إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدستور الخالد

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدستور الخالد




    يقول تعالى: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ))، ويقول سبحانه: ((وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)).
    لقد أخذ الله تبارك وتعالى عهداً على نفسه: أن من قرأ القرآن، واتبعه، وعمل بما فيه، وتابعه في أوامره، واجتنب نواهيه ألا يضله في الدنيا يوم يضل المضلين، وألا يشقى في الآخرة يوم يشقى الأشقياء، وأخذ على نفسه تبارك وتعالى عهداً أن من أعرض عن كتابه، وعن تدبر آياته وجعل كلامه ظهرياً ولم يتلوه ولم يتدبره، ولم يعمل به أن يجعل معيشته في الحياة الدنيا ضنكاً ويجعله خاسئاً حسيراً، مطروداً من رحمة الله، وأن يخزيه في الآخرة، وأن يفضحه على رءوس الأشهاد، وأن ينكل به، قال سبحانه وتعالى: ((فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذكْري فَإن لَه مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحْشره يَوْمَ الْقيَامَة أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لمَ حَشَرْتَني أَعْمَى وَقَدْ كنتُ بَصيرًا * قَالَ كَذَلكَ أَتَتْكَ آيَاتنَا فَنَسيتَهَا وَكَذَلكَ الْيَوْمَ تنسَى)) ينساه الله ولا ينسى، سبحانه وتعالى؛ ولكنه يسقطه في العذاب ويدعه.
    ولذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: [من تبع هذا القرآن هداه الله وسدده في الدنيا وأسعده الله في الآخرة، ومن أعرض عنه أضله الله في الدنيا، وجعل معيشته ضنكاً، وأخزاه في الآخرة].
    والمعيشة الضنك: هي: أن يسد الله سبحانه وتعالى عليه أبواب الطلب، وأبواب السرور، وأبواب النجاح والسعادة، ولو جمع المال والولد، ولو ترقى في المنصب؛ لكن الله يبغضه ويضيق عليه، ويجعله خاسئاً، كأن اللعنة جمعت في وجهه. ولذلك يقول الله للناس: ((أَفَلا يَتَدَبرونَ الْقرْآنَ وَلَوْ كَانَ منْ عنْد غَيْر الله لَوَجَدوا فيه اخْتلافًا كَثيرًا))، يقول: ما لهم لا يتدبرون هذا الكتاب العظيم؟
    ولو كان من تصنيف البشر، ولو كان من تأليف الإنسان لكان فيه النقص، ولكان فيه السلب والتناقض، فما الذي يمنعهم إذاً من أن يتدبروا كتاب الله الحكيم؟
    ويقول عز من قائل: ((أَفَلا يَتَدَبرونَ الْقرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالهَا))، أقفلت القلوب بالمعاصي والسيئات فلا تعي القرآن، ولا تفهم القرآن؟
    ويقول عز من قائل: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ))؛ ولذلك بعث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحوة في قلوب أصحابه بالقرآن، فجعلهم خير أمة تمشي على الأرض، وخير أمة تحضر العرض، وخير أمة تقيم ميزان الله في الأرض.
    بل كان الصحابة يسمع الواحد منهم الآيات فينطلق بها شعلة، وتوقداً وهداية، وأمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر.
    مر صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، فوجد ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، قبل أن يسلم وهو غلام يرعى الغنم، وطلب منه صلى الله عليه وسلم شيئاً من لبن، فاعتذر بأنها كلها حوائل، فقال: (قرب لي شاة منها، قال: إنها حائل، -أي: ليس بها لبن- فقال صلى الله عليه وسلم: ولو كان، فلما قرب الشاة إليه، مسح صلى الله عليه وسلم على ضرعها وسمى وبرك، وقرأ شيئاً من القرآن. فقال ابن مسعود : علمني من هذا، ولم يعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إنك غلام معَلم) (1) .
    فأسلم رضي الله عنه وأرضاه، فزاده الإسلام نوراً وذكاءً وتوقداً، ما شهد التاريخ مثلها لدين إلا لذاك الدين، بل سمع سورة الرحمن فحفظها لأول مرة، وذهب بها إلى الحرم، وأصنام الضلالة وعملاء الجهالة؛ من أمثال أبي جهل و أبي لهب في الحرم يصدون عن كتاب الله، وعن رسالة الله، وعن بيت الله، فقام يقرأ عليهم سورة الرحمن، وأخذوا يضربونه على وجهه الكريم، فما قطعها حتى انتهى منها، ثم سقط مغشياً عليه في الأرض. لقد كان دقيقاً في بنيته، ولكن هذا الدين، وهذا القرآن يصنع العجائب في الناس.
    يقول المؤرخون: كان ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، إذا قام تساوى بالرجل الجالس، أي: أن قامته تتساوى بالرجل الجالس، ولكن علم الله ما في قلبه من السعادة.
    صعد شجرة ذات يوم، فأخذت الريح تهز أغصان الشجرة، وهو عليها كالعصفور، فتضاحك الناس من دقة ساقيه، ومن نحافة جسمه، فقال صلى الله عليه وسلم: (أتضحكون من دقة ساقيه! والذي نفسي بيده إنهما في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد) (1) .
    هنا العظمة، يوم تكون العظمة بالقلوب وهنا القوة، يوم تكون القوة بالأرواح، يوم يتساقط الأشقياء، ولو كانت أجسامهم كأجسام البغال.
    يقول صلى الله عليه وسلم وهو يجلس مع هذا التلميذ البار، مع ابن مسعود : (اقرأ علي القرآن) فيخجل رضي الله عنه وأرضاه، ويستحي أن يقرأ أمام معلم البشرية، وهادي الإنسانية ومزعزع كيان الوثنية فيقول: [يا رسول الله، كيف أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟
    ]
    قال: (اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري) فيندفع رضي الله عنه وأرضاه، في خشوع يقرأ فلما بلغ قوله تبارك وتعالى: ((فَكَيْفَ إذَا جئْنَا منْ كل أمة بشَهيد وَجئْنَا بكَ عَلَى هَؤلاء شَهيدًا))، قال: (حسبك الآن).
    قال ابن مسعود رضي الله عنه: [فنظرت إلى وجهه صلى الله عليه وسلم وإذا عيناه تذرفان] (1) .
    هكذا كانوا يعيشون مع القرآن، ويحيون معه.
    والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) (1) ، وبمفهوم المخالفة: أن: شرنا، وأحمقنا، وأضلنا: من أعرض عن القرآن، وعن العمل به وعن تدبره وعن تحكيمه.
    ويقول صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا سورة البقرة وآل عمران، اقرؤوا الزهراوين فإنهما يأتيان يوم القيامة كغمامتين أو غيايتين أو كفرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما) (1) .
    يا من أراد أن يستظل بذاك الظل في يوم الشمس، وفي يوم الكرب، وفي يوم الخوف، استظل بآيات الله سبحانه وتعالى. والقلب الذي لا يعي شيئاً من القرآن: قلب مخذول، وقلب ملعون وقلب مهزوم وقلب مغضوب عليه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : كل قلب لا تشرق عليه شمس القرآن فهو قلب ملعون، وكل نفس لا تشرق عليها شمس هذا الدين فهي نفس ملعونة.
    ويقول في كلمته المشهورة: من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا ينظر إليه ولا يزكيه، وله عذاب أليم. يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) (1) ، كالبيت الذي عششت فيه الطيور والغربان، وعششت فيه الحيات والزواحف، فهو لا يضيء، ولا يزهر، ولا يسعد، ولا يفرح. ويقول صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) (1) .
    ومن سادات المسلمين؛ الذين تعلموا القرآن، وعاشوا على القرآن:
    أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه.
    دخل أعرابي من أهل العراق ، والصحابة مجتمعون في المسجد النبوي الشريف، على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فإذا عمر بن الخطاب ، وهو أمير المؤمنين يتكلم بينهم كلما تكلم التفت إلى رجل منهم، فقال العراقي: من هذا يا أمير المؤمنين؟
    قال عمر : [ثكلتك أمك أما عرفت هذا؟
    هذا سيد المسلمين: أبي بن كعب].
    أنزل الله، عز وجل: ((لَمْ يَكن الذينَ كَفَروا منْ أَهْل الْكتَاب وَالْمشْركينَ منفَكينَ حَتى تَأْتيَهم الْبَينَة))، على رسوله، وأمر جبريل عليه السلام، أن يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السورة على أبي بن كعب .
    يا للفضل! ويا للشرف! فيأتي صلى الله عليه وسلم بتواضعه وبحسن خلقه، يأتي بالسورة في صدره، ويطرق الباب على أبي بن كعب ، فيخرج أبي فيقول: (فداك أبي وأمي يا رسول الله، شرفتني بزيارتك والله، ما من أهل الأرض أحد يشرف بزيارة أحد إلا أنا هذا اليوم، فلما بسط له البساط وجلس صلى الله عليه وسلم قـال: يا أبي .
    قال: لبيك، يا رسول الله.
    قال: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن.
    قال أبي مندهشاً متعجباً: أسماني ربي في الملأ الأعلى؟
    فقال صلى الله عليه وسلم: إي والله، لقد سماك في الملأ الأعلى.
    فبكى رضي الله عنه وأرضاه، واندفع صلى الله عليه وسلم يقرأ عليه القرآن) (1) .
    و (صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، فتجاوز آية من سورة نسيها، فلما سلم صلى الله عليه وسلم قال الصحابة: يا رسول الله نسيت آية، أنسخت أم نسيتها؟
    قال: أفي القوم أبي بن كعب ، ولم يسأل إلا عنه.
    فقال: نعم، يا رسول الله.
    قال: يا أبا المنذر أنسيت آية، قال: إي نعم، فقال: فما منعك؟
    .) (1) -أي: ما الذي منعك أن تفتحها.
    فتأكد صلى الله عليه وسلم لما أعطى أهل التخصص تخصصهم، وأهل التأهيل بمؤهلاتهم على حد قول المثل: (أعط القوس باريها).
    يقول صلى الله عليه وسلم وهو يجلس مع الصحابة، ومعهم أبي بن كعب : (يا أبي ! أي آية في كتاب الله أعظم.
    قال: الله ورسوله أعلم.
    قال: أي آية في كتاب الله أعظم؟
    قال: ((اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))، آية الكرسي.
    فضرب صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر) (1) .
    هذا هو العلم النافع المفيد في الدنيا والآخرة.
    ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم، لا يشغلهم شاغل عن القرآن، وكثير من الناس اليوم يعتذرون بأطفالهم وبأسرهم وبتجارتهم وبمناصبهم عن تلاوة القرآن وتدبره، فلا حياة لهم إذن.
    كان عثمان وهو خليفة رضي الله عنه وأرضاه، يجلس من صلاة الفجر، فيفتح مصحفه حتى الظهر، فيقول له الصحابة: لو رفقت بنفسك يا أمير المؤمنين.
    قال: [والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن] وكان يصلي الليل ويقرأ القرآن في ركعة.


    ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا


    هذا وهو خليفة وهو مسؤول عن الأمة، وأمور الأمة تدار تحت يديه، فلم يشغله شاغل عن القرآن، حتى يقول ابن عباس وهو يقرأ قوله تعالى: ((أَمنْ هوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليْل سَاجدًا وَقَائمًا يَحْذَر الآخرَةَ وَيَرْجوا رَحْمَةَ رَبه قُلْ..))، بكى، وقال: [ذلك عثمان بن عفان].
    فواجب على المسلم: أن لا يشغله شاغل عن كتاب الله، ولا يصده صاد، بل عليه أن يعيش حياة المسلم الحقة، إن كان يريد الحياة، وإن كان يريد السعادة في الدنيا والآخرة.
    وكثير من القلوب نعوذ بالله ونبرأ إلى الله، أن تكون قلوبنا كقلوبهم، هجروا القرآن، وأعرضوا عنه وابتعدوا عنه واستعاضوا عنه بكتب ساذجة، أو أغان ماجنة، فهؤلاء حرموا أنفسهم حلاوة الإيمان. فالمسلم واجب عليه أن يتمتع بآيات القرآن، ويفرح بتلاوتها أو سماعها.
    ففي الحديث عن أبي موسى قال: (كنت ليلة من الليالي أقرأ القرآن في مسجده صلى الله عليه وسلم، وإذا به يستمع مني، فلما أصبحت سلم علي صلى الله عليه وسلم، وقال: لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود (1) . فرد أبو موسى : لو علمت أنك تسمع لقراءتي لحبرته لك تحبيراً) (1) . أي: زينته وجملته وحسنته، ليكون أبلغ تأثيراً في القلوب.
    فالصوت الحسن عجيب، يفعل في القلوب فعلاً حسناً، إذا كان بآيات الله البينات وبمواعظه الجليات.
    وفي تفسير ابن أبي حاتم أنه: (صلى الله عليه وسلم مر في سكة من سكك المدينة فسمع عجوزاً تقرأ وهي تردد من وراء الباب: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ))، تقف عندها وترددها وتقول: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فوضع رأسه يبكي ويقول: نعم أتاني، نعم أتاني) (1) .
    فأين رجالنا من هذه العجوز في تهجدها وتدبرها وتلاوتها؟
    أين الرجال، وأين شباب الأمة الذين أعرض الكثير منهم، إلا من رحم الله عن معايشة هذا القرآن؟
    إننا أمة خالدة، لا خلود لنا إلا بكتابنا العظيم، ولا بقاء لنا إلا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن هجرناه وتركناه ضعنا والله، وأخذتنا المبادئ الهدامة، واستولت علينا الأمم الحاقدة؛ التي تحقد على هذه البلاد وعلى شريعتها، وعلى أبنائها وعلى مؤسساتها، وعلى حرمتها وقدسيتها وشرفها فلا ملجأ لنا إلا الله، ولا كافل لنا إلا الله وأي حل آخر، معناه: الخسارة والندامة. ولذلك يقول المستشرق المجري جولد تسيهر : لن يغلب هؤلاء العرب ما دامت فيهم ثلاث -وهو يعني المسلمين، فلا عروبة تفصل عن الإسلام، ولا إسلام إلا لمن أسلم وجهه لله- الثلاث هي: صلاة الجمعة، والكتاب العظيم كتاب الله، والحرمين الشريفين القبلة والحرم النبوي.
    فإذا بقيت هذه الثلاث بقينا إن شاء الله.
    إن هذا القرآن دستور الأمة الخالدة، يا أبناء من أهدى الهداية إلى الإنسانية، يا أحفاد من نشروا لا إله إلا الله، وساروا بها مهللين ومكبرين، مشرقين ومغربين، إن هذه الأمة أمة ريادة تعطي الناس من القرآن ولا تأخذ منهم شيئاً، وتوجه الناس إلى الحق ولا تتوجه بهم.
    قال أحد الصحابة رضوان الله عليهم: كنت مع عمر رضي الله عنه وأرضاه، لما ذهب يعتمر، فلقي مولاه على مكة ، فقال: [لمن تركت إمارة مكة ؟
    ]
    قال: تركتها لـابن أبزى .
    قال عمر : [ومن ابن أبزى هذا؟
    ]
    قال: مولى لنا يا أمير المؤمنين.
    قال: [ثكلتك أمك ومولى أيضاً] .
    قال: يا أمير المؤمنين، إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض.
    قال عمر رضي الله عنه: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً وبضع به آخرين) (1) .
    وقد جربنا أطوارنا مع التاريخ، فكلما تمسكنا بالقرآن، كلما انتصرنا، وكلما تركناه خذلنا.
    ففي القرن السابع ترك العمل بالقرآن، وأخلي العمل بالقرآن، فأتى الرافضة ، ومن ورائهم التتار المغول مع جنكيزخان ، قتلوا في ثمانية أيام ثمانمائة ألف، ودمروا مساجدنا، وأحرقوا مصاحفنا، وقتلوا أبناءنا ونساءنا.
    فعودة يا شباب الأمة وشيبها، وعودة يا رجالها ويا نساءها، أحيوا بيوتكم بالقرآن، وأحيوا قلوبكم بالقرآن، عمر الله قلوبنا وقلوبكم بكتابه، وأحيا الله أرواحنا وأرواحكم بآياته، وردنا إليه رداً جميلاً وهدانا إليه صراطاً مستقيماً.
    يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: ((وَقَالَ الرسول يَا رَب إن قَوْمي اتخَذوا هَذَا الْقرْآنَ مَهْجورًا)).
    قال بعض أهل العلم: هجر القرآن على خمسة أنواع: هجر تلاوته، وهجر تدبره، وهجر العمل به، وهجر التداوي به، وهجر تحكيمه في دنيا الناس.
    الهجر الأول: وهو هجر تلاوته: أن يهجره الإنسان فلا يتلوه، ولا يكون له حزب يومي، ولا يعود إليه، ولا يتأمل في أسطره، ولا يعيش مع آياته، فهذا عبد ضال مضل، وإن كان من القارئين المطلعين الذين يجيدون القراءة والكتابة. وهذا عبد طبع على قلبه واتبع هواه، واستغنى عن القرآن فلا أغناه الله، ومنهم من لا يعرف القرآن إلا من رمضان إلى رمضان.
    الهجر الثاني: وهو هجر تدبر القرآن: أن يقرأ القرآن وهو ساه لاه لاعب يردده بلسانه، وقلبه في السوق أو المزرعة أو في المكتب، أو المدرسة، قد أخرج روحه ووزعها مع الناس وقد أرسل عينيه، وهو يردد كلاماً لا يفهمه فهذا من الذين هجروا تدبر القرآن وكل الحياة وكل النور في تدبر هذا النور، فهذا أعرض عن التدبر فله أجر التلاوة، وأما أجر التدبر وما يحصل به من نور وإيمان وفقه واستنباط فلا يحصل عليه.
    الهجر الثالث: هذه الطائفة الثالثة هجروا القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً، وهؤلاء من الذين طبع الله على قلوبهم، واتبعوا أهواءهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يشهد عليهم، وإن قرؤوا القرآن فهو حجة عليهم لا حجة لهم؛ لأنهم لا يعملون به، فلا يصلون مع المصلين، ولا يزكون مع المزكين، ولا يتأدبون بآداب القرآن، بل يستهزئون بالصالحين فهؤلاء أشبه شيء بالمنافقين، بل هم منافقون: ((وَيَحْلفونَ بالله إنهمْ لَمنْكمْ وَمَا هُمْ منْكمْ وَلَكنهمْ قَوْم يَفْرَقونَ))، ((لا تَعْتَذروا قَدْ كَفَرْتمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)).
    والهجر الرابع: قوم هجروا التداوي به وقالوا: إن من الخزعبلات أن يقرأ القرآن على المريض أو المصروع، وكيف يستشفى بالقرآن؟
    وكيف يتداوى بالقرآن؟
    وكلامهم هذا خالف العقل والنقل، أما النقل فدلت النصوص على أنه يتداوى به ويستشفى به، وأما العقل فهو يؤمن بالأسباب، ومن ضمن الأسباب إنعاش الروح وإسعادها، وأكثر ما يسعدها وينعشها القرآن؛ ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشفي بالقرآن ويقرأه صلى الله عليه وسلم.
    فلما سحره اليهودي قرأ المعوذتين فشفاه الله، وإذا أراد أن ينام نفث على جسمه الطاهر صلى الله عليه وسلم وقرأ بالمعوذات.
    والهجر الخامس: أن تجعل مهمة القرآن في الحياة أن يقرأ في المآتم، أو في الأعراس أو المناسبات أو على القبور، فإذا أتى تحكيمه في دنيا الواقع في الاقتصاد، وفي السياسة وفي تدبير أمور الخلافة وفي الأدب والفن أعرضوا وتركوه، وقالوا: هذا شيء وذلك شيء، وما علموا أن مهمة القرآن هداية البشرية، وأن يحكم به الحاكم في الأمة: في اقتصادها وفي جيشها وفي علاقاتها وفي كل ما يمت إلى الحياة بصلة فهو دستور للحياة، وقائد إلى الآخرة، وهو موجه للأرواح.
    فلا ينبغي أن يصدكم صاد عن كتاب الله، أحيوه في منازلكم، وفي أسركم وفي بيوتكم، وفي مدارسكم وفي سيارتكم، أحيوا هذا الكتاب لتسعدوا، ولينصرنا الله، وليديم الله علينا الاستقرار والأمان، ولكي لا يغضب الله علينا فيزلزلنا كما زلزل غيرنا، ويمحقنا كما محق غيرنا، فإن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين.
    واعلموا أن من أكبر ما يعارض القرآن: الأغاني الماجنة التي جعلت شبابنا شباباً مائعين ضائعين تائهين، يكبر أحدهم فإذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره أخذ العود فدندن به أربعاً وعشرين ساعة، ونسي مهمته ومستقبله ونسي مصيره إلى الله، ونسي مكانته من العالم ثم أتى أمثاله فسموه الشاب الصاعد، وهو في الحقيقة نازل؛ لأن الصاعد هو الذي يكرم نفسه بالسجود لله، والذي يصعد هو الذي تعمل في قلبه لا إله إلا الله، والذي يصعد هو الذي يشرف بعبودية الله، والذي يصعد هو الذي ينقي نفسه من معصية الله.





  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
    اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تهدينا وتسددنا ، اللهم اهدنا وسددنا اللهم اهدنا واهدي بنا وأجري على أيدينا الخير لكثير من خلقك إلى يوم القيامة اللهم اجعلنا مباركين حيثما كنا اللهم قنعنا بما آتيتنا ..

    أخي الحبيب بارك الله فيك و جازاكم الله خيرا

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك اخي الفقير وجزاك عنا كل خير
      ان الله علم ما كان ومايكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان سيكون

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة صباحو مشاهدة المشاركة
        بسم الله الرحمن الرحيم
        ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
        اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تهدينا وتسددنا ، اللهم اهدنا وسددنا اللهم اهدنا واهدي بنا وأجري على أيدينا الخير لكثير من خلقك إلى يوم القيامة اللهم اجعلنا مباركين حيثما كنا اللهم قنعنا بما آتيتنا ..

        أخي الحبيب بارك الله فيك و جازاكم الله خيرا
        جزاك الله خير اخي صباحو ومشكور على المرور العطر



        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ابو الهدى مشاهدة المشاركة
          بارك الله فيك اخي الفقير وجزاك عنا كل خير
          جزاك الله خير اخي ابو الهدى ومشكور على المرور العطر



          تعليق


          • #6
            من كلام شيخنا صالح المغامسي حفظه الله

            إذاضيق عليك في الرزق

            قــــــــــــــــــــــــــــل

            (حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون)

            والدليل عليها

            إن الله قال في حق المنافقين ولو انهم قالوحسبناالله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون(والرسول مات لا تقول ورسوله)

            فأذا ضيق الله عليك فقل (حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون)

            هذا تعليم الله لعباده وأولياءه
            جعلنا الله وأياكم منهم

            تعليق


            • #7
              (حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون
              مشكووور ما قصرت
              sigpic

              تعليق


              • #8




                تعليق


                • #9
                  سلمة يمناك اخى الفقير الى ربى العالمين
                  مشاء الله تبارك الله
                  وفقك الله اخى الحبيب
                  لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الضالمين

                  تعليق


                  • #10
                    القران دستورنا .. والجهاد سبيلنا .. والله مولانا
                    [CENTER][SIZE=6][COLOR=#ff0000][FONT=microsoft sans serif]قدماء[/FONT][/COLOR][/SIZE]
                    [/CENTER]

                    [COLOR=#40e0d0][SIZE=4][SIZE=5][SIZE=6][SIZE=4][RIGHT]"[COLOR=#ff0000]ركني الحاني ومغناي الشفيق
                    [/COLOR][/RIGHT]
                    [/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE][/COLOR][SIZE=4][SIZE=5][SIZE=6][SIZE=4][LEFT][COLOR=#ff0000]وظلال الخلد للعاني الطليح[/COLOR][/LEFT]
                    [RIGHT][COLOR=#ff0000]علم الله لقد طال الطريـــــــــق [/COLOR][/RIGHT]
                    [LEFT][COLOR=#ff0000]وأنا جئتك كيما استريــــــح[/COLOR][COLOR=#40e0d0]"[/COLOR][/LEFT]
                    [/SIZE][/SIZE][/SIZE][/SIZE]

                    تعليق


                    • #11
                      "قالها صحابة النبى منذ اربعة عشر قرن ونقولها اليوم ( إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام )"]قالها صحابة النبى منذ اربعة عشر قرن ونقولها اليوم ( إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام )
                      الانسان دون إيمان وحش في قطيع لا يرحم
                      الانسان دون امل كنبات دون ماء
                      ودون ابتسامة كوردة دون رائحة
                      إنه من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه
                      للذكاء حدود لكن لا حدود للغباء
                      طعنة العدو تدمي الجسد . و طعنة الصديق تدمي القلب
                      حتى ولو فشلت يكفي شرف المحاولة

                      اغارمن كلماتي حينما اهديها لك .. فتعجبك كلماتي ولا اعجبك انا[SIGPIC][/SIGPIC]

                      تعليق


                      • #12
                        السلام عليكم
                        جزاك الله خير اخي الكريم
                        اخوك ابووجد..

                        تعليق


                        • #13
                          أخي الفاضل جزاك الله خيرا اللهم إجعل القران أنيسنا في الدنيا و في القبر و في الآخرة أمين يا رب العالمين

                          تعليق


                          • #14
                            اخي اثابك الله و جزاك خيرا
                            اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم و على آل ابراهيم انك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم انك حميد مجيد.و سلم تسليما .

                            تعليق


                            • #15
                              مشكوووووووووور

                              تعليق

                              يعمل...
                              X