إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بـلاد الشام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بـلاد الشام



    بلاد الشام المصطلح القديم ،


    هي المساحة التي تغطيها ويظهر في هذه الخرائط.



    "بلاد الشام"

    يشير إلى منطقة من طلوع الشمس، من منظور غربي البحر الأبيض المتوسط​​.

    بلاد الشام هي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ​​تغطي الآن من قبل فلسطين ، لبنان، وهي جزء من سوريا ، والأردن الغربية.

    من الشمال جبال طوروس ، وجبال زاغروس في الشرق وشبه جزيرة سيناء ، إلى الجنوب.



    في العصور القديمة كانت تسمي يسمى الجزء الجنوبي من بلاد الشام أو فلسطين كنعان.




    التعديل الأخير تم بواسطة ابو فيصل الحربي; الساعة 2011-08-14, 06:19 AM.
    [CENTER] [/CENTER]

  • #2
    اللهم اجمع شمل المسلمين

    تعليق


    • #3
      فتح بلاد الشام

      كانت سوريا قبل الإسلام من أهم مناطق الدولة البيزنطية وكانت مدنها مراكز دينية هامة في الشرق القديم، في بداية عصر انتشار الإسلام كانت سوريا (بلاد الشام) تشكل مركز الامبراطورية الرومانية الشرقية ولها أهميتها في الامبراطورية،

      وفي عهد الخليفة أبو بكر الصديق أرسل الحملة التي كان أعدها الرسول بقيادة أسامة بن زيد لصد هجمات الروم على حدود شبه الجزيرة العربية في سوريا حيث قال له: "لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا تقعروا نخلا ولا تحرقوه ,ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا..." وفي هذه الحملة نجح أسامة في صد هجمات الروم.


      ثم طلب أبوبكر الصديق من خالد بن الوليد التوجه لقيادة الجيوش الأربعة إلى الشام وهم: الجيش الأول بقيادة يزيد بن أبي سفيان، الجيش الثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة، الجيش الثالث بقيادة أبو عبيدة بن الجراح، الجيش الرابع بقيادة عمرو بن العاص. وفى معركة أجنادين (13هـ - 634 م) نجح خالد بن الوليد في تنظيم جيشه المكون من أربعون ألف مقاتل واستولى على شرق وشمال فلسطين.



      وفى عهد عمر بن الخطاب استطاع المسلمون فتح بلاد الشام بأكملها بعد معارك في محيط كافة المدن في مناطق سوريا وكافة بقاع الشام، وفى معركة اليرموك (15هـ - 636م) التي كانت قرب نهر اليرموك جنوب سوريا وكانت بقيادة خالد بن الوليد واستمرت لمدة ستة أيام فقاوم المسلمون الروم في أول أربعة أيام وأسلم على يديهم جورج قائد أحد جيوش الروم، ثم طلب منهم ماهان قائد أحد جيوش الروم هدنة ثلاثة أيام لكن خالد بن الوليد رفض وتحول موقف المسلمين من الدفاع إلى الهجوم فأستولوا على بلاد الشام ضمت بصرى وبعلبك وحمص والبلقاء والأردن وأجزاء من فلسطين في جنوب سوريا،

      وفي هذه الفترة تم فتح دمشق قلب بلاد الشام بعد حصار طويل للمدينة المحصنة بأسوار منيعة إلى ان تم الدخول للمدينة من عدة جهات والسيطرة عليها وأضطر هرقل الأول ملك الروم إلى مغادرة مدينة حمص وبلاد الشام بعد ذلك. ثم حاصر المسلمون بيت المقدس أربعة أشهر بقيادة عمرو بن العاص حتى فتحوها (17هـ - 638 م) وحضر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وتسلم بيت المقدس بنفسه (17هـ - 638 م).


      بعد الفتوحات في بلاد الشام عقد مؤتمرا برئاسة أمير المومنين حضره قادة الجيوش الإسلامية أكد فيه المبادئ التي جاءت في القرأن وأهمها عدم أجبار أحد على الدخول في الإسلام وعدم انتزاع الأراضى أو الكنائس.


      وبالفعل قام الخليفة عمر بن الخطاب بتأمين المسيحيين في سائر مدن الشام مثل دمشق وبيت المقدس وغيرها من المناطق لممارسة حرياتهم وديانتهم وممارسة شعائرهم وعدم المساس بكنائسهم أو أراضيهم. وقام بما يعرف بالعهدة العمرية والتي كتبها عمر بن الخطاب لأهل إيليا القدس وكانت واحدة من أعظم العهود:


      « بسم الله الرحمن الرحيم
      "هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين، أهلَ إيليا من الأمان :
      أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملته؛ أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود.
      وعلى أهل إيليا أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن.
      وعليهم أن يُخرِجوا منها الرومَ واللصوصَ.
      فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم.
      ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية.
      ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعَهم (أي كنائسهم) وصُلُبَهم(أي صلبانهم)، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعِهم وصُلُبهم حتى يبلغوا مأمنهم.
      ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رحل إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
      وعلى ما في هذا الكتاب عهدُ الله، وذمّةُ رسوله، وذمّةُ الخلفاء، وذمّةُ المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
      شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان
      وكتب وحضر سنة خمس عشرة للهجرة»



      بعد أن رجع خالد بن سعيد بن العاص من اليمن أمره أبو بكر أن ينزل بتيماء وأمره ألا يبرحها، وأن يدعوا من حوله بالانضمام إليه، وألا يقبل إلا من لم يرتد، ولا يقاتل إلا من قاتله، حتى يأتيه أمره. فأقام فاجتمعت إليه جموع كثيرة، وبلغ الروم عظم ذلك العسكر، فاستنفروا العرب الذين بالشام على المسلمين، فاستنفرت كلب وتنوخ ولخم وجذام وغسان، فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك،
      [CENTER] [/CENTER]

      تعليق


      • #4
        مراسلات أبي بكر وخالد بن سعيد

        فكتب إليه أبو بكر : " أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله "
        فسار إليهم خالد بن سعيد، فلما دنا منهم تفرقوا، فاتخذ موقعه مكانهم، وكتب إلى أبي بكر بذلك،
        فكتب إليه أبو بكر : أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك.
        وحدث قتال، وطلب خالد ابن سعيد من أبي بكر المدد، فأمده بالوليد بن عتبة وعكرمة بن أبي جهل، وانتصر على (ما هان) قرب القدس، وانتقل ماهان إلى دمشق فلحق به خالد بن سعيد، فلما كان بمرح الصفر جاءت جموع كبيرة من الروم لتنضم إلى قيادة (ماهان) الأمر الذي جعل خالد بن سعيد يتراجع إلى ذي المروة على حين وقف عكرمة ابن أبي جهل يحمي المتراجعين، ووصل المجاهدون من اليمن، وكانت قد دخلت السنة الثالثة عشرة،
        [CENTER] [/CENTER]

        تعليق


        • #5
          استدعاء أبي بكر لكبار الصحابة :



          فطلب أبو بكر استبدال عمال الصدقات. ومنهم عمرو بن العاص الذي كان قد سيره في السنة الحادية عشرة إلى قضاعة، ثم استدعاه فولاه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاه على صدقات عمان ثانية.


          وكتب إليه أبو بكر : إني كنت قد رددتك على العمل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاكه مرة، وسماه لك أخرى، ومبعثك إلى عُمان إنجازاً لمواعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وليته ثم وليته، وقد أحببت - أبا عبد الله - أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه، إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك.


          فكتب إليه عمرو : إني سهم من سهام الإِسلام، وأنت بعد الله الرامي بها، والجامع لها، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئاً إن جاءك من ناحية من النواحي.
          وصل خالد بن سعيد بن العاص إلى ذي المروة هرباً من جند (ماهان)، ووصل الخبر إلى أبي بكر فكتب إليه : أقم مكانك، فلعمري إنك مقدام محجام، نجّاء من الغمرات، لا تخوضها إلا إلى حق، ولا تصبر عليه. ولما كان بعد، وأذن له في دخول المدينة - كما سنرى -.


          عبأ أبو بكر الصديق الجيوش إلى الشام في مطلع السنة الثالثة عشرة فسار :


          يزيد بن أبي سفيان في سبعة آلاف بعد عزل خالد بن سعيد، وكانت وجهته دمشق، وكان أول الأمراء الذين ساروا إلى الشام، وكان في جنده سهيل بن عمرو. ثم أمد أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بأخيه معاوية بجند كثير، ولما مرّ معاوية بذي المروة أخذ من بقي من جند خالد بن سعيد، وسمح بعدها الصدِّيق لخالد بالعودة إلى المدينة.


          عمرو بن العاص وكانت وجهته فلسطين.


          شرحبيل بن حسنة وسار إلى الأردن، وقد استعمل على جند الوليد بن عقبة، وأخذ عندما مر بذي المروة جمهور جند خالد بن سعيد وبقي عكرمة في ستة آلاف من الجند ردءاً لجيوش المسلمين.



          .....................
          [CENTER] [/CENTER]

          تعليق


          • #6
            استعدادات الروم

            وعلم الروم بما عبأه المسلمون، فانتقل هرقل إلى حمص، وجمع جموعاً غفيرة من جنده، وأرسل أخاه (تذارق) ليواجه عمرو بن العاص، وبعث (جرجة ابن توذرا) نحو يزيد بن أبي سفيان، ووجه (الدُّراقص) نحو شرحبيل بن حسنة، وأعطى أوامره لـ (الفيقار بن نسطوس) أن يسير نحو أبي عبيدة بن الجراح، وصل عدد الروم يومذاك إلى 240 ألف مقاتل على حين كان المسلمون 21 ألفاً و6 آلاف مع عكرمة بن أبي جهل في المؤخرة دعماً لجموع المسلمين.


            هاب المسلمون الروم لما رؤوا كثرتهم فكتب قادتهم إلى عمرو بن العاص يستشيرونه، فاقترح أن يجتمع المسلمون في مكان يلتقون فيه مع الروم، ولن يهزموا من قلة حينذاك، كما كتبوا إلى الخليفة أبي بكر وطلبوا منه المدد، فكان رأيه الاجتماع كما رأى عمرو، وأضاف أن يكون مكان المعركة في موقع يسهل الاتصال فيه مع المدينة قاعدة الحكم، ووافق على اللقاء باليرموك، وكتب إلى خالد أن يقدم إلى اليرموك لدعم المسلمين هناك وأن يكون هو الأمير.
            [CENTER] [/CENTER]

            تعليق


            • #7
              خالد بن الوليد قائداً

              سار خالد بن الوليد من الحيرة إلى قراقر حيث شيعه إليها المثنى بن حارثة، ومنها إلى سوى، ثم تحرك إلى دومة الجندل، وأغار خالد على مصيخ بهراء ثم تحرك نحو الشمال مع وادي السرحان إلى شرقي جبل حوران (الدروز) في سوريا

              حتى وصل إلى أرك(مدينة صغيرة قرب تدمر وسط سوريا، وهي ذات نخل وزيتون وبساتين، وكل أهلها كانوا من النصارى) ومنها إلى تدمر فالقريتين (قرية كبيرة من أعمال حمص، وهي التي تدعى حوارين).

              ولما علمت غسان بذلك، اجتمعوا له بمرج راهط (يقع إلى الشمال من دمشق، والمسافر من دمشق إلى حمص ما كان على يساره فهو مرج راهط، ومن كان على يمناه فهو مرج عذراء حتى الثنايا (ثنية العقاب))، فسار إليهم، وعليهم الحارث بن الأيهم، فانتصر عليهم،


              ثم سار إلى بصرى الشام(مدينة بحوران، من قواعد الغساسنة، وكانت مدينة رومانية شهيرة، وفيها سوق دائمة للعرب. ولا تزال فيها آثار رومانية، منها المدرج الروماني الشهير)، وكانت أول مدينة افتتحها من بلاد الشام،


              ثم ذهب إلى اليرموك فوصل إلى المسلمين في تسعة آلاف وغدا جند المسلمين ستة وثلاثين ألفاً. وفرح المسلمون بوصول خالد لأن الروم كانوا قد وصلتهم إمدادات بإمرة ماهان ومعه القساوسة والمطارنة والرهبان من أجل تشجيع المقاتلين.


              ....................
              [CENTER] [/CENTER]

              تعليق


              • #8
                تخطيط خالد


                وربما يتساءل المرء لماذا هذه الطريق الطويلة التي قطعها خالد بن الوليد ؟

                إنه أراد ألا يصطدم مع الروم قبل الالتقاء بالمسلمين وبخاصة أنه أصبح أمير المقاتلين في الشام فلا بد من الوصول إلى جنده ليقودهم في القتال، وإن خطة المسلمين كانت تقضي أن يكون القتال مجتمعين لا متفرقين ليتمكنوا من قتال الروم الذين يملكون أعداداً كبيرة تفوقهم بعشرة أمثال، وللروم ثغور وسط البادية حيث كانت من قبل مسرحاً للمعارك الدائرة بينهم وبين الفرس، فلو سار من الحيرة مباشرة نحوالغرب لاصطدم بتلك الثغور، ولأضاع على المسلمين تجمعهم في اليرموك وقيادته لهم،

                ولهذا اضطر أن يسير نحو الجنوب ليتجاوز تلك الثغور عن طرق دومة الجندل ثم اتجه شمالاً، وعندما وصل إلى الشرق من بصرى الشام وجد نفسه أما جبل حوران (جبل الدروز اليوم) البركاني الصعب الاجتياز، فأراد الالتفاف حوله فوجد نفسه بسرعته المعروفة في منطقة تدمر، لذا عاد فرجع إلى الغرب عن طريق القريتين فثنية العقاب (الثنايا) فشرقي دمشق إلى بصرى ففتحها ومنها سار إلى اليرموك في هذا من جهة .


                ومن جهة ثانية فإن لخالد بن الوليد طريقته الخاصة في القتال وهي التحرك بسرعة في عمق العدو والاغارة على مواقع خصمه المتأخرة، ثم الانسحاب للخوض في معركة حاسمة، وعندها يشعر العدو أن مجموعات من خصمه لا تزال تعمل خلف خطوطه الأمامية، وستداهمه في الوقت المناسب الأمر الذي يضعف معنوياته، ويبقى جزء من جنوده خارج المعركة لصد أي هجوم مرتقب من الخلف، وهذا ما رأيناه في قتاله في العراق إذا وصل إلى نقاط بعيدة من أرض العدو على حين لم تطهر أرض السواد بعد بل ولا منطقة الحيرة نفسها، ولم يأمن جانب المصالحين بشكل صحيح إذا سنراهم ينقضون العهد بعد ذلك. كما أن حركته كانت خلف ثغور الروم الأمر الذي يجعل الروم لا يستطيعون ترك مواقعهم خوفاً من أن يكون هناك اتفاق بين المسلمين والفرس وبخاصة أن خالداً كان في أرض فارس، كل هذا يجعل حركة خالد سهلة ويتنقل بحرية كأنه يقوم بمناورة معروفة الخطة.
                [CENTER] [/CENTER]

                تعليق


                • #9
                  معركة اليرموك

                  خطبة خالد في الجيش
                  ورأى الروم مجتمعين فجمع المسلمين وخطب فيهم قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه :


                  إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملكم ؛ فإن هذا يوم له ما بعده ؛ ولا تقاتلوا قوماً على نظام وتعبية، على تساند وانتشار، فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي. وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته،


                  قالوا : فهات، فما الرأي ؟


                  قال :"إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يرى أنا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون، لما جمعكم، إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم، فالله الله، فقد أفرد كل رجل منكم ببلد من البلدان لا ينتقصه منه إن دان لأحد من أمراء الجند، ولا يزيده عليه إن دانوا له. إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هلموا فإن هؤلاء تهيئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها. فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غداً، والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم، ودعوني إليكم اليوم".
                  [CENTER] [/CENTER]

                  تعليق


                  • #10
                    صفة جيش المسلمين وقادته :


                    قسم خالد المسلمين إلى كراديس يتراوح عددها بين 36 ـ 40 كردوساً ويضم الكردوس الواحد ما يقرب من ألف مقاتل.

                    وكان أبو عبيدة في القلب،

                    وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة في الميمنة،

                    ويزيد بن أبي سفيان في الميسرة،

                    ومن أمراء الكراديس يومذاك القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدي، وعياض بن غنم، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وحبيب بن مسلمة، وصفوان بن أمية، وسعيد بن خالد بن العاص، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن قيس، ومعاوية بن حديج، والزبير بن العوام، وضرار بن الأزور.



                    وكان قاضي الجيش أبو الدرداء،

                    والقاص أبو سفيان بن حرب،

                    وعلى الغنائم عبد الله بن مسعود،

                    وعلى الطلائع قباث بن أشيم،


                    وكان المقرئ المقداد بن عمرو،


                    وقد كان عدد الصحابة في اليرموك أكثر من ألف صحابي بينهم مائة من أهل بدر.


                    وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس، فيقول : "الله الله! إنكم ذادة العرب، وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك ! اللهم إن هذا يوم من أيامك! اللهم أنزل نصرك على عبادك! "



                    ونشب القتال، والتحم الناس، وتطارد الفرسان، ولم يلبث الأمر قليلاً حتى جاء البريد يحمل موت أبي بكر، وتولية عمر، وعزل خالد وتأمير أبي عبيدة مكانة. وكان الرسول محمية بن زنيم، ولكن خالداً عندما سئل عن البريد، قال: السلامة وقرب وصول الأمداد.



                    ...............................
                    [CENTER] [/CENTER]

                    تعليق


                    • #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      إنا فتحنا لك فتحا مبينا
                      إقبال الجند
                      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
                      قال الإمام الواقدي رحمه الله تعالى آمين: حدثني أبو بكر بن الحسن بن سفيان بن نوفل بن محمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد مولى هشام ومالك بن أبي الحسن وإسماعيل مولى الزبير ومازن بن عوف من بني النجار، كل حدث عن فتوح الشام بما كان، قالوا جميعا: إنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه قتل في خلافته مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، وقاتل بني حنيفة، وأهل الردة وأطاعته العرب، فعزم أن يبعث جيشه إلى الشام وصرف وجهه لقتال الروم فجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقام فيهم خطيبا فحمد الله عز وجل، وقال: يا أيها الناس رحمكم الله تعالى اعلموا أن الله فضلكم بالإسلام وجعلكم من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وزادكم إيمانا ويقينا ونصركم نصرا مبينا، وقال فيكم " اليوم كملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " المائدة: 3، واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عول أن يصرف همته إلى الشام فقبضه الله إليه واختار له ما لديه، ألا وإني عازم أن أوجه أبطال المسلمين إلى الشام بأهليهم ومالهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبأني بذلك قبل موته، وقال: " زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها " ، فما قولكم في ذلك. فقالوا: يا خليفة رسول الله مرنا بأمرك ووجهنا حيث شئت، فإن الله تعالى فرض علينا طاعتك. فقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " النساء: 59، ففرح أبو بكر رضي الله عنه. ونزل عن المنبر وكتب الكتب إلى ملوك اليمن وأهل مكة وكانت الكتب فيها نسخة واحدة. وهي: بسم الله الرحمن الرحيم سلام عليكم أما بعد: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد عزمت أن أوجهكم إلى بلاد الشام لتأخذوها من أيدي الكفار والطغاة فمن عول منكم على الجهاد والصدام، فليبادر إلى طاعة الملك العلام، ثم كتب " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله " التوبة: 41، الآية، ثم بعث الكتب إليهم وأقام ينتظر جوابهم وقدومهم، وكان الذي بعثه بالكتب إلى اليمن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما مرت الأيام حتى قدم أنس رضي الله عنه يبشره بقدوم أهل اليمن وقال: يا خليفة رسول الله وحقك على الله ما قرأت كتابك على أحد إلا وبادر إلى طاعة الله ورسوله، وأجاب دعوتك وقد تجهزوا في العدد والعديد والزرد النضيد، وقد أقبلت إليك يا خليفة رسول الله مبشرا بقدوم الرجال، وأي رجال، وقد أجابوك شعثا غبرا وهم أبطال اليمن وشجعانها، وقد ساروا إليك بالفراري والأموال والنساء والأطفال، وكأنك بهم وقد أشرفوا عليك ووصلوا إليك فتأهب إلى لقائهم. قال: فسر أبو بكر رضي الله عنه بقوله سرورا عظيما، وأقام يومه ذلك حتى إذا كان من الغد أقبلوا إلى الصديق رضي الله عنه وقد لاحت غبرة القوم لأهل المدينة. قال: فأخبروه فركب المسلمون من أهل المدينة وغيرهم وأظهروا زينتهم وعلاهم ونشروا الأعلام الإسلامية ورفعوا الألوية المحمدية فما كان إلا قليل حتى أشرفت الكتائب والمواكب يتلو بعضها بعضا، قوم في أثر قوم وقبيلة في أثر قبيلة، فكان أول قبيلة ظهرت من قبائل اليمن حمير وهم بالدروع الداودية والبيض العادية والسيوف الهندية وأمامهم ذو الكلاع الحميري رضي الله عنه. فلما قرب من الصديق رضي الله عنه أحب أن يعرفه بمكانه وقومه وأشار بالسلام وجعل ينشد ويقول:
                      أتتك حمير بالأهلين والولد ... أهل السوابق والعالون بالرتب
                      أسد غطارفة شوس عمالقة ... يردوا الكماة غدا في الحرب بالقضب
                      الحرب عادتنا والضرب همتنا ... وذو الكلاع دعا في الأهل والنسب
                      دمشق لي دون كل الناس أجمعهم ... وساكنيها سأهويهم إلى العطب
                      [CENTER] [/CENTER]

                      تعليق


                      • #12
                        قال: فتبسم أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قوله، ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أبا الحسن أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا أقبلت حمير ومعها نساؤها تحمل أولادها فأبشر بنصر الله على أهل الشرك أجمعين " . فقال الإمام علي: صدقت وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس رضي الله عنه: وسارت حمير بكتائبها وأموالها وأقبلت من بعدها كتائب مذحج أهل الخيل العتاق والرماح الدقاق، وأمامهم سيدهم قيس بن هبيرة المرادي رضي الله عنه، فلما وصل إلى الصديق رضي الله جعل يقول: صلوا على طه الرسول:
                        أتتك كتائب منا سراعا ... ذوو التيجان أعني من مراد
                        فقدمنا أمامك كي ترانا ... نبيد القوم بالسيف النجادي
                        قال: فجزاه أبو بكر رضي الله عنه وتقدم بكتائبه ومواليه، وتقدمت من بعده قبائل طيئ يقدمها حارث بن مسعد الطائي رضي الله عنه، فلما وصل هم أن يزجل فأقسم عليه أبو بكر رضي الله عنه بالله تعالى أن لا تفعل فدنا منه فصافحه وسلم عليه وأقبلت الأزد في جموع كثيرة يقدمها جندب بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ثم جاءت من بعدهم بنو عبس يقدمهم الأمير ميسرة بن مسروق العبسي رضي الله عنه، وأقبلت من بعدهم بنو كنانة يقدمهم غيشم بن أسلم الكناني وتتابعت قبائل اليمن يتلو بعضها بعضا ومعهم نساؤهم وأموالهم، فلما نظر أبو بكر رضي الله عنه إلى نصرتهم سر بذلك وشكر الله تعالى وأنزل القوم حول المدينة كل قبيلة متفرقة عن صاحبتها واستمروا فأضر بهم المقام من قلة الزاد وعلف الخيل وجدوبة الأرض فاجتمع أكابرهم عند الصديق رضي الله عنه، وقالوا: يا خليفة رسول الله إنك أمرتنا بأمر فأسرعنا لله ولك رغبة في الجهاد وقد تكامل جيشنا وفرغنا من أهبتنا، والمقام قد أضر بنا لأن بلدك ليست بلد جيش، ولا حافر ولا عيش، والعسكر نازل فإن كنت قد بدلت فيما عزمت عليه فأمرنا بالرجوع إلى بلدنا وأقبل الجميع وخاطبوه بذلك، فلما فرغوا من كلامهم قال أبو بكر رضي الله عنه: يا أهل اليمن، ومن حضر من غيرهم. أما والله ما أريد لكم الإضرار، وإنما أردنا تكاملكم، قالوا: إنه لم يبق من ورائنا أحد فاعزم على بركة الله تعالى.
                        [CENTER] [/CENTER]

                        تعليق


                        • #13
                          أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام من ساعته يمشي على قدميه وحوله جماعة من الأصحاب منهم عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وخرجوا إلى ظاهر المدينة ووقع النداء في الناس وكبروا بأجمعهم فرحا لخروجهم وأجابتهم الجبال لدوي أصواتهم، وعلا أبو بكر على دابته حتى أشرف على الجيش فنظر إليهم قد ملئوا الأرض فتهلل وجهه، وقال: اللهم أنزل عليهم الصبر وأيدهم ولا تسلمهم إلى عدوهم " إنك على كل شيء قدير " البقرة: 20، وكان أول من دعاه أبو بكر يزيد بن أبي سفيان وعقد له راية وأمره على ألف فارس من سائر الناس ودعا بعده رجلا من بني عامر بن لؤي يقال له ربيعة بن عامر، وكان فارسا مشهورا في الحجاز فعقد له راية وأمره على ألف فارس، ثم أقبل أبو بكر على يزيد بن أبي سفيان، وقال له: هذا ربيعة بن عامر من ذوي العلى والمفاخر قد علمت صولته وقد ضممته إليك وأمرتك عليه فاجعله في مقدمتك وشاوره في أمرك ولا تخالفه. فقال يزيد: حبا وكرامة. وأسرعت الفرسان إلى لبس السلاح واجتمع الجند وركب يزيد بن أبي سفيان، وربيعه بن عامر وأقبلا بقومهما إلى أبي بكر رضي الله عنه فأقبل يمشي مع القوم. فقال يزيد: يا خليفة رسول الله الناجي من غضب الله من رضيت عنه لا نكن على ظهور خيولنا، وأنت تمشي فإما أن تركب وإما أن ننزل. فقال: ما أنا براكب وما أنتم بنازلين، وسار إلى أن وصل إلى ثنية الوداع فوقف هناك فتقدم إليه يزيد فقال: يا خليفة رسول الله أوصنا، فقال: إذا سرت فلا تضيق على نفسك ولا على أصحابك في مسيرك ولا تغضب على قومك ولا على أصحابك وشاورهم في الأمر واستعمل العمل وباعد عنك الظلم والجور فإنه لا أفلح قوم ظلموا ولا نصروا على عدوهم، " وإذا لقيتم القوم فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " آل عمران: 20، وإذا نصرتم على عدوكم فلا تقتلوا ولدا ولا شيخا ولا امرأة ولا طفلا ولا تعقروا بهيمة إلا بهيمة المأكول ولا تغدروا إذا عاهدتم ولا تنقضوا إذا صالحتم، وستمرون على قوم في الصوامع رهبانا يزعمون أنهم ترقبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم وستجدون قوما آخرين من حزب الشيطان وعبدة الصلبان قد حلقوا أوساط رؤوسهم حتى كأنها مناحيض العظام فاعلوهم بسيوفكم حتى يرجعوا إلى الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقد استودعتكم الله، ثم عانقه وصافحه وصافح ربيعة بن عامر، وقال: يا عامر أظهر شجاعتك على بني الأصفر بلغكم الله آمالكم، وغفر لنا ولكم. قال: وسار القوم ورجع أبو بكر رضي الله عنه بمن معه إلى المدينة قال: فجد القوم في السير، فقال ربيعة بن عامر: ما هذا السير يا يزيد، وقد أمرك أبو بكر أن ترفق بالناس في سيرك فقال يزيد: يا عامر إن أبا بكر رضي الله عنه سيعقد العقود ويرسل الجيوش فأردت أن أسبق الناس إلى الشام فلعلنا أن نفتح فتحا قبل تلاحق الناس بنا فيجتمع بذلك ثلاث خصال: رضاء الله عز وجل، ورضاء خليفتنا، وغنيمة نأخذها. فقال ربيعة: فسر الآن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال: فأخذ القوم في السير على وادي القرى ليخرجوا على تبوك ثم على الجابية إلى دمشق. قال: واتصل الخبر للملك هرقل من قوم من عرب اليمن المتنصرة كانوا في المدينة، فلما صح عند الملك ذلك جمع بطارقته في عسكره، وقال لهم: يا بني الأصفر إن دولتكم قد عزمت على الانهزام، ولقد كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتقيمون الصلاة وتؤثرون الزكاة التي أمركم بها الآباء والأجداد والقسس والرهبان، وتقيمون حدود الله التي أمركم بها في الإنجيل لا جرم أنكم ما قصدكم ملك من ملوك الوشاة ونازعكم على الشام إلا وقهرتموه ولقد قصدكم كسرى بجنود فارس فانكسروا على أعقابهم، والآن قد بدلتم وغيرتم فظلمتم وجرتم، وقد بعث إليكم ربكم قوما لم يكن في الأمم أضعف منهم عندنا، وقد رمتهم شدة الجوع إلينا وأتى بهم إلى بلادنا وبعثهم صاحب نبيهم ليأخذوا ملكنا من أيدينا ويخرجونا من بلادنا، ثم إنه حدثهم بالذي سمعه من طرسيسه.
                          [CENTER] [/CENTER]

                          تعليق


                          • #14
                            فقالوا: أيها الملك نردهم عن مرادهم ونصل إلى مدينتهم ونخرب كعبتهم قال: فلما سمع مقالتهم وتبين اغتياظهم جرد منهم ثمانية آلاف من أشجع فرسانهم وأمر عليهم خمسة من بطارقتهم، وهم البطاليق وأخوه جرجيس وصاحب شرطته ولوقا بن سمعان وصليب بن حنا صاحب غزة، وكانت هذه الخمس البطارقة يضرب بهم المثل في الشجاعة والبراعة، ثم تدرعوا وأظهروا زينتهم، وصلت عليهم الأمة صلاة النصر. فقالوا: اللهم انصر من كان منا على الحق وبخروهم ببخور الكنائس، ثم رشوا عليهم من ماء العمودية وودعوا الملك وساروا وأمامهم العرب المتنصرة يدلونهم على الطريق. قال: حدثني رفاعة عن ياسر بن الحصين. قال: بلغني أن أول من وصل إلى تبوك كان يزيد بن سفيان وربيعة بن عامر ومن معهما من المسلمين قبل وصول الروم بثلاثة أيام، فلما كان في اليوم الرابع والمسلمون قد هموا بالرحيل إلى الشام إذ أقبل جيش الروم، فلما رآه المسلمون أخذوا على أنفسهم وكمن ربيعة بأصحابه الألف وأقبل يزيد بأصحابه الألف ووعظهم وذكر الله تعالى. وقال لهم: اعلموا أن الله وعدكم النصر وأيدكم بالملائكة، وقال الله تعالى في كتابه العزيز: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله والله مع الصابرين " البقرة: 249، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " الجنة تحت ظلال السيوف " وأنتم أول جند دخل الشام وتوجه لقتال بني الأصفر فكأنكم بجنود الشام، وإياكم أن تطمعوا العدو فيكم وانصروا الله ينصركم، فبينما يزيد يعظ الناس وإذا بطلائع الروم قد أقبلت وجيوشها قد ظهرت فلما رأوا قلة العرب طمعوا فيهم وظنوا أنه ليس وراءهم أحد فبربر بعضهم على بعض بالرومية وقالوا دونكم من يريد أخذ بلادكم واستنصروا بالصليب فإنه ينصركم، ثم حملوا وتلقاهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهمم عالية وقلوب غير دانية ودار القتال بينهم وتكاثرت الروم عليهم وظنوا أنهم في قبضتهم إذ خرج عليهم ربيعة بن عامر رضي الله عنه بالكمين، وقد أعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير، وحملوا على الروم حملة صادقة، فلما عاينت الروم من خرج عليهم أنكسروا، وألقى الله الرعب في قلوبهم فتقهقروا إلى ورائهم ونظر ربيعة بن عامر إلى البطاليق وهو يحرض قومه على القتال فعلم أنه طاغية الروم فحمل عليه وطعنه طعنة صادقة فوقعت في خاصرته وطلعت من الناحية الأخرى، فلما نظرت الروم إلى ذلك ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار ونزل النصر على طائفة محمد المختار. حدثنا سعد بن أوس عن السرية التي أنفذها أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع يزيد بن أبي سفيان وربيعة بن عامر، قال: قد اجتمعا بعساكر الروم في أرض تبوك مع البطاليق وهزمهم الله تعالى على أيدينا، وكان جملة من قتل منهم ألفا ومائتين، ومن قتل من المسلمين مائة وعشرين رجلا. قال: وإن القوم لما انهزموا قال لهم جرجيس وهو أخو المقتول: يا ويلكم بأي وجه ترجعون إلى الملك، وقد عملوا فينا عملا ذريعا، وملئوا الأرض من قتلانا ولا أرجع حتى أخذ بثأر أخي أو ألحق به. قال: واجتمع القوم وسمعوا منه ذلك ورجع بعضهم إلى بعض وعادوا إلى القتال، فلما استقروا في خيامهم بعثوا رجلا من العرب المتنصرة اسمه القداح، وقالوا له: امض إلى بني عمك وقل لهم يبعثوا إلينا رجلا من كبارهم وعقلائهم حتى ننظر ما يريدون منا. قال: فركب القداح جواده وأقبل نحو جيش المسلمين، فلما رأوه مقبلا إليهم استقبله رجال من الأوس وقالوا له: ماذا تريد. قال لهم: إن البطارقة يريدون رجالا من عقلائكم ليخاطبوهم فيما يريد الله من صلاح شأن الجمعين. قال فأخبروا يزيد بن ربيعة بما قال المتنصر. فقال ربيعة بن عامر: أنا أسير إلى القوم..
                            فقال يزيد: يا ربيعة أنا أخاف عليك من القوم لأنك قد قتلت كبيرهم بالأمس.
                            [CENTER] [/CENTER]

                            تعليق


                            • #15
                              فقال ربيعة " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " التوبة: 51، وإني أوصيك والمسلمين أن تكون همتكم عندي فإذا رأيتم القوم غدروا بي فاحملوا عليهم ثم ركب جواده وسار حتى أتى جيش الروم وقرب من سرادق أميرهم.


                              فقال القداح: عظم جيش الملك وانزل عن جوادك.


                              فقال ربيعة رضي الله عنه: ما كنت بالذي أنتقل من العز إلى الذل ولست أسلم جوادي لغيري وما أنا بنازل إلا على باب السرادق وإلا رجعت من حيث جئت لأننا ما بعثنا إليكم، بل أنتم بعثتم إلينا قال: فأعلم القداح الروم بما تكلم به ربيعة بن عامر.


                              فقال بعضهم لبعض: صدق العربي في قوله دعوه ينزل حيث أراد قال: فنزل ربيعة على باب السرادق وجثا على ركبته وأمسك عنان جواده بيده وسلاحه معه.


                              فقال له جرجيس: يا أخا العرب لم تكن أمة أضعف منكم عندنا وما كنا نحدث أنفسنا أنكم تغزوننا وما الذي تريدون منا.


                              فقال ربيعة: نريد منكم أن تدخلوا في ديننا، وأن تقولوا بقولنا، وإن أبيتم تعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون وإلا فالسيف بيننا وبينكم.


                              فقال جرجيس: فما منعكم أن تقصدوا الفرس وتدعون الصداقة بيننا وبينكم؟.


                              فقال ربيعة: بدأنا بكم لأنكم أقرب إلينا من الفرس، وإن الله تعالى أمرنا في كتابه بذلك قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة " التوبة: 123،


                              قال جرجيس: فهل لك أن تعقد الصلح بيننا وبينكم وأن نعطي كل رجل منكم دينارا من ذهب وعشرة أوسق من الطعام وتكتبوا بيننا وبينكم كتاب الصلح لا تغزون إلينا ولا نغزوا إليكم.

                              قال ربيعة: لا سبيل إلى ذلك وما بيننا وبينكم إلا السيف أو أداء الجزية أو الإسلام.


                              قال جرجيس: أما ما ذكرت من دخولنا في دينكم فلا سبيل إلى ذلك ولو نهلك عن آخرنا لأننا لا نرى لديننا بدلا.
                              وأما إعطاء الجزية فإن القتل عندنا أيسر من ذلك، وما أنتم بأشهى منا إلى القتال والحرب والنزال لأن فينا البطارقة وأولاد الملوك رجال الحرب وأرباب الطعن والضرب.

                              قال جرجيس لأصحابه: علي بأنفس صقالبة حتى يناظروا هذا البدوي في كلامه.

                              قال: وكان الملك هرقل قد بعث معهم قسيسا عظيما عارفا بدينهم مجادلا عن شرعهم.


                              قال: فأتى الحاجب به، فلما استقر به الجلوس قال له جرجيس: يا أبانا أستخبر من هذا الرجل عن شريعتهم، وعن دينهم.



                              فقال القسيس: يا أخا العرب إنا نجد في علمنا أن الله تعالى يبعث من الحجاز نبيا عربيا هاشميا قرشيا علامته أن الله تعالى يسري به إلى السماء أكان ذلك أم لا،



                              قال: نعم أسرى به، وقد ذكره ربنا في كتابه العزيز بقوله تعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " الإسراء:1 ،



                              قال القسيس: إنا نجد في كتابنا أن ربنا يفرض على هذا النبي وأمته شهرا يصومونه يقال له شهر رمضان.


                              قال ربيعة: نعم، وقد قرأنا في القرآن العظيم " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، البقرة: 185،



                              فقال القسيس: إنا وجدنا في كتابنا أن من أحسن حسنة تكتب بعشرة.


                              قال ربيعة: نعم، قال الله تعالى: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون " الأنعام: 160،


                              قال القسيس: إنا نجد في كتابنا أن الله يأمر أمته بالصلاة عليه.


                              قال ربيعة: نعم، وقد قال الله في كتابه العزيز: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب: 56،


                              قال: فعجب القسيس من كلامه وقال للبطارقة: إن الحق مع هؤلاء القوم.



                              فقال بعض الحجاب: إذ هذا هو الذي قتل أخاك. فلما سمع ذلك ازورت عيناه وغضب غضبا شديدا وهم أن يثب على ربيعة ففهم ربيعة ذلك منه فوثب من مكانه أسرع من البرق وضرب بيده إلى قائم سيفه وعجل جرجيس بضربة فجندله صريعا قتيلا ووثب على فرسه فركبها فأسرعت البطارقة إليه وهو راكب فحمل فيهم ونظر يزيد بن أبي سفيان إلى ذلك. فقال للمسلمين: إن أعداء الله قد غدروا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدونكم وإياهم،
                              [CENTER] [/CENTER]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X