إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قرطاج .... الحضاره المنسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قرطاج .... الحضاره المنسية

    قرطاج
    الحضاره المنسية

    قَرْطَاج مدينة تقع قرب من مدينة تونس بالجمهورية التونسية. أسسها الفينيقيون، وأصبحت مركز إمبراطورية كبيرة حكمت شواطئ المغرب الكبير وصقلية وإسبانيا حتى سقوطها في حروب مع الرومان



    كلمة قرطاج كلمة فينيقية الأصل (قَرْتْ حَدَشْتْ)، و معناها المدينة الجديدة.


    تأسيس قرطاج



    اسست الأميرة الفينيقية عليسة (أليسا أو أليسار) قرطاج عام 814 ق.م.، حسب رواية المؤرخين القدماء. وجاءت الأميرة هاربة مع أصحابها من مدينة صور في لبنان، وسموا المدينة "قَرْتْ حَدَشْتْ"، وتعني "مدينة جديدة" (من الفينيقية: قَرْتْ أي مدينة، وحَدَشْت أي حديثة)، فأصبح الاسم "قرطاج" عن طريق النطق اللاتيني. وكانوا يعبدون خاصة "ملقرت"، واسمه يعني "ملك المدينة".

    تقع قرطاج في مكان مهم بين شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط، سهل عليها التجارة، فذهبت سفنها إلى كل أنحاء البحر، من المشرق حتى أبعد من موريتانيا، وأسسوا مدناً صفيرة على شواطئ صقلية والمغرب وسردينية وإسبانيا. وبدؤوا أيضاً استعمار بلاد تونس نفسها، وكانوا يسكنون الشواطئ فقط خوفاً من الحرب مع البربر الذين سكنوا البلاد. وهكذا أصبحت قرطاج المركز التجاري لغرب البحر الأبيض المتوسط كله قبل القرن الخامس قبل الميلاد.


    تاريخ قرطاج السياسي

    المرحلة الأولى

    من عام 814- 550 ق.م و هي المرحلة الملكية وكانت عبارة عن إمتداد للنظام الفينيقي في بلاد الشام حيث تقوم الأسر الغنية بإختيار الملك والإنفاق على الجيش والأسطول و حملات الإستكشاف للبحث عن المواد الخام و الاسواق الجديدة. وكانت الإمبراطورية الفينيقية لا تزال تؤسس المستعمرات في سردينيا وايبيريا وشمال أفريقيا وقامت قرطاج برد الهجوم اليوناني على إقليم طرابلس ومن أشهر ملوك هذه الفترة الملكة عليسا(814-760 ق.م).

    المرحلة الثانية

    من(550-480 ق.م) وهي فترة أسرة (ماقون) التي تتابع أفرادها على حكم قرطاج طيلة ثلاثة أجيال من ماقون حتى ولديه أملكار ثم صدر بعل. وجرت خلالها معارك صقلية. ومدت قرطاج نفوذها إلى مساحات واسعة قبل أن تتحطم قواتها قرب هيميرا. وفي هذه الفترة نشات في قرطاج طبقة جديدة من ملاك الأرض الذين ما لبثوا أن حولواأراضيهم إلى إقطاعيات شبه مستقلة و شرعوا يضغطون لتقليص سلطة الملك و إرغامه على مشاركتهم في الحكم.

    المرحلة الثالثة


    من( 480-290 ق.م) و هي مرحلة الثورة الشاملة التي شهدت تقويض الحكم الفردي المطلق، وقيام الحرب الأولى بين روما وقرطاج، وإنسحاب الأسطول من جبهة البحر المتوسط، وظهور خمس هيئات سياسية جديدة تولت أمور الدولة بدلا من أسرة ماقون وهذه الهيئات هي:





    الملكان أو السبطان (الشوفطان): تتركز السلطة المباشرة في ايديهما. يسميان ملكان أو سبطان ويتم إنتخابهما من أسرتين مختلفتين على غرار الملكين الذين كانا يحكمان إسبارطا في اليونان، والقنصلين الذين كانا يتقاسمان السلطة في روما. يقوم الملكان خدمتهما مدة سنة كاملة (تعرف بأسمهما) ويجمعان كثيرا من الوظائف و السلطات التنفيذية في مختلف الميادين السياسية و العسكرية والقضائية، فهما اللذان برئسان مجلس الشيوخ، ويعينان جدول أعماله ويقودان جيوش البر و البحر، وينظران في امور القضاء.

    مجلس الشيوخ: يتكون من 300 عضو يتم إختيارهم لمدى الحياة من بين الطبقة الثرية. وهو أبرز الهيئات و أعلاها شأنا ، و يتولى جميع شؤون الإدارة العليا، ويقرر أمور السلام و الحرب و يولي قواد الجيش ويعزلهم ، وله الحق –في حالة الضرورة-أن يعقد جلسات سرية و لا يذيع نتيجة التصويت أو يؤجل إذاعتها.

    محكمة المائة: تلي في الاهمية مجلس الشيوخ . تتكون من 104 أعضاء يتم إنتخابهم حسبما أظهروه من كفاءة . مهام المحكمة و سلطاتها مراقبة الملوك و جميع الحكام وتقديمهم للقضاء إذا أخلوا بواجباتهم.

    الجمعيات: وهي جمعيات سياسية و دينية تعتبر أقساما و شعبا إنتخابية . كل عضو في أي من هذه الجمعيات ينتخب داخل شعبته ، لكن رأي الأغلبية يعتبر رأي الشعبة كلها و يحسب صوتا واحدا في الإنتخاب العام. وينظر أعضاء هذه الجمعيات في شؤون الدولة، وفي اعمال المجالس الشعبية.

    الشعب: هيئة منتخبة من المواطنيين تعرض عليها جميع المسائل التي لم يحصل في شأنها الإتفاق بين الملكين من حهة وبين مجلس الشيوخ من جهة أخرى ، وتكون لها الكلمة النهائية. و كانت قرطاج بذلك من أوائل الدول في العالم القديم التي عاشت تجربة النظم الشعبية الخالصة.

    من عام 290 ق.م حتى سقوط قرطاج عام 146 ق.م. جمعت هذه الفترة بين مظاهر المرحلتين الثانية و الثالثة، فتركزت السلطة في يد آل بركة، إلى جانب المجالسو الهيئات و المجالس السياسية في نظام ملامحه على النحو التالي:

    السلطة العليا: في يدى بركة الذين حكموا بمثابة ملوك. و إذا كان لفظ ملك قد زال لفظا، فقد ظل وظيفة، إذ أن نوعية سلطة آل بركة كانت سلطة ملكية.

    مجلس الشيوخ: شبيه بمجلس الشيوخ في المرحلة السابقة ، لكن صلاحييته و سلطاته هذه المرة كانت أضيق نطاقا، و تفلص صلاحيات المجلس الشيوخ يعود إلى أن حكام هذه الفترة كانوا يعتمدون على قاعدة شعبية واسعة بدل الطبقة الثرية و أصحاب الإقطاعيات، وهذا المجلس هو الذي بادر إلى عقد المعاهدة المميتة مع سيبيو بعد معركة زاما، وهو الذي شهد بعد ذلك تدمير قرطاج.

    الهيئات الشعبية: و هي التنظيمات الجماهيرية التي أعتمد عليها آل بركة- من أملكار إلى حنبعل- في مواجهة لمواصلة القتال ضد روما ، وأبرزها هيئتان: الأولى مجلس الثلاثين الذي يتولى فرض الضرائب و الموازنة المالية، والثانية مجلس العشرة الذي يتولى شؤون المعابد والقضاء والداخلية.

    تاريخ قرطاج الثقافي


    فنون قرطاج




    للأسف الشديد، لا يبقى أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) إلا ترجمة يونانية لكتاب ماجو حول الزراعة. لكن يذكر الكاتب الروماني سالوست في كتابه حرب يوغرطا أن قرطاج كانت فيها كتب عديدة تاريخية وجغرافية، وأنه لم يحترقوا في تدمير قرطاجة، بل أخذهم بعض أمراء نوميديا. يبدو من ما اكتشف في رأس الشمرة أن أساطيرهم كانت طويلة ومتنوعة. كانوا يتقنوا صناعة الزجاج، والفينيقيون هم الذين اكتشفوا الزجاج، واشتهروا أيضا بصبغ الملابس.


    اللغة و الثقافة


    اللغة البونيقية هي اللهجة الإفريقية للغة الفينيقية، ومن تأسيس قرطاجة حتى نهاية الإمبراطورية الرومانية كانت من أهم لغات شمال إفريقية. إنها لغة سامية مثل العربية الفصحى، ولذا معظم مفرداتها شبيهة بها، لكنها أقرب إلى العبرية القديمة، ومن أراد أن يتقن البونيقية فيجب أن يتقن العبرية. الأبجد البونيقية هي التالي:



    كتب القديس أوغسطين في القرن الخامس م أي بعد ستة قرون مرت على تدمير قرطاجة و مسحها عن الخريطة ،(( إذا سألت أحد سكان هذا البلد عن هويته ، سيقول لك بلسانه البونيقي أنه كنعاني ...)) . اللسان البونيقي الذي يشير إليه القديس أوغسطين هو التسمية الرومانية للغة الكنعانية ،أي لغة قرطاجة الفينيقية، فقد دأب الرومان على تسمية الكنعانيين الذين أستوطنوا الشواطىء البحر الأبيض المتوسط الغربية بدءاً من القرن الثالث عشر ق.م بالبونيقيين ترجمة للكلمة اليونانية الفينيقيين ، ومازالت التسمية اليونانية شائعة حتى اليوم على الرغم أن من يشار إليهم بهذه التسمية لم يستخدموها حتى بعد أن أصبحت بلادهم على ساحل المتوسط الشرقي تحت الهيمنة اليونانية بدءاً من عام 332 ق.م ، وأصبحت بلادهم على ساحل أفريقيا الشمالي تحت الهيمنة الرومانية بدءا من عام 146 ق.م .

    للأسف الشديد لم يتبقى أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) ولكن لدينا أرقام مؤكدة عن عدد من النصوص البونيقية التي ترجمت إلى اللغتين اليونانية و اللاتينية خصوصا ، رحلة حانون الملاح ، الترجمة اليونانية لكتاب ماقون حول الزراعة ، لكن يذكر الكاتب الروماني سالوست في كتابه (حرب يوغرطا) أن قرطاجة كانت فيها كتب عديدة جغرافية وتاريخية ، و أنها لم تحرق في تدمير قرطاجة ، بل أخذها بعض أمراء نوميديا. يقول أميانوس (إن الملك جوبا الثاني ،يقول نسبة للمراجع البونيقية أن نبع نهر النيل يقع على جبل في موريتانيا ويطل على المحيط ). ويذكر سالوست أيضا أن الملك النوميدي هيمبسال الثاني كان قد كتب عملا أو أكثر باللغة البونيقية
    و يقال إن حنبعل برقة نفسه كان قد ألف أعمالا باللغتين البونيقية و اليونانية
    إن القرطاجيين قاموا بنسخ نموذج الملك الآشوري (آشوربانيبعل) من القرن السابع ق.م
    ففي قرطاجة، ما إنفكّ الإعتراف بالآخر من تقاليد السلف والخلف، فلقد كانت قرطاجة، وهي ملكة في المتوسط، تترك أبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام قصّادها والذين يبغون الإقامة فيها، فآوت جاليات لوبية ومصرية وأتروسكانية وإغريقية وأخرى كثيرة وإن لم تذكرها النصوص المتوفّرة. وكان القرطاجيون لا يتعففون من الزواج المختلط بل يقبلون على مصاهرة المقيمين عندهم : فمن بين القادة العسكريين في جيش حنبعل ضابطان يشعران بالإنتماء إلى قرطاجة دون ما تنكّر لجدّهما الإغريقي الأرومة علّه جاء إلى العاصمة البونيقية مهاجرا. ولمّا استطاب العيش فيها تزوّج قرطاجية أنجبت له طفلين ترعرعا في قرطاجة وفيها تعلّما ثم انخرطا في سلك الجيش الحنبعلي وكان أحدهما يسمى (أيْفيقيدس) والثاني (هيبُّقراتس) .

    وتجدر الإشارة أيضا إلى فيلسوف قرطاجي اسمه (عزربعل) وكان يسمّى في الأوساط الإغريقية) اقليتوماكوس) وهو من أمّ قرطاجية لم يحتفظ التاريخ باسمها ومن أب إغريقي يسمّى ديوجنيتوس ولعلّه من الجالية الإغريقية التي كانت تقيم بقرطاجة وفيها تشتغل ، لاسيما وقد توفّرت لها ظروف إقامة طيّبة، تنعم بالسّلم والرّخاء وقد تمكّنت تلك الجالية من إنشاء مقدس تمارس فيه عبادة الإلهة ديمتره السيراكوسية. ولم تكن هذه الشعائر الإغريقية تزعج الإلهة القرطاجية تعنيت بل كان إحترام متبادل بين الإلهتين. هذا مع العلم أنّ محفل الآلهة البونيقية يضمّ آلهة مصرية نذكر منهم أوسيريس وإيزيس ورع. وممّا يثبت قبول هؤلاء الآلهة المصرية وجود أسمائهم في أسماء القرطاجيين والقرطاجيات : فكثيرون من كانوا يتسمّون عبد إيزيس أو عبدرع وهو ما يثبت أنّ القرطاجيين لم يقبلوا على ترجمة أسماء الآلهة الذين يدخلون ديارهم. فالإلهة إيزيس المصرية تحافظ على إسمها في قرطاجة. ولئن أشرت إلى هذه الظاهرة، فذلك لأنّ الإغريق لا يعترفون إلاّ بقوالب لسانهم ومقاييسه، حتّى أنّهم إذا تحدثوا عن تعنيت أو عشتروت رأيتهم يذكرون هذه أو تلك مستعملين إسما إغريقيا يعتبرونه مناسبا. ففي النصوص الإغريقية لا تجد اسم تعنيت لأنّه يحجب ويعوّض بإسم( هيرا)أمّا في النصوص اللاتينية فقد تتوارى تعنيت خلف الإلهة( يونو) . ولم تكن تلك المعادلات من باب الإعتباط بل لها أصول وقواعد ليس المجال هنا للخوض فيها.



    الامبراطورية الرومانية شرّعت حق استقبال اللاجئين السياسيين. وهو بخاصة ملتقى حضارات الشرق الادنى. واورد عن المؤرخ فيلوستراتس وصفا جميلاً لمدينة قادش التي اسسها أبناء صور في نهاية الالف الثاني قبل الميلاد - نتباهى بمثله اليوم بعد اربعة آلاف سنة - قال( إن فيها معبداً للعصور القديمة إلى جانب معابد للفكر والفن، ومعبد مكرس للحكمة في جميع انحاء الارض، من دون عصبية او تمييز عرقي او ديني او لغوي)).
    وما دمت أتحدث عن قرطاجة، أشير إلى تجربة خاصة : كنّا في شهر أوت من سنة 1992 ضمن ملتقى دولي يعنى بالتاريخ القديم والآثار وقد إلتأم بالوطن القبلي في مدينة بونيقية قرطاجية تقع بين قليبية والهوارية وتسمّى كركوان. ولما كنت أشرف ميدانيا على هذا الملتقى، تولّيت كشف الغطاء عن قبر نقر في الصخر من المدرج إلى الغرفة الجنائزية مرورا بمعبر ضيق طويل، وعند دخول الغرفة الجنائزيّة تبيّن أنّ الضّريح يأوي رفات شخصين دفن أولهما كالجنين، وهي طريقة إقبار شائعة في الأوساط اللّوبية عيانها علماء الآثار في شمال إفريقيا منذ أقدم العصور القديمة. أمّا الآخر، فثبت أنّها امرأة وذلك على أساس الظّهرة الجنائزية ومنها مرءاتان من برونز، والجدير بالذكر أيضا أنّها أقبرت ترميدًا وجمعت عظامها المحروقة في تابوت من الحجر الجيري.
    ففي هذه الغرفة الجنائزية تواجد نوعان من طرق الإقبار : الدفن على هيأة الجنين والترميد، وإستنادا إلى معطيات مادية ثابتة أمكن إستخلاص النتائج التالية : يعود هذا القبر القرطاجي البونيقي إلى ما بين القرن الرابع والقرن الثالث ق.م. تأوي الغرفة الجنائزية رفات رجل أصوله إفريقية وقد يكون من أرومة محليّة. وإلى جانبه رفات زوجته المرمّدة.
    تواجد طريقتي إقبار مختلفتين في نفس الغرفة الجنائزية وهو ما يجعلنا نفترض أنّ الرجل الإفريقي تزوّج من امرأة أجنبية قد تكون إغريقية أو أتروسكية مع العلم أنّ الإغريق والأتروسكيين كانوا يرمّدون أمواتهم في غالب الأحيان. تمكّنت المرأة من الحفاظ على هويتها الدينية ولم ير أهلها حرجا من ترميدها وإقبار عظامها المحروقة في نفس الغرفة الجنائزية التي آوت رفات زوجها الإفريقي. كان الزوجان على مستوى من الحب والوئام جعلهما يتقاسمان بيت الحياة وغرفة المماة دون أن يفرّطا في الهوية الثقافية ولا في العقيدة والطقوس. فهو الحب والإعتراف بالخصوصية. إنّها روعة حضارية.

    هكذا كان المجتمع القرطاجي البونيقي متفتّحا لا يعرف التعصّب ولا يعمل على إقصاء الآخر بل يفتح ذراعيه استعدادا لمعانقته دون أن يتنافى ذلك مع المنافسة الشريفة والمزاحمة في كل ما يتعلق بشؤون المادّة من صناعة وتجارة وتوسيع مناطق النفوذ. وأيّا كان الأمر، فالقرطاجيون يعترفون بالآخر. ولمّا أشعّت الرّومنة بعد عنف الحروب وضراوتها، توفرت لروما وقرطاج ظروف سلم ووئام، تلك التي ترنّم بها الشاعر اللاتيني ورجليوس Virgile تمجيدا للإمبراطور أوجستوس Auguste ومآثره. على أن الأفريقيين، يعتبرون قصيدة أنّيوس Enée أهزوجة تراقص أفريقة وتعانقها وترفع ذكرها. لقد ترومن الأفريقيون، ولا أدلّ على ذلك من مشاهدة المواقع والمعالم وهي عديدة في مختلف أقطار المغرب الكبير. وفضلا عن المعالم والمواقع مثل دقّة Dougga وتاوسدرة Thysdrus وجميلة Cuicul بالجزائر وليلى Volubilis بالمغرب الأقصى وسبراطة ولبدى Lepcis بليبيا، لا بّد من ملاقاة الرجال وقراءة مآثرهم، سياسية كانت أو عسكرية، ولآخرين مآثر أدبية روحية أو فلسفية وفنية : فهذا أبوليوس المداورشي وذاك افرونتون الكرتي و آخر يدعى كلوديوس ألبينوس الهدرمي، فنحن مدينون لبول مونسو Paul Monceau بكتاب أفرده





    الحرب الصقلية الأولى



    كان هدف معظم المدن اليونانية هو نفسه هدف قرطاج، أي السيطرة على التجارة في البحر الأبيض المتوسط، ولهذا قامت بينهما عداوة دائمة. بدأ كلاهما باستعمار جزيرة صقلية منذ زمن، ولما رأت قرطاج أن جيلون، دكتاتور مدينة سيراقوسة، يحاول توحيد المدن اليونانية في صقلية، قررت محاربته في عام 480 قبل الميلاد. فأرسلت جيشاً كبيراً بقيادة هملقار، ولكن معظم الجيش غرق مع سفنه، فهزم في هيميرا قرب باليرمو، و بسبب الهزيمة انتحر هملقار وتحولت حكومة قرطاج من أرستقراطية إلى جمهورية.


    الحرب الصقلية الثانية


    بعد أقل من سبعين عاماً رجعت قرطاج إلى قوتها الأصلية، فأنشأت مدناً كثيرة في شمال تونس. وفي عام 409 ق م، انطلق حنبعل ماجو حفيد حملقار ليحارب ضد مدن صقلية اليونانية وفتح مدن سلينونتي وهيمبرا كلها، وخاصة المدينة الأقوى سيراقوسة، لكن الطاعون أصاب جيشه، فمات الكثير منهم و من ضمنهم حنبعل ماجو. استغل الوحارب الروم في عقر دارهم


    الحرب الصقلية الثالثة


    في عام 315 ق م احتلّ أغاثوقليس (دكتاتور سيراقوسة) مدينة ميسينا، ثم نقض اتفاق السلام بينه وبين قرطاج وهاجم الجزء القرطاجي لصقلية ومدينة اكراغاس أيضاً. على إثر هذا، أرسلت قرطاج حملقار حفيد حنى الطيار ليحاربهم، فكان نجاحه عظيماً، ففي عام 310 ق م كان يحكم تقريبا كل الجزيرة وكان جيشه يحاصر سيراقوسة نفسها. لكن أغاثوقليس ذهب سرا مع جيش قوامه 14000 جندياً ليهاجم قرطاج نفسها، فدعا مجلس قرطاج حملقار للعودة والدفاع عن المدينة. وفي النهاية، ربحت قرطاج جزءاً كبيراً من صقلية، لكن حتى بعد نصر حملقار على جيش أغاثوقليس لم يستطع فتح سيراقوسة.


    حروب بيروس الإبيري


    كان بيروس الإبيري ملكاً يونانياً في البانيا، فدعته المدن اليونانية في جنوب إيطاليا وصقلية ليحكمهم ويدافع عنهم، وخلال الفترة الواقعة بين 280 و 275 ق م، حارب عدويه اللدودين روما وقرطاج. في النهاية، خسر في حروبه، فعادت صقلية إلى ما كانت وحكمت روما كل جنوب إيطاليا، وهكذا اقتربت روما من قرطاج للمرة الأولى.

    الحرب البونيقية الأولى




    لما مات الدكتاتور أغاثوقليس عام 288 ق م، فقد الأجراء الإيطاليون في جيشه عملهم، فغضبوا وحكموا مدينة ميسينا وسموا أنفسهم "ماميرتين" يعني "تابعي اله الحرب" وشرعوا يهاجمون كل مدن صقلية. وبعدما أصبح هييرون الثاني دكتاتور سيراقوسة في عام246 ق م هاجمهم، فأرسل الماميرتين سفيراً إلى روما ليطلب معونتها، وسفيراً ثانياً إلى قرطاج. فأجابت قرطاج وبعثت جيشاً إلى مدينة ميسينا بينما ظل مجلس أعيان روما يناقش الموضوع . لكن بعد فترة وجيزة اتفق القرطاجيون مع سيراقوسة، فطلب الماميرتين معونة روما ليخرجوا جيش قرطاج. لم تقبل روما أن تتكون دولة قوية في ميسينا لأنها قريبة جداً من جنوب إيطاليا، فقررت أن تبعث جيشاً لمساندة الماميرتين، فبدأت الحرب البونيقية الأولى.

    لم يكن النصر حليف الجيش الروماني الأول، فأرسلت روما في عام 263 ق م جيشاً ثانياً، وبعد استحواذه على بعض المدن الصقلية، نقض هييرون الثاني اتفاقه مع قرطاج وحالف روما. رأت روما أن الحرب أصبحت فرصة لاحتلال صقلية كلها، ولذلك بدأت ببناء أسطولها البحري. لم يكن في روما أي سفينة في البداية، فصعب ذلك عليها، لكن أضيف إلى السفن سلاح جديد يُسمى الـ"كورفوس" (يعني الغراب) وهو خشبة طويلة تستعمل كجسر لدخول سفن الأعداء، وبه ربحوا في البحر. وفي 255 هاجموا قرطاج نفسها، وكادت قرطاج تستسلم، لكن استمرت الحرب بعد سماعهم شروط روما فتمكنوا من طرد الرومان من أفريقية، ثم حاربوهم في صقلية وبدؤوا الحرب الثانية ضد نوميديا في أفريقية؛ ولما صار النصر وشيكاً في صقلية، قرروا أن يرسلوا معظم سفنهم إلى نوميديا في عام 247 ق م، فلم يكن النصر حليف أحد في صقلية وقتاً طويلاً. لكن في النهاية بنت روما اسطولاً جديداً دمّر سفن قرطاج، فسلمت قرطاج كل صقلية إلى روما وانتهت الحرب البونيقية الأولى في عام 241 ق م.




    حرب الأجراء


    قدّم القرطاجيون مالاً كثيراً للرومان كجزء من اتفاقهم، فلم يبق لديهم مال لدفعه لأجرائهم، ففضب هؤلاء وبدؤوا حرباً ضد قرطاج بمعاونة نوميديا في عام 241 ق م. كان قائدا الأجراء ماثوس اللوبي وسبينديوس العبد الروماني، ويقال أنهما رجما كل من تحدث عن هدنة، ولهذا أيضاً تسمى "حرب اللا هدنة". وبعد سنوات، انتصر القائد القرطاجي العظيم حملقار برقة بتجنيد 10000 من مواطني قرطاج (وكان معظم الجيش القرطاجي قبل ذالك من الأجراء وليس من المواطنين). وبعد نصره أصبح حملقار برقة رئيس الدولة وانطلق ليستعمر اسبانيا.


    احتلال إسبانيا


    في عام 236 ق م هاجم حملقار برقة اسبانيا، وحارب هناك حتى موته في القتال في سنة 228. وبعده قاد جيشه عزربعل، وكان حملقار برقة قبل موته في 228 ق م قد فتح اسبانيا حتى نهر الايبرو واتفق مع روما ألا يعبر ذلك النهر. وبعده أصبح قائد الجيش حنبعل ولد حملقار برقة المشهور. كان حنبعل يكره الرومان وكان يظن أنه على قرطاج أن تحتل روما وإلا فستفشل كلياً. وفي عام 219 هاجم ساغونتوم، وهي مدينة مستقلة وراء نهر الايبرو، ونقض كذلك اتفاق عزربعل، فبدأ الحرب البونيقية الثانية.


    الحرب البونيقية الثانية


    بعد عبور الايبرو سار حنبعل وجيشه بسرعة، واجتازوا جبال الالب في 218 ق م. ولما وصلوا إلى إيطاليا دخل في جيشهم كثير من الأجراء والحلفاء من قبيلة الگول فاستطاع هزيمة الجيوش الرومانية في المنطقة بسهولة. ولما رأى الناس هذا سارع إلى محالفته الكثير من مدن إيطاليا ومنها سيراقوسة. في نفس الوقت كان ثمة جيش روماني يحارب في اسبانيا، فاقترب من روما حتى وصل إلى ميناء كابوا في 211 ق م، لكن بسبب موت أخيه عزربعل في عام 207 رجع إلى مدينة بروتيوم في جنوب إيطاليا. وأخيراً حالف الرومان الملك النوميدي ماسينيسا وأرسلوا جيشاً ليهاجم أفريقيا نفسها، ونجت روما بعد مدة وجيزة ودخلت اسبانيا كلها في اتفاق السلام، ومُنعت قرطاج من أي حرب - حتى ولو كانت دفاعاً عن نفسها - إلا بإذن روما.


    حرب ماسينيسا


    في عام 195 ق م، وبعد أن طرد الرومان حنبعل من قرطاج، أخذ ماسينيسا ملك نوميديا جزءاً كبيراً مما كان تحت ملك قرطاج في أفريقيا، من عنابة في الجزائر حتى لبدة الكبرى في ليببا، وهو يعلم أنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إلا بإذن حليفته روما. وفي عام 160 احتل المزيد من أراضي قرطاج، فبعثت قرطاج سفيراً إلى روما لتطلب إذنهم بالحرب، فأمرت روما عندها ماسينيسا أن يرد لقرطاج بعض المدن؛ لكن ذلك لم يكن كافياً في رأي قرطاج، ففي عام 151 ق م، حاربوا ماسينيسا وخسروا بسرعة. وكان فريق كبير في روما يريد تدمير قرطاج تدميراً تاماً - وأشهر هؤلاء كان مارقوس كاتون الذي زار قرطاج في عام 155 ق م وبعد زيارته كان يختتم كل خطاب له في المجلس بصرخة "Carthago delenda est" "علينا أن ندمر قرطاج" - فزعموا أن قرطاج نقضت الاتفاق وهجموا عليها.


    الحرب البونيقية الثالثة




    كانت الحرب البونيقية الثالثة أسرع من الحروب قبلها. أولًا حاصر جنود روما قرطاج مدة 3 سنوات، ثم نجحوا في دخولها ودمروها تدميراً شاملاً. ذبحوا معظم المدنيين وباعوا من تبقى كعبيد، وحرقوا المدينة ودمروا جدرانها، ويقال أنهم حرثوا الأرض بالملح لكي لا ينمو فيها أي نبات بعد ذلك ولا يسكنها أحد. وانتهت شهرة قرطاج وثبتت أقدام إمبراطورية روما.





    قرطاج الجديدة


    لم يبق شيء من قرطاج، لكن موقعها لم يزل من أفضل الأماكن حول البحر الابيض المتوسط لبناء مدينة. وبعد قرون، قرر يوليوس قيصر أن يبني هناك قرطاج جديدة ليسكنها الرومان. وأصبحت قرطاج الجديدة عاصمة أفريقية الرومانية. وفي عام 439 م، احتل غيسريك ملك قبيلة الفاندال الألمانية قرطاج، وحكمها الألمان حتى عودة الرومان البيزنطيين في 15 أكتوبر 533 بقيادة بيليساريوس. لكن في أواخر سنين الإمبراطورية الرومانية قل عدد سكان أفريقية الشمالية، وبعد فتح قرطاج في سنة 698 م أصبحت مدينة قريبة منها تسمى تونس أهم منها، وأخيرا أصبحت قرطاج أثراً غير مسكون، يبني بها سكان تونس بيوتهم.




    معركة قرطاج

    149 ق.ب. حرب حاسمة وقعت بين قرطاج الفينيقية في افريقيا (ضاحية في تونس العاصمة حالياً) و الجمهورية الرومانية أنهت الحرب البونيقية الثالثة وازالت بشكل نهائي التهديد الكرطاجي.

    بعد أن قام الرومان بكشف نواياهم الحقيقية بدأ العمل في قرطاجة بجد ونشاط زائدين في دعم الأسوار و إستحضار الأسلحة وإعداد الجيش الازم الذي أعتمد على الليبييين المجاورين في تكوينه.







    حول القرطاجيين المحال والمصانع و المعابد إلى مصانع لإنتاج الأسلحة و لوازم الحرب مما أثار إعجاب الرومان أنفسهم بفضل الجهد الكبير الذي بذلته قرطاجة في آخر لحظة و آثروا أن يموتوا محاربين على أن يستسلموا . بعد أسبوع من تقديم الإنذار الروماني زحفت الجيوش الرومانية تحت حماية فرسان ماسينيسا و صدمت أسوار قرطاجة في موجة الهجوم الأولى التي كانت الخطة العامة تعول عليها لفتح ثغرة في الأسوار، ولكن قرطاجة ردت الهجوم بكفاءة غير متوقعة وتراجع الرومان غير مصدقين ان مدينة توقع لهم على وثيقة إعدامها، تقاوم الإعدام نفسه بكل هذا العنف كان ذلك في عام 149 ق.م. وطول الثلاث السنوات التالية ظل الرومان يقذفون موجات الهجوم المستمر على أسوار قرطاجة ، وظلت قرطاجة ترد هذه الموجات بكفاءة عالية متزايدة و لكن الوقت كان قد فات.
    فقد بادرت روما إلى إرسال سكيبو الذي كان حلمه (أن يدمر قرطاجة حجر بعد حجر) ، وأعطته مايكفي من الرجال و السفن لتحقيق هذا الحلم . في أكتوبر من عام 146 ق .م أفتتح سكيبو هجومه بالتقدم إلى الميناء حيث كانت قرطاجة قد اعدت ثلاثين سفينة على عجل لكسر طوق الحصار و تزويد المدينة بالمؤن. و بعد مناوشة بحرية عابرة حطم سكيبو قوارب قرطاجة و تقدم إلى المرفأ حيث نصب أدوات الحصار وراء الأسوار، ودفع بقواته الخاصة لقيادة الهجوم تحت حماية وابل من قذائفه المشتعلة. وطول الستة الأيام التالية استمر القتال حول السور وفي الشوارع و على السطوح . و تمكن صدر بعل قائد فرق الخيالة من تنظيم المقاومة بين الجيش و الشعب و شن هجمات كاسحة في إتجاه الميناء في محاولة مستحيلة للخروج بالاطفال والنساء إلى البحر، وبعد أن أدركه اليأس وضع سيفه على الارض و انحنى أمام سكيبو طالبا لهم الرحمة. إذ ذاك تقول الروايات تقدمت زوجة صدر بعل و رمت بنفسها في النار مع طفليها لكي لا تحوجه إستعطاف الرومان المتغطرسين، وأندفعت قرطاجة تقاتل من جديد في آخر معركة و آخر يوم فيما أشرف سكيبيو من موقعه في البرج على على عمليات القوات الخاصة لإشعل النار في كل بيت .
    بعد سبعة عشر يوما أنطفات النار. وختم سكيبو تجربته الرهيبة مع قرطاجة بأشعار من إلياذة الشاعر اليوناني هوميروس ثم أمر بحرثها بالمحراث، وأمر أيضا برش أرضها بالملح لكي لاتعود حتى بمثابة مزرعة.

    حينها أصبحت قرطاجة من توابع الرومان إلى أن جاء الفتح العربي الإسلامي الذي حررها منهم وأنتهت مع دمار قرطاجة الإمبراطورية والسيادة البونيقيتين في غرب البحر الأبيض المتوسط.


    انتصرت اخيرا روما بعد ان اذلها حنبعل لمدة اكثر من خمسة عشر عاما مرابضا تحت اسوارها مانعا عنهم القوت والمؤن ولولا انه انسحب الي اسبانيا لكان حولها الى رماد لكنه القدر لتدور الايام وتذيق روما قرطاج من نفس الكأس ولكن بعنف وقسوة




    الموضوع ذات صلة بـ منتديات عالم الرومانسية: http://forum.roro44.com/466863.html#ixzz2HGa3VYvM

  • #2
    روعة روعة يا ابن تونس تونسي ولد بلادك

    تعليق

    يعمل...
    X