إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفردوس المفقــود

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفردوس المفقــود

    الفردوس المفقــود




    فتح الأندلس....
    بدأ بحلم جميل وانتهى بكابوس مفجع
    ما الذي يشدنا في السجل التاريخي الحافل الذي خطه المسلمون في الأندلس؟ هل هو المجد الديني والسياسي الذي تحقق بدخول الإسلام إلى أوروبا؟ هل هو الصرح العلمي والأدبي الشامخ الذي شيده المسلمون في ظل دولة بلغت أعنان السماء رقيا ورفعة في وقت كانت أوربا ما تزال نائمة تحت أقدام الزمن تلعق أيامها فقرا وجهلا وتخلفا وانشقاقا؟ هل هو تلك الأطلال التي ما زال بعضها قائما حتى الآن دليلا على ذلك التقدم المعماري الذي اختلط فيه الفن بالثراء بحب الحياة باللمسة الدينية ليعطينا في النهاية لوحة جدارية عن حياة فريدة غزلها المسلمون في بلاد الأندلس بأيد لا تعرف الزيف ولا الكسل؟ كل شيء جائز.. لكن الذي يأكل قلوبنا حقا هو "الفرصة الذهبية" التي ضاعت للأبد من أيدي المسلمين في أوروبا؟ .

    البعض يقول لو أن الوجود الإسلامي طال عمره إلى الآن في إسبانيا، لكان للأمور شأن آخر.. ولكان للمسلمين وضع يختلف جملة وتفصيلا عما نراه الآن في الغرب الأوربي؟.. وعلى كل هذا الجمال والقوة التي غلفت حلم الأندلس.. جاء انهيار الحلم مفجعا مؤلما نبكيه إلى الآن يأسا وندما.. .


    يبدأ الحلم الجميل من المغرب، وتحديدا بعد أن نجح القائد المسلم عقبة بن نافع الفهري في أن يكتسح القطاع الشمالي من إفريقية، ويصل بفرسانه إلى المغرب الأقصى، وكان ذلك سنة 62 هـ ( 682 م)، ولما وصل إلى "طنجة"، لم يجد حاكمها "يليان" مفرا من مهادنة الوافد المنتصر ومسالمته، وسالمه بالفعل عقبة، وعمل "يليان" في خدمة المسلمين".


    يواصل القائد بعد ذلك مسيرته إلى أن يصل بجيشه إلى مدينة "ماسة"، وهي المدينة الواقعة على المحيط الأطلنطي، ويقول الرواة إن "عقبة بن نافع" دخل بفرسه إلى عرض البحر حتى طال الماء تلابيبه، وبعدها ردد مناجيا ربه وقال "لولا أن البحر منعني، لمضيت في البلاد إلى مسلك ذي القرنين مدافعا عن دينك، مقاتلاً من كفر بك".

    ويبدأ فصل جديد من تحقيق الحلم، حيث القائد موسى بن نصير الذي تولى إمارة الحكم في ولاية إفريقية بأمر عبد العزيز بن مروان، تولى موسى الإمارة وكان الجزء الأعظم من المغرب قد دان للمسلمين دينيا وسياسيا،رغم مواصلة قبائل البربر لحركات التمرد والعصيان، الأمر الذي دفع بموسى بن نصير إلى شن حملات متتالية لم يتردد فيها عن استخدام أقصى وسائل القوة والرهبة لكسر شوكة المتمردين واستئصال شفأتهم.

    كان من شأن تلك الحملات أن بدأ البربر يرهبون جانب الدولة الإسلامية، وهنا، يقول لنا الرواة، شرعت القبائل البربرية في الدخول إلى الإسلام والإقبال على تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم، ولا يشك المؤرخون، مسلمين وغربيين، في أن فتح المغرب والقضاء على نزعة التمرد لدي القبائل البربرية كان يعد الخطوة الأولى، والأساسية، لوصول المسلمين إلى إسبانيا.


    فمع استتاب الأمر لموسى بن نصير في بلاد المغرب، كانت النية قد اتجهت إلى عبور البحر والدخول إلى القطاع الجنوبي من إسبانيا، لذلك أخذ موسى في الإعداد للغزو، وكان قد اختار مولاه طارق بن زياد، لما اشتهر عن هذا القائد من شجاعة وبلاء حسن في ساحات الوغى، لقيادة الحملة على الأندلس.


    ولنقف وقفة سريعة عند شخصية "طارق بن زياد"، إذ لم يقطع المؤرخون بأصل طارق بن زياد، فبعضهم قال إنه ينتمي إلى البربر، بل إلى قبيلة "نفزة"، في حين أكد البعض أنه عربي من "صدف"، وشطح آخرون وقالوا إنه فارسي من همذان، ما يهمنا هنا أن هذا القائد كان مسلما يقود تحت إمرته جيشا ألف البربر معظم قوامه ( يقول الرواة أن الجيش الذي غزا الأندلس كان بأكمله من البربر، الأمر الذي يرجح عند البعض أن طارق كان بربريا وإلا ما كان باستطاعته قيادتهم وهم المعروف عنهم ميلهم الأصيل للتمرد والعصيان).


    وفي الخامس من رجب سنة 92 هـ إبريل عام 711l م، كانت هناك أربع سفن تمخر عباب البحر متجهة إلى الأندلس، وبجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل، منهم ثلاثمائة فقط من العرب، وكان "يليان" هو المسؤول المباشر عن توفير هذه السفن للمسلمين بعد أن صار يعمل في خدمتهم طبقا لمعاهدة الصلح التي تمت بينه وبين عقبة بن نافع.


    يقول ابن عذاري إن يليان كان يحمل "أصحاب طارق في مراكب التجارة التي تذهب إلى الأندلس، ولا يشعر اهل الأندلس بذلك ويظنون أن المراكب تذهب للتجارة، فحمل الناس أفواجا أفواجا إلى الأندلس".

    ومع وصول القوات الإسلامية إلى أراضي الأندلس، تبدأ الاشتباكات المتتالية بين المسلمين والأسبان، والتي تنتهي بأكبر جولة كانت بين الفاتحين وبين قوات القوط بقيادة "لذريق"، حدث هذا اللقاء في يوم الأحد 29 رمضان سنة 92 هـ19 يوليو سنة 711 م، استمرت هذه المعركة حوالي ثمانية أيام، انتهت بالهزيمة الساحقة لقوات "لذريق" الذي تراجعت صفوفه القهقهرى والمسلمون لا يرفعون السيوف عن رقاب القوطيين لمدة ثلاثة أيام. ويواصل طارق بن زياد مسيرته نحو مدن الأندلس، فيتجه إلى "طليطلة" عاصمة القوطيين، ويوجه مغيثا الرومي إلى "قرطبة"، لكن قصة الفتح لا تنتهي عند هذا الحد. إذ ظلت الحرب دائرة إلى أن استكمل موسى بن نصير جهود طارق، ومن بعدهما عبد العزيز بن موسى الذي استكمل الفتح العربي للأندلس حين بسط نفوذ المسلمين على الجانب الغربي من الأندلس (البرتغال حاليا).

    لا تعتقد أن الفتح كان سهلا، أو أنه تم بين عشية وضحاها، فالمؤرخون ذكروا لنا تفاصيل دقيقة عن كافة الجولات التي دارت بين المسلمين والأسبان، وجميعها تؤكد حتمية انتصار المسلمين وهزيمة الأسبان.
    فهزيمة "لذريق" كان مردها هذا العداء الواضح بينه وبين شعبه الذي استقبل الغازي دون أدنى مقاومة تذكر.
    كما أن الاضطهاد البشع الذي ذاقه الشعب الإسباني جعله يرى في الفتح الإسلامي فرجا وخروجا من مستنقع الفقر والاستبداد والتعصب الديني الأعمي الذي مارسه "لذريق" ضد الأسبان.

    هذا هو الفصل الاول من الحلم، فصل شديد القوة، تظلله أسماء حفت بالاحترام والإجلال لشجاعتها وقوة شكيمتها (مع الأعداء) ونخوتها واعتزازها القوي بعروبتها وإسلامها.

    الفصل الأخير من الحلم كان على النقيض تماما..منتهى الضعف، والتخاذل، والتشرذم إلى دويلات لم تكن بقادرة، وهي منعزلة عن بعضها البعض، أن تتوقف أمام حركة الاسترداد المسيحي لأراضي شبه الجزيرة الإيبرية (يرى المؤرخون الأسبان أن هذه الحركة تبدأ من معركة "كوفا دونجا" أو مغارة دونجا وفيها انهزم ابن علقمي اللخمي شر هزيمة من قوات "بلايه"، وانتهت بتأسيس أولى الإمارات المسيحية في شمال الأندلس). وبنفس العوامل التي كانت الساعد الأيمن للمسلمين في فتح الأندلس، سقط المسلمون.. وكأنه لا عبرة ولا اتعاظ..

    فقد سقطت مدينة "طليطلة" بعد أن صارت الخيانة من الأقربين قبل الأعداء وممالاة العدو هي السياسة التي فضلها الحكام المسلمين في الأندلس.. ويروي لنا التاريخ تفاصيل مرة عن هذا الشقاق الذي دب بين بني العباد الذي جلله عارا حاكم "اشبيلية" ابن عباد حين ساعد الملك الإسباني "ألفونس" في القضاء على أخيه الذي يحكم "طليطلة"، وإذا بحثت عن بذرة الخلاف والشقاق، لوجدتها تافهة وخطيرة في آن.. وتتمثل في التسابق على الهيمنة والحفاظ على المصالح الذاتية.. ولم تكن غرناطة، الومضة الأخيرة في الحلم الجميل، استثناء من القاعدة.. فالفرقة والصراعات الداخلية سادت بين قاعات البيت الحاكم ..في الوقت الذي حقق فيه الأسبان وحدة سياسية تربطها الدم وصلة الرحم بزواج الملكة "إيزابيلا" ملكة قشتالة من "فرديناند الخامس" ملك أرجوان.


    يتزامن مع ذلك أن يقوم على أمر آخر معقل من معاقل الإسلام في الأندلس ملك لا يمكن وصفه سوى أنه "ملك ضعيف"..أبو عبد الله الصغير، فرغم صموده أمام الكاثوليكيين لمدة عامين وسبعة اشهر تقريبا، سقطت عروس الأندلس "غرناطة".
    كان سقوطها مقدرا سلفا من حاكم ضعيف خائر يبكي مثل النساء، ومن تفسخ في عرى المسلمين الذي يغري الأسافل بشد رقابهم إلى الوحل، ومن وحدة وتكاتف بدأه الأسبان استعداد للثأر واسترداد الضائع (يقول المؤرخون إن الزوجين "ايزبيلا" و"فرديناند الخامس" كانا يحلمان بقضاء شهر عسلهما في قصر الحمراء)، وكان طبيعيا أن تسقط آخر معاقل الأندلس..والدمع يترقرق في مقلتي حاكمها.. ولكن لا تعاطف ولا إعفاء من المسئولية..فأمه قالت له بلسان، نحسبه لسان حكيم لأم تخاطب ابنها المكلوم، "ابك كالنساء ملكا لم تحفظه حفظ الرجال".

    قامت دولة الإسلام في الأندلس منذ سنة 92هجرية وظلت قائمة وصامدة تتقلب من طور لآخر ومن حال لحال بين قوة وضعف ووحدة وتفرق وعزة وذلة حتى تكاثرت عليها الخطوب وأحاط بها الأعداء من كل مكان فسقطت بعد عمر مديد وحكم فريد سنة 897هجرية أي أنها ظلت قائمة حية طيلة ثماني قرون، وهى بذلك تعتبر أطول دول الإسلام عمراً، وكان حادث سقوطها مدوياً آلم كل المسلمين على وجه الأرض، حتى أن سلطان مصر المملوكي وقتهاالأشرف قايتباي’ قد هدد فرناندو وإيسابيلا ملكي إسبانيا النصرانية بأن يقتل كل النصارى الموجودين بمصر واليمن والشام إذا أساءوا لمسلمي الأندلس بل إن حادثة سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام بالأندلس لتسامي حادثة سقوط بغداد وسقوط بيت المقدس في يد الصليبيين تارة وفى يد اليهود تارة أخرى، بالجملة كان حادث السقوط من أشهر وأخطر أحداث القرن التاسع الهجري ولكنه لم يكن الفصل الأخير في حياة المسلمين بالأندلس ، حيث جاءت بعد ذلك أحداث وفصول أشد مأساوية وأكثر إيلاماً، وبرز خلال تلك الفترة المجهولة تماماً لجمهور المسلمين العديد من الأبطال والفرسان الذين حاولوا استعادة الملك القديم، وصاحبنا هذا هو فارس الأندلس الأخير .

    محاكم التفتيش
    لم تكن الدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلم مفاتيح قصور الحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية ‘فرناندو’ و’إيزابيلا’، هي الدموع الأخيرة في بلاد الأندلس، إذ أعقبها الكثير والكثير من الدموع والدماء، فرغم العهود والأيمان المغلظة التي قطعها ‘ فرناندو’ على نفسه ووقع عليها في وثيقة استلام غرناطة الشهيرة، إلا أن الله عز وجل الذي هو أصدق قيلا قال في محكم التنزيل ‘لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ..’ وقال ‘إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا أيديهم وألسنتهم بالسوء ..’ فأبت على فرناندو صليبيته أن يفي للمسلمين بشيء من العهود والمواثيق، وكانت هذه الوثيقة ستارا للغدر والخيانة وشنيع ما سيقترف بالمسلمين في الأندلس.عهد الملك الصليبي ‘فرناندو’ إلى الكاردنيال ‘خمنيس’ مطران طليطلة ورأس الكنيسة الإسبانية مهمة تنصير مسلمي الأندلس، وكان هذا الرجل من أشد أهل الأرض قاطبة عداوة للإسلام والمسلمين، بل إن البغضاء المشحونة في قلبه كانت مضرباً للأمثال لعصور طويلة، فأنشأ هذا الرجل ما يسمى بديوان التحقيق أو عرف تاريخيا بمحاكم التفتيش وذلك سنة 905 هجرية، فكان أول عمل لهذه المحاكم أن جمعت كل المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وأحرقت في ميدان عام كخطوة أولى لتنصير المسلمين بقطع الصلة عن تراثهم وعلومهم الشرعية.بدأت حملة تنصير المسلمين بعد ذلك بتحويل المساجد إلى كنائس ثم جمع من بقى من الفقهاء وأهل العلم وتم إجبارهم على التنصر، فوافق البعض مكرهاً وأبى الباقون فقتلوا شر قتلة، وكان التمثيل بجثث القتلى جرس إنذار لباقي المسلمين إما التنصير وإما الموت والقتل والتنكيل وسلب الأموال والممتلكات وكانت عملية التنصير مركزة على إقليم غرناطة ومنه انتقلت حمى التنصير إلى باقي بلاد الأندلس حيث كان هناك الكثير من المسلمين تحت حكم النصارى خاصة في الوسط والشرق.هب المسلمون بما بقى عندهم من حمية وغيرة على الدين للدفاع عن هويتهم وعقيدتهم، فاندلعت الثورة في عدة أماكن من غرناطة وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم، ولكنهم كانوا عزلاً بلا سلاح ولا عتاد، فقمع الصليبيون الثورات بمنتهى الشدة فقتل الرجال وسبيت النساء وقضي بالموت على مناطق بأسرها ماعدا الأطفال الذين دون الحادية عشرة حيث تم تنصيرهم، وبعد قمع الثورة بمنتهى العنف والقسوة، أصدر ‘فرناندو’ منشوراً بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، وذلك سنة 906 هجرية ومن يومها ظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس المفقود باسم ‘الموريسكيين’ وهى كلمة إسبانية معناها المسلمين الأصاغر أو العرب المتنصرين، ومحنتهم تفوق الخيال وما لاقوه وعانوه من إسبانيا الصليبية لا يخطر على بال.

    الموريسكيون
    ظهرت في بلاد الأندلس المفقود طائفة الموريسكيين وهم المسلمون الذين اضطروا للبقاء وأجبروا على إظهار النصرانية وترك الإسلام، وهذه الطائفة رغم البطش والتنكيل الشديد الذي تم بها لتجبر على التنصر، إلا إنها ظلت مستمسكة بدينها في السر، فالمسلمون يصلون سراً في بيوتهم، ويحافظون على شعائرهم قدر استطاعتهم وذلك وسط بحر متلاطم من الاضطهاد والتنكيل والشك والريبة.كانت العداوة الصليبية المستقرة في قلوب الأسبان تجاه مسلمي الأندلس أكبر من مسألة الدين أو غيرها، فقد كانت هناك رغبة جامحة عند قساوسة ورهبان أسبانيا لاستئصال الأمة الأندلسية، فظل الموريسكييون موضع ريب وشك من جانب الكاردينال اللعنة ‘خمنيس وديوان التحقيق، فعمل ‘خمنيس’ على الزج بآلاف الموريسكيين إلى محاكم التفتيش حيث آلات التعذيب والتنكيل التي تقشعر لها الأبدان ويشيب منها الولدان وذلك للتأكد من صدق تنصرهم وخالص ارتدادهم عن الإسلام، وكانت أدنى إشارة أو علامة تصدر من الموريسكيين وتدل على حنينهم للإسلام كفيلة بإهدار دمائهم وحرقهم وهم أحياء، واستمرت إسبانيا الصليبية في سياسة الاضطهاد والقمع والتنكيل بالموريسكيين، وبلغت المأساة مداها بعدما أصدر ‘شارل الخامس’ قراراً بمنع سفر الموريسكيين خارج إسبانيا باعتبارهم نصارى ومن يخالف يقتل وتصادر أملاكه وعندها اندلعت الصدور المحترقة بثورة كبيرة في بلاد الأندلس.


    الثورة الشاملة

    كان تولى الإمبراطور ‘فيليب الثاني عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان ‘فيليب الثاني’ ملكاً شديد التعصب، كثير التأثر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة وكان مركز الثورة في منطقة جبلالشارات’ واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوت صيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه ‘محمد بن أمية’ يرجع أصله إلى بنى أمية الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى. حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو ‘الدون خوان’، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل الأمير ‘محمد بن أمية’ قبل أن يحقق هدفه المنشود.

    القائد الجدي

    بعد اغتيال ‘محمد بن أمية’ لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها، فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه ‘مولاي عبد الله محمد’، وكان أكثر فطنة وروية وتدبرا فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني واستطاع ‘مولاي عبد الله’ أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة ‘أرجبة’ التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين وذيوع شهرة ‘مولاي عبد الله محمد’.حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها يقودهم ‘الدون خوان’، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة ‘جليرا’ وكان مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، وحاول ‘الدون خوان’ مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة ‘بسطة’ وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان ، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين.

    السلام الفاشل

    عرضت الحكومة الصليبية الإسبانية على المسلمين الثائرين معاهدة سلام لإنهاء القتال، فبعث ‘الدون جوان’ إلى أحد الثائرين واسمهالحبقى’ وقد لمحت فيه إسبانيا الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفة في السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فورا وفى سبيل ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف عشرين يوما من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعد بالبحث فيها ودراستها..!وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتل ما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة والسبب بالقطع معروف النساء سبايا والأطفال ينصرون.كانت شروط السلام الصليبي المعروض على الموريسكيين كفيلة بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدة الجائرة التي لا تعطى المسلمين شيئا وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقاف ثورة المسلمين فقط لا غير، وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهد لهم ولا ذمة، فانقلب النصارى يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًا من اشترك في الثورة أم لم يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك ولكنها غير حاسمة، وفى نفس الوقت أبقى الأسبان على خط التفاوض مع الزعيم ‘الحبقى’ الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوار المسلمين.سار مجرى القتال في غير صالح المسلمين لانعدام التكافؤ بين الطرفين خلا الإيمان بالله عز وجل، ورأى مولاي عبد الله أن أتباعه يسقطون من حوله تباعا وتجهم الموقف والقوة الغاشمة تجتاح كل شيء، فبدأ يفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط السابقة، وتدخل بعض زعماء الأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن ‘الحبقى’ استبق الجميع وشق صف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن معه، وذهب بسرية من فرسانه إلى معسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى قائدهم ‘الدون خوان’.كانت هذه الخطوة الذليلة من ‘الحبقى’ محل سخط كل المسلمين وخاصة زعيمهم مولاي عبد الله، فلقد لمح أن ‘الحبقى’ يروج بمنتهى القوة لهذا السلام الذي هو خضوع وذلة بالكلية للصليبيين، وأن الصف المسلم يتصدع بمحاولات ‘الحبقى وأراجيفه، خاصة بعدما لمح المسلمون نية الصليبيين في نفيهم بالكلية عن الأندلس، وهذا يجعل الهدف والداعي الذي قامت من أجله الثورة في الأصل هباءاً منثوراً وكيف سيعيدون دولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى إذا طردوا من أوطانهم، لهذه الأسباب كلها قرر مجلس قيادة الثورة إعدام ‘الحبقى’ الذي ظهر منه ما يدل على عمالته وولائه للصليبيين.

    استئناف القتال

    أعلن مولاي عبد الله أن الثورة لن تتوقف وأن الموريسكيين سيجاهدون حتى الموت وأن حلمهم بإعادة دولة الإسلام في الأندلس لم يمت في قلوبهم، وأنه يؤثر أن يموت مسلماً مخلصاً لدينه ووطنه مما بذلوا له من وعود معسولة وأماني كاذبة وكان لهذا الموقف الشجاع من مولاي عبد الله فعل السحر في نفوس المسلمين في جميع أنحاء أسبانيا، فاندلعت الثورة كالنار في الهشيم، وقابل الأسبان ذلك بمنتهى القسوة والشدة بل والحقد الجنوني، حيث مضوا في القتل والتخريب لكل ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول حتى لا يبقى للثوار مثوى أو مصدر للقوت.

    كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس الموريسكيين حيث فر كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في إفريقية، وفى 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فيليب الثاني قراراً بنفي الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم ، ووقع تنفيذ القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي حيث السفك والنهب والاغتصاب، وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش والمرض ثم وضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن المتابعة والرقابة الدائمة، وعين لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم ووضعت لهم جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.


    الخيانة ونهاية البطل

    بعد هذه الوحشية منقطعة النظير وبعد سلسلة من المذابح والمجازر البشرية المروعة في حق مسلمي الأندلس وبعد فرار الكثير من الموريسكيين إلى إفريقية وبعد نفي بقيتهم داخل أسبانيا لم يبق أمام الأسبان سوى آخر فرسان الأندلس مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذي ظل مقاوماً للصليبيين معتصماً بأعماق الجبال، رافضاً للصلح أو المهادنة أو الخضوع لسلطة الصليب مهما كانت التضحيات، وهو في هذه الأثناء يقوم بحرب عصابات ضد الحاميات الأسبانية المنتشرة بغرناطة وأوقعت هذه الحرب خسائر فادحة بالأسبان، ولكنها أيضا أنهكت قوة جيش مولاي عبد الله الصغير.ولأن هذا العصر وتلك الأيام كانت توصف بالخيانة والعمالة وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف على النفس والمال والعيال، فلقد استطاع أعداء الإسلام أن يستقطبوا ويجندوا أحد ضباط مولاي عبد الله محمد ويغروه بالأموال والمنح والوعود والعفو الشامل إذا استطاع أن يسلمهم مولاي عبد الله محمد حياً أو ميتاً، وكان الإغراء قوياً ومثيراً والنفوس ضعيفة، فدبر هذا الضابط الخائن خطته لاغتيال آخر أبطال الأندلس، وفى ذات يوم هجم الخائن مع بعض من أغواهم على البطل مولاي عبد الله الذي قاومهم قدر استطاعته ولكنه وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة، وهكذا تدفع الأمة من جديد ثمن خيانة بعض أبنائها وتفقد ولداً باراً وبطلاً عظيماً قام بنصرتها والدفاع عن عرضها وحاول استعادة مجدها ولكنه وللأسف الشديد زمن الخيانة والعمالة!.

    هكذا يفعلون في أبطالنا

    إن ميراث الحقد والعداوة الدفين في قلوب أعداء الإسلام ضد كل ما هو مسلم ليدعو كل صادق وغيور لأن يكون على استعداد دائم للمعركة التي يخطط لها أعداء الإسلام، والصدام الوشيك بين الحق والباطل، وما فعله الأسبان بجثة البطل الشهيد مولاي عبد الله يدل على مدى الحقد العمى المشتعل في قلوب أعداء الإسلام، حيث قام الأسبان بحمل الجثة إلى غرناطة وهناك استقبلوها في حفل ضخم حضره الكبار والصغار الرجال والنساء، ورتبوا موكباً أركبت فيه الجثة مسندة إلى بغل وعليها ثياب كاملة كأنه إنسان حي ومن ورائها أفواج كثيرة من الموريسكيين الذين سلموا عقب اغتيال زعيمهم، ثم حملت الجثة إلى النطع وأجرى فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ثم جرت في شوارع غرناطة مبالغة في التمثيل والتنكيل ومزقت أربعاً وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير ووضع الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في خاصة المدينة تجاه جبال البشرات معقل الثورة ومنشأها، وهكذا يفعلون في أبطالنا.
    كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود, تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون بيت الله الحرام.
    في مستهل القرن الثالث عشر للميلاد، السابع للهجرة، بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس. وفي عام 1215م أنشئت جامعة أكسفورد. وفي عام 1221م أنشئت مونبلييه بفرنسا. وفي عام 1228م أنشئت جامعة سلمنكا في أسبانيا.
    ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد.

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية


  • #2
    تاريخ الدولة الأندلسية

    هل رأيتم هذه القصور الجميلة.. والحدائق البديعة.. والمساجد الشامخة عبر الزمن.. هل رأيتم الزهراء.. وقرطبة.. هل رأيتم إشبيلية وغرناطة.. هل رأيتم... ورأيتم.. إنها بلاد الأندلس.. الفردوس الذي فقدناه منذ خمسة قرون.. وفي رحلة إلى الوراء في صحبة صقر قريش، وعبد الرحمن الناصر، وفي صحبة العمالقة من أهل هذه البلاد.. أدعوكم لسياحة جميلة في تاريخ وحضارة المسلمين في الأندلس عبر ثمانية قرون من الزمان.. منذ أن فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة 92هـ وحتى سقوط مملكة غرناطة آخر دول الإسلام بالأندلس سنة 897هـ، وقد تعاقب على حكم الأندلس خلال هذه الفترة ستة عصور تاريخية وهي:
    v عصر الولاة من سنة 95هـ إلى سنة 138هـ

    v الـدولة الأموية بالأندلس من سنة 138هـ إلى سنة 422هـ
    v عصر ملوك الطوائف من سنة 422هـ إلى سنة 484هـ
    v المرابطون بالأندلس من سنة 484هـ إلى سنة 540هـ
    v الموحدون بالأندلس من سنة 541هـ إلى سنة 633هـ.
    v دولة بنى الأحمر في غرناطة من سنة 636هـ إلى سنة 897هـ.

    ورغم ما كان يفصل بين هذه الدول والعصور من فواصل زمنية ومكانية إلا أنها كانت ترتبط جميعًا بحضارة واحدة ذات قيم خالدة وهى الحضارة الإسلامية التي كانت بحق إنسانية عالمية، قامت على الوحدانية في العقيدة، والاستقامة في الأخلاق، وأثبت التاريخ الأندلسي أنها حققت المساواة العنصرية والتسامح الديني بين عناصر المجتمع هذا غير ما كان يميزها من وعى بالزمن ورفق بالحيوان.


    ونبدأ الحديث عن عصور الأندلس بعصر الولاة الذي برز فيه عبد الرحمن الغافقي الذي واصل الفتوح في أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصليبي، وهزمه في معركة بلاط الشهداء، ثم تأتى الدولة الأموية بالأندلس والتي تعد أزهى العصور جميعًا وأطولها، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المعروف (بصقر قريش)، وقد قام بأعمال عسكرية كثيرة حتى يوطد حكمه في قرطبة، ثم بدأ يسيطر على ما حولها من مدن الأندلس، وقد تعاقب على حكم الدولة بعده تسعة حكام، هم على الترتيب:

    1. هشام الأول بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 172هـ إلى سنة 180هـ.
    2. الحكم بن هشام حكم في الفترة من 180هـ إلى سنة 206هـ .
    3. عبد الرحمن الأوسط بن هشام حكم في الفترة من 206هـ إلى سنة 238هـ.
    4. محمد بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 238هـ إلى سنة 273هـ.
    5. المنذر بن محمد حكم في الفترة من 273هـ إلى سنة 275هـ.
    6. عبد الله بن محمد حكم في الفترة من 275هـ إلى سنة 300هـ .
    7. عبد الرحمن الثالث الناصر بن محمد حكم في الفترة من 300هـ إلى سنة 350هـ.
    8. الحكم بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 350هـ إلى سنة 366هـ.
    9. هشام الثاني بن الحكم حكم في الفترة من 366هـ إلى سنة 399هـ .

    وفي عهد هشام الثاني استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة الأموية عام 422هـ، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل -مؤسس الدولة- جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها المباني الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتي إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصر الذي يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة في عهده تضاء بالمصابيح ليلًا لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفي سنة 422هـ سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف، فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الأسبان، وكان الفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التي تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط طليطلة في يد النصارى سنة 478هـ فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد بدولة المرابطين في المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكري كبير على النصارى في موقعة الزلاقة، وما لبث المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس من السقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى في موقعة الأرك، واستمرت الأعمال العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم في معركة العقاب، وكانت هذه الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة سنة 512هـ، وبعدها مرسية سنة 633هـ وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة وأصبح حكم المسلمين محصورًا في غرناطة التي أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولة حكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هي الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة 897هـ .

    والآن يسرنا أن نصحبكم في جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية في الأندلس عبر العلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات المبهرة في العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد في إشبيلية، وقصر الحمراء في غرناطة الحمراء. ومن القصور إلى المساجد فنشاهد روائع فن العمارة في: مسجد قرطبة الجامع، وجامع الموحدين بإشبيلية، والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده في ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان الطراز الأموي بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسي، ومن خلاله برع الأندلسيون في فنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانب التحف المعدنية الرائعة. وافتحوا معي عقولكم، وركزوا أسماعكم معي ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة الإسلامية في الأندلس في مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية في الأندلس منذ استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراء الكتب، وتشجيع الحركة العلمية التي قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم، فشهدت الأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية في الوقت الذي كانت فيه أوربا تتخبط في ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوربا شيئًا فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظرية فقد برع في علوم القرآن وعلم الحديث الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبي صاحب كتاب "الجامع لأحكام القرآن"، وفي الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم تبعه المذهب الشافعي، ولعل أجمل ما يدرس في العلوم النظرية الأدب الأندلسي الذي ازدهر مع تطور البحث في علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما في التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء ومنهم: ابن الفرضي، ومحمد بن الحارث الخشني، وأما في العلوم العملية فقد كان من أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء في الأندلس أبو القاسم المجريطي، كما برع عباس بن فرناس في علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ في علم الفلك أبو عبيدة القرطبي، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوي الذي برع في الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذي اشتهر بدراسة النبات وساهم في تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة في الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحري يساعده تقدم ملموس في الصناعات المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين لا يتسع المجال لذكرهم. فأترككم لتتصفحوا سيرتهم لنأخذ منها الدرس والقدوة الصالحة والذكرى العطرة ..

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #3
      صفة جزيرة الأندلس


      الحميري
      قال أبو عبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله بن المنعم الحميري: الحمد لله الذي جعل الأرض قرارا، وفجر خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي ألزمتها استقرارا، ومنعتها اضطراباً وانتثارا، جعلها قسمين فيافى وبحارا، وأودع فيها من بدائع الحكم وفنون المنافع ما بهر ظهوراً وانتشارا، وأطلع في آفاقها شموساً وأقمارا؛ جعلها ذلولا، وأوسعها عرضاً وطولا، وأمتع بها شيباً وشباباً وكهولا، وعاقب عليها غيوثاً وقبولا، وأغرى بالمشي في مناكبها تسويغاً للنعمة الطولى، وتتميماً لإحسانه الذي نرجوه في الآخرة والألى، وإن في ذلك لعبرةً لمن صار له قلب وسمع وبصر وفهم منقولاً ومعقولا، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا؛ أحمده على جزائل آلائه التي وإلى أمدادها، وأحصى أعدادها، وعم بها البرية وبلادها؛ وصلى الله على نبيه الكريم الذي زويت له الأرض فرأى غايتها، وأبصر نهايتها؛ وأخبر أن ملك أمته سيبلغ ما رآه، وينتهي إلى حيث قدره الخالق وأنهاه. وبعد فإني قصدت في هذا المجموع ذكر المواضع المشهورة عند الناس من العربية والعجمية، والأصقاع التي تعلقت بها قصة، أو كان في ذكرها فائدة، أو كلام فيه حكمة، أولها خبر ظريف، أو معنى يستملح أو يستغرب ويحسن إيراده، أما ما كان غريباً عند الناس، ولم يتعلق بذكره فائدة، ولا له خبر يحسن إيراده، فلا ألم بذكره، ولا أتعرض له غالباً استغناء عنه واستثقالاً لذكره؛ ولو ذهبت إلى إيراد المواضع والبقاع على الاستقصاء لطال الكتاب، وقل إمتاعه؛ فقتصرت لذلك على المشهور من البقاع وما في ذكره فائدة ونكتفى عما سوى ذلك، ورتبته على حروف المعجم لما في ذلك من الإحماض المرغوب فيه، ولما فيه من سرعة هجوم الطالب على اسم الموضع الخاص من غير تكلف عناء ولا تجشم تعبٍ؛ فقد صار هذا الكتاب محتوياً على فنين مختلفين: أحدهما ذكر الأقطار الجهات، وما اشتملت عليه من النعوت والصفات؛ وثانيها الأخبار والوقائع والمعاني المختلفة بها، الصادرة عن مجتليها؛ واختلست ذلك ساعات زماني، وجعلته فكاهة نفسي؛ وأنصبت فيه بفكري وبدني؛ ورضته حتى انقاد للعمل، وجاء حسب الأصل، فأصبح طارداً للهموم، ملقيا للغموم، وشاهداً بقدرة القيوم؛ مغنيا عن مؤانسة الصحب، منبها على حكمة الرب؛ باعثاً على الاعتبار، مستحضراً لخصائص الأقطار؛ مشيراً لآثار الأمم وأحداثها، مشيراً إلى وقائع الأخباز وأنبائها؛ ثم إني قسته بالكتاب

      الأندلس

      هذه الجزيرة في آخر الإقليم الرابع إلى المغرب، هذا قول الرازي، وقال صاعد ابن أحمد في تأليفه في طبقات الحكماء: معظم الأندلس في الإقليم الخامس وجانب منها في الرابع كإشبيلية ومالقة وقرطبة وغرناطة والمرية ومرسية.
      واسم الأندلس في اللغة اليونانية إشبانيا، والأندلس بقعة كريمتة طيبة كثيرة الفواكه، والخيرات فيها دائمة، وبها المدن الكثيرة والقواعد العظيمة، وفيها معادن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والزيبق واللازورد والشب والتوتيا والزاج والطفل.
      والأندلس آخر المعمور في المغرب لأنها متصلة ببحر أقيانس الأعظم الذي لا عمارة وراءه، ويقال: إن أول من اختط الأندلس بنو طوبال بن يافت بن نوح، سكنوا الأندلس في أول الزمان، وملوكهم مائة وخمسون ملكاً، ويقال إن الأندلس خربت وأقفرت وانجلى عنها أهلها لمحلٍ أصابهم فبقيت خالية مائة سنةٍ، ثم وقع ببلاد إفريقية محل شديد ومجاعة عظيمة فرقت أهلها، فلما رأى ملك إفريقية ما وقع ببلاده اتخذ مراكب وشحنها بالرجال، وقدم عليهم رجلاً من إفريقية ووجههم، فرمى بهم البحر إلى حائط إفرنجة وهم يومئذ مجوس، فوجههم صاحب إفرنجة إلى الأندلس.
      وقيل اسمها في القديم: إبارية، ثم سميت بعد ذلك: باطقة، ثم سميت: إشبانيا من اسم رجل ملكها في القديم كان اسمه إشبان، وقيل سميت بالإشبان الذين سكنوها في الأول من الزمان، وسميت بعد ذلك بالأندلس من أسماء الأندليش الذين سكنوها.
      وسميت جزيرة الأندلس بجزيرة لأنها شكل مثلث وتضيق من ناحية شرق الأندلس حتى تكون بين البحر الشأمى والبحر المظلم المحيط بالأندلس خمسة أيام، ورأسها العريض نحو من سبعة عشر يوماً، وهذا الرأس هو في أقصى المغرب في نهاية انتهاء المعمور من الأرض محصور في البحر المظلم، ولا يعلم أحد ما خلف هذا البحر المظلم، ولا وقف منه بشر على خبرٍ صحيحٍ لصعوبة عبوره وإظلامه، وتعاظم موجه وكثرة أهواله، وتسلط دوابه وهيجان رياحه، حسبما يرد ذلك في موضعه اللائق به إن شاء الله تعالى، وبلاد الأندلس مثلث الشكل كما قلناه.
      ويحيط بها البحر من جميع جهاتها الثلاث؛ فجنوبيها يحيط به البحر الشأمى، وجوفيها يحيط به

      وجهته ولى ششبوت بن الملك غيطشه ميمنته وأخاه ميسرته، وهما الولدان الذان سلبهما ملك أبيهما، فبعثا إلى طارق يسألانه الأمان إذا مالا إليه عند اللقاء بمن معهما، وعلى أن يسلم إليهما ضياع والدهما غيطشة إن ظفر، فأجابهما طارق إلى ذلك، وعاقدهما عليه؛ فلما التقى الجمعان انحاز هذان الغلامان إلى طارق، فكان ذلك سبب الفتح، وكان الطاغية لذريق في ستمائة ألف فارسٍ.
      وقد خرجت عن حكم الاختصار الذى التزمت في هذا الوضع فلنقتصر على هذا القدر، وأما ذكر بلاد الأندلس فتأتى في مواضعها اللائقة بها إن شاء الله تعالى.
      وافتتحت الأندلس في أيام الوليد بن عبد الملك، فكان فتحها من أعظم الفتوح الذاهبة بالصيت في ظهور الملة الحنيفية؛ وكان عمر بن عبد العزيز معتنياً بها، مهتماً بشأنها، وهو الذي قطعها عن نظر وإلى إفريقية وجرد لها عاملاً من قبله.

      أبال
      حصن بالأندلس في شمال قرطبة وعلى مرحلة منها، وهو الحصن الذي فيه معدن الزئبق.
      وفيه يعمل الزنجفور ومنه يتجهز بالزئبق والزنجفور إلى جميع أقطار الأرض، ويخدم هذا المعدن أكثر من ألف رجلٍ، فقوم للنزول وقطع الحجر، وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن، وقوم لعمل أواني السبك والتصفية، وقوم لبنيان الأفران والحرق، ومن وجه الأرض إلى أسفله فيما حكى أكثر من مائة قامةٍ.
      وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
      العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صر .


      أبذة

      مدينة بالأندلس.
      بينها وبينب بياسة سبعة أميال، وهي مدينة صغيرة وعلى مقربة من النهر الكبير، ولها مزارع وغلات، قمح وشعير، كثيرة جداً.
      وفي سنة 609 مالت عليها جموع النصرانية بعد كائنة العقاب، وكان أهلها قد أنفوا من إخلائها كما فعل جيرانها أهل بياسة، ولم ترفع تلك الجموع يداً عن قتالها حتى ملكتها بالسيف، وقتل فيها كثير، وأسروا كثيراً، ووقع على ما كان فيها بين أجناس النصارى خصام آل إلى الشحناء والافتراق، وكفى الله المسلمين بذلك شراً كثيراً، وكان بعضهم قد طلب أبذة فتنافسوا فيها ولم يأخذها أحد منهم وخربوا أسوارها.

      أبطير
      حصن بالأندلس بمقربة من بطليوس، من بناء محمد بن أبي بعامر من جليل الصخر، داخله عين ماء خرارة، وهو اليوم خالٍ.
      وعلى مقربة منه، بنحو ثلاث غلاءٍ، قبر في نشزٍ من الأرض قد نحت في حجرٍ وقد نضد عليه صفائح الحجارة، ويعرف بقبر الشهيد، ولا يعلم له وقت لقدمه، يرفع عنه بعض تلك الصفائح فيرى صحيح الجسم لم يتغير، نابت الشعر.
      وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الح

      أربونة
      مدينة هي آخر ما كان بأيدي المسلمين من مدن الأندلس وثغورها مما يلي بلاد الإفرنجة، وقد خرجت من أيدي المسلمين سنة 330مع غيرها مما كان في أيدي المسلمين من المدن والحصون.

      أرجونة
      مدينة أو قلعة بالأندلس، إليها ينسب محمد بن يوسف بن الأحمر الارجوني من متأخرى سلاطين الأندلس.

      أرشذونة
      بالأندلس وهي قاعدة كورةٍ، ومنزل الولاة والعمال، وهي بقبلى قرطبة، تسقى أرضها وتطرد في نواحيها عيون غزار، وأنهار كبار، وهي برية بحرية، سهلها واسع وجبلها مانع، وسورها الآن مهدوم، ولها حصن فوق المدينة، ولها مدن كثيرة، وبها آثار قديمة، ومن مدنها مالقة، بينهما وعشرون ميلاً.

      أرغون
      هو اسم بلاد غرسية بن شانجه تشتمل على بلادٍ ومنازل وأعمالٍ.


      أركش

      حصن بالأندلس على وادي لكه وهو مدينة أزلية قد خربت مراراً وعمرت، وعندها زيتون كثير.

      أرنيط
      مدينة بالأندلس أولية بينها وبين تطيلة ثلاثون ميلاً، وحواليها بطاح طيبة المزارع، وهي قلعة عظيمة منيعة من أجل القلاع، وفيها بئر عذبة لا تنزح، قد أنبطت في الحجر الصلد؛ وهذه القلعة مطلة على أرض العدو، وبينها وبين تطيلة ثلاثون ميلاً.

      إستجة
      بين القبلة والغرب من قرطبة بينهما مرحلة كاملة، وهي مدينة قديمة لم يزل أهلها في جاهليةٍ وإسلامٍ على انحرافٍ وخروج عن الطاعة. ومعنى هذا الاسم عندهم جمعت الفوائد؛ وفي أخبار الحدثان إنه كان يقال: إستجة البغي، مذكورة باللعنة والخزى، ويذهب خيارها، ويبقى شرارها.
      وكانت هيئتها التي ألفاها عليها طارق بن زياد أن سورها كان قد عقد بسورين أحدهما صخر أبيض والثاني صخر أحمر بأجمل صنعةٍ وأحكم بناءٍ، وردم وسوى ووضع في مواضع الشرفات من المرمر صور بني آدم من كل الجهات تواجه القاصد نحوها فلا يشك الناظر أنها رجال وقوف، وكان لها من الأبواب باب القنطرة شرقي، باب أشونة قبلي، باب رزق غربي، باب السويقة جوفي، وغير ذلك من الأبواب، والمدينة مبنية على الرصيف الأعظم المسلوك عليه من البحر إلى البحر.
      وكانت إستجة واسعة الأرباض ذات أسواقٍ عامرةٍ وفنادق جمةٍ، وجامعها في ربضها مبنى بالصخر له خمس بلاطات على أعمدة رخامٍ، وتجاوره كنيسة للنصارى؛ وبإستجة آثار كثيرة ورسوم تحت الأرض موجودة وهي منفسحة الخطة، عذبة الأرض، زكية الريع، كثيرة الثمار والبساتين، نضيرة الفواكه والزرع، ولها أقاليم خمسة.
      وكان أهل إستجة ممن خلع وخالف، فافتتحها عبد الرحمن بن محمد على يد بدر الحاجب سنة 300، فهدم سورها ووضع بالأرض قواعدها، وألحق أعاليها بأسافلها، وهدم قنطرة نهرها، وفي ذلك يقول أحمد بن محمد بن عبد ربه "طويل".


      فـأولـه سـعــد وآخـــره نـــجـــح
      ألا إنـه فـتــح يقـــر لـــه الفـتـح
      تقـدمهـا نـصـر وتـابعهــا فـتـح

      سـرى القـاعـد الـمـيمـون خـير سـرية
      فلقـوا عـذابـاً كـان مـوعـده الـصـبـح
      ألـم تـره أردى بـإسـتـجة الـــعـــدا
      يتـم لـه عـنــد الإمـــام ولا صـــلـــح

      فـلا عـهـد لـلـمـراء مـن بـعـد هـذه
      وقـد مـسـهـم قـدح ومـا مـسـنـا قـــدح

      فـولــوا عـبـاديد بـكــل ثــنـــية


      أشبونة
      بالأندلس من كور باجة المختلطة بها، وهي مدينة الاشبونة، والأشبونة بغربي باجة، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها، واسمها قودية، وسورها رائق البنيان، بديع الشأن، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمدٍ من رخام مثبتةٍ على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها، ولها باب غربي أيضاً يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم، وباب شرقي يعرف بباب الحمة، والحمة على مقربةٍ منه ومن البحر ديماس ماءٍ حارٍ وماءٍ باردٍ، فإذا مد البحر واراهما؛ وباب شرقي أيضاً يعرف بباب المقبرة.
      والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر، لها سور وقصبة منيعة؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء، وهو من عجائب الأرض.
      ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف بدرب المغرورين، وذلك أن ثمانية رجال، كلهم أبناء عمٍ، اجتمعوا فابتغوا مركباً وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهرٍ، ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية، فجروا بها نحواً من إحدى عشر يوماً؛ فوصلوا إلى بحرٍ غليظ الموج، كدر الروائح، كثير التروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية اثنى عشر يوماً؛ فخرجوا


      أشونة

      من كور إشتجة بالأندلس بينهما نصف يوم، وحصن اشونة ممدن، كثير الساكن.

      إصطبة
      مدينة بالأندلس على خمسة وعشرين ميلاً من قلشانة، ومن قلشانة، وهي قاعدة شذونة، إلى قرطبة أربعة أيامٍ، ومن الأميال مائة ميلٍ وعشرة أميالٍ.

      إغرناطة
      مدينة بالأندلس، بينها وبين وادي آش أربعون ميلاً، وهي من مدن إلبيرة.
      وهي محدثة من أيام الثوار بالأندلس، وإنما كانت المدينة المقصودة إلبيرة؛ فخلت وانتقل أهلها منها إلى إغراناطة، ومدنها وحصن أسوارها، وبنى قصبتها حبوس الصنهاجى، ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس؛ فكملت في أيامه، وعمرت إلى الآن، ويشقها نهر يسمى حدره، وبينها وبين إلبيرة ستة أميال، وتعرف بإغرناطة اليهود لأن نازليها كانوا يهود، وهي اليوم مدينة كبيرة قد لحقت بأمصار الأندلس المشهورة، وقصبتها بجوفيها، وهي من القصاب الحصينة، وجلب الماء إلى داخلها من عينٍ عذبةٍ تجاورها، والنهر المعروف بنهر فلوم ينقسم عند مدينتها قسمين: قسم بحري في أسفل المدينة، وقسم يجري في أعلاها، يشقها شقاً، فيجري في بعض حماماتها، وتطحن الأرحاء عليه خلال منازلها، ومخرجه من جبلٍ هناك، وتلقط في جرية مائه برادة الذهب الخالص، ويعرف بالذهب المدتى، ومقبرة إغرناطة بغربيها عند باب إلبيرة.
      وفحص إلبيرة أزيد من مسافة يومٍ في مثله يصرفون فيه مياه الأنهار كيف شاؤوا كل أوان، ومن جميع الأزمان، وهو أطيب البقاع نفعةً، وأكرم الأرضين تربة، ولا يعدل به مكان غير غوطة دمشق وشارحة الفيوم، ولا تعلم شجرة تستعمل وتستغل إلا وهي أنجب شيء في هذا الفحص، وما من فاكهةٍ توصف وتستظرف إلا وما هناك من الفاكهة فوقها، ويجود فيها من ذلك ما لا يجود إلا بالساحل من اللوز وقصب السكر وما أشبهما. وحرير فحص إلبيرة هو الذي ينتشر في البلاد، ويعم الآفاق، وكتان هذا الفحص يربو جيده على كتان النيل، ويكثر حتى يصل إلى أقاصي بلاد المسلمين، وبإلبيرة معادن جوهرية من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص والتوتيا، وجبل الثلج هو جبل يشرف على جبل إلبيرة.

      إفراغة
      مدينة بقرب لاردة من الأندلس، بينهما ثمانية عشر ميلاً، وهي على نهر الزيتون، حسنة البناء لها حصن منيع لا يرام وبساتين كثيرة لا نظير لها.
      وحاضرها العدو في جمع كثيفٍ، وآلى زعيمهم ابن ردمير على نفسه ألا يبرح حتى يأخذها عنوةً، وذلك سنة525، في شهر رمضان منها، فسهد إليه يحيى بن علي بعزمة صادقةٍ ونيةٍ صحيحةٍ في جموعه؛ فلقاه الله تعالى بركتها، وأجناه ثمرتها، وهزمه بعد أن قتل أكثر رجاله، والجملة التي بها كان يصول من أبطاله، وفر اللعين وسيوف المجاهدين تأخذ منه، وعزيمتهم لا تقلع عنه، إلى أن أوى إلى حصنٍ خربٍ في رأس جبلٍ شاهقٍ مع الفل الذي بقي معه بعد الإمساء، وأحدق المسلمون تلك الليلة بذلك الحصن يرقبونه؛ ولما أيقن أنه سيصطلم إن أقام هناك تسلل في ظلمة الليل من ذلك الموضع واتخذ الليل جملاً، وإذا رأى غير شيء ظنه رجلاً.
      وانصرف المسلمون مغتبطين بغنيمتهم وأجرهم وكان ذلك سبباً لبقائها بأيدي المسلمين، إلى أن ينقضى أجل الكتاب.
      ففي صفة الحال، يقول شاعر الشرق في وقعة يحيى بن علي هذه، أبو جعفر بن وضاح المرسى، من قصيدةٍ يمدحه بها بسيط:

      وشـب مـنــك الأعـــادي نـــار غـيان
      شـمـرت بـرديك لـمـا أسـبـل الـوانـــى
      كالـعـين يهـفـو عـلـيهـا وطـف أجـفـان
      دلـفـت فـي غـابة الـخـطـى نـحــوهــم
      كـأنـمـا شـربـوا مـنـهــا بــغــدران

      عـقـرتـهم بـسـيوف الـهـنـد مـصـلـتـه
      من يكسر النبـع لـم يعـجـز عـن الـبـان

      هـون عـلـيك سـوى نـفـسٍ قـتـلـتـهـم
      مـقـادر أغـمـدت أسـياف شـــجـعــان

      أودى الصـمـيم وعـاقـت عـن هـيئتـهـم
      إلا فـرائد أشــياخ وشــــبــــــان

      وقفـت والـجـيش عـقـد مـنك مـنـتـثرا
      كـأن تـصـهـالـهـا تـرجـــيع ألـــحـان

      والخيل تنحـط مـن وقـع الـرمـاح بـهـا


      أقش
      مدينة هي كانت قاعدة الجليقيين، بينها وبين ليوزدال ثلاثون ميلاً، وكانت أقش قبل هذا منسوبة إلى غرسية بن لب، وهي مبنية بالصخر المربع الكبير، وهي على نهر كبير يدخل منه المجوس بمراكبهم إليهم، وفي المدينة حمة غزية الماء، واسعة الفضاء، يستحم أهلها في جنباتها على بعدٍ من عنصرها لشدة سخونته.

      أقليش
      مدينة لها حصن في ثغر الأندلس، وهي قاعدة كور شنتبرية، وهي محدثة ، بناها الفتح بن موسى بن ذى النون، وفيها كانت ثورته وظهروه في سنة160، ثم اختار أقليش داراً وقراراً، فبناها ومدنها، وهي على نهرٍ منبعثٍ من عين عاليةٍ على رأس المدينة، فيعم جميعها، ومنه ماء حمامها؛ ومن العجائب البلاط الأوسط من مسجد جامع أقليش فإن طول كل جائزةٍ من جوائزه مائة شبرٍ وإحدى عشر شبراً، وهي مربعة منحوتة مستوية الأطراف.


      أقيانس

      هو اسم لبحر الظلمات، ويقال له البحر الأخضر، والمحيط الذي لا يدرك له غاية، ولا يحاط بمقداره، ولا فيه حيوان، وهو الذي يخرج منه البحر الرومي الذي هو بحر الشأم ومصر والغرب والأندلس، فإنه خليج يخرج من هذا البحر، وقد خاطر بنفسه خشخاش من الأندلس، وكان من فتيان قرطبة، في جماعة من أحداثها، فركبوا مراكب استعدوها، ودخلوا هذا البحر، وغابوا فيه مدةً، ثم أتوا بغنائم واسعةٍ وأخبارٍ مشهورةٍ.
      وإنما يركب من هذا البحر مما يلي المغرب والشمال، وذلك من أقاصي بلاد السودان إلى برطانية، وهي الجزيرة العظمى التي في أقصى الشمال، وفيه ست جزائر تقابل بلاد السودان تسمى الخالدات، ثم لا يعرف أحد ما بعد ذلك، وستأتي إن شاء الله تعالى حكاية أخرى عمن دخل هذا البحر أطول من هذه في موضعها في ذكر الأشبونة.

      إلبيرة
      من كور الأندلس، جليلة القدر، نزلها جند دمشق من العرب، وكثير من موالى الإمام عبد الرحمن بن معاوية، وهو الذي أسسها وأسكنها موالية، ثم خالطتهم العرب بعد ذلك؛ وجامعها بناه الإمام محمد، على تأسيس حنش الصنعاني، وحولها أنهار كثيرة، وكانت حاضرة إلبيرة من قواعد الأندلس الجليلة، والأمصار النبيلة، فخربت في الفتنة وانفصل أهلها إلى مدينة غرناظة، فهي اليوم قاعدة كورها، وبين إلبيرة وغرناطة ستة أميال.
      ومن الغرائب أنه كان بناحية مدينة إلبيرة فرس قد نحت من حجر صلدٍ قديم هناك لا يعلم واضعه، فكان الغلمان يركبونه ويتلاعبون حوله، إلى أن انكسر منه عضو، فزعم أهل إلبيرة أن في تلك السنة التي حدث فيها كسره تغلب البربر على مدينة إلبيرة فكان أول خرابها.
      ومدينة إلبيرة بين القبلة والشرق من قرطبة، ومنها إبراهيم بن خالد، سمع من يحيى وسعيد بن حسان، وسمع من سحنون، وهو أحد السبعة الذين اجتمعوا في إلبيرة في وقتٍ واحدٍ من رواة سحنون، ومنها أبو إسحق بن مسعود الإلبيرى صاحب القصيدة الزهدية التي أولها وافر.


      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

      تعليق


      • #4
        اللقاء الحضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي

        التقسيم الإداري في الأندلس

        إن من يدرس جغرافية شبه وجزيرة "أيبيريا"، يجد أن حدودها الطبيعية تصلح تماماً لأن تكون حدوداً سياسية إدارية،فسلاسل الجبال ووديان الأنهار التي تقطعها في خطوط مستعرضة من الشرق إلى الغرب أو العكس، قد قسمتها إلى أقسام طبيعية يمكن تحويلها إلى وحدات إدارية وعسكرية واضحة المعالم. فما كان على المنظم أو الإداري إلا أن يثبت حدود هذه الوحدات ويعين قواعدها، فلا يجد صعوبة في إدارتها وجباية خراجها. وهذا ما فعله الرومان والقوط. ثم جاء المسلمون فاحتفظوا بهذه التقسيمات الإدارية ولكنهم سموها مدناً بدلا من كيفتاس Civtasا ، " وكورا " بمعنى ولايات- بدلاً من بروفنكياس Provingias، وأضافوا إليها عدداً من المنشآت التي تعطيها الطابع الإسلامي المميز لها كالمسجد الجامع، وقصر الإمارة أو الخلافة، والأسواق والقيساريات إلى غير ذلك مما يناسب طبيعة دولتهم الإسلامية. هذا إلى جانب ما أضافوه من مدن جديدة لأن البناء والعمران من مستلزمات التحضر ومثال ذلك:
        (1) الجزيرة الخضراءAlceciras التي بناها "طارق بن زياد " بجوار جبل طارق، وكانت تعرف بجزيرة أم حكيم محلى اسم زوجته التي تركها هناك أثناء قيامه بفنج الأندلس.
        (2) طريفTarifa، غربي الجزيرة الخضراء، وهي على اسم "طريف بن مالك " أحد قوادا، موسى بن نصير" الذي أغار على هذه المنطقة فسميت البلدة باسمه.
        (3) قلعة أيوب Calayud في شمال أسبانيا. بناها "أيوب بن حبيب اللحنمي الذي ولي الأندلس بعد مقتل ابن عمته "عبد العزيز بن موسى بن نصير".
        (4) مدينة سالم Medinaceli في شمال أسبانيا. بناها "سالم بن ورعمال المصمودي " أحد قواد البربر الذين شاركوا في فتح الأندلس.
        (5) تطيلة TUDELA على وادي الأبرو في شمال أسبانيا، بناها الأمير!الحكم بن هشام المعروف بالربضي ، وينسب إليها الشاعر "أبو العباس القيسي المعروف بالأعمى التطيلي (ت 532 هـ1127 م) ".
        (6) مرسيةMURCIA في شرق الأندلس وقد تعني المرساة التي أرسيت قواعدها. بناها الأمير "عبد الرحمن الأوسط الأموي سنة 216 هـ/ 83 م) " وينسب إليها علماء كثيرون مثل "ابن سيده اللغوي الصنوير (ت 08 4 هـ/065 م) "صاحب المخصص في اللغة، والعالم "ابن سبعين (ت 669 هـ ) صاحب الرد العلمي المشهور على الإمبراطور "أفريدريك الثاني "، والفيلسوف الصوفي "محيي الدين بن عربي (ت 638 هـ)،ا صاحب كتاب الفتوحات الملكية.
        (7) مجريط MADRID عاصمة أسبانيا الحالية، بناها "الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط (338- 373 هـ) "، وينسب إليها الرياضي الفلكي " مسلمة المجريطي (ت 394 هـ) ".
        (8) المريةALMERIA قاعدة الأسطول الأندلسي في شرق أسبانيا، بناها المسلمون الأوائل وازدهرت في عهد الخليفة "عبد الرحمن الناصر،"، وينسب إليها "بنو ميمون " قادة ا لأسطول الأندلسي والمـغربي على عهد، المرابطين " و " الموحدين ، والعالم الزاهد "أبو العباس بن العريف (ت 535 هـ) " صاحب كتاب محاسن المجالسة. وقد يكون اسم المرية يعذي المرئية أي التي ترى من بعيد في البحر عن طريق مناراتها.
        (9) سهلة بني رزينALBARRACIN في شمال شرق مدريد، نسبة إلى أمراء بني رزين المغاربة الذين حكموا تلك المنطقة. ولا يفوتنا أن نشير إلى اسم البرانس الذي أطلق على بعض جبال أسبانيا الشمالية، وهو اسم قديم لكتلة البربرالبرانس " في المغرب التي تنتمي إليها قبيلة "صنهاجة". هذا إلى جانب المنيات والحصون والقصور والقرى التي ما زالت أسماؤها العربية والمغربية تزخر بها الأراضي الأسبانية.
        هذا، ويلاحظ أن كلا من الكور والمدن في الأندلس، كان لها استقلالها الإداري عن العاصمة قرطبة، وهذا يدل على أن الأندلسيين لم يحرصوا على نظام المركزية في جهازهم الإداري، لأن طبيعة البلاد الجبلية تتنافى مع هذا التركيز سواء في الكور أو المدن. فولاة الكور وقواد المدن كان لهم قسط كبير من النفوذ المحلي وحرية التصرف دون الرجوع إلى الخليفة في "قرطبة". ولكن القول بأن هذه اللامركزية كانت صفة عامة في تاريخ أسبانيا الإسلامية والمسيحية بوجه عام حتى اليوم.

        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

        تعليق


        • #5
          نظام الحكم والإدارة أو ما يسمى بالخطط

          حظيت الأندلس بنظام حكم إداري متطور إلى حد كبير عن مثيله في الشرق الإسلامي أو الغرب المسيحي.
          فإذا تناولنا خطة الوزارة فني قرطبة عاصمة الأندلس في عهد الدولة الأموية، وجدنا أنها كانت متعددة المناصب ولها رئيس وزراء يسمى الحاجب، وهو الذي يتصل بالخليفة. وهذا التعدد في مناصب الوزراء لا نجده في نظام الوزارة بالشرق الإسلامي أو الغرب الأوروبي، حيث كانت السلطة مركزة في يد وزير واحد، وقلما وجد وزيران،. أما في الأندلس فكل ناحية من نواحي الإدارة العامة مثل المال والترسيل والمظالم والثغور، لها وزير مختص بها، ثم هناك الرئاسة العامة للوزارة وهي الحجابة التي تختلف عن الشرق، حيث كان الحاجب هو الشخص الذي يقف بباب الخليفة أو السلطان. كذلك وجد في القصر الخلافي بالأندلس بيت خاص لانعقاد مجلس الوزراء فيه. فالوزارة في الأندلس كانت قريبة الشبه بنظم الوزارات الحديثة CABINET OF MINSTERS وهي في هذا تختلف عن نظام الوزارة المعروف في الشرق أو الغرب في العصر الوسيط. ومن الطريف أن وزير المالية في الأندلس كان يسمى في بعض الأحيان بصاحب الأشغال وهي نفس التسمية المستعملة اليوم في أسبانيا، حيث يسمى وزير الماليةMINISTRO DE HACIENDA أي وزير الأشغال وتعني وزير المالية.

          وما يقال عن الوزارة يقال أيضا عن خطة القضاء في الأندلس، إذ نلاحظ فرقاً جوهرياً بين منصب قاضي القضاة في الشرق وقاضي الجماعة في الأندلس. فقاضي القضاة في بغداد أو القاهرة هو قاضي الدولة كلها، ومن سواه من القضاة في الأقاليم والأمصار نواب عنه، فهو المتصرف فيهم تعييناً وعزلاً ، ولهذا يلقب بقاضي القضاة فقط أو قاضي بلد كدا. أما قاضي الجماعة في الأندلس فهو قاضي العاصمة قرطبة.
          والجماعة هنا تفسر بالجماعة الإسلامية التي استقرت في العاصمة الجديدة قرطبة. ولهذا فإن سلطته كانت قاصرة على قرطبة ونواحيها فقط، بمعنى أنه لم يكن له سلطان على بقية القضاة في الكور والمدن الأندلسية الأخرى، فهم مستقلون بأنفسهم وليسوا نواباً عنه، وهو لا يمتاز عنهم إلا من الناحية الأدبية فقط، بحكم كونه قاضياً للعاصمة، ومستشاراً للخليفة، وإماماً للصلاة في أيام الجمعة والأعياد. وهكذا نحد أن نظام القضاء في الشرق اتسم بطابع المركزية بينما اتبع في الأندلس نظام اللامركزية.
          هذا وقد كان يوجد في الأندلس حق الاستئناف، فالخصم الذي لا يرضيه حكم القاضي، يستطيع أن يتظلم أمام قاض أخر يسمى صاحب الرد، الذي كان ينظر في القضية مرة ثانية، فإذا وجد فيها مظلمة ردها للقاضي، أو رفعها للسلطان كي يصدر فيها حكمه بعد استشارة مجلس المشورة الذي كان يضم قضاة الفتيا.
          ويبدو أن ولاية الرد لم تكن موجودة إلا في المغرب والأندلس إذ أن فقهاء الشرق ولا سيما أبا الحسن الماوردي لم يذكرها في كتابه "الأحكام السلطانية". ويبدو أن صاحب الرد كان يشبه وزير الشكايات الذي ظل يقوم بدور الاستئناف في المغرب إلى عهد قريب. ولقد وجد في المشرق ديوان المظالم، ولكن لم تكن له صفة الثبات والديمومة مثل ولاية الرد. هذا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الغرب الإسلامي بصفة عامة، سار على سياسة تشريعية هامة وهي التمسك بالمذهب الواحد في قضاياه الدينية والدنيوية، ألا وهو المذهب المالكى ، حتى قيل أن أهل المغرب والأندلس لا يعرفون سو ى كتاب الله وموطأ مالك بن أنس " عالم دار الهجرة ت (179 هـ)، ولا شك أن هذه السياسة التي تتفق مع وضع المغرب والأندلس الجغرافي والحربي كثغور إسلامية ، قد جنبت تلك البلاد شرور الفتن والخلافات المذهبية، وحفظت لها سلامتها ووحدتها الروحية، فكانت لذلك درعاً واقياً للإسلام في أقصى الغرب، وهذه الظاهرة لا نجدها في المشرق مثل القاهرة ودمشق وبغداد التي تعددت فيها المذاهب والفرق، واشتدت الخلافات بينها، ومع ذللت كان لا يخشى عليها من هذا التعدد والخلاف المذهبي لأنها تقع في قلب العالم الإسلامي. ومن الطريف أن الممالك المسيحية الأسبانية المتاخمة للمسلمين في الأندلس، قد اتبعت هي الأخرى سياسة المذهب الديني الواحد باعتبارها هي الأخرى ثغراً للمسيحية في هذه المنطقة. فاقتصرت على المذهب الكاثوليكي، وتعصبت له حتى ضرب بها المثل بأنها أكثر تعصباً للكاثوليكية من البابا نفسه MASPAPISTAOUE EL PAPA وهذا الموقف المتشابه بين الجبهتين يدل على التداخل الحضاري بينهما.
          بقي أن نشـير إلى نقطة هامة وهي أن دخول المذهب المالكي في الأندلس، لم يلبث أن تأثر بعوامل البيئة المحلية، وأصبح له مظهر فقهي أندلسي مالكي مستقل. مثال ذلك أن الأندلسيين رغم اعتناقهم المذهب المالكي، أخذوا ببعض تعاليم إمام أهل الشام ودفين بيروت "أبي عمرو الأوزاعي (ت 157 هـ) "، والإمام المصر ي !الليث بن سعد (ت 75اهـ) " وفي ذلك يقول الفقيه "أبو الحسن النباهي المالقي (القرن 8 هـ) " في كتابه "المرتبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا" ص 149: "ومن المسائل التي خالف أهل الأندلس فيها مذهب مالك بن أنس هي أنهم أجازوا كراء الأرض بالجزء مما يخرج منها (أي الإيجار على الجزء المزروع منها فقط) وهو مذهب "الليث بن سعد "، وأجازوا غرس الأشجار في صحون المساجد وهو مذهب "الأوزاعي ".
          وقد تابع حكام الأندلس هذا التقليد في مساجد الأندلس ابتداء من "عبدالرحمن الأول " (الداخل) الذي أمر الفقيه "صعصعة بن سلام " صاحب الصلاة بالجامع (ت 193 هـ) بغرس صحن جامع قرطبة بالأشجار البديعة. واستمرت هذه العادة الجميلة منتشرة في مساجد الأندلس إلى يومنا هذا حيث نجد أشجار الليمون والنارنج (أحد أشجار الموالح المزهرة! في صحن المسجد الأموي بقرطبة بل وفي الكنائس أيضاً .
          وإلى جانب القاضي في الأندلس، كان يوجد صاحب الشرطة الذي ينظر ويفصل في الجرائم السياسية والمدنية وكل ما يتعلق بحفظ الأمن في البلاد، فهو بمثابة قاضي الجنايات والمخالفات التي لا تدخل في اختصاص القاضي لأنها لا تتقيد أحكامها بأحكام الشرع تماماً، وفي هذا يقول "ابن خلدون ": وقد رؤى من باب السياسة تنزيه القاضي عن هذه السلطة المدنية، ووضعها في يد شخص أخر يكون عادة من كبار القادة وعظماء الخاصة وهو صاحب الشرطة". ويضيف "ابن خلدون " أن خطة الشرطة في الأندلس كانت تنقسم إلى شرطة عليا تنظر في الجرائم التي يرتكبها علية القوم، وشرطة صغرى تنظر إلى الجرائم التي يرتكبها عامة الناس. ولا شك أن هذا النظام الطبقي في المحاكمات يتنافى مع روح الإسلام. إلا أنه يعتبر من الأنظمة التي انفردت بها الأندلس.
          وكان يعاون صاحب الشرطة رجال من العسس الذين يطوفون باالليل للحراسة ويعرفون بالدابين، لأن المدينة الأندلسية كانت لها دروب أو أبواب تغلق في أول الليل بواسطة هؤلاء الدابين، وكان كل واحد منهم معه كلب وسلاح وسراج. ومن الطريف أن عادة غلق الأبواب ليلاً بواسطة دابين ما زالت متبعة في أسبانـيا منذ السماعة العاشرة ليلاً، وبواسطة درابين يعرفون باسم سيرينوس SERENOS (أي الساهرون)، فكل من يريد الخروج من المنزل أو الدخول فيه أثناء الليل عليه أن ينادي على هذا الحارس الليلي بطريقة التصفيق. وهذا الاستمرار في وظيفة الحراسة الليلية على الطريقة الأندلسية يعتبر إسهاماً حضارياً في هذا المجال.
          وإلى جانب الشرطة، كانت هناك خطة الحسبة للإشراف على المعاملات الجارية في الأسواق، ومحاربة المنكرات فيها، إلى جانب الإشراف على الآداب العامة وأخلاق المجتمع في المساجد والمدارس والحمامات والأزقة والطرقات. ويلاحظ أن ولاية المحتسب في بلاد المغرب والأندلس، كانت أكثر تحديداً وضرورة لمقتضيات، الحياة منها في المشرق، ولهذا استمرت فيها بدون انقطاع. ولعل أحسن دليل على أهمية المحتسب من الناحية العملية في الأندلس، أن ملوك أسبانيا المحتسيين كانوا كلما استردوا إقليماً من المسلمين، ابقوا فيه المحتسب. ولهذا دخل لفظ المحتسب في اللغة الأسبانية تحت اسمALMOTACEN، ويطلق على الوالي المكلف بضبط الموازين والمكاييل. أما في المغرب
          فالأدلة على أهمية وظيفة المحتسب وشدة الحاجة إليها أنها باقية مستمرة حتى اليوم في المدن والبوادي المغربية، بينما زالت من المشرق. ويلاحظ أن اختصاصات المحتسب حالياً في المغرب لا تختلف كثيراً عما كانت عليه في العصر الوسيط.

          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #6
            الدولة الأموية


            فتحت بلاد طارق بن زياد بتوجيه من والى إفريقية الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسة، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة 132هـ، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية -الأندلس ليبعد عن العباسيين، فراسل الأمويين بالأندلس يوسف الفهري. فكوَّن عبد قرطبة، فتقابل مع جيش الفهري في موقعة عرفت باسم «المصارة» انتهت بهزيمة الفهري وقتله ودانت عبد الرحمن الداخل. ويعد هذا الدولة الأموية في عبد الرحمن الداخل عقبات وتحديات كثيرة من أجل توطيد الأندلس، وخاض فترة الصراع مع دولة الخلافة العباسية وذيولها وبعض الطامحين إلى الحكم. فلقد شجع العباسيون واليهم على إفريقية العلاء بن المغيث على إخضاع عبد الرحمن الداخل، فاستجاب العلاء وعبر البحر إلى عبد الرحمن الداخل. وإلى جانب ذلك اشترك بعض العرب الساخطين على الداخل في مؤامرة دنيئة مع الزعيم النصراني شارلمان ضد سرقسطة قاموا بمواجهة هؤلاء العرب الخائنين فباءت مؤامرتهم بالفشل، ولصمود الأمير الأموي صقر قريش».
            واستقر الأمر في
            الدولة الأموية حتى عام 422هـ مرت خلالها الدولة بفترات قوة وضعف، وفيما يلي قائمة بأسماء حكام هذه الدولة:

            Ø عبد الرحمن الداخل 138هـ .
            Ø عبد الرحمن 172هـ .
            Ø هشام 180هـ .
            Ø هشام 206هـ .
            Ø عبد الرحمن 238هـ .
            Ø محمد 273هـ .
            Ø محمد 275هـ .
            Ø ظهرت بعض الإقطاعات القوية في هذه الفترة كإقطاعية بنى حجاج بعبد الرحمن الناصر إلى الطاعة.
            Ø محمد 350هـ .
            Ø عبد الرحمن 366هـ .
            Ø الحكم 366- 399هـ .


            وفي عهد
            المنصور بن أبى عامر إلى أن سقطت الخلافة الأموية عام 422هـ ، وبدأ عهد عبد الرحمن الداخل دور حضاري كبير في فترة حكمه بقرطبة، وأحاطها بسور ضخم، وحفر قناة تمدها بالماء العذب، وشيد بها المباني الضخمة والحمامات، وأكثر من البساتين على ضفة الوادي الكبير، وابتنى بظاهرها قصرًا كبيرًا أسماه «الرصافة»، وكان هذا القصر شرقي المظهر، فقد حفلت حديقته بالنبات الشرقي. ومن منشآت جامع قرطبة الذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، وقد أنفق عليه نفقات كثيرة كما فعل أجداده وهم يشيدون المسجد الأموي في دمشق. واهتم الزراعة، فشق الترع وأنشأ الطرق، كما اهتم بالشئون العلمية، فبنى المدارس في عواصم عبد الرحمن الداخل، وولى الحكم بعده ابنه تاريخ الأندلس ومدنها يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف على الرعية حل عليه سخطه وعزله عن عمله. وحرص عبد الرحمن على نشر اللغة العربية والعناية بها والتي أصبحت لغة التدريس في كل مدارس الأندلس وخاصة خلال فترة حكم عبد الله بن الناصر) الذي حكم من عام 300هـ- 350هـ ، فأثبت أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة. وكانت الأندلس شملت عدة اتجاهات، وحوت أكثر ألوان المعرفة أو كلها، ويقسمها بعض المؤرخين إلى قسمين: حضارة فكرية وحضارة عمرانية.

            ففي مجال الفكر والعلوم الشرعية انتشر المذهب المالكي في هشام بن الأندلس المشهورين: ابن حزم الأندلسي، والإمام أبو القاسم الشاطبىّ، المنذر بن سعيد البلوطي الذي كانت له مواقف رائعة مع الأندلس نهضة كبرى في مجال العلوم العقلية والعملية والطبيعية من فلك والأندلس: أول محاولة للطيران في الطب والأدب والفن فقد برز في علوم الأندلس، وقد طبقت شهرتهم الآفاق ومن هؤلاء:
            ابن مالك صاحب الألفية المشهورة في علم النحو والصرف، الأندلس، بل إن مظاهر الحضارة العمرانية أبرز من مظاهر الحضارة العلمية، وتمثلت أروع مظاهر العمران في الأبنية الضخمة من مساجد ومدن وقصور تدل على تميز الأندلس الزهراء التي بناها طليطلة والمأمون، وقصر الجعفرية في الزهراء في قصيدة طويلة.
            Ø وفي عام 366هـتولى حكم هشام الثاني بن الأندلس، فلقد سيطر على الحكم في عهده الأندلس وبدأ عبد الرحمن الداخل من الشمال الإفريقي إلى عبد الرحمن الداخل على يوسف الفهري الوالي العباسي في موقعة «المصارة» واستطاع دخول للأندلس.
            Ø في العام 142هـ حاول عبد الرحمن الفهري استرداد نفوذه بقرطبة، فسار إليه عبد الرحمن الداخل، وقام بالثورة، وبعد معارك ضارية استطاع الانتصار عليه، وقتل العلاء بن مغيث، ولم يحاول بعدها العباسيون التدخل في شئون عبد الرحمن الداخل، إذ تآمر حاكم سرقسطة قاموا بثورة ضد الحاكم الخائن وحليفه النصراني، وباءت المؤامرة بالفشل.
            Ø في العام 172 هـ توفي هشام بن هشام وأخيه سليمان، وقد أخذ سليمان لنفسه البيعة في هشام ونفي إلى المغرب.
            Ø في العام 181 هـ حدثت ثورة أهل الحكم بن عبد الرحمن، ولكنه تمكن من إخمادها عن طريق الحيلة، واستطاع القضاء على الثوار.
            Ø في العام 206 هـ توفي هشام، وخلفه ابنه عبد الرحمن الأوسط، وفي عهده استتب الأمن، وساد النظام، فانصرف إلى العلم والبناء، والاهتمام بشئون الدولة، واعتنق الإسلام في أيامه عدد كبير من النصارى الأسبان.
            Ø في العام 228 هـ أغار الفرنجة على إشبيلية، وهزموا المسلمين عدة مرات، وأرسل إشبيلية، قاتلت الفرنجة الذين تراجعوا حتى قهروا.
            Ø في العام 238 هـ توفي محمد الأول، وحدثت في عهده عدة ثورات في شمالي طليطلة، فأرسل إليها حملات أحرزت النصر.
            Ø في العام 300 هـ ولى حكم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الرحمن الأندلس بعد أن رأى استبداد الأتراك بالخلافة العباسية.
            Ø في العام 322 هـ عبد الرحمن الناصر مدينة سالم، وتقع شمال شرقي مدريد، كما بنى مدينة «عبد الرحمن الناصر بعد أن وطد أركان البلاد، وخلفه ابنه المستنصر بالله، وكانت أيامه هادئة، والبلاد مستقرة على أسس ثابتة ازدهرت فيها العلوم ونعمت بالعمران.
            Ø في العام 350 هـ تعرضت سواحل بحر الغرب، المحيط الأطلسي، بالحكم المستنصر بالله بن هشام بن المنصور بن أبى عامر قد سيطر على الحكم في عهده وأسس الدولة العامرية، ثم استمرت فترة الفتنة من (399 - 422هـ) حتى سقط الأمويون وخلافتهم، وبدأ عصر دولة المرابطين.

            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

            تعليق


            • #7
              دولة المرابطين


              نشأت دولة المرابطين في القرن الخامس الهجري خارج نطاق
              المغرب بشمالي أفريقيا، ولكن القبائل التي أنشأتها هي قبائل صنهاجة المغربية التي تتزعمها قبيلة جدالة، ورئيسها يحيى بن إبراهيم بن قرغوت الجدالي الذي ذهب إلى الحج، وهناك قابل أحد الدعاة وطلب منه الذهاب معه لتعليم القبائل الصنهاجية الإسلام، وكان هذا الداعية هو عبد الله بن ياسين الجدولي. وصل عبد الله بن ياسين إلى مناطق قبائل صنهاجة يعلمهم الإسلام، فلقي نجاحًا كبيرًا في قبيلة لمتونة، واستطاع تكوين جماعة سميت المرابطين، نظمهم للجهاد في سبيل الله. وبدأ المرابطون من عام 447هـ الجهاد في سبيل الله، وفتح بعض بلاد المغرب بقيادة أبى بكر بن عمر وابن عمه وسف بن تاشفين وهو الذي قاد الحركة المرابطية منذ ذلك الحين، وأسس الدولة الكبرى في المغرب أولاً، ثم اتجه إلى
              يوسف بن تاشفين إلى المعتمد بن عباد لينقذ ابن تاشفين وحقق جيش المرابطين نصر ملوك الطوائف بالذلاقة ودعاهم إلى الوحدة والتآلف لمواجهة النصارى.

              عبر يوسف بن تاشفين النجدة للمرة الثانية، فعبر الأندلس، وهناك لم يأت إليه من المعتمد بن عباد صاحب مرسية، وبعد أن تمكنوا من صد غارات النصارى عاد الأندلس وهو يضمر في نفسه شيئًا ليوسف بن تاشفين للمرة الثالثة إلى طليطلة، ولم يأت أحد من طليطلة، ففك الحصار، ورأى أن يعزل غرناطة فاستولى عليها، وجعلها مركز المرابطين في دول الطوائف لتنصهر جميعًا تحت لواء المرابطين. وفي عام 500هـ توفي يوسف بن تاشفين تولى بعده ابنه على بن يوسف حتى عام 537هـ . وبعد فترة غير قليلة من انتهاء حكم على بن يوسف بدأ الضعف يدب في أوصال دولة المرابطين، إذ بدأ يتوالى على الحكم أمراء ضعاف النفوس، لم يستطيعوا الحفاظ على دولة المرابطين في وجه حملة دولة الأندلس، فما أن وافت سنة 540هـ حتى انتهى ملك المرابطين وتم خضوع الموحدين. هذا وقد حكم دولة المرابطين ستة ملوك منهم:
              1. أبو بكر بن عمر، ويوسف بن تاشفين 480هـ - 500هـ .
              2. على بن يوسف 500هـ - 537هـ .
              3. تاشفين بن على 537هـ - 541هـ .


              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

              تعليق


              • #8
                دولة الموحدين

                بدأت دعوة الموحدين عام 514هـ على يد محمد بن تومرت الذي ينتمي إلى قبيلة هرغة، أحد بطون قبيلة مصمودة التي تنتشر في أغلب أراضى المغرب الأقصى. وقال بالانتساب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أيد بعض المؤرخين هذا الانتساب وأنكره بعضهم، وكان يرى التأويل وينكر على أهل المغرب عدولهم عن التأويل، ثم سار إلى الشرق، ودرس العلم وعاد إلى المغرب، والتقى بالمرابطين، وألف جيشًا ضم عدة قبائل، كان مقره حصن \"تينملل\"، وبدأ يناوئ المرابطون وقتل فيها قائد الجيش الموحدي، وأعداد كبيرة معه، وكان الجيش المرابطي بقيادة أبو بكر بن على بن عبد المؤمن بن على في قيادة الموحدين، الذي استطاع أن يعيد للموحدين قوتهم وأن يستولي على أكثر بلاد السوس. ومرت عملية بناء الدولة الموحدية بأربع مراحل وهى:
                المرحلة الأول: الاستيلاء على مراكش وسهلها الفسيح وقد تمت هذه المرحلة سنة 540هـ - 114م.
                المرحلة الثانية: الاستيلاء على شمال المغرب بما في ذلك فاس وبقية المغرب إلى الزقاق وهو مضيق جبل طارق وقد تمت سنة 542هـ .
                المرحلة الثالثة: فتح المغرب الأوسط وقد تمت بدخول الموحدين مدينة تلمسان ثم الجزائر سنة 548هـ - 1153م.
                المرحلة الرابعة: بسط فيها الموحدون سلطانهم على إفريقيا بما في ذلك شرق إقليم طرابلس وقاموا باستعادة المهدية وجزيرة جربة وبقية سواحل إفريقية من النورمان، وقد تمت سنة 555هـ - 1160م التي تسمى سنة الأخماس، وبذلك يكون الموحدون أول من وحد المغرب العربي كله عدا برقة وما يليها شرقـًا إلى حدود مصر. وقد تحسن وضع الموحدين بعد الانتهاء من حروبهم في إفريقيا، وتمكنوا من الإستيلاء على بلاد المغرب، فاتجهت أنظارهم نحو يوسف بن عبد المؤمن بجيش كثيف إلى أشبونة في غربي يوسف بن عبد المؤمن في الطريق، وقد قيل عنه إنه كان من أعظم خلفاء الموحدين حبًا للعلم وأهله وتقديرًا لرجاله، وقد عاش في أيامه الطبيب ابن الطفيل وموقعة الأرك على النصارى بقيادة الفونس الذي نجا من المعركة بأعجوبة بعد أن قتل أكثر جيشه، ودخل المسلمون بقيادة يعقوب بن يوسف الذي طلب نجدة من المغرب، والتقى الفريقان وانتصر المسلمون مرة أخرى. وفى عام 583هـ كانت الحروب الصليبية على أشدها في المشرق فأرسل صلاح الدين الأيوبي إلى يعقوب بن يوسف لم يكن بوسعه ذلك؛ إذ لم تقل الحروب الصليبية في يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن، وخلفه في الحكم ابنه محمد ولقب بالأندلس على ثغور المسلمين فيها فسار إليها الأندلس، ووصل إلى الناصر. وفى عام 609هـ حاصر محمد بن يعقوب الناصر، ولكن في هذه الموقعة التي عرفت باسم حصن العقاب من أهم أسباب ضعف دولتهم وسقوطها بعد ذلك، إلا أن هذه الهزيمة كانت من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الناصر الموحدي سنة 610هـ، فقد استهلكت قوة الدولة في القتال بين الأمراء. وفى عام (640هــ) وبعد صراع طويل بين أمراء البيت الحاكم بدأ سقوط الدولة تدريجيًا، ففي هذا العام تولى أمر الموحدين على بن إدريس، ولقب بالمعتضد وحارب بنى مرين الذين قوّى أمرهم، وتولى بعد المعتضد عمر بن إسحاق .


                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                تعليق


                • #9
                  بنو الأحمر في غرناطة


                  سقطت الأندلس بعد هزيمتهم في موقعة الأندلس لكي يستولوا على بعض المدن الإسلامية من خلال زحف سريع انتهازًا لفرصة الفوضى التي أعقبت سقوط قرطبة وإشبيلية سنة (646هـ) وأصبح ملك المسلمين محصورًا في مقاطعة الأندلس إلى بنى نصر أمراء الأندلس وكون من جيشًا وبمساعدة بنو مرين في المغرب استطاع محمد بن الأحمر الاستيلاء على الأندلس. وقد تضافرت عدة عوامل أدت إلى تثبيت حكم بنى نصر في غرناطة مما ساعد في وجود قوة إسلامية كبيرة هناك وأيضًا معاونة بنو مرين في المغرب لبنى الأحمر في صراعهم ضد النصارى في المستنصر وكانت علاقته مع بنى مرين بالمغرب تتناوب بين الود والوحشة وكان الأسبان يستغلون فترات الجفاء ليغيروا على المواقع الإسلامية.
                  ـ (678هـ) هاجر النصارى مدينة الجزيرة الخضراء وكادوا إن يستولوا عليها. وشيد
                  قصر الحمراء الفاخر الذي يعد آية في فن غرناطة محمد الرابع مستصرخًا ملك المغرب فأنجده وأرسل معه ابنه على رأس نجدة فأنقذ جبل الفتح وقتل السلطان محمد بين أحد أعدائه عند جبل الفتح في أواخر العام المذكور.

                  ـ في عام (892هـ) تولى الحكم أبو عبد الله محمد بن نصر أخر ملوك المسلمين في
                  الأندلس إلى خيانة هذا الحاكم الذي باع كل المثل من أجل أطماع شخصية فحارب أباه من أجل الملك أنه أحس أن الأب يؤثر أخاه محمد بن سعد المعروف بالزغل عليه، وبينما اتحد النصارى الأسبان حدثت الخلافات والانشقاقات بين الأخوين ولما تولى محمد بن سعد الحكم قام أخاه أبو عبد الله بالتعاون مع الحاكم الصليبي فردينانز لإسقاطه حتى تم النصر للنصارى الأسبان على أخيه توجهوا إليه وسلبوا منه ملكه الذي ضيعه بخيانته وسقطت الأندلس بعد السقوط..


                  تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                  قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                  "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                  وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                  تعليق


                  • #10
                    دول ملوك الطوائف


                    بدأ عصر ملوك الطوائف بالدولة الأموية بالأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة أهمها:
                    1. دولة بن عباد بقرطبة 422هـ - 449هـ .
                    2. بنى حمود بغرناطة 403هـ - 483هـ .
                    3. بنى هود بطليطلة 400هـ - 478هـ .
                    4. بنو الأفطس في بطليوس 413هـ - 487هـ .

                    وهناك إمارات أخرى صغيرة استولى عليها بنو عباد. ولعل من أهم مظاهر عصر ملوك الطوائف أنه عصر الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الأسبان، وخاصة عندما كان يستعين بهم ملوك الطوائف في صراعاتهم مع بعضهم البعض، وكان ألفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات آلتي تطلب مساعداته، وأكثر أمراء هذه الدول لا يستحقون الذكر لأنه لم تكن لهم أي أعمال جليلة قاموا بها، ما عدا دولة بنى عباد التي أسسها القاضي محمد بن عباد بالأندلس في مواجهة تنامي قوة النصارى الأسبان، ولما رأى ملوك الطوائف يستعينون بالنصارى ضد بعضهم البعض قال لهم كلمته المشهورة: \"لأن أرعى الجمال في صحراء العرب خير من أن أرعى الخنازير في قشتالة\"، ولدلك نشير إلى دولة بنى عباد وملوكهم.


                    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                    تعليق


                    • #11
                      المسلمون بالأندلس



                      هل رأيتم هذه القصور
                      الجميلة.. والحدائق البديعة.. والمساجد الشامخة عبر الزمن.. هل رأيتم الزهراء.. وقرطبة.. هل رأيتم إشبيلية وغرناطة.. هل رأيتم... ورأيتم.. إنها بلاد الأندلس.. الفردوس الذي فقدناه منذ خمسة قرون.. وفى رحلة إلى الوراء في صحبة صقر قريش، وعبد الرحمن الناصر، وفى صحبة العمالقة من أهل هذه البلاد.. أدعوكم لسياحة جميلة في تاريخ وحضارة المسلمين في الأندلس عبر ثمانية قرون من الزمان.. منذ أن فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة (92هـ) وحتى سقوط مملكة غرناطة آخر دول الإسلام بالأندلس سنة 897هـ، وقد تعاقب على حكم الأندلس خلال هذه الفترة ستة عصور تاريخية وهى:

                      1. عصر الولاة من سنة 95هـ إلى سنة 138هـ.
                      2. الدولة الأموية بالأندلس من سنة 138هـ إلى سنة 422هـ.
                      3. عصر ملوك الطوائف من سنة 422هـ إلى سنة 484هـ.
                      4. المرابطون بالأندلس من سنة 484هـ إلى سنة 540هـ.
                      5. الموحدون بالأندلس من سنة 541هـ إلى سنة 633هـ.
                      6. دولة بنى الأحمر في غرناطة من سنة 636هـ إلى سنة 897هـ.

                      ورغم ما كان يفصل بين هذه الدول والعصور من فواصل زمنية ومكانية إلا أنها كانت ترتبط جميعًا بحضارة واحدة ذات قيم خالدة وهى الحضارة الإسلامية التي كانت بحق إنسانية عالمية، قامت على الوحدانية في العقيدة، والاستقامة في الأخلاق، وأثبت التاريخ الأندلسي أنها حققت المساواة العنصرية والتسامح الديني بين عناصر المجتمع هذا غير ما كان يميزها من وعى بالزمن ورفق بالحيوان. ونبدأ الحديث عن عصور الأندلس بعصر الولاة الذي برز فيه عبد الرحمن الغافقي الذي واصل الفتوح في أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصليبي، وهزمه في معركة بلاط الشهداء، ثم تأتى الدولة الأموية بالأندلس والتي تعد أزهى العصور جميعًا وأطولها، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المعروف (بصقر قريش)، وقد قام بأعمال عسكرية كثيرة حتى يوطد حكمه في قرطبة، ثم بدأ يسيطر على ما حولها من مدن الأندلس، وقد تعاقب على حكم الدولة بعده تسعة حكام، هم على الترتيب:
                      1. هشام الأول بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 172هـ إلى سنة 180هـ.
                      2. الحكم بن هشام حكم في الفترة من 180هـ إلى سنة 206هـ.
                      3. عبد الرحمن الأوسط بن هشام حكم في الفترة من 206هـ إلى سنة 238هـ.
                      4. محمد بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 238هـ إلى سنة 273هـ.
                      5. المنذر بن محمد حكم في الفترة من 273هـ إلى سنة 275هـ.
                      6. عبد الله بن محمد حكم في الفترة من 275هـ إلى سنة 300هـ.
                      7. عبد الرحمن الثالث الناصر بن محمد حكم في الفترة من 300هـ إلى سنة 350هـ.
                      8. الحكم بن عبد الرحمن حكم في الفترة من 350هـ إلى سنة 366هـ.
                      9. هشام الثاني بن الحكم حكم في الفترة من 366هـ إلى سنة 399هـ.

                      وفى عهد هشام الثاني استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة الأموية عام 422هـ، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل {مؤسس الدولة} جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها المباني الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذي لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتي إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصر الذي يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة في عهده تضاء بالمصابيح ليلاً لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفى سنة 422هـ سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف، فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الإسبان، وكان الفونس أمير النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التي تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط طليطلة في يد النصارى سنة 478هـ فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد بدولة المرابطين في المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكري كبير على النصارى في موقعة الزلاقة، وما لبث المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس من السقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى في موقعة الأرك، واستمرت الأعمال العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم في معركة العقاب، وكانت هذه الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة سنة 512هـ، وبعدها مرسية سنة 633هـ وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة وأصبح حكم المسلمين محصورًا في غرناطة التي أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولة حكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هي الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة 897هـ. والآن يسر موقع يا بيروت أن أصحبكم في جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية في الأندلس عبر العلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات المبهرة في العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد فى إشبيلية، وقصر الحمراء في غرناطة الذي كتب عنه الشاعر الفرنسي الشهير فيكتور هيغو قصيدة طويلة مطلعها:
                      "أيتها الحمراء.. أيتها الحمراء..
                      أيها القصر الذي زينتك الملائكة كما شاء الخيال وجعلتك آيه الانسجام..
                      أيتها القلعة ذات الشرف المزخرفة بنقوش كالزهور والأغصان المائلة إلى الانهدام..
                      حينما تنعكس أشعة القمر الفضية على جدارك من خلال قناطرك العربية يسمع لك في الليل صوت يسحر الألباب".
                      ومن القصور إلى المساجد فنشاهد روائع فن العمارة في: مسجد قرطبة الجامع، وجامع الموحدين بإشبيلية، والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده في ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان الطراز الأموي بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسي، ومن خلاله برع الأندلسيون في فنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانب التحف المعدنية الرائعة. وافتحوا معنا عقولكم، وركزوا أسماعكم معنا ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة الإسلامية في الأندلس في مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية في الأندلس منذ استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراء الكتب، وتشجيع الحركة العلمية التي قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم، فشهدت الأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية في الوقت الذي كانت فيه أوربا تتخبط في ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا شيئًا فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظرية فقد برع في علوم القرآن وعلم الحديث الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبي صاحب كتاب {الجامع لأحكام القرآن}، وفى الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم تبعه المذهب الشافعي، ولعل أجمل ما يدرس في العلوم النظرية الأدب الأندلسي الذي ازدهر مع تطور البحث في علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما في التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء ومنهم: ابن الفرضي، ومحمد بن الحارث الخشني، وأما في العلوم العملية فقد كان من أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء في الأندلس أبو القاسم المجريطي، كما برع عباس بن فرناس في علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ في علم الفلك أبو عبيدة القرطبي، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوي الذي برع في الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذي اشتهر بدراسة النبات وساهم في تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة في الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحري يساعده تقدم ملموس في الصناعات المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين لا يتسع المجال لذكرهم. فترككم لتتصفحوا سيرتهم لنأخذ منها الدرس والقدوة الصالحة والذكرى العطرة

                      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                      تعليق


                      • #12
                        عجائب الحضارة العربية في الأندلس


                        مع انبثاق الشعاع المحمدي على الأندلس انطلقت الخيل العربية الأصيلة من هضاب مكة، وأودية المدينة في أمواج متدفقة تحمل إلى الدنيا قوة جديدة،فوّارة بالبأس رحيمة بالهدى والإيمان.....
                        وغمرت تلك الأمواج سهول آسيا وطوت بوادي أفريقيا فلم يصدها عن الطواف بالكوكب الأرضي إلا أمواج المحيطات في الشمال..

                        ووقف عقبة بن نافع القائد العربي في أقصى بقعة من الشمال الأفريقي المواجه لأوروبا يرقب الأفق ويفكر في شئ غير مرئي ،ثم دفع بجواده إلى الماء هاتفا...

                        ( اللهم رب محمد لو أعلم أن وراء هذا الماء أرضا تغزى في سبيلك لغزوتها )..وانطلقت سابحات الماء العربية تجوب البحار وتقرع أبواب أوروبا ويتم لها التطواف حول الأرض حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله...وكانت الوثبة الأولى على الجزيرة الخضراء مفتاح أوروبا ورأسها المفكر،وبسيادة العرب على الأندلس، أضاء الاسلام قارات الدنيا الثلاث المعروفة في ذلك الحين فتمت لها السيادة العالمية..


                        وفي الأندلس دخلت الحضارة المحمدية أفقا جديدا والتقت وامتزجت بثقافات وعادات وأمم جديدة..والى الأندلس وهي أقصى مد للموجة الحربية المنتصرة، قفز الأبطال والرجال أولو البأس والعزم الوثاب
                        واليها هرع الاحرار والعلماء ورجال الفكر ، وبذلك ظفرت الأرض الجديدة بالصفوة المختارة فتهيأت لتكون مهدا وساحة للعصر الذهبي في الاسلام...وأعدت لمشاهدة أعظم حضارات العالم القديم...يقول كاتب اسبانيا الأكبر( بلاسكو ابانيز) في كتابه (ظلال الكنيسة) متحدثا عن العصر الاسلامي في اسبانيا.


                        وأخذ فرسان محمد صلى الله عليه وسلم يتدفقون من جانب المضيق لتستقر معهم تلك الثقافة الغنية موطدة الأركان نابضة بالحياة، بعيدة الشوط، ولدت منتصرة وبث فيها النبي محمد حمية مقدسة، ويقول المستشرق دوزي في كتابه (تاريخ المسلمين بأسبانيا): لقد كان كل فرد في الأندلس يعرف القراءة والكتابة بينما كان نبلاء أوروبا لايعرفون حتى التوقيع باسمائهم...

                        وكانت جامعة قرطبة منارة للعلم لاتزاحمها منارة تماثلها في العالم تدرس فيها العلوم الطبية والرياضية والفلكية والكيميائية...دراسة ورثتها اوروبا فأضاءت لها الطريق الى هذا الملك العريض....
                        فأية حضارة تسامق تلك الحضارة الأندلسية؟!


                        وأية أيام تضارع أيام الحكم الثاني، أحد ملوكها الذي أسس في قرطبة وحدها سبعا وعشرين مدرسة للتعليم المجاني..كما أنشأ في قصر مروان مكتبة ضمت أكثر من ستمائة الف مجلد..وجعلها بين الحدائق والرياض للعلماء والأدباء والشعراء.كما أصدر أمرا ملكيا هو عجبا من أعاجيب التقدم الإنساني حيث خصص لكل أعمى مرشد يقوده ولكل مريض طبيب يعالجه ولكل أمّي هاد يرشده ويثقفه...
                        ذلك هو الأفق الأندلسي الذي حلق فيه المسلمون بأجنحتهم الجبّارة فنظرت اليهم الأمم بعين الخشوع والرهبة..ثم هرعت اليهم لتنهل من العلم وتقتات من الإيمان...وتتزود بالهدى....


                        كانت الأندلس هي المنارة التي ترسل شعاعها كالشمس تنير جنبات الأرض وتضيف إلى أمجاد الإنسان فنونا من العلوم وألوانا من الآداب وفيوضا من الكشوف العلمية والفكرية والدينية...

                        يتبع



                        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                        تعليق


                        • #13
                          الحياة الثقافية في الأندلس




                          اسهم بيت الحكمة البغدادي في رفد الحركة الثقافية في الاندلس ودعمها وتشجيعها وتزويدها بالعلماء والعلوم والمؤلفات وحثها على الترجمة والتأليف، بفضل الروابط والاتصالات الثقافية بين الحاضرتين بغداد وقرطبة، اذ تتلمذ عدد كبير من طلبة الاندلس في مدارس بغداد والكوفة وواسط والبصرة وغيرها من المدن العراقية . ويعود الفضل الكبير في نقل الحضارة العراقية الى الاندلس للامير عبد الرحمن الثاني (الاوسط) وحكم الاعوام 206-238 هـ وعاصر انشاء بيت الحكمة في عهد الخليفة العباسي المامون 198 – 218 هـ ، ويؤكد المستشرق الفرنسي ليفي بروفنسال بان الامير هو الذي اعطى مملكة قرطبة النظام العباسي . فاهتم الامير بارسال وزيره القاضي عباس بن ناصح الجزيري الى العراق للحصول على الكتب القديمة ، فاتاه للاندلس بكتاب ( السندهند ) وهو اقدم الكتب التي ترجمت الى العربية في الحساب والاعداد الهندسية .

                          كما ان النظام القرطبي يقتفي اثر النظام العباسي في الثقافة ، وتكوين بلاط الامير كان يدل على تقليده لخلفاء بغداد .
                          ويؤكد المؤرخ الاندلسي احمد الرازي أن أهل الاندلس كانوا يستقبلون باعجاب او في الاقل باحترام كل مكان ياتي من بغداد ، ونتيجة الحوادث السياسية في بغداد دخلت الى الاندلس الكتب الفريدة والجواهر الثمينة كعقد الثعبان للاميرة زبيدة والاقمشة الغالية ، وقد خاطر كبار التجار لايصال النفائس والنوادر الى قرطبة لثرائها ، وولع امراؤها بالمجوهرات والمصنفات ، ويؤكد لنا ذلك حضور الفنان العراقي زرياب من بلاط الخليفة هارون الرشيد الى بلاط قرطبة في عصر الامير عبد الرحمن الثاني ونقل معه معالم حضارة عراقية في الفن و الادب وتقاليد اجتماعية واذواق حضارية اسهمت في نقلة حضارية سريعة في الاندلس .
                          اصبح المسجد الجامع في قرطبة الذي يحتوي في اروقته من الفن المعماري العراقي يزين جدرانه وسقوفه الخط الكوفي، اكبر اكاديمية في العالم تنافس بيت الحكمة البغدادي، و تخرجت فيه كوادر علمية خدمت الثقافة العربية الاسلامية .
                          يروي ابن حزم القرطبي في حكاية عابرة ان علماء قرطبة واصلوا جهود علماء ( بيت الحكمة ) ، وقد تشوق ابن حزم لزيارة بغداد فوصفها في قوله ( بغداد حاضرة الدنيا و معدن كل فضيلة و المحلة التي سبق اهلها الى حمل الوّية المعارف والتدقيق في تصريف العلوم..) ، اكد المستشرق الاسباني اميليو كاريثه كومث في مقالته عن بغداد بالاسبانية ما كان للحضارة البغدادية من نفوذ طاغ على مدن اسبانيا التي لم تكن الا صورا للمدينة المشرقية .
                          كما اظهر المستشرق الاسباني اسين بلاثيوس تاثر الفكر الفلسفي الاندلسي بالثقافة العراقية و غيرها .
                          وكان لوصول ابي علي البغدادي القالي ومؤلفاته العديدة الى الاندلس في عصر الخلافة ، و قدوم الاديب صاعد البغدادي صاحب كتاب ( الفصوص ) دليل على اسهامات بيت الحكمة في النهضة في بلاد الاندلس .
                          ظهرت تطورات حضارية في عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله بفضل حرصه واهتمامه بالحركة الثقافية ،إذ حصل على كتاب ( الاغاني ) لابي الفرج الاصبهاني بمبلغ الف دينار قبل ظهوره من اسواق بغداد ، كما بنى مكتبة خاصة بالقصر كانت تحتوي على 400 الف مجلد للفهارس وتحتوي على امهات المصادر في مختلف العلوم ، وظهرت طبقة من الاطباء المرموقين امثال الزهراوي اكبر جراح في العالم آنذاك، وتتلمذ عدد من الاطباء في بغداد منهم ابناء يونس بن احمد الحراني ، وهما احمد واخوه عمر ، وعملا مذخرا لصناعة الادوية في قرطبة على غرار ما شاهدوه في بغداد و البصرة ، وذلك في مدينة الزهراء .
                          اعجب الرحالة ابن حوقل البغدادي وكتابه ( صورة الارض ) بما شاهده من حضارة متطورة في قرطبة التي يسميها بغداد الثانية، كما زار الرحالة الاندلسي ابن جبير البلنسي (ت 614 هـ ) بغداد و اعجب بمعالمها الحضارية ، وزار بغداد ايضا عدد كبير من العلماء والادباء و الفقهاء منهم الحميدي الميورقي، وابو الوليد الباجي ، وابو علي الصدفي ، والطرطوشي ( ابي رندقة ) ، وابن سعيد المغربي ، وابو بكر بن العربي الاشبيلي وغيرهم .
                          وظهرت من الاندلس عوائل علمية كما هو الحال في بغداد ، واختصت بالعلوم والاداب منهم:
                          بنو عاصم الثقفي ، وبنو شريف الحسني واصلهم من سبتة واستقروا في غرناطة ، وبنو مخلد في قرطبة ، وبنو عاصم في غرناطة ، وبنو سماك في مالقة وغرناطة ، وبنو عطية في غرناطة ، والتقى علماء الاندلس وفهاؤها وادباؤها باساتذة و معلمي
                          ( بيت الحكمة ) وطلبته واخذوا عنهم و تتلمذوا عليهم وعادوا الى الاندلس و هم يحملون الثقافة البغدادية و المؤلفات و التقاليد .
                          وتاثر حاكم قشتالة وليون الملك الاسباني الفونسو العاشرAlfonso العالم بالثقافة المشرقية و اسس مدرسة للترجمة في طليطلة بعد سقوطها عام 478هـ على يد ملك قشتالة الفونسو السادس، وذلك على غرار اسلوب ( بيت الحكمة ) برنامجها اذ اصبحت طليطلة تنافس بغداد في حركة الترجمة، واستمرت زهاء قرن كامل، كما ظهرت طبقة من المترجمين وترجمت مؤلفات العرب في الطب والفلك والنجوم والرياضيات والفلسفة ومن المترجمين الاسقف ريموند، ويوحنا الاشبيلي، والشماس ماركوس الذي ترجم معاني القرآن الكريم، وهرمانوس المانوسي وترجم شروح ابن رشد على ارسطو، كما زار طليطلة مترجمون كثيرون منهم برونيتولابين اوفده ملك روما، وجيرار الكريموني الايطالي الذي ترجم رسالة الصبيان للرانزي، كما ترجمت رسائل اخوان الصفا في الجغرافية والفلسفة و كتاب ( التصريف ) للزهراوي . وترجم اكثر من 70 مؤلفا عربيا في الاندلس، كما وصل غروستست من اكسفورد بانكلترا .
                          شغف الملك الفونسو العاشر بالثقافة العربية وولع بالفن والادب والترجمة ودون موسوعة كبيرة تحتوي على لوحات مصورة من التراث العربي احتوت على 427 لوحة منها (51) لوحة عن المسلمين وتراثهم، يلاحظ على بعض اللوحات التاثر العراقي من رسوم للفنان الواسطي ولوحات من مقامات الحريري ومعالم الحياة المشرقية ومجالسها الادبية، ويبدو ان الرسامين كانوا من المشرق والاندلس .
                          ومن المترجمين من العربية الى اللاتينية ناثان المئوي وسليمان بن يوسف وجيوفاني دي كابوا ، وترجم اصطفيان ( الاقربازين ) لابن الجزار، كما ترجم ارمنجو ارجوزة ابن سينا وشروحها لابن رشد القرطبي وترجم ادلر الباثي الانكليزي فهارس المجريطي في الفلك والرياضيات ، كما ترجم الراهب الاسباني سرفيتوس نظريات ابن النفيس في الدورة الدموية، وترجم ابن عزرا اليهودي من العربية الى العبرية مؤلفات البيروني . واشتغلت اسرة طبون في ترجمة العربية الى العبرية اعجابا بالتراث العربي الاسلامي واهتماما واستفادة منه لخدمة البشرية.

                          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                          تعليق


                          • #14
                            الحياة الاجتماعية في الأندلس في عهد ملوك الطوائف

                            كان المجتمع الأندلسي في القرن الخامس الهجري مزيجاً من الأجناس, إذ امتزج العرب بالمولدين والصقالبة والبربر والزنوج واليهود. ورغم هذا الاختلاف العرقي فقد استطاعت الثقافة العربيّة أن تحافظ على وحدتها.

                            مظاهر من الحياة اليومية للسكان
                            اشتهر أهل الأندلس بحبهم للنظافة في ملبسهم ومأكلهم وفرشهم, وكل ما يتعلق بهم "وفيهم من لا يكون عنده إلاّ ما يقوته يومه, فيطويه صائماً, ويبتاع صابوناً يغسل به ثيابه, ولا يظهر فيها ساعة على حالة تنبو العين عنها.
                            واعتاد سائر الناس أن يسيروا في الشوارع ورؤوسهم عارية, أما الفقهاء والقضاة فالغالب عليهم وضع العمائم في غرب الأندلس, أما في الشرق فيرى القاضي أو الفقيه عاري الرأس ويندر أن يتعمّم. ويلبس الخاصّة منهم الطيلسان, أما غفائر الصّوف فكانوا يلبسون الخضراء والحمراء منها, حيث اختص اليهود بلبس الصّفراء, ولا سبيل لليهود أن يتخذوا العمائم ولا يجوز أن يرخي الذّؤابة إلاّ عالم.
                            وكانت الأوضاع التي تلبس بها العمائم في المشرق غير معروفة عند الأندلسيين فإذا رأوا مشرقياً أظهروا التعجّب والاستطراف, وكانت ثيابهم تفصل على طريقتهم الخاصّة حيث لم تكن الطريقة المشرقية في تفصيل الثياب متبعة لديهم.
                            وكانت منازل الأندلسيين لا تختلف كثيراً عن بقيّة المنازل في العالم الإسلامي وكانوا يستعملون في بنائها الآجر والحجر, وكان للحجر عندهم أنواع منها الخمري والأحمر والأبيض, وكانوا يجعلون لبيوتهم جدراناً عالية, أمّا الأبواب والنوافذ فكانت صغيرة, وكانوا يحرصون على أن يكون للبيت ساحة واسعة.
                            وكان لسكان الأندلس عدّة هوايات يمضون بها أوقات فراغهم, فقد كانوا ينظمون سباقات الخيل, ويقيمون مباريات بين الفرسان وهم يتقاذفون كرة خشبية, كما كانت مباريات المصارعة بالعصيّ تحظى لديهم بالعناية, وكان اللّعب بالشطرنج والنّرد رائجاً عندهم رواجاً كبيراً.
                            وقد اشتهر الأندلسيون ببراعتهم وحذقهم وذكائهم وثباتهم وصمودهم في الحروب مع أعدائهم ومواظبتهم على التعلم والتحصيل وحيويتهم وخفّة دمهم وكانوا شديدي التعصب لبلادهم, نرى ذلك من أنسابهم, فلا نكاد نجد عالماً ولا أديباً إلاّ وينسب لبلده.

                            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                            تعليق


                            • #15
                              الدور الاقتصادي للأندلس

                              حظيت الأندلس بشهرة اقتصادية كبيرة في ميادين الصناعة والتجارة والزراعة:
                              فالصناعة ازدهرت في المدن المختلفة، وتكونت معها طوائف حرفية عرفت باسم الأصناف وأرباب الصناع. وصار لكل صنف أو حرفة رئيس أو شيخ منتخب من أصحابها عرف باسم الأمين أو العريف، وكان هذا الأمين مسؤولاً ومدافعاً عن طائفته وأهل حرفته أمام ممثل الحكومة في سوق المدينة وهو المحتسب. فكان يبلغه رأي طائفته حول تكاليف السلعة التي يصنعونها وتحديد ثمن بيعها، . كما يقوم بدور الخبير الفني في الخلافات التي تقع بين أهل حرفته وعملائهم حول سلعة من السلع، ورأيه كان مقبولاً لدى القاضي أو المحتسب. وقد انتقل لفظ الأمين إلى اللغة الأسبانية على شكلAL - ALamin كما استمرت مهمة الأمين موجودة في بعض المدن المغربية وإن كان وجود النقابات العمالية الحديثة قد قللت من قيمة منصبه وأدرجته ضمن أعمالها.
                              ولقد شبهت الأصناف أو الطوائف الصناعية الإسلامية بنظام نقابات الصناع أو اتحادات العمال التي كانت تسمى في أوروبا Gulids أوCorporations، ولكنها في الواقع كانت تختلف عنها لأنها لم تشارك في إدارة المصالح العامة في المدينة أو تقوم بدور غير دور التحكيم في المشكلات المهنية، في حياة المدينة الاقتصادية، أو تنتزع بعض الامتيازات البلدية تدريجياً ، أو تتخذ لنفسها حامياً أو راعياً دينياً من الأولياء والقديسين كما حدث في العالم المسيحي. ثم أن الأصناف أو النقابات الإسلامية لم تعرف الانقسام الذي ظهر في أوروبا الغربية بين أصحاب العمل والعمال، والذي انتهى إلى نشأة جماعات أصحاب العمل، وجماعات العمال.
                              وكيفما كان الأمر فإن موضوع التشابه والاختلاف بين الأصناف الإسلامية والنقابات الأوروبية، ما زال موضع نقاش بين ا لمؤرخين.
                              على أن موضع الأهمية هنا، هو أن هؤلاء الحرفيين والصناع بحكم كونهم من طبقة العامة في المدينة الإسلامية، قد لعبوا دوراً هاماً في حياتها العامة، إذ شاركوا في ثوراتها الشعبية، وفرقها الدينية، واحتفالاتها ومواكبها العامة في المواسم والأعياد، وذلك في وقت لم يكن يوجد فيه على نطاق شعبي ذلك الترويح أو التنفيس الرياضي أو الاجتماعي الموجود حالياً.
                              ولقد كفلت المدينة الإسلامية لعمالها حرية واسعة في ممارسة أعمالهم، ولم تتدخل إلا في بعض الصناعات المحدودة التي كان يتطلب ممارستها الحصول على إذن خاص، مثل إنشاء الحمامات، وصنع الأسلحة، وسك النقود، وتركيب الأدوية، والعمل في دور الطراز. وهذا راجع بطبيعة الحال إلى أسباب تتعلق بالمصلحة العامة أو أمن الدولة. أما موارد الدولة الاقتصادية فكانت تقوم على ضرائب مشروعة وغير مشروعة تمول بها بيت المال. ومن أمثلة الضرائب المشروعة : الأموال الخارجية التي تجبى من الأراضي الزراعية، وأموال الزكاة والجزية والمواريث الحشرية (أي مال من يموت بدون وريث)، والعشور أو الأعشار وهي المال الذي يجبى من تجار الفرنج الذين يفدون ببضاثعهم إلى الموانىء الأندلسية فيدفعون عشر قيمتها. وقد انتقلت هذه التسمية إلى اللغة الأسبانية على شكل Alixases. ثم ضريبة التعتيب وهي ضريبة جديدة فرضت في الأندلس في عهد المرابطين وكان الغرض منها ترميم الحصون والأسوار التي حول المدن الرئيسية ويقوم بسدادها أهل هذه المدن المنتفعة بها.
                              وأما الضرائب غير المشروعة والتي كانت تسمى بالمكوس أو المغارم ، فهي ضرائب إضافية نشأت عن حاجات وظروف معينة، اضطرت الدولة إلى فرضها. وكان بعضها يعطى التزاماً ، ويسمى الملتزم في الأندلس بالمستقبل بينما يسمى الالتزام قبالة، ومنه دخل في الأسبانية لفظ Alcabala.
                              ومن حصيلة هذا الدخل المالي في بيت المال كانت الدولة تقوم بأوجه النفقات المختلفة على الجيوش والشرطة والقصر الخلافي والموظفين والدواوين والمنشآت العامة كالمساجد والمستشفيات والسجون، والعناية بمياه الشرب وإزالة الأوساخ من المسالك والأنابيب . … الخ.
                              غير أن هذه الخدمات الحكومية لم تكن لها صفة الدوام في كثير من الأحيان، مما اضطر بعض المدن الكبيرة إلى الاعتماد على نفسها في سد حاجاتها. ومن هنا ظهر لها مورد مالي آخر لعب دوراً هاماً في اقتصادها، وهو نظام الحبوس الذي يسمى في المشرق بالوقف. وهو نظام إسلامي المراد به هو الأراضي والمؤسسات التي تكون ملكا لشخص حر التصرف في ماله، ثم يتنازل عن حقه في عائدها أو دخلها، ويجعله وقفاً محبساً وبصفة دائمة على المؤسسات الدينية والعلمية والصحية..، إلى غير ذلك من المنافع العامة التي تشبه حالياً خدمات البلديات.
                              ولقد ارتقت الصناعة في الأندلس بتوالي الأجيال واتصال العمران ووفرة المواد الخام النباتية والمعدنية التي اشتهرت بها أسبانيا. على أنها ظلت مع ذلك في مستوى الصانع اليدوي، كما هو سائد في تلك العصور، وبقيت السلع تصنع في البيوت أو المحال وا لحوانيت.
                              ولا يتسع المجال لحصر الصناعات التي أنتجتها الأندلس، فهي كثيرة ومتنوعة، ولذا نكتفي بذكر أهمها وهي:
                              (1) صناعة المنسوجات: كالحرير بأنواعه المختلفة مثل الخز ويصنع من الحرير والصوف أو الوبر، ومثل الإبريسم وهو حرير خالص، والديباج وهو نسيج حريري موشى بخيوط من الذهب أو الفضة. وكان هذا بفضل عناية أهلها بتربية دودة القز ووفرة أشجار التوت التي تتغذى القز على أوراقها. ويشير المؤرخ الأندلسي ، عريب بن سعد (ت 370 هـ) " إلى دور النساء في انتقاء الشرانق ورعاية بيض دودة القز من (شهر فبراير) إلى أن يفقس في (شهر مارس) من كل سنة.
                              ومن أهم مراكز تربية دودة القز: "غرناطة" و "مالقة"
                              Jaenالتي كان يقال لها جيان الحرير لكثرة اعتنائها بدودة الحرير. وكانت مدينة" المرية"، في شرق الأندلس، من أهم مراكز صناعة المنسوجات الحريرية، ويقدر عدد الأنوال فيها بحوالي 5800 نول. كذلك اشتهرت "أشبيلية" بالحلل الموشاة النفيسة ذات الصور العجيبة والمنتجة برسم الخلفاء فمن دونهم. وبالمثل يقال بالنسبة للثياب الحريرية السرقسطية في شمال أسبانيا. وقد حظيت المنسوجات الأندلسية بشهرة كبيرة في الأوساط الأوروبية الراقية، ونجد ذلك واضحاً في سير الملوك والبابوات والقادة وغيرهم الذين حرصوا على اقتناء هذه الملابس الثمينة. وما زالت هناك قطع عديدة من المنسوجات الأندلسية تحتفظ بها المتاحف الدولية.

                              كذلك اشتهرت الأندلس بصناعة الأنسجة الصوفية، خصوصاً وان قسوة المناخ في أسبانيا تحتم اهتمامها بمثل هذه الملابس، ولهذا استخدموا فراء السمور ، وفراء القنلية Conejo (الأرنب الجبلي)، والمرعزي المصنوع من شاعر الماعز، إلى جانب الملابس الصوفية. وقد اشتهرت كل من "سرقسطة"، وقونقة Cuenca "وجنجالة"Chinchilla" بعمل ذلك.
                              أما صناعة السجاد والبسط والحصير، فأهم مراكزها تقع في شرق الأندلس مثل !موسية" و"بسطة Baza ". ولعل كلمة الفومبراALFOMBRA الأسبانية التي تعني سجادة أو بساط جاءت من الكلمة العربية الخمرة أي الحصيرة، أو لعلها من الحمرة، لأن اللون الأحمر كان يلعب دوراً رئيسياً في ألوانها على غرار البسط الفارسية والمصرية في المشرق.
                              (2) صناعة السكر: لعبت الأندلس دوراً كبيراً في زراعة قصب السكر وعصره وتصنيعه ثم تصديره إلى العالم الخارجي، ومن أهم مراكز إنتاجه وتصنيعه "غرناطة" و "مالقة" و "المنكب " ALMUNECAR" واستمر إنتاج السكر في الأندلس حتى سقوط الحكم الإسلامي بها سنة 493 ا م ، لدرجة أن الأسبان سمحوا لعدد كبير من المورسكيين (المسلمين المعاهدين) المشتغلين بزراعة السكر، بالبقاء في أسبانيا، ولكنهم رفضوا، وقد ترتب على رحيلهم تضاؤل كمية إنتاجه.
                              (3) ساهمت الأندلس بدور فعال في صناعة الورق الجيد (الكاغد) منذ وقت مبكر سبقت به أوروبا قروناً عديدة، واشتهرت بصناعته كل من "شـاطبةJATIBA " و "بلنسيةVALECIA " في شرق الأندلس. كذلك انتشرت الصناعات الجلدية ودبغها على ضفاف الأنهار، واختصت "قرطبة" بشهرة عالمية في هذه الصناعة، حتى نسبت إليها مصطلحات فرنسية بهذا المـعنى، فأطلقوا على صانعي الأحذية كلمة "Cordonniero " وعلى الجلد نفسه كلمةCordouan ". أما المصنوعات الزجاجية والخزفية فاشتهرت بها "مالقة" و "المرية" كما اشتهرت !قيجاطة QUESADA " بمصنوعاتها الخشبية. هذا إلى جانب المصنوعات العاجية التي تميزت بدقتها وجمال زخارفها على شكل أشخاص أو حيوانات كانت تطعم بها العلب الصغيرة والأدوات المنزلية. ويقال أن كلمة مارفيل " MARFIL" الأسبانية أي العاج مشتقة من الأصل العربي "ناب فيل ".
                              التجارة: وما يقال عن شهرة الأندلس في الصناعة يقال أيضاً عن مجال التجارة، ولا سيما أن الأندلس تميزت بسواحلها الطويلة وموانيها العامرة، التي تطل على مياه البحر المتوسط والمحيط الأطلسي شرقاً وغرباً وجنوباً. ولهذا أطلقوا عليها اسم جزيرة الأندلس، لأن العرب لم يستخدموا مصطلح شبه الجزيرة في كتاباتهم.
                              وتعتبر منطقة شرق الأندلس LEVANTE المطلة على البحر المتوسط، أكثر الأقاليم الأسبانية تعرباً، لأن الإسلام أثر فيها تأثيراً عميقاً ، بدليل أن معظم أسماء الأماكن فيها عربية الأصل، ويرجع ذلك إلى نشاط اليمنيين القضاعيين، الذين أسند إليهم الأمويون حراسة هذه المنطقة وعمارتها، بما لديهم من خبرة ملاحية قديمة في المشرق، ولذا سميت بأرض اليمن أي عطيتهم واقطاعهم. وتعتبر مدينة "المرية" هي القاعدة التجارية الرئيسية لهـذا الإقليم، وامتلك تجارها ثروات ضخمة حتى يروى على سبيل المثال أن تاجراً استضاف الحاجب، المنصور بن أبي عامر" وجيشه الذي يقدر بالآلاف مدة أربعة عشر يوماً.
                              ولقد أفاض الجغرافيون والرحالة في ذكر أهم المنتجات الأندلسية التي كانت تصدر إلى الخارج مثل الملابس المطرزة، والأصواف والأصباغ والحرير واللبود الفاخرة، والورق السميك، والتين الفاخر الجاف، والخزف المذهب، والزعفران، وعصير الكروم، الحلال منه والحرام.
                              أما الزراعة فتتمثل في المزارع والحدائق والبساتين التي اشتهرت بها الأندلس، والتي كانت تربطها شبكة من القنوات المائية التي ما زالت محتفظة بأسمائها العربية في اللغة الأسبانية، مثل الساقيةACEQUIA بمعنى الجدول الصغير، والناعورةNORIA، والبقاع VEGA ومنها انتقلت إلى أمريكا 5LAS VEGAS كما أطلقوا على القصور الملكية الخلوية ذات الحدائق والرياض اسم المنيات جمع منيةHUERTA، وقد انتشرت هذه المنيات حول "قرطبة" وعلى ضفاف الوادي الكبير، وأشهرها منية الرصافة التي بناها "عبد الرحمن الداخل " وشمال قرطبة" ومنية الزهراء والتي بناها الخليفة" عبد الرحمن الناصر في شمال غرب "قرطبة"، ومنية الزاهرة التي بناها الحاجب "المنصور بن أبي عامر" في شمال شرق وقرطبة". وفي مدينة "بلنسية" بنى الأمير "عبد الله بن عبد الرحمن الداخل)، منية من هذا النوع، أطلق عليها اسم الرصافة ، محاكياً بذلك قصر والده. وقد اشتهرت ضواحي "بلنسية" بأزهارها وورودها، وأشجار البرتقال التي تعطر جوها بأريجها ذكي الرائحة، ولذا عرفت، بلنسية" باسم "مطيب الأندلس " أي معطرها.
                              ومن الطريف أن مدينة " بلنسية" ما زالت تحتفظ إلى اليوم ببعض مظاهر ما تبقى من نظم المسلمين المتعلقة بسقاية هذه البساتين، ألا وهي محكمة المياه TRIBUNAL DELASAGUAS، التي تعقد عند باب الكاتدرائية في الساعة العاشرة ظهراً من كل يوم خميس. وتتألف هيئة المحكمة من خبراء بشئون الري يمثلون نواحي كورة "بلنسية" ويرأسها مندوب من الحكومة. فإذا دقت الساعة الثانية عشرة، قام الحاجب ليعلن افتتاح الجلسة وينادي أصحاب الظلامات. وبعد المناقشة والمداولة يصدر الرئيس الحكم وهو حكم ملزم لا يقبل المناقشة أو الاستئناف . وهذا ما كان يحدث قديماً أيام المسلمين عند باب المسجد الجامع في لنفس موضع الكاتدرائية. ولا يفوتنا أن نشير إلى جنة العريفEL GENERALIFE وهو اسم الحديقة الجميلة التابعة لقصر الحمراء في لغرناطة "LA ALHAMBRA"، ذلك القصر الذي صار نموذجاً يحتذى به في بناء القصور الملكية وغيرها في أنحاء العالم.
                              وقد حافظ الأسبان على القصر وحدائقه الغناء التي لا نسمع فيها إلا خرير المياه في كل مكان. وقد عبر عن ذلك الشاعر الأسباني جاريثا لوركا بقوله، غرناطة التي تبكيGRANADAQUE ELORAE كناية عن كثرة مياهها.
                              كذلك اشتهرت الأندلس بزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات والفواكه لدرجة أن كثيراً من أسمائها دخلت في اللغة الأسبانية مثل: الباذ نجان BERENJENAS الخرشوف ،ALCARCHOFA 1لسلق ACELGA 1 لزيتون ACEITUNA الزعفرانAZAFRAN، 1لأرز ARROZ السكر AZUCAR النارنج (البرتقال) NARANJA البطيخ السندي SANDIA.. الخ.
                              بقي أن ننوه بالجهود المثمرة التي بذلها علماء الأندلس في تقدم العلوم الزراعية، فقد صنفوا فيها كتباً علمية وأجروا عليها تجارب تطبيقية أفادت العالم: فمنهم من اعتبر أسماء النباتات والأشجار جزءا من اللغة العربية فدونوها في معاجمهم، كما فعل العالم الأندلسي الضرير "أبو الحسن بن سيده " (ت 458 هـ) في كتابه المخصص. ومنهم من اهتم بالنباتات الطبية التي يستخرج منها الأدوية والعقاقير لفوائدها الصحية، مثل "ضياء الدين بن البيطار المالقي " (ت 646 هـ) صاحب كتاب (الجامع لمفردات الأغذية والأدوية"، ومنهم من كتب عن النبات من حيث زرعه ونموه وتسميده وحصاده أي ما يسمى بالفلاحة، ومن أشهرهم العالم الاشبيلي "أبو زكريا يحيى بن العوام " في كتابه (الفلاحة في الأرضين ".
                              مما تقدم نرى أن الأندلس قد تميزت بنزعتها الجمالية نحو حب الورود والأزهار والأشجار، نلمسها في أحواش. بيوتها PATIOS المزينة بالنافورات والأزهار، وفي صحون مساجدها المليئة بأشجار اللبمون والبرتقال، وفي قصائد شعرائها في وصف جمال الطبيعة، وفي مؤلفات علمائها عن الفلاحة والأعشاب الطبية، بل وحتى في أصول أحكامها التشريعية والفقهية التي تتمشى مع ميولها الطبيعية ونزعتها الجمالية


                              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                              تعليق

                              يعمل...
                              X