إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المسالك والممالك

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    وإذا أخذت من القلزم غربي هذا البحر، فإنه ينتهي إلى برية قفرة، لا شيء فيها إلا أن يتصل ببادية البجة، والبجة قوم أصحاب أخبية شعر، أشد سوادا من الحبشة في زي العرب، لا قرى لهم ولا مدن ولا زرع، إلا ما ينقل لهم من مدن الحبشة واليمن ومصر والنوبة، وينتهي حدهم إلى ما بين الحبشة وأرض النوبة وأرض مصر، وينتهي إلى معادن الذهب، ويأخذ هذا المعدن من قرب أسوان مصر على نحو من عشر مراحل، حتى ينتهي إلى حصن على البحر يسمى عيذاب، ويسمى مجمع الناس بهذا المعدن العلاقي، وهو رمال وأرض مبسوطة لا جبل بها، وأموال هذا المعدن ترتفع إلى أرض مصر، وهو معدن ذهب لا فضة فيه، والبجة قوم يعبدون الأصنام وما استحسنوه، ثم يتصل ذلك بأرض الحبشة وهم نصارى، وتقرب ألوانهم من ألوان العرب بين السواد والبياض، وهم متفرقون في ساحل هذا البحر إلى أن يحاذي عدن، وما كان من النمور والجلود الملمعة وأكثر جلود اليمن "التي تدبغ للنعال" تقع منها إلى عدوة اليمن، وهم أهل سلم ليسوا بدار حرب، ولهم على الشط موضع يقال له زيلع، فرضة للعبور إلى الحجاز واليمن، ثم يتصل ذلك بمفازة بلد النوبة، والنوبة نصارى، وهي بلدان أوسع من الحبشة، وبها من المدن والعمارة أكثر مما بالحبشة، ويخترق نيل مصر فيما بين مدنها وقراها، حتى يتجاوز ذلك إلى رملة من أرض الزنج، ثم يتجاوزه إلى براري يتعذر مسلكها، ثم ينتهي هذا البحر حتى يتصل بأرض الزنج مما يحاذي عدن، إلى أن يمتد على البحر وتتجاوز محاذاتها جميع حد الإسلام، ويدخل فيما حاذى بعض بلدان الهند لسعته وكثرته، وبلغني أن في بعض أطراف الزنج صرودا فيها زنج بيض، وبلد الزنج هذا بلد قشف قليل العمارة وقليل الزروع، إلا ما اتصل بها من مستقر الملك.
    ديار المغرب
    وأما المغرب فهو نصفان يمتدان على بحر الروم، نصف من شرقيه ونصف من غربيه، فأما الشرقي فهو برقة وأفريقية وتاهرت وطنجة والسوس وزويلة وما في أضعاف هذه الأقاليم، وأما الغربي فهو الأندلس، وقد جمعتهما في التصوير، فأما الجانب الشرقي فإن الذي يحيط به من شرقيه حد مصر بين الإسكندرية وبرقة من حد بحر الروم، حتى يمضي على ظهر الواحات إلى برية تنتهي إلى أرض النوبة، وغربيه البحر المحيط ممتدا على حده، وشماليه بحر الروم الذي يأخذ من البحر المحيط، يأخذ من حد مصر على ما يحاذي برقة إلى طرابلس المغرب، ثم إلى المهدية ثم إلى تونس ثم إلى طبرقة ثم إلى تنس ثم إلى جزيرة بني مزغنا، ثم إلى ناكور ثم إلى البصرة ثم إلى أزيلة ثم إلى السوس الأقصى، ثم يمتد على برية ليس وراءها عمارة، وجنوبيه رمل من حد البحر المحيط حتى يمتد من وراء سجلماسة إلى زويلة، ثم يمتد إلى ظهر الواحات من أرض مصر، وأما الأندلس فإنه يحيط به مما يلي البحر المحيط من حد بلد الجلالقة، على كورة يقال لها شنترين، ثم إلى أخشنبة ثم إلى أشبيلية ثم إلى سدونة ثم إلى جزيرة جبل طارق ثم إلى مالقة ثم إلى بجانة ثم إلى بلاد مرسية ثم إلى بلاد بلنسية ثم إلى طرطوشة ثم يتصل ببلاد الكفر مما يلي البحر ببلاد الإفرنجة، ومما يلي البر ببلاد علجسكس ثم ببلاد بسكونس ثم ببلاد الجلالقة حتى ينتهي إلى البحر.
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #17
      فأما برقة فإنها مدينة وسطة ليست بكبيرة، وحواليها كورة عامرة كبيرة، وهي في مستو من الأرض خصبة، ويطيف بها من كل جانب بادية يسكنها طوائف من البربر، وقد كان يخرج إليها عامل من مصر، إلى أن ظهر المهدي عبيد الله المستولي على المغرب، فاستولى عليها وأزال عمال مصر، وأما طرابلس المغرب فهي من عمل أفريقية، وهي مدينة مبنية من الصخر على ساحل بحر الروم، خصبة واسعة الكورة حصينة جدا، وأما المهدية فإنها مدينة صغيرة استحدثها عبيد الله المستولي على المغرب، وسماها بهذا الاسم، وهي على البحر، وعبيد الله تحول إليها من القيروان، وهي من القيروان على يومين. وتونس مدينة كبيرة خصبة واسعة المياه والزروع، وهي أول عدوة الأندلس، يعبر منها ولا يعبر من دونها، إلا من المدن التي تلي المغرب، لأنها أول مدينة تحاذي الأندلس، وما دونها محاذ لبلاد الإفرنجة. وطبرقة مدينة صغيرة وبية بها عقارب قاتلة نحو عقارب عسكر مكرم، وبها في البحر معدن المرجان، وليس يعرض في الأرض معدن للمرجان إلا بها؛ وأما تنس فهي مدينة كبيرة، وهي عدوة إلى الأندلس أيضا، إلا أنها وبية؛ وجزيرة بني مزغنا مدينة عامرة، يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن؛ وناكور على شط البحر مدينة كبيرة يعبر منها أيضا إلى بجانة، وهي مدينة حصينة خصبة، وهي بحذاء جزيرة جبل طارق، وبينها وبين الجزيرة المذكورة عرض البحر أثنى عشر فرسخا، وأزيلة مدينة كبيرة على شط البحر المحيط، وهي خصبة كثيرة الخير، وهي أقصى المعابر إلى الأندلس، والسوس الأقصى اسم المدينة إلا أنها كورة عظيمة، ذات مدن وقرى وسعة وخصب، ويحتف بها طوائف من البربر، وأما البصرة وأزيلة فهما من إقليم طنجة، وطنجة هي كورة عظيمة، تحيط بمدن وقرى وبواد للبربر كثيرة، ومدينتها العظمى التي هي القصبة تسمى فاس، وهي المدينة التي بها يحيى الفاطمي، ولم يفتحها عبيد الله الخارج بالمغرب إلى حين تصنيف هذا الكتاب، وأما ناكور وجزيرة بني مزغنا في مدن وقرى كثيرة فقريبة من تاهرت الأعلى؛ ومدينة كورة تاهرت اسمها تاهرت، وهي مدينة كبيرة خصبة واسعة البرية والزروع والمياه، وبها الأباضية وهم الغالبون عليها، وسجلماسة مدينة وسطة من حد تاهرت، إلا أنها منقطعة لا يسلك إليها إلا في القفار والرمال، وهي قريبة من معدن الذهب، بينها وبين أرض السودان وأرض زويلة، ويقال إنه لا يعرف معدن للذهب أوسع ذهبا ولا أصفى منه، إلا أن المسلك إليه صعب، والاستعداد شاق جدا، وهي من مملكة عبيد الله، ويقال أن كورة تاهرت بأسرها من أفريقية، إلا أنها مفردة بالاسم والعمل في الدواوين، وسطيف مدينة كبيرة بين تاهرت وبين القيروان، وهي حصينة ولها كورة تشمل على قرى كثيرة وعمارة متصلة، وسكانها كتامة قبيلة من البربر، بهم ظهر عبيد الله، وكان أبو عبد الله المحتسب الداعي إلى عبيد الله مقيما بينهم، حتى تمهد أمره بهم، والقيروان هي أجل مدينة بأرض المغرب، خلا قرطبة بالأندلس فإنها أعظم منها، وهي المدينة التي كان يقيم بها ولاة المغرب، وبها كان مقام الأغلب وبنيه إلى أن أزال ملكهم أبو عبد الله المحتسب، وخارج القيروان أبنية كانت معسكر آل الأغلب ومقامهم بها كان، وتسمى الرقادة، إلى أن استحدث عبيد الله المهدية على شط البحر، فأقام به وانتقل عن رقادة، وأما زويلة فإنها من حد المغرب، وهي مدينة وسطة لها كورة عريضة، وهي متاخمة لأرض السودان، وبلدان السودان بلدان عريضة إلا أنها قفرة قشفة جدا، ولهم في جبال لهم عامة ما يكون في بلاد الإسلام من الفواكه، إلا أنهم لا يطعمونه، ولهم أطعمة يتغذون بها من فواكه ونبات، وغير ذلك مما لا يعرف في بلدان الإسلام، والخدم السود الذين يباعون في بلدان الإسلام منهم، وليس لهم بنوبة ولا بزنج ولا بحبشة ولا من البجة، إلا أنهم جنس على حدة أشد سوادا من الجميع وأصفى، ويقال إنه ليس في أقاليم السودان من الحبشة والنوبة والبجة وغيرهم إقليم أوسع منه، ويمتدون إلى قرب البحر المحيط مما يلي الجنوب، ومما يلي الشمال على مفازة ينتهي إلى مفاوز مصر من وراء الواحات، ثم على مفاوز بينها وبين أرض النوبة، ثم على مفاوز بينها وبين أرض الزنج، وليس لها اتصال بشيء من الممالك والعمارات إلا من وجه المغرب، لصعوبة المسالك بينها وبين سائر الأمم، وهذه
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #18
        جوامع ما يحتاج إلى معرفته من شرقي البحر من المغرب.ع ما يحتاج إلى معرفته من شرقي البحر من المغرب.
        وأما الغربي من المغرب فهو الأندلس، والأندلس بلدان عريضة كثيرة المدن خصبة واسعة، ومدينتها العظمى تسمى قرطبة، وهي من الأندلس في وسطها، والذي يحيط بالأندلس البحر المحيط، ثم يطوف بحر الروم بها إلى أرض إفرنجة، فيأخذ من مدينة شنترين إلى أخشنبة ثم إلى إشبيلية ثم إلى سدونة ثم إلى الجزيرة ثم إلى مالقة ثم إلى بجانة ثم إلى بلاد مرسية على مدينة لقنت إلى بلاد بلنسية ثم إلى طرطوشة وهي آخر المدن التي على البحر، ثم يتصل من جهة البحر ببلاد الإفرنجة، ومن جهة البر يتصل ببلاد علجسكس، وهي بلاد حرب من النصارى، ثم يتصل ببلاد بسكونس وهم أيضا نصارى، ثم يتصل ببلاد الجلالقة وهم نصارا أيضا، فينتهي من الأندلس حدان إلى دار الكفر وحدان إلى البحر، وهذه المدن التي ذكرناها على الشط كلها مدن كبار عامرة، والأندلس في أيدي بني أمية ما افتتحت لبني العباس ولا قدر عليها عبيد الله، ولما زالت دولة بني مروان، عبر إليها من أزيلة المغرب إلى جزيرة جبل طارق بعض بني أمية فتغلب عليها، فهي في أيديهم إلى وقت تصنيفنا هذا الكتاب. ومن مشاهير مدن الأندلس جيان وطليطلة ونفزة وسرقصطة ولاردة ووادي الحجارة وترجالة وقورية وماردة وباجة وغافق ولبلة وقرمونة ومورور واستجة ورية، وهي كلها مدن عظام، وليس فيها ما يقارب قرطبة في العظمة والكبر، وأكثر أبنيتها من حجارة، وهي أبنية جاهلية لا تعرف فيها مدينة محدثة إلا بجانة، فإنها محدثة في حد بلاد يقال لها البيرة وشنترين التي تطل على البحر المحيط بها يقع العنبر، ولم نعلم ببحر الروم والبحر المحيط موضع عنبر إلا بشنترين وشيء وقع في أيام مقامي بالشام بسواحل الروم، وتقع بشنترين في وقت من السنة من البحر دابة، تحتك بحجارة على شط البحر فيقع منها وبر في لين الخز، لونه لون الذهب لا يغادر منه شيئا، وهو عزيز قليل فيجمع وتنسج منه ثياب، فتتلون في اليوم ألوانا، ويحجر عليها ملوك بني أمية، ولا ينقل إلا سرا، وتزيد قيمة الثوب عن ألف دينار لعزته وحسنه؛ ومالقة سكانها عرب، وبها السفن الذي تتخذ منه مقابض للسيوف؛ وجزيرة جبل طارق منها افتتح الأندلس في أول الإسلام، وجبل طارق جبل عامر حصين بالقرى والمدن، وهو آخر المعابر بالأندلس؛ وطليطلة مدينة في جبل عال، بناؤها من حجارة قد وثقت بالرصاص، وحواليها سبعة أجبل كلها عامرة منيعة مسكونة، وحولها نهر عظيم يقارب في الكبر دجلة، واسم هذا النهر تاجه، يخرج من بلد يقال له شنتبرية، ووادي الحجارة مدينة هي وما حواليها من المدن والقرى تعرف بمدن بني سالم، ورية كورة عظيمة خصيبة، ومدينتها أرجدونة ومنها كان عمر بن حفصون، الذي خرج على بني أمية بها، وفحص البلوط كورة خصبة واسعة ومدينتها غافق، وقورية مدينة كانت كبيرة إلا أنها خربت بعصبية وقعت بينهم، فاستعان أحد الفريقين بالجلالقة النصارى حتى خربوها؛ وماردة من أعظم الأندلس، وكذلك طليطلة، وهما ممتنعتان ليس بهما عامل لبني أمية، إلا أنه يخطب بهما لهم؛ وشنترين كورة عظيمة ومدينتها قلمرية، وثغور الجلالقة ماردة ونفزة ووادي الحجارة وطليطلة، ومدينة الجلالقة مما يلي ثغور الأندلس يقال لها سمورة، وعظيم الجلالقة بمدينة يقال لها أبيط، وهي بعيدة عن بلدان الإسلام، وليس في أصناف الكفر الذين يلون الأندلس أكثر عددا من الأفرنجة، ويقال لملكهم قارله، غير أن الذين يلون المسلمين منهم أقل من سائر أجناس الكفر، لدخولهم في البحر، والحاجز الذي بينهم وبين الأفرنجة من بلدان الشرك من غيرهم، ثم الجلالقة يتلونهم في الكثرة، وأقلهم عددا البسكونس وهم أشد شوكة، والذين يتلون البسكونس من ثغور الأندلس من سرقسطة وتطيلة ولاردة، ويليهم قوم من النصارى يقال لهم علجسكس أقلهم غائلة، وهم الحاجز بينهم وبين الفرنجة.
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #19
          والبربر الذين هم بأرض الأندلس وسائر المغرب صنفان، صنف يقال لهم البتر، وصنف يقال لهم البرانس، فنفزة ومكناسة وهوارة ومديونة من البتر وهم بالأندلس، وكتامة وزناته ومصمودة ومليلة وصنهاجة من البرانس. فأما زناتة فأوطانها بناحية تاهرت، وأما كتامة فأوطانها بناحية سطيف، وسائر البربر الذين هم من البرانس فمفترشون في سائر المغرب من شرقي بحر الروم، وأما نفزة ومكناسة فهم بالأندلس بين الجلالقة وبين مدينة قرطبة، وأما هوارة ومديونة فهم سكان شنتبرية. وبكورة البيرة حرير كثير يفضل ويقدم على غيره، وبالأندلس معادن كثيرة من الذهب، وبها معادن فضة بناحية البيرة ومرسية، وبقرب قرطبة بموضع يقال له كرتش وتفسيره بالعربية ديار، وبناحية تطيلة سمور كثير.
          وزويلة في وجه أرض السودان، وهؤلاء الخدم السود أكثرهم يقع إلى زويلة، وأرض المغرب ما كان منها في شرقي بحر الروم بقرب الساحل فتعلوهم سمرة، وكلما تباعدوا فيما يلي الجنوب والمشرق ازدادوا سوادا، حتى ينتهوا إلى بلد السودان، فيكون الناس بها أشد الأمم سوادا، ومن كان في غربي بحر الروم بالأندلس فهم بيض زرق، وكلما ازدادوا وتباعدوا إلى ما يلي المغرب والشمال ازدادوا بياضا، حتى يقطع عرض الروم كله إلى ظهر الصقالبة، فكلما ازدادوا وتباعدوا ازدادوا بياضا وزرقة وحمرة شعر، إلا أن طائفة منهم يرجعون إلى سواد شعر وعيون وهم صنف من الروم من الجلالقة، ويقال أن أصلهم من الشام، كما أن طائفة بخر شنة من أرض الروم يرجعون إلى سواد شعر وعيون، يزعمون أنهم من العرب من غسان، وقعوا إليها مع جبلة بن الأبهم.
          وبين المغرب وبلد السودان مفاوز منقطعة، لا تسلك إلا من مواضع معروفة، وكا ملوك أفريقية وبرقة أولاد الأغلب، الذي كان قد أنفذ في أول أيام بني العباس، ليكون في وجه إدريس بن إدريس، وملوك طنجة أولاد إدريس بن إدريس، وبينهم وبين أفريقية تاهرت الشراة، وهم الغالبون عليها. وملوك الأندلس بنو أمية، ما خطب لبني العباس بها إلى يومنا هذا، ويخطبون لأنفسهم وهم من أولاد هشام بن عبد الملك، وصاحبهم في وقت تصنيف هذا الكتاب هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام ابن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، وأول من عبر منهم إلى الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان في أول ولاية بني العباس فتغلب عليها، وبقيت الإمارة في أولاده إلى وقت تصنيفنا هذا.
          والغالب على مذاهب أهل المغرب كلهم مذاهب الحديث، وأغلبها عليهم في الفتية مذهب مالك بن أنس. والذي يقع من المغرب الخدم السود من بلاد السودان، والخدم البيض من الأندلس، والجواري المثمنات، تأخذ الجارية والخادم من غير صناعة على وجههما بألف دينار وأكثر؛ وتقع منها اللبود المغربية والبغال للسرج والمرجان والعنبر والذهب والعسل والزيت والسفن والحرير والسمور.
          وأما المسافات بالمغرب فإن من مصر إلى برقة 20 مرحلة، ومن برقة إلى طرابلس مثلها، ومن طرابلس إلى القيروان مثلها، فذلك من مصر إلى القيروان 60 مرحلة، ومن القيروان إلى سطيف 16 مرحلة، ومن سطيف إلى تاهرت 20 مرحلة، ومن تاهرت إلى فاس 50 مرحلة، ومن فاس إلى السوس الأقصى نحو 30 مرحلة، فمن القيروان إلى السوس الأقصى 116 مرحلة، فجميع المسافة من مصر إلى أقصى المغرب في شرقي بحر الروم نحو 6 أشهر، وحجاج أقصى المغرب يخرجون قرب المحرم، فيذهب في سفرهم واستراحتهم عامة السنة حتى يلحقوا الحج، ومن القيروان إلى زويلة نحو شهر، ومن القيروان إلى المهدية مسيرة يومين، ومن القيروان إلى تونس 3 مراحل، ومن تونس إلى طبرقة نحو 10 مراحل، ومن طبرقة إلى تنس نحو 16 مرحلة، ومن تنس إلى جزيرة بني مزغنا 5 أيام، ومن تاهرت إلى ناكور 20 مرحلة، ومن تاهرت إلى سجلماسة نحو 50 مرحلة، ومن فاس إلى البصرة 6 مراحل، ومن فاس إلى أزيلة 8 مراحل، ومن القيروان إلى سجلماسة في البرية نحو من 80 مرحلة، وفي العمارة 120 مرحلة. فهذه جوامع المسافات في المغرب في شرقي بحر الروم.
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #20
            وأما مسافات الأندلس فإن قصبتها قرطبة ومنها إلى أشبيلة 3 مراحل، وإلى أستجة مرحلة على سمت القبلة، ومن قرطبة إلى سقرسطة 10 أيام، وإلى تطيلة 13 يوما، ومن تطيلة إلى الردة 4 مراحل، ومن قرطبة إلى طليطلة 6 أيام، ومن طليطلة إلى وادي الحجارة يومان، ومن قرطبة إلى مكناسة 4 أيام، ثم إلى هوارة مثلها، ثم إلى نفزة 10 أيام، ومن نفزة إلى مدينة سمورة 4 أيام، ومن قرطبة إلى قورية 12 يوما، ومن قورية إلى ماردة 4 أيام، ومن قورية إلى باجة 6 أيام، ويأخذ في طريق ماردة مما يلي أخشنبة، فمن قرطبة إلى إشبيلية إلى باجة إلى ماردة إلى قورية إلى قلمرية مدينة شنترين العظمى، ومن باجة إلى شنترين 12 يوما، وإلى أقصى كور شنترين 5 أيام، ومن قرطبة إلى فحص البلوط يومان، إلى مدينتها المعروفة بغافق، ومن فحص البلوط إلى لبلة 14 يوما، وأشبيلية على طريق سدونة، ومن قرطبة إلى قرمونة 4 أيام، ومن قرمونة إلى أشبيلية 3 أيام، ومن أستجه إلى مورور مرحلة، ومن مورور إلى سدونة يومان، ومن مورور إلى جبل طارق 3 أيام، ومن أستجة إلى مالقة 7 أيام، ومالقة شرقي قرطبة واستجة قبليها، ومن أستجة إلى أرجدونة 3 مراحل، ومن قرطبة إلى بجانة 6 أيام، ومن قرطبة إلى مرسية 14 يوما، ومن قرطبة إلى مدينة بلنسية 18 يوما، ومن طرطوشة إلى بلنسية 5 مراحل، ومن مرسية إلى بجانة 6 أيام، ومن بجانة إلى مالقة نحو 10 أيام، ومن مالقة إلى جزيرة جبل طارق 4 أيام، ومن الجزيرة إلى سدونة 3 أيام، ومدينة سدونة قلسانة، ومنها إلى إشبيلية 4 أيام، وإلى قرمونة 3 أيام.
            فهذه جوامع المسافات بالأندلس، وقد أتينا على جوامع ما أردناه من المغرب، وتتلوه أرض مصر في حد بلاد الإسلام راجعا إلى المشرق.
            ديار مصر
            وأما مصر فإن لها حداً يأخذ من بحر الروم بين الإسكندرية وبرقة، فيأخذ في براري حتى ينتهي إلى ظهر الواحات، ويمتد إلى بلد النوبة، ثم يعطف على حدود النوبة في حد أسوان، إلى أرض البجه من وراء أسوان، حتى ينتهي إلى بحر القلزم، ثم يمتد على بحر القلزم ويجاوز القلزم على البحر إلى طور سينا، ويعطف على تيه بني إسرائيل ويمتد حتى ينتهي إلى بحر الروم في الجفار خلف رفح والعريش، ويمتد على بحر الروم إلى أن ينتهي إلى الإسكندرية، ويتصل بأول الحد الذي ذكرناه. المسافات بمصر: من ساحل بحر الروم حيث ابتدأناه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو25 مرحلة، ومن حد النوبة مما يلي الجنوب على حدود النوبة نحو 8 مراحل، ومن القلزم على ساحل البحر إلى أن ينعطف على التية6 مراحل، ومن حد البحر على حد التيه إلى أن يتصل ببحر الروم نحو8 مراحل ويمتد على البحر إلى أول الحد الذي ذكرناه نحو12 مرحلة، وطولها من أسوان إلى بحر الروم نحو25 مرحلة، وبها بحيرة فيها جزائر مسافتها نحو مرحلتين في مثلها، فهذه جملة مسافاتها.
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #21
              وأما صفة مدنها وبقاعها: فإن مدينتها العظمى تسمى الفسطاط، وهي على النيل في شرقية شمالي النيل، وذلك أن النيل يجري مورباً بين المشرق والجنوب، والبلد كله على جانب واحد، إلا أن في عدوة النيل أبنية قليلة تعرف بالجزيرة، وهي جزيرة يعبر من الفسطاط إليها على جسر في سفن، ويعبر من هذه الجزيرة إلى الجانب الآخر على جسر آخر، إلى أبنية ومساكن على الشط الآخر يقال لها الجيزة، والفسطاط مدينة كبيرة نحو الثلث من بغداد؛ومقداره نحو ثلثي فرسخ، والفسطاط على غاية العمارة والخصب، وبالفسطاط قبائل وخطط للعرب تنسب إليهم محالها، مثل بالكوفة والبصرة إلا أنها أقل من ذلك، وهي سبخة ومعظم بنائهم بالطوب طبقات، وأكثر السفل بها غير مسكونة، وربما بلغت طبقات الدار الواحدة ثماني طبقات، إلا في منها يسمى الموقف فإنها أصلب قليلا، وبها بناء مفترش وذلك بالحمراء على شط النيل، وبها مسجدان للجمعة: بنى أحدهما عمرو بن العاص في وسط الأسواق، والآخر بأعلى الموقف بناء أحمد بن طولون، وخارج مصر أبنية بناها أحمد بن طولون تكون زيادة على ميل، كان يسكنها جنده تسمى القطائع، كما كان بناء آل الأغلب خارج القيروان- الرقادة، وبها نخيل وثمار كثيرة، وزروعهم على ماء النيل، تمتد فتعم المزارع من حد أسوان إلى حد الإسكندرية وسائر الريف، فيقيم الماء من عند ابتداء الحر إلى الخريف، ثم ينصرف فيزرع ثم لا يسقى بعد ذلك، وأرض مصر لا تمطر ولا تثلج، وليس بالأرض مصر مدينة يجري فيها الماء دائما غير الفيوم، والفيوم هذه مدينة وسطة، يقال إن يوسف النبي عليه السلام اتخذ لهم مجرى يدوم لهم فيه الماء، وقوم بحجارة وسماه اللاّهُون. وأما النيل فإنّ ابتداء مائه لا يعلم، وذلك أنه يخرج من مفازة من وراء أرض الزنج لا تسلك، حتى ينتهي إلى حدّ الزنج، ثم يقطع في مفاوز وعمارات أرض النوبة، فيجري على عمارات متصلة إلى أن يقع في أرض مصر، وهو نهر يكون عند امتداده أكبر من دجلة والفرات إذا جمعا، وماؤه أشد عذوبة وحلاوة وبياضاً من سائر أنهار الإسلام، وفي هذا النهر يكون التمساح والسقنقور وسمكة يقال لها الرعادة، ولايستطيع أحد أن يقبض عليها وهي حية، حتى يرتعش وتسقط من يده، فإذا ماتت فهي كسائر السمك، وأما التمساح فإنه دابة من دواب الماء مستطيل الرأس، طول رأسه يكون نحوا من نصف طول بدنه، وله أنياب لا يعض على دابة ما كانت من سبع أو جمل إلا مده من الماء، وربما خرج من الماء فمشى في البر، وليس له في البر سلطان ولا يضر أحدا، وجلده يشبه السفن الذي تتخذ منه مقابض السيوف، لا يعمل السلاح فيه إلا تحت يديه ورجليه ومكان إبط، وأما السقنقور فإنه صنف من السمك، إلا أن له يدين ورجلين، ويتعالج به للجماع، ولا يكون في مكان إلا في النيل. وعلى حافات النيل من حد أسوان إلى أن يقع في البحر مدن وقرى منظومة متكاثفة، وأسوان هذه ثغر النوبة إلا أنهم مهادنون، وبصعيد مصر جنوبي النيل معدن الزبرجد في برية منقطعة عن العمارة، ولا يعلم في الأرض معدن له غير هذا، وفي شمال النيل جبل بقرب الفسطاط يسمى المقطم، فيه وفي نواحيه حجر الجماهن، ويمتد هذا الجبل إلى النوبة، وعند هذا الجبل بحذاء الفسطاط قبر الشافعي في جملة المقابر. وأما الإسكندرية فهي مدينة على شط البحر، كثيرة الرخام في الفرش والأبنية والعمد، وبها منارة قد أسّستْ في الماء من صخر رفيع السمك جداً، تشتمل على زيادة من ثلاثمائة بيت، لا يصل المرتقى إليها إلا بدليل. ويسمى ما علا من النيل عن الفسطاط الصعيد، وما تسفل منه الريف، ومن حد الفسطاط في جنوبي النيل أبنية عظيمة يكثر عددها، مفترشة على سائر الصعيد، وبحذاء الفسطاط على نحو من فرسخين منها أبنية عظيمة، أكبرها اثنان ارتفاع كل واحد منهما أربعمائة ذراع، وعرضه أربعمائة ذراع، وطوله أربعمائة ذراع، وهو في صورة العمارة مربع الأسفل، ثم لا يزال يرتفع ويضيق حتى يصيرا أعلاه نحو مبرك جمل، وملئت بنيانه بكتابة يونانية، وفي داخله طريق يسير فيه الناس رجالة إلى قريب أعلاه، وفي هذين الهرمين طريق في باطن الأرض مخترق، وأصح ما سمعت في الأهرام أنها قبور الملوك الذين كانوا بتك الأرض. وعرض العمارة على النيل من حد أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن تنتهي إلى الفسطاط، ثم تعرض فيصير عرضها من حد الإسكندرية إلى الحوف، الذي
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #22
                يتصل بمفازة القلزم- نحو ثمانية أيام، وما في العرض من أرض مصر قفار. وأما الواحات فإنها بلاد كانت معمورة بالمياه والأشجار والقرى والناس، فلم يبقى فيها ديار، وبها إلى يومنا هذا ثمار كثيرة، وغنم قد توحشت فهي تتوالد، والواحات من صعيد مصر إليها في حد الجنوب نحو ثلاثة أيام في مفازة، وتتصل الواحات بالنوبة ببرية فتنتهي إلى أرض السودان. وبأرض مصر بحيرة يفيض فيها ماء النيل، تتصل ببحر الروم تعرف ببحيرة تنيس، إذا امتد النيل في الصيف عذب ماؤها، وإذا نقص في الشتاء إلى أوان الحر غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها، وفيها مدن مثل الجزائر تطيف البحيرة بها، فلا طريق إليها إلا في السفن، فمن مشاهير تلك المدن تنيس ودمياط، وهما مدينتان لا زرع بهما ولا ضرع، وبهما يتخذ المرتفع من ثياب مصر، وهذه البحيرة قليلة العمق، يسار في أكثرها. بالمرادي، وبها سمكة تسمى الدافين في خلقة الزق المنفوخ، وسمكة إذا أكلها الإنسان رأى منامات هائلة، ومن حد هذه البحيرة إلى حد الشام أرض كلها رمال متصلة حسنة اللون تسمى الجفار، بها نخيل ومنازل ومياه مفترشة غير متصلة، ويتصل حد الجفار ببحر الروم، وحد بالتيه، وحد بأراضي فلسطين من الشام، وحد ببحيرة تنيس وما اتصل به من ريف مصر إلى حدود القلزم، وأما تيه بني إسرائيل فيقال إن طوله نحو من أربعين فرسخاً، وعرضه قريب من طوله، وهي أرض فيها رمال وأرض صلبة، وبها نخيل وعيون مفترشة قليلة، يتصل حد له بالجفار، وحد بجبل طور سينا وما اتصل به، وحد بازاء بيت المقدس وما اتصل به من فلسطين، وحد له ينتهي إلى مفازة في ظهر ريف مصر إلى حد القلزم. وأما الأشْمُونْين فإنها مدينة صغيرة عامرة، ذات نخيل وزروع، ويرتفع من الأشمونين ثياب كثيرة، وبحذائها من شمالي النيل مدينة صغيرة يقال لها بوصير، بها قتل مروان بن محمد، ويقال إن سحرة فرعون الذين حشرهم في يوم موسى من بوصير؛ فأما أسوان فإن بها نخيلا كثيراً وزروعاً، وهي أكبر مدن الصعيد، وإسفْا وإخميم متقاربتان في العمارة، صغيرتان عامرتان بالنخيل والزروع، وذو النون المصري الناسك من إخميم؛ والفرما على شط البحيرة، وهي مدينة صغيرة خصبة، وبها قبر جالينوس اليوناني، ومن الفرما إلى تنيس نحو فرسخين في البحيرة، وبتنيس تل عظيم مبنى من أموات منضدين بعضهم على بعض، يسمى هذا التل بوتون، ويشبه أن يكون ذلك من قبل موسى عليع السلام، لأن أرض مصر في أيام موسى كان دينهم الدفن، ثم صارت للنصارى ودينهم الدفن، ثم صتارت للإسلام، ورأيت عليهم أكفاناً من جنس الخيش، وجماجم وعظاماً فيعا صلابة إلى يومنا هذا؛ وعين شمس ومنف هما قريتان قد خربتا، كل واحدة منهما من الفسطاط على نحو أربعة أميال، وعين شمس من شمالي الفسطاط ومنف من جنوبيه، ويقال إنهما كانتا مسكنين لفرعون، وعلى رأس جبل المقطم في قتله مكان يعرف بتنور فرعون، يقال إنه كان إذا خرج من أحد هذين الموضعين يوقد فيه، فيعد في المكان الآخر ما يعد له. وفي نيل مصر مواضع لا يضر فيها التمساح، منها عند الفسطاط وبوصير وغير ذلك من أماكن معروفة؛ وحوالي الفسطاط زرع ينبت مثل القضبان يسمى البلسان، يتخذ منه دهن البلسان، لايعرف بمكان في الدنيا إلا هناك؛ وأما العباسة وفاقوس وجرجير فإنها من أرض الحوف، ويعرف شمالي النيل أسفل من الفسطاط بالحوف، وجنوبيه بالريف، ومعظم رساتيق مصر وفراها في هذين الموضعين. وأما معدن الذهب فمن أسوان إليه خمسة عشر يوماً، والمعدن ليس في أرض مصر ولكنه في أرض البجة وينتهي إلى عيذاب، ويقال إن عيذاب ليست من أرض البجة، وإنما هي من مدن الحبشة، والمعدن أرض مبسوطة لا جبل فيها، وإنما هي رمال ورضراض، ويسمى ذلك المكان الذي فيه مجمع الناس العلاقي، وليس لليجة قرى ولا خصب فيه غناء، وإنما هي بادية ولهم نجب، يقال إن ما في النجب أسير منها، ورقيقهم وبحيهم وسائر بأرضهم يقع إلى مصر، وبمصر بغال وحمير ولا يعرف في شئ من بلدان الإسلام أحسن ولا أثمن منها، ولهم من وراء أسوان حمير صغار في مقدار الكباش، ملمعة تشبه البغال الملمعة، إذا أخرجت من مواضعها لم تعش، ولهم حمير يقال لها السملاقية بأرض الصعيد، زعموا أن أحد بويها من الوحشي والآخر من الأهلي، فهي أسير تلك الحمير، وبالجفار حيات في مقدار الشبر، تثب من الأرض حتى تقع في المحامل فتلسع، وأهل
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #23
                  مصر في أخبارهم يزعمون أن الجفار في أيام فرعون كانت معمورة بالقرى والمياه، وأن الذي قال الله تعالى )وَدَمّرْنَا مَاْ كْانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمِهِ وَمْا كْانُواْ يَعْرِشُونَ( هو الجفار، ولذلك سمي العريش عريشا. في أخبارهم يزعمون أن الجفار في أيام فرعون كانت معمورة بالقرى والمياه، وأن الذي قال الله تعالى )وَدَمّرْنَا مَاْ كْانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمِهِ وَمْا كْانُواْ يَعْرِشُونَ( هو الجفار، ولذلك سمي العريش عريشا.
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #24
                    أرض الشام


                    وأما الشام فإن غربيها بحر الروم، وشرقيها البادية من أيلة إلى الفرات، ثم من الفرات إلى حد الروم، وشماليها بلاد الروم، وجنوبيها حد مصر وتيه بني إسرائيل، وآخر حدودها مما يلي مصر رفح، ومما يلي الروم الثغور، وهي ملطية والحدث ومرعش والهارونية والكنيسة وعين زربة والمصيصة وأذنة وطرسوس والذي يلي الشرقي والغربي مدن قد ذكرها في تصوير الشام، "وفي إعادتها تطويل". قد جمعت الثغور إلى الشام، وبعض الثغور تعرف بثغور الشام، وبعضها تعرف بثغور الجزيرة، وكلاهما من الشام، وذلك أن كل ما وراء الفرات من الشام، وإنما سمي من ملطية إلى مرعش ثغور الجزيرة، لأن أهل الجزيرة بها يرابطون وبها يغزون، لا لأنها من الجزيرة. وكور الشام إنما هي جند فلسطين وجند الأردن وجند حمص وجند دمشق وجند قنسرين والعواصم والثغور، وبين ثغور الشام وثغور الجزيرة جبل اللكام، وهو الفاصل بين الثغرين، وجبل اللكام هو جبل داخل في بلد الروم، ويقال إنه ينتهي في بلد الروم إلى نحو من مائتي فرسخ، ويظهر في بلد الإسلام بين مرعش والهارونية وعين زربة فيسمى اللكام، إلى أن يجاوز اللاذقية ثم يسمى جبل بهراء، وتنوخ إلى حمص ثم يسمى جبل لبنان، ثم يمتد على الشام حتى ينتهي إلى بحر القلزم. وأما جند فلسطين -وهو أول أجناد الشام مما يلي المغرب- فأنه تكون مسافته للراكب طول يومين من رفح إلى حد اللجون، وعرضه من يافا إلى ريحايومان، وأما زغر وديار قوم لوط والجبال والشراة فمضمومه إليها، وهي منها في العمل إلى أيلة، وديار قوم لوط والبحيرة الميتة وزغر إلى بيسان وطبرية تسمى الغور لأنها بين جبلين، وسائر بلاد الشام مرتفع عليها، وبعضها من الأردن وبعضها من فلسطين في العمل، وأما نفس فلسطين فهو ماذكرته، وفلسطين ماؤها من الأمطار، وأشجارها وزروعها أعداء إلا نابلس، فإن بها مياهاً جارية، وفلسطين أزكى بلدان الشام، ومدينتها العظيمة الرملة، وبيت المقدس يليها في الكبر، وبيت المقدس مدينة مرتفعة على جبال يصعد إليها من كل مكان قصد في فلسطين، وبها مسجد ليس في الإسلام مسجداً أكبر منه، والبناء في زاوية من غربي المسجد يمتد على نحو نصف عرض المسجد، والباقي من المسجد عارغ ألا موضع الصخرة، فإن عليه حجراً مرتفعاً مثل الدكة، وفي وسط الحجر على الصخرة قبة عالية جداً، وارتفاع الصخرة من الأرض إلى صدر القائم، وطولها وعرضها متقارب يكون بضعة عشر ذراعاً، وينزل إلى باطنها بمراق من باب شبيه بالسرداب، إلى بيت يكون طوله نحو بسطة في مثلها، وليس بيت المقدس ماء جار سوى عيون لا تتسع للزروع، وهي من أخصب بلدان فلسطين، ومحراب داود عليه السلام بها- وهي بنية مرتفعة ارتفاعها يشبه أن يكون خمسين ذراعاً من حجارة، وعرضها نحو ثلاثين ذراعاً على الحزر والتخمين، وأعلاه بناء مثل الحجرة وهي المحراب، إذا وصلت إليها من الرملة فهو أول ما يتلقاك من بناء بيت المقدس، وفي مسجد بيت المقدس لعامة الأنبياء المعروفين لكل واحد منهم محراب معروف، وعلى ناحية جنوب بيت المقدس على ستة أميال منه قرية تعرف ببيت لحم، وهي مولد عيسى عليه السلام، ويقال إن في كنيسة منها قطعة من النخلة التي أكلت منها مريم، وهي مرفوعة عندهم يصونونها، ومن بيت لحم على سمته في الجنوب مدينة صغيرة، شبيهة في القدر بقرية- تعرف بمسجد إبراهيم عليه السلام، وفي المسجد الذي يجتمع فيه الجمعة قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام صفاً، وقبور نسألهم صفاً بحذاء كل قبر من قبورهم قبر امرأة صاحبه، والمدينة في وهدة بين جبال كثيرة كثيفة الأشجار، وأشجار هذه الجبال وسائر جبال فلسطين وسهلها زيتون وتين وجميز وعنب، وسائر الفواكه أقل من ذلك. ونابلس مدينة السامرة، يزعمون أن بيت المقدس هو نابلس، وليس للسامرة مكان من الأرض إلا بها، وآخر مدن فلسطين مما يلي جفار مصر مدينة يقال لها غزة، بها قبر هاشم ابن عبد مناف، وبها مولد محمد بن إدريس الشافعي، وفيها أيسر عمر بن الخطاب في الجاهلية، لأنها كانت مستطرقاً لأهل الحجاز، وبفلسطين نحو من عشرين منبراً على صغر رقعتها، وهي من أخصب بلاد الشام؛ وأما الجبال والشراء فإنهما بلدان متميزان، أما الشراة فمدينتها تسمى أذرح، وأما الجبال فإن مدينتها تسمى روات، وهما بلدان في غاية الخصب والسعة، وعامة سكانها العرب متغلبون عليها.وأما
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #25
                      الأردن فإن مدينتها الكبرى طبرية، وهي على بحيرة عذبة الماء، طولها اثني عشر ميلا في عرض فرسخين أو ثلاثة، وبها عيون جارية، مستنبطها على نحو فرسخين من المدينة، فإذا انتهى الماء إلى المدينة على ما دخله من الفتور بطول السير إذا طرحت فيه الجلود انمعطت، وليمكن استعماله إلا بالمزاح، وزعيم ذلك الماء ومياضي لهم، والغور أوله هذه البحيرة، ثم يمتد إلى بيسان حتى ينتهي إلى زغر وريحا إلى البحيرة الميتة، والغور ما بين جبلين غائر في الأرض جداً، وبه عيون وأنهار ونخيل، ولا تساقر به الثلوج، وبعض الغور من حد الأردن إلى أن تجاوز بيسان، فإذا جاوزته كان من حد فلسطين، وهذا البطن إذا امتد فيه السائر أداه إلى أيلة؛ وصور بلد من أحسن الحصون التي على شط البحر، عامرة خصبة، ويقال إنه أقدم بلد الساحل، وأن عامة حكام اليونان منها، وبالأردن كان مسكن يعقوب النبي عليه السلام، وجب يوسف عليه السلام على أثنى عشر ميلا من طبرية، على ما يلي دمشق ومياه طبرية من البحيرة. وأما جند دمشق فإن قصبتها مدينة دمشق، وهي أجل مدينة بالشام كلها، وهي في أرض واسعة بين جبال تحيط بها مياه كثيرة وأشجار وزروع متصلة، وتسمى تلك البقعة الغوطة، عرضها مرحلة في مرحلتين، ليس بالمغرب مكان إنزه منه، ومخرج مائها من تحت كنيسة يقال لها الفيجة، وأول ما يخرج مقداره ارتفاع ذراع في عرض باع، ثم يجري في شعب تتفجر فيها العيون، فيأخذ منه نهر عظيم أجراه يزيد بن معاوية، يعرض في كثير ثم يستنبط منه نهر المزة ونهر القنوات، ويظهر عند الخروج من الشعب بموضع يقال له النيرب، ويقال إنه المكان الذي قال الله فيه )وآوَينْاَهُماَ إِلْى رَبْوَة ذَات قَرَارٍ وَمَعِينِ( ثم يبقي من هذا الماء عمود النهر فيسمى بردي، وعليه قنطرة في وسط مدينة دمشق، لا يعبره الراكب غزارة وكثرة فيفضي إلى قرى الغوطة، ويجري الماء في عامة دورهم وسككهم وحماماتهم، وبها ميجد ليس في الإسلام مسجد أحسن ولا أكثر نفقة منه، وأما الجدار والقبة التي فوق المحراب عند المقصورة في بناء الصابئين، وكان مصلاهم ثم صار في أيدي اليونانيين، فكانوا يعظمون في دينهم، ثم صار لليهود وملوك من عبدة الأوثان، فقتل في ذلك الزمان يحيى بن زكريا عليه السلام، ونصب رأسه على باب هذا المسجد بباب يسمى جيرون، ثم تغلب عليه النصارى فصار في أيديهم كنيسة، يعظمون فيها دينهم، حتى جاء الإسلام فصار للمسلمين واتخذوه مسجداً، وعلى باب جيرون حيث نصب رأس يحيى بن زكريا نصب رأس الحسين بن علي عليهما السلام، فلما كان أيام الوليد بن عبد الملك عمره فجعل أرضه رخاماً مفروشاً، وجعل وجه جدرانه رخاماً مجزعاً، وأساطينه رخاماً موشى، ومقاعد رؤوس أساطينه ذهباً، ومحرابه ذهباً مرصعاً يالجواهر، ودور السقف كله ذهباً مكتبا، كما تطوف ترابع جدار المسجد، يقال أنه انفق فيه وحده خراج الشام، وسطحه رصاص، وسقفه خشب مذهب، يدور الماء على رقعة المسجد، حتى إذا فجر فيه انبسط على جميع الأركان سواء، ومن جند دمشق بعلبك وهي مدينة على جبل، عامة أبنيتها من حجارة وبها قصور من حجارة، قد بنيت على أساطين شاهقة،ليس بأرض الشام أبنية حجارة أعجب ولا أكبر منها، وطرابلس مدينة على بحر الروم عامرة، ذات نخل وقصب سكر وخصب. وأما جند حمص فإن مدينتها حمص، وهي مدينة في مستو خصبة جدا، من أصح نلدان الشام تربة، في أهلها جمال مفرط، وليس بها عقارب ولا حيات، ولها مياه وأشجار وزروع كثيرة، وأكثر زروع رساتيقها أعذاء، وبها كنيسة بعضها مسجد جامع وبعضها كنيسة، وهي من أعظم كنائس الشام، وعامة طريق حمص مفروشة بالحجارة؛ وأما أنطرطوس فهو حصن على بحر الروم، ثغر لأهل حمص، وبه كان مصحف عثمان بن عفان؛ وأما سلمية فهي المدينة الغالب على سكانها بنو هاشم، على طرف البادية خصبة، وأما شيزر وحماة فإنهما مدينتان صغيرتان نزهتان، كثيرتا الماء والشجر والزرع. وجند قنسرين مدينتها حلب، وهي عامرة بالأهل جداً، على مدرج طريق العراق إلى الثغور وسائر الشامات وقنسرين مدينة تنسب الكورة إليها، وهي من أصغر المدن بها؛ ومعرة النعمان مدينة هي وما حواليها من القرى أعذاء، ليس بجميع نواحيها ماء جارٍ ولا عين، وكذلك أكثر ما بجميع جند قنسرين أعذاء، ومياههم من السماء وخناصرة حصن على شفير البرية، كان يسكنه عمر بن عبد العزيز؛
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #26
                        وأما العواصم فاسم الناحية، وليس موضع بعينه يسمى العواصم، وقصبتها إنطاكية، وهي بعد دمشق أنزه بلد بالشام، عليها سور من صخر يحيط بها، وبجبل مشرف عليها فيه مزارع وأرحية ومراع وأشجار، وما يستقل به أهلها من مرافقها، ويقال إن دور السور للراكب يومان، وتجري مياههم في دورهم وسككهم ومسجد جامعهم، وبها ضياع وقرى ونواح خصبة جداً، وأما الصخرة فإنها تعرف بصخرة موسى، ويقال إن موسى اجتمع مع الخضر عليهما السلام في هذا الموضع؛ وأما بالس فهي مدينة على شط الفرات صغيرة، وهي أول مدن الشام من العراق، والطريق إليها عامر، وهي فرضة الفرات لأهل الشام؛ وأما منبج فهي مدينة في بريةٍ، والغالب على مزارعها الأعذل وهي خصبة، ومنها البحتري الشاعر وثابت ابنه بها، وسكانها عرب، وبقربها سنجة، وهي مدينة صغيرة بقربها قنطرة حجارة تعرف بقنطرة سنجة، ليس في الإسلام قنطرة أعجب منها، وأما سميساط فهي على الفرات، وكذلك جسر منبج، وهما مدينتان صغيرتان خصبتان، لهما زروع سقي ومباخس، وماؤهما من الفرات، وملطية مدينة كبيرة من أكبر الثغور التي دون جبل اللكام، وتحتف بها جبال كثيرة الجوز، وسائر الثمار مباح لا مالك له، وهي من قرى بلد الروم على مرحلة، وحصن منصور حصن صغيرة فيه منبر وزروعه عذى، والحدث ومرعش هما مدينتان صغيرتان عامرتان، فيهما مياه وزروع وأشجار كثيرة، وهما ثغران؛ وأما زبطرة فإنها حصن كان من أقرب هذه الثغور إلى بلد الروم، خربه الروم؛ والهارونية من غربي جبل الكام في بعض شعابه، وهي حصن صغيرة بناه هارون الرشيد فنسب إليه؛ وإسكندرونة حصن على ساحل بحر الروم صغير به نخيل؛ وبياس مدينة صغيرة على شط بحر الروم، ذات نخل وزروع خصبة، والتينات حصن على شط البحر أيضاً، فيه مجمع لخشب الصنوبر، الذي ينقل إلى الشامات وإلى مصر والثغور، والكنيسة حصن فيه منبر، وهو ثغر في معزل من شط البحر؛ والمثقب حصن صغيرة بناه عمر بن عبد العزيز، به منبر ومصحف له؛ وعين زربة بلد يشبه مدن الثغور، بها نخيل وهي خصبة واسعة الثمار والزروع والمرعى، وهي المدينة التي أراد وصيف الخادم أن يدخل بلد الروم منها، فأدركه المعتضد هناك، والمصيصة مدينتان: إحداهما تسمى المصيصة والأخرى كفربيا على جانبي جيحان، وبينهما قنطرة حجارة حصينة جداً، على شرف من الأرض ينظر منها الجالس في المسجد الجامع إلى قرب البحر نحو أربعة فراسخ، وجيحان يخرج من بلد الروم حتى ينتهي إلى المصيصة ثم إلى رستاق يعرف بالملون حتى يقع في بحر الروم، وأذنة مدينة نكون مثل أحد جانبي المصيصة على نهر يسمى سيحان، وهي مدينة خصبة عامرة، وهي منقطعة على نهر سيحان في غربي النهر، وسيحان هو دون جيحان في الكبر، عليه قنطرة قنطرة حجارة عجيبة البناء طويلة جداً، ويخرج هذا النهر من بلد الروم أيضاً، وطرسوس مدينة كبيرة عليها سوران م حجارة، تشتمل على خيل ورجال وعدة، وهي في غاية العمارة والخصب، وبينها وبين حد الروم جبال، هي الحاجز بين المسلمين والروم، ويقال إنه كان بها زهاء مائة ألف فارس- فيما يزعم أهلها، وليس من مدينة عظيمة من حد سجستان إلى كرمان وفارس والجبال وخوزستان وسائر العراق والحجاز واليمن والشامات ومصر إلا وبها لأهلها دار وأكثر، ينزلها أهلها إذا وردوها؛ وأولاس حصن على ساحل البحر، بها قوم متعبدون، وهي آخر ما على بحر الروم من العمارة للمسلمين. وأما رقيم فإنها مدينة بقرب البلقاء، وهي صغيرة منحوتة بيوتها كلها، وجدرانها من صخر كأنها حجر واحد، والبحيرة الميتة من الغور بقرب زغر، وإنما تسمى الميتة لأنه ليس فيها شئ من الحيوان لأسمك ولأغيره، وتقذف بشيء يسمى الحمر، منه يلقحون كروم فلسطين -كما يلقح النخل بطلع الفحال- منها، وبزغر بسر يقال له الانقلاء، لم أر بالعراق ولا بمكان أعذب ولا أحسن منظراً منه، كأن لونه الزعفران لا يغادر منه شيئاً، ويكون أربعة منه شبرا، وديار قوم لوط هي أرض تسمى الأرض المقلوبة، وليس بها زرعولا ضرع ولا حشيش، وهي بقعة سوداء قد فرشت بحجارة كلها متقاربة في الكبر، ويروى أنها الحجارة المسومة التي رمى بها قوم لوط، وعلى عامة تلك الحجارة كالطابع؛ ومعان مدينة صغيرة سكانها بنو أمية ومواليهم وهو حصن من الشراة، وحوران والبثنية هما رستاقان عظيمان من جند دمشق، مزارعهما مباخس، وهناك بصرى وعند البلقاء
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #27
                          عمان التي جاء في الخبر في ذكر الحوض أنه ما بين عمان وبصرى، وبغراس على طريق الثغور، وبها دار ضيافة لزبيدة، وليس بالشام دار ضيافة غيرها، وبيروت مدينة على شط بحر الروم، خصبة من عمل دمشق، بها كان مقام الأوزاعي. التي جاء في الخبر في ذكر الحوض أنه ما بين عمان وبصرى، وبغراس على طريق الثغور، وبها دار ضيافة لزبيدة، وليس بالشام دار ضيافة غيرها، وبيروت مدينة على شط بحر الروم، خصبة من عمل دمشق، بها كان مقام الأوزاعي. $2
                          وأما المسافات بالشام فإن طولها من ملطية إلى رفح: فمن ملطية إلى منبج 4 أيام، ومن منبج إلى حلب يومان، ومن حلب إلى حمص 5أيام، ومن حمص إلى دمشق5أيام، ومن دمشق إلى طبرية 4أيام، ومن طبرية إلى الرملة 3 أيام، ومن الرملة إلى رفح يومان، فذبك 25 مرحلة، وعرضها في بعض المواضع أكثر من بعض، فأعرضها طرفاها، وأحد طرفيها من الفرات من جسر منبج على منبج ثم على قورس في حد قنسرين، ثم على العواصم في حد إنطاكية، ثم يقطع جبل اللكام إلى بياس، ثم إلى التينات ثم على المثقب ثم على المصيصة ثم على أذنة ثم على طرسوس وذلك نحو 10 مراحل، وإن سلكت من بالس فإلى حلب، ثم إلى إنطاكية ثم إلى إسكندرونة ثم إلى بياس حتى تنتهي إلى طرسوس، فالمسافة أيضاً نحو 10 مراحل، غير أن السمت المستقيم هو الطريق الأول.وأما الطرف الآخر فهو حد فلسطين، فيأخذ من البحر من حد يافا حتى ينتهي إلى الرملة، ثم إلى القدس، ثم إلى أريحا، ثم إلى زغر ثم إلى جبال الشراة ثم إلى الشراة إلى أن ينتهي إلى معان ومقدار هذا 6مراحل. فأما ما بين هذين الطرفين من الشام فهو مخصر، ولا يكاد يزيد عرض موضع من الأردن ودمشق وحمص على أكثر من 3 أيام، لأن من دمشق إلى طرابلس على بحر الروم يومين غرباً، ومن حمص إلى سلمية على البادية شرقاً يوماً، ومن طبرية إلى صور على البحر غرباً يوماً، ومنها إلى أن تجاوز فيق على حد ديار بني فزارة شرقاً يوماً. فهذه مسافتا طول الشام وعرضه.
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #28
                            وأما المسافة في أضعافه فإنا نبدأ بفلسطين وهي أول أجناد الشام مما يلي المغرب وقصبتها الرملة، فمن الرملة إلى يافا نصف مرحلة، ومن فلسطين إلى عسقلان مرحلة، وإلى غزة مرحلة، ومن الرملة إلى بيت المقدس يوم، ومن بيت المقدس إلى مسجد إبراهيم يوم، ومن بيت المقدس إلى ريحة مرحلة، ومن بيت المقدس إلى البلقاء يومان، ومن الرملة إلى قيسارية يوم، ومن الرملة وإلى نابلس يوم، ومن ريحة إلى زغر يومان، ومن زغر إلى جبال الشراة يوم ومن جبال الشراة إلى آخر الشراة يوم، وأما الأردن فإن قصبتها طبرية، فمنها إلى صور يوم ومنها إلى عقبة فيق يوم، ومنها إلى بيسان يومان خفيفان، ومنها إلى عكا يوم، والأردن أصغر أجناد الشام وأقصرها مسافة. وأما جند دمشق فإن قصبتها دمشق، ومنها إلى بعلبك يومان، وإلى إطرابلس يومان، وإلى بيروت يومان، وإلى صيدا يومان، وإلى أذرعات 4 أيام، وإلى أقصى الغوطة يوم، وإلى حوران والبنية يومان وأما جند قنسرين فإن مدينتها قنسرين، غيرأن دار الإمارة والأسواق ومجمع الناس والعمارات بحلب، فمن حلب إلى بالس يومان، ومن حلب إلى قنسرين يوم، ومن حلب إلى الأثارب يوم، ومن حلب إلي قورس يوم، ومن حلب إلى منبج يومان، ومن حلب إلى الخناصرة يومان. وأما العواصم فإن قصبتها إنطاكية، ومنها إلى اللاذقية 3 مراحل، ومنها إلى بغراس يوم، وإلى الأثارب يومان، وإلى حمص 5 مراحل، ومنها إلى مرعش يومان، وإلى الحدث 3 أيام. وأما الثغور فإنه لا قصبة لها، وكل مدينة قائمة ينفسها، ومنبج قريبة من الثغور، ومن منبج إلى الفرات مرحلة خفيفة، ومن منبج إلى قورس مرحلتان، ومن المنبج إلى ملطية 4 أيام، ومن منبج إلى سميساط يومان، ومن منبج إلى الحدث يومان، ومن سميساط إلى شمشاط يومان، ومن شمشاط إلى حصن منصور يوم، ومن حصن منصور إلى ملطية يومان، ومن حصن منصور إلى زبطرة يوم، ومن حصن منصور إلى الحدث يوم، ومن الحدث إلى مرعش يوم، ومن ملطية إلى مرعش ثلاث مراحل كبار. فهذه مسافات ثغور الجزيرة وأما الثغور الشامية: فمن إسكندرونة إلى بياس مرحلة خفيفة، ومن بياس إلى المصيصة مرحلتان، ومن المصيصة إلى عين زربة يوم، ومن المصيصة إلى أذنة يوم، ومن أذنة إلى طرسوس يوم، ومن طرسوس إلى أولاس على بحر الروم يومان، ومن طرسوس إلى الحوزات يومان، ومن طرطوس إلى بياس على بحر الروم فرسخان، ومن بياس إلى الكنيسة والهارونية أقل من يوم، ومن الهارونية إلى مرعش نت ثغور الجزيرة أقل من يوم، فهذه جملة مسافات الثغور. وقد انتهى قولنا فيما أردنا ذكره من الشام وذكرنا المغرب ومصر والشام وأقاليم ممتدة على بحر الروم واستوفيناها، ويصل ذلك بذكر الروم.
                            بحر الروم
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #29
                              وأما بحر الروم فإنه خليج من البحر المحيط بين الأندلس وبين البصرة من بلاط طنجة، وبين طنجة وبين جزيرة جبل طارق من أرض الأندلس عرضه اثنا عشر ميلا، ثم يتسع ويعرض فيمتد إلى سواحل المغرب فيما يلي شرق هذا البحر، حتى ينتهي إلى أرض مصر ويمتد على أراضي مصر حتى ينتهي إلى أرض الشام ممتداً عليها، ثم يعطف بناحية الثغور فيدور على بلد الروم من إنطاكية وما قاربها، ثم يصير غربي البحر إلى خليج القسطنطينية ويعبره، ثم يمتد على سواحل رومية ثم يمتد على قرب إفرنجة فيصير البحر حينئذ جنوبياً، ويكون على ساحله الفرنجة، إلى أن يتصل بطرطوشة من بلاد الأندلس، ويمتد على البلاد التي وصفناها في صفة الأندلس، حتى يحاذي البصرة بجزيرة جبل طارق، ثم يمتد على البحر المحيط إلى شنترين، وهي آخر بلاد الإسلام على هذا البحر من جانب بلد الروم، فلو أن رجلا سار من البصرة على السواحل حتى يعود إلى ما يحاذيه من أرض الأندلس، لا يحتاج إلى أن يعبر نهراً أو خليجاً أمكنه. وقد ذكرت ما على هذه البحر من المدن والبقاع، من السوس الأقصى إلى أن ينتهي إلى أرض مصر وإلى آخر الشام، من الثغور إلى أولاس وما يحيط به من بلد الأندلس، ما يغنى عن إعادته. فإذا جرت أولاس دخلت جبالا تنتهي إلى بحر الروم يقال لها قلمية، وقلمية مدينة كانت للروم، ويعض أبواب طرسوس يسمى باب قلمية ينسب إليها، وقلمية ليست على البحر ولا على شط هذا البحر، وإذا جزت هذا الموضع بنحو من مرحلة مكان يعرف باللامس قرية على شط البحر، فيه يكون الفداء بين المسلمين والروم، يكون الروم في البحر في السفن والمسلمون في البر فيتفادون، وإنطاكية حصن للروم على شط البحر، منيع واسع الرستاق كثير الأهل، ثم ينتهي إلى شط الخليج، وهو خليج مالج يعرف بخليج القسطنطينية، وعليه سلسلة ممتدة لا تعبر فيه سفن البحر ولا غيرها إلا بإذن، مثل الماصر، ويقع في بحر الروم من البحر المحيط من وراء الروم؛ وسواحل أثيناس ورومية ذات قرى ومزارع ومدن كبار، وأثيناس ورومية مدينتان بهما مجمع النصارى بقرب البحر، فأما أثيناس فإنها دار حكمة اليونانيين وبها تحفظ علومهم وحكمهم، وأما رومية فإنها ركن من أركان ملك النصارى، فإن للنصارى كرسياً بإنطاكية وكرسياً بالإسكندرية وكرسياً يرومية، والكرسي الذي بالبيت المقدس محدث، لم يكن في أيام الحواريين، وإنما اتخذوه بعد ذلك لتعظيم البيت المقدس، ثم يتصل بالفرنجة على ساحل البحر إلى أن يحاذى صقلية، ويجاوزها حتى يتصل بطرطوشة من أرض الأندلس، وقد ذكرنا المسافة التي بأرض المغرب ومصر والشام إلى آخر الإسلام والثغور في كل مكان منه، ما يغنى عن إعادته. وفي هذا البحر جزائر صغار وكبار وجبال، فأما المعمور يا الناس فهي صقلية- وهي أكبرها، وإقريطش وقبرس وجبل القلال، فأما صقلية فإنها قريبة من الإفرنجة، حتى يرى منها أرض افرنجة، وتثمر الزروع بها، وهي جزيرة طولها نحو سبع مراحل، وبصقلية من الخصب والسعة والزروع والمواشي والرقيق -أكثر ما يقع منها- ما يفضل على سائر ممالك الإسلام المتاخمة للبحر، وأقريطش دونها في العرصة وفي العمارة، وسكانها جميعاً مسلمون أهل غزو، وبين أظهرهم نبذ من النصارى كما يكون ببلدان المسلمين؛ وأما قبرس فإن أهلها نصارى كلهم، ليس فيهم من المسلمين أحد، وهي تقارب في الكبر والعمارة اقريطش، خصبة جداً، افتتحها معاوية صلحا فهادن أهلها فهي في هدنة المسلمين، وهم نصارى من الروم، وعرض هذا البحر من سواحل الشام-إذا استوت الريح بومان إلى قبرس، ومن قيرس إلى الجانب الآخر من هذا البحر نحو ذلك، ويقع بقبرس الميعة التي تحمل إلى بلدان الإسلام من بلد الروم، والمصطكي تكون بقبرس؛ وأما جبل القلال فإنه كان جبلا فيه مياه خرارة، فوقع إليه قوم من المسلمين فعمروه، وصاروا في وجوه الإفرنجة، لا يقدر عليهم لامتناع مواضعهم، ومقداره في الطول يومان، وليس في البحار أحسن حاشية من هذا البحر، فإن العمارات في الجانبين ممتدة غبر منقطعة، وسائر البحار يعرض في شطوطها المفاوز والمقاطع، وتترد فيه سفن المسلمين والروم، يعبر كل فريق إلى جانب الآخر سواء فيغنمون، وربما اجتمع فيه الجيوش من المسلمين والروم في السفن، فيجتمع لكل فريق مائة سفينة حربية وأكثر من ذلك، فيكون حربهم في الماء، وهذه صفة هذا البحر وما يكون فيه.
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق


                              • #30
                                أرض الجزيرة
                                وأما الجزيرة فإنها ما بين دجلة والفرات، وتشتمل على ديار ربيعة ومضر، ومخرج ماء الفرات من داخل بلد الروم من ملطية على يومين، ويجري بينها وبين سميساط، ويمر على سميساط وجسر منبج وبالس إلى الرقة وقرقيسيا والرحبة وهيت والأنبار وقد انقطع حد الفرات مما يلي الجزيرة، ثم يعدل حد الجزيرة في سمت الشمال إلى تكريت، وهي على دجلة حتى ينتهي عليها إلى السن مما يلي الجزيرة والحديثة والموصل وجزيرة ابن عمر، ثم يتجاوز آمد فينقطع حد دجلة على بعد من حد أرمينية، ثم يمتد مغربا إلى سميساط ثم ينتهي إلى مخرج ماء الفرات في حد الإسلام من حيث ابتدأنا. ومخرج ماء دجلة فوق آمد من حد بلد الأرمن، وعلى شرقي دجلة وغربي الفرات مدن وقرى، تنسب إلى الجزيرة -وإن كانت خارجة عنها- لقربها منها.
                                وأما مسافاتها: فمن مخرج ماء الفرات في حد ملطية إلى سميساط يومان، ومن سميساط إلى جسر منبج 4أيام، ومن جسر منبج إلى بالس 4أيام، ومن بالس إلى الرقة يومان، ومن الرقة إلى الأنبار20 مرحلة، ومن الأنبار إلى تكريت يومان، ومن تكريت إلى الموصل 6 أيام، ومن الموصل إلى آمد4أيام، ومن آمد إلى سميساط 3 أيام، ومن سميساط إلى ملطية 3 أيام، ومن الموصل إلى بلد مرحلة، ومن بلد إلى نصيبين 3 مراحل، ومن نصيبين إلى راس عين 3 مراحل، ومن راس عين إلى الرقة 4 أيام، ومن راس عين إلى حران3أيام، ومن حران إلى جسر منبج يومان، ومن حران إلى الرها يوم، ومن الرها إلى سميساط يوم، ومن حران إلى الرقة 3 أيام.
                                [CENTER] [/CENTER]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X