إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام - الجزء من1الى7

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام - الجزء من1الى7

    مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
    (الخصائص العامة والملامح المشتركة)

    ارتبطت الممالك العربية قبل الإسلام بطرق التجارة التي كانت تنقل اللبان والطيوب من جنوب الجزيرة العربية إلى الممالك المجاورة في بلاد الرافدين ومصر وممالك حوض البحر المتوسط (الإغريق والرومان)، حيث كان اللُّبان يستخدم في طقوس العبادات الوثنية وفي مراسم الدفن كما كان يدخل في تركيب الأدوية، حيث كان اللبان يجمع ويتم وزنه وتقدير سعره قبل أن يرسل إلى المعابد وتحمله القوافل التي كانت تمر أولاً على عواصم ممالك جنوب الجزيرة؛ لكي تستفيد من الرسوم التي تفرض عليه. ويصف هيرودت الجزيرة العربية بأنها "المكان الوحيد الذي ينتج اللبان والمر والقرفة والكافور والصمغ".
    أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة أن تاريخ قيام الممالك في جنوب الجزيرة العربية يرجع إلى بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وطبقًا لما جاء في الحوليات الآشورية فإن فترة حكم المكرب السبئي يثع أمر كانت في القرن الثامن قبل الميلاد، وأن فترة حكم المكرب السبئي كرب إل وتر بن ذمار علي كانت في القرن السابع قبل الميلاد.
    ومنذ القرن السادس قبل الميلاد كان جنوب الجزيرة العربية يتكون من أربع ممالك رئيسة هي: سبأ، وقتبان، وحضرموت، ومعين.
    يرجح علماء النميات أن تعامل الممالك العربية في جنوب الجزيرة العربية بالمسكوكات قد بدأ في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد، وعثر في جنوب شرق تركيا على ثلاث مسكوكات إغريقية طبع على اثنين منها حرف الكاف بخط المسند، أما الثالث فقد طبع عليه حرف الباء بخط المسند، ويرجع تاريخ هذه المسكوكات للفترة ما بين سنتي 475 - 400 ق.م ، وتعد هذه بمثابة المرحلة الأولى في تعريب المسكوكات الإغريقية قامت بها الممالك العربية الجنوبية.
    ضربت أقدم المسكوكات العربية على نمط المسكوكات الإغريقية وخاصة الطراز المعروف بمسكوكات أثينا والتي يرجع تاريخ ضرب النماذج المبكرة منها في بلاد الإغريق إلى حوالي سنة 575 ق.م، وكان ينقش على وجه تلك النماذج رأس المعبودة أثينا لابسة خوذة مزينة من الأمام بغصن زيتون تتدلى منه ثلاث ورقات وشعرها مربوط بعصابة، ونقش على الظهر بومة متجهة إلى اليمين وخلفها غصن زيتون.
    كانت مملكة قتبان أول مملكة عربية تقوم بضرب المسكوكات منذ أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت مسكوكاتها تقليدًا للمسكوكات الإغريقية التي نقش على وجهها رأس المعبودة أثينا مرتدية خوذة مزينة بأوراق زيتون، أما على ظهرها فقد رسمت بومة وبجوارها هلال وغصن زيتون والشعار الإغريقي AOE الدال على قيمة المسكوكة، أو اسم المعبودة أثينا، وكانت الإصدارات الأولى من السكة القتبانية مشابهة تمامًا للسكة الإغريقية وتميزت السكة القتبانية بإضافة حروف بخط المسند على وجه أثينا لتحديد القيمة النقدية للمسكوكات ونقش شعار الملك القتباني على الظهر.
    وفي أوائل القرن الثاني قبل الميلاد ضرب طراز جديد من المسكوكات القتبانية تخلى فيها القتبانيون كثيرًا عن التأثيرات الإغريقية فنقش على الوجه صورة الملك القتباني بدلاً من رأس المعبودة أثينا وسجل على صورة الملك حروف بخط المسند، بينما نقش على الظهر صورة البومة والشعار الإغريقي كما نقش على المسكوكات مكان الضرب.
    أولاً: التأثيرات الأجنبية على المسكوكات العربية:
    كانت مملكة قتبان أول مملكة عربية تضرب المسكوكات، وكانت أول إشارة إلى مملكة قتبان جاءت في نقش المكرب السبئي كرب إل وتر بن ذمار علي يرجع إلى القرن السابع قبل الميلاد، ولما كانت مملكة قتبان قد ضربت مسكوكاتها الأولى على النمط الإغريقي فقد جاءت بواكير المسكوكات القتبانية متأثرة بصورة واضحة بالمسكوكات الإغريقية، إلا أنه منذ أوائل القرن الثاني قبل الميلاد ضربت مسكوكات قتبانية تخلصت من بعض التأثيرات الإغريقية فقد نقش على وجه تلك المسكوكات صورة الملك القتباني بدلاً من صورة المعبودة الإغريقية أثينا، وسجل على صورة الملك حروف بخط المسند، وظلت التأثيرات الإغريقية باقية على نقوش ظهر تلك المسكوكات إذ بقيت صورة البومة، والشعار الإغريقي AOE، وبذلك فقد ظلت التأثيرات الأجنبية على المسكوكات القتبانية.
    وكذلك ضربت مملكة سبأ المسكوكات على النمط الإغريقي، وتعود أقدم مسكوكاتها إلى النصف الثاني من القرن الرابع قبل الميلاد، وكانت التأثيرات الإغريقية واضحة عليها فقد نقش على وجهها رأس المعبودة أثينا مرتدية خوذة وحولها أغصان الزيتون، أما على الظهر فتبدو صورة البومة مع أغصان الزيتون، والهلال، وحذف الشعار الإغريقي AOE، ونقش بدلاً منه حروف بخط المسند تدل على القيمة النقدية للمسكوكات. وفي أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الأول قبل الميلاد صدرت في مملكة سبأ مسكوكات جديدة تخلصت من التأثيرات الأجنبية في الوجه الذي نقش به صورة رجل ملتح يلبس تاجًا على رأسه، ويعتقد أن هذا الرجل يمثل الملك أو يرمز لألمقه معبود سبأ الرئيس، وظلت التأثيرات الأجنبية باقية في نقوش الظهر إذ ظلت توجد صورة البومة باقية وهي تقف على قارورة وسجل بجوارها الشعار الإغريقي AOE.
    وفي الفترة ما بين سنتي 70 إلى 40 قبل الميلاد صدرت مسكوكات سبئية جديدة نقش على وجهها رأس رجل حوله أغصان الزيتون، وتمثلت التأثيرات الإغريقية في هذه المسكوكات ببقاء صورة البومة الواقفة على القارورة.
    ويبدو أن المسكوكات السبئية لم تتخلص تمامًا من التأثيرات الأجنبية، فمنذ منتصف القرن الأول قبل الميلاد ضربت مسكوكات مزجت بين التأثيرات الإغريقية والرومانية معًا، فقد نقش على وجه هذه المسكوكات رأس رجل يشبه رأس الإمبراطور الروماني أغسطسAugustus، أما على الظهر فقد ظلت صورة البومة الواقفة على القارورة تدل على استمرار التأثيرات الإغريقية.
    وتخلصت المسكوكات السبئية من التأثيرات الأجنبية ويتجلى ذلك في المسكوكات التي ضربتها مملكة سبأ في شبوة عاصمة مملكة حضرموت ولبتي نقش بها على الوجه رأس شخص يرمز إلى ملك سبأ، وعلى الظهر رأس ثور يرمز إلى المعبود (سين) معبود مملكة حضرموت الرئيس.
    سارت مملكة حضرموت على خطى مملكتي قتبان وسبأ في ضرب باكورة مسكوكاتها على النمط الإغريقي، وكانت مملكة حضرموت قائمة في القرن السابع قبل الميلاد طبقًا لما جاء في نقش المكرب السبئ كرب إل وتر بن ذمار علي، ولم تستمر التأثيرات الأجنبية طويلاً على مسكوكات مملكة حضرموت التي ضربت طرزًا من المسكوكات خلت من أية تأثيرات أجنبية.
    أما مملكة حمير فقد ضربت في البداية مسكوكات على النمط القتباني مما يعني أنها تأثرت بالمسكوكات الإغريقية، ثم ضربت مسكوكات في عهدها الأول الذي انتهى بحكم الملك ياسر يهنعم الثاني (285 – 300م) تقليدًا لمسكوكات الإمبراطور الروماني أغسطس Augustus. وفي خلال عهدها الثاني (التبابعة) الذي يبدأ بحكم الملك شمر يهرعش الثالث ضربت مملكة حمير مسكوكات تخلصت فيها من التأثيرات الأجنبية، وعرف هذا النوع باسم المسكوكات ذات الرأسين وذلك لنقش رأس رجل على وجه كل مسكوكة وعلى ظهرها.
    وضربت مملكة كندة الأولى التي امتدت حضارتها ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي، المسكوكات في عاصمتها قرية "قرية ذات كهل"، ولم تظهر علاى مسكوكاتها أية تأثيرات أجنبية.
    يعد الملك النبطي حارثة الثاني (120 – 96 ق.م) أول من ضرب المسكوكات من ملوك الأنباط، وجاءت مسكوكاته متأثرة بالمسكوكات الإغريقية، فنقش على وجهها رأس رجل يرتدي خوذة ويتجه نحو اليمين، أما على الظهر فتبدو صورة معبودة النصر عند الإغريق (تيكة Tyche) وحرف A وهو الحرف الأول من اسم الملك حارثة الذي سجل اسمه على المسكوكات باليونانية Arethas ، ثم تخلصت مسكوكاته قليلاً من التأثيرات الأجنبية إذ نقش عليها حرف الهاء بالخط الآرامي في إشارة إلى اسمه حارثة.
    أما الملك النبطي حارثة الثالث (85 – 62 ق.م) فقد كان يميل إلى الثقافة الهلنستية حتى لقب بمحب الهلنستية (محب اليونان)، ونقش لقبه هذا على المسكوكات باليونانية Philhellenos، وظهرت صورته على وجه المسكوكات أما على الظهر فنقشت صورة معبودة النصر لدى الإغريق (تيكة Tyche) .
    وتجلت التأثيرات الأجنبية على مسكوكات الملك عبادة الثالث (62 – 59 ق.م)، إذ ظهر التأثير الهلنستي في ملامح الوجه، وطريقة تصفيف الشعر، كما ظهر التأثير البطلمي في صورة الصقر الذي نقش على المسكوكات، وبالرغم من ذلك فقد تخلصت المسكوكات في عهده من الكتابة باللغة اليونانية، إذ يعد أول ملك نبطي سجل اسمه على المسكوكات بالخط النبطي.
    وإجمالاً يمكن القول إن المسكوكات النبطية قد تأثرت في بدايتها بالمسكوكات الإغريقية، كما تأثرت بالثقافة الهلنستية فظهر تأثيرها في الصور الآدمية، واستمر ذلك منذ عهد الملك حارثة الثاني (120 – 96 ق.م) وحتى بداية عهد الملك حارثة الرابع (9 ق.م – 40م) (محب أمته Philopatris) الذي شهدت مملكة الأنباط في عهده أوج ازدهارها الحضاري، وترجع إلى عهده أغلب المسكوكات النبطية المعروفة حتى الآن، فلم تظهر على مسكوكاته ومسكوكات الملوك الذين خلفوه حتى سقوط مملكة الأنباط سنة 106م أية تأثيرات أجنبية.
    كان للمسكوكات دور مهم في الصراع الذي دار بين الملكة زينب والرومان، وكانت الملكة زينب قد انتهزت فرصة النزاعات الداخلية في روما فأحكمت سيطرتها على سورية ثم استولت على مصر سنة 270م ووقعت اتفاقًًا مع الرومان يقضي بأن يكون حكم مصر مشتركًا بين الرومان ومملكة تدمر، واستمر هذا الاتفاق خلال عهد الإمبراطور كلوديوس وخلفه أورليان (270 – 275م)، ويتجلى هذا الاتفاق في نقوش المسكوكات التدمرية التي ضربت في الإسكندرية فيما بين سنتي 270 و271م.
    ومن تلك المسكوكات التي ضربت في الإسكندرية نماذج نقش على وجهها صورة نصفية للملك وهب اللات وكتب حولها عبارة بالخط اليوناني نصها: (أورليوي أوياتيوس سبتيموس وهب اللات أثينادوروس هيباتوس أوتو كراتور استراتيجوس روميون)، ونقش على الظهر صورة نصفية للإمبراطور الروماني أورليان وكتب حولها عبارة بالخط اليوناني نصها: (الأتوكراتور الإمبراطور لوكيوس أوليوس سيباستوس) ، أما المسكوكات التدمرية التي ضربت في أنطاكية وحمص فقد سجلت عليها الكتابات بالخط اللاتيني.
    ويتجلى التأثير الأجنبي في مسكوكات مملكة الرها بتسجيل كتاباتها بالخط اليوناني إلى جانب الخط الآرامي.
    وفي شرق الجزيرة العربية تجلى التأثير الأجنبي في استخدم الخطان: اليوناني واللاتيني على المسكوكات الأجنبية المضروبة في مدن شرق الجزيرة العربية، في حين استخدم الخطان: الآرامي، وخط المسند على المسكوكات المحلية، أما مسكوكات مملكة ميسان فقد ظلت تستخدم الخط اليوناني منذ عهد الملك هايسباوسنيس (129- 109 ق.م)، واستمر الحال حتى عهد الملك أتامبيلوس الأول (47- 27 ق.م) فصارت تكتب بالخط الآرامي بدلاً من اليوناني، ثم عاد الخط اليوناني للظهور مرة أخرى على المسكوكات الميسانية بعد الاحتلال الروماني لمملكة ميسان في عهد الإمبراطور الروماني تراجان (98- 117م)، واستمر الخط اليوناني على المسكوكات الميسانية إلى جانب الخط الآرامي.
    http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

  • #2
    مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
    (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
    الجزء الثاني



    ثانيًا: أسماء المسكوكات:
    أطلقت كل مملكة على مسكوكاتها عدة أسماء، ومن أسماء المسكوكات القتبانية "خبصت" التي يرى بعض الباحثين أنها تعني المسكوكات المصنوعة من خليط من عدة معادن، في حين يرى آخرون أن "خبصت" تعني المسكوكات الخالية من الغش والتزييف، وأطلقت النقوش السبئية على المسكوكات أسماء مثل: و"بلط"، و"بلطم" الأولى للمفرد والثانية للجمع، و"رضيم" ومعناها المسكوكات الوافية الوزن، و"حي إلم (إيلم)" وهي نوع من المسكوكات نسبت إلى أسرة حازت على حق ضرب المسكوكات.
    ومن الأسماء التي أطلقت على مسكوكات ممالك جنوب الجزيرة العربية: "محليت"، و"قرف"، و"نعم"، و"بد"، و"صبب"، وتتراوح معانيها ما بين: نقد، وعملة، ومسكوك، ومضروب، وضرب، وخالصة من الغش والزيف.
    أطلقت نقوش مقابر الحجر (مدائن صالح) على المسكوكات النبطية عدة أسماء هي: "سلعية"، و"سلعين"، وهما نسبة إلى سلع (الرقيم – البتراء) عاصمة مملكة الأنباط، و"حارثية" نسبة إلى الملك حارثة الرابع (9 ق.م – 40م)، ومن أسماء المسكوكات النبطية أيضًا: "كسف" التي وردت في نقش مقبرة الطبيب كهلان بن وائلان ، و"كسف" معناها المسكوكات الفضية والبرونزية، ووردت "كسف" على أحد الفلوس البرونزية المضروبة في عهد الملك حارثة الرابع كما يلي:
    النص: ح ر ت ت/ م ل ك/ ن ب ط و/ ر ح م/ ع م هـ/ م ع هـ/ ك س ف.
    القراءة: حارثة ملك الأنباط محب أمته معه كسف.
    أما عن المسكوكات الأجنبية، فقد تداولت ممالك جنوب الجزيرة العربية المسكوكات الإغريقية منذ القرن الخامس قبل الميلاد، ثم بدأت مملكة قتبان بضرب مسكوكاتها الخاصة منذ أواسط القرن الخامس قبل الميلاد، وفيما بعد هذا التاريخ ظل تداول المسكوكات الأجنبية محدودًا في الممالك العربية، ومن ذلك استخدام مملكة حمير للمسكوكات الذهبية لمملكة أكسوم في المعاملات التجارية الدولية.
    أما في شمال الجزيرة العربية فقد أكدت البرديات النبطية التي اكتشفت في كهف الرسائل، وخربة مرد بالقرب من البحر الميت وتعود للفترة من سنة 93 إلى سنة 132م أن الأنباط كانوا يتعاملون في البيع والشراء بالمسكوكات النبطية، وأنهم لم يستخدموا مسكوكات أجنبية في مملكتهم، مما يشير إلى القيمة النقدية المرتفعة للمسكوكات النبطية.
    وفي سنة 64 ق.م شن القائد الروماني بومبي Pompey حملة ضد مملكة الأنباط لكنه ما لبث أن غادر المنطقة إلى روما وأوكل مهمة متابعة الحملة للقائد سقاروس Saqaros الذي توصل لاتفاق مع الملك حارثة الثالث يدفع بموجبه الأخير جزية للرومان، وبعد عودته إلى روما خلد سقاروس Saqaros حملته على الأنباط بإصدار نقش على وجهه صورة الملك حارثة جاثيًا على ركبتيه بجوار جمل وهو يقدم له غصنًا مما يشير إلى خضوعه لسلطة الرومان، أما على الظهر فتبدو صورة المعبود الروماني جوبيتر يقود عربة تجرها أربعة خيول رمزًا لانتصار الرومان على الأنباط.
    وبعد سقوط مملكة الأنباط على أيدي الرومان سنة 106م أصبح ممثل الرومان في بلاد الشام كورنيلوس بالما Cornelius-Palma حاكمًا لمملكة الأنباط نيابة عن الإمبراطور الروماني تراجان Trajan(98 – 117م) وتوقف بالتالي إصدار المسكوكات النبطية وختم على المتداول منها بالشعار الروماني، وتحولت مملكة الأنباط إلى ولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية عرفت باسم الكورة العربيةProvincia Arabia .
    وضرب الرومان مسكوكات يظهر على وجهها صورة تراجان Trajan، وعلى ظهرها صورة فتاة تمثل بلاد العرب تحمل في يدها اليمنى أغصان اللبان وبجانبها جمل وترمز صورة الفتاة والجمل إلى سيطرة الرومان على مملكة الأنباط العربية، وسجل على هذه المسكوكات عبارة Arabia-Capta، وتعني هذه العبارة: (إلحاق العرب) أي أنهم صاروا تابعين للإمبراطورية الرومانية، ونقشت العبارة أيضًا على المسكوكات النبطية التي ظلت متداولة بعد سقوط مملكة الأنباط، وبذلك سار تراجان Trajan على نهج سقاروس Saqaros الذي خلد حملته على الملك حارثة الثالث(85 – 62ق.م) بإصدار مسكوكات صور فيها الملك النبطي بجوار جمل، وكأنما صار الجمل رمزًا للأنباط في نظر الرومان.
    وقامت في شرق الجزيرة العربية حكومات أو ممالك صغيرة في المدن منذ الألف الثالث قبل الميلاد وذلك لانحصار الاستقرار البشري في بعض مدن الخليج وجزره، مما أدى إلى عدم قيام حكومة ذات سلطة مركزية تخضع لها جميع هذه المدن، وعندما ظهر الإسكندر الأكبر على مسرح الأحداث في الشرق أرسل ثلاث حملات استكشافية إلى شرق الجزيرة العربية بقيادة ثلاثة من قواده هم على التوالي: أرخياس Archias وأندروثنيس Androthenes وهييرون Hieron الذي تمكن من الوصول إلى رأس مسندم، كما وصلت القوات الإغريقية إلى جزيرة فيلكا التي أطلق عليها الإغريق اسم إيكاروس وظل بها الوجود الإغريقي حوالي قرنين (300 – 100 ق.م).
    وبعد موت الإسكندر الأكبر سنة 321 ق.م تقاسم قواده السيطرة على البلاد التي فتحها فأسس سلوقس الأول مملكة امتدت من الخليج العربي غربًا إلى بحر إيجة شرقًا، ودخلت بعض مدن شرق الجزيرة العربية تحت حكم السلوقيين، وضربت في مدن شرق الجزيرة العربية مسكوكات تتبع النظام النقدي الذي أسسه الإسكندر الأكبر بعد اعتلائه العرش المقدوني سنة 336 ق.م فسارعت كل ممالك العالم في ذلك الوقت إلى تقليده وضرب مسكوكاتها تقليدًا لمسكوكاته، ونقش على مسكوكات الإسكندر من فئة الدراخما على الوجه رأس هرقل (هيراكليس) المعبود الحارس للإسكندر ويعتقد بعض علماء النميات أن هذه الرأس يرمز للإسكندر نفسه، أما على الظهر فقد نقشت صورة المعبود زيوس جالسًا على العرش وبيده اليسرى صولجان، وبيده اليمني الممدودة نسر، واستمر إصدار هذا الطراز لمدة مائتي سنة بعد وفاة الإسكندر سنة 323 ق.م.
    واتبع سلوقس الأول النظام السياسي الذي كان سائدًا في شرق الجزيرة العربية بتقسيم مملكته إلى مدن منفصلة لها سيادة مستقلة ولكل منها نظام خاص في ضرب المسكوكات، وقد كشفت التنقيبات الأثرية التي أجريت في شرق الجزيرة العربية عن وجود مسكوكات في العديد من المواقع مثل: تايلوس (البحرين)، وثاج، وعين جاوان، وجبل بري، والشعبة، ومنجم الملح، والهفوف، وكنزان، وعُمانا (الدور)، ومليحة، وإيكاروس (فيلكا).
    وانتشرت في شرق الجزيرة العربية المسكوكات الأجنبية، بالإضافة إلى المسكوكات التي ضربت في مدن شرق الجزيرة العربية، أو مسكوكات الممالك العربية، ومن المدن التي ضربت بها في شرق الجزيرة العربية:
    عُمانا (الدور): يقع ميناء عُمانا (الدور) في إمارة أم القيوين بدولة الإمارات العربية المتحدة، ودلت التنقيبات الأثرية التي أجريت به إلى وجود تبادل تجاري بينه وبين بلاد فارس والهند وبلاد الرافدين وممالك جنوب الجزيرة العربية وشمالها، وجاء في الفصل 36 من كتاب دليل البحر الإرتري: (… إذا أبحرت عبر مدخل الخليج مسيرة ستة أيام فهناك مدينة أخرى اسمها عُمانا وإليها تأتي سفن محملة بالنحاس وخشب الصندل وخشب التيك وأخشاب الساج والأبنوس…) ، وعثر على العديد من المسكوكات بواسطة البعثات العلمية التي قامت بالتنقيب في الموقع مثل البعثة العراقية سنة 1393هـ/1973م التي عثرت على ثماني مسكوكات ترجع اثنتان منها إلى مملكة ميسان بجنوب بلاد الرافدين (129 ق.م – 222/223م) وعرفت مملكة ميسان أيضًا بشراكس أو خراكس، وتعود المسكوكات الميسانية التي اكتشفت في عُمانا (الدور) إلى عهد كل من: الملك أتامبيلوس الرابع (101 – 111م)، والملك أتامبيلوس السادس (180 – 195م) ، وضربت المسكوكات الميسانية منذ عهد الملك هايسباوسنيس (125 – 124ق.م) في ضوء ما وصلنا.
    وعثرت البعثة الفرنسية سنة 1407هـ/1987م على العديد من المسكوكات، كما تم اكتشاف ثلاث جرار بالموقع وجد بإحداها 40 مسكوكة وبالثانية 38 مسكوكة فضلاً عن المئات من المسكوكات التي التقطها الهواة من سطح الموقع، ومن المسكوكات التي عثر عليها بموقع عُمانا (الدور) قطعتان من مسكوكات مملكة حضرموت، كما وجدت بالموقع ثلاث مسكوكات نبطية ترجع إلى عهد الملك حارثة الرابع نقشت عليها صورته وصورة زوجته الملكة شقيلة، ونقش على المسكوكات التي ضربت بعمانا (الدور) حروف بخط المسند وبالخطوط: الآرامي أو اليوناني أو اللاتيني، ومن المسكوكات الأجنبية التي ضربت في عُمانا (الدور) مسكوكة نقش على وجهها رأس المعبود هرقل، وعلى ظهرها المعبود زيوس جالسًا على عرشه ويسند على ذراعه اليمنى الممتدة حصانًا، بينما تلتف يده اليسرى حول صولجان، ومنها نوع آخر يتميز بوجود ندبة على وجه هرقل.
    مليحة: كانت من أهم دور الضرب في شرق الجزيرة العربية، وعثر بها على العديد من المسكوكات.
    فيلكا: عثرت البعثة الدنمركية التي قامت بالتنقيب في فيلكا سنة 1381هـ/1961م على ثلاث عشرة قطعة من المسكوكات السلوقية المضروبة من الفضة والبرونز، ومنها درهم (دراخما) من البرونز نقش على وجهه صورة الملك السلوقي أنطيوخوس الثاني وعلى الظهر معبودة النصر واقفة في قارب على شكل بطة، كما عثرت البعثة على درهم (دراخما) لعهد الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث(223- 187 ق.م)نقش على وجهه صورة الملك أنطيوخوس وعلى الظهر المعبود أبوللو حامي الأسرة السلوقية جالسًا على عرشه وبيده اليمنى سهم وأمام المعبود أبوللو نقش اسم الملك أنطيوخوس وخلفه نقش ختم الضارب بالخط اليوناني.
    وفي سنة 1404هـ/1984م عثرت البعثة الفرنسية على العديد من المسكوكات في فيلكا ومنها: درهم (دراخما) فضي نقش على وجهه صورة الإسكندر الأكبر وعلى الظهر صورة المعبود زيوس جالسًا على عرشه ويسند على ذراعه اليمنى الممتدة طائر بينما تلتف يده اليسرى حول صولجان، ودراخما فضية نقش على وجهها صورة سلوقس الأول وعلى الظهر المعبود زيوس جالسًا على عرشه ويسند على ذراعه اليمنى الممتدة طائر بينما تلتف يده اليسرى حول صولجان.
    ثاج : عثر بها على العديد من المسكوكات.
    كنزان: يبدو أنها كانت من مراكز الضرب الكبيرة فإلى جانب المئات من المسكوكات النحاسية والبرونزية التي اكتشفت بها فقد عثر بها على ستة قوالب سك من النحاس، كما عثر بها على عشرين درهمًا (دراخما) فضي ترك وجهه خاليًا من النقوش بينما نقش على ظهره صورة المعبود شمس (شمش) وقد رسمت بطريقة تجريدية وهو جالس على عرش وقد مزج حفار قالب السك بين ساقيه وقوائم العرش ويوجد ما يشبه قبعة عريضة تستقر فوق قمة رقبة المعبود شمس (شمش)، ويعد هذا المعبود من المعبودات ذات النفوذ في شرق الجزيرة العربية وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن عدة مزارات للمعبود شمس (شمشو) في موقع الدور منها حوض حجري سجلت عليه كتابة من سبعة أسطر بالخط الآرامي، كما عثر بكنزان على مسكوكات برونزية نقش على أحد وجهيها صورة المعبود شمس (شمش) وترك الوجه الآخر خاليًا.
    الجرهاء: لم تتوصل الدراسات الأثرية إلى تحديد موقعها ويرى عبدالرحمن الطيب الأنصاري أنها كانت ميناء عاصمة مملكة كندة الأولى على الخليج العربي "قرية الفاو" ، والجرهاء من أهم مراكز ضرب المسكوكات في شرق الجزيرة العربية، وذكر استرابون أن تأسيس الجرهاء يرجع إلى القرن السابع قبل الميلاد وقد ازدهرت في العصر الهلنستي، وجذب موقعها الفريد وتحكمها في طرق التجارة البرية والبحرية أنظار الملك السلوقي أنطيوخس الثالث الذي حاول الاستيلاء عليها سنة 205 ق.م لكن الجرهائيين تصالحوا معه على الجزية، وقد ضربت بالجرهاء مسكوكات خاصة بها عثر عليها في الكثير من المناطق في آسيا الصغرى وإيران وبعض جزر الخليج العربي، ومن نماذج المسكوكات التي يعتقد أنها ضربت بها مسكوكة من فئة أربع دراهم عثر عليها في فيلكا ويتضح عليها التقليد التام لمسكوكات الإسكندر الأكبر، وعثر في البحرين على مسكوكات من المرجح أن تكون قد ضربت في الجرهاء.
    http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

    تعليق


    • #3
      مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
      (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
      الجزء الثالث



      ثالثًا: دور ضرب المسكوكات العربية :
      ضربت المسكوكات في العديد من عواصم الممالك ومدنها المهمة، ومن المدن التي ضربت بها المسكوكات القتبانية مدينة هجر بن حميد التي انتقلت إليها عاصمة مملكة قتبان بعد أن احترقت العاصمة تمنع (هجر كحلان) في سنة 50 ق.م. وضربت مملكة قتبان مسكوكات في حريب وذلك في عهد الملك يدع أب ذبيان يهرجب (155 – 135 ق.م) الذي يعد أول من سجل اسمه ولقبه على المسكوكات، كما ضربت سلسلة من المسكوكات نقش على وجهها صورة الملك وعلى الظهر صورة لشخص أصغر من صورة الملك وبجوارها نقش مكان الضرب (حريب)، ومن الملوك الذين ضربوا هذه الإصدارات وسجلت أسماؤهم عليها: " يدع أب ينوف" (260 – 250 ق.م)، و"شهر هلال بن ذر أكرب (90 – 70 ق.م)"، و"ورو إل غيلان" (70 – 65 ق.م).
      وضربت مملكة سبأ المسكوكات في العاصمتين الأولى صرواح، والثانية مأرب، وضربت مسكوكات سبئية في شبوة عاصمة مملكة حضرموت في القرن الأول قبل الميلاد.
      أما المسكوكات الحضرمية فقد ضربت في سمهرم (خور روري) وهو الميناء الذي أسسه ملوك حضرموت في القرن الأول قبل الميلاد، وكان القصر الحضرمي (شقر) هو المركز الرئيس لضرب المسكوكات الحضرمية، ويمكن تقسيم المسكوكات المضروبة في (شقر) إلى عدة طرز:
      الطراز الأول: الوجه: صورة ثور سجل أعلاه اسم المعبود سين وأمامه مكان الضرب "شقر".
      الظهر: سجل اسم مكان الضرب "شقر".
      الطراز الثاني: الوجه: رأس شخص عليه تاج ربما يرمز إلى الملك.
      الظهر: سجل اسم مكان الضرب "شقر"
      الطراز الثالث: ضرب في عهد الملك "يشهر إل يهرعش" في منتصف القرن الأول الميلادي:
      الوجه: رأس لرجل متجه نحو اليمين، وإلى اليمين كتب اسم المعبود سين بينما كتب حرف الميم إلى اليسار.
      الظهر: صورة نسر متجه إلى اليمين ناشرًا جناحيه وإلى اليسار نقشت كلمة "شقر" وسجلت إلى اليمين حروف الياء والشين والهاء، ولما كانت كلمة شقر ترمز إلى الهلال فإنها بذلك تشير إلى المعبود القمر إلى جانب أنها تشير إلى المكان الذي ضربت فيه المسكوكات الحضرمية.
      وضربت مملكة كندة الأولى التي امتدت حضارتها ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي، المسكوكات في عاصمتها قرية "قرية ذات كهل"، إذ عثر بها على العديد من المسكوكات الفضية والبرونزية.
      ضرب الحميريون المسكوكات في عدة أماكن مثل: (يعب)، و(حريب)، و(ريدان - ظفار). ويلاحظ أن حريب كانت من أماكن ضرب المسكوكات القتبانية .. ومن الأماكن التي ضربت فيه المسكوكات الحميرية مدينة نجران التي استمرت تصدر المسكوكات حتى سقوط مملكة حمير سنة 525م فقد جاء في المصادر الحميرية أن الملك يوسف أسأر يثأر (517 – 525م) عندما حاصر نجران طلب من زعمائها نقش اسمه على المسكوكات التي كانت تضرب بها.
      وفي شمال بلاد العرب ضربت المسكوكات النبطية في دمشق خلال عهد الملك حارثة الثالث (85 – 62 ق.م) الذي ضم دمشق إلى ملكه سنة 85 ق.م، وظلت المسكوكات النبطية تضرب بدمشق إلى أن استولى عليها تغرانس (دكران) ملك أرمينيا سنة 70 ق.م، وفي عهد الملك مالك الثاني (40 – 70م) ضربت المسكوكات النبطية في دمشق مرة أخرى بعد أن أعادها الأنباط إلى سلطتهم.
      وكانت الرقيم (سلع – البتراء) عاصمة مملكة الأنباط هي المركز الرئيس لضرب المسكوكات النبطية، وأطلقت نقوش مقابر الحجر (مدائن صالح) على المسكوكات النبطية عدة أسماء منها: سلعين، وسلعية، وبذلك فقد أجمعت نقوش مقابر الحجر على نسبة هذه المسكوكات إلى سلع، فما المقصود بسلع؟ فإذا كانت عاصمة الأنباط عرفت باسم الرقيم، فإني أرجح أن سلع هو اسم آخر لها استنادًا على ما ورد في النقوش اللحيانية، والسبئية، ونقوش مقابر الحجر (مدائن صالح)، فقد جاء في المعجم السبئي أن سلع وحدة نقد، وجاء في المعجم النبطي أن سلعين: (من سلع أي درهم بالسريانية)، بينما يرى بعض الباحثين: (أن سلعين نسبة إلى سلع منطقة الرقيم).
      ويؤكد بعض المؤرخين والجغرافيين أن سلع هو اسم عاصمة مملكة الأنباط، ومنهم: ياقوت الحموي الذي ذكر أن سلع حصن بوادي موسى، ويقول جواد علي: (أن بتراء هي عاصمة النبط وتعني في العربية الصخر أما اسمها القديم فسلع ويعني أيضًا الصخر في لغة الأدوميين)، ويشير عمر فروخ إلى أن سلع هي البتراء بقوله: (نزل الأنباط في سلع منذ القرن السادس قبل الميلاد … والسلع: الشق في الجبل. وسلع حصن بوادي موسى من عمل الشوبك)، ويؤكد عمر فروخ أن سلع هي البتراء قائلاً: (إن النبط أهل سلع تسمى بلادهم بترا إتباعًا للتسمية اليونانية).
      ويذكر أرنولد جونز أن سلع هي البتراء بقوله: (وهناك مدينة كانت على وجه اليقين ذات شأن وهي قائمة في واحة الصحراء الجنوبية عرفها اليونان باسم بترا وربما ذكرت في العهد القديم باسمها السامي سلع أي الصخرة)، ويرى محمد بيومي مهران أن: (البتراء كلمة يونانية تعني الصخرة، ولعلها ترجمة للكلمة العبرانية سلع التي جاءت في التوراة "أشعيا 16:1، 42:11" والتي كانت تطلق على البتراء من قبل، كما تعني كذلك الشق في الصخر، وربما كانت التسمية العبرية أكثر دقة، لأن مدخل البتراء اليوم يتسم بوجود أخدود عميق بين جبلين يعرف اليوم بالسيق، ولعله لفظ نبطي متوارث، حرفه الناس عن الشق)، وكانت سلع (البتراء) ضمن مملكة أدوم القديمة حتى جاء الأنباط فطردوا الأدوميين واستولوا عليها.
      وقد ورد في أحد النقوش اللحيانية التي عثر عليها في (دادان) العلا عاصمة مملكة دادان ولحيان كلمة: (ذ أس ل ع ن) ذ أسلعن (النقش: أبو الحسن 221)، وقد فسرت على أن السلع هو الشق في الجبل، وقد جاءت في هذا النقش كصفة للملك أي: صاحب الجبال ذات السلوع (جمع سلع) أو ملك الجبال ذات السلوع.
      ويرجح الباحث أنه لا يجب أن نقف عند تفسير كلمة (سلع) على أنها تعني درهم في السريانية، ونترك كل الأدلة الأثرية والتاريخية والجغرافية التي ترجح أن سلع من أسماء الرقيم (البتراء) عاصمة مملكة الأنباط.
      لذا فإن الباحث يرى أن سلع هي الرقيم (البتراء)،وهي المكان الذي ضربت فيه المسكوكات النبطية ونسبت إليه منذ عهد الملك حارثة الرابع (9 ق.م – 40م) وحتى نهاية عهد مملكة الأنباط (9 ق.م – 106م).
      بعد استيلاء مملكة تدمر على مصر من الرومان ضربت المسكوكات التدمرية في الإسكندرية في الفترة ما بين سنتي 270 إلى 271م، إلى جانب ضرب المسكوكات التدمرية في مدينتي أنطاكية وحمص، وضربت مسكوكات مملكة الرها في العاصمة (الرها) إذ نقش على مسكوكات الملك أبجر التاسع (214 – 216م) اسمها بالخط اليوناني كما يلي: M.a.k. Avp edecc.
      أما في شرق الجزيرة العربية فقد ضربت المسكوكات كما سبقت الإشارة إلى ذلك في عدة مدن مثل: عُمانا (الدور)، ومليحة التي عثر بها على قالب سك مصنوع من الحجر سنة 1410هـ/1990م ويحمل ذلك القالب سلسلة من أشكال رأس المعبود هرقل التي تظهر عادة على وجه المسكوكات المضروبة على نمط مسكوكات الإسكندر الأكبر، ويؤكد هذا القالب أن مليحة كانت إحدى دور ضرب المسكوكات في شرق الجزيرة العربية(الشكل رقم5)، وثاج التي عثر بها على قالب سك من الطين قطره حوالي 2 سم نقش عليه صورة شخص جالس على عرشه وبيده صولجان وبجواره نسر، أما الجرهاء فقد ضربت بها المسكوكات وعثر على نماذج منها في آسيا الصغرى وإيران وبعض جزر الخليج العربي، ومن المرجح أن مملكة ميسان قد ضربت المسكوكات في العاصمة (كراكس سباسينو).
      http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

      تعليق


      • #4
        مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
        (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
        الجزء الرابع

        رابعًا: القيم النقدية للمسكوكات العربية وتداولها بين الممالك :
        بالرغم من أن المسكوكات العربية المبكرة تأثرت في نقوشها بالمسكوكات الإغريقية، إلا أن المسكوكات العربية ضربت في البداية على معيار الدرهم البابلي الذي يبلغ وزنه 5.6 جرامات، واستمر العمل بهذا المعيار منذ أوائل القرن الرابع قبل الميلاد حتى النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، فصارت أغلب المسكوكات العربية تضرب وفقًا لوزن الدينار الروماني بعد أن أصبحت الإمبراطورية الرومانية الشريك التجاري الرئيس للممالك العربية .. وعرف النظام النقدي العربي الفئات العشرية للمسكوكات مثل: النصف، والربع، والثمن، والسدس.
        إلى جانب ذلك ضربت مملكة قتبان مسكوكات اتبعت وزن الدرهم الإغريقي الذي يتراوح وزنه ما بين 4.9 – 4.3 جرامات، وسجل عليها حرف النون بخط المسند دلالة على قيمتها النقدية، وكانت هذه المسكوكات مخصصة للتجارة الدولية، نظرًا لقيمتها النقدية العالية، بينما نقش على المسكوكات التي توازي نصف الدرهم الإغريقي وثلثه حرف الهاء بخط المسند. وضربت مملكة قتبان المسكوكات من الفضة والذهب، وترجع المسكوكات الذهبية إلى عهد الملوك: " يدع أب ينوف" (260 – 250 ق.م)، و"شهر هلال بن ذر أكرب (90 – 70 ق.م)"، و"ورو إل غيلان" (70 – 65 ق.م).
        نقش على المسكوكات السبئية حروف بخط المسند لتدل على القيمة النقدية للمسكوكة فحرف النون يرمز للوحدة النقدية الكاملة، وحرف التاء يرمز للنصف، وحرف الشين يرمز للربع، وهناك من يرى أن الوحدة النقدية الكاملة يرمز إليها بحرف النون معكوسًا، ويرمز حرف الجيم المعكوس إلى النصف، ويرمز حرف التاء إلى الربع، ويرمز حرف الشين المعكوس إلى الثمن، في حين لم يتم حل شفرة حرف الكاف.
        وكانت المسكوكات الحضرمية من المسكوكات ذات القيم النقدية العالية، وعرفت المسكوكات البرونزية التي ضربت في عهد الملك يشهر إل يهرعش في منتصف القرن الأول الميلادي رواجًا كبيرًا في جنوب الجزيرة العربية، واستمر سكها حتى نهاية القرن الثاني الميلادي، وبالرغم من أن ضرب المسكوكات الحضرمية قد توقف في منتصف القرن الثالث الميلادي؛ إلا أنها ظلت متداولة في جنوب الجزيرة العربية حتى بداية القرن الرابع الميلادي.
        تداول الحميريون المسكوكات بفئاتها المختلفة، إذ أشار كتاب "القوانين الحميرية" إلى استخدام القطع الكاملة والنصف والثلث والسدس ونصف السدس, وقد أشرنا سابقًا إلى استخدام الحميريين مسكوكات مملكة أكسوم الذهبية في مجال التجارة الدولية مما يشير إلى تدني قيمة مسكوكاتهم.
        أما في شمال الجزيرة العربية فقد كان النظام النقدي النبطي يقوم على الفئات المتعددة مثل: النصف والربع، وكان الأنباط يضربون مسكوكات محلية خاصة بالتداول داخل المدن بجانب المسكوكات الرسمية للدولة والتي كانت تستخدم في التجارة الدولية. وأكدت البرديات النبطية التي تعود إلى الفترة من سنة 93 إلى سنة 132م وعثر عليها في كهف الرسائل وخربة مرد بالقرب من البحر الميت أن الأنباط كانوا يتعاملون في البيع والشراء بالمسكوكات النبطية وأنهم لم يستخدموا مسكوكات أجنبية في مملكتهم، مما يدل على اعتزازهم بمسكوكاتهم كما يشير إلى قيمتها النقدية العالية مقارنة مع مسكوكات الممالك المعاصرة.
        مرت المسكوكات النبطية بفترتين تبدأ الأولى من عهد الملك حارثة الثاني حتى السنة السابعة بعد الميلاد، حيث كانت المسكوكات ذات قيمة نقدية مرتفعة بلغت فيها نسبة الفضة ما بين 63% إلى 96% لتتمكن من منافسة الدينار الروماني في التجارة الدولية، أما الفترة الثانية فتبدأ من السنة السابعة بعد الميلاد وحتى سقوط مملكة الأنباط سنة 106م وفيها تدهورت القيم النقدية للمسكوكات النبطية إذ تراجعت نسبة الفضة بين 20% إلى 40%، وضرب الملك عبادة الثاني (62 – 59ق.م) المسكوكات الفضية، فقط في ضوء ما وصلنا إلى الآن لذا تعد مسكوكاته من أندر المسكوكات النبطية، وتتراوح نسبة الفضة بها ما بين 87 – 96%. ويبدو أن الاقتصاد قد تردى في عهد الملك عبادة الثالث (30 – 9ق.م) الذي ضرب نوعين من المسكوكات الأول صدر في بداية حكمه وكان على وزن المسكوكات البطلمية، لذا فقد عرف بالمسكوكات البطلمية، أما النوع الثاني فقد صدر بين السنة العاشرة والسنة العشرين من حكمه وعرف بالمسكوكات اليونانية؛ لأن وزنها كان على وزن المسكوكات اليونانية.
        ثم تحسنت الأحوال الاقتصادية في عهد الملك حارثة الرابع (9 ق.م – 40م) وعرفت مملكة الأنباط رواجًا اقتصاديًا وازدهارًا حضاريًا ونهضة عمرانية واسعة، ولا تكاد سنة من سنوات حكم حارثة الرابع تمر من دون أن تضرب خلالها مسكوكات حتى قيل إن من بين كل عشر مسكوكات نبطية معروفة توجد ثمانٍ ضربت في عهد حارثة الرابع.
        أما في شرق الجزيرة العربية فقد كانت كل المسكوكات التي ضربت فيها تتبع النظام النقدي الذي أسسه الإسكندر الأكبر واستمر لمدة مائتي عام بعد وفاته سنة 323 ق.م.
        تداولت الممالك العربية المسكوكات فيما بينها، ومما يؤكد هذا التبادل وجود مسكوكات قتبانية سجلت عليها كتابات آرامية، ولحيانية، والخط الآرامي والخط اللحياني كتبت بهما ممالك شمال بلاد العرب مثل: مملكة دادان ولحيان، ومملكة الأنباط، وفيما بين سنتي 40 – 24 ق.م أصدرت مملكة سبأ مسكوكات سجلت عليها كتابات بالخطان الآرامي واللحياني، مما يؤكد تداول هذه المسكوكات في الممالك العربية الشمالية.
        وأشارت النقوش السبئية إلى تداول المسكوكات النبطية في مملكة سبأ فقد جاء في أحد النقوش أن عقوبة طرد فرد من المعبد هي دفع خمس قطع "سلعم"، وكما يتضح من الاسم فإن "سلعم" نسبة إلى سلع (الرقيم – البتراء) عاصمة مملكة الأنباط.
        وفي شرق الجزيرة العربية عثر على مسكوكات لممالك: حضرموت، والأنباط تعود لعهد الملك حارثة الرابع في عُمانا (الدور)، واستمر تداول مسكوكات الممالك العربية حتى ظهور الإسلام فقد روى البلاذري في فتوح البلدان عن محمد بن سعد عن الواقدي عن عثمان بن عبدالله عن أبيه قال: سألت سعيد بن المسيب: من أول من ضرب الدينار المنقوش؟ فأجاب: عبدالملك بن مروان، والدنانير التي كانت مستخدمة من قبل كانت بيزنطية والدراهم فارسية وبعضها حميري.
        http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

        تعليق


        • #5
          مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
          (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
          الجزء الخامس

          خامسًا: الرسوم والرموز :
          ضرب في أوائل القرن الثاني الميلادي طراز جديد من المسكوكات القتبانية نقش عليها صورة الملك القتباني، ويعد الملك القتباني " يدع أب ينوف" (260 – 250 ق.م)، أول من سجل اسمه على المسكوكات ثم تبعه كل من:
          "يدع أب ذبيان يهرجب"(155 – 135 ق.م)، و"شهر هلال بن ذر أكرب (90 – 70 ق.م)"، و"ورو إل غيلان" (70 – 65 ق.م).
          ونقشت صور الملوك على المسكوكات السبئية، والحضرمية، والحميرية .. ومن الملوك الحميريين الذين نقشت صورهم على المسكوكات: "كرب إل يهنعم"، و"عمدان بين يهقبض"، و"شمنر (شمدر) يهنعم"، و"ثأرن يعب يهنعم"، ونقش على مسكوكات مملكة كندة اسم معبودها الرئيس كهل في الوجه، وعلى الظهر صورة رجل واقف أو جالس يحيط به أحرف من خط المسند، ويرجح أن يرمز هذا الرجل للمعبود كهل.
          كان الملك حارثة الثالث (85 – 62 ق.م) أول ملك نبطي تظهر صورته على المسكوكات، واستمر فيما بعد نقش صور ملوك الأنباط على المسكوكات، وإذا كان الملك حارثة الثالث هو أول ملك نبطي تظهر صورته على المسكوكات، فإن الملك عبادة الثالث(30 – 9ق.م) كان أول من نقش صورة الملكة على المسكوكات، حيث ظهر على مسكوكاته صورة الملك في الوجه، وصورة الملك والملكة على الظهر، ويشهد ذلك على المكانة العالية التي بلغتها النساء بصفة عامة والملكات بصفة خاصة في المجتمع النبطي.
          وفي عهد الملك حارثة الرابع (9ق.م – 40م) ظهرت صورة الملك على الوجه، وصورة الملكة خلدة على الظهر وحولها عبارة: "الملكة خلدة ملكة الأنباط"، وبعد وفاتها وزواج الملك من الملكة شقيلة فإن الأخيرة لم تظهر صورتها إلا مع صورة الملك، مما يدل على مكانة الملكة خلدة المتميزة لدى الملك حارثة الرابع.
          أما الملك مالك الثاني (40 – 70م) فنقش صورته على وجه المسكوكات، وصورة زوجته الملكة شقيلة على الظهر، وتعد الملكة شقيلة الوحيدة من ملكات الأنباط التي نقشت صورتها على المسكوكات في عهدي كل من: زوجها الملك مالك الثاني، وابنها الملك رب إل الثاني (70 – 106م) عندما كانت وصية عليه فيما بين سنتي 70 – 75م، ثم حلت محلها صورة الملكة جميلة زوجة الملك رب إل الثاني، ويبدو أن الملك رب إل الثاني قد تزوج بزوجة ثانية بعد الملكة جميلة هي هاجر فقد ضرب مسكوكات نقش على وجهها صورته وصورة زوجته الثانية، أما على الظهر فقد نقشت زخرفة قرون الرخاء وعبارة: رب إل، هجرو (هاجر).
          ونقش على المسكوكات التدمرية المضروبة في أنطاكية وحمص صورة الملكة زينب وابنها الملك وهب اللات، أما المسكوكات التدمرية التي ضربت بالإسكندرية، فقد نقش عليها صورة نصفية لكل من الملك وهب اللات، والإمبراطور الروماني أورليان Aurelianus، ونقش عليها اسم الإمبراطور ولقبه Augustus، ولقب الملك وهب اللات:
          Vir Clarissimus Rex Imperator Dux Romanorum
          وهناك مسكوكات تدمرية ضربت في الإسكندرية نقش عليها صورة الملكة زينب، ولكن العلاقات بين الرومان ومملكة تدمر ما لبثت أن تدهورت فأقدمت الملكة زينب على حذف صورة الإمبراطور أورليان Aurelianus واسمه ولقبه من المسكوكات التدمرية المضروبة في الإسكندرية، واكتفت بنقش صورة ابنها الملك وهب اللات فقط، وإمعانًا في تحدى الرومان نقشت على المسكوكات لقب ابنها ملك الملوك مما أثار حفيظة الرومان، وكان ذلك من الأسباب التي دعت إلى قيام الرومان باحتلال تدمر سنة 273م.
          ونقشت أسماء ملوك مملكة الرها على المسكوكات، فقد نقش كل من: الملك وائل شهرو (163 – 165م)، والملك أبجر الثامن (165 – 167م) اسميهما على المسكوكات بالخط الآرامي، أما الملك معنو (معن) الثامن (167 – 179م) فقد ظهر اسمه على المسكوكات بالخطين الآرامي واليوناني، في حين نقش الملك أبجر التاسع (214 – 216م) اسمه على المسكوكات بالخط اليوناني فقط.
          وفي الجزء الجنوبي من شرق الجزيرة العربية حيث سادت المسكوكات الأجنبية الإغريقية والسلوقية نقش على المسكوكات الإغريقية صور الإسكندر الأكبر، والمعبودين زيوس وهرقل، ونقش على المسكوكات السلوقية صور الملوك السلوقيين مثل: الملك أنطيوخوس الثالث (223 – 187 ق.م)، والمعبود أبوللو حامي الأسرة السلوقية.
          أما في الجزء الشمالي من شرق الجزيرة العربية حيث قامت مملكة ميسان فقد نقشت صور الملوك على المسكوكات إلى جانب صورة المعبود هرقل الذي يعد المعبود الرئيس لمملكة ميسان، وذلك منذ عهد الملك الملك هايسباوسنيس (129- 109 ق.م)، وفي عهد الملك تيرايوس الأول (95 – 88 ق.م) ظهرت على المسكوكات صورة المعبودة الرومانية فكتوريا وهي تقدم تاجًا إلى معبودة الحظ الرومانية فورتونا،
          وسار الملك أتامبيلوس الأول (عطا الله – تيم بعل) (47 – 27 ق.م) على نهج أسلافه في نقش صورته وصورة المعبود هرقل على المسكوكاته إلا أنه تفرد عنهم بنقش صورة معبودة النصر عند الإغريق (تيكة Tyche).
          ونقش على المسكوكات العربية الكثير من الرموز ذات الدلالات الدينية والسياسية والاقتصادية، ومن الرموز التي ظهرت على المسكوكات القتبانية الهلال الذي يرمز إلى "عم" المعبود الرئيس لمملكة قتبان. ومن الرموز التي نقشت على المسكوكات السبئية رمز معبود سبأ الرئيس "المقه" وهو عبارة عن هراوة، كما نقش على المسكوكات السبئية المضروبة في شبوة عاصمة مملكة حضرموت رأس ثور يشير إلى المعبود سين (اللوحة رقم 20)، وقد تأثرت المسكوكات الحضرمية بهذا النوع كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وشاعت رسوم الثيران على المسكوكات الحضرمية؛ لأن المعبود سين هو المعبود الرئيس لمملكة حضرموت، وقد نقش على بعض المسكوكات الحضرمية الثور كاملاً وكتب بجواره بخط المسند اسم المعبود سين، ونقش على المسكوكات الحميرية رموز اختلف في تفسيرها وإن كان هناك من يرى أنها تشير إلى بعض الأسر الحاكمة.
          ونقش على المسكوكات النبطية صور مثل: صورة المعبودة تيكة Tyche، والنسر النبطي، وراحة اليد، وقرون الرخاء وظهرت هذه الرموز منذ عهد الملك مالك الأول (59 – 30 ق.م)، ويرمز النسر إلى معبود الأنباط الرئيس ذي الشرى.
          ونقش على المسكوكات التدمرية رموز لمعبودات تدمرية ورومانية ومن الرموز التي نقشت على المسكوكات التدمرية أشجار النخيل التي ترمز إلى تدمر، التي عرفت بالاسم الأجنبي بالميرا Palmyra الذي يعني مدينة النخيل وعرفت به المدينة منذ عهد الإسكندر الأكبر لما اشتهرت به المدينة من كثرة أشجار النخيل، كما نقشت على بعض المسكوكات التدمرية صورة معبودة تحمل بيدها اليسرى سلتين رمزًا للوفرة والرخاء.
          ومن الرموز التي نقشت على مسكوكات مملكة الرها صورة لمعبد إل وذلك على مسكوكات الملك وائل شهرو (163 - 165م)، ومن الرموز الأخرى على مسكوكات مملكة الرها صورة شخص يحمل بيده اليمنى رمحًا طويلاً ويتكئ بيده اليسرى على قوس، وربما يرمز هذا الشخص لأحد المعبودات الخاصة بمملكة الرها، وقد نقش هذا الرمز على مسكوكات الملك معنو (معن) الثامن (167 - 179م).
          http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

          تعليق


          • #6
            مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
            (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
            الجزء السادس


            سادسًا: الأنظمة والقوانين التجارية:
            لم تكتف مملكة قتبان بإصدار المسكوكات فقط بل كان لديها قانون تجاري يعكس مدى التطور الحضاري الذي بلغته الممالك العربية قبل الإسلام وأعني به قانون تمنع التجاري الذي كان يهدف إلى تنظيم التجارة في العاصمة تمنع وكافة أجزاء المملكة القتبانية، ويتكون من أربعة وعشرين بندًا أشار البند التاسع منها إلى المسكوكات على النحو التالي: "من حاول الغش وكرر ذلك على أخيه التاجر عليه دفع غرامة قدرها 50 قطعة ذهبية"، ويشير هذا البند إلى المسكوكات الذهبية التي ضربت بحريب في عهد كل من:
            - يدع أب ينوف" (260 – 250 ق.م).
            - "شهر هلال بن ذر أكرب (90 – 70 ق.م)".
            - "ورو إل غيلان" (70 – 65 ق.م).
            وأشارت النقوش السبئية إلى المسكوكات والتعامل بها في المعاملات اليومية وذكرت النقوش أسماء المسكوكات المتداولة مثل "بلط" و"رضيم" و"حي أليم" ومن تلك النقوش:
            - (تلك الأمور الواجبة أو الملزمة على بني العهر الصرواحيين أتباع ذي حبيب وأولادهم من وثيقة الدين التي قيمتها ستمائة بلط رضيم التي أقر بها العهر لبني شهر على ذي إل ذرا).
            - (أمضي وصدق أبكرب بن يقدم إل بن عنان لمجلس الستة المكون من أقيان صرواح أربعمائة قطعة نقدية بلطية صحيحة لنشأ كرب من بني حبيب أمراء صرواح).
            - (أقر ظبيم بن فأفامن الآن بأنهم أعطوا وأدوا ودفعوا لأشوع ذي كرب ويعهن بن صرواح عبدي عنان ذو ذ رأن كل النقود البلط التي دونت في وثيقة الدين المبلغ الذي قدره 30 بطلم رضيم).
            - (بلطتان صحيحتان من زالج ذو مزيد بما يساوي ثمن محصول قيدت دينًا عليك لصالح بني مقار).
            - (مبلغ من القطع النقدية من نوع حي أليم يضمنه رب إل ذو نشان عن سعدلات ذي مزيد نظير المبلغ الذي عليه دينًا لأرن يدع المعبود الحامي ويسلم الوَرقِ لأحد بني شأم عنوق القائمين على المعبد).
            وأشارت النقوش السبئية إلى المسكوكات ضمن التشريعات الدينية التي نصت على دفع غرامات مالية على بعض المخالفات المتعلقة بالعبادة مثل:
            - مخالفة نظام استلهام المعبودات واستطلاع وحيها حددت بغرامة قدرها عشرون قطعة نقدية.(النقش نامي 74)
            - عقوبة دخول المعبد بسلاح ملطخ بالدماء . (يدفع غرامة لأهل عثتر ولكهنة عثتر عشر قطع نقدية من حي أليم). (النقش – CIH548) (حي أليم اسم أسرة حازت على حق سك عملة سبئية وقد ظلت هذه العملة تحمل اسمها لمدة طويلة).
            - عقوبة الدخول للمعبد بملابس نجسة هي دفع عشر قطع نقدية من نوع حي أليم.
            - عقوبة الاعتداء على أوقاف المعبود دفع غرامة قدرها خمسون قطعة بلطية تامة.
            - عقوبة رد أو طرد فرد من المعبد دفع خمس قطع سلعم.
            - (وكان فرض له من سلعتم فأنفقها فتضرع وذسموي).
            - (سوى من عشرين من نوع رضيم). (النقش – Sch/Marib 24).
            - (اتفقا وتعاهدا هلك أمر بن عنمة وحم عثت عبد ذرح إل بن يدع أب ليهفرع بن ذرح إل ألف قطعة بلطية خالصة من نوع حي أليم). (النقش – CIH 376 ).
            - (ومن يداوم على ذلك الرعي في الحمى فيدفع غرامة لتالب والشعب قدرها خمسون قطعة بلطية صحيحة). (النقش – Mafray-al Adan 10+11+12) .
            - (يدفع غرامة خمسة بلط عن كل مرة يفعل فيها ذلك…). (النقش - روبان المشامين 1/14).
            وأشارت الوثائق والمصادر الحميرية إلى المسكوكات التي يأتي في مقدمتها قانون سجل على قطعة من الحجر محفوظة في المتحف البريطاني وجاء فيه: (هكذا أمر وقرر وثبت ودون الملك شمر يهرعش ملك سبأ وذو ريدان لرعاياه قبيلة سبأ أعيان مدينة مأرب ووديانها فيما يتعلق بكل بيع ومعاملة سيقومون بها) ثم يتطرق القانون إلى ذكر المسكوكات حيث نص على: (وإذا استعار أحدهم أو أعار نقودًا أو أموالاً عينية فإما أن ينص على أجرة أو تسديد).
            ومن المصادر الحميرية التي أشارت إلى المسكوكات كتاب "القوانين الحميرية" وهي مجموعة من القوانين تحدثت عن سيرة الأسقف جرجنتي الذي عين أسقفًا على ظفار (قرب يريم) بعد الاحتلال الحبشي لمملكة حمير في إطار سعى الإمبراطورية البيزنطية ومملكة الحبشة لتحويل اليمن إلى الديانة المسيحية بعد حادثة الأخدود، واختلف المؤرخون حول تطبيق القوانين الحميرية، وتتكون هذه القوانين من أربعة وستين بندًا أشار اثنان منها إلى المسكوكات وهما:
            - البند الثالث عشر: "يلزم كل والد بتدبير زواج أبنائه منذ بلوغهم سن العاشرة حتى سن الثانية عشر، إلا في حالة المرض، وكل من يخالف هذا التنظيم يعاقب بدفع غرامة مالية إلى حاكم المنطقة، وهي كالتالي: إذا كان غنيًا يدفع 6 قطع ذهبية وإذا كانت حالته المادية متوسطة يدفع 3 قطع ذهبية، ولمن أقل من المتوسط يدفع قطعة واحدة، أما ما دون ذلك ويختلف المقدار حتى يصل إلى ثلث قطعة وسدس وأخيرًا نصف السدس".
            - البند الخامس عشر: "كل فرد يرى فردًا يرتكب عملاً سيئًا أو مخالفًا للقانون ولا يبلغ عنه الحاكم يجب أن يجلد اثنتين وسبعين جلدة إن كان غنيًا، أما إذا كان فقيرًا فيدفع غرامة قدرها 4 قطع من الذهب أو ثلاث قطع أو قطعتين أو قطعة ذهبية حسب استطاعته"، ومن المصادر الحميرية التي أشارت إلى المسكوكات كتاب" استشهاد الحارث" (الحارث بن كعب زعيم نجران أثناء حادثة الأخدود).
            http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

            تعليق


            • #7
              د.فرج الله أحمد يوسف

              مسكوكات الممالك العربية قبل الإسلام
              (الخصائص العامة والملامح المشتركة)
              الجزء السابع

              وأشارت نقوش مقابر الحجر (مدائن صالح) إلى المسكوكات النبطية، وشهدت الحجر (مدائن صالح) في عهد الملك حارثة الرابع (9ق.م – 40م) حركة عمرانية واسعة فتحولت إلى عاصمة ثانية للأنباط بعد الرقيم ( سلع - البتراء)، ويوجد بالحجر (مدائن صالح) مجموعة كبيرة من المقابر تضاهي مثيلاتها في الرقيم (سلع - البتراء) وتزيد عليها من الناحية التوثيقية حيث تحتوى مقابر الحجر (مدائن صالح) على نقوش تذكر أسماء أصحاب المقابر والتواريخ التي شيدت فيها، والذي يعنينا هنا هو نقوش المقابر التي ورد فيها ذكر المسكوكات النبطية، ومن المقابر التي تحدثت نقوشها عن المسكوكات:
              نقش مقبرة كمكم ابنة وائلة ابنة حرام، والمقبرة مؤرخة في ديسمبر السنة الأولى قبل الميلاد - يناير السنة الأولى الميلادية، وذكرت المسكوكات في الأسطر (7 - 9):
              (وذريتهما وكل من لا ينفذ المكتوب هنا سوف يعاقب من ذي الشرى وهبل ومناة بخمس لعنات، وللكاهن بغرامة ألف قطعة حارثية من مدينة سلع"البتراء".
              وهناك قراءة أخرى للسطرين الثامن والتاسع: (لذو شرى وهبل ومناة خمس وحدات نقدية وللكاهن غرامة ألف قطع حارثية).
              واختلاف القراءة جاء حول تفسير كل من: عبدالرحمن الطيب الأنصاري، وسليمان الذييب، وجون هيلي لكلمة: (شمدين) ففي حين فسرها الأنصاري "لعنات"، فإن الذييب، وجون هيلي رغم اتفاقهما مع الأنصاري في أن الكلمة من الجذر (ش م د) والتي تعني في السريانية لعن إلا أنهما يرجحان أنها تعني في هذا النقش: وحدة نقدية.
              وقد نسب نقش مقبرة كمكم ونقوش مقابر الحجر الأخرى المسكوكات إلى مدينة سلع (الرقيم - البتراء)، حيث نلاحظ دائمًا كلمة سلع أو عبارة سلعية حارثية نسبة للعاصمة أو المكان الذي ضربت فيه المسكوكات، وحارثية نسبة للملك حارثة الرابع، وسوف يستمر ذلك حتى عهد الملك رب إل الثاني آخر ملوك الأنباط، واتفق عبدالرحمن الطيب الأنصاري، وجون هيلي في نسبة المسكوكات إلى سلع.
              2- نقش مقبرة حوشب بن نافي بن الكوف التيمائي المؤرخة في السنة الرابعة الميلادية، وقد ورد ذكر المسكوكات في الأسطر (6 – 8):
              (يؤجر أو يهب أو يعير لبرهة (هذه المقبرة) وكل من ينفذ غير ما هو
              مكتوب أعلاه سوف يغرم لذي شرى الإله بسبب انتهاك الممنوعات المذكورة أعلاه
              ألف قطعة عملة سلعية حارثية ولسيدنا الحارثة الملك مثلها).
              3- نقش مقبرة منعة وهجر ابنا عميرة بن وهب، والمقبرة مؤرخة في السنة السابعة بعد الميلاد، وذكرت المسكوكات في الأسطر (6 – 9):
              (للإله مبلغ ألف قطع حارثية ولسيدنا حارثة مثلها مبلغ ألف قطعة حارثية ولمناة الإلهة مبلغ خمسمائة قطعة).
              4- نقش مقبرة الطبيب كهلان بن وائلان المؤرخة في أبريل – مايو سنة 26م، وورد ذكر المسكوكات في السطرين السابع والثامن:
              (سوف يكون ملزمًا لذي الشرى بدفع قطع (كسف) سلعية (سلع – البتراء) قدرها ثلاثة آلاف حارثية ولسيدنا
              حارثة الملك مثلها ويلعن ذو الشرى ومناة كل من يغير مما هو أعلاه).
              5- نقش مقبرة خلف بن قسنتن المؤرخة في سنة 31م، وجاء ذكر المسكوكات في السطرين الثامن والتاسع:
              (جزاءً لذي الشرى إله سيدنا مقدارها خمسمائة قطع حارثية
              ولسيدنا مثلها استنادًا إلى النسخة المحفوظة في معبد قيسا).
              6- نقش مقبرة هانئ بن تفصي المؤرخة في مارس- أبريل سنة 31م، وورد ذكر المسكوكات في السطر التاسع: (سوف يضطر أن يدفع لسيدنا ألف قطعة عملة حارثية).
              7- نقش داخل مقبرة وشوح بنت بجرة المؤرخة في سنة 34م، وورد ذكر المسكوكات في السطرين الرابع والخامس: (من اللحد هذا إلى الأبد فليكن معه لسيدنا حارثة ملك نبط محب شعبه ألف قطع حارثية).
              8- نقش خارج مقبرة وشوح بنت بجرة، وورد ذكر المسكوكات في السطرين التاسع والعاشر: (فليكن معه لتدهي قطع حارثية مائة ولسيدنا حارثة الملك المبلغ نفسه(.
              9- نقش مقبرة عبد عبادة بن أريبس المؤرخة في ديسمبر سنة 35م – يناير سنة 36م، وجاء ذكر المسكوكات في السطر الثامن: (سوف يغرم لسيدنا ألفين من العملة الحارثية).
              10- نقش مقبرة القائد سعدالله بن زبدا، وتاريخها غير واضح لكنها بنيت في عهد الملك حارثة الرابع، وقد ورد ذكر المسكوكات في السطر الحادي عشر: (فليحضر معه لذو الشرى قطع حارثية ألف).
              11- نقش مقبرة سلي بن رضوا، وتاريخها غير واضح وهي أيضًا شيدت في عهد الملك حارثة الرابع، وذكرت المسكوكات في السطرين السادس والسابع: (لذي شرى إله سيدنا مبلغ ألف قطع حارثية في شهر نيسان).
              12 - نقش مقبرة القائد ترصو بن تيم، المؤرخة في سنة 64م في عهد الملك مالك الثاني، وجاء ذكر المسكوكات في السطرين السابع والثامن: (وكل إنسان يبيع هذه المقبرة أو تكتب له كعطية فليكن معه للحاكم الذي هو بالحجر ألف قطع حارثية ولسيدنا مالك الملك المبلغ نفسه).
              13 - نقش مقبرة هينة بنت عبد عبادة، والمقبرة مؤرخة في سنة 72م في عهد الملك رب إل الثاني، وذكرت المسكوكات في السطرين الثاني عشر والثالث عشر: (لذي شرى ومناة مقدارها ألف قطع حارثية ولسيدنا رب إل ملك نبط الغرامة نفسها).
              وكان لمملكة تدمر قانون مالي صدر في الثامن عشر من نيسان (أبريل) سنة 137م، وجاء في ديباجة القانون: (قرار مجلس الشيوخ في الثامن عشر من نيسان عام 448 (18 نيسان 137م). برئاسة بونا بن حيران وأمانة سر: الكسندر بن الكسندر بن فيلو باتور أمين مجلس الشيوخ والشعب وولاية الأراخنة. مالك بن علي بونا مقيم وزبيد بن نسا. مجلس الشيوخ المجتمع في جلسة عادية قرر ما هو مرقوم أدناه: لما كانت سلع (بضائع) عديدة في الأزمنة السابقة خاضعة للرسوم غير مسجلة في القانون المالي وتجبى الرسوم عليها وفقًا للعرف والعادة… قرر مجلس الشيوخ أن يقوم الشيوخ المكلفون بالسلطة الإجرائية وأعضاء مجلس العشرة بإحصاء كل ما هو غير مذكور في القانون المالي وأن يسجل في العقد الجديد وأن يوضع أمام كل سلعة الرسم الذي يجبى عنها في العادة، فإذا أقر العقد من قبل متعهد الجباية ينقش مع القانون القديم على اللوحة القائمة أمام معبد رب آسيري، والشيوخ المكلفون بالسلطة الإجرائية وأعضاء العشرة ووكلاء السلطة القضائية عليهم أن يحولوا دون أن يكلف متعهد الجباية من أحد أكثر من المنصوص عنه).
              ويتضح من النص السابق أن هذا لم يكن القانون المالي الأول لتدمر، بل جاء هذا القانون ليدخل تعديلات على قانونين سابقين صدرا عن مجلس الشيوخ والشعب التدمري يعود تاريخهما إلى سنة 68 – 69م، ونظمت بنود قانون تدمر المالي الضرائب المفروضة على جميع أنواع التجارة في المملكة فقد حدد القانون الضرائب التي تجبى من ثمانية وعشرين نوعًا من أنواع التجارة، كما نظم قانون تدر المالي جباية الجمارك المفروضة على التجارة المارة بالمملكة، ويوضح القانون مدي التطور الاقتصادي والإداري الذي بلغته مملكة تدمر.
              http://www.ghoraba.net/upp/00/7_1249870506.jpg

              تعليق


              • #8
                مشكور اخي ابو ناصر وبارك الله بك
                سؤال هل هي ل د.فرج الله أحمد يوسف
                فله مؤلف في ذلك
                sigpic
                https://www.facebook.com/aborakkan

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع

                  قال إبن القيم
                  ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

                  تعليق


                  • #10
                    معلومات مفيدة أخي أبو ناصر بارك الله فيك و جزاك الله عنا كل خير

                    تعليق

                    يعمل...
                    X