إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جمعية الموتى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جمعية الموتى

    جمعية الموتى

    نحن الآن في (لندن)..

    و(لندن) كأي مدينة أخرى تعج بالمنازل القديمة التي يفوح من بين جنباتها عبق التاريخ..ومن المعتاد أن تتحول تلك البيوت بمرور الزمن إلى مزارات سياحية أو تترك مهجورة ليرتع فيها الصدأ والعطن كيفما شاءا..هذا فضلا عن بعض البيوت التي لم تزل مسكونة إلى الآن سواء من طائفة الفقراء والمشردين أو ممن آلت إليهم ملكية تلك البيوت إرثا فلم يشاءوا أن يهدمونها حرصا على تراث عائلاتهم من الاندثار..
    وسط تلك البيوت يقف بيتا قديما مثلها..عمره يربو عن الثلاثمائة سنة..
    بيت قديم ولكنه عادي..عادي جدا إن شئتم الدقة..صحيح أن بابه ضيق وسلالمه مظلمة وأبوابه تصدر صريرا حال فتحها وتفوح منه الروائح الكريهة وتغطي الأتربة المتراكمة على مر السنين كل شبر فيه..
    ولكن هذا لعمري هو ديدن كل البيوت القديمة..فلا جديد يذكر في هذا الشأن..
    ولكن لماذا يخشى الناس هذا البيت دونا عن بقية البيوت التي حوله؟..
    لماذا يحرصون على إصدار تعليمات صارمة لأطفالهم بعدم اللهو بجوار هذا البيت أو ولوجه؟..
    لماذا يمتنع المشردين عن المبيت فيه؟..

    الجميع بالتأكيد يعرف الإجابة..ولكن يفاجئك صمتهم عندما تسألهم عن سر هذا البيت..
    فقط تتسع عيونهم في خوف ظاهر وترتفع أكفهم منذرة وألسنتهم تصرخ فيك قائلة:
    (إلا هذا البيت..ابتعد عنه كأنما يطاردك ألف شيطان..لقد قمنا بواجبنا وحذرناك..وأنت حر في اختيار قدرك)
    وعندما تسألهم (لماذا لم تقم السلطات بإزالة هذا البيت وهدمه ومحو أثره طالما أن الناس يخشونه إلى هذا الحد؟؟)



    لندن .. تعج بالمنازل القديمة


    تجدهم يبتسمون ابتسامة شفقة مغلفة بالغموض ثم يقولون لك:
    (يا لك من مسكين..وهل تظن أنهم لم يحاولوا من قبل؟؟..إن محاولات هدم هذا المنزل الملعون مستمرة منذ عهد الملك (جورج الثاني) وكلما هم أحدهم بتنفيذ الفكرة تجده يتراجع في آخر لحظة بشكل لا يثير الدهشة فقط وإنما يثير المزيد من الخوف من هذا البيت أيضا)
    هذا هو ما حدث مع السير(كيلي كوش) أستاذ الأدب الإنجليزي المعروف..والذي جمع قصة هذا البيت وغيره في كتابه الشهير (خرافات مفيدة) والذي أصدره في مايو عام 1940..
    يقول السير (كوش):
    (صدمتني إجابات الناس المبهمة في البداية..ولكن هذا ما زادني إلا إصرارا وتصميما على المضي قدما لمعرفة سر هذا البيت)..
    وبالفعل ذهب السير (كوش) إلى أرشيف جامعة (كامبردج)..وظل يبحث إلى أن عثر على تاريخ ذلك البيت..
    من ثم ذهب مجددا إلى البيت وقد قرر أمرا خطيرا..
    قرر أن يبيت في هذا البيت ليلة بمفرده..ليرى ويسمع ويدون بنفسه كل شيء..
    يقول السير (كوش) عندما وصلت إلى البيت وأخبرت الحارس العجوز بما أنتويه..انتفض من الدهشة واتسعت عيناه وهو يقول:
    (أأنت مجنون لتقدم على هذا الفعل الأخرق؟؟)
    فلم أرد إلا بابتسامة هادئة جعلت الرجل يقوم ضاربا كفا بكف ليقودني إلى مدخل البيت وهو يتمتم:
    (إن هذا العالم ملئ بالمجانين..لا ريب في ذلك)




    وفر وطواطين الى الداخل هربا من الضوء المقتحم

    وعندما فتح الحارس الباب الصدئ الذي بدا وكأن أحدا لم يفتحه منذ مئات السنين بالفعل أصدر الباب صريرا مزعجا وتهاوت علينا بعض الأتربة والأحجار الصغيرة..وفر وطواطين للداخل هربا من الضوء المقتحم..
    وزكمت أنفينا الروائح العطنة..عندها قال لي حارس البيت بنبرة سخرية:
    (أنت مازلت شابا شجاعا باحثا عن الحقيقة..ولكنك تبدو متهورا ككل الشباب..أنت حر..ولكن قبل أن أتركك أريد أن أسألك سؤالا يا ولدي:ما هو نوع الزهور التي تحب أن أضعها على قبرك؟؟)
    فيضحك السير (كوش) ضحكة يداري بها الرجفة التي تعتريه ويقول:
    (أي نوع يا سيدي)
    ويبتعد الحارس متمتما ببضع كلمات خافتة لم يسمعها (كوش) وإن كان قد خمن معناها..ولكنه لم يلتفت إليها إذ يمم وجهه شطر المدخل وارتقى السلم الضيق ودخل المنزل..
    فماذا رأى؟؟..
    وماذا سمع؟؟..
    وماذا عرف؟؟..
    هذا ما سنعرفه الآن ونحن نقلب في صفحات كتابه (خرافات مفيدة)..فهيا بنا..





    تجد جمعيات تمارس انشطة غريبة جدا

    يقول السير (كوش):
    من عادة الناس في (لندن) أن يكونوا جمعيات لكل رغبة خاصة بهم حتى لا يتهمهم أحد بالجنون أو بأنهم عنصر هدام في المجتمع..وحتى يستطيعوا ممارسة رغباتهم تلك دونما رقيب أو سخرية من أحد المتطفلين..
    وهذه الجمعيات قديمة قدم الدهر..وتشمل كل ما يمكن أن يخطر على البال..
    فتجد جمعيات تمارس أنشطة غريبة جدا..
    فهناك جمعية جامعي أغطية الزجاجات..وهناك جمعية جامعي الزجاجات الفارغة..وهناك جمعية النوم وحيدا حتى الموت ..وهناك جمعية محبي النوم في فراش الآخرين..إلى غير ذلك من المسميات والرغبات العجيبة..
    وقد اصطلح الجميع على تركهم يمارسون حرياتهم الشخصية طالما كانوا بعيدين عن إيذاء الآخرين أو إلحاق الضرر بهم..فحريتهم الشخصية تلك يكفلها القانون..بل وتحميهم الشرطة أثناء احتفالاتهم وتجمعاتهم درءا للفضوليين..
    ومعروف للجميع أماكن تجمع شباب تلك الجمعيات التي تكون إما منزل أحدهم أو ناد خاص..
    وكذلك طقوس احتفالاتهم وماذا يأكلون وماذا يشربون أثنائها..كل ذلك معروف..
    ومن وجد في إحدى تلك الجمعيات ما يوافق هواه فله أن ينضم إليها مباشرة..
    لذلك فلكل إنسان هناك جمعية يمارس من خلالها هواياته ويفرغ طاقاته المكبوتة ..
    كل هذا يبدو جميلا في مجتمع ديمقراطي تبدو فيه الصورة وردية وتمارس فيه الحريات الشخصية على أوسع نطاق تحت شعار انت حر ما لم تضر)..
    في عام 1730 قرر سبعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية والعشرين والثلاثين تكوين جمعية من تلك الجمعيات وسموها (جمعية السبعة الدائمين أحياء أو ميتين)..
    وقد اعتاد هؤلاء السبعة على أن يتلاقوا في هذا البيت يوم 2 نوفمبر من كل عام وهو (يوم الأرواح) طبقا للمعتقد الشعبي السائد آنذاك في (أوروبا)
    هؤلاء السبعة لم يكن لهم هدف محدد..ولم يكن لهم برنامج معين يناقشونه فيما بينهم..
    فاجتماعاتهم تقتصر على الأكل وشرب الخمر والغناء والرقص ولعن كل المقدسات وكل الأديان من أولها إلى آخرها..
    وفي ساعة متأخرة من الليل يهدأ الجميع ويعودون إلى بيوتهم على أن يلتقوا مجددا عشية اليوم التالي لتكرار ما فعلوه في يومهم هذا..وتستمر الاجتماعات لمدة سبعة أيام متعاقبة..وفي نهاية الأسبوع يتفرق الجمع الصاخب على أن يتواعدوا على الاجتماع مجددا عشية يوم 2 نوفمبر من العام التالي وهكذا دواليك..
    ومن الغريب أن هؤلاء الشباب كانوا يحتفظون بسجل ضخم يدونون فيه محاضر جلساتهم..وعندما عثرت عليه اندهشت بشدة..فكيف كان هؤلاء السكارى يدونون كل شيء يحدث بينهم بمنتهى الدقة والأناقة الظاهرة في ذلك السجل..
    فهاكم لائحة الجمعية الداخلية التي تتصدر أولى صفحات السجل وتنص على أن:
    1- تتكون الجمعية من سبعة أعضاء..أحياء أو موتى..فالذي يموت منهم يظل عضوا..فإذا مات جميع الأعضاء انحلت الجمعية ولم يعد لها وجود..
    2- الأعضاء دائمون وغير مقبول انفصالهم عن الجمعية فيما بعد..
    3- لا تقبل الجمعية أي عضو جديد
    4- تجتمع الجمعية سنويا في يوم 2 نوفمبر من كل عام ومن يتخلف عن الحضور لأي سبب يوقع عليه بقية الأعضاء ما شاءوا من عقوبات..
    5- في حالة إصابة جميع الأعضاء بالجنون المطبق وإيمانهم التام بأنه لا فائدة من الكلام أو عندما يفقدون أي رغبة في الحوار فيما بينهم فعليهم أن يصمتوا إلى الأبد ويتحول اسم الجمعية إلى (جمعية الأدباء الصامتين حتى الموت)
    وهاكم مثلا الحوار الذي دار بينهم في أول اجتماعاتهم بتاريخ 2 نوفمبر 1730
    يقول رئيس الجمعية (آلان ديرمو) وهو فرنسي من (باريس):
    (لقد قررنا أن نجتمع هنا اليوم..ثم ماذا بعد؟؟..لابد أن تكون هناك حكمة..لابد أن يكون هناك سبب وجيه لاجتماعنا هذا)..
    يرد عليه أحد الحاضرين قائلا:
    (ليس من الضروري أن يكون هناك سبب وجيه لأي شيء..فليس هناك سبب وجيه لكي تكون أنت أنت أو تكون موجودا..ولا أنا ولا أي شخص آخر..أليس هذا صحيحا؟؟)..
    ويقول آخر:
    (إذن فقد اجتمعنا هنا دون سبب!!)..
    فيلتقط (ديرمو) طرف الحديث قائلا:
    (ليس من الضروري أن يكون لكل شيء سببا..لقد اجتمعنا..وجلسنا..وها نحن أولاء نتناقش سويا..فقط لأننا بحاجة إلى الكلام..لأننا إذا لم نتكلم متنا..وواضح أننا لا نريد أن نموت..لقد ارتدينا ملابس ثقيلة خوفا من البرد..وأكلنا اتقاء للجوع..وشربنا بحثا عن دفء يسري في أوصالنا الباردة..وغنينا ورقصنا وضحكنا حتى لا يقضي علينا اليأس..وروى كل منا قصة غرامه اعتزازا برجولته الغضة..واضح أننا نريد كل الذي فعلناه وهذا يكفي)..
    ثم وقعوا بأسمائهم على محضر الجلسة وانصرفوا..
    والملاحظ أن محاضر الجلسات قد توقفت نهائيا يوم 2 نوفمبر عام 1766..وجاءت توقيعات الأعضاء في غاية الأناقة والوضوح..
    إلى هنا وكل شيء يبدو عاديا..ولكن ما سأذكره لكم الآن نقلا عن السجلات الحكومية الرسمية سيثير دهشتكم بشدة..وعندها ستعرفون السر...




    طعنه بالسيف في بطنه فظل ينزف

    في يوم 30 أكتوبر من عام 1763..ثبت من السجلات الحكومية في (باريس) وفاة (آلان ديرمو) نتيجة اشتباكه مع أحد خصومه الذي طعنه بالسيف في بطنه فظل ينزف لدقائق فاضت روحه بعدها..
    إذن فرئيس الجمعية قد مات قبل موعد انعقاد الاجتماع السنوي في تلك السنة بثلاثة أيام..
    ولكن بالرجوع إلى محاضر جلسات الجمعية..التي انعقدت يوم 2 نوفمبر 1763 نجد أن الأعضاء قد اجتمعوا كعادتهم..وغنوا ورقصوا وأكلوا وشربوا ثم جلسوا وتناقشوا كعادتهم أيضا..ثم وقعوا بإمضاءاتهم السبعة على محضر الجلسة وانصرفوا..
    وبالاطلاع على ما دار في هذا المحضر نجد أن (ديرمو) كتب يقول:
    (إنني ملتزم باللائحة الداخلية للجمعية..فالعضو يظل عضوا بها حيا أو ميتا)..
    فسأله أحد الأعضاء:
    (وهل هذا معقول؟؟)..
    فرد عليه (ديرمو) قائلا:
    (طبعا معقول..أعطني شيئا معقولا واحدا في هذه الدنيا وسأجد فيه شيئا لامعقولا)..
    ولأول مرة بعد إغلاق محضر الجمعية وتوقيع جميع الأعضاء السبعة عليه وانصرافهم في الواحدة صباحا..يعودون لإضافة هامش أسفل توقيعاتهم يقرون فيه بوفاة رئيس الجمعية وأن عليهم انتخاب رئيس جديد..
    ثم يوقع السبعة مرة أخرى أسفل الهامش بتوقيت الثانية والنصف صباحا..



  • #2
    حكايه كما لو كانت من الخيال
    السير كوش نقل لنا المكتوب لكن ما السر من تحذير الناس لاولادهم
    هل لان البيت مسكون مثلا او ان ظواهر غامضه تحدث فيه
    هل للقصه بقيه اخ محمد
    تسلم ... على قصصك الشيقه

    قال إبن القيم
    ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

    تعليق

    يعمل...
    X