إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معاً .. لمكافحة الإلحاد ... anti - atheism

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76

    ► الشُبهة السابعة :
    قوانين الكون أنشأت الكون


    ◄الرَدّْ على الشُبهة ►



    في هذا المقال سنَتناول بإذن الله نقضَ دعوى الكثير من الملاحدة أنَّ قوانين الكون قد أنشأَت الكون، ونقض دعوى بعض الملاحدة أن بسبَب وجود قانون كقانون الجاذبيَّة فإن الكون يمكِنُه وسيُمكنه خلقُ نفسه من العدم، ونقْضَ قول بعضهم: نشأة الكون لم تكن سوى عواقِبَ حتميةٍ لقوانين الفيزياء، ولم يكن الكونُ بحاجة إلى إله يُشعِل فتيلاً ما لخلقه، وعلى ما يزعمون: الفيزياء الحديثة تَنفي وجود خالق للكون.



    ما هي القوانين الفيزيائية؟



    قبل بيان بطلان دعوى أنَّ قوانين الكون قد أنشأت الكون لا بد أن نعرف: ما هي القوانين الفيزيائية؟ فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.

    والقوانين الفيزيائية عبارةٌ عن وصفٍ لظاهرة فيزيائيَّة معيَّنة، أو سلوك معين للمادَّة، يتكرَّر تحت نفس الظروف في صورة معادلات وثوابتَ

    يتمُّ استنباطها من خلال دراسة تلك الظواهر، أو السلوكيات للمادة.



    وتكون هذه القوانين عادةً عبارة عن استنتاجات تستَنِد إلى تجاربَ عِلمية تمَّت على مرِّ فترة زمنية طويلة، فأصبحَت مقبولةً بشكل عام ضِمن

    المجتمع العلمي.



    وجود قانون يدل على وجود مقنِّن له


    من البديهيات أن وجود قانونٍ ما، يدل على وجود مقنِّن واضعٍ لهذا القانون، سنَّ هذا القانون، وواضعُ القانون (الفاعل) لا بد أن يَسبق القانونَ (المفعول)،
    والكون الذي نعيش فيه محكومٌ بقوانينَ، فلا بد أن يكون لها من قنَّنها وسنَّها، فمن الذي فرض هذه القوانينَ على الكون وسنَّها؟




    من الذي فرض قوانين الكون على الكون؟


    بما أن أيَّ قانون لا بد له من مقنِّن سنَّه فمن الذي فرض قوانين الكون على الكون؟

    والجواب:
    الذي سنَّ هذه القوانين التي تحكم الكون إمَّا أن يكون الكونَ نفسه، أو القوانين نفسها، أو شيء آخر خارج عن الكون.





    وإن قالوا: الكون نفسه
    فمُقتضى قولهم أنَّ الكون يحرك نفسَه بنفسه، ولا يمكن أن يكون الشيءُ بعينه محرِّكًا لنفسه، وإلا لزم وجودُه قبل نفسه، وهذا محال.




    وإن قالوا: من سن القوانينَ القوانينُ نفسُها

    فهذا تصويرٌ للقوانين على أنها محرِّك، وهذا فاسد ؛ لأن القوانين مجرد وصفِ سلوكٍ لظاهرة في الكون، يتكرر تحت نفس الظروف.



    وإما أن يكون مَن سن القوانين شيءٌ خارج عن الكون، فهذا إثباتٌ لشيء خارج عن الكون،

    ونحن نقول: إنه الله .




    العلم يعرفنا كيف تعمل الأشياء، وليس لماذا تعمل ومن الذي عَمِلها؟



    مما ينبغي معرفته أنَّ العلم يعرفنا كيف تعمل الأشياء، وليس: لماذا تعمل الأشياء؟ ومن الذي عملها؟

    أي: يعرِّفنا آليَّة عمل الأشياء، وطريقة عملها، ولا يفسِّر العلم لنا: لماذا تعمل الأشياء؟ ومَن الذي جعَلها تعمل بهذه الطريقة؟



    فلا يبحث العلمُ عن الفاعل، بل يبحث عن الفعل، ولا يبحث عن الحادث، بل يبحث عن الحدَث، ولا يبحث عن موجِد القوانين، بل يبحث عن القوانين نفسها.


    إدراك كيفية عمل الشيء لا ينفي وجود مسبب للشيء


    مما ينبغي معرفته أنَّ إدراك كيفية عمل الشيء لا يَنفي وجود مسبِّب للشيء :

    فليس معنى أني عرفت كيف تطير الطائرة أنَّ الطائرة ليس لها مخترع ومصمِّم؛ فأنا أعلم أن للطائرة مخترعًا ومصممًا، وقد اخترع الطائرةَ الأخوان رايت - أورفيل وويلبر - وآلية عمل الطائرة لا تَنفي وجود مخترع للطائرة، ولا تنفي وجود مصمِّم للطائرة.




    وليس معنى أني عرفت كيف تعمل السيارة المعتمِدة على البنزين أنَّ السيارة المعتمدة على البنزين ليس لها مخترع ومصمِّم؛
    فأنا أعلم أن للسيارة المعتمدة على البنزين مخترعًا ومصممًا، ومخترع السيارة المعتمدة على البنزين هو كارل فريدريش بنز،
    وآلية عمل السيارة المعتمِدة على البنزين لا تَنفي وجود مخترع للسيارة المعتمدة على البنزين، ولا تنفي وجود مصمم لها.




    وليس معنى أني عرفت كيف يعمل المصباحُ الكهربائي أن المصباح الكهربائيَّ ليس له مخترع ومصمم، فأنا أعلم أن للمصباح الكهربائي مخترعًا ومصممًا، ومخترع المصباح الكهربائي هو توماس ألفا إديسون،
    وآلية عمل المصباح الكهربائيِّ لا تنفي وجود مخترع للمصباح ومصمم له.




    ومِن هنا نستنتج أيضًا :
    أنه ليس معنى أن العلماء قد عرَفوا كيف نشأ الكون، وأسبابَ نشأة الكون، وعرَفوا الآليات التي يعمل بها الكون:
    أن الكون ليس له موجِد، وليس له مصمِّم، وليس له مسبب سبَّب أسباب نشأته،

    والقول بأن معرفة العلماء كيف نشأ الكون، والآليات التي يعمل بها الكون، يُغني عن البحث عن موجدٍ للكون،
    ويُغني عن البحث عن سبب وجود الكون - قولٌ غير صحيح , إذ فيه خلطٌ بين آلية نشأة الكون، وموجِد الكون، ومسبب الكون.




    ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حَبَنَّكَة الميداني: "قد يعَضُّ الكلب الحجَر الذي رآه يتَّجه نحوه ليصيبه، أما الإنسان المفكِّر فإنه يبحث عن الذي رَمى الحجر نحوه بقصدٍ، فإذا عرَفه واستبان أنه قد قصَد قتله أو إيذاءه حاول أن ينتَقِم منه؛ دفاعًا عن نفسه، ولم يفكر بالانتقام من الحجر مطلقًا.

    وهنا نقول: إن الماديِّين الذين يقفون عند الأسباب الماديَّة للظواهر الكونية التي يتجلَّى فيها القصد، ولا يبحثون عن السبب الحقيقي، مع أن هذه الأسبابَ تحتاج هي أنفسها إلى أسباب تفسِّر ظاهراتها وتعلِّل حدوثها، إنما يفكرون بمثل دماغ الحيوان الذي يعَضُّ الحجر الذي قُذف عليه"


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739181

    إيجاد تفسير لظاهرة من الظواهر ليس معناه استبعادَ سبب الظاهرة




    مما ينبغي معرفته أن إيجاد تفسير لظاهرة من الظواهر ليس معناه استبعاد سبب الظاهرة، والإقرارَ بوجود ظاهرة لا يُلغي وجود سبب لها،
    كما أن الإقرار بالفعل لا يُلغي وجود فاعل،

    وعلى سبيل المثال: لو وقعَت جريمة من الجرائم فتفسير كيفيَّة وقوعها لا يُغني عن وجوب البحث عن فاعلٍ لهذه الجريمة.



    والعلماء يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمَل الكونُ بها، هم يكشفون لنا كيف تعمل القوانين في الأشياء، ونحن نريد إجابةً عن موجد الكون، وموجِدِ القوانين التي تَحكمه.


    لا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج شيئًا للوجود

    لا يمكن لقوانين الطبيعة أن تُنتج شيئًا للوجود، ولا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج حدَثًا من الأحداث،
    بل غاية قوانين الطبيعة وصفُ العلاقة بين أحداثٍ معينة بعدما أوجدَتها الأسباب، ومَن يعتقد أن القوانين تستطيع أن تسبب شيئًا من الأشياء، كمن يعتقد أن القوانين الحِسابيَّة يمكن أن توجد مالاً،
    وكمن يعتقد أن القوانين التي تعمل بها السيارة يمكن أن تخلق السيارة أو تُسير السيارة دون الحاجة لمن يقودها،
    وهذا قول في غاية السخف والسقوط.



    بطلان دعوى أن توافر الظروف لنشأة الكون أدى لنشأة الكون دون الحاجة لمسبب


    القول بأن توافر الظروف لنشأة الكون أدَّى لنشأة الكون دون الحاجة لمسبِّب، والقول بأن توافر الظروف لنشأة الكون كافٍ لنشأة الكون،
    فلم يكن الكون بحاجة إلى إله يُشعل فتيلاً ما لخلقه - قولٌ في غاية السخف والسقوط،

    وهو كمن يقول: توافُر الظروف لحدوث الجريمة أدَّى لحدوث الجريمة، وعليه فليس للجريمة مرتكب!




    لا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون :

    لا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون، كما لا تعارُض بين مخترع الشيء وآلية عمل الشيء،
    ووجود حدثٍ لا يَنفي وجود محدِث له، بل يؤكد على وجوده.



    ولا تعارض بين وجود قوانينَ تتحكم في عمل الكون، وبين وجود خالق للكون؛ فالله يدير الكون من خلال قوانينَ قد سنَّها للكون، ولا يدير الكونَ بالمعجزات، وهذا لا يمنع من التدخل الإلهي المباشر في بعض الأحيان؛ فالله خالق القوانين، وإذا شاء أن تُعطَّل عطَّلَها.


    والاعتقاد بوجود الله وأنه مسبِّب الأسباب وأنه خالق القوانين الفيزيائية، لا يَعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية أو التمرُّدَ على شيء مِن حقائق العلم الصحيح،

    وإنَّما هو اعتقادٌ بأن الله هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعيَّة، ومسبب لهذه القوانين الفيزيائية،


    وحتى لو سلَّمنا جدلاً أن العلم وصل إلى معرفة كل الأسباب الطبيعية وكل القوانين التي تدير الكون، فهذا لا ينفي وجود الخالق،

    بل هذه الأسباب الطبيعية وهذه القوانين دالَّة على موجدٍ لها؛ فكل سبب له مسبب، وكل قانون له مقنن،

    والله عز وجل مسبب هذه الأسباب الطبيعيَّة، وخالق هذه القوانين.



    قانون الجاذبية وُلد بعد نشأة الكون فكيف يكون سببًا لنشأة الكون؟


    مما ينبغي معرفته أن قانون الجاذبية وُلد بعد نشأة الكون؛ فبعد وقوع الانفجار العظيم، وانخفاض درجةِ حرارة الكون بشكل مُتوالٍ،
    وُلدت الجاذبية التي حالَت دون تبعثُر نواتج الانفجار العظيم،
    وعليه كيف تكون الجاذبية سببًا لنشأة الكون، وهي قد وُلدت بعد وجود الكون؟!!



    هل الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون؟


    انتشر بينَ الملاحدة مقولةُ: الفيزياء الحديثة تنفي وجودَ خالق للكون، وهذا إن دلَّ فإنما يدل على قلَّة علم هؤلاء الملاحدة، وضحالة مستواهم الثقافي؛

    إذ وجود الله من القضايا الإيمانية الغيبية، والقضايا الإيمانية الغيبية لا تُدرَك بالتجارب ولا المختبرات، والعلم المادِّي لا يتدخل في القضايا الإيمانية الغيبية،

    والعلم الحديث كله لا يملك دليلاً صحيحًا واحدًا يستطيع أن يُثبت عدم وجود خالق للكون، بل الكون شاهد على وجوده سبحانه.



    هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

    د. ربيع أحمد - المصدر


    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #77

      ► الشُبهة الثامنة:
      هل الخالق خاضع للزمن ؟

      شبهةً لأحد الملاحِدة العرَب - وهذه الشُّبهة صاغَها في شكل سؤالٍ : هل الخالِق خاضِع للزَّمن؟


      ◄الرَدّْ على الشُبهة ►


      يقول الملحِدُ صاحب السؤال:

      "
      مبدأ السببيَّة هو علاقةٌ بين السَّبب والنَّتيجة، أو السبب والحدَث، وهذا المبدأ يَحتاج للتسلسُل؛ فالسَّبب دائمًا يَسبق النتيجة، وليس العكس، وهنا سنكون بحاجةٍ لعامِل الزَّمن ليلعب دورَ التسلسل الزَّمني، وهنا سنَكون في وجه سؤالٍ صادِم بالنِّسبة للمؤمن؛ السؤال هو: هل الخالِق خاضِعٌ للزَّمن؟ وإذا كان الخالِق خاضعًا لزمنٍ فمن أين جاء الزَّمن، إذا كان الخالق نفسه يَعتمد ويَحتاج الزَّمَنَ في عملية الخلق؟".

      وكلام الملحِد يَحوي حقًّا وباطلًا، والباطِل الذي يَحويه ينمُّ عن الجهل بحقيقة الزَّمان، ومن المعلوم أنَّ أي حدَث يقع فلا بدَّ له من زمانٍ ومكان يقَع فيهما،
      فلا يُتصوَّر حدَث بدون زمانٍ ولا مكان، وأي حدث يُحدِثه مُحدِث يصحُّ السؤال عن زمَن حدوثه بمتى،

      ويصحُّ السؤال عن مكان حدوثه بأين، وأي حدَثٍ من الأحداث بغضِّ النَّظَر عن فاعله فلا بدَّ أن يَحدث في زمنٍ معيَّن ومكانٍ معيَّن،

      ولا شك في أنَّ الله تعالى إذا خلَق شيئًا فإنَّما يَخلقه في زمانٍ ومكان. والعقل يدرِك انطِباقَ الزَّمان والمكان،

      بل والوجود، على جميع الموجودات، سواء أكان الموجود موجودًا بذاته؛ وهو الله وحده، أو موجودًا بغيره وهو كلُّ ما سوى الله عزَّ وجلَّ،

      فما دامَت في الوجود ذاتٌ، لزم أن تكون هذه المعاني الذِّهنيَّة البديهيَّة صحيحة في حقِّ تلك الذَّات.واشتراك جميع الموجودات في مطلَق الوصْفِ بالوجود والزَّمان والمكان لا يَستلزم الاشتراكَ في حقيقة هذا الوصْف بالنِّسبة إلى كلِّ واحد منهم؛ فالصفة تَليق بالموصوف،

      وكما أنَّ لله ذاتًا لا تُشبه ذوات المخلوقين، فكذلك صِفاته وأفعالُه لا تُشبه صِفات المخلوقين وأفعالهم، والكلام في الصِّفات فرْعٌ عن الكلام في الذَّات؛

      وعليه فوجود الخالق ليس كوجودِ المخلوق ، والزَّمن الذي يصحُّ أن يُوصَف به الخالق ليس كالزَّمن الذي يُوصف به المخلوق،
      والمكان الذي يصحُّ أن يوصَف به الخالق
      ليس كالمكان الذي يوصَف به المخلوق.

      وكما يقول ابن تيمية رحمه الله:
      (
      القَدْر المشترك الكلِّي لا يوجد في الخارج إلا معيَّنًا مقيَّدًا، وإنَّ معنى اشتِراك الموجودات في أمرٍ من الأمور هو تَشابُهُها من ذلك الوجه، وأنَّ ذلك المعنى العام يطلَق على هذا وهذا، لا أنَّ الموجودات في الخارج يشارِك أحدُها الآخرَ في شيء موجود فيه؛ بل كلُّ موجود متميِّز عن غيره بذاته وصِفاته وأفعالِه)


      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739182

      وفرق بين قولنا: إنَّ الله خلَق الكونَ في زمانٍ ومكان معيَّن،

      وبين القول بأنَّ الله احتاج إلى الزَّمان والمكان لخلْق الكون؛ فالله عزَّ وجلَّ لا يَحتاج إلى شيء.

      وقد اعتبر الملحِد - هداه الله - أنَّ المعاني المجرَّدة التي تصِف الموجودات - كالزمان مثلًا - قوانين تَخضع لها الموجودات،
      والمعاني المجرَّدةُ التي تصِف الموجودات ليست قوانينَ تَحكم الموجودات، وليست قوانين تَخضع لها الموجودات.

      ولو قلت مثلًا: فلانٌ حكيم ،

      فهل معنى هذا أنَّ فلانًا هذا يَخضع للحِكمة أم يُوصَف بالحكمة؟!

      ولو قلنا: الكونُ جميل، فهل معنى هذا أنَّ الكون يَخضع للجَمال أم يوصَف بالجمال؟!

      ولو قلت: إنَّ طالبًا ذاكر في السَّاعة العاشرة مساء، فهل معنى كلامي أنَّ الطالِب احتاجَ إلى الساعة العاشرة مَساء كي يُذاكِر، أم أنَّ وقت المذاكرة كان في السَّاعة العاشرة مساء؟

      ولعلَّ القارئ الكريم يَستشعر مِن كلام هذا الملحِد - هداه الله - أنَّه يريد أن يَحصر السببيَّة في الزَّمن؛

      وحصْرُ السَّببية في الزمن لا دليل عليه،

      فالسببيَّة علاقة تَربط بين السَّبب والنتيجة، فحيثما وجدَت نتيجة فلا بد أن يكون لها سبَب، بغضِّ النَّظرِ عن الزمن،

      ولو جدتُ كرسيًّا (نتيجة) أجزم أنَّ له صانِعًا (سبب)، سواء علمتُ وقتَ صناعته أم لم أعلم،

      ولو وجدتُ كتابةً في ورقة (نتيجة) أجزِم أنَّ لها كاتبًا (سبب)، سواء علمتُ وقتَ الكتابة أم لم أعلم،

      ولو قلت: فلان حي (نتيجة) والدليل: أنَّه يتكلَّم (سبب)، فأين عامِل الزَّمن هنا؟

      ولو قلت: أمطرَت السَّماء (نتيجة)، والدليل أنَّ الأرض مبتلة بالماء (سبب)، فأين عامِل الزَّمن هنا؟

      ولو قلت: فلانٌ مسلم (نتيجة)، والدَّليل أنَّه يصلِّي صلاة المسلمين (سبب)، فأين عامل الزَّمن هنا؟

      والله عزَّ وجل منزَّه عن الزَّمان المخلوق، لا منزَّه عن مطلَق الزَّمان؛ لأنَّ أي شيء لم يكن له وجود في الماضي،
      ولا له وجودٌ في الحاضِر، ولا له وجود في المستقبل، فليس بموجود أصلًا،

      وليس في إثبات الزَّمن في حقِّه سبحانه وتعالى أي نقْصٍ بأيِّ وجهٍ من الوجوه، ومهما قدَّرنا من زمان في الماضي، فالله هو الأول ليس قبله شيء، ومهما قدَّرنا من زمانٍ في المستقبل، فالله هو الآخِرُ ليس بعده شيء.هذا،

      والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات.

      المصدر

      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #78

        ► الشُبهة التاسعة:
        الملحد وسؤاله الخاطيء - من خلق الله ؟


        ◄الرَدّْ على الشُبهة ►



        يتناول المقال ردود متنوعة مختصرة على عدة نقاط في شبهة : من خلق الله :

        - عدم منطقية سؤال: من خلق الله؟
        - الرد على زعم بعضهم أن استغناء الله‏ عن علة توجِده يستلزم أن الله‏ توقَّف في وجوده على نفسِه
        - الرد على سؤالهم: لماذا توقفون مبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟
        - الرد على سؤال الملاحدة: لماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود؟
        - هل القول بخالق للكون يفتح الباب للتسلسل الممنوع؟


        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739183

        السؤال غير منطقي، وغير صحيح، إلا أن الملاحدة يكررونه دومًا.

        يقول الملاحدة:
        أ
        نتم أيها المؤمنون بوجود الإله تسألون عن علة وجود المادة الأولى للكون، وتجيبون بأن علة وجود المادة الأولى للكون هي الله، ونحن نسألكم: وما علة وجود الله؟ وستجيبون بأن الله غير معلول الوجود، فلماذا توقفون مبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟ وهنا نجيبكم، ولماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود؟! وبذلك يُحسم النقاش.


        ويقول بعضهم:
        إذا قلنا: إن للكون خالقًا، فهذا سيؤدي بنا إلى القول: إن هذا الخالق له خالق آخر، وهذا يمهِّد الطريق لآخرين ليضيفوا خالقين آخرين،
        وهذا تسلسل ممنوع؛ فالتوقف عند الكون يعني التوقُّف عند المحسوس والملموس المدعوم بدليل، ويغلق الباب أمام مَن يحاول إضافة أسباب أخرى، بينما الإيمان بخالق هو في حدِّ ذاته ما يفتح الباب للقول بالتسلسل.


        عدم منطقية سؤال: من خلق الله؟

        سؤال: "من خلق الله؟" من الأسئلة غير المنطقية, فالخالق لا يُخلَق، والله ليس مخلوقًا لنسأل: من خلقه؟
        والله قديم ليس حادثًا، أولٌ ليس قبله شيء، فلا ينطبق عليه قانون الحوادث في السؤال عن خالقه، والسؤال عمن أحدثه،
        والمخلوقية من صفات الحوادث، وهي الأشياء التي وُجدت بعد أن لم تكن موجودة ,

        فكيف نصِفُ الخالق بصفات الحوادث وننسب له ما لا يليق؟!


        قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3]

        أي: الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الآخِرُ الذي ليس بعده شيء، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وهو الباطن الذي ليس دونه شيء، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وهو بكل شيء عليمٌ.


        والله - سبحانه وتعالى - أزَليٌّ، ليس لوجوده بداية؛ فوجوده ذاتيٌّ لا ينفك عنه؛ أي: يبقى إلى الأبد،

        وإذا كان الله ليس لوجوده بداية، فكيف نسأل عن سبب وجوده؟! وكيف نسأل عن علة لوجوده؟!


        والأصل في الخالق الوجودُ , إذ لو كان الأصل فيه العدم لَمَا أوجد الكون؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه،

        وإذا كان وجود الله هو الأصل، فهذا يستلزم أنه لا يحتاج إلى موجِدٍ يوجده، ولا علة لوجوده؛ إذ لا يُبحَث عن علةِ وجودِ ما الأصلُ فيه الوجود!

        وقول القائل: إن خالق الكون بحاجة إلى خالق، رغم أنه خالق،
        قريب من قول القائل: إن المِلح يحتاج إلى ملح كي يكون مالحًا رغم أنه مالح،
        وإن السكر يحتاج إلى سكر حتى يكون حلوًا رغم أنه سكر،
        وإن الأحمر يحتاج إلى اللون الأحمر كي يكون أحمرَ رغم أنه أحمر.

        وقول القائل: "من خلق الله؟" يساوي قوله: ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟

        ويساوي قوله: ما بداية الشيء الذي لا بداية له؟
        ويساوي قوله: ما بداية وجود الشيء الذي لا بداية لوجوده؟
        وهذا قولٌ في غاية السخف والسقوط.


        الرد على زعم بعضهم أن استغناء الله‏ عن علة تُوجِده يستلزم أن الله‏ توقَّف في وجوده على نفسِه

        يقول بعض الملاحدة:
        قولكم أيها المؤمنون بأن الله لا علة لوجوده، يستلزم أن الله‏ توقف في وجوده على نفسه؛
        أي: إن الله‏ هو الذي أوجد نفسه بنفسه، وهذا يستلزم أن الله علة لنفسه.


        والجواب:
        كلامكم أيها الملاحدة يصح لو كان الله ممكن الوجود , إذ ممكن الوجود هو ما كان حادثًا بعد عدم؛
        أي: وجوده له بداية، فيتصور العقل وجوده وعدم وجوده، فيمكن أن يوجد، ويمكن ألا يوجد،
        وهذا الحادث بعد عدم لا بد له من موجد يوجده، ومحدثٍ يُحدِثه؛ أي: يحتاج في وجوده إلي موجِد.


        ولكن الله - عندنا - واجب الوجود

        أي: وجوده ذاتي لا ينفك عنه، فلم يكُنْ في زمن من الأزمان بمفتقرٍ إلى الوجود، ولم يكن في زمن من الأزمان معدومًا حتى يحتاج إلى من يخرجه من العدم إلى حَيِّز الوجود، سبحانه خالق الزمان والمكان،

        (( قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "
        فإن الله تعالى الخالق قديم أزلي واجب الوجود بنفسه قيوم "


        وقال أيضاً : " إنه واجب الوجود بنفسه قديم بذاته وصفاته لا يجوز عليه عدم شيء من صفاته فيمتنع في حقه الاستحالة والفساد" .

        وقال أيضاً : "
        إن واجب الوجود بنفسه لا يكون محتاجا إلى غيره " )) المصدر

        وعليه فإن الله‏ لا يصدُقُ عليه أنه مخلوق ومعلول حتى نسأل عن خالقه وعلته، أو أن نقول بأنه خلَق نفسه بنفسه.



        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739183

        الرد على سؤالهم: لماذا توقفون مبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟


        يقول الملاحدة:
        عندما نسألكم - أيها المؤمنون - عن علة وجود الله، تجيبون بأن الله غير معلول الوجود، فلماذا توقفون مبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالله؟


        والجواب على سؤالهم من وجوه:

        الوجه الأول: أن الأصل في الخالق الوجود؛ إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون؛ لأن فاقد الشيء الذي لا يملِكه ولا يملِك سببًا لإعطائه - لا يعطيه، وإذا كان الأصل في الخالق الوجود، فلا يصح أن نسأل عن سبب وجوده.


        الوجه الثاني: أن الله أزليٌّ؛ فوجوده ذاتي لا ينفك عنه، فلا يصح أن نسأل عن سبب وجوده، ووجوده ليس له بداية.


        الوجه الثالث: أن الله له الكمال المطلق؛ إذ هوواهبُ الكمال لمخلوقاته؛ فهو أحق بالاتصاف به من الموهوب، وكل كمالٍ ثبت للمخلوق المحدَثِ المربوب الممكن، فإنه يكون ثابتًا للخالق من باب أَوْلى، وإذا كان الكمال المطلق لله، والاحتياج يناقض الكمال المطلق، فالكامل المطلَق لا يحتاج إلى غيره، وعليه فالخالق لا يحتاج إلى غيره، وإذا لم يحتَجْ إلى غيره فهو غير معلول، وإذا كان غير معلول فلا يصح أن نسأل عن علته.


        الوجه الرابع: أن السؤال عن سبب وجود شيء يصح فيما كان الأصل فيه الحدوث، وأنه لم يكن موجودًا ثم أصبح موجودًا بعد عدم، والله قديم وليس حادثًا.

        الوجه الخامس: لو قلنا بأن كلَّ خالق له مَن خلَقه؛ أي: خالق الكون له مَن خلقه، ومَن خلَق خالقَ الكون له مَن خلَقه، ومَن خلَق خالقَ خالقِ الكون له مَن خلَقه، وهكذا إلى ما لا نهاية - فهذا يستلزم أنْ لا خالقَ للكون،

        وهذا باطل لوجود الكون

        فوجود الكون يستلزم عدم تسلسل الفاعلين إلى ما لا نهاية؛ إذ لا بد أن تصل سلسلة الفاعلين إلى علة غير معلولة، ولا بد مِن سبب تنتهي إليه الأسباب،
        وليس هناك أسباب لا تنتهي إلى شيء، وإلا لم يكن هناك شيء؛ أي: إن
        التسلسل في الفاعلين ممنوع، بل لا بد أن نصل إلى نهاية، وهذه النهاية في الفاعلين أو المؤثرين هي إلى الله - سبحانه وتعالى - وهذا أحد ما يدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿
        وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 42].


        وللتقريب نأخذ مثال الجندي والرصاصة :
        الجندي يريد أن يطلق النار، ولكن حتى يطلق النار، يجب على الجندي أن يستأذن من الجندي الذي خلفه، وهذا الجندي حتى يعطي الإذن يجب أن يستأذن من الجندي الذي خلفه، وهكذا إلى ما لا نهاية، السؤال: هل سيطلق الجندي النار؟ الجواب: لا؛ لأنه لن يصل إلى الجندي الذي سيعطيه الإذن بإطلاق النار، أما إذا انتهت السلسلة إلى شخص لا يوجد فوقه أحد ليعطيه الإذن بإطلاق النار، فستنطلق الرصاصة،

        وبدون هذا الشخص، ومهما كثُر عدد الأشخاص، لن تنطلق الرصاصة؛ فهم كالأصفار إذا وضعتها بجانب بعضها البعض، فمهما كثرت وبلغت حدًّا لا نهاية له، فستظل لا تساوي شيئًا، إلا أن يوضع قبلها رقم: 1 فأكثر.


        الرد على سؤال الملاحدة: لماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود؟


        يقول الملاحدة:
        إذا كان الله عندكم لا علة لوجوده، فلماذا لا تفترضون أن المادة الأولى غير معلولة الوجود؟


        والجواب:
        فرق شاسع بين صفات الخالق التي تحمل دليل قِدَمِه وأزليته، وبين صفات المادة التي تحمل دليل حدوثها وافتقارها لمحدِثٍ،

        وقول الملاحدة:إن المادة الأولى غير معلولة الوجود، قول بلا دليل،

        والجواب عليه من وجوه:


        الوجه الأول: أن العلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار العظيم الذي نشأ منه الكون، ولا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون، وتطوَّر منها كل شيء!


        الوجه الثاني: ليس هناك ما يدعو إلى أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم.


        الوجه الثالث: الفضاء والزمان وجدوا مع الانفجار العظيم، والمادة هي كل ما له كتلة وحجم، ويشغل حيزًا في الفراغ؛ أي: المادة تحتاج لمكان أو حيز ليحويها، وبالتالي لا مادة دون وجود المكان الذي سيحويها.


        الوجه الرابع: كون الكون تطور من المادة الأولى إلى الحالة التي هو عليها، هذا يدل أن المادة الأولى قد طرأ عليها التغير والتبدل، وما يجري عليه التغير والتبدل لا يكون أزليًّا؛ لأن كل ما يتغير ويتبدل لا بد له من مغيِّر ومبدل؛ أي: لا بد له من سبب يغيِّرُه ويبدِّله، وهذا السبب لا بد أن يكون سابقًا له، مما ينافي الأزلية، وما دامت المادة الأولى احتاجت إلى سبب يغيِّرُها من حال إلى حال، وسبب يبدِّلها من حال إلى حال - فالمادة محتاجة إلى غيرها، غير مستغنية بنفسها، مما يدل على أن المادة حادثة، ولو كان الأصلُ فيها الوجود الأزلي لم تكن عُرضةً للتحول والتغير والتبدل.


        هل القول بخالق للكون يفتح الباب للتسلسل الممنوع؟


        يزعم الملاحدة أن القول بخالق للكون سيؤدي بنا إلى القول: إن هذا الخالق له خالق آخر، وهذا يمهِّد الطريق لآخرين ليضيفوا خالقين آخرين، مما يفتح الباب للتسلسل الممنوع،

        وهذا الكلام فيه خلط للحقائق، وتسوية بين صفات الخالق القديم الأزلي، وصفات المخلوق الحادث؛ فالخالق لا يُخلَق، والقديم لا يُحدَث،

        وكون الله الخالق قد خلق الكون، هذا يقطع بعدم التسلسل في الفاعلين؛ لأن مِن صفات الخالق أنه الأول فليس قبله شيء،
        وبذلك لا يوجد تسلسل في الفاعلين.

        هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


        المصدر

        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #79

          ► الشُبهة العاشرة :
          قول الملحد : الله -سبحانه وتعالى - لايستحق العبادة


          ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

          في هذا المقال سنتناول - إن شاء الله وقدر - زعم الملاحدة الجائر بأن الله - سبحانه وتعالى - لا يستحق العبادةَ - تعالى الله عما يقول الظالمون.

          عرض زعم الملاحدة الجائر:


          يزعم الملاحدة أن الله - سبحانه وتعالى - لا يستحق العبادة - تعالى الله عما يقول الظالمون -

          ويبرر أحدُهم هذا الزعم الجائر قائلًا:

          إن قيمة الأشياء تتميز في مقدار تأثيرها علينا، وتأثير الله علينا هو الخَلْق، والخلق ليس سببًا كافيًا للعبادة؛ لأن الخلق لا بد أن يكون له هدف سامٍ، وغياب الهدف يجعل عملية الخلق عبثيةً، وفي حالة وجود هدف، فالهدف في حد ذاته ينسف صفة الكمال والاكتفاء الذاتي عند الله، وفي حالة غياب أي هدفٍ أو غايةٍ للخلق، فلماذا سنعبده؟

          ويستطرد في سفسطته قائلًا:

          ربما عظَمته وجلاله في حد ذاتها سببٌ كافٍ يدفعنا للعبادة... ربما السبب أن الله بنفسه طلبَ منا عبادته، وطلبه هذا جاء من كائنٍ في موقع قوةٍ تجاه كائنٍ آخر في موقع ضعف، وهذا فيه استغلال للقوة والقدرة في إيذائنا ليفرض أحكامه علينا، بل يلجأ للتهديد والترغيب (قانونيًّا هذه جريمة ابتزاز) لإجبارنا على تنفيذ أوامره التي لا نعرف سببًا واضحًا لها أو غايةً معينة،

          بل إن ضررها - في أغلب الأحيان - أكثر من فوائدها؛ لِما تثيره من تبلُّدٍ للفكر (
          ترديد نفس العبارات مرارًا وتكرارًا
          وإضاعةٍ للوقت، وتبذيرٍ للجهد.

          ثم يفترض هذا الملحد افتراضًا خاطئًا أن الله يحتاج لعبادتنا، ومن ثم هذا ينفي عنه صفة الكمال؛ لثبوت حاجته،

          ثم يقول هذا الملحد:

          ولو افترضنا نحن حاجتنا لعبادته، فإن تلك الحاجة تنفي التكليف الذي يفرضه علينا؛ لأن العبادة حينها ستكون حاجةً طبيعيةً مثل الحاجات الإنسانية الأخرى؛ كالهواء والغذاء.

          وقبل الرد على هذه الدعاوى والتفاهات لا بد من بيان مفهوم العبادة.

          مفهوم العبادة:

          للعبادة العديد من التعريفات، من أحسنِها وأجمعها: تعريف ابن تيمية - رحمه الله - حيث قال:

          (العبادة : هي اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه؛ من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة؛ فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل، والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة لله. وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له، والمرضية له، التي خلَق الخلق لها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وبها أرسَل جميع الرسل ).

          ويقول ابن باديس - رحمه الله -: (العبادة: هي التوجه بالطاعة لله؛ امتثالاً لأمره، وقيامًا بحقه، مع الشعور بالضعف والذل أمام قوة وعز الربوبية، وذلك يبعَث على الخوف المأمور به، ومع الشعور بالفقر والحاجة أمام غِنى وفضل الربوبية، وذلك يبعث على الرجاء المأمور به).

          ومن الناس من يتوهم أن العبادة مقصورة على الصلاة والصوم والزكاة والحج، وهذا خطأ؛ فالعبادة ليست مقصورةً على مناسك التعبد المعروفة من صلاة وصيام وزكاة وحج.. إلخ،

          بل إن العبادة هي العبودية لله وحده، والتلقي من الله وحده في كل أمور الدنيا والآخرة،

          إنها الصلةُ الدائمة لله في كل قول أو عمل أو شعور, فالإنسانُ عابد لله حيثما توجَّه إلى الله،

          ومن ثم تشمل "العبادة" الحياة، ويصبح الإنسان عابدًا في كل حين .

          الله عز وجل مستحق للعبادة لذاته وصفاته وأفعاله

          الله - عز وجل - مستحق للعبادة؛ لأنه خالق الكون ومدبِّره، ورب جميع العوالم والكائنات،

          والعبادة حق الله على جميع مخلوقاته، حق الخالق على المخلوق ، والله خالقنا ومالكنا، وللمالك أن يأمرَ وينهى ،

          ومَن ينكر حق الله على خلقه أعظم جرمًا وفِريةً ممن ينكر حق الوالدين على الولد، وحق المدرس على تلاميذه، وحق الوطن على أبنائه!

          والله - عز وجل - يستحق العبادة لذاته، بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى ؛ إذ النفوس مجبولة على حب الكمال،

          والله - عز وجل - له الكمال المطلق من جميع الوجوه، الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه؛ وذلك يوجب أن تكون العبادةُ له وحده عقلًا وشرعًا وفطرةً ،

          والله - سبحانه وتعالى - يستحق العبادة، لا لكونه خلَق الخَلْق فقط، بل أيضًا يستحق العبادة لذاته.

          ويقول ابن القيم - رحمه الله -:
          ( ولا ريب أن كمال العبودية تابع لكمال المحبة، وكمال المحبة تابع لكمال المحبوب في نفسه، والله سبحانه له الكمال المطلق التام في كل وجه، الذي لا يعتريه توهم نقص أصلاً، ومَن هذا شأنُه فإن القلوب لا يكون شيء أحب إليها منه ما دامت فِطَرُها وعقولها سليمة، وإذا كانت أحب الأشياء إليها فلا محالة أن محبته توجب عبوديته وطاعته، وتتبُّع مرضاته، واستفراغ الجهد في التعبد له والإنابة إليه، وهذا الباعثُ أكملُ بواعثِ العبودية وأقواها، حتى لو فرض تجرده عن الأمر والنهي والثواب والعقاب استفرغ الوُسْع واستخلص القلب للمعبود الحق)

          والله - عز وجل - يستحق العبادة؛ لأنه المنعم علينا بالحياة، والسمع والبصر، والعقل والإحساس، وغير ذلك من النِّعَم التي لا تُعَد ولا تحصى،
          وقد جبلت القلوب على حب مَن أحسن إليها وأعطاها، وبُغضِ مَن أساء إليها ومنعها، وكلما ازداد العطاء والإحسان ازداد الحب، خاصة إذا

          ما كان العطاء بلا مقابل. والعبادة نوع من الخضوع لا يستحقُّه إلا المنعِم بأعلى أجناس النِّعم؛ كالحياة والفهم، والسمع والبصر .

          والعبادة غاية التعظيم، والعقل يشهد بأن غاية التعظيم لا تليق إلا بمن صدَر عنه غاية الإنعام والإحسان .

          والله - سبحانه وتعالى - هو الذي يجلب للإنسان النفع والرزق، ويدفع عنه الضر والمرض، ويصرف عنه الشر والسوء، ويجيب المضطر إذا دعاه،

          وهذه الأمور لا يستطيعها إلا من ملَك السموات والأرض وما بينهما؛ فالله - سبحانه وتعالى - هو مصدر خير الإنسان ونفعه، ومنع الضرر عنه.

          ويقول ابن تيمية - رحمه الله -: (فمن اعتمد عليه القلب في رزقه ونصره ونفعه وضره، خضَع له وذَلَّ، وانقاد وأحبه من هذه الجهة، وإن لم يحبه لذاته، لكن قد يغلِبُ عليه الحال حتى يحبه لذاته).

          والله - سبحانه وتعالى - كما يستحق العبادة لذاته يستحقها لنِعَمه , فالذي لا يعبُدُ الله لذاته سبحانه يعبده لنعمه وحاجته إليه، فعندنا عبادة للذات؛ لأنه سبحانه يستحق العبادة لذاته، وعبادة لصفات الذات في معطياتها، فمن لم يعبده لذاته عبده لنعمته.

          ويقول ابن تيمية - رحمه الله -: (في وجوب اختصاص الخالق بالعبادة والتوكل عليه: فلا يعمل إلا له، ولا يرجى إلا هو، هو سبحانه الذي ابتدأك بخلقك والإنعام عليك بنفس قدرته عليك، ومشيئته ورحمته، من غير سبب منك أصلاً، وما فعل بك لا يقدر عليه غيره، ثم إذا احتجت إليه في جلب رزق أو دفع ضرر، فهو الذي يأتي بالرزق لا يأتي به غيره، وهو الذي يدفع الضرر لا يدفعه غيره) .

          ويقول ابن القيم - رحمه الله -: (ولما كانت عبادته تعالى تابعةً لمحبته وإجلاله، وكانت المحبة نوعين: محبة تنشأ عن الإنعام والإحسان؛ فتوجب شكرًا وعبودية بحسب كمالها ونقصانها، ومحبة تنشأ عن جمال المحبوب وكماله؛ فتوجب عبودية وطاعة أكمل من الأولى - كان الباعث على الطاعة والعبودية لا يخرج عن هذين النوعين) .

          وإذا اعترف الإنسان أن الله ربُّه وخالقه، وأنه مفتقر إليه، محتاج إليه - عرَف العبودية المتعلقة بربوبية الله.

          والناس مفطورون على التعبد لمعبود معين، وعند النفس البشرية حاجة ذاتية إلى إله تعبده، ومعبود تتعلق به وتسعى إليه، وتعمل على مرضاته، وجميع الأمم التي درس العلماء تاريخها تجدها اتخَذت معبودات تتجه إليها وتقدسها، مما يدلُّ على وجود اتجاه فطري إلى أن يكون هناك إلهٌ معبود.

          وإذا لم يهتدِ الإنسان إلى الإله المعبود بحق - وهو الله سبحانه تعالى - بسبب وجود مؤثِّرات تجعله ينحرِفُ عن الفطرة السليمة، فإنه يُعبِّدُ نفسَه لأي معبود آخر؛ ليشبع في ذلك نهمته إلى العبادة، وذلك كمن استبد به الجوع، فإنه إذا لم يجد الطعام الطيب الذي يناسبه فإنه يتناول كلَّ ما يمكن أكله، ولو كان خبيثًا، ليسد به جوعته.

          لماذا نعبد الله؟

          نعبد الله؛ لأنه خالقُنا ومالكنا، ومن حق الخالق أن يُعبَد. ونعبد الله؛ لأنه خالقنا ومالكنا، وقد أمرنا بعبادته؛
          قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]،
          وإذا طلَب منك ملِك من ملوك الدنيا فعل شيء، فهل ستتأخر عن ذلك؟!
          وإذا طلب منك رئيس من رؤساء الدول فعل شيء، فهل ستتأخر عن ذلك؟!
          وإذا طلب منك أحد الوزراء فعل شيء، فهل ستتأخر عن ذلك؟!

          والله أحقُّ أن تطيعَه. ونعبد الله؛ لأن في عبادته السعادةَ في الدنيا والآخرة؛

          قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]،
          وقال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124]،
          وقال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]،

          وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

          ونعبد الله؛ لأن في عبادته الخيرَ لنا, قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [النساء: 66]،

          وقال قتادةُ وغيره من السلف: "إن اللهَ سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلًا منه، بل أمرهم بما فيه صلاحُهم، ونهاهم عما فيه فسادهم".

          ونعبد الله؛ لأنه يستحق العبادة لذاته؛ فهو كامل في أسمائه، وكامل في صفاتِه، وكامل في أفعاله؛
          قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل: 60].

          ونعبد الله؛ لأنه المنعم علينا بأجلِّ النِّعم؛ فقد خلقنا في أحسن تقويم، وفضَّلنا على كثير ممن خلَق، وسخر لنا ما في الأرض، ورزقنا من الطيبات، ووهب لنا السمع والبصر والفؤاد، وغير ذلك من النِّعم التي لا تُعَدُّ ولا تحصى؛
          قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]،
          وقال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53].
          ونعبد الله؛ لنفوزَ بمرضاته وحبِّه وقُربه منا؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]،

          والواحد من الناس يحب أن يفعل الأمرَ الذي يحبه ملِك من ملوك الدنيا، والله - سبحانه وتعالى - ملِك الملوك؛ فهو أحق بأن نفعل ما يحبه.

          ونعبد الله؛ لأن في عبادة الله - مع استشعار مناجاته وقُربه - لذةً لا تضاهى بلذات الدنيا، ويجد المرء أثناء ممارسته العبادة أُنسًا وسعادة وانشراحًا، وراحة ما بعدها راحة، وحلاوة ما بعدها حلاوة، والمحب يتلذذ بخدمة محبوبه وتصرفه في طاعته، وكلما كانت المحبة أقوى كانت لذةُ الطاعة والخدمة أكملَ.


          يُتبع


          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #80
            - تابع -

            ► الشُبهة العاشرة :
            قول الملحد : الله -سبحانه وتعالى - لايستحق العبادة


            ◄الرَدّْ على الشُبهة ►




            نظرات في كلام ملحد

            سنتناول - بإذن الله - في هذه الجزئية الرد على بعض ما كتبه أحدُ الملاحدة في مواقعهم الخبيثة.

            يقول الملحد:
            (قيمة الأشياء تتميز في مقدار تأثيرها علينا، وتأثير الله علينا هو الخلق، والخلق ليس سببًا كافيًا للعبادة)،

            وقوله: قيمة الأشياء تتميز في مقدار تأثيرها علينا، حقٌّ أريد به باطل، وقوله: تأثير الله علينا هو الخلق، فيه غضُّ الطَّرف عن جميع آثار الله، وقصرها على الخلق،

            وهذا من الظلم والجَور، وليس من العدل والإنصاف.

            والواقع والمشاهد أن آثار الله أكبرُ مِن أن تعد وتحصى،

            ولو خلق الله الكون وتركه هملاً، لهلك الكون؛ فالكونُ يحتاج للخالق كي يظل قائمًا، فلا بد من عناية الله بالكون،
            وهذه نعمة تستوجب استحقاق الله للعبادة. وخَلْق اللهِ الكونَ بهذه السعة وهذا الإحكام والتناسق دليل على عظمة الله وكماله وحكمته؛ مما يوجب استحقاقه للعبادة.

            وخلق الله للإنسان بعد أن لم يكن شيئًا ووهب الحياة له ما هو إلا فضلٌ وجودٌ وكرم من الله للإنسان، يستوجب استحقاق الله للعبادة.
            والله هو الذي يرزقنا، ويجلِب لنا الخير، ويدفع عنا الضر، وكل هذه نِعَمٌ تستوجب استحقاقَ الله للعبادة.
            والله هو الذي سخَّر لنا ما في الأرض جميعًا، وهذه نعمة تستوجب استحقاق الله للعبادة. والله هو الذي وهبنا السمع والبصر والفؤاد، والتذوق والعقل والكلام والحركة،

            وكل هذه نِعَمٌ تستوجب استحقاق الله للعبادة. والله هو الذي خلق لنا النبات والحيوان والطيور والأسماك لنستمتع ولنتمتع ولننتفع بها،
            وكل هذه نِعَم تستوجب استحقاق الله للعبادة. والله هو الذي يُطعِمنا ويسقينا، وإذا مرضنا يشفينا، ويجيب المضطر إذا دعاه، وكل هذه نِعَم تستوجب استحقاقَ الله للعبادة.

            وقول الملحد:
            "والخلق ليس سببًا كافيًا للعبادة"

            فيه جحودٌ لحقِّ الخالق على المخلوق، وهذا مِن الظلم والجَور، وأعظم جُرمًا وفِرية ممن ينكر حق الوالدين على الولد، وحق المدرس على تلاميذه، وحق الوطن على أبنائه!

            ويقول الملحد - هداه الله -:
            (الخلق لا بد أن يكون له هدف سامٍ، وغياب الهدف يجعل عملية الخلق عبثيةً، وفي حالة وجود هدف، فالهدف في حد ذاته ينسف صفة الكمال والاكتفاء الذاتي عند الله، وفي حالة غياب أي هدفٍ أو غايةٍ للخلق، فلماذا سنعبده؟).

            وقوله: "الخلق لا بد أن يكون له هدف سامٍ، وغياب الهدف يجعل عملية الخلق عبثيةً" حق أريد به باطل،
            ونحن نعتقد أن الله لا يفعل شيئًا إلا لحكمة، عرَفها مَن عرَفها، وجهِلها مَن جهلها، وليس معنى عدم معرفتنا للحكمة من شيء أن لا حكمة فيه؛ فعقولنا قاصرة، وعلمنا محدود، والعِلم يكشف لنا كل يوم أشياء كنا نجهلها فيما سبق.

            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739184

            وقول الملحد:

            "وفي حالة وجود هدف، فالهدف في حد ذاته ينسف صفة الكمال والاكتفاء الذاتي عند الله

            هذا سفسطة وادعاء بلا دليل، وأي ادعاء بلا دليل فهو باطل مرفوض؛ فوجود هدف وغاية من عمل الشيء ينفي عن الفاعل العبثية، وعدم الغائية وعدم وجود هدف مِن عمل الشيء شيءٌ مذموم لا محمود،

            والخالق منزَّهٌ عن النقص والذم. ولعل الملحد قصد بالهدف الدافع، وهو قوى محركة تبعث النشاط في الكائن الحي، وتُبدئ السلوك وتوجهه نحو هدف أو أهداف معينة، أو الدافع هو أي عمل داخلي في الكائن يدفعه إلى عمل معين، والاستمرار في هذا العمل مدة معينة من الزمن حتى يشبع هذا الدافع ,

            فالدافعُ ينشأ عن حالة من التوتر، يصحبه شعور الفرد بنقص أوحاجة معينة ليوجه السلوك باتجاه تحقيق هدف، أونتيجة لإشباع الحاجة أو النقص لدى الفرد. ووراء كل سلوك يصدر عن الكائن الحي دافعٌ قوي يحركه، أو حاجة قوية تحركه وتدفعه إلى الظهور؛

            أي: الدافع ينشأ نتيجة افتقاد الكائن الحي لشيء ما، فينتج عن ذلك نوعٌ من التوتر، يدفعه إلى محاولة إرضاء الحاجة المفتقدة، والله - عز وجل - لا يوصف بذلك؛ فهو القيوم وواجب الوجود لذاته. والله - عز وجل - لم يخلُقِ الخَلْق ليحقق كمالاً ما؛
            فهو واجب الوجود لذاته، وكامل في ذاته وصفاته.

            والله - عز وجل - لم يخلُقِ الخلق ليشبع حاجة ما؛ فهو قيُّوم قائم بنفسه، مُستَغْنٍ بنفسه عن غيره، والله - عز وجل - لا يحتاج لشيء، بل الخَلْق يحتاجون إليه.

            والله - عز وجل- له حكمة وغاية وهدف من الخَلْق، وليس له حاجة من الخلق، والحكمة من الخلق أن نعبده ,
            قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]،

            وفي عبادته - سبحانه - صلاحنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة، ونحن الذين نحتاج عبادته، ونحن من ننتفع بعبادته، فأمره لنا بالعبادة مِن حبه لنا، ومن فضلِه وكرمِه علينا. والله - عز وجل - خلَقنا لنعبده باختيارنا؛ تشريفًا لنا، وتمييزًا لنا عن كثير من خَلْقه سبحانه. والله - عز وجل - خلَقنا لنعبده؛ لأنه يحب أن يرى امتثالَنا وطاعتنا له سبحانه.

            والله - عز وجل - خلَقنا لنعبده باختيارنا؛ ليُنعِمَ علينا في الآخرة - إذا عبدناه وحده وأطعناه - بالسعادة الأبدية، وذلك كرمٌ منه وفضلٌ. وكون الله هو الخالق هذا يقطع بعدم احتياجه لغيره، فكيف ندعي أنه يحتاج عبادتنا، وهو لا يحتاج لغيره؟!

            والله - عز وجل - ما كلَّف المكلفين ليجر إلى نفسه منفعةً، أو ليدفع عن نفسه مضرة؛ لأنه تعالى غنيٌّ على الإطلاق، فيمتنع في حقه جر المنفعة ودفع المضرة؛ لأنه واجب الوجود لذاته، وواجب الوجود لذاته في جميع صفاته يكون غنيًّا على الإطلاق،

            وأيضًا فالقادر على خلق السموات والأرض، والشمس والقمر والنجوم، والعرش والكرسي، والعناصر الأربعة، والمواليد الثلاثة - ممتنعٌ أن ينتفع بصلاة "زيدٍ" وصيام "عمرٍو"، وأن يستضر بعدم صلاة هذا، وعدم صيام ذلك.

            وقول الملحد: "وفي حالة غياب أي هدفٍ أو غايةٍ للخلق، فلماذا سنعبده؟".

            والجواب: نقطع بأن أي فعل لله - عز وجل - له غاية وحكمة؛ فهو الحكيم في أفعاله، ودقةُ الكون وتناسقه ووضعُ كل شيء في الكون في موضعه: دليلٌ على عِلم الله وقدرته وحكمته. ومجرد خلق الله لنا وإنعامه علينا بالحياة نعمة تستوجب العبادة، سواء علِمنا الغاية من الخلق أو لم نعلم،

            ومن يقول: لا أعبد اللهَ رغم أنه خلقني؛ لأني لا أعرف الغاية من خَلْقي،

            كمن يقول: لا أطيع والدي رغم أني أعرف أنه والدي؛ لأنه لم يبيِّن لي لماذا أنجبني؟

            ومجرد إنعام الله علينا بأجلِّ النِّعَم - كالحياة والسمع والبصر والعقل - يستوجب عبادته سبحانه، سواء علمنا الغاية من الخلق أو لم نعلم، ومجرد اتصاف الله بصفات الجلال والكمال يستوجب عبادته سبحانه، سواء علمنا الغاية من الخلق أو لم نعلم،

            ومن رحمة الله بنا أن أرسل لنا أنبياءَ ورسلاً ليعرِّفونا الغاية من الخَلْق، وكيف نعبد الخالق!

            يقول الملحد:
            (ربما عظمته وجلاله في حد ذاتها سببٌ كافٍ يدفعنا للعبادة) حقًّا عظمة الله وجلاله وكماله وجماله تستوجب استحقاقَ عبادة الله لذاته.

            ويقول الملحد:
            (ربما السبب أن الله بنفسه طلب منا عبادته، وطلبه هذا جاء من كائنٍ في موقع قوةٍ تجاه كائنٍ آخر في موقع ضعف، وهذا فيه استغلال للقوة والقدرة في إيذائنا ليفرض أحكامه علينا، بل يلجأ للتهديد والترغيب (قانونيًّا هذه جريمة ابتزاز) لإجبارنا على تنفيذ أوامره التي لا نعرف سببًا واضحًا لها أو غايةً معينة).

            وهذا سوءُ أدبٍ، وتشويه للحقائق بالسفسطة، فما علاقة طلب العبادة باستغلال القوة؟

            و
            هل أجبرنا الله على العبادة أو خيَّرنا؟

            وهل أسلوب الترهيب دليلٌ على حب الله لنا أو كرهه لنا؟

            وتحذير الله لنا من أن نعصيه دليلٌ على حبه لنا،
            كما أن الوالد الذي يخاف على ولده من الرسوب في الامتحان يحذره من الرسوب، فيقول لولده: لو رسبت سأفعل بك وأفعل،
            وكما أن الأم التي تحب أن يكون لباس ابنها نظيفًا تحذره من اتساخ الملابس فتقول: لو اتسخت ملابسك سأفعل بك وأفعل،

            وهل تهديد الحكومة لمن يخالف القانون شيء مذموم؟ وهل تهديد الأب لابنه الذي لا يذاكر أنه سيعاقبه شيء مذموم؟

            وهل تهديد رئيس العمل للموظف الذي يخطئ شيء مذموم؟ ولو سلَّمنا جدلاً أن أسلوب الترهيب فيه استعمال القوة،

            فهل استعمال القوة لتقويم المعوجِّ شيء مذموم؟ وهل تقويم الحكومة للمجرم شيء مذموم؟
            وهل عقاب الأب لابنه على خطأ ارتكبه شيء مذموم؟
            سبحان ربي!
            الله يأمرنا بما فيه الخير لنا والملحد لا يريد الخير! والله يأمرنا بما فيه الصلاح لنا والملحد لا يريد الصلاح؛

            قال تعالى: ﴿
            وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

            وقول الملحد: (لإجبارنا على تنفيذ أوامره التي لا نعرف سببًا واضحًا لها)

            الملحد يعترض على خالقِه أنه يأمره بأوامرَ لا يعرف الغاية منها، لكنه لا يعترض على مَن هو أعلى منه في العمل عندما يأمره بشيء لا يعرف الغاية منه، وهل يجب على الأعلى إذا أراد من الأدنى منه أن يفعل شيئًا أن يبين له الحكمة من الأمر؟!

            ويقول الملحد:
            (إن ضررها - يقصد الصلاة - في أغلب الأحيان أكثر من فوائدها؛ لِما تثيره من تبلدٍ للفكر (ترديد نفس العبارات مرارًا وتكرارًا) وإضاعةٍ للوقت وتبذيرٍ للجهد

            وهذا كلام مخالف للواقع؛ فالصلاة إذا أُدِّيَت كما ينبغي نهت عن الفحشاء والمنكَر، وكانت سببًا في زوال الهموم، وكانت راحة للنفس والبدن،
            ومن المعلوم أن الركوع والسجود في الصلاة يقوِّيان عضلات البطن والساقين والفخذين، وتزيد حركاتُ الصلاة من نشاط الأمعاء، وبالتالي تقلِّل مِن الإمساك، والملحد يكره ضياع جزء من الوقت بسبب الصلاة لخالقه، وكم ضيع وقته في مداعبة زوجته أو ولده أو صديقه!

            والملحد يعيب تكرار نفس العبارات في الصلاة رغم أنها كلمات طيبة،

            والسؤال: ما المانع من تكرار الكلام الطيب؟
            وهل تكرار الكلام الطيب يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على الإنسان؟
            وهل تكرار تعبيرك لزوجك بالحب أمر غير مرغوب؟
            وهل تكرار تعبيرك لأمك بالحب أمر غير مرغوب فيه؟

            ويقول الملحد:
            (حاجة الله لعبادتنا تنفي عنه صفة الكمال لثبوت حاجته)،

            والسؤال: ما دليلك على أن الله يحتاج العبادة منا؟
            ألا تعلم أن الله عندنا واجب الوجود لذاته؟
            ألا تعلم أن الله عندنا قيُّوم؟

            والملحد ربما توهم أن طلب الله العبادة منا دليلٌ على احتياجه لها، وهذا الفهم مبنيٌّ على مغالطة أن كل أمر يأمر به السيد عبده يحتاجه السيدُ من العبد، وهذا ليس صحيحًا؛ فقد يكون الأمر اختبارًا من السيد لعبده، وقد يكون الأمر تشريفًا للعبد بفعل شيء جدير أن يفعله، وقد يكون الأمر لمحبة السيد أن يرى امتثال عبده له وطاعته له، وقد يأمر السيد عبده بشيء إذا فعله رفع منزلته عنده، وأفاض عليه بعطايا عظيمة، ولله المثل الأعلى.

            ويقول هذا الملحد: (ولو افترضنا نحن حاجتنا لعبادته، فإن تلك الحاجة تنفي التكليف الذي يفرضه علينا؛ لأن العبادة حينها ستكون حاجةً طبيعيةً مثل الحاجات الإنسانية الأخرى؛ كالهواء والغذاء).

            وهذا الكلام تشويه للحقائق بالسفسطة، وأين الدليل الدال على أن الحاجة تنفي التكليف؟ وهل من موانع التكليف الاحتياج؟

            نحن نعلم أن من موانع التكليف الجهل، والخطأ، والنسيان، والإكراه، ولم نقرَأْ في أي شرع أو قانون أن الحاجة من موانع التكليف،
            وما قولك في حاجة المغتصب في الاغتصاب وحاجة السارق في السرقة؟!

            هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات!

            المصدر




            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #81

              ► الشُبهة الحادية عشرة :
              وجود الله فرضية - كفرضية الوحش الاسباجيتي


              ◄الرَدّْ على الشُبهة ►


              يتناول المقال ردود متنوعة مختصرة على عدة نقاط في شبهة : وجود الله فرضية كفرضية الوحش الاسباجيتي :

              - وجود خالق للكون ليس فرضية من الفرضيات
              - إبطال قولهم: لو كان وجود خالق للكون أمرًا بديهيًّا، لما أنكر وجوده أحد
              - فساد قولهم: هناك نظريات تفسر وجود الكون دون الحاجة إلى خالق :
              - خالق الكون هو الله لا أحد سواه
              - فساد قول من يدعي أن هناك خالقًا غير الله - شتان ما بين وجود الخالق ووجود الوحش الاسباجيتي


              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739195


              - وجود خالق للكون ليس فرضية من الفرضيات:


              إن قضية وجود خالق للكون ليس فرضية من الفرضيات قد يثبت الدليل صحتها وقد يثبت خطأها، بل قضية وجود خالق للكون قضية بديهية، وحقيقة ثابتة مستقرة في النفوس والفِطَر،
              ولا يمكن إنكار وجوده؛
              إذ العلم بوجود خالق للكون كالعلم بوجود كاتب للكتابة، وبانٍ للبناء، ومؤثر للأثر، وفاعل للفعل، ومحدِث للحدث،
              وهذه القضايا المعينة الجزئية لا يشك فيها أحد من العقلاء، ولا يفتقر في العلم بها إلى دليل؛ فهي واضحة ظاهرة، والواضح لا يحتاج إلى توضيح، والظاهر لا يحتاج إلى إظهار.

              قال
              سيد سابق - رحمه الله -: (إن وجود الله حقيقة لا شك في أمرها، ولا مجال لإنكارها؛ فهو ظاهر كالشمس، باهر كفلَق الصبح، وكل ما في الكون شاهد على هذا الوجود الإلهي، ومواد الطبيعة وعناصرها تؤكد أن لها خالقًا ومدبرًا.
              العالم العلوي، وما فيه من شموس وأقمار ونجوم وكواكب، والعالم الأرضي وما فيه من إنسان وحيوان ونبات وجماد، والترابط الوثيق، والتوازن الدقيق، الذي يؤلف بين هذه العوالم، ويحكم أمرها.. ما هو إلا آية وجود الله، ومظهر تفرده بالخلق، ولا يتصور العقل أن توجد هذه الأشياء بدون موجِد، كما لا يُتصوَّرُ أن توجد الصنعة بدون صانع.
              فإذا كان العقل يحيل أن تطير طائرة في الهواء، أو تغوص غواصة في الماء دون أن يكون فيها صانع للطائرة، ومنشئ للغواصة، فإنه يجزم جزمًا قاطعًا باستحالة وجود هذا الكون البديع، وهذه الطبيعة الجميلة من غير خالق خلقها، ومدبِّر دبَّر أمرها
              )

              وقال
              د. جعفر شيخ إدريس - حفظه الله -: (إن وجود الإله الخالق أمر تعرفه العقول بداهة؛ لذلك لم يكن ينكر وجود الإله الخالق فيما مضى إلا فئات قليلة من البشر؛ ولذلك كانت الرسالات السماوية تُبنى على إقرار الناس بوجود الرب تعالى، وأنه هو الذي خلقهم ويرزقهم ويحييهم ويميتهم، ثم تزيدهم علمًا به، وتدعوهم إلى عبادته وحده دون سواه مما يعلمون أنه لم يخلق ولم يرزق، ولا يحيي ولا يميت، ولا يتصف بشيء من صفات الإله الخالق.
              ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 16، 17]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].

              حتى الذين أنكروا وجود الخالق، والذين يسمَّون في عصرنا بالملحدين، لا ينكر معظمهم وجود الخالق أي خالق، وإنما ينكرون وجود الخالق الحق الذي دعتهم إلى الإيمان به رسالات السماء، والذي كان يؤمن بربوبيته من يشرك معه غيره في عبادته، انظر إلى حال الملحدين في عصرنا: تراهم - إذا أنكروا وجود الخالق الحق - يعزون حدوث الأشياء إلى أشياء أُخَرَ، وهم وإن لم يسموها بالخالقة إلا أنهم يقيمونها مقام الخالق سبحانه، بل ويُضْفون عليها بعض صفاته!).


              - إبطال قولهم: لو كان وجود خالق للكون أمرًا بديهيًّا، لما أنكر وجوده أحد:


              وقد يقول قائل:
              لو كان وجود خالق للكون أمرًا بديهيًّا، لَمَا أنكر وجوده أحد،

              والجواب:
              أن الإقرار بوجود خالق للكون إنما يكون بديهيًّا ضروريًّا في حق من سلم من المؤثرات الخارجية والشُّبَه التي قد تجعله ينحرف عن الحق، وقد يحتاج بعض الناس إلى
              ذكر الأدلة على وجود خالق للكون؛ لوجود بعض الشُّبَه لديهم، أو لزيادة إيمانهم بوجود خالق.

              وقال شيخ الإسلام
              ابن تيمية - رحمه الله -: (إن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصُلُ له به المعرفة).


              - فساد قولهم: هناك نظريات تفسر وجود الكون دون الحاجة إلى خالق :



              يقول الملاحدة:
              القول بوجود خالق للكون احتجاج بالجهل؛ فلأن المؤمنين جهلوا آلية نشأة الكون ادعوا أن سبب الكون هو الإله، واليوم هناك العديد من النظريات تفسر نشأة الكون بمعزل عن الإله،

              والجواب :
              أن القول بوجود خالق للكون احتجاج بعلم وليس بجهل، فيوجد عشرات الأدلة الدالة على وجود خالق، وإذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع، فكيف يصح أن يقال: هذا الكون بأكمله بلا خالق؟!

              ولا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون، كما لا تعارض بين مخترع الشيء وآلية عمل الشيء، ووجود حدث لا ينفي وجود محدِث له، بل يؤكد على وجوده.
              ولا تعارض بين وجود قوانين تتحكم في عمل الكون وبين وجود خالق للكون؛ فالخالق يدير الكون من خلال قوانين قد سنَّها للكون، ولا يدير الكون بالمعجزات. والاعتقاد بوجود خالق، وأنه مسبب الأسباب،
              وأنه خالق القوانين الفيزيائية لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية، أو التمرُّد على شيء من حقائق العلم الصحيح،

              وإنما هو اعتقاد بأن الخالق هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعية، ومسبب لهذه القوانين الفيزيائية، وحتى لو سلمنا جدلًا أن العلم وصل إلى معرفة كل الأسباب الطبيعية وكل القوانين التي تدير الكون، فهذا لا ينفي وجود الخالق، بل هذه الأسباب الطبيعية وهذه القوانين دالة على موجِدٍ لها؛ فكل سبب له مُسبِّب، وكل قانون له مقنِّن، والخالق عز وجل مسبِّبُ هذه الأسباب الطبيعية، وخالق هذه القوانين.


              - خالق الكون هو الله لا أحد سواه :

              إذا ثبت أن للكون إلهًا، فلا بد أن يعرِّفَنا هذا الإله بنفسه وبصفاته وبخَلْقه للكون، وبما يحبه وبما يكرهه، والإله لا يعرفنا نفسه وما يحبه وما يكرهه عن طريق نزوله بنفسه لنا؛ لعظمته وملكه،

              فإذا كان ملوك الدنيا لا يعرفون الناس أنفسهم بأنفسهم، بل عن طريق رسل، فلخالقهم المثل الأعلى، فلا بد أن يرسل الإله الملك المعبود رسولًا يعرف الناس به، وبما يحبه وما يكرهه، وكيفية عبادته، وبذلك يكون الأنبياء والرسل الواسطة بين الإله وبين خلقه في تعريفهم به، وما يحبه وما يكرهه، وكيفية عبادته.

              ولا أحد يعرف صفات الإله وما يحبه وما يكره إلا من عرَّفه الإله ذلك، والذي يعرفه الإله ذلك هو الرسول والنبي؛ كي يُعلِمَ مَن بُعِثَ فيهم بذلك.

              وكل دين ليس مبلِّغُه هو الرسول والنبي المبعوث من قِبَل الإله، فليس دين حق؛ إذ كيف يعرف صفات الإله، وما يحبه وما يكره، والإله لم يعرفه.

              ومن الأدلة على أن مدعي الرسالة صادق في دعواه: تأييد الإله له بالأدلة الدالة على صدق دعوته؛ كتأييده بالمعجزات،

              فلا يبعث الخالق رسولًا من الرسل إلا ومعه آية وعلامة تدل على صدقه فيما أخبر به عنه. وقد عرفنا خالق الكون بنفسه وبأسمائه وبصفاته وبخلقه للكون، وبما يحبه وبما يكرهه من خلال رسله وأنبيـائه المؤيَّدين بالمعجزات،

              وأخبرنا أنه الله، وأخبرنا أنه هو الذي خلقنـا، ولو كان هناك خالق غير الله لادعى الخلق، ولم يدَّع أحد غير الله لنفسه الخلق إلا خذله الله في الدنيا، وافتضح أمره، أما الله سبحانه فقد قال: إنه الخالق لكل شيء عن طريق رسله وأنبيائه،
              ولم ينازعه أحد؛
              قال تعالى: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3]،

              وقال تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]،

              وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62]،

              وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16]،

              وقال تعالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان: 10، 11].

              وقد أمرنا الله بعبادته وحده دون ما سواه؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [النحل: 36]،

              وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22]،

              وقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].


              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739195

              - فساد قول من يدعي أن هناك خالقًا غير الله :


              إن القول بوجود خالق غير الله قول مردود، لا أثارة عليه من علم؛ إذ خالق الكون قد عرَّفنا بنفسه عن طريق أنبيائه ورسله أنه الله، وقد أيَّد أنبياءه ورسله بالمعجزات الدالة على صدقهم، ولم يأتِ أحد من البشر غيرهم بمعجزة مثلهم،
              وقال بخلاف ما قالوا.
              ولا يعقل أن من خلق هذا الكون بهذا الإبداع وهذا التناسق وهذا الجمال وهذا النظام وهذا الاتساع لا يعرِّف البشر بنفسه ليحمَدوه على بديع صنعه، ويشكروه على كثير إنعامه وفضله.

              وإذا كان من اخترع شيئًا من الأشياء يبين للناس أنه مخترع ذلك الشيء، بل ويغضب إذا نُسِب الاختراع لغيره،
              فكيف بمن أبدع السموات والأرض، ولله المثل الأعلى؟!
              ويقال لكل من يدعي أن هناك خالقًا غير الله: صِفْ لنا هذا الخالق، واذكر برهانك على أنه الخالق وليس غيره،
              وإلا فأنت تتكلم بلا علم، وبلا برهان؛

              قال تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [الرعد: 33]، وليس المراد أن يذكروا أساميها، نحو اللات والعُزَّى، وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلهًا، وأنه هل يوجد معاني تلك الأسماء فيها؛

              ولهذا قال بعده: ﴿ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [الرعد: 33] ،

              ومعنى الآية: يا من تدعون أن هناك آلهة غير الله، صِفُوا هذه الآلهة بالصفات التي يستحقونها، هل هي خالقة رازقة محيية مميتة، أم هي مخلوقة لا تملك ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياةولا نشورًا؟!
              فإذا وصفوها بما تستحقه من الصفات تبيَّنَ ضلالُهم. والقرآن الكريم الذي بين أيدينا يثبت وبدون شك عند تفحصه ومقارنته بكلام البشر أنه ليس من كلامهم،

              وفي الوقت ذاته، فهو رسالة من خالق هذا الكون لنا، يبلغنا فيه أنه خالقنا، ويبلغنا فيه عن صفاته،
              فإن لم يكن هناك خالق، فمن أرسل بهذه الرسالة؟
              وإذا كان هناك خالق آخر، فلماذا لم يتفضل بإبلاغنا عن وجوده؟!

              وبهذا يتبين فساد قول أحد الملاحدة:
              "وجود علة أولى لا يعني وجود إلهك الديني... خلق الكون ليس مسجلًا كبراءة اختراع للإله الإسلام، ولا لأي إله آخر...
              لماذا يفترض أن الفرضية المقبولة هي فكرة أحد آلهة الأديان، وليس مثلًا وحش السباغيتي الطائر"،
              وفساد قول من قال: "لا مانع من وجود إله، لكن لماذا لا يكون هذا الإله هو وحش السباجيتي الطائر؟".



              - فساد القول بترك عبادة جميع الآلهة لتعددها:



              وقد يقول قائل: لأن الآلهة كثيرة، والكل يدعي أنه الإله، فالأسلم ترك جميع الآلهة. والجواب: ليس تعدد الآلهة ذريعة لترك عبادة الإله الحق، فلو كنت قاضيًا وأمامك أشخاص، وكل منهم يدعي، أيحق لك أن تقول: لا يوجد حق، بسبب تعدد مدعي الحق، والبينة على المدعي، والحق له نور تعرفه به.



              - شتان ما بين وجود الخالق - و فرضية الوحش الاسباجيتي :



              إن من يشبه وجود الله خالق الكون >> بفرضية وجود الوحش الاسباجيتي قد شبه الحقيقة الثابتة بالباطل المضطرب

              وشبَّه ما ثبت بالبداهة >> بما ثبت بالأوهام والظنون والخيالات،

              وشبه ما تضافرت عليه الأدلة والبراهين >> بما لا دليل عليه ولا برهان

              وشبه من لنا به علم >> بما ليس لنا به علم،

              وشبه من له الأسماء الحسنى والصفات العلى >> بمن ليس له الأسماء الحسنى ولا الصفات العلى،

              ولمن تأنس القلوب, لله الغفور الرحيم الحكيم الخبير الذي له الكمال المطلق أم للوحش الاسباجيتي؟!

              وما من إنسان يسمع كلمة وحش إلا اشمأز وفزع.
              وهل عرفنا الوحش الاسباجيتي بنفسه عن طريق رسل مؤيدين بالمعجزات؟
              وهل أنزل لنا كتبًا يعرفنا فيها بنفسه وبصفاته وبخلقه للكون وبما يحبه وبما يكرهه؟
              وهل له صفات الكمال والجلال والعظمة؟
              وكيف تكون له صفات الكمال وهو وحش اسباجيتي؟

              وصدق الله القائل: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم: 23].


              بتصرف بسيط :المصدر

              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق


              • #82

                ► الشُبهة الثانية عشرة :
                إدّعاء نسبية الأخلاق


                ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

                تعريف الأخلاق :
                لغة ً : (والخَلْقُ والخُلْقُ في الأصل واحد... لكن خص الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخُلْق
                بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة)

                اصطلاحاً : مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، التي يحددها الوحي، لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد
                علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه

                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739210

                إدعاء نسبية الأخلاق

                يعمل الملاحدة والماديون وأذنابهم في خطط خبيثة ماكرة على هدم صرح الأخلاق، من خلال دعوى أنَّ الأخلاق أمور

                اعتبارية نسبية لا ثبات لها، تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومن أُمّة إلى
                أُمّة .

                فالذي يعتبر منافيًا للأخلاق عند شعب من الشعوب، لا يعتبر منافيًا للأخلاق عند شعب آخر،

                وبعض ما كان مستنكرًا فيما مضى قد يعتبر مستحسنًا في عصر آخر،

                فالأخلاق عند هؤلاء مفاهيم اعتبارية تتواضع عليها الأمم والشعوب، وليس لها ثبات في حقيقتها.

                وإنَّ أسباب الغلط أو المغالطة عند أصحاب فكرة نسبية الأخلاق، ترجع إلى ثلاثة:

                الأول:
                تعميمهم اسم الأخلاق على أنواع كثيرة من السلوك الإنساني، فلم يميزوا الظواهر الخلقية، عن الظواهر الجمالية

                والأدبية، وعن العادات والتقاليد الاجتماعية، وعن التعاليم والأحكام المدنية أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه

                الأمور تحت عنوان الأخلاق،

                فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية نسبية.

                الثاني:
                أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدرًا يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أنَّ في كثير من هذه المفاهيم أخطاء

                فادحة، وفسادًا كبيرًا، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضًا إلى أمور أخرى غير ذلك،

                والتحري العلمي يطلب من الباحثين أن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة

                نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون، وينكرها منكرون، ويتشكك بها متشككون، ويتلاعب فيها

                متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها.

                الثالث:
                اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط ، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق.


                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739210


                أما مفاهيم الإسلام فإنها... قد ميزت الأخلاق عما سواها، وميزت السلوك الأخلاقي عن سائر أنواع السلوك الإنساني،

                فلم تعمم تعميمًا فاسدًا، ولم تدخل في مفردات الأخلاق ما ليس منها،

                وهي أيضًا لم تعتمد على مفاهيم الناس المختلفة، ولم تتخذها مصدرًا يرجع إليه في الحكم الأخلاقي،

                وأما العقل والضمير فإنها لم تهملهما وإنما قرنتهما بعاصم يردهما إلى الصواب كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد،

                وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها

                ولا من خلفها؛ لأنهَّا تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله.


                أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله محمد صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

                فمن تبصَّر بالأصول العامة للأخلاق في المفاهيم الإسلامية، وتبصر بأنَّ الأخلاق الإسلامية مقترنة بالوصايا والأوامر والنواهي الربانية، وتبصر بأنَّ هذه الوصايا والأوامر والنواهي محفوفة بقانون الجزاء الإلهي بالثواب العقاب،

                فإنَّه لابد أن يظهر له بجلاء أنَّ الأخلاق الإسلامية هي حقائق في ذاتها، وهي ثابتة مادام نظام الكون ونظام الحياة ونظام الخير والشر أمورًا مستمرة ثابتة، وهي ضمن المفاهيم الإسلامية الصحيحة غير قابلة للتغير ولا للتبدل من شعب إلى شعب، ولا من زمان إلى زمان.

                أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه.

                وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية وجدنا أنَّ كلَّ واحدة منها -ضمن شروطها وقيودها وضوابطها- ذات حقيقة ثابتة،
                وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن.

                إنَّ حسنها حسن في كلِّ زمان،

                وقبيحها قبيح في كلِّ زمان،

                ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثرًا بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء.

                إنَّ الإسلام يقرر أنَّ حبَّ الحقِّ وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أنَّ كراهية الحقِّ وحبَّ الباطل رذيلة خلقية،

                فهل يشكُّ أحد سويٌّ عاقل في أنَّ هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن تواضع على خلافها جماعة ذات أهواء؟!

                وهكذا سائر الأمثلة الأخلاقية الإسلامية .

                المصدر: الدرر السنية

                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق


                • #83
                  لعل الشبهات السابقة أشهر ما يروّج له دُعاة الإلحاد

                  وسنستعرض -إن شاء الله - حقيقة نضالهم العِلمي الزائف - وإقناعهم الناس بالباطل

                  والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل
                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق


                  • #84
                    بارك الله فيك ، موضوع قيم ، وهانحن نسمع بمن يرتد عن الإسلام ، وممن ؟ من بلاد الحرمين الشريفين .

                    تعليق


                    • #85
                      أهلا بك أخي عبدالله 1
                      وبارك الله فيك
                      الواقع أخي الكريم أن سهولة التواصل أُستغلت في نشر مثل هذه الإنحرافات
                      ولا أحد في مأمن في أي بلد - نسأل الله صلاح الحال والثبات على دينه
                      وفقك الله
                      لاحول ولاقوة إلا بالله

                      تعليق


                      • #86

                        الإجرام الفكري لزعماء و قادة الإلحاد !

                        لقاءات ومحاورات منقطعة النظير للترويج للإلحاد الجديد

                        ولكن أيضاً ربما تكون سبباً في كشف أخلاقيات وأمانة هؤلاء


                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	DawkinsKrauss.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	53.7 كيلوبايت 
الهوية:	739236




                        قدّيس الإلحاد والملهم الأول للملاحدة في هذا العصر :

                        ريتشارد دوكينز

                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	cached.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	68.6 كيلوبايت 
الهوية:	739240


                        استغلال الأطفال جنسياً !

                        Richard Dawkins Defends 'Mild' Pedophilia



                        في لقاء له مع صحيفة التايمز أن ريتشارد دوكنز لا يرى بأساً بالجنس مع الأطفال ( Pedophilia )
                        مستدلاً بتجربته الشخصية مع مدير مدرسته عندما كان صغيراً !!


                        Richard Dawkins Defends 'Mild' Pedophilia, Again and Again

                        http://www.theatlanticwire.com/globa...d-again/69269/


                        http://www.thedailybeast.com/cheats/...ia-s-okay.html


                        و يدافع عن الاجهاض ويقول :

                        الجنين أقل إنسانية من الخنزير !
                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Richard-0-.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	54.1 كيلوبايت 
الهوية:	739239


                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878787789.gif 
مشاهدات:	4 
الحجم:	21.9 كيلوبايت 
الهوية:	739241



                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Z5RGlDeF.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	143.7 كيلوبايت 
الهوية:	739237

                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	istruthstran.jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	30.3 كيلوبايت 
الهوية:	739238

                        الملحد البروفيسور
                        عالم الفيزياء : لورانس كراوس Lawrence Krauss

                        زنا المحارم ليس خطأ واضح !

                        شاهد المقطع :





                        لورانس كراوس يدافع عن الجرائم الجنسية :


                        https://en.wikiquote.org/wiki/Sam_Harris




                        لاحول ولاقوة إلا بالله

                        تعليق


                        • #87
                          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	sam-harris.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	18.6 كيلوبايت 
الهوية:	739242


                          الملحد الشهير سام هاريس Sam Harris:

                          " لا يوجد شيء طبيعي أكثر من الاغتصاب!! البشر تغتصب، الشيمبانزي تغتصب، الأورانجتون (نوع من القردة) تغتصب، الاغتصاب من الواضح هو جزء من الاستراتيجية التطورية لتمرير جيناتك إلى الجيل اللاحق "


                          there's nothing more natural than rape. Human beings rape, chimpanzees rape, orangutans rape, rape clearly is part of an evolutionary strategy to get your genes into the
                          next generation




                          https://en.wikiquote.org/wiki/Sam_Harris
                          لاحول ولاقوة إلا بالله

                          تعليق


                          • #88
                            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	peter-singer-014.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	21.6 كيلوبايت 
الهوية:	739243


                            "بما أننا حيوانات فلا يجب أن يكون هناك عقاب للبهيمية أو ممارسة الجنس مع الحيوانات"

                            هذا مايدعو له الملحد التطوري بيتر سينجر- برفسور بجامعة بريستون !!!

                            http://www.lifenews.com/2013/08/05/p...unborn-babies/

                            http://fixedreference.org/en/2004042...a/Peter_Singer

                            لاحول ولاقوة إلا بالله

                            تعليق


                            • #89

                              عدائية الإلحاد الجديد


                              الإستعداد الإدراكي العام والسجل الأحفوري المتطاول لبني الإنسان يؤكدان أن الإلحاد ظاهرة طارئة، ولا شيء يشفع للوجود الإلحادي بطابعه التكريزي- التبشيري- الذي نشهده اليوم عند دعاته.

                              إن الإلحاد الجديد أصبح يحمل هم التبشير بالدوغما الجديدة، وجدول دعاة الإلحاد الجديد مليء بالزيارات الدعوية التكريزية في كل مكان، وصار الإلحاد الجديد الدين الخفي الأحدث!

                              ومقولة أن الإلحاد دين متخفِّ؛ أصبحت حقيقة واقعة كما يقرر الملحد التطوري
                              ديفيد سلون David Sloan
                              فالإلحاد طبقًا له
                              "يملك كل سمات الدين المتخفي، بما في ذلك حالة الاستقطاب التي تُشخص نظامه الاعتقادي، بالإضافة إلى سلطة قادته المتعالية على النقد."
                              Sloan, D. (2012) Atheism as a Stealth Religion; Hoff-post, Posted 12/14/07


                              فالإلحاد لديه رسالة تتجاوز الاشتغال بالعلم فقط - إلى الاشتغال ببلورة رؤية تجاه الحياة وعلاقة الانسان بها.

                              بل إن الإلحاد الجديد تجاوز حاجز التكريز-التبشير- وأظهر عدائية صريحة أمام كل ما هو ديني،
                              بل أمام دعاة الأديان أنفسهم، بل أمام كل المؤمنين على الإطلاق.


                              يدعو الملحد الشهير
                              سام هاريس - أكثر الملحدين حديثًا عن الأخلاق في كتاباته ( وأحد فرسان الإلحاد الأربع كما يُسمى في الغرب) ، إلى ضرب المسلمين بقنبلة نووية تستأصل شأفتهم إلى الأبد، إذا تطلب الأمر ذلك.
                              Harris, S. (2006) the End of Faith, the Free Press, P.129

                              ويدعي ملحد آخر -
                              كريستوفر هيتشنز- ( أحد زعماء الإلحاد توفي عام2011 ) أن الدين يسمم كل شيء ؛ مع أن أدنى اعتبار للتاريخ يحوّل هذا الادعاء إلى هشيم تذروه الرياح،

                              بل إن ظهور النظام الرأسمالي
                              الذي يفخر به دعاة الإلحاد الجدد كان على يد الحركة البروتستانتية الدينية،

                              ولم يكن انحسار العصور المظلمة في أوربا إلا على يد الإسلام كما يقول
                              بيتر أوبراين Peter O`Brien في مقال يحمل نفس الإسم. نُشر في دورية The Medieval History رقم 2 ص 387

                              وبينما كان القضاء الغربي يتوصل لأحكام الإدانة والبراءة للمتهمين من خلال تعريض المتهم لألوان من الإبتلاء الفظيع trial by ordial ، فإن اجتازها حكموا ببراءته وإن أخفق أدانوه.

                              كان للمسلمين نظام قانوني فقهي منقطع النظير، ولذا يقرر
                              مارسيل أ. بويسارد Marcel A. Boisard في دراسة مستقلة : أن أصول القانون الدولي الحديث مستمدة بالأساس من دواوين الفقه الإسلامي، وتشريع نابليون Napoleonic Code) French civil code) مُستمد من الفقه المالكي.

                              وخلق لا يُحصون عاشوا لله وبه وأسّسوا لأعظم الحضارات والمُثُل، وجميع صُنّاع البشرية كانوا من المؤمنين بالقدر.

                              بل إن الدين، بإجماع مَن يُعتد برأيه من علماء الأنثروبولوجيا اللاهوت والاجتماع والتاريخ وفلسفة العلم، أصل حضاري أساسي.

                              لكن هذه الرؤية الإلحادية الدوغمائية الحاقدة على كل دين، غير محايدة على الإطلاق مع نفسها قبل أن تكون مع غيرها،

                              يقول كلٌ من
                              ويل و إريل ديورانت " حتى المؤرخ المتشكك لديه احترام متواضع للدين، ذلك أنه يراه مؤديًا لوظيفته، وأنه لا غنى عنه في كل أرضٍ وجيل. "
                              Will & Ariel Durant, The lesson of history p.43

                              بل إن
                              تشارلز داروين نفسه يقرر أن الدين قضية عقلية محترمة يتبعها عقلاء ومفكرين عبر كل العصور فيقول
                              " أما وجود حاكم للكون فهذا مما دانت به جموع من أعظم العقول التي وُجدت على الإطلاق"
                              Darwin, Charles (1902) The Descent of Man, p.131

                              فقد كان داروين أفضل حالاً بكثير من تلامذته، وقد اعتزم كما نقل التطوري ستيفن جاي جولد، الكف عن الخوض في الدين وأسئلة الغاية وقرر التفرغ للعلم الطبيعي فقط.

                              بينما نرى دُعاة الإلحاد الجديد أمثال داوكنز يتحدثون في كل شيء وينتقدون كل شيء،

                              يقول الناقد البريطاني الكبير
                              تيري إيغلتون Terry Eagleton :"
                              ريتشارد دوكينز أحد علماء اللاهوت الإلحادي يسهب في الحديث عن علم البيولوجيا ومبلغه فيه لا يتجاوز ما ورد في ((كتاب الطيور البريطانية))."

                              Terry Eagleton,(2006) Lunging, Flailing, and Mispunching Vol.28, No.20

                              وفي مناظرة
                              ريتشارد دوكينز الشهيرة مع ديباك شوبرا –المترجمة للعربية والموجودة على اليوتيوب- يتحدث عن كونه هو العلم والعلم هو .


                              إنها عجرفة الإلحاد الجديد المعهودة، مع أن ديباك شوبرا أعلى منه قدمًا على المستوى الوظيفي.

                              فنحن أمام إفراز إلحادي متوقع طمعًا في الوصول بالإنحلال إلى محطته الأخيرة.

                              المصدر




                              لاحول ولاقوة إلا بالله

                              تعليق


                              • #90

                                أذرعة الهجوم الإلحادي الجديد


                                1- المطبوعات بأنواعها وكل مستوياتها؛ مثال: Atheism for Dummies.


                                2- الإعلام المرئي، ويوجد الكثير من الأعمال السينمائية التي تتمحور حول فكرة الإلحاد.


                                3- مواقع متخصصة في نشر فكر الإلحاد على الشبكة المعلوماتية العالمية.


                                4- استعمال لوحات الإعلانات الضخمة في المدن والشوارع (Billboard Signs).


                                5- الإعلانات على جوانب حافلات النقل الضخمة.


                                6- عقد مؤتمرات متخصِّصة ولقاءات دورية.


                                7- اعتصامات في الساحات المشهورة بالمدن الكبرى.


                                8- جمعيات مساندة للملحدين الجدد.


                                9- تستر الإلحاد الجديد بصور ومصطلحات؛ مثل: الإنسانية، والدراسات الإنسانية.


                                10- استثمار المؤلفات والبحوث العلمية لتمرير أفكار إلحادية , مثال: مؤلف لفيزيائي مشهور بعنوان: TheGrand Design، الذي يدَّعي فيه - زورًا - بأن القوانين الفيزيائية تغني عن وجود الخالق.


                                11- التعاطف والتواصل والتآزر المثبت والمبكِّر بين أقطاب الإلحاد الأربعة الغربيين مع رموز الإلحاد المنحدرين من أصول إسلامية، من أمثال الكاتب الهندي: سلمان رشدي (عليه من الله ما يستحق، والعبرة بالخاتمة)، مؤلف كتاب: آيات شيطانية (Satanic Verses)، وصداقته الحميمة مع رمز آخر من أقطاب الإلحادكريستوفر هيتشنز Christopher Hitchens.

                                المصدر

                                لاحول ولاقوة إلا بالله

                                تعليق

                                يعمل...
                                X