إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرجل الذي عاش مرتين!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرجل الذي عاش مرتين!



    الرجل الذي عاش مرتين!





    من المعلوم بأن رابطة الإنسان بعالم الأحياء تنقطع بموته , ينتهي كل شيء بالنسبة إليه , جسديا على الأقل , يغيبه التراب ويصبح نسيا منسيا ..

    لكن هذه المعلومة البديهية لا تنطبق تماما على بطل قصتنا , فالرجل أستمر بالعيش بين الأحياء حتى بعد مماته , فتنقل بين مدن عدة , وعاصر أحداثا كثر , وتعرف على وجوه جدد , وكسب أمولا طائلة , لا بل حتى شارك في بعض الأفلام والمسلسلات التلفزيونية!! .

    كيف لميت أن يفعل كل هذا ؟! ..

    ثقوا بأنة فعل كل ذلك .. وإليكم القصة كاملة موثقة بالصور ..




    ألمر مكوردي .. كان فاشلا ومنحوسا في كل شيء ..


    ألمر مكوردي (ELMER MCCURDY ) كان رجلا منحوسا متعوسا من ولادته عام 1880 , كان معروفا طيلة حياته بإدمانه الخمر وبفشله الذريع في كل مهنة أنخرط فيها ..
    فشل كطالب .. فشل كجندي .. فشل كحرفي .. وفشل كزوج ..

    أخيرا .. بعد أن طفح كيله , قرر صاحبنا أن يجرب مهنة جديدة , مهنة لا تحتاج إلى رأسمال ولا إلى خبرة وذكاء .. قرر أن يصبح لصا وقاطع طريق , جمع حوله مجموعة من المخمورين على شاكلته وأسس بهم عصابة صغيرة لسرقة القطارات .

    عصابة مكوردي جمعت بين ميزتين .. الغباء والنحس .. حتى أن من يقرأ عن سرقات هذه العصابة الطريفة قد يظن بأنه يقرأ عن أحداث فلم كوميدي ..




    نجحوا بالسطو على احد القطارات ..

    في عام 1910 , وبعد عدة محاولات فاشلة , نجحت العصابة أخيرا في السطو على أحد القطارات التجارية , لكنه لم يكن نجاحا كاملا , فالعصابة فشلت بالعثور على مفتاح الخزنة الحديدية الكبيرة التي كانت تحتل مساحة قاطرة كاملة , ولهذا قرر جهابذة عصابتنا أن ينسفوا الخزنة بأصابع الديناميت , وبالفعل نجحوا بنسفها , وطاروا فرحا حين وجدوا بداخلها مبلغ أربعة آلاف دولار , وهو مبلغ ضخم جدا بقياس تلك الأيام , لكن لسوء حضهم ونحسهم فأن المبلغ كله كان عبارة عن عملات معدنية صغيرة , وزيادة في النحس فأن نصف تلك العملات كانت قد ذابت وانصهرت بسبب كمية الديناميت الكبيرة التي كان مكوردي قد وضعها عند نسفه للخزنة , أما النصف الآخر فكان يزن عدة أطنان , وتطلب نقله شاحنة كبيرة , وهو ما لم يكن متاحا لمكوردي ورفاقه الأذكياء , ولهذا اكتفوا بأخذ كمية قليلة من تلك العملات وتركوا الباقي وراء ظهورهم ..

    سرقة العصابة الأولى أصبحت محل تندر الناس والصحافة , ولهذا سرعان ما أنفرط عقد العصابة وبقي مكوردي وحيدا , فلا أحد كان على استعداد لمرافقة رئيس عصابة بغبائه ونحسه ..

    لكن بطل قصتنا لم ييأس ولم يتخلى عن حلمه في أن يصبح قاطع طريق يشار له بالبنان . وفي عام 1911 عثر أخيرا على شريك جديد ورفيق صنديد لا يقل عنه حماقة , ونجح الأحمقان بالسطو على قطار للمسافرين , لكن نشوة الانتصار سرعان ما تبخرت بعد أن اكتشفا بأن القطار لا يحمل سوى مبلغ 47 دولار ..

    ومرة أخرى أصبح مكوردي محل تندر الناس في الولاية , حتى أن بعض الصحف وصفت سرقته الأخيرة بأنها أتفه عملية سطو مسلح على قطار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ..

    لكن بالرغم من تفاهة سرقات مكوردي , فأن حكومة ولاية أوكلاهوما رصدت مبلغ 2000 دولار للقبض عليه .

    وفي أحد الأيام من شتاء عام 1911 تمكن أربعة من رجال القانون من محاصرته داخل إسطبل إحدى المزارع . الرجال الأربعة لم يكونوا ينوون قتل مكوردي , كانوا يريدون إلقاء القبض عليه حيا وإيداعه السجن من اجل قبض الجائزة كاملة , لكن مكودري الذي كان مخمورا كالعادة , كان مصمما على المقاومة وعدم تسليم نفسه , فأمطر الرجال بوابل من الرصاص من مسدسه , لكنه فشل في إصابة أي منهم , وبالمقابل رد عليه الرجال بعدة رصاصات لتخويفه , لكن نحس مكوردي قاد إحدى تلك الرصاصات لتستقر بصدره وترديه قتيلا في الحال .

    الطريف أن القصة لم تنتهي بموت مكوردي .. لا بل ابتدأت للتو ! ..

    الرجال الأربعة أخذوا جثة مكوردي إلى مدينة باوهوسكا بولاية أوكلاهوما , وبعد أن حصلوا على جائزتهم المالية قاموا بإعطاء الجثة لصاحب احد دور الجنائز بالمدينة .

    ولأن أيا من أقارب أو معارف مكوردي لم يظهر للمطالبة بالجثة ولدفع رسوم الجنازة والدفن , فقد أحتفظ صاحب دار الجنائز بالجثة لنفسه , قام بتحنيطها بطريقة متقنة بواسطة الزرنيخ ثم عرضها للجمهور ووضع تحتها لافتة تقول : " اللص الذي لم يستسلم أبدا ! " ..



    مكوردي 1911 .. خمسة سنتات مقابل رؤية الجثة ! ..

    سرعان ما نالت جثة مكوردي شهرة واسعة , فأصطف الناس لرؤيتها مقابل نيكل واحد (خمسة سنتات) , كانوا يدخلون لرؤية الجثة ثم يضعون نيكلا معدنيا في فم مكوردي قبل أن يخرجوا ! , وكان صاحب دار الجنائز يستخرج النيكلات كلما امتلأ فم مكوردي بالمال , ويقال بأنه جمع ثروة طائلة بهذه الطريقة .

    شهرة المومياء والمال الذي اغدقته على صاحب دار الجنائز أثارت طمع الكثيرين , فظهر فجأة أحد الأشخاص عام 1917 مطالبا بالجثة , زعم بأنه شقيق مكوردي وبأنه جاء لأخذ جثة شقيقه إلى مسقط رأسه لغرض دفنها في مقبرة العائلة .

    كل ذلك كان كذبا بالطبع , فالرجل لم يكن في الحقيقة سوى مدير سيرك أحتال على صاحب دار الجنائز فأخذ الجثة منه وبدأ يعرضها مقابل المال في سيركه بعد أن وضع تحتها يافطة كبيرة تزعم بأنها تعود لأشهر وأشجع خارج عن القانون في تاريخ أوكلاهوما .



    تنقلت المومياء من مكان لمكان ..


    ثم مرت الأعوام بسرعة , فمات مدير السيرك , وبموته ابتدأت الجثة رحلة طويلة تنقلت خلالها بين العديد من عروض السيرك والمهرجانات , وعرضت لفترة في متحف للجريمة , واستعملت مرارا لتخويف الناس داخل نفق الرعب في مدن الألعاب الترفيهية , وعرضت أيضا في أحد متاحف الشمع في أربعينيات القرن المنصرم .

    ولم تخلو تلك الرحلة الطويلة من غرابة , فكما أسلفنا كان الناس يدفعون ثمن مشاهدتهم للجثة بدس المال في فمها , ولفترة من الزمن استعملوا فم الجثة لقطع بطاقات الدخول إلى احد المتاحف . وظهرت الجثة في خلفية أحد الأفلام السينمائية عام 1933 , واستعملت مرة كضمان للحصول على قرض مقداره 500 دولار ! .

    أطرف ما في الأمر هو أن جثة مكوردي جمعت من المال خلال السنوات الطويلة التي جالت فيها أرجاء الولايات المتحدة ما يفوق بأضعاف مضاعفة جميع ما كسبه مكوردي هو على قيد الحياة .




    بمرور السنوات لم يعد أحد يتذكر بأنها جثة حقيقية وراحوا يستعملوها في عروض الرعب كدمية شمعية ..

    طبعا الجثة تحولت إلى مومياء بفعل الزمن , وبحلول عقد الستينات , ونتيجة لتنقل الجثة المستمر من مكان إلى آخر ومن يد شخص لآخر , فقد نسي الجميع بأنها جثة حقيقية ! .. وجرى بيعها عام 1971 لأحد معارض الشمع كدمية (مانيكان) , وعلى هذا الأساس استأجرها كادر مسلسل تلفزيوني شهير يدعى ( رجل الستة ملايين دولار ) للظهور في إحدى حلقاته عام 1976 .

    وخلال تصوير المسلسل تسبب أحد العمال من دون قصد بكسر ذراع الدمية أثناء إنزالها من حبل مشنقة كانت مربوطة إليه خلال التصوير , ولشدة دهشة الجميع فقد تدلت عظمة طويلة من داخل ذراع الدمية , وأصيب الجميع بالذهول عندما اكتشفوا بأن ما خيل أليهم بأنه دمية من الشمع هو في الحقيقة مومياء بشرية حقيقية .



    اخيرا .. بعد 65 سنة .. حضي مكوردي بمكان يرقد فيه بسلام ..

    المومياء نقلت إلى أحد المراكز الطبية , وهناك عثر الأطباء أثناء تفحصهم للمومياء على خمسة سنتات فضية تعود لعام 1926 وعلى بطاقة دخول أحد المتاحف محشورة داخل فم المومياء ! .. كما عثروا على الرصاصة التي قتلت مكوردي عام 1911 وظلت قابعة في صدره لعشرات السنين .

    أخيرا .. وبعد رحلة طويلة استغرقت خمسة وستون عاما , انتهى المطاف بجثة ألمر مكوردي إلى مقبرة مدينة أوكلاهوما لتدفن هناك على حساب حكومة الولاية , ومن أجل ضمان أن لا يعبث أحد بالجثة مجددا فقد جرى دفنها تحت مترين مكعبين من الخرسانة المسلحة .

    ختاما .. عليك أن تتذكر قصة ألمر مكوردي وأنت تدخل أنفاق وبيوت الرعب في مدن الألعاب .. فمن يدري .. ربما بعض تلك الدمى المخيفة التي تظهر عليك فجأة لترعبك .. ربما تكون حقا جثة بشرية منسية ..




  • #2
    السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
    تحياتي للأخ محمد عامر
    بصراحة أعجبني أسلوبك بالكتابة رغم أن القصة مثيرة نوعاً ما
    ليس من عادتي أن أقرأ قصة أو مقالاً كاملاً ..
    يكفيني كلمة من كل سطر أو كلمتان ..وبشكل هرمي في قرائت القصص
    لكنك بأسلوبك أستطعت أن تجعلني أقرأ القصة كاملة ..
    أسلوب محترف في الكتابة ووضع الكلمات في مكانها ..
    تحياتي لك ...جميلة جداً
    بالتوفيق لك وللجميع
    سبحان الله وبحمده . سبحان الله العظيم

    عذراً لعدم التحليل على الخاص

    تعليق


    • #3


      اخى العزيز

      اشكرك على كلماتك الرقيقة التى تشبة ازهار الربيع حقا

      اهدى اليك قصة اخرى بمناسبة الكلام عن الانفاق وبيوت الرعب
      قد لا يختلف اثنان في أن باريس مدينة رائعة الجمال .. لكن ما لا يعلمه اغلب الناس، هو أن تحت هذه المدينة الكبيرة التي طبقت شهرتها الآفاق، وأسفل صروحها العظيمة كبرج أيفل واللوفر وبوابة النصر الشهيرة، توجد متاهة عظيمة من الإنفاق المظلمة التي حفرتها سواعد آلاف العمال الكادحين عبر القرون حتى توسعت لتصبح عالما آخر لا يمت بصلة لباريس النور والجمال .. عالم سري مخيف تحرسه ملايين الجماجم وتعطر أجواءه رائحة الموت الثقيلة ..
      تعال معنا في رحلة قصيرة لنتعرف على سراديب الموت الباريسية
      .



      ربما تكون الصورة المطبوعة في ذهن اغلب الناس عن باريس تتمثل بالشوارع الصاخبة التي تتناثر المقاهي على جنباتها والقصور التاريخية ذات الحدائق الغناء والمتاحف والمسارح والمعارض الفنية وضفاف السين الجميلة .. الخ، ولا شك في أن باريس تزخر بالكثير من هذه الأمور، فهي مدينة عريقة تواجد البشر فيها منذ أقدم العصور، وعثر المنقبون فيها على آثار يعود تاريخها إلى 6000 عام. لكن الوجه الخفي من باريس والذي يكاد معظم الناس لا يعلمون عنه شيئا، هو أنفاقها وسراديبها القديمة، فأسفل العاصمة الفرنسية هناك 280 كيلومترا من الإنفاق والدهاليز والردهات والممرات المظلمة التي تشكلت خلال قرون مديدة من الحفر والتنقيب لاستخراج الجبس وصخور الحجر الجيري التي استخدمت في بناء المدينة نفسها.

      في باريس القديمة، والتي كانت تدعى "لوتيتيا" في زمن الرومان، كانت الصخور تقتلع من مناجم مفتوحة فوق سطح الأرض لكي تستعمل في تشييد المسارح والحمامات والمسابح وغيرها من المرافق والصروح الرومانية.





      وبعد رحيل الرومان وغلبت قبائل الفرانك على بلاد الغال أو ما يسمى اليوم بفرنسا، أتخذ الملك كلوفيس الأول باريس عاصمة لمملكته عام 508 ميلادية، ومنذ ذلك الحين بدئت المدينة الصغيرة تزدهر وتتوسع حتى زحفت أحيائها السكنية لتغطي مقالع الحجارة الغنية بالصخور، وهو ما جعل عملية الحفر المفتوح مستحيلا، مما اضطر عمال المناجم إلى الانتقال للحفر تحت سطح الأرض. وحين توج الملك فيليب الثاني ملكا على فرنسا عام 1180 ميلادية، تصاعدت وتيرة الحفر بتشجيع منه وذلك لحاجته الماسة للأحجار ومواد البناء الأخرى من أجل تشييد سور كبير يحمي المدينة من هجمات الأعداء، وهكذا ظهرت أول شبكة للأنفاق الباريسية ثم توسعت باستمرار عبر القرون حتى امتدت تحت اغلب أجزاء العاصمة.

      في القرن الثامن عشر شكلت الأنفاق والسراديب العميقة تحت باريس خطرا متزايدا على مباني وقصور المدينة، فأغلب هذه الأنفاق كانت مهجورة ولم يكن معلوما على وجه الدقة إلى أين تمتد وأين تنتهي، وهذا الأمر قاد في النهاية إلى تخسفات مهولة في أجزاء عديدة من باريس مما أدى إلى تدمير أحياء سكنية برمتها، وصار الناس مرعبون من
      أنفاق الموت المختبئة تحت منازلهم، ولهذا صدرت عام 1777 إرادة ملكية بوقف العمل في الأنفاق وإغلاق وردم أجزاء كبيرة منها.
      لكن باريس القرن الثامن عشر لم تكن تعاني من الانهيارات فقط، بل كانت مشاكلها متنوعة ومتعددة، وهذا هو ما قاد في النهاية إلى تفجر الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789. وإحدى مشاكل باريس الكبرى آنذاك كانت جثث وهياكل الموتى!. فباريس كما ذكرنا سابقا هي مدينة قديمة، ولمئات السنين كان سكانها يدفنون موتاهم في مقابر متفرقة حول المدينة حتى ضاقت تلك المقابر بموتاها، فتقرر حل المشكلة في القرن الثاني عشر الميلادي عن طريق افتتاح مقبرة مركزية جديدة أسمها مقبرة القديسين الأبرياء (Saints Innocents Cemetery ) ليدفن فيها الباريسيون جثث موتاهم. لكن بمرور الزمن تحولت المقبرة الجديدة إلى مشكلة بحد ذاتها، فالدفن فيها كان يتم بطريقة عشوائية غير منظمة، خصوصا بالنسبة للفقراء، حيث كانت جثثهم تكدس فوق بعضها وغالبا ما تدفن من دون كفن، وكان القساوسة يقومون بإفراغ القبور القديمة بين الحين والآخر وينقلون هياكل الموتى داخلها إلى مقابر جماعية عند أطراف المقبرة، وبهذا كانوا يفسحون المجال للمزيد من جثث الموتى الجدد.

      في الحقيقة كانت مقبرة القديسين الأبرياء أشبه بمقابر تراكمت فوق بعضها حتى وصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أقدام، كانت أرضها متخمة بالجثث ولم يكن هناك متسع لموتى جدد، لكن مع هذا استمر المسئولون عنها في تكديس المزيد والمزيد .. وبالطبع فأن هذه الجثث المكدسة والمضغوطة داخل مساحات صغيرة أصبحت بالتدريج مصدر إزعاج كبير للسكان، فسوق المدينة المركزي كان يقع بالقرب من المقبرة، ورائحة التعفن والتفسخ المنبعثة عن الجثث كانت لا تطاق، وقد امتدت هذه الروائح الكريهة إلى مياه الشرب المستخرجة من الآبار فلوثتها، ثم وقعت الطامة الكبرى حين تهدمت بعض الأجزاء من جدران المقبرة نتيجة الضغط المتراكم فوقها فقذفت بالجثث المتفسخة والنتنة إلى الشوارع مما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة.





      أصبحت مقبرة القديسين الأبرياء تشكل مصدر إزعاج كبير في قلب باريس، لذلك أخذت السلطات تبحث عن حل لهذه المشكلة المتفاقمة، وقد خطرت لأحد ضباط الشرطة فكرة جيدة عام 1777، كان هذا الضابط يدعى أليكساندر لينور، وقد أقترح نقل جميع الجثث والهياكل العظمية الموجودة في مقبرة القديسين الأبرياء إلى بعض الأجزاء من شبكة الأنفاق الباريسية. وفي عام 1785 وافقت الحكومة على خطته فتقرر نقل المقبرة بأكملها إلى مجموعة من الأنفاق تقع إلى الجنوب من باريس.

      نقل الموتى من المقبرة إلى الأنفاق لم تكن مهمة سهلة، فنحن هنا نتحدث عن جثث وبقايا أكثر من ثلاثين جيلا من سكان باريس، أو ما يقارب الستة ملايين من الموتى المكدسين فوق بعضهم. لهذا فأن عملية النقل كانت شاقة استمرت لعدة سنوات.
      كانت القبور تنبش أثناء الليل ثم تنقل الهياكل العظمية في عربات سوداء ضخمة إلى الأنفاق لتكدس هناك دونما عناية أو ترتيب، لكن في عام 1810 قام مهندس يدعى لويس دي توري بالأشراف على عملية ترتيب هذه العظام والجماجم إلى شكلها الحالي الذي يراه السياح عند زيارتهم لسرداب الموتى في باريس
      (Catacombs of Paris ).

      إذا سافرت يوما إلى باريس .. وإذا كنت من صنف نادر من الناس اللذين يقضون عطلاتهم وسفراتهم في التجوال داخل المتاحف والمناطق الأثرية والتاريخية .. إذا كنت من هذا النوع – لأن أحدا لن يقبل بالسفر معك - ، وإذا كنت لا تعاني رهاب الأماكن الضيقة والمغلقة، فأنصح بزيارة سراديب الموتى
      وبعد قطعك للتذكرة ستهبط سلما طويلا يتألف من 83 درجة (20 مترا) سيوصلك إلى رواق معتم يسوده صمت ثقيل لا يقطعه سوى صوت المياه المترقرقة داخل مجرى مائي خفي عن الأعين، الرواق الطويل سيوصلك إلى مدخل سرداب الموتى حيث ستستقبلك صخرة كتب عليها بالفرنسية : "قف ، هذه إمبراطورية الموت"!، وما أن تعبر هذا المدخل حتى تتيقن بأنك قد دخلت فعلا إمبراطورية الموت .. مملكة هاديس السفلية المظلمة .. حيث العظام والجماجم تحيط بك من كل جانب، وحيث ترمقك محاجر العيون الفارغة لأناس ماتوا قبل مئات السنين بنظرات جوفاء تلسع برودتها جلدك وقد يخفق لها قلبك – رعبا بالطبع - .. أذا وصلت إلى هناك فدع عنك الخوف وتجول ومتع ناظريك بالديكورات الجميلة المصنوعة من العظام والجماجم! وتذكر بأن كل واحد من هؤلاء الموتى القابعين في هذه السراديب، كان يوما ما أنسانا مشى على أديم الأرض وكانت له حياته وعائلته وأمنياته وأفراحه وأحزانه .. الخ، رجال أغنياء وفقراء ساوى بينهم الموت، نساء حسناوات كن يوما ما محط الأنظار ومهوى الأفئدة .. أناس كانوا مثلي ومثلك وانتهى بهم المطاف كقطعة ديكور في مقبرة جماعية! .. أنها سخرية الأقدار .. لكن هل نعلم أنا وأنت إلى أين ستنتهي جماجمنا بعد مئات السنين ؟.

      سراديب موتى باريس تمتد لـ 1.7 كيلومتر، وهناك بوابات قديمة صدئة تخفي وراءها أقساما أخرى غير مسموح للسياح بالتجول داخلها.

      وفي الختام، فهناك قصص عديدة حول وجود الأشباح في هذه السراديب والأنفاق المظلمة حتى أن عشاق قصص الأشباح صنفوا المكان ضمن أشهر عشرة أماكن مسكونة حول العالم.

      العديد من الزوار قالوا بأنهم أحسوا بنسمة هواء باردة تلامس أجسادهم، وبعضهم شعروا بأن شخص ما يمشي خلفهم ويلاحقهم، وبعضهم سمع أصوات خفية تهمس في آذانهم، ولا عجب في ذلك، فإضافة إلى ملايين الهياكل العظمية المكدسة في هذه السراديب، هناك أيضا أمور فظيعة حدثت داخلها، ففي عام 1871 قام عدد من اليساريين الفرنسيين بقتل مجموعة من أنصار النظام الملكي داخل أحد هذه السراديب، كما إن المقاومة الفرنسية والجنود النازيين خاضوا جولات من القتال والمطاردات الدموية داخل هذه الأنفاق خلال احتلال الألمان لباريس في الحرب العالمية الثانية.



      تعليق


      • #4
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        الأخ الكريم محمد عامر
        تحياتي لك وبارك الله بك وبالأخوة جميعاً
        وكل الشكر لك على هذه القصة الرائعة ( !!!!!!!!-!-!!!!!!؟! )
        وأول شيئ أستطيع أن أقوله أن الحمد لله رب العالمين على نعمة الأسلام .حمداً كثيراً
        نحن أغنى من في الأرض لو نعلم .
        بفضل الله علينا ونعمته التي أنعم بها علينا .
        سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
        قصة رائعة أخي محمد والمعنى فيها ...لا يوصف
        عندما يرى الأنسان شيئاً يفوق كل الكلمات في التعبير عما رآه ..
        يلجأ إلى الله فيقول
        الله اكبر . يارب . سبحان الله . ما شاء الله .
        لأنه غير قادر على التعبير أو لأهوال ما رآه ..
        والله لا نرضى هذه القبور حتى للحيوانات .
        والله أنه لنا إله يعبد بحق .
        الحمد لله على نعمة الأسلام
        ...............
        بارك الله بك أخ محمد على تقدمه
        وجزاك الله عنا كل خير
        دمت برعاية الله
        سبحان الله وبحمده . سبحان الله العظيم

        عذراً لعدم التحليل على الخاص

        تعليق

        يعمل...
        X