إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلةمن الهدي النبوي في تربية البنات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلةمن الهدي النبوي في تربية البنات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الهدي النبوي في تربية البنات
    أولا :
    المقدمة
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأسوة الحسنة وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
    كانت ولا تزال قضية تربية البنات تشكل حيزاً فكرياً واجتماعياً، فقد كانت البنت في الجاهلية مثار قلق وإزعاج للأبوين، وكم كانت تظلم في سبيلها الأم متهمة بأنها السبب في إنجاب البنات.
    والحديث عن تربية البنات حديث متجدد لا ينتهي؛ لأن البنت بحكم فطرتها وطبيعتها تحتاج إلى رعاية خاصة إعداداً للدور الكبير الذي ينتظرها في الحياة: أن تكون زوجة صالحة وأماً ناجحة في المستقبل، وخير النساء من تعتني بزوجها وأولادها، فقد ورد في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده" [1] .
    وفي هذا يقول محمد نور سويد: "للمرأة دورٌ تاريخي في حياة المجتمعات فقد تنتج ولداً مصلحاً للمجتمع يقود الأمة إلى الخير والقوة" [2] .
    ولكن كيف نربي بناتنا ونعدهن لهذه المهمة الكبرى؟ الجواب بلا شك أنه باتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربية بناته -رضي الله عنهن-.
    و في هذا البحث سوف يتناول الباحث الحديث عن جوانب من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربيته لبناته -رضي الله عنهن- لعل القارئ يجد فيه الفائدة والعون على تربية بناته.
    وقد تضمن البحث الموضوعات التالية:
    أولاً: (التعريف بالبحث) ويشتمل على ما يلي:
    1- هدف البحث.
    2- أهمية البحث.
    3- سبب اختيار البحث.
    4- حدود البحث.
    5- منهج البحث.
    6- مصطلحات البحث.
    ثانياً: الدراسات السابقة.
    ثالثاً: الإطار النظري.
    رابعاً: تربية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الطفولة.
    خامساً: رعاية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الصبا.
    سادساً: تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته.
    سابعاً: رعاية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته بعد الزواج.
    ـ نتائج البحث.
    ـ التوصيات.
    ـ المراجع.
    أولاً - التعريف بالبحث:
    1- هدف البحث:
    يهدف البحث إلى التعريف بجوانب من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربية البنات من خلال تتبع منهجه -صلى الله عليه وسلم- في تربية بناته -رضي الله عنهن-
    2- أهمية البحث:
    سوف يعين البحث -إن شاء الله- الآباء والأمهات على تربية بناتهم وفقاً للهدي النبويّ، و الوالدان في حاجة دائمة إلى ما يعينهم ويرشدهم في تربية أبنائهم وبناتهم.
    وهناك الكثير الذي كُتب عن تربية الأولاد سواء المؤلف منه، أو المترجم ولكننا بحاجة ماسَّة إلى القراءة، والتدبر في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستفادة منها واتباع ما جاء فيها في جميع شؤوننا حتى لا نتخبط وتفترق بنا السبل.
    3- سبب اختيار البحث:
    كثيراً ما يعترض الآباء والأمهات بعض المشاكل في تربية الأبناء فيقف الوالدان أحياناً موقف الحائر بحثاً عن أنجح الأساليب التربوية التي تعينهم على تخطي هذه المشكلة، و الحل قريب منهم جداً إنه في اتباع هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- في التربية بل في كافة الأمور.
    وقد اختار الباحث الكتابة عن تربية البنات؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أباً لبنات، رباهن طيلة حياته، وعاش معهن لحظة لحظة في جميع مراحل حياتهن من الولادة إلى الوفاة فكل أولاده توفى قبله إلا فاطمة -رضي الله عنها- فإنها تأخرت بعده بستة أشهر [3] .
    4-حدود البحث:
    سوف يتناول البحث الحديث عن جوانب من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربيته لبناته منذ مولدهن إلى وفاتهن على النحو التالي:
    ـ جوانب من رعايته -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الطفولة.
    ـ جوانب من رعايته -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الصبا.
    ـ جوانب من هديه -صلى الله عليه وسلم- في تزويج بناته.
    ـ جوانب من هديه -صلى الله عليه وسلم- في رعايته لبناته بعد الزواج.
    5- منهج البحث:
    سوف يتبع الباحث المنهج التاريخي في التعرف على جوانب من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تربيته لبناته -رضي الله عنهن- ومحاولة استنباط الفوائد التربوية مما كتب عن سيرة بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- والتعليق عليها، وبيان تطبيقاتها التربوية.
    6- مصطلحات البحث:
    الهَدِيُّ: الطريقة يقال ما أحسن هَدِيَّةَ فلان وهَدْيَهُ أي طريقته [4] .
    تربية: كلمة مشتقة من (الرب) الراء والباء المضعفة و تعني رَبَّاه و أحسَنَ القيام عليه جاء في لسان العرب رَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرِبَّه بمعنى رَبَّاه وأحسَنَ القيام عليه حتى يفارق الطفُّوُلِيةَ سواء كان ابنه أو لم يكن، والصَّبي مَرْبُوبٌ ورَبِيبٌ [5]
    و يقصد بالتربية في هذا البحث طرق الرعاية والتنشئة من الطفولة حتى الكبر.
    مرحلة الطفولة: هي مرحلة من مراحل عمر الإنسان تبدأ من سن سنتين حتى قرب سن البلوغ وقسمها بعض علماء التربية إلى أقسام هي [6] :
    الطفولة المبكرة من 2-6 سنوات.
    الطفولة المتوسطة من 6-9سنوات.
    الطفولة المتأخرة من 9-12 سنة.
    وفي هذا البحث يقصد بها المرحلة من العمر من الولادة إلى قبيل التكليف وتحمل المسؤولية.
    مرحلة الصبا: وهي المرحلة من العمر التي تعقب مرحلة الطفولة وتعرف عند علماء التربية بالمراهقة "التي تعني التدرج نحو النضج البدني، والجنسي والعقلي، والانفعالي، والاجتماعي" [7]
    ثانياً: الدراسات السابقة:
    معظم الأبحاث التي كُتبت في تربية الأولاد تحدثت عن تربية الولد والبنت على حد سواء، ولم ينفرد بالحديث عن تربية البنات إلاَّ القليل جداً و لابأس في ذلك لأن البنت والولد أمانة لدى الوالدين وسوف يسألان عنهما يوم القيامة؛ لذا أوجب عليهما الإسلام الاهتمام بذريتهما ذكوراً وإناثاً وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله-: "ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلقه، فإنه ينشأ عما عوّده المربي في صغره من حر وغضب ولجاج وعجلة وخفة مع هواه، وطيش وحدة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولابد يوماً ما، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها" [8] .
    و فيما يلي يستعرض الباحث بعض الدراسات السابقة التي استفاد منها ويبين كيف تلتقي هذه الدراسات ببحثه:
    1ـ بحث بعنوان: (البنت المسلمة بين الواقع والتشريع) [9] .
    يرى الباحث أن الحديث عن المرأة لا ينتهي وأن هناك من يثيره من فترة إلى أخرى، وأن النظرة لهذا الموضوع متعددة الاتجاهات:
    الاتجاه الأول: ينظر إلى موضوع المرأة نظرة شرعية وفقاً لما جاء في الكتاب والسنة فهو يحكم الوحي الإلهي ويعتبر ما خالفه فساداً وخسراناً مبيناً للبشرية الرجل والمرأة على حد السواء.
    الاتجاه الثاني: يحكم في المرأة العادة ويعتبر اتباع هذه العادات والتقاليد الموروثة ولاء للسابقين.
    الاتجاه الثالث: هو الاتجاه الذي انبهر بالحضارة المادية في كل شيىء فأصبحت المرأة تعيش فيه حياة غربية.
    وعالج الباحث موضوع المرأة بالحديث عن البنت بذكر بعض المسلمات عنها وهي: أن البنت إنسان كالذكر في إنسانيتها وأن الشرع جاء ليخاطب الذكر والأنثى على حد السواء، وأن احترامها كإنسان يوجب علينا العناية بها في مراحل الطفولة والصبا عناية شاملة لجميع الجوانب الجسمية، والخلقية، والفكرية.
    ثم بيَّن الباحث حال المرأة قبل الإسلام كيف أنها سلبت جميع حقوقها بل وصل الحال بالعرب قبل الإسلام بدفنها حية خشية العار، ولما جاء الإسلام غير النظرة إلى المرأة وحفظ لها حقوقها في: الإرث قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} [10] .
    ومنحها حق الموافقة على الزوج الذي سوف ترتبط به، ووضع الإسلام الولاية بيد وليها بدون تعسف أو تسلط فمهمة الولي مساعدتها على حسن الاختيار وليس له الحق في قسرها على الزواج بمن لا ترضى أن تقترن به، بل تستأذن قبل الزواج حتى تقام أسرتها على أساس سليم قوي.
    وفرض عليها الإسلام الحجاب وأمرها بالعفة والستر.وبيّن حال بعض النساء من ترك للحجاب والقبول بما ارتضاه الغرب للمرأة من أن تكون أداة للإغراء ووسيلة لتسويق السلع.
    ويري الباحث أن السبيل الوحيد إلى صيانة البنت وحفظها: هو التمسك بالدين وتطبيقه في جميع جوانب الحياة.
    وهذه الدراسة تتفق مع الدراسة الحالية في بيان أهمية التمسك بدين الله، وتربية البنات وفقاً لما أراد الله عز وجل، وجاء به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن تُمنح البنت جميع حقوقها التي كفلها لها الإسلام.
    2ـ بحث بعنوان: (دور الأم في تربية الطفل المسلم) [11] .
    بدأت الباحثة الحديث عن حال المرأة في العصور السابقة للإسلام وكيف أنها كانت: عند الهنود لا شيىء يذكر وأن أحقر الأشياء أفضل منها، وفي شريعة حمورابي كانت المرأة تعد من الماشية، وعند اليونانيين أعلن أرسطو أنه ليس لديها استعداداً عقلياً يُعتز به، وفي اليهودية المحرفة اعتبرت المرأة في أيام الحيض نجسة تحبس في البيت، وبالغ رجال الكنيسة في إهدار شأنها والحط من قيمتها وحملوها مسئولية خراب المجتمعات وانتشار الفواحش والمنكرات، وفي الجاهلية العربية اعتبرت المرأة من سقط المتاع الذي يورث وكانت تدفن حية؛ خشية العار ثم بينت الباحثة مكانة المرأة التي خصها بها الإسلام.
    وفي الفصل الرابع من هذه الرسالة تحدثت الباحثة عن طريقة الأم في تربية الطفل المسلم، وأن مسئولية التربية في مرحلة الطفولة المبكرة تقع على الأم فهي المسؤولة عن نظافته النظافة التي تريح أعصابه و توفر له الاستقرار النفسي، وأنها قدوة متحركة في أرجاء البيت فهي بسلوكها وحسن خلقها تجعل أطفالها ينشئون على خصال الخير كالصدق والأمانة فعليها تقع مسئولية عظيمة في ذلك، إذ أن علاقتها تزداد قوة وتنمو يوماً بعد يوم مع طفلها الذي يعتبرها الشخص الوحيد في حياته الذي يتعامل معه لا سيما في سنواته الأولى.
    وهذه الدراسة تتفق مع الدراسة الحالية في التأكيد على أن الإسلام حفظ للمرأة حقوقها، وأن دور الأم في التربية دور هام وبالذات في مرحلة الطفولة المبكرة، وأنها قدوة لأولادها فلابد أن تكون قدوة حسنة.
    3 ـ دراسة بعنوان: (مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة) [12]


    بسم الله الرحمن الرحيم
    ثانيا /
    هذه الرسالة نافعة تضمنت الكثير من مبادئ التربية الإسلامية، في المبحث الخامس منها تكلم الباحث عن دور الأم في التربية وأن لها وظيفة هامة في التربية بالنسبة للطفل الصغير خاصة، و أن بناءها الجسمي والنفسي مهيأ لتحمل أعباء التربية والحضانة والاعتناء بالطفل، فلا يستطيع الرجل أن يسد مكان الأم ودورها في التربية، لأن دورها لا يقتصر فقط على العناية بمأكله، ومشربه، وملبسه بل أن دورها الأكبر والأعظم هو ذلك الحب المتدفق من قلبها على الولد، وذلك الحنان الذي يشعر الولد فيه بالأمن والسعادة فينمو بدنه وعقله ونفسه نمواً متكاملاً.
    وهذا ما أكدته الدراسة الحالية من أن بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- حظين بحب وعطف ورعاية أمهن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد-رضي الله عنها- فنشئن نشأة متميزة؛ نظراً لما اتصفت به أمهن خديجة من حكمة ورجاحة عقل.
    4 ـ مقالات في تربية البنات:
    أ - مكانة البنات [13] .
    بيّن الكاتب كيف كان حال البنت قبل الإسلام وأنها كانت تعتبر نوعاً من البلاء الذي يستحق التخلص منه فكانوا يقولون: "دفن البنات من المكرمات"، ثم تحدث عما كانت تلقاه المرأة من سوء المعاملة بسبب إنجاب البنات فقد تهجر ويُغضب عليها لا لشييء إلاّ لأنها أنجبت بنتاً فقد حدث أن أبا حمزة الضبي هجر زوجته لأنها ولدت بنتاً ثم مر ذات يوم على بيتها فسمعها تنشد لبنتها وتقول:
    ما لأبي حمزة لا يأتينا
    يظل في البيت الذي يلينا
    غضبان ألا نلد البنينا
    تا الله ما ذلك في أيدينا
    وإنما نأخذ ما أعطينا
    ونحن كا لأرض لزارعينا
    وقد تغيرت هذه النظرة في الإسلام فحثَّ على حسن رعاية البنت وتربيتها ووعد من يحسن إليها بالخير الكثير والثواب الجزيل من الله -كما ورد في مقدمة البحث-
    وأجمل الكاتب التعاليم الإسلامية في تربية البنات فيما يلي:
    1- أن يحسن الإنسان تربية البنت وتأديبها وتعليمها.
    2- أن ينفق عليها ويؤدي إليها حقوقها.
    3- أن لا يفضل عليها أحداً من البنين.
    4- أن يلاحظ رقتها فلا يخشن معها في المعاملة.
    5- أن يحسن اختيار الزوج لها حتى يسعدها.
    6- أن لا يرغمها على التزوج بمن تكرهه.
    7- أن يوّدها ويصلها بعد الزواج.
    وهذا المقال يؤيد ما توصل إليه الباحث من أنه يجب الإحسان إلى البنت بحسن التربية والرعاية، واختيار الزوج الكفء لها، وأن لا يُرغمها وليها على الزواج بمن تكره وأن يوّدها والدها بعد الزواج.
    ب- مقال بعنوان: (كيف نربي بناتنا على الحجاب؟) [14] :
    يهدف هذا المقال إلى وضع أسلوب عملي يجعل البنت ترتدي الحجاب عن رغبة طمعاً في طاعة الله عز وجل وثواب الآخرة وليس لبسه لعادة اجتماعية فقط.
    ويري الكاتب أن الأسلوب الأمثل في تربية البنت على الحجاب هو تعويدها منذ الصغر (قبل البلوغ) على لبسه قياساً على أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر الأولاد بالصلاة وهم أبناء سبع سنين؛ لأن الطفولة المتأخرة من سن ( 7-11) سنة تسمى مرحلة الطفولة الهادئة فيها يتقبل الطفل من والديه. أما عندما يدخلون مرحلة البلوغ والمراهقة فإنهم يبحثون عن مثل أعلى خارج البيت ويجدونه غالباً في مجموعة الرفاق في المدرسة.
    ثم تكلم عن وسائل غرس فضيلة الحجاب وهي:
    1- أن تُلقن البنت منذ سن الرابعة أو الخامسة حب الله عز وجل وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ووجوب طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- رغبةً في الأجر والثواب. وكذلك حب الوالدين ووجوب طاعتهما طمعاً في ثواب الله فقط وجنته، ولقص القصص عليهن أثر ممتاز في غرس هذه القيم في نفوسهن.
    2- أن يُعوّد الوالدين الأطفال على ستر العورة منذ الرابعة من العمر.
    3- أن تؤمر الطفلة منذ الخامسة من عمرها على تغطية شعرها كلما خرجت من البيت كي تعتاد على ذلك.
    4- أن ترغب البنت في الحجاب منذ السادسة ثم تؤمر بالحجاب الكامل في السابعة
    5- أن تُعوّد الطفلة منذ السابعة كذلك على عدم الاختلاط بالذكور من غير محارمها، وأفضل وسيلة لذلك كله القدوة الحسنة من أمها وأختها الكبرى، وتمنع من الاختلاط مع أقاربها الذكور كأبناء الخالة وأبناء العم وغيرهم.
    6- أن تلقن البنت منذ السابعة من عمرها آيات الحجاب، وكذلك الأحاديث الشريفة الواردة في الحجاب ويبين لها مضار التبرج والاختلاط.
    وأكد في نهاية المقال على أهمية التربية الإسلامية للبنت لأنها الخطوة الأساسية في بناء المجتمع السليم.
    ويلتقي هذا المقال مع البحث الحالي في أهمية أن تكون الأم، والأخت الكبرى قدوة للبنت.فقد كانت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- قدوة لبناتها، وكانت ابنتها الكبرى زينب -رضي الله عنها- قدوة لأخواتها. وما يؤكده الكاتب في نهاية مقاله هو ما يؤكده الباحث في هذا البحث من أن التربية الإسلامية للبنت هي الخطوة الأساسية في بناء المجتمع السليم، وأن هذه التربية تبدأ من الصغر حتى تعتاد عليها البنت.
    ثالثاً - الإطار النظري للبحث:
    أجمع المؤرخون أن للنبي -صلى الله عليه وسلم- أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرن هن: (فاطمة عليها السلام: ولدت قبل النبوة بخمس سنين، وزينب تزوجها العاص بن الربيع -رضي الله عنه-، ورقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان -رضي الله عنه- تزوج أم كلثوم بعد رقية) [15] .
    وفي هذا يقول الشاعر:
    أولادهُ القاسمُ وهوَ يكنى
    بهِ وعبد الله هدىُ الأبنا
    والطاهرُ الطيب فاسمُ الثاني
    وقيلَ بلْ سواهُ أخوانِ
    ماتوا صغاراً لم يرواْ نبوَّة
    وزينبُ فاطمةُ رقية
    وأمُّ كلثومَ وكلهمْ ولدْ
    خديجةٍ وبعدهمْ لهُ ولدْ
    آخراً إبراهيمُ من سرية
    وتلكمُ ماريةُ القبطية
    وكلهمْ قدْ ماتَ في حياته
    إلاّ البتولَ فإلى وفاتهِ [16] و الحكمة من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباً للبنات -الله أعلم بها- ويرجعها البعض لأسباب منها: أن البنت في عُرف العرب قبل الإسلام عار يستحق الدفن حياً قال الله تعالى: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [17] .
    جاء في تفسير هذه الآية: بأن الكظيم هو الكئيب من الهم، ويمسكه على هون: أي يبقى البنت مهانة لا يورثها ولا يعتني بها ويفضل أولاده الذكور عليها [18] .
    فشاء الله أن يكون النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أباً لبنات ليكون القدوة للمؤمنين فيما ينبغي للبنت من حقوق ومكانة لائقة أقرها لها الدين الإسلامي الحنيف.
    فأبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لبناته حدثاً جديداً في حياة المرأة، وفي هذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم" [19] .
    ومنها أيضاً -والله أعلم- (حتى يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- بعيداً عن تهمة الاستنصار بالولد، والاعتماد عليه) [20] كما هي عادة العرب في ذلك الوقت.بل أن ما جاء به من دين نُشر في الأرض لأنه هو الحق ولا حق سواه، والحق دائماً أظهر وأقوى. وقد كان العربي في الجاهلية يترقب الأولاد للوقوف إلى جانبه ومساندته، والدفاع عن الحوزة وحماية البيضة، أما البنت فكان التخوف من عارها يحملهم على كراهتها [21] حتى بعث الله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالدين الإسلامي خاتم الأديان الذي ارتضاه الله عزَّ وجل لعباده قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [22] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} [23]
    فحفظ الإسلام للبنت حقوقها وأنزلها المنزلة اللائقة بها ووعد من يرعاها ويحسن إليها بالأجر الجزيل وجعل حسن تربيتها ورعايتها والنفقة عليها سبب من الأسباب الموصلة إلى رضوان الله وجنته، جاء في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه" [24] .
    يلاحظ في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضم أصابعه، ولم يفرق بينهما كناية عن شدة قرب من عال جارتين من الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجنة. وفي الحديث الآخر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخلت علىّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا، فأخبرته فقال: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار" [25]
    أي حجاباً ووقاية من النار.
    أيُّ فضل أعظم من هذا الفضل؟
    وأيُّ أجر أعظم من هذا الأجر؟.
    وعلى الرغم من هذا الأجر العظيم الوارد في فضل تربية البنات والإحسان إليهن إلاَّ أن هناك من الناس من لا يُسر لمولد البنت -والعياذ بالله- فيظهر الهمَّ والحزن! وما هذا إلا جهل واعتراض على قدر الله، والبعض يفرط ويقصر في تربية وتوجيه بناته ولم يرعهن الرعاية المطلوبة منه.
    ولو أن الإنسان تفقه في دين الله ووقف عند حدوده واقتفى أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل أمر من أمور حياته لعاش مطمئناً مرتاح البال قرير العين، ولعرف كيف يعبد ربه، وكيف يتعامل مع إخوانه، وأهله، وزوجته، وكيف يربي أولاده فالحمد لله أنه ما من خير إلاَّ ودلنا ديننا الإسلامي الحنيف عليه وما من شر إلاَّ وحذرنا منه.
    رابعاً: تربية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الطفولة:
    من هديه -صلى الله عليه وسلم- في تربية بناته في مرحلة الطفولة أنه كان يُسَّر ويفرح لمولد بناته رضي الله عنهن فقد سُرَّ واستبشر -صلى الله عليه وسلم - لمولد ابنته فاطمة رضي الله عنها وقال لما بشر بها: "ريحانة أشمها ورزقها على الله" [26]
    وتوسم فيها البركة واليمن، فسماها فاطمة، ولقبها بِ (الزهراء) وكانت تكنى أم أبيها [27] .
    وفي هذا درس عظيم من دروس السيرة النبوية بأن من رزق البنات وإن كثر عددهن عليه أن يظهر الفرح والسرور ويشكر الله سبحانه وتعالى على ما وهبه من الذرية، وأن يعزم على حسن تربيتها، وتأديبها، و على تزويجها بالكفء "التقي" صاحب الدين حتى يظفر بالأجر الجزيل من الله.ففاطمة -رضي الله عنها- كانت البنت الرابعة للنبي-صلى الله عليه وسلم-، و هي أصغر ذريتة -صلى الله عليه وسلم- [28] . وفي مرحلة الطفولة يلزم على الأبوين الاهتمام بالطفل وتوفير كافة الاحتياجات الخاصة بهذه المرحلة، الحاجات الجسمية والنفسية؛ وبالذات الأم فعليها تقع المسؤولية الكبرى في رعاية أولادها في مرحلة الطفولة فهم أكثر ما يكونون التصاقاً بها وقد حرصت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- على تربية ورعاية أولادها منذ ولادتهم (وكانت إذا ولدت ولداً دفعته إلى من يرضعه) [29] في البادية حتى ينشئوا على الفصاحة والشجاعة كما كانت عادة قريش.لا كما يفعله بعض الأمهات في زماننا من دفع أولادهم إلى الخادمات والمربيات الأمر الذي قد يحصل معه خلل في عقيدة الطفل وسلوكه.
    وفي هذه المرحلة -مرحلة الطفولة- يجب على الأبوين أن يلقنا البنت مبادئ الإسلام، والعقيدة الصحيحة، وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة، والتعوّد على لبس الحجاب حتى تنشأ البنت على ذلك منذ نعومة أظفارها.
    خامساً: رعاية النبي -صلى الله عليه وسلم- لبناته في مرحلة الصبا:
    وإذا كبرت البنت قليلاً وجب على والديها أن يعلماها حقوق الله سبحانه وتعالى، وحقوق الوالدين، وحقوق الآخرين وحسن الخلق وحسن التصرف في شتى الأمور، وعلى المحافظة على لبس الحجاب والتستر والبعد عن أعين الرجال [30] حتى تنشأ البنت على التربية الإسلامية الصحيحة تعرف ما يجب لها وما يجب عليها.
    مع الأخذ في عين الاعتبار إعدادها لما هو منتظر منها من دور هام في الحياة بأن تكون زوجةً صالحة، وأماً حانية تربي أولادها وتعدهم لأن يكونوا صالحين مصلحين؛ "لأن للمرأة المسلمة أثراً كبيراً في حياة كل مسلم، فهي المدرسة الأولى في بناء المجتمع الصالح، وخاصة إذا كانت هذه المرأة تسير على هدى من كتاب الله في كل شيىء" [31] . وإذا قربت البنت من سن البلوغ (التكليف) يجب أن تدرب على أن تكون زوجة، وأماً وهذه هي سنة الله في خلقه وعلى الأم تقع مسؤولية ذلك، فقد بادرت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- بتمرين ابنتها الكبرى زينب -رضي الله عنها- عندما كبرت على المشاركة في أعمال البيت والتدريب على الأمومة فكانت (زينب) لشقيقتها الصغرى فاطمة أماً صغيرة ترعى شؤونها وتمضى فراغها في ملاعبتها [32] .


    الثالثة

    فقد حدث أنه كان بين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وزوجته فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- كلام فدخل عليهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فأُلقى له مثالاً فاضطجع عليه. فجاءت فاطمة -رضي الله عنها- فاضطجعت من جانب، وجاء علي -رضي الله عنه- فاضطجع من جانب، فأخذ رسول الله بيد علي -رضي الله عنه- فوضعها على سرته، وأخذ بيد فاطمة -رضي الله عنها- على سرته ولم يزل حتى أصلح بينهما، ثم خرج فقيل له: "دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك" فقال: "وما يمنعني وقد أصلحت بين أحب اثنين إليَّ" [66] .
    ولكن قد يستمر الخلاف بين الزوجين ويصبح استمرار العشرة بينهما أمراً مستحيلاً والله الحكيم الخبير الذي سنَّ الزواج أباح الطلاق وجعله الحل الأخير الذي يُلجأ إليه إذا استحالت العشرة بين الزوجين. وأحياناً يقع الطلاق على الزوجة ظلماً وعدواناً، عندها تحزن البنت كثيراً ويحزن أهلها لحزنها، والعزاء في ذلك أن ابنتي الرسول -صلى الله عليه وسلم-: رقية وأم كلثوم طلقتا من عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب ظلماً بدون سبب إلاَّ أنهما صدقتا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أنه أوحي إليه وأنه نبي هذه الأمة، الكلام الذي أغضب قريش فقد تزوج عتبة بن أبي لهب من رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} قال أبو لهب: "رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق بنت محمد ففارقها قبل الدخول" [67] .
    ولم يكتف أبو لهب بذلك بل أمر ابنه عتيبة أن يطلق أم كلثوم بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- ظناً منه أنه بذلك يستطيع أن يشغل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن دعوته [68] .
    هنا درس للبنات وللآباء بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله جلَّ وعلا، وأن ما وقع من الطلاق ظلماً ما هو إلاَّ ابتلاء سوف يعوضهم الله خيراً فقد عوض الله ابنتي الرسول -صلى الله عليه وسلم- خيراً من عتبة وعتيبة، عوضهما زوجاً صالحاً كريماً هو عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة وثالث الخلفاء الراشدين، فقد تزوج عثمان -رضي الله عنه- برقية وبعد وفاتها تزوج بأختها أم كلثوم قال الله تعالى: { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً } [69] .
    وقد يحدث أن يفقد الأب بعض بناته بموتهن فالموت نهاية كل حي وهو المصير المحتوم الذي لا مفر منه قال الله تعالى:
    { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ } [70] يقول الشيخ ابن سعدي - يرحمه الله - في تفسير هذه الآية:
    { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } "أي الملائكة الموكلون بقبض الأرواح"{ وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ } "في ذلك فلا يزيدون ساعة مما قدره الله وقضاه،ولا ينقصون" [71] .
    ومن أعزّ من البنت على أبيها؟ ولو قدر الله هذا يجب على الأب أن يصبر ويحتسب، ولا يقول إلا ما يرضى ربنا عز وجل قال الله تعالى: { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ } [72] أي تسلوا بقولهم هذا عما أصابهم وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء، وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم عبيده وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة [73] .
    وليعلم من ابتلى بفقد إحدى بناته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد جميع ذريته من الذكور والإناث ولم يبق بعد وفاته إلاَّ فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- وهديه -صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته رضي الله عنهن، أنه كان يحزن لوفاتهن وتذرف عيناه الدمع على فراقهن، يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه- في نبأ وفاة أم كلثوم -رضي الله عنها-"شهدنا بنتاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسٌ على القبر، قال فرأيت عينيه تدمعان، وقال: "هل منكم رجل لم يقارف [74] الليل؟" قال أبو طلحة: "أنا" قال: "فانزِل" قال: "فنزل في قبرها" [75] .
    والدموع هذه ليست دموع جزع وسخط من قضاء الله وقدره -والعياذ بالله- إنما هي دموع رحمة وشفقة تذرف من عيون الرحماء روى أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: "أرسلت ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه: أن ابناً لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" فأرسلت إليه تقسم ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ ابن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال فرُفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبي ونفسه تتقعقع - قال: حسبته قال:كأنها شن- ففاضت عيناه، فقال سعد: "يا رسول الله ما هذا؟" فقال: "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" [76] .
    ومن هديه -صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته أنه كان يصبر على فقدهن ويحتسب الأجر الجزيل من الله تعالى وهو جنة عرضها كعرض السماوات والأرض فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
    والأحاديث الواردة في فضل الصبر على فقد الأولاد كثيرة منها:
    عن أنس - رضي الله عنه ـ قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "ما من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم" [77] وعن أبي سعيد -رضي الله عنه-أن النساء قلن للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجعل لنا يوماً" فوعظهن وقال: "أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار" قالت: "امرأة واثنان؟" قال: "واثنان" [78] .
    ومن هديه -صلى الله عليه وسلم- في وفاة بناته -رضي الله عنهن- أنه كان يشرف على غسلهن وتكفينهن، ويصلى عليهن ويدفنهن، ويقف على قبورهن ويدعو الله لهن. فعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً. فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوة فقال: "أشعرنها إياه" [79] .
    وفي كيفية الغسل قالت أم عطية -رضي الله عنها- قالت: "لما غسلنا بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال لنا ونحن نغسلها: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" [80] . وكان -صلى الله عليه وسلم- يقف على قبر من توفي من بناته ويدعو لها فقد كانت رقية -رضي الله عنها- مريضة أثناء غزوة بدر فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالبقاء إلى جانبها لتمريضها. ولما عاد -صلى الله عليه وسلم- من الغزوة وقد ماتت ابنته رقية، خرج إلى بقيع الغرقد ووقف على قبرها يدعو لها بالغفران. [81] .
    نتائج البحث:
    أسفر البحث عن العديد من النتائج أهمها:
    1- البنت نعمة من نعم الله العظيمة وهي سبب من الأسباب الموصلة إلى رضوان الله وجنته.
    2- كانت المرأة قبل الإسلام مهانة.
    3- جاء الإسلام فحفظ للمرأة حقوقها.
    4- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسر كثيراً لمولد بناته.
    5- تربية البنت في مرحلة الطفولة مسؤولية الأم في الدرجة الأولى.
    6- يجب أن تُعد البنت للدور الذي ينتظرها في الحياة بأن تكون زوجة وأماً.
    7- يجب على الأب أن يختار لابنته الكفء (التقي) من الرجال.
    8- على الأب أن يستشير ابنته في الزوج قبل إجراء العقد.
    9- اليسر في الصداق والوليمة من سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم.
    10-التغالي في المهور وحفلات الزواج من أسباب تأخر الزواج بين الشباب والبنات، له أضراره على الفرد و على المجتمع.
    11- ينبغي زيارة البنت في بيتها وتفقد أحوالها وإصلاح ما قد يقع بينها وبين زوجها من خلاف.
    12- إذا وقع الطلاق على البنت ظلماً وعدواناً فلتصبر وليصبر والديها ويعلموا أن الله سيعوضهما خيراً.
    13- إذا فقد إنسان إحدى بناته فليصبر وليحتسب وليعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد جميع أولاده من الذكور و الإناث إلا فاطمة -رضي الله عنها- فإنها توفيت بعده.
    14- وجوب اتباع هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل أحوالنا.
    التوصيات: أهمية دراسة هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تربية بناته وتطبيق ذلك في تربية بناتنا امتثالاً لقول الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [82] .
    يقول الإمام ابن كثير -يرحمه الله-: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله" [83] .
    وفي ختام هذا البحث أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا للعمل بكتابه واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعيننا على تربية أولادنا وبناتنا التربية الإسلامية الصحيحة، وأن يجعلهم قرة عين لنا في الدنيا، وأن يجعلهم من أعمالنا الصالحة التي لا تنقطع بعد وفاتنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    مراجع البحث
    1- القرآن الكريم.
    2- التفاسير.
    - أبو بكر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، راسم للداعية والإعلان، جدة، ط3،1410هـ.
    - عبد الرحمن بن ناصر السعدي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، دار ابن الجوزي، ط1، ج1، الجزء2، 1415هـ، ص223
    - ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1406هـ.
    3- كتب الحديث:
    - أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة الرسالة بيروت، ط1، 1419هـ.
    - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار الكتب العلمية، بيروت، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز، ط1، 1410هـ.
    - محمد بن عيسى الترمذي، سنن الترمذي، دار الكتب العلمية، بيروت، ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي، ط1، 1408هـ.
    - مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، طبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة.
    4- المعاجم:
    - الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ب ت. - محمد مصطفى زيدان، معجم المصطلحات النفسية والتربوية، دار الشروق، جدة، ط2، 1404هـ
    - ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 1412هـ.
    5- المصادر والمراجع العامة:
    - أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، تأديب الناشئين بأدب الدنيا والدين، تحقيق محمد إبراهيم سليم، مكتبة دار القرآن للنشر والتوزيع، القاهرة، ب ت.
    - جمال الدين أبي الفرج الجوزي، صفوة الصفوة،دار الوعي، حلب، ط1، 1389هـ.
    - جمال الدين القاسمي الدمشقي، جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت.
    - أبو جعفر أحمد الطبري، الرياض النضرة في مناقب العشرة، دار الكتب العلمية، بيروت، ب ت .
    - حامد عبد السلام زهران، علم نفس النمو، عالم الكتب، القاهرة، ط4 1982م.
    - خيرية حسين طه صابر، دور الأم في تربية الطفل المسلم، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، نشر دار المجتمع للنشر والتوزيع، 1405هـ.
    - دار المداد للنشر والتوزيع، الخدم ضرورة أم ترف؟، الرياض، ط1، 1416هـ.
    - الذهبي، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1401هـ.
    - ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار بيروت للنشر والتوزيع، بيروت، ب ت.
    - عائشة عبد الرحمن، (بنت الشاطئ) تراجم سيدات بيت النبوة، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1402هـ.
    - عبد الرب نواب الدين آل نواب، تأخر سن الزواج أسبابه، وأخطاره،وطرق علاجه على ضوء القرآن العظيم والسنة المطهرة، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1415هـ.
    - عبد الله بن عبد الرحمن البسام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، طبع لبنان، مؤسسة الخدمات الطباعة، توزيع مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة، مكة المكرمة ط2، 1414هـ
    - عدنان حسن باحارث، مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، من منشورات دار المجتمع للنشر والتوزيع، ط4، 1421هـ . - عطية محمد سالم، وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، مكتبة دار التراث للنشر والتوزيع، المدينة المنورة، ط 3، 1411هـ.
    - ابن القيم، تحفة المودود بأحكام المولود، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1399 هـ.
    - ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 16، 1408هـ.
    - ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق أحمد أبو ملحم وآخرون، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ.
    - ابن كثير، السيرة النبوية، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، تحقيق مصطفى عبد الواحد، 1396هـ.
    - محمد بن الحاج حسن الآلاني الكردي، رفع الخفا شرح ذات الشفا، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي وصابر محمد سعد الله الزيباري، عالم الكتب، ط1، 1407هـ


    الهم بارك فى الجميع
    لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الضالمين

  • #2


    يعطيك العافيه أخي الطيب
    طرح موفق
    بارك الله لك و رزقك الجنة ..

    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة صباحو مشاهدة المشاركة


      يعطيك العافيه أخي الطيب
      طرح موفق
      بارك الله لك و رزقك الجنة ..
      بارك الله فيك اخى صباحو واشكر لك مرورك الطيب
      شملتى بكرمك اخى الحبيب اسال الله لك الرضاء والعافية
      وزيادة فى العلم وجزاك الله كل خير اخى الكريم
      موفق انشاء الله
      لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الضالمين

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي الكريم على ماقدمت
        وجزاك الله خيرا ونفع بك
        لك خالص الشكر والتقدير

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خير ورحم الله والديك



          تعليق


          • #6
            الله يعطيك الف عافية اخى الفقير الى ربى العالمين
            اسعدنى مرورك اخى الكريم وفقك الله
            لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الضالمين

            تعليق

            يعمل...
            X