إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التنجيم عبر العصور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التنجيم عبر العصور


    التنجيم عبر العصور

    مثلما كان التنجيم مدار جدل كذلك نرى ان ظهورة ومتى بدأ مدار جدل كذلك الا اننا نستطيع ان نركن لعلوم الاثار الحديثة ونقول :
    اول من بحث في علاقة السماء بالارض وتأثيرها على الارض هم اقدم امه متحضرة على وجه الارض الا وهم السومريون والبابليون , فمنذ خمسة الاف سنة كان كهنه بابل القدماء يراقبون النجوم والكواكب ويحاولون ايجاد قوانين سيرها ورسم تأثيرها على الارض وسكانها ونجد ذلك واضحا في اقدم الالواح التي عثر عليها في ما بين النهرين وقد كانت ارصادهم الفلكية المصدر الوحيد لهيبارخوس وبطليموس وغيرهم من الفلكيين الذين كانوا الاصل لعلم الفلك الحديث وتطوره فيقول جامبليك (( لم يكتف الاشوريون بمشاهدة النجوم خلال 72 الف عام وحسب كما يؤكد هيبارخوس ذلك , انما حفظوا ايضا ذكر عهود العوالم السبعة وتطوراتها ايضا )) , ويذكر سيمبليسيوس بأن الكلدانيين كانوا يستشهدون في زمن الاسكندر بمشاهدات متتالية عمرها 1903 سنة وهو تقدير لا مغالاة فيه .
    ويقول سترابون ( ان المنجمين الكلدانيين هم من اصول مختلفة فثمة من اورخينيا كما من بورسيبا وغيرهم كثيرون وينقسمون الى عدة فئات وشيع وذلك وفقا للتعاليم التي يدينون بها )) وحسب هذا القول نرى ان التنجيم كان من التطور بحيث كانت له عدة مدارس , ورغم قدم العهد فهناك اسماء وصلتنا عن منجمين بابليين مثل

    1- بيروز كاهن بعل ( مردوخ ) الكلداني ظهر في القرن الثالث قبل الميلاد والف كتاب عن الكلدان واشور وهو للاسف مفقود الان
    2- مزايا البابلي منجم نبوخذنصر
    3- وقسطا بن لوقا البعلبكي منجم سنحاريب
    4- كيدينو الذي قام بقياس الشهر القمري بدقة عجيبة تقرب الى 0.6 من الثانية من المقياس الصحيح .
    5- تينكلوس البابلي يذكر له كتاب ( الوجوه والحدود)
    6- طينفروس البابلي له كتاب المواليد على الوجوه والحدود
    7- قيطوار البابلي له كتاب صناعة النجوم
    ورغم ما يقوله الكتاب العرب ان اول من علم التنجيم وقاس اطوال واحوال الاجرام السماوية هو هرمس الذي يقول البعض انه هو نفسه النبي ( ادريس ) عليه السلام المذكور في التوراة بأسم اخنوخ ويذكر اخرون ان اول من علم التنجيم هو ادريس من غير مقارنته بهرمس رغم ذلك يقول لنا علم الاثار الحديث ان البشرية كانت تجهل علم الفلك والتنجيم بصورته الحالية قبل ظهور البابليين وكما يثبت كريستوفر ووكلر الخبير في قسم اثار اسيا الغربية في المتحف البريطاني ان انجازات الحضارة السومرية في جنوب العراق التي سبقت الحضارة البابلية في علم الفلك لم تتعدى رصد وتسجيل بعض النجوم وكوكب واحد هو الزهرة وكان هذا في حوالي سنة 3000 ق.م والزهرة او فينوس وهي التسمية الرومانية للالهة البابلية ( عشتار ) التي يسميها العرب الزهرة بينما سماها الفينقيون عشترون اما السومريون انفسهم فقد كانوا يسمونها فنسيانا , فما لدينا اذن عن علم الفلك البابلي ينحصر في الفترة ما بين 1800-4000 ق.م مما يؤكد ما ذكره سيمبليسيوس , ويذكر عن السومريون ان ملكهم ( غوديا ) اول منجم معروف في التاريخ البشري وغودياهو هو ملك لكش , وكانت تحفظ توقعات فلكية على الواح طينية وقد ورد في احد الالواح ( اذا ما حدث خسوف للقمر في الشهر الحادي عشر من السنة وفي اليوم الرابع عشر سيقبض العدو على قافلة تخرج من المدينة وسيخرج الملك على رأس الجيش لملاقاة العدو الا انه يندحر وبعد موت الملك تزدهر الارض ) .
    وبعد غزو الاسكندر المقدوني لبابل سنة 331 ق.م تعرف اليونانيون على هذا العلم ونقلوا اكثر سجلات البابلين الطينية ومعلوماتهم معهم ويذكر التاريخ ان ( ايدوكسوس ) هو اول منجم اغريقي مات سنة 408 ق.م استقى علومه من البابلين , وهذا يثبت ان الاغريق قد عرفوا التنجيم قبل غزو الاسكندر لبابل فقد كانت سنة من يريد العلم عندهم زياره مصر للتتلمذ على يد كهنتها ثم زيارة بابل لاكمال علومهم وهذا ما فعله العديد من الفلاسفة , ومن شدة اهتمام الاغريق بالتنجيم انهم استقدموا منجم بابلي اقام مدرسة للتنجيم في جزيرة ( كوس ) اليونانية عام 280 ق.م تتلمذ فيها عدد كبير من شباب المنجمين الاغريق وابتداء من عام 200 ق.م اخذت تظهر مؤلفات اغريقية بالتنجيم ومن ثم انتشر التنجيم في الاقوام المتحضرة في اوربا .
    فيذكر عن الرومان ان ( سبورينا ) المنجم الاغريقي حذر يوليوس قيصر من اليوم 15 من شهر مارس ( اذار ) من خطر عظيم قد يصيبه , وكان قيصر يشعر بمرض في ذلك اليوم فآثر المكوث في المنزل في اليوم المشؤوم يوم 15 مارس عام 44 ق.م غير ان صديقه ( بروتس ) اكد له ان جمع كبير من اعضاء مجلس الشيوخ ينتظره وليس من الائق ان يخيب املهم وفي اثناء الطريق الى مجلس الشيوخ قابل قيصر المنجم ( سبورينا ) وكان الوقت حينذاك قبل منتصف النهار بساعة نهارا , فما ان رآه يوليوس حتى ابتسم له وقال ( وها قد حل اليوم الخامس عشر ولم تحدث أي كارثة ) فأجابه سبورينا ( نعم قيصر ولكن لم يمض بعد هذا اليوم ) ,ولم تغرب الشمس ذالك اليوم حتى قتل يوليوس قيصر على يد صديقه بروتس , ومما يروى عنهم ايضا ان تيوجينيس المنجم الروماني المشهور رغب في قراءة طالع الطفل اوغسطس فما ان ذكروا له تاريخ ميلاده حتى خر راكعا من فوق مقعده عند قدمي هذا الطفل , وربما كان ايمان اوغسطس بالتنجيم كبيرا حيث كان يضع علامة طالعة الجدي على العملة النقدية التي يصدرها , فنرى من هذه الروايات دقة الاغريق والرومان في التنجيم مما يدل على ان ما وصلهم من البابلين كان علما دقيق جدا .
    وبعد تدمير بابل انتقل علم النجوم الى ثلاث امم على التوالي ( الفرس ثم الاغريق ثم الهند ) الذين لم يكتفوا بما وصلهم من البابليين بل اخذوا يضيفون حسب تجاربهم واكتشافاتهم الى ان وصل لقمته في عصر كلوديوس بطليموس العالم اليوناني المشهور الذي عاش في القرن الاول الميلادي في الاسكندرية والذي يعتبر مؤسس علم الفلك القديم والذي بقيت كتبه تدرس لاكثر من 1400 سنة , وطريقته التي ذكرها كتابه المقالات الاربعة وكتابه الثمرة ما زال الى الان يمارسها المنجمين وان اختلفت في بعض فروعها الا ان الاصول ثابته لم تتغير , ونجد انه ذكر في كتابه الثمرة المكون من 101 قاعدة تنجيمية تضم اغلب امتحانات المنجمين وعلومهم بكلمات مختصرة ذات معاني كبيرة حتى اني اعتقد انه من المناسب ان يطلق عليه ( دستور المنجمين ) الذي يحدد علمهم ويبعد عنه ما قد يشوهه.

    ومن اهم المنجمين او العارفين به في هذه الفترة


    1- ايدوكسوس
    2- طاليس
    3- فيثاغورس
    4- ارسطو
    5- اناكساغوراس
    6- يودوكسوس
    7- ابولونيوس
    8- سبورينا
    9- هيبارخوس
    10- بطليموس

    في عصر بطليموس انتشر االتنجيم انتشار واسع واصبح معروف في كل الامم التي سيطر عليها الرومان وقبلهم اليونان .
    ورغم ان بطليموس الذي جمع علوم المنجمين قبله وفي عصره في كتبه يعترف ان التنجيم ليس قدر محتوم ويمكن للعارف ان يتقى شر النجوم او يجلب سعودها الا ان عامه الناس امنوا بقدرية كاملة بالتنجيم وتسيير شامل فظنوا ان النجوم والكواكب هي المتحكمة في حياة كل شخص ولا تنفع الارادة ولا التصميم في تغيير قدره , وهذا يظهر واضح في ملاحم اليونان مثل اوديسة والالياذة التي تظهر تلاعب ارباب الاغريق بالبشر , وكانت هذه الارباب هي الكواكب , فزيوس هو المشتري وابولو هو الشمس الخ .... , مما سبب رفض المسيحيون الاوائل للتنجيم الذي اعتقدوا انه يخالف تعاليم السيد المسيح فما فائدة الصبر والشكر ان كان قدرنا مكتوب سلفا ولا تغيير فيه , ورغم ان بعض هذه الاعتقادات موجودة في الكتاب المقدس للمسيحين واليهود ففي سفر الجامعة الاصحاح الثالث نجد ( لكل شىء زمان ولكل امر تحت السموات وقت للولادة وقت وللموت وقت للغرس وقت ولقلع المغروس وقت للقتل وقت وللشفاء وقت للهدم وقت وللبناء وقت للبكاء وقت وللضحك وقت للنوح وقت وللرقص وقت لتفريق الحجارة وقت ولجمع الحجارة وقت ........) , وادى تبني الدولة الرومانية الدين المسيحي في القرن الرابع الى مطاردة المنجمين ورفض علومهم وحرق كتبهم حتى لم يكن احد يعرف شيء عن هذا العلم القديم في روما عندما اجتاحها البرابرة عام 410 م .

    ولكن وبينما كان الرومان المسيحيين يطاردون المنجمين كان ما زال ينموا في اماكن اخرى من العالم , فقد اهتم به الفرس اهتمام كبير حتى ان ملوكهم لم يكونوا يقدمون على أي امر قبل استشارة المنجمين , ويذكر عن ذلك ابن خلدون في مقدمته ( سال هرمز افريد الحكيم عن مدة اردشير وولده ملوك الساسانية فقال دليل ملكه المشتري وكان في شرفة فيعطى اطول السنين واجودها اربعمائة وسبعا وعشرين سنة ثم تزيد الزهرة وتكون في شرفها وهي دليل العرب فيملكون لان طالع القران الميزان وصاحبه الزهرة ) .

    يتبع



  • #2



    وكذلك كان الهنود ذو اهتمام كبير به ولم يكن يخلوا بلاط ملك من منجم يذهل ملكه ببدائع الاحكام وغرائبها , فيذكر الطبري ان احد النساء في الهند كانت على وشك الولادة فمر بها منجم وقال ان ولد هذا المولود مع شروق الشمس ملك الهند كله وهذا ما حصل حيث ولد مع شروق الشمس وملك اغلب الهند .

    ومن علماء الهند المشهورين بهذا المجال
    1- آريابهاتا الاول ( عاش في الفترة 475-550 ب.م )في باتنا
    2- فاراهامهيرا (505 م ) كان له مرصد في عجين
    3- براهما كوبتا (628 م ) عمل في عجين
    4- مهافيرا (850م ) في ميزور
    5- بهاسكارا ( 1114-1185 م ) في عجين

    وفارامهيرا هو اول من كتب الكتب الفلكية الهندية ( السدهانتا ) وقد ذكر منها خمسة , اربعة منها تعتمد على الفلك اليوناني واقدم واحدة موجودة تعود الى ( 300-400 م ) وهي تستخدم الابيسايكلات والنظام الستيني مما يدل على تأثرها بالفلك اليوناني والبابلي .
    اما في الجزيرة العربية فلم يكن العرب يعرفون التنجيم بصورته البابليه مثلما عرفه الهنود والفرس واليونان والرومان , بل كانوا يعرفون المنازل ويعتقدون بتأثيرها على المناخ , فلما ارسل الرسول الكريم لم تكن هناك ااشارة واضحة للتنجيم بصورته القديمة والاشارة الوحيدة في القران هي الايه الكريمة ( فنظر في النجوم فقال اني سقيم ) رغم ان بعض المفسرين يفسرون الايه الكريمة ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) ان المقصود بالحساب هو التنجيم , ومما يؤكد عدم معرفة الصحابه في ذلك الوقت بالتنجيم ان ابن عباس فسر الايه ( والسماء ذات البروج ) فقال ان هناك ابراج مبنيه في السماء , فلما انفتح العرب على بلاد الشام وبلاد الرافدين ومصر وفارس تعرفوا على هذا العلم وخاصة في العراق التي كان الفرس فيها مولعين بالتنجيم فيذكر ابن الاثير ( ولما فصل رستم عن ساباط كتب إلى أخيه البنذوان : " أمّا بعد فرموا حصونكم وأعدوا واستعدوا فكأنكم بالعرب قد [ وردوا بلادكم ] وقارعوكم عن أرضكم وأبنائكم ، وقد كان من رأيي مدافعتهم ومطاولتهم حتى تعود سعودهم نحوساً، فإنّ السمكة قد كدّرت الماء ، وإنّ النعائم قد حسنت والزهرة قد حسنت ، واعتدل الميزان ، وذهب بهرام ، ولا أرى هؤلاء القوم إلا سيظهرون علينا، ويستولون على ما يلينا، وإنّ أشد ما رأيتُ أنّ الملك قال : " لتسيرن [ إليهم ] أو لأسيرنّ بنفسي " .

    ولقي جابان رستم على قنطرة ساباط وكانا منجَمْين فشكى إليه وقال له : ألا ترى
    ما أري ؟ فقال له رستم : " أما أنا فأقاد بخَشَاش وزمام ولا أجد بُدا مِنْ الانقياد " )
    ورستم هذا هو قائد جيوش الفرس في القادسية , وفي هذه الفترة نجد مناظرات كثيرة واحاديث لعلي بن ابي طالب الذي سكن الكوفة وجاور اهل العراق ذوي الاصل العريق بهذا العلم فحاول ان ينقيه مما لحقه من اشراك وكفر فنجد له بعض الاحاديث تنهى عن التنجيم واحاديث اخرى تؤكد صحته والحديث المشهور ( من سافر او تزوج والقمر في العقرب لم يستوى امره ) هو من احاديث علي بن ابي طالب .

    وكان اول كتاب يترجم في الدولة الاسلامية هو كتاب الاساس في النجوم والزيج او ما يسمى الخمسة والثمانون بابا لهرمس , ترجم لخالد بن يزيد الاموي , وهو كتاب مختص بالتنجيم وبعد سقوط الدولة الامويه واستعانه العباسيين بالفرس وانفتاحهم على العلوم انتشر التنجيم انتشار كبير وكان اول من استعان بالمنجمين ابو جعفر المنصور حيث كان لا يصدر امرا الا باستشارة نوبخت والفزاري وماشاء الله المنجمين , ويذكر الطبري ان هكذا اعتقاد كبير وصل اليه ابو جعفر بالتنجيم بسبب الاصابات الكثيرة لنوبخت المنجم منذ التقاه بسجن البصره وتوقع له انه سيصل للخلافه ويموت خليفة , ومن هذه الاصابات يذكر ابن الاثير

    (وبلغ المنصور الخبر بهزيمة أصحابه أولًا فعزم على إتيان الري فأتاه نوبخت المنجِّم وقال : يا أمير المؤمنين الظفرُ لك وسيقتل إبراهيم فلم يقبل منه فبينما هو كذلك إذْ جاءه الخبرُ بقتل إبراهيم فتمثَّلَ. فألقتْ عصاها واستقر بها النّوى كما قرّ عينا بالإياب المسافر فاقطع المنصور نوبخت ألفي جُرَيْب بنهر حُويزة ) وعندما اراد ابو جعفر بناء بغداد بناها بوقت اختاره نوبخت والفزاري وما شاء الله المنجم في طالع قالوا انه لن يموت فيها ملك واذا رجعنا لمواقع الكواكب التي اختاروها والتي ذكرها البيروني في كتابه ( الاثار الباقية عن القرون الخاليه ) نجد ان الاساس وضع في 31/تموز/762 م الساعة 2 و 40 دقيقة بعد الظهر , وقد هنىء الشعراء ابو جعفر حيث قال احدهم
    يهنيك منها بلدة تقضي لنا ان الممات فيها عليك حرام
    لما قضت احكام طالع وقتها ان لا يرى فيها يموت امام
    واكد هذا القول في نفوس الناس موت ابو جعفر الدوانيقي بطريق مكه ثم المهدي بعاسبذان ثم الهادي بعساباذ ثم الرشيد بطوس , فما ثتل الامين بشارع الانبار ظهر فساد ول المنجمين ولذلك قال الشاعر :
    كذب المنجم في مقالته التي نطقت به كذبا على بغدان
    قتل الامين بها لعمري يقتضي تكذيبهم في سائر الحسبان
    وكأن المنجمين معصومين من الخطأ وليس هناك من بقية العلوم من يخطأ, رغم ان بعضهم قال ان بغداد القديمة التي بناها ابو جعفر لم يموت فيها أي خليفة ومن مات منهم كان في امتداداتها بعد ذلك .
    وزاد من اهتمام الناس وخاصة العلماء في تلك الفترة الكتب اليونانية والهندية التي ترجمت فقد حضر لبلاط ابو جعفر منجم هندي يدعى كانكا يحمل معه كتاب يدعى ( سدهانتا ) وعرف عند العرب بعد ذلك بالسند هند كان في حساب مواقع الكواكب والنجوم اصبح الاساس لعلم الفلك في الحضارة العربية ومنه عرف العرب النظام العشري للارقام ورسوم الارقام التي نستعملها حاليا وما تزال تسمى بالارقام الهندية وبعد ذلك قام ابو يحيى البطريق بترجمة كتاب ( المقالات الاربعة ) لبطليموس الذي اصبح هو ايضا الاساس للتنجيم العربي والغربي بعد ذلك وبعده تم ترجمه المجسطي اشهر كتاب فلكي في العصور الوسطى واصبح المنجمين هم الموظفين الاهم في بلاط الخلفاء ودواوين الوزراء ومجالس الاغنياء وحتى طرقات الفقراء فيذكر ابن الزيات وزير المعتصم انه خرج يوما مع المعتصم حتى وصلوا للجسر فامر المعتصم خادمه بشىء فذهب ثم عاد بعد فترة واخبره بأمر لم اسمعه , فبان على المعتصم الحزن , فلما رايت ذلك سالته عن الخبر فقال لي كان هنا منجم فلما حدثت فتنه الامين خرج للشارع ومررت منه يوما فاردت ان اساله عن حالي وهل انجوا فقد كنا جميعا في خوف شديد , فقال لي ان هذا الامر سيكون لي وساملك بعد فترة طويلة ويستقيم الملك لي , فقلت له فهل من نحوس تخبرني بها فقال لا سوى ان ملكك سيستولي عليه اولاد السفله , وها انا خليفة وانت وزيري ابن زيات , ولما بلغت اليوم الجسر تذكرته واردت ان اكافئة وارسلت الغلام فبلغني انه مات .


    تعليق


    • #3



      اولع المسلمين في تلك الفترة بهذا العلم القديم ولم يبق عالم فلكي لم يكتب في التنجيم كتاب او مقاله او لم يعلمه او يتعلمه ومن المشهورين بالتنجيم في تلك الفترة
      نوبخت المنجم
      الفزاري
      ما شاء الله
      الخوارزمي
      ابو يوسف اسحق الكندي
      البتاني
      ابن سينا
      الهروي
      الصيدناني
      الدنداني
      البيروني منجم الغزنوي
      عبد الرحمن الصوفي منجم عضد الدولة
      ابو الفواء البوزجاني
      ابو مسلمة المجريطي
      ابو سهل الكوهي منجم شرف الدولة
      ابو نصر منصور بن عراق استاذ البيروني
      ابو معشر الفلكي
      الزيادي
      ابو الفتح الخيام الشاعر المشهور صاحب رباعيات الخيام
      نصير الدين الطوسي
      جابر بن حيان
      ثابت بن قره
      موسى بن شاكر واولاده
      ابن ابي الرجال
      يحيى بن منصور
      وكانت للمنجمين الكثير من الاصابات زادت من تصديق الناس لهم فيذكر ابن الاثير في الكامل (ومن أعجب ما يذكر أن الموفق أخبره منجم ، أنه يقتل ابن بختيار يوم الاثنين . فلمَّا كان قبل الاثنين بخمسة ايام قال للمنجم : قد بقي خمسة أيام وليس لنا علم به ، فقال له المنجم : إن لم تقتله فاقتلني عوضه وإلّا فأحسن إلي ، فلمَّا كان يوم الاثنين أدركه ، وقتله وأحسنَ إلى المنجم إحساناً كثيراً وذكر ايضا وتقدم داود إليه فالتقوا في شعبان سنة ثمانٍ وعشرين على باب سرخس ولداود منجم يُقال له الصومَعي فأشار على داود بالقتال وضمن له الظفر وأشهَدَ على نفسه أنه ان أخطأ فدمُه مباحٌ له فاقتتل العسكران فلم يثبت عسكر سباشي وانهزموا أقبحَ هزيمةٍ وساروا أخزى مسيرٍ إلى هراة فتبعهم داود وعسكره إلى طُوس يأخذونهم باليدِ وكفوا عن القتل وغنموا أموالَهُم فكانت هذه الوقعة هي الوقعة التي ملك السَّلجوقية بعدها خراسان ودخلوا قصباتَ البلاد).
      ذكر وفاة يحيى بن تميم وولاية ابنه علي
      في هذه السنة توفي يحي بن تميم بن المعز بن باديس صاحب إفريقية يوم عيد الأضحى فجأة وكان منجم قد قال له في منستير مولده : إن عليه قطعاً في هذا اليوم فلا تركب فلم يركب وخرج أولاده وأهل دولته إلى المصلى ، فلما انقضت الصلاة حضروا عنده للسلام عليه وتهنئته وقرأ القراء وأنشد الشعراء وانصرفوا إلى الطعام فقامٍ يحيى من باب آخر ليحضر معهم على الطعام فلم يَمْسِ غيرَ ثلاث خطا حتى وقع ميت.
      والكثير الكثير من الروايات على هذه الشاكلة , ولكن المنجمين لم يخلوا من اخطاء جعلت مصدقيهم يشككون فلما اراد بها المعتصم غزو عمورية في الحادثة المشهور التي استغاثت به امراة عربية وقالت ( وامعتصماه ) ظهر في تلك الفترة مذنب فتشائم منه المنجمون وقالوا للمعتصم ان لا يغزو في تلك الفترة لانه سيهزم فخالفهم المعتصم وغزا وانتصر انتصار كبير مما دفع ابي تمام لهجاء المنجمين في قصيدته المشهورة التي بدايتها
      السيف اصدق انباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
      والعلم في شهب الارماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب
      اين الرواية ام اين النجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
      تخرصا واحاديثا ملفقة ليست بعجم اذا عدت ولا عرب

      لذا هكذا كان حال المنجمين دائما يهجون اذا اخطئوا ولا يشكرون اذا اصابوا .
      وكان للتنجيم شأن كبير عند الناس والدول ايضا فيعرف عن اخوان الصفا وهي حركة سياسية علمية دينية انتجت الفاطميين انهم امنوا بالتنجيم ايمان كبير وبنوا دولتهم على اساسه حتى ان المعز امر جوهر الصقلي عام 353 هـ اذا دخل مصر ان يبني مدينة تكون نجومها في غاية الاستقامة وبطالع الكوكب القاهر وهو المريخ او زحل , وهكذا بنيت القاهرة التي ارادها بناتها دائما فاطمية الا انها خيبت ظنهم مرة اخرى وارجعها صلاح الدين الايوبي لحضيرة العباسيين .
      وفي سنة 1179 توقع اكثر المنجمين في العالم وقوع كارثة هائلة عام 1186 حتى قال بعضهم ان عصر الطوفان سيعود ولكنه هذه المره طوفان الريح وليس الماء فقد توقع الشاعر والمنجم انوري حصول عاصفة كاسحة في يوم 16/ 12/1186 بسبب اجتماع خمسه كواكب في برج الميزان , ولكن مرت تلك الليلة بهدوء تام لم يتحرك فيها غصن وسخر انوري من نفسه وقال الناس المنجمين يكذبون ثانيا , ولكن بعد 40 سنة عرف المنجمين لماذا كذبوا .
      ظهر الرعب في شخص رجل من الشرق الاقصى يدعى جنكيز خان اكتسح بلاد اسيا وروسيا ووصل احفاده لفارس وبغداد والشام ووسط اوربا .
      ملاحظة : ولد جنكيز خان بنفس الليلة التي توقع بها المنجمين هبوب عاصفة .
      ومن خلال الحروب الصليبية والتجار ومدارس الاندلس تعرف سكان اوربا من جديد على هذا العلم القديم واخذ المترجمين اليهود ثم المسيحين مثل اديلارد باث الذي درس في قرطبة الذي الف موسوعه عن العلم العربي اسماها ( المسائل الطبيعية ) وترجم كتاب اقليدس ( اصول الهندسة ) من العربية الىاللاتينية كما ترجم حساب الخوارزمي وبذلك ادخل نظام الارقام الى اوربا , ومثل روبرت تشستر البريطاني الذي عاش في الاندلس ثم عاد الى انكلترا ويوحنا الاشبيلي وجيرارد الكريموني اكثر المترجمين نشاطا , وكان بعض البابوات انفسهم مشتغلين بالتنجيم ومنهم البابا سلفستر والبابا يوحنا العشرين ويوحنا الحادي والعشرين وجوليوس الثاني وكليمنت الثامن , وقد توقع مارسيليو فسينو المنجم دوق فلورنسه المعروف باسم لورنزو العظيم ان واحد من اولاد الدوق وهو جيوفاني ده مديسي سوف يعتلي الكرسي البابوي , ولما اعتلى جيوفاني هذا الكرسي البابوي تحت اسم ليو العاشر اصبح راعي للمنجمين ونصيرا لهم .
      ونجد عالما دينيا كبيرا وفيلسوفا من اشهر فلاسفة العصور الوسطى في العالم الغربي وهو توماس الاكويني يعلن ان الاجرام السماوية هي السبب في جميع احداث هذا العالم الدنيوي لذلك نجد انه في تلك العصور انتشر التنجيم انتشارا واسعا في الغرب مرة اخرى بعد نومه العميق , وانجذبت له اكبر عقول اوربا ويذكر منهم كوبرنيكوس وتينمو براهة وكبلر وحتى نيوتن كانوا من المشتغلين بالتنجيم , ويقال ان نيوتن عندما التحق بجامعة كامبردج عام 1660 وكان في الـ 17 من عمره سؤل عما يريد ان يدرسه بالجامعة فقال : اريد دراسة الرياضيات لاني ارغب ان اشتغل بالتنجيم , ولم يكن رجال الكنيسة اقل تعلقا بالتنجيم من العمانيين فقد اصيب رئيس اساقفة القديس اندروز بانكلترا بمرض اعيا الاطباء الانكليز فارسل في طلب المنجم الرياضي المشهور ( جيروم كاردان ) من اوربا عام 1552 وقد قرأ هذا المنجم طالع الاسقف وكشف عن مرضه وعالجة حتى برىء ولما انتهى المنجم من مهمته قال لرئيس الاساقفة (( لقد استطعت ان اشفيك من علتك ولكني لا استطيع ان اغير من مصيرك ولا ان احول دون راسك وحبل المشنقة )) وحدث بعد ذلك بثمانية عشر عام ان شنق هذا الاسقف بامر من لجنة التحقيق التي انشأتها ماري كوين الوصية على عرش اسكتلندا ....
      ولا يمكن ان ننسى اشهر منجم في العالم والذي ما زال اثره الى الان وهو نوستراداموس المنجم الفرنسي ابن اليهودي والذي يعتقد انه يهودي ايضا والذي ولد عام 1503 ودرس التنجيم على يد جده لوالده ولامه ايضا , ولا بد ان نتذكر ان اليهود كانوا قريبين من العرب في الاندلس ومنهم من شغل وزارات فيها وكانوا هم من ترجم اول مرة كتب العرب الى الاتينية لذا لا يخلوا علم نوستراداموس وتنبوئاته من نكهه عربية كان الصوفيين العرب مولعين به وهي التوقعات الغامض واشهرهم ابن عربي وكتابه الفتوحات المكية شاهد بذلك .
      لذا فقد انتهج نوستراداموس هذا النهج في كتابه الشهير ( القرون ) وهو بشكل توقعات شعريه رباعية غامضة جدا قد لا تعرف الا بعد حصول الحدث المتوقع , ولا بد من ذكر ان نوسترادامس نال هذه الميزة من التوقعات بعد دراسته لكتاب يوناني قديم اسمه ( اسرار مصر ) للفيلسوف الذي عاش في القرن الثالث الميلادي ( امبالخيوس ) , وقد اعطى هذا المنجم الفرنسي دفعه قوية للتنجيم في عصره والعصور التي تبعته , وكذلك اشتهر في ذلك العصر المنجم الانجليزي ليللي الذي توقع بحريق لندن الكبير وطاعون لندن قبل حدوثها وتوقعاته المذهلة في فترة مضطربة من تاريخ انكلترا , والف كتاب اصبح الى الان مرجع المنجمين الغربيين وهو كتاب ( التنجيم المسيحي ) , وكذلك تقاويم كبلر السنوية التي كانت متعة النمسا ومنهج حياتهم لاصاباته الفائقة فيه .
      ومن اهم المنجمين في هذه الفترة هم
      1- لورنزو منجم دوق فلورنسة
      2- كوبرنيكوس مكتشف مركزية الشمس
      3- تيموبراهة منجم امبرطور النمسا
      4- كبلر مؤسس علم الفلك الحديث ومنجم امبراطور النمسا
      5- نيوتن مكتشف قانون الجاذبية
      6- جيروم كاردان عالم الرياضيات المشهور
      7- ليو متيوس منجم بلاط الامير هنري امير البلاتينات
      8- بيرديللي تنبأ بالفترة العصيبة التي ستمر على فرنسا عام 1789 قبل حدوثها باربعمائة سنة .
      9- جوليانو كارمن .
      10- جون كابسترانو توقع ظهور جوستاف ادولف اسد السويد قبل ظهورة بـ 200 سنة .
      11- جولد مايران
      12- ليللي ذكرناه سابقا
      13- نوستراداموس ذكرناه سابقا .
      لذا نجد ان التنجيم قد رجع بكامل ثقله الى اوربا ولم يفتر سوى بعد الثورة الصناعية التي ثارت على كل ما لا يدرك بالحواس الخمس , وبقي التنجيم يصنف مع علوم الدجل والشعوذة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر الى ان اعادته الى الحياة الغربية مدام بلافسكي التي انشئت الجمعية الروحية التي غزت الغرب بحكمة الشرق التي اتت بمنجميه وروحانيه وسحرته الى الغرب لتذهله مره اخرى وتزحزح اسسه الماديه بزلازل عززها المنجم البريطاني الان ليو في بداية القرن العشرين الذي اصدر تقاويم شهرية ومجلة شعبية ووضع عدد من الكتب تبسط اجراءات التنجيم المعقدة يمكن لقارئها المتوسط الذكاء ان يتقن التنجيم خلال عامين من الدراسة المنتظمة , وانتشرت كتب ليو في اوربا وامريكا وترجمت لمختلف اللغات الاوربية , ورغم الدفعه القوية التي اعطاها ليو للتنجيم وتعريف العامة به الا انه اساء كثيرا له وذلك باختراعه طريقة البرج الكامل حيث اخذ يتوقع لاصحاب برج كامل وابتدع هذه الطريقة الخاطئة التي جذبت الناس ولكنها نفرت العلماء منه وذوي العقول المنطقية فلا يعقل ان يكون التوقع لاصحاب البرج نفس الشيء وهذه طعنه للتنجيم .
      ولا يمكن ان ننسى ابرز من اعاد التنجيم لعهده القديم في امريكا وهي المنجمة الشهيرة ايفانجلين ادامز , التي اعطت دفعة قوية للتنجيم في امريكا .

      وعلى اثرها انتشر انتشار هائل في العالم الغربي وانتشرت معاهده وكلياته ايضا مع العلم ان رسائل الدكتوراه في التنجيم مقبوله حاليا في جامعات الهند وعدد من الجامعات الغربية , حتى ان جامعة هارفارد قبلت عام 1960 رسالة دكتوراه تقدم بها طالب في موضوع التنجيم وتكون اتحاد للمنجمين الامريكيين واخر للمنجمين العالميين وكلية للدراسات التنجيمية في بريطانيا يتخرج منها المئات كل عام , وتصدر الان بانتظام الاف الصحف والمجلات والكتب حول كيفية الاستفادة من التنجيم في مسائل المال والاعمال والسفر والزواج والعلاقات الانسانية بوجه عام .
      هذا هو تاريخ التنجيم المعروف باختصار عبر التاريخ ارتفاع وهبوط اوج وحضيض .
      وعلى عكس ما يعتقد الكثير من الناس فأن صعود التنجيم وهبوطه مرتبط بالحالة الحضارية للشعوب فكلما تقدموا علميا ارتفع شأن التنجيم وتغلغل في مفردات الحياة وكلما ابتعدوا عن العلم هبط التنجيم عندهم وابتعد عن ساحة الحياة , بخلاف الدجل والشعوذة التي هي مرتبطه اساسا بتخلف الشعوب
      .


      المصدر
      - الكامل لابن الاثير
      - علم الفلك البابلي
      - دراسات في تاريخ العلوم عند العرب

      تعليق

      يعمل...
      X