إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بيتر هوركوس ...Peter Hurkos

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    (( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ))

    تعليق


    • #17

      مع دكتور اندريا بوهاريش


      دكتور اندريا امريكى من أصل يوغوسلافى درس الطب فى جامعة نورث ويست حيث تخصص فى علم وظائف الاعضاء و الطب الباطنى , كما حصل على مؤهل خاص فى الدراسات العصبية و امضى الكثير من السنوات يجرى بحوثاته على عمل العقل البشرى و القدرات العقلية الخاصة مثل التخاطر Telepathy و الهلوسة Hallucinations و الحاسة السادسة The Sixth Sense من الناحية البيولوجية و الفسيولوجية و النفسية و يعتبر دكتور بوهاريش من اعلام هذا النوع من الدراسات فى امريكا و له مؤلفات قيمة فيها عام 1948 انشا دكتور بوهاريش معملا للبحوث أطلق عليه "مؤسسة الدائرة المستديرة " Round Table Foundation فى جلين كوف بولاية ماينو

      وقد تخصصت هذه المؤسسة فى اجراء التجارب حول الظواهر العقلية و قد تم دعوة بيتر هوركوس للاقامة مدة ستة اشهر فى المؤسسة لاجراء التجارب على قدراته الخارقة و قد تردد بيتر كثيرا قبل السفر الى امريكا و لكن الذى جعله يحسم رايه هو رغبته فى معرفة طبيعة الحالة التى يمر بها منذ ان سقط من الدور الرابع سافر بيتر الى امريكا و الستة اشهر اصبحت سنتين و نصف من العمل الجاد وامضى بعدها بوهاريش 7 سنوات يجمع المعلومات عن حالة بيتر و لذلك فان ملف بيتر فى مؤسسة الدائرة المستديرة هو اشمل و اعم و افضل ملف عنه و قال الدكتور بوهاريش انه لم يتاكد من قدرة بيتر فى مجال السيكومترى psychometric و هو مصطح يطلق على قدرة الاشخاص على التقاط معلومات عناشخاص من متعلقاتهم او اى شئ يتصل بهم و هو مايعرف عندنا باسم " الاثر " الا بعد شهرين من التجارب المتواصلة وفى نهاية الشهرين بيتر كان ينجح فى اربعة من كل خمسة اختبارات فكانوايعطونه اشياء مختلفة داخل اظرف سميكة معتمة من ورق المانيلا ( فراشة ... دبوس شعر ... زر ) و قد كان بيتر قادرا على ان يتعرف على ما بداخل الظرف بمجرد لمسه من الخارج و قد اجرى عليه الدكتور بوهاريش تجاربه الخاصة داخل قفص فاراداى .

      إ .






      و قد كان الاحتكاك الاول لبيتر مع معمل التجارب مخيفا فقد ادخلوه الى غرفة مليئة بالالات المعقدة و الاسلاك الملونة و خاف عندما راى تلك الكابينة المعزولة و صدم اكثر عندما علم ان عليه الدخول فيها
      و قفص فاراداى وعاء مقفل من النحاس مصمم بحيث تحجب جدرانه الموجات الكهرومغناطيسية و غيرها من عناصر الكهرباء الاستاتيكية . فاذا وضعنا راديو داخل القفص سيعمل اذا كان الباب مفتوحا اما اذا اغلقنا الباب و لم يوجد اى اسلاك من خارج القفص الى داخله فان الراديو يصمت تماما لان موجات الراديو تحجبها الجدران النحاسية و لا تصل الى داخل القفص .

      و ايضا لو وضعت شحنة كهربية على جدران القفص من الخارج لن يشعر بها الشخص فى الداخل حتى لو لمس الجدران من الداخل .فقفص فاراداى عبارة عن كابينة معزولة مغطاة بشبكة دقيقة من الاسلاك النحاسية يندفع فيها من مولد كهربائى تيار قوى تبلغ قوته 25 الف فولت .

      و يشرح الدكتور بوهاريش الغرض من استخدامه فى التجارب فيقول ان توليد مجال كهربائى قوى لا يسمح للمجالات الاخرى بالنفاذ و الهدف هو عزل الشخص صاحب القدرات الخارقة قدر الامكان عن الخارج لمعرفة قدراته الحقيقة دون ان تصله المساعدة من اى مصدر خارجى لا نعرفه . و قد نجح بيتر فى اختبارات القفص فقد اتصل تخاطريا بشخص خارج القفص رغم مرور الكهرباء بكامل قوتها و نشر الدكتور بوهاريش تفاصيل التجارب فى كتابيه " The Sacred Mushroom " و " Beyond Telepathy " .

      و قد قال أندريا بوهاريش عن بيتر هوركوس :-

      "After extensive testing under controlled conditions, I am convinced that Peter Hurkos, is the greatest of anyone I have ever tested as a psychic. His abilities are so far reaching, that he hasn't even scratched the surface of what he can do with his abilities and mind."

      "و بعد اختبارات مكثفة تحت ظروف معينة , فانا مقتنع ان بيتر هوركوس هو اعظم من اختبرت من ذوى القدرات العقلية الخارقة . فقدراته ذات مدى بعيد لدرجة انه لم يستخدم الا جزء بسيط جدا من قدرات عقله "
      إ
      .


      و فى يونية عام 1960 اهتم بيتر بما يطلق عليه " قضية فيرجينيا " او قضية " كارول جاكسون " Carroll case و قد اسعده ان يستدعيه دكتور ف. ريجيس Dr F. Regis للاشتراك فى كشف غوامض الجريمة و كان الدكتور ريزنمان من المع الاطباء النفسيين بواشنطن و احد المتخصصين بعلم الجريمة
      سافر بيتر الى واشنطن و فى نيته كشف غوامض الجريمة و لكن شاءت الاقدار ان تكتشف فيه طفلة مشلولة فى الثالثة من عمرها موهبة فذة جديدة و هى مارى اليس ابنة الدكتور ريزنمان

      سافر بيتر هوركوس الى فرجينيا للمساهمة فى حل قضية كارول جاكسون بدعوة من الدكتور ريزنمان ألمع الاطباء النفسيين بواشنطن . و عندما كان بيتر فى منزل الدكتور ريزنمان شعر بانجذاب نحو ابنتهما الصغيرة مارى أليس و التى تجاوزت السنتين و النصف من عمرها و هى أصغر ابناء ريزنمان السبعة و كانت لا تستطيع السير منذ صغرها و قد اكد الاطباء انه لا امل فى شفائها فهى مصابة بشلل مخى لن يتيح لها المشى على قدميها و لكن بيتر كانت له وجهة نظر أخرى.

      وضع بيتر يده على ظهر الطفلة مارى قائلا:
      " هذه الطفلة ستسير على قدميها لاول مرة فى عيد ميلادها يوم 21 ديسمبر و بعدها باربعة ايام فى احتفالات الكريسماس ستسير حتى شجرة عيد الميلاد و تتناول هداياها بيدها و ستواصل السير بعد ذلك"

      و قد صدم كلامه هذا الاسرة التى تتالم جدا من ذكر هذا الموضوع . قال بيتر كلماته يوم 11 يونيو 1960 و يوم 21 ديسمبر سارت الطفلة ثم سقطت ارضا و فى الكريسماس سارت حتى شجرة عيد الميلاد و استمرت حياتها بعد ذلك بشكل عادى.

      و قال الدكتور ريزنمان
      " يعتبر بيتر هوركوس من اعظم اصحاب القدرات العقلية الخارقة فيما يتعلق بالنظر فى الماضى و الغوص فى الزمن السابق لاستقبال المعلومات و هو ما يطلق عليه(retro cognition) كما ان لديه ايضا القدرة على قراءة المستقبل (pre cognition ) و لكن موهبته الحقيقية تكمن فى النظر فى الماضى و الوصول من ذلك الى الحقائق الخافية و لعل افضل انجازاته هو ما يقوم به فى كشف الجرائم و القضايا الغامضة"

      ذات يوم صافح بيتر سيدة لم يرها من قبل فقال " انت مصابة بالتهاب المفاصل " فقالت " نعم منذ 24 سنة " فقال لها ان تكتب اى شئ على ورقة ثم تناول الورقة و قال " والدتك مريضة و لديها متاعب فى هذه المنطقة " و اشار الى الحوض فاجابته مندهشة بان والدتها اصيبت بكسر فى عظام الحوض و هى الان فى فترة النقاهة

      و تحكى نورما لى بروننج التى الفت كتابا عنه انه فى احدى الحفلات افزع واحدة من ضيوف الحفل عندما اندفع يتحدث عن عملية اجهاض اجرتها منذ وقت قصير فقال لها بعد ان صافحها " انت لديك طفلان صغيران اليس كذلك ؟ كان يمكن ان يكون لديك ثلاثة و لكنك فقدت الثالث فى اغسطس الماضى .. عملية اجهاض ثم اصبحت حاملا مرة اخرى على الفور "

      لم تكن نورما تعرف شيئا عن حياة الضيفة الخاصة فكانت علاقتهما علاقة عمل سطحية . ثم ارتبكت السيدة بشدة ولحقت بنورما الى المطبخ وقالت لها " تصورى !! حتى زوجى لا يعرف بامر عملية الاجهاض فكيف عرف ؟"

      وختم بيتر حديثه بان رفع اصبعه الى فمها و قال" انت تحتاجين الى حشو احد الاضراس... هنا؟... لا هنا تماما" وكان كلامه صحيحا تماما .


      وقال بيتر ذات مرة للمؤلف السينمائى جو هيامز زوج الممثلة اليكسومر" تاتى عليك اوقات تشعر فيها ان ذراعيك ثقيلتان جدا بحيث يصعب عليك رفعهما اذهب الى احد اطباء العلاج الطبيعى و دعه يعتنى بعمودك الفقرى و ستتحسن حالتك .. وبالمناسبة ابنك ايضا لديه استعداد لظهور متاعب فى اذنه اليس كذلك ؟" وكان هيامز مشككا فى اصحاب القدرات العقلية الخارقة و فعلا اتضح ان كل ما قاله بيتر كان صحيحا تماما.

      بيترهوركوس يعالج نفسه

      فى مساء 17 مايو 1958 فى منزل رجل الاعمال المشهور السيد بيلك فى نيويورك اجتمع عدد من اصدقاء بيلك فى حفل اجتماعى و كان بيتر من المدعوين و اثناء السهرة تعثر بيتر و وقع و التوت قدمه تحت جسمه الضخم و كما قال بيلك لقد ظهر جانب من احد عظام الساق خارج الجلد و لوثت الدماء كل شئ " حمل الرجال بيتر الى السرير فهدأ كما لو كان فى صلاة عميقة ثم حدث امام انظارهم جميعا كما قال بيلك " تحت انظارنا جميعا اعاد بيتر العظمة الى مكانها و توقف النزيف فى مكان الجرح .. لقد رايت ذلك بعينى رايت طرف العظمة يخرج من مكانه ثم يدخل مرة اخرى ؟؟!!! "

      اما ما يقوله بيتر نفسه عن الحادث " كان هناك تسعة اشخاص و كان الالم هائلا و تورمت قدمى و كان كعبى متدليا .. وضعونى على السرير و خلعوا حذائى ثم اعدت العظمة الى مكانها بيدى و قلت لمن تجمعوا حولى اريد ان استريح اتركونى بمفردى .. لقد كان الالم فظيعا و كنت افكر ساعتها : ما الذى سافعله الان ؟ كان امامى الكثير من العمل . لم اكن ارغب فى ان اذهب الى المستشفى لا اعلم ماذا فعلت و لكن فى ظرف ساعة واحدة كنت قادرا على السير .. كنت اشعر ببعض الالم و لكنى كنت قادرا على المشى .. و فى اليوم التالى اختفى الالم تماما و ان بقى اثر الجرح واضحا على قدمى حتى اليوم "

      سالت نورما بيتر " هل استخدمت التنويم المغناطيسى الذاتى فى علاج نفسك ؟" فقال بيتر " لا اعلم ماذا فعلت فقط كنت اركز و اقول لنفسى انى لا اريد الذهاب للمستشفى اظن ان ما حدث هو ما تطلقون عليه تاثير العقل على المادة "
      فقالت نورما " هل تعتقد انك من المعالجين ؟ اى من اصحاب القدرة على علاج البشر دون الاستعانة بالوسائل الطبية ؟ " فاجاب بحسم " لا بالقطع لا .. لم يسبق ان عالجت او شفيت احدا .. هذا ليس صحيحا "

      سر الغضب الهائل

      رغم ان الدكتور اندريا بوهاريش هو الذى استدعى بيتر للحضور الى امريكا لعمل التجارب الا ان الفضل فى ذهاب بيتر الى امريكا يعود لرجل الاعمال هنرى بيلك

      Henry Belk


      قرا بيلك عن بيتر فى الجرائد الاوروبية و لما كان مهتما بالبحوث التى تجرى على القدرات الخارقة للعقل البشرى فقام باستدعائه .

      يقول هنرى بيلك " لقد سمعت عن بيتر هوركوس و فكرت انه بالامكان الاستعانة به لتنظيم احوال متاجرى الكبيرة فقد كان لدينا بعض المتاعب فى سير حركة البيع فى هذه المتاجر و بالتحديد بعض المشاكل المتصلة بامانة بعض العاملين بها و قد حاولنا كشف هذه العناصر المخربة فلم ننجح و لهذا فكرت ان شخصا مثل هوركوس يمكن ان يساعدنا على حل مشاكلنا هذه و هكذا عملت على الجمع بين بوهاريش و هوركوس و قد كلفنى هذا خمسة الاف دولار و مع ذلك لم استفد شيئا من هوركوس هذا "

      فما هو سر غضب بيلك على بيتر هوركوس ؟

      السر يكمن فى واقعة خاصة اثارت غضب بيلك دون وجه حق . فقبل ذلك كان بيلك يثق فى بيتر ثقة مطلقة و يعمل بنصائحه فى المجال التجارى .. ثم حدثت الكارثة العائلية التى اغضبت بيلك و ظلت محفورة فى ذاكرة بيتر بقية حياته .

      فى يونيو عام 1957 اختفت ابنة بيلك ذات العشرة اعوام بينما كانت تلعب فى بيتها بنورث كارولينا North Carolina و لم يستطع رجال الشرطة ايجادها فاتصل والدها بهوركوس الذى كان فى منزله فى ميامى ز و عندما فهم بيتر الموضوع قال انه سيركز و سيتصل به مرة ثانية .

      يحكى بيتر عن الواقعة فيقول " تلقيت المكالمة فى وقت متاخر من الليل .. لن انسى ذلك ابدا .. قال لى بيلك : بيتر ابنتى مفقودة فى الغابات و لا استطيع ان اعثر عليها . فقلت له : اتمنى ان تجدها , و لكنى لم ار شيئا فى هذا الوقت .. لم يستقبل عقلى اى شئ حول الابنة الضائعة او ما يتصل بها .. اخبرته انى ساركز ثم اعود للاتصال به . و بمجرد ان وضعت سماعة التليفون رايت صورة واضحة .. لقد كانت الابنة غارقة بالقرب من مربط القوارب فى مياه يبلغ عمقها ستة اقدام .. لم ادر كيف انقل اليه ذلك . اخيرا تشجعت و اتصلت به و اخبرته بما رايت و كان وقع هذا عليه فظيعا .. طلبت منه ان يبحث فى مربط القوارب و ان يركز عند العمود الاخير على الجانب الايسر حيث سيجد ابنته على عمق ستة اقدام "

      اسرع بيلك الى المكان حيث وجد جثمان ابنته فشعر بمرارة كبيرة نحو بيتر و قال " الم يستطع ان يرى الذى سيحدث لابنتى ليخبرنى كيف اتصرف ؟ "
      و يقول بيتر " انه لم يسامحنى قط .. ظل يسال لماذا لم اخبره ان ابنته ستغرق ؟ عندما اتصل بى و قال انها ضائعة و بمجرد ان وضعت السماعة , رايت الصورة كاملة فاتصلت .. لكنه راح يلومنى على ذلك ثم فصلنى و لم يغفر لى ابدا ما حدث "
      ثم يقول " اذا كانت موهبتى تتيح لى ان ارى الاحداث بعد ان تقع لماذا لم تساعدنى هذه الموهبة بالصورة فى الوقت المناسب حتى اساعد على انقاذ الفتاة ؟ ... لماذا ؟ ... لماذا ؟ "

      الى الان عرفنا الاحداث البسيطة التى حدثت لبيتر فى امريكا قبل ان ينتقل الى حل الجرائم


      وباذن الله سنعرف ماذا فعل فى قضيتى (سميث ) و ( كارول جاكسون )

      فى المشاركات القادمة






      تعليق


      • #18
        ننتظرك على أحر من الجمر
        مشكوووووور
        { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ }



        تعليق


        • #19

          اخى الاميرال
          اهدى اليك هذا الجزء للاسطورة بيتر راجيا ان ينال اعجابك


          قضية سميث
          الجريمة المزدوجة

          كانت شرطة ميامى تعتمد على هوركوس فى كل شئ غامض اثناء اقامته مع هنرى بيلك و بوهاريش
          و من اشهر القضايا التى ساعدهم فيها هى قضية سميث او الجريمة المزدوجة التى حدثت فى شهر اكتوبر عام 1958 . فقد قتل احد قادة البحرية الامريكية فى شقته و بعد ساعات قتل سائق تاكسى داخل سيارته و كانت اداة القتل فى الجريمتين مسدس اوتوماتيكى من عيار 22 و بهذا عرفت الشرطة ان القاتل واحد .

          فقامت الشرطة باستدعاء بيتر بعد ان عجزت عن الامساك بالقاتل و لكنها لم تخبره ان القاتل واحد فى الجريمتين و اجلسوه على مقعد سائق التاكسى .. و ذهلوا عندما راح بيتر يصف ليس فقط سائق التاكسى و لكن الجريمتين معا مؤكدا ان القاتل واحد ووصفه انه طويل و رفيع و على ذراعه اليمنى وشم و يمشى بتبختر مثل البحارة

          ثم توصل الى حقيقة يندر ان يصل اليها اصحاب القدرات العقلية الخارقة فقد عرف اسم القاتل فقال " انه رجل معروف جدا فى هافانا و ديترويت و اسمه سميتى " و قد عرفت الشرطة بعدها ان القاتل اسمه شارلز سميث يعرف بين اصحابه باسم سميتى و هو بحار تجارى قد ابحر الى كوبا و يتميز بقامة طويلة و رفيعة

          حصلت الشرطة على صورته من ارشيف صور المجرمين فى ميتشيجان و تعرفت عليه جرسونة فى ميامى و قالت انه من زبائن المكان و قد سمعته يتفاخر مع اصحابه انه قتل رجلين . و قد اتفق وصفها له مع وصف بيتر .

          و بعد اقل من شهر تم القبض على القاتل فى نيو اورليانز و اعترف بجريمتيه و عندما اتصلت نورما لى بروننج بالنقيب توم ليب الذى تولى القضية فوجئت بحماسه الشديد لقدرات بيتر هوركوس فقال لها " قد يتهمنا البعض بالجنون لاستعانتنا بواحد من اصحاب القدرات العقلية الخارقة لمساعدتنا فى الكشف عن جرائمنا و اذا شئتى الصراحة .. اكثر زملائى هنا يرفضون الاعتراف بجهودات بيتر هوركوس معنا .. و لكن لا شك ان بيتر قدم لنا الكثير من المساعدات فى هذه القضية .. لقد مر على فى حياتى الكثير من النصابين و عرفت الاعيبهم و لكن بيتر هوركوس شخص امين و متواضع "

          قضية كارول جاكسون
          Carroll Jackson

          احدى اشهر القضايا التى شارك فيها بيتر هوركوس و التى حظيت باهتمام الاعلام و التى وقعت فى
          Apple Grove بفرجينيا Virginia فى 11 يناير 1959 .
          لقد ارتكب بيتر غلطة تكشف عن طبيعة موهبته الخارقة فى هذه القضية و يؤكد دكتور ريزنمان ان هذه واحدة من انجح قضايا بيتر رغم ما قامت به صحافة واشنطن من هجوم على بيتر نتيجة هذه الغلطة


          عندما تم استدعاء بيتر لحل القضية كان قد مضى عليها ما يزيد على سنة و نصف دون ان يتوصلوا لحل لها . و كانت الشرطة قد استجوبت ما يزيد على 15 شخص فى هذه الجريمة التى راح ضحيتها الاب Carroll Jackson و الام
          Mildred و ابنتان واحدة كانت فى الخامسة من عمرها و هى
          Susan و الاخرى فى الثامنة عشرة و هى Janet اثناء قيادة السيارة لزيارة احد معارفهم

          و قد وصلت قائمة المشتبه فيهم الى اكثر من 165 شخصا من بينهم اثنان من مرضى الدكتور ريزنمان النفسيين و الذى كان متاكدا من براءتهما و قد اقترح على الشرطة ان يحضر بيتر على نفقته الشخصية و وافقوا شرط الا يصل الخبر للصحافة و لكنه تسرب و هكذا صاحب وصول بيتر ضجة اعلامية ضخمة
          و قال بيتر ان المجرم سيقع فى ايدى الشرطة خلال اسبوعين و انه ارتكب خمسة جرائم بخلاف هذه الجرائم الاربعة وامام عدسات التليفزيون رسم مخطط لواجهة منزل و قال " ابحثوا عن هذا البيت تعثروا على القاتل " و قال انه يرى بداخل البيت صناديق من الورق المقوى بداخلها كتب
          فاصطحبت الشرطة بيتر فى رحلة البحث حتى وصلوا الى الغابات فاشار الى بيت و قال لهم ان المجرم يعيش فى هذا البيت ..... و كانت هذه هى غلطة بيتر الكبرى حيث لم ينتبه الى ان المجرم انتقل من هذا البيت ليعيش فيه جامع للقمامة

          و الغريب فى الامر و الذى لم يعرفه بيتر ان القاتل و جامع القمامة تناوبوا على سكن هذا البيت و كانا ضمن قوائم المشتبه فيهم
          ثم قادهم بيتر الى كوخ وسط الغابات يبعد 50 ميلا عن موقع ارتكاب واحدة من الجرائم الاربع و قال " كان القاتل هنا ... فلنبحث لنجد ما يفيدنا " و بعد البحث فى الرمال وجدوا سوارا فضيا من الذى يضعه الرجال على معاصمهم و يكتبون عليه الاسم و كان عليه اسم جامع القمامة
          فقبضت الشرطة على جامع القمامة و اعترف بارتكابه الجرائم الاربع و فرح الناس ببيتر الذى استطاع حل الجريمة فى ثلاثة ايام فقط

          و لكن انفجرت القنبلة عندما قبضت الشرطة الفيدرالية على رجل اخر فى
          West Memphis, Arkansas فى الواحد و الثلاثين من عمره يدعى ملفين دافيد ريز Melvin David Rees و يعمل عازف فى فرق موسيقى الجاز





          و كان ريس متهما قبل ذلك بقتل امراة تدعى
          Margaret Harold فى 26 يونيو 1957 و عثر على جثتها بالقرب من المكان الذى عثر فيه على جثة السيدة ميلدريد جاكسون و ابنتيها بعد ذلك و عند محاكمة ملفين ثبتت عليه التهم

          لماذا اخطا بيتر و اشار الى عامل القمامة ؟

          يقول الدكتور ريزنمان ان بيتر اعطى اوصافا تنطبق على الرجلين و ان الرجلين تناوبا على سكن هذا البيت و ربما ان ذبذباتهما اختلطت فيه و يرجح انه ربما ان بيرت اعتمد على التخاطر فقد قرا افكار رجال الشرطة الذين كانوا مصرين ان جامع القمامة هو القاتل

          و مع ذلك فقد اعطى الكثير من المعلومات الصحيحة فعندما ذهب الى الكنيسة التى دفن فيها افراد عائلة جاكسون و اعطوه بعض متعلقاتهم وصف بالتفصيل اوضاع الجثث عند كشفها كما شرح بالتفصيل الطريقة التى قتلت بها كل ضحية كما اشار الى ان السيدة ميلدريد و ابنتها سوزان تم اغتصابهما و هذا لم يكن يعرفه سوى قلة من رجال الشرطة ... بل انه قال ان السيدة جاكسون لم يكن فى فمها سوى 31 سنا فقط و قد ثبت صحة هذا

          و قال بيتر ان القاتل سيتم القبض عليه بعد 14 يوما و انه قام بخمسة جرائم غير هذه الاربع و قد قامت الشرطة الفيدرالية بالقبض على ريس بالضبط بعد 14 يوما و اعترف بانه قام بتسعة جرائم

          تقول نورما لى بروننج ان بيتر لم يصدق مائة فى المائة دائما و هو لم يدع هذا ابدا و لو كان ادعى هذا لقالت انه نصاب ... و تحكى بعض الوقائع التى تؤيد هذا

          لم يزعم بيتر قط بصحة المعلومات التى يراها بنسبة 100% و تحكى الصحفية نورما لى بروننج عن هذا و تقول :
          " اعطيته يوما ما علبة تحتوى مجوهرات فتاة قتلت فى شيكاغو و كان والدها الحزين رجانى ان اعطى العلبة لبيتر ليعرف القاتل ... و لكن هذه المرة لم يرى بيتر اى شئ و لكنه - احقاقا للحق - اعترف بهذا و قال :

          " انا لا ارى شيئا .... لا اشعر بشئ ... لا اعرف لماذا "

          و تقول نورما :
          " لاحظت ان بيتر يتوتر عندما يطلب منه احد تقديم معلومات عن شئ ما فكان افضل اداء له و احسن انجازاته تلك التى كانت تاتى تلقائية رغم ارادته "
          فبينما كانا يتقابلان فى لقاءاتهما المتعددة كان يمسك باى شئ يتعلق بها و كان ينطلق ساردا تفاصيل دقيقة جدا عن حياتها لا يعرفها زوجها نفسه

          و من الاخطاء التى وقع فيها بيتر هوركوس تلك القصة التى حدثت فى سبتمبر 1968 عندما جاء لمقابلته من هيوستن دكتور روبرت باكلين Robert Buckling و زوجته ليستشيراه بشان ابنهما الذى اختفى فجأة و كان يعمل ضمن القوات البحرية الامريكية و كان اختفاؤه فى اجازة له بعد ان رست السفينة التى كان يعمل عليها على الشاطئ الفييتنامى

          فقال لهما بيتر ان ابنهما حى و لكنه اصيب بجرح فى راسه و انه يتجول فى استراليا نتيجة اضطراب نفسى و هو حاليا من المرجح ان يكون بالقرب من ملبورن
          و قبل ان يلجا الدكتور روبرت لبيتر كان قد قرر ان يسافر للشرق للبحث عن ابنه لان القوات البحرية اعتبرته فارا من الخدمة العسكرية و لكنه ليس من خلقه ان يهرب فرجحا انه تحت ظرف خاص .

          و لكنهما عندما وجدا ابنهما ظهر ان بيتر كان مخطئا فى اكثر من جانب فلابن كان متزوجا من جرسونة استرالية فى الثانية و العشرين من عمرها يعيشان بالقرب من سيدنى للاختفاء من السلطات و لكن مع مزيد من التحرى عن حقيقة ما حدث يظهر جانب كبير من صحة ما قاله بيتر

          قال الاومباشى جيمس لوالده الدكتور باكلين ان الموضوع بدا بشعور قوى استولى عليه انه سيموت فى المعركة القادمة فاضطرب جيمس و قرر السفر الى استراليا فى الاجازة للبحث عن مكان هادئ و ى اخر يوم فى الاجازة قرر جيمس الا يعود للخدمة العسكرية و فى نفس اليوم قابل الفتاة التى تزوج منها

          و قد ثبت ان جيمس اصيب بشظايا فى ظهره و ساقيه - و ليس فى ظهره كما قال بيتر - و بعد زواجه قطع مع زوجته حوالى 3000 ميل حول القارة الاسترالية و لكن الغريب انه فى الوقت الذى التقى فيه والداه ببيتر كان هو و زوجته بالقرب من ملبورن و هكذا اصاب بيتر تقريبا فى كل ما قاله ما عدا اصابة الراس


          فى المشاركة القادمة ان شاء الله سنستعرض ما قام به بيتر فى حادثة طائرة مفقودة كانت من اشهر الحوادث
          التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2012-11-09, 07:21 PM.

          تعليق


          • #20
            حادث الطائرة المفقودة

            بعد حكاية الابن الهارب من الجيش بثلاثة اشهر اى فى ديسمبر 1968 تلقى بيتر مكالمة من الضابط بيتر سويفت من ادارة شرطة بالم سبرينجز Palm Springs ليساعده فى تحديد مكان طائرة مفقودة .

            كان روبرت كلين الطيار السابق فى القوات البحرية يقود طائرة خاصة من فيونكس phoenix بولاية اريزونا الى براون فيلد ساندييجو Brownfield San Diego مصطحبا معه مساعد الطيار الذى كان تحت التدريب فرانك كاربنتر
            كان هذا هو كل ما كانوا يعرفونه عن الطائرة حتى تلقى سويفت مكالمة من ساندييجو تفيد بان اتصالاتهم انقطعت مع الطائرة فى 21 ديسمبر


            بحث سويفت مع زميله كين ليستر عن الطائرة لان سويفت كان يربطه بالطيار كلين صداقة قديمة . شارك فى عملية البحث طائرات الدورية المدنية و الفرق المختصة و فرق البحث تحت الماء بالاضافة الى دوريات السيارات لمدة يومين كاملين
            و فشلت عمليات البحث فى البر و البحر و هبت عواصف على المرتفعات اثناء البحث راح ضحيتها احد الطيارين و الذى كان صديقا لكلين
            و اثناء عملية البحث قرا سويفت ان بيتر موجود فى بالم سبرينجز و عرف عن قدراته الخارقة
            و رغم انه و ليستر لم يؤمنا ابدا بالقدرات الخارقة الا انه كان مستعدا لفعل اى شئ لايجاد صديقه


            اتصل سويفت ببيتر فوافق و لكنه طلب بعضا من ملابس كلين ليستعين بها فاحضر له سويفت بعض متعلقات كلين و صوره و وضعها على منضدة مستطيلة و بدا بيتر يتحسسها واحدة بعد الاخرى فى تركيز عميق

            و اخيرا بعد فترة طويلة تكلم بهدوء و قال " اسف لكن مات اثنان ... اتمنى ان اكون مخطئا لكن هذا هو ما اراه ... لقد غير الطيار اتجاهه نتيجة للعاصفة مبتعدا عن خط سيره المرسوم بتسعة اميال... الطائرة لم تكن جديدة ... انها طائرة مستعملة اعيد تجديدها لقد جرت صيانة شاملة لمحركاتها منذ وقت قريب ... الحقيقة ان المتاعب لم تات من المحركات و انما اتت من الذيل .... كان الضغط على ذيل الطائرة شديدا "

            ثم رفع بيتر راسه و قال لهم " و الان هاتوا الخريطة " فاحضر الضابط سويفت خريطة كبيرة لمنطقة مسار الطائرة و وضعها على المائدة .
            فاخذ بيتر قلم رصاص و رسم بعض الخطوط على الخريطة ثم وضع علامة X على موقعه فى فيونكس و هو يقول " من هنا بدات الطائرة رحلتها .. و هنا غيرت الطائرة مسارها .. هنا ... عند هذه الجبال ... لقد كان طيارا ماهرا رسم طريق طيرانه بعناية .... لكن عندما هبت العاصفة اضطر الى تغيير مساره ... انه يطير فوق ارض منبسطة ليست بحيرة ... لكنى ارى ماء ربما غدير او جدول ... ان حطام الطائرة يرقد بالقرب من غدير تحت الاشجار ... لهذا لم يكن من السهل الوصول اليها ... هنا !.... " و رسم علامة x تشير الى المكان الذى تحطمت فيه الطائرة


            قال احدهم " هذا الموقع بالقرب من وادى باين... " قال بيتر " لا اعرف هذا الاسم لكنكم ستجدون الحطام فى هذا الموقع و كذلك جثة الطيار و زميله "

            كانت نورما بروننج حاضرة هذا اللقاء و لاحظت ان الخريطة كانت موضوعة بشكل مقلوب بالنسبة لبيتر فقالت فى اذنه " بيتر ... هل تعلم انك تعمل على الخريطة و هى مقلوبة ؟" قال " طبعا ... هكذا اعمل دائما مع الخرائط اسفلها اعلاها و احيانا اعمل عليها و ظهرها ناحيتى " فسالته " و لكن لماذا تعمل على الخريطة و هى مقلوبة هكذا ؟" فقال " لاننى ارتبك و تختلط على الامور عندم انظر الى الخريطة و هى معتدلة و اقرا الاسماء التى عليها ... و اذا كانت هذه الخرائط عليها اسماء شوارع او مدن لا اعرفها و لم ازرها من قبل فانها لا تهمنى ... انا اتعرف على غايتى عن طريق لمس الخريطة باطراف اصابعى"

            فما مدى دقة بيتر فى تحديد موقع حطام الطائرة ؟

            الحقيقة انه لم ينجح فى تحديد الموقع مئة فى المئة لكنه كان دقيقا فى تحديده الى الحد الذى ساعد فرقة البحث و الانقاذ الجديدة على الوصول الى الطائرة و الضحايا على الجبل الذى حدده لهم
            كان بيتر قد رسم مستطيلا طوله 6 اميال و عرضه 3 اميال يحصر منطقة من الجبال معروفة باسم " مونت لاجونا "
            Mount Laguna





            .


            ثم رسم داخل المستطيل علامة X على الموقع الذى ظن انهم سيجدوا فيه الطائرة و لكنهم عثروا عليها على بعد 6 اميال من الموقع الذى حدده بيتر

            و لكن البحث اثبت دقة وصف بيتر للطائرة و الطيار ... كانت الطائرة مؤجرة و قد اجريت صيانة شاملة لمحركاتها حديثا و ثبت ان كلين قد غير مساره الاصلى نتيجة العاصفة بالضبط فى الموقع الذى حدده بيتر لتغيير المسار و لكنه اخطا فى تحديد عدد الاشخاص الذين كانوا داخل الطائرة فقدر راى شخصان فقط و ليس ثلاثة و الغريب فى الامر انه عند البحث وجدت جثتان فقط اعلى الجبل و لكن جثة الطالب كانت محشورة فى هيكل الطائرة

            تقول نورما ان سويفت و ليستر اعجبا ببيتر هوركوس جدا بقدرة بيتر و جهده فى القضية الذى ساعدهما على ايجاد الطائرة الى حد انهما راحا يبحثان لبيتر عن اعذار للاخطاء التى ارتكبها
            فيقول سويفت فى تفسيره لعدم رؤية بيتر للجثة الثالثة انها كانت محشورة فى هيكل الطائرة الى درجة ان فرق الانقاذ نفسها كادت الا تنتبه لوجودها


            بعد انتهاء القضية سالت نورما الضابط سويفت اذا ما كان غير وجهة نظره عن اصحاب القدرات الخارقة فقال " ليس لدى خيار اخر ... لقد قدم الينا الكثير من الحقائق الصحيحة التى ساعدتنا فى بحثنا و لا يمكن تكذيبها "

            الى اللقاء فى مشاركة جديدة مع قصة الهيكل العظمى التى لا تقل اثارة عن قصة الطائرة

            تعليق


            • #21
              بانتظار القصة التالية
              مشكوور
              { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ }



              تعليق


              • #22
                النبوءة أم اللوحة

                فى 24 سبتمبر 1969 تحدثت جريدة ( ديزرت سن )(Desert Sun) عن اكتشاف هيكل عظمى او بقايا هيكل عظمى فى الجزء العلوى من منطقة تاكوبتز كانيون . قالت الجريدة ان الاعتقاد السائد ان هذا الهيكل العظمى يعود لشخص يدعى ستيفن جاللاجر من لونج بيتش (Long Beach ) كان قد اختفى عام 1967 و كان قد انتهى لتوه من الخدمة العسكرية فى السلاح الجوى و اخر ما عرف عنه انه شوهد عاريا بالقرب من الشلالات العليا فى 29 يناير 1967

                اضافت جريدة (Desert Sun) : (" و كان صاحب الجلاء البصرى المشهود له بيتر هوركوس اثناء اقامته ببالم سبرينجز فى ديسمبر الماضى قد اشار الى انه يرى بقايا جاللاجر بالقرب من الشلالات العليا كما حدد البقعة التى ستوجد بها بقايا الهيكل , و عندما تم العثور على الهيكل العظمى وجد على بعد 3/4 ميل من البقعة التى حددها بيتر ")

                و قالت نورما بروننج (" اتذكر ذلك اليوم الذى صمم فيه بيتر على تسلق اعلى مرتفعات اخدود تاكويتز رغم احتجاجى الشديد . لم تكن له اى مصلحة ان يخاطر بدق عنقه بين تلك الجبال القاسية . كان الوقت شتاء و كان بيتر يعانى من الام فى حوضه و قد انتهى الكاد من تقديم خدماته فى الكشف عن لغز الطائرة المفقودة ")
                "شعرت ان فى ذلك الكفاية و ان عليه ان يستريح . كما اخبرته خطيبته ستيفانى ان يصرف نظره عن هذه المغامرة و لكنه صمم . و بقينا قلقين طوال اليوم حتى عاد سالما من الجبل . و كل ما عرفته فى ذلك الحين ان الرحلة لها صلة بانسان مفقود و انه كان يساعد رجال الشرطة على ايجاد الجثة "


                و لم تلق نورما بالا للقضية حتى قرات عنها فى جريدة Desert Sun فتذكرت و كان بيتر فى ذلك الوقت فى لوس انجلوس فاتصلت به و اخبرته عما جاء بالجريدة فقال " نعم ... هذا هو ما قلته ... اذن فقد وجدوا الجثمان " ثم قال فجأة بحماس " و لكن ارجوك يا عزيزتى هل اطمع فى ان تصنعى معى معروفا ؟ بان تتصلى برئيس مركز الشرطة عندكم و تساليه اذا ما كان قد تسلم اللوحة التى رسمتها و ارسلتها اليه ؟"

                تحدث بيتر عن اللوحة التى رسمها خصيصا لرئيس الشرطة و كيف انه ارسلها عن طريق صديق و لم يستلم ما يفيد انها وصلت .
                و عندما اتصلت نورما برئيس الشرطة روبرت وايت و نقلت اليه رسالة بيتر افاد انه قد تسلم اللوحة و انها جميلة جدا ثم بدا الضابط وايت متطوعا يتحدث بنبهار عن بيتر هوركوس و عن كشفه الهام فى هذه القضية


                قال " لقد وجدنا بقايا الهيكل العظمى بالضبط حيث قال لنا بيتر اننا سنجده " وعلى عكس بيتر كان حماس الضابط فى حديثه عن الهيكل المفقود اكثر من حماسه للحديث عن لوحة بيتر و كان هذا اقرب للمنطق فبقايا الهيكل اكتشفت قبل هذا الحديث بيومين فقط
                راح الضابط وايت يحكى قصة لقائه الاول ببيتر هوركوس " كنت سمعت الكثير عن هوركوس و كنت متشوقا للقائه عندما وصل فى زيارة لمكتبى ... سال اذا ما كان لدينا من القضايا ما هو غامض و معقد و لا نستطيع حله فقلت له لدينا العديد .... ثم سالت الضابط هاريس ان ياتى لنا بملفات القضايا الغامضة "


                " وعندما وصلت الملفات وضع هوركوس يده على الملف الاعلى و هو مغلق و كان ذلك ملف قضية جالاجر ثم راح بيتر يذكر حرفيا ما جاء فى تقرير الشرطة عن هذا الموضوع و كان التقرير ضمن اوراق الملف "
                "قال بيتر انها قضية فتى مفقود و ذكر اسماء الاشخاص الثلاثة الذين كانت لهم صلة بالقضية كما حدد نوع السيارة التى كانوا يقودونها ... و تحدث عن حفل صغير و عن كميات كبيرة من المواد المخدرة التى استخدمت و كان مصيبا فى كل ما قاله فالفتيان كانوا قد تعاطوا عقار ( ل.س.د) المعروف باسم عقار الهلوسة .. بل لقد وصف بيتر المنطقة التى شوهد فيها الفتى لاخر مرة ... قال انه يرى الصبى عاريا ... ثم قال انه يراه قبل هذا يرتدى زيا عسكريا ... و بالفعل كان الفتى يؤدى خدمته العسكرية فى السلاح الجوى ثم انهى خدمته و جرى تسريحه "


                ثم تكلم وايت عن اصطحابهم لبيتر فى محاولة لتحديد البقعة التى اشار اليها عندما قال انها بعيدة و تملؤها الصخور القاسية
                و كانت دهشة رجال الشرطة كبيرة عندما توقف بيتر بين الصخور و قال " هنا عثرتم على ملابس الفتى المفقود "
                قال وايت بحماس " لا يمكن ان تتصورى غرابة ما قاله بيتر الا اذا عرفت طبيعة المنطقة التى اتحدث عنها ... الاف الصخور و الاحجار المتشابهة .. ومع ذلك فقد توجه بيتر مبائرة الى الحجر الذى وجدنا عنده ملابس الفتى منذ عام مضى "


                اشار بيتر مرة اخرى الى منطقة الشلالات العليا قائلا لوايت انهم سيجدون الجثة هناك تحت صخرة من الصخور و جانب منها مدلى فى الماء لكن و فى ذلك الوقت من السنة كان من الخطر الاقتراب من تلك البقعة فقد كان الجليد يغطى تلك الصخور الزلقة فلا تبين معالمها
                يقول وايت " و لكننا بعد ذلك تلقينا بلاغا من اثنين من الرحالة الذين كانوا يتسلقون هذه المنطقة الوعرة حيث ذكرا انهما وجدا بقايا هيكل عظمى موزعة على مدى 15 قدما و على الفور تحركت احدى طائرات الشرطة متوجهة الى ذلك الموقع المعروف باسم الأثر المفقود فى اخدود تاكويتز على حدود بالم سبرينجز حيث وجدت بقايا الجثمان فى نفس الظروف و المواصفات التى حددها بيتر من قبل "


                و قد ختم رئيس الشرطة حديثه قائلا " لست اعلم شيئا عن هذا الذى يتمتع به بيتر هوركوس ... لكن الذى اعلمه جيدا ان كشوفه و رؤاه فى هذه القضية بهرت كل من شاركه بهذا العمل .. كيف كان بامكانه ان يسرد لنا محتويات الملف دون ان يفض غلافه ؟ اليس هذا مدعاة للتأمل و التفكير ؟ لقد عملت لمدة 22 سنة كرجل شرطة و مرت على كل انواع الظواهر لكنى لم اشهد شيئا كهذا من قبل ... لم التق ابدا بمثل هذا الرجل ... بيتر هوركوس "

                غير ان القضية التى اكسبت بيتر هوركوس اوسع شهرة و حظيت باكبر اهتمام من وسائل الاعلام هى قضية سفاح بوستون الشهيرة و التى ثارت عام 1964 و التى استوحاها الممثل المعروف تونى كيرتس Tony Curtis فى فيلم The Boston Strangler

                قضية سفاح بوستون و التى بدات احداثها عام 1964 و شغلت الراى العام طويلا و مازالت حتى يومنا هذا ... هل هو البرت دى سالفو Albert DeSalvo ام هو الشخص الاخر الذى اعتادت وسائل الاعلام ان تطلق عليه توماس اوبرين الذى يؤكد بيتر على انه السفاح الحقيقى



                لقد عمل بيتر لفترة محدودة كمستشار لمنتج الفيلم الذى قدمته هوليود تحت اسم سفاح بوستون و قام فيه تونى كيرتس بدور السفاح Tony Curtis و اخرجه واحد من اكبر مخرجى هوليود Richard Fleischer
                يحكى ريتشارد عما جرى له مع بيتر هوركوس عندما دعاه الى حفل ساهر مع العاملين فى الفيلم .. و كالعادة اخذ الموجودون يسالون بيتر بعض الاسئلة التى يهمهم اجاباتها و كان معظمهم يقومون بهذا على سبيل المزاح لانهم لم يكونوا يؤمنوا بالقدرات الخارقة .


                و اثناء هذا استدار بيتر ناحية ربة البيت السيدة مارى Mary و زوجة فليتشر و سالها " ما هو تاريخ ميلادك ؟ " بوغتت مارى بهذا السؤال فقالت " الحقيقة هناك نوع من الخلط حول تاريخ ميلادى الحقيقى و انا حتى الان لا اعلم تاريخ ميلادى الحقيقى بالضبط و هو ان يكون بين 19 يوليو او 22 يوليو و عائلتى لا تعلم بالضبط التاريخ الحقيقى و انا حاليا احاول الحصول على تاريخ ميلادى من السجلات الرسمية بمونتريال "
                كانت مارى قد ولدت من ابوين كاثوليكيين فى مونتريال و قد نشات مشكلة تاريخ الميلاد من الاختلاف بين السجلات الدينية و الطبية . و لم تستطع عائلة مارى ان تحدد اى اليومين هو تاريخ ميلادها الفعلى و قالت مارى " على كل حال لن يخرج تاريخ الميلاد الصحيح عن 19 او 22 يوليو " فعلق بيتر بحسم " انت مخطئة يا سيدتى فتاريخ ميلادك الحقيقى هو 24 يوليو "

                ضحك الجميع من كلام بيتر و لم يولوا الامر اهمية تذكر و بعد مرور سنة على الحفل حصل المخرج على شهادة ميلاد رسمية وصلته من كندا و كان بيتر محقا فقد كان تاريخ ميلاد مارى المدون بها هو 24 يوليو

                فى هذا الحفل كان احد الحضور هو احد كبار المنتجين فى هوليود ميلتون سبيرلنج Milton Sperling
                استدار اليه بيتر و هو يقول " لديك ساعة مستديرة عقاربها تسبق الوقت الحقيقى ب20 دقيقة ... لماذا تتركها هكذا ؟ "
                ضحك سبرلينج ساخرا من بيتر و لكنه اخرج مفكرة و قلما و قال " على كل حال سادون هذا لاتذكر مراجعة كل الساعات التى فى بيتى "
                انتهى الحفل فى منتصف الليل و فى الثالثة صباحا استيقظ فليتشر على رنين التليفون و كان سبيرلنج على الخط يقول مندفعا "صاحبك بيتر هوركوس هذا كاذب " سال فليشتشر " لماذا ؟ " فقال سبيرلنج محتدا " انها ليست ساعة و لكنه منبه كما ان عقاربه تسبق الوقت الصحيح بثمانى عشرة دقيقة فقط "


                قد تتساءل ما قيمة هذه الموهبة اذا كانت ستسهل له معرفة مثل هذه المعلومات التافهة ؟ لكن هذه المعلومات التى تبدو تافهة تصبح ذات دلالة اذا ما اضيف اليها تلك المعلومات التى استطاع بيتر التوصل اليها اثناء عمله ضد سفاح بوسطن

                سالت نورما بروننج المخرج فليتشر عن رايه فى جهد بيتر فى القضية فقال " مدهش ... مدهش للغاية ... المشكلة الوحيدة انه مصمم على اختيار الشخص الخطأ " فحتى وفاته يصر بيتر على ان البرت دى سالفو ليس هو السفاح الحقيقى رغم انه اعترف بارتكابه لجميع الجرائم الوحشية . و اصراره هذا هو الذى جعل عمر عمله قصيرا كمستشار لهيئة انتاج الفيلم الذى جرى انتاجه عن السفاح و يقول بيتر " لقد صرفوا الملايين على انتاج ذلك الفيلم و لكنهم رسموا قصتهم على اساس الشخص الخطأ "
                لم يعر العاملون فى الفيلم اعتراضات بيتر اى اهتمام كانوا قد اشتروا حق انتاج كتاب سفاح بوستون لمؤلفه جيرالد فرانك الذى اقام كتابه على اساس ان دى سالفو هو السفاح و قد اورد المؤلف التشابه الشديد فى الظروف و الملابسات بين دى سالفو و الشخص الذى صمم بيتر على اختياره و اطلق عليه اسم توماس اوبرين Thomas O'brien و حاولوا اقناع بيتر بمواصلة العمل فى الفيلم على اساس هذا التشابه لكنه كان دائما يقول " لا انا لا ارى هذا التشابه ... المسؤول عن هذه الجرائم هو الرجل الذى اشرت اليه و دى سالفو هذا ليس هو القاتل "


                و قد طلبت نورما من بيتر الشرائط التى تحتوى على تفاصيل الواقعة فقال لها انها كانت مع جيم كرين الذى جاء معه الى بوسطن ليساعده و يعمل كحارس شخصى له اثناء عمله فى هذه القضية و انها الان مع الممثل تونى كيرتس الذى يدرسها لتساعده فى التمثيل
                و لكن تونى كان فى ذلك الوقت قد تزوج و سافر لتمضية شهر العسل فى اوروبا و كان على بيتر ان يعثر على هذه اشرائط فى قصر تونى المنيف فى هوليود و الذى لم يكن قد دخله من قبل
                و قال العاملون بالقصر انهم على استعداد لتسليم بيتر الشرائط لكنهم لا يعلمون شيئا عن مكانها و هم على استعداد لفتح كافة الابواب امامه ليبحث عن شرائطه بنفسه.
                دخل بيتر المكتبة فقال " كتب كثيرة .... لا الشرائط ليست هنا " ثم اتجه الى حجرة النوم و مد يده الى احد ادراج الكومودينو و فتحه ثم اخرج منه الظرف الكبير الذى يحتوى الشرائط قائلا بانتصار " هاهو"


                فماذا وجدت نورما فى هذه الشرائط التى تسجل عمل بيتر فى القضية ساعة بساعة و يوما بيوم ؟


                تعليق


                • #23
                  التشويق .. التشويق
                  اظن انه .. ما قاله بيتر كان صحيح
                  لكن المخرج اراد شخصا آخر
                  ننتظر الجديد ....
                  ..........
                  سؤال : ألم يتم استشارته في قضايا أثرية " الآثار " محيرة ... كالاهرامات .. او غيرها !!؟؟
                  { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ }



                  تعليق


                  • #24
                    اسعد الله مسائك دكتور محمد عامر لقد فاتني الكثير من احداث قصة بيتر ولكن ما اود قوله الله يبارك فيك على الاسلوب الاكثر من الرائع تحياتي

                    " و لسوف يعطيك ربك فترضى "

                    تعليق


                    • #25
                      رووووووووووووعه اخ محمد عامر .. نحن نتابعك
                      وننتظرك على خير لاكمال قصص حياة هذا الرجل وما حله من قضايا
                      لكن كما قال اخينا الاميرال اليس له معلومات عن التاريخ
                      ام ان معلواته التى يمكن ان يقدمها تتناول حقبه زمنيه معينه
                      شكرا

                      قال إبن القيم
                      ( أغبي الناس من ضل في اخر سفره وقد قارب المنزل)

                      تعليق


                      • #26
                        الاخوة الاعزاء

                        السلام عليكم

                        شرفنى واسعدنى مشاركاتكم التى اتمنى ان تدوم

                        مروركم على الموضوع يعنى بالنسبة لى اهتمامكم بما اقدمة وهذا قمة المراد

                        اما بالنسبة لسؤالكم عن اهتمام بيتر بالاثار او صدور رؤيا لة قى هذا الموضوع فلا

                        اتوقع ذلك لانة لم يبدى اى اهتمام بالاثار او بمعنى ادق لم يكلفة احد بالكشف عن اى شئ من

                        هذا القبيل

                        مرة اخرى شكرا لمروركم

                        تعليق


                        • #27
                          استمر اخي محمد
                          نحن بانتظارك
                          { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ }



                          تعليق


                          • #28
                            الضحية رقم 11 للسفاح


                            الثابت أن فترة عمل بيتر هوركوس في قضية سفاح بوستون لم تتجاوز ستة أيام. وأنه فقد أكثر من ستة كيلوجرامات من وزنه خلال هذه الأيام الستة!.. وأنه لم يسترد هذه الكيلوجرامات الناقصة من وزنه إلا بعد عدة شهور

                            من واقع هذه الخرائط، تتجسد فظاعة الجرائم التى ارتكبها ذلك السفاح، المختل عقلياً، المهووس جنسياً، الذي كان يعتدي اعتداء شرساً على ضحاياه من النساء لم يتركهن في أوضاع خادشة للحياء، كما لو كان يحرص على المزيد من إهانتهن..

                            عندما استدعي بيتر للعمل في هذه القضية، كان السفاح قد قضى على الضحية رقم 11 من ضحاياه. وكانت الضحية هذه المرة، هي مارى سوليفان Mary Sullivan التى لم يتجاوز عمرها 19 ربيعأ.. وما فعله السفاح مع ماري سوليفان يحمل في ثناياه إجمالاً لكل الفظائع التي كان قد قام بها في جرائمه العشر السابقة. مما دل النائب العام للولاية إلى التدخل، وتولى الإشراف على التحقيقات و التحريات بنفسه.. عن الواقعة الأخيرة وعن الوقائع العشر التي سبقتها. مما أثار ضيق رجال شرطة بوسطون الذين كانوا يتولون هذه القضية.

                            كان النائب العام للولاية فى ذلك الوقت هو إدوارد بروك Edward Brooke

                            أول زنجى يصل إلى هذا المنصب. وقد بدأ بأن شكل مكتبأ خاصاً لتولى هذه القضية أوكل رئاسته إلى وكيل النائب العام جون بوتوملي John Bottomley .. وانشغل بروك و بوتوملي بجمع كافة الحقائق التي تتصل بحوادث القتل التي قام بها السفاح، مهما كانت تبدو تافهة أو جانبية او غير مفيدة. وحتى الآن، لايعرف من الذي تكفل بمساهمة بيتر هوركوس في هذه القضية. كل ما هو معروف أن العرض جاء من طرف رجل من رجال الصناعة ببوسطون، وأن ذلك الرجل الثري أصر على أن يظل اسمه مجهولا.

                            وكان الرجل قد تعهد بتغطية كافة النفقات التي ستترتب على استقدام بيتر من هوليود.. السفر والانتقال و الاقامة، كما قيل إنه رصد مبلغاً يزيد على ألف دولار كمكافأة لبيتر عن جهوده، لكن الثابت من المستندات أن بيتر لم تصله أي مكافأة عن عمله فى هذه القضية. كان من الطبيعي أن يتردد بروك وبرتوملى في قبول فكرة اشتراك واحد من أصحاب القدرات العقلية الخارقة للمساهمة فى كشف شخص السفاح. لكن الأمر الواقع فرض نفسه في النهاية. حقيقة قد يوجه أليهما بعض النقد بالنسبة لهذا التصرف، لكنهما على كل حال لن يخسرا شيئاً، فالدولة لن تتكلف دولاراً واحدا نتيجة لهذه المساهمة.

                            مع جلين فورد Glenn Ford

                            كان بيتر يجلس مع الممثل المعروف جلين فورد في بيته المقام بمنطقة بيفرلي هيلز الفاخرة الشهيرة عدما تلقى المكالمة التي كانت بداية صلته بالقضية. كان البرنامج التليفزيونى التسجيلي (خطوة إلى الأمام) قد خصص إحدى حلقاته لبيتر هوركوس، وموهبته الغريبة. كما قد تقرر إنتاج فيلم سينمائي حول شخصيتة وموهبته، على أن يلعب جلين فورد دور بيتر هوركوس في الفيلم. وقتها كان بيتر يوزع إقامته بين ميامي وهوليود، وقد بدأ يفكر جديا في الانتقال إلى هوليود نهائياً، كما كان في نفس الوقت يتخذ ألاجراءات للانفصال عن زوجته الثانية.. ويبدو أن مواهبه الخارقة لم تفده كثيرأ في تأمين حياته الزوجية ونجاحها .

                            وسط كل هذا، وسط أحلام العمل فى التليفزيون والسينما، وسط المشاغل العملية والعائلية, تردد بيتر قي قبول فكرة الانسحاب من هذا كله، والسفر للعمل والمساهمة في قضية سفاح بوستون. يحكي بيتر عن هذا فيقول " لم أكن راغبأ فى قبول هذه القضية، لكن ذلك الرجل المدعو بوتوملي دأب على الاتصال بي تليفونياً، راجياً السفر أليهم، ومساعدتهم في كشف ألغاز القضية. قال إن جميع المصاريف الخاصة قد تكفل بها بعض الناس.. لم أكن أحب أن أسافر إلى بوستون.. كان لدي شعور خفي بأني سأواجه بعض المتاعب في هذه القضية.. لا أدرى لماذا كنت متردداً في قبول العمل في قضية سفاح بوستون. غير أن جميع الأصدقاء الذين استشرتهم فى هذا، أجمعوا على ضرورة سفرى.. إن لم يكن لشيء فللاعتبارات الإنسانية.. وقد جاء صديقي جيم كرين وعرض على ان يسافر معى إلى بوستون على نفقته الخاصة، حتى يتولى حمايتي في تلك المدينة التي لا أعرف فيها أحداً.."

                            قبل أن يتخذ بيتر قراره النهائى في هذا الموضوع، ذهب لاستشارة صديقته تراسي، التى كانت هي الأخرى تتمتع بقدرات عقلية خارقة. عندما علمت الكاتبة نورما بروننج بهذا ثارت دهشتها الشديدة، وتساءلت بكثير من الشك إذا ما كان بيتر جاداً في هذا. فقال لها بيتر بجدية تامة" أنا أفعل هذا دائماً.. أستشير تراسي قبل الاقدام على أي عمل كبير.. لقد ذكرت لها فقط أنني سأسافر في مهمة، هل أذهب أم لا؟،. فقالت لى : نعم، أن مهمتك لها صلة بطقس بارد.. وجرائم قتل كثيرة.. ستمر عليك أوقات صعبة، لكنك ستخرج منها سليما.." . سألته نورما باندهاش " أنا لا أصدق هذا ! أنت تستشير شخصاً آخر من أصحاب القدرات العقلية الخارقة مع كل ما تتمتع به من هذه القدرات !.. لماذا ؟ ". أجاب بهدوء "دعيني أشرح لك أننا أصحاب القدرات العقلية الخاصة، نذهـب عادة لمن هم مثلنا بحثأ عن المشورة تمامآ كما يذهب الطبيب إلى زميل من الأطباء عندما يشكو من مرض.. فأنا لا أستفيد من موهبتي هذه فى شأن من شؤوني الشخصية، لذلك ألجأ إلي تراسي كلما شرعت في كشف أسرار جريمة من الجرائم، حتى أتأكد من أن ضررا ما لن يصيبني.. "

                            من المسائل التي أكد عليها بوتوملي عندما عرف بقبول بيتر هوركوس للمهمة أن أوصاه بعدم الهبوط بطائرته في مطار بوستون.. وأن يلجأ إلى استخدام أي مطار قريب، حتى لا يلفت نظر رجال ألاعلام.

                            الهبوط السري

                            وفقأ لتعليمات مكتب النائب العام، هبطت الطائرة التى يستقلها بيتر هوركوس وزميله وحارسه جيم كرين jim krane في مطار يبعد 50 ميلأ عن بوستون، في الثامنة من يوم 29 يناير 1964. وكان في استقبالهما جون بوتوملي وكيل النائب العام والضابط ليو مارتن Leo Martin. و جرى نقل بيتر و صاحبه الى الفندق القريب الذي سجلا فيه تحت اسمين مستعارين، وذلك ضمن إجراءات أخرى اتخذها مكتب النائب العام لتعمية رجال ألاعلام، والحيلولة بينهم وبين الاتصال ببيتر. ومن مكتب النائب العام، اختيار جوليان سوشنيك



                            لمرافقة بيتر يومأ بيوم وساعة بساعة طوال عمله فى هذه القضية. كما سمح مكتب النائب العام لصديق بيتر و راعيه دكتور أندريا بوهاريش بالبقاء معه.

                            في عصر اليوم الأول لعمل بيتر في القضية، أحضر له سوشنيك في جناحه بالفندق صندوقين كبيرين بهما بعض الأشياء التي استخدمها السفاح في جرائمه،. جوارب نايلون، وأوشحة من الحرير، ثم حوالي 300 صورة من الصور التي التقطها رجال الشرطة لكل ضحية من ضحايا السفاح. وكانت الصور الخاصة بكل ضحية موضوعة في غلاف خاص مقوى.

                            أخرج سوشنيك الصور، ووضعها في أكوام فوق السرير بالحجرة و وجهها الى أسفل، مد بيتر يده يتحسس هذه المجموعات، ثم توقف فجأة وهو يصيح غاضباً " هذا تزييف تهريج. هذه الصورة ليس لها صلة بالموضوع" وكان محقا في هذا..

                            اعترف سوشنيك على الفور أنه تعمد إقحام هذه الصورة على باقى الصور لاختبار لقدرة بيتر على كشف هذا.. كالت الصورة لامرأة قتيلة، في جريمة أخرى تم كشف أسرارها والقبض على القاتل الذي ارتكبها.. لكن بيتر لم يستطع أن يتقبل هذه المحاولة، وصاح " تريد أن تنصب لى فخاً؟.. أطير كل هذه المسافات لأساعدك، ثم تظن أن بيتر هوركوس نصاب؟ ا.. على كل حال سأريك.. " ومرر أصبعه على ظهر صورة مقلوبة لا يرى أحد ما بها ثم قال " هل ترى هذه الصورة؟. هذه صورة امرأة قتيل ترتمى على الأرض و قد تباعد ما بين ساقيها.. سأريك كيف. ارتمى بيتر على الأرض، واستدار حتى أصبح مستلقياً على ظهره مباعدا ما بين ساقيه، مميلا رأسه إلى ناحية، وقد رسم على وجهه تكشيرة خفيفة، مقلدأ بالضبط وضع المرأة القتيلة التى تظهر في الصورة المشار إليها.

                            كانت هذه هي البداية، وبعدها بدأ بيتر يتكلم عن الصور المقلوبة التي يراها بعقله، ويعطي من المعلومات عن أصحابها ما أثار دهشة الموجودين ..

                            في مساء ذلك اليوم، وصل أحد الضباط العاملين في القضية إلى حجرة بيتر في الفندق، و بدأ يعتذر لزملائه عن وصوله متأخراً عن موعده ثلاثة أرباع الساعة، قائلاً إن سيارته تعطلت قي الطريق، كما أن المرور كان مرتبكاً بشكل غير طبيعى. لم يكن بيتر قد قابل ذلك الضابط من قبل، لكنه استدار فجأة ليواجهه، وقال بصوت أميل إلى الخشونة" أنت لا تقول الصدق. أنت لم تتأخر نتيجة لتعطل سيارتك أو لازدحام المرور. السبب الحقيقي هو أنك توقفت فى طريقك عند شقة حبيبتك وأمضيت معها لحظات مسروقة سريعة من المتعة.. أليس كذلك يا سيدي؟!.."

                            احمر وجه الضابط المسكين، بينما فغر باقى الضباط أفواههم اندهاشا عندما واصل بيتر كلامه، فوصف محتويات شقة حبيبة الضابط التى كان عندها. ولما أفاق الضابط من دهشته وخجله قال مغتاظا " نعم أنت على حق.. ما قلته هو الحقيقة.. لكن.. لكن كيف عرفت هذا كله " ثم نظر الى الضباط زملائه و قال هل كان هذا الرجل معكم طوال الوقت .. هل أنتم متأكدون من أنه لم يكن يلاحقني؟ "


                            خريطة ومشط للبحث عن السفاح..!

                            عندما عرضت على بيتر صور المشتبه فيهم، وكانت عديدة، قال إن صورة السفاح ليست بين هده الصور، وإن صورتين منها لمتهمين في جريمتي اغتصاب، وإن واحدة منها لقاتل، لكنهم جميعا ليست لهم صلة بأي جريمة من الجرائم المنسوبة للسفاح الذي يبحثون عنه. وقد كان هذا مثار اندهاش كبير بين ضباط الشرطة، فقد كان ما قاله صحيحأ إلى أبعد حد..

                            وهكذا بدءوا يثقون في قدراته، ويتخلصون من شكوكهم فيه. وذات لحظة، توقف بيتر عن تأمله، وقال "إني محتاج إلى خريطة للمدينة.. أحضروا لى خريطة وسأدلكم على المكان الذى يعيش فيه السفاح.."

                            أسرع أحد الحاضرين فأتى بخريطة كبيرة لمدينة بوستون. وكعادة بيتر طلب منهم أن يضعوا الخريطة بحيث يكون وجهها إلى أسفل , قائلا للموجودين " لا أريد أن أرى الشوارع.. وأسماء الأحياء.. إذا رأيت الخريطة بكل ما فيها من تفاصيل فإن هذا سيربكني.. والآن.. أحضروا لى شيئاً من متعلقات الضحايا.. ". قدم إليه أحدهم مشطا لواحدة من ضحايا السفاح، فراح بيتر يمرر أسنان المشط على الخريطة المقلوبة، و راح يدفع المشط إلى أعلى وإلى أسفل، حتى توقف عند نقطة معينة على ظهر الخريطة وهو يقول بانفعال "هنا.. هنا ستجدون السفاح، إنه يبدو في هيئة الوعاظ.، ويرتدى ملابس الوعاظ.. إنه يتكلم الإنجليزية بلكنة فرنسية،. إن صوته أشبه بصوت البنات، إنه يتكلم هكذا.. " ثم أصدر بيتر صوتاً نسائيأ مصطنعأ. وكانت المنطقة التي حددها بيتر على الخريطة هي منطقة نيوتن- بوستون.

                            أثناء عمل بيتر على الخريطة تلبدت معالم وجهه فجأة وهو يقول بانفعال " عليه اللعنة هذا الفتى.. هذا الكلب الفاسد.، إنه منحرف جنسيا".. ودفع الخريطة جانبا وهو يقوم متحركا في الحجرة وهو يقلد حركات ومشية الشواذ جنسياً. ! ثم قال وهو ينظر إلى الضباط من حوله " سأتوقف الآن،. إنني متعب للغاية.. "، كان العرق يتصبب منه غزيراً وقد تلاحقت أنفاسه، فهبط على أحد المقاعد الوثيرة، وتناول السيجار الذي قدمه له صديقه جيم كرين.. بينما وقف رجال الشرطة في مكانهم لا ينطقون.

                            لكن هذا لم يكن سوى البداية،. فقد استطاع بيتر هوركوس بعد ذلك أن يصل إلى أدق التفاصيل حول شكل السفاح وعاداته وطريقة معيشته .

                            اللقاء المثير
                            بين بيتر هوركوس و سفاح بوستون


                            في اليوم الأول لوصول بيتر هوركوس، كان هو وصديقه الذي أصر على مرافقته في هذه المهمة، جيم كرين، ينتظرون في مكتب وكيل النائب العام بوتوملى. قبل وصول بوتوملى دخل ليو مارتن ، وسلم بيتر خطابا مطويا وهو يقول له " ماذا ترى في هذا يا سيدي؟." بدلا من فتح الورقة وقراءة الخطاب، قيض بيتر على الورقة بين أصابعه، وأغلق عينيه، وغرق في حالة من التركيز العميق. وقد تصبب العرق غزيرا على وجهه ... ثم صاح فجأة "يا الله.. هذا هو الكلب الذي فعلها.. السفاح الرجل الذي نسعى للقبض عليه.."


                            فما قصة هذا الخطاب ؟
                            وصل هذا الخطاب إلى مديرة كلية بوستون للتمريض، من شخص يرمز إليه جميع الذين كتبوا عن قصة سفاح بوستون باسم توماس أوبرين، وهو اسم مستعار اصطلح الجميع على إطلاقه على ذلك الشخص. ومرجع ذلك إلى أن ذلك الشخص لم تثبت عليه التهمة أو يحقق معه رسميا، ولهذا فذكر اسمه الحقيقي قد يؤدى إلى مشاكل قضائية و دعاوى بالتعويض.


                            المهم، لنتفق على أن اسم ذلك الرجل هو توماس أوبرين. و أنه هو الذي أرسل الخطاب المشار إليه، وقد كتب في الطرف الأعلى الأيمن للخطاب العجيب عنوانه. ذلك العنوان الذي يقع في إطار المنطقة التي حددها بيتر على الخريطة باستخدام المشط. ولعل هذا هو الذي جعل الشرطة تهتم بهذا الخطاب الغريب الذي وصلها من مديرة كلية بوستون للتمريض.. فماذا جاء في ذلك الخطاب ؟

                            سيدتي..

                            عندي مشكلة ربما رسمت الابتسامة على شفتيك عندما تقرئين عنها، لكني توجهت إليك معتقدا أن بإمكانك مساعدتي. بعد فشلي في الدراسة، جربت العمل كبائع جوال، وما زلت حتى اليوم أعمل في هذا المجال. لقد حاولت طويلا أن أحصل على وظيفة رسام للرسوم الكوميدية " استربس" التي تظهر في الجرائد و المجلات، ومع فشلي في ذلك، ما زلت أحاول. سبب كتابة هذا الآن، هو رغبتي في إخبارك بأنني غير متزوج، و تمنيت دائما أن أقابل ممرضة كاثوليكية طيبة، تكون قد أنهت دراستها في كلية التمريض ضمن دفعة عام 1950. على أن يكون عملها في مدينة بوستون، أو في مكان قريب منها .

                            و أنا لدي فكرة كتابة تحقيق صحفي عن كليتكم، و هكذا يتاح لي أن أجرى الأحاديث مع أكبر عدد ممكن من الممرضات، و بهذا أتعرف على وجهات نظرهن و خبراتهن، سواء في الدراسة التي تلقينها أو في العمل الذي يقمن به . و قد يحدث أثناء إجراء هذه الأحاديث أن التقى بالممرضة التي أحوز إعجابها وتحوز إعجابي. فإذا حدث هذا، يمكن آن تنشأ بيننا صداقة تمتد إلى أن تقود إلى علاقة أعمق، وإذا حدث، بشكل آو بآخر، أن بعض خريجات 1950 كن مطابقات لمواصفاتي، أو كن يرين أنني مطابق لمواصفاتهن. إذا حدث هذا، فربما تكون هناك وسيلة لمقابلتهن غير تلك التي كنت قد اقترحتها. سأكون سعيداً إذا ما تمكنت من زيارتك شخصيا في الكلية، إذا اتفق هذا مع رغبتك. علي أي الأحوال، يهمنى أن أسمع منك إذا ما أردت الاتصال بى فليكن ذلك عن طريق دكتور ريتشارد رايت 1190 شارع بيكون، بروكلين،. لقد عرفني لعدة سنوات..

                            مع أفضل تحياتي..

                            توماس أوبرين

                            " الاسم المستعار "

                            مع غرابة الخطاب، أرسلت مديرة كلية بوستون للتمريض ذلك الخطاب المريب إلى الشرطة . التي نقلته بدورها إلى وكيل النائب العام بوتوملي . عندما اتصل بوتوملى بالدكتور رايت تليفونيا، قال الطبيب إنه يعرف الرجل فعلا لبعض الوقت، وإن لاوبرين هذا تاريخا طويلا في المرض العقلي، و انه في حوالي الخمسين من عمره.

                            هكذا دخل اوبرين دائرة المشتبه فيهم، في عملية البحث عن السفاح. وخاصة بعد أن قرأ بيتر هوركوس الخطاب، دون أن ينظر إليه، و قال إن صاحبه هو السفاح.

                            فماذا قال بيتر أيضا في وصف و رسم شخصية السفاح , من واقع الصور الفوتوغرافية للضحايا وبعض متعلقاتهن وملابسهن الشخصية ؟

                            لقد قدم بيتر وصفا تفصيليا دقيقا للسفاح من حيث الشكل والطباع والسكن الذي يقيم فيه و العادات التي يلتزمها، وطريقته في النطق، وطبيعة صوته . وعندما حدثت المواجهة بين الشرطة وهذا الرجل ثبت آن كل ما حدده بيتر كان صحيحاً إلى أبعد حد، بل إن بعض المعلومات التي توصل إليها بيتر من خلال تحسسه للصور و المتعلقات ، قد أدهشت السفاح نفسه عندما ووجه بها، ذلك لأن لا أحد غيره يعرفها ..

                            سبق أن اشرنا إلى أن زميل بيتر وصاحبه جيم كرين حرص على تسجيل كل ما قاله بيتر أثناء عمله في هذه القضية. و من واقع هذه التسجيلات نرى فيض المعلومات التي مد بها بيتر هوركوس رجال الشرطة من خلال صور الضحايا و متعلقاتهن الشخصية. معلومات تتصل بالضحايا أنفسهن، وتفاصيل الطريقة التي قتلت بها كل واحدة منهن. بل إن بعض هذه المعلومات كان خافياً على الجميع فيما عدا رجال الشرطة، والجهات الطبية التي تولت تشريح الجثث.

                            قال بيتر فى وصف السفاح " انه ليس كبيرا في الحجم، طوله يصل إلى حوالي 170 سم، خط شعره ينحسر متراجعا على جبينه ، توجد علامة أو بقعة على ذراعه اليسرى، مع عيب فيه إبهامه. يتكلم بلكنة غريبة.. لكنة فرنسية ، له صلة بالمستشفيات.، إنه شاذ جنسيا وكاره للنساء.. يتلذذ بإراقة الدماء وبغسل يديه فيها، حرفته ليست حرفة نمطيه آو عادية.. وهو نفسه ليس عاديا،. عيناه زرقاوان تميلان إلى اللون الرمادي، كعيني القتلة.. شعره خفيف، وله انف حادا مدببا، وتفاحة آدم كبيرة في رقبته. ".

                            تعلق الكاتبة نورما بروننج التي أصدرت كتابا عن بيتر أنها عندما اطلعت بعد ذلك على الصور الفوتوغرافية التي التقطت للرجل الذي نسميه توماس أوبرين، والمعلومات التي سجلها رجال الشرطة على ظهر الصورة، وجدت أن بيتر كان مصيباً في كل ما قاله عنه من معلومات استمدها من صور الضحايا وملابسهن، فيما عدا الخطأ الوحيد الذي يتصل بعمر السفاح. لقد قال بيتر إنه في حوالي الثانية و الخمسين من العمر، بينما كان الرجل في السابعة و الخمسين .

                            ماذا يقول جيم كرين في تسجيلاته هذه؟

                            " قال بيتر إن الرجل مصاب بتيبس في إبهامه، وبندبة على ذراعه اليسرى. وقال إن القاتل يضع نظارة على عينيه، لكنه لا يستخدمها كثيراً. وقال بيتر إن الرجل يعلم بينه و بين نفسه إن الشرطة ستصل إليه وتقبض عليه. لكنه لا يستطيع أن يتوقف عن القتل.. يعيش بالقرب من مدرسة لتخريج القساوسة الكاثوليكيين، وله صلة بالرهبان.. براهب سمين يضع نظارة على عينيه.. وأنه فصل من عمله أكثر من مرة لشذوذه الجنسي..

                            تقول تسجيلات كرين " شرح بيتر رؤيته للسفاح، فقال إنه مثقف حصل على قدر لا بأس به من التعليم.. وإنه يعيش أو كان يعيش في منطقة من المناطق الفقيرة التي يوزع فيها الحساء مجانا، وأنه يتردد على الأبرشية لكنه رجل خطير. يحب رؤية النساء عاريات وقد تباعدت سيقانهن. ويقول بيتر إن ذلك الرجل يقتل متصورا أنه يقدم قربانا إلى الله، وهو يقتل النساء حتى يقدمهن نظيفات أمام الله. و إنه لا يتصل بالنساء جنسياً. والنساء اللائي يقتلهن لا يعتدي عليهن جنسيا، لكنه يشبع رغبته الجنسية بطريقة شاذة خاصة به. ".

                            وعن العادات الشاذة للسفاح جاء في التسجيلات " يقول بيتر إن السفاح ينام بملابسه، وإنه في بعض الأحيان يرفع الحشية عن السرير، وينام على سوستة السرير المعدنية.. إنه يسعى بذلك إلى تعذيب نفسه. إنه يؤمن بأن الله يريد منه ذلك. في بعض الأحيان ينام عارياً على الدبابيس.. دبابيس ليست مسننة.. لكن على نوع من المعدن يسبب له الآلام. إنه يفعل ذلك للتكفير عن جرائم القتل التي يرتكبها. و في الأيام التي لا يرتكب فيها أي جرائم ينام على السرير وفوقه الحشية ".

                            " يقول بيتر إنه يرى الآن القاتل وهو يفتح أدراجه بحجرة نومه وأن هذه الأدراج مملوءة بالأحذية. كما يرى حقيبة سفر ببدروم المنزل الذي يسكنه السفاح مملوءة بالأحذية. ويوضح بيتر أن الأحذية التي بحجرته هي التي يمر بها على البيوت، من منزل إلى منزل، محاولاً بيعها للنساء، وأن الأحذية التي في البدروم هي أحذية الضحايا من النساء اللائي يقتلهن. و أن السالسيد المسيح إلى خلع أحذية الضحايا هو اعتقاده أن الله لا يمكن أن يقبلهن وهن يرتدين الأحذية. ذلك لأن السيد المسيح لم يكن يرتدي حذاء. و قال بيتر إن الرجل تخصص في بيع الأحذية للممرضات".

                            أصوات بيتر أثناء نومه

                            كان من عادة بيتر أن يتكلم وهو نائم، خصوصاً في أعقاب يوم متعب مجهد، أو عندما يكون واقعا تحت تأثير توتر عصبي شديد نتيجة لاستغراقه في بعض الشؤون، كما حدث أثناء عمله في الكشف عن شخص سفاح بوستون. و من واقع تسجيلات جيم كرين، نعرف أن بيتر توصل إلى الكثير من المعلومات حول اوبرين، أثناء استغراقه في النوم.

                            كان كرين يشارك بيتر حجرة نومه في الملامح، جرين، وكان يترك جهاز التسجيل دائرا أثناء نوم بيتر حتى يسجل كل ما يقوله. بالطبع كان بعض ما يقوله غير واضح الملامح ، والبعض الآخر لم يكن من الممكن تفسيره لاختلاط الأصوات. ذلك لأن بيتر هوركوس أثناء نومه كان يتكلم بصوتين، صوته الأصلي الثقيل بلكنته الهولندية القوية و صوت السفاح الحاد الأنثوي المخنث، بالإضافة إلى اختلاط الأصوات بأصوات تقلب بيتر على السرير أثناء تكلمه.

                            عندما أبلغ جيم كرين ممثل مكتب النائب العام جوليان سوشنيك مسألة تكلم بيتر أثناء نومه، وذكره لمعلومات مفيدة عن السفاح، جاء سوشنيك مع ثلاثة من رجال الشرطة إلى حجرة بيتر وبقوا بها طوال الليل ليسمعوا بأنفسهم ما يقوله بيتر أثناء نومه.

                            و قد جاء في أحد تقارير جيم كرين عن هذه الظاهرة ما يلي:

                            " الساعة الآن الثانية و النصف بعد منتصف ليل الثالث من فبراير 1964، بيتر يتكلم أثناء نومه و يقول: "هالو. هالو أيها المهندس و 20 دك و 20 دك،. و 20 دك. صوفيا مورتيكا .. صوفيا مورتيكا ... صوفيا "

                            كانت الفتاة الزنجية صوفيا كلارك واحدة من ضحايا السفاح. وعند الرجوع إلى مدارس برليتز حول اللغة التي تكلم بها بيتر أثناء نومه، تبين إنها البرتغالية . ومن المعروف أن بيتر يتكلم خمس لغات، لكن ليس من بينها البرتغالية. و قد ظهر أخيرا أن صوفيا كلارك كانت نصف زنجية، وأن والدها كان برتغاليا. كما توصلت الشرطة إلى أن محفنجد:اسلكي التي تتخذ لها رمز الاتصال و 20. د.ك، كانت مملوكة لابن عم صوفيا كلارك ..

                            نعود إلى تسجيلات جيم كرين فنجد : " في تمام الساعة 3.24 بعد منتصف الليل، بدا بيتر منفعلا للغاية وهو نائم، و كان يقول: اقتلوا ذلك اللقيط ! رفع بيتر قبضة يده وشد عليها بعنف وهو يلوح بها حتى شحبت مفاصل يده، ثم لكم بقبضته حاجز السرير خلف رأسه حتى خيل إلي أن قبضته قد تحطمت . الآن استراحت قبضته وهو يقول: أنت يا صاحب العينين الزرقاوين يا عفن. أخرج من عقلي و إلا فسأقتلك.."

                            في الرابعة إلا الربع نهض بيتر من سريره ومضى إلى الحمام، وعندما عاد سأله جيم كرين إذا ما كان بخير، فرد إيجابا، لكنه عاد ليسأل كرين لماذا تولدت داخله هذه القدرة الخاصة؟.. ولماذا لا يستطيع أن يخرج القاتل من عقله؟. قال إنه لا يستطيع أن ينام. وعندما يذهب إلى سريره يحلم بأشياء غريبة لا يستطيع فهمها. و قد بذل كرين غاية جهده في تهدئة بيتر لكن يبدو أن جهوده لم تكلل بالنجاح فقد نهض بيتر من سريره وأخذ يذرع الحجرة لأكثر من عشرة دقائق، ودخن سيجارتين . كان يبدو عليه التعب الشديد، لكنه اقتنع آخر الأمر بضرورة العودة إلى سريره ومحاولة النوم.. بعد ذلك و أثناء نومه تحول صوته إلى ذلك الصوت الأنثوي، وأجرى حوار مع القاتل، كان يتكلم مع السفاح بصوته الطبيعي، وينطق إجابات السفاح بصوته المصطنع..

                            جاء في تسجيلات كرين " دار بينهما الحوار التالي، قال القاتل: ها أنا أخلع عنهن أحذيتهن.. ها هي الجثة، أنا أخلع الحذاء ، و أعرى البدن من الملابس.، أوه.اننى اذهب إلى الكنيسة.. أنا من رواد الكنيسة ولا أفعل عملاً آثما. ! أفعالي كلها طيبة، وآنا أغسل يدي في دورة المياه. ثم ياتى الصوت الطبيعي لبيتر وهو مفعم بالغضب و التقزز : أتظن هذه مياه مقدسة ؟.. أنت مجنون ! .."

                            حكى بيتر هوركوس لنورما بروننج عن المعاناة التي لاقاها في هذه القضية، وعن الطريقة التي كان يحصل بها على المعلومات معتمدا على قدراته العقلية الخاصة

                            فماذا حدث فى هذه القضية المثيرة ؟


                            تعليق


                            • #29
                              مثير ورائع ومحير
                              ويثير كثير من التساؤلات عن هذه القدرة العجيبة !!!
                              لكن المثير في القصة .. انه يرجع الى اشخاص ذوي قدرات خارقة ... لمعرفة حالته الشخصية .. غريب !!!
                              استمر استمر ...
                              فإني اشك في نهاية هذا الرجل .. أنها ستكون غريبة
                              { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ }



                              تعليق


                              • #30
                                رحلة الكشف عن سفاح بوستون

                                يقول بيتر هوركوس "معظم ما توصلت إليه من معلومات رأيته أثناء نومي، لكني اعتمدت كثيراً على صور الضحايا وملابسهن الخاصة. لقد عشت جرائم السفاح واحدة واحدة. عشتها من خلال عقله هو. ذلك العقل الذي يضطرم بالمشاعر الحادة. لعل هذا هو السبب فيما اصابنى من أرق.. نعم، كنت أتكلم أثناء نومي، وكان ذلك يحدث فقط عدما يبلغ بي التعب والإجهاد مداه. كان رجال الشرطة يقولون لي: بيتر، لماذا لا تذهب لتنام، فكنت أقول لهم: لا أستطيع آن أذهب إلى سريرى، طالما أنني لا أستطيع النوم.. لكني كنت في نهاية الأمر أسقط نائماً. وتبدأ الأحلام وتصدر منى الكلمات أثناء نومي.."

                                يواصل بيتر روايته فيقول " فى الليلة الاولى.نمت مع صور الضحايا. وفي الليلة الثانية نمت مع صورهن وبعض ملابسهن،. وقد أوصلني هذا إلى مفتاح الجريمة، عندما نمت مع قميص إحدى الضحايا و تنورة ضحية أخرى، استطعت أن أرى القاتل، وأن أصفه، وتكلمت بهذا الوصف أثناء نومي. كنت أثناء نومي أسمع صوتين، صوتى، وصوت القاتل، كان غضبي يصل إلى مداه.. كنت أشعر برغبة شديدة في قتله!".

                                اثناء نوم بيتر، تكلم واصفأ الحجرة التي يعيش فيها القاتل، والطريقة التي ينام بها " على السوستة ودون مرتبة"، والأهم بالنسبة للشرطة، ما ذكره من أنهم سيجدون في حجرة القاتل مفكرة، كتب فيها ما يثبت أنه السفاح. عن هذا يقول بيتر " أثناء نومي، ومن خلال احلامى، أرى المفكرة، وأرى خط يده فيها. لقد تضمنت المفكرة كل شىء، كيف تتحقق متعته بالجرائم التي يرتكبها، كيف تسمح له النساء بالدخول إلى بيوتهن، وكيف كن ينظرن إليه باعتباره مجرد رجل لطيف يبيع لهن الأحذية في منازلهن، كيف كان يبدأ بأن يقول للضحية: " دعينا نرى إذا ما كان هذا المقاس يناسبك.. ثم ينقض عليها، وغالبا من الخلف. وبعد أن تنتهي جريمته يقف مناجياً الله، قانلأ كم هو قوي.. لأنه لا يقرب ضحاياه أو يتصل بهن جنسياً..".

                                الاستحمام بالحذاء..
                                شيئا فشيئا بدأت المعلومات تتكامل لدى مكتب النائب العام، سواء عن طريق هوركوس، أو عن طريق التحريات التي كان رجال الحثرطة يقومون بها. وقد أصبح رجال الشرطة على مدى الأيام أكثر ضيقاً بالمنافسة التي يواجههم بها بيتر، وبفيض المعلومات الذى يقدمه يوماً بعد يوم. نتيجة لهذه المعلومات المتجمعة، لم يكن امام جون بوتوملي وجوليان سوشنيك سوى آن ينظما زيارة لحجرة أوبرين، تقوم بها الشرطة ويرافقهم فيها بيتر هوركوس.

                                كان بيتر قد وصف لهم بدقة، المنطقة التي يوجد بها السفاح، والمنزل الذى يسكنه، والحجرة التي يعيش فيها. قال لهم إنهم سيجدون بالحجرة سريرا صغيرا، وأكواماً من الكتب يعلوها التراب، وحوضا لغسيلالوجه. فالحجرة ليس بها حمام أو دورة مياه، والسفاح يستحم في الطابق السفلى. ويذهب إلى دورة المياه التي به. بل قال لهم بيتر إن السفاح يقف دائماً تحت الدش .. وقد ارتدى الحذاء.! قال لهم عن هذا " اسألوا صاحبة البيت.. وستؤكد لكم كلامي "..

                                أكد بيتر للشرطة أن السفاح لن يواجههم بالعنف عندما يقبلون للقبض عليه "فهو يعلم أنه سيقع في يد الشرطة. واقع الأمر أنه يريد أن يقع في يد الشرطة، لكنه أيضاً بريد أن يقتل مرة أخرى ". ومن ناحية أخرى حذر رجال الشرطة بيتر هوركوس من أن يمد يده إلى السفاح أو يعتدي عليه. في هذا يقول" قالوا لي إنني قوى، و انهم يخشون أن أعتدي عليه نتيجة لاحتقاري الشديد له،. وقالوا إنه إذا كان هو القاتل فإنه سينال الجزاء المناسب عن طريق العدالة، وإنهم لا يريدون اي انتقام شخصي، فوعدتهم بعدم المساس به".


                                اللقاء الأول مع السفاح

                                صباح اليوم التالي توجه الجميع للبحث عن أوبرين، وفيما هم في الطريق، و السيارة تقطع شوارع المنطقة، ظل بيتر يتحدث طوال الوقت عن عيني القاتل " للقاتل عينان غريبتان.. عينا سفاح ". وعندما وصلوا إلى العنوان، وجدوا المنزل عتيقاً متداعيأ. كانت حجرة أوبرين في الدور الثالث. قرع أحد رجال الشرطة الباب. بعد قليل انفرج الباب انفراجة طفيفة، لا تزيد على عدة سنتيمترات، وظهر من فتحة الباب وجه رجل نحيف، في أواسط العمر، حاد الأنف، تبرز تفاحة آدم في رقبته بشكل ملفت، وأخذت العينان الزرقاوان تحدقان في الزوار!!

                                تساءل الرجل بصوت مخنث " نعم؟ا.. تحول وجه بيتر إلى اللون الرمادي الشاحب، وتلاحقت أنفاسه من فرط الانفعال. قال الضابط " يا سيد أوبرين، لقد كنت كتبت خطاباً إلى كلبة بوستون لل.." فقاطعه الرجل قائلا بحدة: " لا أريد أن آري آحدأ" ثم صفق الباب في وجوههم، وسمعوا صوت الكرسي الذي وضعه خلف مقبض الباب حتى لا يسمح لأحد بفتحه.

                                يحكي بيتر عن لقائه الأول بالسفاح فيقول " وهكذا ذهبت مع الشرطة إلى حجرته، وعندما سمع رجال الشرطة صوت السفاح، قالوا وقد أصيبوا بالذعر: يالله.. هذا هو الصوت الذي تتكلم به وأنت نائم. فقلت لهم: نعم.. إنه الرجل المطلوب، هذا هو صوت القاتل صاحب العينين الزرقاوين. كم كنت أود أن أضع يدي على ذلك اللعين، لكنه أغلق الباب في وجوهنا. قلت لرجال الشرطة: بحق المسيح.. أخرجوه من هذه الحجرة وضعوه في أحد المستشفيات، وتأكدوا أنه سيعترف بجرائمه!! "

                                بعد عشرين دقيقة من هذا، كان الجميع في مكتب بوتوملي يناقشون كيفية تدبير استجواب أوبرين. فالقرائن المتوفرة لم تكن تكفي للقبض عليه. لكن وفقأ للقانون، يمكن للطبيب أن يأمر بوضع شخص ما في مؤسسة علاج عقلى لمدة عشرة أيام ليكون تحت الملاحظة، إذا كانت ملابسات الموقف تستوجب ذلك. تم ترتيب الأمر على هذه الصورة، وحصل سوشنيك على إذن بتفتيش حجرة اوبرين للبحث عن أي أدلة قد تفيد فى إدانته.

                                وفي الصباح المبكر من اليوم التالى، تحركت حملة من رجال الشرطة على رأسها سوشنيك شخصياً، وكان الطبيب برفقتهم..

                                كانت لحظات ترقب حافلة بالإثارة تلك التي عاشها بيتر هوركوس قبل أن يتخذ رجال الشرطة اجراءاتهم للقبض على توماس أوبرين، الذي كان يؤمن أنه سفاح بوستون. وأخيراً صدر الإذن الرسمي بتفتيش منزل أوبرين وقاد الحملة ممثل مكتب النائب العام بنفسه، مصطحبا معه الطبيب الذي سيوكل إليه تحديد حالة أوبرين العقلية والعصبية. وقد طلبوا من بيتر هوركوس أن يقف على مبعدة حتى تنتهي الحملة من اصطحاب أوبرين خارج المنزل بسلام، لإيداعه مستشفى الأمراض العقلية.. وقد وعدوا بيتر بدخول الحجرة بعد ذلك. واحتاط مكتب النائب العام بهذا الإجراء، خوفاً من أن يفقد بيتر هوركوس أعصابه عند مواجهة السفاح، فيعتدى عليه بدنياً.

                                طرقوا باب حجرة أوبرين. فتح أوبرين الباب. قام سوشنيك من مكتب النائب العام بتقديم نفسه ومن معه رسميا، فقال " أنا من مكتب النائب العام، وهؤلاء السادة من ضباط الشرطة. وهذا طبيب. هل يمكننا أن ندخل؟.. ".

                                قال أوبرين " نعم.. بالطبع". ثم قال بنبرة صوته الحادة" أنا سعيد لأنكم جئتم أخيرا". ساعتها تذكر سوشنيك السفاح الآخر الشهير الذي عرف باسم سفاح أحمر الشفاه الذي ارتكب جرائمه في شيكاغو عام 1940، فقد كتب السفاح على حوائط حجرة واحدة من ضحاياه بأصبع أحمر الشفاه " بحق السماء، اقبضوا على قبل أن أرتكب المزيد من الجرائم.. لا أستطيع أن أتحكم في أفعالى..". تطلع سوشنيك من حوله في أنحاء الحجرة الصغيرة المشوشة، فوجدها كما سبق لبيتر أن وصفها.. صناديق كرتونية، أكوام الكتب، النشرات، القصاصات.. وفي ناحية من الحجرة السرير الصغير الذي ينام عليه أوبرين بلا حشية.. فوق الزنبرك المعدني للسرير.


                                تساءل سوشنيك: هذا الرجل الضئيل الضعيف الذي يقف أمامنا الآن.. أيمكن أن يكون هو السفاح الذي ارتكب كل هذه الجرائم البشعة ؟..

                                كان قليل الحجم، هزيلاً، لا يتجاوز وزنه 60 كيلو، ويصل طوله إلى 170 سم بالضبط كما قال بيتر من قبل، في منتصف الخمسينات، مخنث في حركاته يقف وقد مال إلى جانب، يفرك كفيه فى عصبية، كلما زاد تطلع رجال الشرطة وتفرسهم فى أوبرين اهتزت أعصابهم، وهم يلاحظون أنفه الحاد الدقيق، والندبة التي على ذراعه الأيسر، و التشويه الذي بابهام يده اليمنى.- بالضبط كما وصفه بيتر قبل أن يراه..


                                لقد كان بيتر مصيبأ في كل دقيقة من دقائق وصفه للسفاح. لذا فلم يكن أمام رجال الشرطة إلا أن يؤمنوا بأن ذلك الرجل الهولندي صاحب القدرة العقلية الخارقة، قد قادهم إلى السفاح الذي طال بحثهم عنه.

                                طال استجواب الطبيب لأوبرين، وعرف أنه ذهب ذات مرة إلى طبيب عقلي، وأنه يصاب بحالات متكررة من فقدان الذاكرة.

                                هكذا وقع الطبيب المرافق للحملة على أوراق إيداع أوبرين المستشفى وهو مستريح الضمير. وبعد قليل كان أوبرين في طريقه إلى مركز الصحة العقلية بماساشوستس بصحبة الطبيب، فيما بقي رجال الشرطة ينقبون بفضول شديد بين الأكوام المختلطة التي تشغل الحجرة.


                                حياتي.. مجزرة

                                عندما تلقى بيتر الإشارة المتفق عليها لحق برجال الشرطة في حجرة أوبرين. اندفع بيتر إلى داخل الحجرة،
                                وراح يحبو في أنحاء الحجرة على ركبتيه وقد ساده انفعال شديد، مختطفاً الأوراق والنشرات من وسط الأكوام المتراكمة، فمذا وجدوا في حجرة أوبرين؟..


                                وجدوا المفكرة الخاصة بأوبرين، التى كشفوا ما بها من معلومات عن شذوذه الجنسي ونزواته.. وجدوا نشرة من النشرات التى تشرح اليوجا وممارساتها، وبها رسوم تشرح الأوضاع المختلفة تؤديها نساء، وقد جرى تلطيخ 11 رسم منها بالحبر الشيني.. وجدوا درجاً مليئا بأوشحة رجال، وربطات عنق مربوطة بأناقة، ومفكرة أخرى مرسوم فيها بعض الرسوم التخطيطية لعمارة سكنية.

                                كما قرأوا في المفكرة بخط يد الرجل" شكراً لك يا إلهي، لأني أنام على معدن السرير.. والشكر لك لأنني لم أعد أشعر بآلام قدمي،. ولأنني أستحم تحت الدش وآنا أرتدي حذائى "


                                قالت صاحبة البيت الذى يسكنه أوبرين للمحققين، إنها لا تعلم الكثير عن الرجل، فيما عدا أنه لا يستعمل حشية فوق السرير، وأنه يقف تحت الدش وقد ارتدى الحذاء. الأمر الذي أشار دهشتها.

                                لقد كشفت الملاحظات التى دونها أوبرين في مفكرته عن الكثير من جوانب حياته. حاول منذ عشرين سنة أن يصبح راهبا، لكنه فشل في ذلك. لقد جرب العديد من الأعمال الواحد بعد الآخر، لكنه لم يكن يبقى في أعمال أفضل من غسل الأطباق، والعمل في محلات تنظيف الملابس وقد مارس بيع الاحذية لبعض الوقت، وعن هذا كتب يقول " لا أستطيع أن أحتفظ بوظيفة ما طويلاً.. حياتي عبارة عن مجزرة ". لقد اعترف اوبرين في مفكرته بدوافعه الشاذة، وصراعه من أجل التحكم في " أعماله غير السوية "، ومحاولته "للسيطرة على الطبيعة البشرية". واعترف في مذكراته أن الآخرين يصفونه بأنه "مجنون.. ومقزز.. ورجل مخنث.. ". كما قال إن الطبيب نصحه بأن يخضع نفسه " لعلاج عصبي ".. ويقول إنه تراجع عن ذلك عندما علم أن هذا يعني العلاج بالصدمات..

                                قبل أن يصحب الشرطة بيتر هوركوس لمواجهة أوبرين فى المستشفى العقلي، عمدوا مرة أخرى إلى انتزاع وعد منه بأنه سيتحكم في أعصابه، ولا يمد يده إلى القاتل صاحب العيون الزرقاء!. لقد كانوا فعلاً في حالة من القلق نتيجة لانفعال بيتر كلما جاء ذكر السفاح.. لقد رأو قتال بيتر مع الرجل في أحلامه، لقد قدموا بيتر إلى أوبرين باعتباره أحد الأطباء الذين جاءوا لفحصه


                                فماذا حدث فى هذه المواجهة ؟

                                تعليق

                                يعمل...
                                X