إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اكبر سرقة فى التاريخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اكبر سرقة فى التاريخ



    اكبر سرقة فى التاريخ
    نبدأ من اليوم الذي وصلت فيه سفن المغامر الإيطالي (كرستوفر كولومبس) إلى السواحل الأمريكيَّة، ورست على جزر الكاريبي في الثاني عشر من شهر أكتوبر من عام 1492. في تلك السنة، سقطت غرناطة، آخر قلاع ملوك الطوائف. وفي تلك السنة، انتهى حُكْمُ العرب في بلاد الأندلس.
    انطلق كولومبس من مرفأ (دلبة) أو (بالوس) في الوقت الذي كانت فيه السلطة العربيَّة لم تزل تبسط نفوذها على المواقع الحساسَّة من الأندلس، وأنَّها كانت قبل عشرة أعوام من تلك الرحلة بكامل قوَّتها، وكانت تدير بعض الموانئ والمرافئ الغربيَّة المُطلَّة على المحيط الأطلسي، وتفرض سيطرتها على حركة السفن القادمة والمغادرة. ومن المؤكَّد أنَّ الدولة العربيَّة في الأندلس، كانت تمثِّل بوَّابة النهضة الملاحيَّة . ففي الوقت الذي كانت فيه الموانئ الأوربيَّة تمرُّ بأتعس ظروفها، كانت مرافئ قرطبة أجمل بكثير من مرافئ لندن وكان الملاَّحون العرب والبربر والأتراك أصحاب الريادة في الفنون الملاحيَّة والعلوم الفلكيَّة. ولو عدنا إلى الوراء، وعلى وجه التحديد إلى القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) لاكتشفنا كيف اعتمد الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله (عبد الرحمن الثالث) على مواهب (حسداي ابن شفروط) الذي كلَّفه بوضع حجر الأساس للنهضة العلميَّة والملاحيَّة ، وكيف استطاع هذا الرجل الذي يجيد اللغات (العربيَّة والعبريَّة والآراميَّة واليونانيَّة واللاتينيَّة) أن يجمع أساتذة الملاحة والجغرافية والفلك في كيان واحَّد. فسخَّر مواهبهم كلَّها في توسيع نطاق الرحلات البحريَّة، ورسمَ المسالك البعيدة وثبَّتها في خرائط ملَّونة، اشتملت على أدقِّ التفاصيل. وأشرف (حسداي) بنفسه على ميناء قرطبة حتَّى صارت قرطبة مركزًا كبيرًا قادرًا على استقطاب علماء الملاحة والفلك من كلِّ حدب وصوب. فاستفادت من مواهبهم الجغرافيَّة، ومن تجاربهم العمليَّة في عرض البحر، وكانت قرطبة الينبوعَ الذي استقت منه الموانئ الأندلسيَّة الأخرى فنونها، واستمدَّت منه مقوِّمات نموِّها.

    وجد ملوك الأندلس أنفسهم في أمسِّ الحاجة إلى رعاية المواهب الملاحيَّة وتشجيعها. وكانوا في أمسِّ الحاجة إلى تطوير صناعة السفن بالاتِّجاه الذي يُعزِّز حركة النهوض بالأسطول البحري العربي في حوض البحر الأبيض المتوسِّط، وفي المحيط الأطلسي، فصارت الملاحة شعارًا ورمزًا وأيقونة، حتَّى أنَّ إحدى قرى غرناطة كان اسمها (الملاَّحة)، وإليها ينتسب العالم البارع أبو القاسم محمَّد الغافقي الأندلسي الملاَّحي.

    ولادة فكرة السرقة الكبرى
    أدركت التجمُّعات الأوربيَّة (العلميَّة والدينيَّة) في القرن الرابع عشر الميلادي أنَّ الخرائط والجداول والمعدَّات الملاحيَّة التي كانت بحوزة العرب والمسلمين هي المفاتيح السحريَّة التي ستفتح لهم أبواب التوسُّع والانتشار في بحار الله الواسعة. وهي التي ستفكُّ شفرة الألغاز الفلكيَّة والحسابيَّة، فولَّدت فكرة الاستيلاء على الإرث الملاحي العربي الإسلامي. وكانت هذه الفكرة الحافزَ الذي شجَّع رجال الكنيسة إلى إقناع الملوك والأمراء في (قشتالة) و (أراغون)، فزحف الملك (فرديناند الثالث) نحو المدن الأندلسيَّة المينائيَّة، وزحف الملك (جايم الأوَّل) على المدن الداخليَّة، فأسقطوا مدن بلنسية وقرطبة ومرسية وأشبيلية، واستولوا على الخرائط والمعدَّات والجداول الملاحيَّة، ووضعوا أيديهم على السفن الكبيرة، وعدوُّها من الغنائم، وغيَّروا أسماءها على الفور.
    أصبح الحُكم الإسلامي محصورًا في غرناطة التي استطاعت لمناعتها وحصانة موقعها أن تقاوم الزحف. فوحَّدت مملكة (أراغون) صفوفها مع إيزابيلا ملكة قشتالة في الهجوم الكاسح ضدَّ غرناطة في معركة (لوشة) الكبرى. وكان الفارس العربي موسى بن أبي الغسَّان آخر المدافعين عنها، فشنَّ الملك (فرديناند) معركة (الإيمان المقدَّس) التي سقط فيها موسى شهيدًا خارج أسوار غرناطة، واستسلم المسلمون أمام هذا الغزو الجبَّار، وأصبح التراث البحري والعلمي كلَّه بيد (فرديناند) و(إيزابيلا).

    الريادة في العلوم البحريَّة والملاحيَّة
    كان البحر بستان الملاَّحين العرب وملعبهم ومؤنسهم ومدرستهم وملاذهم، وكان مقبرتهم الأبديَّة. وما تزال بصماتهم تنتظر مَن يرفع الغطاء عنها، ويفكُّ رموزها، فحقَّقوا مكانة عالميَّة متميَّزة في المهارات الملاحيَّة المُكتسبة بالفطرة، إضافة إلى ما يكتنزون من مواهب طبيعيَّة، وما يحتفظون به من معارف موروثة. وتفوَّقوا في هندسة بناء السفن الشراعيَّة. وكانوا أوَّل مَن تعلَّم ركوب الماء. وكانت لهم الريادة في تهذيب الإسطرلاب وتطويره. وابتكروا آلة الكمال (آلة السدس Sextant)، واخترعوا البوصلة المغناطيسيَّة. وهم أوَّل من جزَّأها إلى اثنين وثلاثين جزءًا، وأوَّل مَن استخدم الساعة المائيَّة في الملاحة. ويعود لهم الفضل في رسم الخرائط الملاحيَّة، وتثبيت الملامح الساحليَّة، وتوزيع خطوط العرض والطول.

    كان الأندلسيُّون أسياد الملاحة في المحيط الأطلسي بلا مُنازع، وكانت سفنهم من أكثر السفن إثارة للإعجاب، وتُظهر مستوًى عالٍ من المهارة ودِقَّة الصنعة، واستطاعوا أن يبسطوا نفوذهم الملاحي على الجزر التي سنأتي على ذكرها هنا.
    برع الأندلسيُّون أيضًا في رسم الخرائط الجغرافيَّة، واهتمًّوا بتوضيح المسالك البحريَّة. كانت أشهرها الخارطة التي رسمها الإدريسي. وصنع بجوارها كرة أرضيَّة من الفضَّة. وهو أول من رسم خارطة كاملة للأرض.

    يتبع

  • #2
    أوَّل مَن أكتشف أمريكا
    ممَّا لا ريب فيه أنَّ المسلمين والعرب وصلوا إلى السواحل الأمريكيَّة قبل كريستوفر كولومبس بمئات السنين، وأنَّ تسجيل ذلك الاكتشاف باسم كولومبس لا يلغي حقَّ روَّاد الملاحة العربيَّة الذين غامروا بعبور الأطلسي، واستقروا في الأرض الجديدة.
    فقد تحدَّث أحمد بن فضل الله العمري في كتابه "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" عن وجود أرض عامرة وديار مسكونة، لكنَّها غير مُعلنة، تقع خلف بحر الظلمات (المحيط الأطلسي). وقد عاش إبن فضل الله قبل كولومبس بقرنين على أقلِّ تقدير.

    وتحدَّث المؤرِّخ أبو بكر بن عمر عن ملاَّح عربي آخر، ابن فاروق من غرناطة، أبحر من ميناء قادس (Kadesh) في بداية شهر فبراير من عام 999، وتوغَّل في بحر الظلمات حتَّى وصل إلى جزر الكناري، ثمَّ واصل مساره في الاتِّجاه الغربي حتَّى وصل إلى جزيرتين نائيتين, هما جزيرة
    (Capraria)، وجزيرة (Pluitana)، وعاد من رحلته في نهاية مايو من العام نفسه.

    وذكر المسعودي في "مروج الذهب" إنَّ الملاَّح العربي خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي، أبحر من الأندلس متوجِّها نحو الغرب في العام الهجري 889 الموافق عام 1484، وقطع بحر الظلمات (الأطلسي)، ووصل بعد عناء ومشقَّة إلى أرض مجهولة عاد منها محمَّلا بالذهب والغنائم. وقد أشار المسعودي إلى موقع تلك الأرض، وثبَّتها في الخارطة التي رسمها المسعودي نفسه. وكتب عليها عبارة (الأرض المجهولة). وهي في موضع قارة أمريكا.

    وتحدَّث الإدريسي أيضًا عن رحلة بحريَّة استكشافيَّة، قام بها مجموعة من الملاَّحين العرب. انطلقوا غربًا من ميناء (دلبة) في الأندلس، واقتحموا المحيط الأطلسي، ثمَّ عادوا بعد أشهر، وراحوا يقصُّون للناس مشاهداتهم المثيرة عن عالم غريب.

    وتعترف المراكز الملاحيَّة الإسبانيَّة اليوم بأنَّ العرب المنحدرين من أصول مغربيَّة، أبحروا من ميناء (دلبة) الأسباني (بالوس Palos) في منتصف القرن العاشر الميلادي، وعبروا بحر الظلمات (الأطلسي) متَّجهين بسفنهم نحو الغرب، ثمَّ عادوا بعد غياب طويل ليحكوا للناس عن مشاهداتهم في الأرض العجيبة الواقعة غرب المحيط.

    وكان الأندلسيُّون يحلمون بالسفر بحرًا إلى تلك الجزر النائية. وهذا ما شجَّع العرب على الفرار بسفنهم بعد سقوط غرناطة عام 1492، والمجازفة بعبور الأطلسي. بحثًا عن الملاذ الآمن وخوفًا من الموت المحتوم الذي كان يطاردهم في الأندلس. واستمرَّت هجرة عرب الأندلس إلى الأرض الجديدة، الأمر الذي دفع ملك إسبانيا إلى إصدار قرار جائر، منع بموجبه تلك الهجرة وحرَّمها على المسلمين.
    كولومبس يقتل الونزو ويسرق خرائطه
    تذكر المراجع البرتغاليَّة أنَّ كولومبس كان يقيم في جزيرة (ماديرا Madeira). وفي عام 1486، أصابت الأعاصير سفينة إسبانيَّة، وأغرقتها في عرض البحر. ولم ينج منها إلاَّ خمسة من بحَّارتها، من ضمنهم ربانها (Alonso Sanchez). وشاءت الظروف أن يلجأ ربَّان السفينة المنكوبة إلى منزل كولومبس وبحوزته سجِّل السفينة وخرائطها الملاحيَّة المُقتبسة من الخرائط العربيَّة التي رسمها الملاَّح خشخاش بن سعيد. كانت تلك الخرائط تغطِّي أهمَّ مسالك المحيط الأطلسي. وتعدُّ من الوثائق السرِّيَّة النادرة. فغدر كولومبس بالربان المفجوع، وقتله وأستحوذ على خرائطه.
    غامر كولومبس بعبور الأطلسي مستعينًا بالخرائط الملاحيَّة العربيَّة المسروقة، ومتسلِّحًا بالمفاهيم والمعارف الجغرافيَّة العربيَّة. ويبدو أنَّه كان مؤمنًا بنظريَّة (كرويَّة الأرض) للعالِم الجغرافي الأندلسي "أبو عبد الله البكري". وهي النظريَّة التي قادته لمحاول الوصول نحو الشرق بالسير غربًا. خلافًا لرأي الكنيسة المتشدِّد آنذاك، والقائل بأنَّ الأرض مسطَّحةٌ، وأنَّ الأيمان بكرويَّتها كفرٌ أودى ذات يوم بحياة كوبرنيكس، وعرَّض غاليلو للتعذيب.

    وكان كولمبس مدركًا لحسابات العالِم العربي "أبو الفداء" الذي توسَّع في شرح نظريَّة كرويَّة الأرض، وبيَّن اختلاف التوقيتات الزمنيَّة في شروق الكواكب وغروبها من مكان إلى آخر. واستعان أيضًا بتطبيقات خطوط الطول والعرض التي توصَّل إليها أحمد بن محمَّد المقدسي، وتطبيقات البيروني على دوائر العرض بالاعتماد على رصد زوايا النجوم.
    بمعنى أنَّ كولومبس اعتمد اعتمادًا كلِّيًا على الخرائط العربيَّة المسروقة، فرسم مسار رحلته الملاحيَّة في حدود الإطار المعرفي الذي وفَّرته له تلك الخرائط الأندلسيَّة، فتمكَّن من الانطلاق نحو الغرب معتمدًا على أسس واقعيَّة ومنطقيَّة صاغتها العبقريَّة العربيَّة. وكان ثُلث بحَّارته من الملاَّحين العرب.

    وفي شباط من عام 1988 أقيم في غرناطة في إسبانيا مهرجان كبير بمناسبة مرور خمسة قرون على تسجيل اكتشاف قارَّة أمريكا، تحدَّث فيه علماء التاريخ والجغرافيا عن اعتماد كولومبس على الخرائط الملاحيَّة العربيَّة والإسلاميَّة في عبور الأطلسي، وأكَّدوا على استعانته بالمراجع العربيَّة، وقالوا: إنَّه رجع إلى الكثير من المؤلَّفات العربيَّة التي تُرجمت إلى اللغة الإسبانيَّة آنذاك. منها كتاب (مروج الذهب) للمسعودي، وكتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للإدريسي الذي رسم مشاهداته على كرة من الفضَّة للملك روجيه الثاني حينما دعاه لزيارة صقلِّية، وكتاب (تقويم البلدان) لعماد الدين إسماعيل أبي الفداء. وأجمع المشاركون في الحفل على أنَّ كولومبس زوَّد سفنه بعدد من الآلات البحريَّة والفلكيَّة عربيَّة الأصل مثل البوصلات العربيَّة والإسطرلابات وآلات الكمال (آلة السُّدس).

    وقال الملاح التركي الكبير (الرئيس برِّي) في (كتاب البحرية): إنَّ قارة أنتيليا (ويقصد أمريكا) اكتشفت عام 1465، أي قبل وصول كولومبس بأكثر من ربع قرن. ونقل في كتابه عن رودريكو، رجل برتغالي، عمل في خدمة عمِّ برِّي (الرئيس كمال)، أنَّه رافق كولومبو (يقصد كولومبس) في رحلته إلى أنتيليا، وكانت بحوزته خرائط أندلسيَّة وعثمانيَّة. وقال بأنَّه وقف يتوسَّط بين كولومبو وبحَّارته الذين أعلنوا العصيان، وأرادوا الاعتداء عليه بعد اليأس الذي أصابهم في البحث عن القارَّة الجديدة. وقال بأنَّ كولومبو قال لهم: "أثق إنَّنا لا بدَّ من أن نصل هنا إلى الأرض التي نبحث عنها، لأنَّ البحَّارة الأندلسيِّين والعثمانيِّين لا يكذبون." وبالفعل، عثرنا على الأرض الجديدة بعد ثلاثة أيَّام من ذلك التصريح.
    إخوان هاني في بحر الظلمات
    صرَّح كولومبس بنفسه بأنَّ اللغة العربيَّة هي أمُّ اللغات. وهذا يفسِّر حرصه على اصطحاب البحَّار (Luis de Torres) الذي كان يجيد العربيَّة والأسبانيَّة. فقد ظلَّت اللغة العربيَّة تتربَّع على منصَّة العلوم والفنون والآداب في عموم بلدان العالم المتحضِّر في الفترة من القرن الثامن إلى القرن السادس عشر الميلادي. وكانت معظم الخرائط والجداول الملاحيَّة مكتوبة باللغة العربيَّة. ومن الواضح أنَّه اقتفى أثر (خشخاش بن سعيد) و (ابن فاروق)، وسار على نهجهما إذ اختار ميناء (دلبة) للانطلاق في رحلته نحو الغرب. وتوجَّه إلى جزر الكناري. وكانت تسمَّى (Gomera). وهو اسم عربي يعني (جميرة، تصغير جمرة). وفي هذه الجزر، وقع كولومبس في حبِّ (Beatriz Bobadilla). ونلاحظ هنا أنَّ اسم (Bobadilla) مشتقٌّ من الاسم العربي (أبو عبد الله Abouabdilla ).
    وفي الثاني عشر من أكتوبر عام 1492، رست سفن كولومبس على ساحل جزيرة صغيرة تابعة للبهاما، اسمها (Guanahani). وهو اسم آخر مشتقٌّ من العبارة العربيَّة، ويعني (إخوان هاني). فبادر إلى تغيير اسمها إلى (سان سلفادور San Salvador).
    وقال فرديناند، نجل كولومبس بأنَّ أباه أخبره بوجود قبائل من أصول أفريقيَّة تقطن في الهندوراس. وذلك إلى الشرق منavinas وأخبره أيضا: أنَّه وجد في الموقع نفسه قبائل مُسلمة تدعى (Almamy). أو (Al-Imam)، وهذه الرواية لا تحتاج إلى تعليق. ومن المرجَّح أنَّ تلك القبائل تعرضت إلى الإبادة الجماعيَّة.

    ويكشف لنا أستاذ اللسانيَّات في جامعة هارفارد. البروفسور (Leo Weiner ) في كتابه (أفريقيا واكتشاف أمريكا)، المنشور عام 1920 عن حقائق مثيرة تثبت الوجود العربي الإسلامي في أمريكا قبل كولومبس. وأشار إلى شيوع مفردات عربيَّة كثيرة في لهجات الهنود الحمر. تؤكِّد على وجود صلات عرقيَّة بين القبائل الموريتانيَّة والمغربيَّة من جهة، وقبائل الهنود الحمر من جهة أخرى.
    خرائط الريس بيري كشفت زيف كولومبس
    أذهل الملاَّح التركي (الرئيس برِّي) العالم كلَّه بخارطتين متهالكتين مرسومتين بتسعة ألوان على جلد الغزال للشواطئ الغربيَّة لإفريقيا، والشواطئ الشرقيَّة للأمريكيَّتين، والحدود الشماليَّة لليابسة في القارَّة القطبيَّة الجنوبيَّة (انتارتيكا). قال عنها مدير مركز الأرصاد في (ويستون): "إنَّ خرائط الرئيس برِّي المرسومة عام 1513 صحيحة بدرجة تذهل العقول، لأنَّها تُظهر بوضوح أماكن لم يكتشفها الإنسان في ذلك الزمان. وممَّا يبعث على الحَيرة أنَّه رسم جبال القارة القطبيَّة الجنوبيَّة ووديانها، في حين لم تتوصَّل المراكز الجغرافيَّة المُعاصرة إلى رسمها إلاَّ بعد عام 1952، وذلك بعد أن تسلَّحت بأحدث تقنيات المسح الزلزالي. وممَّا زاد الأمر حَيرة أنَّ الصور التي التقطتها المركبات الفضائيَّة للقارَّة القطبيَّة الجنوبيَّة، جاءت مُطابقة لخرائط الرئيس برِّي."

    والشيء نفسه يُقال عن الحدود الشرقيَّة في القارَّتين الأمريكيَّتين التي جاءت مطابقة تمامًا للحدود التي بيَّنتها صور الأقمار الصناعيَّة لتلك السواحل، ممَّا تسبَّب بإحراج علماء الجغرافيا لأنَّ كولومبس لم يصل إلى تلك السواحل، ولم يعرفها أبدًا، ولم تكن لدية القدرة على رسم الخرائط بهذا المستوى المذهل. والحقيقة التي لا بدَّ من الاعتراف بها، هي أنَّ العرب والمسلمين كانوا يصولون ويجولون في تلك السواحل، ويتردَّدون عليها في أوقات غير منتظمة، وأنَّ كولومبس سرق خرائطهم الملاحيَّة، وسلك المسالك التي سلكوها قبله، وأنَّ التراث البحري الأندلسي والعثماني كان الكنزَ الذي تعرِّض للسطو، وهو المفتاح الذي استعملته أوروبَّا في حلِّ شفرة المسالك الملاحيَّة المخيفة.

    سرقة مفاتيح المسالك الخليجيَّة
    بعد ستَّة سنوات على سقوط الدولة العربيَّة في الأندلس، وعلى وجه التحديد، في عام 1498، كانت طلائع سفن البرتغالي فاسكو دي غاما تقف خارج بوَّابة مضيق هرمز، لتضع يدها على الكنوز الملاحيَّة الخليجيَّة، وتسرق مفاتيح المحيط الهندي من خزانة العرب. ولم تمض بضعة أشهر على تجوالها في بحر العرب وخليج عُمَان حتَّى أصبحت خرائط شهاب الدين أحمد بن ماجد في حوزة البرتغاليِّين.
    كان ابن ماجد من أشهر الملاَّحين العرب. فهو أسد البحر، وشيخ الملاَّحين والمُرشدين، وواضع أسس النظريَّات الملاحيَّة الحديثة التي جسَّدت رؤية الجغرافيِّين القُدامى. وهو مُبتكر المصطلحات العربيَّة في شتَّى العلوم والفنون البحريَّة، وصاحب الاختراعات والكتب والأراجيز التي أعتبرها الغرب ثروة لا تُقدَّر بثمن. وأشهر مؤلَّفاته، كتاب (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد).
    ابتدع ابن ماجد قياسات ملاحيَّة جديدة لم يسبقه إليها أحد. واستطاع أن يحدِّد مواقع الجزر والبلدان والسواحل ومطالع النجوم. وشرَحَ المسالك البحريَّة في المحيط الهندي. وتعمَّد تدوين علومه البحريَّة على شكل أراجيز شعريَّة مُبسَّطة حتى يسهل حفظها وتناقلها بين رجال البحر. وبلغت أراجيزه نحو أربعين أرجوزة في مختلف المواضيع.

    وجد (دي غاما) ضالَّته في علوم ابن ماجد، فسرقها كلَّها، وغدر بصاحبها، ورماه في البحر، ونقل كنوزه المعرفيَّة إلى البرتغال. فاكتملت فصول أكبر سرقة علميَّة في تاريخ كوكب الأرض. ووقعت كنوز البحار والمحيطات والجزر والقارَّات بيد الأساطيل الإسبانيَّة والبرتغاليَّة، ثمَّ تبعتها الأساطيل البريطانيَّة والفرنسيَّة والهولنديَّة،

    يتبع

    تعليق


    • #3


      أوَّل مَن أكتشف أمريكا


      ممَّا لا ريب فيه أنَّ المسلمين والعرب وصلوا إلى السواحل الأمريكيَّة قبل كريستوفر كولومبس بمئات السنين، وأنَّ تسجيل ذلك الاكتشاف باسم كولومبس لا يلغي حقَّ روَّاد الملاحة العربيَّة الذين غامروا بعبور الأطلسي، واستقروا في الأرض الجديدة.
      فقد تحدَّث أحمد بن فضل الله العمري في كتابه "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" عن وجود أرض عامرة وديار مسكونة، لكنَّها غير مُعلنة، تقع خلف بحر الظلمات (المحيط الأطلسي). وقد عاش إبن فضل الله قبل كولومبس بقرنين على أقلِّ تقدير.

      وتحدَّث المؤرِّخ أبو بكر بن عمر عن ملاَّح عربي آخر، ابن فاروق من غرناطة، أبحر من ميناء قادس (Kadesh) في بداية شهر فبراير من عام 999، وتوغَّل في بحر الظلمات حتَّى وصل إلى جزر الكناري، ثمَّ واصل مساره في الاتِّجاه الغربي حتَّى وصل إلى جزيرتين نائيتين, هما جزيرة
      (Capraria)، وجزيرة (Pluitana)، وعاد من رحلته في نهاية مايو من العام نفسه.

      وذكر المسعودي في "مروج الذهب" إنَّ الملاَّح العربي خشخاش بن سعيد بن أسود القرطبي، أبحر من الأندلس متوجِّها نحو الغرب في العام الهجري 889 الموافق عام 1484، وقطع بحر الظلمات (الأطلسي)، ووصل بعد عناء ومشقَّة إلى أرض مجهولة عاد منها محمَّلا بالذهب والغنائم. وقد أشار المسعودي إلى موقع تلك الأرض، وثبَّتها في الخارطة التي رسمها المسعودي نفسه. وكتب عليها عبارة (الأرض المجهولة). وهي في موضع قارة أمريكا.

      وتحدَّث الإدريسي أيضًا عن رحلة بحريَّة استكشافيَّة، قام بها مجموعة من الملاَّحين العرب. انطلقوا غربًا من ميناء (دلبة) في الأندلس، واقتحموا المحيط الأطلسي، ثمَّ عادوا بعد أشهر، وراحوا يقصُّون للناس مشاهداتهم المثيرة عن عالم غريب.

      وتعترف المراكز الملاحيَّة الإسبانيَّة اليوم بأنَّ العرب المنحدرين من أصول مغربيَّة، أبحروا من ميناء (دلبة) الأسباني (بالوس Palos) في منتصف القرن العاشر الميلادي، وعبروا بحر الظلمات (الأطلسي) متَّجهين بسفنهم نحو الغرب، ثمَّ عادوا بعد غياب طويل ليحكوا للناس عن مشاهداتهم في الأرض العجيبة الواقعة غرب المحيط.

      وكان الأندلسيُّون يحلمون بالسفر بحرًا إلى تلك الجزر النائية. وهذا ما شجَّع العرب على الفرار بسفنهم بعد سقوط غرناطة عام 1492، والمجازفة بعبور الأطلسي. بحثًا عن الملاذ الآمن وخوفًا من الموت المحتوم الذي كان يطاردهم في الأندلس. واستمرَّت هجرة عرب الأندلس إلى الأرض الجديدة، الأمر الذي دفع ملك إسبانيا إلى إصدار قرار جائر، منع بموجبه تلك الهجرة وحرَّمها على المسلمين.
      كولومبس يقتل الونزو ويسرق خرائطه
      تذكر المراجع البرتغاليَّة أنَّ كولومبس كان يقيم في جزيرة (ماديرا Madeira). وفي عام 1486، أصابت الأعاصير سفينة إسبانيَّة، وأغرقتها في عرض البحر. ولم ينج منها إلاَّ خمسة من بحَّارتها، من ضمنهم ربانها (Alonso Sanchez). وشاءت الظروف أن يلجأ ربَّان السفينة المنكوبة إلى منزل كولومبس وبحوزته سجِّل السفينة وخرائطها الملاحيَّة المُقتبسة من الخرائط العربيَّة التي رسمها الملاَّح خشخاش بن سعيد. كانت تلك الخرائط تغطِّي أهمَّ مسالك المحيط الأطلسي. وتعدُّ من الوثائق السرِّيَّة النادرة. فغدر كولومبس بالربان المفجوع، وقتله وأستحوذ على خرائطه.
      غامر كولومبس بعبور الأطلسي مستعينًا بالخرائط الملاحيَّة العربيَّة المسروقة، ومتسلِّحًا بالمفاهيم والمعارف الجغرافيَّة العربيَّة. ويبدو أنَّه كان مؤمنًا بنظريَّة (كرويَّة الأرض) للعالِم الجغرافي الأندلسي "أبو عبد الله البكري". وهي النظريَّة التي قادته لمحاول الوصول نحو الشرق بالسير غربًا. خلافًا لرأي الكنيسة المتشدِّد آنذاك، والقائل بأنَّ الأرض مسطَّحةٌ، وأنَّ الأيمان بكرويَّتها كفرٌ أودى ذات يوم بحياة كوبرنيكس، وعرَّض غاليلو للتعذيب.

      وكان كولمبس مدركًا لحسابات العالِم العربي "أبو الفداء" الذي توسَّع في شرح نظريَّة كرويَّة الأرض، وبيَّن اختلاف التوقيتات الزمنيَّة في شروق الكواكب وغروبها من مكان إلى آخر. واستعان أيضًا بتطبيقات خطوط الطول والعرض التي توصَّل إليها أحمد بن محمَّد المقدسي، وتطبيقات البيروني على دوائر العرض بالاعتماد على رصد زوايا النجوم.
      بمعنى أنَّ كولومبس اعتمد اعتمادًا كلِّيًا على الخرائط العربيَّة المسروقة، فرسم مسار رحلته الملاحيَّة في حدود الإطار المعرفي الذي وفَّرته له تلك الخرائط الأندلسيَّة، فتمكَّن من الانطلاق نحو الغرب معتمدًا على أسس واقعيَّة ومنطقيَّة صاغتها العبقريَّة العربيَّة. وكان ثُلث بحَّارته من الملاَّحين العرب.

      وفي شباط من عام 1988 أقيم في غرناطة في إسبانيا مهرجان كبير بمناسبة مرور خمسة قرون على تسجيل اكتشاف قارَّة أمريكا، تحدَّث فيه علماء التاريخ والجغرافيا عن اعتماد كولومبس على الخرائط الملاحيَّة العربيَّة والإسلاميَّة في عبور الأطلسي، وأكَّدوا على استعانته بالمراجع العربيَّة، وقالوا: إنَّه رجع إلى الكثير من المؤلَّفات العربيَّة التي تُرجمت إلى اللغة الإسبانيَّة آنذاك. منها كتاب (مروج الذهب) للمسعودي، وكتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للإدريسي الذي رسم مشاهداته على كرة من الفضَّة للملك روجيه الثاني حينما دعاه لزيارة صقلِّية، وكتاب (تقويم البلدان) لعماد الدين إسماعيل أبي الفداء. وأجمع المشاركون في الحفل على أنَّ كولومبس زوَّد سفنه بعدد من الآلات البحريَّة والفلكيَّة عربيَّة الأصل مثل البوصلات العربيَّة والإسطرلابات وآلات الكمال (آلة السُّدس).

      وقال الملاح التركي الكبير (الرئيس برِّي) في (كتاب البحرية): إنَّ قارة أنتيليا (ويقصد أمريكا) اكتشفت عام 1465، أي قبل وصول كولومبس بأكثر من ربع قرن. ونقل في كتابه عن رودريكو، رجل برتغالي، عمل في خدمة عمِّ برِّي (الرئيس كمال)، أنَّه رافق كولومبو (يقصد كولومبس) في رحلته إلى أنتيليا، وكانت بحوزته خرائط أندلسيَّة وعثمانيَّة. وقال بأنَّه وقف يتوسَّط بين كولومبو وبحَّارته الذين أعلنوا العصيان، وأرادوا الاعتداء عليه بعد اليأس الذي أصابهم في البحث عن القارَّة الجديدة. وقال بأنَّ كولومبو قال لهم: "أثق إنَّنا لا بدَّ من أن نصل هنا إلى الأرض التي نبحث عنها، لأنَّ البحَّارة الأندلسيِّين والعثمانيِّين لا يكذبون." وبالفعل، عثرنا على الأرض الجديدة بعد ثلاثة أيَّام من ذلك التصريح.


      يتبع

      تعليق


      • #4
        إخوان هاني في بحر الظلمات
        صرَّح كولومبس بنفسه بأنَّ اللغة العربيَّة هي أمُّ اللغات. وهذا يفسِّر حرصه على اصطحاب البحَّار (Luis de Torres) الذي كان يجيد العربيَّة والأسبانيَّة. فقد ظلَّت اللغة العربيَّة تتربَّع على منصَّة العلوم والفنون والآداب في عموم بلدان العالم المتحضِّر في الفترة من القرن الثامن إلى القرن السادس عشر الميلادي. وكانت معظم الخرائط والجداول الملاحيَّة مكتوبة باللغة العربيَّة. ومن الواضح أنَّه اقتفى أثر (خشخاش بن سعيد) و (ابن فاروق)، وسار على نهجهما إذ اختار ميناء (دلبة) للانطلاق في رحلته نحو الغرب. وتوجَّه إلى جزر الكناري. وكانت تسمَّى (Gomera). وهو اسم عربي يعني (جميرة، تصغير جمرة). وفي هذه الجزر، وقع كولومبس في حبِّ (Beatriz Bobadilla). ونلاحظ هنا أنَّ اسم (Bobadilla) مشتقٌّ من الاسم العربي (أبو عبد الله Abouabdilla ).
        وفي الثاني عشر من أكتوبر عام 1492، رست سفن كولومبس على ساحل جزيرة صغيرة تابعة للبهاما، اسمها (Guanahani). وهو اسم آخر مشتقٌّ من العبارة العربيَّة، ويعني (إخوان هاني). فبادر إلى تغيير اسمها إلى (سان سلفادور San Salvador).
        وقال فرديناند، نجل كولومبس بأنَّ أباه أخبره بوجود قبائل من أصول أفريقيَّة تقطن في الهندوراس. وذلك إلى الشرق منavinas وأخبره أيضا: أنَّه وجد في الموقع نفسه قبائل مُسلمة تدعى (Almamy). أو (Al-Imam)، وهذه الرواية لا تحتاج إلى تعليق. ومن المرجَّح أنَّ تلك القبائل تعرضت إلى الإبادة الجماعيَّة.

        ويكشف لنا أستاذ اللسانيَّات في جامعة هارفارد. البروفسور (Leo Weiner ) في كتابه (أفريقيا واكتشاف أمريكا)، المنشور عام 1920 عن حقائق مثيرة تثبت الوجود العربي الإسلامي في أمريكا قبل كولومبس. وأشار إلى شيوع مفردات عربيَّة كثيرة في لهجات الهنود الحمر. تؤكِّد على وجود صلات عرقيَّة بين القبائل الموريتانيَّة والمغربيَّة من جهة، وقبائل الهنود الحمر من جهة أخرى.
        خرائط الريس بيري كشفت زيف كولومبس
        أذهل الملاَّح التركي (الرئيس برِّي) العالم كلَّه بخارطتين متهالكتين مرسومتين بتسعة ألوان على جلد الغزال للشواطئ الغربيَّة لإفريقيا، والشواطئ الشرقيَّة للأمريكيَّتين، والحدود الشماليَّة لليابسة في القارَّة القطبيَّة الجنوبيَّة (انتارتيكا). قال عنها مدير مركز الأرصاد في (ويستون): "إنَّ خرائط الرئيس برِّي المرسومة عام 1513 صحيحة بدرجة تذهل العقول، لأنَّها تُظهر بوضوح أماكن لم يكتشفها الإنسان في ذلك الزمان. وممَّا يبعث على الحَيرة أنَّه رسم جبال القارة القطبيَّة الجنوبيَّة ووديانها، في حين لم تتوصَّل المراكز الجغرافيَّة المُعاصرة إلى رسمها إلاَّ بعد عام 1952، وذلك بعد أن تسلَّحت بأحدث تقنيات المسح الزلزالي. وممَّا زاد الأمر حَيرة أنَّ الصور التي التقطتها المركبات الفضائيَّة للقارَّة القطبيَّة الجنوبيَّة، جاءت مُطابقة لخرائط الرئيس برِّي."

        والشيء نفسه يُقال عن الحدود الشرقيَّة في القارَّتين الأمريكيَّتين التي جاءت مطابقة تمامًا للحدود التي بيَّنتها صور الأقمار الصناعيَّة لتلك السواحل، ممَّا تسبَّب بإحراج علماء الجغرافيا لأنَّ كولومبس لم يصل إلى تلك السواحل، ولم يعرفها أبدًا، ولم تكن لدية القدرة على رسم الخرائط بهذا المستوى المذهل. والحقيقة التي لا بدَّ من الاعتراف بها، هي أنَّ العرب والمسلمين كانوا يصولون ويجولون في تلك السواحل، ويتردَّدون عليها في أوقات غير منتظمة، وأنَّ كولومبس سرق خرائطهم الملاحيَّة، وسلك المسالك التي سلكوها قبله، وأنَّ التراث البحري الأندلسي والعثماني كان الكنزَ الذي تعرِّض للسطو، وهو المفتاح الذي استعملته أوروبَّا في حلِّ شفرة المسالك الملاحيَّة المخيفة.
        سرقة مفاتيح المسالك الخليجيَّة
        بعد ستَّة سنوات على سقوط الدولة العربيَّة في الأندلس، وعلى وجه التحديد، في عام 1498، كانت طلائع سفن البرتغالي فاسكو دي غاما تقف خارج بوَّابة مضيق هرمز، لتضع يدها على الكنوز الملاحيَّة الخليجيَّة، وتسرق مفاتيح المحيط الهندي من خزانة العرب. ولم تمض بضعة أشهر على تجوالها في بحر العرب وخليج عُمَان حتَّى أصبحت خرائط شهاب الدين أحمد بن ماجد في حوزة البرتغاليِّين.
        كان ابن ماجد من أشهر الملاَّحين العرب. فهو أسد البحر، وشيخ الملاَّحين والمُرشدين، وواضع أسس النظريَّات الملاحيَّة الحديثة التي جسَّدت رؤية الجغرافيِّين القُدامى. وهو مُبتكر المصطلحات العربيَّة في شتَّى العلوم والفنون البحريَّة، وصاحب الاختراعات والكتب والأراجيز التي أعتبرها الغرب ثروة لا تُقدَّر بثمن. وأشهر مؤلَّفاته، كتاب (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد).
        ابتدع ابن ماجد قياسات ملاحيَّة جديدة لم يسبقه إليها أحد. واستطاع أن يحدِّد مواقع الجزر والبلدان والسواحل ومطالع النجوم. وشرَحَ المسالك البحريَّة في المحيط الهندي. وتعمَّد تدوين علومه البحريَّة على شكل أراجيز شعريَّة مُبسَّطة حتى يسهل حفظها وتناقلها بين رجال البحر. وبلغت أراجيزه نحو أربعين أرجوزة في مختلف المواضيع.

        وجد (دي غاما) ضالَّته في علوم ابن ماجد، فسرقها كلَّها، وغدر بصاحبها، ورماه في البحر، ونقل كنوزه المعرفيَّة إلى البرتغال. فاكتملت فصول أكبر سرقة علميَّة في تاريخ كوكب الأرض. ووقعت كنوز البحار والمحيطات والجزر والقارَّات بيد الأساطيل الإسبانيَّة والبرتغاليَّة، ثمَّ تبعتها الأساطيل البريطانيَّة والفرنسيَّة والهولنديَّة، وبدأت أولى مراحل الاستعمار الغربي التي غيَّرت وجه العالم في كلِّ الاتجاهات.
        يتبع

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيكم استاذنا الغالي وجعل ما تقدمه في ميزان حسناتك باذنه تعالى

          الموضوع رائع، ويفتح مجالاً واسعًا للبحث عن الوجود الإسلامي في كثير من بقاع العالم، وهو مصداق للحديث الشريف ( ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليلُ والنهار )

          وممن ذهب إلى هذا القول بالوجود الإسلامي السابق للنزوح الأوروبي فؤاد سيزكين من المعاصرين مؤلف كتاب "تاريخ التراث العربي".

          http://www.aljazeera.net/programs/withoutbounds/2005/12/25/%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D 8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86



          تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

          قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
          "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
          وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

          تعليق


          • #6

            استعرضنا فيما سبق بعض المعلومات عن اكتشاف قارتى امريكا وقبل ان نكمل
            يجب أن نتوقف قليلا لنجيب عن سؤال هام وهو:
            من هم سكان هاتين القارتين الذين انعزلو عن العالم طيلة قرون عديدة ؟
            ومن أين جاءوا ؟

            1ـ هجرات قديمة :

            بين 35 ألف سنة الى 15 ألف سنة فبل الميلاد: بدأت هجرات مصدرها آسيا،عبر مضيق (بيرنك) حيث بدأ يتجمع أول شعب سكن هذة البلاد من الآسكا فى اتجاه الاراضى الحارة واستقر معطمهم في المكسيك .

            2ـ حضارة الإنكا (Inca):
            امبراطورية الإنكا هي إمبراطورية قديمة بنتها شعوب هندية في منطقة جنوب غرب أمريكا، و لا يعلم بالضبط متى قامت هذه الحضارة و لكنها بلا شك حضارة ضاربة في القدم .
            وتشمل أرض الأنكا بوليفيا والبيرو والاكوادور وجزءاً من تشيلي والأرجنتين قاموا ببناء عاصمتهم كاسكو وهي مدينة مترفة ومليئة بالمعابد والقصور تقع على ارتفاع 11000 قدم فوق مستوى سطح البحر في جبال الانديز وقد أطلق عليها اسم مدينة الشمس المقدسة, تبلغ مساحتها 990000 كيلومتر مربع.
            و كان بناء تلك المدينة “كاسكو” في حوالي سنة 1100 م على جبال الأنديز ، واستمرت حتى الغزو الأسباني عام 1532 م ، فبعد قرون من الرخاء انقسمت إمبراطوري الإنكا إلى قسمين ، عند ذلك قام الأسبان بغزوهم ودمروا الإمبراطورية .
            من مظاهر رقي حضارة الإنكا :ـ
            لقد تركت حضارة شعوب الأنكا بصمة عجيبة ومحيرة تلفها الأساطير التي تقول أنهم أتوا من الفضاء الخارجي لروعة الإرث الذي تركوه.
            ـ توصل شعب الأنكا إلى بناء دولة تتسم بنظم حضارية شديدة التعقيد ، و ذلك للوصول إلى نوع من العدالة الاجتماعية ، فقد وضعت الحكومة يدها على الأرض لضمان قوت الشعب، والذهب والفضة ومعادن أخرى وقطعان الماشية وبخاصة حيوان اللاما الذي يقوم بدور المواصلات. وكانت العائلة المقياس الرئيسي في التقسيمات الحكومية، فلكل مجموعة من عشرة عائلات قائد مسؤول أمام الكابتن الذي يشرف على خمسين عائلة والذي يشارك في الحكم, ولكل عائلة مقدار معين من محصول الأرض، كما كانوا يحيكون ملابسهم ويصنعون أحذيتهم ويسبكون الذهب والفضة بأنفسهم, وكان العجزة والمرضى والفقراء يلقون رعاية كافية من المجتمع.
            ـ كان لشعب الأنكا خبرة كبيرة في الزراعة حيث كانوا ينتجون محاصيل ممتازة ويشقون السواقي ليجلبوا الماء من المناطق الجبلية لسقاية حقولهم وقد بنوا جسورا مصنوعة من أغصان الكرمة والصفصاف مجدولة بالحبال.
            ـ أتقن الإنكيون نسج القطن الناعم بمهارة حتى أن الأسبان عندما غزوهم اعتقدوا بأن نسيجهم مصنوع من الحرير .‏

            3ـ حضارة المـايا :

            ـ في شمال جواتيمالا وأجزاء من المكسيك .حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق هي موطن شعب هنود المايا ، حيث قامت حضارة شعب المايا ، ـ و قد تطورت حضارة المايا ببطء خلال سنة 2000ق.م. وسنة 300 م .
            ـ ويطلق على هذه الفترة ـأي: من سنة 2000ق.م. وسنة 300 م في حضارة شعب المايا ـ حضارة “ما قبل التقليدية”. ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك . وكان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه الفلاحة ، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م و لكنها أفلت في ذلك الوقت بصورة سريعة بسبب الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات ولاسيما في المدن الجنوبية .

            . وفي سنة 1000ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة للمايا . وكانت أقوي مما كانت عليه قديما .حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت .

            وفي سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان ، و بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م..

            القرن الثامن والتاسع الميلادي ، بدأت حضارة المايا الكلاسيكية بالإنحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية، فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف ، هي ما يعتقد بأنه سبب إنحدارها. وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب ، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية .

            ـ كماكان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببا في تدمير هذه الحضارة العريقة .، و قد بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في حدود 1520 . وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت ، وآخر ممالك المايا ، مملكة إتزا ، لم تخضع للإسبان حتى عام 1697.

            من مظاهر رقي حضارة المايا :
            ـ تميزت إمبراطورية المايا القديمة بمبانيها العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة و كما إشتهرت بمدنها الكبيرة ككولان في هندوراس . وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار . وكانت شوارعها ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية .

            ـ كما عرق الماياويون تقنيات زراعية و صناعية متطورة ، و كانت حضارة شعب المايا ـ بلا شك ـ أكثر تطورا من أوربا في ذلك الوقت ، و في المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان

            ـ اشتهرت المدن الماياوية ببناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق المستنقعات . وكانوا يبطنون ويمحرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر الجير الأحمر. وكان النحاتون ينقشون علي الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام وحروبهم وإنتصاراتهم فيها .

            ـ كان هناك نظام حكمي منظم للماياويين فقد كان يطلق على الملوك لقب كولاهو k’ul ahau ومعناه الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان كان له السلطة السياسية والدينية ، وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.

            ـ كانت التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل النقل والمواصلات. وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل والسيراميك وريش الطيورالإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف حشرات cochineal القرمزية
            اللون ، والبخورمن راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء المدخنة والأسماك المجففة ، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات( كالفول ) الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء .ـ اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتى مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان .

            ـ وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر على آثارٍ لهم من الذهب والفخار .

            ـ وعرفت حضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية ) كما عرفت التقويم عام 613ٌ.م. . والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم . وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس الدينية.

            ـ كما عرفت حضارة المايا الحساب . وكان متطورا . فالوحدة نقطة والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال . وكانوا يتخذون اشكال الإنسان والحيوان كوحدات عددية .
            ـ كما أشتهرت حضارة المايا بصناعة الفخار الذي كان علي هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة .

            يتبع

            تعليق

            يعمل...
            X