إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

طسم وجديس وكانوا أيام ملوك الطوائف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طسم وجديس وكانوا أيام ملوك الطوائف


    طسم وجديس وكانوا أيام ملوك الطوائف

    [ ص: 321 ] كان طسم بن لوذ بن إرم بن سام بن نوح ، وجديس بن عامر بن أزهر بن سام ابني عم ، وكانت مساكنهم موضع اليمامة ، وكان اسمها حينئذ جوا ، وكانت من أخصب البلاد وأكثرها خيرا ، وكان ملكهم أيام ملوك الطوائف عمليق ، وكان ظالما قد تمادى في الظلم والغشم والسيرة الكثيرة القبح ، وإن امرأة من جديس يقال لها هزيلة طلقها زوجها وأراد أخذ ولدها منها فخاصمته إلى عمليق وقالت : أيها الملك حملته تسعا ، ووضعته دفعا ، وأرضعته شفعا ، حتى إذا تمت أوصاله ، ودنا فصاله ، أراد أن يأخذه مني كرها ، ويتركني بعده ورها . فقال زوجها : أيها الملك إنها أعطيت مهرها كاملا ، ولم أصب منها طائلا ، إلا وليدا خاملا ، فافعل ما كنت فاعلا . فأمر الملك بالغلام فصار في غلمانه ، وأن تباع المرأة وزوجها فيعطى الزوج خمس ثمنها وتعطى المرأة عشر ثمن زوجها ، فقالت هزيلة :

    أتينا أخا طسم ليحكم بيننا ** فأنفذ حكما في هزيلة ظالما
    لعمري لقد حكمت لا متورعا ** ولا كنت فيمن يبرم الحكم عالما
    ندمت ولم أندم وأنى بعترتي ** وأصبح بعلي في الحكومة نادما

    فلما سمع عمليق قولها ، أمر أن لا تزوج بكر من جديس وتهدى إلى زوجها حتى [ ص: 322 ] يفترعها ، فلقوا من ذلك بلاء وجهدا وذلا ، ولم يزل يفعل ذلك حتى زوجت الشموس ، وهي عفيرة بنت عباد أخت الأسود ، فلما أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله ، ومعها الفتيان ، فلما دخلت عليه افترعها وخلى سبيلها ، فخرجت إلى قومها في دمائها وقد شقت درعها من قبل ودبر والدم يبين وهي في أقبح منظر تقول :
    لا أحد أذل من جديس ** أهكذا يفعل بالعروس
    يرضى بذا يا قوم بعل حر ** أهدى وقد أعطى وسيق المهر

    وقالت أيضا لتحرض قومها :
    أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم وأنتم ** رجال فيكم عدد النمل
    وتصبح تمشي في الدماء عفيرة
    ** جهارا وزفت في النساء إلى بعل
    ولو أننا كنا رجالا وكنتم
    ** نساء لكنا لا نقر بذا الفعل
    فموتوا كراما أو أميتوا عدوكم
    ** ودبوا لنار الحرب بالحطب الجزل
    وإلا فخلوا بطنها وتحملوا
    ** إلى بلد قفر وموتوا من الهزل
    فللبين خير من مقام على الأذى
    ** وللموت خير من مقام على الذل
    وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه
    ** فكونوا نساء لا تعاب من الكحل

    [ ص: 323 ] ودونكم طيب النساء فإنما
    ** خلقتم لأثواب العروس وللغسل
    فبعدا وسحقا للذي ليس دافعا
    ** ويختال يمشي بيننا مشية الفحل

    فلما سمع أخوها الأسود قولها ، وكان سيدا مطاعا ، قال لقومه : يا معشر جديس إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم إلا بملك صاحبهم علينا وعليهم ، ولولا عجزنا لما كان له فضل علينا ، ولو امتنعنا لانتصفنا منه ، فأطيعوني فيما آمركم فإنه عز الدهر .

    وقد حمي جديس لما سمعوا من قولها فقالوا : نطيعك ولكن القوم أكثر منا ! قال : فإني أصنع للملك طعاما وأدعوه وأهله إليه ، فإذا جاءوا يرفلون في الحلل أخذنا سيوفنا وقتلناهم . فقالوا : افعل . فصنع طعاما فأكثر وجعله بظاهر البلد ودفن هو وقومه سيوفهم في الرمل ودعا الملك وقومه ، فجاءوا يرفلون في حللهم ، فلما أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم يأكلون ، أخذت جديس سيوفهم من الرمل وقتلوهم وقتلوا ملكهم وقتلوا بعد ذلك السفلة .

    ثم إن بقية طسم قصدوا حسان بن تبع ملك اليمن فاستنصروه ، فسار إلى اليمامة ، فلما كان منها على مسيرة ثلاث قال له بعضهم : إن لي أختا متزوجة من جديس يقال لها اليمامة تبصر الراكب من مسيرة ثلاث ، وإني أخاف أن تنذر القوم بك ، فمر أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه .

    فأمرهم حسان بذلك ، فنظرت اليمامة فأبصرتهم فقالت لجديس : لقد سارت إليكم حمير . قالوا : وما ترين ؟ قالت : أرى رجلا في شجرة معه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها ، وكان كذلك ، فكذبوها ، فصبحهم حسان فأبادهم ، وأتي حسان باليمامة ففقأ عينها ، فإذا فيها عروق سود ، فقال : ما هذا ؟ قالت : حجر أسود كنت أكتحل به يقال له الإثمد ، وكانت أول من اكتحل به . وبهذه اليمامة سميت اليمامة ، وقد أكثر الشعراء ذكرها في أشعارهم .

    [ ص: 324 ] ولما هلكت جديس هرب الأسود قاتل عمليق إلى جبلي طيء فأقام بهما ، ذلك قبل أن تنزلهما طيء ، وكانت طيء تنزل الجرف من اليمن ، وهو الآن لمراد وهمدان . وكان يأتي إلى طيء بعير أزمان الخريف عظيم السمن ويعود عنهم ، ولم يعلموا من أين يأتي ، ثم إنهم اتبعوه يسيرون بسيره حتى هبط بهم على أجأ وسلمى جبلي طيء ، وهما بقرب فيد ، فرأوا فيهما النخل والمراعي الكثيرة ورأوا الأسود بن عفار ، فقتلوه ، وأقامت طيء بالجبلين بعده ، فهم هناك إلى الآن ، وهذا أول مخرجهم إليهما .



    المصدر
    المكتبة الاسلامية

    الاسلام ويب


    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

يعمل...
X