إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقابر وادى الملوك بالصور والتحليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    بيض الله وجهك اخوي عماد

    يعطيك الف عافيه
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #17
      الله الله ياقدماء

      تعليق


      • #18
        جزاكم الله خيرا

        تعليق


        • #19
          بارك الله فيك اخي
          ونحن نرغب بالمزيد

          تعليق


          • #20
            مشكووووووووووووووووووووووووووور

            تعليق


            • #21
              حقيقة موضوع تشكر عليه اخوي عماد

              يعطيك ربي الف عافيه


              فعلا موضوع شيق ويستحق التثبيت
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #22
                اين صور الموضوع

                تعليق


                • #23
                  شكرا على المجهود الرائع
                  تحياتى

                  تعليق


                  • #24
                    مغامرة في وادي الملوك (1)
                    وأدى الملوك... المكان الوحيد في الدنيا الذي دفن فيه 26 ملكا، حكموا مصر في عصرها الذهبي، أي منذ حوالي ثلاثة آلاف عام. وهذه المقابر يختلف بعضها عن البعض الآخر، فلا توجد مقبرة تشبه الأخرى وهذا هو فكر الفراعنة عن العالم الآخر الذي يوجد فيه «أوزوريس» سيد العالم الآخر، وقد وصل عدد الكتب التي ضمنها المصري عقيدته وفكره عن العالم الآخر وما يحتوى عليه من أهوال وصعاب تواجه المتوفي الذي يستعين في مواجهتها بكل عمل خير أو صنيع طيب قام به في حياته الدنيا؛ وصل عدد هذه الكتب إلى سبعة أهمها كتاب البوابات الذي يتحدث عن وجود 12 بوابة تشير إلى ساعات الليل الاثنتي عشرة، ويقوم على حراسة كل بوابة ثعبان ضخم، ويجب على الملك حين اجتياز هذه البوابات أن يعرف اسم البوابة واسم الثعبان الذي يقوم على حراستها وكذلك اسم المكان الذي يسير فيه المركب الذي يستقله الفرعون في رحلته للعالم الآخر.

                    ومن أجمل وأروع مقابر وادى الملوك عمارة وفناً مقبرة الملك «سيتى الأول» والتي يدخلها الزائر ويرى النقوش الجميلة التي تغطي حجرة الدفن والتي هي في حد ذاتها معجزة من معجزات الفن المصري القديم، ويرتبط وادي الملوك وأسراره بقصة الشيخ على عبد الرسول سليل العائلة التي عرفت أسرار وادى الملوك، ومنهم من دل الأثري الشهير هيوارد كارتر الى مكان مقبرة «توت عنخ آمون»، ويقال إن الولد الصغير الذي كان يحضر المياه ليسقي العمال وكانت المياه داخل أوانٍ يطلق عليها في الريف الآن اسم «الذير»، وعندما هم بوضعها على الأرض عثر على مدخل المقبرة وجرى إلى الخيمة التي يجلس فيها هيوارد كارتر ويراقب العمال الذين يبحثون عن المقبرة، وكان ذلك هو العام الخامس له بحثاً عن مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، وكان كارتر على يقين من العثور على هذه المقبرة حتى أن لورد كارنارفون قد مل من الانتظار وخاصة أنه ممول المقبرة، وكان هذا العام هو العام الأخير الذي أعطاه اللورد إلى الأثري الإنجليزي.. وقد أطلق العالم كله على هذا الصبي الذي عثر على مدخل المقبرة اسم The Water Boy، ومن الغريب أنني لم أستطع حتى الآن أن أعرف من هو هذا الصبي الذي عثر على مقبرة الفرعون الذهبي.

                    أما الموضوع الثاني الذي التصق بعائلة عبد الرسول فهو العثور على خبيئة المومياوات بالدير البحري وذلك عام 1881، واستطاعت الحكومة المصرية أن تقبض على أحد أفراد العائلة وعرفة سر الخبيئة وبعد ذلك استطاعوا دخول الخبيئة والتي كان يوجد بها حوالى أربعين مومياء ملكية. أما القصة الثالثة فهو العثور على خبيئة كهنة «آمون» عام 1891 وكذلك خبيئة مقبرة «أمنحتب الثاني» عام 1898 والتي عثر بداخلها على أربع عشرة مومياء ملكية.. أما الشيخ علي فقد كان آخر أفراد هذه العائلة وهو الذي أفضى إليّ بالسر الخاص بمقبرة الملك «سيتى الأول» وأن حجرة الدفن الحقيقة للملك «سيتي» لا تزال موجودة في نهاية السرداب السري الموجود داخل المقبرة والذي يصل عمقه إلى حوالى 136 مترا


                    مغامرة في وادي الملوك (2)
                    قابلت الشيخ علي عبد الرسول منذ 35 عاماً بالبر الغربي بمدينة الأقصر الشهيرة، حيث كان يمتلك الفندق المعروف بفندق «المرسم» بالقرب من تمثالي «ممنون» العملاقين، والشيخ علي رحمه الله توفي في 1983، وهو أحد أفراد العائلة الشهيرة – أولاد عبد الرسول- التي عرفت أسرار وادي الملوك وأهم ما ينسب من أعمال لهذه العائلة هو العثور على خبيئة المومياوات الشهيرة عام 1881، تلك القصة التي جسدها العبقري الراحل شادي عبد السلام في فيلمه الشهير «المومياء»، ولعبت بطولته صديقتي الفنانة الجميلة نادية لطفي، وسيظل مشهد رحيل المومياوات الملكية من وادي الملوك إلى القاهرة على متن المركب «المنشية»، الذي يسير بالبخار ويتبع مصلحة الآثار آنذاك، من المشاهد التى لا تنسى، حيث خرج أهل القرنة وهم يودعون أجدادهم الملوك في مشهد حزين، وكأن تلك الأجساد قد ماتت بالأمس القريب وليس منذ آلاف السنين.

                    وقد صادقت الشيخ علي واستأنست بما يقصه عليّ من قصص وحكايات عن الأثريين الأجانب والمصريين، والغريب أن هذا الرجل في اللقاء الأول بيننا فوجئت به يقول لي إنه سوف يكون لي شأن ومستقبل في عالم الآثار! وحدث ذات يوم أن أخذني معه ودخلنا إلى مقبرة الملك «سيتي الأول» أجمل وأشهر مقابر وادي الملوك على الإطلاق، ونحن بحجرة الدفن الجميلة وجدته يشير إلى سرداب عميق كان مختفياً أسفل التابوت المرمري الجميل الذي باعه بلزوني مكتشف المقبرة إلى أحد المتاحف الخاصة بإنجلترا. وقال لي الشيخ علي إن بلزوني دخل هذا السرداب، وبعد ذلك حصل هو نفسه على تصريح من مصلحة الآثار للعمل ورجاله على كشف أسرار السرداب وذلك في 1960، واستطاع أن يحصل على تمويل مادي قدره 300 جنيه مصري كانت كافية لكي يقوم الشيخ علي ورجاله بتنظيف معظم السرداب حتى وصل إلى أكثر من 100 متر، وكان يقسم في كل ليلة بأن هذا السرداب يحتوي على حجرة دفن مخبأة للملك «سيتي الأول»، وأنه سيقيم الأفراح لمدة ثلاثة أيام متتالية في البر الغربي كله عندما يعثر على هذا الكنز. ورغم ذلك لم تتحقق أمنية الشيخ علي حيث نفد المال ولم يستطع رجاله تحمل الجو الخانق داخل السرداب، فاضطر إلى وقف العمل.

                    ودخلت هذا السرداب مرتين عندما أصبحت رئيساً للآثار وقررت معرفة أسراره وبدأت البعثة المصرية في العمل لتكشف لنا أن طول السرداب أكثر من 136 مترا، ولايزال أمامنا الكثير لنكشفه من أسرار داخل هذا السرداب بعد أن عثرنا على تمثال أوشابتي من الفيانس وآخر من الخشب يرجع إلى نفس عصر الملك «سيتي الأول»، ثاني ملوك الأسرة 19 من الدولة الحديثة، وكذلك عثرنا على أوان فخارية وقطع حجرية منقوشة واحدة منها تحمل اسم الملك «سيتي الأول»... وهذا يؤكد أن السرداب يوجد به الكثير من الأسرار. أما آخر زيارة لي للسرداب فقد حدث أن سقط حجر على قدمي ما زلت أعاني من آلامها، والحمد لله أنني خرجت من السرداب من دون كسور...



                    مغامرة في وادي الملوك (3)
                    من أكثر المقابر غموضاً بوادى الملوك... مقبرة الملكة حتشبسوت، وتحمل رقم 20 بين مقابر الوادي، ويعتقد البعض أن صاحب هذه المقبرة في الأصل هو الملك تحتمس الأول، أبو الملكة حتشبسوت، ولكن التابوت الذي عثر عليه داخل المقبرة يخص الملكة وعليه أسماؤها وألقابها وهو موجود حالياً بالمتحف المصري بالقاهرة، إضافة إلى تابوت آخر للملك تحتمس الأول، معروض حالياً بمتحف الفنون الجميلة ببوسطن؛ وأعتقد أن المقبرة رقم 20 قد نقرت فى صخر الوادي للملكة حتشبسوت وبواسطة المهندس الملكي العبقرى سننموت، الذي كان بينه وبين الملكة قصة حب وإخلاص لا مثيل لها، جعلته يشيد لمليكته أروع أثر صنع لملكة في التاريخ، وهو معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقد كرمته الملكة أعظم تكريم، حيث سمحت له بحفر مقبرة لنفسه داخل حرم معبدها حتى يظل بجوارها إلى الأبد، لعل ذلك كان السبب فيما انتشر من قصص وحكايات عن عشقهما لبعض بعد وفاتهما بمئات السنين.

                    ويصل طول المقبرة رقم 20 إلى حوالي 219 مترا، وقد اكتشفها هيوارد كارتر، مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، ويذكر لنا كارتر في يوميات حفائره ما عاناه من رائحة الوطاويط التي كانت موجودة داخل الممر وصعوبة التنفس داخل المقبرة، بل وأهوال المشي والنزول إلى عمقها. ولم يحاول الأثريون دخول هذه المقبرة، نظراً لما تحدث عنه كارتر في يومياته، حتى أن أحد علماء الآثار الأجانب رجع بعد أن دخل لمسافة ثلاثة أمتار فقط داخل المقبرة. وعندما عزمت على الدخول إلى هذه المقبرة استعنت بحبل مربوط في البوابة الحديدية التي تغلق مدخل المقبرة.. وكان الدخول إلى مقبرة الملكة الجميلة حتشبسوت من أكثر المغامرات إثارة فى حياتي كأثري، ولم أصدق نفسي عندما وصلت إلى نهاية المقبرة والغبار منتشر من حولي، والظلام يلف المكان سوى ما يقع عليه ضوء الكشاف الذي كان في يدي. يبدو أنني اعتقدت بأن دخول هذه المقبرة أصبح أمراً يسيراً؛ لذلك فقد حاولت الدخول مرة ثانية وقلت لزملائي بأنني لن استعمل الحبل هذه المرة، وبينما أنا أنزل الممر الهابط داخل مقبرة الملكة فإذا بي أنزلق لعدة أمتار وأنا مستلقى على ظهري في مشهد لو عرض على أحد لاعتقد أنه من أفلام أنديانا جونز، التي يقوم ببطولتها هاريسون فورد.

                    إن المقبرة على الرغم من خلوها من النقوش إلا أنها تمثل أحد أسرار وادي الملوك، التي لم يكشف عنها تماماً، فعلى الرغم من أننا استطعنا تحديد والكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت، التي قام كهنة الأسرة 21 بنقلها من مكانها الأصلي إلى مقبرة فرعية خوفاً عليها من السرقة التي كانت قد انتشرت في ذلك الوقت، وتعرضت مومياوات الفراعنة ومقابرها لغزو لصوص المقابر، فما زلنا لا نعرف على وجه اليقين لماذا لم يكتمل العمل بمقبرة الملكة، أو هل كانت المقبرة منقوشة وأُزيلت نقوشها بالكامل لسبب ما؟ وذلك على الرغم من شبه اكتمال معبدها الفخم بالدير البحري...



                    مغامرة في وادي الملوك (6)
                    دخلت إلى مقبرة الملك «سيتي الأول» ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشرة والموجودة بوادي الملوك في الأقصر مرات عديدة، لكن هذه المرة تختلف عن كل المرات السابقة.. والمقبرة بها سرداب كشفه ودخله لأول مرة المغامر الإيطالي بلزوني، وبعد ذلك بسنين عديدة وفي عام 1960 كان الشيخ علي عبد الرسول يعمل هو ورجاله لصالح مصلحة الآثار في استكمال كشف وتنظيف هذا السرداب وكله إيمان أن حجرة دفن الملك «سيتي الأول» لا تزال في مكان ما بداخله. وعندما دخلت هذا السرداب لأول مرة لم تكن عملية الدخول سهلة على الإطلاق، فالظلام يلف المكان لا يجرحه سوى ضوء المصباح الصغير، الذي أحمله في يدي والأتربة والصخور المنهارة من سقف السرداب تملأ المكان ارتفاعاً وهبوطاً ولا تترك إلا مساحة ضيقة للغاية لكي نمر من خلالها، وقطعت أول مرة مسافة 80 مترا داخل عمق السرداب.. كانت مغامرة مخيفة ورائحة التاريخ هي التي تدفعني بكل قوة للاستمرار في تتبع نهاية هذا السرداب التي لا تعرف حتى الآن..

                    لقد كنت سعيداً عندما عدت مرة أخرى إلى سرداب الملك «سيتي الأول» ومعي بعثة مصرية لحفر وترميم السرداب، واستطاعت البعثة ترميم الجزء الأول من السرداب، بعد أن كشفت عن العديد من القطع الأثرية المهمة داخل السرداب. والغريب أن هذا السرداب لا يزال مستمراً حتى بعد مسافة 136 مترا، وحدث وأنا أتقدم إلى داخل هذا الجزء العميق من السرداب، وكنت تقريباً أحبو على ركبتي وفجأة سقط حجر ضخم من السقف على قدمي وسقطت على الأرض من شدة الألم، وحاولت بصعوبة الخروج من هذا السرداب، حدث هذا في بداية اليوم، وكان عليّ أن استكمل العمل داخل إحدى المقابر الأخرى، وكذلك زيارة موقع حفائر معبد الكرنك، كل هذا والألم يزداد وما إن وصلت إلى المنزل عائداً من الأقصر وخلعت حذائي حتى وجدت قدمي وقد نزفت بشدة، وأصبح لونها شديد الزرقة، ونصحني الطبيب بضرورة عمل الأشعة، والحمد لله لم يكن هناك كسور، ولكني كنت مضطراً لوضع قدمي في الأربطة لمدة أسبوعين، وعلى الرغم من ذلك فإن الإحساس بالمغامرة وأنا داخل هذا السرداب يزداد ليمحو ذكرى أي ألم. فهل سيبوح لنا «سيتي الأول» بسر مقبرته الجميلة بوادي الملوك؟ ولماذا حفر هذا السرداب؟ وما هي الأشياء الثمينة التي خبأها بداخله؟

                    مغامرة ثانية تشابهت مع الأولى تماماً داخل هذا السرداب، لكنها هذه المرة كانت مسجلة عن طريق إحدى القنوات الأميركية بمناسبة زيارة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» إلى لوس أنجليس، وقد قام مخرج البرنامج بالتقدم إلى مهرجان التلفزيون الأوسكار الأمريكي الذي يطلق عليه جائزة (إيمي)، وقد وجد المحكمون أن المخرج يستحق فعلاً الجائزة؛ ولكن وجدوا أيضاً أنني استحق نفس الجائزة. واعتقد أنها المرة الأولى التى تُقدم إلى شخص غير تلفزيوني؛ حيث تمنح في الغالب لمخرجي الأفلام التسجيلية.


                    ************************************************** ********
                    مغامرة في وادي الملوك (7)
                    أصدرت الحكومة المصرية تحت وطأة حرب 1973، قرارا بمنع التصريح للبعثات الأجنبية للعمل في مصر. وقد استثنت من هذا القرار منطقتين هما منطقة آثار الأقصر ومنطقة آثار الجيزة. ولذلك تصادف وجود أكثر من 130 أثريا مصريا بمنطقة وادي الملوك يعملون مع بعثات مختلفة، وكان معظمنا من خارج مدينة الأقصر، وكان هناك أكثر من استراحة لمفتشي الآثار نقيم فيها، وما زلت أذكر هذه الأيام وأنا مفتش صغير، حيث كنا نجتمع لنتناقش في أمور الآثار وكلٌ يحكي عن المنطقة الأثرية التي يعمل بها، وقد ساعدتني تلك الأيام في الإلمام بالكثير من الأمور المهمة عن مناطق الآثار في مصر، وأنا مقيم باستراحة مفتشى الآثار بالبر الغربي بمدينة الأقصر.

                    وكثيراً ما كنا نجتمع بفندق الشيخ على عبد الرسول بعد انتهاء أعمالنا مع البعثة، وكان شيخ خفراء منطقة القرنة القريبة من وادى الملوك ـ الشيخ نجدي رحمه الله ـ من أحب الشخصيات إلى قلوبنا؛ يمتلك معرفة واسعة بآثار الأقصر وعمل مع أكثر من بعثة أجنبية، وكان يطيب له أن يحكي عن الوادي وعن العلماء الذين عمل معهم وعن والده الشيخ عبد المعبود الذي يعتبر من مشايخ الخفراء الذين اشتغلوا مع البعثات الأولى في وادي الملوك. وقد كان الشيخ نجدي شخصية قوية جداً يرتدي جلبابا طويلا وعمامة ويمسك في يده عصا استطاع بها أن يحرس هذا الوادي بل لم يجرؤ لص من لصوص الآثار أن تمتد يده لسرقة مقبرة كان الشيخ نجدي مسؤولا عنها، وقصص سرقات الآثار في الوادي تمتد إلى العصور الفرعونية، حيث كان لصوص المقابر قديماً يأتون ليلاً إلى الوادي يبحثون عن الذهب والكنوز المخبأة داخل المقابر، وكانوا يهربون عندما يحسون بوجود حراس الوادي، ولدينا دليل أنهم دخلوا إلى مقبرة «توت عنخ آمون» وأعدوا العدة للسرقة وعندما هموا بالرحيل بكنوز المقبرة سمعوا صوت بوليس الوادي في الخارج؛ ولذلك تركوا كل شىء داخل المقبرة وفروا هاربين وقام حراس الجبانة بختم المقبرة وغلقها مرة أخرى..

                    وطلبت من الشيخ نجدي أن يأخذنا إلى وادي الملوك ليلاً وكان الوادي مضاء بضوء القمر في مشهد لم أر أجمل منه في حياتي، وعندما وصلنا إلى الوادي أخذنا إلى أعلى نقطة بالجبل المهيمن على وادي الملوك، والذي تشبه قمته قمة الهرم وكانت سبب اختيار الفراعنة لهذا المكان لكي ينحتوا مقابرهم أسفل الجبل، وطلبنا من الشيخ نجدي أن يتركنا ويعود إلى منزله لأن الليل كان قد انتصف، إلا أنه قرر أن يمر على مقابر النبلاء في القرنة، وجاء بعد ذلك إلى الوادي ونام بجوار إحدى المقابر الملكية منتظراً نزولنا من أعلى الجبل، وكنت قد نمت بجوار القمة الهرمية، ورغم أننا كنا في أيام الصيف، إلا أن الجو كان يأتي بهواء بارد يوقظني من أحلامي وأنا أتخيل نفسي وقد صرت رئيسا لبعثة أثرية يأتي للعمل بوادي الملوك كأول بعثة مصرية خالصة بالوادي المليء بالأسرار. أسرار ملوك وفراعنة بنوا حضارة عظيمة أضاءت للإنسانية طريق العلم والمعرفة، وتحقق الحلم وبدأنا فعلاً كأول بعثة مصرية تحفر في وادي
                    الأسرار..


                    ************************************************** *******

                    مغامرة في وادي الملوك (8)
                    عندما التقيت بالفرعون الذهبى «توت عنخ آمون» للمرة الأولى فى يناير 2005 لم أكن أتصور أن هذا اللقاء سوف يجعلني أهتم بهذا الملك اهتماماً خاصاً محاولاً إلقاء المزيد من الضوء على حياته ومماته.. وللأسف هناك بعض الأثريين من حزب أعداء النجاح، هؤلاء لم يفعلوا شيئاً في حياتهم سوى تدبير المكائد لكل من يعمل. فما أن علموا بإعدادي لمشروع دراسة مومياء الملك بأحدث التقنيات العلمية الحديثة وباستخدام أجهزة الـCt-Scan حتى هبوا مهاجمين هذا المشروع، على الرغم من أن مومياء الملك خضعت لدراسات عديدة باستخدام أشعة إكس وعلى أيدي علماء أجانب ولم نر أحدا من هؤلاء يهاجم أو يعترض. فهل المشكلة لا تزال في عقدة الخواجة، حيث نساعد ونحترم عمل الأجنبي دون المصري؟! ربما! أو ربما هو الحقد والحسد ممن يفتقدون القدرة على العمل والنجاح. المهم ان دراساتنا على مومياء الملك «توت عنخ آمون» أثبتت وبالأدلة العلمية أنه مات وهو في سن التاسعة عشرة، وأنه لم يقتل كما أكد ذلك الخبراء الأجانب لأن الفتحة التي كانت موجودة خلف الرأس لم تكن بسبب ضربة فأس ولكن قام المحنطون بفتحها لكي تستعمل لوضع السوائل الخاصة بالتحنيط. وكانت المفاجأة الكبيرة بالنسبة لنا هو الحالة التي وجدت عليها المومياء داخل مقبرة الملك حيث وجدت مفتتة إلى حوالي 18 قطعة؛ وذلك بسبب قيام هيوارد كارتر مكتشف المقبرة بفتح التابوت بعد حوالي ثلاث سنوات من اكتشاف المقبرة ووجد أن القناع الذهبي ملتصق بالصدر والوجه وحاول أن يزيل القناع ووجد أن مادة الراتنج الأسود جعلت القناع ملتصقاً تماماً بالجسم ولم تفلح محاولاته لنزع القناع دون تلف المومياء، حيث عرض المومياء للشمس لمدة شهر على أمل أن تذاب الراتنجات ويسهل تخليص المومياء والقناع من التابوت الداخلي، وبعد أن أعيته الحيلة نقل المومياء إلى مقبرة «سيتي الثاني» وقام باستخدام السكاكين والأدوات الحادة بعد تسخينها على النار ونزع بالقوة القناع الذهبي وخلص المومياء من قاع التابوت ولذلك تفتت المومياء، ولم يحاول كارتر أن ينقل المومياء إلى المتحف المصري ربما لكي لا يكتشف أحد ما فعله بالمومياء، على الرغم من أنه قام بنقل كل المومياوات الموجودة بوادي الملوك المعروف أسماء أصحابها إلى المتحف المصري، وترك المومياوات غير المعروف اسم أصحابها داخل المقابر.. وقد وجدت ضرورة الحفاظ على هذه المومياء لأن وضعها داخل التابوت يعرضها للتلف وخاصة لدخول الهواء داخل التابوت وتغير درجات الحرارة والرطوبة داخل مقبرة الملك، أضف إلى ذلك الغبار الذي ينتج عن الزائرين وعدم وجود المومياء في مكان أمن بعيد عن الميكروبات أو حتى الحشرات؛ ولذلك وبالتعاون مع جهات علمية رفيعة تم تصنيع فاترينة خاصة للمومياء لا تسمح بدخول الهواء وخالية من الأوكسجين ولذلك لن تجد أي نوع من الحياة داخل الفاترينة فلا وجود للميكروبات أو للحشرات وقام الفريق المصري بنقل المومياء إلى داخل الفاترينة بالمقبرة بعد أن تمت معالجة المومياء ووضعها في لفائف جديدة من الكتان معقمة وتربيط أجزاء المومياء إلى بعضها البعض وترك الوجه فقط دون غطاء. وعلى الرغم من إنقاذ مومياء الملك وبأسلوب علمي وجدنا من يهاجمنا دون إعطاء أي سبب وجيه يمكن مناقشته. خطورة هؤلاء أنهم يقفون في وجه أي تقدم وللأسف يجدون من يساعدهم في نشر سمومهم بين الناس بدعوة حرية الرأي، وفي النهاية سيبقى العمل الجيد. أما الكلام المرسل والاعتراض لمجرد الاعتراض فسيذهب أدراج الرياح، ولن يذكره التاريخ...


                    مغامرة في وادي الملوك (9)
                    لم أكن أتصور أن هيوارد كارتر مكتشف مقبرة «توت عنخ آمون» لم ينقل كل الآثار التى عثر عليها داخل مقبرة الملك «توت» إلى المتحف المصرى ومن المعروف أنه قد كشف 5398 قطعة أثرية وقد سجل منها حوالي 4500 قطعة موجودة بالمتحف المصري وترك بعض هذه القطع بوادي الملوك.. وقد تصادف أن دخلت الحجرة التي يطلق عليها اسم «حجرة الكنز» داخل المقبرة وهذه الحجرة عثر داخلها كارتر على تمثال «أنوبيس» الشهير الذي يصوره بهيئة ابن آدم رابضاً على مقصورته الذهبية، وقد لون جسد «أنوبيس» باللون الأسود البراق.. وعندما دخلت حجرة الكنز وجدت أن هيوارد كارتر قد ترك ثلاثة أقفاص من جريد النخيل داخلهم العديد من القطع الجيرية وعندما قمت بفحصها وجدت أن بعضها يحمل اسم الملك «توت عنخ آتون» وهو اسم الملك «توت» عندما كان يعيش مع أبيه «إخناتون» بتل العمارنة، والبعض الآخر عليه اسم الملك «توت عنخ آمون» وهو اسمه بعد أن هاجر من العمارنة إلى الأقصر وأصبح موالياً لكهنة «آمون» ولذلك كان لزاماً عليه أن يغير اسمه من «آتون» إلى «آمون» كما وجدنا أيضاً خاتم الجبانة الذي يتكون من الأقواس التسعة يمثلهم تسعة أشخاص أجانب راكعين ومقيدي الأيدى من الخلف وهم يمثلون أعداء مصر التقليديين بالإضافة إلى «أنوبيس» حارس الجبانة وكان هذا هو ختم بوليس الجبانة أي أننا وجدنا أن كارتر قام بحفظ كل الأختام التي عثر عليها داخل المقبرة وتركها بالداخل ولم يحاول أحد نقلها..

                    وعندما استمر البحث عن قطع أخرى خاصة بالملك الذهبي وجدنا أن هناك أوانى كبيرة ما زالت مغلقة لم تفتح منذ أيام الملك الذهبي «توت عنخ آمون» وبعض النواويس الخشبية التى كان يحفظ بها تماثيله وهو ممثل كملك للوجه البحرى بالتاج الأحمر، وأخرى كملك على الوجه القبلي بالتاج الأبيض، وهما المملكتان اللتان كانت مصر تتكون منهما في عصورها القديمة (الصعيد والدلتا). كما عثرت أيضاً على سلال من البوص مليئة بثمار الدوم والنبق وهناك أيضاً أوان من الفخار لها سدادات (أغطية) من الطمي وقد ختمت بأسماء الملك ومنها من يحمل اسم «آتون» وآخرى تحمل اسم «آمون».

                    أما المفاجأة فكانت العثور على الصحف الخاصة بـ هيوارد كارتر ومنها الـ London Times والتي كانت تكتب عن الاكتشافات اليومية التي يقوم بها كارتر وقد خاصها اللورد كارنانفون بحق نشر أخبار الكشف الجديد عن مقبرة الملك «توت» دون باقي الصحف الأخرى التي تفرغت للكتابة عن لعنة الفراعنة وعن اختلاق العديد من القصص عن لعنة الملك «توت» ومعظمها كان عبارة عن مصادفات وبعضها لم يحدث من الأساس.

                    ومن الأشياء الجميلة هو عثورنا على المولد الكهربائي الضخم الذي اشتراه كارتر على نفقته الخاصة لكي ينير وادي الملوك ليلاً ولا تزال هذه الماكينة الفريدة موجودة بالوادي حتى الآن في المقبرة غير المنتهية لـ«رمسيس العاشر». هذا بالإضافة إلى أن استراحة كارتر والموجودة غير بعيدة عن مدخل الوادي لا تزال بحالتها القديمة مما جعلني أفكر في تحويلها إلى متحف يحكي القصص المثيرة عن الملك الذهبي «توت عنخ آمون»...

                    مغامرة في وادي الملوك (10)
                    لا يزال السؤال الذي يحير علماء الآثار المصرية، وهو من هو أبو الملك «توت عنخ آمون»؟ من أكبر المعضلات التاريخية في علم الآثار المصرية، فهناك البعض الذي يعتقد أن أبو الملك «توت» هو الملك «أمنحتب الثالث» وبذلك يكون «توت عنخ آمون» هو أخو الملك «أخناتون» أول ملك مصري قديم نعرفه ينادي بوحدانية الإله في مصر، ويعتمد أصحاب هذا الرأي على أن الملك «توت عنخ آمون» عندما انتقل إلي طيبة قال في أحد أحاديثه مخاطباًً «أمنحتب الثالث» على أنه أبيه. أما البعض الآخر من الباحثين وأنا منهم فنعتقد أن «أخناتون» إنما هو أبو الملك «توت عنخ آمون». يؤيد هذا الرأي النص الذي عثر عليه بقرية الأشمونين، والذي نقل من العمارنة ويشير إلى اسم «توت عنخ آتون» أي هو مرتبط بـ«آتون» إله «أخناتون» وليس الإله «آمون» الذي عُبد في الكرنك بالأقصر. وكان الإله الرسمي قبل ثورة «أخناتون» عليه، نعود إلى اسم الملك الذي وجد مسجلاً علي هذه الكتلة الحجرية يليه لقب ابن الملك «أخناتون». ويذكر كذلك اسم زوجته «عنخ اسن ان با آتون». ويعتقد البعض أن أم الملك «توت عنخ آمون» هي الملكة «كيا» التي تزوجها «أخناتون» وماتت أثناء ولادة «توت» الذي تربي في كنف الملكة الجميلة «نفرتيتي» الزوجة الرئيسية لـ«أخناتون»، هذا إضافة إلى آراء أخرى كثيرة تذهب علي أن «نفرتيتي» هي أم الملك «توت» أو أن الملكة «تي» زوجة «أمنحتب الثالث» هي أمه الحقيقية، مستندين في ذلك إلى وجود بعض آثارها التي تحمل اسمها في مقبرة الفرعون الصغير «توت عنخ آمون».

                    وبعد أن نجح الفريق المصري في دراسة مومياء «توت عنخ آمون» ومعرفة سبب وفاته، وكذلك الكشف عن مومياء الملكة «حتشبسوت» ودراسة المومياوات التي عثر عليها داخل المقبرة رقم 35 (أمنحتب الثاني) بوادي الملوك، لذلك فقد بدأنا في دراسة عائلة الملك «توت» بعد أن توفر لنا أول معمل لدراسة الحمض النووي للمومياوات المعروف بتقنية DNA ومكانه بالمتحف المصري بالقاهرة. ونقوم حالياً ببناء معمل آخر لـ DNA بكلية الطب جامعة القاهرة، وذلك حتى يتم اختبار العينة مرتين بمعملين مختلفين ومقارنة النتائج من كليهما. والأمر الذي يدعو إلي الزهو هو أن جميع القائمين على هذا المشروع المثير من المصريين ذوو الخبرة النادرة في هذا المجال العلمي الحديث. فلم نعد نعتمد عند استخدام تقنيات العمل الحديث لدراسة تراثنا الحضاري على الأجنبي. كذلك يمتلك المجلس الأعلى للآثار بمصر الآن معمل الأشعة المقطعية بجهازه الحديث CT- Scan والذي يعمل عليه فريق مصري على أعلى مستوى من التدريب والكفاءة العلمية. وقريباً، سيتم الإعلان عن نتائج هذه الأبحاث العلمية حول عائلة الملك «توت عنخ آمون»، والتي نتمنى أن تجيب على أحد أكبر المعضلات التاريخية، وأن تأتي بالأدلة التي لا يمكن التشكيك فيها حول من هو الملك «توت»؟ ومن هي عائلته؟ وكيف كانت الأمور تسير في البيت المالك في فترة العمارنة؟ إن دراسة مومياوات الفراعنة والملكات وكذلك الأمراء والأميرات في هذه الفترة التاريخية المهمة من تاريخ مصر القديمة والتي تحولت فيها مصر إلى إمبراطورية تحكم العالم القديم سوف تؤدي بالطبع إلى الكشف عن أسرار الأسرة الثامنة عشرة الملكية والعلاقات بين أفراد البيت المالك، والأهم من ذلك أنه سيخرج إلى النور شخصيات لعبت دورا في تاريخ مصر في ذلك الوقت ولكن فات التاريخ أن يذكرها
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق

                    يعمل...
                    X