة أنه لم يبرح المنزل الذي يحرسه ، فكيف
    له أن يعثر على قبر سيده ؟ "".


    3
    - الهاجس Premonition
    في هذا الفصل من الكتاب يستكشف (شيلدريك) إمكانية أن تنبهنا بعض الحيوانات
    عن أحداث وشيكة الحدوث ، وربما كانت الأحداث الاكثر شيوعاً هي الحيوانات
    الأليفة التي يبدو أنها تعلم بأن أصحابها على وشك حدوث نوبات صرع لهم.

    إن مرض الصرع بأبسط معانيه هو شكل من التماس الكهربائي المؤقت الذي يحصل في دماغ الضحية والذي ينجم عنه تشنجات وصعوبة في التنفس وفقدان للوعي في بعض الأحيان ، فهل يملك
    الحيوان الأليف قدرة إستشعار حقيقية أو هاجساً قبل حدوث النوبة ؟ أم أن
    الحيوان شديد الحساسية نحو الإهتزازات الخفيفة للعضلات، أو أنه بارع في
    التقاط التغيرات في السلوك أو الروائح المنبعثة التي لا تدركها حتى الضحية
    قبل دقائق من حدوث النوبة ؟

    لقد لاحظ (شيلدريك) أن الكلاب والقطط وحتى الأرانب الأليفة يمكن أن تكون
    حساسة اتجاه نوبات الصرع ، ويتساءل (شيلدريك) إن كانت الحيوانات حساسة
    اتجاه الأمراض الأخرى أيضاً فقدم أدلة من التجارب الواقعية تشير إلى أن بعض
    الحيوانات الأليفة تنبه إلى مرض السكري عندما يكون مستوى السكر في دم
    أصحابهم منخفضاً وكذلك ذكر (شيلدريك) قصصاً عن حيوانات يبدو أنها تعلم
    أماكن البقع السرطانية على أصحابهم وذلك قبل وقت طويل من إجراء التشخيص.

    كما ذكر آنفاً عن مقدرة بعض الحيوانات في معرفة حدوث الزلازل قبل حدوثها
    بفترة وشيكة فإن الجرذان والثعابين تشاهد تخرج من جحورها قبل بدء الزلزال ،
    وتصاب الخيول وحيوانات المزرعة الأخرى بالإضطراب وتطير الطيور مبتعدة عن
    المشهد باسراب كبيرة

    فهل نعتبر ذلك أيضاً حالة من الحساسية الفائقة نحو متغيرات البيئة أكثر من
    أن تكون إدراك رجعي (تنبؤ)؟ فقد يستشعر الحيوان بالإهتزازات الضعيفة
    وبالروائح والإنبعاثات المغناطيسية والكهربائية الناجمة عن باطن الأرض ،
    تبقى الإجابة صعبة عن هذا السؤال ، مع ذلك هناك أحداث يبدو فيها الحيوان
    الأليف على علم مسبق وفعلي بأحداث كارثية ونذكر منها :

    " في صباح أحد الأيام حاول كلبي (توبي) منعي
    من الخروج من الباب الخارجي وظل ينبح أمامي ثم استند إلى الباب وقفز إلي
    ودفعني مع أنه في العادة كلب هادئ و وديع ويعلم روتين حياتي ، وكان علي
    العودة بعد 4 ساعات من مشواري، فأغلقت عليه باب المطبخ وتركته يعوي ، وهو
    أمر لم يفعله من قبل ومنذ تلك الحادثة مطلقاً ، انطلقت حوالي الساعة 7:30
    صباحاً وعند الساعة 9:40 صباحاً كنت متورط بحادثة سير مروعة أدت إلى كسر
    عنقي وذراعي الأيمن وعدد من الإصابات الأخرى ، والآن تعلمت بأن علي الإصغاء
    إلى (توبي)".
    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-11-11, 11:59 AM.

  • #2
    معلومات قيمة جدا .
    سبحان الله العظيم ولله في خلقه شؤون .
    (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)





    تعليق


    • #3


      أسماك ترصد الزلزال



      في مساء السادس من مأيو عام 1976م وفي مدينة "فريولي" الإيطالية ارتفعت أصوات الحيوانات فجأة ودونما سبب ظاهر؛ الكلاب تنبح وتجري هنا وهناك، القطط مذعورة، الفئران تملأ الأزقة، الجياد والأبقار هائجة وعصبية، ويحاول أكثرها أن يسحب أربطته، الطيور تسعى ضاربة بأجنحتها ومطلقة صرخات تبدي منها الفزع، وكأن شيئا ما يستثير هذه الحيوانات ويدفعها لهذا التصرف العجيب.

      لم يصدق سكان المنطقة ما رأوه بأعينهم، وصار ذلك محور حديثهم تلك الليلة، وتمضي الساعات بطيئة، وما إن حلّت الساعة التاسعة من تلك الليلة حتى شعر السكان بالأرض تميد من تحت أقدامهم، وما هي إلا ثوان معدودات حتى ضرب زلزال عظيم المنطقة مخلّفا وراءه ما يزيد على ألف قتيل من السكان!

      وحادثة أخرى مماثلة في "سان فرناندو" حيث اطّلع المحللون على تقرير سبق الكارثة هناك وفيه: "جيوش من الجرذان تملأ شوراع بلدة "سان فرناندو" -بالقرب من لوس أنجلوس الأمريكية- مع أن الناس كانوا يفترضون أنّ بلدتهم تخلو تماما من الجرذان. وفي اليوم التالي تصيب هزة عنيفة وادي "سان فرناندو" وتؤدي إلى كارثة بيئية.

      وفي زلزال تسونامي الأخير في الجزر الأندنوسية وما جاورها لاحظ السكان حركة مريبة للحيوانات قبل حصول المد بقليل ونزوحا جماعيا باتجاه الأعالي.

      نظرة علمية نحو هذه الظاهرة

      لقد أثارت هذه الحوادث وأمثالها اهتمام ودراسة عدد من العلماء، خاصة وأنها تتكرر بين فترة وأخرى، لقد أصبح الأمر جليا واضحا في حتميةِ وجود غرائزَ خفية للحيوانات تزوّدها بنوع استشعار لا يدركه البشر بحواسهم المحدودة وأجهزتهم المعقدة الحديثة.

      من العلماء الذي اهتموا بهذه الظاهرة في السبعينيات "هلموت تريبوش" الأستاذ بجامعة برلين الذي قام باستثارة الاهتمام بهذا الموضوع قديمًا -في عام 1976م- وأخذ يجمع ما تناثر هنا وهناك من أحداث مماثلة وقعت عبر التاريخ، وما سبق بعض الكوارث الزلزالية -أمثال زلزال "هيليس" اليونانية، وزلزال "لشبونة" المدمّر- من ردود فعل "غريزية" للحيوانات تشبه إلى حد كبير ما حدث قبيل كوارث معاصرة ومماثلة كزلزال مصر الأخير 1992م، عندما اضطربت الحيوانات في حديقة الحيوان بالجيزة قبل عشرين دقيقة من الزلزال المدمّر، وما شابه تلك الحالات في "سان فرانسيسكو" وغيرها.

      بعد ذلك بقليل -وبالتحديد في عام 1977م- عقد في الولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر علمي اشترك فيه عدد من العلماء من مختلف التخصصات وأهمها علوم الأرض والحياة، لدراسة إمكانية استخدام الحشرات والحيوانات في التنبؤ عن قرب وقوع الزلازل. وقد تمّ رصد الحالات التي سجّلت أثناء المتابعة فلم يحدث أن سجلت حالة واحدة لم يصدق فيها إنذار تلك الحيوانات عبر تصرفها الملحوظ قبل الكارثة، وبالفعل أقيمت أول مستعمرة من نوعها في التاريخ تضم العديد من الحيوانات والحشرات. والهدف الذي أنشئت من أجله هو دراسة تصرف هذه الحيوانات وردود أفعالها كإشارات لكوارث قريبة قادمة.

      لقد بات اليابانيون يدركون -بعد تعرّض اليابان للعديد من الهزات الأرضية- أنّ تصرف "سمك الزينة" يفوق في هذا المجال أكثر آلات الرصد دقة؛ فقبل وقوع الزلزال بساعات يصاب هذا النوع من الأسماك بحالات غريبة من اضطراب في السلوك وذعر، ثم تأخذ بالدوران والاندفاع داخل أحواضها اندفاعا جنونيا.

      وكلما قرأتُ عن هذه الحقائق العلمية الواضحة وغيرها أظل أتفكر مليا فيما سطرتْه كتب سلفنا الصالح حول هذا الأمر أو رووه من أحاديث ومشاهدات؛ ومن ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها حين قالت: "دخلَتْ عليَّ عجوزان من عُجُز يهود المدينة، فقالتا لي: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم. فكذّبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، خرجتا، ودخل عليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن عجوزين....، وذكرت له الخبر، فقال: "صدقتا، إنهم يعذّبون عذابا تسمعه البهائم كلها"، فما رأيته بعدُ في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر (رواه البخاري).

      وكم قرأنا عن حوادث عجيبة تحكي جفول بعض الحيوانات عندما تجاوز بعض القبور التي يعذب أصحابها، تماما كما كان يشاهد من تصرفاتها قبل وقوع مثل هذه الكوارث البيئية.

      الملائكة أقتربت لصوت أسيد رضي الله عنه

      وفي السياق ذاته تطالعنا حادثة نادرة من أعجب ما كتب في هذا الموضوع ، وتحكى قصة اضطراب فرس عربي أصيل كان يملكه الصحابي الجليل أسيد بن الحضير
      حدث انة في تلك الليلة كان يقرأ القرآن خارج بيته -كعادته- بصوت ندي خاشع، وكان بقربه ابنه الصغير يحيى نائما، لكن العجيب في تلك الليلة بالذات أنه لاحظ تصرفا عجيبًا للفرس، إذ كلما قرأ القرآن جالت فرسه وتحركت واضطربت، فإذا سكت سكنت، ثم إذا أعاد القراءة اضطربت أشد من الأولى، وهكذا، حتى تكرر ذلك منه ومن الفرس ثلاث مرات.
      يقول رضي الله عنه: فانصرفت عن القراءة مشفقا على ابني يحيى أن تصيبه الفرس، فلما قرّبته مني رفعت رأسي إلى السماء فإذا أنا بمثل الظُّلّة البيضاء فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى توارت عني.
      لقد اكتشف أن اقتراب تلك الظُّلة البيضاء بلا شك كان السبب في اضطراب الفرس وتحرُّكها، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عما حدث له البارحة قال له صلى الله عليه وسلم: "أو تـدري ما ذاك؟" قال: لا، قال: "تلك الملائكة دنت لصوتك" الحديث (رواه البخاري).

      بل لقد صرّح صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن لدى بعض الحيوانات مقدرة خارقة على رؤية ما لا يستطيع البشر رؤيته بحواسهم حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت مَلَكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوّذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا" (رواه مسلم).
      إن هذه التصرفات بلا شك تنم عن وجود غرائز كامنة مركّبة في هذه الحيوانات، وهي التي تدفعها إلى استشعار ما قد يعجز البشر عن إدراكه بحواسهم الضعيفة، ولقد تباينت آراء العلماء المتخصصين عند دراسة أمثال هذه السلوكيات والغرائز التي تنم عن قدرات "خارقة".


      مجلة "مكة" / المملكة العربية السعودية.
      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-11-11, 12:08 PM.

      تعليق


      • #4
        مواضيع رائعه.... سبحان الخالق
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5

          سر عظيم من أسرار الوجود

          هناك رأي مفاده أن هذا السلوك يعود إلى التقلبات في الحقول المغناطيسية، ووجود استجابة قوية عند بعض الحيوانات في هذا المجال. ولكن ثبت بالمشاهدة والمتابعة المستمرة عدم استقرار هذا العامل كمعيار ثابت يمكن أن تفسر به سلوكيات بعض الحيوانات في ظروف مماثلة، كما حدث مثلا داخل عربات قطار في محطة للشحن بإيطاليا؛ كانت هذه العربات مصنوعة من صفائح فولاذية رقيقة يوجد بداخلها حيوانات محتجزة، ومع ذلك لم يؤثر ذلك على مقدرتها بالرغم من كون المكان محكما ومعزولا ضد التقلبات المغناطيسية والموجات الكهربائية.
          ويُرجِعُ البعض الآخر هذه الغريزة إلى قوة خارقة في حاسة السمع لدى هذه الحيوانات والحشرات، بحيث تسمع التحركات التي تسبق الزلزال في باطن الأرض، ويرجّح البعض نظرية الحساسية المفرطة لدى هذه الحيوانات لمعرفة التغيير الذي يحدث على الصخور قبل الزلزال. بينما يفضل البعض ببساطة أن ينسب هذه التصرفات الذكية الخارقة إلى "الغريزة العمياء"! وكثيرًا ما يعلّق -بعد سرد شواهد حية في الموضوع- بقوله: "لاشك بأن هذه الغرائز عمياء، وهي قوى توجِّه سلوك هذه الحيوانات"! وهذا يتطلب من القارئ البصير وقفة متأملة ناقدة لدحض مثل هذا التفسير الذي يفضل صاحبه الهروب من الحقائق الثابتة بمثل هذا الكلام بدلا من التأمل فيها، وإدراكِ سر عظيم من أسرار الوجود حوله تزيده إيمانا وثباتا. والدليل على ذلك أن هذه السلوكيات الغريزية وأمثالها غير قاصرة عند حد استشعار الزلازل ونحوها من الكوارث البيئية فحسب، بل تتجاوزها إلى سلوكيات أخرى فذة وغريبة لا تتصل البتة بالظروف البيئية أحيانا!

          العنكبوت وأعمالها الهندسية

          لقد زوّد الخالق الحكيم سبحانه هذه الكائنات بمثل تلك الغرائز بطريقة تبعث على الدهشة والإعجاب معا، حتى إنك لتنظر في تصرّف العنكبوت مثلا وهو يقيم عملا هندسيا يحار العقل في فهم خطواته، ثم تتعجب بعد ذلك من متانته وصموده بالرغم من رقته وخفته! إن هذه الحشرة الصغيرة تنسج خيوطها بصورة تختلف كل مرة مع الوضع الذي تجد نفسها فيه، وبيوتها مصنوعة بدقة متناهية تأخذ بالألباب، ذلك أنها تتقيد بالمسافات البينية، وتراعي انفراج الزوايا في شكل هندسي رائع عبر نسيج من الحرير يبلغ قطره ثلاثة أعشار الميكرون (جزء من ألف من الملليمتر)، وهو أدق وأرق وأخف وأمتن من حرير دودة القز، ويخرج من مغازل العنكبوت التي فيها عدد كبير من الأنابيب الغازلة قد يصل في بعض العناكب إلى ألف أنبوب؟! ونظرًا لأنه أدق خيط عرف في تاريخ البشرية فإنه يُعَدّ حاليا للاستخدام في صنع الأجهزة البصرية وخياطة جراحاتها.

          الطيور المهاجرة
          وتضرب لنا أسراب الطيور المهاجرة مثالا فريدا آخر لا يقل بهجة وروعة عن ذكاء تلك الغرائز التي ركبها الله تعالى في هذه الطيور؛ ذلك أنها تبدأ في هجرتها الجماعية عندما تستشعر اقتراب موسم البرد -وبخاصة طائر السنونو- فتبدأ هذه الطيور رحلتها الطويلة من البلاد الباردة إلى البلاد الحارة على هيئة أسراب جماعية تحلّق معا في السماء، وقد تقطع في غالب الأحيان نحو ألف ميل فوق عرض البحار، ولكنها مع ذلك لا تضلّ طريقها أبدا مهما كانت قسوة الظروف الجوية، بل إن طائر السنونو يحركه شعور خفي بضرورة هذه الهجرة، ويلازمه ذلك الشعور حتى عندما يُحبَس في مكان دافئ في موسم هجرته المعتاد، وكأن هناك دافعا من الداخل يشعره باقتراب موسم البرد.

          هجرة ثعابين الماء
          وهناك لغز أعجب من هذا حيّر العلماء طويلا هو ما يتكرر سنويّا مع ثعابين الماء التي تسلك طريق هجرتها الطويل عند اكتمال نموها واقتراب موسم التزاوج؛ فتراها في وقت محدد من العام تتجمّع من مختلف البرك والأنهار لتهاجر معًا قاطعة آلاف الأميال في المحيط قاصدة إلى الأعماق السحيقة، وهناك تبيض ثم تموت!! ولا يزال هذا اللغز يدور في أذهان المهتمين بهذه الظاهرة، إذ ما هو المحرّك لها في سلوك هذا التصرف الغريب الذي يدفعها جميعًا في وقت واحد لتموت في مكان ناءٍ عن موطنها الأصلي، بعد أن تضع بيضها؟! ولم يعثر على جواب يفسّر هذه الظاهرة حتى الآن.

          وتتجلى الحكمة والقدرة العظيمة -لكن بوضوح أكثر وبصورة مدهشة لا يدرك كنهها العقل البشري القاصر في سلوك الصغار فيما بعد؛ ذلك أن هذه الصغار -بعد أن تخرج من البيض- لا تملك أي وسيلة لتعرف بها أي شيء من حولها سوى أن تعود أدراجها، وتسلك الطريق نفسه الذي جاءت منه أمهاتها، فتقاوم في سبيل ذلك التيارات القوية والأمواج العاتية المتلاطمة وتقطع كل هذه المسافات الطويلة التي تعجز عن تحملها أجسامها الصغيرة، ثم تتوزع إلى كل نهر أو بحيرة أو بركة صغيرة في موطنها الأصلي، ولهذا يظل كل جزء من الماء آهلاً بثعابين البحار! فمن أودع فيها تلك الرغبة والعزيمة، ومن هداها لسلوك هذا الطريق الطويل حتى تعود إلى بيئتها الأصلية؟ إن الغرائز "العمياء" بذاتها تعجز عن هذا السلوك الباهر بلا ريب.

          تعليق


          • #6
            التوقيت الزمني العجيب

            ولك أن تتفكر في خصيصة أخرى تتميز بها تلك السلوكيات الغريزية لدى هذه الكائنات؛ ألا وهو "التوقيت الزمني" العجيب الذي يحكم سلوكياتها الرائعة، إنه أمر باهر حقا يدعو للنظر والتأمل؛ فلو نظرت إلى الطيور المهاجرة بأسرابها الكثيرة لأدركت أن لها وقتا محددا من العام للطيران إلى وجهتها المحددة مسبقا إلى الشمال أو إلى الجنوب، وكل فرد منها عندما تحين ساعة الهجرة ينضمّ إلى سربه، ثم تهاجر جميعا في يوم واحد يكاد أن يكون معينا كل سنة!

            بل إن دقة هذا التوقيت وروعته تبدو جليا في حياة الجراد؛ وهو أمر أعجب يحار منه العقل في إدراك تلك الدقة المتناهية التي تبدو لأول وهلة وكأنها ضرب من الخيال إذ لا يكاد موعد خروج الصغار من البيض -بعد سنوات طويلة من الظلمة في جوف الأرض- يتقدم أو يتأخر!.

            وقد قرأت أنه وجد في ولاية إنجلاند الأمريكية -وبعد دراسة لموسم التكاثر عند الجراد- أن الجراد البالغ من العمر سبع عشرة سنة يغادر شقوقه تحت الأرض -حيث عاش في ظلام دامس مع تغير طفيف في درجة الحرارة- ويظهر فجأة بالملايين في شهر مايو من سنته السابعة عشرة، وقد يتخلف بعض المتعثر عن رفاقه -بطبيعة الحال- ولكن الكثرة الساحقة تنضج بعد سنوات الظلام تلك، وتضبط موعد ظهورها باليوم تقريبا دون سابقة ترشدها!

            صرَّار الليل ودرجة الحرارة

            وليس هذا هو كل ما يتعلق بذلك التوقيت الدقيق الذي يُسَيِّر تلك الغرائز، بل إن هناك سلوكيات متكررة قد لا تدرك بمجرد النظر العابر؛ بينما تكمن من ورائها معادلات ثابتة لا تتغير باستمرار، ولعل أروع مثال لذلك السلوك الغريزي يتمثل في تصرف نوع من صرَّار الليل الذي يصر عدة مرات في الدقيقة الواحدة تختلف دائمًا باختلاف درجة الحرارة المحيطة! ولما أُحصيَت مرّات صريرها وجد أن هناك سرا مذهلا يكمن وراء ذلك الاختلاف في مرّات الصرير، ذلك أنها تسجل درجة الحرارة بالضبط مع فارق درجتين فقط! ومع تكرار المتابعة والرصد كانت النتيجة التي تم التوصل إليها ثابتة دائما على مدار ثمانية عشر يومًا! إنها قدرة الله تعالى تظهر لكل من تأمل وتفكر في الكون من حوله.

            الاتصال اللاسلكي بين الحيوانات والحشرات

            وإذا جاوزنا هذا السر العظيم من أسرار التوقيت الزمني لدى تلك الكائنات وتأملنا في طرائق الاتصال والالتقاء بين كثير من الحيوانات والحشرات لوجدنا نظامًا دقيقا آخر يحكم تلك السلوكيات الغريزية التي لا تختلف بحال من الأحوال، ويعجز البشر عن مشاهدتها فضلاً عن وصفها وتحليلها.

            إن أظهر لغة للتفاهم بين بني البشر -كما نعلم- هي لغة الكلام التي لابد من تعلّمها منذ الصغر ليسهل التفاهم ويحصل الاتصال الاجتماعي فيما بعد، ولكن هذه اللغة تختفي تماما عند غير بني البشر من الحيوانات و الحشرات المختلفة ليحلّ محلها قدرات أخرى "خارقة" تساعد تلك الكائنات على التفاهم والتخاطب. وتختلف لغة التفاهم هذه باختلاف النوع والصنف والطائفة في الأجناس الواحدة، فالنمل العادي مثلا يقوم أفراده بنقل انفعالاتهم إلى رفاقهم بواسطة تلامس قرون الاستشعار! بينما في عالم النحل نجد لغة أخرى لكنها أعقد وأدق في التفاهم بين الأفراد داخل الخلية وخارجها، فإذا اكتشفت النحلة أزهارًا متميّزة برائحتها وألوانها فإن لها طريقة أخرى للتخاطب ونقل الانفعالات غير النمل العادي، فهي ترشد بقية أفراد مملكتها عن طريق رقصات معينة تصدرها هذه النحلة يدرك مغزاها ومدلولاتها باقي النحل في الخلية لأنها مزوّدة بمقدرة هائلة على فك الشفرات الحركية وإدراك معانيها وأرقامها ووجهتها وما يتعلق بها، والتي يحتاج الإنسان إلى أن يفصح عنها بلغة الكلام في أسلوب هندسي أحيانًا كأن يقول لرفيقه -مثلا-: "طِر في خط مستقيم، بانحراف عشرين درجة على يسار الشمس، وبعد مائتي متر ستجد مساحة من أزهار البرتقال".

            ومعلوم أن النحلة مهما ابتعدت عن خليتها فإن بإمكانها أن تعثر عليها مهما اشتدت الريح في هبوبها؛ ذلك أن النحل لا يرى الأشياء كما نراها نحن فهو لا تجذبه الأزهار الزاهية التي نراها، ولكنه يراها بالضوء فوق البنفسجي الذي يجعلها أكثر جمالاً في نظره، ولهذا فقد يعيش النحل في مناطق يكسوها السحاب معظم شهور السنة ولا يؤثر ذلك في عمله إطلاقا.

            الاتصال بين أفراد البعوض والفراش

            أما أسلوب الاتصال بين أفراد البعوض فيختلف نوعا ما، لقد أكّد العلماء الدارسون لحياة البعوض أن قرون الاستشعار المثبّتة على رأس كل بعوضة والمزوّدة بعدد هائل من الشعيرات الدقيقة الممتدة من رأس الذكر يمكنها التقاط الذبذبات الصوتية التي تحدثها الأنثى من مسافات بعيدة، لتفوق في ذلك أدق الأجهزة اللاسلكية التي اخترعها الإنسان على مدار تجاربه البشرية، والعجيب أن هذه الشعيرات لا تلتقط سوى إشارات أنثى البعوض فقط على الرغم من وجود أصوات عديدة أخرى في الجو تختلط فيها أصوات البشر بأصوات الطيور ومكبرات الصوت وغيرها! علما بأن الخالق -جل وعلا- قد زوَّد قرنَي الاستشعار اللذَين تمتلكهما البعوضة بمَقدرة هائلة، ويكفي أن نعلم أن ذلك الطنين الذي نسمعه وتصدره البعوضة يحدث نتيجة ما يقارب ثلاثمائة ذبذبة في الثانية عن طريق اهتزازِ قرني الاستشعار!

            أما الفراشة فمهما حملتها الريح فإنها لا تلبث أن ترسل إشارة خفية يستجيب لها باقي الأفراد على مسافة بعيدة، وتصل الرسالة مهما أحدثت من روائح في سبيل تضليلها.

            تعليق


            • #7


              الإحساس والرؤية في الظلام

              وكما تختلف طريقة التفاهم والتخاطب عند هذه الكائنات تختلف مواقع السمع والإحساس فيها كذلك، تبعا لأنواعها وطوائفها، فقد توجد في أماكن غريبة من الجسم كأن تكون في رِجْلِ الحشرة أو في منطقة البطن منها، وهكذا فالجندبة الأمريكية تحك ساقيها أو جناحيها معا فيسمع صريرها الحاد في الليلة الساكنة على مسافة نصف ميل، وذلك عن طريق هزّها لكمية هائلة من الهواء من أجل إخراج ذلك الصوت القوي!

              من جهة أخرى تستخدم بعض الحشرات التي تنشط ليلا وسائل أخرى عن طريق إشارات ضوئية ذات تردد معين -كما هو الحال في بعض الحشرات المضيئة- وهذه الإشارات ذات دلالة يفهمها أفراد النوع نفسه.
              إن الإنسان ليصاب بالعجز تماما عن الإبصار إذا ما حلّ الظلام الدامس، ولكنه لو كان على ظهر حصانه العجوز فإنه بإمكانه أن يصل إلى منـزله بسلام مهما اشتدت ظلمة الليل؛ لأن ذلك الحصان يتمكن من الرؤية في ذلك الليل البهيم عن طريق ملاحظة اختلاف درجة الحرارة في الطريق وعلى جانبيه بعينين تأثرتا قليلا بالأشعة الحمراء في الطريق، وكذلك البومة التي تستطيع أن تبصر الفأر الدافئ وهو يجري على الشعب البارد مهما تكن ظلمة الليل.
              أما الخفاش فهو جندي الظلام الذي ينشط في الليل وينام في النهار ولا يسكن إلا الكهوف والأقبية المظلمة؛ إذ إنه ضعيف البصر وسريع الطيران، ومع ذلك لا يصطدم بأي عائق أمامه، سواء أكان جدارا أو عمودا أو غيره. ونتيجة للتجارب والملاحظات فقد وجد أن هذا الحيوان يُصدر أصواتا على شكل نبضات ذات ذبذبات عالية تقارب مائة ألف ذبذبة في الثانية، وهذه الأصوات فوق مستوى سمع الإنسان. وهذه النبضات الصوتية -التي يرسلها الوطواط (الخفاش)- إذا اصطدمت بشيء عاد رجعها إلى سمعه فأدرك أن أمامه ما يصطدم به مع الشعور بمقدار سطحه، فينعطف عنه بسرعة ولا يصطدم به.

              شك بعد كل هذا أن مثل تلك السلوكيات الفذة ليست عمياء تحركها العشوائية والعبث؛ لأن من أخص خصائصها الدقة والتوقيت والانضباط، على الرغم من تتابعها في الصنف ذاته، وفي النوع من الجنس المشترك على مدار الحياة.

              إن قدرة الله العليم الحكيم تتجلّى بوضوح من خلال النظر في هذه السلوكيات "الغريزية" ولا تزال -حتى الآن- تقدّم لها الفرضيات العلمية المبنية على المشاهدة والتجربة في سبيل العثور على تفسير علمي دقيق يحكم هذه الغرائز التي أودعها الخالق -جلت قدرته- في هذه الكائنات وتتوارثها جيلا بعد جيل!
              وهذا ما يدعونا حقاً إلى التأمل في آثار قدرة الله العظيم من حولنا، عبر النظر في مخلوقاته وآياته المسطورة في صفحات هذا الكون الفسيح، وعندها ندرك الحكمة من أمر الله تعالى لعباده بمتابعة النظر، والتفكر في مخلوقاته وآياته، وأخذ العبرة من ذلك، قال سبحانه وتعالى:

              ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾(آل عمران:190-191).

              ولهذا تجد كثيرا من العلماء الماديين المتخصصين في دراسة علوم الحياة والطبيعة يصرّحون بإيمانهم العميق بالله العظيم بعد أن يروا آثار رحمته وعلمه وقدرته ماثلة أمامهم.

              يقول "ميريت ستانلي كونجدن" -وهو عالم طبيعة حاصل على الدكتوراه من جامعة بورتون-: "إن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه وتعالى ويدلّ على قدرته وعظمته، وعندما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها، حتى باستخدام الطريقة "الاستدلالية"، فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمته، ذلك هو الله الذي لا نستطيع أن نصل إليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، وليست العلوم إلا دراسة خلق الله وآثار قدرته". وصدق الله القائل:

              ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(فصلت:53).

              تعليق


              • #8
                صدق الله العظيم
                اخي الدكتور محمد عامر اسعد الله صباحك بكل ود اشكرك على الموضوع الهام
                والمتامل فيه يدرك قدرة الله سبحانه وتعالى
                ولله في خلقه شؤون
                ومهما بلغ العم من ارتقاء يبقى عاجزا عن ادراك تحليل خلق الله وكشف ماخفى
                وهذا من الاعجاز الرباني حيث في كل عصر
                ما وزمن ما يكتشف اعجاز اخر ربما مكمل لما قبله او منافي له
                تحياتي لك دكتور بارك الله فيك

                " و لسوف يعطيك ربك فترضى "

                تعليق


                • #9
                  موضع اكثر من رائع .. بارك الله فيك

                  قال إبن القيم
                  ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

                  تعليق

                  يعمل...
                  X