إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاقليات المسلمة فى العالم ...ملف شامل ومتجدد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    الاقليات المسلمة فى العالم ...
    ملف شامل ومتجدد
    (44)

    أمة الإسلام…
    أغيثوا إخواننا المسلمين
    في ماينمار ( بورما سابقا )




    هذه دولة بورما التي يسمونها اليوم ماينمار تبذل أمريكا جهودا كبيرة لكسبها في صفها لأنها غنية بالثروات !! ولأنها تقع بين الهند والصين .

    [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ] {الزَّلزلة:7}

    هذا عمل صالح يسعدكم في قبوركم فلا بد أن نرحل إلى قبورا يوما ما .



    مأساة بورما المسلمة


    أراكان المسلمة
    يدرك المسلم المتأمل في واقع الأمة الآن مدى حساسية الموقف، وحجم المؤامرة على الإسلام والمسلمين. فالعالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه قد أثخنته الجراح، وكثرت فيه الفتن والمحن، وبلغت حملة الأعداء ذروتها بقيادة من لا يرجون لله وقاراً.
    و اليوم، تظهر لنا في الأفق من ناحية الشرق مأساة جديدة، وصفحة دامية، وحلقة من حلقات العداء "المتصلة" للإسلام وأهله… إنها أراكان، وما أدراك ما أراكان؟ قليل من المسلمين من يعرف معاناة الشعب المسلم في أراكان، وقليل من سمع أو قرأ عن الصفحات الدامية ووسائل القمع الوحشية اللاإنسانية التي يتعرض لها المسلمون هناك، على يد من يقدسون الأصنام من دون الله.

    وفيما يلي نعرض "بعض" المشكلات والصعاب التي يواجهها المسلمون هناك من قبل نظام الحكم العسكري في بورمالتي اضطر المسلمون بسببها إلى الهجرة لبنجلاديش والتي تعاني ما تعانيه من الأزمات والنكبات الاقتصادية والسياسية المستمرة:

    أولاً: إلغاء جنسية المسلمين الروهنجيا في أراكان بموجب قانون المواطنة والجنسية الذي وضع عام 1982م.
    ثانياً: حرمان المسلمين من حرية السفر والتنقل داخل البلد وخارجه.
    ثالثاً: اعتقال المسلمين الأبرياء وتعذيبهم في المعتقلات بدون ذنب أو مبرر.
    رابعاً: إجبار المسلمين على القيام بأعمال السخرة دون أجر كتعبيد الطرق وحفر الخنادق في المناطق الجبلية البورمية.
    خامساً: تهجير المسلمين وتشريدهم وتوطين البوذيين محلهم.
    سادساً: مصادرة أوقاف المسلمين وأراضيهم الزراعية.

    سابعاً: نهب أموال المسلمين، ومنعهم من الاستيراد والتصدير أو ممارسة الأعمال التجارية.
    ثامناً: أبواب الوظائف الحكومة مسدودة أمام مسلمي أراكان والنسبة الضئيلة منهم ممن تقلدوا الوظائف في عهد الاستعمار البريطاني أُجبروا على الاستقالة من وظائفهم.

    تاسعاً: إقامة العقبات والعوائق أمام تعليم أبناء المسلمين في المدارس والجامعات الحكومية.
    عاشراً: عدم السماح للمسلمين بالمشاركة في الندوات المؤتمرات الإسلامية العالمية.
    إن الوضع المأساوي في أراكان يكفي لأن يفرد له كتاب منفصل، وما ذكرناه هنا هو على سبيل المثال لا الحصر، والوضع يتطلب حلولاً عاجلة وجهوداً فورية جبارة من الهيئات العالمية والحكومات الإسلامية والمنظمات الخيرية والإغاثية. إن الواجب الديني يحتم على كل فرد مسلم العمل بما يستطيع من مناصرة الحق والدفاع عن العرض والدين، رائدنا في ذلك قوله تعالى عز وجل: [وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ] {الأنفال:72} .

    وأقول لأخي المسلم: قدم لنفسك شيئاً يكون معذرة إلى الله يوم تلقاه، ولا تحقرن من المعروف شيئاً فإن الجبال من الحصى، واعلم أن كل كلمة أو حركة أو جهد أو نفقة تبتغي بها وجه الله هي عبادة ذلك بأنهم [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ] {التوبة:120} . أسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا صالح أعمالنا، وأن يؤلف بين قلوبنا، ويوحد صفوفنا، ويثبت إخواننا، ويرحم شهداءنا، ويفك أسرانا ويردنا إليه رداً جميلاً، إنه قريب مجيب[رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ] {البقرة:250} .


    الحكومة البوذية تواصل اضطهادهم .

    منع مسلمي بورما من مواصلة التعليم ووقف زواجهم لمدة ثلاث سنوات .تواصل الحكومة البوذية في بورما اضطهادها الشديد للمسلمين في أراكان.

    فقد تم منعهم من مواصلة التعليم، حيث لا يسمح لهم بالالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا، كما لا يسمح لهم بالدراسة في الخارج. وتهدف حكومة بورما إلى تفشي الجهل والأمية داخل صفوف المسلمين المقهورين، حتى يصبحوا متخلفين في شتى المجالات، مما يسهل استئصالهم نهائياً من البلاد. كما قامت الحكومة مؤخراً بإصدار قرار بمنع زواج المسلمين لمدة 3 سنوات، حتى يقل نسل المسلمين وتتفشى الفواحش بينهم. وكانت الحكومة قد فرضت شروطاً قاسية على زواج المسلمين منذ عشر سنوات، مما اضطرهم لدفع رشاوى كبيرة للسماح لهم بالزواج. كما تواصل الحكومة البوذية الضغوط الاقتصادية على المسلمين، حيث رفعت أسعار المواد الغذائية الضرورية بصورة كبيرة في مناطق المسلمين، وتسبب ذلك في حالة صعبة بما يشبه المجاعة. من ناحية أخرى، تعمل الحكومة على إقامة المغتصبات البوذية داخل مناطق المسلمين،وتقوم بنفي عدد كبير من المسلمين إلى خارج البلاد في بنجلاديش وتايلاند وماليزيا وباكستان والمملكة العربية السعودية، حيث يقدر عدد المسلمين المنفيين في هذه البلاد ب"مليوني مسلم". ويقدر عدد المسلمين في أراكان وبورما بـ"10 ملايين مسلم".
    البدايـة الأولـى لنشــوء مشكلـة المسلمين في بـورما كانت على يد الحكومة التي هجَّـرت قرابـة 200 ألف مسلم من إقليم أراكان إلى دولة بنغلاديش المجاورة

    لا تختلف كثيراً أوضاع الأقلية المسلمة في بورما عن نظيرتها في الفلبين، وكانت البداية الأولى لنشوء مشكلتهم على يد الحكومة البورمية التي هجَّرت قرابة 200 ألف منهم من إقليم أراكان إلى دولة بنغلاديش المجاورة.

    ويطلق على الأقلية المسلمة في بورما شعب الروهنجيا، وهم ينحدرون من أصول عربية، وفارسية، وملاوية، ومغولية، وباتانية Pathans ( الباتان قوم يقطن أكثرهم في باكستان وأفغانستان والهند ويعرفون أيضاً بالبشتون). وبحسب المصادر الغربية تبلغ نسبة المسلمين الذين يتمركزون في إقليم أراكان 4% من إجمالي السكان البالغ عددهم حوالي 42 مليونا.
    وصل الإسلام إلى إقليم أراكان في القرن السابع الميلادي، وكوَّن شعب الروهنجيا مملكة دام حكمها 350 عاماً، ثم انفرط عقدها على أيدي الغزاة البورميين عام 1784، وبدأت معاناة الأقلية المسلمة في ميانمار منذ ذلك التاريخ.

    وتتمثل هذه المعاناة -كما تقول المصادر الإسلامية- في الحرمان من الحقوق السياسية والحريات الدينية، فلا يحق لهم على سبيل المثال الدراسة في المدارس والجامعات الحكومية، كما تمت مصادرة الأوقاف الإسلامية التي كان أشهرها الأراضي الموقوفة على مسجدي "ماونجدو جيم" و"آكياب جيم"، والأراضي التي كانت مخصصة لمقابر المسلمين والتي أقيم عليها ملاعب رياضية وأديرة.

    وهناك أيضا معاناة اقتصادية سببها فرض الحكومة البورمية على المسلمين تسليمها نسبة كبيرة من محصول الأرز الذي يعتبر الغذاء الرئيسي للسكان.

    إضافة إلى ذلك وضعت الحكومة عوائق عديدة أمام مشاركة الأقلية المسلمة في الحياة السياسية، كان أبرزها القانون الصادر عام 1983م والذي لا يمنح الجنسية البورمية إلا لمن يُثبت أن أسرته عاشت في ميانمار قبل عام 1844م، وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب الإنجليزية البورمية الأولى، وقد تسبب هذا القانون في حرمان المسلمين الذين لم يتمكنوا من تقديم هذه الوثائق من حق المواطنة الكاملة وما يترتب عليه من حقوق سياسية.

    مسلمو أراكان ..
    والتهجير المكشوف

    في الرابع من يناير احتفلت بورما بالذكرى الـ(57) للاستقلال، والتي توافقت مع إطلاق سراح
    (5588) سجيناً بمناسبة هذه الذكرى. إلى ذلك والأمر يبدو مقبولاً، إلا أن ما خفي كان أشنع؛ وذلك لإصرار نظام الحكم الشيوعي على تجاهل السجناء والمعتقلين المسلمين منذ استقلال البلاد. مؤكداً على أن مسلمي بورما لا يتمتعون بحق المواطنة أصلاً، وعليهم أن يلحقوا بأقاربهم في باكستان وبنجلاديش … ولعل النظرة الثاقبة إلى أحوال مسلمي بورما تضع جميع المسلمين أمام مسؤولياتهم التاريخية إزاء إخوانهم الذين يُمارس ضدهم أشنع أنواع الاضطهاد والتعذيب وسط تجاهل إعلامي دولي، لايهتم إلا بالكوارث التي تُلمّع صورة الغرب، وتظهر وجهه الكالح إزاء المسلمين…

    ومسلمو الروهنجيا (أراكان) جرح إسلامي غائر، فمنذ أكثر من (50) عاماً، وهم يعانون أشد المعاناة من ممارسات الاحتلال البورمي لهم وتشرد مليوني مسلم، ولم يتفاعل أحد معهم إلا النزر القليل. وتُعدّ منظمة تضامن الروهنجيا حاملة لواء قضية مسلمي أراكان. ويبلغ عدد مسلمي بورما إجمالاً (10)ملايين مسلم تقريباً يمثلون 20% من سكان بورما البالغ عددهم (50) مليون نسمة. أما منطقة أراكان فيسكنها (5.5) مليون نسمة، بينهم (4) ملايين مسلم، يمثلون 70% من سكان الإقليم. ودخل الإسلام (أراكان) في القرن السابع الميلادي مع قدوم التجار العرب المسلمين إليها، ثم تتابعت الوفود الإسلامية إليها من أنحاء المعمورة. فأقبل عدد كبير من الأهالي على اعتناق الإسلام، وكوَّن شعب الروهنجيا مملكة دام حكمها (350) عاماً من 1430م إلى عام 1784م؛ فقد شُكّلت أول دولة إسلامية في عام 1430م بقيادة الملك سليمان شاه، وحكم بعده (48) ملكاً مسلماً على التوالي، ثم احتلتها بورما حتى عام 1824م، ثم الاحتلال البريطاني حتى عام 1848م عندما عادت بورما واحتلتها مرة أخرى عام 1948م حتى الآن. وطبقاً لقرار الأمم المتحدة الخاص بشبه القارة الهندية والقاضي بانضمام الأقاليم ذات الأغلبية الإسلامية لباكستان والهندوسية للهند، كان يجب أن تنضم أراكان لباكستان مثل بنجلاديش المجاورة لها قبل أن تستقل عن باكستان، ولكن ما حدث أن بورما ضمت الإقليم إليها بالقوة عام 1948م. مآسي مسلمي أراكان وبعد الاحتلال البورمي لأراكان تم تهجير أكثر من مليوني مسلم من إقليم أراكان منذ الاحتلال بسبب الممارسات القمعية التي قامت بها السلطات البورمية، حيث يوجد معظم لاجئي أراكان الآن في بنجلاديش وباكستان وكذا المملكة العربية السعودية، وبعض دول الخليج العربي. إضافة إلى مجموعات قليلة في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا.
    وتمّت عمليات التهجير الجماعي عبر (4) مراحل:

    الأولى عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني. والثانية عام 1948م مع بداية الاحتلال البورمي. الثالثة عام 1978م. والأخيرة عام 1991م .
    أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرة ولم تنقطع، في ظل عزلة الإقليم عن العالم، بالإضافة إلى أن جميع حكام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين.
    ويكفي للتدليل على ذلك أنه بعد وصول الحكم العسكري عام 1962م، وفي عام 1978م شرّدت بورما أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش، وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما) رغم أن الواقع والتاريخ يكذّبان ذلك، وفي عام 1991م شرّدت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى. ومن تبقى من المسلمين يُتّبع ضدهم سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل فيما بين المسلمين، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ(25)، أما الرجل فلا يُسمح له بالزواج قبل سن الـ (30) من عمره. وإذ حملت الزوجة فلابد من ذهابها طبقاً لقرار السلطات الحاكمة إلى إدارة قوّات الأمن الحدودية "ناساكا" لأخذ صورتها الملوّنة كاشفة بطنها بعد مرور كلّ شهر حتّى تضع حملها، وفي كلّ مرّة لا بدّ من دفع الرسوم بمبلغ كبير، وذلك للتأكّد كما تدعي السلطة من سلامة الجنين، ولتسهيل إحصائية المولود بعد الولادة. ولكنّ لسان الواقع يُلوِّح بأنّ الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنّه ليس لهم أيّ حقّ للعيش في أراكان بأمن وسلام بالإضافة إلى عمليات الاغتصاب وهتك العرض في صفوف المسلمات اللاتي يموت بعضهن بسبب الاغتصاب. كما يتم إجبار المسلمين على العمل بنظام السخرة في معسكرات الاحتلال، وتم نقل مئات المسلمين من وظائفهم، ويمنع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات. ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى بـِ"القرى النموذجية" في شمال أراكان، حتى يتسنى تشجيع أسر "الريكهاين" البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق. كما أصدرت السلطات قراراً بحظر تأسيس مساجد جديدة، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تم بناؤها أو إصلاحها خلال عشر السنوات المنصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت إلى الآن أكثر من (72) مسجدًا، و(4) مراكز دينية واعتقلت (210) من علماء الدين وطلبة العلم خلال الأشهر الماضية وقتلت (220) مسلماً.


    منظمة (تضامن الروهنجا) والدفاع عن المسلمين

    ونشأت منظمة (تضامن الروهنجيا) عام 1982م، وهي المنظمة الرئيسة التي تدافع عن حقوق أبناء أراكان، وقبلها كانت توجد منظمة أربيف (جبهة الشعب الروهنجي) التي ضعفت وتضاءل دورها. وتأسست منظمة (تضامن) على يد مجموعة من العلماء والدعاة أبناء أراكان، مثل د.محمود يونس أول رئيس للمنظمة، وشيخ الدين محمد نائبه وقتها، ورئيس المنظمة حالياً، ومولانا سيف الله خالد، والبروفيسور محمد زكريا. ونالت تضامن عضوية الندوة العالمية للشباب الإسلامي وتعترف بها المنظمات الإسلامية الدولية الأخرى. وتتركز أنشطة (تضامن) في أوساط لاجئي الروهنجيا المسلمين في البلاد الموجودين فيها خاصة بنجلاديش وباكستان، ولها أنشطتها داخل أراكان وإن كان بطريقة غير علنية. حيث يمنع النظام الشيوعي العسكري الحاكم أي عمل خيري أو ثقافي أو تعليمي إسلامي، بل إنه يضع المسلمين في سجن كبير يضطرهم للهجرة إلى خارج بورما؛ حيث يحظر النظام على أي مسلم الانتقال من قرية إلى أخرى؛ فأصبحت كل قرية سجناً بالنسبة لسكانها المسلمين . وفي ظل عدم وجود دولة إسلامية مجاورة قوية تتبنى قضية مسلمي أراكان يستغل النظام البورمي الفرصة بين الحين والآخر لتشريد المسلمين، ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم في أراكان مما يضطرهم للهجرة.

    نحو "خريطة طريق" لمسلمي أراكان

    وإزاء هذه الأوضاع المأساوية التي تتم في غفلة من العالم الإسلامي الذي اكتفى -حتى الآن- ببعض المساعدات المادية (كمشروع إفطار الصائم ولحوم الأضاحي الذي تنفذه الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والجمعيات الإسلامية في البحرين وجمعية الشارقة الخيرية وغيرها) لم ييأس مسلمو أراكان، ونجحوا في صياغة موقف دولي داعم لهم في إطار رفض المجتمع الدولي لسياسات النظام العسكري المستبد في بورما، ويطالبها بالانتقال إلى الحكم المدني، فمجلس الشيوخ الأمريكي مثلاً أصدر بعض القرارات التي طالب فيها الرئيس الأمريكي نظام الحكم في بورما باتخاذ الخطوات المناسبة لإعادة الديمقراطية إلى بورما، ودعم أحزاب المعارضة وحقوق الأقلّيات فيها. وللمرة الأولى منذ (45) عاما شارك مسلمو أراكان في مؤتمر لأحزاب المعارضة، وممثلي (22) جمعية ومنظمة في أغسطس عام 2002م في تايلاند تمثل الأقليات في بورما، أغلب تلك المنظمات بوذية تحت إشراف أوروبي، وبعد مناقشات ومداولات طويلة خرج المؤتمر بعدد من المقرّرات التزم بها جميع المشاركين؛ منها العمل على تغيير الحكم العسكري الحالي إلى حكم مدني بالطرق السلمية، وإقامة حكومة ديمقراطية فيدرالية، وإعطاء كل الأقليات حقها على قدم المساواة. ويسعى مسلمو أراكان من خلال تلك الفعاليات الإيجابية كمرحلة أولى، أن يتنفس الشعب المسلم بحصوله على حقوقه الأساسية التي تكفل له الحد الأدنى من متطلبات الحياة في بلده.

    مما دعا الأمم المتحدة لوضع جدولٍ زمني للحكومة العسكرية الحالية لتطبيق هذه المقررات، وأطلقوا عليها "خريطة الطريق"، يتم تطبيقها حتى عام 2006م، وهدّدت الحكومة الحالية بأن عدم التزامها بالموعد المحدّد يعرضها لعقوبات أشدّ من المنظمة الدولية.
    ويظل إقامة نظام ديمقراطي فيدرالي يمنح الأقليات حقوقها ويمنح الجميع المساواة الكاملة أمل مسلمي أراكان في سبيل الحصول على استقلالهم وحريتهم المفقودة منذ 1948م.


    نقلاً عن / الإسلام اليوم

    تعليق


    • #47
      الاقليات المسلمة فى العالم ...
      ملف شامل ومتجدد
      (45)



      المسلمون في الهند
      وصل الإسلام إلى الهند على يد محمد بن القاسم أثناء الفتوحات المعروفة في التاريخ الإسلامي بفتوحات السند أيام عهد الدولة الأموية، وعلى مدى قرون طويلة ظل المسلمون في شبه القارة الهندية أمة واحدة، ومع نهاية الاحتلال البريطاني الذي استمر حوالي مائتي عام انقسمت الهند عام 1947م إلى دولتين هما الهند وباكستان التي كانت تضم آنذاك بنغلاديش، ونتيجة لذلك التقسيم ظهرت على مسرح الأحداث السياسية مشكلة إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.

      مجتمع الهند مجتمع متعدد الأعراق واللغات، وتبلغ مساحة أراضيها 3,166,414 كم2 مربع، ويعيش فيه 1,014,003,810 نسمة يمثلون سدس سكان العالم، وهي بذلك تعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، وتبلغ نسبة المسلمين فيها 14% من مجموع السكان، أي حوالي 141,960,431 نسمة، يتركز أغلبهم في ولايات: أوتار باراديش، وبهار، وغرب البنغال، ومهراشتره، وكيرلا، ويعمل في قطاع الزراعة منهم قرابة 70، والباقون موزعون على قطاعات الخدمات، والتجارة، والصناعة.

      وينقسم مسلمو الهند إلى قسمين هما: مسلمو الشمال ويتبعون المذهب الحنفي ويتكلمون اللغة الأردية والبنغالية، ومسلمو الجنوب ويتبعون المذهب الشافعي ويتحدثون اللغة التامولية، إضافة إلى وجود مسلمين شيعة في بعض الولايات وبالأخص في حيدر آباد. ورغم كبر حجم الأقلية المسلمة في الهند (14%)، فإن نسبة تمثيلهم في مؤسسات الدولة لا تتعدى 1%.

      وتهتم بشؤون هذه الأقلية عدة جمعيات أهمها:
      - مجلس المشاورة.
      - الجماعة الإسلامية (الهند).
      - جمعية علماء الهند.
      - الجمعية التعليمية الإسلامية لعموم الهند.
      ويوجد لدى هذه الأقلية جامعات لتدريس العلوم الإسلامية وأخرى للعلوم المدنية، ومن أهمها:

      - جامعة ديوبند
      - ندوة العلماء في لكنهو

      - مظاهر العلوم
      - مدرسة الإصلاح
      - الكلية الإسلامية في فانيا آبادي

      - الجامعة العثمانية في حيدر آباد
      - الجامعة الملية في دهلي.
      أما التعليم الأولي فتهتم بشؤونه مدارس ومكاتب منتشرة في أماكن وجود تلك الأقلية، تعاني أغلبها من كثافة الفصول وقلة الكوادر المتخصصة.

      المشكلات التي تواجه مسلمي الهند

      1 - النزاعات بين الهندوس والمسلمين والتي كان من أعنفها أحداث آسام عام 1984 التي أسفرت عن مجازر راح ضحيتها آلاف المسلمين، وأحداث هدم المسجد البابري في 6 ديسمبر/ كانون الأول 1992م حيث وقعت اشتباكات بين المسلمين وأعضاء حزب شيوسينا الهندوسي المتعصب سقط فيها الآلاف من كلا الجانبين.

      = 350) this.width = 350; return false;">

      المسلمون في الهند

      2- الهوية الثقافية التي تشعر تلك الأقلية أنها مهددة بالذوبان في المجتمع الهندي الذي يغلب عليه الطابع الهندوكي، ويقول المسلمون الهنود إن الحكومة تحاول تكريس هذا الطابع في المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية، لذا فقد بذلوا جهودا كبيرة - خاصة في بناء المؤسسات التعليمية- من أجل الحفاظ على هويتهم الإسلامية، إلا أن ثمار هذه الجهود لا تصل إلى مستوى الطموح المطلوب لأسباب منها:
      - قلة الإمكانيات في المؤسسات التعليمية الإسلامية.
      - ضعف التنظيم والتنسيق بين المؤسسات والجماعات الإسلامية في الهند.

      3- انخفاض متوسط الدخل السنوي لمعظم أفراد الأقلية، وتصنيفهم ضمن الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، حيث يعيش أكثر من 35% من سكانها تحت خط الفقر.

      مشكلة المسلمين في جامو وكشمير
      يحتل إقليم جامو وكشمير موقعاً استراتيجياً هاماً، فهو يقع في قلب آسيا، تحيط به باكستان من الغرب، والهند من الجنوب، والصين من الشرق والشمال. وتبلغ مساحة هذا الإقليم 222,800 كم2، ويعيش فيه حوالي 12 مليون نسمة، 70% منهم مسلمون والبقية سيخ وهندوس.

      يعيش هذا الإقليم أجواء صراع طويل بين المسلمين وغيرهم، بدأت مرحلته الحالية منذ انقسام شبه القارة الهندية عام 1947، حيث تتقاسم السيطرة عليه كل من الهند وباكستان.

      جذور الصراع


      أسلم ملك كشمير البوذي ريخبن شاه عام 1323م وسمى نفسه صدر الدين، وأصبحت مملكته جزءًا من الإمبراطورية المغولية حتى عام 1586م، واستمر الحكم الإسلامي للولاية قرابة 500 عام. وفي عام 1819 استولى السيخ على الولاية، وبعد احتلال بريطانيا لشبه القارة الهندية في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، اشترت قبيلة الدوغرا الهندوسية الإقليم من السلطات البريطانية عام 1846م، بعد أن وقعت معها اتفاقية "آمر تسار" التي تنص على تنصيب ملك هندوسي على الإقليم، ولم يتم لها ذلك إلا عام 1947م.


      وفي نفس العام بدأ صراع المسلمين العسكري والسياسي، ففي شهر يناير/ كانون الثاني فاز حزب مؤتمر مسلمي كشمير بـ 16 مقعداً من أصل 21 في انتخابات برلمان الولاية، وفي يوليو/ تموز من العام نفسه قرر 85% من الشعب الكشميري الانضمام إلى باكستان، وغيروا توقيت ساعاتهم دلالة على ولائهم للدولة الباكستانية.

      - حرب 47 - 1948
      تطورت الأحداث بعد ذلك سريعاً، فاندلع قتال مسلح بين الكشميريين والقوات الهندية عام 1947م، أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية، ثم تدخلت الأمم المتحدة في النزاع وأصدرت قراراً عام 1949م ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم. وبدأ يسود المجتمع الدولي منذ ذلك الحين اقتناع بأن حل القضية الكشميرية يأتي عن طريق اقتسام الأرض بين الهند وباكستان، فاقترحت الأمم المتحدة أن تكون الأجزاء التي بها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة (تقدر بحوالي 1000 كم) تنضم لباكستان، أما الأجزاء الأخرى ذات الأغلبية الهندوسية التي لها حدود مشتركة مع الهند (300 كم) فتخضع للسيادة الهندية.


      - الحرب الثانية عام 1965م
      لكن الأمور عادت مرة أخرى للتأزم في عهد رئيسي الوزراء الهندي لال بهادر شاستري والباكستاني محمد أيوب خان، حيث اندلعت حرب شاملة وقع الطرفان بعدها اتفاقية طشقند في 1/1/1966 والتي تنص على حل النزاعات بين البلدين بالطرق السلمية.

      - الحرب الثالثة عام 1971م
      واندلعت حرب شاملة أخرى بين الهند وباكستان عام 1971م، توقفت بعد تدخل الأمم المتحدة التي فرضت الهدنة بينهما بدءًا من عام 1972م، بعد أن انفصلت باكستان الشرقية وأطلقت على نفسها اسم بنغلاديش.


      ثم دخل البلدان في مفاوضات سلمية أسفرت عن توقيع اتفاقية لم تستمر طويلاً أطلق عليها اتفاقية شِملا، وتنص على اعتبار خط وقف إطلاق النار الجديد هو خط هدنة بين الدولتين، واتفق الطرفان على حل خلافاتهما حول كشمير سلميا، وعدم اللجوء إلى الأعمال العسكرية في المستقبل.
      ومنذ ذلك الحين وجولات النزاع بين الجانبين لا تتوقف، تهدأ حيناً وتثور حيناً آخر، وكان آخرها الصراع الذي تفجر عقب نجاح المقاتلين الكشميريين في احتلال مرتفعات جبال دراس وكارجيل الاستراتيجية، وكادت تنشب بين الدولتين النوويتين حرب شاملة لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف دولية أخرى في إقناع الجانب الباكستاني بالضغط على الكشميريين للانسحاب من تلك المرتفعات، وبالفعل تم انسحابهم في عهد حكومة رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف.

      وسط هذا الصراع الطويل لم يكن مستغرباً أن تكون المطالبة باستقلال الإقليم على رأس أولويات الحركات الوطنية هناك، والتي تقمعها الحكومة الهندية بعنف تقول عنه المصادر الكشميرية إنه أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثين ألف كشميري، إضافة إلى عمليات اعتقال وسجن طالت ما يزيد على أربعين ألفاً آخرين على مدى الخمسين عاماً الماضية.

      تعليق


      • #48
        الاقليات المسلمة فى العالم ...
        ملف شامل ومتجدد
        (46)


        المسلمون في الصين

        تعد الأقلية المسلمة في الصين ثاني أكبر أقلية إسلامية في آسيا بعد الهند، حيث تبلغ نسبتهم 11% من إجمالي سكان الصين البالغ عددهم 1,246,871,951 نسمة. وقد دخل الإسلام إلى الصين في وقت مبكر من القرن الثامن الهجري على يد التجار المسلمين من العرب والفرس، وصار المسلمون الصينيون بعد ذلك أهم عنصر في الحكم المغولي.
        بدأت معاناة المسلمين الصينيين خلال سنوات حكم المندشوريين الأولى والتي امتدت من القرن السابع عشر حتى أوائل القرن العشرين، وقام المسلمون بعدة ثورات أسفرت في النهاية عن تكوين دول إسلامية في بعض الولايات لفترات قصيرة، مثل تلك التي قامت في كل من هونان، كانسو، وتركستان الشرقية.

        المسلمون في ظل الحكم الوطني (1910– 1949م)

        وتغير الحال بعد أن قضى الثوار الوطنيون على حكم المندشوريين عام 1910م بمساعدة الأقلية المسلمة، وبدأت بوادر الانتعاش في الحياة الإسلامية تظهر من خلال كثرة المساجد والمؤسسات الإسلامية التي أنشئت خلال تلك الفترة والتي من أهمها:
        - المنظمة الإسلامية الصينية التقدمية التي تأسست عام 1912م في بكين، والتي كان لها دور كبير في نشر التعليم الإسلامي واللغة العربية وبناء المدارس والمساجد.

        - المنظمة الثقافية الإسلامية الصينية التي تأسست عام 1928 في مدينة شنغهاي، وكان من أبرز أعمالها تأسيس المدارس والمكتبات والاهتمام بدراسة علوم القرآن والحديث.
        - المنظمة الإسلامية لعموم الصين التي بدأت نشاطها عام 1938، وانبثقت عنها مليشيات إسلامية اشتركت مع الجيش الصيني في مواجهة الغزو الياباني (37 - 1945م)، ومن أهم أعمالها كذلك ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، وتنشيطها حركة البعثات التعليمية إلى الجامعات المصرية والتركية لدراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
        أما المساجد التي بنيت إبان الحكم الوطني فقد وصل عددها إلى 42 ألفاً، ألحق بأغلبها مدارس تعليمية، ففي ولاية كاشغر -على سبيل المثال- بني 400 مسجد، وفي بكين 49، وفي نانكين 27، وفي شنغهاي 14 مسجداً

        وفي ظل هذا الاستقرار استعاد المسلمون في الصين بعضاً من حقوقهم السياسية، فأصبح يمثلهم مائة نائب في البرلمان الصيني عام 1947، وعدد من الوزراء والضباط في الحكومة والجيش. كما انتشرت الجامعات والمعاهد العلمية الإسلامية التي اهتمت بنشر العلوم الإسلامية وبخاصة علوم الحديث والتفسير، وكان من أهمها:

        - جامعة كاشغر الإسلامية في تركستان الشرقية.
        - جامعة هوتشيوو في ولاية كانسو.
        - إضافة إلى معهدين إسلاميين أحدهما في بكين أطلق عليه اسم معهد الدراسات العليا الإسلامية، والآخر يسمى معهد واي كينغ بولاية هونان.
        وانعكس كل ذلك على الحياة العلمية والثقافية وسط الأقلية المسلمة، فترجمت العديد من أمهات الكتب الإسلامية، وظهرت لأول مرة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، وكتاب السيرة النبوية لمؤلفه الإمام ليوتشيه.

        الأصول العرقية لمسلمي الصين

        تفيد مصادر مسلمي الصين أن تواجدهم يكثر في الولايات الشمالية والغربية، حيث يمثلون أغلبية السكان هناك، وبخاصة ولايات: سنغيانغ (أويغور) ويمثلون نسبة 71 % من سكانها، وشنغهاي (65%)، ونينكسياهوي (35%)، وكانسو (31%)، ومنغوليا الداخلية (29%)، بالإضافة إلى 12 ولاية أخرى -من بينها العاصمة بكين- تزيد نسبة المسلمين فيها عن 10%، و11 ولاية جنوبية تقل النسبة فيها عن 10%.
        ويعيش داخل هذه الولايات ثلاث مجموعات عرقية هي:

        1– العرقية التركية


        ومنهم الإيغور، الكزاخ، والأوزبك، والتتار، والتراتش، والسلار، والسيبو، والهيتشو. وأكثر هذه الأعراق تعيش في تركستان الشرقية والمناطق المجاورة لها.

        2– العرقية الصينية

        ويطلق عليهم هناك "هوي هوي" ويشتركون مع الصينيين غير المسلمين في اللغة والعرق، وهم أكثرية مسلمي الصين، حيث يتوزعون على معظم المناطق وبالأخص في الولايات الواقعة على الحدود مع ميانمار (بورما)، وكزاخستان، وأوزبكستان، وتعد العاصمة بكين واحدة من أهم مراكز تواجدهم. ويعمل أغلبهم في الزراعة والتجارة، والحرف اليدوية وبالأخص دباغة الجلود، ويتحدث معظم هؤلاء اللغة الصينية الرسمية إضافة إلى معرفة بعضهم باللغة العربية.

        3 – عرقيات أخرى

        ومن أهمها الطاجيك الذين يتحدثون اللغة الفارسية، والمغول، واللولو، والسيهيا، والتبتيون، والطاوسان.

        إقليم تركستان الشرقية

        هو أكبر أقاليم الصين مساحة (1,6 مليون كم2)، ويبلغ عدد سكانه 13 مليون نسمة حسب المصادر الإسلامية، في حين تقدر الحكومة الصينية عدد المسلمين هناك بـ 7,5 ملايين.
        يحد هذا الإقليم من الشمال الغربي كزاخستان وقرغيزستان وطاجكستان، ومن الجنوب أفغانستان والهند، ومن الشرق أقاليم التيبت الصينية وكوبنغهاي وكانسو. حاولت الصين منذ عام 1759م احتلاله بسبب ثرواته الطبيعية وأهمها النفط الذي يسد 80% من احتياجاتها، واستطاعت بالفعل السيطرة عليه عام 1949 بعد نجاح الثورة الشيوعية، فأصدرت قانوناً بتغيير اسم الإقليم إلى سنغيانغ أو إقليم أويغور المتمتع بالحكم الذاتي.

        قام المسلمون نتيجة لذلك بثورات عديدة تطالب بالاستقلال عن الحكم الصيني، كان أشهرها ثورة 65- 1966م التي قمعتها السلطات الصينية بالقوة، وأسفرت عن هجرة حوالي 250 ألفاً إلى البلدان المجاورة مثل أوزبكستان وأفغانستان وطاجكستان وكزاخستان.. إلخ.

        ومنذ ذلك الحين بدأت معاناة الشعب التركستاني سواء في أماكن تواجدهم داخل الإقليم أو في أماكن لجوئهم بالخارج، حيث مارست الحكومة الصينية ضدهم صنوفاً مختلفة من القمع والاضطهاد. ورغبة منها - كما يقول التركستانيون- في تهميش مظاهر الحياة الإسلامية بحجة مخالفة القوانين الصينية عملت على:

        - إغلاق أكثر من عشرة آلاف مسجد من أصل 21 ألفًا في الإقليم.
        - منع استخدام الأحرف العربية في الكتابة.
        - تطبيق قوانين أحوال شخصية يخالف بعضها أحكام الشريعة الإسلامية.
        - إخضاع المدارس في تركستان الشرقية للمناهج التعليمية الصينية دون اعتبار للخصوصية الدينية والعرقية

        تعليق


        • #49
          الاقليات المسلمة فى العالم ...
          ملف شامل ومتجدد
          (47)

          المسلمون في الفلبين

          تعتبر الفلبين من أقدم الدول الآسيوية التي دخلها الإسلام على أيدي المسلمين العرب من التجار والدعاة (1310م)، وقام حكم إسلامي في العديد من الجزر الجنوبية وبخاصة جزيرة مِندناو منذ أوائل القرن الرابع عشر الميلادي وحتى القرن السادس عشر.

          واحتلت إسبانيا الفلبين منذ القرن السادس عشر الميلادي وحتى عام 1899م، وفي تلك الفترة بدأ الحكم الإسلامي بالانحسار، وازداد الأمر تعقيداً بمجيء الاستعمار الأميركي الذي ضم الجنوب المسلم إلى الشمال قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م، وقد تسبب ذلك في حالة من الشعور بالغبن سادت بين المسلمين هناك الذين كانوا يعملون لنيل استقلالهم، كما كانوا طوال القرون الماضية تحت اسم مملكة سولو وسلطنة ماجندناو.
          ونتيجة لاتهام المسلمين الحكومة الفلبينية بدعم جماعات مسيحية مسلحة، انفجر الوضع العسكري بين الجانبين عام 1970م، وتأسست إثر ذلك الجبهة الوطنية لتحرير مورو عام 1972 لتقود مواجهات مسلحة ضد النظام الفلبيني، غير أن هذه المواجهات لم تسفر عن انتصارات حاسمة لأي منهما. فبدأ منذ عام 1976م إجراء سلسلة من مفاوضات السلام بين الحكومة وقادة الجبهة الوطنية بوساطة ليبية أسفرت في النهاية عن توقيع اتفاقية طرابلس التي تنص على منح المسلمين حكماً ذاتياً، إلا أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ نظراً لمماطلة الحكومة الفلبينية كما تتهمها بذلك الأقلية المسلمة، وسرعان ما عادت الأمور إلى التوتر وعادت معها العمليات المسلحة بين الجانبين.

          وفي عام 1993 توسطت إندونيسيا في الصراع بين الجبهة والحكومة، وبعد ثلاث سنوات نتج عن تلك الوساطة توقيع اتفاق سلام جديد في يونيو/ حزيران من عام 1996 تنص بنوده على إنشاء مجلس للسلام والتنمية في جنوب الفلبين يستمر لمدة ثلاث سنوات، يُجرى بعدها استفتاء شعبي في مقاطعات الجنوب تُخَّير فيه كل مقاطعة على حدة في الانضمام للحكم الذاتي الإسلامي، ودمج المليشيات العسكرية التابعة للجبهة الوطنية في جيش الفلبين المركزي.

          غير أن المسلمين كانوا يخشون ألا يسفر هذا الاستفتاء -في حال إجرائه- إلا عن موافقة خمس مقاطعات فقط -من أصل أربع عشرة مقاطعة- على الانضمام للحكم الذاتي الإسلامي، وذلك بسبب التغييرات الديمغرافية التي تمت في تلك المقاطعات وجعلت الأغلبية العددية للمسيحيين (وفق مصادر مسلمي الفلبين).

          الموقع والمساحة وعدد السكان
          تبلغ مساحة الفلبين 300 ألف كم2، وتتكون من سبعة آلاف جزيرة، يحدها من الشمال والغرب بحر الصين الجنوبي، ومن الشرق المحيط الهادي، ومن الجنوب بحر سيلبس، ويبلغ تعداد سكانها 81,159,644 نسمة، منهم ستة ملايين مسلم.


          الجبهة الوطنية لتحرير مورو
          تأسست عام 1972م بعد أن أعلن ماركوس الرئيس الفلبيني آنذاك الأحكام العرفية في الجنوب، وبدأ الصراع العسكري بين الحكومة والجبهة التي أعلنت أنها تسعى لانفصال الجنوب المسلم عن الشمال.


          ولم تستطع الجبهة الوطنية المحافظة على وحدتها بسبب تباعد الرؤى والتصورات حول أسلوب حل قضية المسلمين في جنوب الفلبين، فسلامات هاشم يرى أن الحل العسكري عن طريق الجهاد هو الأمثل تمهيدا لإقامة دولة إسلامية في الجنوب، في حين يرى نور مسواري أن طريق المفاوضات في هذا الوقت يمكن أن يكون أكثر فاعلية؛ من خلال الحصول على بعض المكاسب من الحكومة الفلبينية.

          وزادت حدة الاختلاف عام 1976 عقب توقيع نور مسواري -إثر وساطة قام بها الزعيم الليبي معمر القذافي- على اتفاق مع الحكومة الفلبينية في العاصمة الليبية طرابلس -عرف باسم اتفاقية طرابلس- ينص على منح المسلمين في الجنوب حكما ذاتيا محدودا، فانقسمت الجبهة في العام التالي 1977، وظلت تعمل على الساحة بجناحيها المختلفين تحت نفس الاسم حتى عام 1984م، وحينئذ أطلق سلامات هاشم على جناحه اسم "الجبهة الإسلامية لتحرير مورو".
          المشكلات التي تواجه المسلمين

          1- التخلف الشديد الذي يتجلى في النقص الحاد في الخدمات التعليمية والصحية والذي يعود سببه -من وجهة النظر الإسلامية- إلى سيطرة الحكومة في مانيلا على الثروات الطبيعية للمناطق الإسلامية.

          2- الخلخلة السكانية حيث يتهم المسلمون الحكومة المركزية بتهجير آلاف المسيحيين إلى الجنوب لإحداث تفوق عددي على المسلمين هناك.

          3- الصدامات العسكرية بين ثوار الجبهة الإسلامية لتحرير مورو الداعية للاستقلال وبين الجيش الحكومي، وكان من نتيجة هذه الصدامات حتى الآن تهجير قرابة مليوني مسلم فلبيني إلى ولاية صباح الماليزية المجاورة.

          4- التهميش السياسي إذ ليس لدى المسلمين أي ممثل في الحكومة أو القضاء.

          5- انشقاق الحركة الوطنية بسبب الخلافات القائمة بين الجبهتين الوطنية والإسلامية حول أسلوب العمل الوطني بين الاستقلال التام أو الحصول على بعض المكاسب المؤقتة.

          6- ضعف الاهتمام الدولي وخاصة الإسلامي بقضيتهم

          تعليق


          • #50
            الاقليات المسلمة فى العالم ...
            ملف شامل ومتجدد

            (48)

            الأقليات الإسلامية في البلقان
            تعد الأقليات الإسلامية الموجودة في منطقة البلقان وبالأخص في مقدونيا واليونان والجبل الأسود؛ بؤرا للتوتر الدائم في القارة الأوروبية، حيث كانت سياسة الضم القسري وتغيير الحدود في دول البلقان السبب الرئيس في نشوء تلك الأقليات التي تتركز في شماريا اليونانية، مقدونيا، الجبل الأسود. ورغم وجود هذه الأقليات في قارة متحضرة وغنية فإن أوضاعها السياسية والاقتصادية متردية، وفيما يلي توضيح ذلك:
            1- المسلمون في اليونان

            وقع اختيارنا للأقلية الإسلامية في مدينة شماريا لكونها أبرز الأمثلة على تعامل القارة الأوروبية مع الأقليات الإسلامية بها.

            تقع شماريا على الحدود الألبانية اليونانية، وتبلغ مساحتها 15 ألف كم2، ولا يعرف عدد المسلمين فيها على وجه الدقة، فالمصادر التركية عام 1910م قدرتهم بـ 83 ألفاً، والإحصاء اليوناني للسكان عام 1936م قدرهم بـ 26 ألفاً، ولم تعلن الحكومة اليونانية إحصائيات حديثة يمكن الاستناد إليها في معرفة أعداد المسلمين في تلك المنطقة، غير أن المصادر المعتمدة في هذه الدراسة تذكر أن نسبة المسلمين في اليونان عموما تبلغ حوالي 1,5% من السكان البالغ عددهم 10,707,135 نسمة.

            كانت شماريا تابعة لألبانيا قبل أن تجتاحها الجيوش اليونانية في حملات استمرت بين عامي 44 - 1945م، نجم عنها خضوع المنطقة بأكملها للسيادة اليونانية، إلى جانب خسائر في الأرواح والممتلكات تقدرها المصادر الألبانية على النحو التالي: 2900 قتيل، 745 فتاة اغتصبت، 2400 ألباني ماتوا أثناء الفرار، 68 قرية دمرت، 5800 بيت أحرق، ومائة مسجد دمر.
            وبالرغم من أن هذه الأرقام اصطبغت مع مرور أكثر من نصف قرن بالصبغة التاريخية، فإنها لا تزال تلقي بظلالها على الأوضاع هناك، فالمسلمون في شماريا يطالبون بإعادة منطقتهم إلى ألبانيا، ويشعرون بمرارة الاحتلال اليوناني لأرضهم، ويتهددهم الذوبان الثقافي وسط الأغلبية اليونانية الأرثوذكسية.

            2- الأقلية الإسلامية في مقدونيا

            تتركز الأقلية المسلمة في مقدونيا في مدينتي غوستفار وتيتوفا اللتين تقعان على الحدود مع ألبانيا من ناحية الغرب، وتحدهما كوسوفا من ناحية الشمال، وتبلغ نسبة المسلمين الألبان فيهما -بحسب المصادر الإسلامية- 40% من تعداد السكان البالغ مليوني نسمة، و23% بحسب الإحصاء المقدوني الرسمي، ومع هذا فنسبة تمثيلهم في مؤسسات الدولة لا تتعدى 5%، ويمارس أغلبهم التجارة.

            وتعاني المناطق الإسلامية المقدونية من ضعف الخدمات التعليمية والصحية، وانتشار البطالة بين قطاع عريض من الشباب المسلم في المنطقة، ومعاملة الشرطة المقدونية غير الإنسانية للأقلية المسلمة خاصة في غوستفار وتيتوفا، ومع ذلك ليست هذه هي أهم مشكلات المسلمين المقدونيين، إذ تمثل مشكلة الهوية الإسلامية وكيفية المحافظة عليها الهم الأكبر بالنسبة لهذه الأقلية الموجودة في أكثر مناطق العالم التهاباً، فعلى الرغم من أن الدستور المقدوني ينص على إمكانية التدريس باللغة القومية التي يكثر أتباعها في منطقة ما بجانب اللغة المقدونية، فإن الحكومة ترفض بإصرار أن يتم التدريس في جامعة تيتوفا باللغة الألبانية، والحقيقة أن كثيراً من نصوص الدستور المقدوني لا تطبق في الحياة اليومية، وتشعر الأقلية المسلمة بحالة من عدم الاستقرار وبشعور متزايد بأن حرباً عرقية ستندلع في أي لحظة، وربما كان هذا هو شعور العالم أيضاً، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى إرسال قوات عسكرية يقدر عددها بـ 4800 جندي لحفظ السلام في مقدونيا، وهي الآن تتمركز في قاعدة بالقرب من مدينة تيتوفا ذات الأغلبية الألبانية المسلمة.

            3- المسلمون في الجبل الأسود

            لا تكاد الصورة الإسلامية في الجبل الأسود تختلف كثيراً عن سابقتها، فالمسلمون البالغ عددهم ربع السكان تقريبا يعانون من قلة الخدمات، لدرجة أن بعض القرى المسلمة ظلت بدون كهرباء حتى عام 1996م. ونتيجة لتأزم الموقف السياسي بين الجبل الأسود المطالب بالاستقلال وبين صربيا الرافضة له، تأثرت حركة السياحة في الإقليم والتي تعتبر مصدر دخله الرئيسي.

            وبسبب انتشار البطالة بين المسلمين تهاجر أعداد متزايدة إلى الدول المجاورة مثل إيطاليا واليونان، كما أن إحساس هذه الأقلية بالتمييز العرقي دفعها للمطالبة بالمساواة مع غيرها من القوميات والأعراق، خاصة في ظل تنامي الشعور بالخوف من الذوبان الثقافي وسط المحيط الجغرافي والثقافي المحيط بهم، إلى جانب مطالبتها بتقليل السلطات المركزية لحكومة الجبل الأسود خاصة في المناطق الإسلامية.





            تعليق


            • #51
              الاقليات المسلمة فى العالم ...
              ملف شامل ومتجدد
              (48)




              المسلمون في أستراليا

              تبلغ نسبة المسلمين في أستراليا 2,1% من إجمالي عدد السكان البالغ 18,783,551 نسمة، وتعاني هذه الأقلية مما اصطلح على تسميته بمشكلة الهوية والثقافة الإسلامية المعرضة للذوبان.
              معظم المسلمين الموجودين هناك هم من المهاجرين الذين قدموا من المنطقة العربية وجنوب شرق آسيا، وقد اهتمت كل جنسية بالمحافظة على هويتها بعدة طرق مثل إنشاء المدارس والجمعيات الإسلامية، كالجمعية الإسلامية التركية، والمصرية، والهندية. ويمثل هذه الجمعيات على مستوى الولاية مجلس إسلامي يضم مندوبين عن هذه الجمعيات، وعلى مستوى أستراليا كلها يجمع هذه المجالس الولائية مجلس أعلى يدعى "الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية" الذي يعتبر الممثل الرسمي لعموم المجالس الإسلامية لدى الحكومة الأسترالية، ويحصل على إعانات حكومية لتنمية المجتمع الإسلامي هناك، كتعيين الأئمة وصرف رواتبهم، والمساهمة في بناء المساجد والمدارس، والقيام ببعض الأنشطة الإسلامية للطلاب المسلمين داخل المدارس الأسترالية.

              وبالإضافة إلى هذه المجالس هناك عدة جماعات إسلامية تحاول المحافظة على الهوية الإسلامية، تأتي جماعة التبليغ والدعوة على رأسها والتي تتخذ من المساجد مركزاً لنشاطاتها، وهناك كذلك اتحاد الجماعة الإسلامية (أستراليا) وكان يعرف قبل عدة سنوات بالاتحاد الأسترالي لجمعيات الطلاب المسلمين، يتكون في أغلبه من جمعيات الطلبة المسلمين في المدارس والجامعات الأسترالية وبالأخص الطلاب الماليزيين، ولهذه الجماعة أنشطة متعددة خاصة في مجال إحياء المناسبات الدينية داخل المجتمعات الطلابية.

              ومن المشكلات التي تواجه تلك المجالس والجماعات ضعف التنسيق والتعاون المشترك فيما بينها، وانكفاء كل جنسية على نفسها إلى حد كبير. إضافة إلى ذلك هناك مشكلة ضعف الكوادر الإسلامية المؤهلة للعمل في المجال الدعوي، خاصة تلك التي تتقن اللغة الإنجليزية حتى تتمكن من تعليم مبادئ الإسلام واللغة العربية للأجيال المسلمة التي تعاني ضعفا شديدا في ذلك.

              تعليق


              • #52
                الاقليات المسلمة فى العالم ...
                ملف شامل ومتجدد

                (49)


                الرّؤية الغربيّة للإسلام بين الإنصاف والتحيّز



                عاد الإسلام من جديد إلى صدارة الاهتمام الغربي أكاديمياً وإعلامياً وسياسياً وإستراتيجياً، وتظهر الحملة الغربية للإسلام قدراً من التفهم بالإضافة إلى ما هو سائد من تحيّز وعداوة. ويقدم كتاب الدكتور محمد عمارة "الإسلام في عيون غربية" نماذج من الجانبين تصلح ملخصاً للمثقف والمتابع ليطلع على نحو عادل ومتوازن لقضية الإسلام والغرب، ولا يقع أسير التعميم والتحيز.

                وقد نشرت مجلة "شؤون دولية" الصادرة في "كمبردج" بإنجلترا عدد يناير سنة 1991 ملفاً عن الإسلام لاثنين من أبرز علماء الاجتماع السياسي الإنجليزي (ادوارد مورتيمر) و(ارنست جيلنر) : "لقد شعر الكثيرون بالحاجة إلى اكتشاف تهديد يحل محل التهديد السوفيتي، وبالنسبة إلى هذا الغرض فإن الإسلام جاهز في المتناول، فالإسلام مقاوم للعلمنة، وكان لوجود تقاليد محلية للإسلام دور في عدم نجاح نظرة التقدير والمثالية للحضارة الغربية، وقد امتلك الإسلام مقومات الإصلاح الذاتي، وذلك هو التفسير الأساسي لمقاومة الإسلام المرموقة للعلمنة. إن الإسلام من بين الثقافات الموجودة في الجنوب، وهو الهدف المباشر للحملة الغربية الجديدة، ليس لسبب سوى أنه الثقافة الوحيدة القادرة على توجيه تحدٍ فعلي وحقيقي للثقافة العلمانية الغربية"

                ومما جاء في أبحاث ومقررات مؤتمر مجمع الخبراء في الكنائس الغربية في مايو 1978 في "كولورادو" بأمريكا" "إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية، والنظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعياً وسياسياً، ونحن بحاجة إلى مئات المراكز لفهم الإسلام واختراقه، ولذلك لا يوجد لدينا أمر أكثر أهمية وأولوية من موضوع تنصير المسلمين".

                ستركز هذه المقالة على نماذج من شهادات العلماء والمفكرين الغربيين المنصفة، فنجد من هؤلاء مجموعة كبيرة قدموا شهادات منصفة، وقاموا أيضاً بخدمات جليلة للفكر الإسلامي، مثل سير توماس ارنولد (1864-1930) صاحب كتاب "الدعوة إلى الإسلام" و"الخلافة" و"العقيدة الإسلامية" و"التصوير في الإسلام".

                فيقول في كتاب "الدعوة إلى الإسلام" : إن حالات المجتمع المسيحي نفسه قد جعلت الجهود التي تنطوي على الغيرة والحماسة الدينية في اكتساب مسلمين جدد أشد أثراً وأعظم قيمة، فبعد تدهور الكنيسة الإغريقية نشأ استبداد في الأمور الدينية جعل الحياة العقلية ترزح تحت القرار الحاكم الذي حرم كل مناقشة في شؤون الأخلاق والدين.

                ولكننا لم نسمع في ظل الإسلام عن أي محاولة مدبرة لإرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإسلام أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين المسيحي".

                ولا يستطيع أي فرد أن يوضح الطابع العقلي للعقيدة الإسلامية أكثر مما وضحه البروفسور (مونتيه) (1856-1907) :"الإسلام في جوهره دين عقلي، فتعريف الأسلوب العقلي بأنه طريقة تقييم العقائد الدينية على أسس من المبادئ المستمدة من العقل والمنطق ينطبق على الإسلام تمام الانطباق، وإن للإسلام كل العلامات التي تدل على أنه مجموعة من العقائد التي قامت على أساس المنطق والعقل، فقد حفظ القرآن منزلته من غير أن يطرأ عليه تغير أو تبديل باعتباره النقطة الأساسية التي تبدأ منها تعاليم هذه العقيدة، وكان من المتوقع لعقيدة محددة كل تحديد وخالية من التعقيدات الفلسفية، ثم في متناول إدراك الشخص العادي أن تمتلك- وإنها لتمتلك فعلا قوة عجيبة- لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس".

                ويقول (سير توماس): إن الفكرة التي شاعت أن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق. إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى، وإن مجرد وجود عدد كبير جداً من الفرق والجماعات المسيحية في الأقطار التي ظلت قروناً في ظل الحكم الإسلامي لدليل ثابت على ذلك التسامح.

                ومن الشهادات المنصفة شهادة العالم "دافيد دى سانتيلا" الذي يقول: "إن المستوى الأخلاقي الرفيع الذي يسم الجانب الأكبر من الشريعة الإسلامية قد عمل على تطوير وترقية مفاهيمنا العصرية، وهنا يكمن فضل هذه الشريعة الباقي على مر الدهور، فالشريعة الإسلامية ألغت القيود الصارمة والمحرمات المختلفة التي فرضتها اليهودية على أتباعها، ونسخت الرهبانية المسيحية، وأعلنت رغبتها الصادقة في مسايرة الطبيعة البشرية والنزول إلى مستواها، واستجابت إلى جميع حاجات الإنسان العملية في الحياة، تلك هي الميزات التي تسم الشريعة الإسلامية في كبد حقيقتها، قد نجرؤ على وضعها في أرفع مكان وتقليدها أجل مديح علماء القانون وهو خليق بها".
                ويقول الباحث والمؤرخ الإنجليزي (مونتجو مرى وات) وشهادته ثمرة لدراسات الإسلام مقارناً بالديانات الأخرى استمرت ثلاثين عاماً : "إن القرآن الكريم ليس بأي حال من الأحوال كلام محمد ولا هو نتاج تفكيره، إنما هو كلام الله وحده، ولا ينبغي النظر إليه باعتباره نتاج عبقرية بشرية.

                ومعظم المسيحيين يميلون إلى افتراض أن المسيحية ستكون هي دين العالم في المستقبل، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الصحة، ولنذكر دليلاً واحداً، فبعض الأمم المسيحية الكبيرة تعاني بشدة من العنصرية، والدين الذي لا يستطيع أن يحل مشاكل العنصرية بين أعضائه من المستبعد أن يكون قادراً على تقديم حلول كثيرة مجدية لمشاكل العالم الأخرى".
                ويقول المستشرق العالم الألماني شاخت جوزيف: "من أهم ما أورثه الإسلام للعالم المتحضر قانونه الديني الذي يُسمى بالشريعة، وهي تختلف اختلافاً واضحاً عن جميع أشكال القانون، إنها قانون فريد، فالشريعة الإسلامية هي جملة الأوامر الإلهية التي تنظم حياة كل مسلم من جميع وجوهها، وبالرغم من أن التشريع الإسلامي قانون ديني فإنه من حيث الجوهر لا يعارض العقل بأي وجه من الوجوه، فالتشريع الإسلامي منهج عقلاني في فهم النصوص وتفسيرها، ويقدم مثالاً لظاهرة فريدة يقوم فيها العلم القانوني لا الدولة بدور المشرع، وتكون فيها لمؤلفات العلماء قوة القانون".

                ويقول أبرز مؤرخي العلم العالمي جورج سارتون: "حادثه واحدة من أخصب الحوادث في نتائجها في تاريخ الإنسانية، ألا وهي ظهور الإسلام.؛ إن الفرق بين القرآن والإنجيل عظيم جداً وهو يرجع إلى أن القرآن الكريم يشتمل على جميع الأسس الضرورية للحياة الإسلامية (الدين والفقه والتشريع والتقويم واللغة) ، والفتوح العربية لم تكن نتيجة صراع بين برابرة جياع وبين سكان مدن أخذوا يتقهقرون في سلم المدنية، بل كانت صراعاً بين دين جديد وثقافة جديدة ناشئة وبين ثقافات منحلة متعادية قلقة.؛إن التقدم الصحيح ومعناه تحسين صحيح لأحوال الحياة لا يمكن أن يُبنى على وثنية الآلات، ولكن يجب أن يقوم على الدين وعلى الفن وفوق كل ذلك على العلم القائم على محبة الله ومحبة الحقيقة وحب الجمال وحب العدل، وإن المشكلة الأساسية في عالمنا اليوم هي رفع المستوى الروحي لمجموع الناس، وكان تفوق العرب في ثباتهم وفي شدة حبهم للعلم".
                ويقول المستشرق الفرنسي كارادى فو: "والسبب الآخر لاهتمامنا بعلم العرب هو تأثيره العظيم في الغرب، فالعرب ارتقوا بالحياة العقلية والدراسة العلمية إلى المقام الأسمى في الوقت الذي كان العالم المسيحي يناضل نضال المستميت للانعتاق من أحابيل البربرية وأغلالها، لقد كان لهؤلاء العلماء (العرب) عقول حرة مستطلعة"

                ويقول المستشرق الأسباني جوان فيرفيه: "وإذا نحن تحرّينا الدقة نجد أن أصل التطور العلمي للرياضيات عند المسلمين يبدأ مع القران الكريم، وذلك فيما ورد في القرآن من الأحكام المعقدة في تقسيم الميراث، ويُعدّ الخوارزمي أول رياضي مسلم، ونحن مدينون له بمحاولة وضع تنظيم منهجي باللغة العربية لكل المعارف العلمية والتقويم، كما ندين له باللفظ الأسباني "غوارزمي" الذي يعني الترقيم (أي الأعداد ومنازلها والصفر)، وكان الجبر هو الميدان الثاني الذي عمل فيه الخوارزمي، وهو فرع من الرياضيات لم يكن حتى ذلك الوقت موضوعاً لأية دراسة منهجية جادة".
                ويقول المستشرق الإنجليزي جب: "وثمة ما يبرر الادعاء القائل: إن الشعر العربي له الفضل إلى حد ما في قيام الشعر الجديد بأوروبا، وإن كنا لا نستطيع السير طول الطريق مع البروفسور "ماكيال" الذي يقول مؤكدا :"كانت أوروبا مدينة بدينها إلى اليهودية، وكذلك هي مدينة بأدبها الروائي إلى العرب، وقليلون هم الذي ينكرون أن الحياة والنشاط وسعة الخيال التي تطبع الآداب الجنوبية يعود إلى الوسط الثقافي العربي في الأندلس خلال العصور المتقدمة، والى الفكر الذي أنشأته تلك الحضارة لدى الإنسان الأندلسي".

                ويقول المستشرق الروسي جرا بر: "إن العمارة الإسلامية نشأت بوصفها ظاهرة فريدة متميزة بذاتها انبثقت عن مجموع كبير معقد من الأشكال السابقة عليها أو المعاصرة لها، إنها مجرد مثل واحد لقدرة فريدة لدى المسلمين على تحويل عناصر شكلية أو وظيفية عديدة أخرى إلى شيء إسلامي، ومقدرة المسلمين الهائلة على تطويع الأشكال المستمدة من أقاليم عديدة مختلفة بحيث تلبي مقاصد الإسلام ومبادئه".
                وتقول المستشرقة الألمانية (سيجر يد هونكه) صاحبة الكتاب المهم والشهير "شمس العرب تسطع على الغرب": " يعمل العرب على إنقاذ تراث اليونان من الضياع والنسيان فقط، وهو الفضل الوحيد الذي جرت العادة على الاعتراف به لهم حتى الآن، ولم يقوموا بمجرد عرضه وتنظيمه وتزويده بالمعارف الخاصة ومن ثم إيصاله إلى أوروبا بحيث إن عدداً لا يُحصى من الكتب التعليمية العربية حتى القرنين (16-17) قدمت للجامعات أفضل مادة معرفية، فقدا كانوا -وهذا أمر قلما يخطر على بال الأوروبيين- المؤسّسين للكيمياء والفيزياء التطبيقية والجبر والحساب بالمفهوم المعاصر، وعلم المثلثات الكروي، وعلم طبقات الأرض، وعلم الاجتماع، وعلم الكلام"

                وتقول: "إن الإسلام أعظم ديانة على ظهر الأرض سماحة وإنصافاً نقولها بلا تحيز ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تلطخه بالسواد، وإذا ما نحينا هذه المغالطات التاريخية الآثمة في حقه، والجهل به فإن علينا أن نتقبل هذا الشريك والصديق مع ضمان حقه في أن يكون كما هو".
                هذه نماذج من أقوال المفكرين الغربيين اقتبستها مما جمعه الدكتور محمد عمارة في كتابه المهم، وقد يكون عرضها مفيداً للمشتغلين بالعلاقة بين الإسلام والغرب والمثقفين المسلمين ليكونوا على تواصل مع الحركة العالمية القائمة اليوم في الاهتمام بالإسلام والمسلمين سواء على نحو عدائي أو لأجل الحوار.


                تعليق


                • #53
                  الاقليات المسلمة فى العالم ...
                  ملف شامل ومتجدد
                  (50)



                  هل يشكل الإسلام خطرا على الغرب؟


                  من الخطأ تفسير ما نشر في الصحافة الأوروبية من رسوم مسيئة للإسلام والمسلمين على أنه عارض سرعان ما سينطوي في الأيام القليلة القادمة، إذ لا ينبغي عزل ما حدث عن السياق التاريخي لموقف الأوروبيين الفكري والسياسي من الإسلام والمسلمين عموماً والقرآن الكريم ورسول الله صلي الله عليه وسلم تحديداً.

                  فمن خلال استعراض كتابات "دوزيه" و"راينهارت" و"جولدزيهر" و"لامنس" وغيرهم كثير، سنلاحظ أن هؤلاء جميعاً أنكروا الوحي الذي تنزل على محمد صلي الله عليه وسلم وأنكروا كذلك نبوته صلي الله عليه وسلم، بل وتطاولوا في كتبهم فسبوه وشتموه، وأنكروا دور المسلمين في أي إنجاز حضاري، وأكدوا أن سبب تخلف المسلمين هو الإسلام ذاته، ومعظم كتاباتهم في حقيقتها اتجهت نحو محاولة تقويض أساس العقيدة الإسلامية المتمثل في الكتاب الكريم والسنة الشريفة. إذن هذه الرسوم المسيئة في صحافتهم للإسلام والمسلمين، ينطبق عليها مقولة أن الإناء ينضح بما فيه.

                  لقد تحول موقف هؤلاء المستشرقين أمثال "دوزيه" و"راينهارت" و"جولدزيهر" وغيرهم، إلي موجة عنصرية مضادة لكل ما يمت للإسلام والمسلمين على أي صعيد كان.. سياسي ديني ثقافي اجتماعي.. الخ. وحدث هذا منذ عشرات السنين، ويخطئ خطأ كبيراً ذاك الذي يستهين بأعمال هؤلاء المستشرقين وما زرعوه في المخيال الأوروبي من حساسية وتوجس مفرطين من الإسلام والمسلمين.

                  وإلى جانب ذلك، هناك عوامل جديدة معقدة ومتشابكة سكبت
                  الزيت على النار المشتعلة: هجرة المسلمين بأعداد كبيرة للعيش في الأقطار الأوروبية ومزاحمتهم للعمالة الأوروبية، وتداعيات ذلك الأمر على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، وكذا موقف المجموعة الأوروبية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي وانحياز الأوروبيين بشكل عام للجانب الصهيوني، ومثال ذلك، قرار المجموعة الأوروبية بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية بعد فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية.

                  عبر الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون عن قلقه من الإسلام والمسلمين من خلال كتابين نشرهما منذ سنوات قريبة مضت، أولهما بعنوان "نصر بلا حرب"، وثانيهما "انتهزوا الفرصة"، يقول نيكسون في هذين الكتابين إنه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ومعه سقوط الاشتراكية كحركة ومنظومة سياسية، سيواجه الغرب والولايات المتحدة خاصة "مارداً آخر"، هو الإسلام، فينبغي علي الولايات المتحدة أن تعمل ـ يقول نيكسون ـ وبسرعة على الإمساك بما أسماه بالريادة الروحية في العالم، وأن تعمل على عدم السماح لنماذج "التشدد الإسلامي"، حسب تعبيره، أن تجد فرصتها في هذا المجال.

                  كما ألمح "باري بوزان" من مركز دراسات السلام والصراع في جامعة كوبنهاجن في الدنمارك إلى تخوفه من أن تحصل بعض المجموعات الإسلامية المنظمة على أسلحة التدمير الشامل سواء كانت نووية أو بيولوجية، ولإكمال صورة التخوف الغربي، ربط نشاط العراق وليبيا وباكستان في المجال النووي خلال الثمانينات من القرن الماضي، بالإسلام والمسلمين، لذلك نجد "ستيف وايسمان" و"هربرت كروزني" يصدران كتابهما المعنون "القنبلة الإسلامية"، يحذران فيه الغرب من حماس هذه الدول للحصول على التقانة النووية، ويربطان حركة هذه الدول في هذا الاتجاه بالإسلام والمسلمين في العالم أجمع.

                  وما يعزز هذا القلق الغربي إزاء الإسلام والمسلمين، ذلك التهليل الذي اندلع في العالم الغربي للفكرة التي أطلقها في العام 1993، عالم السياسة الأمريكي الشهير "صمويل هانتنجتون" في مجلة الفورين افييرز حول صدام الحضارات، وإعادة تشكيل النظام العالمي من جديد، فاعتبر أن صدامات العالم الجديد لن تكون اقتصادية ولا سياسية، إنما ستكون حضارية في الدرجة الأولى، وبعد أن عدد سبع حضارات أساسية في العالم، خلص إلى القول بأن الصدام الحقيقي سيكون بين الإسلام والغرب عامة.

                  كذلك قامت في الثمانينات عشرات من المراكز البحثية في الولايات المتحدة وأوروبا لمتابعة "الظاهرة الإسلامية"، بينما كانت معظم المجلات والنشرات والأبحاث تركز في الماضي على ما أسمته بـ"التهديد الأحمر"، والذي يرمز إلى الحركة الشيوعية العالمية، إذا بها الآن تركز على ما تسميه بـ"التهديد الأخضر"، الذي يرمز إلى الإسلام.

                  كما نشطت اللجان الفنية التي شكلها حلف الناتو لدراسة الظاهرة الإسلامية، ومتابعة هذا الأمر في أوروبا الغربية، وخاصة بين الأتراك في ألمانيا، وفي فرنسا بين المغاربة والجزائريين، والمملكة المتحدة بين الباكستانيين والهنود والعرب.

                  كما تأسست بين دول حلف شمال الأطلسي، قنوات لتبادل المعلومات في هذا المجال، وتبع ذلك تنسيق في السياسات والإجراءات والقوانين ذات الصلة بالموضوع، وخاصة في مجالات الهجرة والتعليم والثقافة، لحماية الخصوصيات، الداخلية للمجتمع الأوروبي من المؤثرات الإسلامية. وانبثقت خلال ذلك مدارس فكرية غربية لمتابعة هذا الأمر:

                  مدرسة الأقلية: ويبرز فيها "جون إزبوزيتو"، الذي ينادي بضرورة تفهم الظاهرة الإسلامية، وأهمية فتح حوار معها بغية استيعابها وترشيدها.
                  ومدرسة الأكثرية: التي يبرز فيها عتاة الكتابة السياسية، أمثال "هنري كيسنجر" و"دانييل بايبس" و"مارتن كريمر" و"جون لوتواك" وهذه المدرسة تعادي بكل وضوح الإسلام وتنادي بالتعاون الغربي لاستئصال أية امتدادات له في الغرب أو تفشي "سياسي" له في قلب العالم العربي والإسلامي، هكذا نلاحظ وبصورة عامة ومن خلال ما ذكرناه، أن ثمة قلقاً مشتركاً ينتظم الغرب، بأقدار متفاوتة إزاء الإسلام والمسلمين.


                  الغرب السياسي كان عبر التاريخ ولا يزال من خلال تعامله مع العالم العربي والإسلامي، يروم الهيمنة على مقدرات المسلمين، وينزعج من الإسلام من حيث إنه يشكل للمسلمين إطاراً مرجعياً يفرز في نهاية المطاف حركة "مستقلة" ونموذجاً للتنمية "مستقل" عن الغرب، يجد قاعدته في أمة تعدادها يزيد على المليار ونصف المليار، تتوزع على رقعة واسعة من هذا الكوكب، تمتد من موريتانيا إلى اندونيسيا، وتتجمع في مناطق غنية بأحزمة المعادن الثمينة، النفط وغيره، وتبشر بأنساق تنموية جديدة وأسواق وصناعات مشتركة، ربما لا تخضع للتوجيه الغربي كما هو حاصل في اتفاقية منظمة التجارة العالمية.

                  تقول "هيلين دانكوس" الباحثة الفرنسية المعروفة، عندما كانت تحلل الأزمة الأفغانية، بأن الإستراتيجيات الأمريكية والأوروبية، ينبغي أن يعاد تصميمها من جديد لمواجهة ظاهرة "الصحوة الإسلامية"، التي ظهرت كقوة على الأرض، ومن الممكن أن تؤثر على ما تسميه "دانكوس" بالمجال النفطي الإسلامي، ويشمل هذا المجال حسب تعريفها، إقليم الخليج والجزيرة العربية. يوجد قلق غربي فعلي من ظهور الإسلاميين في هذا المجال النفطي الإسلامي، الذي يشكل إقليم الخليج والجزيرة العربية "قلبه"، حيث مكة وبيت الله الحرام، كمصدر روحي لاستقطاب هذا العالم الإسلامي مترامي الأطراف.

                  في محور مواز، سنلاحظ أيضا أن هناك نشاطاً غربياً بارزاً لإبعاد الإسلام تماماً من التمكن في منطقة القلب من النظام الدولي، وخاصة في أوروبا، فالتدخل الغربي في البوسنة والهرسك وكوسوفا واتفاقية دايتون جاءت جميعها في توقيتها ومضمونها، مستهدفة إبعاد الإسلاميين هناك عن "مركز القرار" في البلقان.

                  أما في الشيشان فالمؤامرة الغربية على المسلمين كانت أوضح وأشنع، إذ تغاضي الغرب عن المذابح الرهيبة التي تعرض ومازال يتعرض لها المسلمون هناك على أيدي الروس دون أن نسمع همسة في إعلام الغرب عن حقوق أهل الشيشان، وكانت كل تدخلات الغرب في الموضوع مجرد حركات تمويه سياسي مفضوح.

                  هكذا إذن ترسخت القناعة بأن الغرب لا يتسامح إزاء تمكن الإسلام في منطقة "القلب" من النظام الدولي مهما كانت المبررات. نلاحظ أيضا في هذا المجال حساسية المجتمع الفرنسي من بضع طالبات مسلمات في المدارس الفرنسية عندما أصررن على ارتداء الحجاب، وكيف أن هذا الموضوع وصلت مناقشته إلى البرلمان والمحاكم، وكان موضوعاً لتصريحات عديدة في وزارة الخارجية الفرنسية نفسها، وموضوعاً لندوات عقدت في الجامعات الفرنسية، ألا يدل ذلك أيضاً على أن ثمة حساسية من الإسلام؟

                  سنلاحظ أيضاً أنه أثيرت ضجة في الدنمارك، وتحديداً، في مجالسها البلدية خلاصتها: لماذا يشتري المسلمون هناك منازل كثيرة؟ من يسمح لهم بذلك؟ وتتساءل الصحافة الدنماركية: لماذا لا توضع قيود على ذلك، خوفاً من المؤثرات الثقافية للمسلمين على المجتمع الدنماركي؟ ألا يعكس أيضا حساسية مفرطة من الإسلام، وعدم استعداد للتعايش معه؟

                  إذن ما فائدة الحوار الذي يتشدقون به ويدعون له؟ وكيف يزعم الأوروبيون بأن مجتمعاتهم "علمانية"، ولا تمييز في قوانينها وفلسفتها الاجتماعية بين الأديان والأجناس والعناصر والأعراق؟ ولماذا يبيعون علينا بضاعة "علمانيتهم"؟

                  لا شك بأن الأقليات الإسلامية في ديار الغرب تعيش أزمة وغربة وتعاني من التضييق بأقدار متفاوتة وأشكال مختلفة، ومن يدرس هذه الحالة يدرك أن هذا الموضوع سيشهد انفجارات في المستقبل، ما لم يدرك الأوروبيون أبعاد هذه المشكلة، ليس في برلمانهم في ستراسبورغ فقط، بل في صحافتهم العنصرية حتى العظم.


                  تعليق


                  • #54

                    الاقليات المسلمة فى العالم ...
                    ملف شامل ومتجدد
                    (51)



                    الإسلام كمجاوز للحداثة و لما بعد الحداثة !



                    عن مؤسسة الانتشار العربي اللبنانية صدر كتاب " الإسلام كمجاوز للحداثة و لما بعد الحداثة " لمؤلفه الباحث و الكاتب الليبي الدكتور سالم القمودي ..

                    و من أجل دراسة موضوعه فقد قام الكاتب بتقسيمه إلى ستة أجزاء احتوت على حوالي ستة عشر فصلاً ، وقد ركز الجزء الأول على موضوعات " الإسلام والفلسفة والعلم " ، تم فيه استعراض كافة الإشكاليات المرتبطة بعلاقة هذه الموضوعات ببعضها البعض ، حيث يخلص المؤلف إلى أن الدين هو الذي يملك مفاتيح معرفية نهائية للحقيقة ، وبالتالي فهو القادر على إنهاء حيرة الأسئلة الوجودية التي يثيرها الإنسان منذ القدم ؛ وأن على الفلسفة أن تخفف من ادعاءاتها لمعرفة الحقيقة النهائية.

                    كما أن النص ( الإسلام) من عند الله ، وهو سبحانه خالق الإنسان وعقله . وبالتالي فالعداء بين الإسلام والفلسفة أو بين الإسلام والعلم لا مبرر له إطلاقا .


                    أما في الجزء الثاني فناقش الكتاب مفهوم " الحداثة و ما بعد الحداثة " ، ويري المؤلف أن البدايات المؤسسة للحداثة كرؤية فلسفية بدأت ، ربما ، مع ديكارت 1596م1650 م، حيث غدت الذاتية هي الأساس الفلسفي للحداثة ، ثم بعد ذلك أشعلت أفكار " عصر الأنوار" في القرن الثامن عشر المفرطة في تمجيد العقل ، وسرعان ما تم تجاوز ذلك مع الفلاسفة الألمان أمثال " إيمانويل كانط 1724 -1804 " ، ثم بلغت الذاتية قمتها مع هيغل 1770-1831 الذي اعتبر الذات هي المبدأ المطلق لكل معرفة ، وسرعان ما اعتبر " هيغل " أن الدولة البروسية هي نهاية التاريخ ، وكان ذلك هو المهاد الفلسفي الذي ولدت فيه فكرة " نهاية التاريخ"!

                    ويجزم المؤلف ، بتحليل معمق ، أن الذاتية أطاحت بحياد العقل ، و الإيمان ، و قطعت الصلة بالماضي ، و فصلت بين الدين والدولة ، كانت تلك هي ملامح الحداثة المنقلبة على الميتافيزيقا [ما وراء الطبيعة]، غير أن التقدم العلمي أكسب الحداثة وهجا و ألقًا غطيا على كل سلبياتها و اختلالاتها
                    وجاء فكر " ما بعد الحداثة " ( أول من استخدمها المؤرخ البريطاني توينبي في سنة 1959) كردة فعل في الإفراط في ذاتية الحداثة التي فشلت بشكل مريع على المستويات الأخلاقية والنفسية والاجتماعية ، وبالتالي تم رفع شعار " نسبية المعرفة و عدم قبول تعميمات تنطبق على كل الثقافات .." ، بل إن البعض " نيتشه" ذهب بعيدا في رد الفعل على مشروع الحداثة و نادي بـ" الفوضى"! ..إن جماع مشروع ما بعد الحداثة يرفض نقديا الصروح الفكرية الفلسفية الكبرى ويتبني الدعوة الحاسمة لتفكيكها كمناهج وأشياء وأفكار وقضايا ..وهكذا ولدت مدارس " الوجودية " و " البنيوية " و " التفكيكية " ..و بالرغم من ذلك لم تستطع " ما بعد الحداثة " إنهاء أزمة الاطمئنان النفسي الاجتماعي ، وكذا القلق والتوتر! مما جعل البعض يصفها بأنها إيديولوجية عدمية تزرع اليباب في كل مظاهر الكينونة الإنسانية وتنذر بالموت .


                    ويركز الجزء الثالث على مفهوم " اعتبار الإنسان " ، وذلك من خلال تتبع موقف الحداثة وما بعد الحداثة من الإنسان ، فالأولى جعلت الإنسان مركز الكون والعقل مصدرا لكل حقيقة ويقين معرفي ، أما الثانية فقد نقدت " إنسان الحداثة " ، وانقسمت إلى تيارين :
                    - الأول عبثي منغمس في اللاعقلية و الفوضوية لا يعترف بمعايير أو قيم إنسانية أو أخلاق موضوعية ..


                    - الثاني يؤمن أن العلم هو مصدر إلهام للنزعة الإنسانية .. ، وهي مدرسة تلغي مفهوم الذات ومكوناته ، الوعي و الإرادة . بل إن البنيات اللاشعورية هي التي تتحكم في جميع فعالياته .

                    أما الإسلام فقد أنزل الإنسان مكانه الأنسب ، وفي القرآن الكريم آيات بينات تعكس التكريم الذي حظي به الإنسان الذي فضله الله سبحانه على جميع مخلوقاته وأمر الملائكة بالسجود له ، وحفظ له نفسه و حرّم عليه قتل نفسه أو غيره إلا بالحق ، وحفظ له دينه وعقله و ماله ونسبه ، وحرّم عليه الظلم والاستبداد والطغيان وأمره بالإحسان وإقامة العدل والقسط .ووضّح له سبيل الرشاد والهدى وزكاه وأعطاه أدوات المعرفة ويسّر له سبل الإدراك ، وعلّمه ما لم يكن يعلم ، وأجاب عن تساؤلاته وحيرته ، وحمّله مسؤولية عمله وكسبه ، وجعل بينه وبين غيره من بني آدم المساواة. وإذا كانت دعوى الحداثة أنها أعادت الاعتبار للإنسان من سطوة الكنيسة و ظلم البابوات وصكوك الغفران ، فإن الإنسان في الإسلام لم يفقد يوما اعتباره كإنسان ولم يفقد حريته وقدرته على المبادرة والاختيار ، لأن ذلك كان اختيارا من الله سبحانه وتعالي


                    أما الجزء الرابع فقد تناول " حقوق الإنسان : آراء وملاحظات" ، حيث إن الموضوع كان من ضمن أهم شواغل الفكر الليبرالي الأوروبي في العصر الحديث ، وكانت بدايتها مع إعلان الاستقلال الأمريكي 1776 ، ثم إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي بعد سقوط الباستيل 1789 ، ودستور الثورة الفرنسية 1793 ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الأمم المتحدة 1948 ، وحزمة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ..و يجدر بالذكر أن كل ذلك كان وليدا خاصا للثقافة الأوروبية والأوضاع المحلية ، وهي بذلك غير قابلة للتعميم و " العالمية " لعدم إدماج تراث باقي الثقافات الأخرى فيها ..!



                    أما في الإسلام فحقوق الإنسان مستمدة في شرعيتها من الله سبحانه وتعالى وليست منة أو تكريما إلا منه عز وجل ، ومنها حقوق المرأة في ممارسة دورها في المجتمع بما يكرمها ويحفظ لها مكانتها ، عكسا للفلسفات الأخرى التي تاجرت بالمرأة و حولتها إلى رجل )! وامتهنت إنسانيتها وحولتها إلى سلعة وإعلان ودعاية!


                    الجزء الخامس انحصر فيه الجهد على مناقشة علاقة " الإسلام والغرب" ، ويري المؤلف أن الغرب لا يريد أن يفهم الإسلام على حقيقته ( بشهادة الأب روبير كاسبار) ، بل إنه أكثر من ذلك يخوض ضده حربا تحت شعارات تبطن غير ما تظهر هي : الديمقراطية و حقوق الإنسان ، والإصلاح وحقوق المرأة ، ومقاومة الإرهاب ..الخ ، ولم ينحصر الجهل بالإسلام في أوساط المثقفين والسياسيين ، بل إن رجال الدين غدوا مثالا على ذلك ، كما هو شأن البابا الحالي للمسيحيين " بنديكت السادس عشر " في محاضرته العدائية الشهيرة في جامعة " ريجينس برغ " في ألمانيا يوم 12/9/2006 ..

                    أما الجزء الأخير ، فقد حاول أن يتصّور " النهوض الحضاري الإسلامي" ، وذلك من خلال التأكيد على أهمية البعد الديني الأخلاقي الإنساني الذي يصنع التقدم دون الفساد في الأرض أو العدوان والبغي و الظلم على الآخرين . ولا بد من التفريق بين الحداثة كفلسفة ورؤية للكون والحياة والتحديث كمنجز علمي وتقني يسهم في التقدم الإنساني .


                    وأشار المؤلف إلى أهمية " تصحيح " القراءة الخاطئة للإسلام ، وهي قراءته من خلال مناهج وآليات الآخرين و إيديولوجياتهم ، أو قراءته من خلال التحريف اللاحق بالمسيحية واليهودية ومساواة الإسلام بذلك و افتراض نفس الشيء عليه ، أو قراءة الإسلام من خلال سلوك المسلمين السياسي!. ،
                    ويضع المؤلف أسسا وقواعد لقراءة الإسلام بشكل صحيح ، وهي الإيمان والتسليم به وبما جاء فيه ، وأنه من عند الله , ومرتبط ببعضه البعض ، ومطلق في الزمان والمكان ، ونقرأه لذاته وليس لدواعي إيديولوجية أو مذهبية ..


                    ويناقش المؤلف شروط النهضة ويحددها في أن ينبع المشروع النهضوي من ذات الأمة الفكرية والثقافية ، وفكر إسلامي معاصر يؤسس على الثروة الفقهية وينفتح على متغيرات العصر ، ويقدم رؤية للعالم ولمكانة الإنسان فيه ، ويفهم حقيقة جوهر الدين وأهميته للمؤمن ، و تجذير الشورى كأصل ثابت للحكم في الإسلام ، وانتهاج التفكير النقدي ، والاعتراف بالرأي الأخر ، وتحقيق العدل ، والارتقاء بمستوى التطبيق ، والمحافظة على حياد العقل ، والانطلاق نحو البناء .. وبذلك يكون المؤلف قد أجاب بثقة علمية على العنوان والافتراض الأساسي لكتابه حول إمكانية أن يكون الإسلام فعلا " مجاوزاً للحداثة و مابعد الحداثة"!!


                    ويمكن اعتبار هذا الكتاب العاشر في سلسلة من الإصدارات التي بدأها صاحبها منذ أزيد من عقد ونصف إضافة كبرى للمكتبة العربية ، علاوة على أنه يسهم في تكوين العقل العربي والإسلامي بهذه المطارحات النقدية للإشكالات المفاهيمية التي يتصدي لها والتي أثارت الكثير من اللغط في الزمن العربي والإسلامي الراهن ، فإنه أيضا يقدم جهدا علميا ثريا وأصيلا ، لا يكتفي فيه بعرض آراء الفلاسفة والمفكرين ، بل إنه يناقشهم ، ويقدم رأيه بوضوح لا لبس فيه ولا تردد .


                    أحمد ولد نافع

                    تعليق


                    • #55
                      الاقليات المسلمة فى العالم ...
                      ملف شامل ومتجدد
                      (52)

                      كتاب : أوربا والإسلام !!




                      صدر مؤخراً عن دار شرقيات بالقاهرة كتاب "أوروبا والإسلام.. تاريخ من سوء التفاهم" للمؤرخ الإيطالي "فرانكو كار ديني" الذي ترجمه عن الإيطالية الدكتور عماد البغدادي رئيس قسم اللغة الإيطالية بكلية الألسن جامعة عين شمس.

                      يرصد الكتاب أهم العوامل التي أدت من وجهة نظر المؤلف إلى نوع من العداء بين الأوروبيين والإسلام وأهمها سوء التفاهم أو المعلومات المغلوطة التي ترسبت في الثقافة الأوروبية العامة عن هذا الدين.

                      يأتي الكتاب، بحسب ما ورد في تمهيد الطبعة الأولى ضمن سلسلة "اصنع أوروبا" التي نشأت بمبادرة من خمسة ناشرين من لغات ومناطق مختلفة، وهي سلسلة تحاول الإجابة عن أسئلة جوهرية لدى الأوروبيين "من نحن؟ ومن أين جئنا؟ وإلى أين نذهب؟".
                      ويوضح "لوجوف" في تمهيده كما نقلت عنه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "أن أوروبا تبني نفسها، وهو أمل كبير سوف يتحقق فقط إذا أخذنا التاريخ في الحسبان، فأوروبا بلا تاريخ ستكون يتيمة وبائسة".

                      وفي الفصل الأول من الكتاب الذي جاء بعنوان "نبي وثلاث قارات" يشير المؤلف إلى أن المقارنة بين أوروبا والإسلام ما زال ينظر إليها على أنها مواصلة للصدام بين المسيحية والإسلام رغم أن الحداثة الغربية كان أبرز نتائجها العلمنة والفصل بين أوروبا والمسيحية، إلا أن معظم الأوروبيين ينظرون بقلق للحركات الإسلامية التي تنتشر بشكل متزايد ويتم تسميتها بالأصولية، وهو ما يترك ميلاً شائعاً لدى الأوروبيين لاعتبار الإسلام عدواً محتملاً.


                      ويلفت المؤلف الانتباه إلى عدم تناسق العنوان "أوروبا والإسلام"، موضحاً أن "المقارنة هنا ليس لها معنى، لأنها قائمة بين مكان أو حيز جغرافي هو أوروبا وبين ديانة هي الإسلام، والخلط الشائع بين أوروبا والمسيحية وبين الدين الإسلامي والأراضي التي تضم معتنقيه هو الذي أوجد هذه الثنائية غير الواقعية أو العلمية".

                      في حين أن التناقض بين أوروبا وآسيا في إطار الصراع بين الغرب والشرق ـ بحسب تعبيره ـ كان موجوداً منذ زمن بعيد يتجاوز التوتر بين أوروبا والإسلام.
                      إلا أن هذا التوتر الحديث نسبياً يرجعه البعض إلى حقبة الحملات الصليبية أو حقبة الهيمنة التركية العثمانية على شرق حوض البحر المتوسط ومنطقة البلقان، ومن قبل فتح المسلمين لشمال إفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية التي عرفت فيما بعد بالأندلس، وانطلاقاً من ذلك وطبقاً للمؤلف فإنه "إذا تم البحث عن مشكلة "كيف ومتى" ولد الضمير الحديث لأوروبا والهوية الأوروبية سندرك إلى أي مدى كان الإسلام من بين العوامل التي ساعدت أوروبا على أن تحدد نفسها".

                      وأشار الكتاب إلى أن أوروبا كانت تمثل المسيحية ـ على الأقل من وجهة نظر مؤرخي العصور الوسطى ـ وأي شخص مقيم في أوروبا في تلك الفترة كان ينظر إليه كأجنبي أو غاز، بينما الإسلام في الوقت نفسه كان يحمل بين طياته نظاماً اجتماعياً عاماً زاخراً بالقواعد والأحكام والقوانين التي يقترب بعضها في وقتنا الحالي مما يسمى بالقانون الدستوري.

                      وانتقل هذا النظام إلى أوروبا عبر التجارة والغزو الجزئي، كما انتقلت أيضاً العلوم والاختراعات والفنون الشرقية والكتب المترجمة عن حكماء أوروبا القدامى أو المؤلفة بواسطة علماء المسلمين أو الشرقيين، بكل ما فيها من فنون وعلوم جذب اهتمام التنويريين الأوروبيين ، إلا أن الحروب التي دارت بين الممالك الأوروبية والمسلمين خاصة الحروب الصليبية والأندلس والغزو التركي لشرق أوروبا جعل الانطباع العام الراسخ في الثقافة الأوروبية عن العرب والمسلمين أنهم "غزاة متوحشون".

                      لفترة طويلة ظلت مفردة "مسلم" مرتبطة في الضمير الجمعي الأوروبي بمفردة "تركي" ومن هذا المنطلق تعامل كبار فلاسفة ومفكري عصر التنوير في أوروبا ومنهم "فولتير" و"جان جاك روسو" و"ديدرو" مع الإسلام، وإن كان البعض منهم تراجع عن مواقفه الأولى واستعان بالقيم الرفيعة التي أعلى الإسلام من شأنها مثل قيمة التسامح لينتصروا له بنظرة موضوعية غير متأثرة بفترة حرب أوربا مع الأتراك أو ما خلفته الحروب الصليبية.

                      يستعرض الكتاب كذلك كل الفترات الصعبة التي مرت على علاقة أوروبا بالإسلام، وصولاً إلى الفترة الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين وحتى وعد بلفور وقيام الدولة العبرية في فلسطين ، وكيف أن أوربا ساعدت على اتساع الهوة مع الإسلام بمواقفها المساندة للصهيونية التي تنكل بالمسلمين في فلسطين.

                      شبكة الإعلام العربية "محيط"


                      تعليق


                      • #56
                        الاقليات المسلمة فى العالم ...
                        ملف شامل ومتجدد
                        (53)



                        "الحضارة الغربية ٠٠ الفكرة والتاريخ"




                        لقد بدأت الشعوب المستضعفة تحتل مكانتها على الساحة العالمية، مما جعل الغرب يعمل بكل ما أوتي من قوة وغطرسة وما يروجه من فكر زائف أن يواصل إحكام قبضته على فكرة وعمل هذه الشعوب، فالغرب ما زال ينظر إلى نفسه باعتباره "الجنس الأبيض المتميز" وأن بقية الشعوب فريسة مستباحة له.

                        ونتيجة لذلك أطلق الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا نداء قويا في مؤتمر مناهضة العنصرية المنعقد في ديربان في جنوب أفريقيا خلال شهر أغسطس 2001 تحت عبارة " لنحرر عقولنا.." لتحمل هذه العبارة الكثير من المطالب وكل ما يتصل بحياة الإنسان.

                        ولقد تناول توماس س. باترسون في كتابه الحضارة الغربية الفكرة والتاريخ والذي قام بترجمته شوقي جلال في إطار المشروع القومي للترجمة للمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة تاريخ اختلاق الغرب لفكرة الحضارة لتأكيد التمايز ليبرر عملاؤه الاستعمارية العدوانية ضد الشعوب الأخرى لاستعمار البلاد ونهب ثرواتها ونهب أهلها وبيعهم رقيقا.

                        ويكشف الكتاب عن هلامية فكرة الحضارة لدى مفكري الغرب والصراع بينهم حول تحديد معناها والموقف منهما، ويعرض المؤلف نظرة تاريخية نقدية مستشهدا بنصوص مفكري الغرب الذين يحملون لواء التوجه العنصري ليميزوا أنفسهم عن بقية شعوب العالم التي تمثل في وجهة نظرهم خطرا على الجنس الأبيض، وعلى الحضارة، ولكن أحداث التاريخ تؤكد أن الشعوب "غير المتحضرة" في طريقها لاستعادة أملاكها والتحكم في مصيرها.

                        ولقد ركز الكتاب على تطور فكرة واحدة فقط عن الحضارة، هي الحضارة الغربية تحديدا التي بدأت صياغتها الافتراضية في أوروبا في عصر النهضة، ثم أعيد تهذيبها في عصر التنوير خلال القرن الثامن عشر.

                        وقد صاغ المفكرون أبناء النخبة فكرة الحضارة الغربية وسلموا بوجود حضارات أخرى كالسامية وحضارات الصين، بيد أنهم مع هذا ذهبوا إلى أن أياً من هذه الحضارات لم يبلغ إنجازات حضارة الغرب في روما أو اليونان القديمة والمجتمعات التي هي من سلالة هذا التراث.

                        ويكشف المؤلف عن جذور مفهوم الحضارة الذي اختلقه الغرب، ليقهر بها عقول المستضعفين، ويغرس في نفوسهم مشاعر الدونية.

                        وقد اعتمد المؤلف في دراسته لفكرة الحضارة على حصاد غني طويل الأمد من دراسات أكاديمية متميزة في علم الأنثروبولوجيا، ويتخذ من دراساته شاهدا على اطراد سياسة التمييز العنصري فكريا عند الغرب، والسياسي تأسيسا على مزاعم تحمل زيف صفة الفكر الأكاديمي، ولقد اقترنت هذه المزاعم بصعود قوى الرأسمالية في عصر الصناعة واطردت لتكون دعامة لما يسمى "العالم الحر المتقدم".

                        ولكن مع نهاية الاستعمار تحررت الشعوب وظهرت التعددية الثقافية وشرعت الشعوب المستضعفة في استرداد حقوقها وظهرت بعض المباني الجديدة التي تؤكد حق الشعوب في البقاء في محيط إنساني عادل وكفء مع إدانة أساليب التمييز العنصري والاستحقاق في الماضي.

                        ولاقت كلمة الحضارة اهتماما منقطع النظير من وسائل الإعلام ، وأن المجتمع لكي يكون بخير لابد أن يكون متحضرا، وأن الشعب المتحضر شعب مهذب كيس وأكثر ثراء وسعادة، ولكن بعض المشكلات كالجريمة والعنف وانحطاط المستوى التعليمي وتفسخ القيم مشكلات تواجه الحضارة .

                        ومن الحضارات التي تواجه هذه المشكلات الحضارة الأمريكية، حيث تواجه التحلل الحضاري نتيجة لثقافة العنف وثقافة الفقر.
                        وفي هذا الصدد يحذر نيوت جنجريتش "المتحدث باسم مجلس النواب الأمريكي" يستحيل الحفاظ على حضارة أبناؤها ينجبون أطفالا وهم في الثانية عشرة من العمر، ومن هم في الخامسة عشرة يقتلون بعضهم بعضا ومن هم في السابعة عشرة من العمر يموتون بالإيدز، ومن هم في الثامنة عشرة يحصلون على دبلومات لايستطيعون قراءتها بالكاد" .

                        كما تواجه الحضارة الأمريكية خطر التنوع الثقافي الذي ظهر في أواخر القرن العشرين نتيجة الهجرات الواسعة لأمريكا، ونتيجة حركة الحقوق المدنية التي طالبت بالمساواة في المعاملة والحقوق بالنسبة للنساء والأقليات.
                        كما تشكل التكنولوجيا أكبر التهديدات التي تواجه الحضارات، حيث تحمل قيما وثقافات قد تضعف من خصوصيات الحضارات.

                        ولقد استعرض المؤلف الكثير من الآراء في دراسته للحضارة وجذورها، ومن هذه الآراء رأي هنتنجتون صاحب نظرية صراع الحضارات.
                        ويرى هنتنجتون : أن الحضارات عبارة عن كيانات ثقافية سوف يكون لها أهمية متزايدة باطراد في النزاعات الراهنة والمقبلة، كما يرى أن الحضارة الغربية هي الحضارة الكونية بينما غيرها حضارات إقليمية ويحدد معنى الحضارة على أساس الفوارق الثقافية، ومن ثم تظهر عنده فوارق حقيقية بشأن اللغة والثقافة والتقاليد، ثم الدين الذي يراه القسمة الأهم في تمييز حضارة عن غيرها.

                        ويعتقد هنتنجتون : أن الصراع القادم هو صراع بين الحضارة الغربية والعالم غير الغربي الذي يضم أجزاء متحضرة.
                        ولكن هناك من انتقد الحضارة والدولة معا، وقاموا بالكشف عن القسمات السلبية والتناقضات، ومن ثم ازداد شكهم باطراد بشأن منافع الحضارة الغربية التي قيل إنها جلبتها منذ بزوغها.
                        وقد دار على هامش الحديث عن الحضارة نقاش ساخن بين الفلاسفة حول العديد من القضايا المرتبطة بالحضارة وعوامل تقدمها وتحللها، ومن أبرز هذه القضايا النقاش حول دور العقل والعلم وبدايات الحداثة، فقد اعتقد "بيكون": أن العقل مجال النخبة ومن ثم هم القادرون على الانتقال إلى عصر جديد في تاريخ البشرية عصر تكتسح فيه العقلانية التقليد.
                        وقد استعرض المؤلف الكثير من صور المجتمع المرتبطة بالحضارة كالمجتمع المدني والمجتمع التجاري والمجتمع الصناعي، وأنها جميعا وصف للنظام الاجتماعي الجديد المرتبط بالحداثة.

                        ولقد نتج عن تطور الحضارة تطور اجتماعي، وظهر ما يعرف بالتطوريين الاجتماعيين من أمثال "هربرت سبنسر" و"لويس هنرى"
                        كما ارتبط النمو الاقتصادي بالتطور الاجتماعي والحضاري ، وظهر ما يعرف بالتحديث الذي يعتبر عملية توسعية أو عولمة سوف تدمج المزيد من المناطق الجغرافية عن العالم الثالث لسيطرة العالم المتحضر، وهو يمثل جهدا لإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية والثقافية الرأسمالية في بلدان العالم الثالث، فقد ظهرت الحداثة أولا في المجالات الاقتصادية والسياسية إلا أنها سرعان ما بلغت أعماق المجتمع التقليدية وأثرت على كل شيء فيها.

                        ولقد لاقت نظرية التحديث انتقادات واسعة، ثم ظهرت نظرية التلاقي التي نظرت إلى الاقتصاد والسياسة والثقافة كل على حدة في انفصال عن بعضها.. لكن سرعان ما أسقطت نظريتا التحديث والتلاقي كسبيلين لوصف التنمية، وذلك في مطلع القرن العشرين، ولكن عادت إلى الحياة مرة أخرى نظريتا التحديث والتلاقي عقب تفكك الاتحاد السوفيتي في أواخر ثمانينيات القرن العشرين.
                        وفي الختام يحمل الكتاب دعوة لمفكري العالم لكي يعززوا الفكر التحرري الذي يحمل فكر ما بعد الاستعمار وأن يعملوا على صياغة إطار فكري إنساني جديد، وإعادة كتابة التاريخ بـتواز مع جهود التحول الحضاري الذاتي والأصيل ليكتمل ويصدق نداء "لنحرر عقولنا"....



                        الشرق القطرية

                        تعليق


                        • #57
                          الاقليات المسلمة فى العالم ...
                          ملف شامل ومتجدد
                          (54)


                          أوروبا.. محاكم التفتيش تعود من جديد!




                          لم يعد الأمر سرًا أو خافيًا، ولم تعد تفاصيله تُنسج في الأقبية والدهاليز.. بل بات الكلام فيه مفضوحًا منتشرًا، تسير به الركبان؛ فأوروبا باتت تشعر بالقلق البالغ من وجود المسلمين على أراضيها، وباتت تشعر بخطر داهم يهدد هويتها، ويبدو أنها قررت استدعاء أسوأ خبراتها في التعامل مع المسلمين بصورة تناسب عصرنا وما استُجد فيه من قيم ومبادئ.
                          فمحاكم التفتيش مازالت عالقة في ذهن العقلية الأوروبية، كأنجح وسيلة استخدمتها لطرد المسلمين نهائيًا من القارة الأوروبية ومن الأندلس تحديدًا، بعد أن فرضت عليهم قوانين الكثلكة قسرًا وقهرًا؛ إلغاءً للتنوع ونزوعًا نحو التوحد خلف مذهب ديني واحد ومعتقد واحد.


                          واليوم تنتهج أوروبا العلمانية نفس النهج في تعاملها مع الجاليات الإسلامية بعد أن شعرت أن قارتها العجوز تتجه نحو الإسلام على إثر التزايد المطرد في أعداد المسلمين وما يقابله على الضفة الأخرى من انخفاض في معدلات المواليد في الدول الأوروبية، فقد نشرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية تقريرًا منذ فترة وجيزة حذرت فيه من أن أوروبا تواجه قنبلة زمنية ديموغرافية، تتمثل في تزايد مطرد للجاليات المسلمة المهاجرة، مما يهدد تلك القارة بتغيرات جذرية لا يمكن تدارك أبعادها خلال العقدين المقبلين، وأشار التقرير إلى انخفاض معدل المواليد لدى الأوروبيين، مقابل سرعة "تكاثر" المهاجرين المسلمين، وهو أمر يؤثر على الثقافة والمجتمع الأوروبي، كما يلقي بتداعيات خطيرة على السياسة الخارجية للقارة.

                          ويستند التقرير لإحصائيات تشير إلى تضاعف تعداد الجاليات المسلمة في أوروبا خلال الأعوام الثلاثين الماضية مع توقعات بتضاعفها مجددًا بحلول عام 2015م؛ حيث قفزت نسبة الجالية المسلمة في "إسبانيا" من 3.2 في المائة عام 1998 إلى 13,4 في المائة في عام 2007، هذا فيما ظهرت إحصائيات تتوقع تراجع تعداد سكان دول الاتحاد بـ 16 مليون نسمة بحلول عام 2050م.

                          ووفقًا للتقرير أيضًا فإن أسماء: محمد، وآدم، وريان، وأيوب، ومهدي، وأمين، وحمزة، باتت من أكثر سبعة أسماء شيوعًا واستخدامًا في "بلجيكا" التي تشكل مقر الاتحاد الأوروبي.
                          وقُدر تعداد الجاليات المسلمة في أوروبا بين 15 مليون إلى 23 مليون نسمة، مع توقع أن تصل نسبة الذين يعتنقون الإسلام إلى أكثر من 20 في المائة من سكان أوروبا، كما تشير توقعات إلى أن أعداد المسلمين ستتفوق على سواهم في "فرنسا"، وربما في معظم دول أوروبا الغربية في منتصف القرن الحالي.
                          كما أن أوروبا العلمانية فشلت حتى الآن في دمج المسلمين في الواقع الثقافي والحضاري، وهو الأمر الذي أعطى المسلمين تميزًا ثقافيًا وحضاريًا تشعر معه أوروبا كل يوم بالقلق المتنامي من هذه الظاهرة.

                          وتجدر هنا الإشارة إلى ملاحظتين هامتين:
                          الأولى: أن أوروبا في تعبيرها عن قلقها من التميز الثقافي والحضاري للمسلمين داخلها ترتدُّ بذلك عن أهم مبادئ الليبرالية، وهي الإيمان بالتعددية الثقافية والحضارية والتي تمثل في الوقت ذاته قوة دافعة للمجتمع إذا أحسن استغلالها، ناهيك عن أن التنوع الحضاري والثقافي قائم وبشدة بين مختلف الأجناس والمجتمعات التي تشكِّل الكيان الأوروبي، ولكنه تنوعٌ في نهاية المطاف يدور داخل إطار الدائرة العلمانية اللادينية، وهي الدائرة الحقيقية التي تريد أوروبا إدخال المسلمين إليها.

                          الثانية: مقولة أن أوروبا تخلت عن الدين نهائيًّا اتساقًا مع التفسير الحرفي للعلمانية هي مقولة فارغة؛ فمازال الدين يلعب دورًا بارزًا في توجيه الأحداث. وكما يقول د.حامد ربيع: "كل من له خبرة في التحليل السياسي الدولي يعلم أن الفاتيكان يمثِّل اليوم إحدى القوى الضاغطة الدولية التي تكاد تسيطر على جميع مسارات التعامل في النطاق العالمي، وهي لا تقتصر على أن تؤدي وظيفتها الضاغطة في الدول الكاثوليكية، بل إنها تتسرب من خلال مسالك متعددة. فالصهيونية في حقيقة الأمر لا تجد قوة حقيقة تساندها سوى النفوذ الكهنوتي، بمعنى القوة الدينية المنبعثة من ذلك الموقع والتي تتعاطف معها قوى الكنيسة في جميع أجزاء العالم"، وهو الأمر الذي يعطي للمسلمين الحق في الخصوصية الثقافية والدينية.

                          خريطة التميز
                          التقرير الذي أصدره اتحاد هلسنكى العالمي حاول أن يبرز مظاهر التميز التي تمارَس ضد المسلمين في أوروبا، والتي تصاعدت حدتها عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فعلى الصعيد الاجتماعي أفاد التقرير بأن "المناخ الاجتماعي الذي يعيش فيه المسلمون في الدول التي جرى عليها البحث قد ساء منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر"، وأن الأحكام المسبقة وألوان التمييز تجاه المسلمين قد ازدادت أيضًا؛ فعلى سبيل المثال زادت التحرشات - التي تنم عن كراهية الأجانب - ضد المسلمين في الأماكن العامة، وعلى الرغم من أن معظمها لم يتجاوز حد السب، إلا أن التقرير قد أورد أدلة فعلية على أعمال عنف تجاه الأشخاص وأعمال تخريبية.
                          ويقول التقرير أيضًا: إن كثيرًا من هذه الاعتداءات لم تقدَّم بها شكاوى عند الشرطة؛ لأن الضحايا لم يكن في اعتقادهم أن رجال الشرطة سوف يهتمون بالأمر.

                          ويذكر التقرير أنه في بعض بلاد الاتحاد الأوروبي قد أصبح "مسموحًا" بـ"مواجهة المسلمين بالعداء واستخدام التعبيرات المعادية ضدهم"، إلا أن المحاكم كانت لها بالفعل يد في الدفاع عن حقوق المسلمين.

                          فعلى سبيل المثال حكمت المحكمة الدستورية النمساوية في أكتوبر عام 2004 ببطلان بعض قوانين اللجوء الجديدة وطالبت بإلغائها. وهناك حكم آخر أصدرته المحكمة العليا في الدانمرك بالحبس مع إيقاف التنفيذ على أحد أعضاء حزب متطرف قام بسب المسلمين.
                          كما أفاد التقرير بأن التغيرات السياسية التي تشهدها البلدان الأوروبية تنعكس آثارها السلبية على الجاليات المسلمة، فقد شكَّل نجاح الأحزاب اليمينية الأوروبية الفاشية الجديدة والمعادية للأجانب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحديًّا كبيرًا أمام الأقليات العرقية والدينية وحتى الديمقراطية السياسية الأوروبية. وأكثر ما تعاني منه الجاليات المسلمة هو أن بلاغة تلك الأحزاب لا تتضمن فقط تخويفًا من الأجانب ولكنها معادية للمسلمين أيضًا؛ فعلى سبيل المثال، أعربت الجبهة الوطنية في فرنسا أن "القيم الإسلامية" لا "تتفق مع قيم المدنية الفرنسية".
                          وقد حُكم على رئيس الجبهة الوطنية جان ماري لوبان بغرامة مالية إثر نشره مقالاً صحفيًّا عن "التحريض على كراهية الأجانب" في أبريل 2004. وحزب الشعب اليميني المتطرف في الدانمرك يتهم المسلمين بأنهم "يقوِّضون القيم الديمقراطية وينادون بالعنف". والسياسي الهولندي بيم فورتون، الذي اغتيل صرح بقيام "حرب باردة جديدة ضد الإسلام".

                          وقد أورد تقرير اتحاد هلسنكي العالمي بعض التصريحات المعادية للمسلمين لقادة سياسيين ديمقراطيين أمثال رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني، الذي قال بـ"أن الحضارة الغربية متميزة على الحضارة الإسلامية"، كما ذكر التقرير أيضًا عبارة "الثقافة المعيارية" التي تبناها الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا.

                          كما أثبت التقرير تحيز الإعلام في الدول التي جرى عليها البحث، وقيامه عادة بالحديث عن الموضوعات الاستفزازية التي تمس الإسلام والمسلمين. وأوضح التقرير أن "الإعلام يميل إلى تقديم المسلمين بصورة متكررة في قالب سيئ منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر"، فعلى سبيل المثال نجد التقارير التي يصدرها الإعلام في ألمانيا عن الصراعات في دول البلقان والشرق الأوسط تهدف في المقام الأول إلى "الربط بين الإسلام والإرهاب"، مما يجعل لها "تأثيرًا سلبيًّا على النظرة إلى الإسلام والمسلمين".

                          وقد أُلقي اللوم على الإعلام البريطاني بأنه قد ساهم "في خلق الأحكام المسبقة ووضع المسلمين موضع الريبة من خلال تقاريره المغرضة التي لا تُغتفر".
                          وفى آخر تقريره وجه اتحاد هلسنكي العالمي عددًا كبيرًا من الوصايا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك بجعل الجاليات المسلمة جزءًا مندمجًا في المجتمع الأوروبي وحمايتهم من كل أنواع التمييز.

                          وطالب بضمان حرية ممارسة العبادات، وأن يكون تطبيق القوانين الخاصة بالهجرة ومحاربة الإرهاب متماشية مع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان. كما يوصي التقرير أيضًا أن تكف الدول عن التمييز ضد المسلمين، وأن تدعو بانتظام إلى التسامح والحوار، سواء كان في تعامل المواطنين أو الهيئات أو الإعلام مع المسلمين.

                          إن أشكال التميز التي أشار إليها التقرير السالف قد انعكست الآن على أرض الواقع في صورة ممارسات جدية تريد اقتلاع الهوية الحضارية للمسلمين في أوروبا والتي تأخذ أنماطًا متعددة، مثل الحرب على ارتفاع المآذن في الفضاء الأوروبي والتي شهدت حالة جدل واسعة النطاق في سويسرا، أو في الحرب على الحجاب وإجبار المرأة المسلمة على التعري بالتضييق عليها في أماكن تعليمها وعملها وحتى ترفيهها.

                          فأوروبا التي وقفت متفرجة على مجازر الإبادة البشرية للمسلمين في البوسنة ولم تتحرك إلا بعد خشيتها من تحول البوسنة إلى قاعدة للجهاد في أوروبا على غرار أفغانستان، تحاول اليوم أن تمارس نوعًا من إبادة الهوية للمسلمين أملاً في إلغاء خصوصياتهم الثقافية والحضارية والتي تراها أوروبا تمثل خطرًا داهمًا على نصرانية القارة.

                          ألا يمثل ذلك نمطًا حديثًا لمحاكم التفتيش والتي تهدف في المقام الأول إلى إلغاء الآخر وتدميره؟!



                          تعليق


                          • #58
                            الاقليات المسلمة فى العالم ...
                            ملف شامل ومتجدد
                            (55)

                            عداء المسلمين أجندة اليمين المتطرف بأوروبا



                            تعاني الأقلية المسلمة بأوروبا مشاكل كبيرة خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 المروعة وما تبعها من أحداث عنف ضربت مجتمعات غربية مثل إسبانيا وبريطانيا نسبت للمسلمين..وشنت على إثرها الحرب على الإرهاب التي أعلنها بوش و دعمتها تصريحات البابا "بنديكت السادس عشر" مما شجع اليمين المتطرف في عموم أوروبا على إطلاق حملات عدائية للإسلام بدأت بالصور المسيئة للرسول الكريم بالدنمارك والنرويج مروراً بفرنسا التي منعت ارتداء الحجاب في المدارس والمعاهد تبعتها بلجيكا السنة الماضية ثم إقرار قانون يقضي بحضر النقاب في الأماكن العامة في عديد من الدول الأوروبية , وأشدها في هولندا مع زعيم حزب الحرية "خيرت فلدرس" صاحب فلم فتنة الذي شبه الإسلام بالنازية ووصف النبي محمد بأنه قائد حرب همجي ووصلت به الإثارة أخيرا بمطالبة البرلمان الهولندي بسن ضريبة سنوية على المحجبات تقدر ب 1000 يورو تخصص لدعم حرية المرأة ,ثم وصول الأمر إلى قانون حظر المآذن بسويسرا الذي باركته ورحبت به أحزاب اليمين المتطرف وطالبت بتعميمه على كامل الدول الأوروبية.


                            إن برامج الأحزاب اليمينية منحصر في الغالب في إشاعة الخوف و السلبية تجاه المسلمين في المجتمعات الغربية ولم تلامس مشاريعهم واهتماماتهم المشاغل اليومية للمجتمع (مثل الأزمة الاقتصادية الأخيرة أو وباء انفلونزا الخنازير الذي يهدد البشرية وغيرها من القضايا المهمة) مما جعل المواطن الأوروبي يشكك في أجندة هذه الأحزاب فمثلا ما طرحه فيلم "فتنة" الهولندي والذي استمرت الدعاية له لأكثر من سنة في توظيف سياسي واضح ,جعل الأوروبيين في شوق إليه إلا أن خيبة أملهم كانت كبيرة عند مشاهدتهم للفيلم الذي يطرح قضية لا علاقة لها باهتماماتهم لا من قريب ولا من بعيد وهو يحكي عن اضطهاد وإرهاب المسلمين لليهود في حين أن الصورة التي تأتي يومياً من الشرق الأوسط عكس ونقيض ما يروجه ويدعيه الفيلم ..

                            إن الأحزاب اليمينية مستاءة وغير راضية من تنامي الوجود الإسلامي في الغرب خاصة بعدما بدأت الأقلية المسلمة تكسر الحاجز بينها وبين شرائح المجتمع الأوروبي من خلال اندماجها وتعايشها وانفتاحها على كل مكونات المجتمع كمواطنين أوربيين يخدمون أوطانهم يهمهم أمنها واستقرارها دون أن ينسوا القضايا العربية الإسلامية العادلة فخرجوا في مسيرات واحتجاجات مع آلاف الأوروبيين للتنديد بحرب العراق وتضامنوا مع الفلسطينيين بمظاهرات مستنكرة للمذابح التي ترتكبها إسرائيل بحق شعب أعزل في فلسطين ساندها العديد من الشخصيات الأوروبية المرموقة وأعلنوا خلالها مضاعفة الضغوط السياسية لإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي, وطالبوها بوقف بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وهدم الجدار الذي تبنيه في الضفة الغربية و هذا هو جوهر هذه الأجندة فاليمين يرغب أن يبقى دور المسلمين هامشياً لا يؤثر في مجريات الأحداث والتطور العام.

                            إن ما يدعيه اليمين من أسلمة أوروبا أو ارتباط الأقلية المسلمة بأجندات خارجية ما هي إلا تهم تقوم على أفكار وهمية لا أساس لها من الصحة، وهي فزاعة يستخدمها بعد ما خفت وهج الحرب على الإرهاب .

                            ومن المهم أن ندرك أجندة اليمين المتطرف وأن لا نترك لهم فرصة الإيقاع بيننا وبين محيطنا ومجتمعنا ، إن الغرب ليس كله يمين متطرف ولكن ما يمتلكه اليمين من إمكانيات إعلامية ومالية وما يتلقاه من دعم خارجي وتغلغله في مواقع مؤثرة يعطي انطباعاً على أنه قوة شعبية, لذلك ينبغي أن تكون ردودنا مدروسة وهادئة وأن نتصدى لمثل هذه المواقف والإساءات بانتهاج الطرق القانونية التي تكفل حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية ونتجنب ردود الفعل المتشنجة و المتهورة التي يوظفها اليمين في حملته لجر الأقليات المسلمة إلى معارك جانبية فتعمد اليمين إشعال هذه الحرائق في أقطار أوروبية مختلفة وفي أوقات متتالية لينحصر دورنا في وظيفة رجل الإطفاء الذي يترك كل شئ وينشغل بإطفاء الحريق المندلع هنا وهناك.. وبذلك يفوت على المسلمين المساهمة في خدمة و تنمية المجتمع و تطوير المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية.

                            فهل ندرك الدرس ؟
                            ونبدأ العمل غير آبهين بهذه الفقاعات

                            نرجو ذلك.

                            تعليق


                            • #59
                              الاقليات المسلمة فى العالم ...
                              ملف شامل ومتجدد
                              (56)


                              منع المآذن..
                              المعارك الجديدة حول الإسلام في الغرب!



                              تثبت قضية حظر بناء المآذن في سويسرا أن موضوع المظاهر الإسلامية في الغرب أصبح محل اهتمام بالغ خلال السنوات الأخيرة لا سيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذا يتضح كيف أن الأمر لم يعد يقتصر على الحركية الإسلامية هناك( آو الإسلام السياسي) ولا برموز الهوية الإسلامية كما كان الحال مع قضية الحجاب في فرنسا بين سنوات 2004 و2006 أو مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول( صلى الله عليه وسلم) في الدانمارك.
                              و يبدو أن المبادرة السويسرية توضح أن النقد هذه المرة يطال كل ما يحيل إلى الإسلام كمرجعية دينية وليس بالضرورة أن يكون متعلقاً بالمسلمين أنفسهم بل يمكن أن يستهدف مجرد رمز معماري يشير إلى الديانة الإسلامية مثل المئذنة.


                              في هذا الإطار صدرعن مرصد الأديان في سويسرا(Religioscope)، وهو معهد دراسات مستقل متخصص في حركة الأديان والاجتماع الديني، في شهر يوليو 2009 كتاب يتناول قضية المئذنة بالرصد والتحليل، بكثير من العمق وقدر غير ضئيل من الحياد والمهنية يعكسها العنوان الرئيسي للكتاب الذي جاء بصيغة الإشارة إلى ما يشبه الفتنة التي أثيرت بسبب موضوع حظر بناء المآذن( صدر أصل الكتاب تحت عنوان Les Minarets de la Discorde).

                              الترجمة العربية للكتاب تصدر تحت عنوان" معارك حول الإسلام في الغرب..مبادرة منع المآذن في سويسرا" وهي بذلك تحاول نقل النقاش السويسري إلى القارئ العربي والمسلم، وهي بمثابة إمضاءات على مختلف الإشكالات النظرية والعملية وكذا التحديات والرهانات التي يعكسها موضوع المئذنة بما في ذلك الوضع المتجدد للقضايا الإسلامية المتعلقة بالجاليات المسلمة التي تعيش على وقع ثقافة غربية بعيدة عن التقاليد الإسلامية. هذه الطبعة العربية صادرة بالتعاون بين مرصد الأديان في سويسرا وبين شبكة إسلام أون لاين، وراجعها وقدم لها حسام تمام.

                              الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات المحكمة جمعها كل من "ستيفان لاتيون وباتريك هاني" ، وبين دفتي الكتاب أسماء أكاديمية متخصصة تمتد على أكثر من مجال معرفي من التاريخ والقانون مروراً بالاجتماع الديني ووصولا إلى ميدان العلاقات الدولية، يحاولون تقديم رؤية متكاملة تجمع بين الرصد والملاحظة والتحليل بما ينتهي إلى وضع قضية المئذنة في السياق العام الذي وردت فيه، ويبتعدون بها عن العمومية والتناول الإعلامي وفي نفس الوقت، يضعونها خارج النطاق السويسري الذي بدأت منه.

                              بالفعل فان المتتبع للجدل الذي رافق موضوع المئذنة منذ أطلق اليمين المتطرف في سويسرا ما بات يعرف بـ"المبادرة الشعبية لحظر المآذن " في مايو 2007، يلاحظ كيف إن الفكرة الرئيسية كانت تراوح بين اعتبار المئذنة رمزاً إسلامياً دونما أهمية شرعية تستوجب وجوده مع ما يحمله هذا الرمز من معاني التوسع والفتح والانتشار الذي ارتبط بالتاريخ الإسلامي، وبين اعتبارها رمزا دينيا ثقافيا مفتوحا على الإبداع والتمازج مع ثقافات البلدان المستقبلية مع ما يتضمنه ذاك من حق في أن يكون التعبير الديني جزءا من الحقوق العامة لمواطنين مسلمين مقيمين في دول الغرب.

                              يفتتح الكتاب الأكاديمي السويسري والمؤرخ والمتخصص في الاجتماع الديني ومدير مرصد الأديان في سويسرا، "جان فرانسوا مايير" ، بمقال يتتبع نشأة المبادرة الشعبية لمنع المآذن ويضعها داخل السياق السويسري ويغطي الجوانب العديدة في النظام السياسي في سويسرا التي سمحت للاتحاد الديمقراطي للوسط والاتحاد الديمقراطي الفدرالي، الحزبان اليمينيان الرئيسيان المسؤولان عن الجدل المثار حول المئذنة، باستغلال الفرص التي يتيحها التشريع الدستوري وتمرير المبادرة الشعبية وإيصالها إلى مرحلة الاستفتاء الذي جري أواخر شهر نوفمبر 2009.

                              وفي مجال التاريخ يحاول "رشيد بن زين" أن يتتبع مكانة المئذنة في التقاليد الإسلامية بوصفها مكوناً معمارياً لاحقاً لخبرة الفتح الإسلامي في المناطق المسيحية في سوريا وفلسطين ومصر، بحيث يظهر من خلال التاريخ التأثير الذي لعبته أبراج الكنائس الأولى في هذه المناطق، في تحويل المئذنة إلى مكون معماري ارتبط بالمسجد ارتباطاً صارماً زاد من أهميته الدور الذي تمثله المئذنة في إلقاء الأذان والدعوة إلى الصلاة، ومع ذلك لم تجد المئذنة لاحقا، بوصفها إضافة معمارية للمسجد، مشكلة في الانتقال إلى بلاد ومجتمعات أخرى والتفاعل مع ثقافات جديدة بحيث تظهر التمازجات الثقافية المعمارية التي يحاول من خلالها المهندسون المعماريون التوفيق بين الصبغة الدينية للمئذنة المرتبطة بالديانة الإسلامية، وبين ضرورات وجودها في محيط مختلف. ويشتد وقع هذا الانتقال حين يكون باتجاه بيئات غير إسلامية كما يحدث مع المساجد في الدول الأوروبية.

                              ويقدم كل من "باتريك هاني" و"سميرأمغار" مقالة موسعة عن المكون الإسلامي في البيئة الغربية أو ما يسميه الباحثان:"الإسلام السياسي للأقلية"؛ وحيث تتأثر الجاليات المسلمة في دول الغرب كما المسلمون في المجتمعات العربية بمعايير الثقافة الغربية لا سيما ما تعلق منها بالخصائص الديمغرافية من جهة، وبتمدد التيار السلفي من جهة ثانية. وعلى الرغم من انبثاق حركة تدين واسعة هناك، لكن يبدو انه تدين فردي يميل أكثر فأكثر إلى الابتعاد عن التعبئة وراء القضايا الخلافية وعن الثقافة الإسلامية المضادة، ويفضل التواصل مع الثقافة الكونية المتعولمة. في هذه الحالة فان دور المسجد كفضاء للتعبئة والتشدد لم يعد مطروحاً بنفس الحدة بقدر ما يظهر بوصفه فضاء للاتصال مع المحيط.

                              في الجانب القانوني يقدم "أروين تانر" قراءة قانونية للمبادرة من حيث مطابقتها للنصوص الواردة في الدستور الفدرالي السويسري فيما تعلق منها بالحقوق الأساسية وكذا الاتفاقات الدولية بشان حقوق الإنسان. النقاش القانوني يبدو مهماً ومثمراً بالنظر إلى أن الحظر يمس مجال حرية التعبير الديني للجالية المسلمة في سويسرا، كما أن الأهمية القانونية للمبادرة تظهر من خلال مبدأ المعاملة بالمثل الذي يرفعه اليمين المتطرف بشان وضع الكنائس في البلاد الإسلامية.

                              ويثري"اوليفيه موس" النقاش السابق باستدعاء السياق الدولي والعالمي الذي مكنه من تصنيف الجدل المصاحب لموضوع المئذنة في سويسرا في إطار ما صار يعرف بالنقد الموجه إلى الإسلام، و الذي نشأ عقب تفككك المعسكر الشيوعي و تدعم أكثر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. في هذا السياق تتغذى المخاوف المرتبطة بالإسلام بشكل ذاتي بحيث تتجمع كل القضايا التي يكون الإسلام والمسلمون موضوعا لها في خانة التهديد بالتوسع والانتشار. وطبعاً يذكرنا " موس" بأبرز الوجوه الإعلامية والأكاديمية التي تقود موجة الاستتشراق الجديد الموجهة للإسلام والتي تتفاعل اليوم بامتياز مع منتجات العولمة الاتصالية لتبدو بذلك أنها الأكثر قدرة على "التوسع والانتشار" وأيضا، التأثير في قطاعات هامة من الرأي العام الغربي.

                              ولأن الموقف العربي والإسلامي مهم أيضا في سياق النقاش ، يورد "حسام تمام" رؤيته بشأن ردود فعل ايجابية سجلت على قضية المئذنة لدى هؤلاء. ويفترض "تمام" أن التغطية الإعلامية السويسرية التي تميزت بالدقة والمصداقية والمواكبة المستمرة لمجريات الحدث، كانت مسؤولة على نحو ما عن التغطية الهادئة من قبل الإعلام العربي والإسلامي ومن ثم عن رد فعل الجمهور الذي اختلف كثيرا عن مواقف سابقة تعلق موضوعها برموز الهوية الإسلامية كما في قضية الحجاب أو الرسوم الكاريكاتورية على سيبل المثال.

                              ويوضح "اوليفييه موس" و"باتريك هاني" في خاتمة الكتاب أن حقائق التفاعل بين المسلمين والمسيحيين هي أشد تعقيداً مما تطرحه المبادرة حول المآذن، وأن الإحاطة بالسياق العام تظل ملحة لفهم التطورات اللاحقة. في نفس الوقت الذي يظهر المكون السويسري في قضية المئذنة كيف أن "الإسلام أصبح الآن أوروبيا" بحيث يطرح مسائل لها علاقة بجوهر الهوية الأوروبية التي تتأثر بسياق العولمة وانفتاح الحدود وتمدد الفواصل بين الأديان والثقافات.

                              الشهاب للإعلام بـتصرف



                              تعليق


                              • #60
                                الاقليات المسلمة فى العالم ...
                                ملف شامل ومتجدد

                                (57)

                                الإسلام والغرب..
                                العلاقة التاريخية والمتغيرات الراهنة!!




                                لم تتشكل العلاقة بين الإسلام والغرب إلاَّ في إطار حالةٍ من الالتباس فرضتها جملة من العوامل التاريخية يمكن تحديد بداياتها الأولى بحملة نابليون على مصر وما استتبعها من تساؤلات طرحها المسلمون على أنفسهم, وصولاً إلى الاستنـزاف الحالي للإسلام من قبل السياسات الدولية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
                                لم ير الغرب الأوروبي سابقاً والأميركي لاحقاً في الإسلام إلا المنظومة الدينية والاجتماعية المخالفة له والمنافية برأيه لمنظومته الثقافية, فعمل منذ حملته الصليبية وتحت ذريعة حماية الأقليات الدينية والمقدسات المسيحية على تهميش الإسلام وتصويره في مرآة الغربيين بأسلوبٍ ينم عن مفاهيم خاطئة.

                                هذه المفاهيم الغربية الخاطئة التي شرحها إدوارد سعيد في كتابيه :"تغطية الإسلام" أظهرت الإسلام بأنه رمز للرعب والدمار، وبأن المسلمين أفواج من البرابرة، ولذلك يجب تحديثهم بأسلوب يحاكي حضارة الغرب -أي الثقافة الغربية التي تعتبر نفسها القاعدة وتنظر إلى بقية الثقافات على أنها الاستثناء- مما يمهد الطريق أمام الأهداف السياسية والاقتصادية الغربية ويُدخل الإسلام في دائرة الاستغلال.
                                من جهة أخرى تتحمل كثير الأنظمة العربية والإسلامية المسؤولية في هذا المجال، فهي حتى الوقت الراهن لم تنجح في تأسيس دولٍ حديثة قادرة على إيقاف الاختراق الاستعماري الغربي بوجهيه القديم والمعاصر.

                                لا مشاحة أن الغرب الذي لا ننظر إليه ككتلة واحدة أسَّس بدوره لكيانات سياسية هشة، فالتحالف الضمني بينه وبين الطبقة الحاكمة في المجالين العربي والإسلامي أوقف عجلة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والغرب الذي يطبق الديمقراطية والحداثة السياسية في مجتمعاته يمنع تطبيقها في الدوائر الحضارية الواقعة تحت هيمنته، وهو رغم مطالبته الدائمة بالتحديث ونشر الديمقراطية إلا أنه يستغل مطالبه لغايات سياسية لا تهدف لإقامة ميثاق عالمي بين الأمم والحضارات يخفف من حدة الاحتقان ويطرح آليات جديدة قائمة على التحاور وليس التنابذ وإدانة الآخر، بل على العكس من ذلك فإن الإدارة الأميركية السابقة المتحالفة مع المحافظين الجدد تروّج لخلاصات تصادمية قائمة على حتمية صراع الحضارات واعتبار الإسلام كله متطرفاً ذا طبيعة نصوصية، أي أنه يستعصي على التغيير ومواكبة التحولات العالمية.

                                تأسيساً على ذلك فإن المطالبة الغربية بضرورة تحديث الإسلام وتطويعه خاصةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تندرج في سياق تبدل استراتيجيات السياسة الأميركية الخارجية. فبعد أن أرهقت المسلمين في حربها مع الشيوعية ها هي اليوم تستنزفهم من جديد في لعبة الصراع السياسي الإقليمي والدولي.
                                إلى ذلك فإن التحديث الذي تطالب به الإدارة الأميركية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب لا يمكن تحقيقه قبل الإجابة عن المسائل الأساسية التي تعاني منها مجتمعاتنا لاسيما القضية الفلسطينية والتدخل الأمريكي اليومي في شئون منطقتنا والكفّ عن الكره المُفرط للإسلام.
                                داخلياً فإن الأنظمة السياسية مطالبة بإنشاء دولٍ حديثة وبتوزيع عادل للثروات وبتأمين بيئة حريات قادرة على استيعاب كافة الأطراف السياسية عبر المشاركة الفعلية في صناعة القرار.

                                فالتجربة التاريخية للحضارة الإسلامية في مرحلة ازدهارها تؤكد على صحة فرضيتنا، وعليه فإن تعثر عمليات الإصلاح الداخلي وما يرافقها من توجهات دولية مجحفة بحق قضايا المسلمين هي التي أوصلت العلاقة بين الإسلام والغرب إلى حدود التنافر،وعندما نتخطى هذه العقبات يمكن دحض الثقافات الحدية.
                                يبقى أن الحداثة لا يمكن فرضها بالقوة، فالمجتمعات العربية والإسلامية رغم ما تعانيه من حالاتٍ من الفقر والتخلف، إلاّ أنها تشهد تحولات بنيوية بطيئة ستتراكم عبر الزمن مما سيوصلها في نهاية المطاف إلى بناء مجتمع عادل متأسس على الرفاهة الاجتماعية والعدالة والمشاركة الشعبية في صناعة القرار السياسي.
                                وعندها تسقط الطروحات الغربية الداعية لحتمية الصراع بين الحضارات لأن المسلمين اتخذوا موقعهم في الحضارة العالمية وأصبحوا أسياد قرارهم خاصةً أنهم على احتكاك مباشر بالثقافة الغربية بسبب تمددهم الديموغرافي، وربما سيأتي يومٌ نتحدث فيه عن حضارة عالمية يكون الإسلام رائدها فيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملأت ظلماً وجوراً، وما ذلك على الله بعزيز " إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً "


                                المصدر
                                العرب القطرية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X