مقدمات في الحديث وعلومه

[الفقير الى رب العالمين]

تخريج الحديث يتم بأمور:
1- البحث عن مظانه ومن رواه وهذا يكون بأمور:
أ- إن عرفت مظانه بالاستقراء والنقل.
ب- وإن لم يحصل ذلك بمعرفة أول الحديث وينظر في الفهارس والمعاجم.
جـ- وإن لم يحصل ذلك فأخذ مادة من الحديث والعودة إلى المعجم المفهرس إن كان عند التسعة.
2- ينظر في سند الحديث رجلاً رجلاً بواسطة علم الرجال.
3- تجميع أقوال العلماء في الحديث لتخرج بحكم متأن للحديث.

[الفقير الى رب العالمين]

مراحل طلب الحديث


لطالب الحديث ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى : قراءة المختصرات كـمختصر البخاري للزبيدي و مختصر مسلم للمنذري وأمثالها ليشبع طالب العلم من المتون.
المرحلة الثانية: قراءة الأحاديث في أصولها كـصحيح البخاري ومسلم و السنن و المسند .
المرحلة الثالثة: قراءة الشروح كـفتح الباري و شرح النووي و تحفة الأحوذي وغيرها.

[الفقير الى رب العالمين]

مع علماء الجرح والتعديل


أبو حاتم و الأزدي و الجوزجاني متشددون، والبخاري و النسائي و الذهبي معتدلون، وابن حبان و الحاكم و الترمذي متساهلون.

[الفقير الى رب العالمين]

كيف تكون محدثاً


يا أهل الحديث في كل مكان، أشهد الله على حبكم حبين اثنين.
أما الحب الأول: فهو حب مشترك بين المسلم وأخيه، وهو: الحب؛ الذي يعيشه المسلم مع إخوانه المسلمين.
وأما الحب الثاني: الذي أشعر به في قلبي، فهو: حب أهل الحديث ، ورؤية أهل الحديث ، والجلوس على أهل الحديث .
وأهل الحديث لهم وقع في القلوب، ولهم جلالة في النفوس، وسوف أتحدث في هذه الأوراق عن أهل الحديث ، ومن هم أهل الحديث .
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: إذا رأيت رجلاً من أصحاب الحديث، فكأني رأيت صحابياً من أصحاب رسول الله.
وسئل الإمام أحمد ؛ إمام أهل السنة والجماعة : من الطائفة المنصورة ؟
قال: إن لم يكونوا أهل الحديث ، فما أدري من هم.
فـأهل الحديث ، هم: أحفاد الإمام أحمد ، والإمام البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبي داود .


نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عموداً


فهم النجوم، وهم الشموس؛ التي ما أفلت حتى اليوم، علمهم، وتراثهم، وفقههم.
وإن الله تعالى قد أجل العلم، وأهله، في كثير من آيات القرآن، فقال عز من قائل: ((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)).
وإن لم يكن علم الحديث هو أشرف العلوم، فأي علم يتوج لهذه المكانة؟
وأي علم يرشح لأن يتصدر قبل علم الحديث؟
لا، والله، لا يكون هذا أبداً.
يقول ابن عبد الباقي في آخر عمره: تبت من كل علم إلا علم الحديث، تبت من كل علم إلا من علم الحديث.
قال القرطبي المحدث:

نور الحديث مبين فادن واقتبس واحد الركاب له يابن الرضا الندسي



واطلبه في الصين فهو العلم إن رفعت أعلامه برباها يا ابن أندلسي


ويقول الآخر:

أهل الحديث همو أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا


فهم، صباح ومساء، مع أنفاس المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومع حدثنا وأخبرنا. وسمعت وعن وأن، وهي كلمات أهل السنة والجماعة ، وهي أسانيد أهل السنة والجماعة ، وهو علم أهل السنة والجماعة.

العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولوا العرفان



ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فلان


وفي السنن قوله صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرءاً سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع) (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم -كما في حديث معاوية -: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) (1) .
وبمفهوم المخالفة: أن الذي لا يريد الله به خيراً لا يفقهه في الدين، ولا يعلمه السنة، ولا يوجهه للجلوس في حلقات الحديث، ولا الاستماع إلى كلام العلماء.
فأنتم، يا أهل الحديث ، قد أصبحتم أسانيد بين الأمة المحمدية، وبين تراثها، فالله الله في هذه الأمانة.
والله الله في هذه الرسالة.
والله الله في هذا التراث المحمدي الخالد.
يقول صلى الله عليه وسلم كما في البخاري من حديث أبي موسى : (مثل ما بعثني الله به من الهدى)، وانظر ما أحسن كلمة: بعثني، ولم يقل: أرسلني، أو كلفني، لأن البعث عادة يأتي عند ذكر التوحيد، والشكر، كما في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)).
قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث).
فجمع بين: الهدى والعلم؛ لأن الهدى هو: العمل الصالح، والعلم هو: العلم النافع.
وبنو إسرائيل، أو اليهود أوتوا علماً، ولكن لم يؤتوا عملاً.
قال سبحانه وتعالى: ((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)). وقال في عالمهم: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)).
وقال فيهم: ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) فهو حمار لا يفقه، ولا يعي، على ظهره صحيح البخاري ، وصحيح مسلم و فتح الباري ، وتحفة الأحوذي ، ولكنه حمار.

قال حمار الحكيم توما : لو أنصف الدهر كنت أركب



فإنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب


والجاهل المركب، هو: الذي لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
وشرف أهل الحديث أجمعت عليه الأمة الإسلامية.
ذكر الذهبي في ترجمة الإمام أحمد : أن رجلاً ذكر للإمام أحمد ، ينتقص أصحاب الحديث، فهز يده، وقال: زنديق.. زنديق.. زنديق. وإنما تزندق أبو العلاء المعري ، وأمثاله؛ لأنهم استهزؤا بـأهل السنة ، وأهل الحديث .
دخل سهل بن عبد الله التستري ، على أبي داود صاحب السنن، وقال: أريد طلباً، يا أبا داود ، وأريد أن تنفذه لي، أسألك بالله.
قال: ما هو؟
قال: أن تخرج لي لسانك الذي حدثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقبله.
فأخرج لسانه فقبله! وقال: لسان وعت كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتحدثت به، أولى بالتقبيل.
وذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة أبي زرعة المحدث الكبير أنه لما توفي رؤي في المنام، قالوا: ما فعل الله بك؟
قال: رفعني في عليين.
قالوا: بماذا؟
قال: صليت على الرسول في كتابي ألف ألف مرة.
وشرف أهل الحديث يأتي من ثلاثة أمور:
الأول: أنهم من أكثر الناس صلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

إذا فات المحب سماع من يهوى تلذذ باستماع حديثه


فهم أكثر الناس صلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، في دروسهم، وفي لقاءاتهم، وفي مناظراتهم، وفي حوارهم.
الأمر الثاني: أنهم حفظوا أصول الإسلام، وهل العلم إلا قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم؟
قال الأوزاعي : ما أتاك من الكتاب والسنة فعلى الرأس والعين، وما أتاك من أحد يخالف الكتاب والسنة فضعه في الحش! (وهو: الكنيف).
فـأهل الحديث حفظوا علينا أصول الإسلام؛ بمدارستهم وبحفظهم.
ولا تؤخذ العقيدة إلا من الكتاب والسنة.
فـأهل الحديث يتميزون عن أهل النحو، وعن أهل اللغة، وعن أهل الجغرافيا، وعن أهل التاريخ؛ بأن على وجوههم نضرة من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ومهابة.

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري



تروى وتشبع من سيماء طلعتهم بذكرهم ذكروك الواحد الباري


فـأهل الحديث تلوح على ملامحهم أنوار الحديث، وسمت الحديث، وهيبة الحديث، وحلاوة الحديث.
ولكن ها هنا تنبيه: وهو أننا لا نحكم على الرجل الذي يطلب الحديث دائماً بأنه من أهل السنة والجماعة ، فلا يكفي مثلاً أن ينضم إلى دار الحديث حتى نزكيه؛ لأنه قد وجد محدثون، ورواة في الكتب الستة، وغيرها، ومع ذلك هم من المبتدعة.
وهكذا في زماننا فقد وجد من المبتدعة من يطلب الحديث ويثابر عليه (1) .
فأوصيكم بعدم الاكتفاء بطلب الحديث وحده، بل تضمون لذلك التفقه في عقيدة السلف، ونشر التوحيد الصحيح، في كل ربوع الأرض، لعل الله أن يعجل بالنصر.
الأمر الثالث: الذي يميز أهل الحديث : أنهم من أكثر الناس محاربة لأهل البدع؛ فهم يقفون في وجه أهل البدع، وما رفع الله الإمام أحمد إلا بوقوفه في وجه أهل البدع، وكذلك البخاري ، ومسلم ، والدارمي ، وغيرهم كثير، وأهل البدع يوقف معهم بالكتابة، والمراسلة، فإن لم تجد فالهجر والمقاطعة، فإن لم تجد فبالتشهير في المجالس.
تقدم ثور بن زيد أحد الرواة الذين اتهموا بالبدعة، فسلم على سفيان الثوري بيده.
فأمسك سفيان الثوري يده، وقال: إنه الدين، ولو كان غير الدين لسلمت عليك (لأنه مبتدع).
وعرضت جنازته؛ ليصلي عليها الناس، فدخل سفيان الثوري بين الصفوف، ثم خرج من تلك الجهة، ليري الناس أنه لا يصلي عليه؛ لأنه مبتدع.
والإمام مالك قال: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحدثوهم.

[الفرشيشي]

اللهم صلي على محمد و على آل محمد كما صليت على ابراهيم و على آل ابراهيم انك حميد مجيد و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم انك حميد مجيد.

[صباحو]

جعلنا الله واياكم ممكن يسمعون القول فيتبعون احسنه

جزاك الله خيرا اخى الحبيب

ونفع الله بك الاسلام والمسلمين

وجعلك من حمله هم هذا الدين

دمت بخير

تحياتي