إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حضارة أترورياا

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حضارة أترورياا

    الأخوة الكرام السلام عليكم ما رأيكم لو أطلعنا على بعض الحضارات التي أندثرت ولنبدأ بالحضارة الأترورية
    إنه عام خمسمائة وأربعين قبل الميلاد، والأسطول اليوناني قد تعرّض إلى هزيمة مدمّرة في المعركة البحرية "ألاليا" بالقرب من شواطئ كورسيكا، قاتل اليونانيون ولكنهم لم يستطيعوا الصمود في وجه عدوهم الذي لا يعرف الرحمة.
    المنتصرون ليسوا جنود أمة موحدة وشعب واحد، الإشاعات تقول بأنهم قراصنة مستعدون للقيام بأي شيء للسيطرة المطلقة على غربي البحر الأبيض المتوسط.
    ما هي حقيقة هؤلاء المنتصرين في هذا الصراع العنيف؟ المعلومات تدل على أنهم أتوا من منتصف شواطئ البحر التايريني.
    هم متحدرون من منطقة تعرف اليوم ب"توسكانا"، مهد إحدى حضارات العالم القديم، الحضارة الإتروسكانية لا تزال جذور ولغة الإتروسكانيين تشكل موضوع نقاش لعلماء اليوم.
    قد يكون سبب ذلك أن الآثار التي تركها أهل إتروريا ليست بضخامة الأهرام والمعابد وغيرها من الآثار الكبيرة في مصر القديمة، وعلى الرغم من كل هذا، كثير من الأسئلة التي طرحت عن ذلك الشعب قد وجدت لنفسها أخيرًا بعض الأجوبة في يومنا هذا.
    في بحثنا عن إتروريا في القرن السابع والسادس قبل الميلاد، عصر القوة لتلك الحضارة، سنسافر بشكل خيالي افتراضي مع رجل اسمه أرنس، وهو تاجر رحال ومهنته مناسبة لمحبي السفر وطالبي العلم، في زمن أرنس لم تكن روما قد أصبحت عاصمةً إمبراطوريةً.
    في الحقيقة، روما كانت خاضعة لسلطة الحضارة الإتروسكانية، المعلومات الأثرية تؤكد الأساطير التي تدعي أن عددًا من ملوك روما السبعة كانوا من أصل إتروسكاني.
    ونعلم أيضًا أن الإتروسكانيين هم الذين بنوا أحد أهم أعمال البناء التي أنشئت في روما.
    إنه مجرور كبير كان يصل بين مجاري المناطق الواقعة قرب الساحة الرومانية ونهر التيبير.
    امتد تأثير الإتروسكانيين إلى بومبي، وهدّد أسطولهم المستعمرات اليونانية والفينيقية في سردينيا وكورسيكا والكوتيتزور، ومع ذلك فإن الجميع كان يرغبون بالتجارة معهم لأن الأتروسكانيين كانوا أغنياء، وكانوا من هواة جمع الأشياء الجميلة، فابتاعوا الجواهر، والأسلحة والأشياء المبتكرة والأوعية وكل ما توفّر لدى تجار مثل أرنس.
    نبدأ رحلتنا الخيالية الافتراضية مع أرنس من المدينة الأثرية ميرلو الواقعة على ضفاف نهر أمبرون في مقاطعة سيناي.
    لنتخيّل معًا أن دليلنا السياحي هو من سكان هذه المدينة الواقعة وسط الأمة الأتروسكانية.
    لم يتبق شيء من هذه البلدة، ولكن في سهل يدعى بيجيو سيفيتي، خارج المدينة، توجد الأجوبة لسؤال حيّر دارسي هذه الحضارة لسنوات, كيف كانت المنازل الأتروسكانية؟
    اليوم، لم يبق من حضارة آرونس سوى المدافن وآثار المقابر الجماعية، وذلك لأن تلك المدن قد دمرت وأعيد بناؤها على أيدي الغزاة الرومان.
    في عام ألف تسعمائة خمسة وستين ميلادي، وافقت جامعة براين ماور في بنسلفانيا على رعاية عمليات تنقيب بقيادة عالم الآثار كايل ميريديث فيليبس في موقع ليس بعيدًا عن بلدة مورلو القديمة.
    بدأ التنقيب في الستينيات ومنذ ذلك الوقت وفريق مكوّن من التلامذة وعلماء الآثار الأميركيين يذهب كل صيف للعمل في سهل بوجيو سيفيتات.
    هذه الحملة أدت إلى نتائج واضحة حيث اكتشف مبنى إتروسكانيٌ ضخم من الأزمنة الغابرة.
    اليوم، تقف آثار الحائط الجنوبي للمبنى واضحة للأعين، المبنى قد غطى مساحة تبلغ مائة سبعة وتسعين قدمًا من كل جانب، لقد كان مبنى ضخمًا داخل الباحة القديمة توجد دعائم وجدران المعبد الصغير وما يسمى بالتيمبيتو، مبنى على شكل مربع كان يحتوي أصنامًا للآلهة الباطلة المزعومة وتماثيل للأجداد.
    عمليات التنقيب لم تكشف إلا عن عدد قليل من الآثار؛ لذا من الطبيعي التساؤل عن كيفية الشكل الحقيقي للمبنى في مورلو.
    اليوم ونتيجة مساعدة أول تقنية للتصوير التخيّلي لبناء مورلو، يمكننا أن نرى المبني كما بدا لآرونس قبل أكثر من ألفين وخمسمائة عام مضت، هذا المعبد الصغير كان يتوسّط باحة كبيرة من الأعمدة المصفوفة التي امتدّت على طول ثلاثة جوانب من المبنى، المبنى نفسه الذي أطلق عليه علماء الآثار اسم "المبنى الفوقي" قد أُنشئ عام خمسمائة وثمانين قبل الميلاد فوق أطلال مبنى آخر، سمّي بـ"المبنى التحتي" الذي أُنشئ في القرن السابع قبل الميلاد ودمّر إثر حريق كبير.
    لا يزال علماء الآثار في حيرة ما إذا كان المبنى منزلاً لأسرة مهمة أم مركز لقاء تحالف مكوّن من عدة مدن أتروسكانية.
    وجد المنقبون عددًا من تماثيل الطين النّضج على السطح، بعضٌ منها لديه غطاء غريب على رأسه وحافة واسعة، تدعى هذه التماثيل بأكروتيري، وهي كلمة يونانية تدل على موقع هذه التماثيل على سطح المعابد والمباني.
    واكتشف في موقع التنقيب عدد من التماثيل والأحجار الكريمة التي دلت على مدى ثراء سكان هذا المبنى، اليوم يتم عرض كل ما اكتشف في مبنى باجيو سيفيتات في متحف مورلو الموجود في قلب هذه المدينة الأثرية، يمكنكم رؤية شكل معروض يشبه الفارس، هذا التمثال وجد على سطح المبنى التحتي الذي دمّر بالحريق، معظم الآثار المعروضة في المتحف قد وجدت في هذا المبنى.
    جزء من السّطح التابع للمبنى الحديث قد أعيد بناؤه في غرفة وبعض من الأكروتيرّي التي زيّنته أعيدت مكانها.
    هذه الأصنام تمثّل مشاهد من الحياة اليومية، وهذه بالأخصّ تصوّر مأدبة مفعمة بالأصناف، كما كانت العادة في ذلك الوقت وككل الأتروسكانيين الأغنياء، أحبّ آرونس الأطعمة الفاخرة، أقيمت المآدب في أماكن مرموقة، على الوسادات المريحة والشموع، وأدوات المائدة الباهظة الثمن، مع خدام وموسيقيين.
    في مطابخ الأسر الميسورة الحال كان الخبز يعجن على أنغام آلة الفلوت هذا البذخ والتبذير الذي أمعنوا فيه كان واحدًا من أسباب نزول سخط الله عليهم وعذابه بالإضافة إلى كفرهم وضلالتهم وفجورهم.
    بعض اللوحات الجصية الموجودة في مقابر تاركونيلا، وهي مدينة في شمال لاتيوم، تعطينا معلومات مفصلة عن حياة الأتروسكانيين اليومية.
    اللوحات الجصية في مقابر البيورد، التي بنيت قبل منتصف القرن الخامس قبل الميلاد بقليل، تصور مشهدًا لمأدبة مع موسيقيين يعزفون على آلاتهم وعبيدًا يعملون خدمًا، وتُظهر زوجين على كل سرير، وبسبب اللوحات الجصية الأتروسكية، يمكننا اليوم أن نعرف أنه على عكس نساء اليونان والرومان، كانت معظم النساء الأتروسكانيات يستلقين إلى جانب أزواجهن سعيدات بالمشاركة بفعالية بهذه المآدب.
    هذه التصرفات الشائنة من اختلاط وفجور وشرب للخمر ساهمت في شيوع الفواحش والمفاسد بينهم وكانت سببًا مهمًا في إنزال عقوبة الله عليهم ويدل على هذا أن المؤرخ اليوناني ذا أوبومباس التشيوسي، الذي عُدَّ أنه يملك لسانًا حادًا هَجَّاءً بين الأدباء القدماء، كتب في القرن الرابع قبل الميلاد يقول: "النساء الإتروسكانيات لا يحتفلن فقط مع أزواجهن، بل مع أي كان إنّهن لا يمانعن بالظهور عاريات في العلن ويمارسن الرياضة إلى جانب الرجال، وفوق ذلك، فإنهن يأكلن ويشربن كثيرًا.
    هذا الاختلاط بين الرجل والمرأة جعل المرأة تشعر بالتفلت والانحلال الخلقي ولذلك فإن امرأة كهذه أحبت ارتداء الملابس الجميلة وتزيين نفسها بالحلي الجذابة أمام الجميع.
    أكثر من ثلاثة آلاف مرآة أتروسكانية برونزية لا تزال موجودة حتى اليوم، إنّ وجود النّقوش على ظهر هذه المرايا يدلّ على أنه في زمن الجهل المتفشي ربما كانت، المرأة الأتروسكانية تعرف الكتابة والقراءة

  • #2
    يتبع
    ولكن لنعد إلى مورلو، لأن ما لم يكن ليتخيّله آرونس هو أن منطقة مورلو ستصبح شهيرة ليس بسبب عمليات التنقيب في باجو سيفيتات فقط، بل أيضًا بسبب بحث مهم في حقل علم الجينات.
    أحد الأسرار التي شغلت بال المؤرخين والعلماء هو اختفاء الحضارة الأتروسكانية، وذوبانها في الحضارة الرومانية، لقد أذابها حكام القارة الجدد على مدى قرنين من الزمن، ولكن دراسة علمية أقيمت في مورلو أدت إلى نتائج غير متوقعة، يبدو أن سكان مورلو هم المتحدرون المباشرون من الإتروسكانيين.
    كيف توصل العلماء إلى هذه النتيجة؟
    منذ زمن قريب، قام المجلس الإيطالي للبحوث العلمية بدراسة عن الأصول الجينية للإيطاليين، لاحظ العلماء أن هناك ثلاث مناطق جينية مختلفة في إيطاليا، تتوافق مع توزيع جغرافي محدد.
    أكثر المناطق تجانسًا، هي المناطق التي يتوفر فيها نوع جيني واحد، وهي منطقة توسكانا، أرض الأتروسكانيين القدماء، وبالأخص منطقة بلدية مورلو.
    تبعًا للبحوث الجينية، قد يكون هذا التركيز الدليل على افتراضٍ كان يُعَدُّ غير وارد حتى وقت قريب.
    هل يمكن أن يكون الـ"دي إن أيه" والرموز الجينية للأتروسكانيين القدماء لا يزال موجودًا حتى اليوم في أجسام سكان هذه المنطقة الجميلة، الذين على ما يبدو هم سلالة الأتروسكانيين المنقرضين.
    فلنعد إلى آرونس الذي كان على وشك أن يغادر مورلو للذهاب في رحلة تجارية إلى منطقة إتريوريا، إنه يتجه مقتربًا من مكان يدعى فولتيرا، وهي إحدى أقدم المدن في إيطاليا وما تزال تحافظ على اسمها منذ ذلك الزمن، إلا أنها في زمن آرونس كانت تدعى فيلتاري.
    كمعظم المدن والبلدات الأتروسكانية، تحتل هذه البلدة موقعًا يسهل الدفاع عنه على رأس تلة تشرف على سهول إرا إلسا، وأنهار سيناي.
    كانت فولتيرّا بلدة مزدهرة عاش أبناؤها على الأشغال اليدوية، بالنسبة لآرونس والأتروسكانيين عمومًا، البلدة مرادفةٌ للـ"مرمر"، وهو صنف ناعم من الحجارة يسهل نحته ويوجد بكثرة هناك.
    كان آرونس يذهب إلى فلتهاري ليبتاع منتجات من المرمر، خصوصًا الأوعية التي كان يصدرها إلى معظم إيطاليا، صناعة المرمر الحديثة، التي ازدهرت مجددًا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، شكلت رابطًا بين العمال الأتروسكانيين والحرفيين المعاصرين.
    في القرن الرابع، كان هناك حائط بطول أربعة أميال يغطي منطقة مساحتها 290 هكتارًا يحيط بالمدينة وعلى الرغم من أنه أعيد بناء هذا الحائط عددًا من المرات خلال عهد الرومان، والعصور الوسطى، فإن أجزاء كبيرة منه لا تزال تعود للعصور الأتروسكانية،
    دخل آرونس البلدة إما عبر بوابة ديانا، التي من خلالها استوعبنا مدى صلابة حيطان المدينة، أو عبر بوابة أرشي الأثرية، التي يعود القسم الأسفل منها إلى العهد الأتروسكي.
    أعاد الرومان بناء القوس مستخدمين المواد الأتروسكية، كالرؤوس الآدمية الثلاث، التي لم تعد بارزة في يومنا هذا.
    ولكن أكثر الآثار الحسية لمدينة فولتيرا الأتروسكانية موجودة في منطقة الأكروبولس، حيث توجد حديقة القصر اليوم، تحتوي المنطقة على آثار عديدة، معظمها أساسات عمرانية، موجودة على طول طريق قديمة للمدينة، كان هناك معبدان في هذه المنطقة، فقد شيّد المعبدان في القرن الثالث قبل الميلاد.
    إن الهدف من المبنى الصغير لا يزال يمثل سرًا غير مكشوف لعلماء الآثار، لعلّه كان يستخدم مخزنًا.
    لنلحق بـ"آرونس"، الذي غادر فولتيرّا ووصل إلى منطقة يسلكها التجار والحرفيون على الدوام، هذه المنطقة هي بوبلينيا، وبوبلينا الاسم الذي كان معروفًا لآرونس، وهي موجودة بالقرب من منطقة مدعمة بسلاسل معدنية، بوبلينيا هي البلدة الأتروسكانية الوحيدة المبنية على الشاطئ مباشرة.
    أنتج الأتروسكانيون، كميات كبيرة من الحديد وتاجروا بها لدرجة أنهم جمعوا عبر القرون كميات كبيرة من الجُفاء الناتج عن صهر الحديد وصل علوها إلى عشرين قدمًا.
    هذا الجُفاء كان غنيًّا بالحديد، حتى بحالته غير المنصهرة، لدرجة أنه في عام ألف وتسعمائة وأربعين ميلاديًا قام الجيش الإيطالي، في محاولة يائسة للبحث عن الحديد، باستخدام هذا الجُفاء لصناعة ذخيرة حربية، وقد قدر بعض العلماء أن كمية الجفاء هذه قد وصل وزنها إلى مليوني طن.
    بلدة بوبلينيا الحديثة يعود تاريخها إلى وقت قريب، فبعد أن كانت غير مأهولة لعدد من القرون، عادت الحياة إليها في الجزء الأخير من القرون الوسطى.
    إن تجارة الحديد قد بدأت في بوبلينيا تقريبًا منذ خمسمائة عام قبل ميلاد المسيح عليه السلام، من أين جاء هذا المعدن الثمين؟ على الرغم من وجود السلاسل الحديدية بالقرب من البلدة، فإن الحديد قد جاء عبر البحر من جزيرة إلبا، لقد تمكن سكان بوبلينيا من نقل وحماية هذا المعدن من القراصنة الفينيقيين واليونانيين الكثر، ومن المدن الأتروسكانية المنافسة، وذلك بسبب أسطولهم القوي.
    تجار كآرينوس كانوا يَغْنَوْنَ بسرعة بسبب تجارة الحديد، كان آرونس يشتري المواد الأولية من بوبلينيا، ثم يكلّف حرفيين ماهرين بتحويلها إلى أسلحة ودروع ثم يبيعها للقادة والمحاربين بأسعار عالية.
    هذه المواد التي تراكمت على مر القرون صارت مقابر كبيرة ولم تكتشف هذه المقابر التي كانت مدفونة لقرون، كمقبرة سان سربون إلا عند بداية القرن العشرين.
    هنا بعض الأمثلة المهمة على هذه القبور، هذه إنشاءات مؤلفة من ممر طويل يقود إلى معبد إغريقي مربع الزوايا وأحيانًا كان قطر الطارة الأسطوانية التي تغطيه يبلغ تسعين قدمًا الجزء العلوي من المدينة الذي يضم الأماكن المقدسة في عقيدتهم الفاسدة والأبنية الحكومية كان محميًا بجدران ضخمة، في الوقت الذي بلغت فيه بوبلينيا قمة ازدهارها المادي، كانت جدران المدينة تبدو هكذا آرينوس.
    كانت تخوم أبنية القلعة تلقي بظلالها على الأفق، وتبدو متداخلة من بعيد.
    مع مجموعة أسلحته، كان آرونس يسافر إلى عدة مدن في إيتريريا ليبيع بضاعته، كان يجول في فيتولنيا، وريسلا، وتالمونا، وكوسا، وفيلسيا، وتاركونيا، وكيسيري المعروفة اليوم باسم سيرفيتيري، التي كانت إحدى أقوى المدن في جنوب إيتريريا كما دلت على ذلك ثروتها الكبيرة الموجودة في مقابرها الفخمة، وربما كان الضريح الذي بناه آريونس له ولأسرته، يشبه قبر النقوش في مقبرة باندتيكا سمي هكذا لأنه نقشت صور للأشياء التي كانت تستعمل كل يوم على جدرانه، منها الفانوس وبعض الحبال وجرّة خمر، وبعض الآنية والأسلحة.
    لكن المدينة التي كان آريونس يفضلها بالنسبة لعمله كانت كيليسيوم، وهي إحدى مدن العالم القديم التي تجرأت على تحدي روما وانتصرت عليه وعندما اندلعت الحرب بين روما والمدينة الأتروسكانية، توقع آرونس بأنه سيربح الكثير من بيع أسلحته، لذلك قرر استغلال الفرصة.
    كان يعلم أن الحضارة المادية الأتروسكانية قد بلغت قمة ازدهارها، وكان يتوقع أن لا يبقى شيء على حاله بعد انتهاء الحرب.
    بعض المؤرخين الرومان تركوا لنا دليلاً على أن حربًا وقعت بين روما وكيليسيوم.
    حسب نصوصهم بدأ كل شيء عام [خمسمائة وعشرة] قبل الميلاد، عندما طرد الرومان الملك الطاغية المجرم تاركيونيوس سوبرباس وبعد أن استعادوا حريتهم من الطاغية ذي الأصول الأتروسكانية، عاد الرومان إلى النظام الديموقراطي.
    في أواخر القرن السادس قبل الميلاد، تعرضت روما لهيمنة الإتروسكانيين الذين عاد إليهم الطاغية تاريكونيوس سوبرياس بعد أن طرد من روما ثم التحق بالأتروسكانيين في مدينة كيليسيوم التي كان يحكمها الملك بورسينا.
    من هو بورسينا من هو قاهر روما، وملك مدينة كيلسيوم، ورئيس اتحاد المدن الأتروسكانية؟
    إن شخصية بورسينا يكتنفها الغموض والأساطير، مثل القبر الذي يعتقد أنه دفن فيه منذ ألفي سنة، منذ العصر الروماني كان علماء الآثار والمغامرون يجوبون المنطقة حول كولسيوم؛ بحثًا عن الضريح الخرافي الذي يرقد فيه بورسينا مع كنوز، منذ [ألفين وخمسمائة] سنة، وعلى الرغم كل المحاولات فإن القبر لم يكتشف!
    بليني الكبير ذكر قبر بورسينيا في أحد النصوص، هذا العالم الروماني لم يشاهد النصب، ولكنه بعد أن سمع الكثير من الروايات خلال حياته، فقد تخيّله هكذا:
    بناء مربع كبير بطول [ثلاثمائة] قدم من كل جهة، يرتفع عدة طوابق، ومدعم بأهرامات عالية جدًا.
    داخل القاعدة الرباعية، توجد شبكة أنفاق معقدة تقود إلى الكنز الخفّي، لا بد أن بليني بالغ في وصفه، فمن غير المعقول أن يختفي تمامًا نصب بهذا الحجم الضخم!
    هناك سر آخر عن الحضارة الأتروسكانية يتعلق هذه المرة باللغة، هذه الألف باء نسخت بخاصية مميزة على شكل ديك صغير علماء آثار عديدون يعتقدون بأن اللغة الأتروسكانية قديمة جدًا، وقد تكون سبقت اللاتينية واليونانية خاصية لغة آرينوس مرتبطة بأصول الشعب الأتروسكاني بالنسبة للمؤرخ الإغريقي هيرودوتس الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، الأتروسكاونيون يتحدرون من ليديا، وهي ما يعرف اليوم بتركيا، ومن هناك أبحروا إلى إيطاليا، ولكن هناك نظرية أخرى للمؤرخ الإغريقي ديونيسيس، يوافقه عليها علماء الآثار المعاصرون، تقول بأن الأتروسكانيين كانوا شعبًا بدائيًا جاء من المنطقة التي تضم اليوم توسكانيا وجزءًا من لاتيوم وإميلي الدليل الأكثر قدمًا يعود إلى ما بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد، إلى منطقة نادرًا ما نعتقد أن لها صلة بالأتروسكانيين هذه المنطقة هي فلسينا وكما تعرف اليوم بولونيا.
    هنا قرب بولونيا ازدهرت حضارة فيلانوفا في القرن التاسع قبل الميلاد، حيث اكتشف علماء الآثار أول مجموعة من القبور يمكن نسبتها إلى تلك الحضارة.
    وهكذا يمكن عَدُّ سكان فيلانوفا أجداد آرونس، عند هذه القبور كان المتوفون يحرقون ويحتفظ برمادهم في أوعية مخروطية الشكل مغطاة بوعاء مقلوب، هذه العينة تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد الجرّة كانت توضع في حفرة في الأرض محاطة بالحصى، وغالبًا كانت تستعمل بلاطات من الحجر، مستلزمات القبر مؤلفة من الزينة والأدوات اليومية كانت توضع في الجرة وإلى جانبه.
    لو عاش آرونس قبل ثلاثة قرون، لوجدنا بين أشيائه الثمينة بعض المشابك التي كانت تستعمل للزينة، بدل ربط الملابس، ربما كنا وجدنا شفرة حادة من البرونز، وجودها في قبر كل رجل تقريبًا، يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الأتروسكانيين، على عكس الإغريق، كانوا حليقي الذقون كنا قد وجدنا شفرة فأس من البرونز كانت تستعمل أداة وسلاح.
    إذن ماذا كانوا يضعون في قبر إحدى جدات آرونس؟
    المشبك والإبزيم كان مزينًا بأطراف معقوفة وطبعًا هناك الأشياء المتواضعة كفلكة المغزل، في أعلى الصورة.
    كانت توضع أوزان في نهاية المغزل، وطبعًا مكبات الخيوط، وسيكون هناك بعض الحلق والأساور البرونزية، وبعض اللؤلؤ، وقلادات من العنبر كانت تربط مع بعضها البعض لتشكل عقدًا، مع آرونس أخذنا رحلة قصيرة إلى أمة إيتيريا وإلى عادات سكانه.
    كانوا يحبون المسرحيات الشعبية، وعروض الشعوذة، والمباريات الرياضية كانوا يحبون الصيد والموسيقى والموائد العامرة، الإغريق أسموهم الـتيرهينيانس والرومان أسموهم أتروسكان.
    لم يطلقوا على أنفسهم لا اللقب الإغريقي ولا الروماني، عندما كان آرونس يذهب في رحلات عمله كان يسمي نفسه راسنا وهكذا استمر الحال إلى أن جاء الحكم الروماني واستأصل الاسم، وتسبّب في اختفاء تلك الحضارة فكان القضاء عليهم عقوبة من الله على تماديهم في غيهم وضلالهم وانتشار المفاسد والفواحش المحرمات بينهم وهكذا انتهت قصة أخرى لم يبق منها إلا العبرة والذكرى.
    قال تعالى:
    ﴿أَفَرَأَيْتَ إن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الشعراء: 205، 209].

    تعليق


    • #3
      جميل بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خير اخي على المعلومات القيمة ونفع بك المسلمين
        اللهم لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
        http://www.rasoulallah.net/

        http://www.qudamaa.com/vb/showthread.php?12774-%28-%29

        http://almhalhal.maktoobblog.com/



        تعليق


        • #5
          شكرا لك وبارك الله فيك

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك اخي الكريم

            تعليق

            يعمل...
            X