إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحياء من الله ألا يراك حيث نهاك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحياء من الله ألا يراك حيث نهاك

    الحياء من الله ألا يراك حيث نهاك وألا يفقدك حيث أمرك

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبد ورسولك محمد، أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين، وعلى آله وعلى صحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
    فالرقابة الذاتية بمعنى أن يكون لدى العبد رقابة في نفسه تنطلق هذه الرقابة من إيمانه بالله، وإيمانه برسول الله، وإيمانه بدين الإسلام، هذه الرقابة الذاتية هي تحرك وجدانه تحرك ضميره، تنقاد به الجوارح لله جل وعلا، هذه الرقابة الذاتية ما تحقق في العبد نال بها الخير الكثير، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فمن عبد الله كأنه يراه والله يراه حقا لكن أيقن بهذا العلم يقينا جازما أن الله مطلع عليه، ومراقب له، وعالم بسره وعلانيته لا يخفى عليه شيء من أفعاله، من تصور هذا المقام حق التصور لا شك أنه سيغير من موقعه، وسيكون على طريق مستقيم.
    قال الله جل وعلا: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] إذًا فعلم الله محيط بنا، محيط بنا قبل أن نكون وبعد ما كنا الله عالم بنا جميعا كتب هذا العلم قبل أن يخلق الخليقة بخمسين ألف سنة.
    الرقابة الذاتية هي الأصل فالمؤمن يترك معاصي الله خوفا من الله، ورجاء لثوابه، ولهذا قال بعض السلف: حقيقة التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو بذلك ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله.
    فالطاعة ابتغاء مرضاة الله، تعلم أن الله يحب منك الخير والصلاح ويكره منك الكفر والفسوق والعصيان.
    الرقابة الذاتية تجعل المسلم يراقب نفسه، ويعاتب نفسه عن أخطائه وزلات لسانه، وهفواته وتصرفاته كلها، قال الله جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46]، الخوف من لقاء الله، والخوف من يوم الحساب، والخوف من الأعمال هي التي جعلت المؤمن يخاف ويخشاه ويتقه في سره وعلانيته قال الله جل وعلا: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 16]، ويقول: { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ} [البقرة: 284].
    إذًا يا إخواني فالله عالم بنا وبأسرارنا وعلانيتنا، لا يخفى عليه شيء من أمرنا لكن جهلنا واغترارنا بحلم الله، وستره علينا، تمادينا في المخالفات والمعاصي والسيئات وإلا فالله جل وعلا يقول: { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6].
    الذي يراقب الله جل وعلا في كل أحواله هو المنقاد لأوامره، ولهذا الصيام لما قال الله فيه جل وعلا: «الصوم لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلي» لماذا؟ لأن الصائم أخلص لله في سره وعلانيته، فهو صائم في الظاهر والباطن، ليس صيام خداع هو صائم في ظاهره وباطنه الحامل له على هذا مراقبة الله، وعلمه باطلاع الله عليه ولهذا عظم أجر الصائمين؛ لأن الصوم لا رياء فيه هو كما قال: «الصوم لي وأنا أجزي به» فلما تمحض العمل وكان خالصا لله نفع الله بذلك.
    ثانيًا: يقول الله: { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271] إذًا فإعطاء الفقراء الزكاة خفية غير علن والتصدق على المستحقين وتلمس أحوالهم، يدل على أن هذا المتصدق مخلصا لله، لا يريد أن يقال فلان متصدق، وفلان محسن، وفلان لا يريد كما قال الله جل وعلا: { الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 8-9].
    هكذا الإخلاص لله، وهكذا الصدق مع الله ولهذا يقول الله جل وعلا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18] كل من تأمل هذا حق التأمل، ورسخ في قلبه هذا حقيقة، نهاه عن الشر وحال بينه وبين الباطل، إنما يأت الخلل عندما يتجاهل العبد تلك الرقابة الذاتية، وينسى رقابة الله عليه، ولا يستحي من الله، فإن الحياء من الله ألا يراك حيث نهاك وألا يفقدك حيث أمرك، فالمخلص في أقواله وأعماله هو الذي يعلم أن هذا هو الطريق المستقيم فالرقابة الذاتية في القلوب فوق رقابة البشر، فالبشر تستطيع أن تخفي أشياء وتكتم أشياء لكن رب العالمين لا يمكن، قال الله جل وعلا: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61]، وقال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]، فالكل خلقه، وهو محيط به وعالم به علما كاملا جل ربنا، ومع هذا يقول: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 61] لكن سبق حلمه غضبه، ولهذا يعطي عباده ويملي لهم وإن كانوا عصاة له ابتداء وامتحانًا قال جل وعلا: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 42-44].
    فالله قد يعطي للعبد ويملي له ويبقيه أياما لكن إذا أخذه أخذ عزيز مقتدر، فالاغترار بحلم الله على العبد لا يجعل معاصي الله {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل: 45-47].
    نسأل الله أن يجعل خوفنا منه خوفا حقيقيا، مبنيا على كمال علمنا بربنا، وعلمنا بصدق وعده ووعيده، ونسأله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من الخائفين من الله، المراقبين لأعمالهم، القائمين به حق القيام، وصل الله وسلم على نبينا محمد.

    ————————
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ – حفظه الله –
    مفتى عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء و رئيس اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء

    اسلام ويب


    تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

    قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
    "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
    وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية


  • #2

    نسأل الله أن يغفر زلاتنا ويصلح أحوالنا

    بارك الله فيكم أخي العزيز صباحو
    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق

    يعمل...
    X