إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عصر الخلفاء الراشدين

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    من فضائل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    ثالثا : من مآثره الخالدة :

    ـ أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك ، قال : قال عمر ، رضي الله عنه ، : وافقت ربي في ثلاث : قلت : يا رسول الله ، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "، وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن بالحجاب فنزلت آية الحجاب ، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في العمرة فقلت لهن : "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن " فنزلت كذلك .

    ـ أخرج البيهقي وأبو نعيم كلاهما في دلائل النبوة عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشاً ورأس عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي يا سارية الجبل ثلاثاً ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوت ينادي يا سارية الجبل ثلاثاً فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله قال قيل: لعمر إنك كنت تصيح بذلك وذلك الجبل الذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم ، قال ابن حجر في الإصابة إسناده حسن.

    ـ روى ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل يوم من أشهر العجم ، فقالوا : يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها ، قال : وما ذاك؟ قالوا : إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها ، وجعلنا عليها من الثياب والحلي أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل ، فقال لهم عمرو : إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام ، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله فأقاموا والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء ، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب له أن قد أصبت بالذي قلت ، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وبعث بطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو : إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل ، فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله يجريك فأسأل الله الواحد القهار أن يجريك ، فألقى البطاقة في النيل .. فأصبحوا وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة ، فقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم.

    ـ قال خزيمة بن ثابت: كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له واشترط عليه أن لا يركب برذوناً ، ولا يأكل نقياً ، ولا يلبس رقيقاً ، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات ، فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة.

    ـ قال عكرمة بن خالد وغيره : إن حفصة وعبد الله وغيرهما كلموا عمر فقالوا : لو أكلت طعاماً طيباً كان أقوى لك على الحق ، فقال ك أكلكم على هذا الرأي ؟ قالوا : نعم . قال : قد علمت نصحكم ، ولكني تركت صاحبي على جادة فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل.

    قال: وأصاب الناس سنة فما أكل عامئذ سمناً ولا سميناً.

    ـ قال ابن مليكة: كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه فقال: ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها؟.

    ـ قال قتادة: كان عمر يلبس وهو خليفة جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم ، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس ، ويمر بالنكث والنوى فيلتقطه ويلقيه في منازل الناس ينتفعون به.

    ـ قال سفيان بن عيينة : قال عمر بن الخطاب : أحب الناس إلي من رفع إلى عيوبي.

    ـ أخرج ابن سعد عن الحسن قال: قال عمر: هان شيء أصلح به قوماً أن أبدلهم أميراً مكان أمير.

    فرضي الله عنه وأرضاه ، ونفعنا الله بسيرته ومآثره !! ورزقنا حبه وحب سائر الصحابة ، وحشرنا معهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
    [CENTER] [/CENTER]

    تعليق


    • #32
      الخليفه عثمان بن عفان رضي الله عنه

      الفتوحَات في عَهدِ الخليفة عثمان رضي الله عنه

      مقدمة عن فتوحاته :


      لقد كان عهد عثمان رضي الله عنه مليئاً بالفتوحات، وهي تتمة لما كان أيام الخليفة السابق له وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولقد استمرت هذه الفتوحات في البر والبحر مدة عشرة أعوام إلا أن ما حدث في العامين التاليين لها من فتنة، قد جعلها تنسى , فطغت الفتنة حتى حسب الناس أن عهد عثمان لم يكن سوى فتنة واختلافات نشأت منذ بيعته , ودامت بقية حياته ، وانتهت باستشهاده..

      كان أمير الشام معاوية بن أبي سفيان قد قام بغزو الروم , ووصل إلى عمورية قريباً من أنقرة اليوم، وكان معه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت، وأبو أيواب الأنصاري خالد بن زيد، وأبو ذر الغفاري ، وشداد بن أوس...

      وفتح المسلمون مناطق واسعة رغم قلة عدد جندهم بالنسبة إلى تلك الأراضي الشاسعة، وبالنسبة إلى أعداد أعدائهم الكبيرة ، وهذا ما جعلهم لا يتركون في المناطق التي يصالحونها إلا الجند القليل، ولا يبقون في البقاع التي يفتحونها إلا العدد الضئيل، وبخاصةٍ أنه كانت هناك جبهات مفتوحة، وثغور يجب حمايتها، ومراكز يجب الدفاع عنها والتجمع فيها للإمدادات في الأوقات اللازمة ..

      كل هذا جعل عدد المسلمين قليلاً في البلاد المفتوحة حديثاً، وجعل أهلها يشحون في دفع الجزية، ويظنون أن بمقدورهم هزيمة المسلمين وقتالهم، وأن ما حدث معهم في المرة الأولى لم يكن سوى أخطاء ارتكبوها وقد عرفوها فيما بعد، ثم يتحسرون على عزهم الزائل وأيام مجدهم الخالية ، لذا كانوا يتحينون الفرص للانقضاض على المسلمين ونقض عهودهم معهم - هكذا النفس البشرية - ومن هنا كان نقض العهد كثيراً. .

      وقد انتهز الفرس والروم في المناطق التي دخلها المسلمون وفاة خليفتهم عمر بن الخطاب، ونقضوا العهد، وظنوا أن أمر المسلمين قد ضعف، ولكنهم فوجئوا بأن قوة المسلمين على ما هي عليه لم تختلف أيام عمر عن أيام عثمان الخليفة الجديد، وقد أدب المسلمون خصومهم مرة ثانية.
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #33
        الفتوحَات في عَهدِ الخليفة عثمان رضي الله عنه

        الجبهة الغربية :

        نقضت الإسكندرية عهدها عام 25 هـ، فسار إليها أمير مصر عمرو بن العاص، وقاتل أهلها وأجبرهم على الخضوع، والعودة إلى عهدهم.

        وكان عمر بن الخطاب قد منع عمرو بن العاص من الانسياح في إفريقية بعدما فتح طرابلس، إلا أن عثمان بن عفان قد سمح بذلك، وأرسل عبدالله بن سعد بن أبي سرح على رأس قوة فاجتاز طرابلس، واستولى على سفن للروم كانت راسية هناك على الشاطىء , ثم واصل سيره في إفريقية والتقى بجيوشٍ للبيزنطيين عام 27 هـ في موقع يقال له (سبيطلة) في جنوب غربي القيروان التي لم تكن قد أسست بعد، وقد قَتَل عبد الله بن الزبير، وكان مع الغزاة في تلك الموقعة القائد البيزنطي (جرجير)، وكان ذا أثر فعّال في الانتصار الذي أحرزه المسلمون على الروم، إلا أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد اضطر إلى عقد معاهدة للصلح مع البيزنطيين مقابل جزية سنوية يدفعونها على أن يخلي إفريقية، وكان ذلك الاضطرار بسبب سيره إلى مصر لمواجهة النوبة الذين هددوا مصر من ناحية الجنوب...

        وفي أيام عمر بن الخطاب ألح أمير الشام معاوية بن أبي سفيان على الخليفة عمر في غزو البحر وقرى الروم من حمص وقال : إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم، حتى كاد ذلك يأخذ بقلب عمر، فكتب عمر إلى عمرو بن العاص : صف لي البحر وراكبه، فإن نفسي تنازعني إليه، فكتب إليه عمر : إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلق صغير، إن ركن خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلةً، والشك كثرةً، هم فيه كدودٍ على عودٍ، إن مال غرق، وإن نجا برق ,فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية : "لا والذي بعث محمداً بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً".

        فلما ولى عثمان لم يزل به معاوية حتى عزم على ذلك ، وقال : لا تنتخب الناس، ولا تُقرع بينهم، خيّرهم، فمن اختار الغزو طائعاً فاحمله وأعنه، ففعل، واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الجاسي(1) حليف بني فزارة...

        غزا معاوية قبرص وصالح أهلها على سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين كل سنة , وذلك عام 28 هـ، وساعد أهل مصر في تلك الغزوة بإمرة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فلما وصل إلى قبرص كان معاوية على الناس جميعاً، وكان بين الغزاة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت، والمقداد بن عمرو، وشداد بن أوس، وأبو ذر الغفاري، وكانت مع عبادة بن الصامت زوجه أم حرام.

        وغزا حبيب بن مسلمة بعض أرض سورية التي كانت لا تزال بيد الروم وذلك عام 28هـ.
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #34
          الفتوحَات في عَهدِ الخليفة عثمان رضي الله عنه

          معركة ذات الصواري :

          وفي عام 31 هـ جرت معركة بحرية حاسمة بين المسلمين والروم بالقرب من شواطئ كيليكيا، وهي التي تعرف بذات الصواري، وعرفت بذلك لأن صواري السفن ربطت بعضها مع بعض المسلمة والرومية، وذلك بعد أن أمن بعضهم بعضاً , واختار الروم قتال البحر، وكان قائد المسلمين أمير مصر عبد الله بن أبي سرح، وقائد الروم الإمبراطور نفسه قسطنطين الثاني الذي كان يقود أكثر من خمسمائة سفينة، ومع ذلك فقد فرّ من المعركة، وهزم الروم شرّ هزيمة.

          وكانت صواري السفن من أشجار السرو والصنوبر , وهذا ما يدل على أهمية الأشجار والغابات لكلا الطرفين، وجبال تلك الشواطئ كانت مليئة بهذه الأنواع من الأشجار.

          وفي عام 33 هـ غزا أمير الشام معاوية بن أبي سفيان حصن المرأة من أرض الروم قرب ثغر ملاطية.

          ونقضت إفريقية العهد عام 33 هـ فسار إليها أمير مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح ففتحها ثانية ، وأجبر أهلها على الخضوع والعودة إلى دفع الجزية بعدما منعوها.
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #35
            الفتوحَات في عَهدِ الخليفة عثمان رضي الله عنه

            الجبهة الشرقية :

            غزا الوليد بن عقبة أذربيجان وأرمينيا، وكان أهلهما قد منعوا ما صالحوا عليه حذيفة بن اليمان أيام عمر بن الخطاب، وكان على مقدمة الوليد سلمان بن ربيعة الباهلي، واضطر سكان المنطقتين إلى المصالحة من جديد , وأمد أهل الكوفة أهل الشام بثمانية آلاف رجل بإمرة سلمان بن ربيعة الباهلي، وذلك عندما كان حبيب بن مسلمة بن خالد الفهري يغزو أرمينيا من الغرب، فاجتمع له عدد كبير من جند الروم , الأمر الذي أخافه وطلب المدد فأنجده الوليد بن عقبة بسلمان بن ربيعة الباهلي.

            وسار أمير خراسان عمير بن عثمان بن سعد غازياً حتى وصل إلى فرغانة وذلك عام 29هـ، كما سار في العام نفسه أمير سجستان عبد الله بن عمير الليثي فوصل إلى كابل، وانطلق أمير كرمان عبيد الله بن معمر التميمي فوصل إلى نهر السند.

            وانتفض أهل اصطخر فسار إليهم عبد الله عامر بن كريز أمير البصرة، وعلى مقدمته عثمان بن أبي العاص.

            وسار أمير الكوفة سعيد بن العاص يريد خراسان ومعه الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، إلا أن أمير البصرة عبد الله بن عامر قد سبقه نحو خراسان الأمر الذي جعل سعيداً يسير إلى قومس وهي لا تزال على الصلح الذي أعطته لحذيفة بن اليمان بعد معركة نهاوند، ومن قومس سار إلى جرجان فصالحه أهلها على مائتي ألف، وسار نحو الشمال حتى وصل إلى الصحراء ، ولكن أهل جرجان لم يلبثوا أن كفروا واستمروا في قطع الطريق حتى تولى أمر خراسان قتيبة بن مسلم الباهلي.

            وسار عبد الله بن عامر إلى فارس بعد أن انتفضت، فافتتحها وهرب يزدجرد إلى كرمان، فأرسل في أثره مجاشع بن مسعود السلمي , ففر يزدجرد إلى خراسان، وطلب المال من مور فمنعه، ثم التجأ إلى رجل على شاطئ نهر مورغاب يعمل في نقر أحجار الرحى فقتله.

            ووصل عبد الله بن عامر إلى خراسان، وكانت قد انتفضت، وكان الأحنف بن قيس على مقدمته، ففتح طوس، وأبيورد، ونسا، وبلغ سرخس، وصالح أهل مرو، وأعاد فتح خراسان.

            وفي عام 32 هـ كتب عثمان إلى أمير الكوفة سعيد بن العاص أن أرسل سلمان بن ربيعة الباهلي للغزو في منطقة الباب، فسار سلمان إليها، وكان عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي يخوض معركة ضد خصومه، فاستشهد فيها , وتفرق المسلمون هناك، فمنهم من سار إلى جيلان وجرجان , ومنهم أبو هريرة , وسلمان الفارسي، ومنهم من سار نحو سلمان بن ربيعة الباهلي فحماه، وكان على الحرب مع سلمان حذيفة بن اليمان، وطلب عثمان من أهل الشام في أرمينيا بإمرة حبيب بن مسلمة أن ينجدوا سلمان بن ربيعة الباهلي في منطقة الباب ففعلوا.

            وعادت خراسان فانتفضت من جديد فبعث عبد الله بن عامر الأحنف بن قيس إلى مرو الروذ فصالح أهلها، واجتمع عليه أهل (الطالقان) و (فارياب) و (الجوزجان) و (طخارستان) فانتصر عليهم بإذن الله، وصالح أهل (بلخ) وأرسل الأقرع بن حابس إلى (الجوزجان) ففتحها , ثم عاد الأحنف إلى خراسان مرة ثالثة في عام 33 هـ .

            وهكذا فقد كانت الفتوحات أيام سيدنا عثمان بن عفان واسعة إذ أضافت بلاداً جديدة في أفريقية وأرمينيا , وأجبرت من نقض العهد إلى الصلح من جديد في فارس وخراسان وباب الأبواب , وضمت إلى ذلك فتوحات جديدة من بلاد السند وكابل وفرغانة .
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #36
              معركة ذات الصواري

              لما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام ألح على عمر الفاروق في غزو البحر ، وكتب له معاوية : ( إن قرية من قرى حمص ليسمعُ بنباح كلابهم ، وصياح دجاجاتهم ) . فاحتار عمر وكتب إلى عمرو بن العاص واليه على مصر : ( صف لي البحر وراكبه ؛ فإن نفسي تنازعني عليه ) . فكتب عمرو : ( إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلقٌ صغير ، ليس إلا السماء والماء ، إن ركد خرق القلوب ، وإن تحرك أزاغ العقول ، يزداد فيه اليقين – بالنجاة – قلة ، والشك كثرة ، هم فيه كدود على عود ، إن مال غرق ، وإن نجا برق ) .

              قرأ عمر الكتاب ثم كتب إلى معاوية : ( والذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً ، وبالله لمسلمٌ واحدُ أحب إلي مما حوت الروم ) .

              ولما ولي عثمان الخلافة كتب إليه معاوية يستأذنه في غزو البحر، وذلك بعد أن بدأ معاوية باستكمال الاستعدادت ، فوافق عثمان على طلبه ، وكتب إليه : ( لا تنتخب الناس ، ولا تقرع بينهم ، خيرهم ، فمن اختار الغزو طائعاً فاحمله وأعنه ) .

              فبنى معاوية أسطولاً إسلامياً ، واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الجاسي فاستطاع فتح قبرص .

              وولى عثمان عبد الله بن سعد بن أبي السرح ولاية مصر فبدأ بغزو جنوب ليبيا ، ثم غزا بلاد النوبة ، بالإضافة إلى أن معاوية سيطر على الشواطىء في بلاد الشام وآسيا الصغرى ، فلما رأى الروم خسائرهم المتوالية في البر جمع قسطنطين بن هرقل أسطولاً رومياً به ألف سفينة لضرب المسلمين ، فأرسل معاوية - بعد إذن عثمان - مراكب الشام بقيادة بُسر بن أرطاة ، واجتمع مع بن أبي سرح في مراكب مصر ، ومجموعها مائتا سفينة فقط ، وكانت المعركة التي يترجح أنها وقعت على شواطىء الاسكندرية ، سنة 32 للهجرة .

              والتقى الجيشان في عرض البحر ، وطلب المسلمون من الروم : إن أحببتم ننزل إلى الساحل فنقتتل ، حتى يكتب لأحدنا النصر ، وإن شئتم فالبحر ، فأبى الروم إلا الماء ، وبات الفريقان تلك الليلة في عرض البحر ، وقام المسلمون الليل يصلون ويدعون ويذكرون ، وبات الروم يضربون النواقيس .

              ولما صلى المسلمون الفجر أمر عبد الله جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم فاقتربوا حتى لامسوها ، ونزل الفدائيون إلى الماء وربطوا السفن العربية بسفن الروم بحبال متينة ، وبدأ الروم القتال ، وصار قاسياً ، وسالت الدماء حتى احمرت صفحة المياه ، وترامت الجثث في الماء ، وضربت الأمواج السفن حتى ألجأتها إلى الساحل ، وقتل من المسلمين الكثير ، وقتل من الروم ما لا يحصى ، وصمد المسلمون ، فكتب الله لهم النصر بما صبروا ، واندحر الروم ، وكاد قسطنطين أن يقع أسيراً في أيدي المسلمين ، لكنه فر مدبراً والجراحات في جسمه حتى وصل جزيرة صقلية ، فسأله أهلها عن أمره ، فأخبرهم فقتلوه حنقاً عليه.

              والصواري جمع صار ، وهي الخشبة المعترضة وسط السفينة ، وسميت المعركة كذلك لكثرة صواري المراكب واجتماعتها ، أو لكثرة ساريات السفن التي التحمت في القتال في ذلك اليوم (1200 سفينة عربية ورومية ) .
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #37
                فتح قبرص

                كتب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه والي الشام إلى الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه يستأذنه في غزو البحر أكثر من مرة ، فأجابه عثمان إلى ذلك ، وكتب إليه : لا تنتخب الناس ولاتقرع بينهم ، خيرهم ، فمن اختار الغزو طائعاً فاحمله وأعنه ، ففعل معاوية ، واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الفزاري .

                واتجه الأسطول الإسلامي عام 28 للهجرة نحو قبرص وهي الجزيرة الهامة لموقعها في البحر المتوسط ، فهي المحطة البحرية الاستراتيجية للتجارة والملاحة ، كما أن موقعها مهم لحماية فتوح المسلمين في بلاد الشام وإفريقية .

                اتجه الأسطول الإسلامي من سواحل بلاد الشام بقيادة عبد الله بن قيس إلى قبرص وسار إليها أيضاً أسطول إسلامي آخر من مصر بقيادة عبد الله بن سعد فانتزعها المسلمون عام 28هـ من البيزنطيين وامبراطورهم آنذاك قنسطانس الثاني .
                وقد صالح أهل قبرص المسلمين على :

                1- ألا يقوموا بغزو المسلمين .
                2- وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوهم من الروم .
                3- مع جزية قدرها سبعة آلاف دينار كل سنة .
                4- وأن يختار المسلمون بطريق قبرص .

                قال جبير بن نفير : ولما فتحت قبرص وأخذ منها السبي نظرت إلى أبي الدرداء يبكي ، فقلت : ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ، وأذل الكفر وأهله ، قال : فضرب منكبي بيده ، وقال : ثكلتك أمك ياجبير ، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره ، بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك ، إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ماترى ، فسلط الله عليهم السباء ، وإذا سلط الله السباء على قوم فليس له فيهم حاجة .

                وفي هذه الغزوة توفيت أم حرام بنت ملحان الأنصارية تحقيقاً لنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي أنه نام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها ، فاستيقظ وهو يضحك ، وقال : عرض عليّ ناس من أمتي يركبون ظهر البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ، قالت أم حرام : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال صلى الله عليه وسلم : إنك منهم ، ثم نام فاستيقظ وهو يضحك ، فقالت أم حرام : يارسول الله ما يضحكك ؟ فقال : عرض عليّ ناس من أمتي يركبون ظهر البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ، قالت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال صلى الله عليه وسلم : أنت من الأولين . وقد صحبها زوجها عبادة بن الصامت رضي الله عنه في غزو قبرص ، فلما جاز البحر بها ركبت دابة فصرعتها فقتلتها ، ودفنت هناك ، وقبرها يزار حتى يومنا هذا .
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #38
                  فتح قبرص

                  نتائج فتح قبرص :

                  1- تهديم جدار الوهم عند المسلمين بركوب البحر وبدء الصراع بين المسلمين والروم فيه .
                  2- تأمين حدود بلاد الشام ومصر بجعل قبرص قاعدة إنذار متقدمة .
                  3- وجّه الأسطول البيزنطي ثقله إلى غرب البحر المتوسط حيث كانت الفتوحات الإسلامية لا تزال بعيدة عن الوصول هناك .
                  4- تطوير الأعمال البحرية بتنسيق تام مع الأعمال البرية ، فكانت الجزر هي هامش الحيطة البحري للدفاع عن الأقاليم التي يفتحها المسلمون في المغرب الإسلامي .

                  تكررت الغزوات على قبرص في الأعوام : 130 ، 158 ، 184 ، 190 هـ ، وقبيل البدء بالحركة الصليبية وجه ملك القسطنطينية ( نقفور ) أسطولاً إلى قبرص عام 965م ، فاحتلها فأصبحت سنداً بالغ الأهمية للصليبيين ، وبعد استرجاع بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي اتجه ريتشارد قلب الأسد إلى قبرص وجعلها قاعدة له عام 1191م ، وفي عام 1198م أصبحت مملكة ، وأصبح ملكها موجهاً للمغول للقضاء على المسلمين ، وأصبحت عام 1248م قاعدة للملك لويس التاسع عند غزوة مصر .

                  وفي عام 1263 وحّد ملك قبرص ( هيو ) قبرص وعكا التي كانت ما تزال بيد الصليبيين ، فأصبح مسؤولاً عن حماية عكا آخر معاقل الصليبيين في الشرق .
                  وفي عام 1291م حرر المسلمون عكا ، وأضحت قبرص بعدها مركز تهديد للشواطئ الإسلامية ؛ لذلك كان الملك الأشرف خليل محرر عكا ينادي دوماً : قبرص .. قبرص .. قبرص ، غير أن تهديدات المغول أعاقته عن تنفيذ أهدافه .

                  ولما أخذ العثمانيون على عاتقهم حماية العالم الإسلامي فتحوا قبرص عام 1573م ، ثم احتلها البريطانيون عام 1878م ، ثم أصبحت مستقلة عام 1945م .
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #39
                    من فضائل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

                    من فضائل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

                    لم يترك الشيطان صاحبَ فضيلة إلا وسعى لانتقاصه وتشويه صورته بين الناس ، وذلك ما حصل مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضوان الله عليه ، هذا الرجل التقي الحيي العطوف الرءوف اللين ، الذي ما وُجهت إليه إساءة إلا وعفا وصفا ، حتى وهو خليفة يتولى أعلى سلطة في الدولة ، ناله من السفهاء والجهلاء ما لم ينل أحدا من الحكام ـ مع قدرته على البطش بهم ، حيث كانت جيوشه تجول شرقا وغربا ، فاتحة ما استعصي على السابقين ـ لدرجة أنه قُُتل على يد شراذم الأرض بعد أن رفض أن يسمح لأحد من الصحابة أو أبنائهم الذين حضروا للزود عنه بقتال المعتدين عليه؛ خشية من إراقة أي دماء بالمدينة الطاهرة التي تحوي رفات سيد البشر ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لدرجة أن المرء وهو يتفكر في سيرته يقول : إن الرجل ليس له عيب سوى المبالغة في اللين والرحمة والتساهل مع من أساء إليه ، وتلك لعمري مزية لا تتوفر إلا لقليل من البشر .

                    وكان يقول وهو في تلك الحالة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه.
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #40
                      من فضائل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

                      وهذه بعض فضائله نقدمها للأخوة القراء ولنا أولا ؛ لنعرف للرجل قدره فنزداد له حبا ، فحب الصحابة واجب علينا ، فكيف بذي النورين ؟!! ..

                      ـ الفضيلة الأولى : أنه تزوج ببنتين من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال العلماء : ولا يعرف أحد تزوج ببنتي نبي غيره ، ولذلك سمي ذا النورين ، وقد قال علي رضي الله عنه : ذاك امرؤ يُدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه. .

                      ـ الفضيلة الثانية : أنه من السابقين الأولين ، وأول المهاجرين ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ، وأحد الصحابة الذين جمعوا القرآن ، بل قال ابن عباد: لم يجمع القرآن من الخلفاء إلا هو والمأمون).

                      الفضيلة الثالثة : أنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعين حديثاً ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " نضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ " . فكيف بمن بلّغ عنه هذا العدد الوفير ؟!! .

                      وقد كان رضي الله عنه كما شُهد له متقنا في تحديثه ، فقد أخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن حاطب قال : ما رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث أتم حديثاً ولا أحسن من عثمان بن عفان.

                      الفضيلة الرابعة : أن أمه أروى بنت كريز بن ربيعة كانت عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك نال فضل القربة إلى رسول الله كما نال فضل الصهر والصحبة .

                      الفضيلة الخامسة : أنه كما قال ابن إسحاق : أول الناس إسلاماً بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة ، كما كان ممن تحمل وصبر على الإيمان ، فقد أخرج ابن سعد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: لما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً ، وقال : ترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أدعك أبداً حتى تدع ما أنت عليه ، فقال عثمان : والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه ، فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه.

                      الفضيلة السابعة : أنه أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله ، ولذا قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط " .

                      الفضيلة الثامنة : أن رسول الله شهد له أنه كان أشبه الناس بإبراهيم عليه ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها ، حيث قالت: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم قال لها: " إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد " وجاء عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم " وهذا الشبه بالطبع كان في حسن الخلق والتقرب إلى الله .

                      الفضيلة التاسعة : أن رسول الله أشاد بحيائه ، فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع ثيابه حين دخل عثمان وقال : " ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة " .

                      الفضيلة العاشرة : أن رسول الله بشره بالجنة في أكثر من مرة ، من ذلك ما ذكره البخاري عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عثمان حين حوصر أشرف على الناس فقال : أنشدكم بالله ! ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ! ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزتهم ؟ ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حفر بئر رومة فله الجنة ؟ فحفرتها ، فصدقوه بما قال.
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #41
                        من فضائل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

                        وما ذكره الترمذي عن عبد الرحمن بن خباب أنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان : يا رسول الله علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ، ثم حض على الجيش فقال عثمان: يا رسول علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ، ثم حض على الجيش فقال عثمان : يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول :" ما على عثمان ما عمل بعد هذه شيء " .

                        الفضيلة الحادية عشر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصه بالسفارة إلى قريش يوم الحديبية ، ولما حضرت بيعة الرضوان جعل صلى الله عليه وسلم نفسه نائبا في البيعة عن عثمان ، فقد أخرج الترمذي عن أنس أنه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ، فبايع الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن عثمان بن عفان في حاجة الله وحاجة رسوله ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى ، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم.

                        الفضيلة الثانية عشر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد له أنه يُقتل مظلوما ، فقد أخرج الترمذي عن ابن عمر أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال : يُقتل فيها هذا مظلوماً لعثمان .

                        وأخرج الترمذي أيضا والحاكم وصححه وابن ماجة عن مرة بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة يقربها ، فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت إليه بوجهي فقلت هذا قال ( أي رسول الله ) : نعم.

                        وأكد رسول الله أن من سيخرجون عليه ليسوا مسلمين وإن تظاهروا بالإسلام ، فقد أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا عثمان ! إنه لعل الله يقمصك قميصاً ، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني " .

                        الفضيلة الثالثة عشر: أنه قام بتوسعة المسجد بعد أن اشترى المنازل المحيطة به وضمها إليه ، كما زاد في مسجد المدينة ووسعه وبناه بالحجارة المنقوشة.

                        الفضيلة الرابعة عشر : أن المسلمين لم يعرفوا الغزو بحرا إلا في عهده ، بعد أن أقيم أول أسطول إٍسلامي للمسلمين في مصر والشام ، وفتحت في عهده بعض جزر البحر المتوسط التي كانت تتحكم في تجارة البحر ، وقد دعا رسول الله لأول جيش يركب البحر ، وبالطبع شمل الدعاء من أرسل هذا الجيش ؛ لأنه صاحب الفضل في إرساله .

                        الفضيلة الخامسة عشر : أن الأموال قد كثرت في عصره بسبب الفتوحات الإسلامية الشاسعة ، مثل قبرص وإصطخر وفسا ، وبلاد كثيرة من أرض خراسان وطوس وسرخس ومرو وبيهق ، والحبشة حتى اتخذ للمال الخزائن ، وأدر الأرزاق ، وصار يأمر للرجل بمائة ألف بدرة ( صرة ) في كل بدرة أربعة آلاف أوقية.

                        ونكتفي بتلك الفضائل خشية الإطالة ، سألين الله سبحانه وتعالى أن يجزيه وسائر الصحابة عن الإسلام خير الجزاء ، وأن يوسع له في نزله ، وأن يزرقنا حبه وحب سائر الصحابة ، وأن يرزقنا الاقتداء به ، اللهم آمين !!
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #42
                          الخليفه علي بن ابي طالب رضي الله عنه

                          بيعة علي بن أبي طالب لأبي بكر بالخلافة



                          تتفق الروايات التاريخية على أن علي بن أبي طالب لم يحضر مجلس السقيفة الذي دار الحوار فيه بين المهاجرين والأنصار حول من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسيير شئون الأمة ؛ وذلك لأن علياً كان مشغولا بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر من بني هاشم ـ ومعهم الزبير بن العوام ـ إلى مثواه .
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #43
                            بيعة علي بن أبي طالب لأبي بكر بالخلافة

                            لكن عليا والزبير رضي الله عنهما عندما علما بأمر البيعة لأبي بكر بعد اتفاق المهاجرين والأنصار على ذلك بادورا إلى الذهاب أبي بكر والبيعة له ، كما تذكر الروايات الصحيحة ، وعاتب علي بن أبي طالب أبا بكر عتابا رقيقا ؛ لأنه لم يستدع إلى مجلس السقيفة ؛ ليشارك في الحوار الذي دار بين كبار الصحابة ، ولم يحضر البيعة الأولى أو البيعة الخاصة التي تمت في السقيفة .



                            وشارك فيها كل من حضر هذه البيعة من كبار الصحابة وغيرهم ، فقال لأبي بكر : قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بالصلاة ، وأنك ثاني اثنين في الغار ، وكان لنا حق ولم نستشر ، والله يغفر لك (البلاذرى : أنساب الأشراف 2/263).



                            وتذكر رواية موسى بن عقبة الذي ترجح روايته رواية غيره من مؤرخي السيرة أن عليا والزبير بايعا أبا بكر قبل أن يفرغا من غسل رسول الله ، وأنهما خرجا إلى المسجد والمسلمون يبايعون أبا بكر ، فبايعا له بعد عتاب لترك مشورتهما (تاريخ الخلفاء للسيوطي :ص 56 والمستدرك للحاكم 3 /66)



                            وقد سئل الصحابي الجليل سعيد بن زيد وهو أحد المبشرين بالجنة هل خالف أحد على أبي بكر ؟ فقال : لا ، إلا مرتد أو من كان يريد أن يرتد ، ثم سئل مرة أخرى: هل قعد عن بيعة أبي بكر أحد من المهاجرين ؟ فقال : لا ، تتابع المهاجرون على بيعته من غبر أن يدعوهم (تاريخ الطبري :3/207)



                            وقد توهم بعض من كتبوا عن موقف على بن أبي طالب من البيعة لأبي بكر من القدامى والمحدثين أن هناك تناقضا بين هذه الروايات التاريخية وبين ما ذكره البخاري في صحيحه ، وما ذكره مسلم أيضا مسندا إلى عروة بن الزبير عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك (وهي الأرض التي غنمها الرسول من اليهود ؛ وجعلها الله للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، حسبما بينت الآية الواردة في سورة الحشر.



                            فقال لها أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا نورث ، ما تركناه صدقة ، إنما يأكل آل محمد من هذا المال" وإني والله لا أغير شيئاً من صنعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ....ولأعملن فيها بما عمل رسول الله ..



                            فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته ، فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها ، وكان لعلى من الناس وجه في حياة فاطمة فلما توفيت استنكر على وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية لمحضر عمر .



                            ودخل عليهم أبو بكر فتشهد علي فقال : إنا عرفنا فضلك ، وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا في الأمر ، وكنا نرى لقرابتنا عن رسول الله نصيبا ، حتى فاضت عينا أبي بكر ، فقال أبو بكر : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي ، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال ، فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه إلا صنعته .
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #44
                              بيعة علي بن أبي طالب لأبي بكر بالخلافة

                              فقال على لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة ، فلما صلى أبو بكر الظهر رقى إلى المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة ، وعذره الذي اعتذر به ، ثم استغفر ، وتشهد علي فعظم حق أبي بكر ، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسته على أبي بكر ، ولا إنكار للذي فضله الله به ، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فسر بذلك المسلمون ، وقالوا : أحسنت (صحيح البخاري 5/77 ، 78 ط دار الشعب بالقاهرة).



                              وهؤلاء الذين رءوا أن هناك تناقضا بين رواية البخاري والروايات التاريخية الصحيحة تعجلوا في فهم حديث البخاري ، وخلطوا بين موقفين مختلفين لعلى بن أبي طالب .



                              الموقف الأول الذي بايع فيه لأبي بكر وعاتبه على أنه لم يستدع لحضور البيعة الأولى .



                              الموقف الثاني الذي اتخذه علي بعد أن بايع لأبي بكر تعاطفا منه مع زوجه فاطمة ، واقتناعا بحقها وحق بني هاشم في حيازة أرض الفيء , وإدارتها كما كان يديرها رسول الله ، ويوزع غلتها على بني هاشم ، ثم على الفقراء ..



                              وهذا ما طالبت به فاطمة ومعها زوجها ، ومعها غيرهما من بني هاشم ، ولم تكن فاطمة ولا زوجها تطلب حيازة هذه الأرض على أنها ميراث رسول الله ، فهي لا تستطيع أن تخالف حديثا صح عن رسول الله ، حتى ولو لم تكن قد سمعته أو حفظته من قبل ، وإنما كان هدفها أن تبقى هذه الأراضي تحت يدها وأيدي بني هاشم ؛ لينفقوا من غلتها على أنفسهم ، ثم على الفقراء من المسلمين وأبناء السبيل حسبما ورد من كتاب الله ، ولعل فاطمة ومعها آخرون من بني هاشم كانوا يخشون أن تضيع حقوقهم في هذه الأراضي عندما يتولى الأمر وال يجحد هذا الحق .



                              وأرجح أن السبب الذي منع أبا بكر من الاستجابة لهذه الرغبة الخشية من أن يأتي جيل من الأبناء والأحفاد يعد هذه الأرض ملكا موروثا ، فيستأثرون بغلتها دون أصحاب الحق فيها من الفقراء وأبناء السبيل .



                              فجوهر الخلاف بين أبي بكر وفاطمة لم يكن بسبب رغبة فاطمة في توريث هذه الأرض ، ولكن كان بسبب رغبتها في حيازتها وإدارتها , وتوزيع غلتها كما كان يوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم .



                              وهذا الخلاف المحدود لم يحدث في اليوم الأول من انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى ، ولا في الأيام الأولى من خلافة أبي بكر ، وإنما حدث بعد أن تمت البيعة الخاصة والعامة لأبي بكر ، وتلك البيعة التي شارك فيها كل الصحابة ، وكل المهاجرين ، ومنهم على بن أبي طالب.



                              ورواية البخاري لم تذكر أن عليا امتنع عن البيعة لأبي بكر مع من بايع من الصحابة ، وإنما ذكرت ما كان من الخلاف حول أرض الفيء بين فاطمة وأبي بكر ، وأن هذا الخلاف ظل قائما لستة أشهر بعد وفاة رسول الله ، ثم ذكرت أن عليا لم يكن يبايع تلك الأشهر ، وصيغة الفعل المضارع تفيد التجدد والحدوث ، كما يقول علماء البلاغة .



                              أي أن عليا لم يكن يجدد البيعة لأبي بكر ، بالمشاركة في قراراته والمؤازرة له في أعماله ، ولا تعني كلمة يبايع بالضرورة البيعة المعهودة بالخلافة ، وهي هنا تفيد معنى آخر في قاموس العصر ، ودلالته اللفظية ، وهو المسامحة وإظهار الود والتأييد .



                              وقد أخرج البخاري في صحيحه حديث من تخلفوا في غزوة تبوك من الصحابة ، وأخذوا يعتذرون للنبي ويحلفون له ، فقبل منهم وبايعهم واستغفر لهم (صحيح البخاري ص6/5) وقد وردت الكلمة في وراية مسلم بصيغة الماضي " ولم يكن بايع تلك الأشهر "ولكن رواية البخاري أرجح عند المحدثين.



                              ومن يمعن النظر في وراية البخاري ومسلم يجد أن العتاب الذي جرى بين أبي بكر وعلي لم يكن بسبب الخلافة والبيعة ، وإنما كان حول حق بنى هاشم في إدارة أرض الفيء التي هي حق لرسول الله ولقرابته من بني هاشم ، ثم للفقراء من المسلمين ..



                              يقول علي : كنا نرى لقرابتنا من رسول الله نصيبا ، وقال له أبو بكر : والله لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي .. وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها إلا الخير.



                              والجفوة التي حدثت بين أبي بكر وعلي لم تكن بسبب أن عليا يرى أن له حقا في الخلافة كما قيل ، فالخلافة ليست أنصبة حتى يكون لعلى نصيب فيها ، وقد ثبت أنه بايع مبكرا كما بايع سائر الصحابة ، وإنما كان الخلاف حول إدارة أرض الفيء ، وكانت فاطمة وعلي والعباس يرون أن تكون هذه الأراضي تحت إشراف رجل من بني هاشم يديرها ، ويقسم غلتها بين أصحاب الحق فيها ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ، لكن أبا بكر رأى في هذا تغيرا لسنة رسول الله التي سار عليها ، وربما خشي أن يعد بعض بني هاشم هذه الأراضي ميراثا ؛ فيستأثروا بغلتها ، ويسقطوا حق الفقراء فيها.



                              وظل هذا المطلب الهاشمي قائما حتى خلافة عمر فذهب إليه علي والعباس يطليان منه أن يدفع إليهما أرض الفيء ، وقد استجاب أمير المؤمنين عمر لطلبهما بشكل محدد ، فدفع إليهما أرض الفيء بالمدينة ، واستبقى أرض فدك وخيبر ، وقال : هما صدقة رسول الله لحقوقه ونوائبه (يقصد ما كان النبي يقدمه لمن يفد إليه بالمدينة ، وما يحتاجه من نفقة تلزمه بصفته مسئولا عن الدول الإسلامية ) وشرط عمر عليهما أن يعملا في أرض الفيء بالمدينة بما كان يعمل رسول الله ـ أي يقسمان غلتها بين بني هاشم ـ (صحيح مسلم 3، حديث رقم 1382)



                              وبعد فترة من هذا التصرف الذي أرضى به عمر عليا والعباس ، وحافظ فيه أيضا على الحقوق العامة للمسلمين بتسليمها جزءا من أرض الفيء ، وترك الجزء الأكبر للحقوق العامة حضر إليه علي والعباس يشكوان إليه ما حدث بينهما من نزاع حول تقسيم غلة هذه الأرض ، استنكر عمر عليهما ذلك الصنع ، وقال : جئتماني لأقضي بينكما ؟ لا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك ، حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فرداها إلي.
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق


                              • #45
                                من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

                                (إخواننا الزوار الكرام وأخواتنا الكريمات ! بدأنا من قبل سلسلة فضائل الخلفاء الراشدين ، فقدمنا لكم فضائل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا ، وها نحن نختم السلسة ببيان فضائل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وربيبه وصهره ، شرف لم يجتمع لغيره من الصحابة ، وما أجمله من شرف !...

                                داعين الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم حبهم ، والاقتداء بهم ، والسير على نهجهم ، وأن يحشرنا في زمرتهم مع النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم)
                                [CENTER] [/CENTER]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X