إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الحضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الحضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي

    [frame="10 80"]



    اتخذ اللقاء بين الشرق والغرب أشكالاً وألواناً مختلفة، تختلف باختلاف أطراف المواجهة والظروف والأمكنة، ومن الطبيعي أنه كان ينتج عن هذه اللقاءات ـ سلماً كانت أو حرباً ـ إفرازات وتداعيات على مختلف المستويات، وقد تفاوتت حلقات التواصل بين الشرق والغرب، ففي زمن الحروب الصليبية لم يكن الامتزاج الحضاري بين المسيحية والإسلام في الشام على المستوى نفسه الذي كان عليه في الأندلس وصقلية، وذلك لافتقار المملكة اللاتينية في القدس إلى مركز علمي كبير للمعارف الإسلامية التي يستطيع المسيحيون أن يستمدوها منه على غرار طليطلة وبلرمو، ولكن هذا لم يمنع بعض العلماء والتجار والمحاربين الصليبيين، أن ينقلوا عن طريق المشاهدة العينية، بعض المعارف عن الزراعة والملاحة والصناعة.. الخ من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا، وذلك باعتبار أن العلاقات بين طرفي المواجهة لم تكن دائماً قائمة على الحرب والقتال، بل شهدت في أحيان كثيرة فترات من الهدنة والسلام، خاصة بين المستعمرات الصليبية التي كانت تعيش وسط إمارات إسلامية داخل الشام مثل حلب ودمشق وحمص وحماة، إلى جانب القلاع والحصون مثل حصن شيزر الذي ما زالت أطلاله باقية على نهر العاصي في شمال الشام. ولذلك سنحاول تسليط الضوء على حركة الحروب الصليبية التي استغرقت مدة قرنين من الزمن، وكان لها إسهام في حركة التفاعل الحضاري بين الطرفين، لانزال نتلمَّس تداعياته حتى يومنا هذا.
    ميادين تأثر الغرب بالمسلمين
    وما ساهم في توثيق العلاقة بين المحتل الصليـبي والمواطنين، اعتماد الصليبيين على أهالي المنطقة من الصناع والفلاحين وغيرهم، باعتبار أن المساعدات التي كان الغرب يقدمها، كانت غير كافية، ومن اللافت للانتباه، أن الصليبيين قد تأثروا بالمسلمين خلال الحروب الصليبية، في ميادين كثيرة ومتنوعة، منها:
    الناحية الاجتماعية
    فمن الناحية الاجتماعية، نجد أنه نشأت علاقات زواج مع المواطنات المسيحيات من الموارنة والأرمن وبعض الأسيرات المسلمات، فنشأ عن هذه الزيجات جيل من المولَّدين عرف باسم بولانيPullan ، وقد غلب الطابع الشرقي على طبائع هؤلاء وعاداتهم، ومع الوقت، أخذ الصليبيون يكِّيفون حياتهم في الشرق حسب مقتضيات الحال والمناخ، فارتدوا الملابس الشرقية الفضفاضة واسعة الأكمام، وأطلقوا لحاهم، وأكلوا الأطعمة الشرقية، وسكنوا القصور والبيوت ذات الطراز الشرقي وما إلى ذلك...
    الناحية الاقتصادية
    أما من الناحية الاقتصادية، فقد استفادوا من المشرق الإسلامي استفادة كبيرة، ففي ميدان الزراعة، نقل الصليبيون عن المسلمين إلى أوروبا، زراعة بعض أنواع النباتات والثمار والفواكه التي لم يعرفوها من قبل، وسموها بأسمائها العربية، مثل السكر والأرز والليمون والقطن والسمسم.. الخ.
    وفي ميدان الصناعة، اقتبسوا عن المسلمين بعض المصنوعات ونقلوها إلى بلادهم، مثل المنسوجات الحريرية الموشَّاة والأقمشة القطنية، هذا إلى جانب صناعة الورق والصابون والخزف والزجاج والحلي والعقاقير... الخ.
    أما التحارة، فقد انتعشت بين الشرق والغرب بشكل لم يعرف من قبل، فكانت قوافل المسلمين ترد إلى الموانىء الصليبية على ساحل الشام تحمل سلع الشرق، كاللؤلؤ والأحجار الكريمة والعاج والعطور والبهار، وكان على تجار المسلمين عند دخولهم تلك الموانىء أن يدفعوا ضريبة على بضائعهم مقدارها قيراط على كل سلعة ثمنها دينار واحد (الدينار 34 قيراطاً). وكانوا يعاملون في تلك الموانىء معاملة طيبة، ولهم فيها خانات أو فنادق ينزلون فيها ببضائعهم ودوابهم. وكانت حركة التجارة مستمرة بين الجانبين، ولم تتوقف حتى في أوقات الحروب بينهم، وقد نص على ذلك الرحَّالة المعاصر ابن جبير عند قوله: "اختلاف القوافل من مصر إلى دمشق على بلاد الفرنج غير منقطع، وأهل الحرب مشتغلون في حربهم، أما الرعايا والتجار فالأمن لا يفارقهم في جميع الأحول سلماً أو حرباً".
    وكان من نتائج ازدياد النشاط التجاري بين الشرق والغرب، أن ظهرت المدن التجارية في أنحاء أوروبا، وهي ظاهرة جديدة أدت إلى اجتذاب الفلاحين إلى المدن وانهيار النظام الإقطاعي.. كذلك ظهر نظام المصارف في تلك المدن التجارية، وكثيراً ما عاونت هذه البنوك الطبقات الحاكمة بالقروض المالية وتحالفت معها ضد رجال الإقطاع. وقد نتج عن هذه المعاملات المالية إصدار صرف يعرف بالصك أو الشيك، وكذلك البساتج ـ جمع بستاجة بمعنى الحوالة ـ، وهي أنظمة مشرقية الأصل.
    [/frame]



يعمل...
X