إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قس بن ساعدة الإيادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قس بن ساعدة الإيادي

    إظهار التحويل إلى الحروف اللاتينية


    قس بن ساعدة الإيادي (توفي حوالي عام 600 م) هو خطيب عربي من أكبر حكماء العرب قبل الإسلام.كان أسقف نجران. كان خطيباً يعظ القوم في سوق عكاظ, رآه النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) قبيل البعثة يخطب الناس بسوق عكاظ وروى خطبته وعجب من حسنها وأظهر تصويبها ثم قال: «يرحم الله قسا أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده».
    [CENTER] [/CENTER]

  • #2
    قال الجاحظ في البيان والتبيين: ومن خطباء إياد قس بن ساعدة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيته بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول: "أيها الناس اسمعوا وعوا. من عاش مات، ومن مات فات وكل ما هو آت آت" وهو القائل في هذه:

    "آيات محكمات، مطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت. ضوء وظلام، وبر وآثام، ولباس ومركب، ومطعم ومشرب. ونجوم تمور، وبحور لا تغور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، وليل داج، وسماء ذات أبراج. مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون. أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا".

    وهو القائل:

    "يا معشر إياد، أين ثمود وعاد، وأين الآباء والأجداد. أين المعروف الذي لم يشكر، والظلم الذي لم ينكر، أقسم قس بالله إن لله لدينا أرضى من دينكم هذا".:

    فـي الـذاهـبــيــن الأ ولـيـ *** ن من القرون لنا بـصائـر

    لـما رأ يــت مواردا *** للـموت لـيـس لها مصـادر

    ورأ يت قومي نـحـوها *** يمضي الأصاغر والأكابر

    لا يـرجـع الــماضـي ولا *** يـبـقى مـن البـاقـيـن غـابـر

    أيـقــنــت أ نـي لا مــحــا *** لة حـيث صار القوم صائر
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #3
      ولإياد في الخطب خصلة ليست لأحد من العرب، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي روى كلام قس بن ساعدة وموقفه على جمله بعكاظ وموعظته، وهو الذي رواه لقريش والعرب، وهو الذي عجب من حسنه وأظهر تصويبه، وهذا إسناد تعجز عنه الأماني وتنقطع دونه الآمال. وإنما وفق الله ذلك الكلام لقس بن ساعدة لاحتجاجه للتوحيد ولإظهاره معنى الإخلاص وإيمانه بالبعث. ولذلك كان خطيب العرب قاطبة.
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #4
        قس بن ساعدة الإيادي وفي الخطباء من يكون شاعرا ويكون إذا تحدث أووصف أواحتج بليغا مفوها بينا، وربما كان خطيبا فقط، وبين اللسان فقط.

        فمن الخطباء الشعراء الأبيناء الحكماء: قس بن ساعدة الإيادي، والخطباء كثير والشعراء أكثر منهم ومن يجمع الشعر والخطابة قليل.
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #5
          قس بن ساعدة الإيادي "وقال أبو عمرو بن علاء: كان الشاعر في الجاهلية يقدم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي كان يقيد عليهم مآثرهم، ويفخم شأنهم، ويهول على عدوهم ومن غزاهم، ويهيب من فرسانهم ويخوف من كثرة عددهم، ويهابهم شاعر غيرهم فيراقب شاعرهم. فلما كثر الشعر والشعراء، واتخدوا الشعر مكسبة، ورحلوا إلى السوقة، وتسرعوا إلى أعراض الناس، صار الخطيب عندهم فوق الشاعر. ولذلك قال الأول :"الشعر أدنى مروءة السري وأسرى مروءة الدني."
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #6
            وجاء ذكر قس بن ساعدة في كتاب البداية والنهاية لابن كثير في عدة روايات، يذكر في إحداها أنه لما جاء وفد إياد إلى النبي صلى الله عليه وسلم سر بقدومهم وسألهم عن قس بن ساعدة، فقالوا هلك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهما نسيت فلن أنساه بسوق عكاظ واقفا على جمل أحمر يخطب الناس، وهو يقول... "، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم خطبته المعروفة وقال: "يرحم الله قسا، أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده (أو أمة واحدة). وذكروا كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن قس هل ترك وصية ؟ قيل: وجدوا عند رأسه صحيفة فيها من إنشاء قس بن ساعدة:

            يا ناعي الموت والملحود في جدث *** عـلـيـهـم مـن بـقـايا قـولهـم خرق

            دعـهم فإن لهـم يـوما يـصاح بـهـم *** فهم إذا انتبهـوا من نومهـم أرقوا

            حتى يعودوا بـحـال غـيـر حالـهـم *** خـلقـا جـديـدا كما من قـبله خلقوا

            منهـم عـراه ومـنهـم فـي ثـيابـهـم *** منها الجـديـد ومنها المنهج الخلق
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #7
              ونسبوا إلى قس بن ساعدة قوله: "كلا بل هو إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى، وإليه المآب غدا". وقوله: "كلا بل هو الله الواحد المعبود، ليس بوالد ولا مولود". وهذا مطابق لسورة الإخلاص معنا وليس لفظا وبلاغة.

              وجاء في كتاب "النصوص الأدبية" (مكتبة الرشاد) ذكر قس بن ساعدة. يقول المؤلفون: "وقد نزل القرآن مصدقا لقوله، مقرا طريقة قس في الاستدلال بعجائب المخلوقات على وجود الخالق" ورووا له هذه الخطبة:

              أيها الناس، اسمعوا وعوا، وإذا سمعتم شيئا فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت. إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا. ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج. ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا؟ تبا لأرباب الغفلة والأمم الخالية والقرون الماضية.

              يا معشر إياد، أين الآباء والأجداد؟ وأين المريض والعواد؟ وأين الفراعنة الشداد؟ أين من بنى وشيد، وزخرف ونجد؟ أين من بغى وطغى، وجمع فأوعى، وقال أنا ربكم الأعلى؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالا، وأطول منكم آجالا؟ طحنهم الثرى بكلكله، ومزقهم الدهر بطوله، فتلك عظامهم بالية، وبيوتهم خاوية، عمرتها الذئاب العاوية. كلا بل هو الله الواحد المعبود، ليس بوالد ولا مولود". وذكروا له الأبيات المعروفة: "في الذاهبين الأولين... "
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #8
                وينسب الرواة إلى قس بن ساعدة حكما كثيرة منها: "إذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاصدق، ولا تستودعن سرك أحدا، فإنك إن فعلت لم تزل وجلا، وكان بالخيار، إن جنى عليك كنت أهلا لذلك، وإن وفى لك كان الممدوح دونك. وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك". ومنها: " من عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، وإذا نهيت عن الشيء فابدأ بنفسك. ولا تشاور مشغولا وإن كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا". وقالوا انه هو أول من قال: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، وأول من قال: "أما بعد".
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #9
                  إن كثيرا من الناس يعتبرون قسا من الأنبياء.

                  وذكر الدكتور جواد علي قسا بن ساعدة مرارا في كتابه: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام. قال: ولدى الرواة أبيات ينسبونها إلى بعض الشعراء الجاهليين، هم الأعشى، والحطيئه، ولبيد، ذكر فيها اسم قس، وقد أشيد فيها بفصاحته وبلاغته وحكمته، حتى جعل لبيد لقمان دون قس في الحكم ()، وقد ضرب المثل بشخصيات جاهلية تركت أثرا في أيامها، فضرب بها المثل، مثل "أبلغ من قس" ويراد به قس بن ساعدة الخطيب الشهير.

                  وجاء في كتاب الإصابة: "قس بن حذافة بن زفر بن إياد بن نزار الإيادي البليغ الخطيب المشهور.... وكانت العرب تعظمه وضربت به شعراؤها الأمثال. يقول الأعشى في قصيدة له:

                  وأحلم من قـس وأجرى من الـذي *** بذي الغيل من خفان أصبح حادرا

                  وقال الحطيئة:

                  وأقول من قس وأمضى كما مضى *** من الرمح إن مس النفوس نكالها

                  وقال لبيد:

                  وأخـلـف قـسـا لـيـتـنـي ولـعـلـنـي *** وأعـيا على لـقـمان حـكـم التـدبـر

                  وأشار بذالك إلى قول قس بن ساعدة:

                  وما قد تولى فـهـو قـد فـات ذاهـبا *** فـهـل يـنـفـعـني لـيـتـني ولعـلني
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #10
                    ويقول أهل الأخبار ان قسا كان قارئا كاتبا مطلعا على كتب أهل الكتاب، ولكنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان حنيفا يدين بالتوحيد. وقالوا انه كان متصلا بقيصر الروم وفد اليه فاكرمه وعظمه وانه توفي قبيل البعثة سنة 600 م. فإذا شئت الإطلاع على المزيد من أخباره فانظر مثلا: البداية والنهاية، لابن كثير؛ دلائل النبوة، للبيهقي؛ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي؛ تاريخ الأدب العربي، لأحمد حسن الزيات، وغير ذلك من المراجع.
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #11
                      القس بن ساعدة الأيادى

                      قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك، ت 23 ق هــ ‍م وهو من بني إياد أحد حكماء العرب، ومن كبار خطبائهم، في الجاهلية كان أسقف نجران، ويقال إنه كان أول عربي خطب متوكئا على سيف أو عصا، وأول من قال في كلامه " أما بعد " وكان يذهب إلى قيصر الروم ، زائرا، فيكرمه ويعظمه وهو معدود في المعمرين ، طالت حياته وأدركه النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل الوحى ، ورآه في عكاظ .



                      كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وينتظر ظهوره ويقول: إن لله دينا خير من الدين الذي أنتم عليه.




                      وكان النبي يترحم عليه ويقول: يحشر يوم القيامة امة واحدة.





                      حدثنا أبي رضي الله قال: بينا رسول الله ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكة إذ أقبل إليه وفد فسلموا عليه، فقال رسول: من القوم؟ قالوا: وفد بكر بن وائل، قال: فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الايادي؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فما فعل؟ قالوا: مات، فقال رسول الله: الحمد لله رب الموت ورب الحياة، كل نفس ذائقة الموت، كأني أنظر إلى قس بن ساعدة الايادي وهو بسوق عكاظ على جمل له أحمر وهو يخطب الناس ويقول: اجتمعوا أيها الناس، فإذا اجتمعتم فأنصتوا فاذا أنصتم فاستمعوا، فإذا أستمعتم فعوا، واذا وعيتم فاحفظوا، فإذا حفظتم فاصدقوا، ألا إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو اّت اّت ، إن في السماء لخبرا وان في الارض لعبرا، سقف مرفوع، ومهاد موضوع، ونجوم تمور وليل يدور، وبحارتغور، يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ يحلف قس يمينا غير كاذبة إن لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه.




                      وبلغ من حكمة قس بن ساعدة ومعرفته أن النبي صلى الله عليه كان يسأل من يقدم عليه من أياد من حكمه ويصغي إليه سمعه.





                      وجاء في مروج الذهب للمسعودي: "وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم وَفد من إياد، فسألهم عنه، فقالوا: هلك، فقال: رحمه اللّه ، كأننىِ أنظر إليه بسوق عُكَاظ على جمل له أحمر، وهو يقول: أيها الناس، اجتمعوا واسمعوا وَعُوا، مَنْ عاش مات، ومَزن مات فات، وكل ما هوآت ات، أما بعد فإن في السماء لخبراً، وإن في الأرض لعبراً، نجوم تمور، وبحار تغور، وسَقْف مرفع، ومهاد موضوع، أقسم قس باللّه قسماً لا حانثاً فيه ولا آثماً، إن اللّه لدينا هو أرضى من دين أنتم عليه، مالي أراهم يذهبون ولا يرجعون، أرَضُوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا. سبيل مؤتلف، وعمل مختلف. وقال أبياتاً لا أحفظها، فقام أبو بكررضي اللهّ عنه فقالى: أنا أحفظها يا رسول الله، فقال :هاتها، فقال:




                      في الذَّاهِـبِـينَ الأوَّلـي





                      ن مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ

                      لمـا رَأيْتُ مَـــوَارِداً





                      لْلمَوْتِ لَيْسَ لَها مَصَادرْ

                      ورَأيْتُ قَوْمي نَحْـوَهـا





                      تمْضِي الأوَائِلُ وَالأوَاخِرْ

                      لَا يَرْجِعُ المـاضـي، ولَا





                      يَبْقَى مِنَ الْبَاقِينَ غَـابِـرْ

                      أيْقَنْـتُ أنـي لَا مـحـا





                      لةحَيْثُ صَار الْقَوْمُ صائِرْ





                      فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : رحم اللّه قسا، إني لأرجو أن يبعثه الله أمة وحْده.قال المسعودي: ولقس أشعار كثيرة وحِكَمٌ، وأخبار تُبصِّر في الطب الزجر والفأل وأنواع الحكم، وقد ذكرنا ذلك في كتاب أخبار الزمان وفي الكتاب الأوسط.
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #12
                        أشعار قس بن ساعدة الأيادي


                        يكاد يجمع المؤرخون على موته قبل البعثة بقليل وقد ورد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يسمع إليه في سوق عكاظ وقال عنه " والذي بعثني بالحق ، لقد أمن قس بالبعث " (الجاحظ البيان تحقيق عبد السلام هارون ، القاهرة 1948 ، ج1 ص 309 ، المرجع العرب قبل الاسلام- سيد القمنى)



                        والحق لأي أنسان مؤمن بالكتاب المقدس هو السيد المسيح الذى قال عن نفسه " أنا هو لا قيامة والحق والحياة ".




                        يا ناعي الموت والأصوات في جدث ، عليهم من بقايا برعم خرق ، دعهم فان لهم يوما يصاح بهم ، فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقوا حتى يعودوا لحال غير حالهم ،
                        خلقا جديدا كما من قبله خلقوا ، فيهم عراة ومنهم في ثيابهم ، منها الجديد ومنها المبهج الخلق.






                        ويصف الكون سجعا قائلا:

                        ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وأرض مدحاة ، وانها مجردة ، ان في السماء لخبرا، وان في الارض لعبرا



                        واورد سيد القمنى فى فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية نقلا عن الألوسي بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 244 هذه الخطبة البليغة لقس بن ساعدة:

                        أيها الناس ؛ اسمعوا وعوا ؛ فإذا وعيتم فانتفعوا ، إنه من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا ، جهاد موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبحار لن تغور ، ليل داج ، وسماء ذات أبراج ، أقسم قس قسما حتما ، لئن كان في الأرض رضي ليكونن بعده سخطا ، وإن لله دينا هو أحب إليه من دينكم .




                        والقس بن ساعدة الذى قال أن الله ليس بمولود ولا والد وكان فى هذا أقدر من التعبير القرآني: الله لم يلد ولم يولد كلا، بل هو الله المعبود الواحد ، ليس بمولود ولا والد ، أعاد وأبدي ، وإليه المآب غدا (الشهر ستاني الملل والنحل، المطبعة الأزهرية ، القاهرة ، 1951 ، ص 96 )





                        وعن حقيقة الموت يقول:

                        فـــــــي الذاهبين الأوليــــــــــن ** في الشــــعــــــــوب لنا بصــــائر

                        لمـــــــا رأيت مــــواردا للمــوت ** لــــــيس لهــــا مصادر

                        ورأيـــت قومــي نحــــــوها ** تسعي الأصــــــاغـــــر والأكـــــابر

                        لا يـرجــــعن قــــومــــي إلي ** ولا مــــن البــاقين غــــــــــــابـــــر

                        أيقنت أنـــي لا مـــــحــــالة ** حـــيث صـــــار القـــــوم صـــائر





                        (سيد القمنى فى ) الحزب الهاشمى فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية نقلا عن عبد القادر البغدادي ، خزانة الأدب ، تحقيق عبد السلام هارون ، دار الكتاب العربي 1967 ، ج2 ، ص 264 ومن أمثلة ما كُتب قبل محمد(صلعم) ما قاله قس بن ساعدة، فكان يقول " أين من بغى وطغى وجمع فأوعى " وقال " أنا ربكم الأعلى ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً وأطول منكم آجالاً طحنهم الثرى بكلكلهِ ومزّقهم بتطاولهِ فتلك عظامهم بالية وبيوتهم خاوية عمَّرتها الذئاب العاوية "(1 وذكر ابن كثير أن أبا بكر هو قائل هذا الكلام وهو يتحدث في حضور محمد(صلعم) مع وفد أياد عن قس بن ساعدة .
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #13
                          المـــراجع :


                          الأب لويس شيخو شعراء النصرانية في الجاهلية ، مكتبة الآداب ، الحلمية الجديدة القاهرة ،
                          البداية والنهاية ابن كثير ترجمة قس بن ساعدة
                          موسوعة تاريخ أقباط مصر
                          مروج الذهب: المسعودي
                          كتاب الأغاني: أبو الفرج الأصفهاني
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #14

                            أَبْلَغُ مِنْ قُسٍّ.

                            هو قُسُّ بن ساعدة بن حُذَافة بن زُهَير ابن إياد بن نِزَار، الإيادي، وكان من حكماء العرب، وأَعْقَلَ من سُمِع به منهم، وهو أول من كَتَب "من فلان إلى فلان" وأول من أَقَرَّ بالبعث من غير علم، وأول من قال "أما بعد" وأول من قال "البينة على مَنْ ادَّعَى واليمينُ عَلَى من أنكر" وقد عُمِّر مائةً وثمانين سنة، قال الأعشى:

                            وَأَبْلَغُ من قُسِّ وأَجْرَى مِنَ الذي بِذِي الغيل مِنْ خفَّانَ أَصْبَحَ خَادِرَا

                            وأخبر عامر بن شَرَاحيل الشعبيُّ عن عبد الله بن عباس أن وَفْدَ بكر بن وائل قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغ من حوائجهم قال: هل فيكم أحد يعرف قُسَّ بن ساعدة الإيادي ؟ قالوا: كلنا نعرفه، قال: فما فَعَلَ ؟ قالوا: هلَكَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني به على جَمَل أحمر بعُكَاظ قائماً يقول: أيها الناس، اجْتَمِعُوا واسْتَمِعُوا وَعُوا، كل مَنْ عاش مات، وكل مَنْ مات فَاتَ، وكل ما هو آتٍ آت، إن في السماء لَخَبراً، وإن في الأرض لَعِبَراً، مِهَاد مَوْضُوع، وَسَقْف مَرْفوع، وبِحار تَمْوج، وتجارة تَرُوج، ولَيْل دَاجٍ، وسماء ذاتُ أَبْرَاجٍ، أَقْسَمَ قُسٌّ حقا لئن كان في الأرض رِضاً ليكونَنَّ بعده سخط، وإن للّه عَزَّتْ قُدْرته دِيناً هو أَحَبُّ إليه من دينكم الذي أنتم عليه، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ؟ أَرَضُوا فأقاموا، أو تُرِكُوا فناموا ؟ ثم أنشد أبو بكر رضي الله عنه شعراً حَفِظه له. انتهى من كتاب مجمع الأمثال.

                            وروى الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أن رحم الله قسا! إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم"

                            ويقول الشهرستاني في كتاب الملل والنحل:

                            وممن كان يعتقد التوحيد، ويؤمن بيوم الحساب:

                            قس بن ساعدة الإيادي: قال في مواعظه: كلا ورب الكعبة ليعودن ما باد، ولئن ذهب ليعودن يوما.

                            وقال أيضا:

                            كلا بل هو الله إله واحد ليس بمولود ولا والد

                            وجاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير:

                            عن ابن عباس قال: قدم وفد بكر بن وائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:

                            "ما فعل حليف لكم يقال له قس بن ساعدة الإيادي". وذكر القصة مطولة.

                            حدثني بعض أصحابنا من أهل العلم عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال:

                            كان الجارود بن المعلى بن حنش بن معلى العبدي نصرانياً حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها، عالماً بسير الفرس وأقاويلها، بصيراً بالفلسفة والطب، ظاهر الدهاء والأدب، كامل الجمال ذا ثروة ومال، وأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافداً في رجال من عبد القيس، ذوي أراء وأسنان وفصاحة وبيان وحجج وبرهان، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف بين يديه وأشار إليه، وأنشأ يقول:

                            يا نبي الهدى أتتك رجال قطعت فدفدا وآلا فآلا

                            وطوت نحوك الصحاصح تهوي لا تعد الكلال فيك كلالا

                            كل بهماء قصر الطرف عنها أرقلتها قلاصنا أرقالا

                            وطوتها العتاق يجمح فيها بكماة كأنجم تتلالا

                            تبتغي دفع بأس يوم عظيم هائل أوجع القلوب وهالا

                            ومزادا لمحشر الخلق طرا وفراقا لمن تمادى ضلالا

                            نحو نور من الإله وبرهان وبر ونعمة أن تنالا

                            خصك الله يا ابن آمنة الخير بها إذ أتت سجالا سجالا

                            فاجعل الحظ منك يا حجة الله جزيلا لا حظ خلف أحالا

                            قال فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم وقرب مجلسه وقال له:

                            "يا جارود لقد تأخر الموعود بك وبقومك".

                            فقال الجارود: فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فاته حظه وتلك أعظم حوبة، وأغلظ عقوبة، وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعداك، واتبع سواك، وإني الآن على دين قد علمت به قد جئتك وها أنا تاركه لدينك، أفذلك مما يمحص الذنوب والمآثم والحوب، ويرضى الرب عن المربوب.

                            فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

                            "أنا ضامن لك ذلك، وأخلص الآن لله بالوحدانية، ودع عنك دين النصرانية".

                            فقال الجارود: فداك أبي وأمي، مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك محمد عبده ورسوله.

                            قال: فأسلم وأسلم معه أناس من قومه، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، وأظهر من إكرامهم ما سروا به وابتهجوا به.

                            ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

                            "أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي".

                            فقال الجارود: فداك أبي وأمي كلنا نعرفه، وإني من بينهم لعالم بخبره، واقف على أمره، كان قس يا رسول الله سبطاً من أسباط العرب، عمر ستمائة سنة، تقفر منها خمسة أعمار في البراري والقفار، يضج بالتسبيح على مثال المسيح، لا يقره قرار، ولا تكنه دار، ولا يستمتع به جار، كان يلبس الأمساح ويفوق السياح، ولا يفتر من رهبانيته يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام، ويستمتع بالظلام، يبصر فيعتبر، ويفكر فيختبر.

                            فصار لذلك واحداً تضرب بحكمته الأمثال، وتكشف به الأهوال، أدرك رأس الحواريين سمعان، وهو أول رجل تأله من العرب، ووحد وأقر وتعبد، وأيقن بالبعث والحساب، وحذر سوء المآب، وأمر بالعمل قبل الفوت، ووعظ بالموت، وسلم بالقضا على السخط والرضا، وزار القبور، وذكر النشور، وندب بالأشعار، وفكر في الأقدار.

                            وأنبأ عن السماء والنماء، وذكر النجوم وكشف الماء، ووصف البحار وعرف الآثار، وخطب راكباً، ووعظ دائباً، وحذر من الكرب، ومن شدة الغضب، ورسل الرسائل، وذكر كل هائل، وأرغم في خطبه وبين في كتبه، وخوف الدهر، وحذر الأزر، وعظم الأمر، وجنب الكفر، وشوق إلى الحنيفية، ودعا إلى اللاهوتية.

                            وهو القائل في يوم عكاظ: شرق وغرب، ويتم وحزب، وسلم وحرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وإناث وذكور، وبرار وبحور، وحب ونبات، وآباء وأمهات، وجمع وأشتات، وآيات في إثرها آيات، ونور وظلام، ويسر وإعدام، ورب وأصنام.

                            لقد ضل الأنام، نشوّ مولود، ووأد مفقود، وتربية محصود، وفقير وغني، ومحسن ومسيء، تباً لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله، وليفقدن الآمل أمله، كلا بل هو إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى، وأمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، رب الآخرة والأولى.

                            أما بعد: فيا معشر إياد، أين ثمود وعاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل والعواد؟ كل له معاد، يقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، لتحشرن على الانفراد، في يوم التناد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض، ووعظ الواعظ، فانتبذ القانط، وأبصر اللاحظ.

                            فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، والنور الأزهر، والعرض الأكبر، في يوم الفصل، وميزان العدل، إذا حكم القدير، وشهد النذير، وبعد النصير، وظهر التقصير، ففريق في الجنة، وفريق في السعير.

                            وهو القائل:

                            ذكر القلب من جواه أد كار وليال خلالهن نهار

                            وسجال هواطل من غمام ثرن ماء وفي جواهن نار

                            ضوءها يطمس العيون وأرعاد شداد في الخافقين تطار

                            وقصور مشيدة حوت الخير وأخرى خلت بهن قفار

                            وجبال شوامخ راسيات وبحار ميهاههن غزار

                            ونجوم تلوح في ظلم الليل نراها في كل يوم تدار

                            ثم شمس يحثها قمر الليل وكل متابع موار

                            وصغير وأشمط وكبير كلهم في الصعيد يوما مزار

                            وكبير مما يقصر عنه حدسه الخاطر الذي لا يحار

                            فالذي قد ذكرت دل على الله نفوسا لها هدى واعتبار

                            قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

                            "مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ، واقفاً على جمل أحمر يخطب الناس: اجتمعوا فاسمعوا، وإذا سمعتم فعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا وقولوا، وإذا قلتم فاصدقوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات، وأحياء وأموات، ليل داج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وضوء وظلام، وليل وأيام، وبر وآثام.

                            إن في السماء خبراً، وإن في الأرض عبراً، يحار فيهن البصرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تغور، وبحار لا تفور، ومنايا دوان، ودهر خوان، كحد النسطاس، ووزن القسطاس.

                            أقسم قس قسماً لا كاذباً فيه ولا آثماً، لئن كان في هذا الأمر رضي، ليكونن سخط. ثم قال: أيها الناس إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه، وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟".

                            والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض أصحابه فقال: "وأيكم يروي شعره لنا؟"

                            فقال أبو بكر الصديق: فداك أبي وأمي، أنا شاهد له في ذلك اليوم حيث يقول:

                            في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر

                            لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر

                            ورأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر والأكابر

                            لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر

                            أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر

                            قال: فقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخ من عبد القيس عظيم الهامة، طويل القامة، بعيد ما بين المنكبين فقال: فداك أبي وأمي، وأنا رأيت من قس عجباً.

                            فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الذي رأيت يا أخا بني عبد القيس؟"

                            فقال: خرجت في شبيبتي أربع بعيراً لي فدعني أقفو أثره في تنائف قفاف، ذات ضغابيس وعرصات جثجاث، بين صدور جذعان وغمير حوذان، ومهمه ظلمان، ورصيع ليهقان، فبينا أنا في تلك الفلوات أجول بسبسبها وأرنق فدفدها، إذا أنا بهضبة في نشزاتها أراك كباث مخضوضلة، وأغصانها متهدلة، كأن بريرها حب الفلفل وبواسق أقحوان، وإذا بعين خرارة، وروضة مدهامة، وشجرة عارمة، وإذا أنا بقس بن ساعدة في أصل تلك الشجرة وبيده قضيب.

                            فدنوت منه، وقلت له: أنعم صباحاً.

                            فقال: وأنت فنعم صباحك، وقد وردت العين سباع كثيرة فكان كلما ذهب سبع منها يشرب من العين قبل صاحبه، ضربه قس بالقضيب الذي بيده، وقال: اصبر حتى يشرب الذي قبلك، فذعرت من ذلك ذعراً شديداً، ونظر إليّ فقال: لا تخف.

                            وإذا بقبرين بينهما مسجد، فقلت: ما هذا القبران؟

                            قال: قبرا أخوين كانا يعبدان الله عز وجل بهذا الموضع، فأنا مقيم بين قبريهما عبد الله حتى ألحق بهما، فقلت له: أفلا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم، وتباينهم على شرهم؟

                            فقال لي: ثكلتك أمك، أو ما علمت أن ولد إسماعيل تركوا دين أبيهم، واتبعوا الأضداد، وعظموا الأنداد، ثم أقبل على القبرين وأنشأ يقول:

                            خليلي هبَّا طالما قد رقدتما أجدكما لا تقضيان كراكما

                            أرى النوم بين الجلد والعظم منكما كأن الذي يسقي العقار سقاكما

                            أمن طول نوم لا تجيبان داعياً كأن الذي يسقي العقار سقاكما

                            ألم تعلما أني بنجران مفرداً وما لي فيه من حبيب سواكما

                            مقيم على قبريكما لست بارحاً إياب الليالي أو يجيب صداكما

                            أأبكيكما طول الحياة وما الذي يرد على ذي لوعة أن بكاكما

                            فلو جعلت نفس لنفس امرئ فدى لجدت بنفسي أن تكون فداكما

                            كأنكما والموت أقرب غاية بروحي في قبريكما قد أتاكما

                            قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله قساً أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة".

                            وهذا الحديث غريب جداً من هذا الوجه، وهو مرسل إلا أن يكون الحسن سمعه من الجارود، والله أعلم.

                            وقد رواه البيهقي، والحافظ أبو القاسم ابن عساكر من وجه آخر من حديث محمد بن عيسى بن محمد بن سعيد

                            وهناك مجموعة من رجال الجاهلية عرفوا بانهم " حنفيين"، لم يعبدوا الاصنام وكانوا يؤمنون بالوحدانية. عرفنا من هولاء النفر قس بن ساعدة الايادي، وزيد بن عمرو بن ثفيل، وأمية بن أبي الصلت، وارباب بن رئاب، وسُويد بن عامر المصطلقي، وأسعد ابو كرب الحميري، ووكيع بن سلمة بن زهير الايادي، وعمير بن جندب الجُهني، وعدي بن زيد العبادي، وابو قيس صرمة بن أبي أنس، وسيف بن ذي يزن، وورقة بن نوفل القرشي، وعامر بن الظرب العدواني، وعبد الطابخة بن ثعلب بن وبرة بن قضاعة، وعلاف بن شهاب التميمي، والمتلمس بن أمية الكناني، وزهير بن أبي سُلمى، وخالد بن سنان بن غيث العبسي، وعبد اله القضاعي، وعبيد بن الابرص الاسدي، وكعب بن لؤي بن غالب.


                            منقوووول للفائدة
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #15
                              ذكر قس بن ساعدة الإيادي


                              قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب (هواتف الجان): حدثنا داود القنطري، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني أبو عبد الله المشرقي، عن أبي الحارث الوراق، عن ثور بن يزيد، عن مورق العجلي، عن عبادة بن الصامت قال: لما قدم وفد إياد على النبي قال: « يا معشر وفد إياد ما فعل قس بن ساعدة الإيادي ».
                              قالوا: هلك يا رسول الله.
                              قال: « لقد شهدته يوما بسوق عكاظ على جمل أحمر يتكلم بكلام معجب مونق لا أجدني أحفظه ».
                              فقام إليه أعرابي من أقاصي القوم فقال: أنا أحفظه يا رسول الله.
                              قال: فسر النبي بذلك قال: فكان بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول:
                              يا معشر الناس اجتمعوا فكل من فات فات، وكل شيء آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، وبحر عجاج، نجوم تزهر، وجبال مرسية، وأنهار مجرية، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالإقامة فأقاموا، أم تركوا فناموا، أقسم قس بالله قسما لا ريب فيه إن لله دينا هو أرضى من دينكم هذا، ثم أنشأ يقول:
                              في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
                              لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
                              ورأيت قومي نحوها * يمضي الأصاغر والأكابر
                              لا من مضى يأتي إليك * ولا من الباقين غابر
                              أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
                              وهذا إسناد غريب من هذا الوجه.
                              وقد رواه الطبراني من وجه آخر فقال في كتابه (المعجم الكبير): حدثنا محمد بن السري بن مهران بن الناقد البغدادي، حدثنا محمد بن حسان السهمي، حدثنا محمد بن الحجاج، عن مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس على النبي فقال: « أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي ».
                              قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله.
                              قال: « فما فعل؟ ».
                              قالوا: هلك.
                              قال: « فما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام وهو على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو يقول: يا أيها الناس اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، وأقسم قس قسما حقا لئن كان في الأمر رضى ليكون بعده سخط، إن لله لدينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا ».
                              ثم قال رسول الله : أفيكم من يروي شعره؟ فأنشده بعضهم
                              في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
                              ما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
                              ورأيت قومي نحوها * يسعى الأصاغر والأكابر
                              لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
                              أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
                              وهكذا أورده الحافظ البيهقي في كتابه (دلائل النبوة) من طريق محمد بن حسان السلمي به.
                              وهكذا رويناه في الجزء الذي جمعه الأستاذ أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه في أخبار قس قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، عن سعيد بن شبيب، عن محمد بن الحجاج، عن إبراهيم الواسطي نزيل بغداد، ويعرف بصاحب الفريسة، وقد كذبه يحيى بن معين، وأبو حاتم الرازي، والدارقطني واتهمه غير واحد منهم ابن عدي بوضع الحديث.
                              وقد رواه البزار، وأبو نعيم من حديث محمد بن الحجاج هذا.
                              ورواه ابن درستويه، وأبو نعيم من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهذه الطريق أمثل من التي قبلها، وفيه: إن أبا بكر هو الذي أورد القصة بكمالها نظمها ونثرها، بين يدي رسول الله .
                              ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث أحمد بن موسى بن إسحاق الحطمي، حدثنا علي بن الحسين بن محمد المخزومي، حدثنا أبو حاتم السجستاني، حدثنا وهب بن جرير، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس قال: قدم وفد بكر بن وائل على رسول الله فقال لهم:
                              « ما فعل حليف لكم يقال له قس بن ساعدة الإيادي ». وذكر القصة مطولة.
                              وأخبرنا الشيخ المسند الرحلة أحمد بن أبي طالب الحجار إجازة إن لم يكن سماعا قال: أجاز لنا جعفر بن علي الهمداني قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي سماعا، وقرأت على شيخنا الحافظ أبي عبد الله الذهبي أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن أبي بكر الخلال سماعا.
                              قال: أنا جعفر بن علي سماعا، قال: أنا السلفي سماعا، أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي، أنا أبو الفضل محمد بن أحمد عيسى السعدي، أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال:
                              حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد السعدي قاضي فارس، حدثنا أبو داود سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم الطائي من أهل حران، حدثنا أبو عمرو سعيد بن يربع، عن محمد بن إسحاق، حدثني بعض أصحابنا من أهل العلم عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال:
                              كان الجارود بن المعلى بن حنش بن معلى العبدي نصرانيا حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها، عالما بسير الفرس وأقاويلها، بصيرا بالفلسفة والطب، ظاهر الدهاء والأدب، كامل الجمال ذا ثروة ومال، وأنه قدم على النبي وافدا في رجال من عبد القيس، ذوي أراء وأسنان وفصاحة وبيان وحجج وبرهان، فلما قدم على النبي وقف بين يديه وأشار إليه، وأنشأ يقول:
                              يا نبي الهدى أتتك رجال * قطعت فدفدا وآلا فآلا
                              وطوت نحوك الصحاصح تهوي * لا تعد الكلال فيك كلالا
                              كل بهماء قصر الطرف عنها * أرقلتها قلاصنا أرقالا
                              وطوتها العتاق يجمح فيها * بكماة كأنجم تتلالا
                              تبتغي دفع بأس يوم عظيم * هائل أوجع القلوب وهالا
                              ومزادا لمحشر الخلق طرا * وفراقا لمن تمادى ضلالا
                              نحو نور من الإله وبرهان * وبر ونعمة أن تنالا
                              خصك الله يا ابن آمنة الخير * بها إذ أتت سجالا سجالا
                              فاجعل الحظ منك يا حجة الله * جزيلا لا حظ خلف أحالا
                              قال فأدناه النبي وقرب مجلسه وقال له:
                              « يا جارود لقد تأخر الموعود بك وبقومك ».
                              فقال الجارود: فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فاته حظه وتلك أعظم حوبة، وأغلظ عقوبة، وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعداك، واتبع سواك، وإني الآن على دين قد علمت به قد جئتك وها أنا تاركه لدينك، أفذلك مما يمحص الذنوب والمآثم والحوب، ويرضى الرب عن المربوب.
                              فقال له رسول الله :
                              « أنا ضامن لك ذلك، وأخلص الآن لله بالوحدانية، ودع عنك دين النصرانية ».
                              فقال الجارود: فداك أبي وأمي، مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك محمد عبده ورسوله.
                              قال: فأسلم وأسلم معه أناس من قومه، فسر النبي بإسلامهم، وأظهر من إكرامهم ما سروا به وابتهجوا به.
                              ثم أقبل عليهم رسول الله فقال:
                              « أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي ».
                              فقال الجارود: فداك أبي وأمي كلنا نعرفه، وإني من بينهم لعالم بخبره، واقف على أمره، كان قس يا رسول الله سبطا من أسباط العرب.
                              عمر ستمائة سنة، تقفر منها خمسة أعمار في البراري والقفار، يضج بالتسبيح على مثال المسيح، لا يقره قرار، ولا تكنه دار، ولا يستمتع به جار، كان يلبس الأمساح ويفوق السياح، ولا يفتر من رهبانيته يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام، ويستمتع بالظلام، يبصر فيعتبر، ويفكر فيختبر.
                              فصار لذلك واحدا تضرب بحكمته الأمثال، وتكشف به الأهوال، أدرك رأس الحواريين سمعان، وهو أول رجل تأله من العرب، ووحد وأقر وتعبد، وأيقن بالبعث والحساب، وحذر سوء المآب، وأمر بالعمل قبل الفوت، ووعظ بالموت، وسلم بالقضا على السخط والرضا، وزار القبور، وذكر النشور، وندب بالأشعار، وفكر في الأقدار.
                              وأنبأ عن السماء والنماء، وذكر النجوم وكشف الماء، ووصف البحار وعرف الآثار، وخطب راكبا، ووعظ دائبا، وحذر من الكرب، ومن شدة الغضب، ورسل الرسائل، وذكر كل هائل، وأرغم في خطبه وبين في كتبه، وخوف الدهر، وحذر الأزر، وعظم الأمر، وجنب الكفر، وشوق إلى الحنيفية، ودعا إلى اللاهوتية.
                              وهو القائل في يوم عكاظ: شرق وغرب، ويتم وحزب، وسلم وحرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وإناث وذكور، وبرار وبحور، وحب ونبات، وآباء وأمهات، وجمع وأشتات، وآيات في إثرها آيات، ونور وظلام، ويسر وإعدام، ورب وأصنام.
                              لقد ضل الأنام، نشوّ مولود، ووأد مفقود، وتربية محصود، وفقير وغني، ومحسن ومسيء، تبا لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله، وليفقدن الآمل أمله، كلا بل هو إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى، وأمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، رب الآخرة والأولى.
                              أما بعد: فيا معشر إياد، أين ثمود وعاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل والعواد؟ كل له معاد، يقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، لتحشرن على الانفراد، في يوم التناد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض، ووعظ الواعظ، فانتبذ القانط، وأبصر اللاحظ.
                              فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، والنور الأزهر، والعرض الأكبر، في يوم الفصل، وميزان العدل، إذا حكم القدير، وشهد النذير، وبعد النصير، وظهر التقصير، ففريق في الجنة، وفريق في السعير.
                              وهو القائل:
                              ذكر القلب من جواه أد كار * وليال خلالهن نهار
                              وسجال هواطل من غمام * ثرن ماء وفي جواهن نار
                              ضوءها يطمس العيون وأرعاد * شداد في الخافقين تطار
                              وقصور مشيدة حوت الخير * وأخرى خلت بهن قفار
                              وجبال شوامخ راسيات * وبحار ميهاههن غزار
                              ونجوم تلوح في ظلم الليل * نراها في كل يوم تدار
                              ثم شمس يحثها قمر الليل * وكل متابع موار
                              وصغير وأشمط وكبير * كلهم في الصعيد يوما مزار
                              وكبير مما يقصر عنه * حدسه الخاطر الذي لا يحار
                              فالذي قد ذكرت دل على الله * نفوسا لها هدى واعتبار
                              قال: فقال رسول الله : « مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ، واقفا على جمل أحمر يخطب الناس: اجتمعوا فاسمعوا، وإذا سمعتم فعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا وقولوا، وإذا قلتم فاصدقوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات، وأحياء وأموات، ليل داج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وضوء وظلام، وليل وأيام، وبر وآثام. إن في السماء خبرا، وإن في الأرض عبرا، يحار فيهن البصرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تغور، وبحار لا تفور، ومنايا دوان، ودهر خوان، كحد النسطاس، ووزن القسطاس. أقسم قس قسما لا كاذبا فيه ولا آثما، لئن كان في هذا الأمر رضي، ليكونن سخط. ثم قال: أيها الناس إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه، وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ ».
                              والتفت رسول الله إلى بعض أصحابه فقال: « وأيكم يروي شعره لنا؟ »
                              فقال أبو بكر الصديق: فداك أبي وأمي، أنا شاهد له في ذلك اليوم حيث يقول:
                              في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
                              لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
                              ورأيت قومي نحوها * يمضي الأصاغر والأكابر
                              لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
                              أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
                              قال: فقام إلى رسول الله شيخ من عبد القيس عظيم الهامة، طويل القامة، بعيد ما بين المنكبين فقال: فداك أبي وأمي، وأنا رأيت من قس عجبا.
                              فقال له رسول الله : « ما الذي رأيت يا أخا بني عبد القيس؟ »
                              فقال: خرجت في شبيبتي أربع بعيرا لي فدعني أقفو أثره في تنائف قفاف، ذات ضغابيس وعرصات جثجاث، بين صدور جذعان وغمير حوذان، ومهمه ظلمان، ورصيع ليهقان، فبينا أنا في تلك الفلوات أجول بسبسبها وأرنق فدفدها، إذا أنا بهضبة في نشزاتها أراك كباث مخضوضلة، وأغصانها متهدلة، كأن بريرها حب الفلفل وبواسق أقحوان، وإذا بعين خرارة، وروضة مدهامة، وشجرة عارمة، وإذا أنا بقس بن ساعدة في أصل تلك الشجرة وبيده قضيب.
                              فدنوت منه، وقلت له: أنعم صباحا.
                              فقال: وأنت فنعم صباحك، وقد وردت العين سباع كثيرة فكان كلما ذهب سبع منها يشرب من العين قبل صاحبه، ضربه قس بالقضيب الذي بيده، وقال: اصبر حتى يشرب الذي قبلك، فذعرت من ذلك ذعرا شديدا، ونظر إليّ فقال: لا تخف.
                              وإذا بقبرين بينهما مسجد، فقلت: ما هذا القبران؟
                              قال: قبرا أخوين كانا يعبدان الله عز وجل بهذا الموضع، فأنا مقيم بين قبريهما عبد الله حتى ألحق بهما، فقلت له: أفلا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم، وتباينهم على شرهم؟
                              فقال لي: ثكلتك أمك، أو ما علمت أن ولد إسماعيل تركوا دين أبيهم، واتبعوا الأضداد، وعظموا الأنداد، ثم أقبل على القبرين وأنشأ يقول:
                              خليلي هبَّا طالما قد رقدتما * أجدكما لا تقضيان كراكما
                              أرى النوم بين الجلد والعظم منكما * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
                              أمن طول نوم لا تجيبان داعيا * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
                              ألم تعلما أني بنجران مفردا * وما لي فيه من حبيب سواكما
                              مقيم على قبريكما لست بارحا * إياب الليالي أو يجيب صداكما
                              أأبكيكما طول الحياة وما الذي * يرد على ذي لوعة أن بكاكما
                              فلو جعلت نفس لنفس امرئ فدى * لجدت بنفسي أن تكون فداكما
                              كأنكما والموت أقرب غاية * بروحي في قبريكما قد أتاكما
                              قال: فقال رسول الله : « رحم الله قسا أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة ».
                              وهذا الحديث غريب جدا من هذا الوجه، وهو مرسل إلا أن يكون الحسن سمعه من الجارود، والله أعلم.
                              وقد رواه البيهقي، والحافظ أبو القاسم ابن عساكر من وجه آخر من حديث محمد بن عيسى بن محمد بن سعيد القرشي الأخباري: ثنا أبي، ثنا علي بن سليمان بن علي، عن علي بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم الجارود بن عبد الله فذكر مثله، أو نحوه مطولا بزيادات كثيرة في نظمه ونثره، وفيه ما ذكره عن الذي ضل بعيره فذهب في طلبه.
                              قال: فبت في واد لا آمن فيه حتفي، ولا أركن إلى غير سيفي، أرقب الكوكب، وأرمق الغيهب، حتى إذا الليل عسعس، وكاد الصبح أن يتنفس، هتف بي هاتف يقول:
                              يا أيها الراقد في الليل الأجم * قد بعث الله نبيا في الحرم
                              من هاشم أهل الوفاء والكرم * يجلو دجيات الدياجي والبهم
                              قال: فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا، ولا سمعت له فحصا، قال: فأنشأت أقول:
                              يا أيها الهاتف في داجي الظُّلم * أهلا وسهلا بك من طيف ألم
                              بين هداك الله في لحن الكلم * ماذا الذي تدعو إليه يغتنم
                              قال: فإذا أنا بنحنحة وقائلا يقول: ظهر النور، وبطل الزور، وبعث الله محمدا بالحبور، صاحب النجيب الأحمر، والتاج والمغفر، والوجه الأزهر، والحاجب الأقمر، والطرف الأحور، صاحب قول شهادة أن لا إله إلا الله، وذلك محمد المبعوث إلى الأسود والأبيض، أهل المدر والوبر، ثم أنشأ يقول:
                              الحمد لله الذي * لم يخلق الخلق عبث
                              لم يخلنا يوما سدى * من بعد عيسى واكترث
                              أرسل فينا أحمدا * خير نبي قد بعث
                              صلى عليه الله ما * حج له ركب وحث
                              وفيه من إنشاء قس بن ساعدة:
                              يا ناعي الموت والملحود في جدث * عليهم من بقايا قولهم خِرَق
                              دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم * فهم إذا انتبهوا من نومهم أرقوا
                              حتى يعودوا بحال غير حالهم * خلقا جديدا كما من قبله خلقوا
                              منهم عراة ومنهم في ثيابهم * منها الجديد ومنها المنهج الخلق
                              ثم رواه البيهقي، عن محمد بن عبد الله بن يوسف بن أحمد الأصبهاني: حدثنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فرضخ الأخميمي بمكة، ثنا القاسم بن عبد الله بن مهدي، ثنا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
                              فذكر القصة، وذكر الإنشاد قال: فوجدوا عند رأسه صحيفة فيها:
                              يا ناعي الموت والأموات في جدث * عليهم من بقايا نومهم خرق
                              دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم * كما تنبه من نوماته الصعق
                              منهم عراة وموتى في ثيابهم * منها الجديد ومنها الأزرق الخلق
                              فقال رسول الله :
                              « والذي بعثني بالحق لقد آمن قس بالبعث ».
                              وأصله مشهور، وهذه الطرق على ضعفها كالمتعاضدة على إثبات أصل القصة. وقد تكلم أبو محمد ابن درستويه على غريب ما وقع في هذا الحديث، وأكثره ظاهر إن شاء الله تعالى، وما كان فيه غرابة شديدة، نبهنا عليه في الحواشي.
                              وقال البيهقي: أنا أبو سعيد ابن محمد بن أحمد الشعيثي، ثنا أبو عمرو ابن أبي طاهر المحمد آباذي لفظا، ثنا أبو لبابة محمد بن المهدي الأموردي، ثنا أبي، ثنا سعيد بن هبيرة، ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس بن مالك قال: قدم وفد إياد على النبي فقال:
                              « ما فعل قس بن ساعدة؟ »
                              قالوا: هلك.
                              قال: « أما إني سمعت منه كلاما أرى أني أحفظه ».
                              فقال بعض القوم: نحن نحفظه يا رسول الله.
                              قال: « هاتوا ».
                              فقال قائلهم: إني واقف بسوق عكاظ فقال: يا أيها الناس استمعوا واسمعوا وعوا، كل من عاش مات، وكل من مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرسية، وأنهار مجرية، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، أرى الناس يموتون ولا يرجعون، أرضوا بالإقامة فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟
                              أقسم قس قسما بالله لا آثم فيه، إن لله دينا هو أرضى مما أنتم عليه، ثم أنشأ يقول:
                              في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
                              لما رأيت مصارعا * للقوم ليس لها مصادر
                              ورأيت قومي نحوها * يمضي الأكابر والأصاغر
                              أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
                              ثم ساقه البيهقي من طرق أخر قد نبهنا عليها فيما تقدم، ثم قال بعد ذلك كله: وقد روي هذا الحديث عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس بزيادة ونقصان.
                              وروي من وجه آخر عن الحسن البصري منقطعا، وروي مختصرا من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة. قلت: وعبادة بن الصامت كما تقدم، وعبد الله بن مسعود كما رواه أبو نعيم في كتاب (الدلائل) عن عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، عن أبي الوليد طريف بن عبيد الله مولى علي بن أبي طالب بالموصل، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود فذكره.
                              وروى أبو نعيم أيضا حديث عبادة المتقدم، وسعد بن أبي وقاص. ثم قال البيهقي: وإذا روي الحديث من أوجه أخر، وإن كان بعضها ضعيفا، دل على أن للحديث أصلا، والله أعلم.
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X