إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يهود يثرب من هم ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يهود يثرب من هم ؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اخواني اعضاء قدماء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جميعنا نعلم انه كان يوجد فئة قليله من اليهود يسكنون في يثرب قبل الاسلام

    وفي هذا الموضوع سوف نذكر ما جاء في التاريخ الاسلامي عن هؤلاء اليهود

    وما هي الاعمال العدوانية التي قاموا بها ضد رسول الله صلي الله عليه وسلم و ضد الدين الاسلامي

    وان شاء الله سوف نقص عليكم قصصهم مع رسولنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم واصحابه من بعده رضي الله عنهم
    [CENTER] [/CENTER]

  • #2
    قبائلهم واسماؤهم


    قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ونصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة ، بغيا وحسدا وضغنا ، لما خص الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم ، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ، ممن كان عسى على جاهليته ، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث ، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه ، فظهروا بالإسلام ، واتخذوه جُنَّة من القتل ، ونافقوا في السر ، وكان هواهم مع يهود ، لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وجحودهم الإسلام ‏‏.‏‏وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنَّتونه ، ويأتونه باللَّبس ، ليلبسوا الحق بالباطل ، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه ، إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها ‏‏.‏‏



    الأعداء من بني النضير
    منهم ‏‏:‏‏ حيي بن أخطب ، وأخواه أبو ياسر بن أخطب ، وجُدَيّ بن أخطب ، وسلاَّم بن مشكم ، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، وسلاَّم بن أبي الحقيق ، وأبو رافع الأعور ، - وهو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر - والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق ، وعمرو بن جحَّاش ، وكعب بن الأشرف ، وهو من طيئ ، ثم أحد بني نبهان ، وأمه من بني النضير ، والحجاج بن عمرو ، حليف كعب بن الأشرف ، وكردم بن قيس ، حليف كعب بن الأشرف ، فهؤلاء من بني النضير ‏‏.‏‏ ‏


    من بني ثعلبة
    ومن بني ثعلبة بن الفِطْيَوْن ‏‏:‏‏ عبدالله بن صُوريا الأعور ، ولم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه ؛ وابن صلوبا ، ومخيريق ، وكان حبرهم ، أسلم ‏‏.‏‏


    من بني قينقاع
    ومن بني قينقاع ‏‏:‏‏ زيد بن اللَّصيت - ويقال ‏‏:‏‏ ابن اللُّصيت - فيما قال ابن هشام - وسعد بن حنيف ، ومحمود بن سيحان ، وعُزيز بن أبي عزيز ، وعبدالله بن صيف ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ ابن ضيف ‏‏.‏‏
    قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وسويد بن الحارث ، ورفاعة بن قيس ، وفِنحاص ، وأشيع ، ونعمان بن أضا ، وبحري بن عمرو ، وشأس بن عدي ، وشأس بن قيس ، وزيد بن الحارث ، ونعمان بن عمرو ، وسُكين بن أبي سكين ، وعدي بن زيد ، ونعمان بن أبي أوفى ، أبو أنس ، ومحمود بن دحية ، ومالك بن صيف ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ ابن ضيف ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكعب بن راشد ، وعازر ، ورافع بن أبي رافع ، وخالد وأزار بن أبي أزار ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ آزر بن آزر ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ورافع بن حارثة ، ورافع بن حريملة ، ورافع ‏بن خارجة ، ومالك بن عوف ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، وعبدالله بن سلام بن الحارث ، وكان حَبرْهم وأعلمهم ، وكان اسمه الحصين ، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله ‏‏.‏‏ فهؤلاء من بني قينقاع ‏‏.‏‏



    من بني قريظة
    ومن بني قريظة ‏‏:‏‏ الزبير بن باطا بن وهب ، وعزّال بن شمويل ، وكعب بن أسد ، وهو صاحب عَقد بني قريظة الذي نُقض عام الأحزاب ، وشمويل بن زيد ، وجبل بن عمرو بن سكينة ، والنحام بن زيد ، وقردم بن كعب ، ووهب بن زيد ، ونافع بن أبي نافع ، وأبو نافع ، و عدي بن زيد ، والحارث بن عوف ، وكَرْدم بن زيد ، وأسامة بن حبيب ، ورافع بن رميلة ، وجبل بن أبي قشير ، ووهب بن يهوذا ، فهؤلاء من بني قريظة ‏‏.‏‏


    من بني زريق
    ومن يهود بني زريق ‏‏:‏‏ لبيد بن أعصم ، وهو الذي أخَّذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه ‏‏.‏‏


    من بني حارثة
    ومن يهود بني حارثة ‏‏:‏‏ كنانة بن صُوريا ‏‏.‏‏


    من بني عمرو
    ومن يهود بني عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ قردم بن عمرو ‏‏.‏‏


    من بني النجار
    ومن يهود بني النجار ‏‏:‏‏ سلسلة بن برهام ‏‏.‏‏فهؤلاء أحبار اليهود ، أهل الشرور والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأصحاب المسألة ، والنصب لأمر الإسلام الشرور ليطفئوه ، إلا ما كان من عبدالله بن سلام ، ومخيريق ‏‏.‏‏
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #3
      إسلام عبدالله بن سلام


      كيف أسلم
      قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان من حديث عبدالله بن سلام ، كما حدثني بعض أهله عنه وعن إسلامه حين أسلم ، وكان حبرا عالما ، قال ‏‏:‏‏ لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له ، فكنت مسرا لذلك ، صامتا عليه ، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلما نزل بقباء ، في بني عمرو بن عوف ، أقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة ، فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت ؛ فقالت لي عمتي ، حين سمعت تكبيري ‏‏:‏‏ خيبك الله ، والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت ، قال ‏‏:‏‏ فقلت لها ‏‏:‏‏ أي عمة ، هو والله أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه ، بعث بما بعث به ‏‏.‏‏قال ‏‏:‏‏ فقالت ‏‏:‏‏ أي ابن أخي ، أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت لها ‏‏:‏‏ نعم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقالت ‏‏:‏‏ فذاك إذا ‏‏.‏‏قال ‏‏:‏‏ ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلمت ، ثم رجعت إلى أهل بيتي ، فأمرتهم فأسلموا ‏‏.‏‏



      تكذيب قومه له
      قال ‏‏:‏‏ وكتمت إسلامي من يهود ، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، إن يهود قوم بهت ، وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك ، وتغيبني عنهم ، ثم تسألهم عني ، حتى يخبروك كيف أنا فيهم ، قبل أن يعلموا بإسلامي ، فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني ‏‏.‏‏قال ‏‏:‏‏ فأدخلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيوته ، ودخلوا عليه ، فكلموه وساءلوه ، ثم قال لهم ‏‏:‏‏ أي رجل الحصين بن سلام فيكم ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ سيدنا وابن سيدنا ، وحبرنا وعالمنا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم ، فقلت لهم ‏‏:‏‏ يا معشر يهود ، اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به ، فوالله إنكم لتعلمون إنه لرسول الله ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته ، فإني أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأومن به وأصدقه وأعرفه ، فقالوا ‏‏:‏‏ كذبت ثم وقعوا بي ‏‏.‏‏قال ‏‏:‏‏ فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم بهت ، أهل غدر وكذب وفجور ‏‏!‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي ، وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث ، فحسن إسلامها ‏‏.‏‏
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #4
        من حديث مخيريق


        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان من حديث مخيريق ، وكان حبرا عالما ، وكان رجلا غنيا كثير الأموال من النخل ، وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته ، وما يجد في علمه ، وغلب عليه إلف دينه ، فلم يزل على ذلك ، حتى إذا كان يوم أحد ، وكان يوم أحد يوم السبت ، قال ‏‏:‏‏ يا معشر يهود ، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق ‏‏.‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ إن اليوم يوم السبت ؛ قال ‏‏:‏‏ لا سبت لكم ‏‏.‏‏

        ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد ، وعهد إليه من وراءه من قومه ‏‏:‏‏ إن قتلت هذا اليوم ، فأموالي لمحمد صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ما أراه الله ‏‏.‏‏ فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل ‏‏.‏‏

        فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - يقول ‏‏:‏‏ مخيريق خير يهود ‏‏.‏‏ وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله ، فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها ‏‏.‏‏
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #5
          حديث صفية بنت حيي


          قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال ‏‏:‏‏ حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت ‏‏:‏‏ كنت أحب ولد أبي إليه ، وإلى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ونزل قباء ، في بني عمرو بن عوف ، غدا عليه أبي ، حيي بن أخطب ، وعمي أبو ياسر بن أخطب ، مغلسين ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس ‏‏.‏‏


          قالت ‏‏:‏‏ فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إلي واحد منهما ، مع ما بهما من الغم ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ وسمعت عمي أبا ياسر ، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب ‏‏:‏‏ أهو هو ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم والله ؛ قال ‏‏:‏‏ أتعرفه وتثبته ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم ؛ قال ‏‏:‏‏ فما في نفسك منه ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ عداوته والله ما بقيت ‏‏.‏‏
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #6
            من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار بالمدينة



            من بني عمرو

            قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان ممن انضاف إلى يهود ، ممن سمي لنا من المنافقين من الأوس والخزرج ، والله أعلم ‏‏.‏‏ من الأوس ، ثم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ زُوَيّ بن الحارث ‏‏.‏‏



            من بني حبيب
            ومن بني حُبيب بن عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ جُلاس بن سويد بن الصامت ، وأخوه الحارث بن سويد ‏‏.‏‏



            شيء عن جلاس
            وجلاس الذي قال - وكان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك - لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر ‏‏.‏‏ فرفع ذلك من قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد ، أحدهم ، وكان في حجر جلاس ، خَلَف جلاس على أمه بعد أبيه ، فقال له عمير بن سعد ‏‏:‏‏ والله يا جلاس ، إنك لأحب الناس إلي ، وأحسنهم عندي يدا ، وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه ، ولقد قلت مقالة لئن رفعتُها عليك لأفضحنك ، ولئن صمتُّ عليها ليهلكن ديني ، ولإحداهما أيسر علي من الأخرى ‏‏.‏‏ ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما قال جلاس ، فحلف جلاس بالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لقد كذب علي عمير ، وما قلت ما قال عمير بن سعد ‏‏.‏‏فأنزل الله عز وجل فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يحلفون بالله ما قالوا ، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ، وهموا بما لم ينالوا ، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ، فإن يتوبوا يك خيرا لهم ، وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة ، وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏الأليم ‏‏:‏‏ الموجع ‏‏.‏‏ قال ذو الرمة يصف إبلا ‏‏:‏‏وترفع من صدور شمردلات * يصك وجوهها وهج أليمُوهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فزعموا أنه تاب فحسنت توبته ، حتى عرف منه الخير والإسلام ‏‏.‏‏




            شيء عن الحارث بن سويد
            وأخوه الحارث بن سويد ، الذي قتل المجذر بن زياد البلوي ، وقيس بن زيد ، أحد بني ضبيعة ، يوم أحد ‏‏.‏‏ خرج مع المسلمين ، وكان منافقا ، فلما التقى الناس عدا عليهما ، فقتلهما ثم لحق بقريش ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏وكان المجذر بن زياد قتل سويد بن صامت في بعض الحروب التي كانت بين الأوس والخزرج ، فلما كان يوم أحد طلب الحارث بن سويد غرة المجذر بن زياد ، ليقتله بأبيه ، فقتله وحده ، وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول ‏‏:‏‏ والدليل على أنه لم يقتل قيس بن زيد ، أن ابن إسحاق لم يذكره في قتلى أحد ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ قتل سويد بن صامت معاذ بن عفراء غيلة ، في غير حرب ، رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يذكرون - قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ، ففاته ، فكان بمكة ، ثم بعث إلى أخيه جلاس يطلب التوبة ، ليرجع إلى قومه ‏‏.‏‏ فأنزل الله تبارك وتعالى فيه - فيما بلغني عن ابن عباس - ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات ، والله لا يهدي القوم الظالمين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ إلى آخر القصة ‏‏.‏‏



            من بني ضبيعة
            ومن بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ بجَاد ابن عثمان بن عامر ‏‏.‏‏



            من بني لوذان
            ومن بني لوذان بن عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ نبتل بن الحارث ، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - ‏‏:‏‏ من أحب أن ينظر إلى الشيطان ، فلينظر إلى نبتل بن الحارث ، وكان رجلا جسيما أذلم ، ثائر شعر الرأس ، أحمر العينين ، أسفع الخدين ، وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه ، ثم ينقل حديثه إلى المنافقين ؛ وهو الذي قال ‏‏:‏‏ إنما محمد أُذُن ، من حدثه شيئا صدقه ‏‏.‏‏ فأنزل الله عز وجل فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن ، قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم ، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني بعض رجال بلعجلان أنه حدث ‏‏:‏‏ أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ‏‏:‏‏ إنه يجلس إليك رجل أذلم ، ثائر شعر الرأس ، أسفع الخدين أحمر العينين ، كأنهما قدران من صفر ، كبده أغلظ من كبد الحمار ، ينقل حديثك إلى المنافقين ، فاحذره ‏‏.‏‏ وكانت تلك صفة نبتل بن الحارث ، فيما يذكرون ‏‏.‏‏



            من بني ضبيعة
            ومن بني ضبيعة ‏‏:‏‏ أبو حبيبة بن الأزعر ، وكان ممن بنى مسجد الضرار ، وثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ، إلخ القصة ‏‏.‏‏ ومعتب الذي قال يوم أحد ‏‏:‏‏ لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ، فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ إلى آخر القصة ، وهو الذي قال يوم الأحزاب ‏‏:‏‏ كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا لا يأمن ‏أن يذهب إلى الغائط ‏‏.‏‏فأنزل الله تعالى عز وجل فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ والحارث بن حاطب ‏‏.‏‏معتب و ابنا حاطب بدريون و ليسوا منافقينقال ابن هشام ‏‏:‏‏ معتب بن قشير ، وثعلبة والحارث ابنا حاطب ، وهم من بني أمية بن زيد من أهل بدر وليسوا من المنافقين فيما ذكر لي من أثق به من أهل العلم ، وقد نسب ابن إسحاق ثعلبة والحارث في بني أمية بن زيد في أسماء أهل بدر ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وعباد بن حنيف ، أخو سهل بن حنيف ؛ وبحزج ، وهم ممن كان بنى مسجد الضرار ، وعمرو بن خذام ، وعبدالله بن نبتل ‏‏.‏‏




            من بني ثعلبة
            ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف ‏‏:‏‏ جارية بن عامر بن العطاف ، وابناه ‏‏:‏‏ زيد ومجمِّع ، ابنا جارية ، وهم ممن اتخذ مسجد الضرار ‏‏.‏‏ وكان مجمع غلاما حدثا قد جمع من القرآن أكثره ، وكان يصلي بهم فيه ، ثم إنه لما أخرب المسجد ، وذهب رجال من بني عمرو بن عوف ، كانوا يصلون ببني عمرو بن عوف في مسجدهم ، وكان زمان عمر بن الخطاب ، كُلِّم في مجمع ليصلي بهم ؛ فقال ‏‏:‏‏ لا ، أو ليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار ‏‏؟‏‏ فقال لعمر ‏‏:‏‏ يا أمير المؤمنين ، والله الذي لا إله إلا هو ، ما علمت بشيء من أمرهم ، ولكني كنت غلاما قارئا للقرآن ، وكانوا لا قرآن معهم ، فقدموني أصلي بهم ، وما أرى أمرهم ، إلا على أحسن ما ذكروا ‏‏.‏‏ فزعموا أن عمر تركه فصلى بقومه ‏‏.‏‏




            من بني أمية
            ومن بني أمية بن زيد بن مالك ‏‏:‏‏ وديعة بن ثابت ، وهوممن بنى مسجد الضرار ، وهو الذي قال ‏‏:‏‏ إنما كنا نخوض ونلعب ‏‏.‏‏ فأنزل الله تبارك وتعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى آخر القصة ‏‏.‏‏‏




            من بني عبيد
            ومن بني عبيد بن زيد بن مالك ‏‏:‏‏ خذام بن خالد ، وهو الذي أخرج مسجد الضرار من داره ؛ وبشر ورافع ، ابنا زيد ‏‏.‏‏



            من بني النبيت
            ومن بني النبيت - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ النبيت ‏‏:‏‏ عمرو بن مالك بن الأوس - قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم من بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو ابن مالك بن الأوس ‏‏:‏‏ مربع بن قيظي ، وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجاز في حائطه ورسول الله صلى الله عليه وسلم عامد إلى أحد ‏‏:‏‏ لا أحل لك يا محمد ، إن كنت نبيا ، أن تمر في حائطي ، وأخذ في يده حفنة من تراب ، ثم قال ‏‏:‏‏ والله لو أعلم أني لا أصيب بهذا التراب غيرك لرميتك به ، فابتدره القوم ليقتلوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ دعوه ، فهذا الأعمى ، أعمى القلب ، أعمى البصيرة ‏‏.‏‏فضربه سعد بن زيد ، أخو بني عبدالأشهل بالقوس فشجه ؛ وأخوه أوس بن قيظي ، وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، إن بيوتنا عورة ، فأذن لنا فلنرجع إليها ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏ عورة ، أي مُعْورة للعدو وضائعة ؛ وجمعها ‏‏:‏‏ عورات ‏‏.‏‏ قال النابغة الذبياني ‏‏:‏‏متى تلقهم لا تلق للبيت عورة * ولا الجار محروما ولا الأمر ضائعاوهذا البيت في أبيات له ‏‏.‏‏ والعورة أيضا ‏‏:‏‏ عورة الرجل ، وهي حرمته ‏‏.‏‏ والعورة أيضا ‏‏:‏‏ السوءة ‏‏.‏‏




            من بني ظفر
            قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ومن بني ظفر ، واسم ظفر ‏‏:‏‏ كعب بن الحارث ‏بن الخزرج ‏‏:‏‏ حاطب بن أمية بن رافع ، وكان شيخا جسيما قد عسا في جاهليته ، وكان له ابن من خيار المسلمين ‏‏.‏‏ يقال له ‏‏:‏‏ يزيد بن حاطب أُصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات ، فحمل إلى دار بني ظفر ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو بالموت ، فجعلوا يقولون ‏‏:‏‏ أبشر يا ابن حاطب بالجنة ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فنجم نفاقه حينئذ ، فجعل يقول أبوه ‏‏:‏‏ أجل جنة الله من حرمل ، غررتم والله هذا المسكين من نفسه ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وبُشير بن أبيرق ، وهو أبو طعمة ، سارق الدرعين ، الذي أنزل الله تعالى فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ، إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ‏‏)‏‏ ؛ وقزمان ‏‏:‏‏ حليف لهم ‏‏.‏‏قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ‏‏:‏‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ‏‏:‏‏ إنه لمن أهل النار ‏‏.‏‏ فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا حتى قتل بضعة نفر من المشركين ‏‏.‏‏ فأثبتته الجراحات ، فحمل إلى دار بني ظفر ، فقال له رجال من المسلمين ‏‏:‏‏ أبشر يا قزمان ، فقد أبليت اليوم ، وقد أصابك ما ترى في الله ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ بماذا أُبشر ، فوالله ما قاتلت إلا حمية عن قومي ؛ فلما اشتدت به جراحاته وآذته أخذ سهما من كنانته ، فقطع به رواهش يده ، فقتل نفسه ‏‏.‏‏




            من بني عبدالأشهل
            قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ولم يكن في بني عبدالأشهل منافق ولا منافقة يعلم ، إلا أن الضحاك بن ثابت ، أحد بني كعب ، رهط سعد بن زيد ، وقد كان يُتَّهم بالنفاق وحب يهود ‏‏.‏‏قال حسان بن ثابت ‏‏:‏‏من مبلغ الضحاك أن عروقه * أعيت على الإسلام أن تتمجداأتحب يُهْدَان الحجاز ودينهم * كبد الحمار ، ولا تحب محمدادينا لعمري لا يوافق ديننا * ما استنَّ آل في الفضاء وخوداوكان جلاس بن سويد بن صامت قبل توبته - فيما بلغني - ومعتب بن قشير ، ورافع بن زيد ، وبشر ، وكانوا يُدعون بالإسلام ، فدعاهم رجال من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعوهم إلى الكهان ، حكام أهل الجاهلية ، فأنزل الله عز وجل فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى آخر القصة ‏‏.‏‏



            من الخزرج
            ومن الخزرج ، ثم من بني النجار ‏‏:‏‏ رافع بن وديعة ، وزيد بن عمرو ، وعمرو بن قيس ، وقيس بن عمرو بن سهل ‏‏.‏‏




            من بني جشم
            ومن بني جشم بن الخزرج ، ثم من بني سلمة ‏‏:‏‏ الجد بن قيس ، وهو الذي يقول ‏‏:‏‏ يا محمد ، ائذن لي ، ولا تفتني ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ومنهم من يقول ائذن لي ، ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا ، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى آخر القصة ‏‏.‏‏




            من بني عوف
            ومن بني عوف بن الخزرج ‏‏:‏‏ عبدالله بن أبي بن سلول ، وكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون ، وهو الذي قال ‏‏:‏‏ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل في غزوة بني المصطلق ‏‏.‏‏ وفي قوله ذلك ، نزلت سورة المنافقين بأسرها ‏‏.‏‏ وفيه وفي وديعة - رجل من بني عوف - ومالك بن أبي قوقل ، وسويد ، وداعس ، وهم من رهط عبدالله بن أبي بن سلول ؛ وعبدالله بن أبي بن سلول ‏‏.‏‏ فهؤلاء النفر من قومه الذين كانوا يدسُّون إلى بني النضير حين حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ أن اثبتوا ، فوالله لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ، وإن قوتلتم لننصرنكم ‏‏.‏‏ فأنزل الله تعالى فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أُخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ، وإن قوتلتم لننصرنكم ، والله يشهد إنهم لكاذبون ‏‏)‏‏ ، ثم القصة من السورة حتى انتهى إلى قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ، فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #7
              المنافقون من أحبار اليهود


              قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان ممن تعوذ بالإسلام ، ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو منافق ، من أحبار يهود ‏‏.‏‏



              من بني قينقاع
              ومن بني قينقاع ‏‏:‏‏ سعد بن حنيف ، وزيد بن اللُّصيت ، ونعمان بن أوفى ابن عمرو ، وعثمان بن أوفى ، وزيد بن اللصيت ، الذي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسوق بني قينقاع ، وهو الذي قال ، حين ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته ‏‏!‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءه الخبر بما قال عدو الله في رحله ، ودل الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ناقته ‏‏:‏‏ إن قائلا قال ‏‏:‏‏ يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء ، ولا يدري أين ناقته ‏‏؟‏‏ وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله ، وقد دلني الله عليها ، فهي في هذا الشعب ، قد حبستها شجرة بزمامها ، فذهب رجال من المسلمين ، فوجدوها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكما وصف ‏‏.‏‏ ورافع بن حريملة ، وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حين مات ‏‏:‏‏ قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين ؛ ورفاعة بن زيد بن التابوت ، و هو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هبت عليه الريح ، وهو قافل من غزوة بني المصطلق ، فاشتدت عليه حتى أشفق المسلمون منها ؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لا تخافوا ، فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار ‏‏.‏‏فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وجد رفاعة بن زيد ابن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح ‏‏.‏‏ وسلسلة بن برهام ‏‏.‏‏ وكنانة بن صُوريا ‏‏.‏‏
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #8
                طرد المنافقين من مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم


                وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين ، ويسخرون ويستهزئون بدينهم ، فاجتمع يوما في المسجد منهم ناس ، فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم ، خافضي أصواتهم ، قد لصق بعضهم ببعض ، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا ، فقام أبو أيوب ، خالد بن زيد بن كليب ، إلى عمر بن قيس ، أحد بني غنم بن مالك بن النجار - كان صاحب آلهتهم في الجاهلية - فأخذ برجله فسحبه ، حتى أخرجه من المسجد ، وهو يقول ‏‏:‏‏ أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة ، ثم أقبل أبو أيوب أيضا إلى رافع بن وديعة ، أحد بني النجار فلبَّبه بردائه ثم نتره نترا شديدا ، ولطم وجهه ، ثم أخرجه من المسجد ، وأبو أيوب يقول له ‏‏:‏‏ أف لك منافقا خبيثا ‏‏:‏‏ أدراجَك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏


                قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أي ارجع من الطريق التي جئت منها ‏‏.‏‏ قال الشاعر ‏‏:‏‏فولى وأدبر أدراجه * وقد باء بالظلم من كان ثَمّوقام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو ، وكان رجلا طويل اللحية ، فأخذ بلحيته فقاده بها قودا عنيفا حتى أخرجه من المسجد ، ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمة خر منها ‏‏.‏‏ يقول ‏‏:‏‏ خدشتني يا عمارة ؛ قال ‏‏:‏‏ أبعدك الله يا منافق ، فما أعد الله لك من العذاب أشد من ذلك ، فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏


                قال ابن هشام ‏‏:‏‏ اللدم ‏‏:‏‏ الضرم ببطن الكف ‏‏.‏‏ قال تميم بن أبي بن مقبل ‏‏:‏‏وللفؤاد وجيب تحت أبهره * لدم الوليد وراء الغيب بالحجرِقال ابن هشام ‏‏:‏‏ الغيب ‏‏:‏‏ ما انخفض من الأرض ‏‏.‏‏ والأبهر ‏‏:‏‏ عرق القلب ‏‏.‏‏


                قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقام أبو محمد ، رجل من بني النجار ، كان بدريا ، وأبو محمد ، مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار إلى قيس بن عمرو بن سهل ، وكان قيس غلاما شابا ، وكان لا يعلم في المنافقين شاب غيره ، فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد ‏‏.‏‏


                وقام رجل من بَلْخُدرة بن الخزرج ، رهط أبي سعيد الخدري ، يقال له ‏‏:‏‏ عبدالله بن الحارث ، حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج المنافقين من المسجد إلى رجل يقال له ‏‏:‏‏ الحارث بن عمرو ، وكان ذا جمة ، فأخذ بجمته فسحبه بها سحبا عنيفا ، على ما مر به من‏ الأرض ، حتى أخرجه من المسجد ‏‏.‏‏


                قال ‏‏:‏‏ يقول المنافق ‏‏:‏‏ لقد أغلظت يا ابن الحارث ؛ فقال ‏‏:‏‏ إنك أهل لذلك ، أي عدو الله لما أنزل الله فيك ، فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنك نجس ‏‏.‏‏وقام رجل من بني عمرو بن عوف إلى أخيه زُوَيّ بن الحارث ، فأخرجه من المسجد إخراجا عنيفا ، وأفَّف منه ، و قال ‏‏:‏‏ غلب عليك الشيطان و أمره ‏‏.‏‏

                فهؤلاء من حضر المسجد يومئذ من المنافقين ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم ‏‏.‏‏
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #9
                  ما نزل من البقرة في يهود والمنافقين



                  ما نزل في الأحبار
                  ففي هؤلاء من أحبار يهود ، والمنافقين من الأوس والخزرج ، نزل صدر سورة البقرة إلى المئة منها - فيما بلغني - والله أعلم ‏‏.‏‏
                  يقول الله سبحانه وبحمده ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ الم ذلك الكتاب لا ريب فيه ‏‏)‏‏ ، أي لا شك فيه ‏‏.‏‏

                  قال ابن هشام ‏‏:‏‏ قال ساعدة بن جؤية الهذلي ‏‏:‏‏فقالوا عهدنا القوم قد حصروا به * فلا ريب أن قد كان ثم لحَيمُوهذا البيت في قصيدة له ، والريب أيضا ‏‏:‏‏ الريبة ‏‏.‏‏ قال خالد بن زهير الهذلي ‏‏:‏‏كأنني أربِبُه بريب*‏قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ومنهم من يرويه ‏‏:‏‏كأنني أرَيْتُه بريب *
                  وهذا البيت في أبيات له ‏‏.‏‏ وهو ابن أخي أبي ذؤيب الهذلي ‏‏.‏‏‏‏


                  (‏‏ هدى للمتقين ‏‏)
                  ‏‏ ، أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ، ويرجون رحمته بالتصديق بما جاءهم منه ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ‏‏)‏‏ أي يقيمون الصلاة بفرضها ، ويؤتون الزكاة احتسابا لها ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ‏‏)‏‏ ، أي يصدقونك بما جئت به من الله عز وجل ، وما جاء به من قبلك من المرسلين ، لا يفرقون بينهم ، ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وبالآخرة هم يوقنون ‏‏)‏‏ ، أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان ، أي هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان من قبلك ، وبما جاءك من ربك ‏‏(‏‏ أولئك على هدى من ربهم ‏‏)‏‏ ، أي على نور من ربهم واستقامة على ما جاءهم ‏‏(‏‏ وأولئك هم المفلحون ‏‏)‏‏ ، أي الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ إن الذين كفروا ‏‏)‏‏ ، أي بما أنزل إليك ، وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاءنا قبلك ‏‏(‏‏ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ‏‏)‏‏ أي أنهم كفروا بما عندهم من ذكرك ، وجحدوا ما أُخذ عليهم الميثاق لك ، فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم ، مما جاءهم به غيرك ، فكيف يستمعون منك إنذارا أو تحذيرا ، وقد كفروا بما عندهم من علمك ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ‏‏)‏‏ ، أي عن الهدى أن يصيبوه أبدا ، يعني بما كذبوك به من الحق الذي جاءك من ربك حتى يؤمنوا به ، وإن آمنوا بكل ما كان قبلك ، ولهم بما هم عليه من خلافك عذاب عظيم ‏‏.‏‏



                  فهذا في الأحبار من يهود ، فيما كذّبوا به من الحق بعد معرفته ‏‏.‏‏
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #10
                    ما نزل في منافقي الأوس و الخزرج


                    ‏‏(‏‏ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ‏‏)‏‏ يعني المنافقين من الأوس والخزرج ، ومن كان على أمرهم ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ‏‏.‏‏ في قلوبهم مرض ‏‏)‏‏ أي شك ‏‏(‏‏ فزادهم الله مرضا ‏‏)‏‏ ، أي شكا ‏‏(‏‏ ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ‏‏.‏‏ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ، قالوا إنما نحن مصلحون ‏‏)‏‏ ، أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب ‏‏.‏‏ يقول الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ‏‏.‏‏ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ، قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ، ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ‏‏.‏‏ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ، وإذا خلوا إلى شياطينهم ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ من يهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب بالحق ، وخلاف ما جاء به الرسول ‏‏(‏‏ قالوا إنا معكم ‏‏)‏‏ ، أي إنا على مثل ما أنتم عليه ‏‏.‏‏ ‏‏


                    (‏‏ إنما نحن مستهزؤون ‏‏)
                    ‏‏ ‏‏:‏‏ أي إنما نستهزئ بالقوم ، ونلعب بهم ‏‏.‏‏ يقول الله عز وجل ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ الله يستهزئ بهم ويمدهم في طعيانهم يعمهون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #11
                      تفسير ابن هشام لبعض الغريب



                      قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يعمهون ‏‏:‏‏ يحارون ‏‏.‏‏ تقول العرب ‏‏:‏‏ رجل عمه وعامه ‏‏:‏‏ أي حيران ‏‏.‏‏ قال رؤبة بن العجاج يصف بلدا ‏‏:‏‏أعمى الهدى بالجاهلين العُمَّه *وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏ فالعُمَّه ‏‏:‏‏ جمع عامه ؛ وأما عَمِه ، فجمعه ‏‏:‏‏ عمهون ‏‏.‏‏ والمرأة ‏‏:‏‏ عمهة وعمهاء ‏‏.‏‏‏‏

                      (‏‏ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ‏‏)
                      ‏‏ ‏‏:‏‏ أي الكفر بالإيمان ‏‏(‏‏ فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

                      قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم ضرب لهم مثلا ، فقال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ أي لا يبصرون الحق ويقولون به حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم به ونفاقهم فيه ، فتركهم الله في ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى ، ولا يستقيمون على حق ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ صم بكم عمي فهم لا يرجعون ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي لا يرجعون إلى الهدى ، صم بكم عمي عن الخير ، لا يرجعون إلى خير و لا يصيبون نجاة ما كانوا على ما هم عليه ‏‏(‏‏ أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت ، والله محيط بالكافرين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏



                      قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الصيب ‏‏:‏‏ المطر ، وهو من صاب يصوب ، مثل قولهم ‏‏:‏‏ السيد ، من ساد يسود ، والميت ‏‏:‏‏ من مات يموت ؛ وجمعه ‏‏:‏‏ صيائب ‏‏.‏‏ قال علقمة بن عبدة ، أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ‏‏:‏‏كأنهم صابت عليه سحابة * صواعقها لطيرهن دبيبُوفيها ‏‏:‏‏فلا تعدلي بيني وبين مُغمَّر سقتك روايا المزن حيث تصوب *وهذان البيتان في قصيدة له ‏‏.‏‏


                      قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ أي هم من ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل ، من الذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم ، على مثل ما وصف ، من الذي هو في ظلمة الصيب ، يجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حذر الموت ‏‏.‏‏ يقول ‏‏:‏‏ والله منزل ذلك بهم من النقمة ، أي هو محيط بالكافرين ‏‏(‏‏ يكاد البرق يخطف أبصارهم ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي لشدة ضوء الحق ‏‏(‏‏ كلما أضاء لهم مشوا فيه ، وإذا أظلم عليهم قاموا ‏‏)‏‏ ، أي يعرفون الحق ويتكلمون به ، فهم من قولهم به على استقامة ، فإذا‏ ارتكسوا منه في الكفر قاموا متحيرين ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ‏‏)‏‏ ، أي لما تركوا من الحق بعد معرفته ‏‏(‏‏ إن الله على كل شيء قدير ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏




                      ثم قال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها الناس اعبدوا ربكم ‏‏)‏‏ ، للفريقين جميعا ، من الكفار والمنافقين ، أي وحدوا ربكم ‏‏(‏‏ الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ‏‏.‏‏ الذي جعل لكم الأرض فراشا ، والسماء بناء ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ، فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #12
                        تفسير ابن هشام لبعض الغريب


                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الأنداد ‏‏:‏‏ الأمثال ، واحدهم ‏‏:‏‏ ند ‏‏.‏‏ قال لبيد بن ربيعة ‏‏:‏‏أحمد الله فلا ندَّ له * بيديه الخير ما شاء فعلْوهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏

                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر ، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره ، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ‏‏)‏‏ أي في شك مما جاءكم به ، ‏‏(‏‏ فأتوا بسورة من مثله ، وادعوا شهداءكم من دون الله ‏‏)‏‏ ، أي من استطعتم من أعوانكم على ما أنتم عليه ‏‏(‏‏ إن كنتم صادقين ، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ‏‏)‏‏ فقد تبين لكم الحق ‏‏(‏‏ فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ‏‏)‏‏ ، أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر ‏‏.‏‏


                        ثم رغبهم وحذرهم نقض الميثاق الذي أخذ عليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم ، وذكر لهم بدء خلقهم حين خلقهم ، وشأن أبيهم آدم عليه ‏السلام وأمره ، وكيف صُنع به حين خالف عن طاعته ، ثم قال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا بني إسرائيل ‏‏)‏‏ للأحبار من يهود ‏‏(‏‏ اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ أي بلائي عندكم وعند آبائكم ، لما كان نجاهم به من فرعون وقومه ‏‏(‏‏ وأوفوا بعهدي ‏‏)‏‏ الذي أخذت في أعناقكم لنبِيِّي أحمد إذا جاءكم ‏‏(‏‏ أوف بعهدكم ‏‏)‏‏ أنجز لكم ما وعدتكم على تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم ‏‏(‏‏ وإياي فارهبون ‏‏)‏‏ أي أن أُنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من النقمات التي قد عرفتم ، من المسخ وغيره ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ، ولا تكونوا أول كافر به ‏‏)‏‏ وعندكم من العلم فيه ما ليس عند غيركم ‏‏(‏‏ وإياي فاتقون ‏‏.‏‏ ولا تلبسوا الحق بالباطل ، وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ‏‏)‏‏ ، أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي ومما جاء به ، وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم ‏‏(‏‏ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ‏‏)‏‏ ، أي أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم ، أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي ، وتنقضون ميثاقي ، وتجحدون ما تعلمون من كتابي ‏‏.‏‏

                        ثم عدد عليهم أحداثهم ، فذكر لهم العجل وما صنعوا فيه ، وتوبته عليهم ، وإقالته إياهم ، ثم قولهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أرنا الله جهرة ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏




                        تفسير ابن هشام لبعض الغريب
                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ جهرة ، أي ظاهرا لنا لا شيء يستره عنا ‏‏.‏‏ قال أبو الأخزر الحماني ، واسمه قتيبة ‏‏:‏‏يجهر أجواف المياه السَّدم *وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏يجهر ‏‏:‏‏ يقول ‏‏:‏‏ يُظهر الماء ، ويكشف عنه ما يستره من الرمل وغيره ‏‏.‏‏


                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأخذ الصاعقة إياهم عند ذلك لغرتهم ، ثم إحياءه إياهم بعد موتهم ، وتظليله عليهم الغمام ، وإنزاله عليهم المن والسلوى ، وقوله لهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ‏‏)‏‏ ، أي قولوا ما آمركم به أحط به ذنوبكم عنكم ؛ وتبديلهم ذلك من قوله استهزاء بأمره ، وإقالته إياهم ذلك بعد هزئهم ‏‏.‏




                        تفسير ابن هشام لبعض الغريب
                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ المن ‏‏:‏‏ شيء كان يسقط في السحر على شجرهم ، فيجتنونه حلوا مثل العسل ، فيشربونه ويأكلونه ‏‏.‏‏ قال أعشى بني قيس ابن ثعلبة ‏‏:‏‏لو أُطعموا المن والسلوى مكانهمُ * ما أبصر الناس طعما فيهم نجعا
                        وهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏ والسلوى ‏‏:‏‏ طير ؛ واحدتها ‏‏:‏‏ سلواة ؛ ويقال ‏‏:‏‏ إنها السماني ؛ ويقال للعسل أيضا ‏‏:‏‏ السلوى ‏‏.‏‏ وقال خالد بن زهير الهذلي ‏‏:‏‏وقاسمها بالله حقا لأنتمُ * ألذ من السلوى إذا ما نَشُورهاوهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏ وحِطَّة ‏‏:‏‏ أي حُطَّ عنا ذنوبنا ‏‏.‏‏

                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان من تبديلهم ذلك ، كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التَّوْءَمة بنت أمية بن خلف ، عن أبي هريرة ومن لا أتهم ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ‏‏:‏‏ دخلوا الباب الذي أُمروا أن يدخلوا منه سجدا يزحفون ، وهم يقولون ‏‏:‏‏ حنط في شعير ‏‏.‏‏

                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويروى ‏‏:‏‏ حنظة في شعيرة ‏‏.‏‏
                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ واستسقاء موسى لقومه ، وأمره إياه أن يضرب بعصاه الحجر ، فانفجرت لهم منه اثنتا عشرة عينا ، لكل سبط عين يشربون منها ، قد علم كل سبط عينه التي منها يشرب ؛ وقولهم لموسى عليه السلام ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ لن نصبر على طعام واحد ، فادع لنا ربك يخُرجْ لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الفُوم ‏‏:‏‏ الحنطة ‏‏.‏‏ قال أمية بن أبي الصلت الثقفي ‏‏:‏‏فوق شيزى مثل الجوابي عليها * قِطَع كالوذيل في نِقْي فُومِ




                        تفسير ابن هشام لبعض الغريب
                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الوذيل ‏‏:‏‏ قطع الفضة ‏‏.‏‏ والفوم ‏‏:‏‏ القمح ؛ واحدته ‏‏:‏‏ فومة ‏‏.‏‏ وهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏‏‏(‏‏ وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ‏‏.‏‏ اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلم يفعلوا ، ورَفْعه الطور فوقهم ليأخذوا ما أوتوا ؛ والمسخ الذي كان فيهم ، إذ جعلهم قردة بأحداثهم ، والبقرة التي أراهم الله عز وجل بها العبرة في القتيل الذي اختلفوا فيه ، حتى بين الله لهم أمره ، بعد التردد على موسى عليه السلام في صفة البقرة ؛ وقسوة قلوبهم بعد ذلك حتى كانت كالحجارة أو أشد قسوة ‏‏.‏‏ ثم قال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ، وإن منها لما يهبط من خشية الله ‏‏)‏‏ ، أي وإن من الحجارة لَأَلين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق ‏‏(‏‏ وما الله بغافل عما تعملون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ثم قال لمحمد عليه الصلاة والسلام ولمن معه من المؤمنين يُؤْيسهم منهم ‏‏(‏‏ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ‏‏)‏‏ ، وليس قوله ‏‏(‏‏ يسمعون التوراة ‏‏)‏‏ ، أن كلهم قد سمعها ، ولكنه فريق منهم ، أي خاصة ‏‏.‏‏


                        قال ابن إسحاق ، فيما بلغني عن بعض أهل العلم ‏‏:‏‏ قالوا لموسى ‏‏:‏‏ يا موسى ، قد حيل بيننا وبين رؤية الله ، فأسمعنا كلامه حين يكلمك ، فطلب ذلك موسى عليه السلام من ربه ، فقال له ‏‏:‏‏ نعم ، مرهم فليطهروا ، أو ليطهروا ثيابهم ، وليصوموا ، ففعلوا ‏‏.‏‏

                        ثم خرج بهم حتى أتى بهم الطور ؛ فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى فوقعوا سجدا ، وكلمه ربه ، فسمعوا كلامه تبارك وتعالى ، يأمرهم وينهاهم ، حتى عقلوا عنه ما سمعوا ، ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل ، فلما جاءهم حرّف فريق منهم ما أمرهم به ، وقالوا ، حين قال موسى لبني إسرائيل ‏‏:‏‏ إن الله قد أمركم بكذا وكذا ، قال ذلك الفريق الذي ذكر الله عز وجل ‏‏:‏‏ إنما قال كذا وكذا ، خلافا لما قال الله لهم ، فهم الذين عنىالله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏


                        ثم قال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ‏‏)‏‏ ، أي بصاحبكم رسول الله ، ولكنه إليكم خاصة ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ لا تحدثوا العرب بهذا ، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم ، فكان فيهم ‏‏.‏‏ فأنزل الله عز وجل فيهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون ‏‏)‏‏ ، أي تُقرون بأنه نبي ، وقد عرفتم أنه قد أُخذ له الميثاق عليكم باتباعه ، وهو يخبركم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا ؛ اجحدوه ولا تقروا لهم به ‏‏.‏‏ يقول الله عز وجل ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانيَّ ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏




                        تفسير ابن هشام لبعض الغريب
                        قال ابن هشام ، عن أبي عبيدة ‏‏:‏‏ إلا أماني ‏‏:‏‏ إلا قراءة ، لأن الأمي ‏‏:‏‏ الذي يقرأ ولا يكتب ‏‏.‏‏ يقول ‏‏:‏‏ لا يعلمون الكتاب إلا أنهم يقرءونه ‏‏.‏‏
                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ عن أبي عبيدة ويونس أنهما تأولا ذلك عن العرب في قول الله عز وجل ، حدثني أبو عبيدة بذلك ‏‏.‏‏
                        قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وحدثني يونس بن حبيب النحوي وأبو عبيدة ‏‏:‏‏ أن العرب تقول ‏‏:‏‏ تمنى ، في معنى قرأ ‏‏.‏‏ وفي كتاب الله تبارك وتعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وأنشدني أبو عبيدة النحوي ‏‏:‏‏
                        تمنى كتاب الله أول ليله * وآخره وافى حِمام المقادرِ
                        وأنشدني أيضا ‏‏:‏‏تمنى كتاب الله في الليل خاليا * تمنى داودَ الزبورَ على رِسْلِوواحدة الأماني ‏‏:‏‏ أمنية ‏‏.‏‏ والأماني أيضا ‏‏:‏‏ أن يتمنى الرجل المال أو غيره ‏‏.‏‏


                        قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإن هم إلا يظنون ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي لا يعلمون الكتاب ولا يدرون ما فيه ، وهم يجحدون نبوتك بالظن ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ، قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #13
                          دعوى يهود قلة العذاب في الآخرة ، و رد الله عليهم


                          قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال ‏‏:‏‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، واليهود تقول ‏‏:‏‏ إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يُعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب ‏‏.‏‏

                          فأنزل الله في ذلك من قولهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وقالو لن تمسنا النار الا أياما معدودة ‏‏.‏‏ قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ‏‏.‏‏ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ أي من عمل بمثل أعمالكم ، وكفر بمثل ما كفرتم به ، يحيط كفره بما له عند الله من حسنة ، ‏‏(‏‏ فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ‏‏)‏‏ أي خلد أبدا ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي من آمن بما كفرتم به ، وعمل بما تركتم من دينه ، فلهم الجنة خالدين فيها ، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا ، لا انقطاع له ‏‏.‏‏


                          قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم قال الله عز وجل يؤنبهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ‏‏)‏‏ ، أي ميثاقكم ‏‏(‏‏ لا تعبدون إلا الله ، وبالوالدين إحسانا ، وذي القربى واليتامى والمساكين ، وقولوا للناس حسنا ، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ‏‏)‏‏ ، أي تركتم ذلك كله ليس بالتنقص ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #14
                            تفسير ابن هشام لبعض الغريب


                            قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تسفكون ‏‏:‏‏ تصبون ‏‏.‏‏ تقول العرب ‏‏:‏‏ سفك دمه ، أي صبه ؛ وسفك الزق ، أي هراقه ‏‏.‏‏ قال الشاعر ‏‏:‏‏وكنا إذا ما الضيف حل بأرضنا * سفكنا دماء البُدْن في تربة الحالِ

                            قال ابن هشام ‏‏:‏‏ يعني ‏‏(‏‏ بالحال ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ الطين الذي يخالطه الرمل ، وهو الذي تقول له العرب ‏‏:‏‏ السهلة ‏‏.‏‏ وقد جاء في الحديث ‏‏:‏‏ أن جبريل لما قال فرعون ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ‏‏)‏‏ أخذ من حال البحر وحمأته ، فضرب به وجه فرعون ‏‏.‏‏ والحال ‏‏:‏‏ مثل الحمأة ‏‏.‏‏


                            قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولا تخُرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏على أن هذا حق من ميثاقي عليكم ، ‏‏(‏‏ ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ‏‏)‏‏ ، أي أهل الشرك ، حتى يسفكوا دماءهم معهم ، ويخرجوهم من ديارهم معهم ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ‏‏)‏‏ وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم ‏‏(‏‏ وهو محرم عليكم ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ في كتابكم ‏‏(‏‏ إخراجهم ، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ‏‏)‏‏ ، أي أتفادونهم مؤمنين بذلك ، وتخرجونهم كفارا بذلك ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ، ويوم القيامة يُردّون إلى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما تعملون ‏‏.‏‏ أولئك الذين اشترَوُا الحياة الدنيا بالآخرة ، فلا يخفف عنهم العذاب ، ولا هم ينصرون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏فأنبهم الله عز وجل بذلك من فعلهم ، وقد حرّم عليهم في التوراة سفك دمائهم ، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم ‏‏.‏‏



                            فكانوا فريقين ، منهم بنو قينقاع ولَفُّهم ، حلفاء الخزرج ؛ والنضير وقريظة ولَفُّهم ، حلفاء الأوس ‏‏.‏‏ فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب ، خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يُظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه ، حتى يتسافكوا دماءهم بينهم ، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم ، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ‏‏:‏‏ لا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا بعثا ولا قيامة ، ولا كتابا ، ولا حلالا ولا حراما ، فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أُساراهم تصديقا لما في التوراة ، وأخذ به بعضهم من بعض ، يفتدي بنو قينقاع من كان من أسراهم في أيدي الأوس ، وتفتدي النضير وقريظة ما في أيدي الخزرج منهم ‏‏.‏‏ ويُطِلُّون ما أصابوا من الدماء ، وقتلى من قُتلوا منهم فيما بينهم ، مظاهرة لأهل الشرك عليهم ‏‏.‏‏ يقول الله تعالى لهم حين أنَّبهم بذلك ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ‏‏)‏‏ ، أي تُفاديه بحكم التوراة وتقتله ، وفي حكم التوراة أن لا تفعل ، تقتله وتخرجه من داره وتظاهر عليه من يشرك بالله ، ويعبد الأوثان من دونه ، ابتغاء عرض الدنيا ‏‏.‏‏ ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج - فيما يلغني - نزلت هذه القصة ‏‏.‏‏



                            ثم قال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ، وآتينا عيسى بن مريم البينات ‏‏)‏‏ ، أي الآيات التي وضعت على يديه ، من إحياء الموتى ، وخلقه من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، وإبراء الأسقام ، والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم ، وما رد عليم من التوراة مع الإنجيل ، الذي أحدث الله إليه ‏‏.‏‏ ثم ذكر كفرهم بذلك كله ، فقال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ، ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ‏‏)‏‏ ، ثم قال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وقالوا قلوبنا غلف ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ في أكنة ‏‏.‏‏ يقول الله عز وجل ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ‏‏.‏‏ ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏



                            قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه ، قال ‏‏:‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ فينا والله وفيهم نزلت هذه القصة ، كنا قد علوناهم ظهرا في الجاهلية ونحن أهل الشرك وهم أهل كتاب ، فكانوا يقولون لنا ‏‏:‏‏ إن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه ، نقتلكم معه قتل عاد وإرم ‏‏.‏‏ فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم من قريش فاتبعناه كفروا به ‏‏.‏‏ يقول الله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين ‏‏.‏‏ بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن يُنَزِّل الله من فضله على من يشاء من عباده ‏‏)‏‏ ، أي أن جعله في غيرهم ‏‏(‏‏ فباءوا بغضب على غضب ، وللكافرين عذاب مهين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #15
                              تفسير ابن هشام لبعض الغريب



                              قال ابن هشام ‏‏:‏‏ فباءوا بغضب ‏‏:‏‏ أي اعترفوا به واحتملوه ‏‏.‏‏ قال أعشى بني قيس بن ثعلبة ‏‏:‏‏أُصالحكم حتى تبوءوا بمثلها * كصرخة حُبْلى يسَّرتها قَبيلُهاقال ابن هشام ‏‏:‏‏ يسرتها ‏‏:‏‏ أجلستها للولادة ‏‏.‏‏ وهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏


                              قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيَّعوا من التوراة ، وهي معهم ، وغضب بكفرهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدث الله إليهم ‏‏.‏‏ثم أنَّبهم برفع الطور عليهم ، واتخاذهم العجل إلها دون ربهم ؛ يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس ، فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ‏‏)‏‏ ، أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله ، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏ يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم ‏‏)‏‏ ، أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك ، والكفر بذلك ؛ فيقال ‏‏:‏‏ لو تمنَّوه يوم قال ذلك لهم مابقي على وجه الأرض يهودي إلا مات ‏‏.‏‏ ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر ، فقال تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ‏‏)‏‏ اليهود ‏‏(‏‏ ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يُعَمَّرُ ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر ‏‏)‏‏ ، أي ما هو بمنجيه من العذاب ، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت ، فهو يحب طول الحياة ، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم ‏‏.‏‏ ثم قال الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ‏‏)‏‏ ‏‏.‏
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X