إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زودياك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زودياك

    زودياك



    أعتقد أن أغلبكم إن لم يكن كلكم قد شاهدتم الفيلم الأميركي (Zodiac ) (زودياك) الذي تم عرضه لأول مرة في مهرجان كان السينمائي في أوائل عام 2007م..


    يبدأ الفيلم بمشهد معتاد في تلك النوعية من الأفلام ..
    شاب وفتاة يتبادلان الحب في سيارة الفتى ليلا على جانب أحد الطرق القريبة من الغابات والبعيدة عن العمران..
    ثم نرى شخص ما بدا وكأنه خرج من الفراغ..يسير بمنتهى الهدوء مترنما بإحدى الأغاني اللطيفة..إلى أن يصل إلى السيارة..ثم بمنتهى الهدوء أيضا..وبلا أي كلمة يخرج مسدسا من طيات ملابسه ويقوم بإطلاق الرصاص على رأسيهما..ويتركهما مضرجين في دمائهما..ثم ينصرف..وبمنتهى الهدوء أيضا..



    مشهد مثير..أليس كذلك؟
    ولكن الذي يحدث بعدها مباشرة هو الأكثر إثارة..
    ذات الشخص يتصل بالشرطة.. في بادئ الأمر يبلغ عن الجريمة..ولكن سرعان ما يعترف بكل برود بأنه القاتل..
    بل و يعطي تفاصيل دقيقة لجريمته كمكان الجريمة ونوع السلاح وما كان الضحيتان يرتديانه..
    بعدها يعود الرجل بمنتهى الهدوء إلى منزله..حيث يعكف على كتابة رسالة بخط يده من عدة نسخ..
    في صباح اليوم التالي تتلقى الصحف المحلية تلك الرسالة..
    في تلك الرسالة يخبر ذلك الشخص الجميع بتفاصيل الجريمة..ثم في نهايتها يقوم بكتابة رموز مشفرة..ويخبرهم بمنتهى البساطة بأنهم سيكتشفون شخصيته إن استطاعوا حل تلك الشفرة..
    ولا ينسى أن يذيل رسالته بطلب مهذب ورقيق برغبته في نشر تلك الرسالة في الصحف..وتحذير الجميع منه..وإلا فإنه سيستمر في ارتكاب جرائمه وقد أعذر من أنذر..
    وفي النهاية يوقع رسالته بالرمز الذي أثار حيرة كل من شاهده..
    دائرة يتقاطع بداخلها خطان أحدهما أفقي..والآخر رأسي..وبجوار الرمز حرفZ
    وقد شبه المحققون الخطين بصليب قديم كان منتشرا في كثير من المناطق كما شبهوه بمنظار الأسلحة..
    باختصار..تجد نفسك مجبرا على إكمال المشاهدة..ورغم أن الفيلم طويل نوعا (ساعتان وسبع وثلاثين دقيقة) إلا انك لا تتعب و لا تمل من المشاهدة..إذ ستجد نفسك عاشقا لما يقوم به القاتل من تلاعب بالشرطة والصحافة ومنتظرا لخطوته التالية..
    بالطبع تمتنع الجرائد عن النشر بأمر الشرطة حتى لا تحدث بلبلة بين الناس..
    وتجتهد الشرطة في البحث عن المجرم..ولكن كل جهودها تذهب هباء..ومع الوقت..يقل اهتمام الشرطة بالبحث عن القاتل..ربما لوجود المئات من الجرائم الأخرى التي تحدث في الولاية يوميا..ويتناساه الجميع..

    ولكن القاتل المجهول لا ينسى..ولا يتوقف..بل يفاجئ الجميع بجريمة جديدة..
    ويقوم هذه المرة بمباغتة شابين وتقييدهما..ثم يتحدث معهما لفترة موجها اللوم لهما لوجودهما في هذا المكان النائي في تلك الساعة المتأخرة..
    ثم يخبرهما بكل برود بأنه قرر قتلهما..وبالفعل يسدد لهما عشرات الطعنات.. وخصوصا في منطقة الرقبة..
    ولا يتركهما إلا جثتين هامدتين..
    ولا ينسى القاتل أن يحفر علامته المميزة على سيارة القتيلين..
    ثم يقوم كالعادة بإبلاغ الشرطة وينصرف بهدوء..
    وتصل الشرطة والإسعاف..ويتضح أن الضحيتين مازالا على قيد الحياة..ويتم نقلهما للمستشفى على وجه السرعة..وفي المستشفى تموت الفتاة متأثرة بجراحها وينجو الفتى..وعند استجوابه يدلي بشهادة متضاربة حول ملامح القاتل وكيفية حدوث الجريمة..ويعزو رجال الشرطة ما حدث إلى الاضطراب النفسي الذي أصاب الفتى نتيجة التجربة المروعة التي مر بها..
    ثم يقوم مستر Zبجريمة أخرى يذهب ضحيتها سائق تاكسي..
    المثير هو أنه تمت مشاهدته بعد تلك الجريمة بقليل من قبل شرطيين و لكن لم يتم إيقافه .. فقط لأن البلاغ الذي نشر بين رجال الشرطة حينها كان يؤكد على أن القاتل رجل اسود استنادا إلى أقوال الفتى الناجي في الجريمة السابقة .. في كل هذه الحالات كانت الدلائل والشهود والرسائل تشير إلى أن القاتل شخص واحد..
    وتزداد حيرة رجال الشرطة..



    وهنا يجتمع ثلاثة أصدقاء..ضابط بالمباحث الفيدرالية وصحفي ورسام كاريكاتير..ويقرروا أن يكون هدفهم هو الكشف عن هوية القاتل وتقديمه للعدالة..
    ثم تقع جريمة رابعة..وخامسة..وسادسة..حتى وصلت إلى 47 جريمة..
    وتتزايد مكالمات القاتل للشرطة..وتتزايد رسائله التي تروي تفاصيل جرائمه للصحف..
    ويزداد تخبط رجال الشرطة مع تزايد الجرائم وتناقض الدلائل واتساع قاعدة المشتبه فيهم..
    حتى عندما نجت إحدى الضحايا من القتل هي ورضيعتها حيث قامت بالقفز من السيارة والفرار بينما كانت معه..إلا أن شهادتها لم تضف جديدا..بل زادت الحيرة والتخبط أكثر فأكثر..
    حتى عندما تمكن أستاذ تاريخ وزوجته من فك شفرة إحدى الرسائل..لم يكن ما تم التوصل إليه أكثر من اسمه..
    وبالطبع لم يكن اسمه..بل كان الاسم الذي اختاره لنفسه..(Zodiac )
    المهم أن الفيلم رائع جدا..والأكثر من ذلك هو الشخصيات فقد أحسن المخرج اختيار الممثلين كما أحسن هؤلاء لعب أدوارهم بالرغم من التقليدية التي رسمت بها أدوارهم والتي استهلكت تماما في أفلام بوليسية عديدة..
    حيث تم تقديم رسام الكاريكاتير على الشكل الذي يصفه الناس بالساذج.. لا علاقات مع الناس..لا أصدقاء تقريبا سوى صديقه الصحفي..لا يعرف إلا طريقا واحدا..من البيت إلى العمل والعكس..لا يدخن ولا يشرب الكحوليات..
    وقد قام بدوره الممثل (Robert Gray smith )..في حين تجد زميله الصحفي عكسه تماما.. حياة صاخبة مليئة بالملذات..وقد قام بدوره الممثل(Dave Toschi )
    وتجد الشرطي متفانيا عاشقا لعمله..وقد قام بدوره الممثل (William Armstrong )
    ولكن هل توصل الأصدقاء الثلاثة إلى القاتل؟؟..
    للأسف لا..بل إن القاتل هو الذي جلب عليهم الوبال ودمر حياتهم واحدا تلو الآخر..
    فالضابط كرس كل وقته وجهده لكشف غموض القاتل..وبالفعل وصل إلى عدة حقائق جديدة ولكنه دفع الثمن غاليا..حيث تم فصله من عمله..
    أما الصحفي فقد فصل أيضا من عمله وأصبحت حياته دمارا..في حين دفع رسام الكاريكاتير الثمن غاليا..لقد كانت حياته هي الثمن..وفي النهاية لم يصل أي منهم لشيء..وينتهي الفيلم والقاتل مازال حرا طليقا يخرج لسانه للجميع..
    في هذا الفيلم عاش المخرج (David Fincher ) نفس الشعور ونفس الهوس الذي عاشه المحققون..فقد قام بعمل تحقيقات كبيرة بنفسه حول القاتل.. بمقابلة عائلات و أصدقاء المشتبه فيهم والضحايا..كما قام بقراءة وثائق ومحاضر وصلت إلى 10000 صفحة ...


    كان فيلم (Zodiac ) عودة قوية للمخرج (David Fincher ) بعد فيلمه الذي حقق له الشهرة (Se7en )..
    إضافة إلى أفلامه (The Game)( (Fight ClubوPanic room ))
    ولا ننسى أنه عايش قصة القاتل الواقعية في طفولته..وعايش الرعب والهلع الذي كان يجتاح الناس وقتها..
    وختاما..كان هناك فيلمان آخران يرويان قصة القاتل هما:
    1-فيلم The Zodiac Killer )) إنتاج سنة 1971 للمخرج (Tom Hanson )
    2-فيلم The Zodiac )) الذي تم إنتاجه سنة 2005 للمخرج (Alexander Bulkily )
    ولكن فيلمنا اليوم هو أقربها إلى الواقع..
    ذلك أن الفيلم الأول أنتج في بدايات السبعينيات..وحينها كانت التحقيقات ما تزال متواصلة أي أن هناك حقائق لم تذكر فيه..
    أما الثاني فلم يكن سوى فيلم رعب..
    كما تم إنتاج العديد من الأفلام الوثائقية عن ذات الوقائع..
    بقي أن أقول إن الفيلم مقتبس من وقائع حقيقية حدثت في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية..
    كانت سلسلة من جرائم القتل شديدة الحبكة لقاتل متسلسل حير رجال الشرطة ليس في سان فرانسيسكو وحدها..
    ولكن في عموم أميركا كلها..بين عامي 1966 و 1970م..وربما كانت من المرات النادرة التي تشترك فيها المخابرات الأمريكية (C.I.A ) مع المباحث الفيدرالية (F.B.I ) في كشف غموض جريمة ما..
    وبرغم تعدد الجرائم..وبرغم وجود شهود..إلا أن أحدا لم يستطع الإمساك بالقاتل..فقد كان ومازال حرا طليقا..وربما ينعم بحياته وحريته إلى الآن..وربما مات على فراشه في هدوء كما كان يفعل أثناء ارتكاب جرائمه..
    وقد صيغت تلك الأحداث في كتابين هما
    1- (Zodiac ) التي صدرت سنة 1986 وأعيد طباعته 29 مرة حتى الآن..
    2- (Zodiac unmasked: the identity of America's most elusive serial killer revealed )
    الذي صدر سنة 2002 ..


    بالإضافة إلى العديد من الكتب الأخرى ومواقع الإنترنت التي تناولت تلك القصة بالتفصيل..
    وما يهمنا هنا هو أن هذا الفيلم مقتبس من وقائع حقيقية كما أسلفت..
    جرائم حدثت بالفعل..وهزت المجتمع الأمريكي عن بكرة أبيه..
    جرائم جعلت الشرطة تقوم باستجواب 2500 مشتبه فيه..ووصلت أوراق ملف التحقيق كما أسلفت 10000ورقة
    وتمت إدانة 200 متهم بصورة مباشرة قبل أن تتم تبرئتهم بعد تحليل الحمض النووي لهم..
    ففي الكتاب الذي ألفه Robert Gray smith )) كان هناك اتهام مباشر لشخص يدعى(Arthur Leigh Allen ) بكونه القاتل كما تم اتهام (Theodore John Kaczynski) ,(Andy Walker), (Bruce Davis), (Lawrence Kane), (Michael O'Hare), (Rick Marshall )
    ومع ذلك لم يتم التوصل لشيء..
    وفي ابريل 2004 قامت شرطة (San Francisco ) بإغلاق باب التحقيق في القضية رسميا رغم أن المجرم لم يعرف بعد.. وتم قيد الجرائم ضد مجهول..
    كما يجدر بالذكر أن القضية لم تغلق بعد في مدن (Napa ) و (Vallejo )..
    وفي النهاية صنفت القضية في دوائر الشرطة الأمريكية كأحد أعقد وأغرب القضايا في التاريخ..
    ذلك أن القاتل لم يكن متخفيا..بل ولم يكن يضع أية أقنعة عند تنفيذ جرائمه..
    جرائمه التي استحقت ذلك اللقب المثير.. (الجريمة الكاملة)..


    ونتبع بالتفاصيل...






    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-11-12, 12:40 AM.

  • #2


    كانت (Cheri Jo Bates ) ابنة الثمانية عشر ربيعا تأمل في العودة إلى بيتها بسرعة في 30 أكتوبر عام 1966 لتستطيع تلخيص الكتب التي استعارتها على التو من المكتبة لذا فقد أصيبت بخيبة أمل كبيرة حين رفضت سيارتها أن تتحرك..وبينما هي مستغرقة في محاولة تشغيل السيارة..إذ انتبهت فجأة على وجه رجل ينظر لها من خلال الزجاج ويبتسم في مودة..

    (يبدو هادئا ومسالما) هكذا قالت لنفسها حين عرض عليها مساعدتها في إصلاح السيارة..ولكن محاولته باءت بالفشل..من ثم عرض عليها إيصالها إلى بيتها بسيارته..
    ولم تستطع الرفض..لقد بدا لها وكأنه النجدة التي أرسلتها لها السماء لانتشالها من المكان المقفر الموحش الذي تعطلت به سيارتها..
    إلا أنها لم تعرف أنه كان مجنونا..
    وللأسف وقعت في الخطأ الشهير -والذي كان آخر أخطائها-
    لقد قبلت مساعدة رجل غريب ليلا..
    ما هي إلا سويعات قليلة حتى تم العثور على جثتها..ورغم اعتياد رجال الشرطة على منظر الجثث فإن أغلبهم لم يتمكن من إيقاف نوبة الغثيان التي اجتاحتهم حين شاهدوا جثة (شيري).. أو بالأحرى ما تبقى منها..
    كانت الجثة بها أكثر من عشر طعنات أصيبت بها المسكينة في منطقة الصدر والرقبة..مع قطع شبه كامل للحنجرة والوريدين الودجي والسباتي..

    وأثبتت التحريات خروج (شيري) من المكتبة حوالي التاسعة مساء..وأن الجريمة وقعت بين الحادية عشرة والثانية عشرة مساء..
    وتم رفع البصمات وبالفعل وجدت بصمات غريبة على السيارة..كما تم أخذ عينات من أظافر ودم القتيلة لتحليلها..حيث وجدت تحت أظافرها بقايا لحم وشعر..
    كما تم العثور على اثنين من الشهود أقرا بأنهما سمعا صرخة عاتية أعقبتها صرخة أخرى مكتومة في حدود العاشرة والنصف..ولكنهما آثرا السلامة ولم يذهبا لاستطلاع الأمر..
    كما وجدت ساعة معصم بموقع الحادث..وأخيرا وضع ضباط المباحث تصورا للحادث:

    خرجت (شيري) من المكتبة مع الكتب التي وجدت بسيارتها..كان هذا في التاسعة على أقصى تقدير حيث تغلق المكتبة أبوابها في ذلك الحين..
    خرجت لتجد سيارتها معطلة..من ثم عرض عليها أحدهم توصيلها وقبلت..ولابد أنها تعرفه معرفة شخصية حيث قضيا معا بالسيارة ما يقرب من الساعتين انتهت بمقتلها..
    إذن لابد أن القاتل صديق قديم أو خطيب ل(شيري) انفصلت عنه منذ فترة قريبة فجن جنونه ولم يرض بأن تكون لغيره وتربص بها بدعوى تصفية الحسابات ثم قتلها..
    (هذا يحدث كثيرا)..هكذا فكر رجال الشرطة
    وبدءوا في حصر المشتبه فيهم ممن كانوا على علاقة بالقتيلة تمهيدا للكشف عن المجرم..
    بعد شهر وبالتحديد في 29 نوفمبر 1966وصل إلى الشرطة المحلية في (Riverside ) خطاب مكتوب بخط اليد يحوي شرحا مفصلا من القاتل عن كيفية القيام بجريمته ومدى استمتاعه بكل لحظة فيها!!..


    علامة القاتل تركها على سيارة ضحاياه مع معلومات عن تاريخ اقترافه للجريمة وساعتها وطريقة القتل - بالسكين -
    وأصيب الجميع بالدهشة لهذه الجرأة الغريبة وأيضا بسبب التوقيع الذي هو مزيج من حرف (Z ) ورقـم(3)..
    في الخطاب وجه القاتل بضع كلمات مازالت عالقة في أذهان كل من قرأها أو سمعها:
    (لقد كانت جميلة وصغيرة لكنها الآن ميتة..وهي لن تكون الأخيرة وبينما تقرءون هذه الكلمات سأكون أنا أفكر في الضحية القادمة والتي سيكون مصيرها أسوأ بكثير..فأرجوكم لا تجعلوا الأمر سهلا.. حذروا الجميع مني وانشروا هذا الخطاب على الملأ ليقدروا ما سيواجهونه..إنني لست مريضا إنما أنا مجنون!.. لذلك يجب أن تصدقوا كل كلمة أخبركم بها..)
    ولكن رجال الشرطة ألقوا دهشتهم جانبا وبدءوا العمل..
    كان غلاف الخطاب من الخارج خاليا بالطبع من اسم المرسل ولا يحتوى إلا على اسم المرسل إليه..
    وتم إرساله إلى الطب الشرعي..وبالفعل رفعوا البصمات عنه..ولكن جاءت النتيجة مخيبة للآمال..
    فلم تكن البصمات الكثيرة التي وجدوها على الخطاب مطابقة لأي من المشتبه فيهم الذين تم التحقيق معهم طيلة الشهر السابق..
    ومن ثم عزوها لموظفي البريد..
    وعندها كان يجب على مكتب التحقيق الفيدرالي أن يتدخل..
    وتجدر الإشارة إلى أن جرائم القتل العادية في أميركا لا يتدخل فيها الفيدراليون..
    ولكنهم في هذه الجريمة تدخلوا لأنها تحولت إلى ابتزاز عن طريق رسائل البريد..
    بالطبع تكتمت الشرطة أمر هذا الخطاب الشنيع خوفا من انتشار حالة من الذعر بين أهالي (سان فرانسيسكو) إلا أن الصحف نشرته بعد أيام قليلة مع استنكار شديد لما جاء فيه..

    فقد أرسل القاتل بنسخة إلى كل الصحف المحلية مع رجاء خاص بنشرها!!..
    فبدا وكأنه كان يتحسب لرد فعل الشرطة ويعرفه ويستعد له..
    ودار جدل شديد في الولاية حول مستر (Z ) - كما أطلقوا عليه في البداية - إلا أن ذلك لم يستمر لأكثر من بضعة أيام نسي الجميع بعدها كل شيء وبدأ الهدوء يخيم على الأجواء مرة أخرى..
    لكن يبدو أن مستر (Z ) لم يكتف بكل ما حدث حيث أرسل رسالة إلى والدي الفتاة بعد ستة أشهر من جريمته..
    لم تكن فيها سوى كلمات قليلة..إذ كتب يقول:
    (لقد ماتت (بيتس) لأنها كانت يجب أن تموت وسوف يكون هناك آخرون)
    وهنا قد يقول قائل:
    إن القاتل لم يكن على معرفة مسبقة بالقتيلة فكيف عرف عنوان منزلها؟
    والإجابة ببساطة أن عنوان والدها واسمه قد نشرا في الصحف طيلة الشهور التي أعقبت جريمة قتل ابنته ونشر خطاب القاتل في الصحف..
    وكالعادة لم تكن البصمات على الرسالة مطابقة لأي من المشتبه بهم..
    وفي منتصف أبريل عام 1967 تم العثور على ورقة كتب عليها قصيدة بعنوان (بيتس كان يجب أن تموت)..
    كانت بعض أبياتها تقول:
    شيري الصغيرة الجميلة
    كانت ترتدي فستانا أبيض
    لكن الموت اختطفها
    وتناثر الدم الأحمر
    والفستان صار لونه أحمر
    بيتس كان يجب أن تموت
    وسوف يكون هناك المزيد
    فقط انتظروا الجديد

    وجدت تلك الورقة في أحد المدارس العسكرية..وبالبحث والتحري وجد أن كاتبها طالب بتلك المدرسة لا علاقة له بالجريمة وإنما كتبها مهاجما السلطات الناقم عليها ثم أعقبها بمحاولة انتحار فاشلة..
    واتسعت دائرة البحث أكثر..وازدادت الحيرة..



    في التاسعة من مساء الجمعة 20/12/1968م وفي الوقت الذي كان فيه
    (David Arthur ) و(Betty Lou ) والبالغان من العمر 18و16 سنة في طريقهما إلى عيد ميلاد أحد أصدقائهما..توقفا بالسيارة عند محطة بنزين على أطراف المدينة في حدود التاسعة..ثم استمرا في طريقهما..
    وفي حدود العاشرة مساء تم الإبلاغ عن العثور على جثتيهما داخل السيارة على مشارف مدينة (Vallejo ) على بعد 20 ميلا شمال شرقي (سان فرانسيسكو) وعندما وصلت سيارات الشرطة والإسعاف كان كل شيء قد انتهى..ولم يعد هناك أي أثر للقاتل..
    وكالعادة..وضع رجال البحث الجنائي تصورا للجريمة مفاده:
    أن المجني عليهما توقفا بالسيارة على جانب الطريق ربما ليتبادلا لحظات من الحب..من ثم مرت بهما سيارة القاتل الذي ربما غضب لما رآه يحدث على قارعة الطريق..من ثم تراجع بالسيارة وأوقفها بعيدا ثم ترجل منها..وباغت الضحيتين الغائبين عن وعيهما من الخلف..حيث بدأ بإطلاق الرصاص..ثم هجم عليهما من الجانب الأيسر وعاجل (ديفيد) برصاصة في رأسه أردته قتيلا في الحال وهو يجاهد للخروج من السيارة..في حين نجحت (بيتي) في الفرار من الباب الأيمن وانطلقت تجري لعشرة أمتار فقط حتى عاجلها القاتل بخمس رصاصات اخترقت ظهرها وأردتها قتيلة..
    وكالعادة وجد بعض الشهود الذين أقروا أن سيارة القاتل كانت من نوع شيفروليه بيضاء اللون
    وفي اليوم التالي تلقت شرطة (سان فرانسيسكو) اتصالا تليفونيا من شخص مجهول أخبرهم فيه أنه المسئول عن الحادث..وأنه يتمنى ألا يكونوا قد نسوه..لأنه لن يغفر لهم هذا الإهمال أبدا لأنه سبق وأن حذرهم..
    وهنا رد عليه الضابط قائلا:
    (أنا لا أصدق أنك الفاعل..يبدو أنك قد شاهدت الجريمة بمحض الصدفة وأردت أن تكتسب بعض الشهرة الإعلامية..أنا لا أراك سوى مجرد أفاق..)
    عندها صمت الرجل قليلا..ثم قال بصوت هادئ:
    (شكرا لتلك المعلومة..أعدك بتصحيح ذلك الخطأ في المرات القادمة..وسأثبت لكم بالدليل أنني ارتكبت تلك الجريمة..أنا لست أفاقا..أنا مجنون..)
    ثم ختم حديثه بقوله:
    (إلى اللقاء قريبا.. خذوا حذركم.. كان معكم مستر (Z ))..
    ويبدو أن ما قاله المحقق قد استفز الرجل..
    إذ إنه بعد دقائق اتصل بوالدي (باتي).. واستمع الوالدان عبر عشرين دقيقة كاملة إلى أدق تفاصيل الحادث وهي تروى لهما بهدوء رهيب..حتى أن والدة الضحية لم تحتمل وأصيبت بذبحة صدرية نقلت على إثرها إلى غرفة العناية المركزة بأقرب مستشفى..
    وكان هذا هو الدليل الذي أخبر به مستر (Z ) المحقق..
    ذهل الجميع من تلك الأحداث وبدءوا في العمل على قدم وساق للقبض على هذا الشخص إلا أن كل مجهوداتهم كانت تقف عند نقاط مسدودة دون أية معلومات حقيقية تساعدهم في البحث..
    واجتهدوا في البحث وأعلنوا عن مكافأة تبلغ 20000 دولار لمن يرشد عن القاتل..واستمر ذلك عدة أشهر حتى وقعت الجريمة الثالثة..



    صورة من مسرح الجريمة
    في مساء 5/7/1969 م اتصل الرجل بالشرطة..وأخبرهم بتفاصيل جريمته الثالثة..
    لقد قتل كل من (Darlene Elizapith ) البالغة من العمر 19 عاما
    (Michael Renault ) ذو ال22 عاما رميا بالرصاص في سيارتهما بأحد مواقف السيارات النائية..
    وحين وصلت الشرطة وجدوا الضحيتين وقد أصيبا بعشر رصاصات أغلبها أيضا في منطقة الرقبة..
    ولم ينس القاتل أن يترك توقيعه المميز على سيارة الضحيتين لكي لا يقابله أحد (الاتهامات السخيفة بعدم المصداقية) مرة أخرى..
    ولكنهما كانا مازالا على قيد الحياة..
    وتم نقلهما بسرعة إلى المستشفى حيث توفيت (إليزابيث) في سيارة الإسعاف قبل وصولها للمستشفى..في حين كان (مايكل) يحتضر..وقبل وفاته ذكر بضع كلمات متقطعة عن تفاصيل الجريمة مفادها أنهما بعد حضورهما مباراة للجولف صباحا انطلقا بسيارتهما بعد الظهيرة إلى مطعم لتناول الغداء..ثم انطلقا إلى ساحة نائية مخصصة للمراهقين..كانت وقتها تعج بالمراهقين الذين كانوا يغنون ويرقصون ويشربون..
    وبعدها انصرف معظمهم..وبقى الاثنين في سيارتهما لبعض الوقت وقد حل المساء..
    من ثم توقفت سيارة فورد بنية اللون بجوارهما..وترجل منها القاتل..كان قصيرا لا يتخطى طوله 160 سم..وممتلئا يتجاوز وزنه 195 رطل..ثم سألهما عن سبب وجودهما في هذا المكان النائي في تلك الساعة المتأخرة من الليل- كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة مساء- وطلب منهما إبراز هويتهما..
    طبعا ظناه أحد رجال الشرطة..وعندما كانا يهمان بإخراج هويتاهما بادرهما بإطلاق الرصاص..ثم تركهما مضرجين في دمائهما وانصرف بسيارته في هدوء..
    وتوقع الجميع اتصال القاتل بهم في اليوم التالي..واتخذوا مواقعهم..وكانوا على أهبة الاستعداد لتتبع المكالمة ومعرفة مصدرها..
    وبالفعل لم تخب توقعاتهم..ولم يغير القاتل عادته..
    لقد اتصل بهم..وأخبرهم بهدوء بتفاصيل الجريمة..ثم أضاف بابتسامة ساخرة:
    (أعلم أنكم تتبعون مصدر المكالمة الآن..لا ترهقوا أنفسكم..أنا أتحدث لكم من الكابينة المواجهة لكم مباشرة!!..
    إلى اللقاء في المرة القادمة..كان معكم مستر (Z ))
    وبالفعل..كان الرجل صادقا..لقد كان يتحدث من هاتف عمومي على بعد أمتار قليلة من قسم الشرطة..
    وجن جنون ضباط المباحث..وطفقوا يطوفون الحي كله..ثم المدينة كلها..وتم القبض على كثير من المشتبه فيهم..دون أن يتوصلوا لشيء..
    ولم يغير الرجل ديدنه..
    فبكل بساطة وصلت إلى مقار الصحف في اليوم التالي خطابات من مستر (Z ) تعلن أنه هو من قام بالحوادث الماضية كلها
    الجديد أنه أرفد اعتذارا لأسر الضحايا لأنه (فعل ما كان يجب عليه أن يفعله).. على حد قوله..
    وفي نفس الوقت وصل إلى الشرطة خطاب يحوي جدولا به بعض حروف اللغة الإنجليزية مع مرادفاتها من رموز غريبة فيما بدا أنه شفرة..
    وأخبرهم مستر (Z ) في نهاية الخطاب أن اسمه مكتوب في نهاية الخطاب بهذه الشفرة!!..
    وعلى الفور شمر الجميع عن سواعدهم وأعملوا عقولهم لفك تلك الشفرة ومعرفة اسم القاتل..
    ولمدة شهر كامل عجز الجميع عن فك تلك الشفرة..رغم عرض الرسالة على كل الدوائر البوليسية في عموم الولايات المتحدة..بل إن المخابرات الأمريكية تدخلت بنفسها وجندت أعظم رجالها لفك تلك الشفرة..
    ولكن باءت جميع الجهود بالفشل..
    واستعصت الشفرة على الجميع..

    يتبع

    تعليق


    • #3


      وفي مساء 27/9/1969م كان الموعد مع الجريمة الرابعة..
      حيث قام مستر (Z ) باعتراض طريق اثنين من زوار (سان فرانسيسكو) وهما (Bryan Calvin ) و(Cecelia Ann ) حيث كانا قد أوقفا سيارتهما على شاطئ بحيرة (Berryessa ) على بعد 60 ميلا شمل شرقي (سان فرانسيسكو) في مقاطعة (Napa )..
      حيث طعن الفتاة عشر طعنات..أما الفتى فقد كان نصيبه سبعا..وكالعادة أيضا كانت الطعنات في منطقة الرقبة..
      ولكن الجديد هذه المرة هو أنه قام بسرقة أموالهما والسيارة..
      ثم اتصل بالشرطة كالعادة يخبرهم بتفاصيل الجريمة ثم أردف قائلا:
      (مستر (Z ) يتحدث..
      أعتذر منكم لأني لن أستطيع إرسال رسالتي المعتادة لكم وللصحف صباحا..حيث أنني في عجلة من أمري..لأنني سأسافر إلى المكسيك حالا..كما أرجو أن تسامحني أسرتي الضحيتين لأنني استوليت على سيارتهما لاستخدامها في السفر إلى المكسيك..كما أنني صنعت سكينا هو عبارة عن تحفة فنية لاستخدمه في قتل الضحايا..
      سكين مستر (Z )..
      إلى اللقاء في المرة القادمة..)
      وعندما حضرت الشرطة كان الرجل قد اختفى كالمعتاد..ولكن المثير أن الضحيتين كانا ما يزالان على قيد الحياة..
      وعلى الفور تم نقلهما إلى المستشفى حيث قام الأطباء بكل ما في وسعهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه..
      إلا أن (سيسيليا) لم تحتمل وماتت بعد وصولها إلى المستشفى بساعتين..
      في حين استطاع (بريان) مقاومة الموت.. وأصبح الآن أقرب إلى كنز يجب الحفاظ عليه..
      وتم وضع حراسة مشددة على غرفته بعد خروجه من العناية المركزة..
      وانتظر الجميع عودته للوعي على أحر من الجمر..

      بريان .. نجا من سبعة طعنات بالسكين
      ولكن (بريان) خذل الجميع..فبمجرد أن أفاق وعلم بموت (سيسيليا) حتى أصابه انهيار عصبي حاد وصار يهذي..
      ولم يستطع إفادة المحققين بأي معلومة.. بل إن مستر (Z ) كان قد أعطاهم معلومات أكثر قيمة عن كيفية وقوع الحادث..و كل ما خرجوا به منه زادهم تخبطا..حيث قال:

      إن القاتل يبلغ طوله ستة أقدام..ووزنه 200 رطل تقريبا..وسيم..شعره بني داكن..يرتدي ملابس داكنة..ويبدو في الثلاثينيات من عمره..خرج لنا من خلف شجرة وكان يمسك مسدسا في يده ويغمد سكينا في حزام حول خصره..وقال لنا بمنتهى الهدوء:
      (آسف لإزعاجكما..ولكني أريد النقود التي معكما كما سأستعير منكما السيارة للذهاب بها إلى المكسيك لأني في عجلة من أمري..بسرعة من فضلكم..إن الوقت ينفذ..)
      وأصابنا الرعب..وقررنا الامتثال لأوامره خشية أن يتهور ويقتلنا..
      واقتربت منه (سيسيليا) وأعطته المفاتيح قائلة:
      (ماذا تعني بنفاذ الوقت؟)
      قال:
      (أنا هارب من السجن..وقد تمكن أحد الحراس من إصابتي في قدمي قبل أن أقتله وأسرق تلك السيارة وأهرب بها..
      ثم رأيت أن أسرق سيارة أخرى وأفر إلى المكسيك..والآن..حان الوقت..
      أفرغا ما بجيبكما أمامي..)
      أذعنت (سيسيليا) للأمر..وبينما هي كذلك إذ عاجلها القاتل بعدة طعنات..
      ولم أستطع مشاهدة ذلك..وخارت قواي وتهاويت على الأرض..
      ولكن القاتل عاجلني ببضع طعنات لم أفق منها إلا الآن لأعلم بما حدث..
      ليتني مت..لماذا أنقذتموني؟؟..
      ثم دخل في إغماءة عميقة..
      وازداد تضارب المعلومات..
      وبالطبع ثبت من التحقيقات زيف تلك الرواية..
      وعلى ذكر مستر (Z ) فيبدو أنه عرف أن (بريان) لم يمت..إذ اتصل بالشرطة مجددا بعد أسبوع قائلا:
      (مستر (Z ) يتحدث..
      لقد علمت بما حل ب(بريان)..أرجو من الجميع معاملته بهدوء ورقة..أنتم لا تعلمون مقدار ما مر به المسكين من ضغوط نفسية رهيبة ومواقف صعبة ومؤلمة..
      آه..كدت أن أنسى..ستجدون سيارة (بريان) أمام قسم الشرطة الآن وبداخلها اعتذار رقيق مني على السرقة..)
      كما أعطاهم مفتاحا للشفرة وهو يعلن عن خيبة أمله جراء عدم قدرتهم على حل (لعبة الأطفال) تلك!!..
      والآن..
      وبعد أن صار مستر (Z ) أشهر من نار على علم في عموم الولايات المتحدة كلها..
      تمكنت الشرطة أخيرا من معرفة أول معلومة صحيحة وموثقة عنه..
      لقد عرفوا اسمه..
      أو بالأحرى..
      الاسم الذي أراد أن ينادوه به..
      وبرز إلى الوجود ذلك الاسم الغريب..
      (زودياك)




      الضحية التالي .. سائق تاكسي
      بعد شهر من هذه الأحداث قام مستر زودياك بجريمته الخامسة في تحد صارخ للشرطة..
      وأثارت جريمته الدهشة هذه المرة..
      حيث قام بقتل سائق التاكسي (Paul Stain ) البالغ من العمر 29 عاما..في ليلة السبت 11 أكتوبر عام 1969..
      كان لأول مرة يرتكب حادثا منفردا..
      فبعد أن وضع بعض المحققين بعض التصورات عن كون مستر (زودياك) يقتل ضحاياه الآثمين الذين يمارسون الحب بعيدا عن الأعين..
      إذا به ينسف كل تلك الاحتمالات بقتل (بول)..
      أما (بول) ذاته فقد كان قتله مثيرا للدهشة إلى أقصى حد..
      كانت بنيته الرياضية القوية تمكنه من الدفاع عن نفسه جيدا..حيث كان يمارس رياضة كمال الأجسام..
      ولكن الطعنات المنتشرة في جسده وبالأخص في منطقة الرقبة كالعادة دلت على أن مستر زودياك قد استطاع مباغتته والقضاء عليه في لحظات..
      وكان تصور الحادث كالتالي:
      أشار (زودياك) إلى (بول) فتوقف له..من ثم أخبره بعنوان في (Maple Street ) قرب مرتفعات (Presidio ).. وهو مكان نائي ومنعزل..من ثم أخرج سكين من طيات ملابسه وعاجله بعدة طعنات في رقبته أردته قتيلا..
      ولم يكتف بذلك..بل اقتطع جزء من قميص القتيل وغمسه في دمه ثم أخذه معه ونزل من السيارة وسار هادئا إلى أقرب منطقة مأهولة..

      صور لضحايا القاتل
      المثير أن ثلاثة أشقاء مراهقين شاهدوه من نافذة شقتهم وأبلغوا الشرطة..
      والأكثر إثارة أن سيارة الدورية مرت به قرب مكان الحادث وهي متجهة إليه..بل واستوقفوه وسألوه عما إذا كان قد رأى أحد الأشخاص يتصرف بطريقة مريبة في الجوار..
      ولكنهم تركوه بعدها..فقد جاء ببلاغ المراهقين أن القاتل زنجي أسود اللون..وكانوا يقصدون الضحية (بول)!!..
      وعندما وصلت الشرطة إلى مسرح الجريمة كان رفع البصمات مستحيلا ليس لأنه تاكسي اختلطت بداخله مئات البصمات لركابه ولكن لأن (زودياك) ترك قفازه في مسرح الجريمة وكأنه يخرج لسانه للجميع..
      والآن..ماذا كان رد فعل الشرطة؟
      في مشهد غريب جلس الجميع في مركز الشرطة في أماكنهم بدلا من البحث والتنقيب انتظارا للمكالمة المتوقعة التي تحكي لهم كل التفاصيل!!..
      إلا أنها لم تأت في ذلك اليوم ووصل بدلا منها في اليوم التالي إلى الشرطة ومقار الصحف خطاب يحتوي على كل شيء.. إلا أن مستر (زودياك) –الذي لم ينس نصيحة المحقق- أضاف إليه شيئا صغيرا..
      لقد أضاف إليه القطعة التي اقتطعها من قميص (بول) وغمسها في دمه..
      بل إنه وصف لهم أوصاف رجلي الشرطة الذين استوقفاه!!...
      وختم رسالته بقوله:
      (إنكم تعملون بشكل ساذج..لقد مشطتم الحديقة المجاورة لمسرح الحادث اعتقادا منكم بوجودي فيها..
      كان يجب عليكم أن تمشطوا الطرق حول مسرح الحادث..لأن من البديهي أن أستدرج الضحية لمكان قد أعددته مسبقا وتركت سيارتي على مقربة منه للفرار بها قبل وصولكم..
      ولست أدري هل أنا الأذكى أم أنكم مجموعة من الخنازير الغبية؟..)

      عينة من الرسائل التي كتبها القاتل للشرطة .. هنا يعبر عن غضبه من سكان سان فرانسيسكو لأنهم لم يرتدوا ازرارا على شكل علامته كما طلب منهم!
      وهكذا طبقت شهرة مستر (زودياك) الآفاق..وأصبح مادة لكل الصحف القومية في أمريكا بعد أن توالت الرسائل والمعلومات منه وفي ختام كل منها توقيعه الشهير -الذي أصبح أشهر من المزارات السياحية - وأصبح الكل يخاف أن يخرج من منزله بعد غروب الشمس إلا للضرورة القصوى وكل واحد يشك في كل من حوله.. حتى تحولت مدينة (سان فرانسيسكو) إلى بيت للأشباح..وانتشر الرعب بين الأهالي..
      وتم تحويل الكثير من ضباط الشرطة للتحقيق بدعوى التقصير تمهيدا لإحالتهم للتقاعد أو للأعمال الإدارية..
      وتم إسناد القضية لطاقم من أكفأ رجال المباحث الفيدرالية لمعاونة الضابط المسئول عن القضية (Tomas Melvin )..مع تجنيد كافة الإمكانيات لهم..
      بل وفكرت السلطات في تغيير حاكم الولاية ذاته نتيجة القصور الأمني في ولايته..
      باختصار..لقد جندت الولايات المتحدة كل إمكانياتها لملاحقة مستر (زودياك) وتقديمه للعدالة..
      فماذا حدث؟؟
      مع اقتراب العام الجديد ووسط احتفالات صغيرة محدودة في الولاية وصل إلى منزل المفتش (مالفين) في 27 ديسمبر 1969خطاب جديد كتب عليه من الخارج (عاجل وخطير إلى المفتش المسئول عن قضية (زودياك) القاتل)..وفي الداخل كان الخطاب بسيطا ودون أية إضافات..
      (عزيزى مالفين..
      (زودياك) يتحدث..
      أرجو أن تكون مستمتعا باحتفالات العام الجديد..والتي أظن أنها ليست في روعة كل عام.. إلا أنها لا بأس بها..!!
      هناك شيء أريد أن أطلبه منك بمناسبة العام الجديد، ولنقل إنه هدية منك!!.أرجوكم ساعدوني..!!
      إنني لا أستطيع التوقف لأن ذلك الشيء بداخلي لا يتركني أبدا أتوقف بل إني أجد صعوبة شديدة في التحكم بنفسي والتوقف عن قتل الضحية التاسعة.. وربما العاشرة أيضا.. إني أغرق.. بل إني أفكر في تفجير حافلة مدرسة كاملة هذه المرة ولا أعرف كيف أوقف هذه الأفكار اللعينة!!..
      أرجوكم ساعدوني لأني لا أستطيع التحكم في نفسي أكثر من ذلك)
      وفي نهاية الخطاب تألق توقيعه..الذي صار أسوأ كوابيسهم على الإطلاق..ومع الخطاب كانت هناك بطاقة معايدة بمناسبة الكريسماس!!..
      ومعه كان رسما كروكيا لآلة تفجير كتب تحتها أنه سيستخدمها عند تفجير الحافلة المدرسية..وقال إنه يخزنها في قبو منزله..بل إنه شرح لهم كيف حصل على أجزائها من الأسواق..وكيفية استخدامها أيضا!!..
      وبجوارها وضع رسما كروكيا آخر لسكين صغير ذي نصلين كتب تحته أنه تحفته الفنية التي صنعها بنفسه لاستخدامها في قتل الضحايا..
      وأصيب الجميع بالإحباط..
      وساد الذعر بينهم مع كل التوقعات العشوائية التي كانوا يحاولون من خلالها معرفة مكان الضربة القادمة وانتشر الخوف كالنار في الهشيم..
      وتم تدريب سائقي الحافلات المدرسية على كيفية التصرف حال تعرض الحافلات للخطف أو إطلاق الرصاص..
      ووزعت عليهم صورة تقريبية لمستر (زودياك) بناء على الأوصاف التي أدلى بها الأشقاء الثلاثة وأفراد سيارة الدورية الذين كانوا آخر من شاهدوه..
      ومرت عدة أشهر دون أن يضرب مستر (زودياك) ضربته..لكنهم كانوا يعرفون أنه بينهم في كل مكان وأنه فقط يستعد..



      يتبع

      تعليق


      • #4
        [WARNING]
        وبالفعل لم يستطع مستر (زودياك) التوقف طويلا..
        ففي ليلة 22 مارس عام 1970م..وقفت (Kathleen Johns ) البالغة من العمر 23 عاما في الطريق السريع بجوار سيارتها المعطلة تشير إلى السيارات المسرعة لعل إحداها تعطف على حالها..
        بالطبع كان يجب أن يكون هناك.. وبالطبع كان يجب أن يتوقف لها ويعرض عليها المساعدة بتهذيب..وبالطبع أيضا كان يجب أن تستقل سيارته..
        وحملت (كاثلين) طفلتها الرضيعة التي كانت تصطحبها معها في السيارة معها وركبت سيارته..
        وأخبرته برغبتها في عدم إرهاقه معها..إذ يكفي أن يوصلها لمحطة (Richfield ) القريبة لتصليح السيارات..من ثم تصطحب أحد الفنيين من هناك وتعود به لإصلاح سيارتها..
        كانت تقول ذلك كمجاملة منعا لشعورها بالإحراج..
        ولكن أصابتها الدهشة عندما وافق هو بلا تردد..
        اختلط عليها الأمر بين مودته في عرضه بتوصيلها في البداية..وبين موافقته الآن..وقالت في نفسها:
        (ربما لم أرق له خاصة في وجود صغيرتي..ولكن ليس هكذا يفعل الرجال المهذبون..)
        ولكنها في النهاية لم تجد بدا من قبول عرضه وركوب سيارته..
        وفي السيارة جلس مستر (زودياك) صامتا وكان يحدق في الطفلة بين الحين والآخر..
        ثم بدأ الشك يدب في قلب (كاثلين) حين مرت أكثر من محطة دون أن يتوقف عند إحداها..
        تفكرت أنه يريد أن يغتصبها..وبدا لها هذا الاحتمال معقولا خاصة مع لهفته على ركوبها سيارته بأي طريقة..
        وحين تمالكت نفسها وسألته لماذا لم يتوقف أجابها بأن (الوقت لم يحن بعد)!!..
        حينئذ أصابها الانهيار وهي تتذكر كل الحكايات المريعة التي كان الجميع يحذر بعضه البعض منها لكنها كالعادة كانت تقول لنفسها (هذا يحدث للآخرين فقط)!!..
        لكنها الآن أدركت وأعصابها تتفتت أنه (يحدث لها الآن)..
        وغاصت (كاثلين) في مقعدها أكثر وهي تحتضن طفلتها ولا تعلم ما الذي سيحدث لها..
        بعد ساعة ونصف من التجوال بلا هدف وقفت السيارة إلى جانب الطريق بالقرب من مدينة (Tracy ).. ولعدة دقائق لم ينبس أحدهما بكلمة في حين تعالى بكاء الطفلة وكأنها أحست بما تعانيه والدتها..
        ولم تحتمل أعصاب (كاثلين) كل هذا الضغط العصبي فانفجرت تصرخ بهستيرية شديدة ثم فجأة فتحت الباب المجاور وانطلقت في سرعة البرق إلى الغابة المجاورة للطريق..
        وللحظة وسط صراخها نظرت خلفها وهي تتوقع رؤية ذلك الوحش على بعد خطوات منها.. إلا أنه كان لا يزال بداخل السيارة دون حتى أن يلتفت إليها وبعد خمس دقائق أضاء أنوار السيارة وانطلق بها لا يلوي على شيء.. في حين وصلت (كاثلين) إلى أقرب مكان مأهول و..أغمى عليها..
        وعندما أفاقت بعد دقائق روت ما حدث لمن حولها فقاموا بالاتصال بالشرطة..
        وفي الوقت الذي كانت فيه قوة من الشرطة تتجه إلى مكانها كان مستر (زودياك) يبعث برسالة إلى المفتش (مالفين) المسئول عن قضيته قال فيها:
        (عزيزي (مالفين)..
        (زودياك) يتحدث..
        منذ قليل كانت معي سيدة وطفلتها الرضيعة.. لا تخف.. لم أقتلهما!!.. لقد منعني بكاء الطفلة.. لكن يجب أن تكونوا أكثر حذرا ولا تدعوا الأمور تسير بهذه البساطة في المرة القادمة إن ذلك لا يجعل الأحداث ممتعة على الإطلاق!!..
        آه..كدت أنسى..لقد عدلت خططي المستقبلية..الأطفال لا يستحقون القتل..سأستخدم آلة التفجير في نسف أحد مقار الشرطة..ربما يكون مقركم هذا..وربما يكون غيره..لا أستطيع الجزم الآن..)
        ثم أمهر رسالته كالعادة بتوقيعه الكئيب..
        وبالطبع..تمت إحاطة (كاثلين) بجيش خاص من الحراس ورجال المباحث لحمايتها من أي محاولة قتل.. وأيضا لحمايتها من تطفل الصحافة.. واعتبر الجميع أن شهر مارس من عام 1970م سيشهد الفصل الأخير من مأساة (زودياك)..
        لكن ما حدث كان يكفي ليفقد الجميع عقولهم تماما!!..
        فلم يقم مستر (زودياك) بأي محاولة لقتل أو اختطاف المرأة التي باتت الآن تعلم شكله وأوصافه ويمكنها أن تقدمه للعدالة..
        وفي نفس الوقت لم تكن هناك أية استفادة تذكر من تلك الشاهدة.. حيث إن الأوصاف التي أفادت بها (كاثلين) كانت غير مستقرة وغير كافية!!..

        بل إن أقوالها خلال التحقيقات تضاربت حول التوقيت وأوصاف السائق أكثر من مرة..
        وخضعت (كاثلين) لبعض التحليلات الطبية بأمر الشرطة..
        وأثبتت تلك التحليلات أنها مدمنة كحوليات..وأن إدمانها للكحوليات أثر على ذاكرتها وتركيزها وبذلك أصبحت شهادتها بلا قيمة ولا يعتد بها ولا يمكن الاعتماد عليها..
        كما كان من الواضح أنها تعرضت لانهيار عصبي رهيب..انتهى بإيداعها بالفعل إحدى المصحات العقلية لفترة طويلة بعد ذلك..
        والآن أصبح لدى الشرطة - طبقا للشهود- رسما توضيحياً لثلاثة أشخاص يختلفون عن بعضهم البعض تمام الاختلاف!!..
        مما جعل أي أمل في العثور على المتهم يكاد يتبخر..
        وبدا (زودياك) وكأنه شبح لا يمكن الإيقاع به أبدا!!..
        وأصيب الجميع باليأس..
        لقد كانت قوة الحرب النفسية التي يشنها مستر (زودياك) على ضحاياه أقوى مما يمكن أن يتخيله أي أحد!!..
        وإذا كانت هذه هي الحالة النفسية والعقلية لـ(كاثلين) التي لم يمسها مستر (زودياك) على الإطلاق فلنا أن نتخيل الحالة النفسية التي كان عليها باقي الضحايا..
        لقد كان الخوف هو اللعبة التي يجيدها مستر (زودياك)..
        لكن مستر (زودياك) لم يترك رجال الشرطة ينعمون بالوقت الكافي لترتيب أوراقهم وأفكارهم.. فبعد شهر واحد ارتكب جريمته السادسة حين أطلق الرصاص على ضابط المرور (Richard Radetich ) حين حاول الأخير أن يحرر مخالفة مرور له!!..
        هكذا أصبحت المحصلة ثمانية قتلى وحالتين نفسيتين معقدتين.. وحالة من الرعب الأسود الذي غطى مدينة
        (سان فرانسيسكو) كغيوم ملعونة لم يبد أنها على استعداد للرحيل!!..
        وسئم الجميع تلك اللعبة التي أصبحت بالنسبة لهم أشبه بكابوس رهيب لا يمكنهم إيقافه..
        لكن الكابوس توقف!!..

        صورة وزعتها الشرطة عن القاتل
        حسب توصيف بعض الناجين
        هكذا فجأة..كانت جريمة قتل مستر (زودياك) لضابط المرور آخر الحوادث المسجلة باسمه في سجلات المباحث الفيدرالية..
        ولأشهر طويلة كان الجميع في انتظار الضحية التالية..ولكن تلك الضحية لم تأت أبدا..
        لكن المثير أن رسائل مستر (زودياك) إلى الشرطة والصحف المحلية لم تتوقف حتى عام 1978!! حين كانت آخر مرة يسمع فيها أحد شيئاً عنه..
        وكانت رسائله تناقش بعض قضايا المجتمع!!...
        مثل تلك الرسالة التي أرسلها في 29 أبريل 1970 والتي قال فيها:
        (إذا أردتم أن أتوقف فعليكم تشجيع الناس على شراء المنتجات الوطنية من الملابس وغيرها..
        أريد أن يرتدي الجميع ملابس أمريكية الصنع..
        حتى الأزرار أريدها أمريكية!!...)
        ثم أتبعها برسالة أخرى في 26 يونيو 1970 قال فيها:
        (لم تقوموا بما طلبته منكم..لقد أثرتم غضبي..يبدو أنني سأعود للقتل مجددا..وعليكم انتظار الضحية الجديدة...
        أكتب لكم خطابي هذا متكئا على حافلة إحدى المدارس..ولولا أن الوقت صيفا والحافلة فارغة لقمت بتفجيرها الآن..)
        ثم بعث رسالة أخرى في 24 يوليو 1970 قال فيها:
        (أنا مسرور لأن الناس بدءوا يرتدون الملابس الوطنية..لذلك عندي لكم خبر سار..
        لقد حصلت على قائمة بأسماء المطلوبين للعدالة..كتجار المخدرات والقتلة وغيرهم وسأقوم بتعقبهم والقصاص منهم بطريقتي..
        أما الشباب المدمن فعليكم تحذيرهم..فهم ليسوا ببعيدين عن مرمى طعناتي..)
        بل إنه كان يناقش الأحداث السياسية..
        فقد علق في خطاباته تلك على معاهدة (باريس) التي وقعت بين (الولايات المتحدة) و(فيتنام) عام 1973..
        كما علق على الحروب التي كانت دائرة في جنوب (لبنان) في ذلك الوقت..
        بل إنه أرسل رسالة في 8 يوليو 1974 ينتقد فيها تصرفات عمدة (سان فرانسيسكو) (Marco Spinelli ) ويتهمه بأنه يعاني من اضطرابات نفسية تؤثر على قراراته مطالبا السلطات بتنحيته لأنه لا يصلح لهذا المنصب!!...
        أو حتى كان يناقش آخر الأفلام السينمائية!!..
        حتى إنه في عام 1974م بعث برسالة إلى الصحف يقول فيها إن فيلم (طارد الأرواح الشريرة) (Exorcist )– وهو أحد أروع أفلام الرعب في التاريخ – ما هو إلا (كوميديا هزلية)!!..
        ثم أرفق كلامه هذا بطلب رقيق بتحويل قصته إلى فيلم سينمائي مؤكدا أنه سيكون أكثر رعبا بالتأكيد..وسيحقق النجاح والثراء للقائمين عليه!!..
        وكذلك تعليقه على فيلم (الأراضي الوعرة) (Bad Lands ) الذي لم يعجبه فيه قسوة رجال الشرطة في التعامل مع المشتبه فيهم مطالبا إياهم بأن يكونوا أكثر عطفا على الناس وأكثر لطفا في التعامل!!..
        كما انتقد العادات اليابانية التي يدفعون فيها الخاسر للانتحار!!...
        وطيلة تلك الفترة لم ينس مستر (زودياك) إرسال بطاقات معايدة لمقر الشرطة والصحف المحلية مع كل احتفال بالهالوين أو بالكريسماس وبداية العام الجديد..
        السؤال الذي يراود أذهان كل من قرأ هذا المقال الآن بالطبع هو:
        هل تم القبض على مستر (زودياك)؟!..
        الحقيقة أنه على الرغم من وجود العديد من الأوصاف له..بل ووجود عدة بصمات يشتبه في أنها تخصه..إلا أنه لم يتم القبض عليه حتى الآن!!..
        وبالرغم من أن السلطات قامت بالعديد من الجهود المضنية في البحث حتى وصل بهم الأمر لتحليل نوع الورق..ونوع الحبر المكتوب به الخطاب لمعرفة مصدر إنتاجه وتوزيعه لعل ذلك يفيدهم بشيء..
        بل إنهم تعدوا ذلك لتفنيد كلمات الخطابات ذاتها بواسطة خبراء اللغة..
        وتوصلوا إلى أن تلك الرسائل ترسل من أماكن عديدة..ولكن كلها داخل (سان فرانسيسكو)
        ولكن ذلك لم يوصلهم لشيء..
        بل إن شرطة (ريفرسايد) تلقت رسالة من أحد المحققين الهواة في 31 أكتوبر 1970 جاء فيها عرض لأوجه الشبه بين جريمة قتل الضحية الأولى (شيري بيتس) وفتاة أخرى قتلت بذات الطريقة مساء عيد الهالوين قبل ذلك بسنوات..
        وبجمع التحريات زاد التخبط..
        فبالفعل بدت الجريمتين متشابهتين في كثير من التفاصيل مما يوحي بأن القاتل واحد..وبالعودة إلى السجلات تبين القبض على مرتكب الجريمة السابقة وإيداعه السجن..وكان متواجدا بالسجن وقت ارتكاب مستر (زودياك) جريمته تلك..وتم تفسير الأمر على أن مستر (زودياك) اقتبس فكرة جريمته من خلال قراءته لتفاصيل تلك الجريمة في الصحف..
        كان من الواضح أنه قد أجاد الاختفاء والابتعاد عن عيون الشرطة..خاصة أنه على عكس كل القتلة المتسلسلين الذين عرفهم التاريخ لم يكن يتبع أية قاعدة في اختيار ضحاياه مما جعل توقع خطواته التالية أمرا أشبه بقراءة الفنجان أو التنجيم!!..
        وإذا أضفنا لكل ذلك قيامه بجرائمه بوجه مكشوف..ووجود شهود من ضحاياه ممن نجوا من الموت على يديه..وتحديه السافر لرجال الشرطة..بل ولكافة سلطات الولايات المتحدة التي جندت كلها ضده لأمكننا أن نقول بكل ثقة أن جرائم مستر (زودياك) تستحق أن يطلق عليها ذلك اللقب المثير:
        (الجريمة الكاملة)
        واليوم لم يعد مستر (زودياك) أكثر من ذكرى سيئة لكل من عاش في تلك الفترة بينما تحول إلى مادة علمية وأدبية كما أسلفت -خاصة لسكان (سان فرانسيسكو)-..
        لقد ظهرت مئات الكتب والتحليلات التي تتناول جرائم هذا القاتل وتحلل نفسيته..
        والتي لم يخل البعض منها من الإعجاب بقدراته وتأثيره النفسي الذي كان يؤهله – كما قال أحد الكتاب – لأن يصبح أحد أبرز القادة العالميين تأثيرا في البشر لو كان يحكم دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وهو الأمر الذي لم يتوافر له للأسف!!!
        بقي أن نعلم شيئا واحدا..
        لماذا فعل مستر (زودياك) كل ذلك؟؟..
        إن الأمر لم يكن بدافع العنف للعنف أو لمجرد إرضاء شهوة عارمة أو حتى للسرقة..
        لكن مستر (زودياك) شرح دوافعه لارتكاب كل تلك الجرائم في آخر خطاباته إلى الشرطة حيث قال:

        (أنا أحب قتل الناس لأن ذلك شيء ممتع!!.. بل إنه أكثر إمتاعا من صيد الحيوانات البرية في الغابات.. فالإنسان هو أكثر الحيوانات على وجه الأرض خطورة وشراسة ويحتوي على العديد من الأمور التي تزيدني خبرة في الحياة!!..أنا لم أغادر (سان فرانسيسكو)..ولن أغادرها أبدا..سأبقى هنا معكم..
        لكن أفضل ما في الأمر هو أنني حين أموت وتولد روحي من جديد في الجنة فإن كل من قتلت سيصبحون عبيدا لي.. لذلك فأنا لن أخبركم عن اسمي أو هويتي..
        سأخبركم فقط بأني قد اكتفيت بمن قتلت..ونجحت في تكوين تلك المجموعة من العبيد..
        عبيد مستر (زودياك)...)

        منقول من بعض مواقع الإنترنت

        تعليق

        يعمل...
        X