إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بحث ... حقيقـة نظـرية داروين

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    عنصرية داروين

    تعتبر عنصرية داروين إحدى أهم الصفات - وفي الوقت نفسه أقلها شيوعا بين الناس - التي يتسم بها داروين : اعتبرَ داروين الأوروبيين البيض أكثر "تقدماً" مِنْ الأجناس البشرية الأخرى.

    بافتراض أن الإنسان قد تَطوّرَ مِنْ مخلوقات أشباهِ قرود ، فلقد افترض داروين بأنّ بَعْض الأجناسِ قد تطوّرتْ أكثر مِنْ غيرها ، وأنّ هذه الأخيرة ما زالَتْ تحملُ بعض صفات القرود.

    في كتابِه، "أصل الإنسانِ" ، الذي نَشرَ بعد " أصلِ الأنواعِ "، علّقَ - أي داروين - بكل جرأة على "الاختلافات الأعظم بين رجالِ الأجناسِ المُختلفةِ"41

    وفي كتابِه هذا - " أصل الإنسان " - ساوى داروين ما بين الأجناس أصحاب البشرة السمراء وسكّان أستراليا الأصليين وما بين الغوريلات ، ثم افترض بعد ذلك أَنَّ هذه الأجناس سيتم " التخلص منها " مِن قِبل " الأجناس المتحضرة " - على حد تعبيره -بمرور الوقت.
    يقول:

    "في فترةِ مستقبليةِ ما ، لَيسَت ببعيدَة إذا ما قيست بالقرون ، سنجد أن الأجناس المُتَحضّرة للإنسان - وبشكل شبه مؤكد - سَتُبيدُ وتَستبدلُ الأجناسَ الوحشيةَ في كافة أنحاء العالم.
    في الوقت نفسه ، ستباد بلا شَكَّ الكائنات الأشباه آدمية.
    ومن ثم ستزداد الفجوة ما بين الإنسانِ وما بين أقربِ حلفائه اتساعا ، حيث سَيَنتقلُ إلى حالةٍ أكثر تَحَضّراً ، كما نَتمنّى، بل وستكون اكثر اتساعا إذا ما حتى قورنت - أي هذه الفجوة - بالتي بين القوقازيينِ وبين قرد منحط كالبابون ، بدلاً مِنْ تلك الموجودة الآن بين الزنجي أَو الإسترالي وما بين الغوريللا"42

    ولم تقف أفكار داروين الحمقاء عند حد أنها قد صيغت في صورة نظريات ، بل تجاوزت هذا الحد إلى أنها وبالإضافة إلى ذلك قد حازت على درجة من الاحترامِ العلميِ والاجتماعيِ مما مَكّنَها من توفير أهم " أساس علمي " على الإطلاق للتمييز العنصري.

    وبافتِراض أنّ الكائناتِ الحيّة قد تَطوّرتْ نتيجة الصراعِ من أجل البقاء ، فسرعان ما تم تطبيق الدارونية في العلومِ الاجتماعية.
    تُؤكّدُ هذه العقيدةِ الجديدةِ والمعروفة باسم " الدارونيةِ الإجتماعية " بأنّ الجنس البشري الحاليِ يقع على درجاتِ مختلفةِ من " السلّم التطوّري " ، وأن الأجناس الأوروبية هي الأكثر " تقدماً " على الإطلاق ، وأن العديد مِنْ الأجناسِ الأخرى ما زالَتْ لها صفات القردة.
    علاوة على ذلك ، فالدارونية ليس فقط تمهد للهجماتِ العنصريةِ ، بل أنها تَسْمحُ بحدوث كُلّ أنواع الأعمالِ الإنفصاليةِ والتدميريةِ كذلك.
    ومبدأ " الحياة صراع " هذا نجده قد خلق حجّةً تستغل في تبرير وَضْع الأناسِ الآخرينِ الذين يَعِيشونَ بسلام في نفس البلدِ في معسكراتِ الاعتقال ، بالإضافة إلى استعمالِ العنفِ والقوةِ الوحشية ، ونشوب الحروب ، والموت ، والقتل.
    على أية حال، فالمسلمون الذين يُدركونَ بأنّ اللهِ قد خَلقَهم جميعا وخلق كُلّ شيء آخر، و أن الله قد نفخ فيهم جميعا من روحه ، وأن العالم مكان سلامِ وأخوّةِ ، و أن الناس كلهم سواسية ، وأن كُلّ شخص سَيُعاقبُ في الآخرة عما اقترف في هذه الدنيا من ذنوب ، لا يمكن لهم أن يؤذوا غيرهم من الناس.

    فقط أولئك الذين يَعتقدونَ بأنّهم جاؤوا إلى هذا الوجود بِمحض الصُّدفَة ، ويؤمنون بأنّ العالمَ مكان نزاعِ ، لن يشعروا بالمسؤولية تجاه الغير ، و لَنْ يُبالوا بما يعملون ، و يُمْكِنُ أَنْ ينشغل في مثل هذه النشاطاتِ.

    ولِهذا فإن المسلمين يَجِبُ أَنْ يحتكموا إلى ضمائرِهم قبل قُبُول الدارونيةِ ، ولِماذا يَجِبُ أَنْ يَفْهموا الثمن الحقيقي لتأييد نظرية العِلْم نفسه يُكذبها.
    الضررَ الذي ألحقته الدارونيةُ بالإنسانيةِ جلي الوضوح.

    فالمآسي، والمعاناة ، والنزاعات التي تُؤدّي إليها هي أيضا غنية عن التعريف.
    كما رَأينَا في من خلال هذا الباب ، فإن الأسلوب المتبع لإقناع الناس بأفكارِ ومفاهيمِ غيرعقلانيةِ وغير منطقيةِ يَجِبُ أَنْ يقنعَنا أن تلك الدارونيةِ خطر بالغ.


    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #17
      الباب الثالث
      علم خلق الله


      حتى الآن ، فقد قمنا بفَحص الخطأَ الخطير الذي يرتكبه التطوريون المسلمونِ الذين يَقْبلونَ الزعمَ بأنّ اللهِ- من خلال النمووالارتقاء- قد خَلْق الكائناتِ الحيّةِ.

      وعلى خلاف التطوريين الآخرينِ، فمثل هؤلاء الناسِ لا يَدعونَ بشكل مباشر أنّ الحياة قد ظَهرتْ بمحض الصُّدفَة.

      على أية حال، فبالزعم أن الله قد استعملَ التطور في خَلْقِه، فهم بذلك وبشكل إرادي أو غير إرادي ، يَدْعمُون الدارونيةَ في بَعْض النقاطِ.

      طبقاً لمنظورِهم الخاطئِ، فإن الله لا بدَّ وقد استعملَ آلياتِ تطوّرية كالتحول والانتخاب الطبيعي.
      إلا أن العِلْم قد بَيّنَ أنَّ لا الانتخاب الطبيعي ولا التحول يُمْكِنُ له أَنْ يَخْلقَ نوعا جديدا.
      بمعنى آخر، فهاتان الآلياتان لا تمتلكان خواص تطوّريةُ.

      أولئك الذين يَدْعمونَ فكرةَ الخَلْقِ التطوّريِ يَزْعمُون بأنّ اللهِ يَستعملُ آلية التحول لتَغْييرالخصائص الجينية الوراثية للكائنِ الحيِّ ومن ثم يتمْكن – أي هذا الكائن الحي - من اكتساب أعضاء ذات وظائف معينة ، أَو بأنه - سبحانه و تعالى - يَخْلقُ مخلوقات في صورة بدائيةَ أولاً وبعد ذلك يطبق الانتخاب الطبيعي لتَحويل تلك المخلوقات إلى مخلوقات أخرى أكثر تعقيداً واكتمالا.

      أو بمعنى آخر، أن الله - جل و علا - يطبقُ الانتخاب الطبيعي على الكائن الحي إذا ما أراد أن يخلق لهذا الكائن الحي المشار إليه عضوا جديدا ، أوإذا ما أراد لعضو آخر موجود بالفعل أن يضمر ، أَو إذا ما أراد التخلّصُ مِنْ هذا الكائن الحي برمته للتحول من سلالة إلى أخرىِ.
      وإنه لمن الطبيعيُ جداً لمن هم غافلون عن آخر التَطَوّراتِ العلميةِ أن يفترضوا مثل هذه الافتراضاتِ ، وخصوصاً إذا ما رغبوا في دَعْم النمو و الارتقاء.

      على أية حال، فإن مثل هذه الإدّعاءات تصيرهباء منثورا إذا ما ووجهت بالحقائق العلمية.

      علاوة على ذلك، وكما سَنَرى لاحقاً، فإن القرآن لا يَذْكرُ شيئا من هذا القبيل.

      وهناك أمر بحاجة إلى توضيح ، وهو أن الله- بالطبع ومما لا شك فيه- كان يُمكنُ له أنْ يطبق النمو و الارتقاء في خَلْقه إذا ما أراد ذلك ، فهو القادر على كل شىء.

      إلا أن القرآن - وفي الوقت نفسه - لا يَحوي أي إشارةِ عن التطورِ؛ حيث لا توجد ولو حتى آية واحدة تَدْعمُ إدّعاءَ التطوريين بالظهورِ المرحليِ للسلالات والأنواع المختلفةِ.

      والعِلْمُ كذلك يَكْشفُ زيفَ مثل هذا الإدّعاءِ.

      وبما أن الموقف في غاية الوضوح ، فإنه لا يمكن لأي مسلم أومسلمة أن يبرر تأييد مثل هذه النظرية.

      فالأسباب الوحيدة المحتمل تسببها في الوقوع في مثل هذه الأخطاءِ هي قلة المعلوماتِ، وعقدة النقص عند التعامل مع التطوريين، والاعتقاد في كون التطوريين على حق لمجرد كونهم أغلبية .

      اللهُ خَلقَ الكونَ مِنْ عدم

      يخلق الله كل شىء كيفما شاء ، وقتما شاء ، دون الحاجة إلى التقيد بأيّ نموذج معين .
      فالله قادر على أن يخلق ما يشاء ومن العدم.
      وذلك لكونه سبحانه المنزه عن أيما عيب والغني عن أيّ حاجة.
      فهو لا يحتاج لأيّ سبب، أو أداة ، أَو مراحل لإتمام خَلْقِه.
      لا أحد يَجِبُ أَنْ يُخْدَعَ بحقيقة كون كُلّ شيءِ مُرْتبط بأسباب معينة وبقوانين طبيعيةِ.
      فاللهَ فوق كُلّ هذه الأسبابِ والقوانينِ، فهو موجدها و خَالقها.

      فالله، رب السماواتِ و الأرضِ ، يُمْكِنُ له كذلك أَنْ يذهب بكل هذه الأسبابِ إذا ما أراد ذلك.
      فعلى سبيل المثال، فالله قادر على خلق أناسَ لَيسوا بِحاجةٍ إلى الأوكسجينِ للبَقاء، ومن ثم لَيسوا بِحاجةٍ إلى رئتين.
      وبأخذ هذا في الاعتبار، فلماذا "يَحتاجُ" الله إذن لتطويرالرئةِ بمرور الوقت من خلال آلية النمو و الارتقاء أَو من خلال أيّ آلية أخرى؟!
      ومن ثم ؛ فإن وضع قيود لقدرة الله تبعا لأحاسيس وأفكار البشر إنما هو خطأ فادح.

      فنحن لا نحيط بشىء من علمه إلا بما شاء .
      فالله قادر على جعل عملية الخلق عملية مرحلية إذا ما شاء ذلك .
      فعلى سبيل المثال، فالله يخلق النبات من فلقه الحب والنوى والإنسان من اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة.

      إلا أن مراحل الخلق هذه ، كما سَنَرى لاحقاً، لَيْسَ لها - على الإطلاق - أي علاقة بالنمو والارتقاء أَو بعامل الصدفةِ.
      فكُلّ مرحلة من مراحل نموالنبات ، أَو تحول الخلية الواحدة إلى كائن بشري "في أحسن تقويم" إنما هو بفضل المنظوماتِ المثاليةِ التي خلقها الله القادر على كل شىء.

      فلقد شاء الله أن يخَلقَ السماوات و الأرضَ ، وما بينهما، وكُلّ الكائنات الحيّة وغير الحية.

      فإن ذلك على الله يسير ، حيث يشير القرآن إلى ذلك من خلال الآيات التالية:

      "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " (سورة الأنعام ، الآية73)
      "إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة النحل ، الآية 40)
      "هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة غافر ، الآية 68)

      فإن الخَلْق على الله يسير.
      فكما تبين لنا هذه الآيات فما على الله إذا قضى أمرا إلا أن يقول له كن فيكون .

      فالعديد مِنْ الآيات تَكْشفُ لنا أنّ الله قد خَلقَ هذا الكونَ وخلق الكائنات الحية كلها في أحسن تقويم.
      وإنه لخطأ غاية في الفداحة والخطورة أن يلجأ بعض المسلمين إلى التفسيرات الملتوية في مواجهة هذه الحقيقة الواضحة -الله سبحانه وتعالى خالق كل شىء في أحسن تقويم - وكذلك أن يدعوا مثل هذه الادعاءات الزائفة الخادعة والتي تحتوي في طياتها على ما يؤول إلى أن الله سبحانه وتعالى قد خلق هذا الكون بتطبيق مبادىء النمو و الارتقاء من تحول وانتخاب طبيعي ومراحل انتقالية ما بين القردة والبشر.

      وإنه لمن الخطأ تَقديم مثل هذه التفسيراتِ والتي ليس لها أي دليل في القرآن أَو في العِلْم ، على أمل أَنْ يتقبلنا التطوريون من أنصار داروين.
      فاللهُ هو واضع ومصدر كُلّ القوانين في هذا الكونِ وهو الذي يعطيها الشكلَ الذي يَختارُه، وهوالذي يخلق ما يشاء متى يشاء ، وسع كرسيه السماواتِ و الأرضِ ، وهو العلي العظيم المتحكم في كل شىء.

      وبالرغم من كل ذلك فإن بَعْض الناسِ لا يدركون قدرة الله بشكل كامل ومن ثم يصدرون أَحْكاما بخصوص الله سبحانه استنادا إلى قدراتهم المحدودةِ .

      يَكْشفُ اللهُ لنا عن وجود هذه الفئة من خلال الآيات القرآنِية التالية:

      "وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " (سورة الأنعام ، الآية 91)
      "مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " (سورة الحج ، الآية 74)

      "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " (سورة الزمر ، الآية 67)

      وعلى عكس ذلك الذي يقترحه الذين يعتقدون في الخلق التطوري ، فالله جل في علاه لَمْ يَخْلقْ في بادىء الأمر قرودا ثم جعل هذه القرود بشرا من خلال أشكالِ انتقاليةِ تفتقد إلى بعض الأعضاء البشرية .

      بل بالأحرى، وكما يَكْشفُ القرآن ، خَلقَ اللهَ الإنسان في أحسن تقويم:
      "لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " (سورة التين ، الآية 4)

      "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ " (سورة التغابن ، الآية 3)

      تعتبرالآيات أعلاه جزءا مِنْ البراهينِ على أن اللهِ خَلقَ الإنسان في أحسن تقويم ، أي الشكل الذي هو عليه الآن.
      وبالطبع، فإن لدى الإنسان العديد من نقاط الضعف ، والتي جميعها تُذكّره بافتقاره إلى ربه.

      وتعتبرالعاهات وحالات العجز نَتائِجَا لخَلْق هادف، حيث تعمل كتذكرة لأولئك الذين يَرونَها وكإختبار لأولئك الذين ابتلاهم الله بها.

      كسلالات وأنواع، خَلقَ اللهَ كُلّ الكائنات الحيّة بشكل آني وفي أحسن تقويم ، دون الحاجةِ للتطورِ مطلقاً.
      وتلك الحقيقةِ الواضحة يكشف عنها القرآن:
      "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( سورة الحشر ، الآية 24)

      ويَصِفُ القرآنُ كيف أن الخَلْق على الله يسير:
      "أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيم" ( سورة يس ، الآية 81)
      "مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " ( سورة لقمان ، الآية 28)

      يتبع


      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

      تعليق


      • #18
        أشكال اللهِ المختلفةِ للخَلْقِ

        نقطة أخرى مهمة أهملتْ مِن قِبل أولئك الذين يُؤمنونَ بالخَلْقِ التطوّريِ وهي أشكالُ اللهِ المختلفةِ للخَلْقِ.
        فلقد خلق اللهُ كائنات حيّةَ تَختلفُ بشكل ملحوظ عن البشرِ والحيواناتِ، مثل الملائكةِ والجنّ.
        وهذه المسألةِ سَتُناقشُ في الصفحاتِ التاليةِ.

        الْمَلائِكَة أُولو أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاث وَرُبَاع

        الملائكة كائناتَ دائمة الطاعة لأوامرَاللهِ.
        ويَصِفُ القرآنُ خَلْقُهم – أي هذه الملائكة - كالتّالي:

        "الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة فاطر ، الآية 1)

        وكما نَرى مِنْ هذا الوصفِ، فإن أشكالَ الملائكةِ تَختلفُ إلى حدٍّ كبير عنْ تلك التي للبشرِ. يَلفتُ اللهُ الانتباه إلى الأشكالِ المختلفةِ للخَلْقِ في الآية أعلاهِ.
        وتبين الآيات أيضاً كَيف أن الملائكة تطِيعُ الله وتمتثل لأوامره:

        "وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ

        يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " ( سورة النحل ، الآية 49-50)

        "لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا " ( سورة النساء ، الآية 172)

        "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " ( سورة التحريم ، الآية 6)

        وبالإضافة إلى ذلك ، فلقد خُلِقتْ الملائكة قبل بني آدم.
        وفي حقيقة الأمر فلقد أخبرَ اللهَ الملائكةَ عند خلقه آدم - الإنسان الأول - وأَمرهم بالسجود له.

        وفي الوقت نفسه ، فلقد آتى اللهَ النبي آدم، عليه السلام ، علما يختلف عن ذلك الذى آتاه الملائكةِ ، حيث علّمه الأسماءَ كلها.

        والملائكة لا تَمتلكُ مثل هذا العلمِ.
        وكما يَذْكرُ القرآن :

        "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
        وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
        قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
        قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
        وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ"
        ( سورة البقرة ، الآية 30-34 )

        الجنّ مَخْلُوقات مِنْ نارِ

        مثلها كمثل الملائكةِ، يَختلفُ مظهرُ الجنّ أيضاً عن بني البشر.
        الآيات التالية تبين أن الإنسان خلقَ مِنْ طينِ، بينما الجنّ خُلِقَ مِنْ نارِ:

        "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
        وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ " ( سورة الحجر ، الاية 26-27)

        "خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ
        وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ " ( سورة الرحمن ، الآية 14-15)

        وفي القرآنِ، يَكْشفُ اللهَ كذلك عن الغرضِ من خَلْق الإنسِ والجنّ:

        "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ " ( سورة الذاريات ، الآية 56)

        ومما يتضحُ لنا مِنْ هذا ، أنه بالرغم من أن الإنس والجنّ كائناتَ مختلفةَ تمام الاختلاف ، فإن كليهما قد خُلِق لعِبادَة اللهِ وحده بتطبيق القِيَمِ التي وَصفَها لنا سبحانه وتعالى.

        فلقد كَشفَ لنا- سبحانه وتعالى - في العديد مِنْ الآيات أنّ الملائكة والجنّ كليهما لَهُما بَعْض الخصائصِ التي تَختلفُ عن الخصائصِ الإنسانيةِ.
        فعلى سبيل المثال، كلاهما يمكنه نقل المادة:

        "قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
        قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ " ( سورة النمل ، الآية 38-39)

        ويَذكر القرآن كذلك أنّ الجنّ - مثل الملائكة - قد خُلِقَت قبل الانسان.
        فعندما خَلقَ الله النبي آدم، عليه السلام، أَمرَ اللهَ الملائكةَ والجنّ أن يسجدوا له.
        وبعد ذلك، يذكر أنّ الشيطان من الجنّ:

        "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا " ( سورة الكهف ، الآية 18)

        الخَلْق مسألة يسيرة على الله ، فهو القادر على أن يخلق مِنْ لا شيءِ وبدون سببِ مسبقِ. فكما خَلقَ الملائكةَ والجنّ على هيئات مختلفةِ ومِنْ عدم ، فلقد خَلقَ الإنسان أيضا من عدم خلقا منفصلا مستقلا ودون الحاجةِ للتطورِ.

        والشىء نفسه يمكن تطبيقُه على الكائناتِ الحيّةِ الأخرى، مثل الحيواناتِ والنباتاتِ.
        الله خَلقَ كُلّ هذه الكائنات آنياً ومن لا شيء ودون إخضاعهم لعملية التطور, بمعنى آخر، بدون تَحويل سلالة إلى أخرى.

        وكما قد رَأينَا سابقا،َ فإن المراحلَ التي يَستعملُها الله في هذا الخَلْقِ المذَكور سابقا ، لا علاقة لها بصدفةِ النمو والارتقاء أَو الأحداثِ العشوائيةِ، حيث أن كلا منها إنما هي ناتجة عن الأنظمة التي لا خلل بها والتي أنشأها الله - مالك الملك - بقدرته.

        كَيف أن الطين المخلقَة كهيئة الطير قد بث فيها نبي الله عيسى الحياة بأمر الله

        وَهبَ اللهُ نبيه عيسى- عليه السلام - قدرات تفوق قدرات البشر الطبيعية في هذه الحياة الدنياِ، كما يرَى في:
        "إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " (سورة آل عمران ، الآية 45)

        فلقد جاءَ إلى هذا العالمِ بدون أبِّ ، وكان يكلّم الناس في المهدِ ، وكان يشفي المرضى بشكل عجيب معجز.
        وعلاوة على ذلك ، فعندما خلق النبي عيسى، عليه السلام ، من الطين كهيئة الطيرونفخ فيه ، دبت الحياة في هذا الطير بإذن اللهِ.
        وهذه الحقيقةِ مذكورة في القرآنِ:

        "وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " (سورة آل عمران ، الآية 49)

        "إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ " (سورة المائدة ، الآية 110)

        فالله قادر على أَنْ يَخْلقَ أيما شىء بشكل تلقائي - إن صح التعبير- وفي التو و اللحظة ، على النحوِ نفسه .
        فهذه إحدى معجزاتِه - جل في علاه- وحقيقة غاية في الأهمية لا يجب على التطوريين المسلمين إهمالها.
        مثال آخر شبيه يَذْكرُالنبي إبراهيم - عليه السلام - ويبين كَيفَ أن اللهَ يهب للكائنات غير الحية الحياة:

        "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (سورة البقرة ، الآية 260)

        يتبع

        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

        تعليق


        • #19
          كَيف أن امرأة النبي زكريا العاقر قد أنجبت

          مثال آخر على الخَلْقِ الأعجوبيِ يتعلّقُ بالبشرى التي بشر بها الله نبيه زكريا ، عليه السلام ، إنجاب امرأته غلاما :

          "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا
          قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا
          قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " (سورة مريم ، الآية 7-9)

          وكما تبين لنا هذه الآيات السابق سردها ، فإن مسألة الخَلْق مسألة هينة على الله سبحانه الذي لا يحتاج إلى مسببات لإتمام خلقه .
          فلقد وَهبَ هذا النبي طفلا ، و بأَمْره " كُن! " صارت زوجة هذا النبي حاملاً وبشكل تلقائي.
          يقول الله في تكملة الآية:

          "قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " (سورة مريم ، الآية 9)

          أمثلة على البعث بعد الموت في القرآن

          الخَلْق والبعث كليَّاً بيد اللهِ ، وكما هو الحالُ بالنسبة للخَلْقِ ، فالله لَيْسَ بحاجة إلى أية مسبباتِ خارجيةِ عندما يتعلق الأمر بالبعث.
          وهناك العديد مِنْ الأمثلةِ في القرآنِ الكريم والتي تشير إلى هذا الموضوع.

          يَكْشفُ القرآنَ عنّ أَنْ الناسَ سيبعثون من مرقدهم تارة أخرى يوم القيامة وذلك بعد موتهم ودفنهم في هذه الحياة الدنيا:

          "ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
          أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا " ( سورة الإسراء ، الآية 98-99 )

          وكما رَأينَا ، فإن الكفار لا يَعتقدونَ بأنّ الناسِ سَيُعاد خلقهم مرة أخرى بعد مَوتهم وبعد أن صاروا ترابا.
          ويُلخّصُ هذا المثالِ الحالةَ بالنسبة إلى نظريةَ التطورِ.

          ربنا الله، الذي سَيُعيدُ تكوين أجسامَ الناسِ مِنْ العدم يوم الحسابِ ، قد سبق وأن خَلقَ الإنسان الأولَ أيضاً ، النبي آدم ، مِنْ لا شيءِ.
          هذه الآيات مهمة جداً لأولئك الذين يُؤمنونَ بالقرآنِ إلا أنهم وفي الوقت ذاته يصرّونَ -على الرغم من هذا- على الإيمان بأفكارِ التطوريين.

          يقول الله عزوجل:

          "وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ" ( سورة الأنعام ، الآية 94)

          يُشيرُ القرآنُ إلى بعث الإنسان بعد الموت يوم الحسابِ.
          ويُوضحُ بأنّ هذا الخَلْق سَيَكُونُ مثل "الخَلْق الأول".
          وكُلّ شخص وبعد أن يكون قد مات و صار ترابا ، سيولد مرة أخرى يم القيامة من خلال إعادة خلقه كهيئة الإنسان .

          ولِهذا السبب نفسه فإن عملية الخَلْق الأول للإنسان تشْبهُ عملية إعادة الخلق الإنساني هذه ولا تَتم بشكل مرحلي ، بل تتم بشكل لحظي معجز.
          ونجد في القرآنِ العديد مِنْ الأمثلةِ على البعث بعد الموت .

          وعلى سبيل المثال ، فلقد شاء اللهُ لقوم النبي موسى، عليه السلام ، أن يمروا بمثل هذه التجربة ، حيث أماتهم الله ثم أحياهم.
          وهذا الموقف مَوْصُوفُ في القرآنِ كالتّالي:

          "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ
          ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (سورة البقرة ، الآية 55-56)

          والقرآن يَحتوي على مثال آخريَتضمّنُ قوم النبي موسى ، عليه السلام.
          فلقد أمرهم الله أن يضَرْبوا جثّة أحد موتاهم بقطعة لحمِ من بقرة كانوا قد ذبحوها من قبل.
          وكما يبين اللهَ لنا في هذه الآية ، فالغرض من مثل هذا الموقف هو إثبات حقيقة البعث لهم وللتأكد من إيمانهم .

          وهذا الأمر- وبكل المقاييس - أمرمعجز.
          على أية حال، وكما سَنَرى في جزءِ الآية الآتي ذكره ، فلقد ازدادت قلوب هؤلاء القوم قسوة بَعْدَ أَنْ حَدثتْ هذه المعجزةَ:

          "وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
          فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
          ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"
          ( سورة البقرة ، الآية 72-74)

          يضرب اللهُ مثالاً آخر:

          "كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
          أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ" ( سورة البقرة ، الآية 242-243 )

          ويُورد لنا القرآنُ مثالا آخرا : موقف قد واجهُه شخص لم يُؤمنْ بالبعثِ بعد الموتِ.
          وطبقاً للآيات ، فلقد أمات اللهَ شخصَا 100 سنةِ وبعد ذلك أحياه بعد الموت.

          على أية حال، و بالرغم من مرور كل تلك الفترة الزمنية ، فلقد اعتقد الشخص بأنّه كَانَ ميتَا ليومِ واحد فقط بل ولأقل من ذلك .

          وعندما أُخبرَ بالحقيقةَ ، آمن أخيراً، كما نَرى في الآية التاليِة:

          "أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( سورة البقرة ، الآية 259 )

          يَتعلّقُ المثالُ الآخر بأصحابِ الكهفِ .
          والذي يُميّزُ هذه القصّةِ عن غيرها من القصص بأنّ في هذه الحالةِ، فالمجموعة المشار إليها لَمْ تُقْتَل ، بل ظلت نائمة لفترة أطولِ مِنْ الفترة الطبيعية المعتادة لحياة أي إنسان .

          ولقد اشتملت هذه المجموعة على شبابِ مؤمنِ كان قد هجر قومه مريدا مأوى في كهف وذلك لأن قومه كان قد اتّجهَ إلى الشرك باللهِ وإلى عبادةِ الأصنام.

          على أية حال، فلقد أنامهم الله بشكل أعجوبي معجزلأكثر مِنْ 300 سنة بداخل الكهفِ ، وكان ذلك على النحوالتّالي:

          " فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا " ( سورة الكهف ، الآية 11)

          " وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا
          قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا " ( سورة الكهف ، الآية 25-26)

          على أية حال، فلقد أيقظهم الله بعد فترة من الزمن .
          والوصف يَستمرُّ:

          "ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
          نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى " ( سورة الكهف ، الآية 12-13)

          وهم لَمْ يُدركوا بأنّهم كَانوا نائمين كل هذه الفترة الزمنية الطويلة.
          وظنوا أنّهم كَانوا نائمينَ لمدّة يوم ، أَو لبضعة ساعات ، ليس إلا ، بينما كَانوا في الحقيقة نياما حوالي ثلاثمائة سنة و ازدادوا تسعا.
          الآية موضع السّؤال تقول:

          "وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا " ( سورة الكهف ، الآية 19)

          مثل هذه الأمثلةِ المذكورة في القرآنِ تبين و بشكل واضح بأنّ اللهِ لا حاجةُ له في أيّة مسببات للخَلْقِ.

          سلوك النحل ِ: معضلة لا حل لها بالنسبة للتطوريين

          يَكْشفُ الله لنا ومن خلال القرآنِ بأنّه أوحى إلى النحل وأخبرَه بما يَجِبُ عليه عمَله:
          "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ

          ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ( سورة النحل ، الآية 68-69)

          وكما نَعْرفُ ، فإن النحلَ يَجْمعُ اللقاح ويصنع منه عسلاً بخَلْطه – أي اللقاح - بإفرازاتِ تفرزها أجسامهِ. وحتى يتمكن من اخْتزان العسل وتربية صغاره ، فالنحل يصنع خلايا شمعِية سداسيةِ الشكل مرتبة ترتيب غاية في الدقة ، ولزواياها نفس القياس ، ومتماثلة بشكل عام.
          و يَصنعون أقراصَ العسل باستخدام هذه الخلايا.
          وعلاوة على ذلك، فإن النحل الذي يَتْركُ الخليةَ بحثا عن الغذاءِ ويرجعُ إليها مرة أخرى إنما قد أمده اللهَ بأنظمةِ خاصِّة تُمْكِنُه من إيجاد طريق العودة.
          وحتى تمتلك حشرة كالنحلة – من تلقاء نفسها - مثل هذه المعرفة بخصوص زوايا المسدسات ، وتكتشف صيغةَ تصنيع الشمعِ ، وتُصمّم الأنظمةَ الضروريةَ لتَصنيعه بداخل جسمِها ، وبعد ذلك تضع مثل هذه المعلوماتِ في حمضها النووي الخاص حتى يتسنى لأعضاء هذه السلالة مستقبلا أن يَمتلكُوا نفس القدراتِ ، بالطبع أمر مستحيل.
          وإنه لمن الواضح أن النحل قد عُلّمَ كُلّ هذه الأشياءِ مِن قِبل قوَّة عليا.
          بمعنى آخر، فإن مثل هذه المعرفةِ قد أوحى الله بها للنحل ، كما تكشف لنا هذه الآيات.
          الله ، الذي وسع كُلّ شىء علما ، يَصِفُ للنحلةِ ما تحتاجُ عمله ، والنحلة بعد ذلك تَتصرّفُ بشكل كامل من وحي هذا الوصف وعلى ضوءِ هذا الإلهامِ الآلهي.
          مثل هذا السلوكِ الواعيِ دليلُ واضحُ على الخَلْقِ.
          ودراسة مثل هذه الخصائص في الحيواناتِ تَكْشفُ التصميمَ المنزه عن أيما عيب وكذلك عن الوعي الكامل المتأصّلَ في الكائنات الحية.
          فإن مثل هذه الأمور- مرةً أخرى - تتيحُ للفرد فرصة فهم أن الله لا يضاهى قدرته شىء.

          فاللهُ قادر على أن يخلق أيما مخلوق شاء ، و بأية خصائص كانت ، وهو القادر على كل شىء ، و مليك كل شىء.
          على أية حال ، فإن التطوريين يعتقدون في أنّ مثل هذه المميزّاتِ والخصائص الإستثنائيةِ التي اختص بها الله بعض مخلوقاته إنما ترجع إلى الصُّدفَة.
          وطبقاً لهذا الإدّعاءِ الغيرمنطقيِ ، فإن النحل قد تَعلّمَ حِساب الزوايا بل واستطاعَ أن ينقل هذا العلم إلى غيره من النحلِ من خلال الصُّدفَة.

          وطبقاً لهذا الإدّعاء فإن الصدفةُ قد أدت كذلك إلى ظهورِ أنظمةِ جسمانيةِ قادرة على انتاج الشمعِ والعسلِ .
          وبمجرد التفكر لثوان قليلة فقط ، يصبح من الممكن رُؤية أن مثل هذه السيناريوهات الخياليةِ أبعد ما تكون عنْ المنطق والحجة والعِلْمِ.
          فاللهُ يَخْلقُ النحلَ ويَهبه الوعي.
          ومثل هذه المعجزاتِ في الخَلْقِ تَضِعُ التطوريين في موقف محيّر لا يُمْكِنُهُم أبَداً الفرار منه.

          النبي سليمان كان يفَهمَ لغة النمل

          كما أشير إليه في القسمِ السابقِ، فإن التطوريين يَزْعمُون بأنّ الكائنات الحيّةِ إنما هي من عمل الصدفة البحتة والأحداثِ العشوائيةِ.
          ففي رأيهم، وعلى الرغم مِنْ حقيقة عدم وجود أي برهان يؤكد هذه الإطروحةِ الخياليةِ، فإن الحيوانات لا تَمتلكَ أي وعي.
          وعلى الصعيد الآخر فإنه يوجد الكثير مِنْ الدلائلِ التي تفند إدّعاءاتِهم وتدحضها.

          فبالأخذ في الاعتبار الوصف القرآني لما جرى بين النبي سليمان، عليه السلام، و بين نملة .
          فطبقاً للآيات ، فالنبي سليمان قد سَمعَ و فَهمَ كلام النملةَ، كما ترُوِي الآيات التاليةِ:

          "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ " (سورة النمل الآية 18-19)

          فكما تُوضحُ هذه الآيات ، فلقد خاطبتْ نملة من النمل باقي النمل .
          وبالطبع ، وبافتراض أن هذه النملة ما هي إلا مخلوق "خلق" بمحض الصُّدفَة فإنه لمن المستبعد أَنْ يَكُونَ لدَى هذا الكائن نظام اتصالِ خاص يَسْمحُ له بمُخَاطَبَة عشيرته الخاصةِ أَو إظهار سلوك ما قد يشير إلى امتلاك وعي أو منطقِ.

          فالمخلوق الذي يوجده الله في هذا الوجود بمشيئته سبحانه وتعالى سوف يظهر سلوكاً واعياً على النحو وإلى الحدّ الذي يريده الله.
          وإنه لمن المحتمل أيضا التواصل و التخاطب مَع مثل هذا المخلوقِ، إذا ما أراد الله ذلك.

          فالحيوانات ، و التي طبقاً لنظريةِ التطورِ، يفترضُ افتِقارها إلى الوعي إنما تكشف سلوكيتها في الحقيقة عن قدر كبيرِ من المنطق والسببية ، كما رَأينَا في هذين المثالين. ونحن َرُبَّمَا لا نَستطيعُ أن نتَوَقُّع أن يدرك الداروينيون طبيعة مثل هذا الموقف الإستثنائي ،
          ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )

          على أية حال، فإن أولئك الذين يَقُولونَ بأنّهم يُؤمنونَ بوجودِ الله وقدرته يجب عليهم أَنْ يُفكّروا حقا بشأن مثل هذه الإشاراتِ، حيث أنها وبكل حزم و وضوح تثبت عدم صحة نظرية النمو و الارتقاء.

          هذا و من ثم يبين أنه لا مجال على الإطلاق للدفاع عن النمو و الارتقاء .


          يتبع

          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #20
            معجزة الخَلْق


            إن إهْمال حقيقة قدرة الله على الخلق والتدمير يلعب دورا هاما في إيمان بعض المسلمين بالتطورِ.
            مثل هؤلاء التطوريين المسلمين متأثرون بالاتجاه الطبيعي ، الذي يزعم بأنّ قوانينَ الطبيعةِ ثابتة وغير قابلة للتغيير ، وبأنّ لا شيءِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْدثَ خارج إطار هذه القوانين.

            إلا أن هذا يعتبر خطأ جسيم.
            والذي نشير إليه بلفظ "قوانين الطبيعةِ" إنما أساسه خَلْق اللهِ وإبْقاؤه المادة في شكل معيّن.

            وإنه لمن المستحيل أَنْ تَكُون هذه الخصائص قد انبثقت من تطور المادة من تلقاء نفسها.
            وكما قد أوضحَ الله ، فإنه سبحانه وتعالى يُمْكِنُ أَنْ يُعدّلَ هذه القوانينِ في أي وقت كان، بل ومن الممكن له جل وعلا أن يَتصرّف خارج نطاق هذه القوانين.

            ونسمي مثل هذه الأحداث بالمعجزاتِ .

            وكون بقاء أهل الكهف على قيد الحياة لأكثر مِنْ 300 سنة يعتبر معجزة خارقة لقوانينِ الطبيعةِ.
            ويعتبر من المعجزات أيضا ، أولئك الذين أماتهم الله ثم أحياهم بعد ذلك .
            يَحْدثُ كُلّ حدث لأن الله أراد له الحدوث.

            تلك التي تَحْدثُ في إطار بَعْض القوانينِ الطبيعية أحداث طبيعية ، بينما الأخرى تعتبر معجزاتَ.
            والنقطة التي مَنْ الضَّرُوري أَنْ تُفْهَمَ هنا بأنّ قدرة اللهِ لا يحدها تلك القوانين التي خَلقَها الله سبحانه وتعالى بقدرته و مشيئته.

            فإذا ما أراد الله فإنه يمكنه أَنْ يَعْكسَ كُلّ قوانين الطبيعةِ تماما.
            فإن ذلك على الله يَسير.

            وبما أن التطوريين المسلمين قد وقعوا تحت تأثيرالاتجاه الطبيعي ، والذي يعتبر أساس الدارونيةِ ، فإنهم من ثم يُحاولونَ تَفسير أصلِ الحياةِ الإنسانيةِ وغيرها من الحيوات من خلال القوانينِ الطبيعيةِ.
            هؤلاء التطوريون المسلمون يَعتقدونَ في أنّ اللهِ قد أوجد الكائنات الحية في هذا الوجود بواسطة خَلْق تحده و تحكمه القوانينِ الطبيعيةِ ، ومن ثم يَتخيّلُون بأنّ الخَلْقِ قد أوجد من خلال التحولِ ، والانتخاب الطبيعي ، والتغير ، وتحول سلالة إلى أخرى.
            وعلى أية حال ، فإنه لخطأ فادح أن يتقبل المسلمون مثل هذا المنطقِ "الطبيعتي" ، حيث أن المعجزاتِ التي يصفها القرآنِ بشكل واضح تَكْشفُ أنّ مثل هذا المنطقِ لا أساس له من الصحة.

            وبالنظر إلى تلك الآياتِ التي تُناقشُ خَلْقَ الإنسان وغيره من الكائنات الحية ، نَرى بِأَنَّ هذا الخَلْقِ قد تم عَلى نَحوٍ أعجوبي معجزوخارق لقوانينِ الطبيعةِ.
            وهكذا يبين الله كيفية خَلْقَ الكائنات الحية :

            "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة النور، الآية 45)

            تُشيرُ هذه الآية إلى مجموعاتِ الكائنات الحيّةِ الأساسية على الكرة الأرضِية - الزواحف، والطيور، والثدييات - وتَقُولُ بأنّ الله قد خَلقَ كلّ هذه الكائنات مِنْ الماءِ .

            وبنظرة أقربِ ، فإن هذه المجموعاتِ لَمْ تُخْلَقُ " من بعضها البعض" كما " يستنبط " النمو و الارتقاء ، بل "مِنْ الماءِ."
            بأسلوب آخر، فإن هذه الكائنات قد خلقها الله مُنفصلة من مادة مشتركة الله خالقها.
            ولقدأوضحَ العِلْمُ الحديث بأنّ هذه المادّةِ المشتركةِ هي الماء ، المكوّن الأساسي للأجسام الحيّة كلها.
            وأجسام الثديياتِ حوالي 70 بالمائة منها ماء .

            والماء الجسمانيِ لكل كائن حي يمكن الاتصال بين الخلايا بعضها البعض ، بالإضافة إلى الاتصالِ بينِ الخلايا وبينَ الأنسجَة المختلفة .
            وإنها حقيقةُ مقبولةُ أنه لا شيء يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ دون ماءِ.

            وعلى الرغم من ذلك فإن بَعْض المسلمين يسيؤونَ فهم الآية أعلاهَ ويُحاولون إعْطائها من المعنى ما يجعلها أكثرَ توافقا مع التطورِ.
            وعلى أية حال، فإنه من الواضح أن حقيقةِ الخَلْقِ مِنْ الماءِ لَيْسَت لَها علاقة بالتطورُ، حيث أن تلك النظرية لا تَدّعي بأنّ كُلّ كائن حيّ أساس نشأته الماء.

            بل على العكس، فإن نظرية النمو والارتقاء تزْعمُ بأنّ السلالات المختلفة للكائنات الحيِّة قد تَطوّرَت مِنْ بعضها البعض، وهذا تناقض واضح لحقيقة أنّ كُلّ الكائنات الحيّة قد خُلِقتْ مِنْ الماءِ (بأسلوب آخر، أنّها خُلِقت بشكل مستقل).

            خَلْق الإنسان مِنْ طين

            في القرآنِ، يَكْشفُ لنا اللهَ أنّ الإنسان قد خُلِقَ بطريقةٍ أعجوبية معجزة.
            فلكي يخَلق الله الإنسانِ الأولِ، شكّلَ سبحانه وتعالى طيناً، وبعد ذلك نفخ فيه من روحه:

            "إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة ص ، الآية 71-72)

            "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ " ( سورة المؤمنون ، الآية 12)

            "فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لازِبٍ " ( سورة الصافات ، الآية11)

            ومن هنا يُمْكِنُ أَنْ يُرى بأنّ الإنسان لَمْ يُخْلَق مِنْ أصل قردِ أَو من أي نوعِ آخرِ، كما يحاول المسلمون التطوريون أن يحملونا على الاعتقاد ، بل خلقه الله من طين , وهي مادة لا حياة فيها.

            فلقد أحال الله بشكل أعجوبي تلك المادة الغير حية إلى كائن بشري ونفخ فيه من روحه.
            فليست هناك "عملية تطوّرية طبيعية" تعمل هنا، بل هي قدرة الله على الخَلْق الأعجوبيِ المباشرِ.
            وفي حقيقة الأمر ، فإن كلمات الله المذكورة أدناه تبين أن الإنسان قد خُلِقَ مباشرة بقدرةِ اللهِ:

            "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ " ( سورة ص ، الآية 75)

            وباختصار فإن القرآن لا يَحتوي علي أي تفسيرِ " لخَلْقِ تطوّريِ " للإنسان أولغيره من الكائنات الحية.
            بل على العكس، فالقرآن يُصرّحُ بأنّ اللهِ قد خَلقَ كل هذه المخلوقات بشكل إعجوبي مِنْ مثل هذه الموادِ الغير عاقلةِ كالماء والطين.
            على الرغم مِنْ هذا، فإن التاريخَ الإسلامِي يكشف عن أن بَعْض المسلمين قد تُأثّروا بالفلسفةِ الإغريقية القدِيمَةِ ، وكذلك ببعض العناصر المادّية والتطوّرية الدخيلة ، وبعد ذلك حاولَ هؤلاء أَنْ يُوفقوا ما بين تلك الفلسفةِ وما بين القرآنِ.

            ولقد رَدَّ العالم والمفكر الإسلامي الجليل الإمامِ الغزالي على هذه التياراتِ والتي بدأت في الظَهور في عصره ، من خلال كتابه
            ( تهافت الفلاسفة ِ) ومن خلال غيره من الأعمال الأخرى.

            على أية حال ، فبانتشارِ نظريةِ التطورِ أثناء القرنينِ التاسع عشر والعشرينِ ، بَدأتْ افتراضات "الخَلْق بالتطورِ" في الظُهُور ثانية في العالمِ الإسلاميِ.

            ويعمل الفصلُ القادمُ على تناول الأخطاء التي ارتكبها أولئك المسلمون الذين يُدافعونَ عن مثل هذه الافتراضات ، وكذلك تُحلّيل تعليقاتَهم على الآيات القرآنية التي يَستعملونَها لتَبرير موقفِهم.

            يتبع


            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

            تعليق


            • #21
              الباب الرابع
              َأخطاء أولئك الذين يَستندونَ إلى الآيات القرآنية "لإثْبات" التطورِ


              إنّ عواملَ الإرشاد الأساسيةَ لأيّ مسلم يُؤمن باللهِ ويدين بدين الإسلام هي القرآنَ والسنة و هي تعاليم النبي، صلى الله عليه وسلم.
              يَحتوي القرآنُ على العديد مِنْ الآياتِ الخاصة بخَلْقِ الحياةِ و خَلْقِ الكونِ.
              إلا أنه لا شئ من هذه الآيات يعطي ولوحتىالإشارةَ الطفيفةَ إلى الخَلْقِ التطوريِ.

              بمعنى آخر، فإن القرآن لا يَدْعمُ فكرةَ أن الفصائل أوالسلالات المختلفة قدِ تَطوّرتَ مِنْ بعضها البعض أَو بأنّ هناك رابطة أوعلاقة تطوّرية بينهم.
              بل على العكس، يَكْشفُ لنا القرآنَ بأنّ اللهِ قد خَلقَ هذا الكونَ بكل ما فيه من حيوات بشكل أعجوبي بأَمْره "َكنَ! ".

              وعندما نَتذكّرُ بأنّ الإكتشافاتِ العلميةِ تُبطلُ هي الأخرى عملية النمو و الارتقاء ، فنحن مرةً أخرى نَرى كَيفَ أن القرآنَ يسير بمحاذاة العِلْمَ دائماً.

              وبالطبع، فلو شاء اللهَ لَخْلقَ أيّ شئَ بواسطة التطورِ. إلا أنه ليس هناك أية إشارة إلى ذلك في القرآنِ، ولا توجدَ آية واحدة تَدْعمُ إدّعاءَ التطوريين بأن السلالات والأنواع قد نشاءت بالتطوّرَ التدريجيِ.

              فلو كان الخَلْق قد حَدثَ بهذه الطريقة، لكَناَ قد رأينا تفاصيلِه ضمن آيات القرآنِ.
              بالرغم من أنَّ كُلّ شيء على هذا القدر من الوضوح الشديد ،إلا أن بَعْض المسلمين ممن يؤيدون داروينِ يسيؤون فهم بَعْض الآياتِ و ينسبون إليها معان لاتتفق مع تلكَ المعاني الواضحة والجليةَ التي تدعو إليها حقا هذه الآياتِ .

              وبهدف الُدفاعَ عن نظرية التطورِ وتُزويّدهاُ ببَعْض الدلائلِ القرآنية المزيفة ، فإن معاني بَعْض الآياتِ قد شوّه، واعتمد على التخمين والتضليل في تفسيرمعاني بعض الآيات .

              وحول كون الناسِ في هذه الحالةِ الخطرةِ، يَقُولُ الله تعالى:

              "وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران ، الآية 78)

              أولئك الذين يَعْرفونَ القرآنَ و مازالوا يَحرفونَ معنى آياته الأصليِ ويسيؤونَ فهمها عن عمد إنما يرتِكبون بطلاناِ عظيما فيّ حق اللهِ.
              لا يجب على أي مسلمَ أومسلمة عمَلُ شيء كهذا عن طيب خاطر ، خشية من عواقب مثل تلك الفعلة.

              ومن ثم فإن كُلّ التعليقات المستندة إلى التخمينِ ، خصوصاً إن كانت صادرة عمن هم على دراية جيدة بالقرآنَ وما يَقُولهُ بصدد مثل هذه الأمورِ المهمةِ، غير مقبولة من الناحيتين الأدبية و الأخلاقيةً. بالطبع فإَنْ مثل هذا التعميمِ على كُلّ من يَدّعي بأنّ التطورِ متوافقُ مع الدينِ شىء غير صحيح ، وذلك لأن البعض مِنْهُمْ لا يُفكّر بشأن ما يعنيه مثل هذا الإدّعاءِ و لا يُدرك َ الأخطارَ الخفيةَ المترتبة عليه.

              إلا أنه، لا يَجِبُ على الناس أن يُضلّلوا بعضهم بعضا بالاستناد إلى ما يَقُولهُ القرآنِ و بالكَلام على لسانِ اللهِ بغيرالحق باستعمال آياته ُ لإثْبات النمو و الارتقاءِ .

              أولئك الذين يَفعلونَ ذلك يَجِبُ أَنْ يُعيدوا النظر في خطورةِ ما يَعْملونَ ويَتجنّبونَ مثل هذه التفسيراتِ أَو التعليقاتِ، وذلك لأن الله سَيُحمّلُهم مسؤوليةَ كلامِهم هذا.

              لَيسَ فقط مثل هؤلاء الناسِ يَخْدعونَ أنفسهم، ولَكنَّهم يَخْدعونَ أيضاً أولئك الذين يقَرأون كلامَهم هذا ، و يا لها من مسؤولية ثقيلة.
              وفي الأساس : فإن المسلمين الذين يُؤمنونَ بالتطورِ يَقْبلونَه كحقيقة علمية وهكذا فإنهم ينظرون إلى القرآن من منطلق حتمية تأكيدَه على صحة التطورَ.

              وهكذا يُحمّلونَ كُلّ كلمة قد تشتمل على تفسيرَ تطوّريَ ظاهري بما يستحيل أن تحَمله في حقيقة الأمر من معان.
              عندما يؤخذ القرآن في الاعتبار كوحدة واحدة لا تحتمل التجزئة ، أَو عندما تُقْرَأُ الآية موضع السّؤال بالإرتباط مع ما قَبلهاَ وماَ بَعدها، فسيَرى المرء أنّ التفسيراتَ المعَروضةْ خاطئة بل وعاجزةُ كذلك.

              في هذا الفصلِ، سَنأخذَ في الاعتبارُ تلك الآياتِ التي يقدمها المسلمون الذين يَقْبلونَ نظرية النمو و الارتقاء كدليل على صحتها.
              ثمّ سَنَرْدُّ على إدّعاءاتهم، بالقرآنِ أيضا ، وسنُقارنُ تفسيراتهمِ بالتي للعلماءِ الإسلاميينِ البارزينِ.
              على أية حال، نحن يَجِبُ أَنْ ندرك الحقيقةِ الأساسيةِ التاليةِ:

              القرآن يجب أنْ يُقْرَأَ ويفسرَ بالشكلِ الذى أوحى به اللهِ ، وذلك بقلب مخلص تمام الإخلاص وبدون الُتأثّرَ بأيّ فكر أَو فلسفة غير إسلامية.
              والتفكر في معانيُ القرآنِ بهذا الإسلوبِ سَيَكْشفُ لنا أنّه لاْ يَحوي أي إشارات أو دلالات تخص الخَلْقِ بالتطورِ.
              بل على العكس، فسَنَرى أنّ اللهِ خَلقَ الكائنات الحيّةَ بل وغيرالحية كذلك وكُلّ شيء آخر بأمرإلهي واحدِِ "َكُن! "
              ولو وَجدتَ المخلوقاتِ الأنصاف آدميين و الأنصافِ قرود حقاً قبل النبي آدم، لبين الله لنا ذلك بأسلوب واضح وسلس الفهم.
              وانطلاقا من حقيقة كون القرآن ميسر للفهم و شديد الوضوح فإنه يمكن الجزم بأن ادعاءات النمو و اللارتقاء و الخَلْقِ التطوّريِ إنما هي ادعاءات كاذبة .

              1. عدم صحة كون الإنسان قد خُلِقَ من خلال المراحل التطوّرية

              "مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" ( سورة نوح، الآيات 14،13 )

              أولئك الذين يَدْعمونَ الخَلْقَ التطوّريَ يُفسرون "أَطْوَارًا" وكأنها تعني المرور بمراحلِ خلق تطوّريةِ.
              على أية حال، فإن تفسير الكلمةِ العربيةِ "أَطْوَارًا" على أنها إشارة إلى مراحل خلق تطوّري، لا يتعدى كونه رأي شخصي، و لَمْ تُقْبَلُ بالإجماع مِن قِبل كُلّ علماء المسلمين.

              وكلمة "أَطْوَارًا" - حال - هي جمعُ "طور"، و لا تَظْهرُ في هذه الصيغة في أية آية قرآنية أخرى.
              تفسيرات العالمِ الإسلاميِ لهذه الآية تُبيّنُ هذه الحقيقةً.

              يفسر الإمام الطبري هذه الآية فيقول :" وقد خلقكم حالاً بعد حال, طورا نُطْفة, وطورا عَلَقة, وطورا مضغة " 44
              يفسر Omar Nasuhi Bilmen الآية نفسها فيقول:" لقد خلقكم الله على مراحل مُخْتَلِفةِ. فلقد كنتم في بادىء الأمر نطفة ، ثم صرتم علقة ، ثم أصبحتم بعد ذلك مضغة، ثمّ بعد ذلك أنشأكم الله بشرا . ألَيستْ كُلّ هذه الحوادثِ والتغييراتِ المتجانسة والنموذجيةِ ببراهين شديدة الوضوح على قوَّة، وعظمة الله الخالق ؟ لم لا تتفكرون في خلقكم أنتم ?" 45

              كما نَرى هنا، يُتفقُ علماء القرآن المسلمَون على أن تفسير الآية 14 من سورة نوح يشيرُ إلى عمليةِ تطورِ الإنسانِ بدءا مِنْ اتحاد المني مع البويضة.

              و انطلاقا مِنْ مبدأِ " تفسير القرآن بالقرآن " فلقد فسرعلماء القرآن المسلمَون هذه الآية أعلاه كماسبق ذكره لأن اللهِ يفسرلنا من خلال آياتِ أخرىِ تُوضّحُ لنا أن مراحلَ الخَلْقِ المشار إليها هي التي تكون داخل رحمِ الأمَّ.
              و لِهذا فإن كلمة " أَطْوَارًا " يَجِبُ أَنْ تُفسرمن هذا المنطلق.
              لاْ مُبرّرْ لإسْتِعْمال الكلمةِ كتدعيم لنظريةِ التطورِ، و التي تُحاولُ رَبْط أصولِ الإنسان بسلالات وأنواع أخرىِ من الكائنات الحيّةِ.

              2. عدم صحة احتواء القرآن على إشارات دالة على العمليةِ التطوّريةِ

              "هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" (سورة الإنسان ، الآية 1).

              يَستعملُ نفس الناسِ هذه الآيةِ أيضاً كدليل على التطورِ.
              ففي التفسيرات المستندة للأهواء الشخصيِة، فإن التعبير " لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يفسر على أنه " حالات سابقة مرَبها الإنسان قبل أن يصيرإنسانا على صورته الحالية "

              إلا أن هذا الإدّعاءِ بعيد كل البعد عن الحقيقةِ كغيره من الادعاءات الباطلة الأخرى.
              مُحَاوَلَة إستعمال هذا التعبيرِ كدليل للتطورِ يعتبر إجبارا للتفسير للسير في اتجاه معين .
              و في الحقيقة، فإن علماء القرآن لا يُفسرونَ هذه الآية على أنها إشارة إلى عملية تطوّرية.
              lam yakun : he was not

              shay'an : a thing

              madhkuran : mentioned

              على سبيل المثال، يعلق Hamdi Yazirعلى هذه الآية التعليقات التالية: " في البِداية كَانتْ العناصرَ والمعادنَ، ثمّ بعد ذلك خلقت منها على مراحل عناصر الغذاء النباتية والحيوانية - "سُلالَةٍ مِّن طِينٍ " ( سورة المؤمنون ، الآية 12 ). ثمّ بعد ذلك ، بدأ شيءَ ما تدريجياً وببطء شديد في الانبثاق من الحيوان المنوي الذي قد رُشّحَ من هذه السلالة التي هي من طين السابق ذكرها . إلا أن ذلك الشىء لم يكن هو المخلوق المسمى إنسان . وكما أن الجنس البشري لا أبديّ ، فكذلك مادته ؛ والتي انبثقت لاحقاً. فلقد وجد الإنسان في هذا الكون بعد فترة طويلة من بداية الخليقة وخلق الله لهذا الكونِ"46

              يُوضّحُ Omar Nasuhi Bilmen الآية بهذه الطريقة: " تُعلنُ هذه الآيات أنّ اللهِ قد خَلقَ الإنسان من قطرة ماءِ ليرى ويسَمْع في الوقت الذي لم يكن فيه هذا الإنسان شيئا ، وبأنّه - أي الله سبحانه وتعالى - قد وَضعَ هذا المخلوق - الإنسان - تحت الاختبار. … فالجنس البشري لَمْ يكن موجودا في البِداية ، إلا أنه قد خُلِقَ لاحقاً من سلالة من طين كجسد ذي شكل . ذاك المخلوق - الإنسان - لَمْ يكن معْروفا آنذاك ، فاسمه وسبب خلقه كَانا لغزا بالنسبة لسكنةِ الأرض والسماواتِ . ثمّ بعد ذلك ذكر هذا الإنسان بأَن له روح "47

              يُوضّحُ الإمامُ الطبري معنى الآية فيقول :" ومعنى قوله: لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُورا: لم يكن شيئا له نباهة ولا رفعة, ولا شرف, إنما كان طينا لازبا وحمأ مسنونا."48

              لهذا السبب، فإن تفسيرالتعبيرِ عن الوقتِ في هذه الآيةِ كفترة تطوّرية يعتبر رؤية شخصيةُ بحتة.

              يتبع


              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

              تعليق


              • #22


                3. عدم صحة كون الخَلْقِ من الماءِ يُشيرُ إلى الخَلْقِ التطوّري

                " إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " (سورة الإنسان ،الآية 2)
                أولئك الذين يُدافعونَ عن محاولةِ الخَلْقِ التطوّريِ يحاولون استخدام حقيقة كون الإنسان قد خلق من الماءِ - وهي حقيقة تخبرنا بها العديد من الآيات - كدليلَ على أن كُلّ الكائنات الحيّة انبثقت و نشأت من الماءِ هي الأخرى.

                على أية حال، فإن مثل هذه الآياتِ يفسر دائماً مِن قِبل العلماءِ والمفسرين على أنه إشارة إلى الخَلْقِ الناتج عن التحام المني والبويضة.

                على سبيل المثال، يُعلّقُ Mohamed Hamdi Yazir على الآية أعلاهِ كالتّالي:" … خُلِقَ الإنسان مِنْ نطفة من ماءِ. والنطفة هي الماءُ الخالص . والنطفة هي أيضاً السائل المنوي . ومن المتعارف عليه أن النطفة والسائل المنوي لَهُما نفس المعنى. إلا أنه في نهايةِ سورة القيامة يَقُولُ الله سبحانه وتعالى" أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى " ( سورة القيامة ، الآية 37) ، وفي هذا إشارة إلى أنّ النطفة جزء من المني . وكما هو مذكور في صحيح مسلمِ، أن الأطفال لا يَجيئونَ مِنْ السائلِ كله. والحديث ، كونه يَتكلّمُ عن كُلّ جزء صَغير من الكلِ ، لا يَقُولُ، " أجزاء السائل كلها " ولكن يتكلم عن أحد أجزاء " السائل كله " وأن الطفل لا يَجيءُ مِنْ السائلِ كله ، ولكن مِنْ جزء واحد فقط منه. فالنطفة ما هي إلا إحدى أجزاء المني الخالصة"49

                و يُفسرها إبن الطبري بقوله:" إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة, يعني: من ماء الرجل وماء المرأة "50

                أما Omar Nasuhi Bilmen فيوضّحُها بالإسلوبِ التالي:" … ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ...)
                أي شكّلنَاه من خليط سائلي الذكرِ والأنثى . نعم … فإن البشر كَانوا - لفترة زمنية معينة - نطفة ، أي ماء صاف شديد النقاء ، وبعد ذلك - ولفترة زمنية معينة كذلك - علقة ، أي كتلة متجلطة من الدمِّ ، وبعد ذلك مضغة، أي كتلة من اللحمِ . ثم بعد ذلك ، كونت العظام وكسيت لحما ، ثم إذا بها تنبض بالحياة "51

                ,كما رَأينَا مِنْ هذه التفسيراتِ، فإنه ليس هناك علاقة بين خَلْقِ الإنسان مِنْ " نطَفة أمشاج " وبين إدّعاءِ نظرية النمو و الارتقاء بأن الإنسانِ قد نشأ تدريجياً على مراحل مِنْ خلية وحيدة تطوّرتْ بِمحض الصُّدفَة في الماءِ.

                وكما ذَكر كُلّ علماء القرآن الأجلاء ، فإن هذه الآية إنما تلفت إنتباهِنا إلى حقيقةِ الخَلْقِ داخل رحمِ الأمَّ.

                عندما نتَفْحصُ آية أخرى تناقش مراحلَ الخَلْقِ الإنسانيِ ، يظهر لنا الخطأ الأساسي في هذه التعليقاتِ بوضوح ، يقول الله جل وعلا :

                "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِي" ( سورة الحج ، الآية 5)

                وتصف لنا هذه الآية مراحل خَلْقِ الإنسان.
                التُرَابٍ، أولى هذه المراحل وهوعبارة عن خليط من المواد العضوية وغير العضوية، والتي توَجِدُ في صورِها الأولّيةِ فوق سطح الأرضِ وفي باطنها ، هو المادة الخامُ التي تَتضمّنُ المعادنَ والعناصرَ الأساسيةَ في الجسمِ الإنسانيِ.
                المرحلةَ الثانيةَ هي تجمع هذه الموادِ في السائلِ المنويِ، والذي يصُفُه القرآنِ بلفظ " نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ".

                وتَحتوي هذه النطِفة على الحيوان المنَوي الذي يَمتلكُ الخصائص الجينية الوراثيةَ والهيكل التنظيمي الضروري لتَخْصيب البويضة داخل رحمِ الأمَّ.

                باختصار، فإن المادة الخام للإنسان هي(تُرَابٍ) الأرض، والذي يجمعُ خلاصته في نطفة من مني يمنى بالطريقة التي تؤدي إلى تكوين الإنسان بأمر الله .

                ويعقب مرحلةِ الماءَ , مراحل تطور الإنسانِ داخل رحمِ الأمَّ .
                وتلك المراحل يصُفها القرآنِ.

                نظرية النمو والاِرتقاء ، من الناحية الأخرى، تَفترضُ وجودَ ملايينِ المراحلِ الانتقالية الافتراضيةِ (الخلية الأولى، مخلوقاتَ أحادية الخلية، مخلوقات متعددة الخلية، لا فقريات، فقريّات، زواحف، ثدييات، قرود، ومراحل مماثلة لا تعد ولاتحصى ) بين نشأة الحياةِ من الماءِ إلى تكون الإنسانِ كهيئته الحالية.

                على أية حال ، فإنه من الواضح أن التسلسلِ الذي تعرضه الآية ِ ليس فيه مثل هذا المنطقِ أَو الوصفِ، فالإنسان يصير علقة بعد أن كان قطرة ماءِ.

                لهذا السبب، فإنه من الواضح أنّ الآية لا تَصِفُ المراحلَ التطوّريةَ المختلفةَ التي مَرّ بها الإنسان مِن قِبل أن يصير إنسانا ، بل بالأحرى ، فإنها تَصِفُ مراحلَ الخَلْقِ مِنْ قبل ذلك وداخل رحمِ الأمَّ و حتى الشيخوخةَ.

                و كذلك الآيات الأخرى التي تُصرّحُ بأنّ البشرِ والكائنات الحيّةِ الأخرى خُلِقا مِنْ الماءِ لا تَحتوي على أي معنى يُمْكِنُ أَنْ يُستَعملُ لدَعْم النمووالارتقاء.

                الآيات التاليةَ من بين تلك التي تَحتوي على مثل هذه البياناتِ:

                "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ" (سورة الأنبياء ، الآية 30 )

                "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( سورة النور، الآية 45 )
                "وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى" ( سورة النجم ، الآية 45-47)
                min:
                from
                nutfatin:
                nutfah, sperm-drop
                idha:
                when...
                tumna:
                be spurted forth
                "أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى " ( سورة القيامة ، الآية 37 )
                nutfatan:
                nutfah, a drop of water
                min:
                from
                maniyin:
                sperm
                yumna:
                being ejaculated
                "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" ( سورة الطارق، الآية 5-7 )
                khuliqa:
                was created
                min:
                from
                ma'in:
                water
                dafiqin:
                suddenly erupting, spurting, being caused to flow

                البعض من مفسري القرآن يَعتقدونَ بأنّ " ..وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.. " تحتوي على معنى يَوازي نظريةَ التطورِ.على أية حال، فإن وجهةِ النظر هذه متصدعة تماما.

                تَكْشفُ الآياتَ أنّ الماءِ هي المادة الخامُ للكائنات الحية بالقول بأنّ كُلّ الكائنات الحيّة خُلِقتْ من الماء.
                في الحقيقة، فلقد كَشفَ عِلْمَ الأحياء الحديثَ عن أنّ الماءِ هو المكوّنُ الأساسي لكُلّ الأجسام الحيّة، فجسمِ الإنسان 70 بالمائة منه تقريباً ماءُ ؛ فالماءُ يَسْمحُ بالحركةِ داخل الخليةِ ، و بين الخلايا ، وبين الأنسجةِ فبدونه ، لَنْ تكون هناك حياة.

                4. عدم صحة كون الخَلْقِ من التُرَابٍ ثم من الماءِ يُشيرُ إلى الخَلْقِ التطوّريِ
                "قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا" (سورة الكهف ، الآية 37)

                يعلق الإمامِ الطبري على هذه الآية كالتّالي :" يقول تعالـى ذكره: قال لصاحب الـجنتـين صاحبه الذي هو أقلّ منه مالاً وولدا, وَهُوَ يُحاوِرُهُ: يقول: وهو يخاطبه ويكلـمه: أكَفَرْتَ بـالّذِي خَـلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ يعنـي خـلق أبـاك آدم من تراب ثُمّ مِنْ نُطْفَةٍ يقول: ثم أنشأك من نطفة الرجل والـمرأة, ثم سوّاك رَجُلاً يقول: ثم عَد لك بشرا سويا رجلاً, ذكرا لا أنثى, يقول: أكفرت بـمن فعل بك هذا أن يعيدك خـلقا جديدا بعد ما تصير رفـاتا "52

                ويعلق Omar Nasuhi Bilmen على نفس الآية قائلا : " أتكفرُ بالله العظيمَ الذي خَلقَ النبي آدم ، أصل سلالتك وسببِ خَلْقِكَ ،
                (مِنْ التراب) ، والذي بعد ذلك خَلقَك و- شكّلك كإنسان بعد أن خَلْقك - مِنْ نطفة ومن قطرة حيوان منوي ، مَنْ الذي أتى بك إلى الوجود وجعلك إنسانا كاملا كنتيجة لمراحلِ مختلفةِ مِنْ الحياةِ ؟ لأن إنْكار الدار الآخرة إنما يعني إنكار وجود الله العظيمَ، الذي يخبركَ بما سَيحْدثُ والذي هو قادر على أن يجعل ما يخبرك به حادثا بالفعل"53

                كما يُشير هؤلاء المفسرون، فإن إستعمال مثل هذه الآيات كدليل على الخَلْقِ التطوّريِ إنما هو اجتهاد شخصي بحت ليس إلا، حيث أنها من المستحيل أن تحتوي هذه الآيات على تلك المعاني التي يَنْسبها إليها النشؤيون.

                إن التعبيرَ " خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ " إِنما يَصِفُ خَلْقَ النبي آدم، والخَلْق مِنْ الماءِ يُشيرُ إلى تطورِ الإنسان ، بَدْءا بالمنيِ.

                في الآية التالية أدناه نجد ُالإشارة المباشرة إلى أن اللهِ قد خَلقَ الإنسان مِنْ الطينِ المُجَفَّفِ.

                وهذه الآية، التي تَصِفُ خَلْقَ النبي آدم، لا تَتكلّمُ عن المرحلية ، حيث يقول الله تعالى:

                "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة الحجر ، الآية 28 - 29 )

                وإذا قرىء التفسيرِ القرآني لمراحلِ الخَلْقِ بعناية، مع الأْخذُ في الاعتبار العملياتَ المتتاليةَ، سَيُدركُ فوراً عدم صحة مثل هذه النظرة التطوّريةِ .

                يَحتوي القرآنُ على العديد مِنْ الآيات التي تُشيرُ إلى أنّ النبي آدم، عليه السلام، لَمْ يخْلَقُ على مراحلِ تطوّريةِ ، يقول الله تعالى :
                "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " (سورة آل عمران ، الآية 59)

                تنصُ الآيةَ أعلاهَ على أنّ اللهِ قد خَلقَ النبيين آدم وعيسى، عليهما السلام ، بالطّريقة نفسها.

                كما أكدنَا في وقت سابق، فإن النبي آدم خُلِقَ مِنْ الأرضِ، دون أب أو أم ، بأمر اللهِ " كن! "وكذلك نبي الله المسيح عِيسَى بن مريم أيضاً خُلِقَ بدون أبِّ، بإرادةِ اللهِ التي أبداها منَ خلال أمره " كن! " وبواسطة هذ الأمر، أصبحَت السيدة مريم ، عليها السلام، حاملاً في نبي الله المسيح عِيسَى بن مريم ، يقول الله في كتابه العزيز :

                "فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا " ( سورة مريم ، الآية 17 - 21 )

                في الآيات الأخرى التي تُشيرُ إلى الخَلْقِ مِنْ الماءِ والتراب ، فإن التي توصف لَيسَت مراحلَ الإنسان التطوّريةِ ، وإنما التي تصفها هذه الآيات هي مراحلَ الخَلْقِ الإنسانيِ قبل الرحمِ، و أثنائه ، وبعد الولادةِ.

                "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" ( سورة الحج ، الآية 5 )

                "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ( سورة غافر ، الآية 67 )
                "مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى " ( سورة النجم ، الآية 46 )

                يتبع


                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                تعليق


                • #23

                  5. عدم صحة كون الإنسان قد خلق على فترات زمنية متباعدةِ

                  " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ " ( سورة ص ، الآية 71 )

                  خطأ آخر في الخَلْقِ التطوّريِ يَنْجمُ عن التفسيرِ الخاطىءِ للآية أعلاهِ.

                  يَدّعي النشؤيون بأنّ العبارةَ المُؤَكَّدةَ أعلاهِ تُشيرُ إلى أن الله قد خَلقً الإنسان بَبطءَ على مراحل بمرور الوقت.

                  على أية حال، فإن نص الآية المبين أعلاه – دون أن يترجم - يجعله من الواضح تماما بأنّ وجهة النظرالسابقة لا تتعدى كونها وجهة نظر شخصية و متناقضة كليَّاً.

                  وآية " إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ " إنما المقصود منها - تفسيرها - قصر الخلق على الله وحده لا شريك له ، فهو الذي خلق البشر من طين.
                  فالآية لا تشير إلى أى فعل خلق مستقبلي مثل "سوف أَخْلقُ" .

                  في الحقيقة، فإن نص الآيات لايقتصر على ذلك فقط ، إنما يقول الله بعد ذلك في الآية التي تليها مباشرة،

                  " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ "

                  ومنها يتضحُ أنْ هذا الفعلِ يَحْدثَ لحظيا أي في توه ولحظته.
                  وبالفعل فإنه لا يوجد عالم قرآني يُفسر معنى الآية على أنها "سوف أَخْلقُ" .
                  على سبيل المثال، يعلق Suleyman Ates - وهوعالم تركي مسلم - على هذه الآية فيقول:

                  " إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ "

                  أخبرَ اللهُ الملائكةَ بأنه سيَخْلقُ إنسانا من الطينِ الفاسدِ. بعد إعْطاء الشكلِ الإنسانيِ الطينيِ والنفخ فيه من روحه ، ثم أمر الملائكةَ أن يسجدوا له.
                  ولقد سجدوا له جميعاً إلا إبليس أبى أن يسجد لآدم ِ، قائلا بأنّه كونه قد خُلِقَ مِنْ نارِ أفضل مِنْ الإنسان الذي خلق مِنْ طينِ.

                  يُفسر الإمامُ الطبري نفس الآية بقوله :" وقوله: إذْ قالَ رَبّكَ من صلة قوله: إذْ يَخْتَصِمُونَ, وتأويـل الكلام: ما كان لـي من علـم بـالـملأ الأعلـى إذ يختصمون حين قال ربك يا مـحمد للْـمَلائِكَةِ إنّـي خالِقٌ بَشَرا مِنْ طِينٍ يعنـي بذلك خـلق آدم.


                  وقوله: فإذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِـيهِ مِنْ رُوحي يقول تعالـى ذكره: فإذا سوّيت خـلقه, وعَدّلْت صورته, ونفخت فـيه من روحي, قـيـل: عنى بذلك: ونفخت فـيه من قُدرتـي. ذكر من قال ذلك:

                  حُدثت عن الـمسيب بن شريك, عن أبـي روق, عن الضحاك وَنَفَخْتُ فِـيهِ مِنْ رُوحي قال: من قدرتـي.
                  فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ يقول: فـاسجدوا له وخِرّوا له سُجّدا. "54

                  أولئك الذين يُدافعونَ عن الخَلْقِ التطوّريِ يَستشهدُون بالآية التاليِة أيضاً لدَعْم الفرض بأن الإنسانِ قد خُلِقَ من خلال المرور بمراحل عملية معينة:

                  "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ " ( سورة السجدة ، الآية 4)

                  طبقاً لتفسيراتِ مثل هؤلاء الناسِ، يُشيرُ التعبيرُ المُؤَكَّد إلى عملية معينة، و في هذه الحالةِ عمليةَ تطوّريةَ.
                  إلا أِنَّها في حقيقة الأمرلا تُشيرُ إلى أي شيء من هذا القبيل مطلقاً.

                  كما قد أكدنا من قبل من خلال هذا الكتابِ ، فإن عدد كبير من الآياتِ تَصِفُ بالتفصيل خَلْق اللهِ مِنْ عدمِ، ولا يمكن أن تُفسر أي منها على كونها إشارة لعمليةَ تطوّريةَ. تُشدّدُ الآياتَ التاليةَ بأنّ اللهِ في حالةٍ ثابتة مِنْ الخَلْقِ.

                  "أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أءِ لَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" ( سورة النمل ، الآية 64 )

                  "أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" ( سورة العنكبوت ، الآية 19 )
                  "اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ( سورة الروم ، الآية 11 )

                  خَلْق اللهِ المستمرلأدق التفاصيل في هذا الكونِ لا يَدْلُّ على التطورِ.
                  مثله كمثل غيره من التفاسير ، فإن هذا التفسير يعتبر تحامل على المعنى المرجو إيصاله.
                  علاوة على ذلك، فعندما يؤخذ القرآن كوحدة واحدة ، فإن مثل هذا الزعمِ يتبيّن بأنه لا أساس له من الصحة.
                  يفسرُ Omar Nasuhi Bilmen الآية كالتالي :" … خَلقَ النبي آدم مِنْ الأرضِ ، من التراب"55

                  ويقول الإمام الطبري:" يقول تعالـى ذكره: الله تعالـى يبدأ إنشاء جميع الـخـلق منفردا بإنشائه من غير شريك ولا ظهير, فـيحدثه من غير شيء, بل بقدرته عزّ وجل, ثم يعيد خـلقا جديدا بعد إفنائه وإعدامه, كما بدأه خـلقا سويا, ولـم يك شيئا ثُمّ إلَـيْهِ تُرْجَعُونَ يقول: ثم إلـيه من بعد إعادتهم خـلقا جديدا يردّون, فـيحشرون لفصل القضاء بـينهم و لِـيَجْزِيَ الّذِينَ أسَاءُوا بِـمَا عَمِلُوا, وَيَجْزِيَ الّذِينَ أحْسَنُوا بـالـحُسْنَى."56

                  يَستشهدُ النشؤويون المسلمون بالآياتِ التالية لتدَعْيم موقفهم:
                  " يَا أَيُّهَا الإنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ " ( سورة الإنفطار ، الآية 6-8 )

                  وإذا ما فسرت هذه الآية على أنها إشارة لمراحل الخلق التطوري ، فسيصير هذا التفسير أيضا مثله كمثل غيره من التفاسير ، تحاملا على المعنى المرجو إيصاله ، و يُفسر Hamdi Yazirالآية كالتّالي :" طبقاً لتفسير المقاتل ، فإن التعبير الإلهي "بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ " والمذكور في سورة القيامة في الآية 4 مَعْناه بأنّ الجسمَ مُتَناسَبُ بشكل جيدُ وبِنظام، تماما كدقة مُطابقة وتفاصيل الأعضاء التوأميةِ (ومثال على ذلك: العينان، الأذنان، اليدان، والقدمان) والمعروفة مِنْ عِلْمِ التشريح"57

                  طبقاً Abu Ali Farisi ، فإن التعبير "فَعَدَلَكَ" يَعْني في الحقيقة :" "شكّلَك في الشكلِ الأكثر جمالاً ، وبهذا القدر من التناسب أعطاك القدرة على التفكر والاستدلال ، و وأعطاَك السيادةَ على النباتاتِ ومختلف الكائنات الحيّةِ الأخرى . ولقد فضلك على سائر مخلوقات هذا العالم ِبأن جعلك أكثر نضجا. وهذا يتفق مع الآيات التالية "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ " ( سورة الحجر، الآية 29) و"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " (سورة الإسراء ، الآية 70). كُلّ هذا ما هو إلا رحمة من الله وفضل"58

                  يفسر Omar Nasuhi Bilmen الآية :" نعم ، إلهك ( الَّذِي خَلَقَكَ ) الذي أعطاَك الهيئة مِنْ العدمِ ( فَسَوَّاكَ ) ، وأعطاَك أعضاء صحيحةَ ومثاليةَ ( فَعَدَلَكَ ) . لقد قسّمَ أعضائكَ ، بشكل جمالي يسر الناظرين وبترتيب طبيعي "59

                  يَذْكرُ الإمامُ الطبري أن الآية 7 من سورة الإنفطار تشيرُإلى أَنْ الله قد خلَقَ الإنسان بترتيب معين :" يقول: الذي خلقك أيها الإنسان فسوّى خلقك فَعَدَلكَ...... وأمالك إلى أيّ صورة شاء, إما إلى صورة حسنة, وإما إلى صورة قبيحة"60
                  وكما هو ظاهر مِنْ التفسيرات أعلاهِ، فالبيانات والدلالات واضحة تماماً؛ فهي تُشير إلى خلق اللهِ الصحيحِ ، المنظم ، الكاملِ للإنسان الأولِ .
                  وبالفعل ، فإنه تُوْجَدَ في العديد مِنْ الآياتِ الأخرى بيانات أخرى مماثلة.
                  فعلى سبيل المثال، في سورة السجدة ، الآيات 7-9

                  "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ"

                  وكلمةَ "خَلْق" قد إستعملت أولاً في هذه الآياتِ، ثمّ تلاها القَول بخَلقَ العيونَ، والآذان، والقلوب.
                  وهكذا، فإنما يخبَرُنا الله بأنّ كُلّ هذه المراحلِ حَدثتْ في نفس الوقت؛ بمعنى آخر، بأنّ عيون الإنسان الأولِ ،و آذانه، وقلبه قد خُلِقتْ سوية، وفي لحظةِ واحدة.

                  وإنه لخطأ كبير أن تفسرهذه الآياتِ بأنها إشارة إلى نمووارتقاء الإنسان.
                  في الحقيقة، فإن العلماءَ الإسلاميينَ الأجلاءَ كُلهمّ يتفقُون حول تفسيرِ هذه الآية.
                  على سبيل المثال، الإمام الطبري يَقُولُ :" ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خـلقه من طين خـلقا سويا معتدلاً, ونَفَخَ فِـيهِ مِنْ رُوحِهِ فصار حيا ناطقا وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ والأبْصَارَ والأفْئِدَةَ, قَلِـيلاً ما تشْكُرُونَ يقول: وأنعم علـيكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات, والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة, تعقلون بها الـخير من السوء, لتشكروه علـى ما وهب لكم من ذلك "61
                  ويقول Omar Nasuhi Bilmen :" أَمرَ الله الإنسان الذي بَدأَ يتشكل ، وأكملَ جسده و هو ما زالَ في رحمِ أمِّه، وشكّلَه بالأسلوبِ الملائمِ في أحسن تقويم (وبعد ذلك نفخ فيه من روحه). أي أن الله ، أعطاَه الحياةَ وألهمَه القدرةَ الحيويةَ في روحِه … الله منحك مثل هذه القدرات المفيدةِ (السمع) والتي بفضلها يمكنك أن تَسْمعْ الكلمات التي تقال إليك ، وخَلق عينَيكِ وقلبَكِ والتي بها يمكن أن تَرى ما حولك وتُميّزُ بين ما هو مفيدُ وما هو دون ذلك. وكُلّ هذه ، إنما هي نعم إلهية عظيمة "62

                  6. عدم صحة عدم كون آدم عليه السلام أول البشرية

                  إدّعاء آخر يقدّمَه أنصارالخَلْقَ التطوّريَ ينص على أنّ النبي آدم، عليه السلام، من المُمكنُ أَلاْ يَكُونَ هو أولَ إنسان خَلْقَه الله بل وربما لم يكن إنسانا من الأساس.

                  (ونحن نُبرّئُ النبي آدم، عليه السلام من هذا الادعاء). وتقدم الآية التاليةَ كدليل على هذا:

                  "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة ، الآية 30)

                  أولئك الذين يَدْعمونَ هذا الإدّعاءِ يقولون أن الفعلِ " جعل " في التعبيرِ " جاعل في الأرض خليفة " يَعْني" التَعيين".
                  بمعنى آخر، يَقترحونَ بأنّ النبي آدم ما كَانَ أولَ من خلق الله من بني البشر ، بل بأنّه
                  قد "عُيّنَ" خليفة لله على عدد مِنْ الناسِ.
                  على أية حال، فإن هذا الفعلِ في القرآنِ لَهُ المعاني التاليةُ:

                  يخَلْق، يَخترعُ، يُترجمُ، يصنع، يضع في مكان ما و كذلك أن يُعيد.
                  بَعْض أمثلةِ آيات القرآن التي استعمل فيها الفعلِ " جعل " :

                  "خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" ( سورة الزمر ، الآية 6 )
                  "قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَْبْصَارَ وَالأَْفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ" ( سورة الملك ، الآية 23 )

                  "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا " ( سورة نوح ، الآية 16)
                  "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَْرْضَ بِسَاطًا " ( سورة نوح ، الآية 19)

                  كما يمكن رؤيته مِنْ الآيات أعلاهِ , فإن للفعلِ " جعل " معان مُخْتَلِفةُ.
                  علاوة على ذلك، فالعِديد من الآيات تُصرّحُ بأنّ النبي آدم، عليه السلام، خُلِقَ مِنْ ترابِ. هذه الآيات تُوضحُ بأنّ النبي آدم، عليه السلام، ما كَانَ مجرد رجلا عاديا من ضمن باقي الرجال ، بل كان ذا خَلْق خاصّ ومختلف.
                  يَكْشفُ لنا القرآنُ حقيقةَ أخرىغاية في الأهميةَ بخصوص النبي آدم و هي هبوطه مِنْ جنّة عدنِ. تقُولُ الآيات:

                  "يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُون" ( سورة الأعراف ، الآية 27)

                  "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" ( سورة البقرة ، الآية 35-36)

                  إنّ بياناتَ الآيات واضحة جداً.
                  خَلقَ اللهُ النبي آدم، عليه السلام، مِنْ الترابِ.

                  وأن النبي آدم ذو خَلْق خاصّ ظَهرَ بداية مِنْ خلال تواجدِه في الجنة وبعد ذلك مِنْ بعد هبوطه منها.
                  و بالرغم من كل تلك الدلالات الواضحة فإن النشؤيين المسلمين يتغاضون عنها تماما ويَزْعمُون بأنّ "الجنة" المشارإليها هنا ليست جنة الآخرة وإنما هي إشارة إلى منطقة جميلة على الأرضِ، على الرغم مِنْ حقيقة كون القرآنِ قد حدَد العديد مِنْ صفات ومميزّاتِ جنة النبي آدم التي خُلِقَ فيها.

                  فعلى سبيل المثال، تلك الجنة تَحتوي على كل من الملائكة والشياطين، وتَتكلّمُ الملائكةَ مع اللهِ.
                  وإنه من الخطأ إصدار تفسيراتِ ملتوية لإجبار العامة على الفهم الخاطىء للآيات ومحاولة البحث عن دلائل مؤيدة للنمو و الارتقاء على الرغم من الوضوح التام لمعنى الآيات التي توضح هذه المسألةِ.

                  تُصرّحُ العديد مِنْ الآيات بأنّ كُلّ الناس ينْحَدر نسلهم مِنْ النبي آدم، عليه السلام. بينما القرآن يُخبرُنا:

                  "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" ( سورة الأعراف ، الآية 172- 173)

                  فآدم، عليه السلام، كَانَ أولَ من خلق الله من البشر و كذلك أول الرسل التي بعثها اللهِ للبشرية .
                  إنّ الآيات واضحة تماما في هذه المسألةِ مما لا يجعل هناك حاجة لأيّ تعليق.

                  وكُلّ ما يجب على الناسِ فعله هو قرَأة القرآنَ بقلب مخلص واتباع ما تمليه عليهم ضمائرِهم.
                  و سَيَكْشفُ الله الحقيقةَ إلى الذين يقَرأون الآيات بتلك النيةِ.

                  يتبع


                  تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                  قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                  "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                  وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                  تعليق


                  • #24
                    .7 عدم صحة كون تعبير "آبَائِكُمُ الأْوَّلِينَ " المذَكورَ في القرآنِ يُشيرُ إلي أسلاف تطوّريين

                    مسألة أخرى يُحاول التطوريون المسلمون تَصويرها على أنها دليل على صحة إدّعاءاتِهم و هي تعبيرُ " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ "، الذي يَظْهرُ في عِدّة آيات.

                    طبقاً لتفسيرِهم الخاطئِ، يشيرُ هذا التعبيرِ مباشرة إلى أسلافِ الإنسانِ البدائيِ.
                    حجتهم الجوهرية بصدد هذا الادعاء هي ورود تعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " في القرآنِ في صيغة الجمعِ .
                    إثنان مِنْ الآيات موضع السّؤال تنصان على الآتي:
                    "قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " (سورة الشعراء ، الآية 26)
                    "لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأْوَّلِينَ " (سورة الدخان ، الآية 8)

                    على أية حال، فهذا إدّعاء جائرلأن إستعمالَ الكلمةِ بصيغة الجمعِ شىء مألوف وبالتأكيد لا يُمْكن أنْ يُستَعملَ كقاعدة للتفسيرِ التطوري.
                    يظهر هذا التعبيرِ في العديد مِنْ الآيات الأخرى، من بينها الآية 133 من سورة البقرة. هنا، تعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " لا يُشير إلى أيّ عملية تطوّرية، بل إلى الأجيالِ السَابِقةِ. بالطّريقة نفسها، التعبير " آبَائِكُمُ الأَْوَّلِينَ " في صيغة الماضي ، يُشيرُ إلى الأجيالِ الماضيةِ. فالتعبير لاَ يَحْتملَ أي معنى تطوّريِ:

                    "أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون" ( سورة البقرة ، الآية 133)

                    8.
                    الخطأ الخاص بشكل الخَلْقِ الإنسانيِ
                    "وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا " (سورة نوح ، الآية 17-18)

                    يعتبرُ التطوريون المسلمون هذه الآيةِ أساسا حيويا يُمْكِنُ الاستناد إليه لدعم وجههَ نظرهم.

                    والتعبير "وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا "يُقَدَّمُ كدليل للتطورِ من المواد اللاعضويِة.

                    على أية حال وكما هو مُشار إليه بشكل واضح في تفسيرِ الآية ، فهذه الآية إنما تظهرُ أن نشأة الإنسان الأولَى كانت مِنْ الأرضِ.
                    يقدم Hamdi Yazir نفس التفسيرِ: "لتفسير هذه الآية احتمالان . الأول هو أن هذه الآية إشارة إلى أن الله قد خلق آدم من الأرض ثم أتبع ذلك تكاثر الجنس البشري بالشكل الذي نعرفه. والثاني ، هو أن الله قد خلق الجنس البشري جميعه مِنْ الأرضِ ، و ذلك لأن اللهَ يَخْلقُنا مِنْ خلال عملية الإنباتِ ، ومِنْ النباتاتِ ، ومِنْ الأرضِ"63

                    يفسرOmar Nasuhi Bilmen سورة نوح ، الآيات 17و18: "يأيها الناس ! فليكن في الاعتبار أن الله قد أخرجكم مِنْ الأرضِ كالنبات . بمعنى آخر ، "خَلقَ الله آدم ، أبا البشر، مِنْ الأرضِ ، أَو أن أصل الإنسان - الخلية الأولى - أساسه النباتات وغيرها من المواد الغذائية الأخرى التي تنْمو في باطن الأرضِ. ثم هأنتم - أيها الناس - تنمون وتعِيشون . (ثمّ) يأيها الناس ، يعيدكم الله إلى الأرض مرة أخرى . بمعنى آخر : عندما تَمُوتُون ، سَتَعُودُون إلى الأرضِ وتُصبحون جزءَا من التربةِ. (و) ثمّ يوم القيامة يُخرجُكم الله من القبورِ للحساب . هذه حقائقَ"64

                    وتعليق الإمامِ الطبري ينص على الآتي: " واللّهُ أنْبَتَكُم مِنَ الأرْض نَباتا يقول: والله أنشأكم من تراب الأرض, فخلقكم منه إنشاء ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيها يقول: ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجا يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها, فيصيركم ترابا إخراجا."65

                    كما رَأينَا مِنْ تفسيراتِ هؤلاء العلماءِ ، فهذه الآيةِ لا يمكن اتخاذها قاعدة للخَلْقِ التطوّريِ.

                    وما هو أكثر من ذلك، فإن إدّعاء التطورِ اللا عضويِ لَيْسَ لهُ قاعدةُ علميةُ.

                    وفكرة أن مواد بلا حياة يُمْكِنُ أَنْ تتحد بشكل ما لإنشاء حياةِ ، فكرة غيرعلميةُ و لَمْ تُؤكّدْ بأيّ تجربة أَوحتى بأيّ ملاحظة.

                    بل على العكس تماماً: فعالم الأحياء الفرنسي لويس باستور (1822-1895) قد بين أنّ الحياةِ لا يُمْكِنُ أَنْ تنشأ إلا مِنْ الحياةِ.
                    هذا يؤكد على أنّ اللهَ قد خَلقَ كُلّ الكائنات الحية بإرادته جل وعلا.

                    (لمزيد من التفاصيلِ عن البراهينِ العلميِة ومكرِ التطوريين برجاء مراجعة " خديعِة التطورَ" لهارون يحيى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونية تدْحضُ" لهارون يحيى، للنشر Goodword ، نيودلهي، 2003)

                    9.
                    عدم صحة كون القرآنَ يُشيرُ إلى الانتقاءِ الطبيعيِ

                    أحد إدّعاءاتِ التطورِ الأكثر أساسية أنّه من الممكن اعتبارالانتخابِ الطبيعيِ قوةُ تطوّريةُ.

                    كما رَأينَا في الفصولِ السابقةِ، الانتخابِ الطبيعيِ إحدى خدع النمو و الارتقاء التي تَزْعمُ حتمية البقاء للأقوى والفناء للأضعف بمرور الوقت.
                    إلا أن العِلْمَ الحديثَ يؤكد على أنّ الانتخابِ الطبيعيِ لَيْسَ لهُ أي تأثير تطوّري ولا يمكن أن يتسبّب في تَطور نوعِ معين من السلالات أو ظُهُور - نشأة - نوع آخر.

                    على أية حال، فإن الدارونيين إنما يَختارونَ إهمال هذه الحقائقِ العلميةِ بسبب اهتماماتهم وميولهم الماديةِ، وكذلك التطوريين المسلمينِ. تَدْعمُ بَعْض الدوائرِ الإسلاميةِ هذه النظرة الدارونية العقائدية ، بل ويحاولون كذلك تَزويدها بدلائلِ قرآنية محرفة تفاسيرها لإثبات صحتها .
                    على سبيل المثال:
                    "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (سورة القصص ، الآيةِ 68)

                    وتَكْشفُ لنا هذه الآيةِ عن أولئك الذين سيهديهم اللهِ إلى صراطه المستقيم وعن أولئك الأنبياء الذين سَيصطفيهمُ رُسُلا ، وإنه لخطأ عظيم القَول بأن هذه الآيةِ تُشيرُ إلى الانتخابِ الطبيعيِ التطوّريِ.

                    يُتفقُ علماءُ القرآن بالإجماع على هذا التفسيرِ.
                    فعلى سبيل المثال، يَعْرضُ الإمامَ الطبري التعليق التالي:" يقول تعالـى ذكره: وَرَبّكَ يا مـحمد يَخْـلُقُ ما يَشاءُ أن يخـلقه, ويَخْتارُ لولايته الـخِيَرة من خـلقه, ومن سبقت له منه السعادة." 66

                    يَعْرضُ العالمُ الجليلُ Omar Nasuhi Bilmen هذا التفسيرِ:"
                    في تلك الآياتِ الكريمة ، يبين الله سبحانه وتعالى لعباده العديد من الأمور ، قدرته البديعة على الخلق ، تفضيله واصطفاءه من خلقه من يشاء ، حكمته وقدرته ، وحدانيته ، كريم ثنائه وعظمته ، توجيهه الإلهي ، وأن جميع خلقه سَيجمعونَ للقائه . بمعنى آخر ، لا أحد يقدر أَن يحول دون تَفْضيل واصطفاء اللهِ سبحانه وتعالى - بأي حال من الأحوال - لأي أحد من خلقه . فمهما كانت رغبة عبيده ، دون مشيئته ، فلا فعالية لها . بكُلّ الإحترام المستحق، فالله غير ملزوم بخَلْق ما يفضله ويستحسنه عبيده . فالله لا يُرسلُ أنبياءه تبعا لما يفضله الناس الذين يرسل إليهم هؤلاء الأنبياء أو يرونه مناسبا ، بل تبعا لما يقدره ويختاره هو جل وعلا . فالله وحده يَعْرفُ من خلال أي الوسائل سيعم الخير والرخاء . فالله أحد لا شريك له ، ولايمكن لأي شيء أن يكون دون أن يشاء الله ، ولا يمكن لمشيئة أي أحد من خلقه أن تتعارض مع مشيئته." 67

                    يُفسرُ Hamdi Yazirالآية كالتّالي:" إلهك يَخْلقُ ويصطفي ما يشاء . بمعنى آخر، فالله يَخْلقُ ما يشاء ويصطفي من خلقه من يشاء . فالله يَفْرضُ علي أولئك الذين يختار واجباتِ معينة كالنبوة وكالشفاعة . وأولئك الذين يصطفي لَيْسَ لهُمْ اختيار في هذه المسألةِ. فهم ليس لهم الحق في اختيار الشركاء أوالشفعاءِ الآخرينِ ماعَدا أولئك الذين يَختارهم الله . " 68

                    آيةِ أخرى يقدمها التطوريون المسلمون :

                    "الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( سورة فاطر ، الآية 1)

                    يتخذُ مثل هؤلاء المسلمون هذه الآية أعلاه دليلا على النمو و الارتقاء.

                    على أية حال، فحتى يصلوا بالآية إلى هذا المعنى كان عليهم تحريف و تشويه المعنى الأصلي للآية.
                    كما أن هذا المعنى الذي يدعونه يَتضاربُ تماما مع العقل والمنطقِ، حيث أن الآية إنما تَتحدّثُ عن خَلْقِ الملائكةِ.
                    يفسر الإمامُ الطبري الآية كالتّالي:" وقوله: يَزِيدُ فِـي الـخَـلْقِ ما يَشاءُ وذلك زيادته تبـارك وتعالـى فـي خـلق هذا الـملك من الأجنـحة علـى الاَخر ما يشاء, ونقصانه عن الاَخر ما أحبّ, وكذلك ذلك فـي جميع خـلقه يزيد ما يشاء فـي خـلق ما شاء منه, وينقص ما شاء من خـلق ما شاء, له الـخـلق والأمر, وله القدرة والسلطان إنّ اللّهَ علـى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"69

                    ويتفق تفسير Omer Nasuhi Bilmen مع تفسير الإمام الطبري حيث يقول : " إن لله القدرة والسلطان ؛ ولذلك فهو يتحكم في خلق ملائكته كيفما شاء ، أجنحتهم وقدراتهم "70

                    10.
                    عدم صحة استخدام القرآنِ كدليل على التحول الخلقي

                    كما هو الحال بالنسبة للانتخابِ الطبيعيِ، يسيئُ التطوريون المسلمون فهم بعض آيات القرآن ويحرفونها عندما يتعلق الأمر بالتحول.
                    على أية حال، فإنه لخطأ فظيع الإعتِقاد في كون آلية طبيعية مثل التحول- لَيْسَ لَها تأثير إيجابي على الخلق بل هي آلية تدميريةَ- يُمكنُ أَنْ تَكُونَ دليلاً على النمو و الارتقاء.

                    لم يلاحظ لآلية التحول أي تأثيرَ على الإطلاق.

                    (لمزيد من التفاصيلِ عن البراهينِ العلميِة ومكرِ التطوريين برجاء مراجعة " خديعِة التطورَ" لهارون يحيى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونية تدْحضُ" لهارون يحيى، للنشر Goodword ، نيودلهي، 2003)

                    الشيء المهم في هذا المقام هوالدليلُ الذي يحاول التطوريون المسلمون الذين يَعتقدُون بأنّ التحول آلية تؤدي إلى التطورِ إيجاده مِنْ خلال القرآنِ.
                    فهم يحرفونَ بَعْض الآيات بالكامل بعيداً عن معناها الفعليِ.
                    ومن الآيات موضع السّؤال:

                    "وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلاَ يَرْجِعُونَ" ( سورة يس، الآية 67)

                    "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ" (سورة البقرة ، الآية 2)
                    "فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ " (سورة الأعراف ، الآية 166)

                    "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ "
                    (سورة المائدة ، الآية60)
                    "فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ " (سورة الأعراف ، الآية 107)

                    ومالم يَعتقد المرء في ضرورة تحريف معاني هذه الآيات لإيجاد بعض الأدلة على النمو و الارتقاء من القرآن، فإنه من المستحيل اعتبارهذه الآيات دليلا على النمو و الارتقاء .

                    تَتحدث الآياتُ الأربعة الأولى عن إعجازالله في تغييّرُ أجسامَ الكائنات الحيّةِ.

                    والآية الخامسة ليس موضوعها الحياة من الأساس ، مما يَجْعل من المستحيل تقبل فكرة أن تكون هذه الآية دلالة على التحول .

                    تصوير المسلمين التطوريين هذه الآيات كدليل على النمو و الارتقاء و التطورِ إنما يظهر مدى كون نظرية النمو و الارتقاء فاسدة، ومشوهة ، وغير إسلامية في حقيقة الأمر.


                    يتبع


                    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                    تعليق


                    • #25

                      11.
                      عدم صحة احتواء القرآنِ على دلائل تثبت وجود نسب ما بين الإنسانِ والقرد

                      آيةِ واحد هي التي تُفسر في أغلب الأحيان بشكل خاطئ أثناء النِقاشِ حول التطورِ، و الآية المشار إليها والتي يفسرها البَعْض على أنها إشارة إلى تلك النظريةِ - النمو و الارتقاء - هي الآيةُِ التي تخص مجموعة اليهود الذين أحالهم اللهِ إلى قردة:

                      "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" (سورة البقرة ، الآية 65-66)

                      وهذه الآية لا يُمْكن أنْ تُفسّر بأسلوبِ يوازي نظرية النمو و الارتقاء ويدعمها ، وذلك للأسباب التالية:

                      1) العقاب المذكور قَدْ يَكُونُ عقابا روحيا.
                      بمعنى آخر، فمن المحتملُ أن اليهود موضع السّؤال قد قُورنوا بالقرودِ من حيث الشخصية ولَيسَ المظهرالجسدي الفعليِ.

                      2) إذا كان العقابِ موضع السّؤال عقابا جسدياً، فإنها معجزة لا تتبع قوانينِ الطبيعةِ. نحن نَتحدّثُ هنا عن معجزة إلهية خارقة مفاجئة تمت بإرادة اللهِ , أي أنها عملية خَلْق واع لا مجال فيه للتحول.

                      يَقترحُ التطورَ بأنّ الأنواع والسلالات المختلفة قد تَحوّلت من بعضها البعض على مر ملايينِ السَنَواتِ، بِمحض الصُّدفَة ومن خلال مراحلِ متتابعة.

                      لهذا السبب، فهذا التفسير القرآني لَيْسَ لهُ علاقة بالسيناريو المقدّم مِن قِبل أولئك الذين يَدْعمونَ التطورَ.
                      وفي حقيقة الأمر، فالآيةِ التي تليها تقول: " فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ "
                      وهذه الآيةِ تُشيرُ إلى أنّ الناسَ - من اليهود - موضع السّؤال قد تُحوّلوا إلى القرودِ كتحذير إلى أولئك الذين سَيَجيئونَ لاحقاً.

                      3)أن هذا العقابِ قد حَدثَ بالفعل ولكن لمرّة واحدة فقط ، أي لم يتكرر ثانية ، واقتصر على مجموعة محدودة و محددة مِنْ الناسِ، بينما نظرية النمو و الارتقاء تُقدّمُ سيناريوآخر، وهو غير منطقيَ وغيراعلميَ، وينص على أن تلك القرودِ ينتسب إليها كُل بني البشر.

                      4) تَقُولُ الآيةَِ بأنّ البشرِ تُحوّلوا إلى قرودِ؛ و ليس العكس كما تدعي نظريةِ النمو و الارتقاء .

                      5 )"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " (سورة المائدة ، الآية60)

                      ونص الآية يبين العلاقة ما بين هذه المجموعة من اليهود- الذين باؤوا بغضبَ من اللهِ - وبين إحالتهم إلى قردة وخنازيرِ.
                      وفي هذه الحالةِ، فإذا ما طبقنا هذا المنطق الخاطئ الذي قد تناولناه من خلال أقسام هذا الكتابِ المختلفة على هذه الآية لأمكن القول بوجود علاقة نسب لَيسَ فقط بين البشرِ والقرودِ بل بين البشرِ والخنازيرِ كذلك! و هذا استنتاج غير واقعي بالمرة ، فحتى النشؤيون أنفسهم لم يَدّعوا بأنّ هناك مثل هذا النسبِ بين البشرِ والخنازيرِ.

                      كما رَأينَا حتى الآن، فالإدّعاء بأنّ بَعْض الآياتِ تُشيرُ إلى التطورِ خطأُ ليس فقط يتناقضُ مع القرآن بل مع أطروحات - افتراضات - نظريةِ النمو و الارتقاء نفسها.




                      للمزيد

                      هدم نظرية التطور في عشرين سؤالا





                      Download (DOC)
                      Download (PDF)
                      اقرأ مباشر

                      يتبع

                      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                      تعليق


                      • #26
                        الباب الخامس
                        ماذا لو لَمْ يُدرَكْ تهديد نظرية داروين؟

                        الفصول السَابِقة قد تناولت الأخطاءِ التي وقع فيها بَعْض المسلمين الذين يدعمون نظرية داروين.

                        على أية حال ، فهناك نقطة أخرى يجب أخذها في الاعتَبار، وهي أن تلك النظريةِ تُمثّلُ خطرا خفيا على الآخرين، بالرغم من أنَّهم لا يُؤمنونَ بذلك في الحقيقة

                        المسلمون الذين يَعتبرونَ نظرية داروين نظرية غير ضارة لاتمثل مصدرا للأذى ، على الرغم من تعارضُها التام مع حقيقةِ الخَلْقِ، ثم بعد ذلك يَتنحونَ جانبا يُراقبون ازدهارها مكتوفي الأيدي إنما يُساعدُون في الحقيقة على إحكام النظرية قبضتها على المجتمعِ بشكل أكثر قوة وعلى نطاق أكثراتساعا

                        ومن ثم فهم بذلك يَسْمحونَ بانتشار و نمُوالإلحاد. لهذا السبب، يَجِبُ على المسلمين أَنْ يَفْهموا الفلسفةَ الحقيقية وراء هذه النظريةَ
                        و من المفترض أن تعبير "النمو و الارتقاء "في الفلسفةِ الماديةِ تعبير علمي والفلسفة المادية، بدورها ، وفي حقيقة الأمر ما هي إلا إلحاد

                        هذا يَعْني بأنّ كُلّ مسلم يَجِبُ أَنْ يَشْنَّ حربا فكرِية ضدّ الإلحاد


                        أولئك الذين يَعتقدونَ أن الدارونيةِ لَيسَت تهديدا مخطئون

                        يَزْعمُ بَعْض المسلمين بأنّ التطورِ شيء من الماضي ولَمْ يَعُدْ مقبولا، ولذا لا يُشكّلُ تهديدا خطيرا مِنْ وجهةِ نظر الإسلامِ. وكنتيجة لهذا الزعم أوالاعتقاد الخاطىء، يَرونَ بأنه لا حاجة لإظهار بطلانَه وإدّعاءاتَه اللاعلميةَ.
                        فهم يَدّعونَ "بأنّ الدارونيةِ قد ماتت."

                        وعلى العكس تماما ، فإن العديد مِنْ الناسِ ما زالوا يَدْعمونَ التطورَ - نظرية النمو والارتقاء - بسبب ما تحتويه من فلسفات ، على الرغم من إفلاسها العلمي

                        فالداروينية ما زالت مؤثرة جداً في العديد مِنْ البلدانِ، والجامعات،و أجهزة الإعلام، والمَدارِس.71

                        وفي الحقيقة، تَبْقى الدارونيةَ نشيطةً على المسرح العالمي، بالسَيْطَرَة على المؤسسات الأكاديمية، وأجهزة الإعلام الدولية، ووجهات نظر النخبة الحاكمةِ.

                        والتطوريون يُمْكِنُ أَنْ يُمارسوا مِنْ الضغطِ على العالمِ العلميِ ما يعتبر على درجة من الأهمية لا يجب إغفالها.

                        التعليقات الأحادية الجانب التي تنشر في المقالات العلميةِ ويراها العالم من خلال أجهزةِ الإعلام، تصَورُ نظرية النمو و الارتقاء كحقيقة مُطلقة.
                        وأجهزة الإعلام بشكل خاص ، والتي تُؤثّرُ على قسم كبير مِنْ المجتمعِ، يستغلون أيما حفرية يتم اكتشافها كبرهان جديد على التطورِ. والنظرية مَدْعُومة مِن قِبل الدارونيين الأكاديميين في المَدارِسِ والجامعاتِ.

                        أما العلماء المؤمنونَ بالله فيمحقون مهنِيا ، ولا تنشر كُتُبهم ومقالاتهم وذلك لرفضهم نظرية داروين.
                        علاوة على ذلك، فهم يَتّهمونَ بالدوغماتيةِ والرجعية والتخلفِ.

                        و في البلدانِ الغربيةِ إذا رغب أحد العلماء في تأسيس مستقبل مهني أكاديمي، فيَجِبُ عليه أَنْ يَغْضّ الطرف عن الدارونيةِ ، بل و يَجب عليه كذلك أن يدعمها ، سواء أرغب في ذلك أَولم يرغب.
                        وفيما عدا ذلك، سيكون من الصّعبِ جداً الارتِقاء في مهنتِهم التي يختَاَرونها72

                        أحد أبرزِالنقّادِ العلميينِ لهذه النظريةِ هوالأستاذ فيليب جونسن، أستاذ القانون في جامعةِ كاليفورنيا - بيركيلي والزعيم الفكري لحركةِ التصميمِ الذكي، 73 الذي يَصِفُ كَيف أن النظرية - نظرية داروين - تستعمل كسلاح ضدّ الإيمانِ الحقيقيِ ، يقول جونسن:

                        إن زعماء العِلْمِ يَرونَ أنفسهم وكأنهم قد حُبِسوا في معركة مستميتة ضدّ الأصوليين الدينيينِ , وهي العلامة التي يَمِيلونَ إلى إلصاقها بأي شخص يُؤمن بوجود خالق يَلْعب دوراً نشيطاً - فعالا - في الشؤون الدنيوية.
                        هؤلاء الأصوليون ينظر إليهم على أنهم تهديد على الحريةِ - الليبرالية - التحرّريةِ، و كذلك على دعم الرأي العامِ للبحث العلمي على وجه الخصوص.

                        وباعتبارها أسطورة الخَلْقَ للطبيعيةِ العلميةِ، تَلْعبُ الدارونيةَ دورا أيديولوجيَا - فكريا - لا غنى عنهَ في الحربِ ضدّ الأصوليَّةِ.
                        ولهذا السببِ، فإن المنظمات العلمية تُكرّسُ مجهوداتها لحِماية الدارونيةِ بدلاً مِنْ إختِبارها، بل إن قواعد البحث العلميِ شُكّلتْ لمُسَاعَدَتهم على النجاح 74

                        وباستعمال هذه "الدكتاتوريةِ الثقافيةِ" ، فإن التطوريين يُحوّلونَ بَعْض الجامعاتِ إلى أعشاشِ للتعليمِ الدارويني تنتجِ خرّيجين يَعتقدُون في كون الفلسفةِ الماديةِ عِلْمُ في حد ذاتها.

                        فهم يَعتقدونَ أن الحقَّ في التعليمِ و التعلم يجب أَنْ يُسْلَبَ مِنْ المؤمنين بالله.
                        وإحدى أوضحِ الأمثلةِ على هذا ، الموقفِ العدواني الغاضبِ لعلي ديميرسوي تطوري والأستاذ التركي النشؤي، أثناء إحدى المناظرات المُتَلفَزة حول موضوع التطورِ.

                        يقول علي "لا يجب السماح لأي عالم يُؤمنُ بالله أن يدخل الجامعة.

                        وإني لأطرد المؤمنين مِنْ الجامعاتِ إن استطعت."

                        تَكْشفُ مثل هذه الأقاويل موقفَ التطوريين المُضر بشكل غاية في الوضوح.
                        قَدْ يَكُون المسلمون متفائلين بشكل مبالغ فيه ، وذلك لكونهم غافلين عن الحقائقِ هذا الموقف الفعليةَ، ولذا فهم غير قادرين على إدْراك الدارونيةِ على أنها تهديد بالغ الخطورة.

                        على أية حال، فإن المادّيين وخصوصاً الماركسيين يَشْنّونَ حربا جادّة ضروس ضدّ الدينِ بواسطة التأييد "العلميِ" الذي تمدهم به الدارونيةِ.

                        ولِهذا فإن المسلمين في حاجة ماسة لتَحرير أنفسهم وبِأسرع ما يمكن مِنْ خطأِ التَفْكير بأنّ الدارونيةِ قد انتهت .

                        ففي الوقت ذاته الذي يَشْنّ فيه التطوريون حربا عالمية مِنْ الأفكارِ ضدّ الدينِ، فإنه لخطأ كبير القَول بأن النظريةِ قد ماتت وأَنْ يغفل أذى الدارونيةَ .

                        يتبع

                        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                        تعليق


                        • #27
                          تَفادي الحربِ الفكرِية إنما يعمل على تَقوّية الدارونيةً


                          أولئك الذين يَعتقدونَ بأنّ الدارونيةِ قد ماتت أَو أنها لا تُمثّلَ أي خطرِ، الذين ينَشرون تلك الفكرةِ في دوائرِهم الخاصةِ، إنما يُساعدُون النظريةَ الجديدةَ على اكتساب حجة جديدة ، سواء أكان ذلك عن عمد أو غير ذلك.

                          فهم عندما يقدّمون ذلك الرأي، يعتقد العامة من الناسَ بأنه ليس هناك مثل هذا الخطرِ، الداروينية.
                          وعلاوة على ذلك، فإن هذا الاعتقاد الخاطىء يحول دون تكون الحسّاسية الأيديولوجية والعلمية اللازمة تجاه الدعايةِ الدارونية الكاذبة، وأباطيلها،ومقترحاتها، مما يؤدي ذلك بدوره إلى عدم إمكانية اتخاذ الإجراءات الوقائية المضادة.

                          الذين يُؤمنونَ بالتطورِ يُواصلونَ العمل على تَهْيِئة الأساسِ، وإن كان باللجوء إلى حقائقِ قديمةِ، ويُدافعُون بكل عنف عن النظريةِ في أيما فرصة مواتية.

                          يُحاولونَ إبْقاء أفكارِهم حيّةِ، ولوكان ذلك بالبطلانِ والتشويهِ.
                          وبما أن العديد مِنْ المسلمين لا يعتقدونَ في خطورة مثل هذه النظرية، يترتب على ذلك أنهم يهملون القرأة عنها أو دراستها ، ومن ثم إن التقوا بمن يعتقد في صحتها يعجزون عن الرَدّ بشكل ذكي إذا ما نوقشت هذه النظرية.

                          وعلى الرغم من ذلك فإنه من السّهلِ تَعَلّم بل وإدْراك بطلان هذه النظريةِ، حيث أنها فرضية ترجع إلى القرن التاسع عشرِ قد فَقدتْ كُلّ التبرير العلمي.

                          علاوة على ذلك، فإن البيانات العلمية الخاصة بأصلِ الكونِ والحياةِ - مثل "التَضْبيط الدقيق" لهذا الكونِ (المَعروف كذلك بِالمبدأِ الأنثروبي)، وكون الحياةِ على درجة كبيرة من التعقيد على المستوى الجزيئيِ، والمعلومات المعقّدة المنبثقة من البحث في أصلِ الحياةِ، والظهور المفاجئ لأشكالِ الحياةِ شديدة التميّز في سجلِ الحفريات ، إنما هي معطيات تُؤكّدُ على حقيقةَ الخَلْقِ دون النمو و الارتقاء.

                          إلا أن فشل المؤمنين بالله حقا في البَحْث في هذه المعطيات أَو حتى تَعَلّمها ، يؤدي حتما إلى مواصلة افتِقارهم إلى المعرفةَ الكافية التي تؤهلهم للرَدّ بشكل ذكي على التطوريين.

                          لذا، فهم يُصارعونَ من أجل الرَدّ بالمنطقِ الخاطئِ والمعلوماتِ والأمثلةِ الخاطئةِ.
                          و يَجِبُ على المسلمين أَنْ يُدركوا الخطرَ الحاليَ الذي تشكله نظرية داروين للنمو و الارتقاء ويُؤمنوا بضرورةِ الحرب الفكرِية على الداروينية قَبْلَ أَنْ يلجأوا إلى

                          استعمال المحورالأدبِي الذي لا حدود له والذي يَتعاملُ مع زيفِ الفكرِ الداروني.
                          وبأخذ هذه الحقيقةِ في الاعتبار، فإن الخلقيين التطوّرين الذين يَعتقدُون بأنّ الدارونيةِ لاَ تُشكّلَ أي خطرِ، إنما يسألون عن منهج الصمت الذي ينتهجه المسلمون تجاه الدارونيين. نَقُولُ هذا لأن بالرغم من كون هؤلاء - الخلقيين التطوّرين - لا يَعتبرونَ الصدفةَ قوة خالقة و يُؤمنونَ باللهِ، إلا أنهم يَفتقرونَ إلى الحقائقِ اللازمة لتَبنّي نظرة صحيحة وثابتة عند مجابهة إدّعاءاتِ التطوريين.

                          ولذا فهم يَبْحثونَ عن حل وسط يمكن من خلاله الربط بين تلك الإدّعاءاتِ وبين إعتقاداتِهم الخاصةِ.
                          ونتيجة لذلك ، فهم قدّموا أفكارا كتلك التي محتواها أن " اللهَ خَلقَ الكائنات الحيّةَ بواسطة النمو و الارتقاء " أَو أخرى تقول أن " التطور يتفقُ مع الدينِ."

                          على أية حال، فكما يوضّحَ هذا الكتابِ ، هذه الحالةِ غير مقبولةُ بالنسبة لأيّ مسلم يُؤمنُ باللهِ حقاً.
                          التطوريون يَدّعونَ التحدث باسم العِلْمَ، و لكنهم ، في الواقع، يَكْذبونَ باسمِه.
                          ولِهذا فيَجِبُ على المسلمين ألا يصدقوا ذلك المكر، بمظهرِه "العلميِ" الخارجيِ ، بل يَجِبُ عليهم أَنْ يتحروا حقيقة العقائدِ التي تساندها هذه النظريةِ .
                          الفشل في إدْراك الفلسفةِ الملحدةِ والهيكل النظامي الذي تستَنَد إليه هذه النظريةِ ، بالإضافة إلى الاعتِقاد في صحته، إنما يعني الاستسلام له وكذلك الاشتراك في جزء من اللومِ على كل هذا الأذى الواقع على البشريةِ بسبب الدارونيةِ.

                          وبدون أنْ يدركوا ، فإن مثل هؤلاء المسلمين يلحقون بالمجتمعِ أذى عظيمَا .

                          لهذا كله، يَجِبُ على التطوريين المسلمين أَنْ يُعيدوا النظر في الأفكارِ التي يَدْعمونَ. والاسْتِسْلام للجانبِ الآخرِ- نظرية دارون -، على الرغم من كونه مخطئ وأن نظريةُ داروين غير مُثبتةُ وغير موثوق فيها، وكذلك محاولة تَكييف الإسلامِ مع الدارونيةِ إنما هي خياراتَ مرفوضة.
                          ونحن لا يَجِبُ أنْ نَنْسي أنّ المسلمين كُلّهم مُلزمونَ بشَنّ حرب فكرِية لدحض أيّ فكر مُنكرُ لوجودَ اللهِ واسْتِعْمال الحقِ لإزهاق الباطلِ.
                          التهرب من تلك المسؤوليةِ، بنية التوصل للاتفاق مَع المُلحدين، والتنازل للجانبِ الآخرِ أَو الاستسلام لأفكارِهم كُلّها أخطاء شديدة الخطورة.
                          فعلى سبيل المثال، في مجتمع تسوده الشيوعية ، واجب أي مسلم لَيسَ "أسْلمة" الشيوعيةِ.

                          فمثل هذا الأسلوب إنما يَخْدمُ مصالحَ الشيوعيةِ دون غيرها و لَنْ يَعود بأي نفعِ على الدينِ.
                          فواجبَ المسلم في هذه الحالة هو إسقاطَ الشيوعيةَ كفلسفة، ومهاجمُتها على المستوى الفكرِي، وإظهار حقيقةِ الإسلامِ.
                          بالطّريقة نفسها، فواجب أي مسلم لَيسَ "أسْلمة" الداروينية ، وإنما واجبه إسقاطَ تلك الكذبة العظيمة الكذب ، ومهاجمُتها على المستوى الفكرِي، وإظهار حقيقةِ الخلقِ.

                          ولذلك فإنه يَجِبُ علي المسلمين أَنْ يَتصرّفوا بإدراك و وعي وفطنة و يتبعوا ما تمليه عليهم ضمائرهم وألا يَدْعموا الدارونيةَ، والتي هي قاعدة كُلّ الفلسفات الملحدة.

                          الدارونية تُشكّلُ تهديدا على المجتمعِ

                          لا أحد يفكرُ بأسلوبِ متحرر وصادقِ وغير متحيّزِ يُمْكِنُ أَنْ يَعتقدَ حقا بأنّ الذرّاتِ الغير واعيةِ قد تجمعت سويا بِمحض الصُّدفَة، ونظّمَت نفسها، وانبثق منها في النهاية أناس يفكرونَ، ويحللون، ولديهم أحاسيس ، ويبصرون، ويَسْمعُون، ويُؤسّسُون الحضارات، ويوجدون الاكتشافات ، ويبتكرون القطع الفنيةَ، وقد يشعرون بالبهجة،أو الحُزن ،أَو حتى يَدْرسُون الذرّاتَ التي تكُون أجسامَهم باستخدام المجهرِ الألكتروني.
                          ورغم كل ذلك فإن هذا الإعتقادُ اللاعقلانيُ هوذاته الذي تَفْرضُه نظرية داروين على الناسِ.

                          وبالرغم مِنْ المصطلحات العلميِة التي يَستعملونَها، فإن ذلك هو جوهرُ المنطقِ الداروني.

                          الناس الذين يَقْبلونَ مثل هذا "المنطقِ" إنما يَبْدأُون في فَقْدان قدراتِهم على التحليلِ والحكمِ العقلانيِ.
                          وهم بعد أن قبلوا هذا السيناريو الأكثر إستحالة ككونه منطقيّ ، يُصبحونَ غير قادرين على رُؤية البراهينِ شديدة الوضوحِ المرتبطة بالإيمانِ الدينيِ.
                          ومثل هؤلاء الناسِ، من الذين فَقدوا القدرةَ على التفكير ورُؤية الحقائقِ شديدة الوضوح، وعلى فهْم حقيقة الاقتراحاتِ والدعايةِ التي يتعرضون لها ،

                          وممَنْ يتقبلون فكرة النمو و الارتقاء بصورة عمياء بهدف اتباع الغالبية ليس إلا ، يُمْكِنُ انجذابهم بكل سهولة إلى أيّما إتّجاه.
                          بعد الوُصُول إلى تلك المرحلةِ، فمثل هؤلاء الناسِ لا يَستطيعونَ إسْتِعْمال حتى ذكائهم الخاص , وهي حالة تُسهّل ُ كثيرا إعْطائهم بندقية وإرسالهم لِيصبحَ أحدهم إرهابيا أوإقناعهم أن داروين يَقُولُ بِأَنَّ "هذا الشخصِ ينتمي إلى جنسِ دون المستوى، ومن ثم يمكن َقْتلُه أَوقْتلُها."

                          وفي حقيقة الأمر، فإن الضررَ الذي لحق بالشبابِ بسبب الدارونيةِ في العديد مِنْ البلدانِ يعتبرُغير قابل للتعديل مرة أخرى.
                          فالمشاغبون في إنجلترا، والنازيون الجدد في ألمانيا، وحليقو الرؤوس في أمريكا، بل وأغلبية الشبابِ في كافة أنحاء العالم قد فقدوا كُلّ الصفات الإنسانية.

                          مثل هؤلاء الناسِ، الذين هم قتلة ووحوش ، إنما هم أمثلةَ حية على خطرِ الدارونيةِ.
                          وسبب أن مثل تلك الدول تواجه مشكلة فظيعة مَع شبابِها أَنَّ هؤلاء الشبابِ قد تلقوا تعليما دارونيا.
                          ونحن يَجِبُ أَنْ ندرك أنّ الذين تربوا بهذه الطريقة لن يَجْلبوا سوى الأذى للجتمعاتِ التي يَجِدونَ أنفسهم فيها.
                          ففي يوم من الأيام ، شباب اليومِ سَيَصيرون بالغين، ومديرين، ودبلوماسيين، ومعلمين.
                          إذن فلو كنَّا نَتمنّى أن نرى في المستقبلِ حضارة حديثة و متقدّمة علمياً و عقلانية، فيحتمُ علينا ذلك أَنْ نُعلّمَ شبابَنا واضعين ذلك الهدفِ نصب أعيننا.
                          وهذا لا يُمْكِنُ تحقيقه إلا بتحرير شبابنا مِنْ الأفكارِ والأباطيلِ الدارونية وأن نفسر ونوضّح لهم بأنّهم لَمْ ينشأوا من الحيوانات في بادىء الأمر ، بل الله خَلقَهم ، وأن لكل واحد منهم روح، وأنهم يَمتلكُون المعرفةَ الأعظمَ بين جميع الكائنات الحيّة.
                          أي أننا يجب أن نعلمهم بالحقيقة.

                          فإذا عرف الشبابَ بأنّ الله هو خالِقهم وأنه وهب لهم روحا شريفةِ ومتفوّقةِ وذات وعي وضمير ، فسَيَتصرّفونَ وفقاً لذلك.
                          أما إذا هم حملواعلى الإعتِقاد بأنّهم قد تَطوّروا مِنْ الحيواناتِ، وأنهم يشتركون مع القرودِ في النسب ، وما إلى ذلك من أفكار أخرى مماثلة ، فسَيَنْظرونَ إلى الحياةِ على أنها صراع تبرر فيه غاية الانتصاروسائل تحقيقه.

                          وكنتيجة حتمية لذلك سَيَظْهر جيل أناني وغيرمسئول، قادر على كُلّ أنواع الوَحْشيَّةِ يفتقد إلى مفاهيمِ التَحَمّلِ، والحبّ، والاحترام، َو الأخوّة .
                          وعلى أيّة حالٍ ، فإنهم سَيَرونَ أنفسهم وغيرهم من الأساس عديمي القيمة بسبب اعتقادِهم بأن الناس جميعا ينْحَدرون مِنْ الحيواناتِ.
                          والاعتقاد بأنه ليس هناك هدف من وراء تبني حياةَ شريفةَ وأخلاقيةَ، فسيظهرون كُلّ أنواع الشرِّ واللا أخلاقية بشكل أناني .

                          إذن فما يتطلّب عمله،هو إزالة دكتاتوريةَ المفاهيمِ والنظرياتِ التطورية من المَدارِسِ، والكُتُب، والصحافة وأجهزة الإعلام والدوائر الإجتماعية - باختصار، من كل مكان - وتَوجيه الناسِ نحو الرشدِ والتَفْكير العميقِ اللذان يطَالبان بهما القرآن والعِلْم.

                          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                          تعليق


                          • #28
                            الخاتمــــــــــــــة

                            كما أكد هذا الكتابِ ، فإن التطور ومؤيديه مقيدون كلياً لأن العِلْمَ يَرْفض الدارونيةَ بشكل كامل.

                            والتطوريون يدركون هذا، وكنتيجة لذلك ، فهم في حالة رعب عظيم.
                            ومن ثم فهم يُهاجمونَ أولئك الذين يُدافعونَ عن حقيقةِ الخَلْقِ في البرامجِ الحوارية، وفي اللجان، وفي كل مكان آخر.

                            ولكن بما أنهم لَيْسَت لديهُمْ أجوبةُ، فهم فقط يُحاولونَ أَنْ يَستعيدوا الكلمة العليا شفهيا.
                            ومنطق "دعنا لا نخلط الدينَ بالعِلْمِ، حيث أن الإيمان شيءُ و حقيقةَ التطورِ شىء آخر" إنما هومنطق يهدف إلى تفتيت الوحدةِ الإسلاميةِ وإضعاف مقاومتَها.

                            والرسالةَ الحقيقيةَ التي يدعو إليها أولئك الذين يَقترحونَ مثل طريقةِ التفكيرهذه هي،

                            "أنه هناك عالم حقيقي، وهذا يُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ بواسطة العِلْمِ، والذي يبين عدم وجود ثمة شيء كالخَلْق، بالرغم من حُرّية أيّ شخصِ في امتلاك معتقاداته الفردية الخاصة."

                            ولكن هذا أيضاً مكر عظيم، لأنها حقيقةُ واضحةُ كون اللهِ قد خَلقَ هذا الكونَ وكُلّ الكائنات الحيّة وغيرالحيّة.
                            كُلّ تفصيل في هذا الكونِ ماهوإلا برهانُ آخرُعلى خَلْقِه سبحانه وتعالى.
                            وفي واقع الأمر، فإنه ليس هناك دليل على نظريةِ التطورِ ما يتعدى كونه "إعتقاد فردي" ورأي.
                            والمسلمون يَجِبُ أَنْ يَكُونوا مدركين للاقتراحِ الخادعِ الذي يُحاولُ إظهارحقيقة الخَلْقِ أيضاً على أنها "إعتقاد فردي."
                            ومثل هذا الإقتراحِ يمكن هزيمته بسهولة، كما نقَرأ في الآيةِ التاليِة:

                            "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " (سورة الأنبياء ، الآية 18)

                            ونجد أن الشكوك، والانهزامية، وقلة المعلوماتِ، والشعور بالحيرة عند مجابهة نظرية التطورِ، هي سبب بذل بَعْض المسلمين جُهودِا ترمي للتوفيق بين مبادىء التطورِ والدينِ.

                            إلا أن مثل هذه الإنهزاميةِ شيء غير ضروري بالمرة ، حيث أن التطوريين لَيْسَ لديهُم أي تأييد أَو دليل علمي يمكنهم من الدِفَاع عن نظريتِهم.
                            فهم يَتورطون في الخِطابات الشعبية بسبب إصرارِهم المستبد على نظريتِهم، ويُحاولُون إسْكات معارضيهم بواسطة الضغطِ النفسيِ. فموقفهم في حقيقة الأمر موقف ميئوس منه.

                            والتطوريون المسلمون لا يَستطيعُون رُؤية كل هذا لأنهم غافلون عن آخر التَطَوّراتِ العلميةِ.
                            فالذين يَفتقرونَ إلى المعلوماتِ الحاليةِ عن هذا الموضوعِ من الطبيعي جدا أن يَعتقدُوا في صحة نظريةَ التطورِ.
                            وعلى أية حال فإن مثل هذه المشكلة -الافتقار إلى المعلوماتِ- يُمْكِنُ حلها بسهولة، وذلك من خلال قراءة الكُتُبِ وغيرها من الكتابات الأخرى حول هذا الموضوعِ.

                            والمسلمون الذين لديهم معلومات تفصيلية حول نظريةِ التطورِلا يَجب أن يلتزموا الصمت أَو يترددوا عند مواجهة إدّعاءاتِ التطوريين.
                            وإلى جانب هذا، فإن التَفكير في شأن خَلْقِ اللهِ والفَنِّ المنزه من أي نقصان والذي يَتخلّلُ هذا الكونَ، اعتصاما بقوة بالقرآنِ، وفهم طبيعةَ الحقائقِ التي يكشف عنها القرآن لهوأسهل الطرق لتَحرير النفس مِن مثل تلك المؤثراتِ.
                            والعديد مِنْ المسلمين قَدْ يَقْبلونَ أوحتى يُدافعونَ عن التطورِ استنادا للأسبابِ المعطاة من خلال هذا الكتابِ.

                            إلا أن المبادىء الأخلاقية الإسلامية تَدْعو المسلمين للعَودة إلى الصراط المستقيم لحظةَ إدراك الضلالة .
                            فدعم الفكرالدارويني دون إدراك الأذى الخطيرالذي يُمْكِنُ أَنْ يُؤدّي إليه ، لَيسَ على الإطلاق كمواصَلَة دعمه- على علم- بمدى خطورَة هذا الدعمِ.
                            فالمرء يُمْكِنُ أَنْ يَدْعمَ مثل هذه النظريةَ دون إدراك لمدى الخطرِ الناجم عن هذا الدعم أَو دون إدراك بطلانِها العلميِ.

                            على أية حال، فبمجرد التعرف على حقيقةَ المسألةِ، فإن الأفضل والأكثر استقامة هو مباشرة العملِ على دعم الصراع الفكري و الثقافي ضدّ هذه النظريةِ الضارّةِ.

                            يأمراللهُ المسلمين بذلك في كتابه العزيز ، حيث يقول:
                            "وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ " (سورة الأنفال ، الآية 73)

                            "قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم" ( سورة البقرة ، الآية 32)


                            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                            تعليق


                            • #29
                              نظرية دارون ومناقضتها للقرآن الكريم

                              السؤال

                              نظرية دارون التي تثبت بأن الإنسان تطور من القرد، أليست هذه النظرية تخالف الإسلام؟


                              الإجابــة

                              الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

                              قبل الحديث عن هذه النظرية وموقف الإسلام منها نحب أن نعرف بصاحبها بإيجاز، فدارون هو: (تشارلس روبرت دارون) ولد سنة 1809م، وتوفي سنة 1882م. وكما تقول الموسوعة العربية الميسرة: هو عالم طبيعي إنجليزي درس الطب بأدنبرة... ثم تخصص في التاريخ الطبيعي، وقد وضع دارون في كتابه (أصل الأنواع) 1859م. أسس نظريته والدلائل عليها بطريقة فذة رائعة، كما وضع نظريته عن أصل الشعاب المرجانية، وقد قبلها الكثيرون. ومن أعماله الأخرى: (أصل الإنسان والانتخاب بالنسبة للجنس )سنة 1871م، و (تنوع النباتات والحيوانات تحت الاستئناس سنة 1867م) انتهى.
                              أما نظرية دارون فقد قامت على عدة أمور منها:
                              أن الإنسان ما هو إلا حيوان من جملة الحيوانات، حادث بطريق النشوء والارتقاء، وأنه لمشابهته القرد، لا يمنع أن يكون قد اشتق هو وإياه من أصل واحد.
                              وقد شرح دارون عملية التطور، وكيف تمت، في عدة نقاط أهمها:
                              (الانتخاب الطبيعي) حيث تقوم عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة الهزيلة، والإبقاء على الكائنات القوية، وذلك يسمى بقانون (البقاء للأصلح) فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، وتتجمع الصفات القوية مع مرور الزمن مكونة صفة جديدة في الكائن، وذلك هو (النشوء) الذي يجعل الكائن يرتقي بتلك الصفات الناشئة إلى كائن أعلى، وهكذا يستمر التطور وذلك هو (الارتقاء).
                              وقد رد كثير من العلماء هذه النظرية وفندوها: يقول الدكتور (سوريال) في كتابه "تصدع مذهب دارون": إن الحلقات المفقودة ناقصة بين طبقات الأحياء، وليست بالناقصة بين الإنسان وما دونه فحسب، فلا توجد حلقات بين الحيوانات الأولية ذات الخلية الواحدة، والحيوانات ذوات الخلايا المتعددة، ولا بين الحيوانات الرخوة ولا بين المفصلية، ولا بين الحيوانات اللافقرية ولا بين الأسماك والحيوانات البرمائية، ولا بين الأخيرة والزحافات والطيور، ولا بين الزواحف والحيوانات الآدمية، وقد ذكرتها على ترتيب ظهورها في العصور الجيولوجية. انتهى.
                              كما قام كثير من علماء الطبيعة برد النظرية ومنهم (دلاس) حيث قال ما خلاصته: (إن الارتقاء بالانتخاب الطبيعي لا يصدق على الإنسان، ولابد من القول بخلقه رأسا) ومنهم الأستاذ (فرخو) قال: إنه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً فلا يمكننا أن نحكم بأن الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم، ولا يحسن أن نتفوه بذلك) ومنهم (ميغرت) قال بعد أن نظر في حقائق كثيرة من الأحياء: إن مذهب (دارون) لا يمكن تأييده وإنه من آراء الصبيان. ومنهم (هكسلي) وهو صديق لـ (دارون) قال إنه بموجب مالنا من البينات لم يثبت قط أن نوعاً من النبات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعي، أو الانتخاب الصناعي. انتهى.
                              وغيرهم كثير تركنا ذكرهم للاختصار.
                              ثم إن كلام (دارون) نظرية، وليست حقيقة أو قانوناً، فهي تحتمل التصديق والتكذيب، ومع ذلك فلا يؤيدها الواقع المشاهد إذ لو كانت حقاً لشاهدنا كثيراً من الحيوانات والناس تأتي إلى الوجود عن طريق التطور لا عن طريق التناسل فقط.
                              كما أن القدرة على التكيف التي نشاهدها في المخلوقات ـ كالحرباء ـ مثلاً، (تتلون بحسب المكان) هي مقدرة كائنة في تكون المخلوقات تولد معها، وهي عند بعضها وافرة، وعند البعض الآخر تكاد تكون معدومة، وهي عند جميع المخلوقات محدودة لا تتجاوز حدودها. فالقدرة على التكيّف صفة كامنة، لا صفة متطورة تكوّنها البيئة كما يزعم أصحاب النظرية، وإلا لفرضت البيئة التكيف على الأحجار والأتربة وغيرهما من الجمادات.
                              أما موقف الإسلام من هذه النظرية فنوضحه في نقاط:
                              1_ قولهم إن الطبيعة هي التي تخلق عشوائياً وإن الإنسان ليس له خالق مصادم للقرآن الكريم لقوله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) [الزمر: 62].
                              ولقوله: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) [القمر: 49] إلى غير ذلك من الآيات.
                              2_ ادعاؤهم معرفة كيفية نشأة الأحياء على الأرض يرده قوله تعالى: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) [الكهف: 51]. ولقد أخبرنا الله سبحانه أنه خلق الإنسان خلقاً مستقلاً مكتملاً، وقد أخبر ملائكته بشأن خلقه قبل أن يوجده فقال: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) [البقرة: 30].
                              وحدثنا عن المادة التي خلقه منها، فقد خلقه من ماء وتراب (طين) (فإنا خلقناكم من تراب) [الحج: 5].
                              وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله تبارك وتعالى: خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزْنُ، والخبيث والطيب" أخرجه الترمذي وأبو داود.
                              والماء عنصر في خلق الإنسان (والله خلق كل دابة من ماء) [النور: 45]. وقد خلقه الله بيديه (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ) [ص: 75].
                              وهذا الطين تحول إلى صلصال كالفخار (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) [الرحمن: 14] والإنسان الأول هو آدم عليه السلام، ولم يكن خلق الإنسان ناقصاً ثم اكتمل كما يقول أصحاب نظرية التطور! بل كان كاملاً ثم أخذ يتناقص الخلق، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله آدم عليه السلام وطوله ستون ذراعاً"، ولذلك فالمؤمنون يدخلون الجنة مكتملين على صورة آدم ففي بقية الحديث السابق "فكل من يدخل الجنة على صورة آدم" ثم يقول صلى الله عليه وسلم: "فلم يزل ينقص الخلق حتى الآن".
                              3_ قولهم بأن البقاء للقوي والكوارث هي سبب هلاك المخلوقات الضعيفة مردود بأن الموت يكون للأقوياء والضعفاء قال تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك: 2].
                              4_ وأخيراً نذكر بالأصل العظيم الذي يبطل هذه النظرية وهو تكريم الله لبني آدم الذي لا يتناسب مع ردّ أصل الإنسان إلى قرد: قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) [الإسراء: 70]. وقال: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) [التين: 4].
                              هذا بعض ما أثير حول نظرية دارون مع بعض الردود عليها، ومن أراد الاستزادة فيمكنه الرجوع إلى الكتب التي ألفت في نقد النظرية ومنها : "العقيدة في الله" للأستاذ عمر سليمان الأشقر و "الإسلام في عصر العلم" لـ محمد فريد وجدي ص (797) ومجلة الأزهر: المجلد الثاني، السنة 48، ص (1341 ــ 1348).. والله أعلم.




                              http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...atwaId&Id=4755

                              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                              تعليق


                              • #30
                                حكم الشرع ورأي الدين في هذه النظرية الإلحادية


                                بطلان نظرية التطور والارتقاء


                                هناك من يقول ‏:‏ إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قردا وتطور ‏,‏ فهل هذا صحيح ‏,‏ وهل من دليل ؟.

                                الحمد لله

                                "‏ هذا القول ليس بصحيح‏ ,‏ والدليل على ذلك أن الله بين في القرآن أطوار خلق آدم ‏,‏ فقال تعالى ‏:‏ ‏( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ثم إن هذا التراب بُلَّ حتى صار طينا لازبا يعلق بالأيدي ‏,‏ فقال تعالى ‏:‏ ‏( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ )‏ ، وقال تعالى ‏:‏ ‏( إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ‏)‏ ثم صار حمأ مسنونا ‏,‏ قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون )‏ ثم لما يبس صار صلصالا كالفخار ‏,‏ قال تعالى ‏:‏ (خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) . وصوره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه ‏,‏ قال تعالى ‏:‏ ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن ‏,‏ وأما الأطوار التي مرت على خلق ذرية آدم فقال تعالى ‏:‏ ‏( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) .

                                أما زوجة آدم ‏(‏حواء‏)‏ فقد بين الله تعالى أنه خلقها منه ‏,‏ فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء )" اهـ

                                من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/31) .

                                فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد
                                http://islamqa.com/ar/ref/34508


                                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X