إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ديانات ارضية (وضعية)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ديانات ارضية (وضعية)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
    .. أل عمران 64
    .

    ترددت كثيرا قبل كتابة هذا الموضوع عن الديانات الوضعية فى العالم بالرغم من تحضير الكثير من موادة ولكن خوفى من سوء تفسير بعض ما اكتب اجل نشرة على حضراتكم ولحساسيتة وفهم البعض لة بطريقة خاطئة جعلنى اتردد أكثر ، فى النهاية قررت الكتابة

    مله الإسلام لم تبدأ مع نزول الرسالة المحمدية ولكنها بدأت مع سيدنا إبراهيم ... وسبحانه انزل صحفا على سيدنا إبراهيم لا نعلمها..
    هو أول من أسلم لمله الإسلام ...
    وهو الذي أطلق أسم المسلمين على من يتبعها ...
    ومله سيدنا إبراهيم هي الإسلام ..
    وهى قبل جميع كتب الله المنزلة ..
    فمله الإسلام لم تبتدئ مع نزول الرسالة المحمدية....
    ولكنها كانت قبل الديانات الثلاثة المعروفة
    1
    - اليهودية.
    2- المسيحية.
    3-الإسلام.
    ولكن هناك العديد من الديانات الارضية ( الوضعية ) والتى لم تنزل من السماء
    وهى موضوعنا اليوم ، ونبدأ باحصائية عن الأديان فى العالم

    1. المسيحية ... ويؤمن بها 2 مليار و100 مليون بنسبة 33% من سكان الكرة الارضية

    2. الاسلام بجميع طوائفه .... يدين به مليار و200 مليون بنسبة 21% من سكان الكرة الارضية

    3. غير المؤمنين بوجود خالق للسماء ( الملحدون ) ... عددهم مليار و100 مليون بنسبة 16% من سكان الكرة الارضية

    4. الهندوسية ... ويؤمن بها 900 مليون بنسبة 14% من سكان الكرة الارضية

    5. الديانات الصينية المتعددة... يؤمن بها 394 مليون بنسبة 6% من سكان الكرة الارضية

    6. البوذية ... يؤمن بها 376 مليون بنسبة 6% من سكان الكرة الارضية

    7. الديانات الافريقية المتعددة ... يؤمن بها 400 مليون بنسبة حوالى 6% من سكان الكرة الارضية

    8. السيخ ... ويؤمن بها 23 مليون نسمة

    9. الجوتشي ... يؤمن بها 19 مليون نسمة

    10. السبريتيزم ... يؤمن بها 15 مليون نسمة

    11. اليهودية ... يؤمن بها 14 مليون نسمة

    12. البهائية ... يؤمن بها 7 مليون نسمة

    13. اليانية ... يؤمن بها 4.2 مليون نسمة

    14. الشنتو ... يؤمن بها 4 مليون نسمة

    15. كاو داي ... يؤمن بها 4 مليون نسمة ومركزها فيتنام

    16. الزردشتيه ... 2.6 مليون نسمة ومركزها ايران وبعض دول الخليج

    17. تينريكيو ... يؤمن بها 2 مليون ومركزها في اليابان

    وبعض الديانات والطوائف الاخري الموجودة في العالم
    وسوف نتعرف على هذة الديانات فيما يلى من مشاركات

    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-16, 06:54 PM.

  • #2
    ديانات ارضية (وضعية)
    (1)



    البوذية

    ظهرت البوذية في القرن السادس قبل الميلاد، في موطنها الأول الهند متأثرة بالجو العام الذي صبغت به الهندوسية الحياة هناك .
    فتبنت نفس مخاوف الهندوسية من أن الحياة مصدر الآلام ، وأن الهروب من تكرار المولد غاية يجب أن نسعى لها، ورغم هذا التقارب بين الديانتين إلا أن البوذية قد اتخذت مسارا مختلفا بعض الشيء عن مسار الهندوسية، وبدت أشد تعقيدا في فهمها، وأشد بعدا عن الفطرة في فكرها، وإن كانت أقل كلفة ومشقة في سلوك سبيلها، وسوف نعرض من خلال هذا البحث الموجز لمحات عن هذه الديانة أو الفلسفة الجديدة.





    مؤسس البوذية
    : ويدعى "سذهاتا" وأطلق عليه أتباعه "بوذا" أي العارف المستنير ، ولد سنة 563 ق. م. ونشأ - كما يذكر المؤرخون - حياة مترفة فهو ابن أحد أمراء بلدته من ذوي الجاه والمنزلة، والأموال الكثيرة، والزروع النضرة، والقصور الشاهقة .


    حيث مكث " بوذا " في هذا النعيم ثلاثة عقود من عمره يبهج بمباهج الحياة، ويرفل في أثوابها، إلى أن طرأ عليه ما غير حياته، وهو ما رآه في الحياة من صور البؤس والشقاء كالمرض والفقر والحرمان، فحاول أن يجد تفسيرا مقبولا لتلك الآلام !!، عن مصدرها ! عن سببها ! عن كيفية التخلص منها ! فلم يجد إجابة تشفيه، فظن أن ما فيه من النعيم هو الحجاب الذي يغطي عقله عن رؤية الحقيقة واكتشافها.




    وفي إحدى الليالي، خرج بوذا متسللا من بيته، بعد أن ألقى النظرة الأخيرة على زوجته وولده، وركب حصانه ليخرج من نعيم ظنه حجابا كثيفا يغشى بصيرته.
    عاش بوذا بعد ذلك حياة قاسية، فقد لبس ثياباً من الوبر، وانتزع شعر رأسه ولحيته، لينزل بنفسه العذاب لذات العذاب، وكان ينفق الساعات الطوال واقفاً أو راقداً على الشوك، وكان يترك التراب والقذر يتجمع على جسده، حتى يشبه في منظره شجرة عجوزاً، وكثيراً ما كان يرتاد مكاناً تلقى فيه جثث الموتى مكشوفة ليأكلها الطير والوحش، فينام بين تلك الجثث العفنة، وقلّل من طعامه حتى ربما اكتفى بأرزة في يومه وليلته، ومارس التأمل وغاص في الأفكار عما يؤرقه في سر الحياة وفي سر هذا الكون .
    ومكث على هذه الحال سبع سنين، فلم يفده تأمله شيئا، ولم تسفعه أفكاره، وإنما أورث جسده ضعفا واضمحلالا ، فعاود تفكيره في هذا المسلك وصلاحيته لإيصاله إلى ما يبتغي من نور المعرفة، فعلم أن الجسد الضعيف لا يغذي عقله إلا بالأوهام والخيالات الفاسدة، بل إنه يَكلُّ عن التفكير، ويضعف عن التأمل، فعاد إلى عيشة الاعتدال مرة أخرى، ولكنه لم يترك السير في سبيل هدفه في تحصيل المعرفة ، بل ظل يعمل تفكيره عله يصل إلى فك لغز الحياة !!


    يذكر الباحثون أن بوذا بينما كان يمشي وحيدا مال إلى شجرة في غابة " أورويلا
    ( Uruyala )،ليتفيأ ظلالها ريثما يتناول طعامه ، لكن المقام طاب له في ظل تلك الشجرة، ويقال : إنه أحس برغبة في البقاء تحتها، فاستجاب لهذه الرغبة وبقى تحتها، وهنا حدث أن سمع من يناديه بداخله - كما حدّث عن نفسه - فقال : " سمعت صوتا من داخلي يقول بكل جلاء وقوة، نعم في الكون حق، أيها الناسك هناك حق لا ريب فيه، جاهد نفسك اليوم حتى تناله "
    وبعد هذه الحادثة بدأ بوذا مرحلة جديدة من الدعوة إلى ما توصل إليه، لينال الناس السعادة التي نالها، والمعرفة التي توصل إليها، وابتدأ دعوته برهبان خمسة زاملوه في ترهبه الأول، فلم يبدو أي اعتراض على دعوته، بل وافقوه وآمنوا بما قال، ثم خطا بوذا خطوة أخرى، فجمع حوله مجموعة من الشبان بلغ عددهم مائتين، وعلمهم مبادئ دعوته وجعلهم نواة لها.
    ولم تقتصر دعوة بوذا على أهل بلده، وإنما كان يبعث التلاميذ إلى الآفاق، لتعليم الناس ودعوتهم إلى دخول النظام أو عجلة الشريعة - اسم الحركة التي يقودها أو الدين الذي يدعوا إليه - ويجري لهم الاختبارات للتأكد من تأهلهم، ويودعهم قائلا : " اذهبوا وانشروا النظام في البلاد رحمة بسائر الخلق ، وإيثارا لمصلحة الكثيرين على راحتكم، ولا يذهبن اثنان منكم في طريق واحد ، بل يسلك كل واحد سبيلا غير سبيل أخيه .

    بنى الهنود بحسهم الأسطوري هالة من العظمة على مؤسس الفكر البوذي، فبالغوا في وصفه، وغلوا في تعظيمه، حتى اتخذوه إلها يعبد من دون الله، ومن جملة ما ادعوا، ما جاء في انجيل بوذا من أوصافه أنه " انتشر نوره، وملأ العالـم، ففتحت عيون المكفوفين، وشاهدوا المجد الآتي من العلاء، وحلّت عقدة ألسنة الخرس، وسمعت آذان الصم ".
    ووصفوه بأنه كان " شديد الضبط ، قوي الروح ، ماضي العزيمة ، واسع الصدر ، بالغ التأثير ، جامدا لا ينبعث فيه حب ولا كراهية ، لا تحركه العواطف ولا تهيجه النوازل، مؤثرا بالعاطفة والمنطق "




    "إن كل مركب مصيره إلى الفساد " كذا قال بوذا وهكذا كان مصيره، مات بوذا بعد أن عاش ثمانين عاما، فقام تلامذته وأتباعه بعد موته بحرقه - كالهندوس - وأخذوا يطوفون حوله، كل واحد ثلاث مرات، ثم جمُع رماد جثته وقسموه ثمانية أجزاء وأرسلوا كل جزء إلى جهة رأوها لائقة به، فبنيت فوق الرماد بنايات في الجهات الثمانية.

    معتقدات

    لم يدّع بوذا يوما أنه نبي يوحى إليه، فضلا عن أن يدعي أنه إله يعبد ويتقرب إليه، كما ظنه بعض أتباعه، فغاية ما فعله بوذا أنه رسم طريق النجاة - حسب ظنه -، مما يعده سبب الشقاء في هذه الحياة، فدعا إلى بعض الأفكار والمعتقدات التي رآها جديرة بتخليص الإنسان من آلامه، فمن تلك الأفكار:

    أولا :
    إنكار الإله : حيث شكل الإنسان محور دعوة بوذا، فهو لم يكن نبيا يوحى إليه بالمغيبات، أو فيلسوفا يفكر فيما وراء الطبيعة وفي قدم العالم أو حدوثه، بل كانت دعوته منصبة على ما يراه سبيل الخلاص للبشر، ومن هنا كان ينهى تلامذته عن الكلام في الغيبيات، والحرص على سلوك سبيل النجاة الذي رسمه، ولكنه وقع في زلة ما كان لعاقل أن يقع فيها، وهي إنكار الإله الخالق الذي اتفقت العقول السليمة والفطر المستقيمة على الإقرار بوجوده .

    ثانيا :
    إنكار الروح والعقل : وهو بذلك يقع في تناقض واضح، إذ كيف يؤمن بوذا بالتناسخ وتعاقب الولادات عن طريق تنقل الروح من جسد إلى جسد وهو في ذات الوقت يجحد وجودها !!




    ثالثا :
    اعتقاده بمذهب التقمص أو تناسخ الأرواح : وهو مما ورثه من اعتقادات الهندوس، وهو مذهب قائم على تكرار المولد في ولادات متعاقبة، فلا ينتهي عمر الإنسان في مرحلة ما بالموت حتى يبدأ حياة أخرى، يتحدد فيها قدره سعادة وشقاوة حسبما تهيأ له من السلوك السابق .
    واعتقاد بوذا لهذا التعاقب السخيف هو الذي جعله يزدري الحياة البشرية ازدارء مقيتا، فالولادة - في نظره - هي أم الشرور جميعا، لذا لا بد من تجفيف معينها، فدعا إلى الرهبنة وترك ملاذ الحياة ، وفي مقدمتها النكاح ، ولو سمعت البشرية مواعظه في هذا الشأن لما بقي على وجه الأرض من يمشي على ظهرها !!

    رابعا:
    النجاة عند بوذا: أو ما يسمى ب"النيرفانا" وهذه تحصل لمن استطاع أن يعيش حياة يسودها عدل كامل، حياة يسودها صبر وشفقة على الكائنات جميعا، وأن يخمد شهوات نفسه ساعياً وراء فعل الخير دون سواه، عندئذ يجوز أن يجنب نفسه العودة إلى الحياة، وعندها سينجو وسينطلق إلى عالم آخر عالم لا يمت إلى الواقع بصلة . عالم يصفه بوذا بقوله : " أيها المريدون هي طور لا أرض فيه ولا ماء ، ولا نور ولا هواء ، لا فيه مكان غير متناه ، ولا عقل غير متناه ، ليس فيه خلاء مطلق ، ولا ارتفاع الإدراك واللا إدراك معا ، ليس هو هذا العالم ، وذاك العالم ، لا فيه شمس ولا قمر " وهذا الطور أو هذه الحياة التي يصفها بوذا بهذا التعثر والاضطراب هو ما يدعونه النيرفانا والمقصود بها النجاة، وهي خيالات وأوهام فاسدة .

    خامسا :
    إنكار طبقات الهندوس : فقد أنكر بوذا الطبقية من جملة ما أنكر - من عقائد الهندوس - فهي التي ولدت الأحقاد والضغائن بين فئات المجتمع ، وهو ما أعطى لدعوته زخما لدى الطبقات المنبوذة من المجتمع الهندوسي حيث وجدت فيها ملجأ من ظلم البراهمة وتجبرهم .
    ويلحظ أن هذه الاعتقادات لم تكن سوى موروثات ثقافية، سبقت بوذا أو عاشت معه، فإنكار الإله والطبقات هو مذهب الجينية، وكذلك فكرة النجاة عند بوذا هي فكرة معدلة عن فكرة النجاة عند الجينيين، فلا حقيقة لما تقوله البوذية حول إشراقة بوذا، فاعتقاداته في مجملها مستمدة ممن قبله أو عاصره، فأين تلك الإشراقات الجديدة التي جاء بها بوذا !!

    وصايا البوذية :
    وهي وصايا عشر جوهرية، وهي ـ كما جاءت في دائرة معارف البستاني ـ : لا تقتل، لا تسرق، كن عفيفاً، لا تكذب، لا تسكر، لا تأكل بعد الظهر، لا تغنِ ولا ترقص، وتجنّب ملابس الزينة، لا تستعمل فراشاً كبيراً، لا تقبل معادن كريمة، وهناك وصايا تتعلّق بما يجب أن يقدّم من الاحترام لبوذا والشريعة وهي السيرة الجيّدة، والصحة الجيّدة، والعلم القليل.



    العبادة عند البوذيين :

    كانت فكرة بوذا عن الدين سلوكية خالصة، فكان كل ما يعنى به بوذا هو سلوك الناس، وأما الطقوس وشعائر العبادة وما وراء الطبيعة واللاهوت فكلها أمور لاتستحق عنده النظر، وحدث ذات يوم أن برهمياً همّ بتطهير نفسه من خطاياها باستحمامه في " جايا " فقال له بوذا: " استحم هنا، نعم ها هنا، ولا حاجة بك إلى السفر إلى " جايا" أيها البرهمي كن رحيماً بالكائنات جميعاً، فإذا أنت لم تنطق كذباً، وإذا أنت لم تقتل روحاً، وإذا أنت لم تأخذ ما لم يعط لك، ولبثت آمناً في حدود إنكارك لذاتك - فماذا تجني من الذهاب إلى " جايا " إن كل ماء يكون لك عندئذ كأنه جايا "

    وعليه فليس للبوذية عبادات يفعلونها سوى تقديس بوذا وحمده والثناء عليه، وقد ذكر صاحب كتاب ( دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند ) بعض ترانيم البوذية في الثناء على بوذا من ذلك قولهم :
    " أسجد للبوذا الإله الكامل ، الذي انكشف له العالم ( ثلاثا )
    أعوذ بالبوذا الإله .
    أعوذ بالدين .
    أعوذ بجماعة البهشكو ( الفقراء والرهبان البوذيون )
    أعوذا بالبوذا الإله مرة أخرى .
    أعوذ بالدين مرة أخرى .
    أعوذ بجماعة البهشكو مرة أخرى .
    أعوذا بالبوذا الإله مرة ثالثة .
    أعوذ بالدين مرة ثالثة .
    أعوذ بجماعة البهشكو مرة ثالثة .
    أتقبل حكما لا إيذاء فيه .
    أتقبل حكما لا سرقة فيه .
    أتقبل حكما لا شهوة فيه .
    أتقبل حكما لا كذب فيه .
    أتقبل حكما لا سكر فيه "




    فرق البوذية

    الفرقة الأولى:
    "هنايان" وتعني العربة الصغيرة وهذه الفرقة تنكر وجود الله ، ولا تؤمن بإلوهية بوذا بل تعتقد أنه إنسان عاش كغيره من الناس ومات، إلا أنه بلغ درجات عالية من الصفات الحسنة والأخلاق الكريمة، حتى وصل إلى مرتبة قديس، واستحق أن يلقب ب "آجايا منش " واتخذت من قول بوذا : " لا تطلب من غير نفسك ملاذا " قاعدة أساسية في نيل النرفانا " النجاة "، وانتشرت هذه الفرقة في جنوب الهند وسيلان، وكتب هذه الفرقة كتبت باللغة البالية.

    الفرقة الثانية:
    "ماهايان" وتعني العربة الكبيرة، وهذه تؤله بوذا، وتدعي أنه ليس له جسم، بل إنه نور مجسم، وظلٌّ ظهر في الدنيا، وهو الإله الأكبر الأزلي ، وموضع انتشار هذه الفرقة في الأرجاء الشمالية من الهند والتبت ومنغوليا والصين واليابان




    تعليق


    • #3

      ديانات ارضية (وضعية)
      (2)



      السيخية

      السيخ: جماعة دينية من الهنود الذين ظهروا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلاديين داعين إلى دين جديد زعموا أن فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار"لا هندوس ولا مسلمون". وقد عاد المسلمين خلال تاريخهم، وبشكل عنيف، كما عاد الهندوس بهدف الحصول على وطن خاص بهم، وذلك مع الاحتفاظ بالولاء الشديد للبريطانيين خلال فترة استعمار الهند. وكلمة سيخ كلمة سنسكريتية تعني المريد أو التابع.



      التأسيس وأبرز الشخصيات:
      كابر، ولد من أبوين هندوسيين في بنارس، وعرف عنه نقده لديانة آبائه الهندوسية.

      المؤسس تاناك ويدعى غورو أي المعلم، ولد سنة 1469م في قرية ري بوي دي تلفندي التي تبعد 40 ميلاً عن لاهور، كانت نشأته هندوسية تقليدية.

      لما شب عمل محاسباً لزعيم أفغاني في سلطانبور، وهناك تعرف على عائلة مسلمة ماردانا كانت تخدم هذا الزعيم. وقد أخذ ينظم الأناشيد الدينية، كما نظّم مقصفاً ليتناول المسلمون والهندوس الطعام فيه.

      درس علوم الدين، وتنقل في البلاد، كما قام بزيارة مكة والمدينة، وزار أنحاء العالم المعروفة لديه وتعلم الهندية والسنسكريتية والفارسية.

      ادعى أنه رأى الرب حيث أمره بدعوة البشر، ثم اختفى أثناء استحمامه في أحد الجداول، وغاب لمدة ثلاثة أيام ظهر بعدها معلناً "لا هندوس ولا مسلمون".

      كان يدّعي حب الإسلام، مشدوداً إلى تربيته وجذوره الهندوسية من ناحية أخرى، مما دفعه لأن يعمل على التقريب بين الديانتين فأنشأ ديناً جديداً في القارة الهندية، وبعض الدارسين ينظرون إليه على أنه كان مسلماً في الأصل ثم ابتدع مذهبه(*) هذا.



      أنشأ المعبد الأول للسيخ في كارتاربور بالباكستان حاليًّا وقبل وفاته عام 1539م عيّن أحد أتباعه خليفة له، وقد دفن في بلدة ديرة باباناناك من أعمال البنجاب الهندية الآن، ولا يزال له ثوب محفوظ فيه مكتوب عليه سورة الفاتحة وبعض السور القصيرة من القرآن.

      خلفه من بعده عشرة خلفاء معلمون أخرهم غوبند سنغ 1675 – 1708م الذي أعلن انتهاء سلسلة المعلمين.

      صار زعماؤهم بعد ذلك يعرفون باسم المهراجا ومنهم المهراجا رانجيت سنغ المتوفى سنة 1839م.



      الأفكار والمعتقدات:

      يدعون إلى الاعتقاد بخالق واحد، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام، وينادون بالمساواة بين الناس.

      يؤكدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت، والذي ليس له شكل، ويتعدى أفهام البشر، كما يستعملون عدة أسماء للإله منها واه غورو والجاب، وأفضلها عند ناناك "الخالق الحق" وكل ما عداه وَهْمٌ (مايا).

      يمنعون تمثيل الإله في صور، ولا يقرون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر الغانج، وقد انفصلوا تدريجيَّا عن المجتمع الهندوسي حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة.

      أباح ناناك الخمر، وأكل لحم الخنزير، وقد حرم لحم البقر مجاراة للهنادكة.

      أصول الدين لديهم خمسة بانج كهكها أي الكافات الخمس ذلك أنها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية، وهي:


      1- ترك الشعر مرسلاً بدون قص من المهد إلى اللحد، وذلك لمنع دخول الغرباء

      بينهم بقصد التجسس.

      2- أن يلبس الرجل سواراً حديداً في معصميه بقصد التذلل والإقتداء بالدراويش.

      3- أن يلبس الرجل تباناً وهو أشبه بلباس السباحة تحت السراويل رمزاً للعفة.

      4- أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله

      وتهذيبه.

      5- أن يتمنطق السيخي بحربة صغيرة أو خنجر على الدوام، وذلك لإعطائه قوة

      واعتداداً، وليدافع به عن نفسه إذا لزم الأمر.




      يُعتقد بأن هذه الأمور ليست من وضع ناناك بل هي من وضع الخليفة العاشر غوبند سنغ الذي حرّم أيضاً التدخين على أتباعه، ويقصد بهذه الأمور التميز عن جميع الناس.

      معلمو السيخ ينكرون المعجزات والقصص والخرافات ذات الأساطير، إلا أنه على الرغم من ذلك فقد خلَّد السيخ معابد لهم غور دوارا مبنية على قصص تتحدث عن معجزات وقعت.

      للمعلم ويسمي عندهم غورو درجة دينية تأتي بعد مرحلة الرب، فهو الذي يدل – في نظرهم – على الحق والصدق، كما أنهم يتعبدون الإله بإنشاد الأناشيد الدينية التي نظمها المعلمون.

      يعتقدون بأن ترديد أسماء الإله الناما يطهر المرء من الذنوب ويقضي على مصادر الشر في النفوس، وإنشاد الأناشيد كيرتا والتأمل بتوجيه من معلم غورو كل هذا يؤدي إلى الاتصال بالإله.

      يعتقدون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له.

      هناك بعض التنبؤات وأسمها ساوساكي المائة قصة والمنسوبة إلى المعلم غوبند سنغ والتي تدور حول الانقلابات في الحكم القائم ومجيء مخلص ينشر السيخية في جميع أنحاء العالم.

      يؤمنون بولادة الإنسان وموته ثم إعادة ولادته كارما بحيث تتقرر حياة الإنسان المستقبلية على ضوء حياته السابقة، ويتوقف خلاصه على هذه المرحلة.

      إن توجيه المعلم غورو أساسي للوصول إلى مرحلة الانعتاق موكا.

      يقدسون العدد خمسة الذي له معنى صوفي في أرض البنجاب أي الأنهار الخمسة.

      الخلافات الدينية يحلها مجلس ديني يعقد في أمر تيسار وقرارات هذا المجلس لها قوة روحية.

      ليس لديهم طبقة دينية مشابهة للبراهمة الهندوس، إذ إنهم – عموماً – يرفضون مبدأ الطبقات الهندوسي كما يعارضون احتكار طبقة البراهمة للتعاليم الدينية.

      يقسمون أنفسهم على أساس عرقي.. منهم الجات (قبائل زراعية) وغير الجات، والمذاهبي، وهم المنبوذون، لكن وضعهم أفضل بكثير من وضع المنبوذين لدى الهندوس.

      يتزوجون من زوجة واحدة فقط.





      اعياد السيخ هي نفس أعياد هندوس الشمال في الهند بالإضافة إلى عيد مولد أول وأخر غورو وعيد ذكرى استشهاد الغورو الخامس والتاسع.
      خالصادال (الباختا)
      عرض السيخ لاضطهاد المغول الذين أعدموا اثنين من معلميهم، وقد كان أشد المغول عليهم نادر شاه 1738 – 1839م الذي هاجمهم مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الجبال والشعاب.

      قام غوبند سنغ وهو المعلم العاشر بإنشاء منظمة الباختا أي خالصادال التي سمى رجالها "أسوداً" ونساءها "لبؤات".

      هدف شباب السيخ أن يصبحوا مؤهلين لأن يكونوا من رجال الخالصادال ويطلعوا على تعاليمها.

      إن الخالصادال مجموعة من الشباب الذين يرتبطون بنظام سلوكي ديني قاس، حيث ينصرفون إلى الصلاة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدون به ممتنعين عن المخدرات والمسكرات والتبغ.

      صاروا بعد عام 1761م حكاماً للبنجاب وذلك بعد ضعف المغول، حيث احتلوا لاهور عام 1799م. وفي عام 1819م امتدت دولتهم إلى بلاد الباتان، وقد وصلت إلى ممر خيبر في عهد المهراجا رانجيت سنغ ت1839م متغلبين على الأفغان.

      عندما وصل الإنجليز حصلت مصادمات بينهم وبين السيخ واضطروهم لأن يتراجعوا ويتوقفوا عند نهر سوتلج واعتبار ذلك حدوداً لدولة السيخ من الناحية الجنوبية الشرقية.

      انكسروا بعد ذلك وتراجعوا أكثر، وأجبرهم البريطانيون على دفع غرامة كبيرة وتسليم جامو وكشمير، كما عينوا في لاهور مقيماً بريطانياً يدير بقية مملكة السيخ.

      صاروا بعد ذلك شديدي الولاء للإنجليز، بل ساعدوهم على احتلال البنجاب.

      تحول السيخ إلى أداة في أيدي الإنجليز يضطهدون بهم حركات التمرد 1857م.

      حصلوا من الإنجليز على امتيازات كثيرة، منها منحهم أراض زراعية وإيصال الماء إليها عبر قنوات مما جعلهم في رخاء مادي يمتازون به عن جميع المقيمين في المنطقة.

      في الحرب العالمية الأولى كانوا يشكلون أكثر من 20% من الجيش الهندي البريطاني.

      انضموا إلى حركة غاندي في طلب الحرية وذلك إثر قيام مشكلات بينهم وبين الإنجليز.


      بعد عام 1947م صاروا مقسمين بين دولتين: الهند والباكستان، ثم اضطر مليونان ونصف المليون منهم أن يغادروا باكستان إلى الهند إثر صدامات بينهم وبين المسلمين.

      ألغت الحكومة الهندية الامتيازات التي حصل عليها السيخ من الإنجليز مما دفعهم إلى المطالبة بولاية البنجاب وطناً لهم.

      على إثر المصادمات المستمرة بين الهندوس والسيخ أمرت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في شهر يونيو 1984م باقتحام المعبد الذهبي في أمرتيسار حيث اشتبك الطرفان وقتل فيه حوالي 1500 شخص من السيخ و500 شخص من الجيش الهندي.

      وفي يوم 31 أكتوبر 1984م أقدم السيخ على قتل رئيسة الوزراء هذه انتقاماً لاقتحام المعبد، وقد حصلت مصادمات بين الطرفين عقب الاغتيال قتل بسببها عدة آلاف من السيخ يقدرها بعضهم بحوالي خمسة آلاف شخص.

      اشتهر السيخ خلال حكمهم بالعسف والظلم والجور والغلظة على المسلمين من مثل منعهم من أداء الفرائض الدينية والأذان وبناء المساجد في القرى التي يكونون فيها أكثرية وذلك فضلاً عن المصادمات المسلحة بينهما والتي يقتل فيها كثير من المسلمين الأبرياء.
      لهم كتاب مقدس مكتوب باللغة الكورمكية يسمونه كرانته صاحب.




      الجذور الفكرية والعقائدية:
      ترجع حركتهم في الأصل إلى ظهور حركة فيسنافا باختي التي بدأت بالظهور بين الهندوس في منطقة التأمل، ووصلت إلى الشمال على يد رامانوجا 1050 – 1137م.

      وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وبعد الاحتكاك بالمسلمين ، انتشرت هذه الحركة في سهل الغانج.

      لذا يقال بأن ناناك 1469 – 1538م لم يكن الأول في مذهبه السيخي هذا، وإنما سبقه إليه شخص آخر صوفي اسمه كابير 1440 – 1518م درس الدين الإسلامي والهندوكي وكان حركة اتصال بين الدينين إذ أراد أن يؤلف بينهما عن طريق التوجيه والتأمل الصوفي.

      كان كابير هذا يتساهل في قبول كثير من العقائد الهندوكية ويضمها إلى الإسلام شريطة بقاء التوحيد أساساً، لكنه لم يفلح إذ انقرض مذهبه بموته مخلفاً مجموعة أشعار باللغة البنجابية تُظهر تمازج العقيدتين المختلفتين الهندوسية والإسلامية مرتبطتين برباط صوفي يجمع بينهما.




      أصل نظريتهم عن الكون مستمدة من النصوص الهندوسية.

      إنهم يحرقون موتاهم كالهندوس.


      الانتشار ومواقع النفوذ:

      لهم بلد مقدس يعقدون فيه اجتماعاتهم المهمة، وهي مدينة أمرتيسار من أعمال البنجاب وقد دخلت عند التقسيم في أرض الهند.

      هناك أربعة عروش تتمتع بالقداسة عقل تخت وهي في أمرتيسار، وأناندبور، وباتنا، وباندد.

      لهم في مدينة أمرتيسار أكبر معبد يحجون إليه ويسمى دربار صاحب أي مركز ديوان السيد الملك، وأما سائر المعابد فتسمى كرو داوره أي مركز الأستاذ.

      أكثرية السيخ وهم الأقلية الثالثة بعد الإسلام والمسيحية تقطن البنجاب إذ يعيش فيها 85% منهم، فيما تجد الباقي في ولاية هاريانا، وفي دلهي، وفي أنحاء متفرقة من الهند، وقد أستقر بعضهم في ماليزيا وسنغافورة وشرق إفريقيا وإنجلترا والولايات المتحدة وكندا، ورحل بعضهم إلى دول الخليج العربي بقصد العمل.

      لهم لجنة تجتمع كل عام منذ سنة 1908م، تنشئ المدارس وتعمل على إنشاء كراسي في الجامعات لتدريس ديانة السيخ ونشر تاريخها.



      انشق قسم من السيخ عن الاتجاه العام متبعين ابن ناناك الأكبر وسموا أدواسي إذ يتجه هؤلاء نحو التصوف، أما الخالصادال فلا يؤمنون بانتهاء سلالة الغورو غوبند سنغ العاشر ، بل يعتقدون بأن هنالك معلماً حياً بين الناس ما يزال موجوداً.

      لديهم اعتقاد راسخ بضرورة إيجاد دولة لهم وأن ذلك أحد أركان الإيمان لديهم إذ ينشدون في نهاية كل عبادة نشيداً يقولون فيه: "سيحكم رجال الخالصادال" كما يحلمون بأن تكون عاصمتهم في شانديغار.

      يقدر عدد السيخ حاليًّا بحوالي 15 مليون نسمة داخل الهند وخارجها.

      تعليق


      • #4

        ديانات ارضية
        (وضعية)
        (3)



        الهندوسية

        دين وثني يعتنقه غالب الشعب الهندي، وهو عبارة عن معتقدات وعادات وأخلاق وسلوكيات يلتزم بها الهندوس في حياتهم .
        ليس هناك من مصدر معتمد يمكن من خلاله تحديد الزمن الفعلي لنشأة الهندوسية كونها لم تنشأ من خلال دعوة شخص أو أشخاص وإنما هي عبارة عن معتقدات وعادات قوم تراكمت ودونت وحفظت فاتخذها من من بعدهم من أجيالهم دينا يتبعونه، ويُرجع الباحثون نشوء الهندوسية للاحتكاك الثقافي بين الأعراق المختلفة التي وفدت إلى الهند واستقرت فيها .

        الإلهة عند الهندوس

        يعجب المرء أشد العجب من كثرة الآلهة التي يدين لها الهندوس ويؤلهونها ، وقد وصف ول ديورانت، في قصة الحضارة آلهة الهندوس فقال : "تزدحم بها - أي الآلهة - مقبرة العظماء في الهند، ولو أحصينا أسماء هاتيك الآلهة لاقتضى ذلك مائة مجلد، وبعضها أقرب في طبيعته إلى الملائكة، وبعضها هو ما قد نسميه نحن بالشياطين، وطائفة منهم أجرام سماوية مثل الشمس، وطائفة منهم تمائم ... وكثير منها هي حيوانات الحقل أو طيور السَّماء، .. فالفيل مثلاً قد أصبح الإله جانيشا واعتبروه ابن شيفا، وفيه تتجسّد طبيعة الإنسان الحيوانية... كذلك كانت القردة والأفاعي مصدر رعب، فكانت لذلك من طبيعة الآلهة؛ فالأفعى التي تؤدي عضة واحدة منها إلى موت سريع، واسمها ناجا، كان لها عندهم قدسية خاصة؛ وترى النّاس في كثير من أجزاء الهند يقيمون كلّ عام حفلاً دينياً تكريماً للأفاعي، ويقدّمون العطايا من اللبن والموز لأفاعي الناجا عند مداخل جحورها؛ كذلك أقيمت المعابد تمجيداً للأفاعي كما هي الحال في شرق ميسور ".
        وهذه الوفرة والكثرة في الآلهة يختزلها الهندوس في آلهة مذكرة ومؤنثة

        ونبدأ بالالهة المذكرة



        * براهما:

        يطلق عليه اسم "سانجهيانج"، واسمه بالسنسكريتية: (UTPETI) وهو الخالق، حسب معتقدهم، لذلك نسجوا حوله أسطورة تدور حول عملية الخلق. أنه " الخالق مانح الحياة، سيد الآلهة، خلقته السماء ويحارب الأعداء، وكان له من الشهامة ما أبعده عن الميل مع الهوى، وهو القوي القادر الذي تصدر عنه جميع الأفعال وهو يمثل إله الخير، وهو الذي يرجو رحمته وكرمه وعطفه جميع الأحياء وينسبون إليه الشمس التي يكون بها الدفء وانتعاش الأجسام، وتجري بسببها الحياة في النباتوالحيوان، ويعتقد أنه خالق الكون على طريقته.

        فقد أخذ براهما يتأمل ويفكر طويلا فنشأ عن تفكيره هذا فكرة مخصبة، تطورت إلى بيضة ذهبية، ومن تلك البيضة ولد براهما، خالق كل شيئ، فهو الخالق والمخلوق.
        وتقول أسطورة أخرى أن براهما خرج من زهرة لوتس من سرة فشنو ". ورغم هذا الموقع الذي يحتله براهما في عقيدة الهندوس إلا أنه مهمل في شعائرهم طقوسهم رغم اعتباره من ثُلاثي الآلهة العِظام وهم "فيشنو" و"شيفا"، وقد خسر براهما قوته لكونه خالق هاذين الإلهين الذين أصبح أحدهما للبناء والآخر للتدمير والتهديم.

        ولبراهما اربع اوجه وكانوا سابقاً خمسة رؤوس، لكن
        الإله شيفا أحرق إحدى الرؤوس بعينه الثالثة.. لأنه تكلم معه باحتقار، وله أربع أيدي يحمل بالأولى الكتاب المقدس "الفيدا" وبالثانيه ملعقه وبالثالثه سبحه وبالرابعه إناء فيه ماء.


        كريشنا

        كريشنا कृष्ण أحد آلهة الحضارة الهندية الكبار ، تعبده طائفة من الهندوسية ، يرسم عادة على شكل ولد راعي بقر يعزف الناي أو كأمير يقدم توجيهات فلسفية. كريشنا يعبد في الهندوسية على أنه أفاتار أي تجسد فيشنو الذي يعتبر الإله الأعلى في الفيشنوية، وفي طوائف أخرى هو مصدر كل الأفاتارت بما فيها فيشنو. هناك قصص كثيرة مختلفة حول كريشنا في الهندوسية لكنها تتفق على التجسد الإلهي وطفولة إرشادية وحياة كمعلم وبطل محارب.





        غانيشا

        غانيش اسمه بالسنسكريتي (गणेश )هو إلههندوسي في شكل فيل. يعرف أيضًا بأسماء أخرى مثل غاناباتي وفغنيشا. وهو ابن شيفا .

        الهندوس يقدسون الفيلة ويشكلون أحد أهم الآلهة الهندوسية على شكل مخلوق له رأس فيل وجسم إنسان ويسمى جانيش والأسطورة باختصار هي عندما كان يقاتل جانيش اله الشر قطعت رأسه فقطع والده رأس فيل ووضعها مكانها فعاش على ذلك النحو ويجرى تصويره على ذلك الشكل


        * شيو

        هو أحد أهم الآلهة في الهندوسية. وغالبا ما يسمى "المدمر"، وهو أحد الآلهة في التريمورتي إلى جانب براهما الخالق وفيشنو الحافظ. وفي الشيفية هو الإله الأعلى، أما في فروع الهندوسية الأخرى مثل سمارتا فهو يعبد كواحد من خمسة مظاهر إلهية. وينعكس كونه الإله الرئيسي في الشيفية في كلمات تصفه مثل مهاديفا ("الإله العظيم"؛ مها = العظيم + ديفا = إله)، ماهشفارا ("الرب العظيم"؛ مها = العظيم + إيشفارا = رب)، وبارامشفارا ("الرب الأعلى"). والشيفية جنبا إلى جنب مع التقاليد الفيشنوية التي تركز على فيشنو وتقاليد شاكتا التي تركز على الإلهات المؤنثة (ديفي) هي من أكثر الطوائف الهندوسية نفوذا.

        شِوَ هو واحد من الأشكال الإلهية الخمسة في السمارتية وهي طائفة هندوسية تركز على خمسة آلهة، أي شِوَ مع فيشنو وديفي وغانيشاوسوريا. وهناك طريقة أخرى للنظر للإلهيات الهندوسية تحدد أن براهما وفيشنو وشِوَ كالآلهة الرئيسية وأن كل منها يمثل واحدا من الجوانب الأساسية الثلاثة في الهندوسية، وتسمى كلها بالتريمورتي. في التريمورتي براهما هو الخالق وفيشنو الحافظ وشِوَ المدمر أو المحول . يمثل شِوَ عادة في علامات وتماثيل شيفا لينجا وفي حالة من التأمل العميق


        ]

        * سوريا

        سوريا أي النور الأعلى وذلك بحسب المعتقد الهندوسي وهو إله شمسي رئيسي وابن كاسيابا وزوج أديتي






        * ناندي

        ناندي (بالسنسكريتية नंदी) ثور يركبه شيفا وحارس بوابته في الأساطير الهندوسية. يوجد تمثال لناندي يواجه المزار الرئيسي في معظم معابد شيفا. وهناك أيضا عدد من المعابد مكرسة حصرا لناندي.
        • إله رئيسي: ناندي إله مستقل بنفسه منذ أيام حضارة وادي السند حيث كانت تربية الأبقار مهمة للعيش. وهناك عُبد شيفا كراعي وحافظ للماشية. يصفه البعض كإنسان بوجه ثور يشبه شيفا لكن بأربع أذرع.
        • حامل شيفا: ناندي عربة التنقل الرئيسية لشيفا وتابعه الرئيسي.
        • حارس بوابة لشيفا: تفسر العلاقة الحميمة بين شيفا وثوره وضع تماثيل لناندي عند مداخل كثير من المعابد المكرسة لشيفا.
        • قائد جيش شيفا
        • غورو الشيفية: بالإضافة لكونه حامل شيفا فهو أقرب أصحابه، وغورو رئيسي في بعض التقاليد.

        حسب بعض الأساطير ولد ناندي من الجانب الأيمن لفيشنو وقدم كابن للحكيم سالانكايانا.
        لعن ناندي رافانا (شيطان) بأن مملكته سيحرقها قانارا (قرد). وحرق هانومان لاحقا لانكا عندما ذهب ليبحث عن سيتا التي سجنها رافانا.










        * فيشنو

        وِشْنُ (ديفانكارية:विष्णु) هو الإله الأعلى أو الحقيقة العليا في الهندوسيةالفيشنوية وهو تجسد براهمان في فرع سمارتا أو أدفايتا من الهندوسية.
        يوصف وِشْنُ في فيشنو سهاسراناما بأنه الجوهر الحال في كل الكائنات ورب الماضي والحاضر والمستقبل وخالق ومدمر كل الموجودات والإله الذي يدعم ويحفظ ويحكم الكون ويخلق ويطور كل ما فيه.
        ويوصف في البورانا بأن له لون السحاب الأزرق الغامق وأربعة أذرع يمسك بها زهرة اللوتس ومشكاة وقوقعة وحلقة.

        وفي البورانا وصف لأفاتارات وِشْنُ، حيث حدثت تسعة من هذه الأفتارات أو التجسدات في الماضي وبقي تجسد واحد ليحصل هو تجسد كالكي. وهدف التجسدات تجديد الدارما والقضاء على القوى الشريرة. ووِشْنُ يعبد في كل تقاليد ساناتانا دارما بشكل مباشر أو عبر الأفتارات مثل راماوكريشناوناراشيما.
        وِشْنُ في التريمورتي مسؤول عن حفظ العالم بينما الخلق وظيفة براهما والتدمير وظيفة شيفا




        الآلهه المؤنثة

        داكشايني
        سَتِيِ (بالديفنغارية: सती، مؤنث سات "حقيقي") أو داكشايَني هي إلهة السعادة الزوجية وطول العمر في الهندوسية. تعبد لا سيما من النساء من أجل طول عمر أزواجهن. وهي جانب من جوانب ديفي، وأول قرينة لشيفا، والثانية بارفاتي وهي تناسخ عن ساتي. تلعب ساتي في الأساطير الهندوسية دور المغرية لشيفا من العزلة والتقشف إلى المشاركة الخلاقة في العالم.

        أما فعل الساتي / ممارسة ساتي الذي تضحي فيه الأرملة الهندوسية نفسها في نار محرقة نعش زوجها تعبيرا عن الإخلاص والولاء فهو تقليد على غرار ما فعلته الإلهة ساتي والتي استمد اسم الفعل منها.



        شيفا يحمل جثة ساتي على رمحه

        دورجا

        دُرْغا (تعني بالسنسكريتية "التي لا تقهر أو لا يمكن الوصول إليها) وتسمى أيضا ما دورگا أي الأم دُرْغا هي الإلهة العليا في الهندوسية. وتعبر أم غانيشوساراسواتيولاكشمي، وهي أيضا الوجه القوي المحارب للشياطين لبارافاتي زوجة شيفا. لذلك ترسم بعشرة أذرع وتركب الأسد أو النمر وتحمل أسلحة، وتعتبر تجسد الطاقة الأنثوية الخلاقة شاكتي.





        * ديفي

        دَيْوِيِ देवी تعني بالسنسكريتية الإلهة نفس معنى شاكتي الجانب الأنثوي للألوهية في الهندوسية التي تؤمن أنه بدون الجانب الأنثوي تبقى الآلهة المذكرة عاجزة. عبادة الإلهات المؤنثة تدخل في صميم الهندوسية. دَيْوِيِ هي كل إلهة هندوسية. وهي التجسد الأنثوي للرب الأعلى.

        صور أشهر ثلاث تجسدات للإلهة الأم الهندوسية لاكشمي إلهة الغنى والمطالب المادية وبارفاتي إلهة الحب والمطالب الروحية وساراسواتي إلهة التعلم والثقافة

        * سارسواتي

        سَرَسْوَتِيِ (सरस्वती) هي إحدى الإلهات الهندوسية. وهي إلهة الكلام والعلم والتعليم. تذكر الأسطورة أنها خلقت اللغة السنسكريتية وآلة موسيقية تشبه العود وأنها زوجة براهما إله الخلق في الهندوسية.
        سَرَسْوَتِيِ أو بالسنسكريتية ساراسفاتي هي إحدى ثلاث إلهات في الهندوسية مع لاكشميودورغا اللاتي يشكلن المقابل الأنثوي للتريمورتي. وتعتبر ساراسواتي إلهة الأنهار ومؤخرا اعتبرت إلهة العلم والموسيقى والفنون.
        تظهر صورتها عادة بأربعة أذرع تمسك الآلة الموسيقية بذراعين وتمسك أيضا زهرة لوتس وفي اليد الرابعة كتاب.




        * شاكتي

        شَكْتِ تعني القوة أو الطاقة وهي في الهندوسية فكرة أو تجسد الجانب الأنثوي للآلهة ويشار إليها أحيانا بالأم الإلهية وتمثل القوة الإلهية المؤنثة الفعالة. تعبد شاكتي في طائفة الشاكتية على أنها الكائن الأعلى لكن في فرق أخرى من الهندوسية تجسد شَكْتِ قوة وطاقة الآلهة المذكرة مثل فيشنو في الفيشنويةوشيفا في الشيفية. شَكْتِ فيشنو تسمى لاكشمي وشاكتي فيشنو هي بارفاتي.

        * بارفاتي

        بارْوَتِيِ (पार्वती) في الهندوسية هي إلهة وزوجة شيڤا أحد أهم الآلهة في الهندوسية، وأم غانيشوسكاندا. معنى بارڤاتي في السنسكريتية بنت الجبل وتدعى في التعاليم الهندوسية بنت جبال هيمالايا حيث يعتقد أنها تعيش فيها.

        عند تصويرها لوحدها تظهر مع أربعة أذرع تحمل مسبحة ومرآة وجرسا وليمونة، أما عندما تصور مع زوجها شيفا فلها ذراعان فقط.
        تستخدم بارْوَتِيِ للتنقل حيوانان أما الأسد أو النمر


        * لاكشمي

        لَكْشْمِيِ هي إلهة المال والحظ في الهندوسية وهي زوجة الإله فيشنو. يصلي معظم الهندوسيين لها في عيد الديوالي.
        لاكشمي لها أربعة أذرع وهي بيضاء اللون وتقف على زهرة لوتس ومغطاة بالجواهر. لها أيضا عدة أفاتارات (أي آلهة تأتي للأرض بشكل إنسان) يتزوجون عادة من أفاتارات فيشنو، منهم:






        البقرة عند الهندوس

        ديفانكارية:विष्णु) هو الإله الأعلى أو الحقيقة العليا في الهندوسيةالفيشنوية وهو تجسد براهمان في فرع سمارتا أو أدفايتا من الهندوسية.
        يوصف وِشْنُ في فيشنو سهاسراناما[1] بأنه الجوهر الحال في كل الكائنات ورب الماضي والحاضر والمستقبل وخالق ومدمر كل الموجودات والإله الذي يدعم ويحفظ ويحكم الكون ويخلق ويطور كل ما فيه.





        ويوصف في البورانا بأن له لون السحاب الأزرق الغامق وأربعة أذرع يمسك بها زهرة اللوتس ومشكاة وقوقعة وحلقة.
        وفي البورانا وصف لأفاتارات وِشْنُ، حيث حدثت تسعة من هذه الأفتارات أو التجسدات في الماضي وبقي تجسد واحد ليحصل هو تجسد كالكي. وهدف التجسدات تجديد الدارما والقضاء على القوى الشريرة. ووِشْنُ يعبد في كل تقاليد ساناتانا دارما بشكل مباشر أو عبر الأفتارات مثل راماوكريشناوناراشيما.




        وِشْنُ في
        التريمورتي مسؤول عن حفظ العالم بينما الخلق وظيفة براهما والتدمير وظيفة شيفا
        (
        : تحتل البقرة عند الهندوس مكانة هامة تصل إلى حد التأليه والتقديس ، يقول مهاتما غاندي : " عندما أرى بقرة لا أعدني أرى حيونا لأني أعبد البقرة، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع .... "، ويقول " وأمي البقرة تفضل أمي الحقيقية من عدة وجوه، فالأم الحقيقة ترضعنا مدة عام أو عامين وتتطلب منا خدمات طول العمر نظير هذا ، ولكن أمنا البقرة تمنحنا اللبن دائما ، ولا تتطلب منا شيئا مقابل ذلك سوى الطعام العادي . وعندما تمرض الأم الحقيقية تكلفنا نفقات باهظة ، ولكن أمنا البقرة لا نخسر لها شيئا ذا بال ، وعندما تموت الأم الحقيقية تتكلف جنازتها مبالغ طائلة ، وعندما تموت أمنا البقرة تعود علينا بالنفع كما كانت تفعل وهي حية لأننا ننتفع بكل جزء من جسمها حتى العظم والجلد والقرون ".



        ولو وافقنا غاندي على صحة هذه المقارنة، فهل يصح أن نخرج بنتيجة مفادها صحة عبادة البقرة !! إن هذا لمن أعجب العجب وهو منطق الوثنيين منذ أقدم العصور، فالذين عبدوا الشمس نظروا إلى منافعها عليهم، والذين عبدو الشجر كذلك.. فهلا عبدوا مسبب الأسباب ومسخر الخلائق بمنافعها سبحانه وتعالى .

        من عقائد الهندوس ما يمكن تسميته دورة الحياة عندهم :

        للهندوس عقائد تصور دورة حياة الإنسان، حيث يرون أن روح الإنسان خلقت من الإله ثم ركبت في هذا الجسد الفاني .


        والهندوس لا يؤمنون بجنة ولا بنار كما يعتقد المسلمون مثلا ولكنهم يؤمنون بجزاء آخر للمحسن والمسيء فيقولون : " إن المحسن عندما يموت، يموت جسده وتبقى روحه باقية لا تموت، لأنها جزء من الإله فتجازى بأن توضع في جسد صالح وهو ما يعرف بتناسخ الأرواح أو انتقالها " فجزاء المحسن أن توضع روحه في جسد صالح تتنعم فيه وجزاء المسيء أن توضع روحه في جسد شقي تشقى به .
        وليس هذا نهاية المطاف عندهم فالغاية التي يتمناها الهندوس لأرواحهم أن تتحد بالإله براهما ولكن هذا لن يحصل وفقا لمعتقداتهم إلا إذا تخلصت النفس من شرورها ونزعاتها وشهواتها ورغباتها وهو ما يسمونه مرحلة الانطلاق كما ورد في "أرنيك " - أحد كتبهم - : " من لم يرغب في شيء ولن يرغب ، وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه ، فيتحد بالبرهما ويصير هو ، ويصبح الفاني باقيا " وهي المرحلة النهائية في دورة الثواب عند الهندوس حيث تعود الروح من حيث صدرت، فكما هي جزء من الإله تعود إليه وتتحد به .
        ولك أن تسأل أي هندوسي أو غيره ممن يعتقد بتناسخ الأرواح هل يشعر بأي شيء عن حياة روحه السابقة ؟

        هل يتذكر شيئا عن تلك الحياة التي عاشها من قبل في جسد آخر ؟ قد يقال ليس بالضرورة أن كل هندوسي انتقل من جسد إلى جسد فثمة ولادات جديدة، والجواب : نعم، ولكن هذا الأمر لا يشعر به كل الهندوس بما يعني ضرورة بطلان دعوى التناسخ فضلا عن دعوى الاتحاد بالإله .


        الطبقات عند الهندوس :

        يعتبر الهندوس مجتمعا شديد الطبقية، بالغ التعصب، فبينا يتمتع أناس فيه بمقام الآلهة، يخوض آخرون أوحال الذل والمهانة، وهذا التقسيم ليس نتيجة سلطة ظالمة توشك أن تزول، بل هو بمقتضى دينهم قدرا إلهيا وأمرا ربانيا، فالإله عندهم قد خلق الخلق على هذا النحو الذي هم فيه، فجاء في كتابهم "منُّوسَمَرتي" وهو سفر من أسفارهم المقدسة حيث جاء فيه :" لسعادة العالـم خلق برهما - إله الخلق - البراهمة من وجهه، والكشتريين من ذراعيه، والويش من فخذيه، والشودر من قدميه " ووفقا لهذا الخلق يجب أن تكون وظائفهم في الحياة وفق دلالة موضع خلقهم، فرأس الإله مركز الفكر والحكم، خلق منه البراهمة فهم العلماء والحكماء ويتمتعون بمزايا عظيمة، والذراعان هما مصدر القوة والبطش ومنهما خُلِقَ الكشتريون فوظيفتهم حماية البلاد ونظامها من الأعداء والمتربصين وهؤلاء هم الجند ، والفخذان اللذان عليهما اعتماد البدن خلق منهما الويشا فوظيفتهم حمل المجتمع ماديا فيقومون بالتجارة والصناعة وعليهم يقع توفير الأمن الغذائي وتأمين الرخاء والاستقرار المعيشي، وتأتي الطبقة الدنيا - الطبقة المسحوقة باسم الدين - وهي الطبقة التي خلقت من قدمي الإله لتكون أسفل طبقة في سلم المجتمع الهندوسي وهي طبقة الخدم والعبيد ( الشودرا ). فواجبهم الخدمة والعمل وإنجاز كلّ ما يوكل لهم من الطبقات الأعلى. يقول البيروني: "ويكون شُودر مجتهداً في الخدمة والتملُّق، متحبباً إلى كلّ أحدٍ بها، وكلّ من هؤلاء إذا ثبت على رسمه وعادته نال الخير". أمّا إذا لـم يقم بواجبه ناله العقاب، وقد نص شرع الهندوس (منُّوسَمَرتي) بشأن وظيفة هذه الطبقة بما يلي: "وفرض الإله الأعظم على الشودار أمراً واحداً وهو أن يقوم بإخلاص تام بخدمة هذه الفرق الثلاث"، ويقصد بها الطبقات السابقة الذكر وهم: البراهمة، الكشاتريا، والويشا.

        ولا يدخل المنبوذون في هذا التقسيم فهم درجة دنيا مدنسة لا تدخل أساسا في التركيبة الهندوسية .


        شعائر وعبادات الهندوس :

        1- الطهارة عند الهندوس نوعان : طهارة حسية بالماء، فيوجبون الغسل على من مس حائضا أو منبوذا أو أنزل منيا وطهارة معنوية، وهي طهارة القلب والروح بالعلوم والمعارف والتأمل.





        2- الصلاة : وهي من أهم الشعائر عندهم وتؤدى في وقتين في اليوم في الصباح عند طلوع الفجر إلى الإشراق وفي المساء إلى ظهور النجوم، وتصلى فرادى وتختلف صلاة المرأة عن صلاة الرجل ، وتؤدّى في المعابد وفي البيوت والغابات وعلى ضفاف الأنهار.






        3- اليوجا : وهي من الشعائر التعبدية المهمة لدى الهندوس وهي طريقة رياضية روحية وجسدية يتبعونها لتسهيل اتحادهم بالإله وفق زعمهم، وللأسف الشديد فقد انتشرت هذه العبادة الهندوسية - اليوجا - بين شباب المسلمين تحت غطاء الرياضة جهلا بجذورها الفلسفية الكفرية والله المستعان .




        4- الحج عند الهندوس : بالذهاب إلى نهر الغانج سنويا والاغتسال فيه للتطهر من آثامهم وكذلك يلقون فيها رماد موتاهم .


        5- إحراق الموتى : فالأجساد لا قيمة لها وفق معتقداتهم، فهي مركب الروح فإذا فارقتها الأرواح كانت أولى بالإحراق، وبعد حرقها تتلى عليها التعاويذ الهندوسية ثم توضع في أنبوب لترمى بعد ذلك في نهر الغانج .

        6- سرادة : ومعناها الوضيمة وتطلق - كما يذكر البستاني في معارفه - على احتفال يجريه الهندوس لموتاهم لإيصال أرواحهم إلى السماء وتسهيل قبولها بين الأرواح الخالصة ، وعندهم أنَّ عدم إجراء هذا الاحتفال يُبقي الروح تائهة على وجه الأرض مع الأرواح النجسة، وأنَّ الذي يتأخر في أداء هذه الفروض نحو أقربائه تلعنه الآلهة والبشر وتبقى أرواح أقربائه محرومة مدّة سنوات معلومة من وليمة الأرواح الخالصة، والذي يموت بدون أن يترك ابناً ليتمّم بعده الفروض المأتمية يكون سبباً لطرد أرواح سلفائه من الجنَّة إلى الجحيم.







        التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-28, 07:43 PM.

        تعليق


        • #5

          ديانات ارضية
          (وضعية)
          (4)



          القاديانية

          القاديانية دين مُخْتَرَعٌ جديد، ظهر أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بقاديان، إحدى قرى البنجاب الهندية، وحظي بمباركة ورعاية الاحتلال الإنجليزي.

          المؤسس

          ميرزا غلام أحمد القادياني المولود سنة 1265هـ بقاديان.



          وقد بدأ ميرزا نشاطه كداعية إسلامي، ثم ادعى أنه مجدد ومُلْهَم من الله، ثم تدرج درجة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود، يقول في ذلك: " إن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح ابن مريم قد رفع إلى السماء بجسده العنصري، وأنه سينزل من السماء في عصر من العصور، وقد أثبتُّ في كتابي أنها عقيدة خاطئة، وقد شرحت أنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام عن طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح، وأن هذا العاجز - يعني نفسه - هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام"!!.



          ثم انتقل من دعوى المثيل والشبيه بالمسيح عليه السلام إلى دعوى أنه المسيح نفسه، فقال :" وهذا هو عيسى المرتقب ،وليس المراد بمريم وعيسى في العبارات الإلهامية إلا أنا " ، ولما كان المسيح نبيا يوحى إليه، فقد ادعى ميرزا أنه يوحى إليه، وكتب قرآنا لنفسه سماه " الكتاب المبين " يقول : " أنا على بصيرة من رب وهّاب، بعثني الله على رأس المائة، لأجدد الدين وأنور وجه الملة وأكسر الصليب وأطفيء نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، وأصلح ما فسد، وأروج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله علي بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم الرسل الكرام".
          ويبدو أن دعوى أنه المسيح لم تلق القبول المرجو، ولم تحقق الغرض المؤمل منها، فانتقل من دعوى أنه المسيح النبي إلى دعوى أنه محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحقيقة المحمدية قد تجسدت فيه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بُعث مرة أخرى في شخص ميرزا غلام، يقول ميرزا : " إن الله أنزل محمدا صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في قاديان لينجز وعده "، وقال :" المسيح الموعود هو محمد رسول الله وقد جاء إلى الدنيا مرة أخرى لنشر الإسلام " ثم ادعى أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاتبعه من اتبعه من الدهماء والغوغاء وأهل الجهل والمصالح الدنيوية.




          نماذج من تخاريفة :

          رغم تلك الدعاوى العريضة التي ادعاءها ميرزا لنفسه إلا أنه كان ساذجا فاحشا بذي اللسان، يكيل لخصومه أقذع الشتم والسب !!
          أما وحيه الذي ادعاه لنفسه فقد كان خليطا من الآيات المتناثرة التي جمعها في مقاطع غير متجانسة تدل على قلة فقهه وفهمه للقرآن، وإليك نماذج من وحيه المزعوم، قال:" لقد ألهمت آنفا وأنا أعلق على هذه الحاشية، وذلك في شهر مارس 1882م ما نصه حرفيا : " يا أحمد بارك الله فيك، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . الرحمن علم القرآن، لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل إني أمرت وأنا أول المؤمنين ، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .. إلخ " ويقول أيضا :" ووالله إنه ظل فصاحة القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون . أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون " !!

          وأما نبوءاته فما أكثرها وما أسرع تحققها لكن بخلاف ما أنبأ وأخبر، فمن ذلك أنه ناظر نصرانيا فأفحمه النصراني، ولما لم يستطع ميرزا إجابته غضب على النصراني، وأراد أن يمحو عار هزيمته، فادعى أن النصراني يموت - إن لم يتب - بعد خمسة عشر شهرا حسب ما أوحى الله إليه، وجاء الموعد المضروب ولم يمت النصراني، فادعى القاديانيون أن النصراني تاب وأناب إلا أن النصراني عندما سمع تلك الدعوى كتب يكذبهم ويفتخر بمسيحيته!!

          ومن ذلك زعمه: أن الطاعون لا يدخل بلده قاديان ما دام فيها، ولو دام الطاعون سبعين سنة، فكذبه الله فدخل الطاعون قاديان وفتك بأهلها وكانت وفاته به، وهو الذي قال " وآية له أن الله بشره بأن الطاعون لا يدخل داره، وأن الزلازل لا تهلكه وأنصاره، ويدفع الله عن بيته شرهما ".

          عقائد القاديانية :

          1. يعتقد القاديانية بتناسخ الأرواح: حيث زعم ميرزا أن إبراهيم عليه السلام ولد بعد ألفين وخمسين سنة في بيت عبدالله بن عبدالمطلب متجسدا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بُعث النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أخريين أحدهما عندما حلت الحقيقة المحمدية في المتبع الكامل يعني نفسه.

          2. يعتقدون أن الله يصوم ويصلي وينام ويخطيء، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، يقول ميرزا: " قال لي الله : إني أصلي وأصوم وأصحو وأنام " وقال :" قال الله : إني مع الرسول أجيب أخطيء وأصيب إني مع الرسول محيط ".

          3. يعتقدون أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، وأن الله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً!! وأن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد بالوحي، وأن إلهاماته كالقرآن .

          4. يقولون: لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام )، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة "غلام أحمد"، ويعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين، وهو غير القرآن الكريم !!

          5. يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل، وشريعة مستقلة، وأن رفاق الغلام كالصحابة،كما جاء في صحيفتهم "الفضل، عدد 92 " : " لم يكن فرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلاميذ الميرزا غلام أحمد، إن أولئك رجال البعثة الأولى وهؤلاء رجال البعثة الثانية ".

          6. يعتقدون أن الحج الأكبر هو الحج إلى قاديان وزيارة قبر القادياني، ونصوا على أن الأماكن المقدسة ثلاثة مكة والمدينة وقاديان ، فقد جاء في صحيفتهم:" أن الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان حج جاف خشيب، لأن الحج إلى مكة لا يؤدي رسالته ولا يفي بغرضه " .
          7. يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات !!

          8. كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوَّج لغير القاديانيين فهو كافر !!.

          9. ينادون بإلغاء الجهاد، ووجوب الطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية التي كانت تحتل الهند آنذاك، لأنها - وفق زعمهم - ولي أمر المسلمين!!

          10 يعتقد القادياني بأن إلهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية !!

          بعض زعماء القاديانية :

          • الحكيم نور الدين البهريري : وهو أبرز شخصية بعد (الغلام) والخليفة من بعده ، ولد سنة 1258هـ تعلم الفارسية ومباديء العربية .

          • محمود أحمد بن غلام أحمد: الخليفة الثاني للقاديانيين، تولى الزعامة بعد وفاة الحكيم نور الدين، وأعلن أنه خليفة لجميع أهل الأرض، حيث قال: " أنا لست فقط خليفة القاديانية، ولا خليفة الهند، بل أنا خليفة المسيح الموعود، فإذا أنا خليفة لأفغانستان والعالم العربي وإيران والصين واليابان وأوربا وأمريكا وأفريقيا وسماترا وجاوا، وحتى أنا خليفة لبريطانيا أيضا وسلطاني محيط جميع قارات العالم ".

          • الخواجة كمال الدين: كان يدّعي أنه مثل غلام أحمد في التجديد والإصلاح، وقد جمع كثيرا من الأموال، وذهب إلى إنجلترا للدعوة إلى القاديانية، ولكنه مال للَّذات والشهوات وبناء البيوت الفاخرة.

          موقف علماء الإسلام من القاديانية :

          لقد تصدى علماء الإسلام لهذه الحركة، وممن تصدى لهم الشيخ أبو الوفاء ثناء الله أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند، حيث ناظر "ميرزا غلام" وأفحمه بالحجة، وكشف خبث طويته، وكُفْر وانحراف نحلته. ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك "الميرزا غلام أحمد القادياني" في عام 1908م، مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً كلها تدعوا إلى ضلالاته وانحرافاته.

          وقام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة أحد زعماء هذه الطائفة "ميرزا ناصر أحمد" والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها "ناصر أحمد" عن الجواب وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة.

          وفي شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام، وطالب المسلمين بمقاومة خطرها وعدم التعامل معها، وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .

          وقد صدرت فتاوى متعددة من عدد من المجامع والهيئات الشرعية في العالم الإسلامي، تقضي بكفر القاديانية، منها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، هذا عدا ما صدر من فتاوى علماء مصر والشام والمغرب والهند وغيرها .





          التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-28, 10:06 PM.

          تعليق


          • #6

            ديانات ارضية (وضعية)
            (5)



            الكونفوشيوسية

            ارتبطت الكونفوشيوسية بمجموعة معتقدات أساسية وأخرى فرعية؛ إذ تمثلت المعتقدات الأساسية في تقديس إله السماء والملائكة وأرواح أجدادهم القدماء. ويعتقد أتباع هذا المذهب كغيرهم من أتباع العديد من الديانات الوثنية الأخرى ببقاء الأرواح؛ حيث يقدمون لها القرابين، ويوجد في كل بيت معبد لأرواح الأموات ولآلهة المنزل!

            الكونفوشيوسية Confucianism هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية ومنهج في الحياة طوره الفيلسوف كونفوشيوس في القرن السادس والخامس قبل الميلاد؛ حيث نجح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية القديمة عن السلوكيات الاجتماعية والأخلاقية تقوم على عبادة إله السماء وتقديس الملائكة، وعبادة أرواح الآباء والأجداد. ودعا الفيلسوف الصيني الشهير إلى إحياء الطقوس والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مضيفاً إليها جانباً من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك.

            ينظر البعض إلى الكونفوشيوسية على أنها ديانة أهل الصين بينما ينظر إليها آخرون باعتبارها فلسفة قديمة؛ إلا أنها في واقعها يمكن أن تفهم على أنها نوع من الفلسفة الإصلاحية الأخلاقية التي لا تنفي وجود إله خالق للكون.
            تأسيس الكونفوشيوسية وأبرز اتجاهاتها

            يعتبر كونفوشيوس هو المؤسس الحقيقي للعقيدة الكونفوشيوسية. ولد كونفوشيوس سنة (551) ق. م في مدينة تشيوفو وهي إحدى مدن مقاطعة لو الصينية. ينتسب إلى أسرة عريقة، فجدُّه كان والياً على تلك الولاية، ووالده كان ضابطاً حربيًّا، توفِّي والده بينما كان كونفوشيوس في الثالثة من عمره، فعمل في الرعي، وتزوَّج في مقتبل عمره قبل العشرين وأنجب من زوجته لكنه هجر بيته بعد سنتين.
            تلقَّى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف لوتس صاحب الديانة "الطاوية"، وأنشأ مدرسة لدراسة أصول الفلسفة وهو في سن الثانية والعشرين ما أدى لاتساع دائرة تلاميذه وأتباعه. وشغل كونفوشيوس على مدار حياته الكثير من الوظائف فقد عمل مستشاراً للأمراء والولاة، وعيِّن قاضياً وحاكماً، ووزيراً للعمل، ووزيراً للعدل، كما تولى منصب رئيس الوزراء عام (496) ق. م, وقام آنذاك بإعدام بعض الوزراء السابقين وعدد من رجال السياسة والمشاغبين حتى صارت مقاطعة لو نموذجية في تطبيق الآراء والمبادئ الفلسفية المثالية التي ينادي بها . قضى كونفوشيوس فترة غير قصيرة من حياته متنقلاً من بلد إلى آخر ينصح الحكام بضرورة أن يكونوا قدوة لشعوبهم، ويتصل بالناس يبثُّ بينهم تعاليمه. وكان يرى أن حسن قوامة الحاكم على الناس يتبعه صلاحهم ولقد كان يقول إن "السياسة هي الإصلاح فإن جعلت صلاح نفسك أسوة حسنة لرعيتك فمن الذي يجترئ على الفساد"- (محمد أبو زهرة، مقارنات بين الأديان "الديانات القديمة").

            وقد عاد كونفوشيوس بعد ذلك إلى مقاطعة لو فتفرَّغ لتدريس منهجه لأصدقائه وأتباعه. وعمل على بعض كتب الأقدمين يلخِّصها، ويرتِّبها، ويضمِّنها بعض أفكاره. وبحسب ما ورد في كتاب "حكمة الصين: دراسة تحليلية لمعالم الفكر الصيني منذ أقدم العصور" للدكتور "فؤاد محمد شبل" كان الفيلسوف الصيني يحس بأن السماء قد استودعته رسالة إبراء العالم الصيني من أوجاعه, وآمن بأن السماء لن تخذله؛ وفي ذات مرة أظهر استهجانه لعدم ثقة أحد به لكنه أضاف بأن السماء تفهمه.
            وقد وافته المنية عام (479) ق. م تاركًا ورائه مذهبًا شعبيًا موروثًا في ذاكرة الشعب الصيني.

            وانقسمت الكونفوشيوسية إلى اتجاهين:

            1- مذهب متشدد حرفي، ويمثله منسيوس- التلميذ الروحي لكونفوشيوس والذي لم يتلق علومه مباشرة عنه بل أخذها عن حفيده - ويدعو إلى الاحتفاظ بحرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل دقة.
            2- مذهب تحليلي ويمثله هزنتسي ويانجتسي؛ حيث يقوم مذهبهما على أساس تحليل وتفسير آراء كونفوشيوس، واستنباط الأفكار باستلهام روح النص الكونفوشيوسي.

            الأفكار والمعتقدات

            ارتبطت الكونفوشيوسية بمجموعة معتقدات أساسية وأخرى فرعية؛ إذ تمثلت المعتقدات الأساسية في تقديس إله السماء والملائكة وأرواح أجدادهم القدماء. ويعتقد أتباع هذا المذهب كغيرهم من أتباع العديد من الديانات الوثنية الأخرى ببقاء الأرواح؛ حيث يقدمون لها القرابين، ويوجد في كل بيت معبد لأرواح الأموات ولآلهة المنزل!
            ولم يحدث أن ادعى كونفوشيوس النبوة إنما كان مغرماً بالسعي لتحقيق المدينة الفاضلة التي يدعو إليها، في حدود واقع ممكن التطبيق. واعتبر كونفوشيوس الفضيلتين الهامتين للإنسان في حياته هما (رن) و(لي). وقد ترجمت (رن) بـ "الإنسانية أو طيبة القلب"، أما (لي) فترجمت على أنها مجموعة من الأخلاق والطقوس والتقاليد واللباقة والحشمة.

            وعن رؤية الكونفوشيوسية للبعث والثواب والعقاب والقضاء والقدر والجنة والنار؛ فإن أتباعها لا يعتقدون في البعث بعد الموت إذ إن كل ما يهم – من منظورهم- هو إصلاح الحياة الدنيا ولا وجود لفكرة الجنة والنار في معتقدهم. ومن ثم فإن لديهم اعتقادًا في أن جزاء العمل يكون في الدنيا فقط إن خيراً فخير، وإن شرًّا فشر. ولكنهم يعتقدون في القضاء والقدر وأن الحاكم هو "ابن السماء" فإذا ما ظلم وجانب العدل فإن السماء تسلِّط عليه من رعيته من يخلعه ليحلَّ محلَّه شخص آخر عادل.
            ويبني أتباع الكونفوشيوسية معتقدهم على فكرة ما يسمى بـ (العناصر الخمسة)؛ وبحسب ما ورد في الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة فإنه وفقًا لمنهجهم فإن:

            1-تركيب الأشياء خمسة هي: معدن - خشب - ماء - نار - تراب

            2- الأضاحي والقرابين خمسة.

            3-الموسيقى لها خمسة مفاتيح، والألوان الأساسية خمسة.

            4-الجهات خمس: شرق وغرب وشمال وجنوب ووسط.

            5- درجات القرابة خمس: أبوَّة - أمومة - زوجية - بنوَّة - أخوَّة.

            ولعل أبرز ما يميز الكونفوشيوسية هو اهتمامها بالجانب الأخلاقي؛ فمن الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة التي تقول : " أحب لغيرك ما تحبه لنفسك ".
            وتظهر الأخلاق كذلك في هذه الفلسفة من خلال صور متعددة منها ضرورة طاعة الوالد وطاعة الحاكم وإخلاص الصديق لأصدقائه والبعد عن المحاباة وكذلك ضرورة احترام الحاكم للأفراد الجديرين بالاحترام وحسن معاملة موظفيه والاهتمام بالصالح العام وما إلى ذلك من المهام.

            سمات كونفوشيوسية

            يعترف المجتمع الكونفوشيوسي بالفوارق بين الطبقات، ويظهر هذا بوضوح أثناء تأدية الطقوس الدينية، وفي الأعياد الرسمية، وعند تقديم القرابين؛ إلا أن النظام الطبقي لديهم نظامًا مفتوحًا ويمكن لأي فرد أن ينتقل من طبقته الاجتماعية إلى طبقة أخرى إذا كانت تتوافر لديه إمكانات تؤهله لذلك.
            تلعب الموسيقى عند الكونفوشيوسية دوراً هامًّا في حياة الناس الاجتماعية، إذ يعتقدون أنها تنظم سلوك الأفراد وتؤدِّي إلى الانسجام والألفة.

            مراحل تطورالكونفوشيوسية حتى القرن العشرين

            مرت
            الكونفوشيوسية بمراحل عدة تراوحت فيها ما بين قمة المجد والصعود وقمة السقوط والأفول. وبحسب الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة فقد
            أقيم في سنة (422) م معبد لكونفوشيوس في منطقة تشوفو التي يوجد بها قبره، وفي سنة (505) م, أقيم معبد آخر في العاصمة وأصبحت كتبه تدرَّس في المدارس على أنها كتب مقدسة. بل إن أحد أباطرة الصين أمر في سنة (630) م ببناء معابد مزوَّدة بتماثيل لكونفوشيوس في جميع أنحاء الإمبراطورية، كما أمر بإنشاء كليات لتعليم آراء كونفوشيوس، الذي أصبح رمزاً للوحدتين السياسية والدينية.
            وفي سنة (735) م, تم منح كونفوشيوس لقب ملك ثم أعقب ذلك منحه لقب القديس الأعظم سنة (1013) م. وفي سنة (1330) م, منح الأفراد المنحدرون من سلالته رتبة الشرف وصاروا يُعدُّون من طبقة النبلاء.في سنة (1530) م، بُدِّلت التماثيل الموجودة في المعابد بصور ولوحات حتى لا تختلط الكونفوشيوسية بالوثنية. ثم بدأ نجم الكونفوشيوسية بالأفول حيث أُلغي الامتحان الديني الذي كان يعتبر ضروريًّا للتعيين في الوظائف في سنة (1905) م.

            وفي سنة (1910) م, ظهر مذنب هالي في الأجواء الصينية فاعتبر ذلك استياء من الآلهة على أسرة مانتشو التي بلغ الفساد في عهدها قمته، مما أدى إلى ثورة شعبية انتهت بتنازل الإمبراطور عن العرش سنة (1912) م، وتحولت الصين إلى النظام الجمهوري مما أدى إلى اختفاء الكونفوشيوسية من الحياة الدينية والسياسية، لكنها بقيت ماثلة في الأخلاق والتقاليد الصينية.

            إلا أن تلك الأحداث لم تضع النهاية للكونفوشيوسية، فقد قويت الهمم بالعودة إلى تعاليم الكونفوشيوسية عندما استولَّى اليابانيون على إقليم منشوريا؛ وعاد الناس في عام ( 1930- 1934) م, إلى تقديم القرابين مرة ثانية، كما أعيد تدريس الكونفوشيوسية في كل مكان؛ لاعتقادهم بأن نكبتهم ترجع إلى إهمالهم تعاليم المعلم الأكبر كونفوشيوس، وسادت حركة إحياء جديدة بزعامة "تشانج كاي شيك" وقد استمرت هذه الحركة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. وفي عام (1949) م, سيطرت الشيوعية على الصين، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت الخلافات بين الصين والاتحاد السوفييتي بالظهور، وبعد موت الزعيم الصيني الشيوعي "ماو تسي تونج" بدأ التراجع عن الشيوعية في الصين.
            تجدر الإشارة إلى أنه نظراً للمكانة التي مثلها كونفوشيوس في المجتمع الصيني تم إدراج معبده وغابته وقصره في قائمة التراث العالمي التي حددتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.

            طقوس وشعائر في الكونفوشيوسية

            بالرغم من مجموعة العقائد والمباديء التي قامت عليها الكونفوشيوسية، فإنها لم تحدد أية شعائر أو طقوس أو ممارسات خاصة بأتباع المذهب الكونفوشيوسي. إلا أنها تكتظ بممارسات أديان صينية أخرى كالطاوية أو البوذية. (الموقع الالكتروني ReligionFacts)

            أهم كتب الكونفوشيوسية

            هناك مجموعتين من الكتب الهامة تمثلان معًا المذهب الكونفوشيوسي وهما: مجموعة الكتب الخمسة ومجموعة الكتب الأربعة؛ إلا أن أهم تلك الكتب وأكثر نصوصها قداسة في التقاليد الكونفوشيوسية هو كتاب المنتجات أو Analects.
            والكتب الخمسة هي تلك التي قام كونفوشيوس بنفسه بنقلها عن كتب الأجيال التي سبقته وهي:
            1- كتاب الأغاني أو الشعر
            2- كتاب التاريخ
            3-كتاب التغييرات
            4- كتاب الربيع والخريف
            5- كتاب الطقوس: وبه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة تشو تلك الأسرة التي لعبت دوراً هامًّا في التاريخ الصيني البعيد.

            أما الكتب الأربعة هي تلك التي ألَّفها كونفوشيوس وأتباعه مدوِّنين فيها أقوال أستاذهم مع بعض التفسير أو الشرح أو التعليق، أي أنها تمثل فلسفة كونفوشيوس في ذاتها وهي:
            1- كتاب الأخلاق والسياسة
            2- كتاب الانسجام المركزيCentral Harmony
            3- كتاب المنتجات Analects ويطلق عليه اسم إنجيل كونفوشيوس.
            4- كتاب منسيوس

            أماكن انتشار الكونفوشيوسية

            استمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً - أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد- وانتشرت هذه المدرسة من الصين إلى كوريا، ثم إلى اليابان وفيتنام، وأصبحت ركيزة راسخة في ثقافة الصين وشعوب شرق وجنوب شرق آسيا حتى اليوم. ولا تزال الكونفوشيوسية ماثلة في النظم الاجتماعية في (الصين الوطنية) حتى وقتنا الحاضر.

            الكونفوشيوسية في الميزان

            بالرغم من التقدير الذي حظيت به الكونفوشيوسية في مناطق متفرقة من العالم الشرقي والغربي وترجمة كتبها إلى معظم اللغات الأوروبية، فإنها ليست إلا نوع من الفلسفة الأخلاقية الإصلاحية التي تدعو إلى الخلق الحميد والسلوك القويم ولكنها لا يمكن بحال اعتبارها دينًا سماويًا. كما يشوب الكونفوشيوسية العديد من النواقص والمآخذ كما سبق وأوضحنا؛ ومن ثم فهي ليست عقيدة قويمة أو مذهب قوي بل فلسفة أخلاقية فحسب لا يمكن مقارنتها بالأديان السماوية. وقد قال سبحانه وتعالى في سورة (آل عمران- 85) : " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".



            التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-29, 04:54 PM.

            تعليق


            • #7
              ديانات ارضية (وضعية)
              (6)



              الطاوية

              الطاوية إحدى أكبر الديانات الصينية القديمة التي ما تزال حية إلى اليوم إذ ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، تقوم في جوهر فكرتها على العودة إلى الحياة الطبيعية والوقوف موقفاً سلبياً من الحضارة والمدنية. كان لها دور هام في تطوير علم الكيمياء منذ آلاف السنين وذلك من خلال مسيرتها في البحث في إكسير الحياة ومعرفة سر الخلود.

              التأسيس وأبرز الشخصيات:

              يعتقد بأن لوتس Laotse الذي كان ميلاده عام 507 ق.م هو صاحب مذهب الطاوية التي تُرجع بعض معتقداتها إلى زمن سحيق. وقد وضع كتابه طاو – تي – تشينغ Tao – te – ching أي كتاب طريق القوة. وقد التقى به كونفوشيوس فأخذ عنه أشياء وخالفه في أشياء أخرى.
              بقيت الطاوية خلال أكثر من ألفي سنة تؤثر في الفكر الصيني وفي التغيرات التاريخية الصينية.
              ظهر شوانغ تسو الذي يرجع إلى القرن الرابع والثالث قبل الميلاد زاعماً بأن لوتس كان أحد المعلمين السماويين، كما قام بشرح كتاب معلمه لوتس مضيفاً إليه شيئاً من فلسفته.
              لقد نمت الطاوية المنظمة في منطقة جبال شي شوان قبل غيرها.
              في عام 142م زعم شانغ طاولينغ أنه قد جاءه الوحي من الرب تعالى بأن يتحمل تبعات إصلاح الدين الطاوي، وأنه قد ارتقى وسمي المعلم السماوي. وقاد ذلك التنظيم الذي صار تبعاً لسلالته الذين عرفوا بالمعلمين السماويين.
              في القرن الثاني الميلادي انتشرت الطاوية الشعبية بفضل حركة السلم الكبير Tai-ping وقد كان للمعلمين السماويين دور كبير في نشرها.
              في عام 220م زالت أسرة هان مما أدى إلى انقسام الصينيين إلى ثلاثة أقسام الأمر الذي ترك أثره على الاختلافات الدينية الإقليمية فيما بينهم.
              عقب سقوط أسرة هان، وفي القرنين الثالث والرابع الميلاديين ظهرت الطاوية الجديدة.
              في عام 406- 477م ظهر المصلح لوهيوشنغ الذي يرجع إليه مفهوم القانون الكنسي لجميع الكتب المقدسة الطاوية.
              مؤسسو أسرتي تانغ 618 – 907م ومينغ 1368 – 1644م قد استخدموا التنبؤات الطاوية والسحر لكسب التأييد الشعبي.
              تدَّعي عائلة شانغ الحالية للمعلمين السماويين بأنها من سلالة شانغ طاو لينغ المعلم السماوي الأول الذي ظهر أيام أسرة هان.


              الأفكار والمعتقدات:

              - كتاب لوتس المسمى طاو – تي تشينغ لم يكن ليكتب لولا رجاء حارس الممر ين شي الذي طلب من المعلم الشيخ أن يدون أفكاره. وهذا الكتاب مجموعة قطع أدبية تحيط بطبيعة طاو كما تشمل قواعد عامة وأمثلة للحاكم الذي يمتلك زمام أمر الطاو، وهو كتاب غامض في كثير من عباراته إذ أن ذلك الغموض مقصود لذاته.
              - شوانغ تسو: بحث في النظرة الطاوية الفلسفية، كما أجرى مقابلة بين السماء والبشر، وبين الطبيعة والمجتمع، طالباً من الطاويين طرح كل الحيل المصطنعة، وفيه قصص عن بشر كاملين يستطيعون الطيران هم الخالدون الذين لا يتأثرون بالعناصر الطبيعية ولا يمسهم حر ولا قر، أصحاب أرواح تمتاز بحرية في تصرفها.
              - كتاب هوانغ – تي – ني – تشينغ وهو من القرن الثالث قبل الميلاد، فيه تجارب على بعض المعادن والنباتات والمواد الحيوانية وذلك انطلاقاً من اهتمامهم بالمحافظة على الصحة وإطالة الحياة.
              - كتاب باو – بو – تسو الذي انتهوا من تأليفه عام 317م يبحث في علوم الكيمياء القديمة وفيه محاولات لتحويل المعادن إلى ذهب وإطالة الحياة بواسطة بعض الأكاسير.
              - لهم أدب فلسفي وديني سري، قسم منه يعود إلى القرن الرابع والقرن الثاني قبل الميلاد ويركز على إقناع الحكام، وقسم يبدأ منذ نهاية القرن الثاني الميلادي وهو يمثل حركات دينية منظمة وينتقل من الشيخ إلى تلاميذه من أداء القسم للمحافظة على سريته.

              • فكرتهم عن الإله :

              - الإله – لديهم – ليس بصوت، ولا صورة، أبدي لا يفنى، وجوده سابق وجود غيره وهو أصل الموجودات، وروحه تجري فيها.
              - إن طاو هو المطلق الكائن، وهو مراد الكون، إنه ليس منفصلاً عن الكون بل هو داخل فيه دخولاً جوهريًّا، انبثقت عنه جميع الموجودات.
              - إنهم يؤمنون بوحدة الوجود إذ إن الخالق والمخلوق شيء واحد لا تنفصل أجزاؤه وإلا لاقى الفناء.
              - إن نظرتهم إلى الإله قريبة جدّاً من مذهب الحلولية الذي يذهب إلى أن الخالق حالٌّ في كل الموجودات، كما أن الخالق لا يستطيع أن يتصرف أو يعمل إلا بحلوله في الأشياء.
              - يؤمنون بالقانون السماوي الأعظم الذي هو أصل الحياة والنشاط والحركة لجميع الموجودات في السماء والأرض.
              - يرى شونغ تسي بأن الإنسان قد جاء إلى الوجود مع الكون، فهو يحب الله ولكنه يحب المصدر الذي جاء منه الله أكثر من حبه الله، فهو تصور يدل على أنهم يعتقدون بأن هناك مبدأ قبل الله – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-


              • الاحتفالات الدينية والطقوس الطاوية:

              - هناك طقس شيو Chioo وهو أقدم الطقوس إذ هو تجديد لعلاقة الجماعة بالآلهة، ولا يزال هذا الطقس موجوداً في تايوان إلى اليوم.
              - هناك طقوس لتنصيب الكهنة ، وأخرى عند ميلاد الآلهة.
              - بعض الكهنة يمارسون طقوساً معينة في مناسبات الدفن والزواج والولادة.
              - من طقوسهم معالجة المريض وذلك بإدخاله إلى غرفة هادئة يقضي فيها بعض الوقت متأملاً منشغلاً بذنوبه، كما يقوم بعضهم باستعمال الوسطاء الذين يسترخون في سبات ويزعمون أنهم يقومون بنقل آراء الآلهة أو الأموات أو الأقارب.
              - حرق البخور موضوع أساسي لكل عبادة طاوية فضلاً عن استعمال الخناجر والماء المسحور والموسيقى، والأقنعة والكتب المقدسة.
              - إنهم متصوفة، إذ إنه يجب على الطاوي أن ينظف نفسه من جميع المشاغل والشوائب ليوجد في داخله فراغاً هو في الحقيقة الامتلاء نفسه، وذلك بالوصول إلى الحقائق المجردة، ويتم ذلك عن طريق التجرد من الماديات ليصبح الإنسان روحاً خالصاً.
              - أعلى مراتب التصوف هي مرحلة الوحدة التامة بين الفرد والقانون الأعظم وذلك بحصول اندماج بين المتصوف والذات العليا لتصيرا شخصية واحدة.
              - إذا ارتقى الإنسان إلى المعرفة الحقة عندها يستطيع أن يصل إلى الحالة الأثيرية حيث لا موت ولا حياة.
              - إن الطاوية تتجه اتجاهاً سلبياً – على عكس الكونفوشيوسية – ذلك لأن الفضيلة لديهم تكمن في عدم العمل والاقتصاد على التأمل داعين إلى الحياة على الجبال المقدسة وقرب الجزر النائية.


              داخل معبد في مدينة سيبو في الفلبين


              - إنهم يهاجمون الشرائع والقوانين والعلم وما إلى ذلك من مظاهر المدنية التي عملت على إفساد فطرة الإنسان الذي ولد خَيِّراً. إن مثلهم الأعلى في ذلك هو في العودة إلى النظام الطبيعي المتميز بنقاء الفطرة وسلامتها.
              - اهتم الطاويون بطول العمر، ويعتبر التقدم في السن دليلاً على القداسة حتى صار من أهداف التصوف الطاوي السعي لإطالة العمر والخلود، وقد ذهب بعضهم إلى ادعاء إمكانية إطالة العمر مئات السنين. وأفضل الخالدين – في نظرهم – هم الذين يصعدون إلى السماء في وضح النهار، هذا الخلود الذي من الممكن أن يتم بواسطة تدريبات ورياضات خاصة جسدية وروحية كما يزعمون.
              - هذا الاهتمام في البحث عن إكسير الحياة كان عاملاً مهمًّا في تقدم الطب والكيمياء على أيديهم فضلاً عن السحر والشعوذة والدجل مما أدى إلى ثراء الكهنة ثراءً فاحشاً.
              - إنهم يؤكدون حرصهم على التعاليم الأخلاقية وعلى ضرورة المشاركة في الاحتفالات الجماعية الموسمية.
              - ليس لديهم بعث ولا حساب، إنما يكافأ المحسن بالصحة وبطول العمر بينما يجازى المسيىء بالمرض وبالموت المبكر.

              الجذور الفكرية والعقائدية:

              المفاهيم الطاوية ترجع إلى زمن سحيق لكنها تبلورت على يد مؤسسها لوتس.
              هناك عوامل تأثر وتأثير بين الطاوية والكنفوشيوسية والبوذية بسبب توطن هذه الديانات(*) في منطقة واحدة متجاورة، حيث يمكن ملاحظة فكرة التصوف التي يعبر عنها بأساليب مختلفة ولكن في مضمون واحد.
              الطاوية أقرب إلى الكنفوشيوسية منها إلى البوذية.
              أخذ الطاويون عن البوذيين بناء الأديرة وتقرير الرهبنة(*) والعزوبية.
              يذكر دوان في كتابه خرافات التوراة وما يماثلها في الديانات الأخرى (ص172)، بأن في الطاوية تثليث(*)، فطاو هو العقل الأزلي الأول، انبثق من واحد، ومن هذا انبثق ثالث كان مصدر كل شيء.

              الانتشار ومواقع النفوذ:

              في عام 1958م أُعلن أن ثلاثين ألفاً من الكهنة الطاويين لا يزالون ناشطين في مختلف أنحاء الصين. ومعلوم أن الثقافة الصينية التقليدية ما تزال الطاوية حية فيها.

              في عام 1949م هرب أخر المعلمين السماويين شانغ اين بو إلى تايوان، وفي عام 1960م انبعثت هذه الديانة من جديد وظهرت المعابد الطاوية الضخمة كمعبد شهنان قرب تايبيه والذي يضم تمثال لو يونغ ين الذي تقمصته روح إله الطاو كما يزعمون، وفي عام 1970 مات هذا المعلم السماوي ليخلفه ابنه شانغ يوان هسين.
              توجد فئات طاوية في بعض نواحي ماليزيا وبينيانغ وسنغافورة وبانكوك.
              تعتبر اليابان من أوسع البلاد علماً بالطاوية في أيامنا الحالية.
              أما تايوان فهي أهم ملجأ للطاوية في القرن العشرين بسبب الهجرة الطاوية إليها في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
              أن الطاوية ديانة صينية مؤسسها الفيلسوف لوتس الذي رأى أن الخير في الزهادة والاعتزال والعفو والتسامح مع الناس وعدم مقابلة السيئة بالسيئة. ولم يثبت أنها ديانة سماوية.




              المراجع :
              - الملل والنحل للشهرستاني
              التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-03, 06:13 PM.

              تعليق


              • #8
                ديانات ارضية (وضعية)
                (7)



                الزرادشتية


                مؤسس الديانة الزرادشتية



                تُعَدُّ الزرادشتيَّة (المجوسيَّة من أديان الفرس القديمة؛ حيث يَعتقد الزرادشتيون بوجود إلهٍ للخير يسمُّونه "أهورامزدا" ربّ الخير، ويقولون: إنه إله النور. وفي عقيدتهم أيضًا يوجد مصدر للشرِّ يسمُّونه "آهرمان"، ومعناه الخبيث أو القوى الخبيثة، وهو إله الظلمة.
                تُنسب الزرادشتية إلى زرادشت المولود قبل ميلاد عيسى بحوالي 660 سنة بأذربيجان بفارس، ويُروى عن مولده وعن الفترة السابقة عليها قصصٌ وأساطير كثيرة، يُشبه بعضُها ما يقوله المسيحيون عن المسيح من أنَّ روح القدس قد حلَّت فيه، وأنه أحد الأقانيم المكوِّنة للإله -تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا-. واهتمَّ والد زرادشت بابنه، ورأى أنْ يُعَلِّمه أفضل تعليم في البلاد؛ لذا أرسله في سنِّ السابعة إلى الحكيم الشهير "بوزين كوروس"، وظلَّ الابن معه ثمانية أعوام، درس فيها عقيدة قومه، ودرس الزراعة وتربية الماشية وعلاج المرضى، ثم عاد إلى موطنه بعد هذه الأعوام الطِّوَال.

                ولم يَكَدْ يستقرُّ بين أبوَيْه حتى غزا الطورانيون إيران، فتطوَّع زرادشت للذهاب إلى ميدان القتال لا ليحارِب وإنما ليعالج الجرحى والمصابين، ولما وضعت الحرب أوزارها انتشرت المجاعة في البلاد، وانتشر معها المرض، فتطوَّع زرادشت ثانية؛ ليضع خبرته وجهده في علاج المرضى، وانقضت خمس سنوات أخرى من عمره في هذا الأمر.

                رأى زرادشت أنَّ تاريخ العالم يتمثَّل في الصراع بين الخير الذي يمثِّله الإله "أهورامزدا"، والشرِّ الذي يمثِّله الإله "آهرمان"، و"أهورامزدا" لا يمكن أن يكون مسئولاً عن الشرِّ؛ لأنَّ الشرَّ جوهرٌ مثله مثلُ الخيرِ، وأنَّ هاتين القوَّتين وجهان للموجود الأوَّل الواحد؛ لذلك لا بُدَّ أن يكون بعد الموت حياة أخرى، بعدما ينتصر الإله الأوحد على الشرِّ، عندئذٍ يُبعث الموتى، ويحيا الناس مرَّة أخرى، وتنطلق الأرواح الخيِّرة إلى الجنة، أمَّا رُوح الشرِّ وأتباعها من الخبثاء فيحترقون في المعدن الملتهب، عندها يبدأ العالم السعيد الخيرَ الذي لا شرَّ فيه ويدوم سرمديًّا.
                وظلَّ زرادشت على جبل سابلان يستوضح أفكاره، التي تخرج في بطء شديد كأنها ولادة متعثِّرة، وتزعم الأساطير أنه وهو واقف على الجبل رأى نورًا يسطع فوقه، وإذا به "فاهومانا" كبير الملائكة، ينبِّئه بأمر النبوَّة، وقد كان أوَّل مَنْ آمن به واتبعه ابن عمِّه "متيوه"، ثم تَبِعَه مَلِكُ فارس آنذاك وأهلُ بيته، ثم سائر الرعيَّة.
                وللديانة الزرادشتيَّة كتاب مقدَّس عند أتباعها اسمه "الأبستاق" أو "الأوستا" يحتوي على معتقداتهم وتشريعاتهم، وقد ضاع هذا الكتاب بعد غزو الإسكندر المقدوني لفارس سنة 330 ق.م، وفُقِدَتْ معه كلُّ تفاسيره.

                وانتشرت الديانة المجوسية في إيران بعد ثمانية قرون من موت زرادشت، وبعد أن انحسرت إلى حدٍّ ما ديانة "الماجي" المجوسيَّة التي اقتصرت حينها على الملوك والكهنة، وقد بشَّر زرداشت بالقوَّة الشافية للعمل البنَّاء، وقدَّم مذهبًا أخلاقيًّا يتألَّف القسطاس فيه من العدل والصدق والأعمال الجيدة، والنار والشمس هما رمزا أهورامزدا؛ ولذلك ترتبط هذه الديانة بما يشبه عبادة النار.


                اختلاف العلماء حول الزرادشتية

                وقد أوضح الشهرستانيحقيقة هذه الديانة قائلاً: "وبعد أن بلغ زرادشت ثلاثين عامًا، بعثه الله تعالى نبيًّا ورسولاً إلى الخلق، فدعا كشتاسب الملك، فأجابه إلى دينه، وكان دينه: عبادة الله، والكفر بالشيطان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الخبائث، ثم قال بالنور والظلمة، وهما أصلان متضادَّان، فيزدان (النور) وأهرمن (الظلمة) هما -في زعمه- مبدأ موجودات العالم، وحصلت التراكيب من امتزاجهما، والبارئ تعالى خالق النور والظلمة ومبدعهما، وهو واحد لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ندَّ، ولا يجوز أن يُنسب إليه وجود الظلمة، لكن الخير والشرّ والصلاح والفساد والطهارة والخبث إنما حدثت بامتزاج النور والظلمة والخير والشرِّ، ثم يتخلَّص الخير إلى عالمه، والشرُّ ينحطُّ إلى عالمه، وذلك هو سبب الخلاص، والبارئ تعالى هو الذي مزجهما وخلطهما لحكمة رآها في التراكيب، وربما جعل النور أصلاً، وقال: وجوده وجود حقيقي، وأمَّا الظلمة فتبع كالظلِّ بالنسبة إلى الشخص، فإنه يرى أنه موجود، وليس بموجود حقيقة، فأبدع النور وحصل الظلام تبعًا".



                وقد أبطل زرادشت جميع معتقدات المجوس القدماء، فقال بعدم وجود قوى رُوحية كثيرة للخير، ولا عفاريت كثيرة للشرِّ، إنما هو إله واحد اسمه (أهورامزدا) الذي ليس كمثله شيء، وهو الواحد الأحد، القدُّوس الصمد، وهو الحقُّ والنور، وهو الحكيم القادر الخالق الذي لا يشاركه في ملكه وربوبيته شيء، وإن القوى الرُوحية التي زعموها خالقة للخير ليست بخالقة، بل هي نفسها من خلق (أهورامزدا)، ثم إن العناصر الأساسيَّة للدين الزرادشتي، الاعتقاد بالحياة الأخروية، فقد قال زرادشت: لا تنتهي حياة الإنسان بموته في هذا العالم المادي، بل له حياة أخرى بعد هذه الحياة الدنيا، فالذين عملوا الصالحات في حياتهم الدنيا يدخلون عالم السعادة، والذين دنَّسوا نفوسهم بالشرور يدخلون عالم الشقاء. وكذا الاعتقاد ببقاء الرُّوح من معتقدات الدين الزرادشتي الأساسيَّة، فهو يقول بفناء الجسم، أما الرُوح فيبقي ويلاقي جزاءه.

                ومن معتقدات أتباعه أنه يوجد صراع بين إله النور وإله الظلمة؛ لذلك أُطلقت عليهم تسمية ثَنَويَّة، والمؤمنون عندهم واجبهم أن ينصروا إله النور؛ لذلك تشكِّل النار عاملاً رئيسيًّا في عباداتهم، وبيوت النار هي مراكز العبادة والتقديس؛ لذلك توضع النار في موقد حجري مستقرٍّ على أربع قوائم ويوقدها الكاهن نهارًا وليلاً وهم يُلقون فيها كمِّيَّات من البخور، ويضع الكاهن كِمامة على فمه لئلاَّ يُدَنِّسَ النار.
                ويعتقد الزرادشتيون أن الطوفان الذي حدت زمن نوح لم يُصبهم، وهم يؤمنون بالله وبنبوَّة زرادشت وبالمعاد الأخروي؛ لذلك فإن العالم عندهم له نهاية محتومة، وحينها سينتصر أهورامزدا وسيهلك أهرمان وكل قوى الشرِّ، وبعدها سيظهر أشيزريكا على أهل العالم، ويحيي العدل ويميت الجور... ويحصل في زمانه الأمن والدعة وسكون الفتن وزوال المحن.

                الزرادشتية عقيدة ضالة



                لابن الجوزي رأي آخر -ينقله عن الجاحظ- يُخالف فيه الشهرستاني وهو أن زرادشت قد جاء من الأساس بعقيدة ضالَّة، على عكس ما يعتقده البعض من أن أتباعه هم الذين حرَّفوا وغيَّروا، فقال: "وجاء زرادشت من بلخ وهو صاحب المجوس، فادَّعى أن الوحي ينزل إليه على جبل سيلان، فدعا أهل تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون إلاَّ البرد، وجعل الوعيد بتضاعف البرد، وأقرَّ بأنه لم يُبعث إلاَّ إلى الجبال فقط، وشرع لأصحابه التوضُّوء بالأبوال، وغشيان الأمهات، وتعظيم النيران مع أمور سمجة.





                ومن قول زرادشت: كان الله وحده، فلمَّا طالت وحدته فكَّر فتولَّد من فكرته إبليس، فلما مَثُلَ بين يديه وأراد قتله امتنع منه، فلما رأى امتناعه ودعه إلى مدَّة. وقد بنى عابدو النار لها بيوتًا كثيرة؛ فأوَّل من رسم لها بيتًا أفريدون، فاتخذ لها بيتًا بطَرْطُوس وآخر ببخارى، واتخذ لها بهمن بيتًا بسجستان، واتخذ لها أبو قباذ بيتًا بناحية بخارى، وبُنيت بعد ذلك بيوتٌ كثيرة لها، وكان زرادشت قد وضع نارًا زعم أنها جاءت من السماء فأكلت قربانهم؛ وذلك أنه بنى بيتًا، وجعل في وسطه مرآة، ولفَّ القربان في حطب، وطرح عليه الكبريت، فلمَّا استوت الشمس في كبد السماء قابلت كوَّة قد جعلها في ذلك البيت، فدخل شعاع الشمس، فوقع على المرآة، فانعكس على الحطب، فوقعت فيه النار، فقال: لا تُطفئوا هذه النار".

                وأتى "زرادشت" بمعجزات إلى الملك "كيستاسف"، منها: أنه مرَّ على أعمى فأمرهم أن يأخذوا حشيشة -سمَّاها- ويعصرها في عينيه فأبصر. والزرادشتيون يُعَظِّمون النيروز، وهو أول يوم من سَنَتِهِم وعيدهم الأكبر، وأوَّل من رتَّبه "جمشيد" أخو "طهمورث"، ويُعَظِّمون أيضًا المهرجان، وهو عيد مشهور من أعيادهم.
                ورغم ما قاله ابن الجوزي عن زرادشت، بأنه جاء بعقيدة سيِّئة من أساسها، وأنه لم يكن نبي مرسل من قِبَلِ الله تعالى لقومه، إلاَّ أن الدكتور مصطفى حلمي يقف موقفًا وسطًا بين الرأيين، موضِّحًا وجهة نظره بقوله: "إن الزرادشتية دعت إلى التوحيد الخالص لله تعالى في بدايتها، فآمن بها الناس في بلاد فارس، واتخذها الملوك ديانة رسميَّة لهم، لكنها سرعان ما طرأت عليها تغييرات بسبب دخول الرمز على الذات الإلهية في الزرادشتيَّة، حتى تقوى الجماهير على إدراكها -حسب اعتقادهم- باعتبارها ذاتًا رُوحانيَّة خالصة مجرَّدة من شوائب المادَّة، فأُشِيرَ إليها برمزين أحدهما سماوي وهو الشمس، والآخر أرضي وهو النار، فكلاهما عنصر متلألئ مضيء طاهر مطهَّر لا يتطرَّق إليه الخبث ولا الفساد، وتتوقَّف عليه الكائنات، وهذه الصفات تشبه طائفة من صفات الخالق نفسه، وترمز إليه، فانتهت الزرادشتيَّة إلى تقديس النار في ذاتها وعبادتها بعد أن كانت رمزًا للإله.

                وهذا التغيير ربما استُحدث بفعل الأتباع والمريدين، لا سيَّما المتأخِّرين منهم عن عصر زرادشت، فهؤلاء المتأخِّرون عادةً ما يُحدثون تحوُّلات ملحوظة، منها ما يتناول الفروع، ومنها ما يتناول الأصول الجوهريَّة، ويقطع الصلة بما قاله واعتقده الأوائل، فلا يبقي إلاَّ الاسم والنسبة، والدليل على تحوُّل الزرادشتيَّة، أن الاعتقاد في النار أخذ يتدرَّج خطوة خطوة، فبعد تعظيمها في أوَّل الأمر بالاتجاه إليها وإلى الشمس ساعة الصلاة -لأن النور رمز الإله في زعمهم- انحرفت بهم طائفة رجال الدين إلى اتخاذها بذاتها قِبْلَة في العبادات، ثم جاءت الخطوة الأخيرة فعبدوا النار، وصاروا يبنون لها الهياكل والمعابد، بحجة أنه جوهر شريف علوي، وإنها لم تحرق الخليل إبراهيم ، ويظنُّون أن تعظيمها سيُنجيهم من عذابها".



                تطور الزرادشتية


                مع التطوُّر الذي حدث في الأوستا (كتاب الزرادشتية المقدَّس)، والذي أدَّى في نهاية الأمر إلى دخول عناصر الطبيعة، والذي استمرَّ على أنه خاصِّيَّة أصيلة في الدين الزرادشتي، عَمِل الزرادشتيون على المحافظة على الماء والنار من النجاسة؛ فالفرس يُقَدِّسون الماء قبل كل شيء إلى حدِّ أنهم لا يغسلون به وجوههم ولا يلمسونه، إلاَّ أن يكون للشرب أو لريِّ الزرع.




                ومع هذا فإن مكانة النار عند الزرادشتيين باتت عظيمة سامقة؛ بسبب ما لحق بنصِّها المقدَّس من تحريف وتبديل بإدخال الرمز وعناصر الطبيعة وخاصَّة النار، والتي صارت -عند المتأخرين منهم- تُعبد لذاتها؛ لذا ميَّز الأوستا بين خمسة أنواع من النار: أوَّلها نار المعابد، وهي النار التي ينتفع بها الناس عادة، ثم النار التي تُوجد في جسد الإنسان والحيوان، ويسمُّونها (وهوفريانه)، ثم نار النباتات ويسمُّونها (أوروازسته)، ثم النار الكامنة في السحاب، ويسمُّونها (زيستا)، ثم النار التي تشتعل أمام (أهورامزدا) في الجنة


                وحينما نستعرض تاريخ الزرادشتيَّة نجد أنها في عهد الساسانيين، استطاعت أن تجد لنفسها سبيلاً في هذه الدولة الفارسيَّة القديمة؛ فقد استمرَّت الصلات الوثيقة بين الدولة والدين الزرادشتي طَوَال العهد السَّاساني، وكان ممن وثَّق هذه الصلة أردشير الأول؛ حيث أمر بجمع النصوص المبعثرة من الأوستا ثم كتابتها في نصٍّ واحد، فأُوجيز هذا النصُّ واعتُبر كتابًا مقدَّسًا، وجاء من بعد أردشير الأول سابورُ الأول ابن أردشير، الذي أدخل في هذه المجموعة من الكتب المقدسة النصوصَ التي لا تتعلَّق بالدين، والتي تبحث في الطبِّ والنجوم وما وراء الطبيعة، والتي كانت منتشرة في اليونان وبلاد الهند المجاورة، وأمر سابور بوضع نسخة من الأوستا الجديدة، في بيت نار آذر كَشنسب في (شيز).




                لكنَّ الخلافات الدينيَّة ظلَّت مستمرَّة، فأمر سابور الثاني بعقد مجمعٍ مقدَّس، حدَّد نهائيًّا نصِّ الأوستا، وقسَّمها إلى واحد وعشرين كتابًا (نسك) على عدد كلمات الصلاة المقدَّسة، وقد اختفت الأوستا الساسانيَّة أثناء العصر الإسلامي، ولم يكن اختفاؤها راجعًا إلى تعصُّب ديني من المسلمين، ويمكن إرجاع ذلك إلى الظروف المادِّيَّة الصعبة التي كان يُعاني منها الكثير من المجوس في ذلك الوقت، فكان من الصعب عليهم أن يستمرُّوا في استنساخ هذه المجموعة الكبيرة من النصوص المقدسة.

                لكن الزرادشتية -رغم انتشارها في بلاد الفرس قبل الإسلام- لم تكن متاحة للعامَّة، بل نتج عنها مجموعة من الأمراض الاجتماعيَّة، قال عنها العامري: إنهم ابتلوا -في أثناء عظمتهم المدنية وقت حكم الأكاسرة - بمحنتين عظيمتين لا يدانيهما شيء من المحن الدنيوية:

                أولاً: احتكار الموابذة -وهم أعلى طبقة من رجال الدين الزرادشتي- لتفسير الدين، ومنع العامَّة من النظر والاستدلال، ومعاملتهم لهم بالقهر؛ وذلك لحرصهم على الإبقاء على نفوذهم، وحتى لا يكشف الناس -إذا نظروا وتحقَّقوا- زيف اعتقادات زرادشت، والتي منها كون العالم من قديمين (إلهين)، وحول جبلَّته من امتزاج الضدَّيْنِ، وأنواع هذيانه في العفاريت والشياطين، وخطؤه الفاحش في شكل الأرض وتخطيط الأفلاك.

                ثانيًا: التمييز الطبقي، فإن طبقاتهم بأسرها كانوا مضطهدين بسياسة الاستعباد، فنظام الزرادشتة الطبقي كان صارمًا؛ حيث آمن به الملوك، وجعلوه مطبَّقًا، فكانوا يُلزمون كلَّ طبقة -أدنى من طبقتهم- ما إليها من عمل أو صناعة أو حرفة، ولا يُرخِّصون لأحد في تجاوز رتبته، ويعاقبون مَنْ لم يكتفِ بطبقته.


                الزرادشتية في صدر الإسلام


                في صدر الدعوة الإسلاميَّة، كان الزرادشتيون (المجوس) المسيطرون على بلاد فارس قد دخلوا في حروب طاحنة مع الروم النصارى، ولما كان العرب قَوْمًا أُمِّيِّين مشركين، فإنهم فرحوا بما حقَّقه المجوس من نصر ظافر على الروم، لكنَّ المسلمين في مكة -في أوَّل أمر الدعوة- أحزنهم الأمر؛ حيث كان الروم أهل كتاب مثلهم، يؤمنون بوجود إله، فنزل قول الله في سورة الروم، مُزِيلاً الهمَّ عن المسلمين، ومبشِّرًا إيَّاهم بنصر الروم، وكانت هذه الآية القرآنيَّة الكريمة، إعجازًا أذهل العرب؛ فقد أنبأت بحادث غيبي سيقع بعد بضع سنين بانتصار الروم، فقال تعالى:

                {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5].


                وقد ذكر القرآن الكريم المجوس ( الزرادشتيين ) صراحة في قوله تعالى:

                {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17]،

                وعلَّق الإمام الطبري قائلاً: "إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام، والذين هادوا وهم اليهود، والصابئين، والنصارى، والمجوس الذين عظَّموا النيران وخدموها، وبين الذين آمنوا بالله ورسله - إلى الله". فهذه الآية القرآنية السابقة توضِّح موقف المسلم من كل عقيدة تبتعد عن منهج الله، وتعطي للمسلم اطمئنانًا وثقة في عدله تعالى.

                وحينما تهيَّأ الأمر لرسول الله في المدينة المنورة -فأصبح للإسلام دولة تدعو إلى عبادة الله وحده- بدأ في إرسال الرسائل للأمراء والملوك والعظماء يدعوهم بدعوة الإسلام، وذلك في نهاية العام السادس من الهجرة بعد صلح الحديبية، ومن جملة هذه الرسائل، ما أرسله إلى كسرى عظيم الفرس، وهي محاولة من رسول الله ليُخرج هؤلاء المجوس من ظلمات طاغوتهم ونيرانهم إلى نور الإله العظيم قائلاً:
                "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؛ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إلى النَّاسِ كَافَّةً، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا؛ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْمَجُوسِ". فمزَّق كتاب رسول الله ، فقال رسول الله: "مُزِّقَ مُلْكُهُ".

                وشاءت إرادة الله تعالى أن يخرج سلمان الفارسي -الذي كان يدين بالزرادشتيَّة- من قريته باحثًا عن الدين الحقِّ، فتدرَّج باعتناقه النصرانيَّة قبل اعتناق الإسلام، وأثناء بحثه عن الحقيقة، يُحاوره والده قائلاً: "... فقال (أي والد سلمان ): أي بني دينك ودين آبائك خير من دينهم. فقلت: "والله ما هو بخير من دينهم؛ هؤلاء قوم يعبدون الله، ويدعونه، ويُصَلُّون له، ونحن إنما نعبد نارًا نوقدها بأيدينا، إذا تركناها ماتت". فينتهي به المطاف إلى اعتناق الإسلام دين الله الخاتم على يد خير البشر محمد في المدينة.

                وعندما فتح المسلمون بلاد فارس بَقِيَ بعض المجوس على دينهم، فعاملهم المسلمون معاملة تُظهر ما تربَّوْا عليه من رُوح السماحة، وقد تجلَّت هذه الرُّوح في حُسْنِ المعاشرة، ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وقد حضَّ القرآنُ الكريم المسلمينَ على التحلِّي برُوح السماحة في آيات قرآنيَّة كثيرة، منها قوله تعالى:

                {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9].

                لذا تحرَّك المسلمون وسط المجوس وهم يحملون تعاليم الإسلام من رفق بالضعيف، وإطعام للجائع، وكساء للعاري، فلم يتعرَّض أحدٌ منهم لإيذاء أو امتهان؛ فكان ذلك سببًا من أسباب دخول كثير منهم في دين الإسلام راغبين.

                وجاءت سيرة النبي وصحابته مليئةً برُوح هذه السماحة التي عامل فيها المسلمون المجوس، فممَّا يُروى عن عامر بن الخطاب أنه لما أُصِيبَ من أبي لؤلؤة المجوسي، أوصى عمر بن الخطاب بأهل الذمَّة من بعده خيرًا، وأن يوفَّى بعهدهم، وأن يُقاتَل مِنْ ورائهم، وألا يُكلُّفوا فوق طاقتهم.



                وعندما تحرَّك صحابة رسول الله لتعريف هؤلاء المجوس بحقيقة الإسلام، وقف كسرى وأعوانه من جبابرة الفرس فحالوا دون إبلاغ الرسالة الإسلاميَّة لهؤلاء العامَّة، فكان ذلك سببًا في وقوع الغزوات الإسلاميَّة على بلاد فارس، بداية من خالد بن الوليد، وانتهاءً بانتصار المسلمين في موقعة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص ، وما لحقها من غزوات وفتوحات أخرى في عمق الدولة الفارسيَّة، وحينما استقرَّ الأمر للمسلمين بدأ الناس في هذه البلاد في التعرُّف على الإسلام، والدخول فيه أفواجًا، ولكن قلَّة من هؤلاء ظلوا يَدِينون بالمجوسيَّة.


                الزرادشتية في عهد الخلافة الأموية

                مع استمساك بعض هؤلاء الفرس بالزرادشتية في ظلِّ الإسلام الذي أصبح واقعًا في بلاد فارس، فإن مفهوم الزرادشتية -من الناحية الواقعية- وقت الإسلام بات يأخذ منحًى آخرًا أشدَّ خطرًا من كونها مجموعة ذمِّيَّة قابعة في مكان بعينه، تقيم شعائرها الدينيَّة المتعارف عليها؛ فالأمر بدأ يدخل في اتجاه التشيُّع، فأصبح مأوى لكلِّ من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يُريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية؛ فتستَّر بعضُ الفرس بالتَّشَيُّع وحاربوا الدولة الأموية، وما في نفوسهم إلاَّ الكره للمسلمين العرب ودولتهم، والسعي لاستقلالهم، فأرادوا كيد الإسلام بالمحاربة عن طريق الحيلة؛ لعجزهم عن مواجهته الصريحة، فرأَوْا أن كيده بالمحاربة عن طريق الحيلة أنجع، فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيُّع بإظهار محبَّة أهل البيت، واستبشاع ظُلْم عليٍّ، ثم سلكوا بهم مسالك شتَّى أخرجوهم عن طريق الهدى.


                الزرادشتية في عهد الخلافة العباسية

                أخذ الأمر بالتطوُّر حتى ظهر في العصر العباسي ما يُسمَّى بالشعوبيَّة، تلك الحركة التي استغلها الحاقدون على الإسلام لبثِّ معتقداتهم الفاسدة داخل بنيان الإسلام الشامخ.
                ثم تَعَدَّد المجوس الزرادشتية وتنوَّعت أغراضهم، فانقسموا إلى مجموعة من الفرق، بعضها جاهر بعدائه للبعض، خاصَّة في العصور المتأخِّرة، وقد أوضح الشهرستاني جملتهم في العصر الإسلامي العباسي، فقال: "ومن المجوس السيسانية، والبهافريدية، ورئيسهم رجل يُقال له: سيسان، من رستاق نيسابور، من ناحية يُقال لها: خَوَاف. خرج في أيام أبي مسلم صاحب الدولة، وكان زمزميًّا في الأصل يعبد النيران، ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزمة، ورَفْضِ عبادة النيران، ووضع كتابًا، وأمرهم فيه بإرسال الشعور، وحرَّم عليهم الأُمَّهات والبنات والأخوات، وحرَّم عليهم الخمر، وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة، وهم يتَّخذون الرباطات، ويتبادلون الأموال، ولا يأكلون الميتة، ولا يذبحون الحيوان حتى يهرم، وهم أعدى خلق الله للمجوس الزمازمة".



                ونجد في بعض كتب التاريخ ما يُنبئنا عن أخبار هؤلاء الزرادشتيين، المتفاوتين في الأقطار المختلفة أثناء الخلافة الإسلاميَّة العباسيَّة، خاصَّة مَن لمع نجمه منهم، وكان له أثر فيمن حوله؛ ففي أواخر القرن الثالث الهجري، أسلم سامان أمير بلخ، وكان زرادشتيًّا، وأسس مملكة إسلاميَّة هي الدولة السامانيَّة. وفي سنة (259هـ/873م) دخل جمع كبير من أهل الديلم الزرادشتيين في الإسلام على يد ناصر الحقِّ أبي محمد.




                وفي سنة (299هـ/ 912م ) دعا الحسن بن عليٍّ -من الأسرة العلويَّة التي كانت تحكم الشاطئ الجنوبي لبحر قزوين- أهلَ الديلم وطبرستان إلى الإسلام، فأجاب أكثرهم، وكان بعضهم وثنيين وبعضهم زرادشتيين. وفي سنة (394هـ/1003م) دخل الشاعر المشهور مهيار الديلمي في الإسلام على يد الشريف الرَّضِيّ، وكان من عبدة النار، وقبله في أوائل القرن الثاني للهجرة وأوائل القرن الثامن الميلادي خرج من الزرادشتية إلى الإسلام عبد الله بن المقفَّع، وغيرهم من كبار المجوس الذين تركوا مِلَّتهم القديمة الفاسدة إلى ضياء الإسلام.

                وظلَّ المسلمون يعاملون المجوس المعاملة الحسنة -ما داموا خاضعين لقوانين الدولة الإسلاميَّة، ومن أهمِّها مراعاة مشاعرهم- على مدار التاريخ كله، مطبِّقين فيهم مبدأ العدل الذي تربَّوْا عليه، والذي اتخذوه شعارًا ومنهاجًا بينهم وبين غيرهم من أهل الأديان الأخرى، فكان ذلك سببًا في انصهار المجوس داخل المجتمع المسلم، لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما على المسلمين من واجبات، آمنين مأمونين على أنفسهم وأموالهم وذراريهم؛ فقد عاشوا العدل الإسلامي واقعًا، وأمنوا كل مكر قد يحيق بهم؛ فالإسلام دين يدعو إلى العدل والقسط وحفظ النفس التي حرَّم الله قتلها بغير حقٍّ.


                الزرادشتيون في العصر الحديث

                انحسرت الديانة الزرادشتية بشكل كبير، حيث لم يبقَ من أتباعها في العالم سوى 200 ألف نسمة, وهم كالآتي:
                69601 زرادشتي في الهند حسب إحصاء سنة 2001م، و5000 زرادشتي في باكستان يتمركزون في مدينة كراتشي، وما بين 18 إلى 25 ألف زرداشتي في قارة أمريكا الشمالية، وكذلك فإن هناك جالية كبيرة في إيران, حيث يتواجدون بشكل خاصٍّ في مدن يزد وكرمان، إضافة إلى العاصمة طِهران، كما يُوجد لهم نائب في البرلمان الإيراني، وهناك جالية صغيرة في منطقة آسيا الوسطى (بلخ، وطاجيكستان)، التي كانت موطن الديانة الزرادشتية سابقًا.


                أعياد الزرادشتيين ولغاتهم

                يحتفل الزرادشتيون بعيد النيروز، الذي هو أول أيام سَنَتِهِم، وقد استمرَّت الاحتفالات بعيد النيروز تقام في إيران منذ أيام الخلافة العباسيَّة؛ حيث كان التأثير الفارسي واضحًا في صبغ مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعيَّة وإلى التاريخ المعاصر، إذ بلغت ذروتها في أيام الشاه محمد رضا بهلوي (1941- 1979م)، فكانت العطلة تقارب أسبوعًا كاملاً، إضافة إلى أسبوعين عطلة للجامعات والمدارس، بعكس عطلتي عيد الفطر والأضحى حيث خصّص لكل منهما يوم واحد فقط.




                وانعكس هذا على وضع المجوس في كردستان العراق، فبعد أن كانت عطلة النيروز يومًا واحدًا (21 مارس) حسب الاتفاق الذي أبرمته قيادة الحركة الكرديَّة مع الحكومة العراقيَّة في (11 من مارس1970م)، وصلت إلى أربعة أيام كجزء من الصراع الذي كان دائرًا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني.

                وأخيرًا تمَّ تثبيت ثلاثة أيام كعطلة للنيروز في حكومتي إقليم كردستان في أربيل والسليمانيَّة للأيام (21 و22 و23 مارس) من كل سنة، بالرغم من الانتقادات التي كانت تُوَجَّه على استحياء إلى حكومة إقليم كردستان من بعض الاتجاهات الإسلاميَّة الحزبيَّة والشعبيَّة، وقد يكون مبرِّرُ هؤلاء أنهم يقتدون بالدولة الإيرانيَّة الإسلاميَّة، والتي تُبيح هذه الاحتفالات في بلادها!!.





                لغات الزرادشتيين


                يستعمل الزرادشتيون اللغة الداري (مختلفة عن الداري الأفغانية)، التي تسمَّى أحيانًا في إيران لغة غابري أو بيهديان، كما أن الزرادشتيين في الهند يتحدَّثون اللغة الغوجراتيَّة أيضًا، ويسمون في الهند بالبارسيين.


                التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-30, 11:51 PM.

                تعليق


                • #9

                  ديانات ارضية (وضعية)
                  (8)


                  الشنتويه

                  ديانة ظهرت وتطورت في اليابان. لم تعرف ديانة الشنتو -والتي تركت أثرا بالغا في التفكير الياباني- طريقها إلى الانتشار على غرار الديانات الأخرى. ليس لهذه الديانة تعاليم محددة، الشيء الذي جعلها تنفتح على العادات الدينية الأخرى بدون أن تؤثر هذه في خاصيتها وتأصلها الفريدين. الشنتو والتقاليد التي تلازمها ظلت دائما متواجدة في مظاهر الحياة اليومية اليابانية.

                  يصعب وصف الديانة الشنتوية لأنه وعكس كل الديانات الأخرى، لا يعرف لها مؤسس ولا معتقد تقوم عليه، لا يمكن أن نعرفها إلا عن طريق مجموعة من العادات والممارسات. عبر التاريخ نشأت وتطورت عدة فرق وطوائف تدعي كلها الانتماء إلى عقيدة الشنتو الأولية، ولكن أي من هذه الطوائف لم ينجح في أن يفرض نظرياته وادعاءاته.



                  تم اشتقاق اللفظ "شنتو"
                  من اللفظة الصينية وبما أنه يتم قراءة أغلب الحروف الصينية بطريقتين (الطريقة الصينية الأصلية والطريقة اليابانية المحلية)، فإن الكتابة يمكن أن تقرأ أيضا -على الطريقة اليابانية-: "كامي نو ميشي" -ومعناها طريق الآلهة-، ظهر اللفظ لأول مرة في مخطوطة "أخبار بلاد اليابان" أو "نيهون شوم . ويظهر أنه قد استُعمل منذ فترة أزوكا لتمييز العادات والطقوس التي عرفتها البلاد قبل إدخال البوذية.



                  لازلنا إلى الآن نجهل الكثير عن فترة الشنتو التي سبقت دخول
                  البوذية إلى اليابان، رغم أن بعض الحفريات توصلت إلى العثور على بعض المستلزمات التي تدل بدون شك على وجود عادات وطقوس روحانية وسحرية تعود إلى فترة جومون.

                  هذه الطقوس القديمة يبدو أنها ترسخت أثناء فترة يايوئي مع دخول تقنية زراعة الأرز إلى اليابان.

                  تطورت بعض الطقوس المصاحبة لزراعة الأرز مع التقويم الزراعي، تقوم على إحياء هذه الطقوس بعض النساء من العرافات (الشامانيات) واللاتي كن يقمن بالوساطة مع العالم الآخر كما يتنبأن بالحوادث المستقبلية. كانت العرافات تتمتعن بسلطة كبيرة، ثم تناقصت هذه مع بداية توحيد البلاد وهيمنة
                  مملكة ياماتو.



                  في القرن الـ5 للميلاد، وأثناء
                  فترة كوفون، صاحبت مرحلة تشكل وتنظيم السلطة الجديدة في البلاد، ظهور طقوس جديدة،، وضعت لكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان طقوس معينة (الولادة، الرشاد، الوفاة). أهم هذه الطقوس تلك المتعلقة بالوفاة، كانت جنازة الأعيان تتم وفق طقوس معقدة وطويلة، ومن أهم الشواهد على هذه الطقوس الآكام الكبيرة من التراب التي اتخذت قبورا لهؤلاء الأعيان والتي لا زات ماثلة ليومنا هذا.



                  بعض من النسوة يسحبن الـ"أومي كوجي"أو أوراق البخت في "مزار كسغا" الشنتوي في اليابان


                  لا يوجد مؤسس معروف لديانة الشنتو، كما لاتوجد كتابات مقدسة. تقوم أعراف هذه الديانة على مجموعة من الأساطير، الحوليات والأشعار أو "مدونات بلاد اليابان" والتي تروي القصة الأسطورية لنشأة بلاد اليابان، كما تقوم بسرد نسب العائلة الإمبراطورية. بالإضافة إلى ذلك توجد العديد من الكتابات الأخرى على غرار "نوريتو" أو "الأحجار"، وبعض الأشعار الواردة في الـ"مان يوشو" أو "مجموعة العشرة آلاف ورقة" والتي قامت كلها بسرد العادات الدينية لليابان أثناء تلك الفترة.

                  هذه النصوص والكتابات وضعت بعد دخول البوذية البلاد. رغم محاولتها تقديم شهادات حية على عقيدة الشنتو الأصلية، إلا أنه لا يمكننا من خلالها العثور على كيفية تطور هذه المعتقدات. في الحقيقة جاءت هذه الكتابات وغيرها كردة فعل منظمة وموحدة مع دخول البوذية البلاد، كان هدفها إثبات صلاحية وتوافق معتقدات الشنتو في مقابل أو مع ما تدعو إليه البوذية. لم يكن البحث في تطور هذه العقيدة هدفها الأول.




                  العقيدة

                  على عكس الديانات التوحيدية الأخرى، لا يوجد في الشنتوية تعريف للمطلق، لا يمكن لأحد أن يدعي الصواب المطلق ولا الخطأ المطلق، الناس في طبيعتهم غير معصومين من الخطأ. تعتبر الشنتوية من هذه الناحية ديانة متفائلة، حيث تفترض أن الإنسان كائن طيب في الأساس، وأن الشر يقع نتيجة تدخل الأرواح الشريرة، وتنحصر أغلب العبادات الشنتوية في إبعاد هذه الأرواح الشريرة عن طريق تنقية النفس، الصلوات وتقديم القرابين للـ"كامي".

                  ليس لعقيدة التوحيد مكان في الشنتوية، فبسبب تعدد المظاهر التي يمكن أن تتجلى فيها القوى الإلهية، ربط اليابانيون بين كل ظاهرة وآلهة معينة، وأعداد الكامي لا يمكن حصرها، ويكن لأي شخص أن يعين آلهته الخاصة. لا يوجد في الشنتوية حياة بعد الموت، يعتبر جسد الشخص الميت شيئا مدنسا، تنطلق روح الميت، بعد أن تتحرر من جسدها المادي فتندمج مع قوى الطبيعة. يقوم أغلب اليابانيين عند تعرضهم لأمور متعلقة بالموت بتفويض أنفسهم إلى العقيدة البوذية.

                  الكامي

                  هي كل الأشياء والموجودات التي لا تنتمي إلى مجال التأثير المباشر للإنسان، كل ما هو غريب، عجيب، غامض ومريع. لا توجد للكامي أشكال محددة، كما أنها يمكن أن تتمثل في كل قوى الطبيعة (صخرة، شجرة أو حيوان).



                  آلهة الشمس "أماتيراسو أومي-كامي":
                  لوحة خشبية للفنان الياباني
                  أوتاغاوا كونيسادا ع(1786—1864 م)



                  لم يتم تعريف أغلب الـ"كامي" ولا حتى تحديدها بشكل دقيق. بقوم كل تجمع بشري (عائلة، عشيرة أو قرية) يتحديد الـ"كامي" التي يرهبونها والتي يمكن أن ينتظروا منها أفضالا (مننا) من خلال حياتهم اليومية:
                  • [*=right]كامي البحر، الأمواج والعاصفة للصيادين،
                    [*=right]كامي الجبل، الصخور، الثلج، الأشجار بالنسبة للحطابين،
                    [*=right]كامي حقول الأرز، المطر، النمو بالنسبة للفلاحين،
                    [*=right]كامي مفترق الطرق بالنسبة للمسافرين،
                    [*=right]كامي البيت، المطبخ، البئر، الحرائق بالنسبة للقرويين،
                    [*=right]كامي الأرض، الأنهار، الرخاء، العافية بالنسبة لجميع الناس.

                  على أن أشهر الـ"كامي" هي تلك المتعلقة بالعائلة الإمبراطورية، ومنها مثلا: آلهة الشمس "أماتيراسو أومي-كامي" تحكي الأساطير قصتهم، وتشهد بالأصول الإلهية لأباطرة اليابان. تم إنشاء أولى المزارات كـ"إيزي" و"إيزومو" لتقديس هؤلاء الـ"كامي".

                  لا توجد في اليابان طقوس لعبادة وتقديس الأسلاف، رغم أن بعضهم (الأسلاف) ممن توفى في ظروف خاصة، قد يتم تعريفه على أنه كامي، على أن الأسلاف ليسو كلهم كامي. الأباطرة القدماء مثلا، لم يكونوا محل تعظيم خاص: وجب انتظار فترة مييجي حتى يقام مزار خاص لأول الأباطرة الإنسيين "جينمو-تينو"المقام الثاني (مقام ميجي) تم إنشاؤه بعد رغبة شعبية وليس لاعتبارات دينية معينة.

                  المزارات



                  طقوس الزواج حسب الأعراف الشنتوية (مزار مييجي -(طوكيو)


                  تنتظم مظاهر العبادة في الشنتو ضمن أفراد نفس المجموعة البشرية. يتم تبجيل وتعظيم الكامي الرئيس للطائفة "أوجي غامي" في مكان معين، ويكون على الأغلب خارج القرية أو التجمعات البشرية، يحدد المكان عن طريق أرواق خشبية (من رَوْقْ: الرواق المفتوح) أو الـ"توري" ترمز هذه الأرواق إلى الخروج عن عالم الإنسان والدخول إلى عالم الكامي.

                  كانت هذه الأمكنة في البداية عبارة عن فسحة خالية مخصص للآلهة فقط، تم بعدها تحويلها تدريجيا إلى مزارات، توحي هندسة مباني هذه المزارات بأنبار الأرز (مخازن الغلال). يتم تبجيل الكامي الأخريات، في أمكنة متنوعة: تشكل الصخور والأشجار التي تحيط بالقرية حدودا رمزية لجغرافيا القرية، كما أن تقويم (الرزنامة) العادات والأعياد، الخاص بهذه الجماعة، ينظمان إيقاع الحياة اليومية.

                  تعتبر المزارات الشنتوية (وتسمهى بالمحلية جينجا) مكانا للعبادة ومقرا للكامي، أغلب الشعائر التي يتم تنظيمها هي ذات طابع احتفالي (ميتسومي)، وهدفها هو تعريف الكامي بالعالم الخارجي. يشرف كهنة الشنتو على الطقوس والشعائر، يعيش أغلبهم داخل المزارات. يستطيع أي رجل -أو حتى امرأة- أن يصبح كاهنا. بإمكان الكهنة التزاوج وإنجاب الأطفال. تقوم مجموعة من النساء في سن الشباب (ميكو) بمساعدة الكاهن في أداء الطقوس، وفي الأعمال الأخرى التي يقوم يشرف عليها، يرتدين لباسا أبيضا (كيمونو)، يتوجب عليهن أن يكنن غير متزوجات وغالبا ما يختارهن الكاهن من بين بناته.

                  SHINTU







                  العبادة

                  تتضمن العبادة في الشنتوية أربعة عناصر هي:
                  • [*=right]التطهّر والاغتسال: ويقوم بها الكاهن عندما يلوح بفرع من شجرة السيكاكي أو ورقة منها إلى رأس المتطهر.

                  • [*=right]تقديم القرابين: وتكون في الأغلب من الحبوب أو الشراب، ويتم اليوم تقديمها في شكل مبلغ من المال، وفي أسوء الحالات يمكن تقديم قرابين رمزية كأغصان شجرة السيكاكي مثلا.

                  • [*=right]الصلاة:
                    [*=right]ويقوم فيها الزائر بتقديم أمانيه ومطابه، وهذا مثال حي على هذه الأدعية:

                  أولاً وقبل كلّ شيء، هناك في حقلك المقدَّس أيُّها الاله المهيمن ليت حبة الأرزّ الأخيرة التي سيحصدونها، ليت الحبة الأخيرة من الأرزّ التي ستحصد، بحبات العرق المتساقط من سواعدهم، وتشدّ مع الوحل العالقين بالفخذين، ليت هذه الحبة تزدهر بفضلك، وتنفتح سنابل الأرزّ التي تتوق إليها الأيدي الكثيرة، فتكون أولى الثمرات في الشراب وأعواد النبات. »

                  • [*=right]الوليمة الرمزية:
                    [*=right]وهي إشارة إلى تناول الطعام مع كامي، وتتبع هذه الطقوس عملية تناول الساكي المقدس (الجعة محلية وتصنع من خميرة حبوب الأرز)، وقد يقوم بعض الزوار يعدها بأداء رقصات مقدسة خاصة بالمزار.


                  الشنتو عقيدة بسيطة ولا تطالب أتباعها بطقوس خاصة ومعقدة، ويمكنها أن تتعايش مع المعتقدات الأخرى، ويتمسك اليابانيون بهذه الطقوس ويعتبرنها جزءا من كيانهم القومي.




                  الطقوس والأعياد



                  كاميدانا: هي عبارة عن مزارات مصغرة تتواجد في البيوت اليابانية وتخصص لتبجيل الكامي الخاص العائلة


                  لا يمكن للبشر التعايش بسهولة مع الـ"كامي". لكل منها طبعها الخاص، بعضها يتمتع بروح الدعابة، وبعضها ذو روح عاصفة. يمكن لها أن تكون كريمة وسخية في بعض الأحيان، قاسية وشريرة عندما تداس حرماتها. تنحصر أولى مهام المجموعة (الطائفة) في تنظيم الإطارين المكاني والزماني بحيث تتداخل فيها مجالات البشر والآلهة (الكامي) بأقل طريقة ممكنة، وضع الحدود، الضوابط والمحرمات والسهر على احترامها، ومن جهة أخرى تنظيم الشعائر.

                  توجد شعائر خاصة لحماية البشر من مظاهر غضب قوى الطبيعة (الزلازل، الجفاف، الفيضانات، الأوبئة، الحرائق..). وأخرى تهدف إلى استعادة التناغم بين الجماعات البشرية والكامي عندما يهدد ظهور القوى الطبيعية الفجائية في حياة الإنسان (المولد، الممات) هذا التوازن، وشعائر أخرى احتفالية (ماتسوري)، والتي تقام بشكل دوري مع كل موسم زراعي جديد وقبل مرحلة الجني والحصاد عادة، يتم فيها تبجيل الآلهة حتى ترضى وتعم بركتها على الموسم.








                  التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-31, 09:13 PM.

                  تعليق


                  • #10



                    ديانات ارضية (وضعية)
                    (9)





                    المانوية البابلية



                    لا يمكن وضع المانوية ضمن أديان العراق القديم ، بل هي ديانة نشأت في القرن الثالث الميلادي، اي في المرحلة الثانية من تاريخ العراق ، ونعني بها المرحلة الآرامية المسيحية . لكننا فضلنا الحديث عنها ضمن نفس الفصل ، لأنها ديانة عراقية أصيلة انبثقت من احظان المندائية العراقية ، وظلت نشطة حتى العصر الاسلامي ، حيث تركت آثارها الواضحة في التصوف العراقي .

                    تعتبر(المانوية) واحدة من أبرز الأمثلة على التغريب والتشويه اللذين تمت بهما كتابة تاريخ المنطقة العربية , خصوصاً بالنسبة إلى الحقبة » الآرامية السريانية « التي وحدت ثقافياً ولغوياً العراق والشام (بلاد الهلال الخصيب) خلال الألف عام التي سبقت الفتح العربي الإسلامي . ومن المثير للعجب إتفاق جميع المؤرخين العرب والأجانب على اعتبار » المانوية « ديناً آرياً فارسياً , رغم جميع الشواهد التي تدحض تماماً مثل هذا الرأي , وتبين بصورة قاطعة أن هذا الدين عراقي الموطن , مؤسسه رجل بابلي , واللغة التي نطق وكتب بها هي السريانية , لغة أهل العراق والشام خلال عدة قرون قبل الفتح العربي , والتراث الديني الذي نهل منه هو التراث السامي : البابلي العرفاني المسيحي .

                    يبدو أن السبب الأول لهذا التشويه التاريخي مرتبط بالفكرة الخاطئة التي تعتبر أجنبياً , كل تراث الحقبة التي سبقت الفتح العربي الإسلامي . فهو تراث فارسي فيما يخص العراق , وإغريقي روماني فيما يخص الشام ومصر وشمال أفريقيا. لأنه خلال هذه الحقبة كانت المنطقة خاضعة للسيطرة الفارسية بالنسبة إلى العراق , والإغريقية الرومانية بالنسبة إلى باقي المنطقة . إن التشويه الذي تعرض له تاريخ (المانوية) مثال ساطع على التجاهل والتشويه الشاملين اللذين تعرضت لهما جميع تفاصيل التراث السابق للفتح العربي : التراث العرفاني (الغنوصي) واليهودي والمسيحي والصابئي والمانوي والهرمزي , كذلك جميع الابداعات الثقافية واللغوية والحضارية في مجالات الفنون والعلوم والفلسفة واللغات والآداب السريانية والقبطية. إذ تم احتساب تراث هذه الحقبة على تراث الدول التي كانت مسيطرة على المنطقة .



                    بعد سقوط بابل في (539) قبل الميلاد على يد الفرس الأخمينيين بسط الإيرانيون نفوذهم على بلاد الرافدين حتى القرن السابع , أي ما يقرب من 11 قرناً . تخلل هذه الحقبة ثورات وتمردات فاشلة قام بها العراقيون , بالإضافة إلى حروب طاحنة بين الإيرانيين من جهة والاغريق والرومان من جهة ثانية للسيطرة على العراق . وقد تمكن الاغريق والرومان من انتزاع العراق من الفرس عدة مرات وفرض سيطرتهم عليه مدة عقود وقرون متقطعة , لينتزعه الفرس منهم من جديد . وهذه الحقبة تشبه إلى حد بعيد الحقبة التي أعقبت سقوط الدولة العباسية ونشوب الصراع بين الأتراك والفرس للسيطرة على العراق .
                    ظروف نشوء المانوية

                    خلال هذه القرون الطويلة تمكن أهل الرافدين من الحفاظ على هويتهم السكانية والثقافية والدينية المتميزة عن إيران . وظل الانتماء السامي هو السائد وظلت اللغة الآرامية أولاً ثم فرعها السرياني منتشرين بين العراقيين , بل ان العراقيين فرضوا لغتهم السريانية لتكون لغة الثقافة الأولى في الامبراطورية الإيرانية نفسها بحيث فضلت اللغة الفارسية (البهلوية) استعمال الأبجدية السريانية , والتخلي عن نظام الكتابة المسمارية الذي سبق ان اقتبسوه أيضاً من أهل الرافدين . ثم إن العراقيين ظلوا بعيدين عن الإيمان بالدين الزرادشتي الذي كان الدين القومي والرسمي للايرانيين . حافظ العراقيون على ديانتهم السامية - البابلية الموروثة والقائمة على عبادة الآلهة الممثلة للكواكب وقوى الطبيعة والمنقسمة عموماً إلى ثنائية قوى الخير والنور وقوى الشر والظلام . علماً أن هذه الثنائية البابلية هي التي اثرت في الإيرانيين وديانتهم الزرادشتية , وليس العكس كما توهم عادة المؤرخون . كان هناك ايضاً تواجد مهم لطوائف يهودية نشطة في انحاء الرافدين , منذ جلبهم من فلسطين على يد الكلدانيين . ومع انبثاق المسيحية في بلاد الشام في القرن الأول الميلادي , بدأ بالتدريج تتسرب الى العراق من القسم الشمالي (الرها ونصيبين) ثم نينوى وكرخاسلوخ (الاسم السرياني لكركوك الحالية) حتى ولاية بابل ومنها الى ولاية ميسان في الجنوب (وكانت تشمل كذلك البصرة والأهواز) . وكانت هذه المسيحية مصحوبة بتيارات عرفانية غنوصية وهرمزية صوفية , قادمة من الشام ومصر, مع بعض التأثيرات الإغريقية. وبدأت تتشكل طوائف مسيحية عدة في شمال ووسط بلاد الرافدين , بالإضافة الى الصابئة في الجنوب الذين مزجوا المسيحية بالعرفانية مع أصول الدين البابلي .

                    ديانة عراقية
                    في مثل تلك الظروف السائدة في العراق في القرن الثالث الميلادي نشأ الدين المانوي, حيث اشتق من اسم رجل بابلي أعلن النبوة يدعى (ماني) . جميع المصادر التاريخية فارسية وعربية وغربية تتفق على القصة التالية لسيرة هذا النبي : » ولد ماني عام 216 ميلادي في احدى قرى ولاية بابل وكان دينه بابلي (وثني) , وفي سن الرابعة رحل أبوه إلى احدى قرى ولاية ميسان في جنوب العراق . هناك نشأ (ماني) على الدين الصابئي . وفي سن الشباب أخذ (ماني) يتنقل في أنحاء الرافدين واستقر في بابل . أعلن (ماني) نبوته وتكوينه للدين (المانوي) الذي انتشر خلال أقل من قرن من الصين حتى أسبانيا وبلاد الغال ... « ( لمزيد من التفاصيل راجع الموسوعة الكونية الفرنسية - جزء 11- ص646) .

                    لكن مشكلة تحديد هوية هذا الدين وصانعه (ماني) , تبدأ عند الحديث عن الشعب والحضارة اللذين ينتمي إليهما. بكل بساطة تم اعتباره إيرانياً فارسياً لأنه ظهر في بلاد الرافدين بينما كانت تابعة للأمبراطورية الايرانية . مثلما تم اعتبار المسيح وتراث المسيحية جزءاً من تاريخ روما , لأن المسيحية نشأت في الشام في ظل السيطرة الرومانية !

                    جميع تفاصيل تاريخ المانوية تثبت بلا جدال عراقية هذا الدين وعلاقته المباشرة بما سبق وبما لحق من تاريخ العراق الفكري والديني حتى نهاية العصر العباسي . ويمكن تقديم المبررات التالية للبرهان على هذه الحقيقة :




                    1- ثمة تبرير عرقي فارسي طالما تمسك به المؤرخون الإيرانيون والعرب والأجانب قائم على الشك بأن النبي (ماني) ربما يعود بأصوله من ناحية أمه أو أبيه الى الفرس وبالذات إلى العائلة الملكية الأخمينية . لكن جميع الشواهد التاريخية تثبت أن هذا النبي ينتمي عرقياً بصورة أكيدة الى سكان العراق . قد يمكن الافتراض أن أمه فارسية , لكن بعض المصادر تذكر ان اسمها » مريم « . أما أبوه فلا يمكن أن يكون فارسياً , وذلك لعدة أسباب : أن اسمه (فاتك) , وهذا الاسم لا يمكن أن يكون فارسياً لأنه اسم سامي عراقي , (من فعل فَتَكَ) ومستخدم حتى الآن في العراق . ثم إن اسم (ماني) هو ايضاً ليس اسماً فارسياً , إنما هو اسم سامي كذلك , لفظه العربي (أماني) وهو من (التمني) واللقب الذي كان يُعرف به هو (ماني حيا) أي (ماني الحي) , ومنه أتى المصطلح اللاتيني لهذا الدين (Manicheisme) أي (ماني - حيا-سيم) .

                    2- إن الزرادشتية كانت الدين القومي لجميع الايرانيين, بينما عائلة (ماني) مثل باقي العراقيين كانت على الديانة البابلية أولاً عندما كانت تقطن بابل , ثم بعد الاستقرار في ميسان اعتنقت هذه العائلة الديانة الصابئية , وهي طائفة منتشرة حتى الآن في جنوب العراق - بما فيه الأهواز- , ثم إن جميع الباحثين يعترفون بأن علاقة المانوية بالزرادشتية ضئيلة جداً , ولم تدخل بعض التسميات الإيرانية إلى المانوية إلا بعد انتشارها في إيران وترجمة كتب (ماني) السريانية الى اللغة البهلوية. علماً أن المانوية قد اقتبست الكثير من المسميات من جميع الشعوب التي وصلتها , فمثلاً في آسيا والصين أطلق (ماني) على نفسه لقب (بوذا الحي) . وغدا واضحاً أن المانوية كانت متأثرة أساساً بالدين المسيحي , وبالذات بالأفكار الثنوية للقديس السرياني (بن ديصان) الذي دعا إلى نوع من المسيحية الثنوية , بالاضافة الى المعتقدات البابلية والسامية السائدة . لقد استخدم (ماني) أساساً اسماء ملائكة اقتبسها من البيئة السريانية , مثل جبرائيل ورفائيل وميخائيل وإسرائيل , بالاضافة إلى يعقوب نبي العهد القديم . واعتبر (ماني) نفسه خاتم الانبياء والروح القدس التي تحدث عنها المسيح .
                    إن (الثنوية) التي اعتقدت بها المانوية لم تكن ايرانية , كما تصور خطأ الكثيرين من المؤرخين , بل هي أساس المعتقدات البابلية والسامية . يكفي معاينة أديان السومريين والساميين لإدراك أن هناك دائماً آلهة للخير والنور بأسماء متنوعة مثل (تموز وبعل وشمش وإيل ومردوخ وآشور) تقابل آلهة الشر مثل (نرجال وأريشكيجال وايراومروت) . وثنائية الخير والشر هذه وجدت تعبيرها في الأديان السامية السماوية من خلال مفهوم الله رمز الخلق والخير والنور, والشيطان رمز الشر والخطيئة والظلام . (راجع السواح - مغامرة العقل - ص197) .

                    3- المؤرخون قاطبة يتفقون على أن (ماني) ولد وعاش في بابل وميسان , وكانت لغته الأم ولغة كتبه وإنجيله المعروف هي اللغة السريانية , وقد ترجمت جميع كتبه فيما بعد باللغات الفارسية والتركية (الايغورية) واليونانية واللاتينية والقبطية. وبدأ بنشر دينه أساساً بين سكان الرافدين . يمكن الاستشهاد بماني نفسه وهو يحدد بدقة وبعبارة صريحة غير قابلة لسوء الفهم , إنتماءه إلى أرض بابل وتمايز دينه عن باقي الأديان : » إن الحكمة والمناقب لم يزل يأتي بها رسل الله بين زمن وآخر, فكان مجيئها في زمن على يد الرسول (بوذا) إلى بلاد الهند , وفي زمن على يد (زرادشت) الى أرض فارس , وفي زمن على يد (عيسى) إلى أرض المغرب (الشام) . ثم نزل هذا الوحي وجاءت النبوة في هذا الزمن الأخير على يديّ أنا (ماني) رسول إله الحق الى أرض بابل ... « (راجع - إيران في عهد الساسانيين - ص 172) . ثم إن الأكثر من كل هذا , إصرار (ماني) على جعل بابل مقر الكنيسة الأم ومركز المرجعية الدينية والحوزة العلمية لجميع الطوائف المانوية في العالم , وبقي هذا التقديس الخاص لبابل لدى المانويين حتى نهايتهم بعد ألف عام .

                    احتقار الحياة
                    يمكن اعتبار المانوية أساس التصوف , فهي دين (غنوصي - عرفاني) متطرف في الزهد والتنسك وتقديس الموت واحتقار ماديات الحياة . قد تكون المانوية التي نشأت في العراق تعبيراً عن ردة فعل سلبية ومتشائمة إزاء الظروف القاسية التي عاشها العراقيون بسبب السيطرة الفارسية وفشل ثوراتهم ودمار الرافدين بعد تحول البلد الى ساحة للحروب الدائمة بين الامبراطوريتين الفارسية والرومانية . ثم الشعور بالخيبة والحسرة على ضياع أمجاد بابل القديمة وفقدان الامل بأية قدرة على الخلاص إلا بالزهد وتجنب ملذات الحياة .

                    الفكرة الاساسية للمانوية يمكن ايرادها باختصار كالتالي : إن الله هو الخير والنور, والشيطان هوالخطيئة والظلام . جميع الأشياء المادية من أرض ونبات وحيوان وأجساد هي جزء من قوى الخطيئة والظلام , وجميع الأشياء الروحية من حلم وعقل وخيال هي جزء من قوى الخير والنور . إذن على الإنسان التواق إلى الخير والخلود في حدائق النور (الجنة) أن يحتقر الجسد وجميع ماديات الوجود , بالامتناع عن : الجنس والخمر واللحم , وتجنب جميع الخطايا . وقد يصل الأمر إلى حد احتقار الحياة ونبذ الجسد وتفضيل الموت , من أجل تخليص الروح والنور من سجن الجسد والظلام . واعتبر (ماني) أن روح الانسان المنيرة تتعذب على الجسد , صليب الظلام , مثلما تعذب (عيشو زاهي) (عيسى الزاهي) على صليبه .


                    إن الخطيئة ترتكب بثلاث وسائل : القلب (النية) والفم (الكلمة) واليد (الفعل) . لهذا فإن وصايا (ماني) كانت : » لا ترتكب الخطيئة , لا تنجب , لا تملك , لا تزرع ولا تحصد , لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً « . طبعاً مثل هذه الوصايا لا يستوجب تطبيقها من قبل جميع أتباع المانوية , إنما فقط من قبل النخبة الدينية المنقسمة إلى أربع مراتب : 12 حواريون , و72 شماسون , 360 عقلاء , ثم الصديقون غير محدودي العدد . أما باقي المجتمع فيطلق عليهم (السماعون) الذين يلتزمون فقط بالصلاة أربع مرات يومياً , والسجود 12 مرة كل صلاة , والصوم شهر كامل كل عام في نيسان , ودفع العشر والزكاة وتقديم الغذاء للصديقين .

                    تعتمد المانوية على كتب (ماني) المليئة بالشروحات والحكايات والأساطير المعقدة والمفصلة جداً . الأسطورة المانوية عن تكوين الخليقة تشبه إلى حد بعيد الأسطورة السومرية - البابلية المعروفة » حينوما عاليش « (حينما عالياً , أو حينما في الأعالي) , لكن أسماء الآلهة السامية القديمة تستبدل بها أسماء سريانية ومسيحية محدثة . مذهب التثليث في المسيحية (الأب والأبن والروح القدس) يستبدل (ماني) به » العظيم الأول « و » أم الحياة « , علماً أن هذا التثليث موجود في جميع الأديان البابلية والسامية , ولكن بأسماء مختلفة (مثلاً في قصة الخليقة البابلية هناك أبسو- الأب , وممو – الأبن , وتعامة - الأم) (راجع السواح - مغامرة العقل) . والطريف أن فكرة (تناسخ الأرواح) التي اقتبسها (ماني) من البوذية , حورها تماماً بما يتلاءم مع عقيدته الخاصة . ليس أي انسان يموت تنتقل روحه تلقائياً إلى إنسان آخر, إنما يعتمد ذلك على كونه خاطئاً أم لا . لأن تكرار الحياة يعتبر نوعاً من العقاب . فالإنسان النقي المؤمن تذهب روحه مباشرة إلى حدائق النور جنان الله , أما الإنسان الخاطيء فيعاقبه الله بإنتقال روحه إلى إنسان آخر ليعيش حياة أخرى وأخرى حتى يصبح نقياً ومؤمناً , فيتوقف التناسخ وتذهب روحه إلى جنة الخلود .


                    تاريخ ماني والمانوية
                    ولد (ماني) في 14 نيسان (أبريل) عام 216 ميلادية , قرب (المدائن) التي كانت مركز ولاية بابل والعاصمة الثانية للأمبراطورية الإيرانية . ولهذا يطلق على هذا النبي لقب (ماني البابلي) , ويقول عنه المؤرخون العرب والمسلمون : » نبي الله الذي أتى من بابل « (راجع فهرست ابن النديم) .

                    عندما كان (ماني) في سن الرابعة , رحل به والده (فاتك) إلى قرية في ولاية ميسان جنوب العراق . ويبدو أن قرار الرحيل قد اتخذه الأب بعد أن تلقى ثلاث مرات نداءات إلهية بينما كان يتعبد في إحدى المعابد البابلية , تدعوه الى الرحيل إلى ميسان وكذلك تجنب الخمرة واللحم والجنس . في ميسان اعتنق ( فاتك ) دين الصابئة الذين يتكلمون لهجة آرامية قريبة إلى السريانية . وكان هذا الدين سائداً في جنوب العراق قبل هيمنة المسيحية , ويسميه العرب كذلك (دين المغتسلة) بسبب تقديسهم لعملية التطهر بالماء . وهو دين مزج بين روحانيات العرفانية والمسيحية (الشامية) مع رموز عبادة الكواكب البابلية , ويرتبط باسم النبي يحيى أو (يوحنا المعمدان) (لمزيد من المعلومات راجع الثقافة الجديدة- 248- ص25) .

                    بقي (ماني) صابئياً حتى سن الواحدة والعشرين , بعدها بدأ تأثره مباشرة بالمسيحية وخصوصاً بالتجربة الحياتية للسيد المسيح وعذابات صلبه . وتذكر التقاليد المانوية أنه في سن الرابعة والعشرين , في 23 نيسان 240م . تلقى (ماني) رسالة النبوة من الله بواسطة الملاك (توأم - توما) , على أنه هو (الروح القدس) الذي بشر به النبي عيسى . حينها بدأ (ماني) يعلن أنه (نبي النور) و (المنير العظيم المبعوث من الله) , نتيجة هذا تم طرده من الطائفة الصابئية .


                    رحل (ماني) مع أبيه وإثنين من أصحابه إلى بابل , منها قام بأول رحلة عبر بلاد فارس ثم الى الهند وبعدها إلى بالوشستان , حيث عاين ودرس الأديان السائدة من زرادشتية وبوذية وهندوسية . بعد عامين (242م) عاد (ماني) إلى ميسان بحرا عبر الخليج . وتذكر المصادر التاريخية أن ثمة قبائل عربية قادمة من عمان كانت متنفذة حينذاك في ميسان تحت سيطرة الحكم الفارسي (راجع ايران في عهد الساسانيين - ص75) . هناك شاءت الظروف , أن يخوض (ماني) تجربة مشهودة مكنته من فرض تأثيره على حاكم ولاية ميسان الفارسي (مهرشام) وكسبه الى جانب المانوية . وكان (مهر شام) هذا ايضاً شقيقاً للأمبراطور الأيراني (شاهبور) , حيث توسط لدى أخيه ليسمح لـ (ماني) بنشر دينه دون مضايقة . ومن المعروف عن (ماني) أنه بالاضافة الى شخصيته النبوية , فإنه كان طبيباً ونقاشاً ورساماً وكاتباً ومترجماً . وهو النبي الوحيد الذي قام بنفسه بكتابة إنجيليه وباقي كتبه المعروفة التي تزيد على سبعة , بينها كتاب مزين برسوم توضيحية ملونة , يعتقد أنها شكلت الأساس الأول لانبثاق فن النمنمة العراقي العربي ثم الفارسي والتركستاني (راجع الموسوعة الكونية - المصدر نفسه) .
                    بدأ (ماني) بتكوين كنيسته في بابل وأطلق عليها (كنيسة النور) , وانتشرت الكنائس أولاً في بلاد الرافدين : ميسان والأهواز وبابل ونينوى وكركوك . لكن (ماني) لم يكتف بحدود الرافدين بل اعتبر نفسه (عيسى المخلص للانسانية جمعاء) , وأنه (خاتم الأنبياء) , ويقول في هذا الخصوص : » ندائي يتجه نحو الغرب وكذلك نحو الشرق , وهو يسمع بجميع اللغات وفي جميع المدن . كنيستي تفوق الكنائس السابقة , لأن تلك الكنائس قد اختيرت لبلدان ومدن محددة , بينما كنيستي أتت لجميع البلدان , وإنجيلي يبتغي جميع الأوطان .. « (الموسوعة - المصدر نفسه) . لهذا بدأ (ماني) يبعث تلامذته (الحواريين) الاثني عشر إلى جميع بقاع الأمبراطوريتين الفارسية والرومانية لنشر الدعوة الجديدة . فبعث أولاً الى الشام ومصر, ثلاثة من حوارييه , توما وهرمس وعدي . وخلال أقل من قرن انتشرت المانوية في مختلف بقاع الأرض , من شواطىء المحيط الهادي والهند والصين والتبت وسيبريا وتركستان وإيران ثم جميع الضفاف الشرقية للمتوسط حتى إيبريا وإيطاليا وبلاد الغال . لقد وجدت آثار معابد وكتابات ورسوم هذا الدين في جميع هذه البقاع, وأهم الوثائق وجدت في جنوب مصر (الفيوم) مكتوبة باللغة القبطية . يبدو أن المانوية كانت لها الانتشار خصوصاً بين الطوائف المسيحية بسبب علاقتها المباشرة معها . ومن أهم الذين تحدثوا عنها هو القديس (أوغسطين القرطاجي) الذي اعتنقها لعدة سنوات قبل أن يصبح فيلسوف المسيحية الأول .



                    في تاريخ غير محدود بصورة تامة , بين (274-277) ميلادية , تم صلب (ماني) على أحد أبواب مدينة بيت العابات (جندشابور) في الأهواز , تم ذلك بقرار من الامبراطور الفارسي (برهام الأول) لأسباب سياسية طبعاً وبعد تحول (بابل) إلى مركز لدين عالمي واحتمال استعادتها من جديد لأمجادها السابقة , وما يشكله هذا من خطر على النفوذ الايراني . كذلك خوف رجال الدين الزرادشتيين الذين نقموا على (ماني) بسبب تأثيره المتزايد . لقد عذب (ماني) وصلب وقطعت أطرافه ثم احرقت جثته ونثر رماده . لكن المانويين ظلوا يعتقدون بصعوده إلى السماء مثل السيد المسيح , ويعتبرون هذا اليوم مقدساً يصومون خلاله ثلاثين يوماً في شهر نيسان .

                    الضربات التالية تلقتها المانوية على يد الرومان . في عام 445م أعلن البابا (ليون العظيم) قراره بتحريم نشاط المانوية . وفي عام 527م قرر الامبراطور (جوستان) الحكم بالاعدام على جميع أتباع المانوية . لكن الكثير من المؤرخين الأوروبيين يعتقدون أن المانوية ظلت حية في أوروبا بأشكال خفية متعددة , خصوصاً بين الطوائف المسيحية السرية المؤمنة بالتصوف والروحانيات والطقوس السحرية والتي تعتمد في إيمانها على الأفكار الثنوية (Ledualisme) .



                    في القرن الخامس حدث أول انشقاق في الكنيسة المانوية , حيث تم انفصال الطوائف المانوية في اسيا الوسطى (تركستان ومنغوليا) , ورفضوا تبعيتهم لكنيسة (بابل) وكونوا كنيستهم القومية . ثم اعقب ذلك انشقاق الكنيسة المانوية في بلاد فارس , وذلك بتكوين فرع قومي مستقل عن بابل , حمل اسم (المزدكية), نسبة الى مؤسسها (مزدك) الفارسي . يبدو أن هذه الطائفة ابتعدت عن المانوية بالاقتراب أكثر ناحية (الزرادشتية) , مع ميول » ثورية واشتراكية « . ربما لهذا السبب خلط معظم المؤرخين المسلمين والعرب بين المانوية (العراقية) والمزدكية (الايرانية) , علماً أن طائفة (المزدكية) , أثناء نفوذها في الدولة الايرانية , قامت باضطهادات ومذابح معروفة ضد المسيحية والمانوية في بلاد الرافدين , مما أدى إلى هجرة الكثير من المسيحيين والمانويين العراقيين إلى بلاد تركستان (الصغد) وتكوين جاليات مانوية مسيحية نسطورية نشطت بنشر الثقافة السريانية البابلية .



                    إن الهروب المستمر للمانوية من العراق والمشرق , وخصوصاً أثناء اضطهادات الفترة العباسية أدى إلى تزايدهم في أواسط اسيا التركية المنغولية . في عام 745 كون الأتراك دولتهم (الأوغرية) على حدود الصين في منغوليا الشمالية. كان أحد ملوكهم يسمى (بوقي خان ) اعتنق المانوية وجعلها الدين الرسمي للدولة. من خلالها وصلت المانوية إلى الصين فشيدت المعابد المانوية إلى جانب المعابد البوذية , حتى وصلت إلى روسيا وسيبريا . لكن نهاية الدولة التركية الأوغرية عام 817 على يد القرغيز أدى الى نهاية المانوية في آسيا. ويُعتقد أنها استمرت في تركستان الصينية حتى القرن الثالث عشر, ومع اجتياح المغول بقيادة جنكيز خان تم القضاء التام على المانوية . لكن الأثر الكبير الذي تركه هذا الدين في شعوب آسيا يتمثل في تبنيهم للأبجدية المانوية (السريانية) في كتاباتهم الأوغرية التركية , بالإضافة إلى تأثيرات ثقافية ودينية لا تحصى .



                    الاسلام والمانوية
                    كانت القبائل السامية (العربية) النازحة قبل الاسلام , تندمج طبيعياً مع أهل الرافدين وتتبنى الأديان السائدة, مثل اليهودية والصابئية والمسيحية والمانوية. يذكر أن عمر بن عدي ملك الحيرة العربي كان من أنصار المانوية وحماتها المعروفين. يتحدث المؤرخ الإسلامي (ابن قتيبة) عن وجود المانوية في مكة قبل الاسلام : » وكانت الزندقة في قريش أخذوها من الحيرة « . علماً أن تسمية (زنديق) قد شاعت في الفترة الإسلامية بمعنى (المانوي) . لقد اقتبس العرب هذه التسمية من الفرس , الذين كانوا منذ قرون يطلقونها على المانوية بمعنى (المنحرفين عن الدين) , وهناك من يعتقد أنها ربما كانت مشتقة من (صديق) السريانية وتعني رجل الدين المانوي (للمزيد من التفاصيل عن المانوية والإسلام , راجع - التاريخ الاسلامي - فاروق عمر- ص193,213 ) .

                    يبدو أن الفتح العربي لم يضعف المانوية , بل على العكس منحها بعض الزخم , بسبب كثرة اتباع المانوية في العراق بعد هجرة الأعداد الكبيرة منهم من الشاميين والمصريين إلى العراق بعد حكم الاعدام الذي كان قد أصدره الرومان بحقهم . ثم إن الإسلام في أول الأمر لم يكن موقفه واضحاً من المانوية , وقد اعتبرها في البدء من أديان أهل الكتاب . في العصر الأموي تمتع أتباع المانوية ببعض الحرية , خصوصاً في زمن الخليفة (الوليد الثاني -743-744) . وتذكر المصادر العربية أنه بين 754-775م كان (إمام الكنيسة المانوية) في أفريقيا هو أبا هلال الديهوري . ومما ساعد على نشاط المانوية في العصر الأموي استخدام الكثير من اتباعها كتّاباً في الدواوين في العراق بدل المجوس الفرس , وذلك بعد قرار تعريب الدواوين في ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي , بعد أن كانت باللغة الفارسية . ويبدو أن الاستعانة بأتباع المانوية في الدواوين وسع المجال أمامهم وركز أهميتهم . (نموذج ساطع لسوء فهم المؤرخين العرب , عندما يستغرب مؤرخ » قومي ! « مثل عبد العزيز الدوري هذا التحول نحو المانوية في الدواوين الأموية , لأنه لا يدرك أن الزرادشتيين فرس ولا يتقنون غير الفارسية , أما اتباع المانوية فأنهم عراقيون فكانوا يتقنون العربية القريبة من السريانية , لغتهم الأصلية . ولهذا تم استخدامهم في عملية تعريب الدواوين) (راجع – الدوري - الجذور التاريخية للشعوبية - ص22) .



                    رغم تزايد الاضطهاد ضد المانوية في الفترة العباسية بإسم مكافحة الزندقة والمثنوية والإلحاد والدهرية والمجون , إلا أن أتباعها كانوا نشيطين خصوصاً في المجال الفكري , وشكلوا الحلقات الثقافية التي يطلق عليها » إخوان الصدق « ( لاحظ التشابه مع » اخوان الصفا « ) . ويصف الجاحظ نوعية كتبهم بأنها : » أجود ما تكون ورقاً يكتب عليه بالحبر الأسود البراق ويستجاد له الخط « . ويذكر المؤرخون المسلمون أسماء لا تحصى من المثقفين الذين اتهموا بالزندقة (المانوية) في هذه الفترة . (قد يمكن تشبيه تهمة المانوية والزندقة بتهمة الشيوعية والماركسية التي سادت العصر الحديث) . وقد شملت هذه التهمة كتاباً وشعراء مثل : صالح ابن عبد القدوس , بشار بن برد , أبو النواس , أبو العتاهية , حماد الرواية , عبد الله بن المقفع .. وغيرهم . وقد حكم بالموت على الكثير من هؤلاء المثقفين بسبب هذه التهمة . وهذا النشاط المانوي دفع الكثير من المثقفين المسلمين إلى تأليف الكتب للرد عليها وتفنيدها , مثل : واصل بن عطاء , الجاحظ , أبو محمد بن الحكم , الجبائي , النوبختي , المسعودي , الرازي , الرقي ... وغيرهم (راجع فاروق عمر - المصدر نفسه) .

                    يعتبر الخليفة العباسي (المهدي) (775-785) , أول من أعلن الحرب ضد المانوية وجميع التيارات الفكرية المعارضة باسم مكافحة الزندقة , حتى سمي (قصاب الزنادقة) . وقد أنشأ من أجل ذلك (ديوان الزنادقة) بقيادة (عريف الزنادقة) . وكان اتباع المانوية يجبرون على المثول أمام القاضي , ثم يبصق المتهم على صورة (ماني) ويذبح طائراً , ذلك لأن المانوية تحرم ذبح الحيوان . وفي حالة رفضه التوبة فإنه يحكم بالموت . وقد اوصى المهدي ولده الهادي طالباً منه الاستمرار في محاربة المانوية , قائلاً : » إني رأيت جدك العباس في المنام قلدني سيفين وأمرني بقتل أصحاب الاثنين « . وفي أواخر العهد العباسي توسعت تهمة (الزندقة) حتى وصلت على يد الإمام الغزالي الى كل محاولة اجتهادية تخالف المذاهب السلفية وتنحرف عنها في التفسير (راجع فاروق عمر - المصدر نفسه) . واستمر الاضطهاد وتعاظم مع الخليفة (المقتدر) (908-932) , وحسب (فهرست ابن النديم) , أنه في أواخر القرن العاشر الميلادي , قد هبط عدد رموز المانوية في بغداد من 300 شخص إلى 5 أشخاص فقط . بسبب اضطهاد العباسيين اضطر الكثير من اتباع المانوية إلى الهروب من العراق إلى خراسان وكردستان وتركستان (ربما يكون اليزيديون في شمال العرق من بقايا المانوية الذين هربوا من اضطهاد العباسيين) .



                    خاتم الانبياء
                    من الخصال الكبيرة التي تميز بها الاسلام والمسلمون الأوائل هي القدرة على استيعاب معارف ومعتقدات الشعوب التي بدأ ينتشر بينها الاسلام . فمن المعروف أن الحضارة العربية الإسلامية بنت عظمتها من انفتاحها أولاً على تراث الشعوب التي أسلمت واستعربت , خصوصاً حضارات بلاد الرافدين والشام ومصر وشمال أفريقيا . ففي العراق مثلاً , بالإضافة إلى تراث المسيحية النسطورية والصابئية واليهودية , لعبت المانوية دوراً كبيراً في نقل الكثير من المعتقدات البابلية والعرفانية الصوفية إلى الحضارة العربية الإسلامية . يكفي ملاحظة التشابه الكبير بين الفلسفات الإشراقية والصوفية العربية الاسلامية وبين المانوية , ليس صدفة أن التصوف نشأ في حواضر العراق , البصرة والكوفة وبغداد , لأن الكثير من اتباع المانوية الذين تحولوا إلى الاسلام نقلوا معهم معتقداتهم الإشراقية والصوفية البابلية ومزجوها بالإسلام . طبعاً هذا لا ينفي التأثيرات المباشرة للمسيحية والعرفانية الشامية المصرية , بالإضافة إلى المجوسية الإيرانية والأفكار اليونانية . ومن التشابهات الواضحة بين المانوية والإسلام , أن (ماني) ادعى أنه النبي المخلص الذي بشر به المسيح وأنه (خاتم الأنبياء) . بالإضافة إلى تشابهات أخرى مثل تحريم الخمر, والصيام 30 يوماً , والوضوء بالماء أو التراب , والركوع أثناء الصلاة , وتفاصيل وصف الجنة والنار ويوم القيامة والحساب وعبور الصراط المستقيم . كذلك وجوب مساهمة أتباع المانوية (السماعين) بدفع جزء من أموالهم (عشر) و(زكاة) لرجال المانويين (الصديقين) .

                    ويمكن الافتراض أن المانوية قد لعبت دوراً مهماً في تكوين الكثير من الطوائف الصوفية والباطنية , مثل الاسماعيلية والعلوية والدرزية . أما بالنسبة إلى تشابه المانوية مع المذهب الشيعي , فإنها تبدو قوية بحكم انبثاق التشيع في اراض الرافدين حيث كانت المانوية نشيطة . إن الكثير من اتباع المانوية (وكذلك النسطوريين) دخلوا المذهب الشيعي بحكم اشتراكهم مع باقي العراقيين في معارضة الحكمين الأموي ثم العباسي . يمكن ملاحظة هذا التشابه في مسألة الأئمة الإثني عشر (حورايو ماني كانوا كذلك 12, مثل السيد المسيح) . بالإضافة إلى الميول العرفانية والإشراقية في المذهب الشيعي القريبة جداً من إشراقيات المانوية . ثم إن مفهوم » الاستشهاد « وتضحية (ماني) بحياته من أجل إخلاص ملته , له تشابه كبير مع تبجيل الشيعة لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وتضحيته بحياته من أجل تقويم الإسلام . ويبدو أن طقوس الاحتفال بذكرى كربلاء وأيام عاشوراء تتشابه مع طقوس احتفال المانوية بذكرى استشهاد ماني وصلبه , وهذه بدورها لا تبتعد كثيراً عن طقوس الاحتفال بصلب المسيح , وقبلها لدى سكان العراق والشام بذكرى موت تموز (بعل) وعودته إلى حياة الخلود . ثم ان التشابه الأهم من ذلك بين الشيعة والمانوية , إختيار (الحلة) ثم (النجف) التي هي جزء من أرض بابل التاريخية , لتكون مركز الشيعة في العالم والمنطقة المقدسة ومقر الحوزة العلمية كما اختار المانويون وقبلهم أهل الرافدين (بابل) لتكون المركز المقدس لديانة أسلافهم


                    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-31, 09:17 PM.

                    تعليق


                    • #11

                      ديانات ارضية (وضعية)
                      (10)




                      الجينية


                      ديانة منشقة عن الهندوسية، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يدي مؤسسها مهافيرا، وما تزال إلى يومنا هذا. إنها مبنية على أساس الخوف من تكرار المولد، داعية إلى التحرر من كل قيود الحياة، والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم، كالعيب والإثم والخير والشر. وهي تقوم على رياضات بدنية رهيبة وتأملات نفسية عميقة، بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها . كانت الجينية فرقة واحدة طيلة حياة مهاوبرا، ولم يحدث بها إلا خلافات غير عميقة الجذور سرعان ما كانت تلتئم، وبعد وفاة مهاويرا حدث انقسام خطير شطر الجينية إلى فرقتين، تسمَّى إحداهما ديجامبرا Digambara
                      أي: أصحاب الزي السماوي، أي: الذين اتخذوا السماء كساء لهم (والمقصود بهم العراة). والثانية تسمَّى سويتامبرا Svetambara أي: أصحاب الزي الأبيض، وعن هاتين الفرقتين حدثت فرق أخرى كثيرة غير مهمة، ويلاحظ أن تعدد الفرق لم يمس الفلسفة الأصلية للجينية أو العقائد الرئيسة التي سبق أن تحدثنا عنها، وإنما اتصل بأمور ونقاط غير مهمة؛ وتحدث عن تفاصيل الأساطير وممارسة التقشف، ففرقة ديجامبرا ترى أن مهاوبرا حملت به أمه (ترى سالا) من بدء الأمر، لا أنه استلَّ جنينا من رحم ديونندا البرهمية، ثم ألقى به في رحم (ترى سالا) كما تعتقد فرقة سويتامبرا، وتنفي فرقة ديجامبرا عن مهاوبرا ما تراه غير لائق به، فتقول إنه لم يتزوج قط، وإنه هجر البيت والدنيا منذ مطلع حياته غير مبال بعواطف والديه، ويعتقدون أن العرفاء الكاملين لا يقتاتون بشيء، ويقولون: إن من يملك شيئا من متع الدنيا- ولو كان ثوبا واحدا يستر به عورته- لا ينجو، ويرون أن النساء لاحظ لهن في النجاة ما دمن في قوالب النساء، أي: إلا إذا دخلت أرواحهن في قوالب أخرى في حياة من الحيوات المتكررة، ويعتقدون أن التراث الديني المقدس للجينية قد ضاع كله، وأما فرقة سويتامبرا ففرقة معتدلة، ترى أن مهاويرا وإن كان ميالا - من وقت أن بدأ شعور - إلى هجر الدنيا، وقطع العلائق، إلا أنه لم يفعل ذلك في حياة والديه؛ احتراما لإحساسهما، ويروون عنه قوله في ذلك: ولا يليق بي وأنا الابن البار أن أنتف شعري، وأقبل على حياة التقشف والحرمان، تاركا البيت والأسرة؛ احتراما لعواطف والدي، وهم يبيحون الطعام للعرفاء، ويرون إمكان النجاة للنساء . يعتقد الجينيون أن ديانتهم ساهم في تأسيسها (24) ترنكاراً أو جيناً، حيث يظهر كل منهم في نصف دورة زمنية بدأت منذ الأزل. وسوف تستمر إلى ما لا نهاية. كان أول هؤلاء هو ريشابها أو أديناثا. ويعتبر وجود هؤلاء الجينيات من قبيل الأساطير التي لم تثبت تاريخيًّا. نيميناثا أو أريشتمانيمي: هو الجيني الثاني والعشرون، ويعتبرونه ابن عم كرشنا، ووصل إلى مرحلة النيرفانا (الخلاص) في مدينة سوراسترا في ولاية كوجرات. برشفا ابن ملك فاراناس، يعتبر الجيني الثالث والعشرين، وهو أول الشخصيات التاريخية. عاش في القرن الثامن قبل الميلاد. يعتبر مهافيرا المؤسس الحقيقي للجينية، وقد ولد عام (599) ق. م وترهبن في سن الثلاثين، وعلى يديه تبلورت معتقداته التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا، وقد سار بدعوته بنجاح حتى بلغ الثانية والسبعين من العمر، وتوفي عام (527) ق. م. ينحدر مهافيرا من أسرة من طبقة الكاشتر المختصة بشؤون السياسة والحرب. أبوه سدهارتها أمير مدينة في ولاية بيهار، ومهاويرا هو الابن الثاني له.

                      عاش حياته الأولى في كنف والديه متمتعاً بالخدم والملذات العادية، وكان شديد التقدير والاحترام لوالديه، تزوَّج ورزق بابنة. لما توفِّي والده، استأذن أخاه في التخلِّي عن ولاية العهد، والتنازل عن الملك والألقاب. حلق رأسه ونزع حليَّه، وخلع ملابسه الفاخرة، وبدأ مرحلة الزهد والخلوة والتبتل، وكانت سنه آنذاك ثلاثين عاماً. صام يومين ونصف يوم، ونتف شعر جسده، وهام في البلاد عارياً مهتماً بالرياضات الصعبة والتأملات العميقة. اسمه الأصلي فردهامانا، لكن أتباعه يسمونه مهافيرا، ويزعمون أن هذا الاسم من اختيار الآلهة له، ومعناه البطل العظيم، ويطلقون عليه كذلك جينا، أي القاهر لشهواته، والمتغلب على رغباته المادية. يدَّعي أتباع هذه الطائفة بأن الجينية ترجع إلى ثلاثة وعشرين جينيًّا، ومهافيرا هو الجيني الرابع والعشرون. تلقَّى مهافيارا علومه على يدي بارسواناث الذي يعتبرونه الجيني الثالث والعشرين، وقد أخذ عنه مبادىء الجينية، وخالفه بعد ذلك في بعض الأمور، وزاد على هذه الطريقة شيئاً استخلصه من تجاربه وخبرته مما جعله المؤسس الحقيقي لها. غرق في تأملاته ورهبانيته، وعرَّى جسده هائماً في البلاد لمدة ثلاثة عشر شهراً، مداوماً على مراقبة نفسه في صمت مطبق، يعيش على الصدقات التي تقدَّم إليه. حصل بعدها على الدرجة الرابعة مباشرة؛ إذ كان مزوداً بثلاثة منها أصلاً كما يقولون. تابع بعد ذلك رحلة عدم الإحساس حتى حصل على الدرجة الخامسة، وهي كما يزعمون درجة العلم المطلق، ووصوله إلى مرحلة النجاة. بعد سنة من الصراع والتهذيب النفسي فاز بدرجة المرشد، وبدأ بذلك مرحلة الدعوة لمعتقده، فدعا أسرته ثم عشيرته، ثم أهل مدينته، ومن ثم دعا الملوك والقواد، فوافقه كثير منهم لما في دعوته من ثورة على البراهمة. استمرَّ بدعوته حتى بلغ الثانية والسبعين، حيث توفي سنة (527) ق. م. مخلفاً وراءه خطباً وأتباعاً ومذهباً. أرياشاما: عاش في القرن الرابع بعد مهافيرا. كونداكاوندا أكياريا: تقدره فرقة الديجامبرا، وكتب بعض الكتب والشروح، عاش في القرون المسيحية الأولى. انقسمت الجينية بعده إلى عدة أقسام، وصلت إلى ثمان فرق أو أكثر، أهمها الآن: ديجامبرا: أي: أصحاب الزيِّ السماوي العراة، وهم طبقة الخاصة الذين يميلون إلى التقشف والزهد، ومعظمهم من الكهان والرهبان والمتنسكين، الذين يتخذون من حياة مهاويرا قدوة لهم، وقد انقسموا مؤخراً إلى عدد من الفرق. سويتامبرا: أي: أصحاب الزي الأبيض، وهم طبقة العامة المعتدلون الذين يتخذون من حياة مهاويرا الأولى في رعاية والديه نبراساً لهم، حيث كان يتمتع حينها بالخدم والملذات، إذ يفعلون كل أمر فيه خير، ويبتعدون عن كل أمر فيه شر، أو إزهاق لأرواح كل ذي حياة، يلبسون الثياب، ويطبقون مبادىء الجينية العامة على أنفسهم. أقبل الملوك والحكام في الهند على اعتناق الجينية، مما سجَّل انتصاراً على العصر الويدي الهندوسي الأول، ذلك أنها تدعو إلى عدم إيقاع الأذى بذي روح مطلقاً، كما توجب أن يطيع الشعب حاكمه، وتقضي بذبح من يتمرَّد على الحاكم، أو يعصي أوامره، فصار لهم نفوذ كبير في بلاط كثير من الملوك والحكام في العصور الوسطى. نالوا كثيراً من الاحترام والتقدير أيام الحكم الإسلامي للهند، وقد بلغ الأمر بالإمبراطور أكبر الذي حكم الهند من (1556 – 1605) م, أن ارتدَّ عن الإسلام، واعتنق بعض معتقدات الجينية، واحتضن معلم الجينية هيراويجيا، مطلقاً عليه لقب معلم الدنيا. نزل مهاويرا قبل موته في مدينة بنابوري في ولاية تَبْنا، وألقى خمساً وخمسين خطبة، وأجاب عن ستة وثلاثين سؤالاً. فهذه الخطب وتلك الأسئلة أصبحت كتابهم المقدس. يضاف إلى ذلك، الخطب والوصايا المنسوبة للمريدين والرهبان والنسَّاك الجينيين. انتقل تراثهم مشافهة، وقد حاولوا تدوينه في القرن الرابع قبل الميلاد لكنهم فشلوا في جمع كلمة الناس حول ما كتبوه، فتأجَّلت كتابته إلى سنة (57) م. في القرن الخامس الميلادي اجتمع كبار الجينيين في مدينة ويلابهي، حيث قاموا بتدوين التراث الجيني باللغة السنسكريتية، في حين أن لغته الأصلية كانت أردها مجدى. ويوجد الآن عدد من الكتب والشروح والأساطير الكثيرة، يختلف الاعتراف بها من طائفة إلى أخرى. الجينية في الأصل ثورة على البراهمة، لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة (برهما - فشنو - سيفا)، ومن هنا سمِّيت حركتهم بالحركة الإلحادية. لاتعترف الجينية بالروح الأكبر أو بالخالق الأعظم لهذا الكون، لكنها تعترف بوجود أرواح خالدة. كل روح من الأرواح الخالدة مستقلة عن الأخرى، ويجري عليها التناسخ. لم يستطيعوا أن يتحرروا تحرراً كاملاً من فكرة الألوهية، فاتخذوا من مهافيرا معبوداً لهم، وقرنوا به الجينيات الثلاثة والعشرين الآخرين؛ لتكمل في أذهانهم صورة الدين، وليسدوا الفراغ الذي أحدثه عدم اعترافهم بالإله الأوحد. خلق المسالمة والمجاملة دفعهم إلى الاعتراف بآلهة الهندوس (عدا الآلهة الثلاثة) ثم أخذوا يُجلُّونها، لكنهم لم يصلوا بها إلى درجة تقديس البراهمة لها، ودعوا كذلك إلى احترام براهمة الهندوس باعتبارهم طائفة لها مكانتها في الدين الهندوسي. لا توجد لديهم صلاة، ولا تقديم قرابين، ولا يعترفون بالطبقات، بل هم ثورة عليها؛ إذ ليس لديهم سوى طبقتي الخاصة والعامة. ولم يجعلوا لخاصتهم من الرهبان أية امتيازات مما جعل الرهبنة ذات مشقة وتضحية وتكليف ذاتي. الكارما: الكارما لديهم كائن مادي يخالط الروح ويحيط بها، ولا سبيل لتحرير الروح منها إلا بشدة التقشف، والحرمان من الملذات. يظلُّ الإنسان يولد ويموت ما دامت الكارما متعلقة بروحه، ولا تطهر نفسه حتى تتخلَّص من الكارما، حيث تنتهي رغباته، وعندها يبقى حيًّا خالداً في نعيم النجاة. وهي مرحلة النيرفانا أو الخلاص التي قد تحصل في الدنيا بالتدريب والرياضة أو بالموت. النجاة: إنها تعني الفوز بالسرور الخالد الخالي من الحزن والألم والهموم، وتعني التطهر من أدران الحيوانية المادية، إنها ترمي إلى التخلص من تكرار المولد والموت والتناسخ. طريق الوصول إلى النجاة يكون بالتمسك بالخير، والابتعاد عن الشرور والذنوب والآثام، ولا يصل إليها الإنسان إلا بعد تجاوز عوائق ومتاعب الحياة البشرية بقتل عواطفه وشهواته. الشخص الناجي مكانه فوق الخلاء الكوني، إنها نجاة أبدية سرمدية. تقديس كل ذي روح. يقدِّسون كل ما فيه روح تقديساً عجيباً. يمسك بعض الرهبان بمكنسة ينظف بها طريقه أو مجلسه؛ خشية أن يطأ شيئاً فيه


                      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-04, 02:55 AM.

                      تعليق


                      • #12

                        ديانات ارضية (وضعية)
                        (11)



                        الديانة اليانية



                        أغرب أديان العالم من حيث عقيدته وطقوسه, ذلك الدين الذي يعتنقه ما يقرب من 6 ملايين نسمة حول العالم ، تتمركز النسبة الاكبر في بلاد الهند. اسسه شخص يدعي "فارداما" او كان يعرف بعد ذلك بإسم "يينا" اي الفاتح الروحي العظيم، وهو الاسم الذي اشتقت منه اليانية.

                        إختار ان يعيش حياة الزهد، تخلي عن جميع ممتلكاته وعاش حياة تقشف وهو يطوف من مكان إالي مكان اخر، وذلك لعدة سنوات يقضيها في التأملات العميقة، وبعد ان تسلح بالمعرفة اخذ يلقي المواعظ ووضع نظام للزهد، وكانت تتلخص رسالته في التخلص من "الكارما" اي الخطايا. إالي ان بلغ "يينا" مرحلة العلم الكلي فاصبح مرشدا.



                        والمرشد في اليانية هو الاله الذي يحق ان يعبد، ويصل إالي ذلك المرتبة عدد كبير في كل زمان ومكان، فالمرشدون وحدهم هم الذين يستطيعون وضع القوانين لسلوك الحياة، فهم أرواح طاهرة بلغت الكمال.اليانية ليست دينا إلهيا، لا تؤمن بوجود إله خالق. بل تؤمن بوجود روح عظمي تتخلل في نفوس المرشدين، تلك الروح التي يعجز الانسان عن ادراكها، منزهه عن الخطأ، لا تمرض ولا تموت، متحررة من اي علاقة بالأخرون.

                        "الديجامبارا" او متلحفو السماء هو اقصي درجات الزهد، نظام يتبعه الرهبان بحيث لا يرتدون اي ملابس رمزا للطهارة من الإثم والتعلق بالأشياء المادية، فهم لا يعتبرون انفسهم عراة، بل البيئة لباسهم، لهذا يتحملون جميع تقلبات الطقس تهذيبا للنفس والهوي والتعلق بالدنيا.

                        أما "الأهميسا" او اللاعنف هو أشد تعالليم اليانية، فهو يومن ان كل سينتيمتر به الاف الكائنات الحية التي يجب ان تعيش كما يعيش الانسان، لذا يحرص اليانيون علي تجنب قتل تلك الكائنات وحتي الهوام. وهم بالتأكيد نباتيون، يتجنبون السير في الظلام حتي لا يدهسون الحشرات. يتجنبون أعمال الزراعة حتي لا يقتلوا الملايين منها وبعضهم يضع كمامة علي فمه وانفه تحاشيا لقتل الهوام في
                        الهواء!

                        يوم من حياة راهبة يانية
                        تخليت عن أسرتي، لا أملك شيئا من المال او غيره. أنام علي الأرض علي لوح كرتون، ليس عندي وسادة، احتفظ بانية من خشب اتناول فيها طعامي، هذا هو كل ما أملك.

                        استيقظ في الرابعة صباحا واقرأ ما حفظته من الكتاب المقدس، ثم أقوم بالتأمل والصلاة واكرر المواثيق اليانية واطلب المغفرة، ثم أقوم بالتأمل والصلاة ، ثم اذهب لجمع الصدقات لاننا لا نطبخ لانفسنا. أذهب للبيوت وأأخذ جزءا من الطعام من كل عائلة وذلك كل صباح وحين الغذاء والعشاء،
                        والناس يحترموننا ويقدرونا ويزودونا بالطعام. بعد تناول الافطار احضر درسا ثم استرح واذهب لجمع طعام الغذاء ثم استرح ونأخذ بتعلم الكتاب المقدس برفقة عدد من اليانيين العاديين ثم اذهب لجمع طعام العشاء ثم درسا بعدها، وعند العاشرة ليلا اذهب للنوم علي الارض. أعيش هكذا لأكثر من عشر سنوات، اشعر بالسعادة والمتعة فيها، فلات شئ اقلق بشأنه.




                        ليست بالتأكيد حياة الياني العادي كحياة الراهب، ولكنه يسعي ايضا لتطهير نفسه، ويذكر في عام 1992 ان رجل اعمال هندي ثري يرأس شركة مقاولات كبري انه تحول من عالم المال والاعمال الي حياة الزهد قائلا: " ليس لدي رغبة في الحياة، لقد اكتشفت انها لا تعني سوي ان يظل المرء متوترا لاربع وعشرون ساعة، ولا يشعر بالسلام مع روحه. لقد انجزت مسؤولياتي وواجباتي في الحياة وسلمت أعمالي التجارية إلي عائلتي" ثم توجه بعد ذلك الي مكان الرهبان ليعتزل الدنيا ويبدأ مرحلة الصفاء مع الروح.

                        من الكتاب المقدس "الساسترا"
                        "ينبغي عدم قتل اي مخلوق حي يتنفس وله احساس، ولا يجوز معاملته بالعنف او الاساءة إليه وتعذيبه او طرده. هذا هو القانون الطاهر الابدي اللا متغير".



                        يصوم أتباع هذه الديانة عن الماء و الطعام و يفطرون عند غروب شمس اليوم التالي، و هناك أنواع صيام أخرى أهمها الصوم عن أنواع الأطعمة المتعددة باستثناء العدس و الأكل المضاف اليه الملح و الفلفل فقط من دون البهارات الأخرى و تقليل عدد الوجبات في اليوم الى وجبة أو اثنتان.


                        التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-04, 02:53 AM.

                        تعليق


                        • #13
                          ديانات ارضية (وضعية)
                          (12)
                          الجزء الاول



                          الصابئة المندائية

                          هي طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، والتي تعتبر يحيى عليه السلام نبيًّا لها، يقدِّس أصحابها الكواكب والنجوم ويعظمونها، ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية، من أهم معالم هذه الديانة التي يجيز أغلب فقهاء المسلمين أخذ الجزية من معتنقيها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى.


                          والصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون.

                          أما الصابئة الحنفاء فهم بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة والإنجيل قبل التحريف والتبديل من اليهود والنصارى. وهؤلاء حمدهم الله وأثنى عليهم. والثابت أن الصابئين قوم ليس لهم شريعة مأخوذة عن نبي، وهم قوم من المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين، ولكنهم عرفوا الله وحده، ولم يحدثوا كفراً، وهم متمسكون بعبادة الله وحده، وإيجاب الصدق والعدل، وتحريم الفواحش ، والصحيح أنهم كانوا موجودين قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأرض اليمن.

                          وأما الصابئة المشركون فهم قوم يعبدون الملائكة، ويقرؤون الزبور ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية. ومثلهم من يعبد الكواكب كمن كانوا بأرض حران عندما أدركهم الإسلام، وهؤلاء لا يحلُّ أكل ذبائحهم، ولا نكاح نسائهم، وإن أظهروا الإيمان بالنبيين .

                          لديهم عدد من الكتب المقدسة مكتوبة بلغة سامية قريبة من السريانية وهي:

                          1- الكنزاربّا:
                          أي: الكتاب العظيم، ويعتقدون بأنه صحف آدم عليه السلام، فيها موضوعات كثيرة عن نظام تكوين العالم وحساب الخليقة وأدعية وقصص، وتوجد في خزانة المتحف العراقي نسخة كاملة منه. طبع في كوبنهاجن سنة (1815) م، وطبع في لايبزيغ سنة (1867) م.

                          2- دراشة إديهيا:
                          أي: تعاليم يحيى، وفيه تعاليم وحياة النبي يحيى عليه السلام.

                          3- الفلستا:
                          أي: كتاب عقد الزواج، ويتعلَّق بالاحتفالات والنكاح الشرعي والخطبة.

                          4- سدرة إدنشاماثا:
                          يدور حول التعميد والدفن والحداد، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض، ومن ثمَّ إلى عالم الأنوار، وفي خزانة المتحف العراقي نسخة حديثة منه مكتوبة باللغة المندائية.

                          5- كتاب الديونان:
                          فيه قصص وسير بعض الروحانيين مع صور لهم.

                          6- كتاب إسفر ملواشه:
                          أي: سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم.

                          7- كتاب النباتي:
                          أي: الأناشيد والأذكار الدينية، وتوجد نسخة منه في المتحف العراقي.

                          8- كتاب قماها ذهيقل زيوا:
                          ويتألَّف من (200) سطر، وهو عبارة عن حجاب يعتقدون بأن من يحمله لا يؤثر فيه سلاح أو نار.

                          9- تفسير بغره:
                          يختصُّ في علم تشريح جسم الإنسان وتركيبه والأطعمة المناسبة لكل طقس مما يجوز لأبناء الطائفة تناوله.

                          10- كتاب ترسسر ألف شياله:
                          أي: كتاب الاثني عشر ألف سؤال.

                          11- ديوان طقوس التطهير:
                          وهو كتاب يبين طرق التعميد بأنواعه على شكل ديوان.

                          12- كتاب كداواكدفيانا: أي: كتاب العوذ.



                          طبقات رجال الدين:

                          يشترط في رجل الدين أن يكون سليم الجسم، صحيح الحواس، متزوجاً منجباً، غير مختون، وله كلمة نافذة في شؤون الطائفة، كحالات الولادة والتسمية والتعميد والزواج والصلاة والذبح والجنازة، ورتبهم على النحو التالي:

                          1
                          - الحلالي:
                          ويسمَّى (الشماس) يسير في الجنازات، ويقيم سنن الذبح للعامة، ولايتزوج إلا بكراً، فإذا تزوج ثيباً سقطت مرتبته، ومنع من وظيفته، إلا إذا تعمَّد هو وزوجته (360) مرة في ماء النهر الجاري.

                          2
                          - الترميدة:
                          إذا فقه الحلالي الكتابين المقدَّسين سدره إنشماثا والنياني أي: كتابَيْ التعميد والأذكار، فإنه يتعمَّد بالارتماس في الماء الموجود في المندي، ويبقى بعدها سبعة أيام مستيقظاً لا تغمض له عين حتى لا يحتلم، ويترقَّى بعدها هذا الحلالي إلى ترميدة، وتنحصر وظيفته في العقد على البنات الأبكار.

                          3
                          - الأبيسق:
                          الترميدة الذي يختص في العقد على الأرامل يتحول إلى أبيسق، ولا ينتقل من مرتبته هذه.



                          4
                          - الكنزبرا:
                          الترميدة الفاضل الذي لم يعقد على الثيبات مطلقاً، يمكنه أن ينتقل إلى كنزبرا، وذلك إذا حفظ كتاب الكنزاربّا، فيصبح حينئذٍ مفسراً له، ويجوز له ما لا يجوز لغيره، فلو قتل واحداً من أفراد الطائفة لا يقتص منه؛ لأنه وكيل الرئيس الإلهي عليها.

                          5
                          - الريش أمه:
                          أي رئيس الأمة، وصاحب الكلمة النافذة فيها، ولا يوجد بين صابئة اليوم من بلغ هذه الدرجة؛ لأنها تحتاج إلى علم وفير وقدرة فائقة.

                          6- الربّاني:
                          وفق هذه الديانة لم يصل إلى هذه الدرجة إلا يحيي بن زكريا عليهما السلام، كما أنه لا يجوز أن يوجد شخصان من هذه الدرجة في وقت واحد. والرباني يرتفع ليسكن في عالم الأنوار، وينزل ليبلغ طائفته تعاليم الدين ثم يرتفع كرة أخرى إلى عالمه الرباني النوراني.

                          - يعتقدون- من حيث المبدأ- بوجود الإِله الخالق الواحد الأزلي الذي لاتناله الحواس، ولايفضي إليه مخلوق.

                          - ولكنهم يجعلون بعد هذا الإله (360) شخصاً خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، وهؤلاء الأشخاص ليسوا بآلهة ولا ملائكة، يعملون كل شيء من رعد وبرق ومطر وشمس وليل ونهار… وهؤلاء يعرفون الغيب، ولكل منهم مملكته في عالم الأنوار.

                          - هؤلاء الأشخاص الـ (360) ليسوا مخلوقين كبقية الكائنات الحية، ولكن الله ناداهم بأسمائهم، فخلقوا وتزوجوا بنساء من صنفهم، ويتناسلون بأن يلفظ أحدهم كلمة فتحمل امرأته فوراً، وتلد واحداً منهم.

                          - يعتقدون بأن الكواكب مسكن للملائكة، ولذلك يعظمونها ويقدسونها.
                          المندى هو معبد الصابئة، وفيه كتبهم المقدسة، ويجري فيه تعميد رجال الدين، يقام على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية، له باب واحد يقابل الجنوب بحيث يستقبل الداخل إليه نجم القطب الشمالي، لابدَّ من وجود قناة فيه متصلة بماء النهر، ولا يجوز دخوله من قبل النساء، ولا بدَّ من وجود علم يحيى فوقه في ساعات العمل

                          - تؤدَّى الصلاة ثلاث مرات في اليوم: قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل الغروب، وتستحبُّ أن تكون جماعة في أيام الآحاد والأعياد، فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود، وهي تستغرق ساعة وربع الساعة تقريباً.
                          - يتوجَّه المصلِّي خلالها إلى الجدي بلباسه الطاهر، حافي القدمين، يتلو سبع قراءات يمجد فيها الرب مستمدًّا منه العون، طالباً منه تيسير اتصاله بعالم الأنوار.



                          - صابئة اليوم يحرِّمون الصوم؛ لأنه من باب تحريم ما أحلَّ الله.
                          - وقد كان الصوم عند الصابئة على نوعين: الصوم الكبير: ويشمل الصوم عن كبائر الذنوب والأخلاق الرديئة، والصوم الصغير الذي يمتنعون فيه عن أكل اللحوم المباحة لهم لمدة (32) يوماً متفرقة على طول أيام السنة.

                          التعميد وأنواعه:


                          - يعتبر التعميد من أبرز معالم هذه الديانة، ولا يكون إلا في الماء الحي، ولا تتمُّ الطقوس إلا بالارتماس في الماء، سواء أكان الوقت صيفاً أم شتاءً، وقد أجاز لهم رجال دينهم مؤخراً الاغتسال في الحمامات، وأجازوا لهم كذلك ماء العيون النابعة لتحقيق الطهارة.

                          - يجب أن يتمَّ التعميد على أيدي رجال الدين.

                          - يكون العماد في حالات الولادة، والزواج، وعماد الجماعة، وعماد الأعياد، وهي على النحو التالي:

                          1- الولادة:
                          يعمد المولود بعد (45) يوماً ليصبح طاهراً من دنس الولادة، حيث يُدخل هذا الوليد في الماء الجاري إلى ركبتيه مع الاتجاه جهة نجم القطب، ويوضع في يده خاتم أخضر من الآس.

                          2- عماد الزواج:
                          يتمُّ في يوم الأحد، وبحضور ترميدة وكنزبرا، يتمُّ بثلاث دفعات في الماء مع قراءة من كتاب الفلستا وبلباس خاص، ثم يشربان من قنينة ملئت بماء أُخذ من النهر يسمَّى (ممبوهة) ثم يطعمان (البهثة)، ويدهن جبينهما بدهن السمسم، ويكون ذلك لكلا العروسين، لكل واحد منهما على حدة، بعد ذلك لا يُلمسان لمدة سبعة أيام، حيث يكونان نجسين، وبعد الأيام السبعة من الزواج يعمدان من جديد، وتعمد معهما كافة القدور والأواني التي أكلا فيها أو شربا منها.

                          3- عماد الجماعة:
                          يكون في كل عيد (بنجة) من كل سنة كبيسة لمدة خمسة أيام، ويشمل أبناء الطائفة كافة رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً، وذلك بالارتماس في الماء الجاري ثلاث دفعات قبل تناول الطعام في كل يوم من الأيام الخمسة. والمقصود منه هو التكفير عن الخطايا والذنوب المرتكبة في بحر السنة الماضية، كما يجوز التعميد في أيام البنجة ليلاً ونهاراً على حين أن التعميد في سائر المواسم لا يجوز إلا نهاراً، وفي أيام الآحاد فقط.



                          4- عماد الأعياد: وهي

                          أ*- العيد الكبير:
                          عيد ملك الأنوار حيث يعتكفون في بيوتهم (36) ساعة متتالية، لا تغمض لهم عين خشية أن يتطرق الشيطان إليهم؛ لأن الاحتلام يفسد فرحتهم، وبعد الاعتكاف مباشرة يرتسمون، ومدة العيد أربعة أيام، تنحر فيه الخراف، ويذبح فيه الدجاج ولا يقومون خلاله بأي عمل دنيوي.

                          ب-* العيد الصغير:
                          يوم واحد شرعاً، وقد يمتدُّ لثلاثة أيام من أجل التزاور، ويكون بعد العيد الكبير بمائة وثمانية عشر يوماً.

                          ت*- عيد البنجة:
                          سبق الحديث عنه، وهو خمسة أيام تكبس بها السنة، ويأتي بعد العيد الصغير بأربعة أشهر.



                          ث*- عيد يحيى:
                          يوم واحد من أقدس الأيام، يأتي بعد عيد البنجة بستين يوماً، وفيه كانت ولادة النبي يحيى عليه السلام الذي يعتبرونه نبيًّا خاصًّا بهم، والذي جاء ليعيد إلى دين آدم صفاءه بعد أن دخله الانحراف بسبب تقادم الزمان.


                          - تعميد المحتضر ودفنه:

                          ج*- عندما يحتضر الصابيء يجب أن يؤخذ - وقبل زهوق روحه - إلى الماء الجاري ليتمَّ تعميده.

                          ح*- من مات من دون عماد نجس ويحرم لمسه.

                          خ*- أثناء العماد يغسلونه متجهاً إلى نجم القطب الشمالي، ثم يعيدونه إلى بيته، ويجلسونه في فراشه بحيث يواجه نجم القطب أيضاً حتى يوافيه الأجل.

                          د*- بعد ثلاث ساعات من موته يغسَّل ويكفَّن ويدفن حيث يموت؛ إذ لا يجوز نقله مطلقاً من بلد إلى بلد آخر.

                          ذ-* من مات غيلة أو فجأة، فإنه لا يغسل ولا يلمس، ويقوم الكنزبرا بواجب العماد عنه.

                          ر*- يدفن الصابيء بحيث يكون مستلقياً على ظهره ووجهه ورجلاه متجهة نحو الجدي، حتى إذا بعث واجه الكوكب الثابت بالذات.

                          ز- *يضعون في فم الميت قليلاً من تراب أول حفرة تحفر لقبره فيها.

                          س*- يحرم على أهل الميت الندب والبكاء والعويل، والموت عندهم مدعاة للسرور، ويوم المأتم من أكثر الأيام فرحاً حسب وصية يحيى لزوجته.

                          ش*- لا يوجد لديهم خلود في الجحيم، بل عندما يموت الإنسان إما أن ينتقل إلى الجنة أو المطهر حيث يعذب بدرجات متفاوتة حتى يطهر، فتنتقل روحه بعدها إلى الملأ الأعلى، فالروح خالدة والجسد فان.







                          يتبع

                          التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-03, 06:23 PM.

                          تعليق


                          • #14

                            الصابئة المندائية
                            (الجزء الثانى)



                            الجذور الفكرية والعقائدية

                            - تأثر الصابئة بكثير من الديانات والمعتقدات التي احتكوا بها.

                            - أشهر فرق الصابئة قديماً أربعة هي: أصحاب الروحانيات، وأصحاب الهياكل، وأصحاب الأشخاص، والحلولية.

                            - لقد ورد ذكرهم في القرآن مقترناً باليهود والنصارى والمجوس والمشركين (انظر الآيات 62- البقرة), ( 69- المائدة )، ( 17- الحج)، ولهم أحكام خاصة بهم من حيث جواز أخذ الجزية منهم أو عدمها أسوة بالكتابيين من اليهود والنصارى.

                            - عرف منهم الصابئة الحرانيون الذين انقرضوا، والذين تختلف معتقداتهم بعض الشيء عن الصابئة المندائيين الحاليين.

                            - لم يبق من الصابئة اليوم إلا صابئة البطائح المنتشرون على ضفاف الأنهر الكبيرة في جنوب العراق وإيران.

                            - تأثروا باليهودية، وبالمسيحية، وبالمجوسية؛ لمجاورتهم لهم.

                            - تأثروا بالحرانيين الذين ساكنوهم في حران عقب طردهم من فلسطين، فنقلوا عنهم عبادة الكواكب والنجوم أو على الأقل تقديس هذه الكواكب وتعظيمها، وتأثَّروا بهم في إتقان علم الفلك وحسابات النجوم.

                            - تأثروا بالأفلاطونية الحديثة التي استقرت فلسفتها في سوريا، مثل الاعتقاد بالفيض الروحي على العالم المادي.

                            - تأثَّروا بالفلسفة الدينية التي ظهرت أيام إبراهيم الخليل - عليه السلام - فقد كان الناس حينها يعتقدون بقدرة الكواكب والنجوم على التأثير في حياة الناس.

                            - تأثروا بالفلسفة اليونانية التي استقلت عن الدين، ويلاحظ أثر هذه الفلسفة اليونانية في كتبهم.

                            - لدى الصابئة قسط وافر من الوثنية القديمة يتجلى في تعظيم الكواكب والنجوم على صورة من الصور.




                            -
                            الصابئة المندائيون الحاليون ينتشرون على الضفاف السفلى من نهري دجلة والفرات، ويسكنون في منطقة الأهواز وشط العرب، ويكثرون في مدن العمارة والناصرية والبصرة وقلعة صالح والحلفاية والزكية وسوق الشيوخ والقرنة، وهي موضع اقتران دجلة بالفرات، وهم موزعون على عدد من الألوية مثل لواء بغداد، والحلة، والديوانية والكوت وكركوك والموصل. كما يوجد أعداد مختلفة منهم في ناصرية المنتفق والشرش ونهر صالح والجبابيش والسليمانية.
                            - كذلك ينتشرون في إيران، وتحديداً على ضفاف نهر الكارون والدز ويسكنون في مدن إيران الساحلية، كالمحمرة، وناصرية الأهواز وششتر ودزبول.
                            - تهدمت معابدهم في العراق، ولم يبق لهم إلا معبدان في قلعة صالح، وقد بنوا معبداً منديًّا بجوار المصافي في بغداد، وذلك لكثرة الصابئين النازحين إلى هناك من أجل العمل.
                            - يعمل معظمهم في صياغة معدن الفضة لتزيين الحلي والأواني والساعات؛ وتكاد هذه الصناعة تنحصر فيهم؛ لأنهم يحرصون على حفظ أسرارهما، كما يجيدون صناعة القوارب الخشبية والحدادة وصناعة الخناجر.
                            - مهاراتهم في صياغة الفضة دفعتهم إلى الرحيل للعمل في بيروت ودمشق والإسكندرية، ووصل بعضهم إلى إيطاليا وفرنسا وأمريكا.
                            - ليس لديهم أي طموح سياسي، وهم يتقربون إلى أصحاب الديانات الأخرى بنقاط التشابه الموجودة بينهم وبين الآخرين.


                            ويتضح مما سبق

                            إن الصابئة من أقدم الديانات التي تعتقد بأن الخالق واحد، وقد جاء ذكر الصابئين في القرآن باعتبار أنهم أتباع دين كتابي. وقد اختلف الفقهاء حول مدى جواز أخذ الجزية منهم، إن كانوا أحدثوا في دينهم ما ليس منه. وقد أصبحت هذه الطائفة كأنها طائفة وثنية تشبه صابئة حران الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وعموماً فالإسلام قد جبَّ ما قبله، ولم يعد لأي دين من الديانات السابقة

                            من أبرز الجوانب الدينية في المندائية، انها تؤمن بأن للانسان ثلاث مكونات: (الروح)، وهي نفحة نور الهي خالد تربط الانسان بملكوت السماء. ثم (النفس) وهي طاقة دنيوية تنشأ مع الانسان وفيها المشاعر والشهوات. ثم (البدن) وهو مقر الغرائز والحاجات والآثام. يكمن سر عذاب الانسان في معاناة روحه (نفحته الالهية) من سجن البدن وغرائزه ومغريات النفس وشهواتها. لهذا فان الخلاص يكمن في تحرير الروح النورانية من هذا البدن المظلم الفاني، عبر حياة الزهد والتقشف، حتى بلوغ الموت المحتم والخلاص الابدي
                            .
                            ان كتاب (الكنزاربا) يتحدث عن عودة آدم إلى ملكوت النور:
                            (يا آدم.. أمرت أن أحرّرك من جسدك، وأخرجك من هذا العالم. أحرّرك من سجن البدن، من سلاسل الدم والعظام.. لأصعد بك إلى بيت أبيك، بيت النور والسلام.. حيث لا بُغض ولا ظلام
                            ي الحياة الآخرى أي بعد التحرر من البدن، فأن (النفس) هي التي تتحمل وزر الآثام وتخضع للعقاب والثواب، فتمر عبر المطهرات، وهي مراحل تؤدي بالتدريج إلى عالم النور. أما الروح فبما انها نفحة نور الهي، فأنها تظل بريئة طاهرة نقية فترجع مباشرة إلى ملكوت النور.وهم يعتقدون بـ (عالم الشبيه أو النظير)، أي عالم أمثل يشبه دنيانا ولكنه بلا مغريات ولا آثام . وان لكل انسان في هذه الدنيا نظير له في العالم الامثل. وتوزن الأرواح بعد الوفاة بميزان يسمى ميزان (أواثر) وهذا اسم أحد الملائكة، وهو الذي يزن الأرواح مقارنة بروح نبي الله (شيتل برآدم) أي شيت ابن آدم. وشيتل تعني النبتة الطيبة التي وهبها الله لآدم بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل. فمن ثَقُلتْ روحه عن وزن شيتل كان عقابه بقدر هذه الزيادة، ولا ترتقي روح إلى روح شيتل إلاّ أرواح الأنبياء والأصفياء. وهذا يذكر بـ (نبتة الخلود) التي حاول (كلكامش) أن يمتلكها، لكن الخلود هنا يتحقق في الحياة ألاخرى




                            أركان الديانة

                            ترتكز الديانة المندائية على خمسة أركان هي :
                            1- التوحيد (سهدوثا اد هيي) :
                            وهي الاعتراف بالحي العظيم (هيي ربي) خالق الكون. حيث جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربا {لا أب لك ولا مولود كائن قبلك ولا أخ يقاسمك الملكوت ولا توأم يشاركك الملكوت ولا تمتزج ولا تتجزأ ولا انفصام في موطنك جميل وقوي العالم الذي تسكنه
                            .2- التعميد أو الصباغة (مصبتا) :
                            يعتبر من أهم أركان الديانة المندائية وهو فرض واجب ليكون الإنسان مندائياً ويهدف للخلاص والتوبة وغسل الذنوب والخطايا والتقرب من الله. ويجب أن يتم في المياه الجارية والحية لأنه يرمز للحياة والنور الرباني. وللإنسان حرية تكرار التعميد متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد والمناسبات الدينية وعند الولادة والزواج أو عند تكريس رجل دين جديد. وقد حافظ طقس التعميد على أصوله القديمة حيث يعتقد بأنه هو نفسه الذي ناله عيسى بن مريم (المسيح) (ع) عند تعميده من قبل يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان
                            .3- الصلاة (براخا) :
                            وهي فرض واجب على كل فرد مؤمن يؤدى ثلاث مرات يومياً ( صباحاً وظهراً وعصراً) وغايته التقرب من الله. حيث ورد في كتابهم المقدس {وأمرناكم أن اسمعوا صوت الرب في قيامكم وقعودكم وذهابكم ومجيئكم وفي ضجعتكم وراحتكم وفي جميع الأعمال التي تعملون}. يتجهون في صلاتهم نحو جهة الشمال لاعتقادهم بأن عالم الأنوار (الجنة) يقع في ذلك المكان المقدس من الكون الذي تعرج إليه النفوس في النهاية لتنعم بالخلود إلى جوار ربها، ويستدل على اتجاه الشمال بواسطة النجم القطبي. ويسبق الصلاة نوع من طقوس الاغتسال يدعى (الرشما) وهو مشابه للوضوء عند المسلمين حيث يتم غسل أعضاء الجسم الرئيسية في الماء الجاري ويرافق ذلك ترتيل بعض المقاطع الدينية الصغيرة. فمثلاً عند غسل الفم يتم ترتيل ( ليمتلئ فمي بالصلوات والتسبيحات) أوعند غسل الأذنين (أذناي تصغيان لأقوال الحي
                            .

                            4- الصيام وله نوعان :

                            الصيام الكبير (صوما ربا) وهو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات وكل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه ويدوم طوال حياة الإنسان. حيث جاء في كتابهم {صوموا الصوم العظيم ولا تقطعوه إلى أن تغادر أجسادكم، صوماً كثيراً لا عن مأكل ومشرب هذه الدنيا
                            .. صوموا صوم العقل والقلب والضمير}. ثم الصيام الصغير وهو الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام محددة من السنة تصل إلى 36 يوماً لاعتقادهم بأن أبواب الشر مفتوحة تكون عندها مفتوحة على مصراعيها فتقوى فيها الشياطين وقوى الشر لذلك يسمونها بـ الأيام المبطلة
                            .
                            5- الصدقة (زدقا) :

                            ويشترط فيها السر وعدم الإعلان عنها لأن في ذلك إفساد لثوابها وهي من أخلاق المؤمن وواجباته تجاه أخيه الإنسان. حيث جاء في كتابهم {أعطوا الصدقات للفقراء واشبعوا الجائعين واسقوا الظمآن واكسوا العراة لأن من يعطي يستلم ومن يقرض يرجع له القرض} كما جاء أيضاً {إن وهبتم صدقة أيها المؤمنون، فلا تجاهروا إن وهبتم بيمينكم فلا تخبروا شمالكم، وإن وهبتم بشمالكم فلا تخبروا يمينكم كل من وهب صدقة وتحدث عنها كافر لا ثواب له

                            .
                            بعض معتقداتهم
                            مثل كل الاديان، فإن للمندائية معتقدات وطقوس خاصة بها، منها :· الايمان بعدد من الأنبياء وأن الله قد أوحى لهم بتعاليم المندائية وهم : آدم ، شيت بن آدم (شيتل)، سام بن نوح، يحيى بن زكريا (يهيا يوهنا). ولكن اسمهم ارتبط بالنبي (إبراهيم الخليل) الذي عاش في مدينة أور السومرية ـ مدينة الهة القمر نانا ـ منتصف الالف الثالث قبل الميلاد


                            .
                            · الماء هو مصدر الحياة ذاتها. ففي الوضوء أو ما يسمونه بـ (الرشامة) التي تجري عند النهر الجاري يقول المندائيين (أبرخ يرد نه آدميه هيي مشبه ماري كشطة سنخون). وتعني (تبارك الماء العظيم ماء الحياة سبحان الهي احفظ عهده) كذلك يقولون في الوضوء (مللين ابملالي اد زيوه وازهي طن بصري دنهور) وتعني (لينطقا بكلام النور وليكن ضميري نقياً مؤمناً بالصلاح). وكذلك يطهر المندي سنوياً وفق طقوس خاصة بالماء.
                            · ارتبطت طقوسهم وبخاصة طقوس التعميد، بمياه النهرين فاعتبروا نهريها (ادگـلات وپـورانون ـ دجلة والفرات) أنهاراً مقدسة تطهر الارواح والاجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والبهاء الذي يغمر آلما د نهورا (عالم النور) الذي اليه يعودون
                            .· الصوم 36 يوماً متفرقة في السنة عن الروح أي (اللحوم).· لهم نوع من أماكن التعبد تسمى (بيت مندا ـ بيت المعرفة) وهي على ضفاف الانهار لعبادة (مار اد ربوثا ـ السيد الرب)
                            .
                            · اتخذوا من الشمال (اباثر) قبلة لهم لوجود عالم النور (الجنة).· لهم لباس التعميد الأبيض (الرستة).· يحرم على رجال الدين المندائيون حلق لحاهم وشعر رؤوسهم
                            . أعيادهم
                            السنة المندائية تنقسم إلى 360 يوماً، تضاف خمسة أيام نهاية السنة تكون عيد الخليقة
                            .· البرونايا، وهو عيد الربيع : ويسمى باللهجة العامية (البنجه) وهي خمسة بالفارسي وفي هذه الأيام المقدسة تجري الطقوس ليلاً ونهاراً. وهو يعتبر العيد الأول في ( 22ـ23 ) آذار، وهناك العيد الصغير وهو يوم واحد ويصادف في شهر (تشرين الثاني



                            · العيد الكبير :

                            ويسمى عيد (الكرصه) أي الاختباء في البيوت، حيث يبدأ العيد مع اختفاء ضياء اليوم الأخير من السنة وبداية نهار اليوم الأول من السنة الجديدة. وفي اليوم الثاني يخرج الناس لمعايدة بعضهم بعضاً
                            .· يوم الأحد : هو اليوم المقدس لدى الصابئة.· هناك أيام محددة تجري فيها طقوس التعميد (يوم التعميد الذهبي) دهفه ديمانا ـ ويوم كنشيوزهلي، وهو يسبق مساء العيد الكبير. ـ

                            المراجع :
                            - الملل والنحل للشهرستاني


                            التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-03, 11:41 PM.

                            تعليق


                            • #15
                              ديانات ارضية (وضعية)
                              (13)



                              المهاريشية

                              المهاريشية نحلة هندوسية دهرية ملحدة، انتقلت إلى أمريكا وأوروبا متخذة ثوباً عصريًّا من الأفكار التي لم تخف حقيقتها الأصلية، وهي تدعو إلى طقوس كهنوتية من التأمل التصاعدي (التجاوزي) بغية تحصيل السعادة الروحية، وهناك دلائل تشير إلى صلتها بالماسونية والصهيونية التي تسعى إلى تحطيم القيم والمثل الدينية، وإشاعة الفوضى الفكرية والعقائدية والأخلاقية بين الناس.



                              مؤسسها فقير هندوسي، لمع نجمه في الستينات، واسمه مهاريشي - ماهيش - يوجي انتقل من الهند ليعيش في أمريكا ناشراً أفكاره بين الشباب الضائع الذي يبحث عن المتعة الروحية، بعد أن أنهكته الحياة المادية الصاخبة.
                              بقي في أمريكا مدة (13) سنة حيث التحق بركب نحلته الكثيرون، ومن ثَمَّ رحل لينشر فكرته في أوروبا وفي مختلف بلدان العالم.
                              في عام (1981) م, انتسب إلى هذه الفرقة ابن روكفلر عمدة نيويورك السابق، وخصَّص لها جزءًا من أمواله يدفعها سنويًّا لهذه الحركة، ومعروف انتماء هذه الأسرة اليهودية إلى الحركة الصهيونية والمؤسسات الماسونية.

                              الأفكار والمعتقدات


                              لا يؤمن أفراد هذه النحلة بالله سبحانه وتعالى، ولا يعرفون إلا المهاريشي إلهاً وسيداً للعالم.
                              لا يؤمنون بدين من الأديان السماوية، ويكفرون بجميع العقائد والمذاهب، ولا يعرفون التزاماً بعقيدة إلا بالمهاريشية التي تمنحهم الطاقة الروحية - على حدِّ زعمهم - وهم يرددون: لا رب .. لا دين.
                              لا يؤمنون بشيء اسمه الآخرة أو الجنة أو النار أو الحساب.. ولا يهمهم أن يعرفوا مصيرهم بعد الموت؛ لأنهم يقفون عند حدود متع الحياة الدنيا لا غير.
                              حقيقتهم الإلحاد، لكنهم يظهرون للناس أهدافاً براقة؛ لتكون ستاراً يخفون بها تلك الحقيقة. فمن ذلك أنهم يدعون إلى التحالف من أجل المعرفة أو علم الذكاء الخلاق، ويفسرون ذلك على النحو التالي:
                              علم: من حيث دعوتهم إلى البحث المنهجي التجريبي.
                              الذكاء: من حيث الصفة الأساسية للوجود، متمثلاً في هدف ونظام للتغيير.
                              الخلاق: من حيث الوسائل القوية القادرة على إحداث التغييرات في كل زمان ومكان.
                              وهم يصلون إلى ذلك عن طريق (التأمل التجاوزي) الذي يأخذ بأيديهم - كما يعتقدون- إلى إدراك غير محدود.
                              (التأملات التجاوزية) تتحقق عن طريق الاسترخاء، وإطلاق عنان الفكر والضمير والوجدان حتى يشعر الإنسان منهم براحة عميقة تنساب داخله، ويستمرُّ في حالته الصامتة تلك حتى يجد حلاًّ للعقبات والمشكلات التي تعترض طريقه، وليحقق بذلك السعادة المنشودة.
                              يخضع المنتسب للتدريب على هذه التأملات التصاعدية خلال أربع جلسات موزعاً على أربعة أيام، وكل جلسة مدتها نصف ساعة.
                              ينطلق الشخص بعد ذلك ليمارس تأملاته بمفرده، على أن لا تقل كل جلسة عن عشرين دقيقة صباحاً، ومثلها مساءً كل يوم وبانتظام.



                              من الممكن أن يقوموا بذلك بشكل جماعي، ومن الممكن أن يقوم به عمال في مصنع رغبةً في تجاوز إرهاقات العمل وزيادة الإنتاج.
                              يحيطون تأملاتهم بجوٍّ من الطقوس الكهنوتية مما يجعلها جذَّابة للشباب الغربي الغارق في المادة، والذي يبحث عما يلبي له أشواقه الروحية.
                              ينطلقون في الشوارع يقرعون الطبول، وينشدون، دون إحساس بشيء اسمه الخجل أو العيب أو القيم، ويرسلون شعورهم ولحاهم، ولعلَّ بعضهم يكون حليق الرأس على نحو شاذ، وهيئتهم رثة، كل ذلك جذباً للأنظار، وتعبيراً عن تحللهم من كل القيود.
                              استعاض المهاريشية عن النبوة والوحي بتأملاتهم الذاتية، واستعاضوا عن الله بالراحة النفسية التي يجدونها، وبذلك أسقطوا عن اعتبارهم مدلولات النبوة والوحي والألوهية.
                              يطلقون العنان لشبابهم وشاباتهم لممارسة كل أنواع الميول الجنسية الشاذة والمنحرفة؛ إذ إن ذلك- كما يعتقدون - يحقق لهم أعلى مستوى من السعادة. وقد وجد بينهم ما يسمى بالبانكرز، وما يسمى بالجنس الثالث.
                              يدعون شبابهم إلى عدم العمل، وإلى ترك الدراسة، وإلى التخلي عن الارتباط بأرض أو وطن، فلا يوجد لديهم إلا عقيدة المهاريشي، فهي العمل وهي الدراسة وهي الأرض وهي الوطن.
                              عدم إلزام النفس بأي قيد يحول بينها وبين ممارسة نوازعها الحيوانية الطبيعية.
                              يحثون شبابهم على استخدام المخدرات كالماريجوانا والأفيون حتى تنطلق نفوسهم من عقالها سابحة في بحر من السعادة الموهومة.



                              يلزمون أتباعهم بالطاعة العمياء للمهاريشي، وعدم الخضوع إلا له؛ إذ إنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يفعل أي شيء.
                              يلخِّصون أهدافهم ومجالات عملهم بسبع نقاط براقة، تضفي على حركتهم جوًّا من الروح العلمية الإنسانية العالمية، وهي أهداف لا يكاد يكون لها وجود في أرض الواقع وهي:
                              1- تطوير كل إمكانات الفرد.
                              2- تحسين الإنجازات الحكومية.
                              3- تحقيق أعلى مستوى تعليمي.
                              4- التخلص من كل المشكلات القديمة للجريمة والشر، ومن كل سلوك يؤدي إلى تعاسة الإنسانية.
                              5- زيادة الاستغلال الذكي للبيئة.
                              6- تحقيق الطموحات الاقتصادية للفرد والمجتمع.
                              7- إحراز هدف روحي للإنسانية.
                              أما وسائلهم المعتمدة لتحقيق هذه الأفكار فهي:
                              1- افتتاح الجامعات في الأرياف والمدن.
                              2- نشر دراسات عن علم الذكاء الخلاق، والدعوة إلى تطبيقها على المستوى الفردي والحكومي والتعليمي والاجتماعي، وفي مختلف البيئات.
                              إنها ديانة هندوسية مصبوغة بصبغة عصرية جديدة من الحرية والانطلاق.
                              إنها مزيج من اليوغا ومن الرياضات المعروفة عند الهندوس.
                              خالطت معتقداتها طقوس صوفية بوذية هندية.
                              تأثر مذهبهم بنظرية أفلوطين الإسكندري في الفلسفة الإشراقية.
                              إن استشراف الحق عن طريق التأمل الذاتي نظرية قديمة في الفلسفة اليونانية، وقد بعثت هذه النظرية من جديد على يد ماكس ميلر، وهربرت سبنسر، وبرجسون، وديكارت، وجيفونس، وأوجست، وغيرهم.
                              كان لفلسفة فرويد ونظريته في التحليل النفسي، ولآرائه في الكبت، وطرق التخلص منه النصيب الوافر في معتقدات هذه النحلة، التي راحت تبحث عن سعادتها عن طريق الإرواء الجنسي بشتى صوره.



                              مؤسسها هندوسي لم يجد له مكاناً في الهند؛ لمضايقة الهندوس له؛ لخوفهم من استقطابه الأتباع بسبب اتباعه سياسة الانفتاح الجنسي.
                              انتقل إلى أمريكا وأنشأ جامعة في كاليفورنيا، ومن ثمَّ انتقل إلى أوروبا وصار له أتباع فيها، ورحل بحركته إلى أفريقيا، ليقيم لها أرضية في ساليسبورغ، ووصلت دعوته إلى الخليج العربي ومصر حيث يزرع الأتباع هنا وهناك، ويتحرك فوق ثروة مالية هائلة.
                              وتملك المهاريشية إمكانيات مادية رهيبة تدعو إلى التساؤل والاستغراب، وتشير إلى الأيدي الصهيونية والماسونية التي تقف وراءها مستفيدة من تدميرها لأخلاق وقيم الأمم.
                              في عام (1971) م, أنشأ زعيمهم جامعة كبيرة في كاليفورنيا سمَّاها (جامعة المهاريش العالمية) ويقول بأنه فعل ذلك بعد أن أحسَّ بتقبل مذهبه في أكثر من (600) كلية وجامعة في أنحاء العالم.
                              وفي عام (1974) م, أُعلن عن قيام الحكومة العالمية لعصر الانبثاق برئاسة مهاريشي - ماهيشي - يوجي ومقرها سويسرا، كما أن لهذه الدولة دستوراً ووزراء وأتباعاً وثروة طائلة واستثمارات في مختلف أنحاء العالم.
                              في كانون الأول (1978) م, ادعوا بأن حكومتهم المهاريشية قد أرسلت إلى إسرائيل بعثة من (400) محافظ ليقيموا دورة هناك لثلاثمائة رجل حتى تجعل الشعب أكثر اجتماعية وأقل حدةً وتوتراً.
                              يعتبر عام (1978) م, عام السلام لديهم، حيث إنهم قد أعلنوا أنه لن تقهر أمة في العالم بعد ذلك. وقد دعوا في ذلك العام إلى عقد مؤتمر في ساليسبورغ؛ لتكوين نظام عدم القهر لأية أمة، كما أسس فيه المجلس النيابي لعصر الانبثاق.
                              كتبهم ومطبوعاتهم تكتب بماء الذهب، وهم يمتلكون أكبر المصانع والعقارات في أوروبا، وقد اشتروا قصر برج مونتمور في بريطانيا؛ لتأسيس عاصمتهم الجديدة هناك.
                              يحرصون دائماً على اعتبار مؤسستهم مؤسسة خيرية معفاة من الضرائب، على الرغم من غناهم الفاحش.
                              يخدم مع المهاريشي سبعة آلاف خبير، ويشتري هذا المهاريشي، الفقير أصلاً، عشرات القصور الفارهة فمن أين له ذلك ؟
                              إن اليهودية قد وجدت فيها خير وسيلة لنشر الانحلال والفوضى بين البشر، فتبنتها ووقفت وراءها مسخرة لها الأموال والصحافة، وعقدت لها المناقشات؛ لطرح نظريتها والدعوة إليها.



                              وصل بعضهم إلى دبي، وعقدوا اجتماعاً في فندق حياة ريجنسي، يدعون فيها علانية لمذهبهم، وقد أُلْقِي القبض على هؤلاء الأشخاص الأربعة الذين قدموا إليها بتأشيرة سياحية، ثم أُبعِدوا عن البلاد.
                              وصل بعضهم إلى الكويت، وتقدَّموا بطلب للحصول على ترخيص لهم باعتبارهم مؤسسة خيرية غير تجارية، وقد نشروا في الصحافة الكويتية أكثر من مقال، وبثَّ لهم التلفزيون الكويتي بعض المقابلات قبل أن تتضح أهدافهم الحقيقية.
                              نظموا دورة لموظفي وزارة المواصلات في الكويت في فندق هيلتون، وقد دعوا الموظفين أثناء الدورة إلى مراجعة مواريثهم العقائدية والفكرية.
                              طُرد المهاريشي من ألمانيا بعد أن ظهر أثره السيئ على الشباب.
                              نشرت رابطة العالم الإسلامي في مكة بياناً أوضحت فيه خطر هذا المذهب على الإسلام والمسلمين، مؤكدة ارتباطه بالدوائر الماسونية والصهيونية.

                              ويتضح مما سبق:
                              أن المهاريشية دين هندوسي وضعي دهري ملحد، لا يعترف بالآخرة، ويدعو إلى إلغاء كافة العقائد والأديان السابقة، ويطالب بالتخلي عن كل القيود والتعاليم الخلقية، ويسعى لاستقطاب الشباب، وإغراقه في متاهات التأمل التجاوزي، والانحلال الجنسي، والسقوط فريسة سهلة للمخدرات. والحقيقة أن المهاريشية ما هي إلا ضلالة جديدة انتهزت فرصة إخفاق النصرانية في احتواء الشباب، وظهور صرعات الهيبيز والخنافس وأبناء الزهور، فتقدَّمت لتملأ الفراغ، تحت وهم جلب الراحة النفسية، ومطاردة موجات القلق والاضطراب، عن طريق الرياضات الروحية، بعيداً عن طريق الوحي والنبوات.
                              ولا يستبعد أن تكون ذراعاً جديداً للماسونية، ويرى الكثيرون في ماهيش يوغي مؤسس المهاريشية أنه راسبوتين العصر، لطابع الدجل والاستغلال والانحراف الذي يتحلَّى به.

                              المراجع


                              - الموسوعة الميسرة للأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة.


                              - الملل والنحل للشهرستاني.



                              التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-02-04, 02:22 PM.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X