إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أخبار أهل الزمان ... متجدد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    بارك الله فيكم على الموضوع الرائع

    تعليق


    • #62
      اقتبس منك اخي صباحو «، ومنهم كان أبرهة والاحابش، والمغاربة والانجاد.»

      هل تقصد بالمغاربه اهل شمال افريقيا الاما زيغ؟

      قد وجدت و الله في بعض المراجع ان اصلهم سامي اي ابناء عمومه للعرب
      وفي اخرى انهم ينحدرون من قبائل يمنيه .

      والطريف و الثابت الثابت علميا ان اقدم اجناس الخيل هي الامازيغي او البربري والعربي . و لكن لا يعرف الى الان ايهما اقدم من الاخر.
      [CENTER][SIZE=4][COLOR=#000080] [B]"وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ "[/B][/COLOR][/SIZE]
      [/CENTER]

      تعليق


      • #63

        أسعدني مروركم
        دمتم بحفظ الله ورعايته



        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

        تعليق


        • #64
          المشاركة الأصلية بواسطة jassar مشاهدة المشاركة
          اقتبس منك اخي صباحو «، ومنهم كان أبرهة والاحابش، والمغاربة والانجاد.»

          هل تقصد بالمغاربه اهل شمال افريقيا الاما زيغ؟

          قد وجدت و الله في بعض المراجع ان اصلهم سامي اي ابناء عمومه للعرب
          وفي اخرى انهم ينحدرون من قبائل يمنيه .

          والطريف و الثابت الثابت علميا ان اقدم اجناس الخيل هي الامازيغي او البربري والعربي . و لكن لا يعرف الى الان ايهما اقدم من الاخر
          .
          نتمنى تزويدنا بتلك المراجع اخي الكريم
          للبحث فيها مع جزيل الشكر
          دمتم بحفظ الله ورعايته

          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #65
            ذكر إبراهيم عليه السلام

            وأما إبراهيم عليه السلام فولد له سيدنا اسماعيل عليه السلام، وأمه [هاجر] القبطية واسحق وأمه سارة بنت هارون، وهو من بني حران وكانت حياة إبراهيم عليه السلام مائة وخمسا وسبعين سنة، وكان ملك بابل في وقته النمروذ من ولد كوش بن حام، فلما ان حاجه إبراهيم عليه السلام وكسر الاصنام أضرم الملك له نارا عظيمة وألقاه فيها فجعلها الله تعالى عليه بردا وسلاما، واتت ريح فنسفت النار في وجوه الواقفين مع الملك كذلك.
            وخرج إلى حران فآمن به ابن أخته لوط وسارة بنت عمه.
            وكان خروجه وهو ابن سبع وثلاثين سنة وتزوج سارة بوحي أتاه، وخرج معه ثلاث صحف بالعبرانية وكانت لغته سريانية، وكان في الصحف امثال وتسبيح وتهليل
            وتحميد، وأمر بالمسير فعبر الفرات وسار إلى مصر وسنذكر قصته في أخبار مصر.


            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

            تعليق


            • #66
              ذكر اسماعيل عليه السلام

              وأما اسماعيل عليه السلام فقطن الحرم ونبع له زمزم بامر الله تعالى، ونبأه الله وارسله إلى العماليق وجرهم وقبائل اليمن، فنهاهم عن عبادة الأوثان، فآمنت به طائفة منهم وكفر اكثرهم، وغلب على الحرم وتزوج في خيرهم.
              وولد له اثنا عشر ولداً ومات وهو ابن مائة سنة وسبع وستين سنة، وأوصى الى ابنه عدنان بأمر البيت، فدبر امر البيت.
              فمن عدنان ولد محمد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وجميع العرب العاربة من ولده.
              وذكر آخرون أنه من ولد قيدار بن اسماعيل، واختلفوا في ولد اسماعيل اختلافا كبيرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ بالنسب الى معد بن عدنان، قال عدنان بن أعراق الثري.
              ومن اسماعيل وعدنان أمم كثيرة.

              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

              تعليق


              • #67
                حدث البلبلة

                كان الناس بعد الطوفان مجتمعين بمكان واحد بأرض بابل ولغتهم السريانية ثم تفرقوا فسلك قحطان وعاد وثمود وعملاق، وطسم وجديس طريقا، وألهمهم الله تعالى هذا اللسان العربي فساقتهم الأقدار إلى اليمن فسارت عاد إلى الأحقاف ونزل ثمود ناحية الحجر ونزل جديس اليمامة، ثم شخص طسم فنزل اليمامة مع جديس، ثم شخص عملاق فنزل أرض الحرم، وسار ضخم أرم فنزل الطائف، وسار جرهم فنزل مكة، فهؤلاء ولدهم ونسلهم يسمون العرب العاربة.
                وولد إسماعيل يسمون العرب المستعربة لأنهم تعلموا منهم وتكلموا بلغتهم.


                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                تعليق


                • #68
                  ذكر عاد


                  وأرسل الله هوداً إلى عاد وهم باحقاف الرمل وملكهم الخلجان بن الوهم، وكاونوا يعبدون ثلاثة أصنام وكذبوه، فدعا عليهم فأمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين فأجهدهم ذلك فوجهوا الى مكة رجالا يستسقون لهم في الحرم.
                  ولم تزل العرب تعظم موضع البيت، وكان موضعه بعد الطوفان ربوة حمراء، وأهله العماليق وسيدهم معاوية بن بكر، فقدم عليه وفد عاد للاستسقاء وفيهم قيل بن عمرو ويزيد بن ربيعة، ونعيم بن هذال، ولقمان بن عاد، فقدموا ونزلوا على معاوية بن بكر وأقاموا عنده شهراً يأكلون ويشربون وتغنيهم الجرداتان وهما قينتان كانتا لمعاوية بن بكر، فلما طال أمرهم أشفق عليهم معاوية بن بكر لأنهم أخواله وخاف عليهم، فصنع شعراً ينبههم به ويحثهم على ما قدموا له، وأمر الجاريتين فغنتاه : ألا يا قيل ويحك قم فهينم * لعل الله يمطرنا غماما فيسقي أرض عاد إن عاداً * قد أمسوا لا يبينون الكلاما وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم * نهاركم وليلكم التماما فقبح وفدكم من وفد قوم * ولا لقوا التحية والسلاما فانتبه القوم لما سمعوا الشعر ونهضوا يستسقون، فلما استسقوا نشأت لهم ثلاث سحائب بيضاء وسوداء وحمراء، ونودي قيل منها اختر لقومك قال البيضاء جهام قد فرغت ماءها، والحمراء ريح والسوداء غيث فاختارها فقيل
                  قد اخترت رماداً رمدداً لا يبقي من عاد أحداً، لا والداً ولا ولداً.
                  فدخلت الريح على عاد من واديهم، فأقامت سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، والحسوم الدائمة حتى هلكوا عن آخرهم، وتهدمت ديارهم ولم يمنعهم جدار ولا جبل حتى هلكوا عن آخرهم، ولم يبق إلا رسمهم.
                  و [روي أنه] لما استسقى وفدهم بمكة، ساروا في طريقهم فنودوا في طريقهم: إن عاداً قد هلكوا عن آخرهم، فاختاروا لأنفسكم، فاختار قيل أن يلحق بقومه، فسار نحوهم فلقيته الريح فأهلكته، واختار مزيد براً وصدقاً وكان مؤمناً بهود عليه السلام، فأعطى ما سأل.
                  واختار نعيم حياة ألف سنة لا يمرض ولا يهرم، ولا تصيبه حاجة فأعطي ما اختار، واختار لقمان عمر سبعة أنسر فأعطي ما اختار، وكان يأخذ النسر فرخاً يربيه حتى يهلك، ثم يأخذ عند هلاك ذلك فرخاً آخر، فيفعل به كذلك، حتى بلغ سبعة أنسر، وكان آخرها لبد، وقد ضربت العرب به الأمثال في أشعارهم قال الأعشى: ألم تر لقمان أهلكه * ما مر من سنة ومن شهر وبقي نسر كلما انقرضت * أيامه عادت إلى نسر ما مر من أمد على لبد * وعلى جميع نسوره السمر قد ابلت الأيام نضرته * وأودعت لقمان في القبر وقال النابغة الذبياني:
                  أمست خلاء وأمسى أهلها انقرضوا * أخنى عليها الذي أخنى على لبد ولما قسم نوح عليه السلام الأرض بين بنيه جعل لسام وسط الأرض، والحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان والبحرين إلى عالج إلى طرف بلاد الهند، وكان هذا كله مدناً وقرى وحصوناً وقصوراً ومصانع وبساتين يتصل بعضها ببعض، الى ان سخط الله على قوم هود فأفسد كثيراً منها.
                  وجعل الله في ولد سام النبوة والبركة، وجعل لحام بعض الشام ومصر إلى أعالي النيل وبلاد النوبة والبجة، وأصناف السودان مع البحر الأحمر إلى بلد الحبشة والهند والقوط والسند.
                  وقسم ليافث بلاد الترك والصين، ويأجوج ومأجوج، والصقالبة والروم وإفرنجة والأعبورة والأندلس الى البحر المظلم، وسواحله.
                  وجعل ليحطون صين الصين إلى بلاد الشحر إلى ناحية اليمن، فكثروا من كل جانب وانبسطوا الى جهة بابل، وبورك فيهم فصاروا نيفاً من سبعين ألف بيت على خلق عظيم إلى أن ضرب بينهم إبليس، وكانت البلبلة فافترقوا.
                  وكان أول ملك منهم النمرود الأول بن كوش بن حام، وكان أسود أحمر العينين مشوها في جبهته كالقرن، وكان أول أسود يرى بعد الطوفان، فكان من ولده لدعاء نوح عليه السلام على ابنه حام، وذلك إن نوحا عليه السلام نام فانكشفت عورته، فرآها حام فضحك ولم يغطه، وسكت يافث، ولم ينكر عليه فصاح سام عليهما، وعلم ذلك نوح فدعا على حام أن يكون ولده سوداً مشوهين عبيداً لولد سام، ودعا على يافث أن يكون ولده عبيداً لبني سام، وأن يكونوا أشرار الناس.
                  وكان حام من أجمل البرية وأتمهم كمالا وأطيبهم ريحاً، فاجتنب امرأته أن يطأها خوفاً من دعوة أبيه، فلما مات أبوه غلبه ذلك على اعتقاده، فقرب منها فحملت بكوش بن حام وأخته، فلما رآهما حام فزع منهما، وأتى اخوته فأخبرهما وقال لهما قلت لامرأتي هل شيطان أو أحد غيري أتاك؟ فقال اخوته هذه دعوة ابيك فاغتم لذلك وترك امرأته دهراً، ثم غشيها فولدت قوطا وتوأمته، فلما رأى ذلك هرب في البلاد وغاب فلم يدر أين يذهب، ولم يكن أشد تجبرا وتكبرا وعتوا من النمرود الأسود.
                  وكان له بعض كهان فأتاه ابليس فقال له أنا كاهن من الكهان، ولم أر أحداً يعادلك في الكهانة وأنا معينك ومتمم أمرك، وجاعلك ملك الملوك، على أن تذبح لي ولدك قرباناً، وتصلي لي ثلاث صلوات فأقلدك وأكون معك، وأجعلك كاهناً كاملاً تاماً وأقيمك مقامي ففعل ما أمر به فأمر إبليس الشياطين بطاعته، وليكون معه، ثم أتوه بولد سام فحاربهم وعاونه إبليس فقهرهم واستعبدهم، فانقادوا له وأطاعوه فبنى له إبليس قصراً وصفحه بالذهب المكللة بالجوهر تضئ ما حوله ودفع اليه سيفاً يتألق نوراً في رأسه ثعبان يمتد إلى من يومئ اليه فيقتله، فلما رأى الناس ذلك أذعنوا له بالطاعة، ثم دعاهم إلى عبادته فأمر أن يبنى له صرح من الحجارة ومن الكلس فلم يبق احد إلا عمل فيه وقال يكون حصناً لكم.
                  وعاونته الأبالسة فبنى صرحاً عظيماً فبلغ ارتفاعه في الجو تسعمائة ذراع، ثم هندم أعلاه بأغرب بنيان وبنى فيه مجالس على أساطين غريبة، وكان عرض كل حائط من حيطانه الأربع ألف ذراع وما بين ذلك من الطبقات جعلها كلها مخازن وملأ جميعها من المال والطعام والشراب وجميع الآلات وكل
                  ما يخاف أن يحتاج اليه يوماً من الدهر بما يقوم به هو وأهله مدة من الدهر طويلة، وجعل مجلسه أعلاه وأمر الناس أن يعبدوه.
                  واتخذ صاحب خبره جنياً بينه وبين الناس، فاذا رفع اليه أن أحداً امتنع عن عبادته أمر به فطرح من أعلى الصرح إلى أسفله.
                  وزعم قوم أنه يكون على السحاب ويصعد إلى الفلك، وكان يركب عجلة منصوبة على ظهور الشياطين وينحدر منها إلى الأرض ففرق الناس منه وافتتنوا به وعبده كثير منهم، وعظم أمره.
                  واتصل بسام أنه يريد قتله، وقد عزم عليه فأخرج سام الأسماء التي علمه نوح عليه السلام إياها، وقال له لا تدع بها إلا في مهم عظيم ففيها اسم الله الأعظم، وقال: اللهم أنت الداعي لعبادك وبعينك ما هم فيه وما خرجوا من الفتنة اليه بغلبة هذا الجبار الذي قد استهوته الشياطين وانقيادهم له، وإن لم تغثهم ضلوا وهلكوا، وأنت أعلم بما يصلحهم، فاحقن دماءهم وامنع هذا الجبار منهم، وخذه بجريرته واكفنا أمره.
                  فأمر الله عزوجل الرياح الاربع فأقبلت على ذلك الصرح من جوانبه فجعلته دكا واتبع ذلك ظلمة شديدة ورجفة عظيمة تزعزعت لها الجبال.
                  فنهض العالم على وجوههم لا يرى بعضهم بعضاً، ولا يدرون أين يتوجهون وضعفت ألسنتهم عن الكلام.
                  وهلك اللعين عدو الله النمروذ، وهلك من كان يعبده، ومشى الناس في الظلمة هاربين ثلاثة أيام ثم لاحت لهم شعوب فيها نور يسير، فتشعب كل شعب فرقة هربت نحوه طلباً للنجاة، وتبع كل فرقة قوم يحثونهم، وهذا بلغة غير لغة الفرقة الأخرى، حتى خرجت كل فرقة إلى ناحية من الأرض وقد تبلبلت ألسنتهم وكثرت لغاتهم، فاذا وصلت فرقة منهم إلى موضع ناداهم مناد " هذا موضعكم الذي تكونون فيه فاعتمروا فيه وأثمروا ".
                  فخرج بنو سام لناحية اليمن إلى الشحر وحضرموت ألى آخر خط الاستواء، فمنهم العرب العاربة.
                  وخرج بنو حام إلى السند والهند وبلاد أسوان .
                  وخرج بنو يافث إلى الشمال،.
                  فمنهم الروم والخزر والترك والصقالبة والافرنج، ويأجوج ومأجوج.
                  وخرج بنو يحطون إلى الصين الاقصى وأقاصي الشرق، فنزل كل قوم في موضعهم وعمروه وتوالدوا فيه إلى اليوم.


                  تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                  قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                  "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                  وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                  تعليق


                  • #69
                    ونذكر من أخبار آدم عليه السلام ما وقع إلينا في نقله بعض الخلاف، وفي ذكره فائدة.
                    آدم خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته على ما تقدم ذكره، وأسكنه جنته بفضله، وأهبطه بذنبه إلى الأرض، وتاب عليه، وعلمه جميع العلوم، وملكه على الارض، وكثر في جميع العالم منه أفاضلهم وأشرارهم وهو أول من صام وصلى وقرأ وكتب.
                    وكان من أحسن المخلوقين وجهاً، وكان أمرد أجرد، وأنزل الله تعالى عليه إحدى وعشرين صحيفة، وتوفاه الله وهو ابن سبعمائة سنة وخمسون سنة،
                    وكان عمره الف سنة، فوهب لداود منها خمسين سنة لما عرضت عليه أعمارهم وصورهم فرأى عمر داود قصيراً.
                    وأوصى بعده إلى ابنه شيث، وكان فيه وفي بنيه النبوة والدين والعبادة والقيام بحقوق الله تعالى وشرائعه.
                    وأنزل الله تعالى على شيث تسعاً وعشرين صحيفة، وكان مسكنه فوق الجبل وسكن ولد قابيل أسفل الوادي، وكان عمره تسعمائة سنة واثنتي عشرة سنة واستخلف ابنه أنوشا وكان عمره تسعمائة وخمسين سنة، واستخلف ابنه قينان وهو الذي كانت الوصية إليه وقسم الأرض بين بني أبيه، فطاف وهو ابن تسعمائة وعشرين سنة، ودفع الوصية الى ابنه هطيل وفي وقته بنيت الكعبة، وكان عمره ثمانمائة سنة وخمساً وتسعين سنة، وأوصى إلى ابنه يرد وعلمه وضع العلوم، وأخبره بما يجري في العالم، ويحدث بنظره في النجوم، وفي كتاب سر الملوك الذي أنزل على آدم عليه السلام.
                    وولد ليرد خنوخ وهو إدريس عليه السلام، وقد تقدم خبره مع يمحويللمللك ويقال إن يمحويل الملك بعث إلى أبيه أن يبعث اليه إدريس فامتنع، فوجه اليه جيشاً فمنعه منه أعمامه.
                    وجميع ولد شيث فلم يصل اليه، ولم يكن بعد شيث وحي، حتى نبأ الله تعالى إدريس [عليه السلام] .
                    وكان عمر يرد سبعمائة وخمسين سنة، ويقال إنه أول من استوقد واستعبد وغزا بني قابيل، ونظر في علم الفلك، ووضع المكيال والميزان، وأوتي علم الطب والنجوم، وعلم الزيجات بحساب غير حساب الهند، وسأل ربه فأراه
                    الصور الفلكية العالية.
                    وكانت الارواح تخاطبه، وعلم أسماء الصعود والهبوط فصعد وهبط، ودار [حول] الفلك وعرف أشكال النجوم ووقف على مسير الكواكب، وعرف كل ما يحدث في العالم، فزبره على الحجارة وعلى الطين.
                    وزيد مع ذلك كل العلوم والصناعات، وكانت له قصص تطول مع ملك الموت ومات ثم عاش ونظر إلى النار ودخل إلى الجنة ولم يخرج عنها.
                    ورفع على رأس ثلاثمائة سنة من عمره، وكان يقال له هرمس باسم عطارد، وعلم ابنه صابيا الخط فقيل لكل من كتب الخط بعده صابيا.
                    وهو الذي أخبر بالطوفان، وما يحدث في العالم ودفع الوصية، والصحف إلى ابنه متوشلخ وأمر صابيا بمعونته.
                    وكان صابيا قد بلغ مبلغاً جليلاً، وعاش متوشلخ تسعمائة سنة واثنتين وثلاثين سنة.
                    وانتقلت الوصية الى ابنه لمك فأخذ في البحث وجمع العلوم، وأقبل على بني أبيه فجمعهم وأمرهم ونهاهم وحضهم على الجور لولد قابيل ونهاهم عن قربهم وعن الاختلاط بهم، وهو الذي رأى ناراً خرجت من فيه، فأحرقت العالم.
                    ولما ولد له نوح عليه السلام والملك يومئذ درمشيل به يمحويل بن خنوخ ابن يحمور بن قابيل بن آدم عليه السلام، وكان قد تجبر وقهر الملوك على ما تقدم، لكنا نعيد ذكره هنا لما ورد في هذا الخبر من الزيادة والاستقصاء.
                    وكان إبليس قد استمال الملك ودعاه إلى عبادة الكواكب ودين الصابئة، وقال له هو دين أجدادك، فأجابه وعمل له الشيطان هياكل واصناماً
                    عبدوها.
                    ويقال إنه له يستخرج أحد من المعادن والجوهر واللؤلؤ والمرجان أكثر مما كان في وقت الدرمشيل، وكان شديداً على نوح والله تعالى يحفظه منه وعاش الملك ثلثمائة سنة.
                    ونبأ الله تعالى نوحا عليه السلام وهو ابن مائة وخمسين سنة وارسله الى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان مائة سنة، وكان أول نبي بعد إدريس عليهما السلام.
                    وكانت شريعته التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج وجهاد الأعداء، فدعا قومه الى الله تعالى وحذرهم عذابه، وكلما قام فيهم ودعاهم عنفوه وحذروه وأخفوا أمره عن الملك، وكان يحضر هياكلهم وبيوت أصنامهم، فاذا قال لهم قولوا لا إله إلا الله وأني عبد الله ورسوله جعلوا أصابعهم في آذانهم وادخلوا رؤوسهم في ثيابهم تبرءاً مما يقول.
                    ولما قال لهم يوماً قولوا لا إله إلا الله وقعت الأصنام على وجوهها فقاموا اليه فضربوه حتى سقط على وجهه، وعرف الملك خبره فأحضره وقال له ما هذا الذي بلغني عنك من مخالفتك لديني وما عليه بنو أبيك وسبك لآلهتنا؟ وما هذا السحر الذي اسقطت به الأصنام عن كراسيها؟ ومن الذي علمك ذلك؟


                    يتبع


                    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                    تعليق


                    • #70
                      ذكر عناق بنت آدم عليه السلام

                      نرجع الآن إلى ما يجب ذكره من بقية أخبار آدم عليه السلام، ولدت عناق بنت آدم مفردة بغير أخ وكانت مشوهة الخلق لها رأسان، وكان لها في كل يد عشر أصابع، لكل أصبع ظفران كالمنجلين الحادين.
                      ذكرها علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: هي أول من بغى في الأرض، وعمل الفجور، وجاهر بالمعاصي واستخدم الشياطين، وصرفهم في وجوه السحر.
                      وكان الله عزوجل أنزل على آدم عليه السلام أسماء تطيعها الشياطين، وأمره أن يدفعها إلى حواء فتعلقها على نفسها فتكون حرزاً لها، ففعل ذلك، وكانت حواء تصونها وتحتفظ بها، فاغتفلتها عناق وهي نائمة، فاخذتها واستجلبت الشياطين بتلك الأسماء، وعملت السحر، وتكلمت بشئ من الكهانة، وجاهرت بالمعاصي وأضلت خلقاً كثيراً من ولد آدم عليه السلام، فدعا عليها آدم عليه السلام، وأمنت حواء فأرسل الله إليها في طريقها
                      أسداً أعظم من الفيل فهجم عليها في بعض المغاور فقتلها، ومزق أعضاءها، وأراح الله آدم وحواء منها.
                      ويقول أهل الأثر: إن عوجا الجبار من ولدها: وإن الطوفان لم يغرقه ولا بلغ ماؤه إلا بعض جسده، وأنه طلب السفينة ليغرقها فأعماه الله عنها، وعمر الى زمان فرعون، وقطع صخرة على قدر عسكر موسى عليه السلام وكان في أكثر من ستمائة الف ، وحملها على رأسه ليطرحها عليهم، فارسل الله في طريقه ذلك عليه طيراً نقر ذلك الحجر حتى ثقبه، ونزل من رأسه إلى كتفيه فصار رأسه مضغوطاً في الحجر فمنعه الرؤية، وتعذر عليه الحركة، وأمر الله تعالى موسى عليه السلام بقتله، وكان لموسى ايد قوية، وكانت وثبته عشرة أذرع، وطول عصاه مثلها وطوله كثيراً فوثب اليه فلم يضرب بطرف عصاه إلا عرقوبه، فسقط لثقل الحجر فقتله ووافق سقوطه عرض النيل.
                      فأقام كالجسر يعبر الناس عليه والدواب كالقنطرة مدة طويلة.
                      وفي حديث آخر أنهم جروه في خمسة أشهر في كل يوم ألف ثور مقرنين بعجلات مع تعاونهم عليه في كل يوم نصف ذراع حتى طرحوه في بحر القلزم.
                      وقيل بل قطعوه قطعاً وجروه إلى البحر، وقيل إن سقوطه كان في صحراء مصر فترك في موضعه وردم عليه بالصخور والرمل حتى صار كالجبل العظيم.


                      يتبع


                      تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                      قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                      "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                      وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                      تعليق


                      • #71


                        من هو عوج بن عنق أو عوق الذي تم ذكره اعلاه

                        هو حفيد آدم من ابنته عنق بنت آدم أول عاهرة فى التاريخ ... واختلفت الروايات كعادة أهل التأويل القرآني في تحديد نسبه، وأشهرها ما نقله (عبد الملك العاصمي) في كتابه "سمط النجوم العوالي" فقال: "أمه عنق بنت آدم لصُلبه، وقيل اسمها عناق، وهي أول بغيّ على وجه الأرض من ولد آدم عملت السحر وجاهرت بالمعاصي.

                        فلما بغت، خلق الله لها أسودا كالفيلة وذئابا كالإبل ونسورا كالحمّر فسلّطهم عليها فقتلوها وأكلوها".

                        استحسنها إبليس وتقرّب منها، "فسارت معه إلى عند قابيل بن آدم وولده، فلم تمنع من جاءها عن نفسها (أى كانت تمارس الدعارة) حتى حملت بعوج، وأراد الله أن يجعله حديثاً في الأرض فولدته أعظم منها".

                        لم تعلم عناق ممن حملت، فنُسب عوج إليها، "فربّته حتى عَظم وقوي وبقي يطوف الأرض جبلا جبلا".

                        قيل إن طوله "ثلاثة ألاف وثلاثمائة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع"، وقيل إنه كان يحتجز{ يحتجب } السحاب ويشرب منها، "وكان يضرب بيده فيأخذ الحوت من قاع البحر ثم يرفعه إلى السماء فيشويه بعين الشمس فيأكله".
                        نجا من الطوفان في زمن نوح، وحارب العديد من الأنبياء، وكانت نهايته حين رفع الجبل ليرمي عسكر موسى بالجبل، "فجعله الله طوقاً في عنقه، وقتله موسى " .


                        أهم النصوص القرآنية التى تحدثت عنه :

                        النص القرآني الأول :

                        " كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" ( سورة القمر 54 : 9 – 17 )

                        ويقول القرطبي فى تفسيره للنص :

                        {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} أي جعلنا ذلك ثوابا وجزاء لنوح على صبره على أذى قومه وهو المكفور به؛ فاللام في {لِمَنْ} لام المفعول له؛ وقيل: {كُفِرَ} أي جحد؛ ف {مَنْ} كناية عن نوح. وقيل: كناية عن الله والجزاء بمعنى العقاب؛ أي عقابا لكفرهم بالله تعالى. وقرأ يزيد بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} بفتح الكاف والفاء بمعنى: كان الغرق جزاء وعقابا لمن كفر بالله، وما نجا من الغرق غير عوج بن عنق؛ كان الماء إلى حجزته. وسبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشبة الساج لبناء السفينة فلم يمكنه حملها، فحمل عوج تلك الخشبة إليه من الشام فشكر الله له ذلك، ونجاه من الغرق.

                        وفي رواية أخرى نقلها العاصمي، جاء عوج إلى نوح مستغيثاً ليحمله في السفينة، فخاف نوح منه، "فقال له عوج: لا بأس عليك يا نوح مني، دعني امشي مع سفينتك، فإني أعلم أن سفينتك لا تسعني ولا تحملني.
                        فأوحى الله إلى نوح : ذر عوجا ولا تخف منه فانه لا قدرة له عليك.
                        فقال له نوح: ضع يدك على مؤخرة السفينة فإن الله قد أمرني بذلك. فبلغ الماء ركبتيه " .

                        النص القرآني الثاني :

                        " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) " ( سورة المائدة 5 : 24 – 26 ) .

                        تفسير الطبري :

                        في شرح سورة المائدة، تتكرّر قصة موسى مع عوج في العديد من كتب التفسير، تبعاً لرواية نقلها الطبري. نقرأ في تاريخ ابن الاثير: " ثم إنّ الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يسير ببني إسرائيل إلى أريحا بلد الجبّارين، وهي أرض بيت المقدس، فساروا حتى كانوا قريباً منهم، فبعث موسى اثني عشر نقيباً من سائر أسباط بني إسرائيل، فساروا ليأتوا بخبر الجبّارين، فلقيهم رجل من الجبّارين يقال له: عوج بن عناق، فأخذ الاثني عشر، فحملهم وانطلق بهم إلى امرأته فقال: انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنّهم يريدون أن يقاتلونا. وأراد أن يطأهم برجله، فمنعته امرأته وقالت: أطلقهم ليرجعوا ويخبروا قومهم بما رأوا. ففعل ذلك، فلمّا خرجوا قال بعضهم لبعض: إنّكم إن أخبرتم بني إسرائيل بخبر هؤلاء لا يقدموا عليهم، فاكتموا الأمر عنهم. وتعاهدوا على ذلك ورجعوا، فنكث عشرة منهم العهد وأخبروا بما رأوا، وكتم رجلان منهم، وهما: يوشع بن نون وكالب بن يوفنّا ختن موسى {زوج أخته}، ولم يخبروا إلاّ موسى وهارون. فلمّا سمع بنو إسرائيل الخبر عن الجبّارين امتنعوا عن المسير إليهم، فقال لهم موسى: " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) " ، " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22). " قَالَ رَجُلَانِ { وهما يوشع وكالب } مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) فغضب موسى، فدعا عليهم، فقال: " قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) وكانت عجلة من موسى، فقال الله تعالى " قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " (26) .... تاه شعب إسرائيل في الصحراء أربعين سنة، ولما خرج من التيه، التقى موسى بعوج وقضى عليه. ينقل الطبري حديثين يشهدان لهذه الخاتمة.

                        الحديث الأول :

                        مصدره نوف، وفيه : "كان سرير عوج ثمانمائة ذراع، وكان طول موسى عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، ووثب في السماء عشرة أذرع، فضرب عوجاً فأصاب كعبه، فسقط ميتاً، فكان جسراً للناس يمرُّون عليه".

                        الحديث الثاني :

                        مصدره ابن عباس، وفيه: "كانت عصا موسى عشرة أذرع، ووثبته عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع، فوثب فأصاب كعب عوج فقتله، فكان جسراً لأهل النيل سنة".

                        في رواية مشابهة نقلها القرطبي في تفسيره، اقتلع عوج "صخرة على قدر عسكر موسى ليرضخهم بها، فبعث الله طائرا فنقرها ووقعت في عنقه فصرعته. وأقبل موسى عليه السلام، وطوله عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، وترقّى في السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه وهو مصروع فقتله"

                        في صياغة أخرى لهذه القصة نقلها الأشبهي في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف"، أتى عوج بقطعة من الجبل، واحتملها على رأسه ليلقيها على معسكر بني إسرائيل، "فبعث الله طيراً في منقاره حجر مدوّر، فوضعه على الحجر الذي على رأسه، فانثقب من وسطه وانخرق في عنقه".

                        أما تفسير الطبري للنص فيقول :

                        قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: إن"الأربعين" منصوبة بـ"التحريم" وإنّ قوله:"محرمة عليهم أربعين سنة"، معنيٌّ به جميع قوم موسى، لا بعض دون بعض منهم. لأن الله عز ذكره عمَّ بذلك القوم، ولم يخصص منهم بعضًا دون بعض. وقد وفَى الله جل ثناؤه بما وعدهم به من العقوبة، فتيَّههم أربعين سنة، وحرَّم على جميعهم، في الأربعين سنة التي مكثوا فيها تائهين، دخولَ الأرض المقدَّسة، فلم يدخلها منهم أحد، لا صغير ولا كبير، ولا صالح ولا طالح، حتى انقضت السنون التي حرَّم الله عز وجَل عليهم فيها دخولها. ثم أذن لمن بقي منهم وذراريهم بدخُولها مع نبي الله موسى والرجلين اللذين أنعمَ الله عليهما، وافتتح قرية الجبارين، إن شاء الله، نبيُّ الله موسى صلى الله عليه وسلم، وعلى مقدّمته يوشع، وذلك لإجماع أهل العلم بأخبار الأوَّلين أن عوج بن عناق قتلَه موسى صلى الله عليه وسلم. فلو كان قتلُه إياه قبل مصيره في التيه، وهو من أعظم الجبارين خلقًا، لم تكن بنو إسرائيل تجزَع من الجبارين الجزعَ الذي ظهر منها. ولكن ذلك كان، إن شاء الله، بعد فناء الأمة التي جزعت وعصت ربها، وأبت الدخول على الجبارين مدينَتهم.
                        وبعدُ: فإن أهل العلم بأخبار الأوّلين مجمعون على أن بلعم بن باعور،كان ممن أعان الجبارين بالدعاء على موسى. ومحالٌ أن يكون ذلك كان وقوم موسى ممتنعون من حربهم وجهادهم، لأن المعونة إنما يحتاج إليها من كان مطلوبًا، فأما ولا طالب، فلا وجه للحاجة إليها.

                        11698 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوف قال: كان سرير عوج ثمانمائة ذراع، وكان طول موسى عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، ووثب في السماء عشرة أذرع،

                        ( أنظر في المطبوعة"عشرة أذرع" في المواضع الثلاثة ، وأثبت ما في المخطوطة ، وكلاهما صواب فإن"الذراع" ، مؤنثة ، وقد تذكر) فضرب عوجًا فأصاب كعبه، فسقط ميتًا، فكان جسرًا للناس يمرُّون عليه. (أنظر الأثر: 11698- رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 223. )
                        11699 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت عصا موسى عشرة أذرع، ووثبته عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع، (أنظر في المطبوعة "عشرة أذرع" في المواضع الثلاثة ، وأثبت ما في المخطوطة ، وكلاهما صواب فإن"الذراع" ، مؤنثة ، وقد تذكر.) فوثب فأصاب كعب عوج فقتله، فكانَ جسرًا لأهل النيل سنة. ( أنظر الأثر: 11699- رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 223.... هذا ، وكل ما رواه أبو جعفر من أخبار عوج ، وما شابهه مما مضى في ذكر ضخامة خلق هؤلاء الجبارين ، إنما هي مبالغات كانوا يتلقونها من أهل الكتاب الأول ، لا يرون بروايتها بأسًا. وهي أخبار زيوف لا يعتمد عليها ).
                        ومعنى:"يتيهون في الأرض"، يحارون فيها ويضلُّون= ومن ذلك قيل للرجل الضال عن سبيل الحق:"تائه". وكان تيههم ذلك: أنهم كانوا يصبحون أربعين سنة كل يوم جادِّين في قدر ستة فراسخ للخروج منه، فيمسون في الموضع الذي ابتدأوا السير منه.
                        11700 - حدثني بذلك المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع. ( أنظر الأثر: 11700- انظر الأثر السالف رقم: 11690.)
                        11701 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا

                        عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: تاهت بنو إسرائيل أربعين سنة، يصبحون حيث أمسوا، ويمسون حيث أصبحوا في تيههم.
                        القول في تأويل قوله جل ثناؤه : { فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) }
                        قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فلا تأس"، فلا تحزن.
                        يقال منه:"أسِيَ فلان على كذا يأسىَ أسًى"، و"قد أسيت من كذا"، أي حزنت، ومنه قول امرئ القيس:
                        وُقُوفًا بِهَا صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ... يَقُولُونَ: لا تَهْلِكْ أَسًى وتَجَمَّل (ديوانه: 125 ، من معلقته المشهورة.)
                        يعني: لا تهلك حزنًا.
                        وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

                        ذكر من قال ذلك:
                        11702 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"فلا تأس" يقول: فلا تحزن.
                        11703 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال حدثنا أسباط، عن السدي:"فلا تأس على القوم الفاسقين"، قال: لما ضُرب عليهم التّيه، ندم موسى صلى الله عليه وسلم، فلما نَدِم أوحى الله إليه:"فلا تأس على القوم الفاسقين"، لا تحزن على القوم الذين سمَّيتهم"فاسقين"، فلم يحزن.
                        أنظر الأثر: 11703- هو بعض الأثر السالف قديمًا رقم: 991. وأسقط ناشر المطبوعة الأولى: "فلم يحزن" ، لأنها كانت في المخطوطة: "فلا تحزن" ، فظنها تكرارًا فحذفها ، وهي ثابتة كما كتبتها في الأثر السالف: 991.

                        ويقول بن كثير فى تفسيره للنص :

                        فقال تعالى مخبرا عن موسى أنه قال: { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ } أي: المطهرة.
                        قال سفيان الثوري، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله : { ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ } قال: هي الطور وما حوله. وكذا قال مجاهد وغير واحد.
                        وقال سفيان الثوري، عن أبي سعيد البقال، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: هي أريحا. وكذا ذكر غير واحد من المفسرين.
                        وفي هذا نظر؛ لأن أريحا ليست هي المقصود بالفتح، ولا كانت في طريقهم إلى بيت المقدس، وقد قدموا من بلاد مصر، حين أهلك الله عدوهم فرعون، [اللهم] إلا أن يكون المراد بأريحا أرض بيت المقدس، كما قاله -السدي فيما رواه ابن جرير عنه-لا أن المراد بها هذه البلدة المعروفة في طرف الغَوْر شرقي بيت المقدس.

                        وقوله تعالى: { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } أي: التي وعدكموها الله على لسان أبيكم إسرائيل: أنه وراثة من آمن منكم. { وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ } أي: ولا تنكلوا عن الجهاد { فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } أي: اعتذروا بأن في هذه البلدة -التي أمرتنا بدخولها وقتال أهلها- قوما جبارين، أي: ذوي خلَقٍ هائلة، وقوى شديدة، وإنا لا نقدر على مقاومتهم ولا مُصَاولتهم، ولا يمكننا الدخول إليها ما داموا فيها، فإن يخرجوا منها دخلناها وإلا فلا طاقة لنا بهم .

                        وقد قال ابن جرير: حدثني عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن بَشَّار، حدثنا سفيان قال: قال أبو سعيد قال عِكْرَمَة، عن ابن عباس قال: أمرَ موسى أن يدخل مدينة الجبارين. قال: فسار موسى بمن معه حتى نزل قريبًا من المدينة -وهي أريحا- فبعث إليهم اثني عشر عينًا{ جاسوساً }، من كل سبط منهم عين، ليأتوه بخبر القوم. قال: فدخلوا المدينة فرأوا أمرًا عظيماً من هيئتهم وجُثَثهم وعِظَمِهم، فدخلوا حائطاً لبعضهم، فجاء صاحب الحائط ليجتني الثمار من حائطه، فجعل يجتني الثمار. وينظر إلى آثارهم، فتتبعهم فكلما أصاب واحدًا منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة، حتى التقت الاثنى عشر كلهم، فجعلهم في كمه مع الفاكهة، وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه فقال لهم الملك: قد رأيتم شأننا وأمرنا، فاذهبوا فأخبروا صاحبكم. قال: فرجعوا إلى موسى، فأخبروه بما عاينوا من أمرهم.

                        يتبع




                        تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                        قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                        "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                        وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                        تعليق


                        • #72
                          وفي هذا الإسناد نظر (تفسير الطبري (10/173)) .

                          قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لما نزل موسى وقومه، بعث منهم اثني عشر رجلاً (نقيباً) - وهم النقباء الذين ذكر الله، فبعثهم ليأتوه بخبرهم، فساروا، فلقيهم رجل من الجبارين، فجعلهم في كسائه، فحملهم حتى أتى بهم المدينة، ونادى في قومه فاجتمعوا إليه، فقالوا: من أنتم؟ قالوا: نحن قوم موسى، بعثنا نأتيه بخبركم. فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل، فقالوا لهم: اذهبوا إلى موسى وقومه فقولوا لهم: اقدروا قَدْر فاكهتهم فلما أتوهم قالوا: يا موسى، { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون } .
                          رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب عن يزيد بن الهاد، حدثني يحيى بن عبد الرحمن قال: رأيت أنس بن مالك أخذ عصا، فذرع فيها بشيء، لا أدري كم ذرع، ثم قاس بها في الأرض خمسين أو خمساً وخمسين، ثم قال: هكذا طول العماليق .

                          وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا أخبارًا من وضع بني إسرائيل، في عظمة خلق هؤلاء الجبارين، وأنه كان فيهم عوج بن عنق، بنت آدم، عليه السلام، وأنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ذراعا وثلث ذراع، تحرير الحساب! وهذا شيء يستحي من ذكره. ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى خلق آدم وطوله ستون ذراعًا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن".

                          (رواه البخاري في صحيحه برقم (3326) ورواه مسلم في صحيحه برقم (2841) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.)

                          ثم قد ذكروا أن هذا الرجل كان كافراً، وأنه كان ولد زِنْية { بنت آدم عاهره !!!! } ، وأنه امتنع من ركوب السفينة، وأن الطوفان لم يصل إلى ركبته وهذا كذب وافتراء، فإن الله ذكر أن نوحاً دعا على أهل الأرض من الكافرين، فقال { رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [ سورة نوح71 : 26 ] وقال تعالى: { فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ } (14) [ سورة الشعراء 26 : 119-120 ] وقال تعالى{ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ } [ هود 11 : 43 ] وإذا كان ابن نوح الكافر غرق، فكيف يبقى عوج بن عنق، وهو كافر وولد زنية؟! هذا لا يسوغ في عقل ولا شرع. ثم في وجود رجل يقال له: "عوج بن عنق" نظر، والله أعلم.

                          وقوله: { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا } أي: فلما نكل بنو إسرائيل عن طاعة الله ومتابعة رسول الله موسى، عليه السلام، حرضهم رجلان لله عليهما نعمة عظيمة، وهما ممن يخاف أمر الله ويخشى عقاب ..

                          وقرأ بعضهم: { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يُخَافُونَ } أي: ممن لهم مهابة وموضع من الناس. ويقال: إنهما "يوشع بن نون" و "كالب بن يوفنا"، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وعطية، والسُّدِّي، والربيع بن أنس، وغير واحد من السلف، والخلف، رحمهم الله، فقالا { ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } أي: متى توكلتم على الله واتبعتم أمره، ووافقتم رسوله، نصركم الله على أعدائكم وأيدكم وظفركم بهم، ودخلتم البلدة التي كتبها الله لكم. فلم ينفع ذاك فيهم شيئًا. { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون } وهذا نكول منهم عن الجهاد، ومخالفة لرسولهم وتخلف عن مقاتلة الأعداء.

                          ويقال: إنهم لما نكلوا على الجهاد وعزموا على الانصراف والرجوع إلى بلادهم، سجد موسى وهارون، عليهما السلام، قُدام ملأ من بني إسرائيل، إعظاما لما هموا به، وشَق "يوشع بن نون" و "كالب بن يوفنا" ثيابهما ولاما قومهما على ذلك، فيقال: إنهم رجموهما وجرى أمر عظيم وخطر جليل.

                          وما أحسن ما أجاب به الصحابة، رضي الله عنهم يوم بدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استشارهم في قتال النفير، الذين جاءوا لمنع العِير الذي كان مع أبي سفيان، فلما فات اقتناص العير، واقترب منهم النفير، وهم في جمع ما بين التسعمائة إلى الألف، في العُدة والبَيْض واليَلب، فتكلم أبو بكر، رضي الله عنه، فأحسن، ثم تكلم من تكلم من الصحابة من المهاجرين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أشيروا عليَّ أيها المسلمون". وما يقول ذلك إلا ليستعلم ما عند الأنصار؛ لأنهم كانوا جمهور الناس يومئذ. فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه كأنك تُعرض بنا يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق لو اسْتَعرضْتَ بنا هذا البحر فخُضْتَه لخُضناه معك، وما تخلَّف منا رجل واحد، وما نَكْرَه أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصُبُر في الحرب، صدق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تَقَرُّ به عينك، فَسِرْ بنا على بركة الله فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونَشَّطه ذلك. (انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/615) .)

                          وقال أبو بكر بن مَرْدُويَه : حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا حميد عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر استشار المسلمين، فأشار إليه عمر، ثم استشارهم فقالت الأنصار: يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: إذًا لا نقول له كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } والذي بعثك بالحق لو ضَرَبْت أكبادها إلى بَرْك الغمَاد لاتبعناك.
                          ورواه الإمام أحمد، عن عبيدة بن حميد، الطويل، عن أنس، به. ورواه النسائي، عن محمد بن المثنى، عن خالد بن الحارث، عن حميد به، ورواه ابن حبان عن أبي يعلى،

                          عن عبد الأعلى بن حماد، عن مَعْمَر بن سليمان، عن حميد، به. (المسند (3/105) وسنن النسائي الكبرى برقم (11141) ومسند أبي يعلى الموصلي (6/407).

                          وقال ابن مَرْدُويه: أخبرنا عبد الله بن جعفر، أخبرنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا محمد بن شعيب، عن الحسن بن أيوب، عن عبد الله بن ناسخ، عن عتبة بن عبد السلمي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ألا تقاتلون؟" قالوا: نعم، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. (ورواه أحمد في مسنده (4/183) من طريق الحسن بن أيوب به) .
                          وكان ممن أجاب يومئذ المقداد بن عمرو الكندي، رضي الله عنه، كما قال الإمام أحمد:
                          حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن مخارق بن عبد الله الأحْمَسِي، عن طارق -هو ابن شهاب-: أن المقداد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
                          هكذا رواه أحمد من هذا الوجه، وقد رواه من طريق أخرى فقال:
                          حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن مخارق، عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله -هو ابن مسعود-رضي الله عنه: لقد شهدت من المقداد مشهدًا لأن أكون أنا صاحبه أحب إليَّ مما عدل به: أتى رسول الله وهو يدعو على المشركين، فقال: والله يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكنا نقاتل عن يمينك وعن يسارك، ومن بين يديك ومن خلفك. فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرق لذلك، وسره بذلك. (المسند (1/389) ) .
                          وهكذا رواه البخاري "في المغازي" وفي "التفسير" من طرق عن مخارق، به. ولفظه في "كتاب التفسير" عن عبد الله قال: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } .
                          ولكن نقول امض ونحن معك فكأنه سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                          ثم قال البخاري: ورواه وَكِيع، عن سفيان، عن مخارق، عن طارق؛ أن المقداد قال للنبي صلى الله عليه وسلم.

                          وقال ابن جرير: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم الحُدَيبية، حين صَدّ المشركون الهَدْي وحِيلَ بينهم وبين مناسكهم: "إني ذاهب (صحيح البخاري برقم (3952، 4609) ... بالهَدْي فناحِرُه عند البيت". فقال له المقداد بن الأسود: أما والله لا نكون كالملأ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيهم: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون. فلما سمعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تتابعوا على ذلك. (تفسير الطبري (10/186).

                          وهذا. إن كان محفوظا يوم الحديبية، فيحتمل أنه كرر هذه المقالة يومئذ كما قاله يوم بَدْر.
                          وقوله: { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } يعني: لما نكل بنو إسرائيل عن القتال غضب عليهم موسى عليه السلام، وقال داعيا عليهم: { رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي } أي: ليس أحد يطيعني منهم فيمتثل أمر الله، ويجيب إلى ما دعوتَ إليه إلا أنا وأخي هارون، { فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } قال العَوْفِي، عن ابن عباس: يعني اقض بيني وبينهم. وكذا قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
                          وكذا قال الضحاك: اقض بيننا وبينهم، وافتح بيننا وبينهم، وقال غيره: افرق: افصل بيننا وبينهم، كما قال الشاعر ("لعله حبينة بن طريف العكلي".
                          انظر: حاشية تفسير الطبري (10/188).

                          يَا رب فافرق بَيْنَه وبَيْني ... أشدّ ما فَرقْت بَيْن اثنين ...
                          وقوله تعالى: { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
                          } لما دعا عليهم موسى، عليه السلام، حين نكَلُوا عن الجهاد حكم الله عليهم بتحريم دخولها قدرًا مدة أربعين سنة، فوقعوا في التيه يسيرون دائمًا لا يهتدون للخروج منه، وفيه كانت أمور عجيبة، وخوارق كثيرة، من تظليلهم بالغَمام وإنزال المن والسلوى عليهم، ومن إخراج الماء الجاري من صخرة صماء تحمل معهم على دابة، فإذا ضربها موسى بعصاه انفجرت من ذلك الحجر اثنتا عشرة عينا تجري لكل شعب عين، وغير ذلك من المعجزات التي أيد الله بها موسى بن عمران. وهناك أنزلت التوراة، وشرعت لهم الأحكام، وعملت قبة العهد، ويقال لها: قبة الزمان. قال يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيد عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير: سألت ابن عباس عن قوله: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ } الآية.
                          قال: فتاهوا في الأرض أربعين سنة، يصبحون كل يوم يسيرون ليس لهم قرار، ثم ظلل عليهم الغمام في التيه، وأنزل عليهم المن والسلوى وهذا قطعة من حديث "الفتون"، ثم كانت وفاة هارون، عليه السلام، ثم بعده بمدة ثلاثة سنين مات موسى الكليم، عليه السلام، وأقام الله فيهم "يوشع بن نون" عليه السلام، نبيا خليفة عن موسى بن عمران، ومات أكثر بني إسرائيل هناك في تلك المدة، ويقال: إنه لم يبق منهم أحد سوى "يوشع" و "كالب"، ومن هاهنا قال بعض المفسرين في قوله: { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } هذا وقف تام، وقوله: { أَرْبَعِينَ سَنَةً } منصوب بقوله: { يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ } فلما انقضت المدة خرج بهم "يوشع بن نون" عليه السلام، أو بمن بقي منهم وبسائر بني إسرائيل من الجيل الثاني، فقصد بهم بيت المقدس فحاصرها، فكان فتحها يوم الجمعة بعد العصر، فلما تَضَيَّفَتِ الشمس للغروب، وخَشي دخول السبت عليهم قال "إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليَّ"، فحبسها الله تعالى حتى فتحها، وأمر الله "يوشع بن نون" أن يأمر بني إسرائيل، حين يدخلون بيت المقدس، أن يدخلوا بابها سُجّدا، وهم يقولون: حطّة، أي: حط عنا ذنوبنا، فبدلوا ما أمروا به، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وهم يقولون: حَبَّة في شَعْرة، وقد تقدم هذا كله في سورة البقرة.


                          وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عمر العَدَنِيُّ، حدثنا سفيان، عن أبي سعيد، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس قوله: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ } قال : فتاهوا أربعين سنة، فهلك موسى وهارون في التيه وكل من جاوز الأربعين سنة، فلما مضت الأربعون سنة ناهضهم "يوشع بن نون"، وهو الذي قام بالأمر بعد موسى، وهو الذي افتتحها، وهو الذي قيل له: "اليوم يوم الجمعة" فهَمُّوا بافتتاحها، ودنت الشمس للغروب، فخشي إن دخلت ليلة السبت أن يسبتوا، فنادى الشمس: "إني مأمور وإنك مأمورة" فوقفت حتى افتتحها، فوجد فيها من الأموال ما لم ير مثله قط، فقربوه إلى النار فلم تأت فقال: فيكم الغلول، فدعا رءوس الأسباط، وهم اثنا عشر رجلا فبايعهم، والتصقت يد رجل منهم بيده، فقال: الغلول عندك، فأخرجه فأخرج رأس بقرة من ذهب، لها عينان من ياقوت، وأسنان من لؤلؤ، فوضعه مع القربان، فأتت النار فأكلتها.

                          وهذا السياق له شاهد في الصحيح. وقد اختار ابن جرير أن قوله: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } هو العامل في "أربعين سنة"، وأنهم مَكَثوا لا يدخلونها أربعين سنة، وهم تائهون في البرية لا يهتدون لمقصد. قال: ثم خرجوا مع موسى، عليه السلام، ففتح بهم بيت المقدس. ثم احتج على ذلك قال: بإجماع علماء أخبار الأولين أن عوج بن عنق" قتله موسى، عليه السلام، قال: فلو كان قتله إياه قبل التيه لما رهبت بنو إسرائيل من العماليق، فدل على أنه كان بعد التيه. قال: وأجمعوا على أن "بلعام بن باعورا" أعان الجبارين بالدعاء على موسى، قال: وما ذاك إلا بعد التيه؛ لأنهم كانوا قبل التيه لا يخافون من موسى وقومه هذا استدلاله، ثم قال:
                          حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا ابن عطية، حدثنا قَيْس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت عصا موسى عشرة أذرع، ووثبته عشرة أذرع، وطوله عشرة أذرع، فوثب فأصاب كعب "عوج" فقتله، فكان جسرًا لأهل النيل سنة.
                          وروي أيضا عن محمد بن بَشّار، حدثنا مُؤَمَّل، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نَوْف البِكالي قال: كان سرير "عوج" ثمانمائة ذراع، وكان طول موسى عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، ووثب في السماء عشرة أذرع، فضرب "عوجا" فأصاب كعبه، فسقط ميتا، وكان جسْرًا للناس يمرون عليه.
                          وقوله تعالى: { فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } تسلية لموسى، عليه السلام، عنهم، أي: لا تتأسف ولا تحزن عليهم فمهما حكمت عليهم، به فإنهم يستحقون ذلك.
                          وهذه القصة تضمنت تقريع اليهود وبيان فضائحهم، ومخالفتهم لله ولرسوله ونكولهم عن طاعتهما، فيما أمرهم به من الجهاد، فضعفت أنفسهم عن مصابرة الأعداء ومجالدتهم، ومقاتلتهم، مع أن بين أظهرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكليمه وصفيه من خلقه في ذلك الزمان، وهو يعدهم بالنصر والظفر بأعدائهم، هذا وقد شاهدوا ما أحل الله بعدوهم فرعون من العذاب والنكال والغرق له ولجنوده في اليم، وهم ينظرون لتَقَرَّ به أعينهم وما بالعهد من قدم، ثم ينكلون عن مقاتلة أهل بلد هي بالنسبة إلى ديار مصر لا توازي عشر المعشار في عدّة أهلها وعُدَدهم، فظهرت قبائح صنيعهم للخاص والعام، وافتضحوا فضيحة لا يغطيها الليل، ولا يسترها الذيل، هذا وهم في جهلهم يعمهون، وفي غَيِّهم يترددون، وهم البُغَضَاء إلى الله وأعداؤه، ويقولون مع ذلك: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة 5 : 18 ] فقبح الله وجوههم التي مسخ منها الخنازير والقرود، وألزمهم لعنة تصحبهم إلى النار ذات الوقود، ويقضي لهم فيها بتأبيد الخلود، وقد فعل وله الحمد من جميع الوجود.

                          أما القرطبي فى تفسيره فيقول :

                          قوله تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } أي عظام الأجسام طوال، وقد تقدم؛ يقال: نخلة جبارة أي طويلة. والجبار المتعظم الممتنع من الذل والفقر. وقال الزجاج: الجبار من الآدميين العاتي، وهو الذي يجبر الناس على ما يريد؛ فأصله على هذا من الإجبار وهو الإكراه؛ فإنه يجبر غيره على ما يريده؛ وأجبره أي أكرهه. وقيل: هو مأخوذ من جبر العظم؛ فأصل الجبار على هذا المصلح أمر نفسه، ثم استعمل في كل من جر لنفسه نفعا بحق أو باطل. وقيل: إن جبر العظم راجع إلى معنى الإكراه. قال الفراء: لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين؛ جبار من أجبر ودراك من أدرك. ثم قيل: كان هؤلاء من بقايا عاد. وقيل: هم من ولد عيصو بن إسحاق، وكانوا من الروم، وكان معهم عوج الأعنق، وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا؛ قاله ابن عمر، وكان يحتجن السحاب أي يجذبه بمحجنه ويشرب منه، ويتناول الحوت من قاع البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله. وحضر طوفان نوح عليه السلام ولم يجاوز ركبتيه وكان عمره ثلاثة آلاف وستمائة سنة، وأنه قلع صخرة على قدر عسكر موسى ليرضخهم بها، فبعث الله طائرا فنقرها ووقعت في عنقه فصرعته. وأقبل موسى عليه السلام وطوله عشرة أذرع؛ وعصاه عشرة أذرع وترقى في السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه وهو مصروع فقتله. وقيل: بل ضربه في العرق الذي تحت كعبه فصرعه فمات ووقع على نيل مصر فجسرهم سنة. ذكر هذا المعنى باختلاف ألفاظ محمد بن إسحاق والطبري ومكي وغيرهم. وقال الكلبي: عوج من ولد هاروت وماروت حيث وقعا بالمرأة فحملت. والله أعلم ...

                          قوله تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }
                          25- { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }
                          26- { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }
                          قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } تبيين من الله تعالى أن أسلافهم تمردوا على موسى وعصوه؛ فكذلك هؤلاء على محمد عليه السلام، وهو تسلية له؛ أي يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم، واذكروا قصة موسى. وروي عن عبدالله بن كثير أنه قرأ { يَا قَوْمِ اذْكُرُوا } بضم الميم، وكذلك ما أشبهه؛ وتقديره يا أيها القوم. { إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ } لم ينصرف؛ لأنه فيه ألف التأنيث. { وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً } أي تملكون أمركم لا يغلبكم عليه غالب بعد أن كنتم مملوكين لفرعون مقهورين، فأنقذكم منه بالغرق؛ فهم ملوك بهذا الوجه، وبنحوه فسر السدي والحسين وغيرهما. قال السدي: ملك كل واحد منه نفسه وأهله وماله. وقال قتادة: إنما قال: { وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً } لأنا كنا نتحدث أنهم أول من خدم من بني آدم. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن القبط قد كانوا يستخدمون بني إسرائيل، وظاهر أمر بني آدم أن بعضهم كان يسخر بعضا مذ تناسلوا وكثروا، وإنما اختلفت الأمم في معنى التمليك فقط. وقيل: جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم إلا بإذن؛ روي معناه عن جماعة من أهل العلم. قال ابن عباس: إن الرجل إذا لم يدخل أحد بيته إلا بإذنه فهو ملك. وعن الحسن أيضا وزيد بن أسلم من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك؛ وهو قول عبدالله بن عمرو كما في صحيح مسلم عن أبي عبدالرحمن الحبلي قال: سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبدالله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك منزل تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإن لي خادما. قال: فأنت من الملوك. قال ابن العربي: وفائدة هذا أن الرجل إذا وجبت عليه كفارة وملك دار وخادما باعهما في الكفارة ولم يجز له الصيام، لأنه قادر على الرقبة والملوك لا يكفرون بالصيام، ولا يوصفون بالعجز عن الإعتاق. وقال ابن عباس ومجاهد: جعلهم ملوكا بالمن والسلوى والحجر والغمام، أي هم مخدومون كالملوك. وعن ابن عباس أيضا يعني الخادم والمنزل؛ وقاله مجاهد وعكرمة والحكم بن عيين، وزادوا الزوجة؛ وكذا قال زيد بن أسلم إلا أنه قال فيما يعلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان له بيت - أو قال منزل - يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك" ؛ ذكره النحاس. ويقال: من استغنى عن غيره فهو ملك؛ وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"

                          قوله تعالى: { وَآتَاكُمْ } أي أعطاكم { مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ } والخطاب من موسى لقومه في قول جمهور المفسرين؛ وهو وجه الكلام. مجاهد: والمراد بالإيتاء المن والسلوى والحجر والغمام. وقيل: كثرة الأنبياء فيهم، والآيات التي جاءتهم. وقيل: قلوبا سليمة من الغل والغش. وقيل: إحلال الغنائم والانتفاع بها.

                          قلت: وهذا القول مردود؛ فإن الغنائم لم تحل لأحد إلا لهذه الأمة على ما ثبت في الصحيح؛ وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وهذه المقالة من موسى توطئة لنفوسهم حتى تعزز وتأخذ الأمر بدخول أرض الجبارين بقوة، وتنقذ في ذلك نفوذ من أعزه الله ورفع من شأنه. ومعنى { مِنَ الْعَالَمِينَ } أي عالمي زمانكم؛ عن الحسن. وقال ابن جبير وأبو مالك: الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله. وتظاهرت الأخبار أن دمشق قاعدة الجبارين. و { الْمُقَدَّسَةَ } معناه المطهرة. مجاهد: المباركة؛ والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه.
                          قتادة: هي الشام.
                          مجاهد: الطور وما حوله.
                          ابن عباس والسدي وابن زيد: هي أريحاء.
                          قال الزجاج: دمشق وفلسطين وبعض: الأردن.
                          وقول قتادة يجمع هذا كله. { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } أي فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم. ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا: لا علم لنا بتلك الديار؛ فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة، وهم ذوو أجسام هائلة؛ حتى قيل: إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم بين يده وقال: إن هؤلاء يريدون قتالنا؛ فقال لهم الملك: ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا؛ على ما تقدم. وقيل: إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل: حمله رجل واحد، وقيل: حمله النقباء الاثنا عشر.

                          قلت: وهذا أشبه؛ فإنه يقال: إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم، ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشية، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة.

                          قلت: ولا تعارض بين هذا والأول؛ فإن ذلك الجبار الذي أخذهم في كمه - ويقال: في حجره - هو عوج بن عناق وكان أطولهم قامة وأعظمهم خلقا؛ على ما يأتي من ذكره إن شاء الله تعالى. وكان طول سائرهم ستة أذرع ونصف في قول مقاتل. وقال الكلبي: كان طول كل رجل منهم ثمانين ذراعا، والله أعلم. فلما أذاعوا الخبر ما عدا يوشع وكالب بن يوفنا، وامتنعت بنو إسرائيل من الجهاد عوقبوا بالتيه أربعين سنة إلى أن مات أولئك العصاة ونشأ أولادهم، فقاتلوا الجبارين وغلبوهم
                          قوله تعالى: { وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ } أي لا ترجعوا عن طاعتي وما أمرتكم به من قتال الجبارين. وقيل: لا ترجعوا عن طاعة الله إلى معصيته، والمعنى واحد.

                          قوله تعالى: { وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا } يعني البلدة إيلياء، ويقال: أريحاء أي حتى يسلموها لنا من غير قتال وقيل:قالوا ذلك خوفا من الجبارين ولم يقصدوا العصيان؛ فإنهم قالوا: { فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ }
                          قوله تعالى: { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ } قال ابن عباس وغيره: هما يوشع وكالب بن يوقنا ويقال ابن قانيا، وكانا من الاثني عشر نقيبا. و { يَخَافُونَ } أي من الجبارين. قتادة: يخافون الله تعالى. وقال الضحاك: هما رجلان كانا في مدينة الجبارين على دين موسى؛ فمعنى { يَخَافُونَ } على هذا أي من العمالقة من حيث الطبع لئلا يطلعوا على إيمانهم فيفتنوهم ولكن وثقا بالله. وقيل: يخافون ضعف بني إسرائيل وجبنهم.
                          وقرأ مجاهد وابن جبير { يُخَافُونَ } بضم الياء، وهذا يقوي أنهما من غير قوم موسى. { أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا } أي بالإسلام أو باليقين والصلاح. { ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } قالا لبني إسرائيل لا يهولنكم عظم أجسامهم فقلوبهم ملئت رعبا منكم؛ فأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة، وكانوا قد علموا أنهم إذا دخلوا من ذلك الباب كان لهم الغلب. ويحتمل أن يكونا قالا ذلك ثقة بوعد الله.
                          ثم قالا { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } مصدقين به؛ فإنه ينصركم. ثم قيل على القول الأول: لما قالا هذا أراد بنو إسرائيل رجمهما بالحجارة، وقالوا: نصدقكما وندع قول عشرة! ثم قالوا لموسى: { إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا } وهذا عناد وحَيْدٌ عن القتال، وإِياسٌ من النصر. ثم جهلوا صفة الرب تبارك وتعالى فقالوا { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ } وصفوه بالذهاب والانتقال، والله متعال عن ذلك. وهذا يدل على أنهم كانوا مشبهة؛ وهو معنى قول الحسن؛ لأنه قال: هو كفر منهم بالله، وهو الأظهر في معنى الكلام. وقيل: أي إن نصرة ربك لك أحق من نصرتنا، وقتاله معك - إن كنت رسوله - أولى من قتالنا؛ فعلى هذا يكون ذلك منهم كفر؛ لأنهم شكوا في رسالته. وقيل المعنى: أذهب أنت فقاتل وليعنك ربك. وقيل: أرادوا بالرب هارون، وكان أكبر من موسى وكان موسى يطيعه. وبالجملة فقد فسقوا بقولهم؛ لقوله تعالى: { فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } أي لا تحزن عليهم. { إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } أي لا نبرح ولا نقاتل. ويجوز { َقَاعِدُينَ} على الحال؛ لأن الكلام قد تم قبله.


                          قصة عوج بن عنق فى التراث :
                          يظهر عوج بن عوق وهو يتهاوى صريعا أمام موسى في نسخة عربية مزوّقة من كتاب "جامع التواريخ" تعود إلى عام 1314، مصدرها تبريز، وهي من محفوظات مكتبة أدنبرج. في نسخة فارسية من هذا الكتاب أُنجزت في عام 1318، نرى موسى وهو يتقدّم شاهراً عصاه، بينما يرفع عوج الصخرة التي انثقبت وتحوّلت إلى طوق حول عنقه.

                          تتكرّر الصورة في العديد من نسخ كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات"، كما في نسخة من نسخ " قصص الأنبياء" المحفوظة في سرايا توبكابي، في اسطنبول. يتغير المشهد في نسخة من "تاريخ حافظ أبرو" أنجزت في النصف الأول من القرن الخامس عشر. على وجه الورقة الثالثة والعشرين، يقف عوج بن عوق وسط مياه الطوفان، محاولا منع سفينة نوح من التقدّم. جاء في كتاب "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل": "لما دخل نوح ومن معه السفينة، فتح الله عز وجل عيون الماء ففارت الأرض من البحار، وأمطر الله من السماء ماء فارتفع الماء، وجعلت الفلك تجري بهم كموج، كالجبال. وعلا الماء على رؤوس الجبال أربعين ذراعاً، فهلك كل من على وجه الأرض من حيوان ونبات سوى عوج ابن عناق. ولم يغرقه الطوفان، ولا بلغ بعض جسده، وطلب السفينة ليغرقها، وكان ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعاً وثلث ذراع. وعاش ثلاثة آلاف سنة، وعمّر إلى زمان فرعون، وقطع صخرة على قدر عسكر موسى عليه السلام ليطرحها عليهم، وكان المعسكر فرسخاً في فرسخ، فأرسل الله طيرا فنقر الصخرة، فنزلت من رأسه إلى عنقه ومنعته الحركة، فوثب موسى وكانت وثبته عشرة أذرع، وطوله مثل ذلك، وطول عصاه مثل ذلك، ولم يلحق سوى عرقوبه (أي ركبته) فقتله وتركه بموضعه، وردم عليه بالصخر والرمل، فكان كالجبل العظيم في صحراء مصر"

                          وأخيراً أخي المُسلم أن أردت ان تحشي عقلك بالتهاجيس الإسلامية حول هذه القصة الأسطورية فعليك بالدخول إلى هذا اللنك المجمع لعشرات اللنكات الإسلامية لقصة عوج بن عنق بنت آدم ... أبن أول عاهرة فى التاريخ :

                          http://www.islamweb.net/newlibrary/i...B9%D9%86%D9%82



                          انتهى


                          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                          تعليق


                          • #73
                            عوج بن عنق " شخصية خرافية لا وجود لها .


                            السؤال :

                            أريد أن أعرف من هو "عوج بن عناق"، هل وجدت هذه الشخصية حقاً أم لا؟ لقد سمعت قصصاً عن شجاره مع موسى عليه السلام ، وأنه كان يقف في وسط المحيط فلا يصل إلا إلى ركبيته ، وأنه كان يصطاد الحيتان ويشويها في عين الشمس ... الخ. فما صحة هذه القصص ، وهل ورد حديث صحيح في ذِكره ؟






                            الجواب :
                            الحمد لله
                            "عوج بن عنق" ، ويقال : "عوج بن عوق" ، ويقال : "عوج بن عناق" ، شخصية وهمية أسطورية لا وجود لها بهذا الوصف الذي وصفه الواصفون ، إلا في الخيال الجامح ، والإسرائيليات المغرقة في المبالغة والتهويل ، وعن هذا الطريق ( الإسرائيليات ) تلقاها من حشاها في كتبه من المفسرين والقصاص وأصحاب التاريخ وأهل اللغة ، بل وبعض المحدثين ، كابن عساكر وأبي الشيخ الأصبهاني وابن المنذر وغيرهم .
                            وما يذكر من وصفه الهائل ، وأنه كان طويلا جدا ، يصطاد الحيتان فيشويها في عين الشمس، وأخباره مع نبي الله نوح ونبي الله موسى عليهما السلام : فباطل محال ، وقد ردّ ذلك المحققون من أهل العلم .
                            وغاية ما هنالك أن يقال : إذا كان لهذه الشخصية وجود ، فهو من جملة المردة الكفرة ، من القوم الجبارين العمالقة بقية قوم عاد ، إلا أن الكذابين والقصاصين هوّلوا من شأنه ، وأسرفوا في وصفه ، ووضعوا فيه الأقاصيص المكذوبة والحكايات المزورة ؛ ترويجا لغرضهم الفاسد عند العوام .
                            وانظر : "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" لملا علي القاري (ص448) .
                            ولا يمكن أن يكون قد بقي من زمن نوح إلى زمن موسى عليهما السلام ؛ لأن الله تعالى يقول : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ) الشعراء/ 119، 120.
                            وقال تعالى : ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) نوح/ 26 .
                            قال ابن كثير رحمه الله :
                            " وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبْقِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، فَكَيْفَ يَزْعُمُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ عُوَجَ بْنَ عُنُقَ، وَيُقَالُ: ابْنَ عِنَاقَ ، كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَبْلِ نُوحٍ إِلَى زَمَانِ مُوسَى ؟! وَيَقُولُونَ: كَانَ كَافِرًا مُتَمَرِّدًا جَبَّارًا عَنِيدًا ، وَيَقُولُونَ: كَانَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ ، بَلْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عُنُقُ بِنْتُ آدَمَ مِنْ زِنًا ، وَأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِهِ السَّمَكَ مِنْ قَرَارِ الْبِحَار ِ، وَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِنُوحٍ ، وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ: مَا هَذِهِ الْقُصَيْعَةُ الَّتِي لَكَ ، وَيَسْتَهْزِئُ بِهِ ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ كَانَ طُولُهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَثُلُثًا ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ الَّتِي لَوْلَا أَنَّهَا مُسَطَّرَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفَاسِيرِ، وَغَيْرِهَا مِنَ التَّوَارِيخِ ، وَأَيَّامِ النَّاسِ ، لَمَا تَعَرَّضْنَا لِحِكَايَتِهَا لِسَقَاطَتِهَا، وَرَكَاكَتِهَا، ثُمَّ إِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ :
                            أَمَّا الْمَعْقُولُ : فَكَيْفَ يَسُوغُ فِيهِ أَنْ يُهْلِكَ اللَّهُ وَلَدَ نُوحٍ لِكُفْرِهِ ، وَأَبُوهُ نَبِيُّ الْأُمَّةِ وَزَعِيمُ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَلَا يُهْلِكُ عُوجَ بْنَ عُنُقَ ، وَهُوَ أَظْلَمُ وَأَطْغَى عَلَى مَا ذَكَرُوا ؟!
                            وَكَيْفَ لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا ، وَيَتْرُكُ هَذَا الدَّعِيَّ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الْفَاجِرَ الشَّدِيدَ الْكَافِرَ الشَّيْطَانَ الْمَرِيدَ عَلَى مَا ذَكَرُوا ؟!
                            وَأَمَّا الْمَنْقُولُ : فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ) ، وَقَالَ : ( رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) .
                            ثُمَّ هَذَا الطُّولُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ) .
                            فَهَذَا نَصُّ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ، أَيْ : لَمْ يَزَلِ النَّاسُ فِي نُقْصَانٍ فِي طُولِهِمْ مِنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ ، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
                            وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ ، فَكَيْفَ يُتْرَكُ هَذَا وَيُذْهَلُ عَنْهُ ؟ وَيُصَارُ إِلَى أَقْوَالِ الْكَذَبَةِ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ بَدَّلُوا كُتَبَ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةَ وَحَرَّفُوهَا وَأَوَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَا هُمْ يَسْتَقِلُّونَ بِنَقْلِهِ أَوْ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ ، وَهُمُ الْكَذَبَةُ الْخَوَنَةُ ، عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عُوجَ بْنِ عَنَاقَ إِلَّا اخْتِلَاقًا مِنْ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ وَفُجَّارِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْدَاءَ الْأَنْبِيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".
                            انتهى من "البداية والنهاية" (1/ 266-268) .


                            وقال ابن القيم رحمه الله ::
                            " ومن الأمور التي يعرف بها كون الحديث موضوعا : أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِمَّا تَقُومُ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ عَلَى بِطْلانِهِ ، كَحَدِيثِ عَوْجِ بْنِ عُنُقٍ الطَّوِيلِ الَّذِي قَصَدَ واضعه الطعن في أخبار الأنبياء ، فإنهم يجترئون عَلَى هَذِهِ الأَخْبَارِ ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ "أَنَّ طُولَهُ كَانَ ثَلاثَةَ آلافِ ذِرَاعٍ وَثَلاثِ مئة وَثَلاثَةَ وَثَلاثِينَ وَثُلْثًا ، وَأَنَّ نُوحًا لَمَّا خَوَّفَهُ الْغَرَقُ قَالَ لَهُ احْمِلْنِي فِي قَصْعَتِكَ هَذِهِ ، وَأَنَّ الطُّوفَانَ لَمْ يَصِلْ إِلَى كَعْبِهِ ، وَأَنَّهُ خَاضَ الْبَحْرَ فَوَصَلَ إِلَى حُجْزَتِهِ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْحُوتَ مِنْ قَرَارِ الْبَحْرِ فَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَنَّهُ قَلَعَ صَخْرَةً عظيمة عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِ مُوسَى وَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيهِمْ بِهَا فَقَوَّرَهَا اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الطَّوْقِ"!
                            وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ جَرَأَةِ مِثْلَ هَذَا الْكَذَّابِ عَلَى اللَّهِ ، إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ يُدْخِلُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ مِنَ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ وَلا يُبَيِّنُ أَمْرَهُ ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٌ ، فَلَوْ كَانَ لِعَوْجٍ هَذَا وُجُودٌ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ نُوحٍ .
                            وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ سُتُونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلُ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ ) رواه البخاري (3326) ومسلم (2841) "
                            انتهى من "المنار المنيف" (ص: 76-77) .





                            الاسلام سؤال وجواب






                            تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                            قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                            "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                            وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                            تعليق


                            • #74
                              شكرا على المعلومات القيمة

                              تعليق


                              • #75

                                ذكر أخبار الكهان من العرب


                                بلغ سطيح من الكهانة ما لم يبلغه أحد، وكان يسمى كاهن الكهان، وكان يخبر بالغيوب والعجائب فقيل ان ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هالته، فأمر بجمع الكهان وأصحاب القيافة والزجر، فلما حضروا عنده قال لهم إني رأيت رؤيا هالتني فأخبروني بها، فقالوا له قصها علينا نخبرك بتأويلها، فقال ما أطمئن الى تأويلها إذا قصصتها عليكم، ولا أصدق في تأويلها إلا من عرفها قبل أن أقصها عليه.
                                فقال له رجل منهم: لا يفعل ذلك ويوثق بقوله إلا سطيح الذئبي وشق اليشكري، فهما أعلم، فارسل اليهما ليقدما عليك.
                                فقدم سطيح قبل شق، وكان اسم سطيح ربيع بن ربيعة من بني ذئب بن عدي، فاكرمه ربيعة بن نصر، وقال له إني رأيت رؤيا هالتني، وأريد أن تخبرني بها وبتأويلها.
                                فقال سطيح : أقسم بالشفق، والليل إذا غسق، والطارق إذا طرق، لقد رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت في أرض تهمة، فأكلت كل ذات جممة .
                                قال صدقت فما تأويلها ؟
                                قال أحلف بما بين الحرتين من حنش، ليطأن أرضكم الحبش، وليملكن ما بين أبين الى جرش.
                                قال ربيعة إن هذا لغائظ موجع، فهل في زماننا؟
                                قال لا بل بعده بحين اكثر من ستين او سبعين، يمضين من السنين، ثم تقتلون بها أجمعين، وتخرجون منها هاربين.
                                قال فمن بلي ذلك منهم؟
                                قال غلام رحب الفطرة من آل ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحدا منهم باليمن.
                                قال فما تصنع اليمن؟
                                قال يملكها بعدهم قوم ذوو أخطار من رجال أحرار، قال أفيدوم ذلك أو ينقطع؟
                                قال بل ينقطع
                                قال ومن يقطعه؟
                                قال نبي ذكي أمين قوي، يأتيه الوحي من قبل الواحد العلي: قال وممن هذا النبي؟
                                قال من ولد غالب بن فهر بن مالك بن مضر، يكون الملك في قومه الى آخر الدهر.
                                قال وهل للدهر من آخر؟
                                قال نعم يوم انفطار السماء، والوقوف للجزاء، بالسعادة والشقاء.
                                قال وأي يوم هو؟
                                قال يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، ويسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون.
                                قال أحق ما تخبرنا به يا سطيح؟
                                قال نعم والشفق، والغسق، والقمر اذا اتسق، أن ما أنبأتك به لحق.
                                ومن الأخبار أيضاً : أنه كان لعبد المطلب بن هاشم ماء بالطائف، يقال له ذو الهدم، فادعته ثقيف فجاؤه فاحتفروه، فمنعهم عبد المطلب فعظم خصامهم، فنافرهم عبد المطلب الى سطيح، فخرج عبد المطلب ومعه ابنه الحارث، وخرج معه جماعة من قومه، وخرج خصمه جندب بن الحارث في جماعة من ثقيف، فلما كان في بعض الطريق نفد ماؤهم فطلبوا الى الثقيفيين أن يسقوهم فلم يفعلوا، فنزل عبد المطلب وأصحابه، وهم لا يشكون أنه الموت، ففجر الله عين ماء عذب من تحب جرات بعير عبد المطلب فشربوا واستقوا وحمد الله عزوجل عبد المطلب وشكره وساروا على طريقهم فنفد ماء الثقيفيين فسألوا عبد المطلب أن يسقيهم ففعل فقال له الحارث: لأن أدخل سيفي في بطني أخف علي من أن أفعل ذلك! قال له يا بني اسقهم فان الكرم ثقيل الحمل، فسقاهم فساروا فقطعوا رأس جرادة فجعلوه في خرز مزادة، وعلقوه في جلد في عنق كلب لهم اسمه سوار، وكانت في عنقه قلادة لا تفارقه.
                                فأتوا سطيحاً فلما دخلوا عليه قالوا إنا أتيناك سائلين، قال فماذا تسألون؟ قالوا نسأل عن شئ قد خبأناه، ونحتكم عندك في شئ وقع التخاصم بيننا فيه، فقال خبأتم رأس جرادة في خرز مزادة في عنق سوار ذي القلادة، قالوا صدقت فأخبرنا عما اختصمنا فيه اليك، قال احلف بالضوء والظلم، والبيت ذي الحرم، أن الدفين ذا الهدم، لهذا العربي ذي الكرم، فانصرفوا وقد قضى لعبد المطلب.
                                ومن أخباره أن كسرى ابرويز لما رأى في نومه كأنه سقط من قصره ست عشرة شرفة ارتاع لذلك، فوجه الى الموبذان فعرفه بذلك، وقال أن ذلك قد هالني وأفزعني.
                                يتبع

                                تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                                قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                                "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                                وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X