إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تاريخ الآشوريون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تاريخ الآشوريون


    تاريخ الآشوريون

    الآشوريون قوم سامي سكن شمالي العراق منذ الألف الثالث قبل الميلاد وكان امراؤهم يتحينون الفرص للاستقلال في مدنهم عن حكم الدول التي كانت في جنوبي العراق . وقد خضعوا للمملكة الاكدية . ثم استقل بعض امرائهم في العهد الكوتي وخضعوا ثانية لملوك سلالة أور الثالثة ثم ظهر فيهم ملوك أقوياء كانت مملكة آشور القديمة في زمنهم دولة مستقلة ذات كيان الى أن ظهر حمورابي ملك بابل وقضى عليها ثم استمرت المناوشات بين الشمال والجنوب . فتارة كان الجنوب يسيطر على بلاد ملوكهم وسني حكم كل منهم وقد وجد عددا من قوائم الملوك هذه اشتهر منها قوائم خرسباد التي دونت في زمن سرجون (722 – 705 ق م ) مبتدئة من أقدم الملوك الآشوريين حتى زمن حكمه . ولما كانت هذه الحقبة من تاريخ بلاد أشور طويلة تحشدت فيها الحوادث والأخبار فقد ارتأى علماء الآثار تقسيمها إلى العهود الآتية :

    العهد الآشوري القديم

    ويبدأمن فجر التاريخ الآشوري حتى إلى نهاية حكم سلالة بابل الأولى . ولم يكن للآشوريين كيان سياسي لاسيما خلال الألف الثالث قبل الميلاد بل كانوا حينذاك خاضعين للحضارة السومرية ودويلاتها وبحسب ثبت الملوك إن الحكام السبعة عشر الأولين من الآشوريين كانوا من سكنة الخيام ثم دانو للحكم الاكدي وتعاونوا معهم على نشر الحضارة العراقية والتجارة إلى الأطراف الشمالية ثم استقل بعض أمرائهم في العهد الكوتي وقد وردت اسماء بعضهم في الاخبار الاشورية القديمة من ذلك ما ذكر عن الامير ( كيكيا ) انه شيد اسوار مدينة آشور وان الامير ( اوشبيا ) بني في آشور معبدا للاله آشور . وكلاالاسمين من الاسماء السوبرية . والسوبريون هم سكنة شمال شرقي بلاد الرافدين اختلط بهم الاشوريون فتكون من ذلك الاختلاط العنصر الاشوري .
    ثم خضع الاشوريون لحكم الجنوب في عهد سلالة أور الثالثة وذكرت الأخبار أن ( زار يقوم ) الآشوري كان معاصرا لسيده امارسن ملك اور في نحو ( 2045 – 2037 ق م ) ثم أخذت بلاد آشور بالتقدم نحو الاستقلال رويدا رويدا ففي زمن ( ايلوشوما ) الذي كان معاصرا لمؤسس سلالة بابل الاولى الذي حكم في نحو عام ( 1894 – 1881 ق م )كانت بلاد آشور مستقلة بل امتد نفوذها الى الجنوب وكذلك بلغت مملكة آشور القديمة شأوا عظيما من النفوذ في زمن ( شمشي أداد ) ( شمشي أدو ) ( 1815 – 1782 ق م ) الذي فتح مدنا كثيرة في اواسط العراق وعلى الفرات كمدينة مارى ( تل الحريرى اليوم ) وفي أواخر حكمه طهر حمورابي وقضى على استقلال بلاد أشور . كانت عاصمة العهد الاشوري القديم مدينة أشور وهي من أقدم المدن الآشورية وأقدسها تقع على نحو من ثمانين كيلو مترا جنوب الموصل على يمين دجلة نقبت فيها بعثة متحف برلين الالمانية خلال اثنتي عشرة سنة من بداية القرن الحالي وكشفت فيها عن معابدها وقصورها وقبور ملوكها وسائر معالمها ووجدت آثارا كثيرة ترجع الى العهود السومرية والاكدية فالاشورية .

    العهد الاشوري الوسيط

    ويبدأ من نهاية مملكة بابل الاولى ويستمر خلال الحكم الكشي وينتهي في بداية القرن التاسع . بقيت بلاد آشور تحت الحكم البابلي الى ان سقطت بابل بيد الحثيين في القرن السادس عشر قبل الميلاد ولما تراجع الحثيون عنها احتلها الكشيون فأسسوا دولة الكشيين التي حكمت العراق الجنوبي . أما في الشمال فقد ظهر امراء أقوياء استطاعوا تثبيت الحكم الاشوري خلال القرن الخمسة وكانوا في كفاح مرير ضد القبائل الآرامية القادمة من الغرب وضد موجات الشعوب الجبلية كالحوريين الذين شكلوا حينذاك المملكة الميتانية في أواسط العراق في منطقة كركوك وضد الدولة الحثية في الانضول والتي كانت تسيطر آنذاك على الفرات الاعلى والخابور هذا الى أطماع الملوك الكشيين الاقوياء في فرض سيطرتهم على الشمال ايضا . وقد دامت هذه الاوضاع السياسية المتداخلة خمسة قرون تغلب خلالها الآشوريون على المصاعب والشدائد وخرجوا بعدها اقوياء كاملي النمو والكيان السياسي . وقد انتعشت الدولة الاشورية الوسطى في زمن :

    آشور اوبلط ( 1365 – 1330 ق م )
    وبه ابتدأ العهد الاشوري الوسيط وقد قضى على الدولة الميتانية في اواسط القرن الرابع عشر وضم مملكتها الى الدولة الاشورية وكان على صلات حسنة مع الحثيين ومع اخناتون فرعون مصر وكان ذا نفوذ على بلاد بابل وقد زوج ابنته من الملك الكشي .

    شلمنصر الاول ( 1274 – 1245 ق م )
    وفي زمنه اتسع نفوذ الدولة الاشورية شرقا لاسيما في المنطقة الجبلية فضلا عن امتداده الى الغرب والجنوب واشتهر هذا الملك ببنائه " كالح " عاصمة جديدة وتعرف اطلالها اليوم باسم نمرود.وحكم بعده ابنه:

    توكلتي ننورتا ( 1244 – 1208 ق م )
    حارب الكشيين وفتح بلاد بابل ولكن حدثت فتنة في آشور وقتل الملك وبدأ عهد اضطرابات وانحطاط وركود .
    وفي أواسط القرن الثاني عشر هجم العيلاميون على بابل وانهوا حكم الدولة الكشية وتناهبوا ما وقع تحت ايديهم من كنوز المعابد والنقوش بينها مسلة حمورابي الشهيرة . واستمر دور الانتكاس في آشور وكانت هناك مناوشات بين الاشوريين والبابليين في زمن الملك نبوخذ نصر الاول واخيرا تسلم الحكم في آشور :

    تجلات تبلاسر الاول ( 1115 – 1077 ق م )
    كان هذا الملك حازما أعاد الى الدولة سلطانها واستولى على الاطراف الشرقية والشمالية في منطقة نائرى وارمينية ووصل الى البحر الاسود شمالا . ثم اتجه غربا نحو سواحل آسيا الصغرى وفينيقية وكانت حنذاك الموجات البلقانية تقترب من سواحل آسيا الصغرى وسوريا ووجه تجلاتبلاسر بعد ذلك هجومه على بلاد بابل وكانت حينذاك باسم ( كاردنياش ) وأخضعها سنة ( 1100 ق م ) فتم له حكم الشرق الاوسط من البحر الجنوبي الى الشمالي وسواحل البحر المتوسط وقد انتهت الينا من زمن هذا الملك كتابات كثيرة كانت خير مصدر لنا في معرفة تاريخ العراق القديم في تلك الفترة سياسيا وحضاريا .
    وبعد وفاة الملك العظيم تولى الحاكم ملوك ضعفاء تدهورت أحوال المملكة في ايامهم . وحدت في القرنين الحادي عشر والعاشر أن تحركت جموع القبائل الارامية باتجاه الشرق وكانت هذه القبائل في تصادم مستمر مع الدولة الاشورية وعقبة قوية في تقدم الاشوريين نحو الغرب وسببا في اضعافهم وقد استوطنت هذه القبائل حدود المملكة الآشورية غربا وفي سوريا حيث شكلت دويلات آرامية متفرقة واستمر دور الانتكاس في بلاد آشور حتى تيسر قيام ملوك استطاعوا دعم كيان الدولة وتأسيس جيش آشوري جديد كان نواة الجيوش الغازية في عهد الامبراطورية .

    العهد الاشوري الحديث

    ويقسم الى دورين الامبراطورية الاولى ثم الثانية وبينهما فترة انتكاس وينتهي هذا العهد بسقوط نينوى عام ( 612 ق م ) .

    الامبراطورية الاشورية الاولى
    912 – 745 ق م
    اطورية الاشورية الاولى بعد فترة الانتكاس تسلم الحكم في آشور ملوك بلغوا الذروة في السؤدد فقضوا على الدويلات الآرامية في سوريا وأزالوا خطرها كما أخضعوا بابل وفتحوا المناطق الجبلية في الشمال والشرق في بلاد ارمينية . وشيدوا الحصون في النقاط الهامة الجبلية حبا بسلامة الامبراطورية ولحماية طرق الموصلات ومساندة تجارهم اثناء رحلاتهم المستمرة وقد دون هؤلاء الملوك اخبارهم ورحلاتهم وحملاتهم العسكرية أو التي ذهبوا بها الى الصيد واللهو , بالتفصيل على مناشير وأساطين من الفخار أو على الواح من الحجر وفي المتحف العراقي كثير منها قد عرض في القاعة الثانية عشرة ( الخزانة رقم 18 ) . ومن ملوك هذا العهد :

    ( 912 – 891 ق م ) أداد نيرارى الثاني
    اهتم قبل كل شيء بتقوية الجيش الاشوري الذي استطاع به اخضاع بعض الاقاليم المجاورة , ثم تحالف مع بابل . وابتداء من زمن حكم هذا الملك أرخ الاشوريون اخبارهم بالطريقة المعرفة باسم ( اللمو ) وهي اعطاء تأريخ كل سنة يحكم فيها موظف كبير ابتداء من تبؤ الملك العرش . ثم خلفه :

    توكلتي ننورتا الثاني
    الذي أمن طرق الموصلات التجارية والحربية مع جميع أطراف المملكة وأقام فيها القلاع ثم تبعه في الحكم ابنه الشهير :

    ( 884 – 858 ق م ) آشور ناصر بال الثاني
    أوغل في فتوحاته في الجبال الشرقية والشمالية ووطد الامن في أطراف المملكة ومستعمراتها وحارب الاراميين وفتح دمشق . وكان من الملوك القساة في الحكم وادخل نظام الخيالة في جيشه بصورة واسعة كما اتخذ الدبابات للهجوم على القلاع وقسم المملكة الى أقضية يحكم في كل منها ولاة يعينهم الملك .
    ومن أهم أعماله تجديد بناء مدينة كالح ( نمرود ) وقد شيد لها مسناة من الحجر المهندم على دجلة وبنى له فيها قصرا فخما يعد من أعضم البنايات الاشورية وزينه بالواح كبيرة من الرخام نقشت نقشا بارزا بمناظر مختلفة تمثل الملك في صيده وحروبه والامراء الذين أخضعهم حاملين الهدايا والجزية وقد كشفت بعثة التنقيب البريطانية قبل مائة سنة كثيرا من هذه الالواح كما ان بعثة الاستاذ مالوان بعد الحرب العالمية الثانية أكملت اكتشاف الباقي منها وكمية من آثار العاج المنقوشة نقشا بديعا معظمها اليوم في القاعة ( الثالثة عشرة ) من المتحف العراقي ووجدت لهذا الملك في نمرود مسلة كبيرة نقشت بكتابات عن أعماله خلال الخمس سنوات الاولى من حكمه لاسيما فيما يتعلق بحفلة افتتاح قصر الملك في نمرود وهي اليوم من معروضات متحف الموصل ثم تبعه في الحكم ابنه :

    شلمنصر الثالث ( 858 -824 ق م )
    ورت عن أبيه امبراطورية شاسعة مترامية الاطراف ثم أضاف اليها مستعمرات جديدة بعيدة ووصل الى منابع دجلة والفرات وقضى حكمه الذي دام خمسة وثلاثين عاما في سلسلة من الحملات الحربية دون تفاصيلها على مسلة كبيرة من حجر أسود وهي اليوم من معروضات المتحف البريطاني وفي القاعة الثانية عشرة في المتحف العراقي نسخة من الجبس لهذه المسلة . وقد دون فتوحاته على لوح كبير من الرخام ايضا وهو موجود في ( القاعة 12 في الخزانة رقم 18 ) . حارب هذا الملك في سوريا وفلسطين وقضى على أحلاف الآراميين واليهود وحارب في الاناضول وهضبة ايران الشمالية وهاجم القبائل العربية في الصحراء ونشر الحضارة الاشورية في كل مكان وقدس الاله آشور وفضله على بقية الالهة في بابل وبلاد الاشوريين.
    وحدت في السنين الاخيرة من حكم شلمنصر ان ثار عليه أحد ابنائه وسبب فتنا داخلية واضطرابات أدت الى فقدان كثير من هيبة المملكة الاشورية في الداخل والخارج وكانت سببا مباشرا في ضياع كثير من المستعمرات البعيدة وانتهت الثورة بتغلب ( شمشي أداد الخامس ) وارث العرش على أخيه الثائر بينما بقى ملك بابل المدعو ( مردوك زاكرشمي ) على ولائه لملك آشور . وقد تزوج الملك الاشوري من اميرة بابلية تدعى ( شمورامات ) فكان لها أثر ظاهر في تحسين العلاقات بين وآشور ونشر الثقافة البابلية في الشمال لاسيما عبادة الالة نابو . ثم تسلم الحكم ابنه :

    أداد نيرارى الثالث ( 811 – 781 ق م )
    وكان صغير السن تولت الوصاية والدته ( شمورامات ) التي أحرزت شهيرة عالمية وقد ذكرتها المصادر الاغريقية باسم سميراميس وقد قام أداد نيرارى باعمال مجيدة عند تسلمه الحكم . وقد وجدت له في تل الرماح , حيث نقبت بعثة بريطانية , مسلة كبيرة من الرخام تمثله واقفا امام رموز الالهة وعلى المسلة كتابات كثيرة تثبت أعماله ( القاعة العاشرة – الرقم 22 ) ثم تولى الحكم في نمرود بعد أداد نيرارى ابنه ( شلمنصر الرابع ) ثم ( آشور دان الثاني ) الذي اتخذ فيما بعد أساسا لضبط التقويم الاشوري عند المؤرخين أذ أمكن ارجاع زمنه بالحساب الفلكي الى حزيران عام ( 763 ق م ) .
    واخذ امر الدولة الاشورية بالتدهور والضعف ونشبت في مدينة نمرود ثورة داخلية تولى بعدها الملك

    ( تجلات تبلاسر الثالث )
    فأعاد الى المملكة مجدها وأنقدها من الدمار وكان ذلك بدء عهد الامبراطورية الثانية .





  • #2
    معلومات رائعة جزاك الله خير جزاء
    [CENTER][COLOR=#008000][B]لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
    اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت
    ولا ينفع ذا الجد منك الجد[/B][/COLOR][/CENTER]

    تعليق


    • #3

      الاخ العزيز هد هد

      اسعدنى مرورك الكريم واهدى اليك باقى الموضوع عسى ان يحوز اعجابك


      الامبراطورية الآشورية الثانية

      تجلاتبلاسر الثالث
      ( 745 – 727 ق م )

      يبدأ عهد الامبراطورية الاشورية الثانية بتسليم الحكم هذا الملك العظيم الذي دام حكمه ثماني عشرة سنة تمكن خلالها استعادة مجد المملكة الآشورية وقوتها . وقد انتهج في سياسته اللين والتسامح مع الدول الخاضعة له . وبعد أن ثبت دعائم الحكم في بلاد آشور اتجه جنوبا وحارب القبائل الارامية والكلدانية والعلاميين وقضى على فتنهم في بلاد بابل ثم أنقلب شمالا لايقاف زحف ( ساردور الثاني ) ملك أوراتو وتمكن من دحره وارجاعه الى بلاد أرمينية . ثم التفت الى الدويلات الارامية في سوريا وحارب في حلب وفتح دمشق سنة ( 732 ق م ) وفتح المدن الساحلية من خليج الاسكندرونة حتى غزة ووصل الى الحدود المصرية . ثم حمل ثانية على بلاد بابل وانحدار الى أقصى الجنوب وأخضع مملكة بيت ياكيني ثم حارب المشايخ العربية في الصحراء . واتخذ سياسة التهجير ونقل الشعوب من مكان الى آخر ودمجهم مع بعضهم ليجعل منهم امة موحدة ذات لغة واحدة وعادات متشابهة فنقل جماعات كبيرة من سكان سوريا وفلسطين واسكنهم بلاد بابل وآشور ورحل جموعا من البابليين وأسكنهم في الشمال والغرب .

      وبعد وفاته تسلم الحكم ابنه شلمنصر الخامس الذي سمى نفسه ملك بابل وآشور وقد ثار في زمنه ( هوشع ) ملك اسرائيل فحاصر شلمنصر عاصمته السامرة مدى ثلاث سنوات وتوفى أثناء ذلك فتولى بعده :

      ( 722 – 705 ق م ) سرجون الثاني

      دام حكمه سبعة عشر عاما قضاها في الحروب والفتوحات و أول عمل قام به أنه أكمل فتح مدينة السامرة وقضى على مملكة اسرائيل عام ( 721 ق م ) وفتح بقية المدن السورية والفلسطينية والسواحل الفينيقية . وحدث في بداية حكمه ان ثار الملك الكلداني المدعو ( مردوك بلادان ) من مملكة بيت ياكيني في أقصى الجنوب واستولى بالتعاون مع العيلاميين على بابل وعلى اكثر المدن الجنوبية فحاول سرجون تأديبه الا انه اخفق في المرة الاولى وترك بابل تحت حكم مردوك بلادان أكثر من عشر سنوات واشتغل سرجون خلالها بتقوية المملكة الآشورية في الشمال وفتح المدن الآرامية في سوريا وفلسطين وقضى على احلافهم التي كانت تعقد بتحريض من فرعون مصر . وكانت تحركات الاقوام الآرية شديدة في ذلك الحين ملأت الشمال من الشرق في هضبة ايران الشمالية الى الغرب في سواحل آسيا الصغرى .

      ثم توجه سرجون ثانية نحو بلاد بابل يسانده جيش قوي لم يتمكن ( مردوك بلادان ) من الصمود امامه ولم تأته المساعدة من العيلاميين فهرب الى الجنوب وترك بابل للاشوريين وكان ذلك عام ( 709 ق م ) ولحق به سرجون الى مملكة بيت ياكيني وفتحها وعلى مايظهر انه عفا عنه وعينه ملكا على مملكة الجنوب .

      كان سرجون من طبقة القواد الارستقراطيين المحافظين على عادات الاشوريين القديمة وعباداتهم لهذا نراه ينهض بعبادة الاله آشور ويعمر معابده في آشور وغيرها من المدن غير ان أشهر مآثره العمرانية بناوءه عاصمة جديدة سماها بأسمه ( دور شاروكين ) ويطلق على اطلالها اليوم خرسباد والاسم محرف من ( خسرو آباد ) وهي على نحو 12 كيلومترا الى الشمال من نينوى وقد زين سرجون مداخل المدينة وقصره بتماثيل كالثيران المجنحة والواح كبيرة من الرخام نقشت نقشا بارزا بمناظر مختلفة ويشاهد زائر المتحف العراقي كثيرا من هذه الالواح في القاعة العاشرة . ولم يتمتع سرجون بعاصمته الجديدة فقد توفى في أحدى غزواته في الشمال بعد سنة واحدة من انتقاله الى المدينة الجديدة وتولى الحكم بعده ابنه :

      سنحاريب ( 705 – 681 ق م )

      تولى الحكم بعد موت والده سرجون ولم يشأ استعمال الابنية التي شيدها والده ولم يسكن في العاصمة الجديدة بل تركها وانتقل الى نينوى وجدد أبنيتها فردوس الارض بحدائقها الغناء ومجارى المياه التي تمر بها .

      كان سنحاريب حاكما حازما وسياسيا بارعا استعمل القوة والشدة في حروبه ضد اعدائه وأدخل كثيرا من الاختراعات في أساليب الحروب واسلحتها . ثارت بابل عليه في بداية حكمه بقيادة مردوكبلادان العدو السابق فجهز سنحاريب حملات حربية موفقة في آسيا الصغرة وسواحل بحر ايجة فكانت تلك الحملات سببا مباشرا في تبادل الثقافة بين الشرق والغرب . وبعد ذلك انحدر نحو ساحل فنيقية وقضى على احلاف الدويلات في صور وصيدا وعسقلون وعاد فاخضع جميع المدن التي كانت تحت الحكم الاشوري في الماضي وحاصر القدس في زمن ملكها حزقيا ولتنفشى الطاعون في جيشه اضطر الى التراجع الى نينوى . وكانت بابل في اثناء ذلك قد ثارت مجددا لان أهلها ورجال الدين فيها كانوا ناقمين عليه لانه لم يحترم عبادة الاله مردوك بل جعل بابل جزءا ملحقا بالمملكة الاشورية . فجهز سنحاريب حملة تأديبية قوية ضد الثوار وافتتح بابل وعين عليها احد اولاده ثم أراد القضاء على دويلات أهل البحر في أقصى الجنوب لانهم كانوا دوما سبب الفتن في بلاد بابل فأمر سنحاريب بصنع السفن الحربية وجلب لذلك صنلعا ماهرين من الفنيقيين واليونان صنعوا له السفن على دجلة والفرات وانحدر بها نحو الجنوب عابرا الاهوار حتى وصل الى البحر , وفي المتحف العراقي لوح كبير من الرخام نقش بمنظر يمثل هذه الحملة ( القاعة الثانية عشرة – الرقم 10 ) , وفتح جميع دويلات الخليج وانتهز العيلاميون فرصة انشغال سنحاريب في الجنوب فهاجموا أوسط العراق ومنطقة بابل فرجع عليهم سنحارب غير أن قواه كانت على مايظهر قد ضعفت وكان مركز تموينه بعيدا مما اضطره الى التراجع نحو نينوى لكنه لم يمهلهم طويلا اذ عاودهم بجيش قوي حاصر به بابل وفتحها عنوة وكان غضبه شديدا عليها فدمرها وأحرق قصورها ودك اسورها وفتح مياء الفرات عليها حتى غمرتها . ثم انحدر جنوبا لمحاربة القبائل العربية التي ساعدت الثوار في بابل وتقدم نحو دومة الجندل واخضع مشايخها ثم عبر الصحراء من هناك نحو ساحل البحر امتوسط ووصل قرب غزة وأراد محاربة المصريين الذين كانوا في الغالب سببا في تحريض الدويلات في سوريا وفلسطين ضد آشور الا ان التعب كان قد أخذ مأخذه من سنحاريب فتراجع بعد ان التقى بجيش طاهرقا فرعون مصر على الحدود .

      وقد اشتهر سنحاريب الى حروبه العديدة باعماله العمرانية ايضا ولاسيما بحفر الترع والاقنية وقد جلب المياه الى نينوى من منابع نهر الكومل في جبل بافيان وسيرها في أقنية وعلى قناطر مبنية بالحجر وفي أواخر حكمه عين ابنه اسر حدون من زوجته الارامية ( نقية ) وليا للععهد دون أخوته الذين يكبرونه فثار عليه أحد أولاده بمساندة رجال الحكم وقتلوه سنة (681 ق م ) .

      ( 681 – 669 ق م ) اسرحدون

      كان اسر حدون عند مقتل والده في الشمال في جبال ارمينية فتقدم نحو نينوى وفتحها وقضى على حركة التمرد فيها . سار اسرحدون على سياسة المصالحة مع بابل وجدد بناء ما تخرب منها زمن والده وعين

      على عرشها ابنه الاكبر ( شمش شم أوكن ) وحارب جنوبا للقضاء على حركة قام بها مردوك بلادان وانتصر عليه وهرب هذا الى عيلام وقتل هناك وعين اسر حدون اميرا جديدا في هذه المنطقة هو ابن مردوك بلادان الثاني وهكذا استتب الامن له في الجنوب .

      وفي عام ( 676 ق م ) توجه اسرحدون نحو سوريا وسواحل فينيقية وفتح جمع المدن الداخلية والساحلية وانهالت عليه الهدايا من امرائها و أمراء قبرص واليونان . وقد فاق اسر حدون غيره من ملوك آشور شهرة بسبب غزوه مصر فقد وجه حملة قوية لدحر الجيوش المصرية التي كانت تناوئه العداء في سوريا وفلسطين وتقدم بجيشه نحو الحدود المصرية وحارب الفرعون طاهرقا عام ( 673 ق م ) ثم تراجع الى نينوى وبعدسنتين أعاد الكرة فهجم بجيش عرموم على دلتا مصر وفتحها ودخل العاصمة ممفيس وهرب طاهرقا نحو مصر العليا واستولى اسرحدون على عنائم كثيرة نقلها الى نينوى وترك خلفه في ممفيس حامية آشور . وقد عثرت مديرية الاثار العراقية في تل النبي يونس على بعض الاثار المصرية وبينها كسر ثلالثة تماثيل كبيرة من حجر الدويوريت الاسود للملك طاهرقا . وعند رجوع اسرحدون من حملة مصر نقش صورته في الصخور البجبلية عند مصب نهر الكلب قرب بيروت تذكارا لهذا الانتصار الباهر . وفي اثناء حكم اسر حدون كانت موجات الاقوام تزحف نحو آسيا الصغرى مرة من الشرق الى الغرب واخرى من الغرب الى الشرق وقد تشكلت حينذاك دويلة الميذيين في شمال ايران .

      وحدث في أواخر حكم اسر حدون خلاف على ورائة العرش فعين ابنه الصغير آشور بانيبال وليا للعهد وذلك ارضاء لامه البابلية نقبة . ثم عين ابنه الكبير ( شمش شم او كن ) ملكا على بابل على أن يدين بالولاء لاخيه ثم تمرض اسر حدون وحدثت فتنة في مصر جهز لها حملة لقمعها الاانه توفى في الطريق وخلفه ابنه :

      آشور بانيبال ( 669 – 629 ق م )

      كان آشور بانيبال مولعا بالاداب والفنون الجميلة وجمع كتبا كثيرة وأمر بترجمة الواح الطين المكتوبة بالسومرية أو الاكدية أو البابلية وخفظها في مكتبته العامرة التي عثر عليها في نينوى . أمر آشور بانيبال قائد الجيش الاشوري ( شانيوشو ) بالاستمرار في السير بالجيش الذي كان والده قد جهزه لقمع الفتنة في مصر فتقدم هذا الى الدلتا وحارب طاهرقا والامراء المصريين الاخرين وفتح ممفيس . ثم لحق بطاهرقا حتى مصر العليا وفتح طيبة ايضا وهكذا خضعت مصر جميععها للحكم الاشوري . وعين آشور بانيبال عليها ولاة مصريين ومنهم بسماتك وتعاقد معهم على ان يدفعوا الجزية للدولة الاشورية ويقدموا الولاء لها . وبعد انسحاب الجيوش الاشورية ضم بسمانك المقاطعات المصرية تحت لوائة وأسس السلالة السادسة والعشرين وكانت موالية للدولة الاشورية . أما في بلاد بابل فقد ذكرنا سابقا ان اسر حدون كان قد عين أحد أولاده المدعو ( شماش شم اوكن ) حاكما على بابل , فلما تسلم الحكم آشور بانيبال في نينوى , تقدم أخوه ( شماش شم او كن ) بالطاعة والاعتراف بالسلطة العليا لملك نينوى , وفي الوقت ذاته اعترف آشور بانيبال بملوكية اخيه على بابل , وهكذا تعاون الاخوان على حكم بلاد الرافدين مدة عشرين سنة , ولكن حدث بعد ذلك ان انجرف الاخ شمش شم او كن في تيار التمرد الذي طغى على بلاد بابل ضد آشور بانيبال فشق عصا الطاعة على أخيه فجرد آشور بانيبال حملة تأديبية ضد بابل وحاصر أخاه فيها وفتحها عنوة عام ( 648 ق م ) ودمرها واحترق شمش شم اوكن وسط لهيب قصره . ثم زحف ملك نينوى جنوبا للانتقال من القبائل الارامية والعربية التي ساعدت الثورة واخضعهم جميعا وهاجم العيلاميين في عقر دارهم وفتح عاصمتهم السوس وخربها ونبش قبور ملوكها وهكذا دان الشرق الاوسط للحكم الاشوري .

      حسب نص آشوري متأخر ان آشور بانيبال حكم ( 42 سنة ) , فيكون زمن حكمه (من 669 الى 627 ق م ) , الا ان الحوادث التاريخية في أواخر حكمه كانت غير واضحة ومرتبكة ولم يرد اسمه في الاخبار المدونة خلال السنتين الاخيرتين من حكمه مما حمل المؤرخين على أن يضعوا نهاية حكمه في سنة ( 629 ق م ) .

      آشوراتيل ايلاني ( 629 – 627 ق م )

      بعد وفاة آشور بانيبال حدثت منازعات على العرش الآشوري استطاع بعدها ابنه ( أشور تيل ايلاني ) أن يفوز بالحكم ولم يكن حازما كأسلافه ملوك الامبراطورية الاشورية وكان يعتمد في قمع الفتن الداخلية وفي الحرب الخارجية على قائده " سن شر لشر " ولضعف المملكة الاشورية انسلخ عنها كثير من المقاطعات البعيدة كمصر التي استقلت وبقيت على ولائها للدولة الاشورية وكذلك انفصل كثير من المدن الساحلية في فلسطين وسوريا ومدن بلاد ارمينية حتى ان احد ملوك الماذيين تجرأ وهاجم بلاد أشور فصده الجيش الاشوري وقتل الملك الماذي ودحر جيشه .

      سقوط نينوى ونهاية الآشوريين

      وظهر في بلاد بابل الامير الكداني ( نبوبو لصر ) فأسس فيها سلالة جديدة مستقلة في عام ( 626 ق م ) عرفت بالسلالة البابلية الاخيرة أو المملكة الكلدانية . وبعد ان استقل هذا الامير في بابل حاول الاستيلاء على المدن الاشورية وممتلكاتها وفي نينوى تمرد القائد الاشوري ( سن شر لشر ) على سيده الملك ( اشوراتيل ايلاني ) واستقل ثم عزل الملك الذي كان يقيم حينذاك في نمرود . الا ان اخا الملك ( سن شر اشكن ) حارب القائد الثائر وتمكن من القضاء عليه واستأثر بالسلطة وسكن في نينوى . وقد اثرت الحروبالداخلية هذه في سمعة مملكة آشور وكانت سببا لانفصال اكثر الاطراف عنها ومع ذلك بقيت مصر موالية للدولة الاشورية وكذلك كانت القبائل الشمالية من الصيثيين والليديين لانها كانت خائفة من توسع ملك الماذيين الجديد وهو ( كي اخسار ) الذي استطاع تأليف جيش ميذى قوي استولى به على شمال ايران والرفدين ثم نزل الى سهول آشور واشتبك مع الجيش الاشوري في حروب طاحنة .

      واستاع ( كي اخسار ) بعد اتفاقة مع ملك بابل نبوبو لصر من تقويض المملكة الاشورية ان هجم كل منها على العاصمة نينوى وحاصراها وبعد حملات شديدة ومقاومة عنيفة سقطت حصون المدينة بيد الغزاة ( 612 ق م ) فحرق الملك ( سن شر اشكن ) آخر ملوك آشور نفسه في قصره وهرب من المجزرة احد الامراء الاشوريين المدعو ( آشور اوبلط الثاني ) الى حران . فاستولى ( كي اخسار ) على شمال شرقي بلاد آشور كما استولى نبوبولصر على جنوبيها وارسل ابنه ( نبوخذ نصر ) للحاق بفلول الجيش الاشوري الهارب الى حران وقضى عليه عام ( 609 ق م ) وهكذا اسقطت الدولة الاشورية التي دوخت الشرق الاوسط زمنا طويلا بحروبها المستمرة وغزواتها المتاقبة .

      ثم استمر ( نبوخذ نصر ) في التوغل غربا سالكا طريق الفرات الاعلى واحتل المقاطعات التي كانت فيما مضى تحت الحكم الاشوري وكان فرعون مصر المعو نخو ابن بسماتيك يتقدم لمساعدة الاشوريين الاان تقدمه كان بطيئا لانشغاله بفتح مدن فلسطين وسواحل سوريا وقد نقش صورته في الصخور الجبلية عند مصب نهر الكلب قرب بيروت ولما تقدم شرقا اصطدم بجيوش نبوخذ نصر قرب مدينة كركميش عام (605 ق م ) وكانت واقعة حاسمة بين الطرفين انكسر فيها الجيش المصري وتراجع الى حدود بلاده .


      تعليق

      يعمل...
      X