إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فتاوى و نصائح مهمّة في طلب العِلم الشرعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31

    الفائدة السابعة:
    كراهية التزكية والمدح والتكبر على الخلق:

    وهذه يُبتلى بها بعض الناس فيزكي نفسه، ويرى أن ما قاله هو الصواب وأن غيره إذا خالفه فهو مخطئ وما أشبه ذلك،

    كذلك حب المدح تجده يسأل عما يقال عنه فإذا وجد أنهم مدحوه انتفخ وزاد انتفاخه حتى يعجز جلده عن تحمل بدنه،

    كذلك التكبر على الخلق، بعض الناس والعياذ بالله إذا آتاه الله علمًا تكبر، الغني بالمال ربما يتكبر ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم: العائل المستكبر من الذين لا يكلمهم الله يوم
    القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم .

    لأنه ليس عنده مال يوجب الكبرياء، لكن العالم لا ينبغي أن يكون كالغني كلما ازداد علمًا ازداد تكبرًا، بل ينبغي العكس كلما ازداد علمًا ازداد تواضعًا؛

    لأن من العلوم التي يقرأها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه كلها تواضع للحق وتواضع للخلق،

    لكن على كل حال إذا تعارض التواضع للحق مع التواضع للخلق أيهما يقدم؟

    يقدم التواضع للحق ، فمثلا لو كان هناك إنسان يسبّ الحق ويفرح بمعاداة من يعمل به، فإنا لا نتواضع له، تواضع للحق، وجادل هذا الرجل حتى وإن أهانك أو تكلم فيك فلا تهتم به، فلا بد من نصرة الحق.

    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #32

      الفائدة الثامنة:
      زكاة العلم تكون بأمور:

      الأمر الأول: نشر العلم
      نشر العلم من زكاته، فكما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه، وصدقة العلم أبقى دومًا وأقل كلفة ومؤنة، أبقى دومًا؛ لأنه ربما كلمة من عالم تُسمع ينتفع بها أجيال من الناس ومازلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة رضي الله عنهولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده،
      وكذلك العلماء ننتفع بكتبهم ومعهم زكاة وأي زكاة، وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده كما قيل:
      يزيده بكثرة الإنفاق منه ... وينقص إن به كفًّا شددت.

      الأمر الثاني: العمل به
      لأنه العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم، بأخلاقه وأعماله أكثر مما يتأسون بأقواله، وهذا لا شك زكاة.

      الأمر الثالث: الصدع بالحق
      وهذا من جملة نشر العلم ولكن النشر قد يكون في حال السلامة وحال الأمن على النفس وقد يكون في حال الخوف على النفس، فيكون صدعًا بالحق.


      الأمر الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
      لا شك أن هذا من زكاة العلم؛ لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عارف للمعروف وعارف للمنكر ثم قائم بما يجب عليه من هذه المعرفة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #33

        الفائدة التاسعة:
        موقف طالب العلم من وَهْمِ وخطأ العلماء. هذا الموقف له جهتان:

        الأولى: تصحيح الخطأ:
        وهذا أمر واجب، يجب على من عثر على وهم إنسان ولو كان من أكبر العلماء أن ينبه على هذا الوهم وعلى هذا الخطأ لأن بيان الحق أمر واجب وبالسكوت يمكن أن يضيع الحق لاحترام من قال بالباطل؛ لأن احترام الحق أولى بالمراعاة.

        لكن هل يصرح بقائل الوهم أو الخطأ؟ أو يقول توهم بعض الناس فقال كذا وكذا؟

        الجواب: ينظر لما تقتضيه المصلحة، قد يكون من المصلحة ألا يصرح، كما لو كان يتكلم عن عالم مشهور في عصره موثوق عند الناس، محبوب إليهم، يقول: قال فلان: كذا، وكذا وهذا خطأ؛ فإن العامة لا يقبلون كلامه بل يسخرون منه ولا يقبلون الحق،
        ففي هذه الحالة ينبغي أن يقول: من الخطأ أن يقول القائل كذا وكذا، ولا يذكر اسمه،
        وقد يكون هذا الرجل الذي توهم متبوعًا، يتبعه شرذمة من الناس وليس له قدر في المجتمع فحينئذ يصرح, لئلا يغتر الناس به، فيقول: قال فلان كذا وكذا وهو خطأ.

        الثانية: أن يقصد بذلك بيان معايبه لا بيان الحق من الباطل،
        وهذه تقع من إنسان حاسد والعياذ بالله يتمنى أن يجد قولا ضعيفًا أو خطأ لشخص ما فينشره بين الناس، ولهذا نجد أهل البدع يتكلمون في شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وينظرون إلى أقرب شيء يمكن أن يقدح به فينشرونه ويعيبونه،

        مثلا يقولون خالفت الإجماع في أن الطلاق الثلاث واحدة فيقولون هذا شاذ، ومن شذ في النار،
        وأمثال هذا كثير.

        المهم أن يكون قصدك من البيان إظهار الحق ومن كان قصده الحق وُفِّق لقبوله،

        أما من كان قصده أن يظهر عيوب الناس فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته، فإذا عثرت على وهم عالم، حاول أن تدفع اللوم عنه وأن تذُبّ عنه، لا سيما إذا كان من العلماء المشهود لهم بالعدالة والخير ونصح الأمة.


        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #34

          الفائدة العاشرة:
          في المقصود بـ بركة العلم:
          قبل بيان المقصود بالبركة في العلم لا بد أن نعرف البركة فهي كما يقول العلماء "الخير الكثير الثابت" ويعيدون ذلك إلى اشتقاق هذه الكلمة فإنها من البركة وهي مجمع الماء، والبركة التي هي مجمع الماء مكان واسع، ماؤه كثير ثابت،

          فالبركة هي الخيرات الكثيرة الثابتة، من كل شيء من المال والولد ومن العلم, وكل شيء أعطاه الله -عز وجل- لك تسأل الله سبحانه البركة فيه؛ لأن الله -عز وجل- إذا لم يبارك لك فيما أعطاك حرمت خيرًا كثيرًا.

          ما أكثر الناس الذين عندهم المال الكثير وهم في عداد الفقراء لماذا؟
          لأنهم لا ينتفعون بمالهم، تجد عندهم من الأموال ما لا يحصى، لكن يقصر على أهله في النفقة، وعلى نفسه ولا ينتفع بماله، و
          الغالب أن من كانت هذه حاله وبخل بما يجب عليه، أن يسلط الله على أمواله آفات تُذهبها، كثير من الناس عنده أولاد لكن أولاده لم ينفعوه، عندهم عقوق واستكبار على الأب، حتى إنه أي الولد يجلس إلى صديقه الساعات الطويلة يتحدث إليه ويأنس به ويفضي إليه أسراره ـ

          لكنه إذا جلس عند أبيه، فإذا هو كالطير المحبوس في القفص والعياذ بالله لا يأنس بأبيه ، ولا يتحدث إليه، ولا يفضي إليه بشيء من أسراره، ويستثقل حتى رؤية والده: فهؤلاء لم يبارك لهم في أولادهم.


          أما البركة في العلم فتجد بعض الناس قد أعطاه الله علمًا كثيرًا لكنه بمنزلة الأمي فلا يظهر أثر العلم عليه في عباداته، ولا في أخلاقه ولا في سلوكه، ولا في معاملاته مع الناس، بل قد يكسبه العلم استكبارًا على عباد الله وعلوًّا عليهم واحتقارًا لهم،

          وما علم هذا أن الذي منَّ عليه بالعلم هو الله، وإن الله لو شاء لكان مثل هؤلاء الجهال تجده قد أعطاه الله علمًا، ولكن لم ينتفع الناس بعلمه لا بتدريس ولا بتوجيه، ولا بتأليف، بل هو منحصر على نفسه، لم يبارك الله له في العلم، وهذا بلا شك حرمان عظيم، مع أن العلم من أبرك ما يعطيه الله العبد .


          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #35

            تابع الفائدة العاشرة :

            لأن العلم إذا علمته غيرك، ونشرته بين الأمة، أُجرت على ذلك من عدة وجوه
            :

            أولا
            : أن في نشرك العلم نشرًا لدين الله -عز وجل- فتكون من المجاهدين، فالمجاهد في سبيل الله يفتح البلاد بلدًا بلدًا حتى ينشر فيها الدين، وأنت تفتح القلوب بالعلم حتى تنشر فيها شريعة الله عز وجل.

            ثانيًا
            : من بركة نشر العلم وتعليمه، أن فيه حفظًا لشريعة الله وحماية لها؛ لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة، فالشريعة لا تحفظ إلا برجالها رجال العلم، ولا يمكن حماية الشريعة إلا برجال العلم، فإذا نشرت العلم، وانتفع الناس بعلمك، حصل في هذا حماية لشريعة الله، وحفظ لها
            .

            ثالثًا
            : فيه أنك تُحسن إلى هذا الذي علمته؛ لأنك تبصره بدين الله -عز وجل- فإذا عبد الله على بصيرة؛ كان لك من الأجر مثل أجره؛ لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعل الخير، فالعلم في نشره خير وبركة لناشره ولمن نُشر إليه
            .

            رابعًا
            : أن في نشر العلم وتعليمه زيادة له، علم العالم يزيد إذا علَّم الناس؛ لأنه استذكار لما حفظ، وانفتاح لما لم يحفظ، وما أكثر ما يستفيد العالم من طلبة العلم، فطلابه الذين عنده أحيانًا يأتون له بمعان ليست له على بال، ويستفيد منهم وهو يعلمهم، وهذا شيء مشاهد
            .

            ولهذا ينبغي للمعلم إذا استفاد من الطالب، وفتح له الطالب شيئًا من أبواب العلم ينبغي له أن يشجع الطالب، وأن يشكره على ذلك؛ خلافًا لما يظنه بعض الناس أن الطالب إذا فتح عليه، وبيَّن له شيئًا كان خفيًّا عليه، تضايق المعلم، يقول هذا صبي يعلم شيخًا فيتضايق، ويتحاشى بعد ذلك أن يتناقش معه، خوفًا من أن يطلعه على أمر قد خفي عليه، وهذا من قصور علمه بل من قصور عقله. لأنه إذا منَّ الله عليك بطلبة يذكرونك ما نسيت ويفتحون عليك ما جهلت، فهذا من نعمة الله عليك،

            فهذا من فوائد نشر العلم أنه يزيد إذا علمت العلم كما قال القائل مقارنًا بين المال والعلم يقول في العلم
            :
            يزيد بكثرة الإنفاق منه ... وينقص إن به كفًّا شددت
            إذا شددت به كفًّا، وأمسكته نقص، أي تنساه، ولكن إذا نشرته يزداد.

            وينبغي للإنسان عند نشر العلم أن يكون حكيمًا في التعليم، بحيث يلقي على الطلبة المسائل التي تحتملها عقولهم فلا يأتي إليهم بالمعضلات، بل يربيهم بالعلم شيئًا فشيئًا.

            ولهذا قال بعضهم في تعريف العالم الرباني: العالم الرباني هو: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره.

            ونحن نعْلَمُ جميعًا أن البناء ليس يؤتى به جميعًا حتى يوضع على الأرض، فيصبح قصرًا مشيدًا بل يبنى لبنة لبنة، حتى يكتمل البناء، فينبغي للمعلم أن يراعي أذهان الطلبة بحيث يلقي إليهم ما يمكن لعقولهم أن تدركه،
            ولهذا يؤمر العلماء أن يحدثوا الناس بما يعرفون.

            قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنك لن تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة
            .

            كذلك أيضًا ينبغي للمعلم أن يعتني بالأصول والقواعد؛ لأن الأصول والقواعد هي التي يبنى عليها العلم.

            وقد قال العلماء
            :
            من حُرم الأصول حُرم الوصول: أي لا يصل إلى الغاية إذا حرم الأصول، فينبغي أن يلقي على الطلبة القواعد والأصول التي تتفرع عليها المسائل الجزئية؛ لأن الذي يتعلم على المسائل الجزئية لا يستطيع أن يهتدي إذا أتته معضلة فيعرف حكمها؛ لأنه ليس عنده أصل.



            المصدر : ما تيسر اختياره وجمعه من (كتاب العلم ) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

            والله أعلم .
            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق

            يعمل...
            X