إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مُنكري السنّة النبوية .. ( القرآنيون )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مُنكري السنّة النبوية .. ( القرآنيون )


    التعريف بالسُنّة النبويّة



    أولاً : السنة في اللغة هي الطريقة، وهي السيرة حميدة كانت أو غير حميدة.

    ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم "من سنّ سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
    (صحيح مسلم 1017)

    وسُنّة الله تعالى في خلقه :
    حُكمه سبحانه في خلقه وما عودهم عليه (المعجم الوسيط 456 وغيره من المعاجم) .
    وذلك كقولهم : سُنة الله في خلقه أن يمهل العاصي لعلّه يتوب ويرجع .

    ثانياً : السنة في الاصطلاح :

    يختلف معنى السنة في الاصطلاح حسب تخصص المصطلحين وأهدافهم واهتماماتهم.

    فهناك المحدِّثون، وهناك الأصوليون، وهناك الفقهاء.

    أما علماء الحديث أو المحدِّثون :
    فإنما يبحثون في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الهادي النبي الرسول الذي أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى أنه أسوتنا وقدوتنا، ومن ثم فقد نقلوا كل ما يتصل به صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريرات، سواء أثبت ذلك حكما شرعياً أم لم يثبت.

    كما نقلوا عنه - عليه الصلاة والسلام - أخباره وشمائله وقصصه وصفاته خَلْقاً وخُلُقاً.

    وهذا ما التأمت عليه كتب الحديث، وأنتجته مجهودات المحدثين .

    ومن هنا فقد عرّفوا السنّة بأنها :

    " كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ، أو صفة خَلْقِية أو خُلُقية ، سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها".

    -
    يُتبع -

    لاحول ولاقوة إلا بالله

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى
    حبيبنا ابوسلطان جزاك الله خيرا لكشف مثل هذه الطوايف الضالة لا بارك الله فيهم .
    امدك الله بعونه وعنايته يا غالي

    " و لسوف يعطيك ربك فترضى "

    تعليق


    • #3

      وأما علماء الأصول:

      فإنما يبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشرع الذي يضع القواعد، ويوضح الطريق أمام المجتهدين من بعده، ويبين للناس دستور الحياة، فاهتموا من السنة بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته التي تستقي منها الأحكام على أفعال العباد من حيث الوجوب والحرمة والإباحة، وغير ذلك.

      ولذلك عرفوا السنة بأنها:
      "ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ".

      مثال القول ، قوله - عليه الصلاة والسلام: - "إنما الأعمال بالنيات" (صحيح البخاري : كتاب بدء الوحي -1) .

      ومثال الفعل ، ما نقل إلينا من فعله - صلى الله عليه وسلم - في الصلوات من وقتها وهيئتها. ومناسك الحج وغير ذلك.

      ومثال التقرير، إقراره - عليه الصلاة والسلام - لاجتهاد الصحابة في أمر صلاة العصر في غزوة بني قريظة حيث قال لهم: "لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة" (صحيح البخاري : كتاب المغازي 4119) ،

      ففهم بعضهم النهي على ظاهره فأخَّر الصلاة فلم يصلِّها حتى فات وقتها، وفهم بعضهم أن المقصود حث الصحابة على الإسراع، فصلوها في وقتها قبل الوصول إلى بني قريظة.

      وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل الفريقان فأقرهما جميعا .


      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ابيان مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم ورحمة الله تعالى
        حبيبنا ابوسلطان جزاك الله خيرا لكشف مثل هذه الطوايف الضالة لا بارك الله فيهم .
        امدك الله بعونه وعنايته يا غالي
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        مرحبا بالحبيب الطيب ابيان
        جزاكم الله خيراً على حضورك ودعواتك الطيبة وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والدعاء
        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #5

          وأما علماء الفقه

          فيبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا تخرج أقواله وأفعاله عن الدلالة على حكم من الأحكام الشرعية.

          ومن هنا كانت السنة عندهم هي :

          "ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً غير جازم".

          أو "ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير افتراض ولا وجوب".

          أو "ما في فعله ثواب، وفي تركه ملامة وعتاب لا عقاب".

          وهي تقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة لدى الفقهاء - وقد تطلق السنة عندهم على ما يقابل البدعة،

          فيقال: فلان على سنة إذا كان يعمل على وفق ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -

          ويقال : فلان على بدعة، إذا عمل على خلاف ذلك.

          ويطلق لفظ السنة عندهم - كذلك - على ما عمل عليه الصحابة رضوان الله عليهم لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم، لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم.

          لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ"


          (أبو داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة 2/359 برقم 4583، وأحمد 4/126، والترمذي كتاب العلم باب رقم 16، وابن ماجة في المقدمة باب رقم 6، والدارمي في المقدمة باب 16) وصححه الألباني.


          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #6

            هذه معاني السنة، أو تعريفاتها والمراد بها في مصطلح العلماء،

            وقد تبين لنا أن علماء كل فن أو علم من العلوم لهم اهتمام وعمل في السنة يتناسب مع اهتمامهم، ويحقق ما يهدفون إليه في علومهم، دون أن تتعارض هذه العلوم، فالحق أنها كلها في خدمة السنة النبوية وتيسير التعرف عليها والعمل بها،

            ومن أشرف أهداف القائمين على هذه العلوم هو جمع السنة النبوية وتمحيصها، وتنقيتها مما قد يكون دخيلاً عليها، ثم الدفاع عنها ضد الشاغبين عليها، المعارضين لها، الساعين إلى طرحها والاقتصار في التشريع الإسلامي على مصدر واحد هو القرآن العظيم.

            وإذا كنا قد أشرنا إلى عدد من تعريفات العلماء للسنة النبوية الشريفة، فإن التعريف الذي يتوافق مع بحثنا هذا إنما هو تعريف الأصوليين تحديداً، لأنهم الذين يعنون - بالدرجة الأولى - ببيان حجية السنة، ومكانتها من التشريع، وسوق الأدلة على ذلك.

            وإن كان المحدثون والفقهاء لم يحرموا أجر البحث في هذه الجوانب، ولم يقصروا في بذل المجهود في سبيلها.

            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #7

              مكانة السنة النبوية الشريفة من التشريع


              إن السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي.

              وهذه حقيقة لا يعارضها أو يشغب عليها إلا شقي معاد لله ولرسوله وللمؤمنين، مخالف لما أجمعت عليه الأمة سلفاً وخلفاً وحتى قيام الساعة - بحول الله تعالى.

              ذلكم أن المقرر لدى الأمة المسلمة أن الوحي المنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل الله - سبحانه - نوعان:

              الأول: هو القرآن العظيم، كلام الله سبحانه - المنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلفظه ومعناه، غير مخلوق، المتعبد بتلاوته، المعجز للخلق، المتحدي بأقصر سورة منه، المحفوظ من الله - تعالى - أن يناله التحريف، المجموع بين دفتي المصحف الشريف.

              أما النوع الثاني من الوحي : فهو السنة النبوية المطهرة بأقسامها القولية والفعلية والتقريرية، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - هي من وحي الله - عز وجل - إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - باتفاق الأمة المسلمة،

              وذلك لما قام الدليل من كتاب الله - تعالى - على ذلك في آيات كثيرة، ثم لما صرحت به السنة النبوية، ثم لما أجمع عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم إلى يوم الدين - بحول الله تعالى.

              وإذا كان الشاغبون على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزعمون أنهم يستمسكون بالقرآن المجيد مكتفين به عن السنة، فلنذكر بعض ما جاء به القرآن الكريم من الآيات البينات التي تشهد وتصرح بأن السنة وحي من عند الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم

              ثم الآيات التي تصرح بوجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ووجوب حبه، ووجوب اتباعه، ووجوب الاحتكام إليه والتسليم له في كل ما يحكم به، لنا كان الحكم أو علينا، إلى غير ذلك.

              -يُتبع إن شاء الله -
              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق


              • #8

                فمن الآيات القرآنية
                التي تدل على أن السُنّة وحي - قول الله عز وجل :

                {
                وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3-4)

                وهذه الآية نص قاطع في أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي بشيء من عنده، وأن كل ما ينطق به في مجال التشريع إنما هو وحيٌ من عند الله - تعالى - سواء كان وحياً من النوع الأول وهو القرآن، أو من النوع الثاني وهو السنة النبوية.


                ومن ذلك - أيضاً - قوله - تبارك وتعالى - {
                لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران:164) .

                وهذه الآية الكريمة لعلها استجابة من الله - تعالى - للدعاء الذي توجه به إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام - إليه تعالى - حين كانا يرفعان القواعد من البيت.

                وهذا الدعاء ذكره الله في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى:

                {
                وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
                (البقرة:127- 129) .

                فهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - لقي القبول عند الله - سبحانه - فكان من قدره - عز وجل - أن جعل من ذريتهما تلك الأمة المسلمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، ثم بعث فيها رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.

                وقد ذهب أهل العلم والتحقيق إلى أن المراد بالحكمة إنما هو: السنّة النبوية،

                فإن الله - تعالى - قد مَنَّ على المؤمنين بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جعل رأس رسالته أن يعلم أمته المؤمنة شيئين: الكتاب والحكمة.

                ولا يجوز أن تكون الحكمة هي الكتاب، فإنها معطوفة عليه، والعطف يقتضي المغايرة، ولا يجوز أن تكون شيئاً آخر غير السنة، فإنها عطفت على الكتاب، فهي من جنسه في المصدر والغاية.

                وقد منَّ الله - تعالى - بهما على المؤمنين، ولا يمنّ الله تعالى إلا بما هو حق وصدق، فالحكمة حق كما أن القرآن حق.

                وهذه الآية واضحة الدلالة على أن السنة من وحي الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم.

                يقول
                الشافعي رحمه الله تعالى : " فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت مَن أرضى مِن أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا يشبه ما قال - والله أعلم - لأن القرآن ذُكر، وأُتْبِعَتْه الحكمة، وذكر الله منَّه على الخلق بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يُجز والله أعلم أن يقال الحكمة هنا إلا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنها مقرونة بالكتاب، وأن الله افترض طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وحتم على الناس إتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقول فرض إلا لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم....."
                (
                الرسالة: 78. وراجع في ذلك السنة ومكانتها من التشريع. د. مصطفى السباعي: 50)

                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق


                • #9

                  ومن الآيات التي تقطع
                  بأن السنة وحي من عند الله تعالى وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق فيما يتصل بالتشريع إلا بما يوحي الله تعالى إليه،
                  قوله سبحانه في شأن رسوله صلى الله عليه وسلم:

                  {
                  وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقة:44-47) .

                  فهذه الآيات تدل بوضوح شديد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول شيئاً فيما يتصل بالدين إلا بما يوحي إليه الله به - وكذلك لا يفعل،
                  فإن القول أعم من الفعل ودليله - ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال شيئاً في الدين لم يوح الله تعالى به إليه، لأهلكه الله تعالى وما من أحد بقادر على أن يمنع الله سبحانه من إهلاكه آنئذ،

                  وهذا وعيد من الله - تعالى - ووعد،

                  وعيد لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتقول عليه ما لم يوح به إليه - وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذلك -

                  ووعد للمؤمنين بأنه - تعالى - حافظٌ دينَه من أن يدخل إليه أو يختلط به ما ليس منه على لسان نبيه،

                  وهذه الآيات تعد - في الوقت ذاته أمراً من الله تعالى جازماً لأمته أن يؤمنوا ويوقنوا ويسلموا لكل ما يأتيهم به النبي - صلى الله عليه وسلم حيث إن الله عز وجل ضمن لهم أن نبيه لن يتقول عليهم، وأن كل ما ينطق به النبي قولاً ، أو يأتيه فعلاً إنما هو من وحي الله تعالى - إليه.

                  يقول العلماء :

                  لقد أخبر الله عز وجل بأن رسوله صلى الله عليه وسلم - لو تقول في الدين قولاً لم يوح الله تعالى به إليه لأهلكه الله سبحانه وحيث إن الله تعالى لم يهلك نبيه، فلم يأخذ منه باليمين، ولم يقطع منه الوتين (
                  نياط القلب ) بل سانده وأعانه، وأيده ونصره، وأظهره على أعدائه هو وأصحابه الذين آمنوا به واتبعوه، فإن ذلك دليل قاطع على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل أو يفعل أو يقر شيئاً إلا بوحي من الله سبحانه وتعالى .


                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق


                  • #10

                    ومن الآيات التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم
                    لا يقول أو يفعل شيئاً في الدين إلا بوحي من عند اللهعز وجل

                    قوله سبحانه مخبراً عن رسوله صلى الله عليه وسلم:

                    {
                    الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (الأعراف:157) .

                    فالآية أسندت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحلال الحلال، وتحريم الحرام إليه - صلى الله عليه وسلم - مباشرة دون أن تقيد ذلك بكونه قرآناً أو سنة،

                    والإطلاق العام هنا يشمل جميع ما يحله ويحرمه - صلى الله عليه وسلم - أعم من أن يكون ذلك بالقرآن أو بالسنة، فبان من ذلك أن ما يحل رسول الله
                    صلى الله عليه وسلم وما يحرم بسنته هو مثل ما يحرم بقرآن الله تعالى - كلاهما وحي من عند الله سبحانه.

                    ومن الآيات التي
                    تدل على أن السنة وحي من عند الله سبحانه وتنص على أن ما يحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته مثل ما يحرم بالكتاب المجيد،
                    كلاهما من عند الله تعالى قول الله عز وجل :

                    {
                    قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } (التوبة:29) .

                    فهذه الآية الكريمة ذكرت نوعين من المحرمات، ما حرم الله تعالى وما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعت بين الأمرين في جملة واحدة عاطفة ما حرم رسول الله على ما حرم الله،

                    وذلك يدل بوضوح على أمرين:

                    الأول: أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مثل ما حرم الله، وأن الأمرين على منزلة واحدة من حجية التشريع وحكمه، وأن ما شرع الله - تعالى - في كتابه هو مثل ما شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سنته.

                    الثاني: أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته هو وحي من عند الله تعالى - كمثل ما حرم الله تعالى - في كتابه، فكلا التشريعين وحي من عند الله سبحانه .

                    لاحول ولاقوة إلا بالله

                    تعليق


                    • #11

                      تابع - مكانة السنة النبوية الشريفة من التشريع


                      ولعل ما ذكرناه كاف في بيان ما قصدنا إليه من الاستدلال بآيات القرآن المجيد على أن السنة وحي من عند الله تعالى كما أن القرآن وحي،

                      وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.

                      ومن ثم ننتقل إلى ما يترتب على أن السنة وحي من عند لله

                      نقصد الآيات لقرآنية
                      التي توجب وتأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعل طاعته صلى الله عليه وسلم فيما يأمر وما ينهى فيصلا بين الإيمان والكفر، والنجاة والهلاك.

                      قد قلنا إن ذلك مرتب على ما سبق بيانه في الفقرة السابقة من أن السنة وحي من عند الله تعالى إذ لو لم تكن كذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطق عن الهوى - حاشاه - لما أمرنا الله تعالى باتباعه وطاعته في كل ما يأمر وما ينهي، كما سيبين لنا من الآيات الدالة على ذلك بحول الله تعالى .

                      وإن الناظر في كتاب الله المجيد يراه قد أمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة وبصيغ متنوعة عديدة.

                      من هذه الآيات الآمرة بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو قاعدة عامة في رسل الله أجمعين، وخاتمهم محمد صلوات الله على نبينا وعليهم

                      وذلك قول الله عز وجل : {
                      وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (النساء:64) .

                      فثمرة إرسال الرسل صلوات الله عليهم أجمعين إنما تنحصر في أن يطاعوا، وطاعتهم إنما هي بإذن الله سبحانه وأمره،

                      فالشاغب عليهم

                      التارك لسنتهم

                      الرافض لأوامرهم ونواهيهم

                      إنما هو محارب لله - سبحانه - ناقض لإذنه ، فاسق عن أمره.


                      لاحول ولاقوة إلا بالله

                      تعليق


                      • #12

                        ومن ذلك ما هو قاعدة لرسولنا صلى الله عليه وسلم شاملة لكل ما يأخذ وما يدع، وما يأمر وما ينهى.

                        وذلك قول الله عز وجل :

                        {
                        وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر:7) .

                        فهذه الآية تأمر المؤمنين بأن يأخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما يأتيهم به، يستوي في ذلك ما كان قرآناً أو سنة، وكذلك أن ينتهوا عن كل ما نهاهم عنه، ثم توعدت المخالفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقاب الشديد.


                        ومن الآيات الآمرة بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء فيها الأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقروناً بطاعة الله سبحانه مع تكرار فعل "
                        أطيعوا ".

                        ومن ذلك قول الله - عز وجل:

                        {
                        يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (محمد:33) .


                        ومن ذلك ما جاء فيه الأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقروناً بطاعة الله تعالى - دون تكرار الفعل "
                        أطيعوا" مما يدل بشكل قاطع على أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من طاعة الله سبحانه وأنه لا يحل التفريق بين طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم

                        ومن ذلك قول الله سبحانه:

                        {
                        قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } (آل عمران:32) .

                        وواضح من النص الكريم أن الذي يتولى عن طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو من الكافرين.

                        ومن الآيات الآمرة بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء فيه الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء، دون أن يسبقه الأمر بطاعة الله سبحانه
                        وذلك يبين أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي في الوقت نفسه طاعة لله تعالى - وأن طاعة الرسول وحدها مقياس لطاعة الله عز وجل

                        ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى :

                        {
                        وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النور:56) .


                        لاحول ولاقوة إلا بالله

                        تعليق


                        • #13

                          ومن علامات طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه :

                          الأخذ عنه، والاحتكام إليه، وتحكيمه في كل ما يعرض لنا من شؤون الحياة، ثم الرضا بما يحكم به،
                          والإذعان والتسليم له صلى الله عليه وسلم وقد جعل الله سبحانه ذلك من علامات الإيمان،

                          وجعل نفي ذلك وعدم الاتصاف به من علامات الخلو من الإيمان، أي علامات الكفر،

                          يقول الله - عز وجل:

                          {
                          فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:65) .

                          ولأن الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والرضا والإذعان والتسليم له بكل ما يأمر به أو ينهى من علامات الإيمان،

                          فقد كان رفض ذلك والإعراض عنه من علامات النفاق والكفر، مهما قال أولئك المعرضون أو زعموا أنهم مؤمنون.

                          يقول الله عز وجل حكاية عن بعض هؤلاء: {
                          وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (النور: 47-52) .

                          فهذه الآيات الكريمة تتكلم على موقف المنافقين من الاحتكام إلى الله ورسوله، وتكشف عن زيف ما يزعمون من الإيمان بالله ورسوله، وأن ذلك نفاق وكفر،

                          وتبين عن دليل ذلك وهو الإعراض عن الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والرضا بحكمه،

                          ثم تكشف عن دخائل نفوسهم من عدم الإيمان بالله والاطمئنان إلى حكم رسوله،

                          ثم تبين - بالمقابل - موقف المؤمنين وهو السمع والطاعة لله ورسوله،

                          ثم تختم المقام بأن الفوز والنجاة إنما هما لمن يطيع الله ورسوله.

                          لاحول ولاقوة إلا بالله

                          تعليق


                          • #14

                            من كل هذا الذي ذكرنا من الآيات القرآنية التي تنص بأسلوب قاطع على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا عن وحي من الله تعالى

                            ولا يقول في الدين إلا بما يوحي به الله تعالى إليه.

                            وبأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مؤمن،

                            وأن من أطاع الرسول فقد أطاع الله،

                            وبأن الاحتكام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرضا والتسليم له، والأخذ عنه آية الإيمان.

                            نقول: من كل هذا تتضح مكانة السنة النبوية من التشريع الإسلامي، وتتضح حجيتها، وأنها من حيث الحجية هي في منزلة القرآن المجيد،

                            ولا ينبغي أن يُفهم من هذا أننا نجعل السنة بمنزلة القرآن في المكانة والشرف، فهذا مما لا يقول به مسلم،

                            فلا ريب أن القرآن يفضل السنة بأمور اتفقت عليها الأمة نشير إلى أهمها - بإيجاز: -

                            1- القرآن الكريم موحى به من الله - عز وجل - بلفظه ومعناه، فهو قول الله- سبحانه - أما السنة فهي قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريره.

                            2- القرآن المجيد تكفل الله - تعالى - بحفظه، وليس ذلك للسنة.

                            3- القرآن العظيم يتعبد بتلاوته، وليس ذلك للسنة.

                            4- القرآن العظيم معجز للبشر، وترتب على ذلك أن الله - تعالى - تحدى البشر، بل والجن أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه، والسنة ليست كذلك.

                            5- لا تجوز روايته بالمعنى، ويجوز ذلك في السنة بضوابطه.

                            6- لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون، وليس ذلك للسنة.

                            7- القرآن هو المجموع بين دفتي المصحف الشريف، والسنة موزعة في كتب ودواوين.

                            هذه أمور يفضل القرآن فيها السنة، فهو لذلك أشرف منها وأرفع منزلة وقداسة،

                            لكن كلامنا في مجال الاحتجاج بالسنة في أمور الدين وقضايا التشريع، ولا ريب أنها في هذا في منزلة مع القرآن،

                            فكما يقال: الصلاة واجبة بقول الله عز وجل : {
                            وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} (النور:56) .

                            فكذلك يقال : صلاة الصبح ركعتان والظهر والعصر أربع والمغرب ثلاث والعشاء أربع- والدليل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

                            والمثال هنا يوضح أن كلا الدليلين على مستوًى واحد في إفادة العلم وإيجاب العمل.


                            لاحول ولاقوة إلا بالله

                            تعليق


                            • #15

                              ولهذا المعنى فقد ذهب جلّة العلماء إلى التسوية بين كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - (( من حيث الحجية على الأحكام))

                              ومن ذلك أن
                              الخطيب البغدادي قد عنون في كتابه " الكفاية " لهذا الموضوع بقوله:

                              "ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله - تعالى - وحكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم" يشير بهذا العنوان إلى أن القرآن والسنة متساويان في مرتبة واحدة من حيث الحجية في إثبات الأحكام الشرعية.

                              وقد قال
                              الدكتور عبد الغني عبد الخالق في كتابه "حجية السنة" إن السنة والكتاب في مرتبة واحدة من حيث الاعتبار والاحتجاج بهما على الأحكام الشرعية، ولبيان ذلك نقول:
                              "من المعلوم أنه لا نزاع في أن الكتاب يمتاز عن السنة ويفضل عنها في أن لفظه منزل من عند الله سبحانه وتعالى متعبد بتلاوته، معجر للبشر أن يأتوا بمثله، بخلافها، فهي متأخرة عنه في الفضل من هذه النواحي، لكن ذلك لا يوجب التفضيل بينهما في الحجية، بأن تكون مرتبة السنة متأخرة عن الكتاب، ويعمل به وحده، وإنما كان الأمر كذلك - أي مماثلة السنة للكتاب في مرتبة الحجية - لأن حجية الكتاب إنما جاءت من كونه وحياً من عند الله سبحانه والسنة مساوية للقرآن من هذه الناحية فهي مثله"
                              (الكفاية للخطيب البغدادي: 29، وبحوث في السنة المشرفة. د. عبد الغني عبد الخالق. نقلاً عن: تدوين السنة النبوية. د. محمد مطر الزهراني: 18) .


                              لاحول ولاقوة إلا بالله

                              تعليق

                              يعمل...
                              X