إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحملة الفرنسية علي مصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحملة الفرنسية علي مصر


    الحملة الفرنسية علي مصر
    الحملة الفرنسية علي مصر بقيادة بونابرت 1798م

    تدخل الحملة الفرنسية التي نزلت شواطئ الأسكندرية من ناحية الغرب في أول يوليو 1798 م في دائرة التنافس الفرنسي الإنجليزي علي المستعمرات في الشرق. و قد بدأ هذا التنافس في القرن السابع عشر و استمر طوال القرن الثامن عشر، ثم أتخذ بعداً جديداً بعد قيام الثورة في فرنسا.


    نابليون بونابرت

    كان البحث عن المستعمرات خارج أوروبا أحد خصوصيات العصر الحديث في تاريخ أوروبا بعد انتهاء الإقطاع و قيام الدولة القومية و وجود الرأسمالية التجارية.



    و بعد قيام الثورة الصناعية أصبحت الحاجة إلي الأسواق و المستعمرات أمر أكثر حيوية للدول الرأسمالية الأوربية في فرض النفوذ و السيادة علي مناطق مختلفة في العالم الجديد و الشرق للحصول منها علي موارد طبيعية رخيصة ثم بيع المنتجات الأوروبية في أسواقها.


    علي أن فكرة احتلال فرنسا لمصر في العصر الحديث و بعد انتهاء الحروب الصليبية في العصور الوسطي ترجع إلي القرن السابع عشر أيام حكم لويس الرابع عشر سنة 1672. و كان الغرض ضرب التجارة الهولندية في الهند التي تمر عن طريق مصر. و تجددت الفكرة مرة أخري أيام لويس الخامس عشر في القرن الثامن عشر سنة 1769 م ، و لكن ليس عن طريق إرسال حملة عسكرية ، و إنما كان ملك فرنسا يطمع أن تتنازل الدولة العثمانية لفرنسا عن مصر. و تكررت الفكرة مرة ثالثة أيام لويس السادس عشر لتسهيل اتصال تجارة فرنسا في شرق آسيا عن طريق مصر بدلاً من الدوران حول إفريقية.




    و في الأيام الأولي للثورة تجددت الفكرة من خلال تقارير القنصل الفرنسي في مصر حيث كان يحث حكومة الثورة الفرنسية علي إرسال حملة عسكرية لإنقاذ التجارة الفرنسية و تأمين تجار فرنسا في المنطقة من خطر المماليك.

    و كانت حكومة الثورة الفرنسية تفضل ضرب إنجلترا في عقر دارها بدلاً من ضرب مصالحها في الهند عن طريق مصر، إلا أن نابليون بونابرت كان يري صعوبة الدخول في معركة بحرية مع إنجلترا. ومن ثم فقد انتصر مشروع غزو مصر بهدف تسهيل مرور التجارة الفرنسية إلي الشرق بدلاً من طريق رأس رجاء الصالح الذي يسيطر عليه الأسطول الإنجليزي.


    وجد بونابرت أن خير وسيلة لتوطيد سلطة فرنسا في مصر أن يعمل علي مجاملة الدولة العثمانية بقدر المستطاع ، و اجتذاب المصريين إلي صفه ، و ذلك بإفهامهم أنه إنما جاء لمحاربة المماليك الغرباء عن البلاد و الذين يستنزفون ثروة مصر و يظلمون أهلها، و أنه يرمي إلي إنشاء حكومة أهلية يكون الحكم فيها للمصريين و قد عبر عن ذلك في منشوره بتاريخ 27 يونيه 1789 م ووزعه في مصر قبل وصول الحملة إلي الشواطئ المصرية.




    فوجئ حكام المماليك بنزول الحملة علي شواطئ الأسكندرية في أول يوليو 1798 م و كانت قوتهم قد استهلكت في النزاعات الداخلية فيما بينهم ، فلم يوجهوا اهتماماتهم إلي تحصين حدود البلاد تجاه الأخطار المحتملة.

    و قبل أن تصل قوات الماليك من القاهرة بقيادة مراد بك لملاقاة الفرنسيين ، كان أهالي الأسكندرية بزعامة السيد محمد كريم حاكم المدينة قد واجهوا قوات الغزو ، و لهذا أعتقلته القوات الفرنسية ثم أعدم رمياً بالرصاص في 6 سبتمبر 1798 م .



    واصلت القوات الفرنسية زحفها في طريقها إلي العاصمة فالتقت بقوات مراد بك بالقرب من شبراخيت في البحيرة في 13 يوليو 1798 م ، و هزم جيش المماليك و تقهقر للدفاع عن القاهرة و رابط عند امبابة.

    واجه جيش المماليك القوات الفرنسية مرة أخري عند إمبابة و هُزم مرة أخري ، و فر مراد بك إلي الصعيد و هرب إبراهيم بك و الوالي العثماني من مصر

  • #2
    ثورة القاهرة الأولي 1798م و صمود الصعيد


    لم تنخدع الجماهير بتظاهر نابليون بالتقوي و تقربه للمسلمين بمنشوراته الهزلية، و لم ير شعب مصر في حملة الفرنسيس إلا جيش محتل لا يختلف عن الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع التي ضربت شواطئ دمياط منذ أكثر من خمسة قرون.
    و قد كانوا علي حق في ذلك، فقد كتب بونابرت في مذاكراته في منفاه في سانت هيلانة أن هذه المنشورات كانت “قطعة من الدخل”
    و إذا كان نونابرت قد أراد بهذه المنشورات أن يتخفي في ثياب جيش التحرير القادم ليحرر مصر من فساد المماليك، فإن التاريخ القديم للحملات الصليبية علي الشرق كان حاضراً في ذهنه يأخذ منه العبر و يتجنب أخطاءه، فهو يقول : ” إن لويس التاسع (قائد الحملة الصليبية السابعة علي مصر) أنفق ثمانية أشهر في الصلاة، و كان أجدي أن ينفقها في الزحف و القتال و احتلال البلاد”.
    و لكن فات علي المماليك و المصريين أن فرنسيي الحملة الصليبية السابعة ليسوا هم فرنسيي الحملة البونابرتية، فالفرق بينهما تقدم صناعي و إداري و علمي كبير علي الجانب الفرنسي يقابله غفلة تاريخية علي الجانب المصري المملوكي.
    عندما سمع المصريون بهزيمة الفرنسيين أمام أسوار عكا و قدوم أسطول العثمانيين إلي أبي قير، استجمعوا قوتهم و ثاروا علي المحتل يوم 22 أكتوبر 1798، أي بعد حوالي 4 أشهر من قدوم الاحتلال،


    و يمكن تلخيص أسباب خروجهم في الآتي:
    1. قتل الفرنسيس للسيد محمد كريم حاكم الاسكندرية لاتهامه بالعمل ضد الوجود الفرنسي في مصر
    2. فرض الفرنسيين ضرائب علي الشعب و تدقيقهم في إحصاء الممتلكات الشخصية
    3. هدم نابليون لابواب الحارات
    4. انهزام الفرنسيين في موقعة النيل أمام الاسطول الإنجليزي و سماع المصريين بأن الباب العالي أرسل جيشاً لفتح مصر

    خرج المصريون بكل ما لديهم من سلاح و شوم و حراب علي الجنود الفرنسيين يقتلوهم. و تحصنوا بأسوار الحارات و في الأزقة، و نصبوا المتاريس علي مداخلها. و لكن فاتهم أن يحتلوا الأماكن المرتفعة المطلة علي الحارات. فسارع نابليون باحتلالها و نصب مدافعه فوق مآذن جامع السلطان حسن، و انهالت القنابل منه ومن القلعة علي جامع الأزهر، مبعث الثورة، و كل ما يحيطه من بيوت و حوانيت.
    استمر الضرب حتي المساء حتي تدخل اعضاء الديوان الذي شكله نابليون من المشايخ المتعاونين مع الفرنسيين ” فركب المشايخ إلي كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل، و يمنع عسكره من الرمي المتراسل و يكفهم ما انكف المسلمون عن القتال”. فقبل نابليون وقف الضرب، و لكنه أرسل جنوده إلي الأزهر، فدخلوا الجامع يخيولهم عنوة و ربطوها بصحنه و كسروا القناديل و حطموا خزائن الكتب و نهبوا ما وجدوه من متاع. و لم يخرجوا منه إلا بعد أن ركب الشيخ محمد الجوهري إلي نابليون و طلب منه متوسلاً أن يخرج جنوده من الجامع الأزهر. فقبل نابليون.
    و لكن هذا المشهد البربري هو أعمق مشهد في الحملة الفرنسية طوال فترة وجودها في مصر ، مشهد غاص في أعماق الذاكرة المصرية حتي اليوم و صبغ رؤية المصري للاحتلال الفرنسي و الأوروبي بصفة عامة.
    حكم علي ثلاثة عشر شيخاً من الأزهر بالاعدام، و أُعدم الكثير ممن قبض عليهم و معهم سلاح و قدر عددهم بحوالي ثمانين شخصاً من قادة الثورة، إلي جانب الكثيرين من عامة الشعب. كتب نابليون في مراسلاته لرينييه يقول ” في كل ليلة نقطع نحو ثلاثين رأساً أكثرها لزعماء الثورة، و في اعتقادي أن هذا سيعلمهم درساً نافعاً”
    وعي المصريون الدرس و عرفوا أن الاحتلال هو الاحتلال مهما تلون بألوان مبهجة من تقدم علمي أو إداري أو تنظيمي، فالتقدم إن لم يأت بأيدي و عقول أهل البلد، فسوف يأتي تفضلاً من السيد المحتل إلي العبيد أو يأتي مشروطاً بخلع عباءة الهوية المصرية

    تعليق


    • #3
      ثورات الأقاليم
      تلقت أقاليم مصر جيش نابليون المتوغل في الدلتا و الصعيد بمقاومة شرسة لا تلين، اضطر الفرنسيون معها للحرب و القتال من قرية إلي قرية ليخضعوا أقاليم مصر، و استخدموا القتل و النهب و السلب و التحريق و التنكيل لكسر روح المقاومة، فنجحوا حيناً و فشلوا أحياناً .




      ففي المنصورة، ما إن رحل الجيش الفرنسي عنها بعد أن ترك فيها حامية من 120 جندياً، حتي بدأ أهالي المنصورة ينصبون الكمائن لجنود الحامية، فبدأوا بقنص ثلاثة منهم ، ثم حاصروهم في ثكنتهم التي تحصنوا بها، حتي نفدت ذخيرة الفرنسيين، فخرجوا من المدينة تحت وابل من الرصاص يأتيهم من كل مكان و يحصد أرواحهم، و ألقي بعضهم بنفسه في النيل هرباً من الطلق. و لو ينج من الحامية المكونة من 120 فارساً إلا جندي واحد فقط أسره الأهالي ثم أطلقوا سراحه ، و هو الجندي مورستون الذي كتب ما حدث في تقريره إلي كولونيل لوجييه و وردت تفاصيله في تأريخ كريستوفر هيرولد لحملة نابليون علي مصر في كتابه “بونابرت في مصر”




      و ساعد أهالي الدلتا علي المقاومة أن كثيراً من قراهم كانت كالقلاع المنيعة لها أسوار و أبواب، مثل قريتي غمرين و تتا شمالي منوف اللتين ثارتا علي المستعمر يوم 13 أغسطس 1798 م و حملوا السلاح و أغلقوا الأبواب في وجه الجنود، فحاول قائد الحامية اقتحام القريتين ففشل، فطل المدد من حامية منوف فأرسل له ممداً ، و بعد قتال دام ساعتين استطاعت الحامية اقتحام القريتين، و استبسلت قرية غمرين حتي بعد الاقتحام و قاتل الأهالي في الطرقات حتي امتلأت بجثثهم، و استشهد منهم من اربعمائة إلي خمسمائة بينهم عدد من النساء.


      و ما حدث في غمرين حدث في قري كثيرة في مصر، في كفر شباس عمير و أبي زعبل و مدن طنطا و المحلة و دمياط ، ثم امتد إلي الصعيد حيث واجه الفرنسيون ثورة كبيرة بين جرجا و أسيوط و كذلك سوهاج و طهطا و غيرها.




      و كانت ثورات الأهالي تأخذ شكلين أساسيين، و هما إما الهجوم علي الحامية الفرنسية المرابطة في القرية أو المدينة، أو التربص بكتائب الفرنسيين المتوغلة في الأقاليم و المارة بالقري و المدن علي الطريق.




      و كانت أسلحة الأهالي لا تتعدي البنادق و المسدسات و الشوم و الحراب. و كانوا يخرجون بالآلاف لمقاتلة الفرنسيين في هذه المواجهات، و ما أن تسمع القري المجاورة بخروجهم حتي ترسل النجدة من الرجال و العتاد لنصرة أخوانهم المجاهدين.
      و في كثير من الأحيان كانت الغلبة العسكرية للفرنسيين بفضل تفوقهم العسكري و تنظيم صفوفهم، و كانت وسيلتهم في ردع القري هو إحراقها و نهبها و قتل و أسر مقاتليها.




      و تمثلت أبشع صور الردع في ما حدث في قرية بني عدي في أسيوط، فقد خرج أهلها يحملون السلاح ضد الفرنسيين في 18 أبريل 1799م ، و تحصنوا بأسوار القرية يريدون رد القوات الفرنسية عنها، فلقي الفرنسيون مقاومة لم يلقوا مثلها في غيرها من القري، فلجأوا إلي حرق القرية بأكملها و ضربها بالمدافع، حتي أن الجنرال بارتييه رئيس أركان حرب الحملة الفرنسية أورد في مذكراته الآتي” أصبحت بني عدي أكواماً من الخرائب، و تكدست جثث القتلي في شوارعها، و لم تقع مجزرة أشد هولاً مما حل ببني عدي ” و قدر عدد القتلي من جانب الأهالي بحوالي ألفي قتيل.
      من أجل ذلك، أتخذت محافظة أسيوط يوم الثامن عشر من أبريل عيداً قومياً لها تكريماً لشهداء بني عدي و تشريفاً لمقاومة أسيوط للاحتلال الفرنسي عام 1799م.


      و اتفق كثير من المؤرخين علي أن صعيد مصر ظل مستقل نسبياً، و لم يستطع الفرنسيون إخضاعه كاملاً حتي رحلوا عن مصر 1801م

      تعليق


      • #4
        موقعة أبي قير وعكا يحطمان آمال بونابرت

        موقعة أبي قير ( النيل) و هزيمة الأسطول الفرنسي 1798م


        علي الرغم أن هذه الموقعة البحرية التي وقعت يومي 1 و 2 أغسطس 1798م بين الأسطول الفرنسي المرابط في خليج أبي قير و الأسطول الإنجليزي بقيادة هوراشيو نلسون Horatio Nelson لم تشترك فيها مصر ، إلا أن نتائجها كانت بالغة الأثر في موقف الحملة الفرنسية في مصر، و أحد أهم أسباب جلاء الحملة عن مصر بعد ذلك.
        هذه الصورة تم تصغيرها . إضغط على هذا الشريط لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي . أبعاد الصورة الأصلية 1042x1100 .


        موقعة أبي قير بين الاسطول الفرنسي و الاسطول الإنجليزي

        أيقنت إنجلترا أن استيلاء بونابرت علي مصر هو مقدمة لتهديد فرنسا لمصالح إنجلترا في الهند، ذلك لأن طريق البحر المتوسط – مصر- البحر الأحمر هو الطريق الرئيسي المؤدي إلي مستعمرات بريطانيا في الهند.
        لذلك خرج نلسون بأسطوله يبحث عن الأسطول الفرنسي بقيادة بونابرت ليحول دون وصوله لمصر. و لكن الأسطول الفرنسي استطاع المراوغة و نزل إلي الشواطئ المصرية في الأول من يوليو 1798م.
        و ظل نلسون يبحث عن الأسطول الفرنسي علي شواطئ مصر حتي وجده عند خليج أبي قير بالقرب من الأسكندرية ، و دارت بينهما موقعة النيل، و هي موقعة شهيرة جداً في تاريخ المواجهات بين البلدين.





        استطاع نلسون في هذه الموقعة أن يهزم الأسطول الفرنسي و يحطم أعظم سفنه منها سفينة L’Oreint و يأسر الباقي . و خسر الفرنسيون حوالي 1700 جندي و بحار و قُتل قائد الأسطول الفرنسي برويه Brueys، و أُسر حوالي 3000 فرنسي ، بينما قتل من الإنجليز 218 فقط.




        تسببت هذه الهزيمة النكراء في انقطاع صلة بونابرت في مصر بأوروبا و وطنه فرنسا، و أصبح وجوده في مصر مهدد بالأسطول الإنجليزي الذي حاصر الأسكندرية و سيطر علي البحر الأبيض المتوسط، و هو ما أدي إلي فشل بونابرت في حملته علي الشام و اقتحام عكا كما سيأتي.





        حصن عكا يحطم آمال بونابرت 1799م

        كانت الدولة العثمانية تسعي لاسترجاع مصر من الفرنسيين، و تحقيقاً لذلك عقدت معاهدة مع انجلترا و روسيا للاشتراك معاً في إخراج الفرنسيين بالقوة العسكرية بواسطة حملتين، الأولي من جهة الشام و الثانية من جهة الاسكندرية.
        فلما علم بونابرت بذلك أرسل قواته إلي الشام من جهة العريش في مارس 1799 م، و ارتكب مذابح بشعة في مدينة يافا لا تختلف عن مذابح الحملة الصليبية الأولي في القدس عام 1099م حتي وصل إلي عكا.




        علي الرغم هزيمته للحاميات التركية علي طول مدن فلسطين، و تفوقه من حيث العدة و السلاح ، إلا أن كل ذلك لم يجدي أمام أسوار عكا المنيعة و استبسال أهلها و قائدها أحمد باشا الجزار و المعاونة التي تلقاها من الأسطول الإنجليزي المرابط في البحر المتوسط، و كذلك تفشي داء الطاعون في الجنود الفرنسيين.
        فعاد نابليون إلي مصر صفر اليدين.
        لم يكد نابليون يصل إلي مصر حتي وصلته أخبار وصول الأسطول العثماني إلي جهة أبي قير في يونيه 1799 م، فتوجه إلي هناك و هزم العثمانيين شر هزيمة

        تعليق


        • #5
          رحيل بونابرت و كليبر يوقع معاهدة العريش 1800م

          رحيل بونابرت عن مصر 1799م
          و علي الرغم من إخماد ثورة القاهرة بقوة النار و السلاح، إلا أن هزيمة حصار عكا في فلسطين و فقدانه لاسطوله في البحر المتوسط قضوا علي حلم بونابرت في السير علي خطي الأسكندر الأكبر في إخضاع الشرق حتي الهند، فقرر العودة إلي فرنسا لينقذ ما تبقي له من مجد في أوروبا، بعد أن فشل في مصر و الشام.
          فعاد سراً إلي فرنسا في 12 أغسطس 1799م تاركاً وراءه كليبر ليقود الحملة في مصر





          معاهدة العريش 1800 م
          ترك بونابرت مصر و الأخطار تهدد الحملة الفرنسية من كل جانب. فالجيش في تناقص عددي بسبب المعارك و الحروب الداخلية و الخارجية، و الدولة العثمانية أرسلت حملة أخري إلي العريش و دمياط ، و المماليك عادوا للمقاومة مرة أخري، و تجددت ثورة المصريين في الشرقية و امتدت إلي وسط الدلتا و غربها.
          أدرك كليبر صعوبة التغلب علي هذه الأمور ، و رأي أن من المصلحة مغادرة الحملة لمصر، و قرر عرض أمر الصلح علي الصدر الأعظم للدولة العثمانية و قائد الأسطول الإنجليزي في البحر المتوسط ، علي أن يخرج جنوده إلي فرنسا علي نفقة الدولة العثمانية، و قد اتفق علي ذلك فعلاً في معاهدة عرفت بمعاهدة العريش في أوائل سنة 1800 م .



          و لما علمت حكومة انجلترا بمضمون الاتفاق اعترضت و طلبت استسلام الجيش الفرنسي، فرفض كليبر و قرر إلغاء المعاهدة، و أرسل إلي الصدر الأعظم ليسحب جيشه الذي أرسله إلي مصر لاسترجاعها وفقاً للمعاهدة. و لكن يوسف باشا قائد الجيش العثماني رفض الانسحاب إلي الشام و عسكر في المطرية.
          فخرج كليبر علي رأس عشرة آلاف جندي فرنسي و تقابل مع الجيش العثماني عند عين شمس و هزمه هزيمة منكرة. و انسحبت القوات العثمانية إلي الشام مرة أخري

          تعليق


          • #6
            ثورة القاهرة الثانية 1800م

            مقتل كليبر

            انتهز المصريون في القاهرة فرصة وجود الجيش العثماني في العريش مما أعطاهم الأمل في إمكانية الخلاص من الفرنسيين، فقاموا بالثورة في مارس 1800 م ، و هاجموا معسكرات الجيش الفرنسي. لكن سرعان ما أخمدت القوات الفرنسية الثورة في القاهرة و بعض بلدان الوجه البحري .
            أما الوجه القبلي فقد توصل الفرنسيون إلي إخضاعه بالاتفاق مع مراد بك لكي يحكم الصعيد تحت حكم فرنسي، فقبل مراد بك حتي لا يعود الأتراك مرة أخري لحكم مصر.


            قتل كليبر في 14 يونية عام 1800 م علي يد سليمان الحلبي أحد طلاب الأزهر ، و تولي مينو أمور الحملة

            تعليق


            • #7
              تنظيمات بونابرت الإدارية في مصر

              لم تكن الحملة الفرنسية علي مصر مجرد حملة عسكرية تقليدية للغزو و الاحتلال، و يتضح هذا من مجموعة العلماء الذين صحبوا الحملة ، و علي هذا عمل بونابرت علي تنظيم أمور الإدارة و الحكم في مصر علي نمط ما حدث في فرنسا بعد الثورة من حيث نقل السلطة إلي الطبقة الوسطي و هم الأعيان في مصر.


              قام بونابرت بإنشاء دواويين العاصمة و الأقاليم و الديوان العام مكونة من المشايخ و الأعيان و ذلك للتدوال في أحوال البلاد. و لقد نبهت فكرة الدواويين المصريين إلي فكرة المشاركة في الحكم بديلاً عن فكرة الحكم المطلق المستبد.


              في مجال الزراعة، قام علماء الحملة بدراسة مجري نهر النيل و فحص القنوات و الجسور ، و قاموا بزراعة أنواع جديدة من النباتات المجلوبة من فرنسا مثل الخوخ و المشمش و الكمثري و التفاح، كما اهتمت الحملة بزراعة الأرز و القمح و الذرة و غيرها من الغلات التقليدية الموجودة فعلاً.

              و في مجال القضاء، أجري نابليون تغييراً في نظام القضاء الشرعي ، حيث جعل العلماء المصريين يتولونه بطريق الانتخاب فيما بينهم بدلاً من القضاة الأتراك المرسلين من استانبول.

              و في المجال العلمي، أقام نابليون المجمع العلمي المصري. و قد اختار لعضويته خلاصة علماء الحملة في تخصصات مختلفة و ذلك علي غرار المجمع العلمي الفرنسي في باريس. و كان غرض المجمع كما حدده نابلون هو تقديم العلوم و المعارف في مصر و دراسة المسائل الطبيعية و الصناعية و التاريخية و إبداء الرأي العلمي للحكومة في المسائل التي تستشيره فيها.
              و لقد تمكن المجمع في فترة وجيزة أن يقيم مطبعة عربية و أخري فرنسية و ينشئ جريدتين فرنسيتين واحدة سياسية و أخري علمية أقتصادية.


              وهناك ثلاثة أعمال مهمة قام بها علماء الحملة و هي



              1 محاولة شق قناة تربط بين البحرين الأحمر و المتوسط . و لكن المشروع توقف بسبب خطأ في حسابات مستوي البحرين.
              2جمع معلومات ضخمة عن مصر في مختلف المجالات و صدورها في كتاب وصف مصر الذي يعد أول موسوعة عن مصر في ذلك الوقت
              3. العثور علي حجر رشيد ، و الذي مكن شامبليون فيما بعد من فك رموز اللغة الهيروغليفية و ما ترتب علي ذلك من فتح باب دراسة تاريخ مصر القديم -

              تعليق


              • #8
                مينو يتولي قيادة الحملة خلفاً لكليبر
                بعكس كليبر كان مينو ينوي الإقامة في مصر و تحويلها إلي مستعمرة فرنسية كبري. و تحقيقاً لذلك قام ببعض سياسات إصلاحية و قدم مشروعاً عرف بالمشروع العظيم.
                كثرت اعمال مينو في كافة المجالات، ففي مجال الصناعة ، اقترح مينو إنشاء مصنع للنسيج و كذلك مصانع للحدادة و الساعات و الدباغة و صناعة حروف الطباعة، كما تم إنشاء طواحين هواء و إصلاح دار الصناعة ( الترسانة) التي كان مراد بك قد أنشأها في الجيزة.
                كما أهتم مينو بإحياء التجارة التي ركدت بسبب حصار الإنجليز للشواطئ المصرية و وجود الجيش العثماني في سوريا. و لذلك عمل مينو علي فتح أسواق لمصر في بلاد البحر الأحمر فسارت المراكب بين جدة و ينبع و السويس محملة بالأنسجة القطنية و الشيلان الصوفية و الحرائر و البن.
                و في مجال الصحة، أنشأ مينو محاجر صحية في القاهرة و الأسكندرية و دمياط و رشيد ، كما انشأ مستشفي عسكري.
                و في مجال القضاء، قرر مينو رفض مبدأ الدية و رفض أن يترك لأسرة المقتول مطاردة القاتل و الاقتصاص منه و ترك هذا الأمر إلي القضاء و الخضوع لأحكامه.
                كما قرر مينو إنشاء محكمة لكل طائفة من الطوائف الموجودة مثل القبط و الشوام و الأروام و اليهود ، كما تقرر عرض الأمر علي القضاء الإسلامي إذا رغب أحد الطرفين أو كليهما في ذلك.

                و في تخطيطه لتحويل مصر إلي مستعمرة فرنسية قدم مشروع كبير عرف بالمشروع العظيم، و كان يقوم علي :
                - المساواة بين المصريين فيما يؤدونه من ضرائب
                - حرمان الملتزمين من ممارسة شئون القضاء و الإدارة
                - إلغاء كافة الضرائب التي ابتكرها الملتزمون و البكوات المماليك مثل الميري و البراني و الفايض ، و تقرير ضريبة واحدة تقوم علي حساب عدد أفدنة الحيازة و حسب درجة الجودة.
                - تحرير الفلاح من جميع القيود المالية و القضائية ليصبح في مقدوره لأن يتصرف في الأرض التي في حوزته.

                و لكن جلاء الحملة عن مصر حال دون تنفيذ المشروع.
                لم يتوقف الإنجليز عن فكرة إخراج الفرنسيين من مصر. و لهذا أرسلت إنجلترا أسطولاً جديداً إلي أبي قير في فبراير 1801 م بقيادة أبركرمبي ، فتحارب الجيشان في ضواحي الاسكندرية ما بين سيدي جابر و المعمورة ، و انتهت بانتصار الإنجليز، فارتد الفرنسيون إلي الاسكندرية و تحصنوا بها، فقام القائد الانجليزي هتشنسن بكسر سد أبي قير و غمر الاسكندرية بالمياه من كل جانب ثم زحف بجيشه إلي القاهرة. فلم تجد القوات الفرنسية بد من الاستسلام و الخروج من مصر وفقاً لمعاهدة العريش، و دخلت القوات الانجليزية و العثمانية مصر و معها زعماء المماليك : إبراهيم بك و البرديسي و الألفي و السيد عمر مكرم.

                و عند جلاء الحملة الفرنسية عن مصر، سلم الفرنسيون كل الآثار و المخطوطات التي عثروا عليها في مصر إلي قائد الأسطول الإنجليزي، و منها حجر رشيد الذي يوجد الآن في المتحف البريطاني بلندن.
                غادرت الحملة الفرنسية مصر في 18 سبتمبر 1801 م بعد أن قضت 38 شهراً و 18 يوماً في مصر

                تعليق

                يعمل...
                X