إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسطورة الشيطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسطورة الشيطان



    أسطورة الشيطان

    الشيطان كان معروفاً للإنسان منذ بداية الحياه على البسيطة وقبل أن تجئ الأديان السماوية، فمنذ أيام السومريين والكلدانيين وملحمة " إنيوما إليش التي مجدوا فيها انتصار قوى الخير على قوى الشر، ثم تبعتها ملحمة قلقامش، عرف الإنسان بفطرته أن هناك قوة غير مرئية تجلب له الخير بينما تجلب له قوة أخرى الشر، فسمى الأولى بأسماء أسلافه وسمى الأخرى أسماء عديدة اختلفت حسب القبائل والبيئة.
    وحاول الناس في البداية تفادي ضرر القوة الشريرة هذه بلبس أو حمل التمائم والتعاويذ، ثم حاولوا بعد ذلك الاستفادة من هذه القوة الشريرة لإلحاق الضرر بأعدائهم. وتفشت هذه الممارسات في الإنسان البدائي في أفريقيا ثم حملها أحفادهم إلى جزر البحر الكاريبي التي ما زالت تُمارس فيها طقوس ال " فودو " لإلحاق الضرر بالغير بمساعدة الشيطان أو الجن.

    وجاءت اليهودية وجعلت من الشيطان الخصم العنيد لإله السماء وأعطى العبرانيون الشيطان عدة أسماء مثل: " أبوليو و " بيلزبب و " أزازيل " . أما العهد الجديد فسماه Satan أو " شيطان " . وعندما ترجم الإغريق الإنجيل إلى لغتهم ترجموا شيطان إلى Diabolos التي تعني في اللغة الإنكليزية The Devil . وأول فكرة كوّنها العبرانيون عن الشيطان هي كون الشيطان محامي يترافع أمام الله ويجادله. فمثلاً في سفر أيوب، الإصحاح الأول، نجد قصة عن إبليس وأيوب فحواها أن الله جمع الملائكة ذات يوم ولكن وجد في وسطهم إبليس، فقال له: من أين أتيت يا شيطان ؟ فقال الشيطان أنه أتى من الأرض بعد تجوال طويلٍ بها. فسأله الله إن كان قد رأى عبده المطيع أيوب، فقال له الشيطان: إن أيوب يطيعك لأنك مددت له في الرزق والبنين وأعطيته كل ما يتمنى. خذ ما أعطيته وسوف ترى أنه غير مطيع. فقال له الله: أذهب وافعل ما تشاء بماله وبنيه ولكن لا تتعرض له شخصياً.

    فذهب الشيطان ليختبر أيوب.( سفر أيوب، الصحاح الأول، الآيات 1-22). واستمر الشيطان يلعب دور المحامي والمجادل حتى أيام السبي البابلي عندما اعتقد اليهود أن الشيطان قد تمرد على الله وأصبح مستقلاً بعمل الشر، وهو الذي تسبب في هزيمتهم وسبيهم، لأنهم شعب الله المختار. وبالتدريج نسجوا قصصاً عن الشيطان المتمرد وجعلوا له قروناً وحوافر كحوافر الحصان وجعلوا رائحته كرائحة الكبريت.

    وجاءت المسيحية من صلب اليهودية ودمغت الشيطان بنفس الدمغة اليهودية وجعلته مصدر الشر في العالم وهو الذي يمنع الناس من الإيمان بالمسيح وهو المسؤول عن كل الأمراض النفسية من جنون وما شابه ذلك، إلى الأمراض العضوية مثل البكم. فيسوع يقول لمن حوله من الناس: " لماذا لا تفهمون كلامي ؟ لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي. أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتّالاً للناس من البدء ولم ينبت في الحق لأنه ليس فيه حق، متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب " (إنجيل يوحنا، الإصحاح 8، 43-44).
    " وكان يخرج شيطاناً وكان ذلك الشخص أخرس، فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس فتعجب الجموع " ( إنجيل لوقا، الإصحاح 11، 14). وهكذا أصبح الشيطان يحمل وزر خطايا المسيحيين ويسكن أجسامهم فيسبب لهم الأمراض النفسية وغيرها، ولا يقدر على إخراجه من الأجسام إلا القسيس عندما يتلوا بعض التعاويذ.

    وفي القرون الوسطى في أوربا كان علاج المجانين يتكون من ربطهم بالسلاسل وضربهم ضرباً مبرحاً حتى يتأذى الشيطان فيخرج من أجسامهم.

    وعرب ما قبل الإسلام في الجزيرة بحكم اختلاطهم باليهود والنصارى كانوا قد تشبعوا بفكرة الشيطان الذي يدخل الأجسام ويسبب الأمراض ولا يخرجه إلا الكاهن الذي لديه شيطان يتلقى أخبار السماء فيأتي بها للكاهن الذي يستطيع أن يُخبر بالمستقبل ويستطيع أن يكتب تعاويذاً تمنع الشيطان من دخول جسم الإنسان.

    وبما أن القوافل التجارية كانت تسافر ليلاً لتفادي حرارة النهار، وبما أن الظلام، خاصةً في وسط محيط من الرمال لا معالم بها، مخيفٌ، فقد تخيل العربي أن الشيطان يسكن في الوديان ويطوف بهذه الصحارى الشاسعة. فأصبح من تقاليد المسافر ليلاً إذا نزل بوادي أن يسلم على سكان الوادي من الجن ويطلب حماية رئيسهم وشيخهم بأن يترك له طعاماُ بالقرب منه. وكان العربي يفسر كل شئ لا يفهمه بأنه من الجن، حتى الشعر الذي لم يكن يقدر على نظمه إلا القلة، زعموا أنه من الجن وأن للشاعر صاحباً من الجن يساعده على نظم قصائده.

    وفي كل هذه الثقافات العبرية والمسيحية وحتى العربية البدوية كان الشيطان روحاً غير محسوسة ولكنها قادرة على الأذى. ثم جاء الإسلام وتغير الشيطان. فارسول الكريم كان قد نشأ وترعرع بين عرب ما قبل الإسلام وتشبع بثقافتهم القصصية والشعرية والأسطورية، بما فيها قصص الشياطين. فذكر الإسلام ما نسجت القرون السابقة من يهودية ومسيحية ولا دينية القصص الممكنة عن الجن. فكان الملجأ الوحيد هو تجسيد الجن أو الشيطان. وإذا تجسد الشيطان فلا بد له من مكان يسكنه، وغذاء يأكله وعمل يؤديه، وزوجة يجامعها حتى يتناسل ولا ينقرض بسبب الأعداد الهائلة من الشهب التي تطارده. وإذا تجسد الشيطان فلا بد له كذلك من أن يصبح كالإنسان الذي يشرب فيبول، ويأكل فيذهب إلى الخلاء.
    فمثلاً عندما كان النبي صلى الله علية وسلم يسافر ليلاً في الصحراء، لم يكن يسلم على شياطين الوادي كما كان يفعل عرب ما قبل الإسلام، فقد ذكر أحمد عنه أنه كانَ إذَا غزَا أو سافر، فَأدرَكَهُ الليل، قال:
    (يا أرضُ رَبِّى وَرَبُّكِ الله، أَعُوذُ باللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وشَرِّ ما خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ ما دَبَّ عَلَيْكِ، أعوذُ بالله مِنْ شَرِّ كُلِّ أسَدٍ وأَسْود، وَحَيّةٍ وَعَقْرَبٍ، ومِنْ شَرِّ سَاكِنِ البَلَد، ومِنْ شَرِّ وَالد، ومَا وَلَدَ).
    ( زاد المعاد لابن القيم، ج2، ص 246).
    وساكن البلد والوالد الذي ولد هم الشياطين. وساكن البلد هذا كان قد اختار بلاداً بعينها ليسكنها، فمثلاً، عندما كان عمر بن الخطاب بالشام وأراد الذهاب إلى العراق، قال له كعب الأحبار أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك قال وما تكره من ذلك قال بها تسعة أعشار الشر وكل داء عضال وعُصاة الجن وهاروت وماروت وبها باض إبليس وفرّخ " ( تاريخ دمشق لابن عساكر، ج1، ص 147). ولكن لا يسكن الشيطان في هذه البلاد القصور، وإنما يسكن في الأدبخانات وفي أفراج النساء، كما قرأنا في الكتاب الذي لخصه لنا السيد سعد الله خليل، لأن الشيطان، حسب المفهوم الإسلامي، يحب الأشياء غير النظيفة

    واختلفت الأحاديث عن ماذا يأكل هذا الشيطان المجسم، فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال:
    قال رسول الله (ص): " لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنها زاد إخوانكم من الجن " ( أحكام النساء لابن
    الجوزي، ص 111، حاشية). ولا بد أنه قصد الجن المسلم لأنه قال " إخوانكم من الجن ". فماذا يأكل الجن
    غير المسلم ؟ في رواية ابن هشام فإن الشياطين ترضع الإبل غير المصررة، فقد روى: " لا تورد الإبل
    بهلا، فإن الشياطين ترضعها " ( السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص 114).

    وفي أحاديث أخرى فإن الشياطين، دون تمييز بين المسلم منهم والكافر، يشاركون الناس في أكلهم إذا لم يسموا باسم الله عليه.

    وجاء المسلمون بأجمل قصصهم عن الشيطان في باب النكاح، فمثلاً، قالوا: كانت امرأة من بني النجار يقال لها فاطمة بنت النعمان لها تابعٌ من الجن فكان يأتيها ( أي يعاشرها) وحين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم انقض على الحائط فقالت‏:‏ مالك لم تأت كما كنت فقال‏:‏ قد جاء النبي الذي حرم الزَنا والخمر‏." ( المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج3، ص 22).‏ ويعتقد المسلمون أن الجن المسلمين يتزوجون النساء المسلمات وينجبون منهن الأطفال. أما الجن غير المسلم فقد قرأنا قصصه عن مجامعة النساء وسكنه في فروجهن في ملخص الكتاب المذكور أعلاه ولا داعي لتكرارها.

    والمسلمون كالمسيحيين قبلهم اعتقدوا أن الشياطين تصيب الإنسان بالأمراض بواسطة السحرة، فقالوا إن اليهودي ابن الأعصم سحر النبي ودس السحر في بئر، فمرض النبي حتى أتاه جبريل وأخبره بمكان السحر فأتوا به ووجدوا خيطاً به عُقداً فقرؤوا المعوذتين فانحلت العقد وذهب السحر. وكان النبي يقول إن الصرع سببه الشيطان، لذلك قال لأصحابه إذا صُرع الإنسان فاقرؤوا في أذنه القرآن. ولذلك جعلوا عقاب الساحر السيف.
    فقد روى سفيان عن عمار الذهبي أن ساحراً كان عند الوليد بن عقبة يمشي على الحبل ويدخل في أست الحمار ويخرج من فيه، فاشتمل به جُندب بن كعب على السيف فقتله.( القرطبي، تفسير الآية 102، البقرة).
    وما دام الجن مجسداً فكان لابد لهم أن يتقمصوا هيئة بعض رجال الإنس، فمثلاً، لما عزم المسلمون على الخروج لغزو كنانة، ذكروا ما بينهم وبينَ بنى كنانة مِن الحرب، فتبدَّى لهم إبليسُ فى صورة سُراقة بن مالك المُدْلجى، وكان مِن أشراف بنى كنانة، فقال لهم: لا غَالِبَ لكم اليومَ من الناس، وإنى جارٌ لكم من أن تأتيكم كِنانة بشىءٍ تكرهُونه، فخرجوا والشيطانُ جارٌ لهم لا يُفارقهم، فلما تعبَّؤوا للقتال، ورأى عدوُّ الله جندَ اللهِ قد نزلت مِن السماء، فرَّ، ونَكَصَ على عقبيه، فقالوا: إلى أين يا سُراقة ؟ ( زاد المعاد، ج3، ص 86). وعندما اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر محمد، دخل عليهم الشيطان في هيئة شيخٍ نجدي ونصحهم بأن يحتاروا من كل قبيلة شاباً قوياً ليقتلوا محمد فيتفرق دمه على القبائل ( المنتظم في التاريخ، ج3، ص 4).

    وروي عن عمر بن الخطاب أنه صارع جنياً في هيئة رجل، فصرعه عمر رضي الله عنه، فقال له الجني: خل عني حتى أعلمك ما تمتنعون به منا، فخلى عنه وسأله، فقال: إنكم تمتنعون عنا بآية الكرسي. ( تفسير القرطبي للآية 255 من سورة البقرة).
    وهؤلاء الجن كانوا قادرين على قتل الناس، فقد زعمت الجن أنهم قتلوا سعد بن عبادة سيد الخزرج، وكان سبب موته أنه جلس يبول في نفق فقتل من ساعته ووجدوه قد اخضر جلده وسمع غلمان بالمدينة قائلًا يقول: نَحْن قَتَلْنَا سَيْدَ الخَزْرَج سعدَ بنُ عَباده‏.‏ وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ فَلَمْ تُخْطِ فُؤادهُ. فذعر الغلمان فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد بحوران ( المنتظم في التاريخ، 4، ص 84).

    وكذلك تمكن الشيخ بن باز من مخاطبة الجن، فقد قال: " أما بعد . . فقد نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها في شعبان من هذا العام أعني عام 1407 هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن - الذي تلبس ببعض المسلمات في الرياض - إسلامه عندي بعد أن أعلنه عند الأخ عبد الله بن مشرف العمري المقيم في الرياض ، بعدما قرأ المذكور على المصابة وخاطب الجني وذكره بالله ووعظه وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ودعاه إلى الإسلام لما أخبره الجني أنه كافر بوذي ودعاه إلى الخروج منها ، فاقتنع الجني بالدعوة وأعلن إسلامه عند عبد الله المذكور ، ثم رغب عبد الله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي بالمرأة حتى أسمع إعلان إسلام الجني فحضروا عندي فسألته عن أسباب دخوله فيها فأخبرني بالأسباب ونطق بلسان المرأة لكنه كلام رجل وليس كلام امرأة ، وهي في الكرسي الذي بجواري وأخوها وأختها وعبد الله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ويسمعون كلام الجني ، وقد أعلن إسلامه صريحا وأخبر أنه هندي بوذي الديانة ، فنصحته وأوصيته بتقوى الله ، وأن يخرج من هذه المرأة ويبتعد عن ظلمها ، فأجابني إلى ذلك ، وقال : أنا مقتنع بالإسلام ، وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعدما هداه الله له فوعد خيرا وغادر المرأة وكان آخر كلمة قالها : السلام عليكم ." ( فتاوى بن باز، ج3، ص 249)؟

    السؤال هو: لماذا كل هذا الهوس بالشيطان ؟ وبما أن النبي صلى الله علية وسلم قال إن الإسلام جاء ليظهر على كل الأديان ، وجسد الشيطان ليقربه إلى ذهنية البدوي الذي لم يكن بمقدوره أن يفهم التجريد الكامل. ورغم أن العربي قبل الإسلام كان يعرف الله في السماء إلا أن معرفته به كانت قاصرة لقصور الذهن البدوي عن فهم التجريد، لذلك عبدوا الأصنام لتقربهم إلى الله لأنها مرئية لهم.


    يتبع ...

    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2016-02-03, 03:56 PM.

  • #2
    تنيه بخطورة محتوى المشاركة....فكريا وعقديا.!!!

    ثم جاء الإسلام وتغير الشيطان. فارسول الكريم كان قد نشأ وترعرع بين عرب ما قبل الإسلام وتشبع بثقافتهم القصصية والشعرية والأسطورية، بما فيها قصص الشياطين. فذكر الإسلام ما نسجت القرون السابقة من يهودية ومسيحية ولا دينية القصص الممكنة عن الجن. فكان الملجأ الوحيد هو تجسيد الجن أو الشيطان. وإذا تجسد الشيطان فلا بد له من مكان يسكنه، وغذاء يأكله وعمل يؤديه، وزوجة يجامعها حتى يتناسل ولا ينقرض بسبب الأعداد الهائلة من الشهب التي تطارده. وإذا تجسد الشيطان فلا بد له كذلك من أن يصبح كالإنسان الذي يشرب فيبول، ويأكل فيذهب إلى الخلاء.

    فمثلاً عندما كان النبي صلى الله علية وسلم يسافر ليلاً في الصحراء، لم يكن يسلم على شياطين الوادي كما كان يفعل عرب ما قبل الإسلام، فقد ذكر أحمد عنه أنه كانَ إذَا غزَا أو سافر، فَأدرَكَهُ الليل، قال:
    (يا أرضُ رَبِّى وَرَبُّكِ الله، أَعُوذُ باللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وشَرِّ ما خُلِقَ فِيكِ، وَشَرِّ ما دَبَّ عَلَيْكِ، أعوذُ بالله مِنْ شَرِّ كُلِّ أسَدٍ وأَسْود، وَحَيّةٍ وَعَقْرَبٍ، ومِنْ شَرِّ سَاكِنِ البَلَد، ومِنْ شَرِّ وَالد، ومَا وَلَدَ).
    ( زاد المعاد لابن القيم، ج2، ص 246).
    وساكن البلد والوالد الذي ولد هم الشياطين. وساكن البلد هذا كان قد اختار بلاداً بعينها ليسكنها، فمثلاً، عندما كان عمر بن الخطاب بالشام وأراد الذهاب إلى العراق، قال له كعب الأحبار أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك قال وما تكره من ذلك قال بها تسعة أعشار الشر وكل داء عضال وعُصاة الجن وهاروت وماروت وبها باض إبليس وفرّخ " ( تاريخ دمشق لابن عساكر، ج1، ص 147). ولكن لا يسكن الشيطان في هذه البلاد القصور، وإنما يسكن في الأدبخانات وفي أفراج النساء، كما قرأنا في الكتاب الذي لخصه لنا السيد سعد الله خليل، لأن الشيطان، حسب المفهوم الإسلامي، يحب الأشياء غير النظيفة

    واختلفت الأحاديث عن ماذا يأكل هذا الشيطان المجسم، فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال:
    قال رسول الله (ص): " لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنها زاد إخوانكم من الجن " ( أحكام النساء لابن
    الجوزي، ص 111، حاشية). ولا بد أنه قصد الجن المسلم لأنه قال " إخوانكم من الجن ". فماذا يأكل الجن
    غير المسلم ؟ في رواية ابن هشام فإن الشياطين ترضع الإبل غير المصررة، فقد روى: " لا تورد الإبل
    بهلا، فإن الشياطين ترضعها " ( السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص 114).

    وفي أحاديث أخرى فإن الشياطين، دون تمييز بين المسلم منهم والكافر، يشاركون الناس في أكلهم إذا لم يسموا باسم الله عليه.

    وجاء المسلمون بأجمل قصصهم عن الشيطان في باب النكاح، فمثلاً، قالوا: كانت امرأة من بني النجار يقال لها فاطمة بنت النعمان لها تابعٌ من الجن فكان يأتيها ( أي يعاشرها) وحين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم انقض على الحائط فقالت‏:‏ مالك لم تأت كما كنت فقال‏:‏ قد جاء النبي الذي حرم الزَنا والخمر‏." ( المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج3، ص 22).‏ ويعتقد المسلمون أن الجن المسلمين يتزوجون النساء المسلمات وينجبون منهن الأطفال. أما الجن غير المسلم فقد قرأنا قصصه عن مجامعة النساء وسكنه في فروجهن في ملخص الكتاب المذكور أعلاه ولا داعي لتكرارها.

    والمسلمون كالمسيحيين قبلهم اعتقدوا أن الشياطين تصيب الإنسان بالأمراض بواسطة السحرة، فقالوا إن اليهودي ابن الأعصم سحر النبي ودس السحر في بئر، فمرض النبي حتى أتاه جبريل وأخبره بمكان السحر فأتوا به ووجدوا خيطاً به عُقداً فقرؤوا المعوذتين فانحلت العقد وذهب السحر. وكان النبي يقول إن الصرع سببه الشيطان، لذلك قال لأصحابه إذا صُرع الإنسان فاقرؤوا في أذنه القرآن. ولذلك جعلوا عقاب الساحر السيف.
    فقد روى سفيان عن عمار الذهبي أن ساحراً كان عند الوليد بن عقبة يمشي على الحبل ويدخل في أست الحمار ويخرج من فيه، فاشتمل به جُندب بن كعب على السيف فقتله.( القرطبي، تفسير الآية 102، البقرة).
    وما دام الجن مجسداً فكان لابد لهم أن يتقمصوا هيئة بعض رجال الإنس، فمثلاً، لما عزم المسلمون على الخروج لغزو كنانة، ذكروا ما بينهم وبينَ بنى كنانة مِن الحرب، فتبدَّى لهم إبليسُ فى صورة سُراقة بن مالك المُدْلجى، وكان مِن أشراف بنى كنانة، فقال لهم: لا غَالِبَ لكم اليومَ من الناس، وإنى جارٌ لكم من أن تأتيكم كِنانة بشىءٍ تكرهُونه، فخرجوا والشيطانُ جارٌ لهم لا يُفارقهم، فلما تعبَّؤوا للقتال، ورأى عدوُّ الله جندَ اللهِ قد نزلت مِن السماء، فرَّ، ونَكَصَ على عقبيه، فقالوا: إلى أين يا سُراقة ؟ ( زاد المعاد، ج3، ص 86). وعندما اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر محمد، دخل عليهم الشيطان في هيئة شيخٍ نجدي ونصحهم بأن يحتاروا من كل قبيلة شاباً قوياً ليقتلوا محمد فيتفرق دمه على القبائل ( المنتظم في التاريخ، ج3، ص 4).

    وروي عن عمر بن الخطاب أنه صارع جنياً في هيئة رجل، فصرعه عمر رضي الله عنه، فقال له الجني: خل عني حتى أعلمك ما تمتنعون به منا، فخلى عنه وسأله، فقال: إنكم تمتنعون عنا بآية الكرسي. ( تفسير القرطبي للآية 255 من سورة البقرة).
    وهؤلاء الجن كانوا قادرين على قتل الناس، فقد زعمت الجن أنهم قتلوا سعد بن عبادة سيد الخزرج، وكان سبب موته أنه جلس يبول في نفق فقتل من ساعته ووجدوه قد اخضر جلده وسمع غلمان بالمدينة قائلًا يقول: نَحْن قَتَلْنَا سَيْدَ الخَزْرَج سعدَ بنُ عَباده‏.‏ وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ فَلَمْ تُخْطِ فُؤادهُ. فذعر الغلمان فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد بحوران ( المنتظم في التاريخ، 4، ص 84).

    وكذلك تمكن الشيخ بن باز من مخاطبة الجن، فقد قال: " أما بعد . . فقد نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها في شعبان من هذا العام أعني عام 1407 هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن - الذي تلبس ببعض المسلمات في الرياض - إسلامه عندي بعد أن أعلنه عند الأخ عبد الله بن مشرف العمري المقيم في الرياض ، بعدما قرأ المذكور على المصابة وخاطب الجني وذكره بالله ووعظه وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ودعاه إلى الإسلام لما أخبره الجني أنه كافر بوذي ودعاه إلى الخروج منها ، فاقتنع الجني بالدعوة وأعلن إسلامه عند عبد الله المذكور ، ثم رغب عبد الله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي بالمرأة حتى أسمع إعلان إسلام الجني فحضروا عندي فسألته عن أسباب دخوله فيها فأخبرني بالأسباب ونطق بلسان المرأة لكنه كلام رجل وليس كلام امرأة ، وهي في الكرسي الذي بجواري وأخوها وأختها وعبد الله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ويسمعون كلام الجني ، وقد أعلن إسلامه صريحا وأخبر أنه هندي بوذي الديانة ، فنصحته وأوصيته بتقوى الله ، وأن يخرج من هذه المرأة ويبتعد عن ظلمها ، فأجابني إلى ذلك ، وقال : أنا مقتنع بالإسلام ، وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعدما هداه الله له فوعد خيرا وغادر المرأة وكان آخر كلمة قالها : السلام عليكم ." ( فتاوى بن باز، ج3، ص 249)؟

    السؤال هو: لماذا كل هذا الهوس بالشيطان ؟ وبما أن النبي صلى الله علية وسلم قال إن الإسلام جاء ليظهر على كل الأديان ، وجسد الشيطان ليقربه إلى ذهنية البدوي الذي لم يكن بمقدوره أن يفهم التجريد الكامل. ورغم أن العربي قبل الإسلام كان يعرف الله في السماء إلا أن معرفته به كانت قاصرة لقصور الذهن البدوي عن فهم التجريد، لذلك عبدوا الأصنام لتقربهم إلى الله لأنها مرئية لهم.



    كلام خطير يجب مراجعته..؟؟؟
    التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2016-02-03, 04:03 PM.
    من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

    تعليق


    • #3


      الا يعد هذا الكلام الخطييييييرتنقيصا لشخص النبي صلى الله عليه وسلم!!!


      1]والسبب الثاني هو عدم الإجابة على الأسئلة العديدة التي كان يوجهها إليه البدو وقتها، فنهاهم عن السؤال: "!!!


      2]يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ولكن هذا لم يجد نفعاً،!!!... إذ أنهم ظلوا يسألون، فجعله مسؤولاً عن كل ما يحدث من قتل وزنى وسرقة وخيانة زوجية ومرض الأحباء، وما إلى ذلك.!!!...


      كما اشتهر عند أهل العلم القول : " لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " .

      قال تعالى : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالاته - رسالته - و الله يعصمك من الناس" .
      التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2016-02-03, 01:12 AM.
      من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

      تعليق


      • #4


        اخى العزيز هانيبال

        شكرا على مرورك الكريم وعلى تنبيهك لى جعلة الله فى ميزان حسناتك وتم محوالملاحظات التى
        تفضلت بذكرها . لى توضيح بسيط قبل ان ارد على تنبيهاتك

        الأسطورة هي القصة المقدسة التي كان أصحاب الحضارات السابقة يؤمنون بها على أنها كتبهم المقدسة نوعا ما.. تتميز الأسطورة بعمقها الفلسفي الذي يميزها عن الحكاية الشعبية. كانت الأسطورة سابقا كما تعلم أمرا مسلما بمحتوياته.
        في معظم الأحيان تكون شخوص الأسطورة من الآلهة أو أنصاف الآلهة وتواجد الإنسان فيها يكون مكملا لا أكثر. تحكي الأسطورة قصصا مقدسة تبرر ظواهر الطبيعة مثلا أو نشوء الكون أو خلق الإنسان وغيره من المواضيع التي تتناولها الفلسفة خصوصا والعلوم الإنسانية عموما.
        من أهم
        الأساطير التي في بلاد الرافدين اسطورة جلجامش التي تتناول موضوع الخلود وتحتوي في ألواحها أيضا قصة الطوفان التي جاء ذكرها في التوراة والقرآن واسطورة الشيطان السابقة .
        الاساطير تعبر عن نظرة الشعوب القديمة إلى الحياة و قدمت لهم تفسيرا متكاملا للحوادث يرضي مستوياتهم العقلية ، و بينما واكبت الاسطورة الطفولة البشرية و قامت بتفسير مجريات الكون فقد حاربت الخرافة العلم و اهتمت بجزئيات الحياة.

        أهم ما ارتكزت عليه الاسطورة في سيطرتها على عقول البشر هو مبدأ حيوية الطبيعة
        والتفسير الهوائي للأحداث ، حيث منح القدماء صفة الحياة للجوامد مثل النيل عند الفراعنه
        ومنحوه الإرادة و القدرة ، و فسروا حدوث الاشياء بغاياتهم ، فالشمس تشرق كي تنير لهم الارض و النجوم تضيئ كي تهديهم في الطريق و المطر ينزل لكي يروي زراعتهم و ربما يعتقد البعض أن القمر يظهر لكي يذكره بحبيبته أو أن الغيمة تمطر لكي تشابه دموع فراقه..
        في مقابل الأسطورة نجد الخرافة، فالخرافة هي القصص المنسوجة بالكامل من الخيال، والتي لا تمت للحقيقة بصلة، ومن أبرز سماتها أنها انتقلت باللغة المحكية، والخرافة هي القصة ذات المغزى التأديبي للناس، فلقد نسجوا القصص البعيدة كل البعد عن الواقع للتأثير على الناس وتحسين بعض الأخلاق فيهم.

        تميل الشعوب عادةً لتنسج حول شخصياتها العظيمة الاساطير لتعلقهم بها ومحبتهم لها، حيث تمثل هذه الشخصيات رموزاً تحترمها الشعوب، ولكنَّ هذا التعلق أسس لتداخل بين التاريخ أو الواقع وبين القصص المتخيلة المبالغ فيها، إضافةً إلى إضفاءه سمة الكمال و عدم الخطأ على هذه الشخصيات، وهو ذات الشئ الذي أدى إلى ابتذال هذه الشخصيات وهذه القصص عند الأجيال الجديدة، لما وجدوه من تكرار وبعدٍ عن الواقعية، فكانت سبباً رئيسياً للفجوة بين الأجيال، حيث يرى الجيل القديم في الأجيال الجديدة أنها أجيال لا تحترم ماضيها وتاريخها، وترى الأجيال الجديدة في القديمة أنها أجيال متعلقة في الماضي لا تعرف شيئاً عن حاضرها بعبارة أخرى روح في الماضي وجسد في الحاضر

        كل هذه التجارب جعلت الشعوب تعشق وتحب وتكره وتبغض، مما حفزها على المبالغة في وصف من مروا في تاريخها، فالأسطورة والخرافة هي الشخصية ذات الأصول الواقعية والتي ساهمت الذاكرة الشعبية في المبالغة في وصفها ، فأضافت على الشخصيات صفات وخلقت أحداث لم يمروا بها، مما أسهم في إثراء الذاكرة الشعبية والتراثية لدى شعوب الأرض. وتختلف الأساطير من شعب لآخر باختلاف العادات والتاريخ والأحداث.



        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمدعامر مشاهدة المشاركة


          اخى العزيز هانيبال

          شكرا على مرورك الكريم وعلى تنبيهك لى جعلة الله فى ميزان حسناتك وتم محوالملاحظات التى
          تفضلت بذكرها . لى توضيح بسيط قبل ان ارد على تنبيهاتك

          الأسطورة هي القصة المقدسة التي كان أصحاب الحضارات السابقة يؤمنون بها على أنها كتبهم المقدسة نوعا ما.. تتميز الأسطورة بعمقها الفلسفي الذي يميزها عن الحكاية الشعبية. كانت الأسطورة سابقا كما تعلم أمرا مسلما بمحتوياته.
          في معظم الأحيان تكون شخوص الأسطورة من الآلهة أو أنصاف الآلهة وتواجد الإنسان فيها يكون مكملا لا أكثر. تحكي الأسطورة قصصا مقدسة تبرر ظواهر الطبيعة مثلا أو نشوء الكون أو خلق الإنسان وغيره من المواضيع التي تتناولها الفلسفة خصوصا والعلوم الإنسانية عموما.
          من أهم
          الأساطير التي في بلاد الرافدين اسطورة جلجامش التي تتناول موضوع الخلود وتحتوي في ألواحها أيضا قصة الطوفان التي جاء ذكرها في التوراة والقرآن واسطورة الشيطان السابقة .
          الاساطير تعبر عن نظرة الشعوب القديمة إلى الحياة و قدمت لهم تفسيرا متكاملا للحوادث يرضي مستوياتهم العقلية ، و بينما واكبت الاسطورة الطفولة البشرية و قامت بتفسير مجريات الكون فقد حاربت الخرافة العلم و اهتمت بجزئيات الحياة.

          أهم ما ارتكزت عليه الاسطورة في سيطرتها على عقول البشر هو مبدأ حيوية الطبيعة
          والتفسير الهوائي للأحداث ، حيث منح القدماء صفة الحياة للجوامد مثل النيل عند الفراعنه
          ومنحوه الإرادة و القدرة ، و فسروا حدوث الاشياء بغاياتهم ، فالشمس تشرق كي تنير لهم الارض و النجوم تضيئ كي تهديهم في الطريق و المطر ينزل لكي يروي زراعتهم و ربما يعتقد البعض أن القمر يظهر لكي يذكره بحبيبته أو أن الغيمة تمطر لكي تشابه دموع فراقه..
          في مقابل الأسطورة نجد الخرافة، فالخرافة هي القصص المنسوجة بالكامل من الخيال، والتي لا تمت للحقيقة بصلة، ومن أبرز سماتها أنها انتقلت باللغة المحكية، والخرافة هي القصة ذات المغزى التأديبي للناس، فلقد نسجوا القصص البعيدة كل البعد عن الواقع للتأثير على الناس وتحسين بعض الأخلاق فيهم.

          تميل الشعوب عادةً لتنسج حول شخصياتها العظيمة الاساطير لتعلقهم بها ومحبتهم لها، حيث تمثل هذه الشخصيات رموزاً تحترمها الشعوب، ولكنَّ هذا التعلق أسس لتداخل بين التاريخ أو الواقع وبين القصص المتخيلة المبالغ فيها، إضافةً إلى إضفاءه سمة الكمال و عدم الخطأ على هذه الشخصيات، وهو ذات الشئ الذي أدى إلى ابتذال هذه الشخصيات وهذه القصص عند الأجيال الجديدة، لما وجدوه من تكرار وبعدٍ عن الواقعية، فكانت سبباً رئيسياً للفجوة بين الأجيال، حيث يرى الجيل القديم في الأجيال الجديدة أنها أجيال لا تحترم ماضيها وتاريخها، وترى الأجيال الجديدة في القديمة أنها أجيال متعلقة في الماضي لا تعرف شيئاً عن حاضرها بعبارة أخرى روح في الماضي وجسد في الحاضر

          كل هذه التجارب جعلت الشعوب تعشق وتحب وتكره وتبغض، مما حفزها على المبالغة في وصف من مروا في تاريخها، فالأسطورة والخرافة هي الشخصية ذات الأصول الواقعية والتي ساهمت الذاكرة الشعبية في المبالغة في وصفها ، فأضافت على الشخصيات صفات وخلقت أحداث لم يمروا بها، مما أسهم في إثراء الذاكرة الشعبية والتراثية لدى شعوب الأرض. وتختلف الأساطير من شعب لآخر باختلاف العادات والتاريخ والأحداث.




          الفرق الرئيسي بين الأسطورة والخرافة يكمن في الحقيقة ، في حين أن الخرافة هي مجرد اعتقاد . في معظم الثقافات ، هناك العديد من

          الأساطير والخرافات التي تنبع من المجتمع . فالخرافات أو الأساطير ليست هي نفس الخرافات ، بينما

          يمكن أن تفهم الفرق بين الأسطورة كقصة تقليدية بما لديها من بعض العناصر الخارقة للطبيعة ، وبإعتبارها أكثر دقة في النظر إلى

          الأسطورة في البناء الاجتماعي . ولكن القصة المثيرة للاهتمام ، لا توفر معلومات واقعية دقيقة . ومن

          ناحية أخرى فالخرافات هي الاعتقاد بما له من التأثيرات أو الممارسات الخارقة للطبيعة . هذا هو الفرق الرئيسي بين الأسطورة والخرافة

          فنحن اليوم على الرغم من إحساسنا بسطوة الأسطورة ونفاذها إلى أعماقنا لتودع رسالة ما هناك؟ إلا أننا غالباً ما نضيع عن فهم هذه

          الرسالة وإعادة صياغتها بطريقة خطية تنتقل من المقدمات إلى نتائجها. أما لب هذه المشكلة فهو أننا

          لا نستطيع تجاوز ذلك الناظم الأساسي للعقل الحديث، وأعني به ناظم البرهان. فلقد أعادت الفلسفة الإغريقية، والفلسفة العربية من بعدها،

          تشكيل العمليات العقلية للإنسان الحديث وفق قواعد البرهان المنطقي، ثم تابعت العلوم المختلفة

          التي استقلت عن الفلسفة هذه المهمة، فنشأ البرهان الرياضي والبرهان التجريبي بجميع صوره وأشكاله، مما قادنا إلى عصر المعلوماتية

          الراهن. وبما أن البرهان مرتبط عضوياً بعملية التحليل والتفكيك، وبالإدراك المجزأ لموضوع

          معرفته فإنه أبعد ما يكون عن "المنطق" الأسطوري، الذي يحدس ولا يحلل ولا يرى في الجزء إلا صورة عن الكل وينظر إلى البرهان

          كشأن متضمن في عملية البيان.

          حتى السؤال عن ماهية الفلسفة " ما هي الفلسفة ؟ " يعد سؤالا فلسفيا قابلا لنقاش طويل . و هذا يشكل أحد مظاهر الفلسفة الجوهرية و

          ميلها للتساؤل و التدقيق في كل شيء و البحث عن ماهيته و مظاهره و قوانينه . لكل هذا فإن

          المادة الأساسية للفلسفة مادة واسعة و متشعبة ترتبط بكل أصناف العلوم و ربما بكل جوانب الحياة ، و مع ذلك تبقى الفلسفة متفردة عن

          بقية العلوم و التخصصات . توصف الفلسفة احيانا بأنها "التفكير في التفكير " أي التفكير في طبيعة

          التفكير و التأمل و التدبر ، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود و الكون .

          فالفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة، وعرفها سقراط بأنها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير.

          وهي بهذا المعنى أمر حسن، ولكن واقع الفلسفة هو الخوض في علم الكلام، وتحكيم العقل في العقائد ومنها الإلهيات والنبوات والغيبيات

          وغيرها. وبسبب ذلك انحرف الفلاسفة في هذه العقائد انحرافات خطيرة، حتى قالوا: بقدم العالم ونفي المعاد، وقد تأثر بهم طائفة من

          الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام كابن سيناء والفارابي وآخرين.

          ولهذا فإن السلف قد حذروا من الخوض في الفلسفة والكلام، حتى قال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يطاف بهم على العشائر،

          ويضربوا بالجريد والنعال، ويقال: هذا جزاءُ من ترك كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

          والحاصل أن الاشتغال بالفلسفة متاهة إلا لمن أراد بيان ضلال الفلاسفة مع الحذر الشديد، وبعد التمكن من العلوم الشرعية، والعقائد

          الصحيحة، وحتى بعد تحصيل كل هذا فالأسلم الابتعاد، فقد قال ابن العربي كلمته المشهورة عن الغزالي : (شيخنا أبو حامد الغزالي ابتلع

          الفلاسفة فأراد أن يتقيأهم فما استطاع).

          وإذا كانت الفلسفة تترك آثارها وبصماتها السيئة على مثل الغزالي وقد بلغ في كثير من الفنون ما بلغ بالإضافة إلى عقله الراجح، وذكائه

          المفرط، فما بالك بغيره؟

          أما الفكر فهو لغة: إعمال الخاطر في شيء، كما قاله ابن منظور ، والفكر هو نتاج التفكر، وإذا كان هذا الفكر منضبطاً بالشرع فهو الفكر

          الإسلامي، وإذا كان مخالفاً للشرع فهو فكر غير إسلامي.

          وعليه، فإننا نستطيع أن نعرف الفكر الإسلامي: بأنه مجموعة العلوم والمعارف القائمة على أسس وموازين إسلامية، أو هو نتاج التفكير


          الإسلامي الملتزم بالأسس والضوابط الإسلامية.

          والله أعلم.


          من عاش عمراً طويلاً له الخبرة و الحكمة في الحياة، فالحياة ما هي إلا مسرح و الجميع ممثلون فيها ، و كلٌ يلعب دوراً في سيرها، لذلك للكل بصمة خاصّة به يضعها لكي يفيد بهاالآخرين.

          تعليق


          • #6


            عودة الى موضوعنا عن اسطورة الشيطان حيث يرى علماء الإنسان أن أول الأعمال الأدبية الأسطورية ولدت في معابد الكهنة وهياكل الآلهة نفسها .. لأنها كانت ترى التراث والأثر المقدس ما هو إلا شكل قصصي حول الآلهة ويقوم بتفسير الأفكار الدينية وتوضيحها بشكل أبسط .. إلا أنها في نفس الوقت لا تعتبر ملزمة دينيا أو اعتقاد قطعي إيماني .. بل تركوها حسب قوة الإيمان الفردي اذن ليست ملزمة ..
            لذا لا يعرف كيف نشأت الأساطير أو من هو من صاغها أدبيا ..
            بمعنى أبسط ...
            تقوم الاساطير بايجاد تفسيرات لما يقع أمام الإنسان ويصعب عليه تحليله ومعرفة أسبابه .. فتأتي الأسطورة لتحل المشكلة الفهمية العقلية للواقع والتعويض عن عجز العقل البشري آنذاك في الوصول للاجابات الحقيقية الصادقة وأيضا لتبرير ذلك الواقع وتقبله على أساس أن الأساطير تولد الخلاص القادم ويستعجلون الخلاص بالقرابين والقيام بطقوس معينة لها ..

            ولأن البدائيين لم يعرفوا كيف يموت الإنسان وأين يذهب فاعتقدوا أنه الموت هو توقف التنفس ( ومن هنا جاءت كلمة النفس ) وكانوا يؤمنون بأن النفس البشرية عندما تخرج من الجسد تأخذ وتتقمص أشكال أخرى - وهنا ظهرت الأشباح والأرواح والأطياف - ومن ثم ترتفع للأبدية وعالم الألوهية ..
            ومن هنا اذا جاز لي التقسيم فأرى أن العبادة البشرية تطورت حسب المراحل التالية :
            - عبادة الظواهر الطبيعية
            - عبادة ارواح الأجداد الأسلاف
            - عبادة أرواح نصف مادية
            - عبادة آلهة متعددة
            - عبادة إله قومي ( مقتصر على منطقة معينة فقط )
            - عبادة إله عالمي واحد

            هذا التطور كان على مراحل زمنية طويلة ومختلفة ...

            ومن سؤال البدائيين بعد الموت .. أيهما أولا الحياة أو الموت ؟
            الوجود أو العدم ؟
            النافع أو الضار ؟
            هنا ظهر التقسيم أو الاتجاهين المتعاكسين ..
            قوة ايجابية نافعة للحياة والوجود والضياء وخصوبة الأرض والتكاثر والخير بوجه عام ..
            وقوة سلبية ضارة تتمثل في الموت والعدم والظلام والجفاف وغيرها من الأمور السلبية ..
            وكحل ابتدأ الانسان البدائي يعبد ويتقرب للإله الذي هو الطبيعة ليزداد خيرها .. وايضا اتجه لعبادة القوة السلبية التي يخافها ليتحاشى شرها ويقلل من ضررها، اي ان الحاجة الى الاله والى حد كبير تمسكا بالامل لتحقيق مصلحة شخصية. من هنا نرى ان الاديان لازالت حتى اليوم تأخذ هذة الابعاد حتى اليوم ..

            ولنأخذ فكرة عامة عن هذا الصراع الفكري بين الخير والشر عبر الحضارات المختلفة القديمة ..

            - بلاد الرافدين :

            نرى ظهور إلهين ألهة مؤنثة وإله مذكر... الإلهة " تهامة " وهي إله الشر وتتمثل في البحر المظلم ( ولازال اسم تهامة يطلق على منطقة في غرب المملكة العربية السعودية ) ويوزايها الإله " ماردوك " وهو إله الخير والضياء يتصارعون ويقتل مردوك تهامة ويتفرغ لتنظيم السماء والأرض ويباركهما وتكثر الخيرات ..

            - في مصر القديمة :

            الإله " أوزيريس " إله النيل والخير والخضرة والخصوبة
            يوازيه الإله " سيث " إله الصحراء والجدب والجفاف الأشرار ..
            يتصارعون وعلى فكرة هما أخوان كما تقول الاسطورة وكان مقدرا خروجهما سوى في نفس اللحظة لكن سيث المجرم احتال وخرج قبل اوزيريس وافسد الارض ..

            - الكنعانيين :

            كان هناك إله مظلم " يم " ( لاحظوا الإسم يم = بحر ) وهو إله السكون والفوضى يقابله الإله " بعل " وهو إله الخير .. يقتل بعل يم فيسود الخير في الارض لفترة زمنية لكن اتباع الإله يم يستنجدون بالإله " موت " (لاحظوا الإسم) فتعود الفوضى ويدخل بعل وموت في صراع أبدي يتناوبون الهزيمة والنصر لآخر الزمان ..

            - بلاد فارس :

            يقولون أن أول ما نزل من الآلهة هو إله الخير " هرمز " ( ولازال اسمه على مضيق الخليج العربي ) فسأل نفسه لو كان لي منافس كيف سيكون ؟
            وتقول الاسطورة أنه بمجرد السؤال ظهر له منافس هو إله الظلام والفساد والظلم" أهرامان " ودخلوا بصراع .. فخلق هرمز الملائكة والبشر ليساعدوه .. بينما خلق أهرامان كل الكائنات الضارة ..

            بينما هناك أسطورة آخرى .. أنه قبل أن يكون الإله هرمز كان هناك الإله الأعظم " ميتهرا " وكانوا يحتفلون بميلاد الإله ميتهرا بتاريخ 25 ديسمبر وانتقلت عبادة ميتهرا للهند القديمة ويقولون أنه يدخل بمعركة مع آلهة الموت والظلام ويتعرض الإله ميتهرا للأسر فيتم تعذيبه ويستشهد على الصليب وباستشهاده يصيب الارض الجفاف ويتوقف النسل .. لكن بتاريخ 21 مارس يقوم من جديد فتعود الارض للحياة ...
            ولو لاحظنا نجد هنا تقريبا نفس قصة المسيح ونفس تواريخه ميلاده 25 ديسمبر تعذيبه وصلبه على الصليب وبعد صلبه بثلاثة أيام يقوم فترفع روحه للسماء )
            كما أن الكهنة التابعين لميتهرا يضعون تيجان مقاربة جدا لتيجان بابوات النصارى وأحذيتهم نفس اللون الاحمر ونفس الزي عند كهنة المسيحيين ... حتى أن كبير كهنة ميتهرا كانوا يلقبون قبل ظهور المسيحية بقرون وآلاف السنين يسمونه بلقب " البابا " حتى أنه عندما ظهر زرادشت باعتبار أنه نبي مرسل من قبل إله الخير هرمز أقر المعتقدات التي كانت للإله ميتهرا ..
            ونرى هنا صراع الخير والشر بين هرمز وأهرامان الذي يحددونه بعدد 12 ألف سنة يظهر على رأس كل ألف سنة من بيت زرادشت يقود الكفاح لينتصر الخير على الشر وبانتهاء السنوات الـ 12 ألف تقوم القيامة ويتم الحكم على أهرامان واتباعه بالخلود في الجحيم ( وهنا نرى التشابه الكبير بين هذه القصة وبين معتقد الشيعة الاثنى عشرية ؟؟!! )

            - اليهودية :

            ما قبل مرحلة التيه لا نجد في التراث اليهودي إله خالص للشر .. لكن ما بعد التيه بدأنا نلاحظ اشارات غامضة لظهور إله مساو للإله ( يهوه ) وألصقوا فيه أنه سبب كل مصائبهم أسموه " عزازيل " ليمثل الشر .. وكانوا يقدمون القرابين لعزازيل كما يقدمونها ليهوه كما جاء في العهد القديم " .. يلقي هارون على التيس قرعتين ، قرعة للرب وقرعة لعزازيل .. " وكانوا حتى تلك الفترة يعتقدون أن عزازيل وهو ما نعتبره حاليا الشيطان أو الجني أنه يسكن الصحراء يقول عباس العقاد في كتابه " الشيطان " .. أنه إله الخراب والصحراء .. بينما يعتقده آخرون أنه زعيم الملائكة المتمردين على الرب الذين هبطوا للأرض وزنوا ببنات البشر ثم انهزموا أمام جنود الخير ولاذوا بالصحراء "
            وعزازيل هذا هو ما يعتقد أنه نفسه عند البابليين هو إله الهلال وكانوا يسمنه الإله " سين " وكانوا يصورونه بشكل وهيئة تيس وله قرنين ... وهذا ما تطور في العقل البشري لاحقا ليكون صورة الشيطان فله قرنين وحوافر وقوائم تيس وذيل ينتهي برأس أفعى ...

            وبعد الأسر البابلي لليهود نجد أنهم تأثروا بالعقائد الزرادشتيه وقالوا بوجود إلهين واحد للخير والثاني للشر ... وظهرت لأول مرة كلمة " Satan " أو شيطان أو ابليس وهي اختصار للأصل اليوناني " ديابوليس " وتعني ملاك الموت أو زعيم الهاوية السفلي لأنهم يعتقدون أن جميع الموتى سواء الصالح أو الطالح مصيرهم الهاوية السفلى ...

            وهناك لفظة أخرى هي Deuce ( ديوس ) بمعنى الشيطان .. وعندما نرجع للفظ الكنعاني العبراني ( التيوس ) وهي جمع تيس نجد أنها نفس المعنى باللغة العربية أيضا ما يشير للتيس .. لذا نقول أن عزازيل هو لقب آخر للإله " سين " إله التيوس البابلي أو كما يقولون عنه الإله Attis وهو الذي كان على هيئة شاب وسيم جدا مات مقتول وهو على هيئة تيس فهبط سيدا لعالم الموتى السفلي ..
            ولانتقاله عن طريق اليهود بعد انتهاء الاسر البابلي لارض كنعان تسرب لليونايين فأسموه الإله " أبوللو " إله الشعر والبحر ( لاحظوا للآن لازال لدينا مقولة أن فلان نزل عليه شيطان الشعر ) ..
            ومن هنا يصبح معنى Diapolos هو التيس أبوللو حتى أنه عندما يشاهدون شخصا فائق الجمال يسمونه باللغة اليونانية Apollonian ومن هنا جاء الاعتقاد بأنه والإله تيس نفس الشيء

            المسيحية :

            بعد أن وصلت البشرية لمرحلة توحيد الإله .. واجهتهم مشكلة كبيرة وهي كيف يتصف الإله الواحد بكل صفات الكمال الخير بينما يحدث الشر ؟
            لذا جاء دور الإله النقيض وظهر ابليس أو الشيطان .. فلا نجد انجيلا إلا وفيه ذكر لابليس مصحوبا باللعنة ..
            لكنه هنا انتقل من كونه إلها إلى أنه مخلوق تمرد على الخالق وهو سبب بلاء البشرية وآلامها وأصل الخطيئة وهو الذي أغوى ادم وزوجته للأكل من الشجرة المحرمة في الجنة وهنا نلاحظ تعارض الاثر الانجيلي مع الاثر التوراتي وذلك بأن التوراة كانت تقول أن الحية هي التي أغوت حواء لتأكل من الشجرة بينما المسيحية تقول أن هذه الحية لم تكن إلا ابليس متنكرا !! أو أنها حملت ابليس في فمها وتحدث لحواء من خلالها !! ...

            ويقول الاثر المسيحي أن " ابليس هو أكثر الملائكة جمالا واعظمها شأنا عند الله وكان أقرب الملائكة لله حتى أنه كان يعكس النور الإلهي كالمرآة لذلك جاء لقبه الآخر Lucifer أي حامل الضياء .. وبعد خلق آدم شعر بالغيرة وأن آدم سيهدد مكانته عند الله كما أنه كان يعرف أنه برفضه السجود لآدم سيكون مصيره اللعنة الأبدية والطرد من الجنة ومع ذلك اعترض على الرب لا وبل رفض الأمر الإلهي وسانده عدد من الملائكة وتحولا من ملائكة لشياطين بشعة يتزعمهم ابليس واصبحوا اعداء لذرية آدم ..
            وفي المسيحية يظهر الشيطان بقدرات جبارة فهو تحدى الله وقام بعصيان أوامره وانصرف عن عبادة الله بغواية ذرية آدم .. ونجد مثلا في انجيل بولس " أن الشيطان رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في ابناء النعصية .." الاصحاح 14 .
            وفي انجيل متى اكتشاف المسيح لخدعة الغواية من ابليس " .. اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لابليس وملائكته .. " الاصحاح 25 .

            - العرب :

            نجد أن البعض يعتقدون أن عزازيل كان ملاكا هبط مع مجموعته للأرض وتزوج الآدميات .. هذا قبل ظهور الإسلام .. حتى أنهم كانوا يعتقدون أن ذو القرنين كانت أمه آدمية وأبوه ملاكا .. وجد بعض الباحثين أن العرب بعضهم قد عبد الملائكة ..

            فالثعالبي يقول في كتابه قصص الأنبياء عرائس المجالس في الصفحة 34 " أن الله عندما غضب على ابليس مسخ صورته فصوره شيطانا بعد أن كان ملاكا وغير اسمه من عزازيل لابليس " بينما ابن كثير يقول أن عزازيل هو من الجن الذين يسكنون الارض وكان تقيا عابدا لله وكرمه الله ورفعه لوحده للسماء وكان يعيش مع الملائكة ..
            - هذا التحول من كون ابليس إله للشر ومن ثم ملاك عاصي أو جن صالح يعود للنزاع في العقل البشري وميله نحو التوحيد وكان لليهود أثر كبير في ذلك ابتداء من الاسر البابلي اذ نقلوا تقريبا كل آلهة الرافدين معهم لأرض كنعان في فلسطين والشام وعلى رأس هذه الآله نقلا الإله الجبار ( إيل ) واتباعه من الآلهة التابعة ( عزرا - إيل ، ميكا - إيل ، إسراف - إيل .. الخ ) ومع توجه اليهود للتوحيد الذي فرضه الله الواحد ( يهوه ) والنبي موسى للتوحيد .. لم يتركوا تلك الآلهة وحولوها من آلهة إلى أتباع الله الواحد واعتبروها أقل شأنا من الله .. ولكنها ظلت تحمل الطابع الإلهي فهي نورانية التكوين خالدة لها قدرات خارقة ولها أجنحة ولازالت للآن تماثيلها المجنحة في العراق لليوم ..

            وأطلقوا عليها بالعبرانية الملائكة Mala kh وأصبح الإله الجبار ( إيل ) سيد تلك الملائكة .. والكلمة تعني بكل اللغات السامية ومنها العربية بمعنى الجبروت والقوة كما كانت تنطقها الحضارة في الرفدين ..


            يتبع

            تعليق


            • #7



              أنجيل الشيطان




              أسطورة تعود للقرن 13 في جمهورية التشيك , تقول بأن أحد الرهبان تم وضعه في احدى الغرف المحصنة بالدير بسبب بعض مخالفاته الخطيرة لقوانين الدير .
              توصل الى اتفاق مع رؤوساء الدير , بأنه سوف يكتب "كتابا مقدسا" خلال ليلة واحدة وهذا ما سيجعل الدير مقصدا للحج (ويجلب الكثير من المال ) مقابل أطلاق سراحه , فوافق رؤوساء الدير وبدأ الكاهن بعمله بغض النظر عن سرعة الكتابة فقد أيقن بأنه لن يستطيع أنهاء الكتاب قبل بزوغ الفجر ...




              لذلك وبحلول منتصف الليل وقع أتفاقا مع الشيطان : بأنه أذا انهى له كتابه فأن الراهب لن يمنحه روحه فقط بل أيضا سيسمح للشيطان بعرض نفسه وكل ما يحيط به من رعب من خلال الكتاب
              وافق الشيطان فعلا , وبحلول النهار وجد رؤوساء الدير كتابا ضخما مع الراهب يحتوي على ما وعدهم به فأطلق سراحه .

              وسمي الكتاب الناتج في ما بعد "بالكتاب المقدس العملاق" أو "كتاب الشيطان المقدس"
              الباحثون الحاليون عندما درسوا ذلك الكتاب أذهلوا به : 90 سم طوله وعرضه كان 50 سم وبسماكة 20 سم سماكته ووزنه يزيد عن 72 كيلو جرام وغلافه مصنوع من جلد الحمار !! فهو بذلك اكبر كتاب يعود للقرون الوسطى باقي الى يومنا هذا .


              بشكل غريب الكتاب حاليا غير كامل فقد أزيلت بعض صفحات الكتاب في فترات مختلفة , البعض يقول انها كانت صفحات تمدح الدير لكن آخرين يعتقدون بأنه كان فيها معلومات شريرة من الشيطان .

              الكتاب يحتوي على نصوص الكتاب المقدس ومسائل طبية و موسوعة قديمة وتقويم .
              خيوط الأسطورة : الكتاب يركز بشكل كبير على الشيطان ويبدو انه كتب من قبل كاتب غير معروف ويعتقد العلماء بان هكذا كتاب يحتاج على الاقل ل20 عام لكتابته وليست ليلة واحدة !

              بعد القرن 13 بقي الكتاب مع الأديرة المحلية حتى عام 1594 ثم أضيف لمكتبة أدولف الثاني امبراطور رومانية المقدسة بقي هنالك حتى عام 1648 (بعد حرب الثلاثين عاما) حيث أخذها السويديون المنتصرون مع مخطوطات أخرى الى ستوكهولم .
              عندما شب حريق في المكتبة السويدية الملكية عام 1697 ثم القاء الكتاب البالغ من العمر 400 عام من الطابق العلوي في محاولة لانقاذه لكن نتيجة ارتطامه بالارض فقد بعض صفحاته التي لم يتمكنوا من ترميمها واستردادها


              على الرغم من ميزات هذا الكتاب الكثيرة الا انه سمي انجيل الشيطان بسبب التركيز على شخصية الشيطان التي تأخذ صفحة كاملة ويتم تصوير الشيطان ووصفه بانه يرتدي ثوب مؤذر وهذا ما كان يرتديه الملوك في ذلك الوقت ,
              برغم كل هذا الا ان التاريخ الدقيق للكتاب لم يتم معرفته بعد وبعض صفحاته المفقودة قد تكون ضاعت للأبد ...

              تعليق

              يعمل...
              X