إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جوستاف القاتل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جوستاف القاتل


    جوستاف القاتل
    أثناء التنقيب في مقبرة جماعية خلفتها الحرب الأهلية في بوروندي، تتعرض باحثة انثروبولوجية لهجوم مباغت من قبل مخلوق مائي غامض يقوم بسحبها إلى مياه النهر ويلتهمها أمام أنظار حراسها المذعورين. المشتبه به في الحادث هو تمساح عملاق يدعى جوستاف متهم أيضا بقتل مئات الأشخاص من السكان المحليين؛ شهرة هذا التمساح وهالة الرعب والغموض المحيطة به تتحول بالتدريج إلى عامل جذب لوسائل الإعلام، ولهذا السبب، وعلى أمل كشف حقيقة ما يدور حول التمساح من قصص، يحلق فريق صحفي صغير من الولايات المتحدة ليحط رحاله في إحدى القرى البوروندية النائية حيث شوهد التمساح آخر مرة، أعضاء الفريق هم كل من المراسل تيم والمصور ستيفن والصحفيتان إفيفا وماريا.
    وهناك في عمق القارة الأفريقية، وسط الأحراش والمستنقعات الحارة والرطبة المحيطة بتلك القرية النائية، سرعان ما يجد الفريق الصحفي نفسه متورطا في صراع دموي رهيب، ليس مع جوستاف التمساح فقط، وإنما مع جوستاف آخر يلقب بالصغير، وهو أمير حرب محلي لا يقل وحشية عن الزاحف العملاق.

    الوحش الحقيقي

    جوستاف الحقيقي هو تمساح عجوز من فصيلة تماسيح النيل، عملاق حقيقي، أشتهر بترويعه المستمر لسكان بوروندي خلال العشرين عاما المنصرمة، وبقدرته العجيبة على التملص من الفخاخ التي نصبت له على مر السنين من قبل صيادي التماسيح على طول ضفاف نهر روزيزي وبحيرة تنجانيقا.

    طبعا لا أحد يعلم على وجه الدقة ما هو حجم جوستاف الحقيقي، فيد البشر لم تستطع الوصول إليه رغم جميع المحاولات، لكن العلماء والمتخصصين بالتماسيح يرجحون أن يناهز طوله السبعة أمتار، ووزنه قرابة الطن، ولو صدقت هذه التقديرات فأن جوستاف سيكون التمساح الأكبر في أفريقيا، بل وربما الأكبر بين تماسيح العالم قاطبة.



    حجم جوستاف الهائل هو ليس أكثر ما يخيف فيه، فالرعب الحقيقي يكمن في ولعه وإدمانه أكل اللحم البشري، فالسكان المحليون يتهمونه بقتل والتهام أكثر من ثلاثمائة إنسان، ورغم تشكيك بعض الباحثين بهذا الرقم، إلا أن الجميع يتفقون على أن جوستاف هو آكل لحوم بشرية محترف، وقاتل مع سبق الإصرار والترصد.

    الفرنسي باتريس فاي هو الذي أطلق على التمساح أسم جوستاف، فالرجل أمضى سنوات طويلة في محاولة قتل هذا الوحش الرهيب، لكنه بدل إستراتيجيته لاحقا ولم يعد يريد قتل جوستاف، بل صار يتعقبه محاولا القبض عليه حيا، وأستخدم لهذه الغاية فخا معدنيا عملاقا جلبه خصيصا من زيمبابوي حيث كان يستخدم هناك لاصطياد التماسيح العملاقة. لكن جوستاف لم ينخدع بالفخ، أقترب منه في عدة مناسبات، لكنه لم يسقط أبدا، وبقى الفخ قابعا عند ضفاف النهر ينتظر بيأس لسنوات حتى نخره الصدأ وهوى إلى قاع النهر بعد أن تقطعت حباله المتهرئة.
    لكن يا ترى ما الذي دفع جوستاف إلى الانصراف عن قتل والتهام الطرائد الحيوانية والتخصص عوضا عن ذلك بأكل البشر ؟ .. هذا هو السؤال الذي يطرحه علماء الحيوان.
    والجواب يكمن ضمنا في حجم جوستاف وعمره الذي تجاوز الستين عاما، ذلك أن الحيوانات المفترسة غالبا ما تصبح ضعيفة وكسولة عند تقدمها بالسن، فتعجز عن اصطياد طرائدها المعتادة التي تتميز طبعا بالسرعة والمراوغة، ولا تجد سبيلا للبقاء سوى باقتياتها على جيف الحيوانات الميتة أو مهاجمة الطرائد الأسهل مثل البشر وحيواناتهم الأليفة.



    السكان المحليين لا يتفقون كثرا مع هذا الرأي، فهم يقولون بأن هناك الكثير من التماسيح الضخمة والهرمة في النهر لكنها لم تتحول إلى آكلة لحوم البشر، وبحسب هؤلاء السكان فأن جوستاف أولع وأدمن اللحم البشري خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها في بوروندي خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم حيث كانت جثث ضحايا تلك الحرب تلقى في النهر أحيانا لتصبح وليمة مجانية للتماسيح، ويبدو بأن جوستاف أستطعم وأدمن لحم البشر كثيرا فمضى في التهامهم حتى بعد أن وضعت تلك الحرب المشئومة أوزارها.
    لكن هل جوستاف هو التمساح الوحيد الذي أشتهر بأكل البشر ؟
    كلا بالطبع .. فالتماسيح هي زواحف مفترسة لا تتوانى لحظة واحدة عن مهاجمة البشر متى ما سنحت لها الفرصة المناسبة لفعل ذلك، وفي الحقيقة أن أعظم مجزرة للبشر على يد الحيوانات مسجلة بأسم التماسيح، فطبقا لما ورد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، أقدمت التماسيح على التهام مئات البشر خلال ليلة واحدة أثناء معركة تحرير جزيرة رامري (Battle of Ramree Island ) عام 1945 ، وذلك حين دخل قرابة ألف جندي ياباني إلى مستنقعات الجزيرة فرارا من القوات البريطانية التي كانت تطاردهم، وقد كتب أحد الضباط البريطانيين يصف تلك الليلة الدموية قائلا :
    "تلك الليلة كانت الأكثر رعبا في حياة أي شخص من طواقم قوارب القتال التي طاردت اليابانيين، فأصوات المدافع الرشاشة ضاعت في صخب صيحات الجرحى اليابانيين الذين راحت الفكوك العملاقة تمزق أجسادهم، أصوات التماسيح كانت كهمهمة من الجحيم لم يسمع لها مثيل على هذه الأرض. وعند الفجر أقبلت النسور لتنظف ما تبقى من الوليمة .. من بين 1000 جندي ياباني دخلوا المستنقع، فقط 20 بقوا على قيد الحياة".



    بالرغم من هذا السجل الأسود للتماسيح في مهاجمة الناس، إلا أن البشر لا يتحولون إلى وجبة دائمة ورئيسية في غذاء هذه الزواحف المفترسة إلا في حالات نادرة، فالتماسيح قد تأكل البشر عندما يكونون في متناول يدها، كما حدث لليابانيين في معركة رامري، لكنها لا تطاردهم وتتخصص بصيدهم والتهامهم كما هي الحال مع جوستاف، وعند حدوث ذلك، أي اعتياد التمساح على مهاجمة الناس وأكلهم فأنه يسمى بآكل لحوم البشر (Man-eater )، وهذه التسمية لا تطلق على التماسيح فقط، بل على جميع الحيوانات المفترسة التي تمارس هذا السلوك العدواني تجاه البشر، وأشهرها في هذا مجال هو النمر البنغالي.

    وإذا كنا نتحدث هنا عن التماسيح آكلة لحوم البشر فلا بد من ذكر تمساح آخر يدعى سويتهرت (Sweetheart )، وهو تمساح عملاق من تماسيح المياه المالحة، تخصص بمهاجمة قوارب الصيد في أستراليا، وقد تم قتله في أواخر سبعينيات القرن المنصرم ، وجسده المحنط معروض اليوم في احد المتاحف الاسترالية، ومن الجدير بالذكر بأن فلم الرعب الأسترالي (Rogue ) من أنتاج عام 2007 مقتبس عن قصة هذا التمساح.


    من أفلام الرعب الأخرى التي تدور حول التماسيح هناك فلم - قاطور
    ligator ) – لعام 1980 ، وهو من أوائل الأفلام التي تناولت موضوع التماسيح آكلة لحوم البشر، وفي الحقيقة ومن أجل توخي الدقة في نقل المعلومة، فأن القاطور هو زاحف برمائي يختلف من حيث التصنيف عن التمساح، فرغم التشابه الكبير بينهما، ورغم انتماء كليهما إلى رتبة التمساحيات (Crocodilia ) ، إلا أنهما من عائليتين مختلفتين ضمن نفس الرتبة، وعند تدقيق النظر فيهما سنلاحظ وجود بعض الفوارق، أوضحها ما يتعلق بشكل الرأس، فرأس القاطور عريض ينتهي بفم مدور كنعل الحصان، إما رأس التمساح فمثلث ينتهي بفم مدبب مستدق، والقاطور لا يعيش سوى في أمريكا والصين، وهو نادرا ما يهاجم البشر ويتحاشاهم قدر الإمكان، أما التماسيح، وخصوصا تمساح النيل وتماسيح المياه المالحة، فهي لا تتوانى لحظة عن مهاجمة الإنسان وقتله إذا ما سنحت لها الفرصة المناسبة لذلك.

    أخيرا يجب أن نذكر بأن أسم الفلم (Primeval ) ، أي بدائي ، يشير إلى كون التماسيح هي من أقدم المخلوقات التي مازالت تعيش على كوكبنا اليوم، فهذه المخلوقات الزاحفة عاشت مع الديناصورات، وهي من المخلوقات القليلة التي نجحت في البقاء حتى يومنا هذا.


    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-09, 09:10 PM.

  • #2
    موضوع شيق رائع .. لك كل التحيه

    قال إبن القيم
    ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

    تعليق

    يعمل...
    X