إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السندريلا ... هل قتلت أم انتحرت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السندريلا ... هل قتلت أم انتحرت



    ا
    لسندريلا ... هل قتلت أم انتحرت





    في هذه الحياة هناك أشخاص يمرون عليها مرور الكرام ، لا يشعر بحياتهم و لا مماتهم أحد فهم الحاضرون الغائبون.
    وآخرون كما أحدثت حياتهم دوي و ضجيج أحدث موتهم و هم الغائبون الحاضرون.

    و سندريلا الشاشة العربية من هذا النوع الثاني الذي يترك بصمته في أي مكان يلج إليه، كل ما فيها يدعوك و يأمرك بالتوقف بدء من مشوار حياتها و مرورا بجمالها و مرحها ووصولا حتى لموتها! .
    أيقونة الجمال و الشباب منذ تربعت على عرش القلوب فخفقت من أجلها القلوب ، صنعت لنفسها أسطورة لأنها بالفعل أسطورة لن يستطيع الزمان محوها .‏


    مع والدها وشقيقاتها ..


    أسمها بالكامل "سعاد محمد كمال حسني البابا" ولدت عام 1943 بحي بولاق أحد أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة، نشأت في أسرة فقيرة كبيرة العدد ، الأب و زوجتان و ستة عشر أخ و أخت ، ترتيبها بينهم العاشرة .

    دبت الخلافات العائلية بين أبيها و أمها فانفصلا و هي بسن الخامسة ، لم تحظي سعاد بأي قدر من التعليم حتى تزوجت أمها من زوجها الثاني و الذي كان يعمل بمجال التعليم فأشرف على تعليمها بالمنزل .
    كان الشاعر و المخرج "عبد الرحمن الخميسي" صديقا لوالدها و قد رأى فيها موهبة مبكرة توشك على الظهور فأسند لها دور "أوفيليا" في مسرحيته المقتبسة عن رائعة شكسبير "هاملت" أذهلت به الجميع.


    اول افلامها "حسن ونعيمة" ..
    كان فيلم"حسن و نعيمة" أول تجاربها السينمائية مع المطرب "محرم فؤاد" و كان عن قصة حقيقة لمطرب شعبي لقي حتفه مقتولا لأنه تجرأ و عشق فتاة من الأعيان عثرت عليه الشرطة بأحد الترع ، تقول سعاد عن كواليس هذا العمل : ( كنت أشاهد العاملين داخل الأستديو يتهامسون و يتعجبون من جرأتي أمام عدسات الكاميرا التي يخشاها كبار الفنانون ).

    أدت السندريلا العديد و العديد من الأدوار السينمائية التي تعد بصمة في تاريخ المصرية و العربية أهمها :
    - "القادسية" : و هو فيلم تاريخي أنتاج مصري عراقي مشترك عن الحرب بين الجيش الإسلامي و الجيش الفارسي.
    ‏- "الكرنك" : الذي منع عرضه لفترة ثم أضيف إلى نهايته مشهد أصرت الرقابة على أضافته، و هذا الفيلم يحتوي على أعنف مشهد اغتصاب في تاريخ السينما المصرية.
    ‏- "خلي بالك من زوزو" : الذي كان بمثابة الطفرة الحقيقة في مسيرة السندريلا الفنية ، و الذي صمد في دور السينما لمدة عام كامل نظرا للإقبال الجماهيري منقطع النظير عليه .
    ‏- "الراعي و النساء" : أخر أفلامها مع الرائع "أحمد زكي" والذي لم يلقى نجاحا يذكر عكس ما توقع له .

    أما عن الرجال في حياة السندريلا فقد تزوجت خمس مرات أهمهم في قلبها زواجها العرفي من "العندليب الأسمر" ، و الذي ظلت عائلتها تنفيه حتى وقت قريب، و هو ما أكده الصحفي"مفيد فوزي" و طبيبها الخاص و صديقها في الغربة "عصام عبد الصمد" الذي جاء على لسانه هذا الحوار بينه و بينها :
    هو : هل إشاعة زواجك من حليم صحيحة؟
    هي : نعم صحيحة.
    هو : أذن لماذا أخفيتها كل هذا الوقت؟
    هي : كانت هذه رغبة عبد الحليم فقد خاف على مشاعر معجباته و قد غاظني الأمر و قلت له أنا أيضا أخاف على مشاعر معجبيني.
    هو: و بعد وفاته لماذا لم تعلني هذا الزواج؟
    هي: خشيت أن تعتقد عائلته أني أطمع في الميراث فآثرت الصمت.‏

    ‏و قد كانت الشرارة الأولى بينهما بالمغرب عندما سافرا معا ضمن الوفد المصري للاحتفال بالجلوس الملكي ، هناك اتفقا على الزواج السري.‏

    كان عبد الحليم شديد الغيرة عليها

    و قد كان حليم شديد الغيرة عليها يجعل المراقبين يتلصصون عليها ليعرف كل خطوة تخطوها وقد صرح طبيبه الخاص أن مرضه جعله غير قادر على ممارسة حقوقه الزوجية ، توترت العلاقة بينهما عقب عرض فيلم "خلي بالك من زوزو" و لكنها ظلت على ذمته حتى وفاته.‏
    وطريق المرض في حياتها طويل بطول عمرها عانت فيه من الآلام و الأوجاع التي لا يتحملها بشر ! بدأ عندما انزلقت قدماها على سلم بيتها المتهالك وهي في الخامسة من عمرها ، مما أدى إلى إصابتها بشرخ في العمود الفقري، و عندما أدت في أحد أفلامها دور لاعبة سيرك أصرت على أن تقوم هي بالحركات الخطيرة ، فازدادت حالتها سوء و أبلغها الأطباء عن احتمال إصابتها بالشلل ، أصيبت بفيروس في العصب السابع بوجهها أدى إلى شلله و تغير ملامحه، بدأ كل من يشاهدها يلاحظ زيادة وزنها بشكل سريع، أصيبت بهشاشة العظام وأدت كثرة الأدوية و العقاقير التي تناولتها إلى خلل كبير في أسنانها مما أضطر معه طبيبها المعالج إلى خلعها كلها وإعادة تركيبها .

    في أحد مستشفيات لندن أجرت عملية تركيب شريحة في ظهرها لمحاولة علاج التآكل بين فقرتين بالعمود الفقري و لكن زيادة وزنها أدت إلى التواء الشريحة التي كانت تسبب لها آلام شديدة وجعلتها غير قادرة على الحركة.
    في تلك الفترة كانت سعاد تعالج على نفقة الدولة و لكن كعادة أصحاب القلوب الرحيمة لم يعجبهم ذلك و أدعوا أنها ليست مريضة و أن ما تقوم به في لندن ما هو إلا عمليات تجميل و تخسيس لوزنها و الشعب أولى بهذه النفقات (قلبهم على الشعب!) ‏. ‎


    سنواتها الأخيرة كانت قاسية

    و قد أتت نار الغيرة التي تمتلئ بها القلوب الحاقدة على السندريلا آثارها فقد أوقفت الدولة نفقات علاجها رغم تظلمها ، و كان هذا سببا للحالة النفسية السيئة التي وصلت لها خاصة أنها كانت تعاني من الاكتئاب نتيجة وفاة الشاعر"صلاح جاهين" الذي ربطتها به علاقة صداقة قوية حتى أنها أقامت معه لترعاه خلال الخمسة أيام الأخيرة من حياته ، وعندما مات بكته كما لم تبكي أبيها و قالت: (اليوم مات والدي و رفيق مشواري الفني و صديقي الغالي) دخلت بعدها في حالة اكتئاب لمدة طويلة ، فأضطر الأطباء إلى إعطائها أدوية مضادة للاكتئاب.

    و مما زاد حالتها سوء على سوء تلك المقالة التي كتبت عنها في جريدة"روزاليوسف" و التي كسرت كبريائها عندما وصفتها الكاتبة بأنها تعيش حياة التسول في شوارع لندن و أنها تقتات من صناديق النفايات و أن أحد أصدقائها دعاها إلى منزله لكي يشاهدها الآخرون و يسخرون من بدانتها ! .
    ‏ كل هذا و أميرة القلوب صامدة صامتة تتلقى العلاج و تتبع نظام غذائي قاس حتى تصل للوزن الذي يسمح لها بالحركة! وترفض جميع المساعدات التي تعرض عليها بعزة نفس و كبرياء .
    قبل أن نسرد حادثة موتها علينا أن نلقي أولا الضوء على مبني"ستيوارت تاور" المبني الذي سقطت السندريلا من أحدى شرفاته . فقد عرف ببرج الانتحار ، يقطنه العديد من العرب و خاصة المصريين ، حدثت به العديد من حالات الانتحار - المشكوك فيها - لعرب و أجانب علي حد سواء، سنذكر في عجالة أهم حادثتين :
    - الليثي ناصف :
    ‏ قائد و مؤسس الحرس الجمهوري في عهد عبد الناصر و عمل مع السادات لفترة ثم طلب بعدها نقله ليعمل بالخارج بوزارة الخارجية ، و أقام فور وصوله "بستيورات تاور" و في صباح أحد أيام عام 1973 أستيقظ مبكرا كعادته و بعد فترة سمعت زوجته طرقا على الباب فإذا به أحد رجال الشرطة يبلغها أن زوجها انتحر و أنه ممدد على الرصيف جثة هامدة.
    و كان تقرير الطب الشرعي في غاية الاستخفاف بالعقول ! جاء فيه أن القتيل شعر بالدوار و نظرا لأنه طويل القامة فقد سقط بسهولة(أحمد الله على قصر قامتي) .
    هناك بعض الروايات التي تؤكد أن ما حدث عملية اغتيال مدبرة.

    - أشرف مروان
    ‏ زوج الابنة المدللة لعبد الناصر و سكرتير السادات، أشاعت إسرائيل عنه أنه عميل مزدوج و أنه أمدها بمعلومات غاية في الأهمية وسرب لهم موعد الهجوم في حرب أكتوبر لكنهم تجاهلوه لعلمهم أنه عميل مزدوج ، لذلك يعتبره البعض خائن.
    بينما الجانب المصري يؤكد أنه بطل قومي و أن المخابرات المصرية زرعته في الموساد و أمدته بتلك المعلومات الهامة ليكسب ثقة الجهاز (خداع استراتيجي) و في اللحظة الحاسمة يمدوه بمعلومات كاذبة مضللة.
    ‏ وجد ممددا أسفل البناية و اعتبرته شرطة "اسكوتلاند يارد" منتحرا كعادتهم دوما مع مثل تلك الحالات و نفت وجود أي شبه جنائية.



    صورة نادرة قبيل وفاتها

    بعد أن تعرفنا علي التاريخ الأسود لهذا المبني المشبوه الذي تفوح منه رائحة الموت فلنرجع بالذاكرة لمساء الخميس الموافق 21 يونيو 2001 و بالتحديد بضاحية مايدافيل بعاصمة الضباب في هذا الوقت خلت الشرفات و البلكونات من الواقفين فيما عدا طفلا صغير لا يتعدي عمره التسع سنوات يقف في شرفة منزله المقابل لمبني ستيوارت تاور ، انجليزي الجنسية من أصول مغربية ، يقف و يحدق بالمارة على قلتهم وإذا به يشاهد جسما يطير في الهواء ثم يسقط سقوطا مدويا ليستقر على الأرض ، ظن لوهلة أن ما يشاهده ما هو إلا هلاوس و خيالات، هرع إلى حضن أمه و هو يرتعد محاولا أخبارها بما رآه ، و اعتقدت الأم في بادئ الأمر أنها مجرد خيالات أطفال ، هرعت إلى الشرفة لتتحقق من الأمر وعندما أيقنت أن ما أخبرها به طفلها صحيح اتصلت بشرطة لتبلغهم أن هناك رجل أنتحر من البناية المقابلة، نعم أخبرتهم أنها جثة رجل لأن الفنانة الراحلة كانت تقص شعرها بشكل مبالغ فيه في هذا الوقت لذلك ظنتها تلك السيدة رجلا.

    عندما حضرت سيارة الإسعاف كانت الجثة ملقاة داخل مرأب أسفل العمارة ، تلاشت ملامحها من شدة الارتطام ، عظامها مهشمة خاصة الأطراف ، كان الوجه شديد البياض و ينتج هذا عندما يحدث نزيف داخلي حاد بتجويف البطن، ترتدي "تريننج سوت" أزرق اللون.
    اختلفت الروايات فالبعض يشير على أنها حادثة انتحار فقد كانت سعاد تعالج من عدة أمراض مزمنة سببت لها المعاناة و الآلام فضلا عن حالة الاكتئاب التي كانت تمر بها، كما أنها أتبعت نظاما غذائيا قاسيا كان يسبب لها هبوطا حاد ، و مما زاد سوء حالتها حرمانها من تذوق كلمة "ماما" فقد كانت تتمني و لو إنجاب طفل واحد و هو ما أخبرها الأطباء باستحالة حدوثه نظرا لحالتها الصحية.


    المبنى الذي سقطت عنه


    أما الرافضون لفكرة الانتحار و يميلون أكثر إلي أنها قتلت ثم ألقي بها من الشرفة فأدلتهم كثيرة و مقنعة في نفس الوقت :

    ‏- عندما قررت الدولة وقف علاج السندريلا على نفقتها كان لابد لها أن تبحث عن مصدر أخر لتستكمل علاجها و تواجه غلاء المعيشة في لندن فعزمت على كتابة مذكراتها و لا يخفى على أحد علاقتها بجهاز المخابرات كغيرها من الفنانات ، فاستخدام النساء معروف و معمول به من كافة أجهزة المخابرات على مستوي العالم ، فالرجل في حضرة المرأة يصبح كالطفل التائه ، ينسي نفسه و يشي بأقرب الناس إليه ، و تستطيع المرأة أن تصل إلى أعمق خبايا الرجل ، كما فعلت "دليلة" مع "شمشون" حينما باح لها في لحظة انسجام بسر قوته و كان هذا سبب هلاكه! .

    تقوم أجهزة المخابرات بتجنيدهن بالضغط عليهن عن طريق أشرطة جنسية تسجل لهن ، فإما التعاون أو الفضيحة! توكل إليهن مهمة الإيقاع بالشخصيات المهمة داخل الدولة و خارجها التي يستهدفها الجهاز ، و أثناء ذلك يتم تصويرهم في أوضاع مشينة تكون فيما بعد وسيلة لتهديدهم و ابتزازهم!
    وصرحت الراحلة أنها ستكتب كل شيء و ستزج بالعديد من أسماء الشخصيات العامة التي كان بعضها ما زال في مناصب قيادية ، و يقال أن هذه القيادات أرادت تصفيتها فالعميلة الميتة أفضل من العميلة المتحدثة .

    - شخصية صديقتها "نادية يسري" المثيرة للشك !
    وهي الصديقة صاحبة الشقة التي سقطت من شرفتها الفنانة الراحلة، فقد جمعت بينهما مصادفة غريبة قبل موتها بأيام ، فقد دعتها للإقامة لديها و كأنها تقودها لمكان حتفها ! .




    جثمان سعاد حسني برفقة عدد من الفنانين وشقيقتها

    كما تضاربت أقوالها مع ما جاء بتحقيقات الشرطة فقد أجابت عند سؤالها عن مكان وجودها وقت وقوع الجريمة أنها كانت عائدة من شراء بعض الاحتياجات على بعد عدة أمتار من البناية، في حين أكدت التحريات أنها لم تغادر الشقة و هو ما يؤكد مشاركتها في الحادث أو على الأقل مشاهدته.

    الغريب أنها لم تكلف نفسها عناء الاتصال بعائلة سعاد لتخبرهم بوفاتها إلا في اليوم التالي بل عادت إلى شقتها و قضت ليلتها و كأن شيئا لم يكن و كأن من ماتت لم تكن صديقتها ! .
    ‏- أقوال الجيران و شهادتهم أنهم سمعوا صرخات عنيفة و مشاجرة حادة و أنهم أبلغوا الشرطة التي لم تحرك ساكنا! .
    ‏- عندما بحث اسكوتلانديارد عن الأداة التي قصت بها الراحلة سلك الشرفة لم يعثروا عليها و كأن من سينتحر سيهتم بإخفائها خارج الشقة! يرى البعض أن الفاعل في غفلة منه نسى و أخذها معه، فالجريمة الكاملة لم توجد بعد! .
    ‏- الشهود الذين شاهدوا الجثة أكدوا أنه لم يخرج منها قطرة دم واحدة و هو ما يشير أنها قتلت قبل إسقاطها و هو ما يؤكده التخثر في حجيرات القلب .
    ‏- و كما تركت سندريلا في القصة حذائها ليعثر عليها أميرها تركت سندريلا الشاشة العربية حذائها ليكون دليلا على مقتلها ! .
    فقد عثر على فردة منه بالحمام و على الأخرى بالشرفة و كأن هناك من كان يدفعها و يجرها و يتصارع معها ! .
    ‏- قبل وفاتها أبلغت العديد من أصدقائها بنيتها العودة إلى الوطن بعد أن فقدت 18 كيلو من وزنها و استعادت جزء كبير من صحتها حتى أنها أرسلت 16 حقيبة تحتوي على متعلقاتها الشخصية.





    من الجدير بالذكر أن شقيقتها جانجا قدمت بلاغا ضد أربعة من رموز النظام السابق فضلا عن صديقتها تتهمهم فيه بقتل السندريلا و أن الجثمان الراقد في مدافن الأسرة ليس جثمان شقيقتها، لأنه أثناء تغسيلهم له عثروا على كسر بالجمجمة على عكس ما جاء بتقرير الطب الشرعي الإنجليزي الذي أفاد أن الراحلة سقطت على جنبها الأيسر ثم استقرت علي ظهرها و لا يوجد كسور بالجمجمة! .

    عزيزي القارئ و جهة نظر أي طرف أقنعتك و جعلت تنضم إليه و تؤيده؟ .
    ختاما ..

    سواء كانت السندريلا انتحرت أو قتلت فالأكيد الذي لا جدال فيه أنها كما ظلمت في حياتها ظلمت في مماتها !
    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2016-09-06, 05:25 PM.

  • #2



    الدكتور عصام عبد الصمد، الطبيب المصرى الذى تولى متابعة حالة الفنانة سعاد حسنى فى آخر سنواتها فى لندن، وهو عميد الجالية المصرية فى لندن واشتهر كطبيب تخدير دولى، يقدم خدمات بلا حدود للمصريين فى بريطانيا وأوروبا، ولم يكن يعرف سعاد حسنى قبل قدومها للندن، لكنه تفاعل مع حالتها الصحية فى أول الأمر ثم تحول إلى صديق لها، وأصبحت جزءاً من أسرته، لذا تفاعلت معه وروت له العديد من أسرارها، وكان شاهد عيان على حياتها خاصة أيامها الأخيرة، وكانت وصية سعاد حسنى له أن يكتب كتابا عنها فى حالة وفاتها قبله ولبى لها هذا الطلب فأصدر كتاب "سعاد حسنى.. بعيداً عن الوطن.. ذكريات وحكايات".

    وصف الدكتور عصام عبد الصمد يوما فى حياة سعاد حسنى فى لندن على النحو التالى: كانت سعاد عادة تصحو من نومها متأخرة لأنها تذهب للنوم متأخرة، وعندما تصحو من النوم كانت تقوم بعمل فنجان قهوة مسبك كما كانت تقول، وكانت تصحو من نومها مبكرة فى حالة واحدة فقط، وهى وجود مواعيد طبية فى الصباح، وكانت لا تحب ذلك، وعليه كنت أحاول دائماً عمل المواعيد الطبية لها بعد الساعة الثانية ظهراً، وبعد تناول القهوة كانت سعاد تعد لنفسها إفطاراً خفيفاً، ثم تذهب بعد ذلك إلى السوبر ماركت للتسوق والذى يقع أمام مسكنها. وبعد الرجوع من السوبر ماركت كانت تقوم بإعداد نفسها للخروج للمواعيد الطبية عندما يكون هناك أى مواعيد، أو تقوم بإعداد وجبة الغذاء وهى عادة تكون وجبة غذاء متأخرة أيضا، وكانت سعاد طباخة ماهرة جداً تجرب كل أنواع المأكولات، ولكن كانت "محسوكة" كما كنت أقول لها. ثم بعد ذلك تبدأ فى القراءة، حيث كانت مغرمة جداً بها، كانت تقرأ فى كل شىء، فى السياسة والأدب والفن والأشعار حتى الطب خاصة الطب النفسى، كانت تقرأ أيضاً سيناريوهات، وكانت تقرأ كل المجلات والجرائد العربية، وكانت متابعة الحركة الفنية فى مصر. وعند قدوم الليل كانت تقوم بعمل رياضتها المفضلة وهى المشى أو الذهاب فى زيارة أحد الأصدقاء أو الذهاب إلى شارع كوينزاوى (Queens way) أو شارع إدجوار رود (EDGWARW ROAD) للتسوق أو تذهب إلى المسرح مع أحد الأصدقاء المقربين لها، وكانت سعاد تحب المسرح جداً مع أنها لم تشتغل به إطلاقاً.

    عند رجوعها إلى المنزل فى المساء كانت تأخذ عشاء خفيفا إن لم تكن قد أخذت وجبة العشاء فى الخارج، ثم تبدأ فى عمل سلسلة من التليفونات، حيث كانت تعد "لستة" من الأشخاص الذين ستقوم بالاتصال بهم وتأخذهم واحدا بعد الآخر، وعادة تختم فاصل التليفونات هذا بمكالمتها لزوجها ماهر عواد.
    وكانت أيضا تتلقى بعض المكالمات من أصدقائها فى إنجلترا أو خارجها. وكانت هذه التليفونات قليلة لقلة الذين كانوا يعرفون رقم تليفونها، وكانت السيدات سامية جاهين، وبهيجة جاهين، وإنعام سالوسة، وإسعاد يونس، والأستاذ محمود حميدة على اتصال دائم بها، هذا بجانب بعض من أفراد عائلتها مثل أختها نجاة، وزوجها ماهر عواد، وآخرين من أفراد العائلة، وبعد أن تنتهى من تليفوناتها كانت ترجع مرة أخرى إلى قراءة الجرائد والمجلات المصرية والعربية أو مشاهدة التليفزيون، حيث كانت تشاهد كل القنوات الفضائية مثل "الفضائية المصرية الأولى والثانية" وقناة تونس والقنوات الفضائية اللبنانية، وقناة الأخبار العربية ANN، والقنوات الفضائية دبى، وأبو ظبى. وكانت القنوات المفضلة عندها هى "مجموعة راديو وتليفزيون العرب ART، وكانت القراءة ومشاهدة التليفزيون تأخذ جزءا كبير جداً من الليل، ولذلك كانت تخلد للنوم فى ساعة متأخرة من كل ليلة لتصحو فى الصباح فى ساعاته المتأخرة لتبدأ حياتها من جديد مع يوم جديد.
    كما وصف حالتها المرضية على النحو التالى:

    1- مرضت بالاكتئاب من مدة طويلة منذ أكثر من 15 سنة، وكانت أسباب المرض متعددة منها عدم نجاح آخر فيلمين لها (علمت بعد ذلك أنهما فيلم "الدرجة الثالثة" وفيلم "الراعى والنساء")، وسبب آخر هو وفاة الأب الروحى لها الأستاذ صلاح جاهين، والسبب الثالث هو إصابتها بشلل بسيط فى وجهها، وكانت تأخذ أدوية الاكتئاب بانتظام، ولكن بعد أن تعرفت عليها أكثر اكتشفت أنها مصابة بمرض الاكتئاب منذ مدة أطول من ذلك بكثير هذا لحرمانها من حنان الأب، وكانت تعالج من هذا المرض اللعين وهى فى مصر ولفترات طويلة على يد بعض من أساتذة طب الأمراض النفسية أمثال الدكاترة "أحمد فايق"، و"صالح حزين"، و"مصطفى زيور"، الذى كانت تعتبره أبا لها. وعرفت عنها أيضا أنها كانت لا تحب النوم الكثير وكانت شديدة الأرق لأنه كانت تأتيها أحلام مزعجة وكوابيس.

    2- مشكلة ظهرها، بدأت منذ نهاية الثمانينات حيث كانت تعانى من تآكل فى فقرتين فى العمود الفقرى وهما: فقرة القطن الأخيرة، وفقرة العجز الأولى. هذا وقد بدأت الآلام تتزايد عليها حين كانت تمثل فيلمها الأخير (عرفت لاحقاً أنه "الراعى والنساء") وتحاملت على نفسها حتى لا تتسبب فى إحراج زوجها السابق المخرج "على بدرخان"، لأنه كان مخرج ومنتج الفيلم، المهم بعد انتهاء التصوير سافرت إلى مرسيليا فى فرنسا سنة 1992 وأجريت لها العملية هناك، على يد الجراح الفرنسى البروفسور "رينيه لوى" فى مستشفى "دى لاكونسيبسيون"، وكانت العملية عبارة عن تثبيت الفقرتين بصفيحة معدنية وعدة مسامير، وكانت نتائجها جيدة.
    ولكن بعد فترة وعندما دخلت سعاد فى الخمسينيات من العمر بدأت كأى امرأة مصرية فى هذا السن يزداد وزنها، ومع زيادة الوزن بدأت الصفيحة فى الالتواء الذى كان من نتيجته آلام شديدة لدرجة أنها لا تستطيع المشى أو الجلوس لمدة طويلة، وكانت تتكئ عند جلوسها على كوعها حتى ترفع جسمها عن ظهرها وكانت دائماً تسمى كوعها بأنه ظهرها.

    3- أما موضوع الأسنان، فظهرت مشكلتها أخيراً ومنذ سنوات قليلة، لذلك ذهبت للدكتور هشام العيسوى للعلاج.

    4- مشكلة الوجه، كانت سعاد قد أصيبت بشلل فيروسى مؤقت فى العصب السابع المغذى لنصف الوجه الأيمن، وهذا المرض بسيط وعادةً يشفى المريض منه فى حدود من 3 إلى 6 شهور، وهناك نسبة قليلة لا يشفى المريض شفاءً كامل، وكانت سعاد للأسف من ضمن هذه النسبة، حيث إن المرض ترك ما يشبه الشلل البسيط فى أماكن متفرقة من الوجه من الناحية اليمنى وقد أثر ذلك على حالتها النفسية بدرجة كبيرة.

    5- كانت سعاد ممتلئة الجسم قليلاً وكانت تحتاج لعمل نظام غذائى صحى على يد متخصصين، وكان كل تفكيرها أن تذهب للعلاج من زيادة الوزن فى إحدى المصحات
    (Health Farm) المتخصصة فى ذلك.

    حاول عصام عبد الصمد أن يقدم سيرة ذاتية من واقع ما روته سعاد حسنى له، بدقة لكن أكد فى كتابه أنها تزوجت الفنان عبد الحليم حافظ بعقد زواج عرفى، وذكرت أن سبب إخفاء هذا الزواج كما يلى: "أنا خبيتها عشان دى كانت رغبة عبد الحليم نفسه، احنا كنا متزوجين عرفى، وأنا ماكنش عندى مانع أن الزواج يعلن لكن عبد الحليم يا سيدى طلب السرية التامة خوفاً على معجباته وأنا كنت متغاظة قوى من الموضوع ده وبعدين علشان أبرد نارى قلت له ده أحسن لى أنا كمان خوفاً على المعجبين بتوعى، ومفيش حد أحسن من حد".
    كانت سعاد حسنى قبل وفاتها فى حالة صحية جيدة إذ نجحت فى رأى الدكتور عصام عبد الصمد خطة علاجها، بما فيها علاجها من الاكتئاب الذى ظلت تعانى منه لسنوات، لكن أطرف ما فى الكتاب هو تلقائية مؤلفه، وإن كان كرر العديد من المعلومات، فقد كشف عن أن صلاح جاهين لعب دور الأب لسعاد حسنى حتى أنه كان مرجعها فى شئونها، واعتبرته مفجر موهبتها الفنية، وارتبطت بأسرته خاصة زوجته وابنته بعلاقة خاصة، واعتبرت زواجها من على بدرخان أنجح زيجاتها، إذا استمرت هذه الزيجة 11 عاماً، وارتبطت بزوجها الأخير ماهر عواد بشدة.
    كانت سعاد حسنى تقرأ ثلاثة أعمال لتمثيلها حال عودتها لمصر هى:-

    السيناريو الأول: اسمه "الفارس والأميرة" وهو كان فيلم رسوم متحركة قصة وسيناريو وحوار بشير الديك، وإخراج محمد حسيب. وكان دورها فى هذا الفيلم "فاطمة ولبنى" وهو دور صوت فقط بالطبع، وكان البطل أمامها الفنان "عمر الشريف" صوت فقط طبعاً. وعلمت أخيراً أن مشروع الفيلم رفض من عمر الشريف وسعاد توفت، ولذا أسندت الأدوار إلى أنغام ومدحت صالح. وعمل من الفيلم عشر دقائق فقط ولا أعلم باقى قصة الفيلم، وكان السيناريو مقدم من شركة السحر للرسوم المتحركة.

    السيناريو الثانى: اسمه "هيرجادا سحر العشق" أو "الغردقة سحر العشق" وكان هذا الاسم المؤقت. قصة وسيناريو وحوار وإخراج صديق سعاد الحميم رأفت الميهى، وكان دورها فى الفيلم هو سارة، وكان السيناريو مقدم من شركة استوديو 13.

    السيناريو الثالث: اسمه "اعترافات زوجية" قصة وسيناريو وحوار وإخراج رأفت الميهى، وكان دورها فى الفيلم هو الزوجة واسمها "سعاد"، ولى وقفه هنا عن الأستاذ الميهى الذى كان صديق وقريب جداً من سعاد، وكانت على اتصال دائم به حينما كانت فى رحلة المرض فى لندن، وكانا يتحادثان على التليفون باستمرار، وأتذكر هنا أنه قبل وفاتها بحوالى ستة أشهر حضر رأفت الميهى إلى لندن للتخفيف عن سعاد ومعرفة أخبارها على الواقع ومناقشتها فى السيناريوهين الخاصين به، ولكن للأسف لم تقابله إطلاقاً، وكانت على اتصال دائم به على التليفون مرة فى فترة الظهيرة، ومرة أخرى فى المساء. وفى بعض الأحوال كانت المكالمة تطول لأكثر من الساعة. وقالت له سأراك فقط بعد أن أشفى.

    الكتاب حافل بالحكاىات ويسرد تفاصيل دقيقة فى حياة سندريلا السينما المصرية سعاد حسنى، لكن أروع ما فيه صدق مؤلفه فى كل وقائعه وتلقائيته حتى يمكن أن نعد الكتاب وثيقة لأنه ضم فقرات بخط يدها.





    تعليق

    يعمل...
    X