النصر لهذا الدين.. حقيقة أم خيال؟
قضية انتصار الإسلام نسأل الله أن يجعلها حقيقة وليست خيالاً، ولكن إذا أردنا دراسة هذا الأمر بشكل موضوعي نجد موقفين:
الموقف الأول يؤكدها كحتمية تاريخية، فبعد سقوط العقيدة الشيوعية لم يبق هنالك منافس للإسلام في الساحة، وهو الحل الوحيد المطروح لحل مشكلات العالم، وأما يسمى بالعولمة فهي فضلاً عن أنها لا تملك تفسيراً كاملاً للحياة، ولا تجيب عن أسئلة الفطرة، فقد أسهمت العولمة في إيجاد مشكلات جديدة في الواقع المعاصر، فهي ليست حلاً بقدر ما هي مودة.ويعود سبب الأمل بنصر الإسلام، لقضايا تتعلق بشمول منهجه ويسره وواقعيته وصلاحيته للحياة، فهو قائم على الفطرة، ويحترم العقل، ويدعو إلى التفكير في ملكوت السماوات والأرض، وهو دين الرحمة والعدل والحرية والمساواة بين الشعوب، ويحترم كافة القيم النبيلة في الحياة.وهو دين يهذب سلوك الفرد والجماعة، ويقيهما من الانحرافات والرذائل، ويرفعهما إلى المستوى اللائق بهما لحمل رسالة الله في الأرض.
والإسلام قادر بفلسفته وتعاليمه الربانية على مجابهة كافة الأخطار التي تهدد السلم العالمي، من فقر مدقع، وأمراض مزمنة، وحروب طاحنة، فينشر لواء السلام على هذه الأرض.ومما يؤكد ما سبق اعتناق الكثيرين في الغرب والشرق للإسلام، ومنهم أعلام كبار في العلم والبحث والفن والرياضة، فقد وجدوا في الإسلام ما فقدوه في ثقافتهم وأديانهم.
الموقف الثاني يرفض الفكرة المسبقة، وهو يعتمد في ذلك على ما يرى من حروب وكيد ودسائس لدى قوى البغي مجتمعة لمحاربة أمة الإسلام، إضافة إلى أن المسلمين في منتهى الضعف والفرقة والتطاحن الداخلي فكرياً وعقدياً، وجلهم قد انصرفوا عن الإسلام بشكل عملي، واتبعوا حضارة الغرب في حياتهم الدنيوية، ومفاسد الحضارة الغربية كلها موجودة في مجتمعاتهم على صور مختلفة، والتابع لا يمكن أن يكون قائداً، لأنه مهزوم فكرياً ونفسياً وحضاريا، ناهيك أن الناس مركوز فيها حب الدنيا وشهواتها، قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]،
وقال أيضاً: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ [القيامة: 20]، ومن رأى زينة الأرض وفتنتها في العصر القديم افتتن بها، فما بالك في العصر الحديث وما فيه من مباهج ومخترعات وزينة، وعليه فالإسلام يزداد غربة يوما بعد يوم، حتى يأتي يوم لا يجد فيه المسلم إلا رؤوس الجبال ووديانها يتعبد فيها حتى يأتيه اليقين.
[1]ولكل من الفريقين أدلته النقلية والعقلية، ولكي لا نذهب مع أحدهما ضد الآخر، نقول: إن ثمة مبشرات كثيرة وهذا صحيح، وثمة أشياء أخرى توحي بعكس ذلك، والغيب متروك إلى الله تعالى، ولا يعني انتصار الدين بقاءه قوياً إلى يوم القيامة، فهنالك فتن كثيرة ستكون قبل يوم القيامة أشدها فتنة الدجال، ولا يعني انحساره أنه سيبقى ضعيفاً إلى يوم القيامة، فهنالك بشائر كثيرة قبل يوم القيامة منها نزول عيسى بن مريم من السماء وقتله الدجال، فما من خير إلا وسيعقبه شر، وما من شر إلا وسيعقبه خير، والأيام دول، قال تعالى:
﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس ﴾ [آل عمران: من الآية 140]، وعلينا ألا نيأس، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: من الآية87]، وواجبنا أن نعمل في الحالتين سواء كان هنالك مبشرات أو منفرات، فهذا هو المطلوب منا، وأما النصر فموكول إلى الله في الحالتين، قال تعالى:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، ولنكن إلى البشر والتفاؤل أقرب، فالله مع عباده وجنده، وهو ناصرهم في النهاية، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء:105].
أ. د. محمد رفعت زنجير
قضية انتصار الإسلام نسأل الله أن يجعلها حقيقة وليست خيالاً، ولكن إذا أردنا دراسة هذا الأمر بشكل موضوعي نجد موقفين:
الموقف الأول يؤكدها كحتمية تاريخية، فبعد سقوط العقيدة الشيوعية لم يبق هنالك منافس للإسلام في الساحة، وهو الحل الوحيد المطروح لحل مشكلات العالم، وأما يسمى بالعولمة فهي فضلاً عن أنها لا تملك تفسيراً كاملاً للحياة، ولا تجيب عن أسئلة الفطرة، فقد أسهمت العولمة في إيجاد مشكلات جديدة في الواقع المعاصر، فهي ليست حلاً بقدر ما هي مودة.ويعود سبب الأمل بنصر الإسلام، لقضايا تتعلق بشمول منهجه ويسره وواقعيته وصلاحيته للحياة، فهو قائم على الفطرة، ويحترم العقل، ويدعو إلى التفكير في ملكوت السماوات والأرض، وهو دين الرحمة والعدل والحرية والمساواة بين الشعوب، ويحترم كافة القيم النبيلة في الحياة.وهو دين يهذب سلوك الفرد والجماعة، ويقيهما من الانحرافات والرذائل، ويرفعهما إلى المستوى اللائق بهما لحمل رسالة الله في الأرض.
والإسلام قادر بفلسفته وتعاليمه الربانية على مجابهة كافة الأخطار التي تهدد السلم العالمي، من فقر مدقع، وأمراض مزمنة، وحروب طاحنة، فينشر لواء السلام على هذه الأرض.ومما يؤكد ما سبق اعتناق الكثيرين في الغرب والشرق للإسلام، ومنهم أعلام كبار في العلم والبحث والفن والرياضة، فقد وجدوا في الإسلام ما فقدوه في ثقافتهم وأديانهم.
الموقف الثاني يرفض الفكرة المسبقة، وهو يعتمد في ذلك على ما يرى من حروب وكيد ودسائس لدى قوى البغي مجتمعة لمحاربة أمة الإسلام، إضافة إلى أن المسلمين في منتهى الضعف والفرقة والتطاحن الداخلي فكرياً وعقدياً، وجلهم قد انصرفوا عن الإسلام بشكل عملي، واتبعوا حضارة الغرب في حياتهم الدنيوية، ومفاسد الحضارة الغربية كلها موجودة في مجتمعاتهم على صور مختلفة، والتابع لا يمكن أن يكون قائداً، لأنه مهزوم فكرياً ونفسياً وحضاريا، ناهيك أن الناس مركوز فيها حب الدنيا وشهواتها، قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]،
وقال أيضاً: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ [القيامة: 20]، ومن رأى زينة الأرض وفتنتها في العصر القديم افتتن بها، فما بالك في العصر الحديث وما فيه من مباهج ومخترعات وزينة، وعليه فالإسلام يزداد غربة يوما بعد يوم، حتى يأتي يوم لا يجد فيه المسلم إلا رؤوس الجبال ووديانها يتعبد فيها حتى يأتيه اليقين.
[1]ولكل من الفريقين أدلته النقلية والعقلية، ولكي لا نذهب مع أحدهما ضد الآخر، نقول: إن ثمة مبشرات كثيرة وهذا صحيح، وثمة أشياء أخرى توحي بعكس ذلك، والغيب متروك إلى الله تعالى، ولا يعني انتصار الدين بقاءه قوياً إلى يوم القيامة، فهنالك فتن كثيرة ستكون قبل يوم القيامة أشدها فتنة الدجال، ولا يعني انحساره أنه سيبقى ضعيفاً إلى يوم القيامة، فهنالك بشائر كثيرة قبل يوم القيامة منها نزول عيسى بن مريم من السماء وقتله الدجال، فما من خير إلا وسيعقبه شر، وما من شر إلا وسيعقبه خير، والأيام دول، قال تعالى:
﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس ﴾ [آل عمران: من الآية 140]، وعلينا ألا نيأس، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: من الآية87]، وواجبنا أن نعمل في الحالتين سواء كان هنالك مبشرات أو منفرات، فهذا هو المطلوب منا، وأما النصر فموكول إلى الله في الحالتين، قال تعالى:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، ولنكن إلى البشر والتفاؤل أقرب، فالله مع عباده وجنده، وهو ناصرهم في النهاية، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء:105].
أ. د. محمد رفعت زنجير
تعليق