إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسطورة اوزيريس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسطورة اوزيريس







    أسطورة اوزيريس

    جاء ذكر قصة اغتيال أوزيريس بواسطه أخيه ست في عدة نصوص جنائزية منقوشة على الجدران في غرف الدفن الملكية بالأهرامات المصرية عشرات القرون قبل الميلاد. وتحتوى هذه الكتابات القديمة، المُكوَّنة في العديد منها من نصوص دينية، على تعاويذ وصلوات مختلفة، تسرد عادة لمحات من الحياة بعد الموت للملوك وللأسر الحاكمة، ومن ضمن ما ترويه أسطورة إيزيس وأوزوريس التي تضيء هيكلية النظام الملكي وكذلك بعض تفاصيل الحياة الآخرة، كما أنها تحكي قصة أول عملية اغتيال في التاريخ. ملخص الأسطورة أن "جب" إله الأرض و"نوت" آلهة السماء أنجبو أربعة أطفال: ست وأوزيريس وأخواتهما إيزيس ونيفتيس. تزوجت إيزيس من أخيها أوزوريس الذي كان حاكما على مصر، وغار منهما ست الذي حاول التخلص من أوزيريس وقتله للإستيلاء على السلطة. وقد اقامت الالهه بعد ذلك محاكمه لست وادانته علي جريمته ومنحت حكم البلاد لحورس، إبن إيزيس وأوزيريس، واصبح ست حاكما للصحراء،



    واعادت الالهه الحياه لاوزوريس ولكنه رفض ان يكون ملكا علي الارض وفضل ان يكون حاكما وقاضيا للعالم السفلي بعيدا عن عالم البشرية وبعيدا عن الشر. بعض نسخ الأسطورة تقول أن دافع ست لقتل أخيه يعود إلى رغبته في الإنتقام من أوزوريس الذي قام بإهانته والتعدي عليه جسديا بركله بقدمه أمام الحاشية، وفي رواية متأخرة، رغبة ست في الإنتقام تعود إلى حادثة من نوع آخر، وهي وجود علاقة غرامية وجسدية بين أوزوريس وأخته الثانية نيفتيس زوجة ست. وربما يكمن الصراع الحقيقي بينهما في رغبة أوزيريس في تغيير الحياة ونمطها في مصر، حيث أن إيزيس التي كانت أول من يكتشف زراعة القمح وأعطت السنابل الأولى لأوزيريس، قرر أن ينشر هذه الفكرة في كل مكان، فقام بتعليم البشر الزراعة وكيفية حرث الأرض وسقايتها وصناعة المحاريث والآلات الزراعية واستعمالها لتقليب الأرض وتخصيبها وزراعة القمح والشعير وعلمهم صناعة الخبز والنبيذ والبيرة، ثم عاد أخيرا إلى مصر ليحكمها ويواصل تحويلها وزراعتها، وهنا استيقظت النوازع الشريرة في قلب أخيه ست الذي يبدو أنه كتم حسده وغيرته لسنوات طويلة. فاقام حفلا كبيرا بحجة تهنئة ايزيس واوزوريس والإحتفال بزواجهما، وكان قد أمر بصناعة صندوق ذهبي في شكل تابوت مزين بالنقوش ومرصع بالجواهر الثمينة ذو مقاييس محددة ودقيقة بحيث يناسب قامة أوزوريس. وأخبر المدعووين ان هذا التابوت سوف يكون من حق من ياتي علي مقاسه بالضبط ويكون هدية له من الملك. و بدأ الضيوف واحدًا تلو الآخر بالتناوب على الإستلقاء في الصندوق - التابوت دون نجاح يذكر، فالصندوق لم يناسب أي منهم، سوى أوزوريس في نهاية المطاف، حين جاء دوره واستلقى في الصندوق الذهبي، أغلق ست وأعوانه التابوت عليه وأحكموا غلقه ثم صبوا عليه الرصاص، ورموه في النيل . طفا الصندوق، وبداخله أوزوريس، وحملته مياه النيل إلى البحر تقوده الأمواج والتيارات البحرية حتى حجزته أغصان شجرة الطرفاء النحيلة وأعاقته عن مواصلة الحركة واستقر عند شواطئ مدينة بيبلوس.





    وبقي هناك زمنا، ونمت شجرة الطرفاء الصغيرة بشكل غير طبيعي وبسرعة مذهلة لملامستها للتابوت الذي يحمل الجثة المقدسة حتى احتوت الصندوق بكامله واختفى كلية داخل جذعها. وحين رأى ملك بيبلوس الشجرة الضخمة، اندهش لنموها غير المألوف وأعجب بضخامة جذعها، فأمر بقطع الشجرة لاستعمال خشبها لصناعة عمود يزين به قصره ويكون دعامة للسقف. وما أن تمت عملية صناعة العمود ونصبه وسط القصر، حتى بدأت تنبعث منه رائحة شذيه وعطر نفاذ يعبق في كل أنحاء القصر. وداع صيت هذا العطر السحري في كل أنحاء البلاد حتى وصل مسامع إيزيس في مصر والتي أدركت على الفور معناه ومصدره. ذلك أن إيزيس عندما علمت بمقتل زوجها، ذهبت للبحث عن جثته مع أختها نيفتيس، خوفاً من ألا تستطيع روحه أن تعود إلى جسده، فلا ينتقل إلى العالم الآخر، وجابت الأرض سعيا وبحثا عن جثه زوجها دون طائل،


    وتقول الاسطورة ايضا انها استمرت فى البكاء حتى عطفت عليها تماسيح النهر وعاونتها على ايجاد جثة زوجها وتحديد مكانها في جذع شجرة بيبلوس. فذهبت إلى بيبلوس متنكرة في هيئة إمرأة عادية من عامة الشعب وتمكنت من دخول القصر كمربية لإبن العائلة الملكية، حتى نالت ثقة الملكة فكشفت عن هويتها وتمكنت من استعادة الصندوق الذي يحتوي جثة أوزيريس وخبأته في مستنقعات الدلتا. غير أن ست الذي كانت له عيون وآذان في كل مكان من مصر،علم بالامر وتمكن من سرقة الجثة وقطعها إلى أربع عشرة قطعة وزعها على كل أقاليم مصر. لم تستسلم إيزيس وتمكنت من جمع أشلاء زوجها جميعها، إلا جزءا واحدا، وهو عضوه التناسلي الذي أكله السمك في النهر، وربما هذا هو السبب في تحريم أكل السمك عند قدماء المصريين كما يقول بعض المؤرخين. بكت إيزيس وانتحبت ليلا ونهارا، واستعملت دموعها للصق الأشلاء بعضها ببعض وإعادة بناء جسده كما كان. وصنعت له عضوا ذكريا من الذهب، أو من الخشب حسب روايات أخرى، واستعانت بقوة الآلهة لإعاده الروح إليه لفترة من الوقت.




    وولدت أيزيس بعد ذلك ولداً وهو حورس، وأصبح أوزوريس ملكاً في مملكة الموتى. أما إيزيس فكانت تخشى على ابنها "حورس" من عنف وكراهية "ست"، فقامت بتربيتة في أحراش الدلتا سراً حتى شب وصار رجلا ليعود إلي الوادي ويطالب ست بعرش أوزيريس ودمه .. وأصبح ملكا بدوره وقاتلا لقاتل أبيه. ولا شك في أن هذه الأسطورة لم تتخذ هذا الشكل المبسط والنهائي إلا بعد عدة تطورات وتغيرات في التفاصيل على مر العصور والأزمان كأي أسطورة عرضة للثقافة السائدة وتقلباتها السياسية والإجتماعية وأهداف الذين يوظفون النص وأغراضهم المعروفة أو المجهولة. غير أنه لا بد من ملاحظة التشابه الكبير في البناء السردي بين هذه الأسطورة وبين قصة هابيل وقابيل. ولا شك بأنها المصدر والنموذج الذي ساهم في تشكيل أسطورة قابيل، رغم الإختلاف الجوهري بين عملية القتل المباشر الذي تمليه العاطفة وفقدان الإتصال بالواقع والمرتبط زمنيا وجغرافيا باللحظة الحاضرة، وبين الإغتيال الذي تمليه دوافع سياسية أو إجتماعية وينفذ بطريقة منظمة وبخطة عقلية مدروسة لأهداف مستقبلية.



















يعمل...
X