إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

غزوة ذي قَرَد ( غزوة الغابة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غزوة ذي قَرَد ( غزوة الغابة )


    من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر ،

    وقد سميت بغزوة ذي قَرَد لأن الماء الذي نزل به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقال له : ذو قَرَد ..

    وتسمى كذلك بغزوة الغابة ، إشارةً إلى موضعٍ قرب المدينة من ناحية الشام فيه شجر كثير ، وهو المكان الذي أغار فيه المشركون على إبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي ترعى فيه ..

    لم تكد تمضي ليال قلائل على عودة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته لبني لحيان ، حتى أغار عيينة بن حصن الفزاري في جماعة من قومه غطفان على لقاح (إبل ذوات لبن) للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت ترعى ، وقتلوا رجلا وأسروا امرأة من المسلمين ..

    وعندما سمع سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ ما حدث ، صاح منذرا الناس ، وظل بمفرده يطارد المغيرين ، وكان ـ رضي الله عنه ـ أسرع الناس عدواً ، حتى أدركهم على رجليه ، وجعل يرميهم بالنبل ، وكان رامياً ، ويقول :

    خذها وأنا ابن الأكوع .............. واليوم يوم الرضع (هلاك اللئام)

    ثم توالت سهامه عليهم وهو يطاردهم وحده ، حتى ألقوا بالكثير من متاعهم التي أثقلتهم عن الهروب ، وكانوا كلما ألقوا شيئا وضع عليه علامة كي يعرفها النبي ـ
    صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه .. واستمر على ذلك حتى استنقذ منهم بعض الإبل ، وثلاثين بُرْدة (كساء) وثلاثين رمحا ..

    لحق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه من الصحابة بسلمة بن الأكوع بذي قرد ، واستعادوا الإبل كلها بعدما قتلوا من المشركين الكثير ،

    ثم عاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة وقد أردف خلفه على ناقته سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ـ ، وأعطاه سهمين ، سهم الفارس وسهم الراجل ، وأثنى عليه قائلا : ( خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة ) رواه مسلم .

    أما المرأة التي أسرها المغيرون من غطفان ، فقد عادت سالمة إلى المدينة بعد أن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد نذرت إن نجاها الله لتنحرن تلك الناقة ،

    فلما أخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نذرها تبسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : ( بئسما جزيتها ، أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها ، إنه لا نذر في معصية الله ، ولا فيما لا تملكين ، إنما هي ناقة من إبلي ، فارجعي إلى أهلك على بركة الله ) رواه أحمد .

    وفي أثناء رجوع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه إلى المدينة حدثت مسابقة في العَدْوِ بين سلمة رضي الله عنه ـ ورجل من الأنصار ، يقول سلمة رضي الله عنه ـ :
    ( .. وكان رجل من الأنصار لا يُسبق شداً ، قال : فجعل يقول : ألا مُسابق إلى المدينة ، هل من مسابق ؟ ، فجعل يُعيد ذلك ، قال : فلما سمعت كلامه قلتُ : أما تكرمُ كريماً ولا تهاب شريفاً ، قال : لا ، إلا أن يكون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأُمي ذرني فلأسابق الرجل ، قال : إن شئت ، قال : قلت : اذهب إليك وثنيتُ رجلي فطفرت فعدوت .. فسبقته إلى المدينة ) رواه مسلم .

    لقد كانت غزوة الغابة (ذي قرد) من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد ، وفي مطاردتهم وإيقافهم عند حدهم ، لنشر الأمن والسلام في الدولة الإسلامية وما حولها ، وتأديب المعتدين ..

    وهذه الغزوة ـ رغم صغرها عسكريا إلا أن فيها ـ كبقية الغزوات والسرايا ـ من الفوائد الكثير، منها :

    شجاعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومبادرة الصحابة عند النداء للجهاد وشجاعتهم ، خاصة سلمة بن الاكوع ـ رضي الله عنه ـ الذي قاوم بمفرده جَمْعا من الكفار وأرهبهم ، واستنقذ منهم ما سرقوه من إبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بل وأخذ منهم بعض الغنائم ،
    ومن ثم كرمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معنويا وماديا ، فأثنى عليه ، وأعطاه سهمين من الغنائم ، وحمله خلفه على ناقته حتى عاد إلى المدينة ، وفي ذلك فائدة هامة وإشارة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتكريم أصحاب الهمم العالية ..

    قال ابن حجر في حديثه عن بعض فوائد هذه الغزوة :

    " .. جواز العَدْو الشديد في الغزو ، والإنذار بالصياح العالي ، وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه ، واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلة ـ لا سيما عند الصنع الجميل ـ ليستزيد من ذلك ، ومحله حيث يؤمن الافتتان ، وفيه المسابقة على الأقدام ، ولا خلاف في جوازه بغير عِوَض ، وأما بالعِوَض فالصحيح لا يصح .." ..

    وكذلك من فوائدها : بطلان نذر المعصية ، أو النذر فيما لا يملكه الإنسان ،
    وحلم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسماحته في تبسمه حينما نهى المرأة أن تنحر ناقته التي نجاها الله عليها ..

    والله أعلم

    المصدر

    لاحول ولاقوة إلا بالله
يعمل...
X