إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تاريخ الكنعانيون ... بحث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تاريخ الكنعانيون ... بحث


    تاريخ الكنعانيون

    يسمع الكثير من الناس عن الكنعانيين و يقرءوا عنهم ، إلا أن الغموض يكتنف الكثير من الأمور حولهم ، من أين أتوا وما هي علاقاتهم بالحضارات التي عاشت في زمنهم ، وأين انتشروا ؟ .

    ويعود ذلك لقلة الحفريات التي تجيب بوضوح عن تلك الأسئلة ، وقد كتب الدكتور خزعل الماجدي كتابا تحت عنوان ( المعتقدات الكنعانية ) صدر عن دار الشروق في عمان عام 2001 ، ويقع في 306 صفحات من القطع المتوسط ، وسنحاول انتقاء ما يمكن منه للإسهام في تقديم ما يساعد على التعرف على تلك الحضارة القديمة ..

    استعرض المؤلف الأسماء القديمة المحتملة للكنعانيين في تراث الحضارات الأخرى التي عاصرت أو تلت حقبة الكنعانيين ..

    1 ـ الاسم الأكدي : يرى بعض المؤرخين أنه ربما كان الاسم الأكدي (كناجي أو كناخني Kinakhni) الذي أطلقه البابليون عليهم ، والذي ظهر في رسائل (تل العمارنة ) في مصر ، هو أصل هذه التسمية والذي يعني (اللون الأحمر الأرجواني) .

    2 ـ الاسم المصري : ورد اسم ( بي كنعان Pekanan) عند المصريين للدلالة على المناطق الجنوبية والغربية من سوريا . وكذلك استعمل المصريون منذ عصر الدولة القديمة كلمة (فنخو) للدلالة على شعب من شعوب الشام ، وقد يكون أن الإغريق استعملوا هذا اللفظ وحوروه الى (فويفكس Phoivikes) للدلالة على (فينيقيا ) ولفظ (فويفيكن Phoivikn) للدلالة على الفينيقيين .

    3 ـ الاسم الكنعاني : استعمل الكنعانيون أنفسهم الكلمة السابقة للدلالة عليهم في بعض الأحيان .. ويؤيد ذلك نص الملك (أدريمي) ملك ( الالاخ) وهي مملكة كنعانية ازدهرت في شمال غرب سوريا قرب أنطاكيا ، وذلك في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد ( أنظر السواح 19: 1995) .

    4ـ الاسم العبري : تعني كلمة كنعان باللغة العبرية ، بلاد الأرجوان ، ولكن جذر (ك ن ع ) تعني بالعبرية انخفض .. وهذا يشير الى أنهم سكان البلاد المنخفضة وهي القريبة من نهر الأردن .

    5 ـ الاسم العربي : لا يختلف اللفظ العربي والجذر كثيرا عن العبري ف (خنع وقنع و كنع ) تعني الهبوط والانخفاض والتواضع ..

    6ـ الاسم الحوري : يرى بعض الباحثين أن أصل كلمة كنعان مشتق من كلمة حورية هي (كناجي Kanaggi) أي الصبغة الأرجوانية أو القرمزية التي اشتهر الكنعانيون بصناعتها .. ولا يعرف عما إذا كان الحوريون هم من أخذ عن الأكديين تلك التسمية أم الأخيرون قد أخذوها عنهم .

    7ـ الاسم الإغريقي : ربما حور الإغريق الكلمة المصرية (فنخو) التي تحولت الى (فينيكس ) للدلالة على الفينيقيين ، وهي تعني اللون الأحمر .. وإن تأكد ذلك فإننا في صدد الحديث عن حضارة واحدة وهي الكنعانية أو الفينيقية .

    8ـ الاسم الروماني : استعمل الرومان كلمة بوني (Poeni) للدلالة على الفينيقيين الغربيين (القرطاجيين) في إفريقيا .. وهي كلمة تعني اللون الأحمر الأرجواني أيضا .. وهذا يؤكد التقارب القديم ما بين مغارب أفريقيا و شرق البحر المتوسط .. ويفسر الاستعداد للتلاقح الحضاري والثقافي بينهما .

    وعلى أي حال إن كانت فينيق تعني الطائر الأسطوري الذي يطير من بين الرماد والذي كان يرمز له المصريون القدماء بطائر اللقلق ، أو كانت تعني الأرجوان ، أو النخلة كما في بعض الأبحاث فنحن نتحدث عن حضارة تغلغلت منذ أربعة آلاف عام في عموم المنطقة التي يطلق عليها الآن اسم الوطن العربي



  • #2
    مراحل التأريخ الكنعاني :

    أولا :ـ المرحلة القديمة ( الأصول ) 3000ـ 4000 ق.م

    قد تخطئ التقديرات في التاريخ أعلاه بمدة قد تصل الى 5000سنة ، وهذا لاضطراب الموجود من الدلائل حول بداية نشأة الكنعانيين و موطنهم الأصلي .. لنستعرض النظريات التي وضعت لاقتراح المكان الأول للكنعانيين ..

    1 ـ جزيرة العرب :

    قد تكون نظرية أن الكنعانيين أصلهم من جزيرة العرب ، هي الأكثر شيوعا بين النظريات ، لا للكنعانيين وحدهم بل ذهب كثير من العلماء أن أصل الساميين كلهم من جزيرة العرب ، وهي نظرية أقرب للاعتقاد منها للحقيقة لندرة الوقائع المدونة التي بالنقوش والآثار ..

    ويرى البعض أن هذه النظرية تصلح لهجرة واحدة حدثت حوالي 2500ق م وذهبت باتجاه الصحراء السورية العراقية ، فانقسمت الى قسمين : الأموريين الذين بقوا في تلك الصحراء ، ثم اختلط قسم منهم بأهل العراق القديم واصطبغوا بالمؤثرات الحضارية العراقية ، وقسم استمر في هجرته نحو سواحل المتوسط وهم الكنعانيون . وهو سيناريو مكرر نراه في كل الهجرات السامية في النصوص التاريخية .

    2 ـ سواحل الخليج العربي :

    طرح هذا الرأي العلاَمة ( سترابون) وقال : إن سكان الخليج العربي كانوا يسمون مدنهم بأسماء المدن الكنعانية ( صور ، صيدا ، أرواد ، جبيل ) ورجح أن تكون تلك المدن أقدم من التي على سواحل المتوسط .. كما أن معابدهم القديمة ، تتشابه مع معابد الكنعانيين .. فافترض أن الهجرة تمت من الخليج العربي باتجاه البصرة ثم بلاد الشام .

    3 ـ سواحل البحر الأحمر :

    هذا الرأي تبناه ( هيرودوتس ) باعتبار أن طبائع الكنعانيين والفينيقيين وهم اسمان لشعب واحد ، هي طبائع ساحلية ، فافترض أنهم قدموا من سواحل البحر الأريتيري ( الأحمر ) .

    4 ـ سيناء والنقب :

    ظهر في بعض وثائق ( رأس شمرا ) ما يشير الى أن سكانها قدموا من شبه جزيرة سيناء أو من النقب ، ومن جزيرة العرب و من سواحل البحر الأحمر معا .

    5 ـ مصر :

    كان للعلاقة المتميزة بين الكنعانيين و المصريين أثر كبير في ظهور رأي قديم مفاده أنهما من أصل واحد . ويظهر هذا الرأي من خلال الأساطير التي جمعها المؤرخ الإغريقي ( إيسوب ) التي ترى بأن الإلهين ( قدم وفينيق) جاءا من مدينة ( طيبة) المصرية ليتملكا مدن صور وصيدا . وقد ذهبت التوراة في هذا المنحى إذ سلخت الكنعانيين من سلالة سام لتضع ( كنعان و مصراييم ) من سلالة حام ( سفر التكوين 6:10)

    تعليق


    • #3
      الأصل القديم للكنعانيين :

      لقد لاحظنا في الآراء السابقة أنها ضعيفة غير مقنعة كثيرا ، فلنحاول الآن التعرض لفرضية أن الكنعانيين قد نشئوا في وادي الرافدين ، شأنهم في ذلك شأن كل العرق السامي ..وكانوا والأموريون يعيشون في المناطق غير الإروائية وهذه المناطق من الصعوبة بمكان تحديدها بشكل دقيق ، إلا أنه يحتمل أن تكون على الجانب الغربي من نهر الفرات ، وعلى بعد معين .. والأموريون أقدم من الكنعانيين .. ففي حدود 3500ق م انشطر الشعب الأموري الى ثلاثة أقسام :

      1 ـ الأموريون الذين كانوا يسكنون حول نهر الفرات الأعلى والذين اتجهوا نحو المناطق المرتفعة و الجبلية في شمال العراق و سوريا وهو الشعب الذي عرف فيما بعد ب (الآراميين) إذ أن معنى (آرام ) المناطق المرتفعة .

      2ـ الأموريون الذين كانوا يسكنون حول نهر الفرات الأوسط والذين بقوا يجوبون الصحراء العراقية والسورية ، وتشكل منهم البدو الذين أطلق عليهم السومريون اسم ( مارتو) .. كما أطلق عليهم الأكديون اسم (أمورو) ، واللفظ يعني الساكنين غرب الفرات ..

      3 ـ الأموريون الذين كانوا يسكنون حول نهر الفرات الجنوبي وبمحاذاة سواحل الخليج العربي ، والذي يعتقد الآثاريون أنه كان يصل الى شمال بغداد الحالية ، وهو رأي ليس بغريب لمن يرى أسوار نينوى كم ابتعدت عنها الأنهار ، التي يفترض أنها وضعت على حوافها للاستفادة من الحاجز المائي الطبيعي ..

      ويضيف المؤلف ( خزعل الماجدي ) .. بأن هذا القسم من الأموريين هم الذين اتجهوا الى بلاد الشام و سواحل المتوسط ، وهم الكنعانيون .

      إن البعد الزمني لنشأة الكنعانيين والذي يصل الى حوالي خمسة آلاف سنة ، يجعل من عملية تصور بداية النشأة أمرا عسيرا للقارئ ، ويلجأ العلماء لمعرفة القرابة بين الشعوب و الحضارات ، من خلال دراسة الأساطير ( الميثولوجيا) لتتبع تلك العلاقات وتشابهها .. فآلهة الكنعانيين القديمة يمكن وصفها كما يلي :

      1 ـ الإلهة الأم (يم) :

      وهي الإلهة التي انتصر عليها (بعل) في شكل ملحمة غير واضحة عند الكنعانيين .. ولو تمت مقاربتها مع أصلهم الأول لوجدنا ( اليميون ) وهم البحريون ، كانوا في الخليج العربي .. ثم انتقلوا ليسكنوا في شرق الأردن بين نهر الأردن غربا وجبلي ( جرمود) و ( جلعاد) شمالا .. وكان يسكن معهم (الجشوريون) و (المعكيون) ودولتهم كانت تسمى (باشان) وقد ذكرت التوراة أن موسى عليه السلام قد طردهم و احتل باشان .

      2 ـ إله السماء ( شم أو شميم ) :

      وهو الاسم الذي كان يطلق على الكنعانيين وهم في العراق ، ولما انتقلوا الى شرق البحر المتوسط حملوا اسم (إلههم ) ( الشام ) الى البلاد التي أصبحت بلاد الشام .. وهنا اشتقت كلمة شاميين و ساميين من هذا المعتقد (أصلا) . وهذا الاعتقاد يقلب الإدعاءات الخاطئة بأن الساميين تطلق على جنس معين ، بل تعني بالذات الكنعانيين .. فقد تم تزييف ذلك المصطلح من قبل اليهود ، ليضعوا الكنعانيين من أصل آخر ، ووسموهم باللون الأحمر وما الى ذلك ليمعنوا بالتزييف .. وهو ما تسلل الى كتب التاريخ العربي والإسلامي ، دون تمحيص .

      3 ـ أديم ( آدم ، أدمة ) :

      وهي إلهة الأرض التي يمكن أن تكون اسم للكنعانيين ، ولكن الذين يسكنون جنوب الأردن ( أدومويون ) أو ( الأديميون ) .. وقد ألصقهم اليهود بأتباع عيسى عليه السلام فيما بعد ..

      4 ـ إيل :

      كبير الآلهة ، وهو ما يؤمن به كل الكنعانيون ، والقدس القديمة كان اسمها (إيليا ) و إيلات ميناء العقبة .. ومعظم الملائكة ينتهون ب ( إيل) .. وحتى مريم اسم كنعاني قديم مكون من مقطعين ( مر ) وهو إله كنعاني قديم و ( يم) وقد أتينا على ذكره و ( مريام ) هو اسم من أسماء فلسطين القديمة .

      تعليق


      • #4
        ثانيا ـ المرحلة الشامية ( 3000ـ 1200 ق. م )

        بدأت هذه المرحلة مبكرة إبان بدء العصور التاريخية ، حيث بدأت الهجرة الكنعانية من السواحل العراقية للخليج العربي وضفاف الفرات الجنوبي ، وربما اتخذ مسار هذه الهجرة طريقين : الأول مع نهر الفرات صعودا ، ثم الاتجاه الى السواحل الشامية الشمالية وتأسيس مدن ( رأس من شمرا ) و (أوجاريت) و(أرواد) و (جبيل) و (صيدا) و (صور) .. أي سواحل سوريا ولبنان .

        أما الهجرة الثانية ، فكانت برا باتجاه فلسطين مباشرة ، وقد أسسوا أو سكنوا مدنا برية مثل ( قادش و بيت شان و شكيم وأريحا وبوس (أورشليم ) وبئر سبع و مجدو والسامرة .. الخ ) . ومدنا ساحلية مثل (عكا و دور و يافا و غزة الخ ) .. وقد كانت المدن تعبر عن اسمها الكنعاني ( رأس شمرا ) والسامرة
        وهي مشتقة من سام و شام و أصبح سكانها فيما بعد شوام و شاميون الخ .

        وبالتأكيد فإن الكنعانيون لم يكونوا أول من وطئ أرض سوريا أو فلسطين ، وعندما حضروا وجدوا في تلك الأرض أقوام سبقتهم خصوصا في مناطق (تل المريبط) و (تل الرمد) و منطقة ( المنحطة ) و (البيضا ) وغيرها .. فاندمج الكنعانيون مع السكان الأقدم .. ومع ذلك لم يستطيعوا تكوين دولة موحدة واحدة ، بل كانت هناك دول ( المدن ) كما كانت منتشرة تلك الظاهرة في تلك الأزمنة ، وكان لكل مدينة إلهها رغم أنه كان هناك إله واحد لكل الكنعانيين . وقد أدى عدم تنسيق دول المدن فيما بينها الى مشاكل كثيرة أمام العدو الخارجي .

        ويمكن تقسيم فترات التاريخ الكنعاني في بلاد الشام الى :

        أ ـ فترة تأسيس المدن الكنعانية ( 3000ـ 2400ق.م)

        يربو عدد المدن التي عثر عليها و رد أصلها للكنعانيين في بلاد الشام عن 135 مدينة ، من أهمها رأس شمرا ، وأوغاريت ، وأرواد (جزيرة) وجبيل وبيروت و صيدا وصور وعكا و عسقلان و أسدود و جت و غزة ، و قادش و بيسان و بيت إيل و جبعون أريحا و يبوس (أورشليم) وبيت لحم و حبرون و عجلون وبئر السبع وغيرها .. كما وجد 1200 قرية تعود نشأتها للكنعانيين .

        ب ـ فترة النفوذ المصري ( 2400ـ 1500ق م ) :

        ابتدأت فترة النفوذ المصري على الساحل الشرقي للبحر المتوسط ، مع بداية الأسرة السادسة ، وبالذات أيام الملك الأول من تلك الأسرة و اسمه (تتي) فقد جهز جيشا بقيادة (وني) مكون من عشرات الألوف من الجنود . ويعتقد أن هذا الإجراء جاء نتيجة تهديد بقطع خطوط التجارة التي تمر بفلسطين ، من قبل جهات متمردة داخل تلك الأراضي ، أو من تهديد سومري في احتلال تلك المنطقة ، إذ تزامن إجراء المصريين ، مع تحرك لقوات الملك السومري (لوكال زاليزي) .. وما تلاها من تحرك لقوات الملك الأكدي ( سرجون ) .. للهيمنة على سواحل المتوسط الشرقية .

        وبقيت بلاد كنعان تحت السيطرة المصرية حوالي ألف عام ، ولم يجعلها تتخلص من السيطرة المصرية ، إلا أثناء حكم الرعاع و الهكسوس لمصر زهاء قرنين من الزمان .. هذا مما حقق استقلالا للمدن الكنعانية .

        في حين برزت في تلك الفترة ممالك مثل (أوغاريت) وملكها (نقمد) ومملكة (رأس شمرا) و (جبيل) وغيرها .


        ج ـ فترة الصراع المصري الحوري الحيثي (1200ـ 1500) ق م

        كان الملك الحيثي (خاتوشيلي الأول ) 1530ـ1570ق م .. قد مهد للنفوذ الحيثي شمال سوريا ، عندما أسس أمارة في حلب ، واستطاع أن ينفصل بالنصف الشمالي من سوريا و ينتزعها من النفوذ المصري ، وكان ذلك في عهد الملكة (حتشبسوت) .. واستطاع النفوذ الحيثي أن يتوسع ، وبقي كذلك ، حتى استطاع الملك (تحتمس الثالث) (1450ـ 1502ق م) أن يسترد النصف الشمالي من سوريا . وهكذا استطاع تحتمس الثالث من خلال سبعة عشر حملة أن يحتل في آخرها حصن قادش (حمص ) ، حيث تزعمت تلك المدينة الحلف المناوئ للمصريين .

        وبقيت الحروب بين الحيثين والمصريين ، حتى بعد وفاة تحتمس الثالث ومجيء تحتمس الرابع .. ولكنها هدأت وانتهت تقريبا بعد أن تزوج فرعون مصر (أمنحوتب الثالث ) من ابنة الملك الحوري (شوتارنا) .. وأنجبا ولدا هو (أخناتون) الذي تنازل لأخواله عن حكم شمال سوريا ، وقيل أن هذا الاتفاق كان قبل الزواج ..

        والجدير بالذكر أن التحالف المضاد للمصريين ، كان يتكون من أمراء كنعانيين وأموريين وملوك الميتانيين ، وكان يسمى ( رابطة القسَم ) ..

        وبعد أن ضعف نفوذ المصريين بعد أن استلم الملك (أخناتون) حكم مصر ، عاد نفوذ الحيثيين للبروز ثانية ، في عهد ملكهم المعروف (شوبيلو ليوما ) .. فتنصل الأمراء الموالون للحكم في مصر وانضموا الى الملك الحيثي الذي توسع فاستولى على بيروت وجبيل ..

        اغتنم تلك الفترة ملك طامح هو (عبدي عشيرتا) انتزع الحكم عن طريق المراوغة والحيلة ، ووحد الإمارات الكنعانية والأمورية ( حماة ، وسومورو ) وانفرد بشمال سوريا ، وفرض الجزية ابنه (عزيزو) الذي تولى الحكم بعد وفاته .

        وبقيت البلاد هكذا حتى اعتلى عرش مصر ( سيتوس الأول ) 1315ـ1301 ق . م .. فأدرك خطر الحيثيين ، فقاد جيشه و احتل جنوب فلسطين و مجدو وحوران ولبنان الخ .. وتكررت حملاته ، حتى أبرم صلحا أقر به الحيثيون سيطرة المصريين على جنوب بلاد الشام ، في حين تركت شمال بلاد الشام للحيثيين ، واستمر الهدوء لمدة قرن من الزمان ..

        ولكن الهدوء لم يطل كثيرا ، فكانت العاصفة المدمرة قد هبت في مطلع القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، بتهديد عنيف تمثل بغزوات الفستو و الآشوريين والعبريين لتدمر مدن بلاد الشام خلال قرنين من الزمان تدميرا كاملا ..

        تعليق


        • #5
          فترات التاريخ الكنعاني في بلاد الشام

          د ـ فترة تدمير المدن (الغزو الفلستي والآشوري والعبري (1200ـ 1000) ق م :

          الغزو الفلستي :

          سقطت الدولة الحيثية عام 1190 ق م ، على يد قبائل غريبة عن المنطقة ، هاجمت من الغرب والشمال الغربي ، ويعتقد أن هذا الغزو كان جزءا من حركة الغزو والهجرة التي كانت تقوم بها القبائل الإغريقية من وسط وشمال أوروبا نزولا الى بلاد اليونان واستمرارا الى آسيا الصغرى وسواحل المتوسط الشرقية.

          وكان هذا الغزو يتم من خلال ثلاثة محاور :

          المحور الأول : من اليونان باتجاه آسيا الصغرى : وتكون من (الفريجيين والمسيين والكاشكيين ) وقد دمر هذا المحور قلب الإمبراطورية الحيثية .

          المحور الثاني : من كريت وقبرص : وتكوَن من القبائل التي تجمعت هناك من (الشاردانية ) و ال (لوكية) وال ( ميسية) ، وكان الغزو عن طريق البحر ، وتحالف مع القبائل الليبية ، لكن الملك المصري (رمسيس الثالث) ردهم وأقف زحفهم ، وشتت شملهم ، فغزوا فلسطين من الجنوب واحتلوها أثناء فرارهم من المصريين ..

          المحور الثالث : من كريت وقبرص الى السواحل الشامية : وتكون من قبائل (فلستو ، والليرية والزاكارية ) .. ثم انضمت إليهم القبائل المهزومة من رمسيس الثالث ، لتحتل تلك القبائل مجتمعة عموم الساحل الفلسطيني ، حيث احتلت ( عكا و أسدود و عسقلان و جت وغزة ) .. وانصهرت هنا مع قبائل بحر إيجة التي خربت (أوغاريت ) عام 1180 ق م .. والتي قضت عليها نهائيا وهكذا انقسم الشريط الكنعاني الى قسمين : الثلثين العلويين للكنعانيين الذين سيصبح منذ تلك اللحظة اسمهم (الفينيقيين ) والثلث السفلي للفلسطينيين . وستتحالف هذه الكتلتين السياسيتين ضد العبريين فيما بعد .

          الغزو الآشوري :

          تنفس الآشوريون الصعداء لما حل بالإمبراطورية الحيثية ، خصمهم العتيد الذي حصر نفوذهم وجعله يتقوقع .. فما أن زالت دولتهم حتى اجتاحوا جنوب سوريا ، وفرضوا الجزية على (أرواد) بعد احتلالها .. واستغل الملك الآشوري (تجلات بلاسر الأول ) 1116ـ1090ق م .. وجوده في لبنان ليقطع خشب الأرز الذي يرتبط بالأساطير العراقية في موضوع الخلود (ملحمة كلكامش) .

          الغزو العبري :

          تكاد المصادر المتيسرة لأيدي المؤرخين ، محصورة بما دون العبريون أنفسهم فلم يتم لحد الآن إيجاد حفريات تؤكد إدعاءاتهم المليئة بالمغالطات ، والتي تسللت الى كتب التاريخ ، ليعيد المؤرخون اعتمادها كأسس تأريخية ، فقولهم أن جن سليمان قد بنا تدمر ، في حين تذكر الحفريات الآشورية أن الملك (شلمن ناصر الثالث) جد الملك الآشوري المذكور أعلاه ، قد ذكر أنه حاصر تدمر لثلاثة شهور دون أن يستطيع فتحها ، وهو دحض لادعاءات اليهود واليونانيين والرومان .. أما العبريين وإدعائهم بأن جن سليمان هم من بنوا تدمر وسليمان ابن داوود و داوود ابن شاؤول الذي كان ملكا عام 1020 ق م يبين كذبهم وافترائهم ..

          لكن العبريين استطاعوا أن يسيطروا في عهد شاؤول على فلسطين عدا الساحل منها .. وكان ذلك في حدود عام 1000 ق م .. ولكن مملكتهم قد انقسمت في عهد سليمان الى قسمين ( السامرة ويهودا ) ..

          ويعتقد أن المعارضين للسكان الأصليين هم من أوجد تلك الشرذمة في المنطقة والتي حاولت طيلة وجودها الانخراط بالمنطقة وسكانها ، تتقرب من الأنبياء تارة وتقتلهم في النهاية .. وهذا دأبهم منذ دخلوا تحت مسميات مختلفة منذ الألف الأول قبل الميلاد أو قبله بقليل ( مع الفصل بين الأدعياء و ما ترك نبي الله ابراهيم عليه السلام من أتقياء اعتنقوا في النهاية ديانة الرسل الذين تلوهم ) .

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خير على ما تقوم به من جهود تشكر عليه .....


            حسماً للخلاف وإزالة كل غموض تبنى عدد من العلماء التسمية الجديدة: الكنعانيون/العموريون. في بعض المواقع للمستوطنات .. ومن أهم الممالك الكنعانية / العمورية في بلاد الشام :مملكة مركيش / الالأخ و مملكة يمار وحضارة أوجاريت وحضارة إبلا ومملكة ماري وأهم المواقع الاثريه فيها قصر زمري لم .

            تعليق


            • #7
              مصطلح «كنعان» كإسم هو مصطلح جغرافي، فإن أول ذكر له ورد في نص اكتشف في تل مرديخ يعود تاريخه إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، ومن المحتمل أن بلاد كنعان كانت تشمل الأجزاء الجنوبية الغربية من بلاد الشام.

              أما مصطلح الفنيقيية : أشتهر الفينيقيون بصناعة الأرجوان وينسب إليهم اكتشافه. إذ أنهم لقبوا عند بعض الشعوب الغربية " بالحمر " نسبة إلى اللون الأرجواني الذي صنعوه وتاجروا به. كان للصباغ الأرجواني باع كبير في العالم اليوناني والروماني. وارتبط هذا اللون بفكرة السلطة والثراء لأنه كان لون ثياب الملوك والنبلاء والأثرياء. ويروى أنه عند ولادة طفل من أطفال الأباطرة والأثرياء كانت تكسى الجدران والأرضية بالقماش الأرجواني المستورد من فينيقيا.لذلك اشتهر القول في الغرب : " ولد في الأرجوان " , أي ولد سعيدا.

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة أبو خضيري مشاهدة المشاركة
                جزاك الله خير على ما تقوم به من جهود تشكر عليه .....


                حسماً للخلاف وإزالة كل غموض تبنى عدد من العلماء التسمية الجديدة: الكنعانيون/العموريون. في بعض المواقع للمستوطنات .. ومن أهم الممالك الكنعانية / العمورية في بلاد الشام :مملكة مركيش / الالأخ و مملكة يمار وحضارة أوجاريت وحضارة إبلا ومملكة ماري وأهم المواقع الاثريه فيها قصر زمري لم .
                اخى العزيز ابو خضيرى

                اسعدنى مرورك الكريم ومداخلتك القيمة والتى فتحت ابوابا الى بلد الحضاره التى كان لها اعظم تاثير على البشرية

                يدك بيدى لنلقى الضوء على تلك الحضارة وابدا من اخر مداخلتك ... عن حضارة مملكة مارى
                تـقـع
                ماري ((تل الحريـري)) علـى بعـد 12كـم مـن البوكمـال وهـي علـى نهـر الفـرات و125كـم عـن دير الزور، احتلت مكانا استراتيجيا على طريق القوافل التجارية البرية والنهرية وشكلـت عقـدة وصل بين جنوب الرافدين وسورية، وقد جاء اسمها من "مري" وهي الربة التي كانت تعبد في ماري بمعنى السيدة أو الربـة.



                تاريخ ماري وازدهارها

                وصلت
                ماري أوج ازدهارها حلال مرحلتيـن:
                الأولى: فـي الألـف الثالـث ق.م فكانـت عاصمـة لمملكة عمورية آكادية ((3100- 2900))ق.م حيـث دمرها الملك السومـري لـوجال زاجيـزي فـي منتصـف الألـف الثالـث ق.م لكـنها نهضـت وازدهرت مـن جديـد لفتـرة متن الزمـن قبـل أن يستولي عليها سرجون الآكادي ومن بعده حفيده نـارام سين وبقيـت
                ماري تتبـع للآكادييـن مـن ((2450-2280)) وحكـم مـاري خلال هذه الفتة 11 ملك.



                الثانية: فـي الألـف الثانيـة ق.م إذ قامـت فيهـا مملكة عمورية ولدينا نص يذكر أن الأمير "باجيد ليـم" كان حاكـم مـاري عام ((1980))ق.م ثـم خلفه في الحكم ابنه "يخدون ليم" الذي وسع نفوذ مـاري حتـى وصلـت إلـى سـواحل المتوسـط ودخـل في صراع مع الملك الآشوري "شمشي أدد الأول" ونتيجة هذا الصراع انتصار شمشي علـى يخـدون ليـم واستولى على
                ماري وقام بتصفية عائلة يخدون ليم ولم يفلت مـن المجـزرة سـوى المـلك "زمري ليم" الـذي فـر إلـى مملكـة يمخـد "حلب" فأقام فيها فترة وتزوج من الأميـرة "شيبيتو" ابنـة "ياريـم ليـم"مـلك يمخـد حيـث عــاش زمري ليم 20 عام في يمخد حتـى استطـاع أخيرا أن يجهز جيشا بمساعدة ملك يمخد وتمكن من استعادة مـاري وطـرد مـنها "يسمخ أدد" ابن شمشـي أدد واستمـر زمري ليم في حكم ماري مدة 15 عام ((1775-1760))ق.م وعاشت ماري أزهى عصورها فـي هذه الفترة حتى سقطت بيد "حمورابـي البابلي 1759ق.م" لكـن سكـان مـاري قـامـوا بثـورة ضـد الحكـم البـابلـي مما دعى حمورابي إلى مهاجمة ماري مرة أخرى وقام إحراق قصر زمـري ليـم وهـدم أجـزاء كبيـرة من ماري، بعد ذلك اختفى ذكر ماري في التاريخ حتى فترة الإنتداب الفرنسـي على سورية وتحديدا آب 1933م حيث رأى ضابط فرنسي يدعى "كايان" سكـان مـاري يـخرجـون مـن التـل حجـرا كبيـرا لوضعـه كشاهـدة قبـر لأحـد المـوتى ومـا كـان هـذا الحجـر إلا تمثالا ضخمـا لإله الشمس "شمش" وعلى التمثال كتابة مسماريـة ورد فيها ما يلــي:
                "يسمـخ أدد ابن الملك شمشي أدد ملك آشور الذي نصب هذا التمثال ادعوا الإله شمش أن يسحق كل من يزيل اسمي ليكتب اسمه بدلا منـه"
                وقـد نقل هذا التمثل فيما بعد إلى متحف اللوفر ولم يعرف اسم المدينة حتى كشف عن تمثال آخر لملـك مـاري "لـونجي مـاري" وقـد وجـد نـص فـي أعـلى كتف الملك يشير إلى اسم الملك واسم المدينة وبذلك تم التأكد بأن موقع تل الحريري هو مملكة مـاري التـي ورد ذكـرها في الكثير من المصادر الرافديـة وغيرهـا
                ا

                وصف مدينة ماري: تقــع مـاري عـلى تـل بيضـوي أقصـى طـول لـه مـن الشمال على الجنوب 1200م، أحيطت المدينة بخندق وأسوار بسماكة 5م كما تم حفر قناة أخرى تصــل بيـن الخابور والفرات مرورا بماري بطول 120كم، شكلت أبنية
                ماري من الطين لعدم توفر الحجارة في هذه المنطقـة حيـث احتـوت مـاري علـى العديـد مـن الأحيـاء السكنيـة والتـي زودت بالمرافق العامة ودورات المياه ونظام ري متطور وعدد من القصور والمعابد و650 مدفن تقريبــا.



                التنقيب في ماري: كان عام 1933م بقيادة "أندريه بارو" واستمـر حتـى 1974م ثم خلفه "جان ماركرون" حتى الآن، ولعل أهم المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليهـا:

                1- قصر زمري ليم:اكتشف عام 1934م يعود تاريـخ بنائـه إلـى الألف
                الثاني ق.م، أول من بناه الملـك "ايشتـوب ايلـوم" وقـد تـم تجـديده فـي عهـد عـدد مـن ملك ماري وقد حمل اسم الملك الأخير الذي سكنه وهو زمري ليــم.
                مساحته2.5هكتاروله شكل شبه مستطيل وأقصى أبعــاده 120*200م.
                يتألف من طابقين ويضم 275 غرفة وباحة و40 ممر هندسته سومرية.
                بني القصر من الطوب وطليت جدرانـه بالطيـن المخلـوط بالتبـن ،أساساتـه حجرية وليس له نوافذ أما الأبواب فهي خشبية وسقف بجذوع الأشجـار. العضـائد الجداريـة كانـت مـزخـرفـة بالألـوان علـى أرضيـة مـن الجـص حيث بلغ ارتفاع الجدار 1.8-5م، يقع مدخل القصر في الجهة الشمالية الشرقية عرضه 5م وعلـى جانبيه برجـان للحـراسة، يتقدم المدخل درج مبلط بالحجارة وقد أحيط بهذا القصر سور دفاعي منيــع.
                احتـوى القصـر علـى باحـات وقاعـات وحمامـات وبيـوت نـار وأحـواض مـاء بارد وساخن وأوعية لتسخين الماء ودورات للمياه ومستودعات للمؤونة والملابس والأثاث وأدوات الطبخ بالإضافة إلى العديد من المطابخ والأفـران الخاصـة بالخبـز والكعـك التـي كانـت تصنـع في قوالب مختلفة الأشكال أما القدور والأواني التي وجدت في هـذا القصـر فكانت مصنوعة من مــواد معدنيـة أو فخـار في ورشات القصـر ووضعـت الموؤنـة فـي جـرار فخـارية ضخمـة وخاصـة القمـح والزيـت والنبيـذ لحمـايته مـن التلوث والحشرات الضارة كما احتوى القصر على دوائر حكومية ومدارس وأجنحة للإدارة ومعابد وحصن ومصانع القصدير، أما الوثائق والرقم الفخارية فكانت تصنع في مستودعات مغلقـة بإحكـام ولأبوابهـا أقفال عبارة عن خيط معقـود بكتلـة طينيـة تختـم بختـم أسطـواني وكلمـا فتـح البـاب أو أغلق يعاد هذا الخيط لحالته الأولى كما وجد في القصر بئر قطره 2.8م إلـى جانبـه خـزان للمـاء يقـع قـرب الســور فـي الشرق وفي الجهة الشمالية الشرقية, للقصر يوجد مرآب للعربات الخاصــة بالملك.



                - باحة النخيل: باحة سمــاوية 33*49م كانـت مركـز الحياة الرسمية والإدارية في ماري,هذه الباحة مبلطة بآجر جميل مربع الشكل وحول هذه الباحة تـوضعت عدد من الغرف، وقد ورد اسمها في احدى اللوحات المسمارية باسم باحة النخيل ربما لوجود أشجار النخيل فيها،بعض جدران هذه الباحة كانت مطلية على شكل مرمر وبعضهــا كانت محززا.
                - قاعة جلسات الملك: تقــع هـذه القـاعة جنـوب باحـة النخيـل حيـث كـان المـلك يستقبل زواره وموظفيه فيها، يقود على هذه القاعة درج ضخم نصف دائري يتألف من 3درجـات بنـي مـن الآجر، باب القاعة عريض4.5م أما شكل القاعة فهو مستطيــل كانـت فيـه منصـة منخفضـة ترتفع درجة عن الأرض وتقع في الحائط الجنوبي للقاعـة حيـث كـان يـوضـع عـرش يجلس عليه الملك، وجدت في هذه القاعة زخارف جدارية تعطي فكرة عن مـراحل تقديم الأضاحي الملكية،وهناك آخر يمثل مارد يمد يده إلى سماء مرصعة بالنجــوم.- قاعة العرش: قاعة مستطيلـة 6.35*11.70م،بالجهة الغربية توجد بلاطة من
                الجص كانت يقوم عليها عرش الملك،وفـي الجهـة الشرقية مصطبة أيضا 2.25*5.40م ارتفاعها1.68م وجد تمثال الملك "ايشتوب ايلوم"، أسفـل هذه المصطبة وغلى جانب هذا التمثال وجدت عدة قواعد صغيرة يبدو أنها كانت تحمل تماثيـل صغيـرة لكنهـا فقـدت، أمـا تمثـال ايشتـوب ايلوم فكان سليم فيما عدا الأنـف.
                - جناح الموظفين: يقـع فـي المنطقـة الغربيـة من قصر زمري ليم يضم مجموعة غرف مبلطة ولها حمام فيه مغطسان من الخزف وفي إحدى الزوايا مرحاض بني من الآجر المطلي وفي الجدران خزن وصناديق صغيرة وجد في واحــد منهـا طاسـة مـن الخـزف لغـرف الماء من المغطس، وفي الزاوية الجنوبية الغربية للجناح يوجد مدخنـة علـى شكـل أنابيـب مـن الطيـن المشوي متصلة مع بعضها يزداد الأنبوب اتساعا كلما اتجه نحو الأسفل ليستـوعب الأنبـوب الذي يليه وهكذا حتى تصل المدخنة إلى الموقد لتصبح على شكل وجاق،وفي الجهة الجنوبية من هذا الجناح توجد باحة مبلطة كانت لاستخدام وكيل القصر، بعد هــذه القاعــة يأتي جنـاح المطابخ الذي احتوى على فرن مستدير مقبب، وفي نهاية القصر كانت هنــاك كتلـة
                معمارية تشبه السوق تتألف من طريق تقوم على جانبيه مشاغل ومخازن.


                - المدرسة: في القصــر مدرستـان فـي الزاويـة الشماليـة الغربيـة مـن قاعـة النخيل بين الجناح الملكي والجناح الرسمي وتعتبر أقدم مـدرسة عثر عليهـا حتى الآن، فيهــا عـدة صفـوف من المصاطب الصغيرة المبنية من الطوب استعملـت كمقاعـد للطلاب وقد عثــر المنقبـون علـى أدوات من الطين بين المقاعد كانـت تستعمـل لتعلـم الكتابة والحساب كما عثروا على زوارق لوضع أدوات الكتابـة كانت تحتوي علـى أصـداف صغيـرة قـد تكـون لتعلـم الحسـاب. كانـت الدراسـة تتـم علـى مرحلتيـن أولهمـا هـي الابتدائية وعـدد الطـلاب فيهـا كبيـر ثــم المرحلـة المتوسطة وعدد الطلاب قليل لذا استخدموا القاعة الكبـرى للابتدائية والصغرى للمتوسطة ، ضمت القاعة الكبرى 45مقعدا أما الصغـرى 23مقعـدا والقاعتـان مبلطتـان بالآجـر الجميـل وغطيت الجدران بالطين المخلــوط بالتبن وما تزال هناك آثـار الحـرية الذي نشب في هاتين القاعتين والذي التهم درج خشبي كـان يـؤدي إلـى سطـح المدرسـة، كمـا وجـدت قاعة كبيرة جنوب قاعة جلسات الملك فيها 3 صفوف من المقاعد لكنهـا تختلـف عـن القاعتيـن السابقتين من حيث عدم وجود زوارق لوحات وأصداف بل وجد 3 جـرار كبيـرة و 3 صغيـرة مبعثرة عند المدخل وعند المقاعد، تشبه هذه القاعة المعمــل أو الفـرن فيهـا بوتقتـان لمعالجـة فلزات المعادن كما وجد فيها بقايا رماد خشبي مما يرجح أن تكون القاعة مختبرا أو معمــل

                الرسوم الجدارية في قصر زمري ليم:

                إن أهم ما يشتهر به قصر الألف الثاني ق.م، في ماري الرسوم الجدارية التي دلت على إتقان رفيع لفن الفريسك منذ ذلك الزمن الباكر، فلقد عثر على الرسوم في العديد من قاعات القصر (القاعات 132 ، 106 ، 220 ، 34) وكانت بقاياها مبعثرة، وقد أمكن ترقيمها وإعادة ترتيب مشاهدها.

                لقد استخدمت في رسم هذه المشاهد الألوان البيضاء والسوداء والحمراء على خلفية من الملاط الكلسي، وقد عولجت الموضوعات بشكل امتزجت فيه التأثيرات السومرية – الأكادية بالعمورية – الكنعانية، فظهرت لوحة متميزة فيها الكثير من الإبداع والتجديد.



                على جدار القاعة رقم (106) بجانب لوحة التنصيب الشهيرة رسم مشهد أسماه المنقب لوحة التضحية (La Sacrifice ):

                لقد نفذ المشهد على طبقة سميكة من الكلس وهو يظهر موكباً يسير على رأسه رجل مهيب أكبر من الجميع بردائه المشرشب وقبعته المميزة، ويسير خلفه ستة رجال أصغر يرتدون لباساً مشابهاً للرجل الرئيسي ويقودون ثورين زينت قرونهما بطبقة من رقيقة من الذهب.

                إن التشابه بين ملابس رجال هذا الموكب ورداء الملك شمشي حدد الأول الذي ظهر على مسلة من حجر البازلت وجدت في ماردين، ومع أعمال آشورية أخرى معاصرة، جعل الدارس ينسب هذه الرسوم إلى عصر هذا الملك عندما كانت ماري تابعة له وتحكم من قبل ابنه يسمح حدد /1800 – 1870 ق.م/ قبل أن يستعيد العرش فيها زمري ليم .

                إن أهم وأكبر رسم جداري في ماري هو المشهد الذي ظهر على القسم اليميني من القاعة
                ( 106 ) أي على الباب الموصل لقاعات العرش ، لقد وجد هذا المشهد بحالة أفضل من البقية وقد أسماه المنقب مشهد تنصيب زمري ليم ( l’Investiture ) ونسبه إلى زمن حكم هذا الملك /1775 – 1761 ق.م/:



                لقد نفذ مشهد التنصيب على طبقة رقيقة من الكلس الناعم واستخدم فيه ثلاثة ألوان (أبيض – أسود – أحمر ) ضمن إطار كبير /250 × 175سم/ رسمت المشاهد في ثلاثة حقول طولانية عامودية، مشهد التنصيب الرئيسي في الوسط يحيط فيه من الجانبين مشهدان متماثلان، ولقد وزعت المشاهد في الحقل الأوسط في حقلين أفقيين مستقلين، وقد يرمزان إلى شكل المعبد، ففي الحقل الأعلى نرى الملك زمري ليم بردائه المشرشب الجميل الذي يشبه الرداء الذي ظهر في مشهد التضحية، وعلى رأسه القبعة الملكية ( البولوس )، ويستلم باليد اليسرى الحلقة والعصا



                رمز السلطة من الربة عشتار التي تقف على حيوانها المفضل الأسد، ويرفع هذا الملك يده اليمنى محيياً بينما تقف خلف الربة عشتار وزمري ليم آلهة أخرى تراقب المشهد وتباركه، وفي الحقل الأسفل ظهر مشهدان متماثلان تماماً ومتقابلان، فيهما ربتا ينبوع متقابلتان ترتديان ثوباً مهدباً تحملان كل منهما إناء تخرج منه المياه ترافقها النباتات والأسماك رمز الحياة، ويحيط بمشاهد الحقل الأوسط كما ذكرنا مشهدان متماثلان نرى فيهما شجرة نخيل طويلة تحرسها ثلاثة كائنات خرافية مجنحة يليها شجرة أخرى يتسلق عليها رجلان ويفر منها طائر مذعور وخلف الجميع تقف آلهة ترفع يديها بابتهال تبارك المشهد وتحميه.

                لقد قيل الكثير حول تفسير هذه اللوحة الرائعة، واعتقد المنقب أنها تمثل استرجاع زمري ليم لعرش أبيه يخدون ليم بعد أن سلب هذا العرش من قبل الآشوريين، ومهما يكن فإن هذه اللوحة تعد من أروع آثار سورية في هذا العصر.




                التماثيل:


                لقد عثر في سويات الألف الثاني ق.م، في ماري على أفضل التماثيل المنسوبة إلى العصر البابلي القديم، ويعد ما يسمى بتمثال (كابان) نسبة إلى اسم الضابط الفرنسي الذي نقل التمثال إلى فرنسا، قطعة فريدة من نوعها رغم التشوه الذي أصابه وأودى برأسه.
                لقد نقش على التمثال كتابة باسم يسمح حدد ابن شمشي حدد الذي يقدم هذا التمثال قرباناً للرب شمش حيث نحتت الصورة على شكل رجل نصفه الأعلى عار تتدلى على صدره لحية شعرها معقوف في نهاياته، ويضم يديه إلى صدره ويلف وسطه بحزام عريض، وثوبه مزخرف على شكل حراشف السمك المتدرجة.



                ومن هذا العصر أتى تمثال ربة الينبوع الذي وجد في القصر الملكي مهشماً، وربما أثر تدمير ماري من قبل حمورابي إذ عثر على الرأس في الباحة (106) والجسم في القاعة (64)، ولقد نحتت هذه القطعة الأثرية الفريدة من نوعها بالحجم الطبيعي، طولها (1.42م)، وهي من الحجر الكلسي الأبيض وتمثل امرأة، يدل على إلوهيتها القرنان اللذان يتوجان رأسها وهي ترتدي ثوباً مهدباً يصعب التعرف على تفاصيله ويظهر وكأنه رداء داخلي كان يغطى بثوب خارجي تحت صدرية ذات شراشيب، وتشاهد على الثوب سمكات صاعدة وهابطة تسبح في مياه تفيض من إناء تمسكه الربة بكلتا يديها لذلك سمي التمثال ( ربة الينبوع )، وتزين معصمها وعنقها وآذانها الأساور والأطواق والأقراط، وتتدلى على كتفيها ضفيرتا شعر كثيف، عيونها منزلة وفمها وأنفها جميلان وقد صمم وجهها برقة وعذوبة نادرة في تاريخ الفن القديم، وتوجد في داخل التمثال قناة كان يمر الماء من خلالها أثناء الحفلات قادماً من خزان مرتفع، رمزاً لقدرة الإلهة على جلب الخير والعطاء.



                أما التماثيل البرونزية فقد صنعت على مبدأ الشمع المفقود المعروف منذ عصر السلالات الباكرة وجسدت آلهة أو بشراً بينها الأسود البرونزية التي كانت تربض على أبواب معبد دجن (معبد الأسود) إذ صورت هذه الأسود وهي تقف منتصبة القامة فاغرة الفاه جاحظة العينين تثير في أعماق الداخل إلى المعبد أشد الرهبة والخشوع

                كما أتت من ماري من هذا العصر آثار أخرى عديدة ومتنوعة منها الأختام الاسطوانية الرائعة التي يعود بعضها لموظفي القصر( مكنيشوم وأناسين تاكلاكو ) والتي تتداخل فيها التأثيرات القديمة والجديدة وتشكل مزيجاً متجانساً من حضارات الرافدين وبلاد الشام، بالإضافة للعور على الأواني الفخارية والأهم من ذلك الأرشيف الملكي الضخم الذي يضاهي المكتبات الأخرى في المشرق كمكتبة نينوى وأوغاريت وتلو وحاتوشا، وأدت قراءة هذا الأرشيف المستمرة حتى الآن إلى تصحيح تاريخ الألف الثاني ق.م وإلى التعرف على العديد من أسماء لأشخاص متنوعي المراكز الدينية والمدنية، مما أضاء الكثير من جوانب الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي

                المعابد


                عثـر علـى عـدد مـن المعابـد فـي مدينة ماري قائمة فـوق بعضها البعض الأول من
                الألف
                الثالث ق.م بني على أنقاضه معبد آخـر بعـد ذلك بنـي معبـد ثالـث فـي عهد زمري ليم هدمه حمورابي البابلي، وهناك ثلاثة أنواع من المعابد فـي مـاري:
                الأول: معابد مربعية الشكل لها أدراج مثل معبد "نينهور ساغ".

                الثاني: معابد برجية أو الزقورة.
                الثالث: معابد مؤلفة من قدس لأقداس واحد كمـا فـي معبد "نيني زازا" ومعابد لها قدسان كما في معبد "عشتار".
                وكانت جميع المعابـد مزينـة وتنصــب فيهـا التماثيـل المهداة للآلهــة، وكل معبد كان له كتبة يسجلون صادرات وواردات المعبـد، أما فـي باحـات المعابـد فـكانت تقــوم منصــات لتقديــم الأضاحي، ومن أهم المعابد في ماري:
                - معبد نينهور ساغ: كشفـت البعثـة الأثريـة عـن باحتـه أما قاعـة الهيكل فقد اختفت تحت معبد الأسود ويعود
                تاريخ بنائه إلى الألف الثاني ق.م.



                - معبد الزقورة "الكتلة الحمراء": معبد برجي يرمز إلى الصلة بين الأرض والسمـاء، أسلوبـه سومري
                بابلي ويعود تاريخ بنائه إلى الألف الثاني ق.م، بنيـت الزقـورة وسـط التـل وسمـيت بالكتلة الحمراء بسبب لونها الأحمر، بنـي هـذا المعبـد مـن الطوب اللبن النصف مشوي فوق بناء أقدم أبعاد المعبد 25*42م وارتفاعــه 14.55م الواجهتــان الشماليــة والغربيــة زينتــا بمحاريـب ونتوءات بارزة وفـي قاعـة الزقـورة هنـاك مجمـوعة مـن الهياكل الصغيرة عليها بعض التقديمات من الصدف والفخار وقد تهدم الجزء العلوي مــن الزقـورة بسبب العـوامـل الجوية ولا يمكننا التعرف على المعبد المقام فوقــه.



                - معبد نيني زازا: اكتشـف عـام 1935م، فيـه ممـر طليـت أرضيتـه بالقـار يحيـط هـذا الممـر بالباحـة الرئيسية للمعبد وقد استخدم هذا الممر للطواف قبل الدخول إلى قاعة قدس الأقداس، وقد زينت جـدران المعبـد بتجاويف وعضائض وفي الوسط عثر على نصب بازلتي كبير له شكل مخروطي يبدو أنه كان نصب ديني استخدم في طقوس العبــادة.
                3- النحــت:اشــتهـرت
                ماري بمــدارس خـاصـة للــنحـت والـتـصــويـر والـرســوم الـجــداريـة

                "فريسكو"، انتشـر تأثيـر مدرسـة
                ماري إلـى الممـالك المجـاورة وقـد صنعت تماثيل بالحجم الطبيعـي أو بحجـوم صغيـرة كان بعضها لأغراض تجارية تبــاع كنـذور للمعابــد وبعضهـا الآخر له صفة خاصة مثل تمثال "أورنينا" مغنية المعبد وبـلاط الملك "ابـلون أيـل"،وحينمـا هـدم حمورابـي مدينـة ماري انتقـل تأثيـر هــذه المـدرسـة إلـى "دوروا أوروبوس" صالحيـة الفــرات بعــد ذلك انتقــل إلـى تدمـر وغيرهـا من المدن الرومانية حتى وصلت إلى أوروبا، بالإضافة إلى التماثيل وجدت رسـوم علـى الجـدران وعلـى قوالـب الحلـوى الفخارية بأشكال هندسية أوحيوانات أو طيور أو نباتات، وأشهر تماثيل مـاري:
                - تمثال ربة الينبوع: وجــد هــذا التمثــال مكسـور إلى قسمين جزء منه أسفل المصطبة أما الآخر فقد عثر عليه في أحد الباحات الداخلية لقصــر زمــري ليـم،أنف التمثال مهشم وعيناه خاويتان من تنزيلاتها هذا التمثال يمثل فتــاة بالحجـم الطبيعـي تحمـل جــرة مائلـة إلى الأمام لسكب الماء، مصنوع من حجر الألباستر الأبيض ووزنه 200كغ ويعــود إلـى الألف
                الثالث ق.م، ترتدي الفتاة ثوب طويل تزينه سمكات صغيرة صاعــدة وهابطــة تمثـل الخيــر الوفير وتنساب ضفائر الفتاة على ظهرها وكتفها ولها قرنان يلتفان إلى الأمام رمز الألوهيـــة.



                - تمثال ايشتوب ايلوم: صنع من الحجر البازلتي الأسود "الديوريت" كــان مهشما ارتفاعه 1.52م له لحية طويلة ويلبس ثوب طويل وقبعة سومرية، يظهــر المـلك واقفــا يضــم يديــه بوضعية الخشوع كتب على كتفه الأيمن اسمه ومعناه الإله منحه الحيـاة.


                التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-12-31, 09:30 PM.

                تعليق

                يعمل...
                X