إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علم الباراسيكولوجي من منظور شرعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم الباراسيكولوجي من منظور شرعي



    علم الباراسيكولوجي
    من منظور شرعي


    الباراسيكولوجي علم حديث النشأة، وله في الغرب أساتذة مختصون وباحثون متفرغون ومكتبات ومجلات... وقد رأيت أن أعرّف بهذا العلم وبقضاياه ومناهجه ونتائجه لما لمستة من اعتراض بعض الاخوة الزملاء على بعض مواضيعة بحجة مخالفتها لديننا الاسلامى .

    لذلك قررت البحث عن جذور هذا العلم في التراث العربي الإسلامي.. وجعلت هذا كله تمهيدا لبيان حكم الباراسيكولوجي في الميزان الشرعي حيث إن الباراسيكولوجي علم قائم بذاتة، وعمره اليوم يقرب من قرن من الزمان ولم أجد أحدا تصدى لبيان حكم الشرع فيه وفي تعلمه واستخدامه، وإن كان بعض العلماء تعرضوا لبعض ظواهرة ، خصوصا منها ما يعرف باستحضار الأرواح، لكنه اخذ بعض جوانبة فقط ، كما أظن أنه ليس لهذا العلم – في العالم العربي- أساتذة ولا معاهد أسوة بالعلوم الإنسانية الأخرى كعلم النفس مثلا ، وان بعض الطلبة العرب والمسلمين يدرس علم الباراسيكولوجي في أوربا وأمريكا، وهؤلاء يحتاجون إلى معرفة حكم مشروعية هذا العلم في الإسلام.

    لهذا كله وجب أن ندرس حقيقة هذا العلم، وما إذا كان على المسلمين إهماله بالكلية أو الاعتناء به أو ببعضه.

    الاخوةة الاعزاء

    سبق ان عرفنا الباراسيكولوجي بانة هو علم دراسة الظواهر غير العادية التي لا يفسرها العلم التقليدي، والتي يمكن أن تكـون ناتجة عن قدرات إنسانية مجهولة، أو من عمـل مخلـوقات أخرى ( الجن مثلا او الشياطين ) !!! . وبعض العلماء يحذف من هذا التعريف الجملة الأخيرة ، ويمكن أن نذكر تعريفا آخر أدق وأكثر إحاطة ، فنقول: الباراسيكولوجي هو دراسة ظواهر ما وراء علم النفس من الأمور الخفية والتي لايفسرها العلم العادي.

    وأذكر من هذه الظواهر غير العادية والتى تناولناها بالشرح الوافى فى مشاركات سابقة :

    -التخاطر عن بعد، أو التليباثي. وهو عبارة عن تفاهم ذهني بين شخصين بغير طريق الكلام أو الإشارة أو نحو ذلك...

    -التنبؤ بالمستقبل، والعرافة. أي الإخبار عن أحداث جزئية قادمة، ثم تقع بالفعل.

    -الجلاء البصري، أي رؤية الأشياء التي تقع بعيدا عنا، والتي لا يمكن للإنسان العادي أن يراها.

    -الاستشفاف، أو قراءة أفكار الغير وما يدور بذهنه، وكذا سماع الأصوات البعيدة.

    -التأثير في الأشياء بمجرد النظر إليها أو لمسها. -ارتفاع أشياء ثقيلة في الهواء، دون رافع مادي لها. ودوران الطاولات حول نفسها.

    -أعمال السحر ومختلف أفعال السحرة.

    -الشفاء من المرض، دون سبب طبي ظاهر.

    -"الأشباح "، والمنازل المسكونة، والأصوات التي ليس لها مصدر معلوم.

    -بروز أضواء مجهولة المصدر. الباراسيكولوجي تدرس ايضا الظواهر التي أهملها علم النفس الحديث.

    ويرى بعض المختصين أنه لابد في النهاية من توحيد هذين العلمين (علم النفس والباراسيكواوجى ) في علم واحد. ولكن المشكلة أن هذا الدمج يحتاج إلى رؤية وعلم وخبرة مازالت في حكم المفقودة . بل لا تزال حقيقة علم النفس نفسه غير واضحة ، وفي هذا يقول المختصون : " مادام علم النفس لم يصبح بعد علما واضح المعالم والحدود والأبعاد، فإن تعريفه وبالتالي تعريف الظواهر التي يتناولها مازال أمرا عسيرا للغاية".
    لقد اهتم علم النفس بالقدرات العقلية للإنسان، خاصة منها الذكاء، ووضع حولها نظريات كثيرة. لكن هذه القدرات عادية لا غرابة فيها، وذلك كالتعبير اللغوي والاستنباط والتذكر... ومما لاشك فية أن الذكاء بمعانيه المتعددة ودرجاته المتفاوتة يؤلف أعقد الظواهر التي يدرسها علم النفس وأشدها تشابكا .

    أن الذكاء – مثلا - كقدرة بشرية كثيرة الوجود، ولذلك فهي عادية، بخلاف ظواهر الباراسيكولوجيا فهي نادرة أو قليلة الوجود. لهذا يقدم علماء الباراسيكولوجيا علمهم هذا على أنه : علم نفس اللاشعور، وغايته أن يكتشف في النفس الإنسانية وظائف لاشعورية جديدة .

    يتبع

    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-03-30, 01:25 PM.

  • #2



    كما تتقاطع الباراسيكولوجيا مع حقل معرفي آخر هو الروحانية ، وذلك بسبب اهتمامهما المشترك بالظواهر الغريبة. لكن الباراسيكولوجيا علم منضبط يعتمد على الملاحظة والمقارنة والشهادات الموثقة والتجارب... بخلاف الروحانية التي هي مزيج من النظرات والتأملات الفلسفية والدينية والسحر ...

    صعب تحديد بداية لهذا العلم، فكثير من قضاياه سبق للأديان والفلسفات القديمة أن أشارت إليه أو قالت عنه كلاما أو رأيا ما. والمؤرخون الغربيون يذكرون عادة " مِسْمِر" باعتباره أحد أوائل الذين اهتموا بصفة خاصة بظواهر الباراسيكولوجيا، خصوصا تلك التي كانت معروفة باسم " المغناطيسية الحيوانية " ، وقد تعـددت الأسمـاء وكثـرت البحـوث في النصف الثـاني من القـرن التاسع عشر، وكـذا في بـداية القرن العشـرين. وأهـم علماء هـذه الفتـرة هو "كروكس" الذي يعتبر المؤسس الفعلي للباراسيكولوجيا الحديثة، حوالي سنة 1872 ثم ترسخ هذا العلم وشق طريقه وظهرت ملامحه، واكتسب الصفة العلمية، بداية من سنة 1930، وذلك بفضل العالم " رين" وتلامذته الكثيرين، وأشهرهم أنجلوساكسونيون.

    بعد ذلك ظهرت جمعيات مختصة في الباراسيكولوجيا، وتأسست مراكز بحوث خاصة به، وأصبح له في بعض الجامعات أقسام مستقلة، ومجلات وكتابات.. بمعنى آخر أصبحت الباراسيكولوجيا علما قائما بذاته، ومعترفا به في الوسط الأكاديمي العالمي.
    وقد استفادت الباراسيكولوجيا من الدراسات التي أجريت على ظواهر: التنويم المغناطيسي، والمغناطيسية الحيوانية، و ما يعرف بـ"استحضار الأرواح"، واللاشعور في مدرسة التحليل النفسي، وفن اكتشاف ينابيع المياه ( القنقنة ).

    ان الباراسيكولوجي هو أحد العلوم التى تعبر عن رؤية ميتافيزيقية، وجعلت كثيرا من العلماء يسلمون بوجود ظواهر كانت إلى حد قريب تعتبر خارج نطاق العلوم. وتهدف الباراسيكولوجيا إلى أن تكون علما يقوم على الملاحظة والتجربة والمقارنة وتسجيل الأحداث. ولذلك تبدأ بملاحظة الوقائع وسبرها، فتصل بذلك إلى حصر الأحداث غير العادية
    ، بينما تدع الأخرى متى تبين إمكان تفسيرها بقواعد العلم الكلاسيكي.
    وفي هذا الإطار أيضا تكشف الحوادث المكذوبة أو القائمة على التدليس.ثم يحاول علماء الباراسيكولوجيا- ما أمكن- إعادة بعض هذه الوقائع في مختبرات خاصة، تتوفر فيها مختلف أجهزة القياس والمتابعة والمراقبة، ويكون الحضور في العادة مختلطا يضم علماء من اختصاصات أخرى .

    ولا يخفى أن إعادة إنتاج الظواهر الغريبة أمر لا يتحقق بسهولة لكن العلماء نجحوا في بعض ذلك. وهذه الدراسة التي يقوم بها المختصون في الباراسيكولوجيا تكون على مستويين: الأول : كمي، حيث تجري التجارب بالآلاف ويعتمد في تصنيفها ودرس نتائجها على علم الإحصاء. الثاني: نوعي، يخص بعض الأشخاص الموهوبين الذين يظهر أنهم يتمتعون بملكات غير عادية. يكفينا هذا القدر في التعريف بهذا العلم الحديث، ويمكنكم الاطلاع على تفاصيل اكثر بالعودة الى مواضيع سابقة بالقسم .

    قضايا الباراسيكولوجيا في التراث الإسلامي

    ليس في تراثنا علم خاص اسمه الباراسيكولوجيا، ولا علم آخر مقابل له يستخدم المناهج نفسها والأساليب ذاتها التي تسير عليها الباراسيكولوجيا.. فهذا علم حديث . لكن المسلمين عرفوا أكثر ظواهر الباراسيكولوجيا، بل عرفوا أشياء أخرى لا توجد عند المعاصرين. ثم كانت لعلمائنا آراء ودراسات ونظريات في هذا المجال... ولذلك كانوا واعين بأن هذه الظواهر يمكن أن تشكل علما مستقلا، بل علوما متعددة. وفي هذا الإطار اعتبر بعض المصنفين في أقسام العلوم أن من فروع العلم الطبيعي: الفراسة، وتفسير الرؤيا، وأحكام النجوم، والسحر والطلسمات والسيمياء والكيمياء.. وهذا التقسيم هو الذي اختاره حاجي خليفة الذي جعل من فروع السحر أيضا: الكهانة والعزائم والاستحضار والشعبذة والاستعانة بخواص الأعشاب والادوية...

    وعرّفوا علم السيمياء بأنه الذي يُحدث مثالات خيالية لا وجود لها في الحس الواقعى ، ولذلك يطلق هذا الاسم على غير الحقيقي من السحر.

    وفيما يلي تعريف ببعض الظواهر الغريبة وبحقيقتها عند العلماء المسلمين، وهو ما سيساعدنا لاحقا في استنباط الحكم الفقهي للباراسيكولوجي الحديثة.

    يتبع

    تعليق


    • #3


      الكهانة والعرافة :

      كانت الكهانة من أهم الأسباب التي ركزت الشرك قديما، لأن نجاحها في الإخبار ببعض المغيبات أقنع الناس بصحتها وصحة استشارة الآلهة، وهي الاستشارة التي كان يقوم الكهنة بالتوسط فيها بين البشر والآلهة . وتعريف الكهانة هو " المراد منه مناسبة الأرواح البشرية مع الجن والشياطين، والاستعانة بهم للاخبار عن الأحوال الحادثة فـي الكون ، الخاصة بالمستقبل".

      اما الكاهن فهو الذي يدعي مطالعة الغيب، ويخبر الناس عن المستقبل او من يدعي معرفة الغيب بأسباب، وهي مختلفة، فلذا كانت الكهانة أنواعا مختلفة... بما فيها من يدعي ان له صاحبا من الجن" ، ويكون الكاهن في أثناء تكهنه في غيبوبة أو شبه غيبوبة في الغالب، ذلك لأنه متصل في هذه الأثناء بعالم مجهد صعب لا يتحمله كل إنسان... واتصال الروح بجسم الكاهن شيء جد عسير، يتصبب العرق منه، خاصة إذا كان المتكلم الكاهنَ نفسه. ويكون التكهن في الغالب في مكان هادئ تكتنفه ظلمة أو عتمة.

      والعراف مثله، لكنه اختص أكثر بمن يخبر عن الأحوال الماضية.
      والجدير بالذكر أن علماءنا أدركوا ببصرهم النافذ أن الكهانة نوعان:
      نوع يتم بوساطة من الجن، ونوع بدونها.
      حيث كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رؤيا من الجن تلقي إليه الأخبار. ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه". وهذا الفهم عبارة عن مقدرة ذاتية، فهي نوع من االتخمين، وهذا هبة من الله تعالى لبعض الناس . ولذلك اعتبر الرازي وابن خلدون أن القسم الثاني – من الكهانة- يكون من خواص بعض النفوس وليس بمكتسب. ويدل الحديث النبوي على وجود اتصال مادي للكاهن بالجن ، أي اتصال محسوس، ليس هو من باب الوسوسة أو الحديث النفسي. فقد قال الرسول الكريم للاشخاص الذين سألوه عن الكهان: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها في أذن وليّه كقرقرة الدجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة . قال ابن تيمية عن المعتزلة : إنهم " أنكروا كرامات الصالحين، وأنكروا أن يكون السحر والكهانة من جنس الشعبذة والحيل، لم يعلموا أن الشياطين تعين على ذلك... فصار كثير من الناس لا يعلمون مايفعلة للسحرة والكهان، وما يفعله الشياطين من العجائب...

      وقد حاول العلامة ابن عاشور شرح كيفية هذا الاتصال بين الكاهن أو العراف وبين الجني فقال: " بعض ظواهر الأخبار من السنة تخبرنا أن صنفا من الجن له اتصال بنفوس ذات استعداد خاص لمعرفة الوقائع قبل وقوعها، فتسبق بعض النفوس بمعرفتها . وهذه النفوس هي نفوس الكهان وأهل الشعوذة... ثم ان هذه الايحاءات التي تخلص إلى عقول هذه النفوس المستعدة لها تستقبلها مقطعة ومجملة فيستعين أصحاب تلك النفوس على تأليفها وتأويلها بما في طباعهم من ذكاء وزكاء، ويخبرون بنتيجة ما استخلصوه من بين ما تلقفوه وما ألفوه وما أولوه. وهم في مصادفة بعض الصدق متفاوتون..."

      نموذج ابن صياد :

      ويبدو أن ابن صياد من هؤلاء الكهنة والعرافين الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم. وهو من بني النجار من أهل المدينة، أو من حلفائهم من اليهود. وقد جرت له قصة مع الرسول الكريم رواها الحفاظ، إذ سأله مرة عن ماذا يرى، فقال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب. فقال له صلى الله عليه وسلم : خُلط عليك الأمر. ثم خبأ له النبي شيئا- في نفسه وهي آية الدخان، ثم سأله عنه ليختبره. فأجاب ابن صياد: هو الدخ. فقال له: اخسأ فلن تعدو قدرك. أي أن ابن صياد أجاب بجواب صحيح، لكنه ناقص. ولذلك اعتبره العلماء من الكهان

      يتبع

      تعليق


      • #4


        ملكة التنبؤ في التراث الإسلامي :

        يوجد توافق كبير بين آراء بعض العلماء المسلمين ونتائج الباراسيكولوجيا المعاصرة حول هذا الموضوع. وقد سبق أن رأينا أن علماءنا يقسمون الكهانة إلى نوعين: كهانة بوسيط، وأخرى ذاتية بلا وسيط. ومن الذين تعرضوا لهذا الموضوع وقالوا بأن لبعض الناس قدرة خاصة على إدراك بعض المغيبات: المسعودي، وابن سينا، وابن القيم، وابن خلدون... وكثيرون سواهم. وعدّ حاجي خليفة – ومن سبقه كصاحب مفتاح السعادة – العرافة علما يكتسبه أصحابه "بالتجارب أو بالحالة المودعة في نفوسهم".

        وقال ابن خلدون: "إنا نجد في النوع الإنساني أشخاصا يخبرون بالاحداث قبل وقوعها بطبيعة فيهم يتميز بها صنفهم عن سائر الناس، ولا يرجعون في ذلك إلى صناعة ولا يستدلون عليه بأثر من النجوم ولا غيرها، إنما نجد مداركهم في ذلك بمقتضى فطرتهم التي فطروا عليها، مثل العرافين والناظرين في الأجسام الشفافة (الكرة الزجاجية )... وأهل الزجر.. والطرق.. وهذه كلها موجودة في عالم الإنسان لا يسع أحد جحدها ولا إنكارها.."

        الهاتف :
        الهاتف صوت تسمعه ولا ترى قائله، فهو مجهول المصدر، ولذلك يعتبر اليوم من ظواهر الباراسيكولوجيا وألغازها. وقد كان الهاتف كثيرا في الجاهلية، ولذلك كان العرب يؤمنون به ويتعجبون ممن ينكره

        المحدَّثون:
        وهذه حالة أخرى نادرة الوجود، ولكنها موجودة. وأشهر أصحابها في تاريخنا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر ، وقيل: هم الذين تكلمهم الملائكة. وقيل : بل هو من باب الفراسة والتوسم، لبعض الناس فيه قوة خاصة.... ولاشك أن هذه الحالة شيء فوق علم النظر وزائد عليه.

        قال ابن العربي: " طريق ذلك أن الله يخلق في القلب الصافي – أو بواسطة إلقاء الملائكة إليه – الكلمةَ، كما يلقي الشيطان إلى الكاهن. وقد تنتهي الحال إلى أن يسمع الصوت.

        التخاطر عن بعد:
        ومما يتعلق بموضوع المحدَّثين مسألة التخاطر عن بعد، وإن كان بينهما نوع اختلاف يحتاج إلى دراسـة. وهذه الظـاهرة معـروفة في الباراسيكـولوجي باسم التليباثي، وأبـرز نمـاذجها في تراثنا الإسـلامي هو نـداء عمر لسارية. وملخص القصة أنه بينما كان الخليفة عمر يخطب فوق المنبر بالمدينة، إذا به يقطع خطبته وينادي: ياسارية ! الجبل الجبل ! مكررا ذلك ثلاث مرات.
        قال عمر حين سئل عن ذلك: والله ما ملكت ذلك، رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم، فلم أملك أن قلت : يا سارية الجبل، ليلحقوا بالجبل. وبعد مدة جاء رسول القائد المسلم سارية الذي كان يحارب الفرس بنهاوند وحدث أنهم في تلك الجمعة نفسها انهزموا أمام عدوهم. ثم سمعوا نداء عمر فأسندوا ظهورهم إلى الجبل، وكان ذلك سببا لانتصارهم على الفرس.فهذه تجربة حقيقية من تجارب الباراسيكولوجي، كأن صوت الفاروق عمر اخترق مئات الكيلومترات لينتقل من المدينة بالحجاز إلى نهاوند بفارس. ويبقى الإشكال في تعليل هذه التجربة، وفيه رأي لابن تيمية أذكره، قال: ".. وعمر رضي الله عنه لما نادى ياسارية الجبل ! قال: إن لله جنودا يبلغون صوتي. وجنود الله هم من الملائكة ومن صالحي الجن. فجنود الله بلغوا صوت عمر إلى سارية، اوأنهم نادوه بمثل صوت عمر


        يتبع
        التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-03-30, 04:11 PM.

        تعليق


        • #5

          ابن القيم ...
          رائدا للباراسيكولوجي
          :


          ويمكن أن نعتبر ابن القيم رحمه الله من أبرز العلماء الذين اعتنوا بظواهر الباراسيكولوجيا في تاريخنا الإسلامي، فكتبوا عنها وحللوها ودرسوها .والحقيقة أن أكثر كلام ابن القيم هو في عالم الغيب، لكن بالنظر إلى سعة آثاره ومؤلفاته تبقى جملة وافرة من دراساته تندرج تحت مسمى الباراسيكولوجي .

          وأرى أنه من الأهمية بمكان أن نفرق بين عالم الغيب وعالم الباراسيكولوجي الذي يتناول ظواهر تقع الآن في دنيا الوافع وإن كان لبعضها علاقة بالغيبيات، أي أن هذه الظواهر تنتمي أساسا إلى عالم الشهادة.لهذا الذي يهمنا هنا ليس هو مسألة أرواح الموتى، فهذه من الغيب الذي يرجع فيه إلى النص الشرعي، بل أرواح الأحياء والذي يكون من ثماره أحيانا ما يسمى بالتليباثي، بل حتى قضية التقاء أرواح الأحياء بالموتى يمكن إدراجه في حقل الباراسيكولوجي .وقد رأينا أن لكثير من الظواهر الغريبة صلة بالروح وعالمها الخفي.
          وابن القيم من أفضل من درس موضوع الروح في التراث الإسلامي، فالروح عنده " جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد ..."
          واستدل ابن القيم – في بحثه القيم – على تجسد الروح بوجوه كثيرة بلغت مائة وست عشرة ، إضافة إلى ردود واسعة على مذاهب الخصوم...

          وأبطل القول بأن " الروح عبارة عن عرض من أعراض البدن، أو جوهر مجرد ليس بجسم ولا حال فيه".
          وذكر تنبيها حسنا في مسألة المصطلح، قال: "إن مسمى الجسم في اصطلاح المتفلسفة والمتكلمين أعم من مسماه في لغة العرب وعرف أهل العرف، فإن الفلاسفة يطلقون الجسم على مقابل الأبعاد الثلاثة خفيفا كان أو ثقيلا، مرئيا كان أو غير مرئي، فيسمون الهواء جسما والنار جسما.. ولا يعرف في لغة العرب تسمية شيء من ذلك البتة..

          ( فعندهم) الجسم الجسد.. ونحن إذا سمينا النفس جسما فإنما هو باصطلاحهم وعرف خطابهم، وإلا فليست جسما باعتبار وضع اللغة. ومقصودنا بكونها جسما إثبات الصفات والأفعال والأحكام التي دل عليها الشرع والعقل والحس من الحركة والانتقال والصعود والنزول ومباشرة النعيم والعذاب واللذة والألم وكونها تحبس وترسل وتقبض وتدخل وتخرج. فلذلك أطلقنا عليها اسم الجسم تحقيقا لهذه المعاني، وإن لم يطلق عليها أهل اللغة اسم الجسم.

          قال أيضا: " ولا يجب اشتراك الأجسام في جميع الكيفيات والصفات..فللنفس من الكيفيات المختصة بها ما لا يشاركها فيها البدن." وفي هذا جواب على الاعتراض المفترض بأن علم التشريح اليوم لم يجد بجسد الإنسان عضوا يكون هو الروح.كما صحح ابن القيم أن الروح تأخذ من بدنها صورة تنطبع بها وتتميز بها عن غيرها، ومما قال في هذه المسألة: " أخبرك بأمر إذا تأملت أحوال النفس والأبدان شاهدته عيانا: قل أن ترى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إلا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه."

          قال أيضا: " ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرنا من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف، والكبر والصغر."
          وينبهنا ابن القيم إلى أمر هام يسلم به اليوم علم الباراسيكولوجي: " عالم الأرواح عالم آخر أعظم من عالم الأبدان، وأحكامه وآثاره أعجب من آثار الأبدان، بل كل ما في العالم من الآثار الإنسانية فإنما هي من تأثير النفوس بواسطة البدن، فالنفوس والأبدان يتعاونان على التأثير تعاون المشتركين في الفعل، وتنفرد النفس بآثار لا يشاركها فيها البدن، ولا يكون للبدن تأثير لا تشاركه فيه النفس. "
          وقد تكلم ابن القيم مطولا في إثبات تلاقي أرواح الأحياء بأرواح الأموات، وهي مسألة الرؤيا، إلى حد كبير .

          وذكر- مما له علاقة بالنوم - أمرا عجيبا استدل له بشواهد كثيرة، وهو أن " روح النائم يحصل لها في المنام آثار فتصبح يراها على البدن عيانا، وهي من تأثير الروح في الروح " .

          وفي باب التخاطر يقول رحمه الله: " ومن العجب أن أرواح المومنين المتحابين المتعارفين تتلاقى وبينها أعظم مسافة وأبعدها ، فتتألم وتتعارف فيعرف بعضها بعضا، كأنه جليسه ، فإذا رآه طابق ذلك ما كان عرفته روحه قبل رؤيته ."

          ويتحدث ابن القيم أيضا عن الإلهام والأحوال الخارقة، فيفرق بين إلهام الملائكة وإلقاء الشياطين ، وايضا الفرق بين الحال الإيماني والحال الشيطاني.ومن المعروف أن بعض الظواهر الغريبة تتعب أصحابها جدا، بحيث يحصل لهم إعياء جسدي عظيم، وابن القيم يعرف هذا جيدا:"وكيف يستنكر من يعرف الله سبحانه ويقر بقدرته أن يحدث حوادث يصرف عنها أبصار بعض خلقه، حكمة منه ورحمة بهم، لأنهم لا يطيقون رؤيتها وسماعها."

          وكذلك يشير ابن القيم إلى فكرة الاستعداد الذاتي لتقبل بعض الظواهر الغريبة، وإلى تفاوت النفوس في ذلك، فيقول في السحر: " وبالجملة فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة التي يكون ميلها إلى السفليات ، والمسحور هو الذي يعين على نفسه، فإنا نجد قلبه متعلقا بشيء، كثير الالتفات إليه، فيتسلط على قلبه وهذا صحيح بحسب العلم المعاصر الذي يثبت علاقة جدلية من تبادل التأثير والتأثر بين النفس والجسم.

          وتعرض ابن القيم أيضا لموضوع الفراسة، وهو– في الواقع – ليس من موضوعات الباراسيكولوجي بل هو أقرب إلى علم النفس، لصلته بالذكاء البشري والقدرات الذهنية. لكن من الإدراك البشري نوع لا علاقة له بالعقل، لعله المقصود في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله.
          لذلك يعتبر ابن القيم بأن الفراسة " نور يقذفه الله في القلب، فيخطر له الشيء فيكون كما خطر له، وينفذ إلى العين فترى ما لا يراه غيرها " .وأوسع موضع درس فيه ابن القيم مسألة الفراسة هو كتابه المسمى الطرق الحكمية ، والذي ابتدأه ببحث جواز القضاء بالفراسة، لكن عامة الأخبار والحكايات التي ذكرها هي من باب القرائن والأمارات، قد تكون جد خفية.

          ولابن القيم كذلك اعتناء بظواهر التأثير عن بعد (ظواهر PK في الاصطلاح الباراسيكولوجي)، وأبرز مثال لذلك هو الإصابة بالعين. وقد شرحه ابن القيم وبين منشأه، قال: " تأثيرات النفوس بعضها في بعض أمر لا ينكره ذو حس سليم ولا عقل مستقيم، ولا سيما عند تجردها عن العلائق البدنية، فإن قواها تتضاعف وتتزايد بحسب ذلك... فإن تأثيرها في العالم يقوى جدا تأثيرا يعجز عنه البدن. وأعراضه أن تنظر إلى حجر عظيم فتشقه أو حيوان كبير فتقتلة أو إلى نعمة فتزيلها، وهذا أمر قد شاهدته الأمم على اختلاف أجناسها وأديانها، وهو الذي سمي إصابة العين، فيضيفون الأثر إلى العين ، وإنما هو للنفس المتكيفة بكيفية رديئة وخبيثة . وقد تكون بواسطة نظر العين ، وقد لا تكون، بل يوصف له الشيء من بعيد فتتكيف عليه نفسه بتلك الكيفية فتفسده، وهذه وأضعافها آثار خارجة عن تأثير البدن وأعراضه، فإن البدن لا يؤثر إلا فيما لاقاه وماسه تأثيرا مخصوصا. ولم تزل الأمم تشهد تأثير الهمم الفعالة في العالم، وتستعين بها، وتحذر أثرها.." .

          وبعد إثبات العين ومحاولة تعليلها أورد ابن القيم أنواعا من العلاج بالأ ذ كار والرقي وغيرها ... وذلك في كتابه: زاد المعاد .هذه إشارات سريعة لنظرة بعض علمائنا في ظواهر الباراسيكولوجي، والغرض منها تنبيه الاخوة الزملاء والباحثين إلى هذا الحقل الفريد في تراثنا الإسلامي العتيد، لعل الهمم تنهض إلى تخصيصه بدراسات واسعة و علمية.

          يتبع

          تعليق


          • #6


            جهود ابن خلدون في الباراسيكولوجي :

            لقد اعتنى ابن خلدون – خصوصا في أوائل مقدمتة وآواخرها – بالظواهر الغريبة في الوجود أو التي لها علاقة بالغيب وشؤونه، فقدم لها وشرحها، ثم حاول تعليلها...
            فهو لذلك رائد من رواد الباراسيكولوجيا، يستحق أن يذكر في تاريخها وضمن علمائها و مفكريها.
            ولو أنك قارنت بين المقدمة وأي كتاب معتمد في هذا الفن.. لوجدت أن أكثر الظواهر الغريبة التي تحدث عنها ابن خلدون توجد اليوم ضمن القضايا أو الإشكالات الأساسية للباراسيكولوجي المعاصرة، مع اختلاف – بالطبع- في أسلوب المعالجة ومناهجها.

            ومن المعروف أن ابن خلدون خصص في مقدمته حيزا كبيرا لقضايا نظريات المعرفة والأسس المنهجية لمختلف أنواع العلوم، فدرسها وميز صحيحها من سقيمها ... وكان من ضمن ذلك فنون ذات صلة بحقل الباراسيكولوجى، من أهمها
            الكهانة والعرافة والكيمياء والسحر والتصوف والرؤيا

            يقول الأستاذ الجابري في ذلك: " لقد كان عصر ابن خلدون يعج بأنواع من المعارف والعلوم المتداخلة المتنافرة، منها ما ينتسب للعقل، ومنها ما ينتسب إلى الدين، ومنها ما ينتسب لقدرة خارقة للعادة تتحدى العقل وتتجاوز
            النقل، معارف غير منظمة ولا مبوبة في إطار معرفي عام.

            وتأتي محاولة صاحب المقدمة لتعمل على تنظيم هذه المعارف والعلوم وتوضيح العلاقات بينها وبيان الصحيح من الزائف فيها، وذلك من خلال نقد منهجي لمبادئها وأسسها المنطقية وحصيلتها الموضوعية. "

            لقد فسّر ابن خلدون ظاهرة الكهانة، " فالكهانة من خواص النفس الإنسانية التي لها استعداد للانسلاخ من البشرية إلى الروحانية التي فوقها، من غير اكتساب ولا تسبب، لكن إدراكها يكون في الجزئيات أكثر من الكليات، ولذلك تكون المخيلة في الكهان في غاية القوة، لأنها آلة الجزئيات.. "

            ثم درس الرؤيا والأحلام المنامية. وكانت له عناية خاصة بقضية الإخبار عن المستقبل، من غير طريق التجربة أو النظر العقلي، أي بأساليب غيبية... وغير ذلك كثير ، ثم وضع لتعليل هذه الظواهر نظرية في تدرج عوالم المخلوقات واتصال بعضها ببعض، وكيف يمكن أن يسـتحيل بعضها إلى ما فوقها أو ما دونـها.. وربط هذا بأنواع قوى الإدراك الإنساني من الحس والحس المشترك والخيال والوهم والقوة الحافظة وقوة الفكر.

            كما قسم النفوس إلى ثلاثة أصناف، بحسب استعدادها للعالم الأعلى... ذلك " أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص، وهي أصناف، كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع لا توجد في الصنف الآخر، وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها..."

            واهتم ابن خلدون أيضا بالتجربة الصوفية، لكنه رأى أنها ذوقية لا يمكن تبليغها للآخر باللغة المعتادة، ولذلك كانت المعرفة الصوفية قاصرة على أهلها. وأبعد المدارك عن جنس الفنون والعلوم هي مدارك الصوفية، " لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل، والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها" .

            وحين تعرض ابن خلدون لحالة الغيبوبة
            Transe ، وبيَّن كيف يستعمل الوسطاء أشياء معينة كالمرايا والبلورات.. تعينهم على التلبس بحالة المس هذه... كان دقيقا جدا حيث نبّه على أن تلك الأشياء ليست مقصودة لذاتها، بل لتجميع القدرة وتركيزها.
            وهذا تعليل صحيح في رأي الباراسيكولوجي. ويمكن أن أقول في المقارنة بين الرجلين – ابن القيم وابن خلدون - : إن الأول أكثر تتبعا وملاحظة وتسجيلا للظواهر الغريبة، بينما جهد الثاني أعمق في التنظير والتعليل

            يتبع
            التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-03-30, 05:17 PM.

            تعليق


            • #7


              الاخوة الاعزاء
              أنا إنسان عادى لست متخصصاً في علوم الدين، ولكن وجهة نظري -باعتباري مسلماً ومر علي الكثيرون ممن يتكلمون بأسم الدين او بأسم الاسلام ويحتكرون لانفسهم الدين والكلام بأسمة وينكرون علينا ايماننا ، وعلى العكس من ذلك تماما فأنا ارى انهم هم من يضلون الناس بأسم الاسلام وبأسم الدين.
              وفي سعيي لمعرفة الحق ومحاولة مني لاظهار حقيقة الباراسيكولوجى وعدم خروجة عن الشرعية الدينية لان مانكتبة او ننقلة يراجع مرات ومرات قبل عرضة للاخوة الزملاء وتراجعة الادارة باستمرار ، ومع اني لست متخصص دينيا ولثقتي التامة ان الدين الاسلامي في جوهره انقى واعلى مما مايحاولون ايصاله للزملاء لقمع وقهر كل من يقف ضد رايهم متمسحين بالدين ومتخفون تحت عباءة الايمان ، رأيت ان افل رد عليهم هو هذا البحث متتبعا فية راى علماء الدين والفقهاء حتى لا يعترض عليه احد.

              أدرك الزملاء من هذة المشاركة ومشاركات سابقة بعض معالم هذا العلم ، وعرفوا بعض قضاياه في تراثنا الإسلامي ... ولقد علمنا أن الباراسيكولوجي تتناول ظواهر من عمل الإنسان، وأخرى من عمل مخلوقات اخرى يسميها أهل هذا العلم بالأرواح، والغالب أنها أو بعضها- عندنا معشر المسلمين- من الجن. لهذا سأبدأ بدراسة حكم التعامل والاتصال بعالم الجن

              إن اتصال الإنسان بهذا العالم الخاص ممكن وواقع، وهي علاقة يسميها القرآن الكريم بالاستمتاع، قال تعالى:

              ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس. وقال أولياؤهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا[الأنعام آية 128.

              قال ابن أبي العز: " استمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره، وإخباره بشيء من المغيبات، ونحو ذلك.
              واستماع الجن بالإنس: تعظيمه إياه واستعانته به واستغاثته وخضوعه له . ولذلك يقبل الجن التسخير، وقد وقع ذلك لبعض الأنبياء، وأشهرهم سيدنا سليمان عليه السلام، قال سبحانه:

              ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطينَ كل بنّاء وغواص )سورة ص، 36-37

              وفي هذا المعنى يقول ابن تيمية: " الذين يستخدمون الجن في المباحات يشبه استخدام سليمان، لكن أعطي ملكا لا ينبغي لأحد بعده، وسخرت له الإنس والجن، وهذا لم يحصل لغيره.
              ويرى الألوسي "أن استخدام الجن الثابت لسليمان لم يكن بواسطة أسماء ورياضات، بل هو تسخير إلهي من غير واسطة شيء، وكان أيضا على وجه أتم، وهو مع ذلك بعض الملك الذي استوهبه...

              إذن فالاتصال بعالم الجن واستخدامها أو سؤالها أمر ممكن وواقع، وله أسبابه الخاصة. ولذلك قال الألوسي:" الظاهر عدم تكفير من يدعي استخدام شيء من الجن. ونحن قد شاهدنا مرارا من يدعي ذلك وشاهدنا آثار صدق دعواه على وجه لا ينكره احد .
              بقي أن نعرف حكم هذا الاتصال أو الاستخدام، خصوصا في السؤال عن بعض الغيوب الماضية أو الحاضرة، حيث إن الإجماع منعقد على تحريم سؤالهم عن المستقبل على سبيل التصديق لهم في ذلك.

              وفي هذا الموضوع رأيان فقهيان :

              1
              - الراى الاول
              عقد العلامة الشبلي الحنفي بابا في جواز سؤال الجن عن الأحوال الماضية والأشخاص النائية دون الأمور المستقبلة. وذكر آثارا عن بعض الصحابة تعضد هذا التفصيل ثم قال: " ولاشك أن الله تعالى أقدر الجن على قطع المسافة الطويلة في الزمن القصير بدليل قوله تعالى

              ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك )

              فإذا سأل سائل عن حادثة وقعت أو شخص في بلد بعيد، فمن الجائز أن يكون الجني عنده علم من تلك الحادثة وحال ذلك الشخص فيخبر، ومن الجائز أن لا يكون عنده علم فيذهب فيكشف ثم يعود فيخبر. ومع هذا فهو خبر واحد لا يفيد غير الظن ولا يترتب عليه حكم غير الاستئناس... وأما سؤالهم عما لم يقع فهو حرام، وتصديقهم فيه بناء على أنهم يعلمون الغيب كفر، وعليه يحمل قوله عليه الصلاة والسلام: لا تاتوهم، وقوله صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافا... الحديث"

              قال ابن تيمية:" وأما سؤال الجن، وسؤال من يسألهم، فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤول فهو حرام.. وأما إن كان يسأل المسؤول ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره، وعنده ما يميز به صدقه من كذبه، فهذا جائز.. واستدل له بخبر سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم ابن صياد.

              وقسم ابن تيمية أنواع استخدام الجن إلى ثلاثة أقسام:

              استخدامهم في المحرمات، فهذا حرام.

              واستخدامهم في أمور مباحة، إما إحضار مال المستخدم أو دلالته على شيء أو دفع من يؤذيه، فهذا كاستعانة الإنس بعضهم ببعض.

              وأخيرا استعمالهم في طاعة الله ورسوله، كما يستعمل الإنس في ذلك

              الرأي الثاني
              سد الذريعة مطلقا ومنع سؤال الجن واستحضارها. قال الشيخ ابن باز – في قوله تعالى:

              ( ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس. وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ) الأنعام، 128-

              وذكر علماء التفسير أن استمتاع الجن بالإنس بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء، وأن استمتاع الإنس بالجن قضاء حوائجهم التي يطلبونها منهم وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية أو يسترقونها من السمع أو يكذبونه وهو الأكثر.
              ولو فرضنا أن هؤلاء الإنس لا يتقربون إلى الأرواح التي يستحضرونها بشيء من العبادة فإن ذلك لا يوجب حل ذلك وإباحته، لأن سؤال الشياطين والعرافين والكهنة والمنجمين ممنوع شرعا وتصديقهم فيما يخبرون به أعظم تحريما وأكبر إثما، بل هو من شعب الكفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"، وفي مسند أحمد والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم". فلا يجوز سؤالها ولا استحضارها ولا تصديقها، بل كل ذلك محرم ومنكر، بل وباطل..."


              يتبع

              التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-03-31, 06:58 AM.

              تعليق


              • #8


                الاختلاف هنا هو في كيفية تفسير النصوص الواردة في النهي عن الكهانة، وهذه بعضها :

                1- روى البزار والطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تطير أو تطير له، أو تَكهن أو تُكهن له، أو تسحَّر أو تُسحر له.

                2- وروى أبو داود في كتاب الطب من سننه عن أبي هريرة رفعه، قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل الله على محمد.

                3- وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. فلذلك وقع الاحتمال في مناط الحرمة، هل هو مجرد إتيان العراف بغض النظر عن مقاصد المكلف ونيته، أم هو في التصديق بما يقوله الكاهن.
                قال الخطابي – في الحديث الثاني - : " الحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور".

                4 وقال الكتاني :" يحرم إتيان الكهنة والعرافين وتصديقهم….وأكثر العلماء فصَّل، فقال: الكفر كفران: كفر حقيقي، وذلك في حالتين: إذا استحل من أتى العراف سؤال الكهنة ونحوهم. أو إذا صدقهم فيما يقولون واعتقد أنهم يطلعون فعلا على الغيب. يقول الشوكاني: " العلة الموجبة للحكم بالكفر ليست إلا اعتقاد أنه مشارك لله تعالى في علم الغيب.
                والكفر الآخر هو كفر مجازي، أي كفر النعمة، وذلك إذا لم يصدقهم . واساسة من جواَّز سؤال العرافين والكهان إذا كان للسائل غرض صحيح ومشروع مثل اختبار النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد ومحاولته استكشاف حقيقة أمره؛ إضافة إلى شرط التصديق الذي في النص.

                ويظهر لي أن الأولى منع الاتصال بالجن والاشتغال بشؤونها، بواسطة من الكاهن أو بدونه، إلا في الضرورة كما في حالة المصروع . فهذا الاشتغال ليس من شأن المؤمن، و"من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه".

                ومازلت أذكر شكوى المرحوم الشيخ محمد الغزالي من كثرة اهتمام المسلمين بعالم الجن، وتساءل هل اختصت الجن بالمسلمين، حتى إنه لا يتكلم عنها بهذة الكمية غيرهم من الأمم.

                ومن مظاهر هذا الغلو في الاهتمام بالموضوع كثرة الكتب التجارية عن الجن، وبعضها على شكل حوارات مطولة… وأكثر هذه الكتب لا تفيد. ولو قلت الأوْلى منعها وحظر نشرها لكان ذلك افيد ، وكان دليل الشيخ الغزالى جواز تصرف الإمام في المباحات بالتقييد. ويكفي في هذا المجال كتب العقائد، فكثير منها يعقد فصولا عن الاعتقاد الواجب في موضوع الجن، ويكفي أيضا بعض الكتب الجامعة ككتاب الشبلي.

                لكن يبقى للنظر مجال فيمن يقصد العراف أو الكاهن لغرض البحث والدراسة، وهو ما تفعله الباراسيكولوجيا منذ نشأتها إلى اليوم. فمن الواضح أننا لو أخذنا بالرأي الفقهي الأول لخرَّجنا عليه القول بجواز هذا اللون من الدرس.
                ولو أخذنا بالرأي الثاني لخرجنا عليه حكم المنع.

                ولي رأي خاص ليس بهذا ولا ذاك
                ( وهو راى دارس لعلوم الباراسيكولوجى وليس راى دينى ولا فقهى انما استشهد براى اولى العلم وفى النهاية استنتج الخلاصة ) هذا تفصيله

                تنقسم الظواهر الغريبة التي تدرسها الباراسيكولوجيا إلى قسمين

                الأول: ظواهر ذات علاقة بمخلوقات عاقلة، يسميها أهل الاختصاص بـالأرواح ، في حين يقول بعضهم إنها الجن الذين جاء ذكرهم في الأديان السماوية .

                الثاني: ظواهر ذات علاقة بقدرات إنسانية خاصة وغير عادية. وينبغي أن يكون لكل قسم حكم خاص به

                حكم القسم الأول من ظواهر الباراسيكولوجي ذات العلاقة بالجن، او ربما بشيء آخر… فيمكن أن نستخرج الحكم من خلال ما تقدم عن حكم الاتصال بعالم الجن، وقد رأينا أن في ذلك قولين: الجواز، بشروط، أو التحريم.

                والذي يظهر لي أن في الباراسيكولوجيا المهتمة بهذه الظواهر جزئيتين
                1- من حيث إن هذا البحث علم ودراسة، فهو جائز، بل مستحب، والتحبيذ حكم عام للعلوم، أي هو الأصل. وفي العلم تغتفر أشياء لا تغتفر في غيره.
                والله تعالى يقول: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
                ، ويقول: (وقل رب زدني علما).

                ولذلك قال حاجي خليفة: " العلم من حيث إنه علم فضيلة لا تنكر ولا تذم، فالعلم بكل شيء أولى من الجهل به.
                وبناءا على ذلك لا يدخل الباحث في هذا الميدان في الوعيد النبوي على إتيان الكهان والعرافين، وفي الباراسيكولوجي يتم قسم من التجارب مع هؤلاء وبمعونتهم.

                - اما من حيث إنه اتصال بالشياطين وعالمها… فهذا بحث غير محبذ. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض له جني ليشوش عليه صلاته أمسك به وأراد أن يكتِّفه حتى الصباح ليراه الناس، ثم بدا له أن يطلق سراحه ، ويفهم من هذا الحديث رغبة المشرِّع في الفصل بين العالمين: الإنس والجن. فهذان عالمان مستقلان ومنفصلان بعضهما عن بعض، برغم الاتصال الظاهري النادر أو القليل بينهما.

                الباراسيكولوجي إذن يتجاذبها أصلان، ولذلك تحتمل قولين: الحظر أو الإباحة.

                واستشهد في هذا بمسألة مماثلة تعرّض لها الفقهاء، وهي حكم تعلم السحر. فالخلاف فيه قائم . إذ من أجاَّزه استند إلى أصل الإباحة، قال ابن الأكفاني: علم السحر "منفعته أن يعلم ليحذر لا ليعمل. ولا نزاع في تحريم عمله. أما مجرد علمه فظاهرة الإباحة. ولذلك اجازه الفخر الرازي . وقال بعض الحنفية: إن تعلمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر.

                وكذلك اختار القرافي مذهب الجواز وربط ذلك بمقاصد المكلف أما من منعه فقد استند – في الأكثر – إلى مبدأ سد الذرائع

                ولذلك خلصت الى راى خاص
                ( إن البحث فى الظواهر الأولى - اى مايتصل بها بالجن والشياطين - بحث تنازعه أصلان، فما هو بمباح ولا هو بحرام، فهو– إذن – مكروه.)
                وهذا الحكم هو مراعاة للخلاف قبل الوقوع.


                يتبع

                التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-03-31, 03:25 PM.

                تعليق


                • #9

                  مراعاة الخلاف هي إعطاء كل واحد من الدليلين حكمه وأثره. ومراعاة الخلاف نوعان:

                  قبل الوقوع، أي قبل وقوع الحدث وذلك بالنظر إلى الأدلة في ذاتها والمفاضلة بينها.

                  ومراعاة بعد الوقوع، أي أن الكاتب يجب ان يراعي كون الحدث قد وقع، ولهذا أثره في الحكم، بحيث لو لم يقع كان له نظر آخر وحكم آخر.

                  ويرجع النوع الأول من مراعاة الخلاف إلى الاحتياط، والثاني إلى الاستحسان، وذلك في أكثر الحالات.
                  والذي يهمنا هنا هو النوع الأول، قال عنه ابن فرحون:" أن يترجح دليل الإباحة عنده، ومذهب غيره التحريم، فإذا توسط الأمر قال بالكراهة فهذا هو الأصل الذي بنيت عليه حكم دراسة الظواهر الأولى للباراسيكولوجي .حكم القسم الثاني : النوع الثاني : ظواهر ذات علاقة بقدرات إنسانية خاصة وغير عادية " خوارق ".

                  ولا أرى أي حرج شرعي في دراسة الظواهر الثانية، فالبحث في مواهب الاستشفاف والجلاء البصري وتأثير الفكر في المادة… مثله مثل البحث المعروف في علم النفس التربوي عن قدرات الذكاء والذاكرة والانتباه… ونحو ذلك. فهذا كله جائز، بل ومستحب. وإذا ثبت أن الأمة تحتاج إلى هذا البحث، فإنه يصبح من فروض الكفاية.

                  وكما يجوز أن يدرس المسلم هذا العلم، يجوز أيضا أن تخصص له الدولة مركزا للبحث أو قسما من أقسام التعليم الجامعي.
                  وذلك لأن البحث في هذه المواهب الخارقة ممكن، بل إنه لا يزال يتواصل في علم النفس اكتشاف القدرات العقلية للإنسان، يقول الأستاذ منصور: " أدت البحوث في ميدان الذكاء إلى الكشف عن عدد من القدرات العقلية بلغ في الخمسينيات من القرن العشرين حوالي خمسين قدرة عقلية، مما استدعى العمل من أجل تنظيمها وتصنيفها…. ومن أحدث هذه القدرات اكتشافا: القدرة الابتكارية، والتي حظيت بعدد كبير من الدراسات إلى اليوم . وقد كان علماؤنا على وعي تام بأن بعض الناس يمتلك مواهب غير عادية، ومنها – على سبيل المثال-:

                  الفراسة. يقول القاضي ابن أبي العز: الفراسة ثلاثة أنواع: إيمانية، وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده.. وفراسة خَلقية، وهي التي صنف فيها الأطباء وغيرهم، وهي استدلال بالخَلق على الخُلق .. وأخيرا- وهي التي يمكن أن تنتمي إلى ميدان الباراسيكولوجي مايسمى ب " فراسة رياضية وهي التي تحصل بالجوع والسهر والتخلي عن الشهوات . فإن النفس إذا تجردت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها. وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر، ولا تدل على إيمان ولا على ولاية….

                  ومن هذه المواهب أيضا: القدرة على التأثير عن بُعد وهي ظواهر (PK1، وبعضهم يسميها سحرا نفسيا. يقول ابن كثير: "هذا.. هو التصرف بالحال، وهو على قسمين : تارة يكون حالا صحيحة شرعية يتصرف بها فيما أمر الله ورسوله.. وهذه الأحوال مواهب من الله تعالى… ولا يسمى هذا سحرا في الشرع.
                  وتارة تكون الحال فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله ورسوله ولا يتصرف بها في ذلك. فهذه حال الأشقياء… لاومفهومه أن التصرف بالحال في المباح مباح.
                  ولا يؤثر في شيء كون هذه المواهب خارقة للعادة، كما هو شأن أكثر الظواهر التي تدرسها الباراسيكولوجي ، لذلك يقول ابن أبي العز: إن حصل به فائدة مطلوبة في الدين كان من الأعمال الصالحة المأمور بها دينا وشرعا، إما واجب أو مستحب. وإن حصل به أمر مباح ، كان من نعم الله الدنيوية التي تقتضي شكرا، وإن كان على وجه يتضمن ما هو منهي عنه نهي تحريم أو نهي تنزيه، كان سببا للعذاب أو البغض…

                  الخوارق ثلاثة أنواع:

                  محمود في الدين، ومذموم، ومباح،
                  فإن كان المباح فيه منفعة كان نعمة،
                  وإلا فهو كسائر المباحات التي لا منفعة فيها".

                  يتبع

                  تعليق


                  • #10

                    توجد ضوابط شرعية يستعين بها دارس الباراسيكولوجي المسلم في طريق بحثه وعمله، وهذه أهمها فيما ظهر لي:

                    1-عقيدة الغيب:

                    من أصول الاعتقاد عندنا كمسلمين أن الله تعالى هو وحده من يعلم الغيب المطلق على سبيل الإحاطة والشمول: ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيبَ إلا الله) . النمل67. فلا يمكن أن يوجد أحد من الموهوبين يعرف الغيب بتفصيل، سواء كان بادعاء اتصال بالجن أو بمخلوق عاقل، أو بادعاء مقدرة خاصة في التنبؤ.

                    آية ذلك في الحالة الأولى قوله سبحانه- في موت سيدنا سليمان-:

                    ( فلما خرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). سبأ 14.

                    ولذلك يقول الهيتمي يجوز أن يعلموا الغيب في قضية أو قضايا، كما وقع لكثير منهم واشتهر، ولكن الله الذي اختص بعلم الجميع وعلم مفاتح الغيب المشار إليها بقوله تعالى:

                    (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث...)

                    وينتج من هذا التقرير أن من ادعى علم الغيب في قضية أو قضايا لا يكفر … ومن ادعى علمه في سائر القضايا كفر ولهذا يخطئ العراف كثيرا .

                    والحقيقة أن علماء الباراسيكولوجيا أنفسهم من أدرى الناس بهذه الحقيقة، بل إن بعضهم خصها بدراسات وبحوث مستقلة، ومن أبرزهم "أوستي".فقد ركز الدكتور أوستي بحوثه وجهوده على مقدرة التنبؤ، واعتنى خصوصا بأخطاء المتنبئين ودرس عللها. ومن النتائج التي قررها

                    أ-بعض التنبؤات لا تخطئ من كل وجه، كالذي يتوقع موت شخص ما، لكن الذي يموت فعلا هو أب ذلك الشخص … فهذه وأمثالها كثير في إخبارات الموهوبين.لكن لاحظ أوستي أنه يوجد دائما عدد من التنبؤات الخاطئة الخالصة، أي التي ليس فيها أي صواب، لا قليل ولا كثير، لا من وجه قريب ولا بعيد… فهذه أخطاء محضة.
                    ولذلك فملكة التنبؤ نسبية وظنية.

                    ب-وكذلك نادرا ما تتعلق نبوءات الوسطاء بأحداث عامة، فهي في الأكثر تمس الأفراد وتتعلق بوقائع خاصة. ولذلك لا يتوقع الوسيط الحرب، وإن كان يمكن أن يتنبأ بمكروه يصيب شخصا قريبا منه… ويمضي الزمان وتقع الحرب فيصاب فيها هذا القريب .

                    وأخيرا فإن هذه الملكة تتغير وتتقلب، فهي ليست على الدرجة ذاتها من القوة أو الضعف، حتى بالنسبة إلى الشخص الواحد .

                    2
                    - المعجزة والظاهرة الغريبة:

                    لا يمكن بحال أن تشبه الأعمال الخارقة – في الباراسيكولوجيا – المعجزة أو تقترب منها. كلا من الأمرين خارق للعادة الجارية، لكن طبيعتهما مختلفة:

                    (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.) الإسراء 88.

                    يقول الهيتمي عن الظواهر الخارقة " في العالم أمور غريبة قليلة الوقوع، وإذا وُجدت أسبابها جرت على العادة فيها، وكذا أسباب السحر إذا وجدت حصل، وكذلك السيميا وغيرها كلها جارية على أسبابها العادية، غير أن الذي يعرف تلك الأسباب قليل في الناس. وأما المعجزات فليس لها سبب في العادة أصلا" .

                    3
                    - احترام النص الشرعي:

                    على دارس الباراسيكولوجي المسلم أن يقف عند دلالة النصوص الثابتة، فلا يفسر ظاهرة ما – مثلا – بأنها من فعل روح الميت التي عادت لتختلط بالأحياء؛ اللهم إلا في الرؤى والمنامات، وهو الاستثناء الثابت بالنص أيضا.
                    فروح الميت لا ترجع إلى الدنيا أبدا، كما تعتقد الروحية الحديثة

                    يقول الشيخ ابن باز:
                    "هذا هو الذي عليه السلف من أن أرواح الأموات باقية إلى ما شاء الله وتسمع، ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء في غير المنام، كما أنه لا صحة لما يدعيه المشعوذون من قدرتهم على تحضير أرواح من يشـاءون من الأمـوات ويكلمونها ويسألونها، فهذه ادعاءات باطلة".

                    قدى يكون في جلسات استحضار "الأرواح" بعض الصدق، ومن تعليلات ذلك عند العلماء المعاصرين أن الروح التي تحضر هي الجني قرين الميت ، ويشهد له قول النبي صلى الها عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن
                    والجن مخلوقات عاقلة، لها قدرة على فهم العالم الذي يحيط بها، ولذلك أجمع المسلمون على أنها مكلفة، تؤمر وتنهى .
                    وليست جميع ظواهـر الروحية الحـديثة تتعلق بالجن. ولهذا كان موقف الباراسيكـولوجي المعاصر صحيحا حين اعترف بهذه "الأرواح" المحضرة، لكنها – بالمقابل – اعتبرت بعض أحداث أو وقائع الروحية من آثار مقدرة بشرية غير معروفة جيدا… وهي المقدرة التي لا تبرز ولا تعمل إلا ضمن ظروف خاصة وعند أفراد قلائل هم الوسطاء Médium.


                    يتبع
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-04-01, 02:19 AM.

                    تعليق


                    • #11


                      الاخوة الاعزاء

                      من الضوابط التى بجب مراعاتها عند الكتابة عن الباراسيكولوجى ما يلي:

                      أ- في بعض كتـابات البـاراسيكولوجي روح من الواقعية غير خافية ، فهـي تسعـى جـاهـدة إلى تفسيـر كل شـيء بالقـدرات غيـر العـادية (ESP + PK)، قاطـعـة الطـريق أمـام تفسيـر بعـض الظـواهـر بخلـق آخـر كالجـن…

                      ب- لا تطـرح عنـد دارسى الباراسيكولوجى العرب مشكـلة توثيق الأخبار على نحو ما تطرح عند الغربيين. ولذلك ينبغي استعمال منهج المراجعة والتعديل ودراسة الروايات، سواء تعلق ذلك بأحداث مضت أو بأخرى معاصرة لنا.

                      ج- ينبغي أيضا أن يكون الدين أحد مصادر الباراسيكولوجي ، ولذلك فإن الرؤية المفقودة في الربط بين علم النفس وهذا العلم يمكن تلمس كثير منها في الإسلام وفي التراث البشري الذي دار حوله.

                      د- يجب على الباحث المسلم في ميدان الباراسيكولوجي أن لا يحصر أسباب الظواهر الغريبة في القدرات الباطنية للإنسان، وفي الجن… فقد يكون لبعض الظواهر علاقة بأشكال من الغيب لا نعرفها، ولم يخبرنا بها الوحي، كما لم يخبرنا عن كل الغيبيات التي لها اتصال ما بحياتنا على الأرض، ولا يوجد في النصوص ما يمنع من إمكانية وجود مخلوقات أخرى أو ظواهر غير عادية لا نعرفها الآن. إذن ينبغي ترك الباب مفتوحا لطريق ثالث لا أدري ما هو، فالمقصود هو عدم الجمود على أسلوب واحد في هذا البحث ,

                      .
                      وأختم هذا البحث بعرض سريع لأهم ما ورد فية من معلومات وايضا النتائج التي وصلت إليها:الباراسيكولوجيا هو علم دراسة الظواهر غير العادية التي يمكن أن تكون من أثر قدرات بشرية غير معروفة، أو من عمل مخلوقات أخرى عاقلة. وهذه الظواهر لاتدخل في نطاق علم النفس الحديث.وقد نشأت الباراسيكولوجيا منذ حوالي قرن من الزمان، وتطورت بالبلاد الأنجلوساكسونية خاصة، وذلك بفضل منهج بحث دقيق يستعمل الإحصاء كثيرا ، مما سمح بتصنيف الظواهر الغريبة إلى نوعين:
                      ظواهر الاستشفاف
                      ESP،
                      وظواهر التأثير في المادة بغير المادة
                      PK
                      ومن أبرز أمثلة الظواهر الأولى ملكة التوقع.

                      لكن يظل الإشكال العام في الباراسيكولوجيا هو عدم قدرتها على تفسير مجمل هذه الظواهر تفسيرا نهائيا، رغم غناها بالنظريات.
                      ولتراثنا الإسلامي اهتمام بقضايا الباراسيكولوجيا، ومن ذلك: الكهانة والعرافة، والهاتف، والمحدَّثون. ولذلك نجد أن فكرة وجود ملكة إنسانية للتنبؤ حاضرة في الكتابات الإسلامية القديمة، ويعتبر ابن خلدون من أهم مفكري الإسلام الذين كتبوا في بعض مواضيع الباراسيكولوجيا.ولعل من أهم ما جاء به هذا التراث في هذا المجال هو تقسيم الكهانة إلى نوعين:

                      الأول بوسيط من الجن،

                      والثاني بمقدرة ذاتية واستثنائية.
                      لكن الفقهاء اختلفوا في حكم الاتصال بعالم الجن، بعد اتفاقهم على إمكان استخدام الإنسان لبعض الجن.

                      فبعضهم فصّل الحكم بحسب مقاصد المكلف، وبعضهم منع مطلقا سدا للذريعة.
                      ومن أسباب هذا الاختلاف كيفية تعليل النصوص الواردة في إتيان الكهنة، وكذا قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد.
                      والذي بدا لي أنه يجوز دراسة الظواهر التي تعود إلى موهبة إنسانية خاصة، بل هي دراسة محبذة، أما الظواهر التي يحتمل أن لها علاقة بالجن، فقد تنازعها أصلان:

                      الأول هو أن العلم مطلوب على كل حال.

                      والثاني أن الاتصال بعالم الجن أمر غير مطلوب ولا مرحب به شرعا.
                      ولذلك خرَّجتُ بحكم البحث في هذه الظواهر على قاعدة مراعاة الخلاف، وقلت إن هذا البحث مكروه، لا هو مباح ولا ممنوع.
                      ثم ختمت هذه الدراسة بذكر بعض أهم الضوابط التي على دارس الباراسيكولوجي المسلم اعتبارها في عمله:
                      عقيدة الغيب، والفرق بين المعجزة والظاهرة الغريبة، والالتزام بدلالة النص الشرعي..

                      هذا رأيي في الباراسيكولوجيا وكما ذكرت سابقا اننى لست متخصصا فى الامور الدينية ولكنى بالاستعانة باراء المتخصصين خرجت برأى، وهو يحتمل الصواب والخطأ. ويسعدني جدا أن يُعقب عليه الاخوة الزملاء ، لما في ذلك من إغناء للموضوع وتسديد للاجتهاد.


                      المصدر
                      مقتطفات من بحث الدكتور
                      إلياس محمد بلكا -
                      أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس، المغرب.
                      بعض المنتديات المتخصصة

                      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2015-04-26, 08:00 PM.

                      تعليق

                      يعمل...
                      X