إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التوحيد والتوحيد الديني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التوحيد والتوحيد الديني

    التوحيد الديني



    عرفت الديانة المصرية الفرديةَ والتعدديةَ في تصوير المعبودات. وقد جمع الفكر الديني المصري القديم بين عقيدة الرب الواحد الفرد، وبين تعددية الأرباب وصورها المختلفة، وذلك بدون تضارب أو خلاف.
    فقد وجهت النصوص في الكثير من النداءات بصيغة الرب الواحد، في حين أنها تضمنت في باطن الأمر الإشارة إلى معبودات مختلفة وفقاً لكل فرد. فعادة ما يكون الرب الواحد في نظر المتحدث هو رب مدينته أو مقاطعته، أو رب المعبد الذي يوجد فيه.
    وقد ثار جدل ونقاش واسع بين مختلف الباحثين حول التوحدية أو التعددية في الفكر الديني للمصري القديم، ونخرج منه بأن المصري نفسه قد اعتقد في وجود رب واحد كبير، وفي وجود أرباب آخرين متعددين يمثلون صورًا وأشكالاً لهذا الرب الواحد، أو كانوا شركاء له. أي أنه اعتقد في أن المعبودات المتعددة هي مجرد مظاهر للرب الواحد. وقد اعتقد المصري في عبادة رب أعظم، مع وجود أرباب آخرين.


    قناع الملك أخناتون.المتحف المصري

    وقد عرفت كلمة "رب" المفردة في النصوص منذ بداية العصور التاريخية، وتواتر ظهورها في النصوص عبر مختلف العصور، وإن صعب من خلالها الجزم بإيمان المصري بالوحدانية وفردية الإله، أم أن الأمر هنا كان له صلة بمعبود معين، كرب المدينة أو المقاطعة وفقاً لمضمون النص. ومن ثم يصعب الأخذ به كدليل مباشر على الوحدانية.
    كما أن صيغة الجمع للكلمة "أرباب" قد عرفت أيضاً على مر العصور، وبدون تعارض مع الصيغة المفردة للكلمة. وإن كان قد وجد الاستعمال المطلق لكلمة (رب، إله) في النصوص الأدبية، لا سيما أدب الحكـم والوصايا الأخلاقية.
    كان المصريون قبل عهد "أخناتون"، يؤمنون بفكرة التعددية للأرباب، فكانوا يتعبدون للعديد من الأرباب والمعبودات، وكان لكل معبود صفاته وقدراته الخاصة في نظرهم، كما كان لكل معبود مكان وطقوس خاصة يقوم به كهنته وأتباعه. وقد سبق الحديث في الجزء الأول لهذا الكتاب عن فكرة الفردية والتعددية عند المصري القديم.
    كما لم تكن العقيدة الآتونية أو عبادة "آتون" ظاهرة جديدة خرج بها الملك أخناتون على قومه، فجذورها ترجع لفترات أقدم بكثير من عهد الملك أخناتون. فالعقيدة الشمسية ذاتها والتي تدور فيا فلك الشمس تُعد من أقدم العقائد المصرية وأكثرها انتشاراً وقبولاً بين الناس، وقد عرف المصريون الكثير من الأرباب ممن ارتبطوا بالعقيدة الشمسية، مثل "رع، رع أتوم، خبري، رع حور أختي، وغيرهما....".

    أخناتون و زوجتة الملكة نفرتيتي والاسرة.المتحف المصري


    ولكن الجديد التي نادت به هذه العقيدة قد تمثل فيما طلبه "اخناتون" من الشعب كله من الإيمان بالعقيدة الجديدة وبأن لا يعبدوا غير إلهه "آتون"، وهو ما لم يتقبله الكثير من المصريين إن لم يكن كلهم، وذلك لصعوبة القبول بالعدول عن معتقداتهم وأربابهم الكثيرة التي يعبدونها لآلاف السنين وبدون مبرر كاف ومقنع لذلك.
    وعن كلمة "آتون" فهي كلمة مصرية قديمة تعني: (قرص الشمس - الشمس) ، وقد ورد ذكرها في قصة "سنوهي"، فنراه يتحدث عن الملك قائلا: (إنه صعد إلى أفقه، وأصبح متحداً مع قرص الشمس "آتون"). وقد ترجع لأقدم من ذلك إذ يرجعها البعض إلى نصوص الأهرام ونصوص التوابيت؛ فقد وردت الإشارة لكلمة "آتون" بمعنى قرص الشمس في الفقرة (334) من نصوص التوابيت، وربما يُمثل أول إشارة في النصوص لوجود قرص الشمس بين القرنين، وأن قرص الشمس ارتبط هنا بالمعبودة "بات"، وليس "حتحور" :

    "n snt tpw nTrw n mnt itn Hr abwy n Tst Hr n BA.t".
    "انظر؛ لقد أتيت مثل سيد الحاشية، وأولئك الذين يأتون خلف التاسوع يخافونني،....، أنا حقاً النسل(البذرة) العظيمة، ........ وقبل أن تُفصل رؤوس المعبودات، وقبل أن يُثبت القرص ( قرص الشمس) بين القرنين، وقبل أن يثبت وجه بات، ..." .

    الملفات المرفقة

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية


  • #2
    أصبحت كلمة "آتون" منذ الأسرة الثامنة عشرة تُشير لربوبية الشمس (imyitn.f) أي "الذي في قرصه"، خاصة إذا ما سُبقت بأداة التعريف "pA" مثل "pA itn" أو مع كلمة "الحياة" كما في "itn anx".

    وهناك العديد من الشواهد حول وجود الآتونية قبل عهد "أمنحتب الرابع". فهناك لوحة من عهد الملك "أحمس الأول "جاء عليها "أنه حكم ما يحيط به آتون"، و"أن الملك يرى وكأنه رع، عندما يشرق مثل آتون ومثل خبري في عيونه، وأن أشعته تشبه وجوه أتوم في غرب السماوات" ، ويلاحظ أن "آتون" في هذا النص لم يأخذ مخصص إله، ولعل ذلك يدل على أنه وحتى ذلك الحين لم يكن يُعرف كإله، وإن رأى البعض أن الاسم هنا يشير للربوبية وإن لم يأخذ المخصص، خاصة وأن الإشارة قد وردت ضمن فقرة أطول تُشير لألهية الملك.
    وفي إشارة وردة حول موت الملك "أمنحتب الأول" ذكرت "صعد الإله عاليا إلى السماء واتحد مع آتون". وفي نقش آخر يرجع لعهد الملك "تحتمس الثالث" ذكر فيه على لسان الملك "أنه يحكم ما يحكم به آتون". وفي إحدى لوحات التعبد للملك "تحتمس الثالث" نجده يتعبد لقرص الشمس، تتدلى منه الأيدي بالصورة التي ظهر بها "آتون" في عهد "أخناتون".
    وفي نص للوزير "رخميرع"، وزير "تحتمس الثالث"، يصف فيه علاقته بملكه قائلاً: "رأيت شخصه في شكله الحقيقي رع إله السماء، ملك مصر العليا والسفلى حين يشرق وآتون حينما يكشف عن نفسه".
    وعلى نحو ما ورد في نصوص الأهرام من الدولة القديمة في وصف الشمس وأشعته بـ "إن ذراع أشعة الشمس ترفع الملك"، فقد صور قرص الشمس يحفه ذراعان تطوقانه في عهد الملك "أمنحتب الثاني".
    ولقد أصبحت صلة الملك "تحتمس الرابع" والملك "أمنحتـﭖ الثالث" بعبادة الشمس أكثر قوة ووضوحاً إلى الحد الذي دفع البعض للقول بأن تأليه "آتون" حقيقيةً قد بدأ في عهد "تحتمس الرابع"، والشواهد على ذلك كثيرة، ومنها نص ورد على جعران تذكاري جاء فيه:


    "أنه إذ حرض نفسه على القتال وآتون أمامه فإنه ينسف الجبال ويدمر الأراضي الجبلية.....، لكي يخضع سكان الأراضي الجبلية كما أخضع الناس حتى يعبدوا آتون إلى أبد الأبدية".

    إن الإجابة على هذه الأسئلة تتلخص في كون "أخناتون" ينفرد بأنه هو وحده الذي أدرك أن الوحدانية هي التي تحقق هذا الأمر. ويقول أحد علماء الآثار في هذا الأمر: (يمكننا أن ندرك أن التفكير الديني في المدة السابقة لحكم "أخناتون" كان يميل إلى الوحدانية، ولكنه كان من الضروري أن نتقدم في هذه الناحية خطوة أو خطوتين لنصل إلى التوحيد الحقيقي، وهذا هو ما فعله "أخناتون" حين أكد بل قطع نهائياً بأن إله الشمس ليس الإله الأكبر والعالمي فحسب، بل هو الإله الوحيد).
    ويبدو أن هذه الدعوة الجديدة قد لاقت منذ بدايتها معارضة كبيرة من كهنة الإله "آمون رع"، لأنهم أيقنوا مدى ما سوف يفقدونه من سلطان في حالة نجاح هذه الدعوة.


    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #3
      ولهذا بدأ الصدام بين الملك وكبار رجال الدين من جهة، وبينه وبين بعض العائلات المحافظة من جهة أخرى، ولم يكن أمام الملك سوى أن يعلنها حرباً صريحة على "آمون" وكهنته؛ فأعلن "آتون" إلهاً رسمياً للدولة، بل إلهاً للإمبراطورية كلها، وأمر بتحويل جميع معابد الإله "آمون رع" إلى أماكن لعبادة الإله الجديد، وإزالة اسم "آمون" من عليها. وقد حدث نفس الشيء بالنسبة للآلهة الأخرى. فضلاً عنه أطلق على حي المدينة الذي يقع فيه معبد "آتون" اسم "لمعان/ نور آتون العظيم"، بل إنه أطلق على طيبة نفسها اسم "مدينة نور آتون" ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نجد الملك وقد غيَّر اسمه من "أمنحتـﭖ" الذي يتضمن في الجزء الأول منه اسم "آمون"، إلى: "آخ ان آتون"، ومعناه: (المفيد، أو المخلص لآتون):

      وكان من نتيجة ذلك أن حدث انقسام في البلاد، وخصوصاً في صفوف رجال الدولة، فأبقى منهم "أخناتون" من سانده في دعوته، وأبعد من لم يعترف بإلهه الجديد. وبعد فترة قصيرة وجد "أخناتون" أن جو "طيبة" لم يعد ملائماً لنشر دعوته، فهو جو مليء بالحقد والدسائس والسموم، فما كان منه إلا أن هجر "طيبة"، واختار مدينة جديدة له في مصر الوسطى في محافظة المنيا، وأطلق عليها اسم "آخت- آتون"، أي: (أفق آتون)، وهي المنطقة المعروفة حالياً باسم "تل العمارنة"، والتي قام بتحديد حدودها بلوحات سجل عليها قسماً بأنه لن يغادر هذه المدينة طوال حياته.

      واستمر العمل يجري على قدم وساق في المدينة الجديدة بإقامة المنشآت، كالمعابد والقصور والمنازل، والمقابر الملكية، ومقابر كبار رجال الدولة. وفى الوقت الذي كان فيه الملك مشغولاً بإلهه الجديد، وببناء مدينته الجديدة، كانت الأمور تسير في غير صالح مصر في كافة أرجاء الإمبراطورية، وخصوصاً في آسيا. حيث إن الإمبراطورية المصرية في أواخر أيام "أمنحتـﭖ الثالث" كانت آخذة في التداعي، وكانت في حاجة إلى ملك قوي الشكيمة يستطيع أن يرد عنها شر الجيران الطامعين. وكان الأمراء والحكام بين مخلص يريد الخير لمصر، وناشز يتمنى لو أُتيحت الفرصة للتخلص من الحكم المصري.
      ولما كان "أخناتون" رجلاً مثالياً يعيش في مناخ الحق والصدق، فقد آمن بما كانت تقوله عصبة المنافقين، ولم يكلف نفسه عناء معرفة حقيقة الأمر خارج مصر، رغم أن بوادر الانهيار كانت تتضح يوماً بعد يوم. فلقد أخذت مملكة "خيتا" تغير بين الحين والآخر على أطراف سوريا، وتضمها إلى ممتلكاتها ولاية من بعد أخرى. كما أخذت مدن كثيرة في فلسطين وفينيقيا تستقل بنفسها، وتخرج عن طوع ملك مصر. بل إن بدو الصحراء أيضاً أخذوا يثيرون القلاقل والمتاعب، ومنهم قبائل "الخابيرو".
      ولم يترك الحكام المصريون أو الأمراء الآسيويون المخلصون لمصر وسيلة من الوسائل إلا لجأوا إليها، فأرسلوا الرسل يحملون الكتب إلى الملك "أخناتون"، ولكنه لم يُبد اهتماماً، بل إنهم أرسلوا إلى أمه الملكة "تي" لعلها تجعل ابنها يفيق من غفلته، ولكنه لم يحرك ساكناً، ورفض أن يتخذ موقفاً من الأحداث التي تجري من حوله، واكتفى بالتعبد لإلهه، ووضع الأناشيد في مدحه والثناء عليه. وهذه هي صرخة أحد المخلصين لمصر، "ربعدى" حاكم "جُبيل"، والذي بعث برسالة إلى "أخناتون" يقول فيها:
      إن والدك لم يخرج إلينا بجولة تفتيشية على أقاليمه ومقاطعاته، منذ عاد أبوك من "صيدا" بدأ القوم يتصلون بالعدو، والبعيد عن العين بعيد عن القلب كما يقولون.
      وقد أرسل "ربعدي" إلى أخناتون أكثر من 50 كتاباً، ولكنه كان يصم أذنيه. ولما أصبحت "جبيل" مهددة تماماً بالغزو من "خيتا" عدوة مصر، أرسل للملك يقول: "ها هو ذا الملك قد سمح بأن تخرج المدينة المخلصة من يده".
      ولم يقف الأمر عند حد الانهيار الخارجي، بل إن المؤامرات بدأت تحاك ضد الملك في الداخل، وكاد المتآمرون في مرة من المرات أن يصلوا إلى غرضهم، لولا يقظة حراس الملك. وبعد هذه المؤامرة أيقن الملك أنه من الأفضل له أن ينزوي في قصره حيث قرب إليه المتملقين والمنافقين، ونذكر منهم شخصاً أجنبياً يدعى "توتو"، بدأ حياته في القصر خادماً، ثم لم يلبث أن أصبح صاحب اليد العليا فيه.
      ونعود لأخناتون ودعوته الجديدة، فبعد أن سار "أخناتون" شوطاً طويلاً في عقيدته الجديدة، نراه يتخذ رمزاً لإلهه على هيئة قرص الشمس، تنزل منه أشعة تنتهي بأيدٍ بشرية تمسك بعلامة الحياة، كأنما هي تهب الحياة للمتعبدين.

      ففي حين كان الشكل المبكر للمعبود "آتون" يصوره في الهيئة الآدمية ورأس الصقر يعلوه قرص الشمس، وهو التصوير المألوف والمتبع في تجسيد الآلهة، غير أن "أخناتون" قد تخلى عن هذا التقليد في تصوير ربه – كما سبق أن أشرنا – وقد اتضحت رغبة أخناتون في أن يميز ربه عن غيره وأن يعطيه صفة وصورة قرص الشمس واهب الحياة. وقد تجسدت عبادة "آتون" في القوة الكامنة داخل القرص والمتمثلة في الضوء والحرارة، والتي من خلالها يهب الحياة والضوء والدفء لكل المخلوقات على الأرض، وهو ما ينعكس بوضوح في تصوير أشعة الشمس وكأنها أيدٍ بشرية تهب علامة (الحياة) لمن على الأرض.
      ويلاحظ على اسم "آتون" المدون في خرطوشه أنه قد تضمن أسماء لثلاثة أرباب هم على التوالي "رع حور آختي – شو – آتون"، وهذ الربط قد بدا في نظر البعض على أنه انعكاس لفكرة الثالوث، في حين رأى آخرون أنه يربط آتون بالأرباب الشمسية القديمة.
      وفي العام الثامن من حكم "أخناتون" حدث تغيير في كتابة خرطوش الإله، فقد حلت عبارة (سيد الأفقين) محل اسم "حور آختي"، ..



      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

      تعليق


      • #4


        في لوحة أخرى من "تل العمارنة" صور عليها "أخناتون" وهو يقرب قربان إلى آتون، والذي وصف عليها بأنه ساكن في بيت تحتمس الرابع في بيت آتون في "آخت آتون". وقد تزايد الاتجاه نحو الآتونية في عصر "أمنحتب الثالث"، فقد صور على كتلة حجرية وهو يتعبد لآتون والذي قد صور في هيئة آدمية لرجل يعلوه قرص الشمس رمز المعبود آتون، وسمي بـ"حور الأفق السعيد في أفقه في اسمه شو الذي هو في آتون". وهذا النقش يعتبر دليلاً على وجود عبادة ومعبد في طيبة للمعبود "آتون" قبل عصر "أخناتون"، وكان معبد "آتون" في الكرنك يدعى "بر آتون". كما أطلق "آتون" على اسم القارب الذي كانت تتنزه فيه زوجته الملكة "تي" في البحيرة الملحقة بقصره، وكان اسم هذا القارب: (tHn itn) "آتون يسطع". ومن هذه الشواهد وغيرها يمكن أن نستنتج أن ديانة "آتون" كانت معروفة قبل عهد "أخناتون"، وإن كان ذلك في نطاق ضيق، إن صح القول دون التعارض مع عقيدة التعددية وعبادة وتأليه الأرباب الأخرى.

        ولم تكن عبادة الشمس (التي يعتبر "آتون" صورة من صورها) بجديدة على الشعب المصري، وبكلمات أخرى لم تكن حركة "أخناتون" انتقالاً مفاجئاً، وليست إلغاء لعبادة قائمة، وإحلالاً لعبادة جديدة، وإنما كانت هذه الحركة نتيجة لتطور بدأ على الأقل منذ عهد "تحتمس الرابع" – كما سبق أن ذكرنا- بدت فيه محاولة إحياء عقيدة قديمة تتفق والوضع السياسي الجديد لمصر. ومنذ العام الثالث لحكم الملك "أمنحتب الرابع" بدأت كتابة اسم الإله الجديد داخل الخراطيش، والتي ربما أضفت عليه صبغة الملكية، ويرى "زيته" بأن مضمون الخرطوش هنا يمثل وصفًا لطبيعة هذا الإله. وإن رأى "يان اسمان" بأن خراطيش "آتون" هنا ذات طبيعة مختلفة عن الخراطيش الملكية، إذ إن مضمون الخرطوشين معاً يعطيان جملة واحدة متصلة.

        وتتأكد كذلك من خلال نشيد "آتون"، فنجده وقد فرق بينهما من خلال أداة التعريف"pA"، والتي تستخدم في الإشارة لاسم الإله ذاته
        (pA itn anx waw ntk nHH tA pt Hwt-nTr.k)
        "آتون الحي المتفرد إنك الأبدية والسماء معبدك".
        في حين تكتب كلمة "itn" بدون أداة التعريف للإشارة لقرص الشمس نفسه
        (mry.k sw di.k sw mi itn)
        "إنك تحبه وقد صنعته مثل آتون".


        وقد سجل "أخناتون" مضمون عقيدته في نشيدين كان يتغنى بهما للإله "آتون"، وجدا منقوشين على جدران بعض مقابر "تل العمارنة"، مثل مقبرة "آي" في منطقة "الحاج قنديل" جنوب "تل العمارنة"، والراجح أن الملك هو مؤلفهما، أو مؤلف أحدهما على الأقل.
        وقد أثير الجدل حول صلة أناشيد "أخناتون" بالمزمور (104) من مزامير النبي "داود"، حيث إن كليهما تضمن نفس المعاني والأفكار (وسنذكر لاحقاً نص هذا النشيد). ففي حين يرى البعض أنه ليس هناك تأثير من نشيد "أخناتون" على (المزمور 104)، وأن الأمر مجرد توارد خواطر، يرى البعض الآخر أن هناك بعض التأثير الذي عللوه باحتمال وصول النشيد إلى آسيا، وبقائه في آدابها تتناقله الأجيال، حتى جاء الوقت الذي بدأ فيه العبرانيون كتابة أسفارهم في القرن الثامن قبل الميلاد.

        ولم يقدر لهذه العقيدة أن تستمر بعد وفاة صاحبها؛ لأنها كانت مرتبطة بوجوده، على اعتبار أنه كان الواسطة بين الإله والناس، فلم تأخذ الديانة الشعبية اللازمة لتحقيق استمراريتها.
        ولم تكن العقيدة بقادرة على الصمود أمام ضربات كهنة "آمون"، وأمام الضربات الخارجية الناتجة عن انشغال ملك مصر بإلهه، وإهماله لشئون الإمبراطورية. ورغم أن كهنة "آمون" بذلوا كل الجهد بعد وفاة "أخناتون" لتحطيم آثاره وآثار إلهه "آتون"، إلا أن هذه العقيدة ظلت باقية كصفحة ناصعة البياض في تاريخ الفكر البشري.

        وقد مات "أخناتون" بعد حكم دام حوالي 21 عاماً، ودفن على الأرجح في منطقة "تل العمارنة" في المقبرة التي تعرف بالمقبرة الملكية، وخلفه على العرش الملك الشهير "توت عنخ آمون"، والذي عادت في عهده عبادة "آمون رع" وعاد الحكم لطيبة مرة أخرى.


        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

        تعليق


        • #5
          التوحيد الديني = لا إله إلا الله

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة غفران مشاهدة المشاركة
            التوحيد الديني = لا إله إلا الله
            صدقت اخي التوحيد هو أساس الدين ولا يقبل الله من عبد لا توحيد له
            والخلاف بيننا وبين الأمم الأخرى هو في التوحيد
            ولا مجال للالتقاء بيننا وبينهم إلا أن يشهدوا أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله ويدخلوا في دين الله ويوحدوه
            الا اننا هنا نتكلم عن العهد القديم للحضارة الفرعونية

            أسال الله أن يتقبل منا ومنكم صالح العمل وان يبارك لنا ولكم انه سميع قريب

            تحياتي وتقديري

            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

            تعليق

            يعمل...
            X