إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكلام المبين في الرد على الدجالين والمشعوذين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكلام المبين في الرد على الدجالين والمشعوذين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اخواني اعضاء قدماء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لقد كثر في هذا الزمان استخدام السحر وان دل ذلك علي شي دل علي ان من يسعي خلف هذا الامر هو الشيطان لكي يغوى الانسان ويضله ويجعل مصيره الي النار بدل ما ان يكون مصيره الي الجنه

    وكلنا يعلم علم اليقين ان الشيطان وعد نفسه وعاهدها علي ان يبقي يضل الانسان عن الحق ويسوقه الي طريق الضلال الا عباد الله الصالحين

    جعلني الله واياكم من الصالحين المخلصين عملهم لوجه الله تعالي .


    قال : فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ .

    الشيطان ليس له سلطان على عباد الله المخلصين

    وقال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ .


    قال الرسول صلي الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله .


    هذا من تمام محبة الله -عز وجل- والعبد فقير بالذات إلى الله -عز وجل- من جهتين:
    من جهة العبادة وهي العلة الغائبة، ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية. ودين الإسلام مبني على الاستسلام لله وحده، فمن لم يستسلم لله ولم ينقد له فليس بمسلم، ومن استسلم لله ولغير الله فهو مشرك، ومن لم يستسلم لله فهو مستكبر، والمشرك والمستكبر كل منهما كافر.

    فإذاً يكون الناس ثلاثة أقسام:
    قسم استسلم لله فقط مع إخلاص الدين لله -عز وجل- والإيمان بالله ورسوله هذا هو المؤمن حقا، وقسم استسلم لله في الظاهر لكنه ليس بمؤمن في الباطن، وهؤلاء المنافقون، وقسم استسلم لله ولغير الله فهذا مشرك، وقسم استكبر على الله لم يستسلم لله فهو مستكبر مثل فرعون ومن على شاكلته.

    ففرعون وإبليس مستكبرون عن عبادة الله لم يستسلموا، والمنافقون مستسلمون لله في الظاهر لكنهم غير مؤمنين في الباطن فيكونون كفرة، والمشرك والمتسلمون لله، والمستسلمون لغير الله فهم مشركون. والمؤمن مستسلم لله وحده فقط ولا يستسلم لغيره وهو مؤمن في الباطن نعم نقرأ.


    وكلنا يعلم ان السحر حرام وشرك اكبر ومخرج من ملة الاسلام

    والساحر اذا ثبت سحره يقتل ويقتص منه شرعا


    الشرك أخفى من دبيب النمل

    وهم ينقسمون فيه إلى: عام وخاص؛ ولهذا كانت إلهية الرب لهم فيها عموم وخصوص؛ ولهذا كان الشرك في هذه الأمة أخفي من دبيب النمل.
    وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة. تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطي رضي وإن مُنع سخط .

    فسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الدرهم وعبد الدينار، وعبد القطيفة وعبد الخميصة، وذكر ما فيه دعاء وخبر.
    لكون قلبه متعبدا لهذه الأشياء لكونه يسخط من أجل الدرهم ويرضى من أجل الدرهم القطيفة والخميصة أنواع من الأقمشة، القطيفة والخميصة ما لها كم مالها ذرع من البسط، والمعنى أنه متعبد لهذه الأشياء صار قلبه متعبدا لها؛ لكونه يرضى لها ويغضب لها ويسخط لها من أجلها؛ ولذلك قال: "إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط" نعم.

    [CENTER] [/CENTER]

  • #2
    المنافق يغضب ويرضى من أجل الدنيا

    وهو قوله: تعس وانتكس وإذا شِيكَ فلا انتقش والنقش: هو إخراج الشوكة من الرِّجل، والمنقاش: ما يخرج به الشوكة، وهذه حال مَن إذا أصابه شر لم يخرج منه ولم يفلح؛ لكونه تعِس وانتكس، فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه.

    وهذه حال مَن عبد المال وقد وصف ذلك بأنه إذا أعطي رضي وإذا منع سخط كما قال -تعالى-: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ .
    هذا في المنافقين، يعني: أن هذا عبد الدينار وعبد الدرهم، شَابَه المنافقين في كونه يغضب من أجل الدنيا أو يرضى من أجل الدنيا نعم.
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #3
      السحر لغة : عبارة عمى خفي ولطف سببه ، ومنه سمي السحر سحرا لأنه يقع خفيا آخر الليل ، كما ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من البيان لسحرا ) ( متفق عليه ) ، لما في البيان من قدرة من يتصف به على إخفاء الحقائق 0

      قال ابن منظور : ( قال الأزهري : السحر عمل تُقُرِّب فيه إلى الشيطان ، وبمعونة منه ، كلّ ذلك الأمر كينونَة للسِّحر، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى ، وليس الأصل على ما يرى ، والسحر الأخذة ، وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر 000 وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، فكأن الساحر – لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته – قد سحر الشيء عن وجهه ، أي صرفه ) ( لسان العرب – مادة " سحر " – 4 / 348 )

      قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله -: ( قال " أبو علي اللؤلؤي " بلغني عن أبي عبيد أنه قال " وإن من البيان لسحرا " كأن المعنى : أن يبلغ من بيانه : أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله ، ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر ، فكأنه سحر السامعين بذلك ) ( صحيح سنن أبي داوود - 3 / 945 ) 0

      يقول الأستاذ راجي الأسمر : ( وتعود معاني السحر اللغوية إلى الخفاء واللَّطافة ، وإلى الخداع والتمويه ، وإلى التلهية ، والتعليل وإلى الصرف والاستمالة ، ومن هذه المعاني اللغوية عرف السحر في الاصطلاح ) ( السحر – حقيقته – أنواعه – الوقاية منه – ص 7 – 8 ) 0

      وشرعا : هو عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان ، فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه ، قال تعالى : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) وقد أمر الله بالتعوذ من السحر وأهله ، فقال جل شأنه : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ ) ( سورة الفلق – الآية 4 ) ، وهن السواحر اللواتي ينفخن في عقد السحر ، والسحر له حقيقة ، ولذا أمرنا بالتعوذ منه ، وظهرت آثاره على المسحورين ، قال تعالى : ( وَجَاءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) ( سورة الأعراف – جزء من الآية 116 ) ، فوصفه بالعظم ، ولو لم تكن له حقيقة لم يوصف بهذا الوصف ، وهذا لا يمنع أن يكون من السحر ما هو خيال ، كما قال سبحانه عن سحرة فرعون : ( 000 يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) ( سورة طه – جزء من الآية 66 ) ، أي : يخيل لموسى أن الحبال تسعى كالحيات من قوة ما صنعوه من السحر 0 وعليه فالسحر قسمان سحر حقيقي وسحر خيالي ، وهذا لا يعني أن الساحر قادر على تغيير حقائق الأشياء ، فهو لا يقدر على جعل الإنسان قردا أو القرد بقرة مثلا 0

      والساحر ليس هو ولا سحره مؤثرين بذاتهما ولكن يؤثر السحر إذا تعلق به إذن الله القدري الكوني ، وأما إذن الله الشرعي فلا يتعلق به البتة ، لأن السحر مما حرمه الله ولم يأذن به شرعا ، قال تعالى : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) 0
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #4

        ( حكم تعلم السحر وتعليمه )




        إن السحر خطر عظيم وشر مستطير وآفة مدمرة وقد تبين معنا سابقا الآثار والنتائج الهدامة التي يحدثها السحر في المجتمعات الإسلامية ، ومن هذا المنطلق كان علاج الإسلام لهذه الظاهرة من منطلق الشمولية والوضوح الذي لا يشوبهما شائبة ، فوضع القواعد والأسس الصارمة للتعامل معها ، وجعل الكفر مصيرا ومآلا لمن يرتاد هذه الشرذمة من الناس ، بل قد جعل حد الساحر القتل وهو الراجح من أقوال أهل العلم ، وما كان ذلك إلا لمعالجة هذا الداء كي لا ينتشر بين الناس ويؤدي إلى ما يؤدي إليه من ضياع وتشتت وهدم للعقيدة من أساسها 0

        قال الأستاذ سعد خلف العفنان : ( إن الخطوات الأولى في تعلم السحر هي ضرورة الانسلاخ من الإيمان ، فالإيمان والسحر نقيضان لا يتفقان أبداً ، والذي في قلبه ذرة من إيمان لا يمكن أن يمارس السحر ) ( حقيقة السحر – ص 93 ) 0

        ومن هنا وقف علماء الأمة للدب عن العقيدة وحمايتها من كل ما يشوبها من الأدران والرواسب ، فقرروا دون خلاف حرمة تعلم السحر وتعليمه ، وأورد في ذلك بعض أقوال أهل العلم :

        * قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وقد استدل بهذه الآية ؛ يعني آية : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) على أن السحر كفر ومتعلمه كافر ، وهو الواضح من بعض أنواعه التي قدمتها وهو التعبد للشياطين أو للكواكب ، وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكفر به من تعلمه أصلا ) ( فتح الباري - 10 / 224 ) 0

        * قال ابن قدامة في حديث عمر – رضي الله عنه - : ( إذا ثبُت هذا – أي السحر وتعليمه حرام ، لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم 0 قال أصحابنا : ويُكفَّر الساحر بتعلّمه وفعله ، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ) ( المغني - 10 / 114 ) 0

        * قال ابن كثير : ( وقد ذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن هبيرة بن محمد بن هبيرة – رحمه الله في كتابه " الإشراف على مذاهب الأشراف " باباً في السحر فقال : أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال : لا حقيقة له ، واختلفوا فيمن يتعلَّم السحر ، ويستعمله ، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يكفًّر 0 ومن أصحاب أبي حنيفة من قال : إن تعلّمه ليتّقيه أو يجتنبه ، فلا يكفًّر ، ومن تعلمه معتقداً جوازه ، أو أنّه ينفعه ، كُفِّر 0 وكذا من اعتقد أنَّ الشياطين تفعل له ما يشاء ، فهو كافر 0 وقال الشافعي : إذا تعلَّم السحر ، قلنا : صِف لنا سحرك ، فإن وصف ما يوجب الكفر ؛ مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرّب إلى الكواكب السبعة ، وأنَّها تفعل ما يُلتمسُ منها ، فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر ، فإن اعتقد إباحته ، فهو كافر ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 148 ) 0
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #5
          * قال النووي : ( وأما تعلم السحر وتعليمه ففيه ثلاثة أوجه : الوجه الأول وهو الصحيح الذي قطع به الجمهور أنهما حرامان 0 ويحرم تعلمه وتعليمه :
          أ - لقوله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) فذمهم على تعلمه 0
          ب - لأن تعلمه يدعو إلى فعله ، وفعله محرم ، فحرم ما يدعو إليه فإن علم أو تعلم ، واعتقد تحريمه لم يكفر ، لأنه لم يكفر بتعلم الكفر ، فلأن لا يكفر بتعلم السحر أولى ) ( المجموع – 19 / 240 ، 241 ) 0

          قال ابن حجر : ( قال النووي : عمل السحر حرام ، وهو من الكبائر بالإجماع وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات ، ومنه ما يكون كفرا ومنه ما لا يكون كفرا ، بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كافر وإلا فلا وأما تعلمه وتعليمه فحرام ، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر واستتيب منه ولا يقتل ، فإن تاب قبلت توبته ، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر ) ( فتح الباري - 10 / 224 ) 0

          قال أبو البقاء الحنفيّ : ( والصَّحيح من مذهب أصحابنا أنَّ تعلّمه – يعني السحر – حرام مطلقاً ؛ لأنه توسُّل إلى محظور ، عنه غنىً ، وتوقِّيه أصلح وأحوط ) ( الكلّيّات – ص 208 ) 0

          قال الهيثمي : ( الصَّواب أنَّ التقرُّب إلى الروحانيّات ، وخدمة ملوك الجانّ من السحر ، وهو الذي أضلّ الحاكم العبيديّ لعنهُ الله ، حتى ادَّعى الألوهية ، ولعبت به الشَّياطين ، حتى طلب المحال ) ( الفتاوى الحديثية – ص 88 ) 0

          قال البهوتي : ( ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله لما فيه من الأذى 0ويكفر الساحر بتعلمه وفعله 0 سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ) ( كشاف القناع – ص 186 ) 0

          قال الذهبي : ( الساحر لا بد وأن يكفر- قال الله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْر َ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) وما للشيطان الملعون غرض في تعليمه الإنسان السحر إلا ليشرك به ، قال الله تعالى مخبرا عن هاروت وماروت : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) ؛ أي من نصيب 0
          فترى خلقا كثيرا من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراما وما يشعرون أنه الكفر فيدخلون في تعليم الكيمياء وعملها وهي محض السحر ، وفي عقد الرجل عن زوجته وهو سحر وفي محبة الرجل للمرأة وبغضها له ، وأشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال ) ( الكبائر – ص 21 ) 0

          قال أبو حيان في " البحر المحيط " : ( وأما حكم تعلّم السحر فما كان منه ما يعظّم به غير الله من الكواكب والشياطين وإضافة ما يحدثه الله إليها فهو كفر إجماعاً ولا يحل تعلمه ولا العمل به ، وكذا ما قصد بتعلّمه سفك الدماء والتفريق بين الزوجين والأصدقاء ، وأما إذا كان لا يعلم منه شيئا من ذلك بل يحتمل فالظاهر أنه لا يحل تعلّمه ولا العمل به ) ( تفسير البحر المحيط – 1 / 328 ) 0

          قال الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله - : ( كل من تعلم السحر أو علمه أو عمل به يكفر ككفر الشياطين الذين علموه الناس ؛ إذ لا فرق بينه وبينهم ، بل هو تلميذ الشيطان وخريجه ، عنه روى وبه تخرج وإياه اتبع ولهذا قال تعالى في الملكين : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) فبين تعالى أنه بمجرد تعلمه يكفر سواء عمل به وعلمه أولا ) ( معارج القبول - 1 / 371 ) 0

          * قال الشيخ الشنقيطي : ( والتحقيق هو الذي عليه الجمهور : هو أنه لا يجوز ، ومن أكثر الأدلة صراحة ذلك تصريحه تعالى 0 بأنه يضر ولا ينفع في قوله : ( وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ ) وإذا أثبت الله أن السحر ضار ونفى أنه نافع ، فكيف يجوز تعلم ما هو ضرر محض لا نفع فيه ) ( أضواء البيان – 4 / 462 ) 0
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #6
            * سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – عن صحة " تعلموا السحر ولا تعملوا به " ؟

            فأجاب : ( هذا الحديث باطل لا أصل له ، ولا يجوز تعلم السحر ولا العمل به وذلك منكر بل كفر وضلال ، وقد بيّن الله إنكاره للسحر في كتابه الكريم في قوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمـَا أُنـزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِـلَ هَـارُوتَ وَمَـارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ *وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ( سورة البقرة – الآية 102 ) 0
            فأوضح سبحانه في هذه الآيات أن السحر كفر وأنه من تعليم الشياطين ، وقد ذمهم الله على ذلك وهم أعداؤنا ، ثم بين أن تعليم السحر كفر ، وأنه يضر ولا ينفع ، فالواجب الحذر منه ؛ لأن تعلم السحر كله كفر ، ولهذا أخبر عن الملكين أنهما لا يعلمان الناس حتى يقولا للمتعلم : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، ثم قال : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) ، فعلم أنه كفر وضلال ، وأن السحرة لا يضرون أحداً إلا بإذن الله 0
            والمراد بذلك إذنه سبحانه الكوني القدري لا الشرعي الديني ؛ لأنه سبحانه لم يشرعه ولم يأذن فيه شرعاً بل حرمه ونهى عنه ، وبين أنه كفر ومن تعليم الشياطين كما أوضح سبحانه أن من اشتراه أي اعتاضه وتعلمه ليس له في الآخرة من خلاق ، أي من حظ ولا نصيب ، وهذا وعيد عظيم ، ثم قال سبحانه : ( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) والمعنى باعوا أنفسهم للشيطان بهذا السحر ، ثم قال سبحانه : ( ولَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ( سورة البقرة – الآية 103 ) و ، فدل ذلك على أن تعلم السحر والعمل به ضد الإيمان والتقوى ومنافٍ لهما ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ( مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – 1 / 653 – 654 ) 0

            سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم تعلم السحر وتعليمه فأجاب – حفظه الله - : ( لا يجوز تعلمه ولا تعليمه ، حيث أن أغلب عمل السحرة على الاستعانة بالجن والشياطين ، ولأن الله ذكر أن الشياطين كفروا بتعليم السحر ، قال تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ 000 ) وقد نقل ابن كثير في تفسير آية السحر من سورة البقرة عن الفخر الرازي أنه قال : إن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور ، اتفق المحققون على ذلك ، لأن العلم لذاته شريف ، ولعموم قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( سورة الزمر – الآية 9 ) ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة 00 الخ 0 ورد عليه ابن كثير بقوله : إن عنى أنه ليس بقبيح عقلاً فمخالفوه من المعتزلة يمنعون هذا ، وإن عنى أنه ليس بقبيح شرعاً ففي هذه الآية تبشيع لتعلم السحر ، وفي الصحيح " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد " ( صحيح الجامع 5939 ) ، وفي السنن " من عقد عقدة ونفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك " ( ضعيف الجامع 5702 ) 0 وقوله : ولا محظور اتفق المحققون على ذلك 0 كيف لا يكون محظورا مع ما ذكرناه من الآية والحديث ، واتفاق المحققين يقتضي أن يكون قد نص على هذه المسألة أئمة العلماء أو أكثرهم ، وأين نصوصهم ، ثم إدخاله علم السحر في عموم قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( سورة الزمر – الآية 9 ) فيه نظر ، لأن هذه الآية إنما دلت على مدح العالمين العلم الشرعي ، ولم قلت إن هذا منه ، ثم ترقيه إلى وجوب تعلمه بأنه لا يحصل العلم بالمعجز إلا به ضعيف ، بل فاسد ، لأن أعظم معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن الكريم الذي : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) ، ثم إن العلم بأنه معجز لا يتوقف على علم السحر أصلاً ، ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلمون المعجز ويفرقون بينه وبين غيره ، ولم يكونوا يعلمون السحر ولا تعلموه ولا علموه 0 انتهى ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0

            * وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد حول حديث : ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ) :
            بأن ذلك الحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ، بل هو خبر موضوع ) ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء – 1 / 368 ) 0

            * قال صاحبا الكتاب المنظوم " فتح الحق المبين " : ( تعلم السحر كفر ، لأنه لا يتم إلا بالاستعانة بالشياطين والعبودية لها وتناول المحرمات واستخدام طرائق بدعية يعقلها الإنسان أحيانا وفي الغالب لا يعقلها 0
            فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعلمه والأدلة على كفر الساحر كثيرة جدا ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 168 ) 0
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #7
              * قال الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله : ( نظراً لكثرة المشعوذين في الآونة الأخيرة ممن يدعون الطب ويعالجون عن طريق السحر ، أو الكهانة وانتشارهم في بعض البلاد واستغلالهم للسذج من الناس ممن يغلب عليهم الجهل – رأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن أبين ما في ذلك من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين لما فيه من التعلّق بغير الله تعالى ومخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم 0
              فأقول مستعيناً بالله تعالى : يجوز التداوي اتفاقاً ، وللمسلم أن يذهب إلى طبيب أمراض باطنية ، أو جراحية ، أو عصبية أو نحو ذلك ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الأدوية المباحة شرعاً ، حسبما يعرفه في علم الطب ، لأن ذلك من باب الأخذ بالأسباب العادية ولا ينافي التوكل على الله ، وقد أنزل الله – سبحانه وتعالى – الداء وأنزل الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله ، ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرّمه عليهم 0
              فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدّعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه ، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب ، أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون ، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادّعوا علم الغيب ) ( تذكير البشر لخطر الشعوذة والكهانة والسحر – ص 15 – 16 ) 0

              * تقول الدكتورة آمال يس عبدالمعطي البنداري المدرسة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة : ( بعد مناقشة المسألة يترجح أصحاب القول الأول والقائلين بتحريم تعلم السحر وتعليمه لا سيما إن عصر المعجزات قد انتهى حتى نقول إن تعلمه مباح ليتميز الحق من الباطل ، يضاف إلى هذا أن تعلم السحر يفضي إلى العمل به ، والسحر لا يصلح إلا للشر والضرر بالخلق والوسيلة إلى الشر شر فيكون حراماً 000 هذا والله أعلم ) ( السحر – أحكامه – الوقاية منه – علاجه – في ضوء الفقه الإسلامي – ص 103 ) 0

              وقد وقفت على كلام غريب لأحمد عطية الله حيث يقول : ( لا يرى الفقهاء بأساً من العلم بفنون السِّحر ، لأن العلم في ذاته غير محظور ، بل حضَّ عليه القرآن والحديث ، فضلاً عن أنَّ هذا العلم ضروريّ للتفريق بين ما هو إعجاز إلهي وما هو شعوذة ، غير أنَّ اجتنابه أقرب إلى السلامة ) ( القاموس الإسلامي – منادة " سحر " ) 0

              قلت : وهذا الكلام فيه نظر ، وهو مجانب للصواب ، ويشم منه ما لا يطيب ، وهو كلام قريب مما ذكره الفخر الرازي ، وقد رد ابن كثير على هذا الكلام ، كما تفضل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين بالرد على هذا الكلام وتبيان فساد أصله ، ومن هنا فإني أدون بعض النقاط الهامة للرد على مثل هذا الكلام فأقول وبالله التوفيق :

              1)- لم يرو عن أحد من فقهاء الأمة فيما أعلم ممن يقول بجواز تعلم فنون السحر وخفاياه ، وقد بينت آنفاً أقوال علماء الأمة الأجلاء في حكم تعلم السحر وتعليمه 0

              2)- وقول الكاتب " لأن العلم في ذاته غير محظور " لا يؤخذ على إطلاقه ، فإن كان العلم من الذي ينتفع به ، ويتحقق من وراء تعلمه مصلحة شرعية عامة للمسلمين ، عند ذلك ينطبق الحكم على الوصف ، أما إن كان العلم المتعلَّم مما يضر ولا ينفع ولا يتحقق من ورائه أية مصلحة شرعية ، فلا يجوز تعلمه أو تعليمه بأي حال من الأحوال ، وهذا المفهوم الذي أشار إليه العلامة الشنقيطي – رحمه الله – حيث قال : ( وإذا أثبت الله أن السحر ضار ونفى أنه نافع ، فكيف يجوز تعلم ما هو ضرر محض لا نفع فيه ) ( أضواء البيان – 4 / 462 ) فما بالك والكلام يتعلق بتعلم السحر ودروبه وخفاياه ، والمسألة ها هنا لا تتعلق فقط بما يحدثه هذا العلم الشيطاني من ضرر على الفرد المسلم ، بل قد يتجاوز هذا الضرر المجتمع بأسره ويحدث ما يحدثه من خلل وهدم في دعائمه وركائزه وتقويض لأركانه ومقوماته ، والبحث الذي بين أيدينا يؤكد على ذلك بقوة ويؤصل هذا الأمر في النفوس والأفئدة 0

              3)- أما قول الكاتب " بل حضَّ عليه القرآن والحديث " فيه افتراء على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد بينت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الإسلام وضع مسألة السحر في حجمها الطبيعي ، وتناولها بما تستحقه من الإيضاح والتبصير 00 تناولها تعريفاً وتشخيصاً ووقاية ، تعرض لها من جانب العرض وجانب الطلب ، فحارب السحرة ، وجعل حد الساحر القتل ، وعرض القرآن مسألة الملكين في قوله تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ 000 ) إلى قوله تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) ، لا يعني مطلقاً أن القرآن يحض على تعلم السحر وتعليمه ، بدليل قوله سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) ، وهذا يؤكد أن النص القرآني يحدد المعالم الرئيسة لتعلم هذا العلم وأنه يقود حتماً للكفر بالله سبحانه وتعالى ، والنصوص الحديثية أكدت على هذا المفهوم ، ويمكن للقارئ الكريم مراجعة " أدلة السحر وتحريمه من السنة المطهرة " 0

              4)- أما قول الكاتب " أنَّ هذا العلم ضروريّ للتفريق بين ما هو أعجاز إلهي وما هو شعوذة " فهو كلام غريب ، حيث أن الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر واضح المعالم لا يحتاج بأي حال من الأحوال لتعلم ما يقود للكفر وسخط الله سبحانه وتعالى ، فالمعجزة لا تكون إلا لنبي ، والكرامة لا تكون إلا لولي صالح ، والسحر لا يكون إلا لرجل فاجر باع نفسه وأهله للشيطان ، وكل إناء بما فيه ينضح ، وقد تكلمت في كتابي الموسوم ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) عن ذلك بشرح وإسهاب عن الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر فلتراجع 0

              5)- لا بد من اليقين بالنسبة للقارئ الكريم أن تعلم السحر يفضي قطعاً للشرك أو الكفر بالله عز وجل ، ودون ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال تعلم السحر على أصوله وفنونه وقواعده 0

              6)- أعتقد جازما بأن من يطّلع على هذا الكتاب تترسخ لديه قناعة كاملة ، ويتأكد لديه بما لا يدع مجالاً للشك أن التفكير في السحر ودروبه وخفاياه يبعث النفس على التقزز والاشمئزاز ، فَأنّى لأحد أن يبيح هذا الأمر أو أن يقره 0
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #8
                وبعد هذا العرض الشامل لأقوال علماء الأمة بخصوص حكم تعلم السحر وتعليمه ، يطرح السؤال التالي :

                هل يقتضي التعليم والتعلم كفراً ؟

                سبق القول من خلال سياق أقوال علماء الأمة الأجلاء بأن جمهور العلماء اتفقوا على تحريم السحر تعلماً وتعليماً إلا أنهم اختلفوا في تكفير الساحر على قولين :
                القول الأول : يكفر الساحر بتعلم السحر وتعليمه سواء اعتقد إباحته

                أو تحريمه ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية ( نقل الطحطاوي عن الكمال بن الهمام ما نصه : " ونقل الكمال عن الأصحاب ومالك وأحمد إن الساحر يكفر بتعلمه وفعله سواء أعتقد تحريمه أو لا " – أنظر حاشية الطحطاوي على الدر المختار – 2 / 484 ، فتح القدير للكمال بن الهمام – 5 / 333 ) والمالكية ( عند المالكية : " يكفر بتعلم السحر أي مباشرته سواء كانت المباشرة من جهة تعلمه أو تعليمه أو عمله ، والمشهور إن تعلم السحر كفر وإن لم يعمل به ، قاله مالك لأنه قول يعظم به غير الله وتنسب إليه المقادير " – أنظر الشرح الصغير على أقرب المسالك للدردير – 4 / 433 ، الخرشي وحاشية العدوي بهامشه – 4 / 63 ) والحنابلة ( عند الحنابلة : " يكفر الساحر بتعلمه وتعليمه كاعتقاد حله ، وكفر أبو بكر الحنبلي الساحر بعمله السحر – انظر بتصرف " المبدع " – 9 / 188 ، المغني – 8 / 151 ) وهو رواية عن الإمام أحمد ، والشافعية ( المجموع شرح المهذب – 19 / 241 ) في حالة ما إذا علم أو تعلم السحر معتقداً إباحته مع العلم بتحريمه لأنه كذب الله ورسوله في خبره فيقتل كما يقتل المرتد ، ومعنى هذا أن الشافعية يكفرون من تعلم السحر مستحلاً له منكراً لتحريمه 0
                القول الثاني : لا يكفر وبهذا قال الإمام أحمد في رواية ( المغني – 8 / 151 ، المبدع – 9 / 188 ) ثانية عنه وإلى القول بعدم التكفير ذهب الشافعية ( المجموع شرح المهذب – 19 / 241 ) في حالة ما إذا علم أو تعلم السحر واعتقد تحريمه وإلى عدم التكفير ذهب بعض أصحاب أبي جنيفة ( حاشية الطحطاوي – 2 / 485 ) فيمن تعلم السحر ليعلم حقيقته ويتوقى عنه لا ليستعمله 0
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #9
                  قال الرسول صلي الله عليه وسلم (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )


                  وعن أبي عبد الله النعمان بن البشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الحلال بَيِّن وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب رواه البخاري ومسلم.
                  هذا الحديث -حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عَدَّه العلماء ثلث الدين أو ربع الدين؛ فإن الإمام أحمد قال: أحاديث الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات وحديث عائشة السابق: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث النعمان بن بشير.
                  وذلك أن حديث النعمان دَلَّ على أن الأشياء منقسمة إلى حلال بَيِّن، وإلى حرام بَيِّن، وإلى مشتبه.
                  فالحلال البَيِّن والحرام البَيِّن واضح الحكم، والمشتبه جاء حكمه في هذا الحديث، والحلال يحتاج إلى نية، وإلى متابعة، وعدم إحداث فيه من أمور العبادات والمعاملات، وكذلك الحرام يحتاج إلى نية في تركه حتى يؤجر عليه، إلى آخر ذلك.
                  فصار هذا الحديث ثلث الإسلام.
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #10
                    وأبو داود صاحب السنن جعل الأحاديث أربعة، وزاد عليها حديث: الدين النصيحة الحديث الذي سيأتي بعد هذا -إن شاء الله تعالى.
                    هذا يدل على أن هذا الحديث موضعه عظيم في الشريعة؛ فهو ثلث الدين لمن فهمه، ففيه أن الأحكام ثلاثة: حلال بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وحرام بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وثالث مشتبه لا يعلمه كثير من الناس، ولكن يعلمه بعضهم.
                    فالحلال البَيِّن الواضح من أتاه فهذا على بينة، بين للناس، والحرام البين الواضح أيضا بَيِّن للناس، لا اشتباه فيه، فمن انتهى عنه فهو مأجور، ومن وقع فيه فهو مأزور.
                    وهناك ما هو مشتبه، ومن أجل هذا المشتبه جاء هذا الحديث من الرءوف الرحيم -عليه الصلاة والسلام-، فقال: الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات .
                    الحلال البين مثاله أنواع المأكولات المباحة، تأكل اللحم والخبز، وتشرب الماء إلى آخره، أنواع العلاقات المالية المباحة، البيع الواضح، الصرف الواضح إلى آخره، أنواع الإجارة الواضحة، الزواج الواضح، وأشباه ذلك مما اكتملت فيه الشروط ولا شبهة فيه، فهذا بين يعلمه الناس، وأيضا هو درجات.
                    والحرام بين -أيضا- واضح مثل حرمة الخمر، وحرمة السرقة، وحرمة الزنا، وحرمة قذف الغافلات المؤمنات، وحرمة الرشوة، وأشباه ذلك مما الكلام فيها واضح لا اشتباه فيه.
                    القسم الثالث: قال: وبينهما أمور مشتبهات قال -عليه الصلاة والسلام-: "وبينهما" فجعل هذا القسم بين الحلال والحرام؛ وذلك لأنه يجتذبه الحلال تارة، ويجتذبه الحرام تارة عند من اشتبه عليه، فالذي اشتبه عليه هذا الأمر يكون عنده بين الحلال والحرام، لا يدري هل هو حرام أو هو حلال، إن نظر فيه من جهة قال هو حلال، وإن نظر فيه من جهة جعله حراما، وهذا عند كثير من الناس، وأما الراسخون في العلم فيعلمونه، يعلمون حكمه، هل هو حلال أو حرام؟.
                    فقال -عليه الصلاة والسلام-: وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فدل قوله: لا يعلمهن كثير على أن هناك كثيرا من الناس يعلمون الحكم.
                    هذه المشتبهات اختلف العلماء في تفسيرها، ما هي المشبهات؟ في أقوال كثيرة جدا، وصُنِّفَتْ فيها مصنفات، وشروح هذا الحديث في الكتب المطولة طويل أيضا في تفسير المشتبهات، ووضوحها ينبني على فهم معنى المشتبه في اللغة وفي القرآن أيضا.
                    أما في اللغة، فاشتبه الشيء: بمعنى اختلط، يعني: صار يتنازعه أشياء متعددة جعلته مختلطا على الناظر أو على السامع، اشتبهت الأشياء عند عينه، بمعنى اختلطت، ما يميز هذا من هذا، اشتبهت الأصوات عليه، يعني: تداخلت، فلم يميز هذا من هذا.
                    فالمشتبهات في اللغة لا يتضح منها الأمر عند كثير من الناس لضعف قوته، كما أن الناظر -لضعف بصره- اشتبه عليه، والسامع -لضعف سمعه- اشتبه عليه، فكذلك المسائل التي تُدْرَك بالقلب تدرك بالبصيرة، تشتبه من جهة ضعف البصيرة ضعف العلم.
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #11
                      أما في القرآن فجعل الله -جل وعلا- المشتبهات أو المتشابهات فيما يقابل المحكمات، في آية سورة "آل عمران" وهي قوله -جل وعلا-: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا .
                      فدلت الآية على أن المحكم ما كان واضحا بَيّنًا، والمشتبه ما يشتبه علمه على الناظر فيه.
                      وما في الحديث غير ما في الآية، من جهة أن ما في الآية من جهة المعاني -معاني الآيات- لأنه قال: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ .
                      فمعنى الآية يشتبه، والحديث من جهة العمل، من جهة الحكم، هل هذه من الحلال، أو هي من الحرام ؟
                      فإذن من جهة الاشتباه الأمر واحد، أن المشتبه فيما دلت عليه آية "آل عمران" هو غير الواضح، وهذا نستمسك به في تفسير المشتبه في هذا الحديث؛ لأن الكلمة إذا اشتبه معناها، أو اختلف العلماء في معناها، فإرجاعها إلى عُرْفِ الشارع، في كلامه، يعني إلى ما كان عليه استعمال الشارع في القرآن، فهذا يريحنا من إشكال تفسير الكلمة، فإذا نظرنا في هذه الكلمة مشتبهات، فجعلها بعض العلماء اختلاط المال المباح مع المال الحرام، جعلها بعضهم فيما اختلف فيه العلماء في أقوال ربما يأتي بعضها.
                      فتفسيرها الصحيح أن نجعلها مثل آية "آل عمران" يعني: ما اتضح ما لم يتضح للمرء، ما لم يتضح حكمه فهو مشتبه، وما اتضح حكمه من الحلال فهو حلال، وما اتضح حكمه من الحرام فهو حرام، وهذه محكمات، وما اشتبه حكمه فهو من غير الواضح، من المتشابهات، أو المشتبهات، أو المشبهات كما هي روايات في هذا الحديث.
                      الإمام أحمد -رحمه الله- وإسحاق وجماعة من أهل العلم فسروا المشتبهات بما اختلف الصحابة في حله وحرمته، أو اختلف العلماء في حله وحرمته، فقالوا -مثلا- أكل الضب اختلفوا فيه، فيكون من قبيل المشتبه، وقالوا: إن أكل ذي الناب من السباع اختلف فيه العلماء، فيكون من قبيل المشتبه، أو لبس بعض الملابس اختلفوا فيها، فيكون من قبيل المشتبه، وجعلوا اختلاف المال حلال وحرام، هذا من قبيل المشتبه في أشياء، وشرب ما يسكر كثيره من قبيل المشتبه، من جهة الناظر فيه، وهذا -في الحقيقة- ليس واضحا، وهذه إذا جُعِلَتْ من المشتبهات فهذا من جهة التأويل، لا من جهة كونها مشتبهات بينة.
                      فالإمام أحمد وإسحاق وجماعة إذا قالوا عن هذه الأشياء: إنها مشتبهات، فيعنون أنه ينبغي لمن ذهب إلى القول المبيح أن يستبرئ، من ذهب إلى القول المبيح في المُسْكِر لا بد له أن يستبرئ لدينه ويذهب إلى القول الآخر، في أكل الضب السنة فيه واضحة، فينبغي أن يترك رأيه إلى السنة للأمر الواضح، يعني: قالوا إنها من المشتبهات باعتبار الخلاف، وهذا ليس هو المقصود بالحديث؛ وإنما هم نظروا في اختلاف العلماء في ذلك.
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #12
                        والذي ينبغي حمل الأحاديث عليه ما ذكرت لك من أن المشبهات، أو المشتبهات، أو المتشابهات هي ما اشتبه علمه، ما اشتبه حكمه على من يحتاج إليه، فإذا اشتبه عليه حكم هذا البيع فاستبراؤه له حماية لعلمه، حماية لدينه، إذا اشتبه عليه حكم هذه المرأة، هل هي مباحة له أم غير مباحة؟ فالاستبراء أن يتوقف حتى يأتيه إما أن تكون حلالا بينا أو حراما بينا.
                        إذا تقرر ذلك فإنه، إن المشتبهات هذه لها حالان:
                        الحال الأولى: ما يتوقف فيه العلماء، فيتوقف العالم في حكم المسألة، يقول: أنا متوقف فيها. والعلماء توقفوا في شيء مثل بعض المسائل الحادثة الآن، تأتي مسألة -مثلا- من مسائل البيوعات أو مسائل المال الجديدة التي يحدثها الناس، والعلماء حتى ينظروا فيها لا بد أن يتوقفوا.
                        في بعض المسائل الطبية -مثلا- توقف العلماء، والعلماء توقفهم ليس عن عجز، ولكن حماية لدينهم هم؛ لأنهم سيفتون الأمة، وإذا أفتوا الأمة فالحلال الذي صار في الأمة حلالا منسوب إليهم، وهم وقعوا عن رب العالمين -جل وعلا- يعني: أفتوا عن الله -سبحانه-، فينبغي أن يتوقفوا حتى تتبين لهم، فإذا توقف العلماء في مسألة فإذن هي من المشتبهات حتى يتبين حكمها للعالم، هذا النوع الأول.
                        والنوع الثاني من المشتبهات: ما تشتبه على غير العالم، فينبغي أن لا يواقعها حتى يردها إلى العالم، ينبغي: يعني وجوبا؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "وبينهما" يعني: بين الحلال والحرام. أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس .
                        في قوله: لا يعلمهن كثير من الناس إرشاد إلى أن هناك من يعلم، فتسأل من يعلم عن حكم هذه المسألة.
                        قال: فمن اتقى الشبهات يعني: قبل أن يصل إليه العلم، أو في المسألة التي توقف فيها أهل العلم.
                        فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه أما استبراء الدين فهو من جهة الله -جل وعلا-؛ حيث إنه إذا استبرأ فقد أتى ما يجب عليه، متوقف فيها فأنا لا أقدم عليها؛ لأنها ربما كانت حراما، والمؤمن مُكَلَّف، فينبغي عليه وجوبا ألا يأتي شيئا وهو يعلم أنه حلال، وإذا أراد أن يُقْدِم على شيء، يقدم على شيء يعلم أنه غير حرام.
                        فمن توقف عن الحلال المشتبه أو عن الحرام المشتبه فقد استبرأ للدين؛ لأنه ربما واقع، فصار حراما، وهو لا يدري.
                        هل يقال هنا: هو لا يدري معذور؟ لا، غير معذور؛ لأنه يجب عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هذه المسألة، يأتيها على أي أساس؟ هو مكلف، لا يعمل عمل إلا بأمر من الشرع، فلهذا قال: فقد استبرأ لدينه .
                        قال: "وعرضه" وعرضه لأنه -في أهل الإيمان- من أقدم على الأمور المشتبهات فإنه قد يُوقَع فيه، قد يُتَكَلَّم فيه بأنه قليل الديانة؛ لأنه لم يستبرئ لدينه، فإنه إذا ترك مواقعة المشتبهات استبرأ لعرضه، وفي هذا حث على أن المرء لا يأتي ما يُعاب عليه في عرضه، فالمؤمن يرعى حال إخوانه المؤمنين، ونظرة إخوانه المؤمنين إليه، ولا يأتي بشيء يقول: أنا لا أهتم بقول أهل الإيمان، لا أهتم بقول أهل العلم، لا أهتم بقول طلبة العلم؛ فإن استبراء العرض حتى لا يوقع فيه هذا أمر مطلوب.
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #13
                          وقد جاء في الأثر: "إياك وما يشار إليه بالأصابع". يعني: من أهل الإيمان، حيث ينتقدون على العامل عمله فيما لم يوافق فيه الشريعة.
                          قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام هنا "وقع في الحرام" فُسِّرَتْ بتفسيرين: الحرام الذي هو أحد الجانبين الذي الشبهات فيما بينهما؛ لأن جانب حلال، وجانب حرام، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام الذي هو أحد الجهتين، وفُسِّرَ الحرام بأنه وقع في أمر مُحَرَّم؛ حيث لم يستبرئ لدينه، حيث وقع في شيء لم يعلم حكمه، شيء مسألة واقعتها بلا علم منك أنه جائز، فلا شك أن هذا إقدام على أمر دون حجة.
                          فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام وهذا في المسائل التي تتنازعها الأمور بوضوح، هناك مسائل من الورع يستحب تركها، ليست هي المقصودة بهذه الكلمة؛ لأنه قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .
                          ثم مَثَّلَ ذلك -عليه الصلاة والسلام- بقوله: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه الراعي يكون معه شيء من الماشية، الماشية من طبيعتها أنها -في بعض الأحيان- تخرج عن مجموع الماشية وتذهب بعيدا، فإذا قارب حمى محمية، مثلا: أرض محمية للصدقة، أو محمية في ملك فلان، أو ما أشبه ذلك، فإن مقاربته بماشيته للحمى لا بد أن يحصل منها بعضها منهم، ويأخذ من حق غيره.
                          وهذا تمثيل عظيم في أن حِمَى الله محارمه وما هو داخل هذا الحمى هو الدين، وهذه المحارم حمى، فمن قارب فلا بد أن يحصل منه مرة أن يتوسع، فيدخل في الحرام، حتى في الأمور التي يكون عنده فيها بعض التردد، لا كل التردد.
                          فلهذا مَثَّلَ -عليه الصلاة والسلام- بهذا المثال العظيم، فقال: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه لأنه قَارَب.
                          قال: ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه فحمى الله محارمه، بها يقوَى دين المرء.
                          فهذا الحديث واضح الدلالة في أن من قارب الحمى، من قارب المحارم، من قارب الحرمات فإنه يوشك أن يقع في المحرم من جرّاء تساهله.
                          نفهم من هذا الحديث أن الحلال البَيِّن واضح، والحرام البين واضح، والمشبهات المشتبهات عرفنا تعريفها، وحكمها، وتقسيمات الكلام عليها، وأنه يجب على صاحب الدين، يجب على المسلم ألا يأتي شيئا إلا وهو يعلم حكمه، إذا لم يعلم فليسأل، فتكون إذن المسألة مشتبهة عليه، ويزول الاشتباه بسؤال أهل العلم، فإن بقيت مشتبهة على أهل العلم، فإنه -يعني حتى يحكموا فيها- فإنه يتوقف معهم حتى يعمل ذلك.
                          هناك مسائل ليست مشتبهة -يعني في الأحكام- لكونها تبع الأصل جريان القواعد عليها، دخولها ضمن الدليل، فإذن المسائل التي اختلف العلماء فيها لا تدخل ضمن هذا الحديث من جهة كونها مشتبهة؛ بل نقول: هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فإذن يخرج منها بتاتا على جهة أن من وقع فيها وقع في الحرام، لا؛ ولكن هذا على وجه الاستحباب.
                          وهذا هو الذي فهمه العلماء من الحديث: أن الخروج من خلاف العلماء مستحب، يعني: أن العلماء إذا اختلفوا في مسألة، فالخروج من خلافهم إلى متيقن، هذا مستحب، وهذا صحيح باعتبارات، وفي بعض تطبيقاته قد لا يكون صحيحا في تفاصيل معلومة.
                          مثاله -مثلا-: قصر الصلاة في السفر، جمهور العلماء -يعني جمهور الأئمة الأربعة- مالك والشافعي وأحمد حَدّوا المدة بنية إقامة أربعة أيام فصاعدا، في أنه إذا نوَى إقامة أربعة أيام فصاعدا لم يترخص برخصة السفر، وهناك قول ثانٍ للحنفية بأن له أن يترخص ما لم يُزْمِع إقامة أكثر من خمسة عشر يوما، وهناك قول ثالث لشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم: بأن له أن يترخص حتى يرجع إلى بلده.
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #14
                            فهذه أقوال ثلاثة: القول الأول -وهو كونها أربعة أيام- رُجِّحَ على غيرها من جهة أن المسألة من حيث الدليل مشتبهة، وإذا كان كذلك فالأخذ فيها باليقين استبراء للدين؛ لأن الصلاة ركن الإسلام الثاني، فأَخْذُ اليقين في أمر الصلاة هذا مما دَلَّ عليه هذا الحديث، لأنه استبراء للدين؛ لأن الأربعة أيام هذه بالاتفاق أنه يترخص فيها، وأما ما عداها فهو مختلف فيه، فإذا كان كذلك فالخروج من الخلاف هنا مستحب، فنأخذ بالأحوط.
                            ولهذا رجح كثير من المحققين هذا القول باعتبار الاستبراء، وأن في الأخذ به اليقين في أمر الصلاة، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم الأركان العملية.
                            من المسائل التي -أيضا- يتعرض لها العلماء في هذا الحديث الأكل من مال من اختلط في ماله الحلال الحرام، أعني رجلا مثلا في ماله حرام، نعلم أنه يكتسب من مكاسب محرمة؛ إما أنه يرتشي، أو عنده مكاسب من الربا، أو ما أشبه ذلك، وعنده مكاسب حلال، فما الحكم في شأنه؟
                            جعله بعض العلماء داخلا في هذا الحديث، وأن الورع الترك على سبيل الاستحباب؛ لأنه استبراء.
                            وطائفة من أهل العلم قالوا: بحسب ما يغلب، فإن كان الغالب عليه الحرام فإنه يُسْتَبْرَأ، وإن كان الغالب عليه الحلال فإنه يجوز أن تأكل منه، ما لم تعلم أن عَيْن ما قُدِّمَ لك من الحرام.
                            وقال آخرون -منهم ابن مسعود -رضي الله عنه-: لك أن تأكل، والحرام عليه، لتَغَيُّر الجهة، فهو اكتسبه من حرام، وحين قدم لك قدمه على أنه هدية، أو على أنه إضافة أو هبة، أو ما أشبه ذلك، وتَغَيُّر الجهة يغير الحكم كما في حديث بريرة: قالوا: يا رسول الله، في اللحم إنه تصدق به على بريرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأكل الصدقة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: هو عليها صدقة، ولنا هدية .
                            لاختلاف الجهة، مع أنه عين المُهْدَى وهو اللحم، فقال جماعة من الصحابة ومن أهل العلم: إنه يأكل والحرام على صاحبه، على من قدمه، وأما هذا فقدمه على أنه هدية، فلا بأس بذلك.
                            وقال آخرون في هذه المسألة: إنه يأكل منه ما لم يعلم أن هذا المال بعينه حرام، يعني: أن عين ما قَدَّم حرام، فإذا علم أن عين ما قدم حرام فلا يجوز له أكل هذا المعين، ويجوز أكل ما سواه، واستدلوا على ذلك بأن اليهود كانوا يقدمون الطعام للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانوا يأكلون الربا، وكان -عليه الصلاة والسلام- ربما أكل من طعامهم.
                            فيه تفاصيل، المقصود من هذا -كمثال- لاختلاف العلماء في تنازعٍ في هذه المسألة، هل تدخل في هذا الحديث أم لا؟ وجملتهم على دخوله من جهة الورع، وليس على دخوله من جهة أنه من أكل فقد أكل حراما، مع أن عددا من المحققين رَجَّحوا قول ابن مسعود، وهو ترجيح ظاهر من حيث الدليل، كابن عبد البر في "التمهيد" وكغيره من أهل العلم في تفاصيل يطول الكلام عليها.
                            قال -عليه الصلاة والسلام-: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب .
                            فهذا فيه أن صلاح القلب -الذي هو معدن الإيمان- به يكون التورع، به يكون التوقف عن الشبهات، به يكون الإقدام على المحرمات، هذا راجع إلى القلب، والقلب إذا صلح، صلح الجسد كله في تصرفاته، وإذا فسد فسد، الجسد كله.
                            تعليق هذا بالقلب، قال: ألا وإن في الجسد مضغة والقلب -من حيث إدراك المعلومات- هو الذي يدرك، فعند المحققين من أهل العلم، والذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة أن هذا معلق بالقلب، يعني: حصول الإدراكات، وحصول العلوم، والصلاح والفساد والنيات. .إلى آخره، هذا معلق بالقلب.
                            إذا كان كذلك، فما وظيفة الدماغ أو المخ ؟
                            وظيفته الإمداد، هذا على قول المحققين من أهل العلم، فاختلفوا في العقل؛ هل هو في القلب أم في الرأس؟ والصحيح أنه في القلب، والعقل ليس جرما؛ وإنما المقصود به إدراك المعقولات، والدماغ وما في الرأس هذه وسيلة تمد القلب بالإدراكات.
                            القلب هل يدرك من جهة كونه مضغة ؟
                            لا، يدرك من جهة كونه بيت الروح، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
                              أما بعد. . سبق في الكلام على حديث النعمان بن بشير في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ونزيد المسألة بيانا بأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: من وقع في الشبهات وقع في الحرام أنه لشدة مقاربته للحرام، فإنه صُوِّرَ كأنه واقع فيه، فإن الذي يقع في الشبهات يؤدي به ذلك إلى مواقعة الحرام، كما مَثَّلَ له -عليه الصلاة والسلام- بقوله: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه .
                              والقول الثاني: أن الوقوع في الحرام، أنه لاشتباه الأمر عليه، وعدم دخوله فيه بحجة أنه ربما وقع في الحرام، يعني: في أن هذا الأمر حكمه الحرمة، فوقع فيه من غير علم، وكان وقوعه فيه نتيجة لعدم استبرائه وبعده عن المشتبهات.
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X