إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الماسونية ... نشأتها وأهدافها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الماسونية ... نشأتها وأهدافها


    الجزء الاول
    تلخيص كتاب
    الماسونية
    نشأتها وأهدافها

    إهــــــــــــــــداء الى كل مجاهد مدافع عن أرض الإسلام والعروبة ضد العدو الصهيوني ، وضد كافة أشكال الاستعمار وأساليبه."الماسونية" حركة خطيرة ما أن يُطرح اسمها حتى يثور القلق في نفسنا ونسترجع مؤامراتها ومكائدها التي اعتمدت السرية إخفاءً لحقيقة أهدافها وأرادوا أن تكون الماسونية من جملة الأقنعة التي تستتر مخططاتهم وراءها.

    يقول حكماء صهيون في البروتوكول الخامس عشر من بروتوكولاتهم: "إنه من الطبيعي أن نقود نحن وحدنا الأعمال الماسونية، لأننا وحدنا نعلم أين ذاهبون، وما هو هدف كل عمل من أعمالنا، وأما الكوييم فإنهم لا يفهمون شيئاً حتى ولا يدركون النتائج القريبة، وفي مشاريعهم فإنهم لا يهتمون إلا بما يرضي مطامعهم المؤقتة، ولا يدركون أيضاً حتى أن مشاريعهم ذاتها ليست من صنعهم بل هي من وحينا".

    وإذا كانت الماسونية تعتمد السرية فهذا أمر بديهي لأنه أسلوب اعتمدته كل الحركات المخرّبة على امتداد التاريخ، فهو يسترها عن أعين الملاحقة والرقابة، ويعطيها إمكانات هائلة للتزوير وتبديل الطروحات والمواقف، وذلك يساعد في استقطاب الأتابع، لأن عدم وجود أهداف معلنة واضحة يسمح لدعاتها لأن يستخدموا مع كل شخص، أرادوا تضليله، أساليب ومفاهيم تناسب أهواءه وتطلعاته.
    إلا أن الماسونية تعتمد التهويل، والتضخيم مما يوقع بعض الضعاف في حبائلها، عندما تحاول أن توجد محطات تاريخية لتقول بأن الماسونية موغلة في القدم، أو عندما تحرِّف بعض مجريات التاريخ لتنسب لنفسها إنجازات تاريخية عديدة، أو تزعم أن معظم مشاهير التاريخ والحاضر هم ممن انتسبوا لها وتتلمذوا فيها، وهذا الأمر يؤدي ببعض الناس الى الاستسلام لها وعدم مقاومتها أو مقاومة صانعيها يهود تحت شعار: أنهم أقوياء، وهم وراء كل بكيرة وصغيرة، وأنهم يقتلون من يتعرض لهم، ويهود شعب ذكي. . الخ.
    إن هذه الأوهام يجب أن نتخلص منها أولاً؛ لأنها تسليم بنظرية الشعب المختار اليهودية، وهذا عدوان على الدين والإنسانية جمعاء، حيث الحقيقة بأن كل مؤمن تقي هو من المقربين لله تعالى، وأما يهود فقد لعنهم الله في صريح القرآن الكريم، ووصفهم الإنجيل بأنهم خراف ضالة.

    إن إبراز حقيقة هذه الحركة، والتي هي كمثيلاتها الحركات الباطنية والسرية، هو ما دفعني لعرض ملخص لهذا الكتاب الهام والهدف من ذلك وضع صوره حقيقية أمام الاخوة الزملاء ليعرفوا أعداءهم الذين يتظللون وراء حجب متعددة الألوان والأسماء، ويعرف أن الماسونية أداة صهيونية عليه محاربتها ومقاومة أتباعها لأن في ذلك دفاعاً عن الدين والأمة والأوطان والمقدسات.
    والماسونية حركة تشكل أداة بيد الصهيونية والاستعمار، ولكنها ليست الوحيدة، فمن متفرعاتها أندية الروتاري والليونز التي يتباهى، بكل وقاحة، بعض من ينسبون أنفسهم لمراكز دينية أو ثقافية، زوراً، بالانتماء لها أو حضور احتفالاتها، ومن مثيلاتها حركات هدامة وأبرزها اليوم البهائية والقاديانية

    ولا بد من توجيه الشكر للكاتب الدكتور أسعد السحمراني مؤلف كتاب
    الماسونية ، نشأتها وأهدافها




    والان الى ملخص لفصول الكتاب ولطولة فسوف اقسمة الى عشرة اجزاء


    الماسونية اشتقاق لغوي من الكلمة الفرنسية (MACON) ومعناها "البنّاء" والماسونية تقابلها
    (MACONNERIES)، أي البنّاؤون الأحرار. وفي الإنكليزية يُقال: فري ماسون (FREE-MASON) (البناؤون الأحرار).

    وبذلك يتضح أن هذه المنظمة يربطها أصحابها ومؤسسوها بمهنة البناء، وبالفعل يزعم مؤرخوها ودعاتها أنها في الأصل تضم الجماعات المشتغلين في مهن البناء والعمار، وفي هذا التبرير التخفيفي يحاولون إظهارها وكأنها أشبه بنقابة للعاملين في مهن البناء.

    إلا أن تتبع تاريخها، واستقراء نظمها وأهدافها المعلنة أو المستترة، يدلّ على أنها تخفي وراء الأكمة ما تخفي. وكما سيتبيّن معنا لاحقاً، فإن المسألة ليست احتراف مهنة البناء، وإنما دعوة سياسية، من منطلقات يهودية، تعمل لتحقيق مزاعم بني إسرائيل في العودة الى ما يقولون إنه أرض الميعاد (فلسطين والقدس بخاصة)، وذلك لإعادة بناء هيكل سليمان حيث كانت النشأة الأولى لهذه الجمعية، كما يزعمون في أدبياتها.

    إن تغليف الهدف السياسي بادعاء الحق التاريخي في فلسطين زعم فارغ؛ والقول إنها جمعية بنائين أحرار ما هو إلا أسلوب في العمل يُراد به تسخير جماعات لهدف صهيوني، وهي تعلم أو لا تعلم جوهر الحقيقة، فإن كان الماسون، من غير يهود، لا يعرفون الخلفية فينخرطون في صفوفها فتلك مصيبة، وإن كانوا يعلمون ومع ذلك ينخرطون فالمصيبة أعظم.

    إن إضفاء الضبابية، عند الماسون أنفسهم، حول تعريف منظمتهم يشكل مؤشراً لما ذهبنا اليه، ففي القانون الأساسي للمحفل الكبر المصري جاء مثلاً:

    المادة (1):
    الماسونية، أي البناية الحرة، المسماة أيضاً بالفن الملوكي، هي عشيرة أدبية لها رموز خاصة وموضحة بروايات مجازية. والغرض من العشيرة البحث وراء الحقيقة والأحاسن ودرسها والسعي في نشرها، والإعجاب بالجمال وممارسة الفضيلة".

    ويطالعنا أحد الماسون جورجي زيدان، بإقراره أنها جمعية سرية، فيقول:
    "الماسونية كما، لا يخفى، جمعية سرية، ونظراً لما كان يتهددها من الاضطهادات المتواترة في الأجيال المظلمة وغيرها كانت تبالغ في إخفاء أوراقها".

    ويتابع جرجي زيدان قائلاً: " فالماسونية إذاً قد نسجت على منوال الجمعيات السرية القديمة، هذا إذا لم نقل إنها فرع من فروعها أو استمرار إحداها".

    والسؤال الذي يحق لنا أن نطرحه هنا: إذا كانت الماسونية نقابة محترفي أعمال بناء فما الداعي لسريتها وإخفاء أوراقها؟

    وإذا كانت منظمة بنّائين فما علاقتها بالجمعيات السرية؟
    وبأية جمعيات سرية لها علاقة؟
    هل بتلك التي أعطت لنفسها طابعاً دينياً؟ أم سياسياً؟ . . الخ.

    وإذا كانت الأجوبة، على مثل هذه الأسئلة، غير جاهزة، فإن الاستنتاج يقودنا الى رفع درجة الشك والريبة بهذه المنظمة وبأهدافها.

    ومما يمعن في ضبابية التعريف قول ماسوني آخر: " البنائية عالم مجهول، عريقة في القدم، عراقة الوجود الإنساني، سائرة جنباً الى جنب مع التاريخ.
    . . . البنائية عالم مغلق، لم يتمكن إنسان بعد من الوصول الى قاعها البعيد، فدون الكنوز المستقرة في هذا القاع أبواب عديدة موصدة، يتطلب فتحها جهداً ومثابرة وتضحية هي فوق طاقة الإنسان".

    وينتقل فؤاد فضول الى التهويل بأهمية الماسونية التي لا حدود لها في مختلف الميادين، بما فيها الدين وبعثة الرسل، فيقول:
    "مهدت لظهور الأديان، وأعطت المرسلين الركائز الروحية لانتشار دعواتهم، والأسس الفكرية، والقواعد الخلقية، والقوانين والشرائع لترسيخ أديانهم. . رموزها وطقوسها وأسرارها كانت في جوهر تكوين الأديان والجمعيات والمؤسسات الخيرية الإنسانية، والفكرية، والعلمية . . ."

    لكن الماسونية تختلف في قانون المحفل الأكبر المصري، حيث جاء في قانونه عدم تعصبها للأديان فكيف يستقيم الأمر بألا تتعصب للأديان وهي قاعدة انطلاقها؟
    ثم بعد ذلك أي الأديان من أصل ماسوني؟
    هل هي الوثنية؟
    أم هي شرائع السماء المنزلة وحياً من الله تعالى؟
    وما دخل الماسونية بذلك؟
    وإذا كانت لا تتعصب للأديان فالسؤال: من الذي دعاها الى ذلك والدين إيمان ورحمة وليس تعصباً؟ فقد جاء في قانون المحفل المصري:

    المادة (3)
    من أصول العشيرة عدم التعصب للأديان واحترام سائر المذاهب المعروفة. أما شعارها فهو: الحرية والإخاء والمساواة".

    نصل بعد ذلك الى تعريف لماسوني آخر هو حنين قطيني الذي يقول: "الماسونية لفظة مختصرة من أصل لاتيني وهي مركبة من مقطعين (فرا ماسون)؛ أي النباؤون الأحرار. شعارها: الحرية والمساواة والإخاء.
    من هو الماسوني؟
    رجل مؤمن بالله وبخلود النفس .

    هذه خطوط عامة جداً، ولكن إذا أردنا أن نعرف بدقة ما هي الماسونية؟
    وما هي أفكارها وأهدافها؟ يأتينا الجواب مبهماً غامضاً والتبرير هو السرية، ومن مثل ذلك جواب حنين قطيني:
    "في الواقع لا نعرف للماسونية نظرية رسمية، وكل ما نعرفه فيها نظريات متفقاً عليها اتفاقاً ضمنياً من السلطان الماسونية المختلفة، وقد يصيب خلل في بعض التفاصيل بسبب اختلاف نزعات هذه السلطات الماسونية نفسها، وإن الماسونية لم تصل، حتى الآن، الى تكوين سلطة عليا تتحد فيها جميع السلطات، لأن الأخيرة تحتفظ بسيادتها وتغار على استقلالها معتزة بوقتها، منفردة بتقاليدها، رغم منافاة هذا الانعزال لجوهر الماسونية وطبيعة وجودها".

    إن شكوى هذا الأخير من عدم وجود سلطة متفاهمة للماسونية، وأن أهدافها ضمنية، يزيدنا شكاً بمآرب هذه المنظمة التي يحاول من يمسكون بخيوطها الدقيقة الفعلية تضليل عملائهم بواسطة عدم الثبات على طرح قواعد واضحة، وأهداف صريحة.

    ومما يطالعنا وينم عن التضليل والتمويه المتعمد أن مؤلف "دائرة معارف ماسونية" حنا أبي راشد يقول مرة:
    "بدأت الفكرة الماسونية، كالفكر منذ البدء، أسطورة من أساطير الحقيقة، والحقيقة بعثت الفكرة في هيكل سليمان، فاقترنت بالعمل، مهما كابر أرباب التاريخ"

    والغريب هنا قوله: "من أساطير الحقيقة"، فكيف يمكن جمع هاتين الكلمتين المتناقضتين، من حيث المدلول والمعنى. ثم إن سليمان، عليه السلام، عاش كما هو معروف في حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وإذا كانت الماسونية نشأت في هيكله لماذا لم يثبت حنا أبي راشد على رأيه؟ حيث نراه يقول في مكان آخر من مؤلفه:
    "الماسونية كلمة فرنسية، مأخوذة من قولهم (MACONS) بمعنى بنّاء، إذ كانت في الأصل مقصورة على طائفة البنائين، وذلك قبل الميلاد بنحو سبعة قرون".

    يتبع

    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-10-04, 10:51 PM.

  • #2

    الجزء الثانى


    إن القراءة المتأنية لتاريخ الحركة الماسونية في الكتب، التي خطّها مناصروها والمنتسبون اليها، أو خصومها، لا توصلنا الى جواب شاف واضح عن حقيقة هذه الجمعية السرية، لا بل قل الجمعيات المتعددة النظم والمفاهيم التي لا يربطها سوى خيط رفيع شكلاً هو التسمية "ماسونية"، ويربطها، من حيث الجوهر، رابط مستتر سأحاول تتبعه لاحقا إن شاءالله والهدف منة هو الإفساد وخدمة اليهود والحركة الصهيونية.

    لقد بالغ كثيرون من الماسون في الحديث عن تاريخ حركتهم عندما حاولوا أن يربطوها تاريخياً بكل جمعية سرية، أو جمعية بناء قامت في التاريخ، ويعترف بذلك أحدهم، وهو جورجي زيدان في كتابه: "تاريخ الماسونية العام" فيقول:
    "للمؤرخين في منشأ هذه الجمعية أقوال متضاربة؛ فمن قائل بحداثتها فهي على قوله لم تدرك ما وراء القرن الثامن عشر بعد الميلاد، ومنهم من سار بها الى ما وراء ذلك فقال
    إنها نشأت من جمعية الصليب الوردي التي تأسست سنة 1616 م
    ومنهم من أوصلها الى الحروب الصليبية،
    وآخرون تتبعوها الى أيام اليونان في الجيل الثامن قبل الميلاد.
    ومنهم من قال: إنها نشأت في هيكل سليمان.
    وفئة تقول: إن منشأ هذه الجمعية أقدم من ذلك كثيراً، فأوصلوها الى الكهانة المصرية والهندية وغيرها.
    وبالغ آخرون في أن مؤسسها آدم،
    والأدهى من ذلك قول بعضهم إن الله سبحانه وتعالى أسسها في جنة عدن، وإن الجنة كانت أول محفل ماسوني وميخائيل، رئيس الملائكة، كان أول أستاذ أعظم فيه، الى غير ذلك من الأقوال المبنية على الوهم".

    إن هذا النص، الذي أوردناه للماسوني جرجي زيدان، لا يحتاج لتعليق، فهو كافٍ لإطلاع الاخوة الزملاء على الحالة الأسطورية التي يحاول الماسون إلحاقها بجمعيتهم لكي يزرعوا في عقول الناس شبحاً يجلب القلق اسمه: الماسونية.

    إن المتفحص لهذا النص يستطيع أن يحكم بأن الماسونية شتات وآراء وأقوال متضاربة وأنها لا تقف على أرض صلبة واضحة المعالم.

    وجورجي زيدان نفسه، الذي يعترف بأن الأقوال عن قدم الماسونية مبنية على الوهم، نراه يبيح لقلمه أن يحدّد تاريخاً ثابتاً لنشأة الماسونية فيقول في كتابه :
    "إن مهد هذه الجمعية رومية، وأول اجتماع التأم تحت اسم البناية كان في سنة 715 ق.م. بأمر نومابومبيليوس، وتحت عنايته" .
    إن جورجي زيدان، بعد تصريحه هذا، يحاول جاهدا أن يربط عمليات بناء المعابد والأسوار، وكل أشكال العمارة، بالماسونية وكأن الإنسان على الأرض لم يبنِ إلا لوجود الماسونية، وكأن الدارس لتاريخ العمارة يمكنه أن يعدّه تاريخ الماسونية، وهذا كلام لا يقوم عليه دليل ولا برهان.

    إن كل ما يقال في هذا الباب هو مبني على الوهم، كما قال بنفسة فعلاً، أما الماسونية بنظامها المعروف اليوم وأهدافها فيتفق عليه كل الكتّاب تقريباً، وعن هذا يقول جرجي زيدان:

    "يبتدئ تاريخ الماسونية الحديث أو الماسونية الرمزية من سنة 1717م. وقد قيل لها رمزية لأن الأدوات التي تستعمل فيها تختص البناء العملي".
    ويناقض كلام جورجي زيدان كلام ماسوني آخر هو حنا أبي راشد في مؤلفه: "دائرة معارف ماسونية" وهذا الأخير نرى في أقواله ما يوضح لنا حقيقة الإضطراب اللاحق بتاريخ الماسونية ونشأتها، وهذا يثبت لنا الحالة الأسطورية لهذه الحركة.
    يقول حنا أبي راشد معترفاً بالإضطراب والزئبقية عند محاولة تحديد مسار الحركة الماسونية:
    "لم ينعقد إجماع المؤرخين والباحثين على تاريخ أصفى، يمكن أن يكون هو التاريخ الصحيح، الذي نشأت فيه الماسونية البناءة. . إن المصادر التاريخية الواضحة لم تستطع أن تضع للماسونية تاريخاً محدداً، لأنها بوصف كونها جمعية سرية – كما كانت نشأتها قديماً، أو جمعية ذات رموز، واصطلاحات خاصة، كما هو شأنها اليوم – حرص رجالها، على أن تظل اجتماعاتهم وأعمالهم، في طي الكتمان" .
    والغريب في الأمر أنه في مكان آخر يخالف أقواله هذه، فنراه يحدد، بشكل قاطع، بداية نشأة الماسونية، ويعيد الفضل في تأسيسها الى عهد سليمان الحكيم، فيقول:
    "إن الماسونية نشأت في عهد سليمان الحكيم سنة 1015 ق.م.، إذ كان عهده موصوف بحضارة امتازت بصفة عمرانية بارزة، اقتضت قيام جماعة البنائين الأحرار، بتأسيس هذه الطريقة، في هيكل سليمان نفسه، ذلك هو القول الذي قد يكون أقرب الى سلامة البحث في موضوع نشأة الماسونية" .

    ومزاعم الماسون في هذا الباب تقوم على أن سليمان اهتم ببناء الهيكل والعمران بشكل عام، وكان في صور يومها الملك حيرام الذي أرسل اليه يطلب منه أمهر البنائين ليساهموا في بناء الهيكل فأرسل له جماعة كان أمهرهم بناء "حيرام إبي" وعلى يد هؤلاء، كما يزعمون، تم تأسيس الماسونية العملية التي لم يكن في عضويتها إلا من أتقنوا فنّ البناء.

    ولكن هذا الزعم لم يستقر على منهج واحد فنرى حنا أبي راشد يحاول أن يزيد في ضبابية الماسونية بعد أن قطع ببداية نشأتها وقال إنها عملية للبنائين فيقول:
    "بدأت الفكرة الماسونية، كالفكر منذ البدء، أسطورة من أساطير الحقيقة، والحقيقة بعثت الفكرة في هيكل سليمان، فاقترنت بالعمل، مهما كابر أرباب التاريخ.

    والفكرة حكمة، ولدت في بناء الهيكل، للاحتفاظ بسرية البناء!. . . ثم أصبحت فيما بعد، بفضل الحكيم سليمان، والمهندس حيرام إبي، والفينيقي ملك صور، عقيدة عمرانية، توارثها البناؤون القدماء أجيالاً، وآمن بها العلماء والمفكرون . . .وقد احتفظ "البناؤون الأحرار القدماء والمقبولين" بسريتها".
    إن أقوال حنا أبي راشد تحمل تناقضاً واضحاً، فمرة يقول: الماسونية فكرة وحكمة، وينتقل ليقول بأنها تحولت الى عقيدة عمرانية عملية، ثم يطالعنا بأن العلماء والمفكرين قد اعتنقوها!
    والغريب فعلاً هو كيف يكون العمران عقيدة؟!
    ويقول بأن البنائين احتفظوا بسرية جمعيتهم. والسؤال إذن كيف اعتنقها رجال الفكر ومن أين تعرفوا عليها؟!

    يقفز حنا أبي راشد بعد هذا قفزة أخرى في المجهول ليحدّد تاريخاً آخر لنشأة الماسونية، وكأن ما يفعله يذكرنا ببرامج إذاعية عنوانها: من كل بلد أغنية. فماذا يقول هذه المرة؟ يقول في دائرة معارفه نفسها عن تاريخ الماسونية:
    "وتاريخها على الوجه المعقول؛ أي تاريخ الماسونية الرمزية، يرجع الى عهد إبراهيم الخليل (1996 ق.م. – 1821 ق. م.) الذي كوّن جمعية العمال البنائين، وأمرها بهدم تماثيل الوثنيين" .
    ولم يتوقف حنا أبي راشد صاحب الموسوعة، والذي يدّعي أنه أستاذ أعظم تمّ على يديه تكريس ماسونيين كثر، عند هذا الحد بل يبقى في تخبّطه وهو يتحدث عن المسار التاريخي للماسونية، ولست أدري كيف يمكن للإنسان أن ينتمي لحركة تعتريها الضبابية نشأة ومبادئاً ونظاماً؟!!
    في حديثه عن مهد الماسونية يقول:
    "الماسونية كلمة فرنسية، مأخوذة من قولهم (maçon) بمعنى بنّاء، إذ كانت في الأصل مقصورة على طائفة البنائين، وذلك قبل الميلاد بنحو سبعة قرون. . . كان أول اجتماع عُقد باسم – بناية البنائين – في رومية سنة 715 قبل الميلاد، وذلك بأمر وتحت رعاية الإمبراطور نومابومبيليوس وذلك بعد موت روميلوس باني رومان، وكان هذا الامبراطور أحد أعضاء الجمعية السرية المقدسة. . .".
    بهذا الاستعراض لأقوال حنا أبي راشد يمكن للاخوة الزملاء أن يتلمسوا طريقهم الى موقف سليم من الماسونية، وما ينشر حولها من معلومات، فإذا كان في دائرة معارف عنها – ويفترض فيها تحري الصدق – ولمؤلف واحد، وهو كما يزعم من كبار قادة المحافل فيها، هذا الضياع في تحديد المنشأ فكيف الحال بين مؤلف وآخر، ومنتمٍ لها وآخر؟؟ –

    إن هذا الاستعراض يعطي دليلاً كافياً على وهمية الكثير من المعلومات المطروحة حول هذه الحركة، ويحملنا على القول بأنها لا تعدو كونها ككل الجمعيات السرية الهدامة التي تعتمد المنهج الباطني، والتي تعتمد الحيلة والمكيدة لزيادة أتباعها، وذلك باتباع أسلوب تعدد الطرح بما يناسب الموقع والشخص. في الحركات الباطنية يعتمد مع كل شخص أسلوب يناسب أهواءه، وهكذا الحال في الماسونية.

    إن ما نقوله ليس كلاماً مرتجلاً، أو موقفاً من خلفيات – اللهم إلا البحث من أجل كشف حقيقة هذه الجماعة الهدّامة – وإنما الماسونيون أنفسهم يعترفون بهذه الحالة من الضياع والضبابية التي تكتنف نشأة حركتهم ومبادئها. فهذا – مثلاً – أحدهم شاهين مكاريوس يقول:

    "لم يتفق المؤرخون على أصل الماسونية وكيفية نشأتها، فقد تضاربت الآراء واختلفت الأقاويل فيها، فمن ناسب أصلها الى أقدم الأزمان، ومن قائل إنها لا تتجاوز الجيل السابع عشر. وبالإجمال فإن دون معرفة الحقيقة أستاراً مسدولة تمنع النور عن خرق الحجاب".

    لماذا هذه الأستار يا ترى لو لم يكن وراء الأكمة ماوراءها؟

    فهذه الحركة عدوة للدين، للأخلاق، للقيم، وإذ كنا سنتحدث عن هذا الموضوع لاحقاً، ولكن لا بد، والكلام هنا عن النشأة، من إيراد هذا النص الذي يربط نشأة الماسونية بالعداء للمسيحية وفي ذلك ثمة إرضاء لليهود ولسواهم.

    فلقد جاء عن نشأة هذه الحركة أنها أسّست بعد ظهور السيد المسيح، عليه السلام، لمحاربة أتباعه، ويظهر ذلك في التصريح التالي:
    "قال حيرام: لما رأيت أن رجال الدجال يسوع وأتباعهم يكثرون ويجتهدون بتضليل الشعب اليهودي بتعاليمهم مثلت أمام مولاي جلالة الملك هيرودس أكيبا واقترحت عليه تأسيس جمعية سرية مبدأها محاربة أولئك المضلين".
    إن هيرودس أكربيا هو ملك اليهود من سنة 37 بعد الميلاد الى سنة 44، وهو حفيد هيرودس الكبير، الذي قتل أطفال بيت لحم. وبهذه المعلومة يضاف سبب آخر، في أسباب نشأة هذه الجمعية الهدامة، يتضح منه أنها ليست لا جمعية بناء، ولا حركة بنائين، وإنما حركةً ذات أهداف هدامة في ميدان الدين والسياسة والفكر، هذا وإن كنا نستبعد العودة بنشأة هذه الحركة الى ذلك التاريخ.

    إن هذه المزاعم في قِدَم الماسونية تهدف الى مسألتين:
    1- إيهام الناس بأنها حركة قديمة ملازمة لكل التكوينات المجتمعية والجماعات البشرية حيثما حلت، وأن ما ظهر من أنماط عمرانية، ومعالم حضارية، تاريخياً ليست إلا بفضل وجود هذه الجمعية، وذلك للتأثير في ضعاف النفوس والمولعين بالغرائب والطلاسم والألغاز.

    2- محاولة نسج خيط يربط كل الجمعيات السرية تاريخياً، بمختلف أنواعها، لإفهام من يريد بأن الماسونية وراء كل هذه الجمعيات، وهي السبب في وجودها ونشأتها، وهي وراء بروز ووصول من برز أو وصل، وهذا الأمر كذلك موجّه الى ضعاف تشغلهم الأهواء وتستهويهم الإتكالية، وتغرّهم الحيلة.
    إن الحقيقة التي تجمع عليها كل المصادر أن نشأة الماسونية لا ترقى لأكثر من مطلع القرن الثامن عشر، وهو العصر الذي كانت أوروبا تتخبط فيه بين التيارات الفكرية ونشأة الأحزاب، والتجمعات بشعارات الإصلاح الديني، أو السياسي، أو الثقافي، أو الاجتماعي أو سواها، لذلك لا داعي للذهاب بعيداً قبل هذا التاريخ للبحث في المسار التاريخي للماسونية، فهي لا تعدو كونها كغيرها من الحركات التي نشأة في تلك الحقبة في أوروبا بعد الثورة الصناعية لهدف أو آخر، ولكن الماسونية، كما سنوضح لاحقاً أو كما بات أكيداً، واحدة من الحركات التي أسسها يهود تواصلاً مع تاريخهم المشتهر بالمكائد والمؤامرات.

    حكاية الماسونية بدأت في بريطانيا بعد ثلاث سنوات من حكم الملك جورج الأول الذي دام حكمه (1714م – 1727م)، والانطلاقة كانت ببروز هذه الحركة الى الوجود بالتقاء أربعة محافل أو جماعات سرية كانت منتشرة في جنوبي إنكلترا، وهذه المحافل هي:

    • محفل (Goose And Crediron) وكان يجتمع في فسحة كنيسة ماربولس.
    • محفل (Crown).
    • محفل (Apple – Terre Tavern).
    • محفل (Rummer And Grapes Tavern).



    لقد التقت هذه المحافل الأربعة في مقر الثالث بمناسبة عيد القديس يوحنا المعمدان، في حزيران من عام 1717م، وقرروا، بعد اجتماعات متوالية برئاسة أنطوني ساير (ANTONY SAYER)، تأسيس ما يسميه الماسون الماسونية الرمزية، أي التي تضم أشخاصاً عاملين في حقول غير البناء والعمارة، وكان الاقتراح، بأن يدخل الحركة أعضاء من مختلف المهن والحرف، مقدماً من محفل كنيسة مار بولس الذي كان أقواها فأُخذ به، وبذلك تمّ تأسيس "محفل إنكلترا الأعظم" وعيّن عند التأسيس أنطوني ساير أستاذاً أو رئيساً أعظم لهذا المحفل، والمنبهان كانا: جوزيف آليوت ويعقوب لامبال. وبعد سنة على تأسيس محفل إنكلترا الأعظم تمّ استبدال ساير فأصبح جورج باين (GEORGES PAYNE) أستاذاً أعظم والمنبهان هما: جان كوردويل وتوماس موريس. وبهذا ظهر الى الوجود أول محفل ماسوني أكبر في العالم قاطبة، وتعاقب عليه الأساتذة والمنبهون.

    أما في فرنسا فإن أول محفل أبصر النور تمّ تأسيسه بين أيار وتموز من عام 1728 على يد الدوق وارتون (WHARTON)، الذي كان أستاذاً أعظم في لندن. والمحفل الفرنسي وكل المحافل كانت تحت سلطة المحفل الأكبر في إنكلترا الى أن كان العام 1773 حيث اجتمع حوالي 46 أستاذاً أعظم في باريس لعدة مرات في حزيران، ومن ثم في أوائل أيلول، من العام المذكور، أبصر النور في فرنسا محفل جديد مستقل عن "محفل بريطانيا الأعظم" اسمه: الشرق الأعظم (LE GRAND ORIENT)، ونشط هذا المحفل، ما قبل الثورة الفرنسية عام 1789، حيث بات يتبع له قرابة 500 محفل تضم 130000 منتسب، واستطاع بسط سلطته على المحافل في فرنسا فقطعت علاقتها مع المحفل الأعظم الإنكليزي.

    في العودة الى النشأة مع "محفل إنكلترا الأكبر" لا بد أن نذكر أن أبرز الشخصيات المؤسسة كان جورج باين، والدكتور جيمس أندرسون والدكتور تيوفيليوس ديزاجيليه، عضو الجمعية العلمية الملكية البريطانية، والذي كان محبباً للملوك، وخاصة جورج الثالث، وهذا ما ساعد على انتشار الماسونية بسرعة حيث احتضنت من السلطات البريطانية في ذلك الحين.

    في أيلول من عام 1721 أوكل الماسون في بريطانيا للدكتور أندرسون (ANDERSON) مهمة وضع نظام أو دستور ماسوني، استناداً الى نصوص قديمة كانت تعتمدها جمعيات سرية منها يهودي ومنها مناوئ للكنيسة الكاثوليكية، وأبرزها نصوص مقدمة من محفل (GOOSE AND CREDIRON) الذي كان يجتمع في كنيسة مار بولس كان قد وضعها عام 1703. وبعد جهد متواصل من أندرسون أنهى عمله ودُعي 24 محفلاً من بريطانيا في آذار من عام 1722 لمناقشة مشروع النظام الماسوني المقدم من جيمس أندرسون وإقراره، وكان يومها الأستاذ الأعظم لمحفل إنكلترا الأعظم الدوق وارتون (WHARTON). وبعد إقراره الدستور الماسوني الموضوع من قبل أندرسون وضع في التداول منذ عام 1723 [
    11].

    وإذا كانت الماسونية الرمزية قد بدأت في بريطانيا عام 1717 وأقرّ دستورها سنة 1723، وهو ما يعرف بالطقس الأسكتلندي الماسوني، وبعدها كان الشرق الأعظم الفرنسي سنة 1773، فإن حبات السبّحة قد تساقطت بعدها، وتناثرت المحافل الماسونية هنا وهناك كل منها يسفّه الآخر ولا يعترف بمشروعيته، وهذا الأمر يعلم ضعاف النفوس ممن يظنون أن الماسونية شبح يقف وراء كل شخص بارز أو مشهور، ووراء كل قضية تنتصر أو تفشل، وما ذلك إلا وهم وزّعه الإعلام الصهيوني، فالماسونية لا تعدو كونها حركة ذات منشأ يهودي – كما سنوضح لاحقاً – وهي كغيرها من الحركات السرية لحق بها الإنقسام، وساد بين المنتسبين اليها جوّ توزيع التهم والخصام.

    هذة الفرضيات يؤكدها كتاب صدر حديثاً عنوانه: "الماسونية بين الانحراف والأصولية"، قام بترجمته يوسف ضوميط، وفيه ما حرفيته:
    "لا يزال البعض يتصور الماسونية على أنها مؤسسة عالمية لها تنظيمها الخاص، وتعمل وفق ما ترسمه لها هيئتها المركزية، كأن الماسونيين جنود طائعون يمتثلون بإخلاص للأوامر المعطاة لهم من رؤسائهم دون نقاش أو جدل".

    ويكمل صاحب الكتاب:
    "إن الحكومة الماسونية ليست موجودة لأن الماسونية – ككيان قائم – لم تعد موجودة هي أيضاً. فليس هناك أي جامع مشترك بين ماسوني أميركي تستهويه الأعمال الخيرية ومآدب العشاء والصداقات الطيبة، وماسوني ملتزم يناضل في هذا المحفل الفرنسي أو ذاك (واستطراداً في هذا الحزب السياسي أو تلك الحركة الدينية) . . . فهذا دليل على ضياع الماسونية وتشتتها بحيث لم يعد لهذه الكلمة مفهوم واضح وتعطي انطباعاً للرأي العام بأنها أصبحت بؤرة للدسائس والمؤامرات على أنواعها"
    .
    ويعود الكاتب ليعلن أيضاً ألمه لما أصاب الماسونية فيقول: "إن تشتت الماسونية أصبح أمراً واقعاً والتفجع عليه لا يفيد، وينبغي للتعاليم الماسونية السعي لقلب الشر الى خير" .

    وعن كون الماسونية مطية للإنتهازيين يقول:
    "إن أخطر ما نواجهه في هذه المرحلة هو تآمر بعض السياسيين للاستفادة من سذاجة الماسونيين وتحويل البنية الماسونية مطية لتحقيق مآربهم" .
    إن هذا الكلام الذي نقلته أردت به أن يتخلّص القارئ العربي من أوهام أرادها الأعداء، أوهام ومقولات أن الماسونية والصهيونية وراء كل شيء، وما علينا إلا أن نعترف لهم، ونستسلم لهم فلا حول لنا ولا قوة. إن إشاعة هذا المنطق مؤامرة لا يجوز بأي حال التسليم بها، إنهم يحاولون، ولكن أصابهم الإخفاق في مواطن كثيرة والمستقبل الأسود ينتظرهم حيث سقطت أقنعة كثيرة عن وجوههم.


    يتبع

    تعليق


    • #3

      الجزء الثالث


      الانتساب والرموز

      لا يوجد ثمة توافق بين المحافل الماسونية على مراسم الانتساب للماسونية، وعلى ترتيب الأدوات الرمزية داخل المحافل، ولكن هناك خيطاً رفيعاً يجمعها، ويشكل القاسم المشترك لها جميعاً، ولأننا بصدد الدخول في اختلافات فِرَق الماسونية، فإننى سأحاول أن أعرض ما يعطي صورة كافية عن الموضوع.

      فإذا كانت الماسونية تعتمد السرية والتعمية أولاً لتضليل الناس عن حقيقة أهدافها، التي ما كانت إلا لخدمة الصهيونية، وثانياً لكي تشد هذه السرية بعض الناس الى السعي لفهم حقيقة الماسونية، وبذلك يتدافع أمثال هؤلاء، محبي الشكف عن الألغاز، على الانتساب اليها. وكثيراً ما يسمع الواحد منا أحاديث وروايات عن هذا الأمر كأن يُقال فلان انخرط في الماسونية ثم انسحب منها، أو فلان لاحظ إشارات بين شخصين يعتقد أنها إشارت التعارف بين الماسون، الى آخر ما هنالك من مقولات كهذه.

      فإن الماسونية، أيضاً، تعتمد الرموز والإشارات في طقوسها وكتاباتها ومحافلها لإدراكهم أن الأمر يحمل المرء على توهّم قدرة عجيبة وراء هذه الجمعية، أو أن القائمين عليها يملكون من خزائن المعرفة ما ليس لسواهم ولذا يستحقون التقدير، فالمعروف أن دهاة يهود يقفون وراء هذه الجمعية السرية.

      "بعد أن عرفوا تأثير الرموز في قلب الإنسان شيّدوا الماسونية العامة على الطريقة التي ترمز الى التاريخ اليهودي، الذي هو نفسه رموز دينية بحتة، فكانت هذه الماسونية أكثر الجمعيات استعمالاً للرموز، وكانت أهمية الرموز فيها شديدة التأثير بما تضمنته درجاتها من إشارات وكلمات وحركات وكل يُستر وراءه معنى من معاني الماسونية"
      وتستفيد الماسونية من هذا الموضوع، موضوع السرية والرمزية في ضبط عناصرها وتخويفهم؛ حيث أن المنتسب للماسونية، أو أحد متفرعاتها، إذ ما كشف أباطيلها، وقرر الخروج من صفوفها تراه يحسب ألف حساب وحساب.
      والماسون أنفسهم يحيكون حوادث وهمية عن أضرار وانتقام ألحقوه بشخص تعرض لهم، أو انتسب لجماعتهم ثم تركها فاغتالوه حتى لا تُفشى الأسرار.

      والغريب في الأمر أن الماسون أنفسهم في مؤلفاتهم من المعلومات، وباحوا بأسرار، إن صحت التسمية، أكثر بكثير مما كتبه الأشخاص المشار اليهم في هذه الموضوعات، وهنا لن أتعرض للأسماء حتى لا أكون قد وقعت في مكائدهم بتصديق ما يشيعونه، ولكن القارئ العربي، حيثما وجد، قد سمع بشيء مما ذكرت.

      إن موضوع الانتساب للماسونية له مستلزماته، ومنها حفلة إدخاله للمرة الأولى الى المحفل بأسلوب يحمل على الغرابة والاستهجان، وسأعرضه كما وصفه صحفي بريطاني هو "كولين روس" من وثيقة ماسونية وقعت بين يديه، وجاء ذلك في ملحق لجريدة "أوزبرفر" الصادرة بلندن في 18 حزيران 1968، ومما جاء في وصفه:

      "
      يمر العضو الجديد، لدى تكريسه، بعملية مخيفة، ولكنها سخيفة وربما مضحكة. . . ففي غرفة انتظار خارج المحفل، يجرد المرشح عن جميع المواد المعدنية التي يحملها. . . وعلى المرشح أن يشمر عن ساقه اليسرى بأن يلفّ سرواله الى ما فوق الركبة، وأن يخلع حذاءه الأيمن ويلبس بمكانه نعلاً مما يُلبس في البيت أو مع لباس النوم. وعليه كذلك أن يخلع سترته، ويفتح قميصه بحيث يكون صدره مفتوحاً تماماً من الجهة اليمنى. ويُعصب رأس المرشح بعصابة سوداء تغطي عينيه، ويُلف حول عنقه حبل غليظ طويل أشبه بحبل المشنقة ويقاد بهذه الصورة الى الداخل.
      . . . وأول ما يقابل المرشح عند دخوله المحفل، أو بالأصح اقتياده اليه، هو "حارس المحفل" (TYLOR)، وهو الموظف الذي يقف في باب المحفل وبيده سيف مسلول ليحول دون دخول غير المرغوب في دخولهم. وتبدأ طقوس النقر بمطرقة خاصة، ويقاد المرشح الى داخل المحفل، حيث يوجّه الى صدره العاري خنجر يمسّه مساً خفيفاً، ويُجري المرشح حواراً مع الأستاذ حول الدوافع التي جعلته يسعى للانتماء الى المحفل" .

      إن هذه الطريقة المسرحية، التي يخضع لها العضو الجديد، كافية لخلق الوساوس في ذهنه بحيث لو فكر لوقت طويل بها لما أمكنه أن يفهم كل حركة أمر بها رغم تفاهيتها، فلماذا تُعصب عيناه مثلاً؟ ولماذا يخلع نعله الأيمن دون الأيسر؟ ولماذا يفتح قميصه؟ ولماذا .. . ؟ ولماذا؟ . . .إنها الخديعة والمكائد لتثبيت انتماء من تمكنوا من إضلاله بتقديم طلب انتساب لحركتهم الخطرة.
      إن أول الشروط اللازمة لطالب الانتساب، كما حددها نظام المحفل الأكبر الوطني المصري، هي كما يلي:

      "مادة 140

      الشروط اللازمة لقبول الأجانب هي:
      أولاً: أن يكون حر التصرف.
      ثانياً: أن يكون بالغاً السنة الحادية والعشرين من عمره.

      خامساً: أن يكون حائزاً للعلوم الابتدائية على الأقل.

      مادة 141:
      أبناء الأخوة البنائين الأحرار يجوز تكريسهم في تمام سن الثماني عشرة سنة" .
      وشروط الانتساب للشق الأسكوتلاندي، وهو التابع لمحفل بريطانيا الأعظم أو الأكبر، والذي يسمى بالاسكوتلاندي، لا تختلف عن ذلك، فقد جاء في قانونه العمومي: "أما البنّاء الحر والمقبول عضواً فيجب أن يكون حر النسب صادقاً حازماً بالغاً الحادية والعشرين من سنيه، ولا يقبل العبيد والنساء ولا فاسدو الآداب مطلقاً"

      ومن الأساليب المتبعة مع المنتسب الجديد لإلقاء الرهبة في قلبه من مخاطر إفشاء أسرار الماسونية، ولإفهامه أن التوراة كما هي بعد تحريف يهود فيها للكلِم عن مواضعه هي النور الذي اهتدى اليه وعليه أن يتمسك به، وأن يهجر ما عداها من كتب سماوية، وما سوى اليهودية، بالمفهوم الصهيوني الذي نراه اليوم من الأديان، يعتمدون الطريقة التالية ووفق وصفهم هم أنفسهم فلقد قالوا:

      "نعصب على عيني الداخل، في أول الأمر، فلا ندعه يرى شيئاً من جميع موجودات الهيكل حتى يتم حلف اليمين. تُجعل العصابة على عينيه وهو خارج الباب وعند ذلك يأخذه الحاجب ويسلمه الى الكفيل، فيقوده الكفيل الى جهة الرئيس بعد أن يهمس في أذنه قائلاً له أن يخطو ثلاثة خطوات متساوية مبتدئاً بالرجل اليمنى، ثم يوقفه بين العمودين، ونرمز بهذا الإغماض الى أن الخارجي يكون قبل دخوله معنا في ظلام حتى إذا امتزج بنا، واتحد معنا وحلف اليمين، انتقل من الظلمة الى النور، الى الدين اليهودي، الممثّل بالنور، وبذلك إشارة الى أن الإنسان الخارج من الظلمة الى النور يحافظ على النور ويتمسك به لئلا يرجع الى الظلام فلا يرى طريقه فيتعثر في مسيره ويستقر في الظلمة. ثم إن الرئيس يدعوه ويلقي عليه الأسئلة التي يراها مناسبة ويحلِّفه اليمين، وفي يد الرئيس سيف على عنق الحالف وأمام عينيه التوراة على يدي كفيله. وعند انتهائه من اليمين تحلّ العصابة عن عينيه فيرى السيف مسلولاً على عنقه والتوراة، أي النور، أمام عينيه. فبعد هذه الحفلة يلبسه الكفيل مئزراً صغيراً نرمز به الى أنه انضم الينا ليشاركنا في تشييد أسوار بنايتنا؛ أي تحصين الدين اليهودي والمحافظة على كيانه"

      إن اليهود الذين أغلقوا على أنفسهم كل أبواب الانفتاح على الآخرين، وقبعوا في حاراتهم يناصبون البشرية العداء، أغلقوا باب الدعوة ليهوديتهم، ولم يقبلوا أي منتسب جديد لها، حتى إن الطفل الذي يكون من أب يهودي وأم غير يهودية أسقطوه من ملّتهم، قد اعتمدوا أسلوباً آخر لحشد الأنصار لأهدافهم السياسية التي ألبسوها رداء زعموا أنه ديني، من ألوان هذا الأسلوب الحركة الماسونية التي يتحقق لمن يقرأ عن أسلوبها، الآنف الذكر مع المنتسب الجديد، بأن الانتساب اليها يعني الدخول في اليهودية مع حملة تخويف كي لا يرتد عن يهوديته بعد ذلك.

      والمنتسب للماسونية يجب أن يتقدم بطلب خطي، عن طريق ماسوني قديم، الى المحفل الذي يريد الانضمام اليه، ولا يقبل قبل أن يزكيه الكفيل ناقل الطلب، ويكون الطلب على الصورة التالية:

      "
      حضرات رئيس محفل . . المعتبر وأعضائه الكرام.

      بعد تقديم واجبات الاحترام والوقار أعرض أنّي أنا ابن . . . البالغ من العمر .. . سنة المولود في . . . والمقيم في . .. ومهنتي .. . بناء على ما علمته واشتهر عن حسن مبادئ جمعيتكم الموقرة ألتمس الدخول فيها ضمن أعضاء محفلكم المعتبر، وأتعهد لكم بالمحافظة على مبادئ الآداب الشريفة وطاعة القانون والمواظبة على حضور الجلسات لاكتساب الفوائد إذا حُسبت أهلاً وقُبلت فيما بينكم وطلبي هذا بإرادتي واختياري، وأنا مالك تمام صحتي وقوتي بلا إجبار ولا إكراه.
      إقبلوا مزيد احترامي واعتباري لجنابكم.
      تحريراً في .. . سنة .. . الداعي"

      بعد تقديم الطلب والتزكية، ودخول المنتسب الجديد الى المحفل بطريقة تحمل طابع مسرحية مرعبة لحمله على المواظبة والسرية والطاعة في خدمة الماسونية – الصهيونية، يأتي دور اليمين التي يؤديها داخل المحفل، والسيف على رقبته كما جاء في نص سابق.

      وفي أول احتفال يجري لقبول المبتدئ يقسم يميناً نصها وفق المحافل الأسكوتلاندية:

      "أنا . . بين يدي، مهندس الكون الأعظم، وبحضرة أعضاء هذا المحفل، المفوّض المعظم، محفل البنائين الأحرار القدماء المقبولين، المجتمع قانونياً، والمنتظم كما ينبغي، أتعهد بإرادتي واختياري، أن أصون وأكتم الأسرار والرموز، التي تباح لي الآن، أو فيما بعد، في الماسونية القديمة، ولا أبوح بها لأحد، إلا للأخ أو للأخوان الصادقين، أو لمحفل عادل تام، منتظم بعد دقة الاختيار والامتحان والتيقن، بأنه أو أنهم أهل للثقة، وأتعهد، بألا أكتب هذه الأسرار، ولا أطبعها، ولا أحفرها ولا أنقشها، ولا أدلّ عليها، بوجه من الوجوه، وأن أمنع بما استطعت، من يقصد اختياراً، أو إجباراً، أن يفعل ذلك على جميع ما تحت القبة الزرقاء، من الجامد والمتحرك، سواء كان بالحرف، أو بالوصف، أو بالصورة، صريحاً أو غير صريح، لنفسي أو لغيري من الناس، حتى لا تكشف أسرار البنائين الأحرار، ولا يطلع عليها أحد بإهمالي . . . وإذا حنثت بيميني هذا، أكون مستحقاً كل العقوبات الماسونية، حتى القتل" .

      وإذا كانت هذه اليمين قد تختلف بعض عباراتها، بين محفل وآخر، إلا أن ما هو مشترك بينها هو تلك التعهدات القاطعة بالسرية والكتمان، وتعهد المنتسب بالخضوع طوعاً لأية عقوبة يفرضها عليه مسؤولو محفله حتى لو كانت القتل. وإذا كانت الماسونية حركة من أجل توحيد العالم ووقف النزاعات ونشر السلام، وإذا كانت الماسونية جمعية للخدمات الاجتماعية وإشاعة الآداب، وفق مزاعم أتباعها، فلماذا السرية يا ترى؟ لا بل لماذا التشد بالسرية؟ وما ذلك إلا لأنها الخادم لأهداف الصهيونية، عدوة الشعوب والإنسانية.

      يستخدم الماسون، في أدبياتهم ورموزهم، كلمة محفل يدلّون بها على أماكن اجتماعاتهم السرية، ويشيرون بهذه الكلمة بشكل مموّه للهيكل لأنهم أرادوا أن يتعاهدوا على إعادة بناء هيكل سليمان في القدس.

      والمحفل، بالتعريف الماسوني، هو:
      "مكان يجتمع اليه البناؤون الأحرار للعمل ليعلّموا ويهذّبوا أنفسهم بأسرار الفنون القديمة، وبعبارة أعم يطلق على الأشخاص أو المكان، فكل اجتماع قانوني أو جلسة منتظمة للبنائين الأحرار يدعى محفلاً، فيجب على كل أخ (ماسوني) أن يكون تابعاً لمحفل من المحافل وخاضعاً لقانونه الداخلي ولقانون العشيرة العام" .

      والمحفل في دستور الماسونية، والتزاماً بأهدافها في إعادة بناء هيكل سليمان تحقيقاً لأطماع العدو الإسرائيلي، في أرض فلسطين والقدس خاصة، يجب أن يكون تصميمه الهندسي مماثلاً لوضع هيكل سليمان، وبذلك يضفي الماسون على محافلهم صفة من القداسة لتحريك الوجدان المؤسس على عقيدة خاطئة عند أتباعهم، كما هي حال يهود تماماً. ففي مواصفات المحفل جاء في نظامهم:
      "المحفل يمتد من الشرق الى الغرب، لأن الشمس تشرق في الشرق وتغرب في الغرب، ولأن العالم نشأ في الشرق ومنه امتد الى الغرب، ولأن المحافل يجب أن تبنى على مثال هيكل الملك سليمان، وذلك الهيكل بني على شكل خيمة الشهادة التي أوحى الله بها لموسى".

      هذا هو المحفل بمعناه الهندسي، وهو إحياء وتذكير دائم بمهمة الماسون – اليهود ببناء هيكل سليمان، لكن تأسيسه بالمعنى النظامي، واستحدائه له شروطه أيضاً، ووفق محفل الشرق الأسكوتلاندي حُدّدت شروط تأسيس المحفل بما يلي:

      "مادة 141:
      متى أراد عدد لا يقل عن السبعة من البنائين الأحرار الأساتذة الحائزين على تمام الصفات المطلوبة (أي مسددين الرسوم المطلوبة وغير مرتكبين جرائم) أن يؤسسوا محفلاً جديداً فعليهم أن يرفعوا الى الشرق الأعظم عريضة يبيّنون فيها الأسباب التي دفعتهم لتأسيس المحفل، ويطلبون اليه أن يرخِّص لهم بالعمل ويمنحهم البراءة".
      ولا يتم تأسيس محفل جديد، عند طلب ذلك، وفق ما جاء، إلا إذا تمت تزكية الطلب من قبل محفليْن ماسونيين مجاورين، وقد تختلف الإجراءات نسبياً عند محافل أخرى غير المحفل الأسكوتلاندي، ولكن التباين ليس بذي بال فهو عند آخرين على الوجه التالي:
      "يقدم تسعة أساتذة عريضة الى المحفل الأكبر باسم الأستاذ الأعظم يطلبون فيها إنشاء محفل جديد بالإسم الذي يختارونه والمكان والزمان للاجتماع، وبعد الترخيص لهم، حسب الأصول الماسونية، يحضر الأستاذ الأعظم والمندوبون من قبله لتكريس المحفل رسمياً وتثبيت موظفيه" .

      عند تأسيس المحافل الجديدة أو تكريسها، وفق الاصطلاح الماسوني، تغلق الأبواب بعد دخول الجميع الى مكان المحفل، وعادة تكون حفلة التكريس الأولى بحضور الأساتذة مؤسسي المحفل ومعهم الأستاذ الأعظم للطريقة الماسونية التي يتبعون لها، أو الأستاذ الأعظم الإقليمي. وبعد افتتاح الحفلة بأدعية من مثلها مثلاً:
      "نسألك يا إلهنا وإله بني إسرائيل، يا من لا إله غيرك، أن تهب السكينة والرحمة في قلوب عبيدك الضعفاء المخلصين لك".

      بعد الأدعية تُقدم الألبسة والأوسمة للأستاذ الأعظم، ويكون هذا الأخير قد قرأ البراءة التي تجيز للأساتذة تأسيس محفلهم الجديد، ومن جملة مراسم التكريس الطواف مرات عديدة في المحافل مع ترنيمات وأدعية لاسم مهندس الكون الأعظم، وتقديم خطيب المحفل كلمة يتلو فهيا نصوصاً توراتية.

      "من سفر أخبار الأيام الثاني الإصحاح الثاني من عدد (1) الى عدد (16). وأمر سليمان ببناء بيت لاسم الرب وبيت لملكه. وأحصى سليمان سبعين ألف رجل حمّال وثمانين ألف رجل نحّات في الجبل ووكلاء عليهم ثلاثة آلاف وست مئة وأرسل سليمان الى حيرام ملك صور قائلاً: كما فعلت مع داود أبي إذ أرسلت اليه أرزاً ليبني له بيتاً يسكن فيه، فهأنذا أبني بيتاً لاسم الرب إلهي لأقدس له، لأوقد أمامه بخوراً عطراً ولخبز الوجوه الدائم وللمحرقات صباحاً ومساءً وللسبوت (ج. سبت) والأهلة ومواسم الرب إلهنا. هذا على إسرائيل الى الأبد" .

      إن ما يقرأن الخطيب في تكريس محفل جديد لا يحتاج الى كبير عناء كي يثبت من خلاله الارتباط الوثيق بين الماسونية ويهود، لا بل – وكما ألمحت سابقاً – كأن الطقوس في الماسونية هي ترتيبات دخول لفرد أو جماعة محفل ما في الديانة اليهودية، فإننا نلاحظ في الكلام الآنف استخادم النصوص من التوراة أولاً، ثم التركيز على إعادة بناء الهيكل، أي السعي لأرض الميعاد، كما يدّعي اليهود، وحرمة أيام السبت وفق المعتقد اليهودي. فهل نحتاج الى دليل حتى نقول؛ إن الماسونية صُنعة يهودية بعد كل هذا يا ترى؟!. . .

      ومن طقوس تكريس المحفل التي تثبت يهودية الماسونية ومعاداتها للإسلام والمسيحية، استخدام كلمة "يهوه" العبرية في مخاطبة الإله الخالق سبحانه، وشرب الأنخاب بهذه المناسبة. ومما جاء في هذا الباب في القانون العمومي لمحفل الشرق الأسكوتلاندي:
      "ثم يلفظ الأستاذ الأعظم أو الأستاذ الأعظم الإقليمي البركة قائلاً: باسم يهوه العظيم الذي يليق له كل مجد أكرّس هذا المحفل للعشيرة الماسونية".
      . . . ثم يقدم المحافظ الأول الأعظم . . . ويقول:
      أيها الأستاذ الأعظم الكلي الاحترام (أو أيها الأستاذ الأعظم الإقليمي الفائق الاحترام) إن الخمر الذي هو دليل القوة والفرح والذي جرت العادة منذ القديم أن يستعمله إخواننا عند تكريس محافلهم أقدمه لك في هذه الحفلة ليستعمل جرياً على العادة الماسونية الثابتة.
      ثم يلفظ الأستاذ الأعظم أو الأستاذ الأعظم الإقليمي، البركة الثابتة قائلاً: باسم القديس يوحنا أكرس هذا المحفل" [5].
      بعد ذلك يعلن الأستاذ الأعظم تكريس المحفل باسم الأستاذ الأعظم لمحفلهم الأم، ويرتل الجميع بعض الإصحاحات من التوراة كخاتمة لحفل التكريس.

      أما عن ترتيب المناصب في المحافل بين الأعضاء فإنها أشبه بترتيب عسكري، كما يتضح من القانون الأساسي للمحفل الأكبر الوطني المصري، وهي في هذا المحفل على الوجه التالي:
      "مادة 21: ينقسم أعضاء المحفل الأكبر الى موظفين عظام وضباط عظام، سواء كانوا متقلدين وظائفهم حالاً أو تقلدوها سابقاً، ودرجاتهم تعتبر كالآتي:

      الموظفون العظام:
      الأستاذ – الأعظم – الأساتذة العظام السالفون – نائب الأستاذ الأعظم – نواب الأساتذة العظام السالفون – مساعد نائب الأستاذ الأعظم – مساعدو نواب الأساتذة العظام السالفون – الأساتذة العظماء الريفيون – الأساتذة العظام السالفون – المنبهان العظيمان – المنبهون العظام السالفون – أمين الخزينة الأعظم – كاتب السر الأعظم – مساعد كاتب السر الأعظم – الخبيران العظيمان – المرشدان العظيمان – أمين الدفتر خانه الأعظم – المهردار الأعظم.

      الضباط العظام:
      المهندس الأعظم – التشريفاتي الأعظم – مساعد التشريفاتي الأعظم – المهيب الأعظم – مساعد المهيب الأعظم – الخازن الأعظم – حامل الكتاب الأعظم – حامل العلم الأعظم – السيّاف الأعظم – المدبرون العظام – الحاجب الخارجي الأعظم.

      مادة 22:
      "لا يجوز تقليد وظيفتين لأخ واحد"
      .

      إضافة الى تقسيم المناصب في المحفل، وهي كثيرة كما لاحظنا، وكلها تحمل عبارات المبالغة، فإن الماسون، ووفق أقدمية انتسابهم للماسونية ومقدار تطورهم فيها، يتوزعون على ثلاثة مستويات هي: التلامذة – الرفاق – الأساتذة.
      وفي الانتقال الى ترتيب بناء المحافل الذي يزعم الماسونيون أنهم يقلدون في تنظيمها هيكل سليمان كي يعمل الماسونيون بكل جهدهم لإعادة بنائه وتنظيم المحفل على مثاله ليتذكروه دوماً، نلاحظ في هذا الترتيب أن الركائز الأساسية للمحفل ثلاثة أعمدة تقوم عليهم قبة زرقاء، أما عن تفسير ما ترمز اليه هذه الأشياء فيقولون:
      "إن محافلنا ترتكز على ثلاثة أعمدة وهي: الحكممة والقوة والجمال، فالحكمة لازمة في إدارة أعمالنا، والقوة لا مندوحة عنها لدى كل خطر، والجمال ضروري للزينة.

      وسقف المحفل مثال القبة الزرقاء التي لا يرقى اليها إلا بمعراج من درجاته الإيمان والرجاء والرحمة. أما الإيمان فبمهندس الكون الأعظم، وأما الرجاء فبالخلاص والنجاة. وأما الرحمة فبالإحسان الى سائر الناس".

      ويقوم على مدخل المحفل اثنان من الأعمدة هما عموداً الجمال والقوة. فعمود الجمال يسمى ياكين (YAKIN) وينقش عليه الحرف (G)، ويزعمون أنه الحرف الأول من اسم جاكين، وهو أحد أسباط يعقوب عليه السلام. وعمود القوة يسمى بوعز (BOUZ)، وينقش عليه الحرف (B) ويزعمون أنه الحرف الأول من اسم بوعز الجد الرابع للنبي سليمان عليه السلام.

      ويعيد الماسونيون سنّة وضع هذين العمودين الى المهندس حيرام الذي بنى "هيكل سليمان. ولون العمودين واحد أحمر والآخر أبيض. ويرمزان للشمس والقمر، وهما رمز للثنائية والاتحاد بين المذكر والمؤنث وبين الموجب والسالب" .

      ومن الرموز الهامة والأساسية في المحافل النجمة السداسية التي هي شارة مشتركة بين اليهود والماسونية، وهي تتألف من مثلثين الأول أبيض والثاني أسود، فإلى ماذا يرمزان؟
      "المثلث الأبيض يمثّل الألوهية والقداسة، وقوة التحول والتطور والقوى الروحانية. والمثلث الأسود المقلوب المكمل للأول يرمز للعدم وللإرادة وللقوى الأرضية والبشر" .

      إن المثلثات المستخدمة بين الرموز الماسونية تكون متساوية الأضلاع وفي وسطها عين ترمز الى العين الإلهية. والمثلث عندهم يحمل معنى الألوهية والثالوث المقدس، ولكنه يختلف عن مدلول ومفهوم الثالوث المقدس في المسيحية، فهو عند الماسونية يعني التثليث في كافة أشكاله ومدلولاته، فهو يشير الى: "الماضي والحاضر والمستقبل، ويرمز الى الحكمة والقوة والجمال، ويرمز الى الملح والكبريت والزئبق (العناصر الأساسية في المواد)، والثلوث في قانون الطبيعة يرمز الى الولادة والحياة والموت. . . الخ. أما العين فهي رمز الإيمان" .

      ومن محتويات المحفل آلات هندسية أخرى كالزاوية، والفادن (آلة تمتحن فيها استقامة البناء) والشاقول، وهذه الأدوات، وهي بعض ما في المحفل، ترمز الى معاني لا يعرفها إلا الماسونيون، ويقولون في ذلك:
      "تكون الزاوية عندنا رمزاً الى وجوب الاشتغال حسب القانون الماسوني، والسير حسب الخطة الموافقة، وتوفيق مسلكنا على أصول الأدب والفضيلة. والفادن يدل على كون البشر جميعاً من أصل واحد وطبع واحد ولهم الرجاء الواحد، وإن يكن الامتياز بينهم ضرورياً لأجل الانقياد ومكافأة المحسنين عملاً والمستحقين تلطيفاً. مع ذلك لا يجوز أن يحملنا شيء من ذلك على نسيان كوننا أخوة لأنه يأتي زمان تزول فيه كل الحواجز بين البشر ولا تبقى سوى مميزات الصلاح والفضيلة، والموت الذي هو مبطل العظائم البشرية يساوي بين الناس.

      والشاقول يعلن لنا وجوب السير باستقامة في أحوالنا المختلفة، ويعلمنا بأن نلاحظ كفتي العدالة ونضبط المساواة بينهما، ونسلك بالاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط ونجعل عواطفنا وأحكامنا منطبقة على خطة الواجب الحقيقي.
      نتعلم من الزاوية القائمة الأدب، ومن الفادن المساواة، ومن الشاقول العدالة والاستقامة في سبل الحياة وسائر الأعمال" .
      لكن هذا التفسير لما ترمز اليه هذه الأدوات الهندسية أو سواها قد يختلف عند محفل غير المحفل الأسكوتلاندي، فالزاوية مثلاً ترمز عند محفل الشرق الأعظم الفرنسي الى تأثير الإنسان على المادة والى ضبط الفوضى.
      وأما البيكار فيرمز الى النسبية التي تقاس بها، أو تحدد بواسطتها أكبر الميادين وأقصى درجات الإبداع التي يتوصل اليها النبوغ الإنساني.

      وخيط الشاقول مثلاً، عند ماسونيين غير الأسكوتلانديين، يعني الأداة التي لا تخطئ، وهو مثل سلم يعقوب يصل السموات بالأرض، وهو علامة الاستقامة والحق.

      وهذه الأدوات، وغيرها من أدوات هندسية يستخدمها الماسون، يدعونها الجواهر المتنقلة لأن الأساتذة العظام، في المحافل والمنبهين، يحملونها معهم دوماً ويسلمونها لمؤسسي المحافل الجديدة عند تكريس محافلهم.
      ومن بين محتويات المحفل: المطرقة وهي "ترمز الى صقل العقول، وتنظيم الأعمال وتجديد القوى، والاستمرار على الجهد، واحتمال المصائب بصبر وجلد".

      ومن بين المقتنيات في المحافل: الكتاب، وهو التوراة، ويقصد به الماسون أنه النور الذي يبدوو الظلام من أمام أعينهم، وهو المعين في ضبط أحكام الإيمان عندهم كما يعتقدون.

      وأكرر: إن رمزية الأدوات ليست واحدة عند الجميع، وهذا هو حال كل الحركات السرية الهدامة، حيث تترك هذه الرمزية مساحة واسعة للمناورة على من يريدون تضليله حيث يفسرون له الأمور وفق ما يهوى وما يحب.
      فالبيكار مثلاً، الذي مر ذكره على أنه مقياس نسبي لميدان النبوغ الإنساني، وهذا في مفهوم الشرق الأعظم الفرنسي، يرمز عند بعض محافل الاسكتلانديين الى أنه العامل المساعد على حفظ الماسون ضمن الحدود اللائقة التي تربطهم مع الجنس البشري وخصوصاً مع أبناء عشيرتهم الماسونية.

      تبقى مسألة في موضوع الرموز هي أسلوب التعارف بين الماسونيين، والذي قد يختلف بين محفل ومحفل، ولكنه في المحفل الأعظم البريطاني (الاسكوتلاندي) على الوجه التالي: يكون التعارف بالقيام بحركة "خاطفة تمثل قطع الرقبة بإبهام ممدود، ثم يدرب على الطريقة الخاصة في المصافحة، وتكون بضغط الإبهام على المفصل الأول من خنصر الشخص المقابل، كما يدرب على الخطوات الماسونية الخاصة، وهي وضع الأقدام بزوايا قائمة" .

      لقد استعرضنا بعض التفسيرات الرمزية لأدوات وحركات يستخدمها الماسونيون في سلامهم وسلوكهم ومحافلهم وعضويتهم، ولكن، كما ألمحت، ليس مفهوم ما ترمز اليه الأدوات واحداً بسبب تعدد المحافل ومناهجها، ولغرض آخر هو موافقة الأمزجة المتعددة لمن يريدون التغرير بهم، وإيهامهم أنهم عرّفوهم بعض الأسرار والرموز وبقيت أخرى سيتعرفونها بالتدريج.

      إنما حقيقة الأمر، كما يقول الماسونيون أنفسهم، هي أن ما أباحوه ليس أكثر من صور جزئية مشوهة تدفع بعض الأشخاص باتجاههم لاستطلاع حقيقة حركاتهم فيتورطون معهم ويضلّون السبيل. فالسر الماسوني كما يقولون:
      "ينتقل عبر الكلمة والصورة والكتابة، والكتابة هي الشعائر وهي لم تنشر إلا بصورة جزئية وناقصة.
      فالشعائر العائدة للدرجة الأولى، أي للمبتدئ، هي معروفة أكثر من سواها. أما الشعائر المتعلقة بالدرجة الثانية، أي للرفيق، فلم تطبع أبداً، والنصوص المتداولة عنها مبتذلة وساذجة. والشعائر العائدة للدرجة الثالثة هي معروفة بصورة مبهمة أسوة بشعائر عيد مار يوحنا (الواقع في الصيف). أما شعائر عيد مار يوحنا الذي يحتفل به في الشتاء وكذلك تلك التي تتعلق بممارسة وظيفة الأستاذ الأعظم، وهي أعلى رتبة في الماسونية، فلم ولن يكشف النقاب عنها أبداً. من هنا يتبين لنا أن الماسونية الممارسة ما تزا لتحتفظ بالكثير من الأسرار على الرغم من أنها اشتهرت بأنها كشفت جميع أسرارها" .

      بعد هذا الاعتراف الماسوني بأنهم لم يكشفوا من أسرارهم إلا القليل المجتزأ، وأبقوا الجوانب الهامة غامضة طيّ الكتمان، وهذا أمر بديهي، ولو قالوا غير ذلك لما صدقناهم لأن الحركة الماسونية أنشئت لأهداف معادية للدين، للقومية، للوطنية، للقيم، للأخلاق، ولذلك ليس من مصلحتها أن تكشف خططها فتسهل بذلك محاربتها، وإفشال ما ترسمه من مؤامرات.
      لهذا السبب نقول، لمن ظنوا أن الماسونية حركة للسلام والإصلاح الاجتماعي: إنكم واهمون أو متآمرون. ونقول لمن دخلوا مع الماسونية بحجة أنهم سيكشفون أسرارها ويغادرونها: إنكم كالظمآن في صحراء يحسب السراب ماء، فلن تعرفوا عنها أكثر مما هو منشور في أدبياتها التي كتبها الماسون أنفسهم، وهذا الأمر استنتجته عندما كنت في مرحلة تجميع هذا الكتاب حيث لم أجد في الكتب التي زعم أصحابها أنهم كانوا ماسونيين وخرجوا بعد أن اكتشفوا حقيقة هذه الحركة وأنها في خدمة الصهيونية، أكثر مما هو مكتوب بأقلام الماسونيين وأنظمتهم المطبوعة والمنشورة.



      يتبع

      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-10-04, 12:45 AM.

      تعليق


      • #4

        الجزء الرابع



        الماسونية والدين

        إن البحث في نشأة الماسونية وأهدافها يعطينا صورة جليّة عن الدور اليهودي في تأسيسها، ومساندتها، وتوجيه حركتها، كي تكون خادماً أميناً، وأداة مقنعة لتحقيق ما يصبو اليه اليهود.
        فالأساتذة الذي رسموا، وما زالوا يرسمون، الدساتير الأصلية للمحافل الماسونية على تنوعها هم في الغالب من اليهود أو المتهودين.
        ورغم التضليل الذي يمارسونه في نظم المحافل بموقف حيادي من الدين، إلا أن الحقيقة هي أنهم يهود في كل حركة وكلمة من نظامهم. فلقد ورد على سبيل التمويه في نظام المحفل الأكبر الوطني المصري المادة (9) ما يلي:
        "لا تتعرض هذه العشيرة في اجتماعاتها للمباحث الدينية ولا تخوض في المباحث السياسية" .

        لكن هذا الموقف لا يصمد طويلاً حيث يطالعنا شاهين مكاريوس، وبلهجة مملوءة بالسخرية من الدعوة الى الدين، بموقف يبدو في ظاهره أن الماسونية لا تتعرض للدين، وليس عندها موقف معاد منه، لكن النص سيبين لنا موقفاً عدائياً صريحاً عند الماسون من الدعوة الدينية والإيمان. يقول مكاريوس عن العلاقة بين الدين والماسونية:
        "إن الماسونية لا تقاوم الدين، أزيد أنها تحترمه كل الاحترام، ولا أعني بذلك أن معلّميها دعاة ووعاظ يطوفون البر ويقطعون واسع الأبحر طلباً في رد مرتد أو هداية كافر وقطع لسان ملحد أو معطل وهلم جرا، ولا أعني أيضاً أنهم يقومون في الكنائس، والجوامع وعلى زوايا المنتزهات والشوارع يقصدون جاهلاً يهوّلون عليه بفارغ كلماتهم، وخائفاً يتقربون اليه بمخرفاتهم، ويزعمون أنهم المحسنون بما يوهمونه من معرفتهم بما يسكن روعه ويزيل من مخاوفه".


        إنه قناع زائف سقط بسرعة عن وجه الماسوني شاهين مكاريوس، فلم يجف حبره في القول: إن الماسونية تحترم الأديان، حتى يطالعك بأقوال تحطّ من شأن الدين، حيث يعتبره تهويلاً يمارسه الدعاة على الجهلة، أو أنه خرافات يتقربون بها اليهم، وبعد ذلك كيف يمكننا تصديقه بأن الماسونية تحترم الأديان؟*!
        وما يبيّن بشكل أكثر صراحة الموقف المستهتر بالدين عند الماسون ما ذكره الأب لويس شيخو عن لسان ماسوني في محفل منفيس بلندن اسمه كولفين (GOLPHIN) الذي قال:
        "إننا إذا سمحنا ليهودي أو لمسلم أو لكاثوليكي أو لبروتستاني بالدخول في أحد هياكل الماسونية، فإنما ذلك يتم على شرط أن الداخل يتجرّد عن أضاليله السابقة، ويجحد خرافاته، وأوهامه التي خدع بها في شبابه فيصير رجلاً جديداً، فلو بقي على ما كان لا يستفيد البتة من محافلنا الماسونية" .

        هذا موقف من محفل بريطاني يتوافق معه موقف آخر معاد للدين تسمعه من محافل أخرى في أكثر من بلد، فعلى سبيل المثال، جاء في نشرة الماسون الألمانية، بتاريخ 15 كانون الأول من عام 1866، ما حرفيته: "ليس فقط يجب على الفرمسون أن لا يكترثوا للأديان المختلفة لكن يقتضي عليهم أيضاً أن يقيموا نفوسهم فوق كل اعتقاد بالإله أياً كان".

        أما إذا يممنا وجهنا الى المحافل الفرنسية فالأمر لا يختلف، بل يزداد الموقف العدائي للدين، لأن المحافل الفرنسية قامت بالأساس على قواعد لادينية (علمانية)، وعملت على هدم الكثلة ومحاربة الإيمان الديني عامة، ومن جملة هذه المواقف ما جاء في نشرة المحفل الفرنسي الأكبر لعام 1923 وفيه:
        "إن رجال الدين عن طريقه يحاولون السيطرة على أمور الدنيا. وعلينا أن لا نألو جهداً في التمسك بفكرة "حرية العقيدة"، وألا نتردد في شنّ الحرب على كافة الأديان لأنها العدو الحقيقي للبشرية، ولأنها السبب في التطاحن بين الأفراد والأمم عبر التاريخ.

        وينقل الجنرال جواد رفعت آتلخان في كتابه من مضابط مؤتمر بلغراد الماسوني، المنعقد سنة 1911، ما يلي:

        "يجب ألا ننسى بأننا نحن الماسونيين أعداء للأديان، وعلينا ألا نألو جهداً في القضاء على مظاهرها" .
        وإذا ما عرف القارئ بأن اليهود هم الذين حاربوا المسيحية والإسلام، وآذوا رسل الله تعالى، وأنبياءه، عليهم السلام، لينشروا الفساد وعبادة المال والمادة، وإذا ما عرف القارئ بأن أرضنا العربية هي مهد رسالات السماء، وأننا حملنا الدعوة الدينية للعالم أجمع لكي ننقل المجتمعات الى رجاب الإيمان بالله الواحد، مما يساهم في نشر الخلق القويم والفضيلة والصلاح، يعلم عندها المرء بأن الماسونية مشروع معدّ لتحقيق أهداف الصهيونية والاستعمار، وأولها إفساد الأثر الذي تركه الدين في تنظيم المجتمعات وسيادة الفضائل فيها.
        إن ما ذهبنا اليه ليس زعماً أو تخميناً وإنما استنتاجاً يصل اليه أي مطّلع على مواقف الماسونية التي تظهر العداء للدين عامة، وعند التحري يتضح أنها عدوة الإسلام والمسيحية دون سواها، ومن هذا القبيل نذكر أبياتاً من الشعر لإبراهيم اليازجي أهداها لشاهين مكاريوس، فيها:
        "الخير كل الخير في هدم الجوامع والكنائس والشر كل الشر ما بين العمائم والقلانس ما هم رجال الله فيكم بل هم القوم الأبالس يمشون بين ظهوركم تحت القلانس والطيالس"
        إن هذا العداء السافر للإسلام والمسيحية، الذي نظمه إبراهيم اليازجي شعراً ليعبر عن موقف الماسونية، هو عينه الموقف الذي جاء في دساتير الجمعيات الماسونية ونظمها. إنهم لا يتورعون عن القول صراحة:
        "إن مبادئ الجمعية الأساسية هي مناوأة يسوع ورجاله، وبعدهم محمد ورجاله، والاحتفاظ بالدين اليهودي دون سواه".

        بسبب هذه الروح العدائية للمسيحية والإسلام لاقت الماسونية رواجاً واسعاً منذ نشأتها في فرنسا بشكل خاص، لأن اللادينية التي روّج لها الكتّاب، والمفكرون، كرد فعل على أخطاء الكنيسة وتسلطها، حوّلت اللادينية الى شبه تيار سائد شكّل أرضاً خصبة للماسونية وأفكارها خاصة دستورها الذي صاغه أندرسون البريطاني، والذي أقرّ في عام 1723. يقول أحد الكتاب الماسون جاك ميتران:
        "في فرنسا، حيث الكاثوليكية هي دين البلد السائد، وجد الثائرون عليها في نصوص أندرسون الماسونية صدى لكنه أفكارهم. وفي مواجهة الدين أو المذهب الكاثوليكي السائد طرحوا – ما زعموا أنه – حرية الضمير التي دعت اليها طروحات أندرسون في عام 1723" .

        إن نصوص أندرسون، التي سميت دستور الماسونية، لم تذكر مطلقاً الله تعالى، ولم تتعرض لكل مبادئ وعقائد الإيمان، كالجنة والنار واليوم الآخر والخطيئة، وإنما كانت عبارة عن خطوط عريضة لأخلاق إنسانية عمادها كما يقول: "الأفضل من الأعمال، والصدق والإخلاص والشرف . . . الخ" .
        لكن المسألة في جوهرهاكانت عند أندرسون والماسون طرح قواعد جديدة للتنظيم الاجتماعي بديلة عن الدين، لا بل معادية له، وهذا ما بدأ يظهر شيئاً فشيئاً في وقت لاحق على وضع نصوص أندرسون.
        لقد أعلن الماسون موقفهم من المسيحية والإسلام بما يظهر التزامهم التام بالموقف اليهودي في هذا الباب، حيث جاء على لسان أحد مؤسسي الجمعيات الخفية، التي مهدت للحركة الماسونية ويُدعى لافي موسى لافي: "في أواخر الجيل السادس للدجال يسوع الذي أضنكنا بتدجيلاته، ظهر دجّال ادّعى التنبؤ والوحي، وأخذ ينادي بالهداية مرشداً العرب الذين كانوا عبدة الأصنام الى عبادة الإله الحق، وسن شرائع مخالفة لسنّة ديانتنا اليهودية، . . . فمال اليه كثيرون في مدة قصيرة، فقمنا نناهض دعوته وإرشاده وسننه ونصرخ بأصواتنا الخفية لنفهم الذين يميلون اليه والى رجاله أنهم وإياهم دجّالون كسابقهم يسوع" .
        ويكمل قائلاً ومؤكداً موقفه:
        "فالواجب الديني والاجتماعي والوطني يقضي علينا بمناوأة تعاليمه بكل ما في الوسع، كما نناوئ تعاليم الدجال يسوع الذين هو علّة إنشاء جمعيتنا" .
        يعلن الماسون في بعض أدبياتهم معاداة عامة، ولكن في أغلب ما كتبوه أو صرحوا به يحملون على الإسلام والمسيحية، ويعملون بموجب تعليمات اليهود، وما حرّفوه من الكلام عن موضعه، وهم يتأرجحون بين اليهودية والإلحاد. ففي حين نرى أحدهم – مثلاً – يعلن حرباً على الإيمان الديني بقوله:
        "نتساءل باستغراب: ما هي حاجة الماسوني الى الايمان وممارسة الدين؟ فإذا تمسك بذلك لن يشعر بأية دعوة ماسونية . . . فالماسوني العملي لا يؤمن بإله وهو يختبر قاعدة مهندس الكون الأعظم" .
        وفي الزعم التاريخي للماسون أن مؤسس حركتهم هو الملك هيرودوس أكريبا، حفيد هيرودس قاتل أطفال بيت لحم، وينقلون عنه ضمن وصاياه لأتباع جمعيته الخفية الزعم اليهودي الذي أنكر ظهور السيد المسيح عليه السلام، فيقول:
        "نحن عالمون أن المسيح المنتظر مجيئه لم يحن بعد ميقات ظهوره وليس لظهوره الساعة من أثر" .
        إن الباحث في الفكر الماسوني يكتشف الأثر اليهودي في كل مقولة من مقولاته، فلقد ذكرنا موضوع مزاعمهم المتوافقة في إنكار ظهور المسيح، عليه السلام، وهذا عداء صريح، وإنكار لما جاءت به المسيحية، وجاء به الإسلام. ويظهر التزام الماسون – على سبيل المثال – في الحديث عن عملية الخلق والأيام الستة التي أعقبتها راحة في اليوم السابع، وهذا من الافتراء والأباطيل.
        يقول شاهين مكاريوس في كتابه الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية:
        "ولما انتهى عمله، عز وجل، من تكوين العالم في ستة أيام، استوى على العرش في اليوم السابع فكان ذلك مثالاً جليلاً لإرشاد البشر الى حسن المواظبة والنشاط والاجتهاد في أيام العمل لأسباب معايشهم ومرافقهم، والى الراحة من عناء الأشغال في اليوم السابع لمشاهدة أعمال الخليقة وعبادة صانعها" .
        في هذا المفهوم للخلق يتضح الالتزام بما جاء في النصوص المحرّفة للتوراة من قبل الماسون الذين لا يلبثون أن يصرحوا بانتمائهم، دون مواربة، فلقد جاء في كتاب: أصل الماسونية:
        "نحن لا نعترف، على الإطلاق، بأي دين إلا بالدين اليهودي وحده، هو الذي ورثناه عن أجدادنا والواجب أن نحتفظ به دون سواه الى أبد الدهور" .
        إن للماسونية ديناً تلتزمه إذن، هو اليهودية، واليهودية بكل ما ألحقه بها متّبعوها من مزاعم وتحريفات، وما ادّعاه الموقف الحيادي من الدين إلا ستار يخفون وراءه حقيقتهم. وقد يقول قائل: إن القول بيهودية الماسونية تهمه لا يقرّها إن لم يكن كل الماسون فعلى الأقل بعض محافلهم، ومثل هذا الجاهل بحقيقة الماسونية نحيله – إضافة الى كل ما أوردناه سابقاً – على ما قاله حنا أبي راشد في مؤلفه "دائرة معارف ماسونية"، والذي يصرح بالآتي:
        "أما إن الماسونية يهودية، فذلك ما لا شك فيه، من ناحية واحدة لا تتعداها. ونحن الماسونيين العريقيين، أعلم بذلك من الخوارج المتطفلين، الذين يصورون الحبة قبّة، وغايتهم السياسية أو الدينية، تبرر الواسطة، بل إننا لنسمح بأن ندل هؤلاء على الحجة الدامغة في هذا الشأن، وهي حجة التوراة في عدة صفحات، ورد فيها ما لا يمكن المكابرة معه، عند المقابلة بين نصها، والنص المماثل في التعاليم الماسونية" .
        وهنا يعترف هذا الماسوني بيهودية حركته لجهة واحدة، ولكن مهما حاول التخفيف فهذه الجهة الواحدة هي أهم ما في تبعية الماسونية لليهود، لأنها مسألة التطابق بين أفكار الماسونية ونصوص التوراة، التي حرّفها اليهود بما يخدم عنصريتهم وإيمانهم بالماديات، مما لا مجال للتوسع فيه في هذا العمل والذي يحتاج الى بحث خاص.
        ويعود أبي راشد الى محاولته التبريرية، على ضعفها، عندما يواجهه المتسائلون: وكيف تفسر اعتماد الماسونية للطقوس والشعائر اليهودية في كل نظامها وسلوك المنتسبين اليها؟ وتراه يردّ رداً يخدم خصوم الماسونية، رغم أنه ماسوني، كما صرح من ذي قبل، واتهم غيره من الماسون بالخوارج، فانقلب فعلاً هذه المرة السحر على الساحر.
        فلقد قال:
        "كذلك القول في الماسونية، فإنها إذا بنيت على بعض التقاليد الإسرائيلية، التي كانت شائعة في عهد انبثاقها، أو بعد ذلك، فليس يضيرها ذلك في شيء، لأن القيمة بالجوهر" .
        إلا أن تبريرات الماسون التي ساقوها لتضليل بعض الجهلة تسقطها النصوص التي وردت في "بروتوكولات حكماء صهيون"، والتي تؤكد على تأسيس اليهود للمحافل الماسونية من أجل تحقيق ما يرمون اليه. وإذا كنت ممن لا يوافقون على الغلو في الأمر، كما سبق وأشرت، لأن من المحافل ما تأسس لأهداف استعمارية أوروبية، هذا عدا عن الانقسام الحاد والتشتت التي عرفته وتعرفه هذه الحركة، مما يحمل على القول بأن هناك جمعيات خفية متنوعة النظم والأفكار تطلق على نفسها اسم: الماسونية، إلا أنه من الممكن القول: إن عدداً من المحافل على الأقل يقف خلفها اليهود مباشرة اليوم لتكون أداة طيّعة في أيديهم، وعوناً على تحقيق ما يصبون اليه.
        يقول اليهود في البروتوكول الرابع:
        "والماسونية الخارجية تقوم مقام حجاب لإخفاء أهدافنا والتمويه عليها، ولكن مخطط عمل هذه السلطة ومركزها الرئيسي يظلان دائماً غير معلومين من الشعب" .
        ولأن اليهود يرون في الإيمان الديني مانعاً من نشر أضاليلهم، والخضوع لأهوائهم فإنهم يصرّحون بمحاربتهم للدين من خلال الماسونية فيقولون في البروتوكول الرابع أيضاً:
        "علينا أن نقضي على كل الأديان، وأن ننزع من عقول الكوييم الاعتقاد بالله وبالروح، وأن نحل محلهما صيغاً حسابية وحاجات مادية. وحتى لا يكون لدى الكوييم الوقت للتفكير أو للتأمل يجب أن نلهيهم بتوجيههم نحو الصناعة والتجارة، وهكذا فإن كل الأمم تنصرف الى مصالحها الخاصة، ومتى كانوا في هذا الخضم فإنهم لن يفطنوا قط لعدوهم المشترك".

        يتبع


        تعليق


        • #5



          إن اليهود يريدون الماسونية إذن مطيّة لأهدافهم، وسبيلاً لإلهاء الناس عن حقيقة أمرهم، ولا يتم لهم ذلك إلا إذا حاربوا الإيمان الديني، ووجهوا الناس الى الغرق في الماديات، فالمادة والهوى حجاب على البصيرة يمنع من رؤية الحقيقة.
          لكل هذا وجد اليهود في المنظمات السرية عامة، والماسونية خاصة، ضالتهم فشجعوها وصرفوا لها الجهود ينظمون محافلها، ويخصصون بعض جماعاتهم لإدارتها والانخراط فيها.

          جاء في البروتوكول الخامس عشر:
          "والى أن يأتي الوقت الذي نصبح فيه سادة فسوف نظل ننشئ المحافل الماسونية ونضاعفها في كل العالم، وسنجلب الى هذه المحافل لك أولئك الذين هم زعماء الشعوب، أو يمكن أن يكونوا كذلك، لأن هذه المحافل ستكون المصادر الرئيسية لاستخباراتنا ومنها يأتي نفوذنا، وستتمركز كل هذه المحافل تحت إدارة واحدة لا يعرفها أحد غيرنا، وسيكون لها ممثلها في مجالس الإدارة، وسيكون هذا الممثل موظف ارتباط مع الحكومة الماسونية الظاهرة، وسيُعطى كلمة السر ويشارك في المباحثات وستكون إدارة هذه المحافل بأيدينا"
          ومما يربط نشأة الماسونية، غير ما ذكره الماسون أو اليهود في بروتوكولاتهم، تلك الطقوس والشعائر المعتمدة في المحافل الماسونية التي تحمل شعار العداء لله تعالى ولشرائعه المنزلة على الأنبياء والرسل عليهم السلام، حيث تطرح الماسونية مشروعها الفكري الذي تحاول تمييزه، والتأكيد أنه يضمن المساواة الإنسانية العامة، وأنه دين لا هو من المسيحية ولا هو من الإسلام.

          وحقيقة الأمر أن الماسونية تذكرنا بإحدى الفرق اليهودية السرية التي تأسست وانتشرت بعد ظهور المسيح عليه السلام، وهذه الجماعة السرية اليهودية، كانت تدعى الكابالا (KABBALE)؛ وكابالا كلمة عبرية تعني: ما يُتلقى؛ أي التقاليد الموروثة. وهذه النُحلة التي انتشرت في القرون الوسطى قامت أفكارها على مزيج من تعاليم اليهودية مع الفلسفة وبشكل خاص الأقوال السفسطية، التي أشاعها عند اليونان منكرو الحقائق، المجادلون جدلاً عقيماً، واختلطت معها كذلك ألوان من الشعوذة وأضاليل السحر، ولقد كان للكابالا فعلها في التيارات الفكرية الدينية في أوروبا خاصة في القرن الحادي عشر الميلادي.
          وأفكار الكاباليين التي صُنفت فيما بعد في وثيقتين عبريتين هما: السفر جزيرا، والسفر هازوهاز، كان لها الأثر في تأسيس بعض الحركات اليهودية، ومن أبرزها: حركة الزاركيم – وحركة شابتاي تسيفي.

          وما يجب أن نعلمه هو أن هذه الجمعية كانت تشجع كل ما ينافي القيم الأخلاقية، ويقود الى إنكار الروح وعبادة المادة والتعلق بها، وهذا يجعلها عاملاً أساسياً في نشأة الماسونية التي تقلّدها في سريتها ومعاداتها للإيمان وعبادة المادة، وفي الشعائر والأزياء والرتب.

          إن الماسونية، التي ناصبت الإيمان الديني العداء بفعل المخطط اليهودي الذي يقف وراءها، لم تخرج عن منهج الحركات السرية في التاريخ التي كانت تنبذ الشرائع السماوية، وتتمرد على القيم والفضائل، وتستسلم للفواحش والأهواء.
          "ليس بعد الكفر ذنب" هذا ما يصح أن نواجه به الماسون الذين أنكروا الخالق سبحانه ولكن بأسلوب مقنع ينطلي على البسطاء، أو يشكّل قناعاً للمضللين الجاحدين، وذلك بيّن في استخدام عبارة "مهندس الكون الأعظم" التي يظنّ بعض الناس أنها تسمية أطلقوها على الخالق سبحانه، ولكنها تحمل في طياتها الإنكار له سبحانه وتعالى عن كفرهم، وسأترك الميدان لتعليق الأب لويس شيخو على هذا المصطلح، والذي يقول:
          "أول ما رأينا في هذا الشعار غرابة الاسم، فاختار الماسون من أسمائه تعالى ما لا تجد له ذكراً بين الأسماء الحسنى العديدة التي وردت في الكتب المنزّلة، وكلّها تشعر بعظمته، جلّ ذكره، وبسمو عزّته وجبروته الى اسم مبهم فجعلوه بمنزلة "مهندس الكون" كأنه تعالى لم يخلق كل الكائنات من العدم، وإنما هندسها فقط ونظمها، وزادوا على ذلك ما زاد الاسم إبهاماً بقولهم "المهندس الأعظم" كأن الله استعان لهندسته هذه غيره من المهندسين فكان هو الأعظم بينهم" .

          بعد هذا الإنكار الصريح لوحدانية الله، لا بل الوصول الى درجة الكفر في المعتقد الماسوني بما سموه: "مهندس الكون الأعظم"، نراهم كلما ظهرت حقيقتهم جلية، وبرزت روابطهم مع اليهودية بفكرهم، أو شعائرهم، أو إقرارهم، يعودون الى اعتماد التعمية والتبرير، ويسعون الى إخفاء الحقيقة، على الأقل، عمّن يسيرون خلفهم كالخراف المستسلمة لقيادة الراعي، وفي هذا المنحى نرى واحداً منهم هو حنا أبي راشد يحاول أن يجعل الماسونية لغزاً محيّراً فيقول:
          "فلنا أن نقول: إنها يهودية، لأنها كذلك في بعض طقوسها ومراسمها . . . ولنا أن نقول: إنها مسيحية، لأنها تحثّ على السلم والوداعة والمحبة، وكل ما أتى به الدين المسيحي من آيات التساهل واللين. . .
          ولنا أن نقول أيضاً: إنها محمدية لأنها، في مجموع وصاياها وفلسفتها، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتشترط في الداخلين في سلكها، كل فضيلة ومكرمة . . .

          . . . وليكن منشأ الماسونية ما كان، وليبدأ حيثما يجب أن يبدأ، فما في ذلك كبير خطر، أليس في الإمكان أن نكون نافعين صالحين، بدون من سبقنا وتقدمنا؟ وقد توحدنا جميعاً باسم الدين والإنسانية" .


          إن المتأمل لهذه الأقوال يتعرّف على ما تعمد اليه الماسونية من التضليل، إذ كيف يمكن أن يلتزم الواحد بأكثر من شريعة دفعة واحدة؟ ثم بعد ذلك هل يجوز أن نتوخى الخير في حركة نجهل متى بدأت وكيف؟ ولماذا؟ فمقوله الإمام علي، كرم الله وجهه، في الرد على الخوارج تصحّ في هذا المكان: "كلمة حق أريد بها باطل". إن عبارة "توحدنا جميعاً" مغرية ولكن السؤال من هم الذين وصفهم الماسوني حنا أبي راشد بكلمة جميعاً؟ وما هي أسس توحدهم؟ وعلى ماذا التقوا؟ وإذا كان يقول باسم الدين فباسم أي دين؟ والجواب يأتيك فوراً: إن الماسون توحدوا باسم اليهودية.

          الالتقاء باسم اليهودية هو ما قصده أبي راشد الذي عبّر عن ذلك في إطار حديثه عن نشأة الماسونية فقال:
          "فإذا بدأت الماسونية في عهد إبراهيم، أو نشأت في هيكل سليمان، وأخذت بعض أحكام العهد القديم "التوراة"، فالعهد الجديد لم ينقص منه حرفاً، بل أكمل معانيه، وسمى العهدين، بالكتاب المقدس".
          وإذا كانت الماسونية كما سبق وقال: يهودية ومسيحية وإسلامية، فلماذا أغفل في النصر الأخير الإسلام؟ والحقيقة أنها يهودية وكفى.
          ويستشف الواحد منا ذلك بدليل جديد أورده أبي راشد في دائرة معارفه حيث تعرّض بالذم لهتلر على ما فعله بالأحرار. وإذا كنا لسنا هنا في معرض تقويم السياسة النازية وفكرها وممارسات هتلر، إلا أنه يكفي أن نشير بأن هكذا إشارة يتضح منها تماماً تبني الكاتب لمقولات اليهود بما لحقهم من مظالم على يدي هتلر.

          يقول في إطار موافقة المنطق الصهيوني عن هتلر:
          "أما تمرّد هتلر على الدستور الماسوني، فهو الذي جعله ينحرف عن مبادئ الديموقراطية ويكافحها، بوصفه أصبح ديكتاتوراً، لا يؤمن بالحرية بل بالقوة، وهكذا فعل أمثاله، لأن الحرية علمتهم، كيف يثأرون لها*! ولكنهم عقّوا بها، فثأروا منها، وطعنوا أحرارها" .
          إن هذا الكلام الذي ساقه ماسوني ضد هتلر كان يمكن أن نصنّفه في إطار حملة على الفلسفة السياسية النازية القائمة على القوة والعنصرية، لولا أن اليهود كانوا من بين من طالتهم يد هتلر فربطوا مأساتهم بما فعله بهم، وما زالوا يطلبون التعويضات من ألمانيا تكفيراً عن خطيئة هتلر، لذا لا يمكن أن نصنف هذا الكلام إلا في باب روابط الماسونية باليهود الذين يسعون من خلال محافلها، كما يزعمون، للسيادة على العالم، وتحقيق مملكتهم المزعومة، ومع ازدرائنا لتخرصاتهم، حيث لم يستطيعوا القبض على الضفة الغربية وغزة في فلسطين المحتلة بعد عشرين عاماً، فكيف نصدق مزاعمهم في السيادة على العالم؟
          ولكن نذكر مقولاتهم ليعلم من لم يعلم بعد خطر الجمعيات السرية الهدامة التي تظهر بألف اسم ولون، وأبرزها الماسونية، فيعمل على مواجهتها.

          نشر يوسف الحاج، نقلاً عن محاضر سرية لجلسات ماسونية في كتابه: "في سبيل الحق"، كلاماً موجوداً في الحقيقة في كتابات معلنة للماسونية ولليهود، ولكن من المفيد ذكره للإطلاع على حقيقة النوايا اليهودية الكامنة وراء تأسيسهم للماسونية.
          ومما نقله يوسف الحاج من هذه المحاضر قولهم:
          "لماذا كوّنا ولقّنا سياستنا هذه تجاه الخوارج بدون أن نفسح لهم مجالاً لإدراك أسرارها؟ أليس لنتوصل بالوسائل والحيل الى غايتنا التي لا يمكن لأمتنا الوصول اليها مباشرة بدون استخدام الوسائط؟ وهذا ما حدا بنا الى إيجاد ماسونيتنا الخاصة التي يجهل أسرارها وغايتها هؤلاء الحيوانات – الخوارج – " .
          وأما الهدف المختار فهو انتشار اليهودية التي حرّفوها وادّعوا فيها أنهم شعب الله المختار، وهذا مبين من المحاضر نفسها التي فيها:
          "ومتى أصبحنا أسياد الناس، لا ندع في الوجود سوى ديانتنا التي تنادي بالإله الواحد، الذي يتعلّق به مصيرنا لأننا شعبه المختار، ولأن مصيرنا يقرّر مصير العالم ولذلك وجب علينا أن نلاشي سائر الأديان" .


          وفي كتابه المذكور يقول يوسف الحاج بأن الماسونية على ثلاثة أنواع، أو مستويات، تتجمع في الفرقة الأولى سائر الأنواع، وفي الثانية يمسك اليهود بالأمر، وفي الثالثة لا يوجد إلا اليهود. وسأذكر كلامه حرفياً علّه يعطي للقارئ فكرة عن فرق الماسونية، كما وصفها هذا الكاتب الذي قال إنه كان منهم ثم لما كشف حقيقة أمرهم قام بفضحهم.

          1- الفرقة الأولى:

          "الماسونية العامة: الرمزية العامة ذات الـ 33 درجة، رمزية بحتة . . تحترم ما لكل واحد من أعضائها من المعتقد الديني والمنزع السياسي، وتحرّم في مجتمعاتها، تحريماً قطعياً، كل مناقشة دينية أو سياسية يكون موضوعها المناظرة في الأديان أو القدح في أعمال السلطة المدنية والحكومة العادلة، وهذه الفرقة تكثر من الرموز في جميع درجاتها وتعاليمها توصلاً الى المعرفة التي ترغب تفهيم أبنائها معانيها، ويتلقّن أعضاؤها هذه الدرجات تدريجاً وبعد امتحانات مختلفة" .

          2- الفرقة الثانية:
          "الماسونية الملوكية المعروفة في الماسونية الرمزية العامة (بالعقد الملوكي) مرتبطة فيها منفصلة عنها بطريقة لا يعلمها إلا الراسخين في تاريخ الماسونيات الثلاث.
          إن مبدأ هذه الفرقة وتعاليمها ودرجاتها وغايتها ترمي كلها الى تقديس ما ورد في التوراة، واحترام الدين اليهودي، والعمل على تجديد المملكة اليهودية في فلسطين باسم الوطن القومي اليهودي أو بأي اسم آخر، وإعادة هيكل سليمان وتقدمة القرابين فيه. وبالاختصار إرجاع العهد القديم بجميع ما كان عليه.

          وهي تدّعي أنها تتمة الماسونية الرمزية وغايتها، وأن ما يستعمله أعضاء الرمزية من الرموز مشيرين فيه الى تعاليم اجتماعية عامة يفسره أبناء هذه الفرقة بالمعنى المطابق لتاريخهم مكاناً وزمناً وحادثاً. وأما الماسون الرمزيون فلا يعلمون من ذلك شيئاً، وعدد الداخلين منهم في هذه الفرقة قليل جداً خصوصاً في الشرق" .

          3- الفرقة الثالثة:
          الماسونية الكونية: إن هذه الفرقة غير معروفة إلا من نفر قليل جداً، من اليهود أنفسهم، أي أبناء الماسونية الملوكية، وهذا النفر هو من فئة المنفصلين من اليهود. . . وغاية أعضاء هذه الفرقة استخدام الماسونيتين السالفتي الذكر لإنشاء الفوضى في العالم دائماً، على قاعدة (فرق تسد)، ليستطيعوا الرجوع بواسطة اليهود والماسونية الى روما، التي كانت مملكة أجدادهم، ونشر الإباحية المطلقة كما كان يفعل أولئك الأجداد أمثال نيرون وغيره.
          . . . وليس لهذه الفرقة غير محفل واحد في أميركا (نيويورك) لا يدخله غير العدد القليل من هذه الفئة المنفصلة. . وهو الذي يدير كل حركة ثورية وفوضى سياسية بسائر الوسائل والطرق وبواسطة الثروات اليهودية وغيرها تحت أسماء مختلفة وجمعيات وشرائع وقوانين لأشخاص عديدن، ودول عديدة. . . وغاية هذه الفرقة مجهولة كل الجهل من الماسونية الرمزية العامة".
          وإذا علمنا أن كتاب يوسف الحاج الذي نقلنا منه هذا التصنيف للمستويات الماسونية، وتحديد الأهداف المعلنة لكل مستوى، أنه منشور سنة 1934، أي قبل 14 عاماً من قيام دولة العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، ندرك عندها كيف أن أشخاصاً كثيرين من أبناء بلدنا، من الذين انخرطوا في صفوف الماسونية، قد ساهموا بقيام هذا الكيان المعادي على أرضنا وفي قلب أمتنا.

          ولقد كان عند يوسف الحاج الجرأة بأن اعترف بما خدم به، هو وأمثاله من الماسون، أبناء إسرائيل، فهل سيعود ماسونيو اليوم الى ضميرهم فيتخلون عن انتمائهم لههذ الحركة الماسونية الهدامة التي تعمل لأهداف أعدائنا؟ أم أن الشيطان يزيّن لهم أعمالهم وسيستمرون في ضلالهم؟
          يقول يوسف الحاج بعد أن اكتشف خطر الماسونية وانسحب من صفوفها:
          يشهد الله أننا ما قصّرنا في شيء من العطف على أبناء إسرائيل طيلة السنين التي خالطناهم فيها في محافل الحرية والمساواة والإخاء.
          وكم من مرة مشينا وإياهم في نشر المبادئ الإنسانية العامة، غافلين عما كانوا يعملونه في الخفاء وبمعزل عنا، للمّ شعثهم وجمع أشتاتهم من أقاصي الأرض للحصول على السيادة العالمية باسم الدين والقومية، اللذين كانوا يظهرون لنا تذمرهم من التمسك بهما، وإضرارهما بالاجتماع الإنساني.

          وكم من مرة محونا من مؤلفاتنا التاريخية اسم كل يهودي له صلة بإحدى وقائع التاريخ التي يشتم منه رائحة التعصب والتعدي زعماً منا أنه تحامل عليه"
          إن هذه التصريحات التي أدلى بها يوسف الحاج تعطي للإنسان فكرة واضحة عن مقدار الخدمات التي تسديها الماسونية للصهاينة على طريق تنفيذ مشروعهم في الوطن القومي الصهيوني، وهذا ما يدفعنا الى القول: إن معظم الماسون هم خدم لمصالح العدو الإسرائيلي.
          ومن باب تعطيل طاقات الشعوب سعى اليهود، من خلال الماسونية، ومن خلال كل مواقع نفوذهم، لإفساد أخلاق الناس، وتحويلهم الى الإدمان والفجور مع تبرير ذلك بأنه نوع من التقليد ويجب قبوله وعدم استهجانه.

          يكفي أن نعلم أن الاجتماع التأسيسي للمحفل الماسوني الأول في بريطانيا عام 1717 كان في الخمارات، والماسون يعدّون ذلك أمراً طبيعياً، ولا يقبلون مقولة اعتبار ذلك عيباً، وحول هذا الأمر يقول الماسوني حنا أبي راشد:
          "وهل من عجب في اختيار الخمارة، لاجتماع البنائين الأحرار في لندن؟ ألم تختر النازية الألمانية، خمارة لاجتماعها الأول؟ ويظهر أن هذا الاختيار، لم يزل الى يومنا هذا، هو المكان المفضل، لكل اجتماع سياسي، أو مؤتمر صحفي مثلاً: أليس "سان جورج" في بيروت، هو المقر السياسي، مع الفارق بالطبع؟" .
          ما قاله هذا الماسوني لا أظن أنه بحاجة الى تعليق إلا القول: ما دامت الخمارات هي الأماكن المفضلة للجلسات الماسونية، فما هي يا ترى القيم والفضائل التي يدّعون الالتزام بها؟

          وإذا حصل وكانت الجلسات الماسونية في محفل ماسوني خاص فتقليد الماسون أن يتحول المحفل نفسه الى خمارة لمعاقرة المسكر حتى يذهب العقل، وكأن الماسونية لم تكتف بالتضليل لأتباعها بل أرادت تعودهم الإدمان والانحراف. ومن المفيد أن نعلم أن ما يسمى بشرب الأنخاب في المناسبات هو مسلك ماسوني يكاد يصبح عرفاً في معظم الدول، وإنني لا أناقش الأمر هنا من زاوية تحريم الخمر في الإسلام فهذا أمر آخر، ولكني أتحدث عن وضوح الأثر الماسوني – اليهودي في بلاد غير المسلمين، والأنخاب بالشكل الذي يتحدث عنها أحمد زكي أبو شادي الماسوني ليست أنخاباً بقدر ما هي حفلة سكر حتى ضياع العقل.
          في الحديث عن تقاليد المحافل الماسونية يقول:
          "المعتاد أن يشرب النخب أثناء المأدبة سبع مرات وتسمى "بالكؤوس المحتمة" وهي:

          1- كأس صاحب الجلالة الملك والبرلمان.

          2- كأس الرئيس الأعظم والسلطة الماسونية المصرية.

          3- كأس محترم المحفل، ويدعو الى شرب هذا النخب المنبه الأول.

          4- كأس المنبهين.

          5- كأس الأخوان الزائرين.

          6- كأس موظفي المحفل وأخوانه.

          7- كأس الماسونية العالمية.


          ويقول أندرسون أن الدكتور ديزاجيليه هو أول من جدّد هذه العادة الأخوية القديمة؛ أي شرب النخب الماسوني، في سنة 1719 عند انتخابه أستاذاً أعظم".
          ولا بأس أن نختم هذا الفصل بالموقف الماسوني من الدين الذي يُظهر عداء الماسونية السافر للدين والإيمان بشكل يسقط الأقنعة، التي يحاولون إشاعتها في المراحل الأولى من العضوية، حيث يستترون وراء عبارة أن الماسونية تحترم معتقد المنتسب اليها، ولا تتدخل في النقاشات الدينية. هذا مجرد كلام يخالفه الماسون أنفسهم كما ذكرنا سابقاً، وسنعرض لأقوال جديدة لهم ومواقف من باب زيادة الإيضاح ليس أكثر.
          في إعلان محفل فرنسا الأكبر، بعد اجتماعاته في تشرين الأول من عام 1922، جاء ما يلي:
          "لنشتغل بأيدٍ خفية نشيطة ولننسج الأكفان التي سوف تدفن جميع الأديان، فيتسنى لنا أن نبيد الإكليريكية من العالم وما ينشأ عنها من الخرافات". هذا موقف حيال الكنيسة وحيال الدين عامة والإسلام خاصة. وعلى غرار الفرق الباطنية وسعيها في الوق لإن لكل مسألة دينية معنى بعيداً لا يفهمه ويعرفه إلا أتباعها ورؤساؤها بشكل خاص، يحاول ماسوني هو محمد رشاد فياض أن ينهج النهج نفسه مما يؤكد الخيوط التي تربط بين كل الحركات الباطنية والسرية الهدامة، فنراه يقول منكراً خلود الروح بشكل مقنع:
          "خلود الروح هو خلود نور العقل المتقمص باللطافة في المصير. إنه خلود ثنائي الكيان والتفسير" .
          وعلى طريقة الفرق الهدامة المنحرفة عن الإسلام يحاول هذا الماسوني الاشتغال بموضوع الحروف التي جاءت في فواتح بعض السور فيدخل في تأويلها ليربطها بمسألة النور الذي يركز عليه الماسونيون، وببعض النظريات الفلسفية القديمة، وهذا المزج بين الدين والفلسفة هو ما ورثه الماسون عن "الكابالا" اليهودية كما ذكرنا سابقاً.

          ومما قاله محمد رشاد فياض الماسوني في هذا المجال، وهو يوضح لنا التلفيق الذي يتبعونه:
          "الكلمات والرموز التي وردت في بعض أوائل السور في القرآن الكريم، إنها تحوي جميع الأسرار وتعاليم عقيدة الأحرار لكونها الكلمات النورانية التي تستحق التكريم. إنها مفاتيح العلم الباطن الجديد. . . أولى هذه الكلمات هي (ألم) ألف لام ميم، ترمز الى الوجود الثلاثي الأركان في نطاق التعليم. شكلها مثلث في وسطه حرف الواو، وأو الوجود، وعلى كل رأس من رؤوسه الثلاثة حرف من الحروف الثلاثة يرمزون الى لانهائية الأركان والخلود. الألف هو أول حرف من كلمة الله، واللام أول حرف من كلمة لطافات، والميم أول حرف من كلمة مواد، وبذلك أصبحت الكلمات النورانية المذكورة ترمز الى الوجود النور والوجود الطافي في عالم اللطافات والوجود المادي في عالم الكثافات والجماد"
          إن هذه الهرطقات والتخمينات التي لا تستند الى قاعدة سوى الاشتغال بمفاهيم النور والمادة، وفق المنطق الماسوني، تذكرنا باهتمامات بعض الفرق الهدامة التي تعتمد الأسلوب نفسه.

          ومن نوع القفزات المزاجية يطالعنا الماسوني محمد رشاد فياض بلون آخر من اعتماد الرموز والحروف، يحاول فيه ربط الماسونية بالدين، لا بل الإشارة الى أنها أهم من أية شريعة ودين، ويعمل على ربطها بالأهداف الإسرائيلية في زعم إعادة بناء هيكل سليمان، حيث تدور الفكرة الماسونية، أو البناية الحرة كما يسمونها، حول هذا المحور الذي يعد خدمة هامة لكيان الوطن القومي الصهيوني. يقول في هذا الزعم الذي لا يستند الى دليل أو قاعدة:
          "الميمات الثلاثة في الموسوية والمسيحية والمحمدية يجتمعون في ميم واحدة هي ميم الماسونية، لأن الماسونية عقيدة العقائد وفلسفة الفلسفات. إنها تجمع وتوحّد المتفرقات والمتشتتات. وإن بائي البوذية والبرهمية يجتمعان في باء البناء. بناء هيكل المتجمع الإنساني الصالح"40.
          إن هذه المزاعم تدل بشكل لا يقبل الجدل، عن استهتار الماسون بالشرائع السماوية، حيث يصرح هذا الماسوني بأن الماسونية هي عقيدة العقائد. ويتضح تلفيقهم للمواقف والإفتراءات، لجمع الأنصار من أجل مشروعهم السياسي، من هذه الطريقة التي حاول فيها أن يربط الماسونية بالإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والبرهمية دفعة واحدة.

          ويضيف الى ضلالاته مسألة أخرى هي تبني العقيدة الثنوية للزرادشت القائلة بوجود إلهين: إله النور وإله الظلمة، وأن الإنسان المهتدي هو الذي ينتصر لصف إله النور، يقول:
          "إن النور العقل، الذي رجح واختار طريق الحق في فترة الحياة الدنيا، يتقمص بالطاقات النورانية، التي هي أجمل وأبهى طاقات في الوجود. والنور العقل، الذي رجح واختار طريق الباطل في فترة الحياة الدنيا، يتقمص بالطاقات الظلمانية النارية التي هي أحر وأظلم طاقات في عالم الصفات" .

          بعد هذا الاستعراض المستفيض لمواقف الماسون من الدين نكتشف أنه لا موقف ماسونياً واحداً عندهم في موضوع الدين، فمنهم من يقول بأن الماسونية تحترم معتقد المنتسبين اليها ولا تتدخل في الأمور الدينية، ومنهم من يقول: إن الماسونية يجب أن تعمل على محاربة الأديان والقضاء عليها، ومنهم من يقول: إن الماسونية هي اليهودية ويجب محاربة الإسلام والمسيحية والاعتراف باليهودية والتوراة فقط، ومنهم من يقول: إن الماسونية تسعى لدين عالمي فيه من كل الأديان، ومن الماسون من يجاهر بأنهم يعملون لإفساد أخلاق الشعوب وتحويلها الى عبادة المادة والأهواء والشهوات، . . . الخ.

          وبعد كل هذه المواقف وبعد الإطلاع على بروتوكولات حكماء صهيون، وعلى الفكر الصهيوني عامة، ومخططاته وأطماعه ومزاعمه، يستنتج المرء بما لا يقبل الشك أن الحركة الماسونية هي وقف على الصهيونية، والاستعمار، وأنها مطية يستخدمونها في سبيل تحقيق ما يريدون الوصول اليه.




          يتبع

          تعليق

          يعمل...
          X