إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسرار قرية " ريني دي شاتو"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسرار قرية " ريني دي شاتو"



    أسرار قرية
    " ريني دي شاتو"

    لم يكن التوصل إلى الخيوط التي أدت الى اكتشاف الأسرار الخطيرة التي أحاطت بقرية " ريني دي شاتو" نتيجة تخطيط مسبق أو نظرية ناجزة, بالعكس انفتحت هذه الكوة من الأسرار عبر محاولة بسيطة لتفسير ظاهرة تاريخية غامظة وقعت أحداثها في أواخر القرن التاسع عشر.



    لكن الأسرار التي تكشفت صفحاتها عفويا و بالتدريج كانت مذهلة فاقت كل تصورات الباحثين. كانت الصورة التي برزت من أخطر ما عرفته البشرية في تاريخها الطويل. بدأ الأمر عاديا, مجرد تحقيق علمي يحاول إزاحة الستار عن سر كمين وراء عدد من الأحداث التاريخية الغامضة التي وقعت في القرن الماضي. وبرغم الإثارة لتي كانت تتسم بها هده الأحداث. إلا أنها تظل مجرد أحدات محلية ينحصر الاهتمام بها في إطار ضيق لا يتعدى حدود قرية صغيرة مغمورة في جنوب فرنسا. وبرغم تنوع هذه الأحداث و تفرعها إلا أن دراستها كان عملا أكاديميا محضا يخص عدد من المؤرخين المتخصصين وحدهم. و لقد كان غاية ما يرمي إليه هذا البحث الأكاديمي هو إلقاء الضوء على بعض جوانب غامضة من تاريخ العالم الغربي. أما أن يؤدي الكشف إلى إعادة كتابة هذا التاريخ برمته فهو ما لم يكن يخطر على بال أحد. انطلق البحث من قصة عادية يتداولها الناس في جنوب فرنسا لا تختلف كثيرا عما يتداوله الريفيون عن الكنوز المخبوءة و الحكايات السحرية الغامضة التي تزيل وحشية أمسياتهم.


    بطل القصة قسيس شاب يدعى ابيرنجر سونيير, وفد الى قرية ريني دي شاتو جنوب فرنسا ليتولى أمر كنيستها في أول حزيران يونيو عام 1885. و كان سونيير شابا وسيما في الثالث و الثلثين من عمره يمتلىء حيوية ونشاطا و يتمتع بقدر عظيم من الذكاء و سعة الإطلاع. و كان واضحا أن هذا المنصب القروي البسيط لا يتناسب و قدراته و سعة علمه. و قد أشيع أنه أتى فعلا ما – لا يذكره أحد – أغضب رؤسائه فأرسلوه إلى هذه القرية النائية تخلصا منه. و كانت قرية ريني دي شاتو الجبلية التي لا يتعدى سكانها المائتين, فعلا مجرد منفى بعيد عن كل مظاهر الحظارة و المدنية, لا تثير اهتمام أحد و لا تبعت عن أي نشاط فكري أو رغب في البحت العلمي. ولا شك إن الانتقال إليها كان ضربة قاصمة لطموحات سونيير لولا تعزية أنه كان من أبناء المنطقة. وهو إذ يعود إليها إنما يعود إلى موطن طفولته و صباه. كان متوسط دخل سونيير بين عامي 1885 و 1891 لا يتعدى بالفرنكات الفرنسية مبلغ يوازي ستة جنيهات إسترلينية في العام. و برغم ضالته بمقياس اليوم إلا أنه كان يعتبر معاشا مناسبا لقسيس قرية صغيرة. و خلال هذه الأعوام الستة كان سونيير, فيما يبدو سعيدا متكيفا مع حياته الجديدة, يشارك أهل القرية حياتهم الاجتماعية, و يرعى شؤونهم الدينية, و يمارس الرياضة, ويقرأ كثيرا في اللغات اللاتينية و الإغريقية و العبرية. و كانت ترعى حياته المنزلية خادمة ريفية في الثامنة عشرة من عمرها اسمها ماري د ناردو و قد ظلت ملازمة له طوال حياته و مستودع أسراره.


    ماري ديناردو

    أغرم سونيير بدراسة تاريخ المنطقة و التنقيب في آثارها التي تحيط بها من كل جانب بحكم موقعها التاريخي القديم في طريق القوافل بين أرويا و إسبنيا. فعلي بعد أميال قليلة في الجنوب الشرقي تقف قلاع (فرسان المعبد) الدين كان لهم دور بارز في الحروب الصليبية, و على مقربة ميل واحد نحو الشرق تمتد أطلال قرية بلانشفورت موطن أسلاف بيرتراند بلانشفورت الأستاذ الأعضم لفرسان المعبد في منتصف القرن الثاني عشر.


    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-29, 12:42 PM.

  • #2
    أسرار قرية
    " ريني دي شاتو"
    (2)



    أن الأثر التاريخي الذي قدر له أن يلعب دورا كبيرا في حياته, عثر عليه بمحض الصدفة. فقد كان سونيير ينوي القيام بترميم كنيسة القرية التي بنية في سنة 1059 م على أنقاض بناء قديم يرجع تاريخه الى القرن السادس. وفي عام 1791 م بدأ سونيير بداية متواضعة و أقترض لهذا الغرض مبلغا بسيطا من أهل القرية. و ما كاد العمل يتقدم قليلا, حتى تبين أن أحد الأعمدة الرئيسية القديمة مجوفة من الداخل و قد تبين أنه يحتوي على أسطوانة خشبية مختومة بها أربع وثائق تاريخية... اثنتان تتضمنان تاريخ أنساب قديمة ترجع إحداهما إلى عام 1244 م و الثانية إلى عام 1644 م. أما الوثيقتان الأخرويتان فقد وضعاهما قسيس الكنيسة الأسبق أنطوان بيجو في عام 1780 م و كانت تربطه علاقة وطيدة بأسرة بلانشفورت أحد العائلات الكبرى المنتمية لفرسان المعبد.

    وتبدو هاتان الوثيقتان الأخيرتان في الظاهر مجرد مقتطفات لاتينية من العهد الجديد, لكن تركيب الألفاظ في غير موضعها, ووضع حروف زائدة في النص ووجود كلمات و جمل غير واضحة المعنى, يوحي بوجود شفرة سرية أو رسالة خفية بين السطور. وبرغم أن سونيير لم يستطع منذ الوهلة الأولى فك طلاسم هذه الرسالة, فقد أدرك أنه أمام سر كبير و خطير دفعه إلى استشارة رئيسه المباشر في المنطقة الذي سمح له بالسفر إلى باريس لعرض هذه الوثائق على مجموعة من علماء الكهنوت الكبار.

    في باريس قضى سونيير ثلاثة أسابيع, لا أحد يدري ما دار بينه و بين العلماء الذين التقى بهم أكتر من مرة, لكن الذي شهده الناس أنه أصبح فجأة من الشخصيات الهامة و أحد أفراد دائرة الأرستقراطية الباريسية و هي دائرة مغلقة في العادة تضم نفرا من لرجال الطبقة العليا في المجتمع إلى جانب مشاهير الكتاب و الفنانين.

    و اتسمت عودته إلى القرية بنشاط فائق و بخاصة في عمليات الترميم و الحفريات التاريخية كما شوهد يقوم بأعمال لم يجد لها الناس أي تفسير, منها محاولة إزالة بعض الآثار و محو بعض النقوش على القبور في الفناء الخارجي. و بدأ في الوقت ذاته يدخل في مراسلات لا تنقطع مع أناس مجهولين في أنحاء فرنسا بالإضافة إلى عدد من الشخصيات في المنيا و سويسرا و اطليا و إسبنيا و النمسا. و قد كان يصرف في أجور البريد وحدها أكثر مما كان يتسع له أجر المتواضع.

    دخل أيضا في معاملات مريبة مع عدد من المصاريف, بل أن أحد هذه المصاريف أرسل مندوبا خصيصا من باريس لمناقشة بعض المسائل المالية الخاصة سونيير.
    التـحـــــــــــول الكـــــــــبيــــر

    و في الفترة التي تلت عام 1896 م بدأ يصر بلا حدود و قد قدر ما صرفه حتى وفاته عام 1917 م بما يوازي عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية. كان يصرف على شراء الكتب النادرة و المخطوطات و قطع الأثاث النفيسة, و كانت بعض أوجه الصرف توجه إلى أعمال خيرية عامة منها مثلا بناء شارع حديت في القرية و مشروع لتوفير المياه النقية, و كان أكثرها يبدد في مشاريع إفتخارية منها بناء برج عالي فوق الجبل اسماه برج ( برج ماجدلا) كان يلتقي فيه السلاطين بكبار الزوار من فرنسا و أوروبا, و قصر ريفي باهظ التكاليف لم يسكنه قط.


    أما أكثر أوجه الصرف غرابة و شذوذا فقد كان يتعلق بالكنيسة نفسها فقد أعاد بناء أجزاء منها, و قام بنقشها بأشكال غريبة بلغت غاية من الشذوذ, مثلا نقش فوق الباب الخارجي جملة لاتينية تقول ( هذا مكان فظيع ) و في المدخل و ضع تمثال مرعب للشيطان الأسطوري (( أسموديوس )) حارس الأشرار وراعي الكنوز المخبوءة و الذي تنسب له الأساطير اليهودية. و ملئت الحيطان بكتابات محرفة فيها خروج عن المألوف و المتعارف.

    و في مسكنه الجبلي كان سونيير يقيم المآدب الكبرى لأهل القرية و كبار الزوار الذين كانوا يفدون إليه من كل أنحاء أوروبا, منها مغنية الأوبرا الشهيرة إيما كالفي و وزير الثقافة الفرنسي و من أشهرهم الأمير جوهان فون هابسبيرج ابن عم فران جوزيف إمبراطور النمسا. و قد أثبتت الوثائق أن سونيير و الأمير فتحا حسابا مصرفيا في يوم واحد و أن الأمير حول لحساب سونيير مبالغ كبيرة.

    الغريب في الأمر أن هذا الوضع لم يحرك الدوائر العليا في الكنيسة للتحري بل و أكتر من دالك عندما حاول الأسقف الجديد استجواب سونيير ووجه بالتحدي السافر و رفض سونيير أن يوضح مصدر ثرائه. و عندما قام الأسقف بإيقافه عن العمل أعاده الفاتيكان إلى منصبه فورا.
    الاعـــــــترافـــــات المــذهــلـة

    و في يوم 17 من كانون الثاني (يناير) عام 1917م أصيب سونيير و هو في الخامسة و الستين من عمره بنوبة قلبية حادة مفاجئة. ووقع هذا الحدث في هذا اليوم بالذات يعمق الشعور بالغموض الذي اكتنف حياة سونيير فهو نفس التاريخ المنقوش على مقبرة بلانشفورت القديمة التي ظهرت في لوحة الفنان التشكيلي المشهور نيكولاس بواسان.

    و مما يجعل هذا التاريخ مثير للريبة و الدهشة أنه قد ثبت من الوثائق أن خادمته ماري دينارنود طلبت قبل خمسة أيام من هذا التاريخ أي في يوم 12 كانون الثاني من ( يناير) إعداد نعش لسيدها في الوقت الذي كان يتمتع بشهادة معاصريه بصحة جيدة.

    على أن الذي حدث بعد ذلك كان أغرب. فحين كان يعاني من سكرات الموت على أثر النوبة القلبية, استدعى قسيس القرية المجاورة للاستماع إلى اعترافاته و أداء الشعائر الأخيرة له حسب الطقوس المسيحية. و جاء القسيس في الموعد المحدد و دخل غرفة المريض المحتضر. يقول شهود عيان أنه خرج و هو في حالة شديد من الذهول و الاضطراب و يؤكد لبعض انه لم يبتسم بعد ذلك أبدا و يضيف آخرون أنه أصيب بحالة من الغم استمرت تنتابه لعدة شهور.

    و بغض النظر عن هته الأقوال أن كانت صحيحة أو مبالغ فيها فإن الشيء الثابت أنه رفض إقامة الشعائر الأخيرة لسونيير بعد أن استمع إلى اعترافاته.

    ترى أي شيء هزه إلى هذا الحد؟ ـ
    و ما هي الاعترافات التي تصل إلى حد حرمان الرجل المحتضر من الشعائر الأخيرة له؟


    يتبع

    تعليق


    • #3
      أسرار قرية
      " ريني دي شاتو"
      (3)



      أحدات غريبة

      لم تكن هذه نهاية مسلسل الأحداث الغريبة. ففي يوم 22 كانون الثاني (يناير) عام 1917م توفى سونيير و في اليوم التالي شاهده أهل القرية و قد أجلس جسده على الكرسي في و ضع مستقيم في برج ( ماجدالا ) و قد تحلى بثوب قاني اللون مطرز الأطراف. و جاء أناس غرباء لا يدري أحد من هم و من أين أتوا. كانوا يمرون أمام الجثة و يقطعون أجزاء من هذا التوب و يأخذونه تبركا و تذكرة. و لم يستطع أحد من القرية أن يجد تفسيرا لهذه الظاهرة الغريبة. و لقد كان الجميع ينتظر بفارغ من الصبر معرفة وصية سونيير و لكن سرعان ما أصابتهم الدهشة لما علموا انه مات معدما. و قد ذهب البعض في تفسير ذالك مذاهب شتى. و يقلون أنه عمد قبل وفاته بقليل إلى تحول كل ثرواته إلى خادمته الوفية ماري ديناردو وقيل بل كانت الثروة باسمها مند البداية, لا أحد يدري الحقيقة. بعد وفات سونيير استمرت ماري تعيش حياة ميسورة في نفس المسكن حتى عام 1946م. و بعد الحرب العالمية الثانية أصدرت الحكومة الفرنسية الجديدة عملتها. و حتى تقطع الطريق أمام المتهربين من الضرائب و المتعاونين مع النازية أثرياء الحرب فرضت على كل من يأتي لتبديل عملته أن يوضح مصدر ثروته. وفي هدا مواجهة الموقف الذي يضطرها إلى توضيح لا ترغب فيه فضلت ماري الفقر. و لقد شوهدت في حديقة منزلها تحرق أكواما من الأوراق المالية القديمة. و على مدى السنوات السبع التالية عاشت ماري حياة متقشفة على ريع منزل باعته. و لقد أخبرت المشتري ( نويل كوربو) أنها ستطلعه قبل وفاتها على سر خطير لن يجعله غني فقط بل سيضع في يده النفوذ و السلطة أيضا. لكن ذلك لم يتم. ففي يوم 29 كانون الثاني (يناير) عام 1953م أصيبت ماري كسيدها بنوبة قلبية مفاجئة أفقدتها النطق و ماتت بعد ذالك بقليل و هي تحمل سرها معها.
      كنوز الأساطير
      هذه هي القصة في إطارها العام كما عرفتها فرنسا في الستينات من القرن الماضي, وهي قصة مثيرة للجدل و الفضول تترك وراءها خيوط من التساؤلات, أبرزها بالطبع مصدر ثراء سونيير. كيف هبطت عليه هذه الثروة الطائلة؟ أي سر مزعج وراء كل هذه الأحداث؟ كان على وجه التحديد هذا هو منطلق البحث. و كان طبيعيا أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون. إن الرأي السائد لدى كثير من الباحثين أن سونيير لابد أن يكون قد عثر على أحد الكنوز التاريخية التي تتحدث الأساطير العديدة عن وجودها في هذه المنطقة الأثرية. و لقد كانت هذه الأساطير من القوة بحيث دفعت الموسيقار المعروف ريتشارد فاجنر الى زيارة قرية ريني دي شاتو قبل أن يشرع في تأليف أوبرا ( بارسيفال ) كما قامت قوات الاحتلال النازية في الفترة مابين 1940م و 1945م بحفرات واسعة النطاق في المنطقة دون جدوى. تنسب الأساطير هذه الكنوز إلى جماعة الكاثار الدينية كما تتحدث عن كنوز مخبأة في المنطقة تخص فرسان المعبد و أخرى تخص أسرة المروفنجيان التي كانت تحكم فرنسا بين القرنين الخامس و الثامن حيث كانت قرية ريني دي شاتو تحتل مركز هام في حكمهم و بخاصة في عهد داقوبيرت الثاني وربما كانت مخبأ لأموالهم, و لعل من الملائم أن نورد أن إسم داقوبيرت قد ورد في الوثائق التي عثر عليها سونيير.

      بالإضافة إلى ذلك هناك ما يقوي الاحتمال بوجود كنز هيكل القدس الأسطوري في هذه المنطقة, ففي عام 66م ثارت فلسطين على الحكم الروماني, وبعد أربعة أعوام من ذلك أي في عام 70م قام تيتوس بتحطيم مدينة القدس و نهب محتويات الهيكل و نقلها بما تحويه من كنوز ثمينة إلى روما. و حين قام القوط بقيادة الأريك الأكبر بغزو روما في عام 410م نهبوا بدورهم كل محتوياتها بما في ذلك كنوز هيكل سليمان.
      حقيقة الكنز
      قد يفسر اكتشاف سونيير لأحد هذه الكنوز هذه الثروة المفاجئة التي هبطت عليه. و في هذه الحالة تدخل القصة في عداد القصص الشعبية عن الكنوز المخبوءة. لكن ثمة مؤشرا في القصة تدل على أن الأمر يتجاوز مجرد العثور على كنز تاريخي قديم إذ أن ذلك لا يفسر الكثير من الجوانب الغامضة. لا يفسر هذا القبول الفري لسونيير مثلا وهو القسيس المغمور في الأوساط العليا في المجتمع الباريسي و الأوروبي, و لا اهتمام الإدارة العلية به إلى حد حمايته من غضب رئيسه و هو أمر لا يحدث مطلقا في أوساط الكنيسة إلا لأسباب واضحة و معلنة. و مجرد و جود كنز لا يفسر تصرف القسيس الغريب و رفضه لإقامة الشعائر الدينية لسونيير و هو في فراش الموت. أو زيارة أحد أمراء بيت هابسبيرج لقرية مغمورة في جنوب فرنسا و بخاصة في سنة 1916م و بلده في حالة حرب مع فرنسا. أو حديت ماري, عن سر خطير تريد إفشاءه قبل وفاتها أو حرقها للأوراق المالية القديمة. الأمر إذن لا يتعلق بثروة مادية. هناك سر ما يتجاوز قرية صغير إلى العلم كله. إذا كان الأمر كذلك فهل كان ثراؤه نتيجة معرفته لهذا السر؟

      بمعنى آخر هل كانت هناك هيئ ما يبتزها نتيجة معرفته هذا السر؟ الذي نعرفه أن سونيير حصل على هذه الأموال عن طريق الأمير جوهان فون هابسبيرج فهل هو الشخص المعني بالابتزاز؟ هذا احتمال بعيد. إذ أن كان هناك سر فلابد أن يكون دينيا لا سياسيا. من ناحية أخرى يلاحظ المتتبع لسيرة سونيير أن هناك هيئة وحدة تقيم له ألف حساب هي الفاتيكان. لماذا؟ لماذا غض الفاتيكان الطرف عن رجل يتلقى معاشا سنويا لا يتعدى الستة جنيهات و يصرف الملايين؟
      و لماذا خرج عن تقاليده و ألغى إجراءا تأديبيا في حقه؟
      هل كان الفاتيكان يخشى هذا السر الذي وقع عليه سونيير؟
      ان ذلك يبدو بعيد التصديق, إذ ماذا يملك إنسان لا حول له و لا قوة أمام مؤسسة عاتية كالفاتيكان؟
      و لكن ماذا لو كان يمارس الضغط عن طريق قوى لها وزنها كأمير هابسبيرج مثلا أو وزير الثقافة الفرنسي أو غيريهما من الشخصيات المختبئة وراء الستار؟


      و ما صلبوه

      حين بدأت هذه التساؤلات تثار على اثر فيلم وثائقي عرض في لندن في عام 1972م, كتب قسيس إنجيلي لمخرج الفيلم رسالة تحمل ادعاءا مذهلا. يقول الكاتب في رسالته بأن لديه معلومات شخصية بأن الكنز الذي عثر عليه سونيير ليس كنزا من الذهب و الأحجار الكريمة و لكنه يحتوي على برهان قاطع جازم بأن قصة صلب المسيح مفتعل من أساسها و أنه لم يصلب قط بل و هناك ما يثبت أنه عاش حتى عام 45 ميلادية.

      و برغم لا معقولية هذا الادعاء في الأوساط المسيحية, فقد قام القائمون على الفلم من باب الفضول بالإتصال بكاتب الرسالة الذي اكتفى بتأكيد زعمه مضيفا أنه علم بوجود هذا البرهان القاطع من قسيس آخر يدعى الفرد للي و هو مؤلف مشهور مات في عام 1940م. ولما تبين بعد التحقيق بأن للي له علاقة وثيقة بالدائرة التي تعرف إليها سونيير بباريس بدأ النظر إلى الرسالة بشيء من الجدية. و بدأت تكتشف خيوط أخرى .

      تبين من خلال دراسة حياة الفنان التشكيلي بواسان في القرن السابع عشر و الذي ورد اسمه في القصة المتداولة حول سونيير إنه كان على علم بسر خطير لم يكشف النقاب عنه و أن هذا السر كالسر الذي وعدت ماري بإفشائه يكسب الذي وقع عليه مالا و نفوذا. ففي عام 1606م زاره في روما حيث كان يقيم القس لويس فوكيت أخ نيكولاس فوكيت المشرف على شؤون فرنسا المالية في عهد لويس الرابع عشر. و على أثر هذه الزيارة كتب القس لأخيه رسالة يقول فيها " لقد ناقشنا أشيء معين سأطلعك عليها بالتفصيل’ أشياء ستمنحك مزايا لا تتأت حثى للملوك’". وما من أحد من المفسرين و كتاب سيرة استطاع تفسير هذه الفقرة. المهم أن نيكولاس فوكيت اعتقل فجأة بعد استلامه هذه الرسالة – لا يدي أحد ان كان للرسالة أية علاقة بدالك


      – و القي في السجن و وضع في حبس إنفرادي بل أدخل في قفص حديدي يمنعه من الإتصال بأي إنسان. و قام لويس الرابع عشر بمصادرة كل رسائله بل اطلع عليها شخصيا. بل أن الملك قام بجهود شخصية للحصول على لوحة الرعاة لبواسان. و الذي يميز هذه اللوحة بذات, و التي تصور ثلاثة رعاة و راعية يقفون أمام قبر قديم – انه قد ثم اكتشاف مقبرة في أوائل السبعينات تكاد تكون طبق الأصل من المقبرة التي رسمها بوسان في لوحته. على المقبرة نقش تحدى كل محاولات طمسه يقول بعد فك تشفيره ( هنا يكمن مستودع الأسرار).

      هناك خيط يربط كل تلك الأطراف و الأحداث بصورة ما و كان الإغراء شديد لمواصلة البحث, فماذا كانت النتيجة؟




      يتبع


      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-29, 01:02 PM.

      تعليق


      • #4
        أسرار قرية
        " ريني دي شاتو"
        (4)



        الكاثار و معتقداتهم

        و مما يقوي عثور سونيير على احد الكنز التاريخية ان منطقة ريني دي شاتو منطقة أثرية ذات تاريخ حافل بالجماعات السرية و الكنوز الثرية. من بين أهم هذه الجماعات التي عاشت في المنطقة ( الكاثار ) الذين اتهمو بالزندقة, و أخمدت الكنيسة الكاثوليكية حركتهم في القرن الثالث عشر بحملات الإبادة الوحشية التي عرفت باسم الحملات الصليبية البجنسية, و الكاثار يبرزون بصورة واضحة في القصص المتداولة حول سونيير.

        ولقد كان الكاثار حملة حضارة و فكر متقدم و متطور لم يتحقق في ذلك الزمان إلا لدولة البيزنطية. و كانوا ينعمون بحياة مرهفة منعمة, أغرت بهم المجتمعات الشمالية المتخلفة و قيادة الكنيسة الكاثوليكية التي كانت ترى بؤرة لزندقة و (جذام الجنوب) أصبحت تهدد بقوتها و انتشارها و جاذبيتها سلطة الكنيسة. و لقد بلغ تحرش الكنيسة بهم أقصاه في عام 1165م حين أصدرت مرسوما دينيا بالقضاء عليهم.

        و المبادئ التي يعتنقها الكاثار متعددة لا تدخل في إطار معتقد واحد. و أصابها الكثير من التحريف و المبالغة على أيدي الرواة و أكثرهم من خصومهم.

        و يقال نهم كانوا يؤمنون بتناسخ الأرواح, و قدسية الأنوثة المتمثلة في إيزيس المصرية و مريم العذراء و مريم المجدلية. و كان بعض كهنتهم من النساء.

        بيد أن أهم معتقداتهم التي أدت إلى اتهامهم بالزندقة و الكفر إيمانهم بفكرة الثنائية المغالية, و مؤداها أن العلم يخضع لصراع قوتي الخير و الشر, الروح و الجسد, العالم العلوي و العالم السفلي ( الطاقة السلبية و الطاقة الإيجابية). و بالنسبة للكاثار فإن هذا الصراع يدور بين قوتين متكافئتين, فكأنما يجعلون لله شريكا. فهم يختلفون عن الأديان السماوية التي تؤمن بأن الشيطان مخلوق من مخلوقات الله. وهم كنون عن جانب الخير و سمو الروح بإله الحب, و عن القوة الشريرة و المادة بملك الأرض.

        و الذي جلب عليهم بصفة خاصة كره الكنيسة و تسبب في انقضاضها عليهم بتلك الشراسة المتناهية هو موقفهم من المسيح عليه السلام فهم ينكرون ألوهية المسيح, لأنهم يرفضون تجسد الإله في شكل مادي هو بالنسبة إليهم شر. كما يرفضون أن يكون قد صلب, فالمسيح عليه السلام بالنسبة إليهم نبي بشر كغيره من الأنبياء و الرسل. و لأنهم لا يؤمنون بالوسطاء و الكهنوت فهم لا يرون مبرر للكنيسة و يعتبرون أي مكان في الخلاء و أي بناء صالح للعبادة مادام طاهرا. و يعتقدون أن رومـــا مقر الفاتيكان هي النقيض للإله الحب و لهذا كانت حروف كلمة (( رومـــا )) هي نفس كلمة حــب مقلوبة (أمور). و لأنهم يعتبرون الجسم أداة من أدوات الشر و مملكة الأرض, فقد كانوا نباتيين كما كانوا يبغضون التناسل و يبيحون و يمارسون أساليب منع الحمل و الإجهاض, الأمر الذي دعا الكنيسة إلى اتهامهم بالانحراف الجنسي و الممارسات المنحطة.

        هذا هو المذهب الذي بدأ ينتشر في جنوب فرنسا بصورة سريعة و واسعة. أفزعت الكنيسة التي بدأت خطة القضاء عليهم مستغلتا مطامح النبلاء الشماليين في ثرواتهم الطائلة. و كانت الخط تنتظر المبرر الذي سيشعل الفتيل. و جاء المبرر و ذلك في يوم 14 كانون الثاني (يناير) من سنة 1208م حين أغتيل مندوب الباب. و برغم أن الكاثار لم تكن لهم يد في هذا الاغتيال الذي ارتكبته جماعة دينية متطرفة, فقد إتخده الباب ذريعة لإعلان حرب صليبية ضد الكاثار.

        و من كل بقاع أروبا تحركت الجيوش المتعصب و الطامعة لتحيل أكثر بقاع اروبا رفاهية و تقدم الى ارض خراب كأن لم تغن بالأمس. و بحلول سنة 1244م كانت حركة الكاثار قد قضي عليها تماما.

        خـــــيـط أسطــــوري

        تركت هده الحركة وراءها خيطا أسطوريا طويلا مليئا بالغرائب و العجائب حتى لقد ضاعت في خضمها الحقيقة التاريخية و انمحى الواقع. فهناك حكايات غريب تحكى عنهم منها ما كتبه دي جوان فل عنهم في القرن الثالث عشر في عهد لويس الحادي عشر بأن الملك قد أخبره بأن مجموعة من الكاثار كانت قد اتصلت بالكونت دي مونتيفورت و طلبت منه أن يأتي و يرى بعينه جسد المسيح عليه السلام بعد أن تحول على أيدي كهنتهم إلى إنسان من دم و لحم. ولم يتعهد أي من المؤرخين بتفسير مغزى هذا الحادث الغريب.

        و من الحكايات التي تروا عنهم أيضا ما يتصل منها بموضوع الكنز الذي يقال أنهم كانوا يحتفظون به. فالمعروف أن الكاثار كانوا على ثراء عظيم. و لما كان مذهبهم لا يبيح لهم حمل السلاح, فقد كانوا يعتمدون على مرتزقة يدفعون لهم مكافئات باهظة. و مرة أخرى ما من أحد استطاع أن يفسر مصدر هذا الثراء الأسطوري. و لقد طارت إشاعات أن الكاثار كانوا يملكون شيء سريا أقيم من المال لا يدري أحد ما هو, و ربما كان مصدر ثرائهم, و هناك أحدات تاريخية تنبت أنهم فعلا كانوا يحرسون شيئا ما و يعتبرونه أغلى من حياتهم... و عندما حوصروا في آخر حصن لهم طلبوا مهلة ثالثة أيام للاستسلام. و استطاعوا خلال الهدنة أن يهربوا إلى خارج الحصن و تحت جنح الظلام رجالا أربعة يحملون شيئا ما. و ما أن تأكدوا من وصول الرجال الأربعة الى مأمن حتى نكتوا الهدنة و ظلوا يقاومون حتى آخر رجل منهم.

        فما هدا الشيء الذي يستأهل هذا الاهتمام و الذي هو أغلا من حياتهم؟ انه قطعا ليس مالا و لا ذهبا , فالحرص على المال لا يبلغ هذا الحد , كما أن ثرواتهم قد هربت أثناء الحصار. و مهما يكن من أمر هذا السر فإن الدلائل تشير أنهم لم يخرجوا به عن المنطقة و أنهم قد اختاروا منطقة ريني دي شاتو مخبئا له. فإذا صح هذا الافتراض و هناك أسباب تاريخية مقنعة تؤيده, فهل هو نفس السر الذي عثر عليه الكاهن سونيير و كان مصدر ثرائه؟ و هذا العداء المبالغ فيه و هذا العنف الذي لا حد له من قبل الكنيسة هل له علاقة بهذا السر؟ لقد تبين لنا من قبل أن الفاتكان كان يحسب لسونيير ألف حساب و غض الطرف عن تصرفاته الغريبة فهل يعني ذلك و جود رابطة ما بين سر الكاثار و سونيير و الكنيسة الكاثوليكية؟

        للإجابة على هذه الأسئلة , كان لا بد ان يتجه البحت وجهة أخرى إلى تنظيم آخر خطير له علاقة بالكاثار حتى ليبدوا انهم وجهان لعملة واحدة , و هو تنظيم فرســــان الهيــــــــكل.

        التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2014-01-29, 01:07 PM.

        تعليق


        • #5
          أسرار قرية
          " ريني دي شاتو"
          (5)

          فرسان الهيكل

          بالرغم من شهرة فرسان الهيكل التي طبقت الأفاق ووضوح سيرتهم و كثرة ما كتب عنهم , فإن التوصل الى حقيقتهم ليس سهلا , بل أن فيض المادة عنهم تطمس الصورة و لا توضحها . و الانطباع الغالب عن هذه الجماعة من دوي اللحى الطويلة و الرأس المحلوق و العباءة الناصعة البياض المتصدرة بالصليب الأحمر , أنهم مجموعة من المتعصبين المحاربين العتاة الذين وهبوا أنفسه لخدمت الكنيسة و الدفاع عن المسيحية و لعبوا دورا رئيسيا في الحروب الصليبية . لكن هناك جوانب غامضة تثير الشبهة , الأمر الذي دعا الكنيسة الكاثوليكية بعد قرنين من تفانيهم في خدمتها إلى التنديد بهم باعتبارهم كفرة زنادقة ينكرون (المسيح عليه السلام).

          و لقد ضلت هذه الصورة البشعة التي رسمتها لهم الكنيسة ملتصقة بهم عبر التاريخ. فقد صورهم الروائي إسكوت في روايته الشهيرة (إيفانهو) بأنهم جماعة من المغرورين الأدعياء الجشعين المنافقين الذين استغلوا سلطتهم لتلاعب بالساسة و الدول لخدمة أغراضهم. و كذالك صورهم أدب القرن التاسع عشر. أما الكتاب المعاصرون فقد تضاربت أحكامهم, إذ رفض البعض ما ألحق بهم من اتهامات , و اعتبرهم مجرد ضحايا و كبش فداء في الصراع الذي كان يستعر على أشده في القرون الوسطى بين الكنيسة و الدولة. و هناك من أرفعوا من قدرهم و أكسبوهم هالة من التقديس باعتبارهم مستودع الحكمة و حملة الأسرار.

          و مهما تكن حقيقة هذه الادعاءات فإن التاريخ يشهد لهم أنهم كانوا تنظيما عسكريا منضبطا لا تفوقه في قوته و نفوذه أية مؤسسة أخرى باستثناء الفاتيكان نفسه.
          الـنـشــــــــأة

          و يبقى السؤال أين تكمن الحقيقة في كل هذا الذي قيل و يقال عن جماعة فرسان هيكل سليمان؟ هل هم مجرد جنود متفانين نسجت حولهم الروايات و القصص؟ إن كان دلك فلأي غرض؟

          الإجابة ليست سهلة, ليست فقط بتضارب الأحكام عليهم و إنما القصة كما يوردها المؤرخون تتضمن محاولات لتعمية و التضليل و بخاصة في ما يتعلق بأصلهم و مقاصدهم الحقيقية...

          و لنبدأ القصة من أولها :

          لم يكتب أحد من الذين عاصروا جماعة الفرسان أي شيء عن نشأتها. و أول إشارة وردت عنهم, كتبها مؤرخ بعد نصف قرن من تكوينها. فقد جاءت إشارة غيوم دي تاير بين عام 1170م – 1185م عندما كانت الحروب الصليبية على أشدها و كانت فلسطين قد وقعت في قبضة الصليبين قبل ذالك بسبعين عاما. فهو يكتب عن أحدات لم يشهدها و من مصادر لم يذكرها مما يقوي الاحتمال أنه استقى معلوماته من جماعة الفرسان أنفسهم, الذين ربما كانت لهم مصلحة خاصة من إخفاء الحقيقة, وبخاصة إذا كانوا يمارسون عملا سريا لحساب جهة ما.

          المهم أن ما ذكر عن مبتدأ هذه الجماعة و أصلها لا يثبت أما التحليل المنطقي و الواقعي. و لما كانت كل الروايات التاريخية قد اعتمدت هذا النص فقد أنسحب عليها جميع الخلط و الارتباك.

          فحوا رواية دي تاير أن جماعة فرسان المسيح و هيكل سليمان كما يقول قد تكونت في عام 1118م و أن الذي أسسها نبيل يدعى هيوجوباين الذي قدم نفسه هكذا دون أن يطلب أحد – و معه ثمانية من أصحابه إلى الملك بودوان الأول ملك القدس, الأخ الأصغر لجودوفري دي بواللون الذي استولى على المدينة قبل 19 عاما. و الحجة التي ذكرت لمجيئهم هي حماية طرق الحجاج الى الأراضي المقدسة. و لم يكتف الملك و معه مندوب الباب بالترحيب بهم بل أنزلهم جناحا خاصا في قصره يقع فوق البقعة التي أقيم قام عليها هيكل سليمان. و على مدى تسع سنوات ولحين عودتهم إلى أوروبا رفضت هذه الجماعة أن ينضم إليها عضو جديد – وعند عودتهم إلى أوروبا استقبلوا استقبالا حافلا من قبل الكنيسة التي أشادت بأعمالهم البطولية و اعترفت بهم رسميا كتنظيم عسكري ديني و نصب زعيمهم هيوجو باين أول أستاذ أعظم للجماعة.

          قصة غير مقبولة و لا معقولة : تسعة أفراد لا حول لهم و لا طول يأتون إلى الملك و يتكلفون بعمل هو فوق طاقة جيش بأكمله, و يسارع الملك باحتضانهم و إسكانهم جناح خاص في فصره من بين ألوف كانت تموج بهم الأرض المقدسة حينذاك. و يبقون في القصر لمدة تسعة أعوام لا يذكرهم مؤرخ و لا يراهم الناس يقومون بحماية أي طريق تم يعودون إلى أوروبا وسط حفاوة مبالغ فيها و إشادة بأعمال بطولية لا يعرفها أحد.

          على أية حال ما إن أعلن عن تكوين جماعة فرسان هيكل سليمان رسميا حتى انتشرت بين أوساط النبلاء و العامة, و انهالت عليهم الأموال و الهدايا و العقارات بصورة مذهلة. و قوى نفوذها في كافة الأوساط, حتى ان البابا أصدر مرسوما يقضي بألا ولاء للفرسان لأية قوة مهما كانت دينية أو سياسية على ظهر الأرض, عدا البابا شخصيا, و لقد كان تحللهم عن أية قيود محلية أو إقليمية و بروزهم كقوة عالمية مستقلة.

          و عندما زار الأستاذ الأعظم للفرسان لإنجلترا قوبل بتجلة و احترام لم يحضا بها الملوك من قبل الملك هنري الأول. و كذالك في كل ممالك أوروبا كلها. و أصبحت جماعة الفرسان اكبر مالك للأراضي في العالم, فقد كانت جماعة الفرسان تملك أراضي شاسعة في فرنسا و انجلترا و اسكتلندا و إسبنيا و البرتغال و النمسا و المجر و فلسطين. و لقد ساعد هذا التوسع الكبير أن دستورها يجيز قبول الهدايا و يحرم تحريما قاطعا التخلي عن أي الممتلكات حتى ولو كان ذلك لفك رهينة من قيادتهم.


          الـــقـــوة العظــــــــمى


          و في عام 1164م تبنت الجماعة نقش الصليب الأحمر فوق العباءة البيضاء و بهذا الزي الذي أصبح سمة لهم تبعوا الملك لويس السابع عشر في الموجة الثانية للحروب الصليبية حيث كسبوا سمعتهم التاريخية كمحاربين عنيدين على قدر عظيم من الانضباط و الدقة في التنظيم.

          و على المائة عام التالية تحول الفرسان إلى قوة لا يستهان بها في مجال الدبلوماسية العالمية. وكانوا يحضرون مجالس الملوك و يفضون النزاعات بين الدول المتخاصمة. و يعتبر أستاذهم الأعظم في كل بلد أوروبي رئسا لكافة التنظيمات الدينية. و كان أحد الفرسان يقف إلى جانب ملك إنجلترا و هو يوقع اتفاقية (ماجانا كارتا) الشهيرة. و لم يقتصر نشاط الفرسان السياسي و الدبلوماسي على الغرب المسيحي بل سعوا لإقامة علاقات و وطيدة مع العالم الإسلامي و كانوا على صلة ببعض القادة المسلمين.

          و لقد بلغ نفوذهم حدا جعلهم يتطاولون على الملوك و قادة الدول, فقد تجرأ ملك إنجلترا هنري الثالث في عام 1252م و هددهم باستيلاء على بعض أراضيهم. فأرسل إليه زعيم الفرسان بإنجلترا رسالة يقول فيها : (( ما هدا الذي تقول أيه الملك؟ كيف يتفوه لسانك بهذا الكلام الغبي المقيت؟ فلتعلم أنك ملكا فذلك لأنك تحكم بالعدل و الحكمة . فإذا تخليت عن ذلك فلست ملكا.)).

          و هكذا ينسب الفرسان لأنفسهم سلطة تعيين الملوك وخلعهم و هي سلطة لم يدعيها الفاتيكان نفسه.

          و لقد جمع الفرسان إلى جانب السلطة السياسية و العسكرية و الدبلوماسية, السلطة المالية. فكانوا أول نم ابتدع النظام المصرفي الذي يعتبر النواة الأولى للنظام المصرفي الغربي الحلي . فقد أقاموا شبكة من المؤسسات المصرفية في أوروبا و الشرق الأوسط. و كانوا يمنحون قروضا للملوك و الأمراء الذين يعانون من ضائقة مالية. و كانوا يمولون التجارة عن طريق الإيداع في مكان و الصرف في مكان آخر بموجب مستند مالي ذي شفرة خاصة و بدالك كانوا أول من استخدم نظام الشيكات البنكية.

          و بحكم إتصالهم بالخارج و بخاصة العالم الإسلامي و تشربهم بالثقافة الأخرى, و ما تيسر لهم من قدرات تفوقوا في كثير من الأعمال الفنية و التجارية و المعمارية و الطبية و الحربية و الملاحية. فكانوا أصحاب خبرة في بناء الطرق و رسم الخرائط و كانت لهم سفن تجارية و حرية تستعمل مرافئ خاصة بهم. و هم أول من استعمل البوصلة المغناطيسية في أوروبا . و كانوا يمارسون طبا متقدما في مستشفياتهم بعيدا عن الشعوذة السائدة آنذاك في أوروبا.


          النــهايــة الـــمــفــجــعــة


          لكن هذه القوة الخارقة سرعان ما ملأتهم غرورا و انحلالا و فسادا فاشتهروا بالسكر و العربدة و قسوة المتناهية. و بدأت الدائرة تدور عليهم. و في موقعة حطين في عام 1178م أصيبوا بهزيمة قاسية و ساحقة و استعاد المسلمون القدس الشريف, تم استعادوا بقية فلسطين في عام 1292م.

          و بدأ الضعف و الهزال يدب في أوصال جماعة الفرسان, و لم يعد لوجودهم مبرر بعد أن استعاد المسلمون الأراضي المقدسة. فاتجهت أنظارهم لإقامة دولة في جنوب فرنسا بحكم صلتهم العضوية بالكاثار. و أخذوا يتجمعون هناك و يتحدون كل السلطات, مما أثار عليهم حقد ملك فرنسا فيلب الرابع, الذي قرر التخلص منهم و إبعادهم عن مملكته. و كان التبرير لهذه المواجهة كما كان متعارف في القرون الوسطى اتهامهم بالكفر و الزندقة.

          و في مابين عام 1303م – 1305م نجح فيلب عن طريق التآمر على تأليب الكنيسة الكاثوليكية ضد الفرسان, و تمكن من وضع أحد مرشحيه في منصب البابا. و كان ثمن ضرب جماعة فرسان هيكل سليمان.

          و جاءت الضربة القاضية فجر يوم الجمعة 13 تشرين الأول (أكتوبر) من سنة 1307م حين فتح ولاة ملك فرنسا التعليمات السرية التي صدرت لهم في لحظة واحدة, و التي تقضي باعتقال كافة الفرسان و مصادرة ممتلكاتهم. و برغم هذه الضربة المفاجئة فلم يستطع أن يضع يده على كنوزهم الأسطورية التي يقال أنها هربت ليلا و حملتها السفن إلى حيث لا يدري أحد. و يبدوا أن قادة الفرسان كانوا على علم بما يبيت لهم, فقد استسلم الفرسان دون مقاومة, كما لو كانوا يمتثلون لأوامر صدرت إليهم بذلك.

          الغريب هو ما حدت بعد ذلك. فقد حوكم الفرسان و تعرضوا لتعديت الشديد, و انتزعت منهم اعترافات غريب و خطيرة للغاية. و لقد كانت الصورة التي برزت من هذه الاعترافات أنهم لا أدريون و زنادقة و توحيديون يريدون الربط بين الأديان السماوية الثلاثة, و أنهم كانوا يعبدون رأس صنم ملتحي يسمونه أفمود ( أو رأس الفهم و الحكمة) وكان يحدثهم و يمنحهم قوى سحرية – كما يدعون – هي التي مكنتهم مما كسبوه من سلطة و نفوذ. و أنهم كانوا يمارسون القتل الجماعي و إجهاض النساء و اللواط. و أنهم – و هذا هو الغريب بنسبة لجماعة عرفت بالدفاع عن المسيحية – أنهم كانوا يهزؤون من الصليب و يركلونه بأقدامهم. و هذه الاتهامات تكادوا تكون طبق الأصل مما تهم به الكاثار من قبلهم.

          و لقد كانت نهاية الفرسان في فرنسا مأساوية فظيعة فقد نكل بهم, عذبوا عذابا شديدا, و أحرقوا أحياء. و لم يكتفي الملك فيلب بإزالتهم عن أرضه بل أعمد إلى تعقبهم و التحريض عليهم في كل مكان بصورة تدعوا إلى الشك في نواياه. و في عام 1312م ألغت الكنيسة اعترافها بالفرسان و اعتبروا خارجين عن الدين و القانون. و كان عام 1314م عاما مشهودا في تاريخ حركة الفرسان إذ ألقي القبض على زعيمهم جاك دي مولي و أحرق حيا.


          يتبع

          تعليق


          • #6
            أسرار قرية
            " ريني دي شاتو"
            (6)


            اليد الخفية

            أوردنا باختصار تاريخ فرسان هيكل سليمان المأساوي الرسمي و هو تاريخ محفوف بثغرات و الأغلاط و تناقض. ولعل مصدر ذلك حرص الفرسان أنفسهم على المحافظة على سر ما. حتى معاصريهم لا حضوا أن هنالك أشاء غامضة تحيط بهم مما دعا الكثيرين إلى تفاديهم بسبب ما كانوا يعتقدون مع قوى سحرية شريرة مظلمة.

            و قد ظلت هذه السمعة تلاحقهم حتى بعد أن حلت بهم الكارثة. يقولون أن جاك دي مولي و هو يحترق ويتصاعد منه الدخان أرسل لعنة ضلت أصداؤها تتردد في المكان و ضل ينادي الباب و الملك فيليب للحاق به غضون عام لتسوية حسابه معهم. فما مضى شهر حتى كان الباب يلتوي من الم في أمعائه قضى عليه، و بنفس الطريقة مات فيليب قبل أن ينقضي العام، و لا يلزم أن تكون هناك قوة سحرية خارقة فالفرسان أصحاب علم و معرفة بالعقاقير و السموم وهم منتشرون في كل مكان و إذا عزموا علي شيء نفذوه.

            و برغم النهاية الفاجعة فقد كانت حركة الفرسان مصدر إلهام لمجموعة من الحركات و الجماعات الدينية و السرية. و كثير من الماسونين يعتبرون أنفسهم امتداد لحركة الفرسان التي أخذوا عنها طقوسها و منها أنتقل السر إليهم. و هذا الذي يبين عداء الماسونين للأسرة الفرنسية الحاكمة.

            إذ كانوا يرون في تآمرهم ضد لويس السادس عشر تنفيذ للعنة جاك دي مولي. و عندما تدحرج رأس الملك في المقصلة في بداية الثورة الفرنسية يقال أن رجلا مجهولا قفز فوق المنصة و غمس يده في دم الملك ثم نثرها على الحاضرين و هو يصيح: ( الآن حقت لعنتك ).

            الــــــيــــــد الخــــفـــيــــــة

            و إذا كان التاريخ غلف نهايتهم بغيوم من الأسطورية و السرية فإن بدايتهم لم تكن أقل غموضا. فإذا لم يكن هدف المؤسسين التسعة كما هو معلن، فلابد إن كان لهم هدف معين دفع الملك لأن يخصص لهم جناح خاص في قصره فوق أساس هيكل سليمان. و أغلب الضن أنهم كانوا يقومون بالتنقيب عن شيء ما له علاقة بهيكل سليمان و له أهمية قصوا للملك أو لجهات أخرى غير معروفة.

            و لكن إذا كان الأمر كذالك فمن الذي يقف و راءهم ؟ من الذي أرسلهم إلى القدس؟ إن الدلائل تشير إلى تنظيم سري خطير يتخذ من الكاثار و فرسان الهيكل و غيريهما قناعا وواجهة له. و أن هذا التنظيم لا يزال يمارس نشاطه إلى اليوم. فمما لا شك فيه أن هنالك ارتباط بين الكاهن سونيير و قرية ريني دي شاتو و الكاثار و فرسان هيكل سليمان و لقد تبين مؤخرا أن هنالك يد خفية تملك إمكانيات إعلامية هائلة تحاول بالتدريج أن تبرز هذه الحقيقة للعيان.

            و لنتابع الأسلوب الذي ضلت تمارسه هذه اليد الخفية في الآونة الأخيرة : فنمد عام 1956م بدأت تظهر فجأة عدد من الوثائق و الإشارات الغامضة و المعلومات التي تسرب عمدا و بطريقة مثير للخيال. فالمعلومات تثرى يكمل بعضها بعضا. لكن لا الصورة النهائية قد اكتملت و لا ملامحهم قد ظهرت.

            بعض هذه المعلومات ظهرت في كتب مؤلفوها أناس مجهولون لا يكاد يبدأ البحت عنهم و عن الناشرين حتى يتضح أنهم كلهم جميعا وهميين. و ظهر بعضها في كتب علمية تحوي نظريات و معلومات ثورية و أخرى في مقالات صحافية و بعضها يأتي في مقابلات كما لو كانت عفو الخاطر و كلها تركز على نفس المواضع.

            لكن المعلومات المثير للجدل هي التي جاءت في مخطوطات توضع بصفة منتظمة في المكتب الوطنية بباريس، أهمها الذي ينطوي تحت مجموعة (الملفات السرية) و قد ثبت أن مؤلفوها شخص وهمي كما تبين أن هنالك من يعبث بأوراقها فيضف و يحذف و يعلق بين الفينة و الأخرى.
            و من بين الوثائق المثيرة في هذا الملف و وثيقة تتحدث عن حقيبة جلدية لرجل يدعى شيدلوف و تضم عدد من الأوراق السرية متعلقة بقرية ريني دي شاتو للفترة ما بين 1600م و 1800م و بعد وفاته في عام 1966م تحولت الحقيبة إلى رجل يسمى فخر الإسلام كلف بتسليمها في ألمانية الشرقية إلى مندوب يأتي من جنيف. و لأسباب غير معروفة طرد من ألمانية الشرقية و لم تتم المقابلة. حينئذ رجع إلى باريس ليتلقى معلومات جديدة. و في يوم 20 شباط ( فبراير) من سنة 1976م وجدت جثته ملقاة على الخط الحديدي عند بلدة مليون و يبدوا أنها ملقاة من القطار السريع أكسبريس باريس جنيف و اختفت الحقيبة.

            و بالرجوع إلى الصحف الفرنسية الصادرة في اليوم التالي تبين أن هنالك فعلا باكستانيا يدعى فخر الإسلام و جدت جثته المشوهة على الخط الحديدي و يعتقد الشرطة بتورطه في الجاسوسية، و تري في الأمر جريمة. لكن الصحف لم تشر إلى أية حقيبة.

            و لم تكن هذه الحادثة الفريدة، فبعد شهر من ذلك الحادث أودع في المكتبة الوطنية بباريس عمل آخر بعنوان (الثعبان الأحمر) كناية عن سلالة حاكمة لم يكشف عنها تتضمن قصائد تشير أيضا إلى سونيير و ريني دي شاتو و الكأس المقدس. و قد واجه المألوفون الثلاثة نفس مصير فخر الإسلام، فقد عثرت الشرطة على جثثي اثنين منهم في 6 أدار مارس من سنة 1967م و عثرت على جثة الثالث في اليوم التالي، ولقد مات ثلاثة شنقا.

            و قد يبدوا من هذه الأحداث العنيفة ذات صل بهذه الوثائق و لكن ثمة تفسير آخر هو أقرب إلى المنطق و هو أن هنالك من يلتقط من الصحف أسماء من يرتبطون بحادث أو جريمة غامضة و يسجلها كمؤلفين لهذه الوثائق بعد أن يعطيها تاريخا سابقا حتى يوحي انه هناك صل بين الجريمة و الوثيقة ليثير بذالك اهتمام القراء و فضولهم.

            إذن فلابد أن تكون هنالك هيئة أو جماعة تحاول أن تثير الجمهور نحو قضية ما تتصل بقرية ريني دي شاتو و ما يحيط بها من أسرار غامضة مرتبطة بالكنيسة و سلالة حاكمة، و أن هذا التنظيم يمارس عمله بدقة و دهاء عظيمين و أنه هو الذي ضل يحرك خيوط هذا السر منذ عهود قديمة و يعمل الآن على تسليط الضوء عليه لسبب ما.

            فهل يمكن التوصل إلى الحقيقة وسط كل هذه الغيوم؟

            بـــــــروز الـــــحـــقـيـقة

            لقد كان واضحا أن إبراز هذه المعلومات بهده الصورة المكثفة و المنظمة مند عام 1956م، يجري لهدف ما، و وفق تخطيط دكي للغاية، يقف وراءه تنظيم سري يملك إمكانيات إعلامية هائلة و قدرات دعائية خارقة.

            و قد صدق ما خمنه الباحثون لما أضيفة وثيقة إلى الوثائق الأخرى لما سمية بالملف السري في المكتبة الوطنية الفرنسية. و قد ذهبت هذه الوثيقة إلى أكثر مما ذهب إليه الوثائق الأخرى إذ حددت بصفة قاطعة الجهة التي تقف وراء كل هذه الأسرار و الأحداث الغامضة المربكة. يبدوا أن هذه الجهة قد قررت لأسباب غير معروفة أن تكشف القناع أخيرا عن و جهها.

            فقد أشارت هذه الوثيقة أن هنالك تنظيما سريا يمسك بخيوط كافة الأحداث الغامضة التي يحس الناس بأن بينها ارتباطا و إن عجزوا عن إدراكه. و هذا التنظيم السري كما تقول الوثيقة هو الذي أنشأ الكاثار و فرسان الهيكل و هو الذي ساهم في القضاء عليهم لما حين بدؤوا يخرجوا عن طاعته. و لقد كانوا فرسان الهيكل بمثابة الجناح العسكري و الإداري. و برغم احتماء هذا التنظيم بمؤسسات و أسماء مختلفة يتخذها حسب ما تقتضيه الضر وف الوقتية فإن اسمه الحقيقي هو ( تنظيم دير سيون ) لاحظ التشابه بينه و بين صهيون. و يرأس التنظيم أستاذ أعظم لا يعرفه إلا عدد قليل من الأعضاء الكبار، و قد تعاقب على هذا المنصب كبار الشخصيات في تاريخ الحضارة الغربية
            وألمعها.

            و لقد أزيلت أو أبيدت أو تلاشت أو أفلت كافة الجماعات و التنظيمات التي اتخذها واجهة له في هذا العصر أو ذاك، إلا التنظيم الأساسي نفسه، فقد ضل يعمل بلا توقف عبر القرون و حتى اليوم، و يحرك الأحداث في مسرح السياسة الغربية و الدولية من و راء الستار.

            و قد وردت أول إشارة عن و جود تنظيم قديم بهذا الاسم في كتاب قديم لكاتب مشعوذ يدعى جيرارد دي سيد إذ ذكر بأن جوديفري دي بواللون الذي إستول على القدس على رأس الجيوش الصليبية، أمر ببناء دير على أنقاض كنيسة بيزنطية جنوب القدس أسماه ( دير قديسة جبل سيون )، و أنه أنشأ تنظيما من الرهبان المقيمين في هذا الدير.

            ومن المستبعد أن يكون جوديفري هو الذي أنشأ هذا التنظيم. فقد تبت أن هذا التنظيم هو الذي عرض على جوديفري لقب ملك القدس لكنه رفض و قبل أن يسمى ( حارس الأراضي المقدسة ).

            و عند وفاته عرض التنظيم اللقب على أخيه و قبل، مما يدل أن هذا التنظيم يملك سلطة دينية و سياسة، تمنحه تنصيب الملوك. و قد سبق وجوده غزو الصليبين للأراضي المقدسة. و أغلب الضن أنه كان الرأس المدبر للحروب الصليبية كلها، و لهذا كان طبيعيا أن يتولى قيادتها و توجيهها و فق هواه.

            و لقد كان إنشاء جماعة فرسان الهيكل مجرد واجهة عسكرية للتنظيم. و كان هنالك قائد واحد للتنظيم و جماعة فرسان هيكل سليمان و هو الأستاذ الأعظم لكليهما.

            وقد انفصل التنظيمان لأسباب يطول شرحها في عام 1118م.
            واتخذ الفرسان طريقا منفصلا قادهم إلى النهاية الفاجعة في عام 1307م. بينما استمر التنظيم يمارس نشاطه الغريب الغامض. بل و تثبت بعض وثائق محاكم التفتيش أن الأستاذ الأعظم للتنظيم ساهم في حملة القضاء على الفرسان و مصادرة ممتلكاتهم بوصفه أحد حاشية الملك في الوقت الذي كان التنظيم يوفر سرا حماية لناجين من التنكيل مما يشير أن زعيم التنظيم كان يلعب دورا مزدوجا مخادعا. و هذا الذي يفسر تسرب الضرب المباغتة لزعماء الفرسان و إختفاء كثير من وثائقهم السرية الهامة و تهريب كنزهم الأسطوري.

            و الوثيقة جديدة التى تكشف القناع عن هذا التنظيم السري، أو التي أراد بها التنظيم أن يزل القناع عن وجهه، تتضمن ثلاثة قوائم : القائم الأولى ليست بذات خطر، و ليس لها أهمية تاريخية على الأقل كما يبدوا لنا. وهي لايعدوا أن تكون سجلا بأسماء الرهبان الذين أشرفوا على أرض التنظيم السري في أرض فلسطين بين عام 1152م
            و1281م.

            والقائمة الثانية تتضمن زعماء الفرسان مند إنشاء الجماعة إلى انفصالها عن التنظيم 1180م. و بدراسة مستوفاة لما جاء ورد في هذه القائمة الثانية تبين أن أكثر ما ورد فيها مطابق للواقع التاريخي، بل فيها ما يؤكد بأنها صدرت من مصدر عليم بالأسرار، الأمر الذي يكسب الوثيقة وزنا كبيرا.

            لكن الإنفجار الكبير يكمن في الوثيقة الثالث. وهي تتضمن أسماء الأساتذة العظام الذين تولوا قيادة التنظيم مند انفصاله عن الفرسان و حتى عصرنا الحاضر.



            تعليق


            • #7
              مشكور على هذا الطرح الرائع
              هل نفهم ان منظمه بنى صهيون ( اليهود ) هم من يسيطرون
              ويحركون العالم بايديهم
              انا افهم ذلك وارى ان اى مصيبه او حرب لليهود يد فيها

              قال إبن القيم
              ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

              تعليق


              • #8

                اخى العزيز رشاد

                شكرا على مرورك وعلى تعليقك الذى لخص الموضوع

                فعلا اليهود أينما حلوا هبط المستوى الاخلاقي والشرف لقد كانوا ومازالوا قوم يأتي توقيعهم في ذيل كل فتنة ومصيبة تحدث فى العالم...
                إن اليهود قوم نصبوا العداء للعالم بأسره وسعوا في خرابه...ثم صبوا حقدهم على الامة الاسلامية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة ،والتاريخ شاهد على ماأقول
                انهم دائما يثبتون انهم بلا اخلاق

                تعليق

                يعمل...
                X