إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرِكاز وأحكام تتعلق بمن وجد كنزا

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    وأخيرا ليكن الجميع على بينة نقدم بين أيديكم أحكام اللقطة في الإسلام

    أحكام اللقطة

    في الإسلام

    نتناول في هذا البحث الكلام عن اللُّقَطَةِ في مواضع:
    في مفهومها،
    وفي بيان أنواعها،
    وفي بيان أحكام أخذها،
    وفي بيان ما يصنع بها.

    المطلب الأول: مفهوم اللُّقَطَةِ
    لغة:
    الأصل اللغوي الثابت لجذر (ل ق ط): هو أخذُ الشيء من الأرض، يقال: لَقَطَهُ يَلْقُطُه لَقْطًا: أخذه من الأرض، فهو مَلْقُوطٌ ولَقِيطٌ[1]، واللقْطة بتسكين القاف: اسم الشيء الذي تجده ملقًى فتأخذه[2].

    والالْتِقاط: أن يَعْثُر على الشَّيء من غيرِ قَصْدٍ وطَلب[3].

    شرعًا:
    أما اللقطة في الإصلاح - وقد ردوها إلى المعنى اللغوي - فقال فيها ابن أحمد الأنصاري الشافعي: "مَا وُجِدَ مِنْ حَقٍّ ضَائِعٍ مُحْتَرَمٍ، لاَ يَعْرِفُ الوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ"[4].

    وعرَّفها محمد الخرشي المالكي: "اللُّقَطَةُ: مَالٌ مَعْصُومٌ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ"[5].

    ونقل عن السادة الحنفية أن اللقطة هي: "رَفْعُ شَيْءٍ ضَائِعٍ لِلحِفْظِ عَلَى غَيْرٍ، لا لِلتَّمْلِيكِ"[6].

    وزاد ابن حجر العسقلاني التعريفَ - على عادته - وضوحًا، فقال: "اللُّقَطَةُ: الشَّيْء الَّذِي يُلْتَقَطُ"، وأضاف: "وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَاهَا يَمِيلُ لأخْذِهَا"[7].

    عماد التعريف:
    فعماد التعريف في اللقطة: كلُّ ضائعٍ، له قيمةٌ في ذاته أو عند صاحبه، يألفه شخص واجد له لا يعرف مالكه، سواء كان هذا الضائع ضالةً من البهائم، أم لقيطًا من الآدمي، أم معصومًا من الأموال، فوُجِدَ في موضعٍ مملوك أو غير مملوك، بسقوط أو غفلة ونحوها، لغير حَرْبِيٍّ، وإن كانت لهذا الأخير، فهي غنيمة تُخَمَّسُ، وليس لُقَطَةً.

    وما خرج من هذا العماد، فهو واضح.

    فخرج بغير مملوك: ما وُجِدَ في أرض مملوكة؛ فإنه لمالك الأرض إنِ ادِّعاه، فإن لم يَدَّعِهِ فحينئذٍ يكون لقطة.

    أما قولنا: بسقوط أو غفلة ونحوها، ما إذا أَلْقَت الريح ثوبًا في حِجر أحدهم، أو ألقى في حِجره هاربٌ كيسًا ولم يعرفه، فهو مال ضائع، يَحْفَظُهُ ولا يَتَمَلَّكُهُ.

    المطلب الثاني: بيان أنواع اللُّقَطَة

    وفيما يخص أنواعها، يمكن الإجمال أنها أربعة:
    ما وُجد بغير حِرزٍ من الأموال والنَّقْدان - الذهب والفضة - والعروض.

    اللقيط، وهو الحي المولود الذي طرحه أهلُه؛ خوفًا من الإملاق، أو فرارًا من تهمة الرِّيبَة، فواجدُه غانمٌ؛ لما في إحرازه من إحياء النفس بدفع سبب الهلاك عنها؛ لقوله - عز وجل -: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، لهذا كان رفعه من باب الوجوب؛ لما في تركه من ترك الترحُّم على الصغار؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى))[8].

    الأنعام من الإبل والبقر والغنم، ويسمى هذا النوع بالضَالَّة؛ فقد أخرج الإمام البخاري من طريق زيد بن خالد الجُهَني - رضي الله عنه - أنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألهُ عمَّا يلتقطُهُ، فقال: ((عرِّفْها سنةً، ثُم احفظْ عِفاصها ووِكاءها، فإن جاء أحدٌ يُخبرُك بها، وإلا فاسْتنفِقْها))، قال: يا رسول الله، فضالَّةُ الغنم؟ قال: ((لك، أو لأخيك، أو للذئب))، قال: ضالَّةُ الإبل؟ فتمعَّر وجهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما لك ولها؟! معها حذاؤُها وسقاؤُها، تَرِدُ الماءَ، وتأكُلُ الشجرَ))[9].

    ما وجد في الطريق مما هو قابل للأكل، و هو قسمان:
    قسم خاص برسول الله، يتركه مخافةَ أن يكون من الصَّدَقة؛ فعن أنس - رضي الله عنه- قال: "مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرةٍ في الطريق، قال: ((لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة، لأكلتُها))[10].

    وقسم مجزوم بأكله لغير رسول الله، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن أبي شيبة، من طريق ميمونةَ زوجِ رسول الله، أنها وجدتْ تمرةً فأكلتْها، وقالت: لا يحبُّ الله الفساد؛ تعني: أنها لو تُركتْ، فلم تُؤخذ فتؤكل، فسَدتْ[11].


    المطلب الثالث: بيان أحكام أخد اللقطة
    أما أخداللقطة، فيدور على أحكام، قد يكون مندوبَ الأخذ، وقد يكون مباح الأخذ، وقد يكون حرام الأخذ.

    أما حالة الندب، فهو أن يخاف الملتقِط عليها الضيعة لو ترَكَها، فأخذُها لصاحبها أفضلُ مِن تركها؛ لأنه إذا خاف عليها، كان أخذها لصاحبها إحياءً لمال المسلم؛ فكان مستحبًّا.

    وذهب الإمام السبكي والشافعية إلى أن الخوف على اللقطة من الضياع يوجب الأخذ، وهي بذلك أمانة يجب فيها الامتثال لأمر الله - تعالى -: ﴿
    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وإن لم يَخَفْ يستحب.

    أما حالة الإباحة، فهي ألا يخاف عليها الضيعة، فيأخذها لصاحبها، وهذا مذهب السادة الحنفية، وإليه ذهب صاحبُ "
    المبسوط" بقوله: "والمذهب عند علمائنا - رحمهم الله - وعامة الفقهاء: أن رفعها أفضلُ من ترْكها؛ لأنه لو تركها لم يأمن أن تصل إليها يدٌ خائنة، فيكتمها عن مالكها"[12].

    وحالة الحرمة، هو أن يضمَّها لنفسه؛ لأجل نفسه، لا لأجل صاحبها بالردِّ عليه، فقد أخرج الإمام مسلم من طريق زيد بن خالدٍ الجهني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من آوى ضالةً، فهو ضالٌّ، ما لم يُعرِّفْها))[13].

    وقد أجمع علماء الأمة قاطبةً على أن اللقيط - الطفل المفقود - أخذُه فرضُ كفاية، ويترتب على قاذفه الحد، وأن حريته ثابتةٌ من حيث الظاهر، ويُنفَق عليه من باب سدِّ الرمق، والشيعة الزيدية مقرُّون بذلك أيضًا[14].

    المطلب الرابع: بيان ما يصنع باللقطة
    أما بيان ما يصنع بها، فالكلام في ثلاثة مواضع: الأول في التعريف بها، والثاني في مدة التعريف، والثالث في بيان مكان التعريف.

    الموضع الأول: التعريف باللقطة:
    فقد أخرج الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - من طريق زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة، فزعم أنه قال: ((اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءها، ثم عرِّفْها سنةً))[15].

    وفي رواية: "أن رجلاً سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة، فقال: ((عرِّفها سنةً، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربُّها، فأدِّها إليه))[16].

    فالحديثان دليلان على وجوب التعريف باللقطة بصفاتها، وجنسها، وقدرها؛ لذلك أجاب - عليه السلام - السائلَ بقوله: ((اعرف عفاصها ووكاءها)).
    والعِفاص بكسر العين: هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة، جلدًا كان أو غيره.

    والوِكاء بكسر الواو: هو الخيط الذي يشد به الوعاء التي تكون فيه النفقة[17].

    وقد ذكر الإمامُ النووي أن الواجب على الملتقِط أن يعرف علامات لقطته؛ حتى يعرف صدْقَ واصِفِها إذا وصَفَها من كذبِه، ولئلا يختلط بماله ويشتبه[18].

    الموضع الثاني: مدة التعريف:
    فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثم عرِّفها سنةً))، ظاهرُه وجوبُ التعريف، وظاهره أيضًا التعريف ظرف سنة، وبه قال الجمهور[19].

    ووقع في روايةٍ عند الإمام البخاري من حديث أبيِّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - بلفظ: "أخذتُ صرةً مائة دينارٍ، فأتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((عرِّفها حولاً))، فعرفتُها حولاً، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيتُه، فقال: ((عرفها حولاً))، فعرفتُها، فلم أجد، ثم أتيته ثلاثًا، فقال: ((احفظ وعاءها، وعددها، ووكاءها، فإن جاء صاحبُها، وإلا فاستمتع بها))، فاستمتعتُ، فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوالٍ، أو حولاً واحدًا"[20]، وذكر الإمامُ الحديثَ في موضع من صحيحه، فزاد: "ثم أتيته الرابعة، فقال: ((اعرف عدتها، ووكاءها، ووعاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها))[21].

    والجمع بين حديث أُبيٍّ وحديث زيد بن خالد الجهني - المذكور فيه سَنة فقط -: أن حديث أبي محمولٌ على الورع والمبالغة في التعفُّف عن اللقطة، وحديث زيد على ما لا بد منه، ويحتمل أن يكون - عليه السلام - عرَف أن تعريفها لم يقع على الوجه المطلوب الذي ينبغي، فأَمَر ثانيًا بإعادة التعريف، ويحمل ذلك على عِظَم اللقطة وحقارتها[22].

    أما قوله: ((فاستمتع بها))، فعن أبي حنيفة قال: "إن كان غنيًّا، تصدَّق بها، وإن جاء صاحبها، تخير بين إمضاء الصدقة أو تغريمه"[23].

    أما الضوال والهوافي من الحيوان، فقد سئل - عليه السلام - عن ضالة الغنم، قال: ((لك، أو لأخيك، أو للذئب))، قال: وضالة الإبل؟ فتمعَّر وجهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما لك ولها؟ معها حذاؤها - خفُّها - وسقاؤها - جوفها - تَرِدُ الماء، وتأكل الشجر))[24].

    قال الإمام ابن حجر: "كأنه أفَرَدَ الغنم بترجمةٍ؛ ليشير إلى افتراق حُكمها عن الإبل، وقد انفرد مالكٌ بتجويز أخْذ الشاة وعدم تعريفها، متمسكًا بقوله: ((لك))، وأجيب بأن اللام ليستْ للتمليك، كما أنه قال: ((أو للذئب))، والذئبُ لا يملك باتِّفاق، وقد أجمعوا على أن مالِكَها لو جاء قبل أن يأكلها الواجدُ، لأخذها منه، أما حِكمة النهي عن الْتقاط الإبل، أن بقاءها حيث ضلَّت أقربُ إلى وجدان مالكِها لها، مِن تطلُّبه لها في رحال الناس"[25].

    ففي الحديث أشار - عليه السلام - إلى عدم التقاط الإبل؛ لما رُكِّب في طباعها من جَلَدٍ وصبر على العطش والمأكول؛ لذا غضب - عليه السلام - واحمرَّ وجهُه لما سئل عن الإبل، فزاد في رواية أخرى: ((دعْها حتى يجدها ربُّها)).

    الموضع الثالث: مكان التعريف:
    والتعريف بها يكون في مجمع الناس ومحافلهم، كالأسواق وأبواب المساجد؛ لأن التعريف في هذه الأماكن أسرعُ إلى تشهير الخبر وإذاعته، ثم يقول: (من ضاعت له نفقة) ونحو ذلك من العبارات، ولا يَذكُر شيئًا من الصفات.

    وبعد التعريف بها، إن جاء صاحبها، وأقام البيِّنةَ أنها ملْكُه، أخذَهَا.

    وعند الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: "في المال يعرِّفه سنة، ثم يأكله إن شاء، فإن جاء صاحبُه غرمه له، وقال: يعرفها سنة ثم يأكلها - موسرًا كان أو معسرًا - إن شاء، إلا أني لا أرى له أن يخلطها بماله، ولا يأكلها حتى يشهد على عددها، ووزنها، وظرفها، وعفاصها، ووكائها، فمتى جاء صاحبها غرمها له، وإن مات كانت دَينًا عليه في ماله، ولا يكون عليه في الشاة يجدها بالمهلكة تعريفٌ، إن أحب أن يأكلها فهي له، ومتى لقي صاحبها غرمها له، وليس ذلك له في ضالة الإبل ولا البقر؛ لأنهما يدفعان عن أنفسهما"[26].

    إذا عرفها حولاً ولم يحضر صاحبُها، كان له أن ينتفع بها وإن كان غنيًّا، وتكون قرضًا عليه.

    وفي الختام:
    تجدر الإشارة إلى أن لقطة الحرم المكي تعرَّف أبدًا، ولا ينتفع بها؛ لما روي من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُلتقَط لقطتُها - أي: مكة - إلا لمعرَّفٍ))، وفي رواية: ((لا تَحِلُّ لقطتُها إلا لمنشدٍ))[27]؛ أي: لا يلتقطها إلا مَن أراد التعريف بها، فالنهي عن الالتقاط للتملُّك لا للحفظ.

    وقال أكثر المالكية: "هي كغيرها من البلاد، وإنما تختص مكة بالمبالغة في التعريف؛ لأن الحاج يرجع إلى بلده، وقد لا يعود، فاحتاج الملتقطُ بها إلى المبالغة في التعريف"[28].

    [1] محمد بن محمد بن عبدالرزاق الحسيني، "تاج العروس من جواهر القاموس"، مادة لقط.
    [2] محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري، "لسان العرب"، مادة لقط، دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى، 7/ 392.
    [3] أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، "النهاية في غريب الحديث والأثر"، المكتبة العلمية - بيروت، 1979م، 4/ 534.
    [4] أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري الشافعي، "شرح البهجة الوردية"، 12/ 439.
    [5] محمد الخرشي المالكي، "شرح مختصر خليل"، 21/107.
    [6] "رد المحتار" 16/ 401.
    [7] ابن حجر أحمد العسقلاني، "فتح الباري"، 7/318.
    [8] صحيح الإمام البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم الحديث 1083، المكتبة العصرية، صيدا - بيروت، 2003م.
    [9] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة، باب ضالة الإبل، رقم الحديث 2427.
    [10] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق، رقم الحديث 2431.
    [11] ابن حجر أحمد العسقلاني، "فتح الباري"، 7/328.
    [12] سليمان بن عمر بن محمد البجيرمي الشافعي، "حاشية البجيرمي على المنهج"، 10/408، شمس الدين السرخسي، محمد بن أحمد بن سهل, "المبسوط في شرح الكافي"، 13/22.
    [13] صحيح الإمام مسلم، كتاب اللقطة، باب في لقطة الحاج، رقم الحديث 2253.
    [14] أحمد قاسم الصنعاني، الزيدية، "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار"، مكتبة اليمن، 12/114.
    [15] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة، باب ضالة الغنم، رقم الحديث 2428.
    [16] صحيح الإمام مسلم، كتاب اللقطة، رقم الحديث 3248.
    [17] العلامة محمد بن علي الشوكاني، "نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار"، المكتبة العصرية، صيدا - بيروت،2000، 4/156.
    [18] محيي الدين أبو زكرياء النووي، "شرح النووي على مسلم"، 6/156.
    [19] "نيل الأوطار" 4/157.
    [20] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة، باب وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه، رقم الحديث 2426.
    [21] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة، باب هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع، رقم الحديث 2438.
    [22] "نيل الأوطار"، 4/ 157، 158.
    [23] "فتح الباري"، 8/322.
    [24] سبق تخريجه.
    [25] "فتح الباري"، 8/321.
    [26] أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي، "الأم"، 4/68.
    [27] صحيح الإمام البخاري، كتاب اللقطة،باب كيف تعرف لقطة أهل مكة، رقم الحديث2434.
    [28] "الفتح"، 8/332.



    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #32
      السؤال :

      ما حكم من وجد مالاُ في الطريق ؟ هل يجوز له أن يأخذه ؟

      الجواب:


      الحمد لله
      هذا السؤال يتعلّق بباب اللقطة وهو من أبواب الفقه الإسلامي واللقطة : هي مال ضل عن صاحبه ، وهذا الدين الحنيف جاء بحفظ المال ورعايته ، وجاء باحترام مال المسلم والمحافظة عليه ، ومن ذلك اللقطة .
      فإذا ضل مال عن صاحبه ؛ فلا يخلو من ثلاث حالات :
      الحالة الأولى : أن يكون مما لا تتبعه همة أوساط الناس ، كالسوط ، والرغيف ، والثمرة ، والعصا ، فهذا يملكه آخذه وينتفع به بلا تعريف ، لما روى جابر قال : ( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل يلتقطه الرجل ) رواه أبو داود .



      الحالة الثانية : أن يكون مما يمتنع من صغار السباع ، إما لضخامته كالإبل والخيل والبقر والبغال ، وإما لطيرانه كالطيور ، وإما لسرعة عدوها كالظباء ، وإما لدفاعها عن نفسها بنابها كالفهود ، فهذا القسم بأنواعه يحرم التقاطه ، ولا يملكه آخذه بتعريفه لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ضالة الإبل : ( مالك ولها ؟! معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها ) متفق عليه ، وقال عمر : ( من أخذ الضالة فهو ضال ) أي مخطئ ، وقد حكم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأنها لا تلتقط ، بل تترك ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها .
      ويلحق بذلك الأدوات الكبيرة ، كالقدر الضخمة والخشب والحديد وما يحتفظ بنفسه ولا يكاد يضيع ولا ينتقل عن مكانه ، فيحرم أخذه كالضوال ، بل هو أولى .



      الحالة الثالثة : أن يكون المال الضال من سائر الأموال : كالنقود والأمتعة وما لا يمتنع من صغار السباع ، كالغنم والفصلان والعجول ، فهذا القسم إن أمن واجده نفسه عليه ، جاز له التقاطه ، وهو ثلاثة أنواع :
      النوع الأول : حيوان مأكول ، كفصيل وشاة ودجاجة .. فهذا يلزم واجده إذا أخذه الأحظّ لمالكه من أمور ثلاثة :
      أحدها : أكله وعليه قيمته في الحال .
      الثاني : بيعه والاحتفاظ بثمنه لصاحبه بعد معرفة أوصافه .
      الثالث : حفظه والإنفاق عليه من ماله ، ولا يملكه ، ويرجع بنفقته على مالكه إذا جاء واستلمه ، لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الشاة قال : ( خذها ، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ) متفق عليه ، ومعناه : أنها ضعيفة ، عرضة للهلاك ، مترددة بين أن تأخذها أنت أو يأخذها غيرك أو يأكلها الذئب .
      قال ابن القيم في الكلام على هذا الحديث الشريف : ( وفيه جواز التقاط الغنم ، وأن الشاة إذا لم يأت صاحبها ، فهي ملك المتلقط ، فيخير بين أكلها في الحال وعليه قيمتها ، وبين بيعها وحفظ ثمنها ، وبين تركها والإنفاق عليها من ماله ، وأجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط ، له أخذها ) .
      النوع الثاني : ما يخشى فساده ؛ كبطيخ وفاكهة ، فيفعل الملتقط الأحظّ لمالكه من أكله ودفع قيمته لمالكه ، وبيعه وحفظ ثمنه حتى يأتي مالكه .
      النوع الثالث :
      سائر الأموال ما عدا القسمين السابقين ، كالنقود والأواني ، فيلزمه حفظ الجميع أمانة بيده ، والتعريف عليه في مجامع الناس .
      - ولا يجوز له أخذ اللقطة بأنواعها إلا إذا أمن على نفسه عليها وقوي على تعريف ما يحتاج إلى تعريف ، لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق ؟ فقال
      : ( اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف ، فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه ) ، وسأله عن الشاة ؟ فقال : ( خذها ، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب )، وسئل عن ضالة الإبل ، فقال : ( مالك ولها ؟! معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها ) متفق عليه .
      - ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( اعرف وكاءها وعفاصها )
      الوكاء :ما يربط به الوعاء الذي تكون به النفقة ، والعفاص ، الوعاء الذي تكون فيه النفقة .
      - ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :
      ( ثم عرِّفها سنة ) ، أي اذكرها للناس في مكان اجتماعهم من الأسواق وأبواب المساجد والمجامع والمحافل ، ( سنة ) أي : مدة عام كامل ، ففي الأسبوع الأول من التقاطها ينادى عليها كل يوم ، لأن مجيء صاحبها في ذلك الأسبوع أحرى ، ثم بعد الأسبوع ينادى عليها حسب عادة الناس في ذلك .
      ( وإذا كانت هذه طريقة التعريف في العهد الماضي فإنّ الملتقط يعرّف اللقطة بالطرق المناسبة في هذا العصر ، والمهم حصول المقصود وهو بذل ما يُمكن للوصول إلى صاحبها ) .
      - والحديث يدل على وجوب التعريف باللقطة ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم
      : ( اعرف وكاءها وعفاصها ) : دليل على وجوب معرفة صفاتها ، حتى إذا جاء صاحبها ووصفها وصفاً مطابقاً لتلك الصفات ، دُفعت إليه ، وإن اختلف وصفه لها عن الواقع لم يجز دفعها إليه .
      - وفي قوله صلى الله عليه وسلم :
      ( فإن لم تعرف ، فاستنفقها ) : دليل على أن الملتقط يملكها بعد الحول وبعد التعريف ، لكن لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها : أي حتى يعرف وعاءها ووكاءها وقدرها وجنسها وصفتها ، فإن جاء صاحبها بعد الحول ، ووصفها بما ينطبق على تلك الأوصاف ، دفعها إليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه ) .

      وقد تبين مما سبق أنه يلزم نحو اللقطة أمور :

      أولاً : إذا وجدها ، فلا يُقْدم على أخذها إلا إذا عرف من نفسه الأمانة في حفظها والقوة على تعريفها بالنداء عليها حتى يعثر على صاحبها ، ومن لا يأمن نفسه عليها ، لم يجز له أخذها ، فإن أخَذَها ، فهو كغاصب ، لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه ، ولما في أخذها حينئذ من تضييع مال غيره .
      ثانياً : لا بد له قبل أخذها من ضبط صفاتها بمعرفة وعائها ووكائها وقدرها وجنسها وصنفها ، والمراد بوعائها ظرفها الذي هي فيه كيساً كان أو خرقة ، والمراد بوكائها ما تُشدّ به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، والأمر يقتضي الوجوب .
      ثالثاً : لابد من النداء عليها وتعريفها حولاً كاملاً في الأسبوع الأول كل يوم ، وبعد ذلك ما جرت به العادة ، ويقول في التعريف مثلاً : من ضاع له شيء ونحو ذلك ، وتكون المناداة عليها في مجامع الناس كالأسواق ، وعند أبواب المساجد في أوقات الصلوات ، ولا ينادي عليها في المساجد لأن المساجد لم تبن لذلك ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد ، فليقل لا ردها الله عليك ) .
      رابعاً : إذا جاء طالبها ، فوصفها بما يطابق وصفها ، وجب دفعها إليه بلا بينة ولا يمين ، لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولقيام صفتها مقام البينة واليمين ، بل ربما يكون وصفه لها أظهر وأصدق من البينة واليمين ، ويدفع معها نماءها المتصل والمنفصل ، أما إذا لم يقدر على وصفها ، فإنها لا تدفع إليه ، لأنها أمانة في يده ، فلم يجز دفعها إلى من لم يثبت أنه صاحبها .
      خامساً : إذا لم يأت صاحبها بعد تعريفها حولاً كاملاً ، تكون ملكاً لواجدها ، لكن يجب عليه قبل التصرف فيها ضبط صفاتها ، بحيث لو جاء صاحبها في أي وقت ، ووصفها ردها عليه إن كانت موجودة ، أو ردَّ بدلها إن لم تكن موجودة ، لأن ملكه لها مراعى يزول بمجيء صاحبها .
      تنبيه : من هدي الإسلام في شأن اللقطة تدرك عنايته بالأموال وحفظها وعنايته بحرمة مال المسلم وحفاظه عليه ، وفي الجملة ندرك من ذلك كله حث الإسلام على التعاون على الخير ، نسأل الله سبحانه أن يثبتنا جميعاً على الإسلام ويتوفانا مسلمين
      والله تعالى اعلم واحكم .



      المرجع الاسلام سؤال وجواب

      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

      تعليق


      • #33
        السلام عليكم
        جزاكم الله خيراً اخونا العزيز صباحو
        موضوع غاية في الأهمية لكل الاخوة الباحثين
        رزقنا الله وإياكم من فضله
        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق

        يعمل...
        X