إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل أنت من خير الناس أم من شرّهم ؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل أنت من خير الناس أم من شرّهم ؟!

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

    أولا: الأحاديث الصحيحة في بيان ( خير الناس )


    خير الناس من طال عمره وحسن عمله

    الحديث
    :
    عن أبي صفوان عبد الله بن بُشر الأسلمي رضي الله عنه قال، أن أعرابيا قال: يا رسول الله من خير الناس؟ قال: (من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وسيء عمله) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني في جامع الترمذي برقم 2328
    وفي رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنه بلفظ (ألا أخبركم بخياركم خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا) السلسلة الصحيحة رقم 1298
    وفي لفظ أخر (ألا أنبئكم بخياركم خياركم أطولكم أعمارا إذا سددوا) حسنه الألباني في الصحيحة برقم 2498.

    الشرح:
    وإنما كان ذلك لأن الإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قرباً إلى الله وزاد رفعة في الآخرة؛ لأن كل عمل يعمله فيما زاد فيه عمره فهو يقربه إلى ربه عز وجل فخير الناس من وفق لهذين الأمرين .
    أما طول العمر فإنه من الله، وليس للإنسان فيه تصرف؛ لأن الأعمار بيد الله عز وجل ،
    وأما حسن العمل؛ فإن بإمكان الإنسان أن يحسن عمله؛ لأن الله تعالى جعل له عقلاً، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، وبين المحجة، وأقام الحجة، فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملاً صالحاً، على أن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً؛
    فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن بعض الأعمال الصالحة سبب لطول العمر، وذلك مثل صلة الرحم ؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام : (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه) رواه البخاري ومسلم ، وصلة الرحـم من أسباب طول العمر، فإذا كان خير الناس من طال عمره وحسن عمله ؛ فإنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله دائماً أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله، من أجل أن يكون من خير الناس .

    وفي هذا دليل على أن مجرد طول العمر ليس خيراً للإنسان إلا إذا أحسن عمله ؛ لأنه أحياناً يكون طول العمر شراً للإنسان وضرراً عليه.
    ومن ثم كره بعض العلماء أن يدعى للإنسان بطول البقاء، قال: لا تقل: أطال الله بقاءك إلا مقيداً ؛ قل أطال الله بقاءك على طاعته؛ لأن طول البقاء قد يكون شراً للإنسان. نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله، وحسنت خاتمته وعافيته، إنه جواد كريم .





    خير الناس ذو القلب المخموم و اللسان الصادق

    الحديث
    :
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: (كل مخموم القلب،صدوق اللسان) قالوا:صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: (هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد) رواه ابن ماجه وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 948. و
    زاد البيهقي وابن عساكر (خير الناس ذو القلب المخموم الذي يَود ويُود، واللسان الصدوق، قيل وما هو؟ قال: التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد، قيل: فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة، قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خلق حسن). صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم 2931.

    المفردات
    : مخموم القلب: يقال: خممت الشيء إذا كنسته، ومخموم القلب أي أنه يزيل ما علق بقلبه أول بأول، مثلما تكنس البيت وتزيل ما به من النجاسات والقاذورات.

    الشرح:
    يبين الحديث حرص الصحابة رضوان الله عليهم على معرفة أفضل الناس ليكونوا منهم، ولقد كَثُر منهم رضي الله عنهم السؤال عن أفضل الناس وعن أفضل الأعمال في مناسبات عديدة وحصلت من أجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوائدُ عزيزة عظيمة النفع.
    كما بين الحديث فضل القلب النظيف وهو معنى (المخموم)
    فقد قال العلاّمة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممتُ البيت إذا كنستَه).
    وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغِلّ والحسد، وما أكثر تلوُّثَ القلوبِ بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاّها بالتقوى والنقاء، وبنُور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
    كما وضح الحديث فضل صدق اللسان والتزامِهِ الحقيقة، ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه.




    خير الناس من يرجى خيره ويؤمن شره

    الحديث
    :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس، فقال: (ألا أخبركم بخيركم من شركم؟ خيركم من يرجى خيره و يؤمن شره و شركم من لا يرجى خيره و لا يؤمن شره) رواه الإمام أحمد والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4368.
    الشرح:
    يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء:
    ترك الاستطالة، ومجانبة الإذلال، وكف الأذى،
    لأن ترك الاستطالة آلف، ومجانبة الإذلال أعطف، وكف الأذى أنصف.
    وهذا الحديث الجليل أصل في المروءة مع الخلق، وذلك بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء، والخلق الجميل، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه، وليتخذ الناس مرآه لنفسه فكل ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله.
    وكان يحي بن معاذ يقول: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة، إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه. وقال قتادة رحمه الله: إياكم وأذى المسلم؛ فإن الله يحوطه ويغضب له.
    .
    يُتبع إن شاء الله
    لاحول ولاقوة إلا بالله

  • #2

    خير الناس من تعلم القرآن وعلمه

    الحديث: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.

    الشرح
    :
    أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن، إذ خير الكلام كلام الله، فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به.
    قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): لا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل .




    خياركم ألينكم مناكب في الصلاة

    الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة وما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فُرجة في الصف فسدّه ) اخرجة ابو داوود وابن خزيمة وابن حبان و صححه الالباني في الصحيحة رقم 2533.

    الشرح:
    قال الخطابي: معنى لين المنكب: لزوم السكينة في الصلاة والطمأنينة فيها؛ لا يلتفت ولا يحاك بمنكبه منكب صاحبه،
    وقد يكون فيه وجه آخر، وهو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان. بل يمكنه من ذلك، ولا يدفعه بمنكبه؛ لتتراص الصفوف، ويتكاتف الجموع .و رجح الشيخ الالباني المعنى الثاني.




    أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده

    الحديث
    : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله وأفضل المهاجرين من جاهد لنفسه وهواه في ذات الله )
    صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 1491 ورقم 1129 في صحيح الجامع.

    الشرح:
    أي المسلم الممدوح المفضل على غيره من ضم إلى أداء حقوق الله حق المسلمين، ولم يذكر الأول لفهمه بالأولى، إذ من أحسن معاملة الناس أحسن معاملة ربه بالأولى
    فالمراد بمن سلم المسلمون منه من لم يؤذ مسلما بقول أو فعل
    وخص اليد مع أن الفعل قد يحصل بغيرها لأن سلطنة الأفعال إنما تظهر بها إذ بها نحو البطش والقطع والأخذ والمنع والإعطاء أو لأن الإيذاء باليد واللسان أكثر وقوعا، فاعتبر الغالب.
    قال البيضاوي: من لم يراع حكم الله في زمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ولم تكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية الحقوق وملازمة العدل فيما بينه وبين الناس، فلعله لا يراعي ما بينه وبين الله فيخل بإيمانه، وعلم ما تقرر أنه أراد باليد ما يشمل المعنوية كالاستعلاء وليس من الإيذاء إقامة حد وإجراء تعزير بل هو في الحقيقة إصلاح له وطلب للسلامة لهم ولو في الاستقبال.

    و يبين الحديث أن أفضل المهاجرين من جمع إلى هجر وطنه هجر ما حرم اللّه عليه والهجرة ظاهرة وباطنة، فالباطنة ترك متابعة النفس الأمارة والشيطان والظاهرة الفرار بالدين من الفتن.

    وقوله صلى الله عليه واله وسلم (وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات اللّه عز وجل) يشير الى ان مجاهدة النفس أفضل من جهاد الكفار والمنافقين والفجار لأن الشيء إنما يفضل ويشرف بشرف ثمرته وثمرة مجاهدة النفس الهداية {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وكفى به فضلاً وقد أمر اللّه بمجاهدة النفس فقال {وجاهدوا في اللّه حق جهاده}.




    خياركم من أطعم الطعام

    الحديث: عن حمزة بن صهيب عن أبيه رضي الله عنه قال: قال عمر لصهيب فيك سرف في الطعام فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خياركم من أطعم الطعام) أخرجه ابن عساكر، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة و الحافظ ابن حجر وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 44 و صحيح الترغيب والترهيب رقم 948.

    الشرح: إطعام الطعام عادة نبيلة اعتادها العرب الأوائل قبل بعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وامتازوا بها عن غيرهم من الأمم، ثم جاء النبي المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأكد عليها، فالكرم شيمة النبي صلى الله عليه وسلم , وعلى من أحبه واتبعه أن يستن بهذا الخلق الرفيع.
    كما ان الكرم وإطعام الطعام خلق كريم موصوف به الأنبياء عليهم السلام والأوليـاء، وإطعام الطعام قربة يتقرب بها العبد المسلم لربه عز وجل،
    فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي، والدارمي، وابن ماجه، وابن حبان، وأبو نعيم في "الحلية"، وهو في "الصحيحة" رقم 571 عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام".

    - يُتبع إن شاء الله
    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #3

      إن أفضل عباد الله يوم القيامة: الحمادون

      الحديث: و عن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا (إن أفضل عباد الله يوم القيامة: الحمادون) رواه الطبراني و صححه الألباني مرفوعا وموقوفا في السلسلة الصحيحة رقم 1584.

      الشرح:
      قال المناوي في "فيض القدير بشرح الجامع الصغير": (الحمادون) للّه أي الذين يكثرون حمد اللّه أي وصفه بالجميل المستحق له من جميع الخلق على السراء والضراء فهو المستحق للحمد من كافة الأنام حتى في حال الانتقام.




      خير الناس خيرهم لأهله

      الحديث
      : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه ابن ماجه والترمذي وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 3314 والسلسلة الصحيحة رقم 285.
      وفي معنى هذا الحديث ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَال: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا, و خياركم خياركم لنسائهم) رواه احمد والترمذي والحاكم و صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 284.

      الشرح:
      يشرح الشيخ العثيمين رحمه الله حديث ابي هريرة فيقول :
      ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الناس ,
      أما حسن الخلق مع الله :
      فأن يرضي الإنسان بشريعته وينقاد إليها مسلما راضيا مطمئنا بها سواء كان أمرا يأمر به أو نهيا ينهي عنه . وأن يرضي الإنسان بقدر الله عز وجل ويكون الذي قدر الله عليه مما يسوءه كالذي قدر الله عليه مما يسره فيقول يا رب كل شيء من عندك فأنا راض بك ربا إن أعطيتني مما يسرني شكرت وإن أصابني ما يسوءني صبرت فيرضي بالله قضاء وقدرا وأمرا وشرعا هذا حسن الخلق مع الله.

      أما حسن الخلق مع الناس :
      فظاهر فكف الأذى وبذل الندي والصبر عليهم وعلى أذاهم هذا من حسن الخلق مع الناس أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم وتبذل نداك و الندي يعني العطاء سواء مالا أو جاها أو غير ذلك وكذلك تصبر على البلاء منهم فإذا كنت كذلك كنت أكمل الناس إيمانا.
      ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي فخير الناس هو خيرهم لأهله لأن الأقربين أولى بالمعروف
      فإذا كان فيك خير فليكن أهلك هم أول المستفيدين من هذا الخير وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم تجده سيئ الخلق مع أهله حسن الخلق مع غيرهم وهذا خطأ عظيم
      أهلك أحق بإحسان الخلق أحسن الخلق معهم لأنهم هم الذين معك ليلا ونهارا سرا وعلانية إن أصابك شيء أصيبوا معك وإن سررت سروا معك وإن حزنت حزنوا معك فلتكن معاملتك معهم خيرا من معاملتك مع الأجانب فخير الناس خيرهم لأهله.
      ولهذا لما سئلت عائشة ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت: كان في مهنة أهله. أي يساعدهم على مهمات البيت حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان يحلب الشاة لأهله ويخصف نعله ويرقع ثوبه وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب لهم).

      -يُتبع إن شاء الله
      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #4


        خير الناس أنفعهم الناس

        الحديث: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس).
        رواه الطبراني في الأوسط والضياء في المختارة، وصححه الألباني حديث رقم: 3289 في صحيح الجامع و في السلسلة الصحيحة رقم 426.
        و في معنى هذا الحديث ما رواه أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون و يؤلفون و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف) أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 751 و برقم1231 في صحيح الجامع.

        المفردات
        : الموطؤون أكنافا: كناية تعبر عن الذين جوانبهم وطيئة لينة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى بهم، فهم يفرحون بالحسنة ويتجاوزون عن السيئة ويعفو ويصفحون .

        الشرح
        :
        يبين هذا الحديث العظيم صفة من صفات المؤمن التي يلزمه القيام بها والانتباه إليها، وهو أن يكون (مألفة) أي يتألف الناس ويألفونه،
        ولا يكون هذا إلا بمحبته للناس وبشاشته معهم، وصدقه وحفظه لحقوقهم وأسرارهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يصف المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد، فالمؤمن مألفة، أي موضع للإجتماع والألفة، فهو كالجسد الواحد، الذي تجتمع فيه الأعضاء، أي مجمع الأعضاء التي تجتمع على الحب لهذا الجسد، وتتداعى له عندما يشاك، أو يشتكي فالعبد المؤمن بجسده الواحد يتآلف معه ولا يرضى أن تشوكه الشوكة في أي عضو منه، ويحب جسده حبا متساويا لجميعه، فأي أمر خارجي عنه يصيب بعض الأعضاء فإنه يتأثر له جميع الجسد ،ويتداعى فيما بينه لنصرة ذلك العضو الذي اشتكى من الضرر الحاصل له من ذلكم المؤثر الخارجي ،فهكذا ينبغي أن يكون المؤمن ، وهكذا ينبغي أن يكون جميع المؤمنين،
        ولذلكم في هذا الحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يرشد إلى خصلتين تؤهل المؤمن أن يكون كذلك ..مع إخوانه وبينهم .
        أولاً: يألف: وهذا فعل يصدر منه، لسلامة قلبه وسعة صدره يتطلب منه المخالطة والتودد للناس.
        ثانيا: يؤلف: وهذا متعلق بغيره نتيجة ما يصدر عنه من حسن الكرم ومكارم الأخلاق، ويتطلب صدور أقوال وأفعال منه لغيره، بحيث تحفزهم وتدفعهم إلى القرب منه.

        ولكن لا يعني هذا مداهنة الناس على ما عندهم من الفساد أو الفسق،أو البدعة، وغض الطرف عن ذلك، ومحاباتهم ومسايرتهم على الباطل لاكتساب تآلفهم عليه
        .
        فهذا لا يقوم به الدين ولا تستقيم به المؤآلفة. وهذا أيضا يهدم الحب والبغض في الله، ويضعف الولاء والبراء، ولكن كل يعطى بقدر قربه وبعده عن الله تعالى والتمسك بكتابه وسنة رسوله،أنزلوا الناس منازلهم.
        ولا شك ان من اهم اسباب الالفه نفع الناس و قضاء حوائجهم وادخال السرور عليهم. وعليه فقد كان السبق العظيم في الخيرية لمن ينفع الناس كما بينه الحديث.




        أفضل الناس رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه

        الحديث
        : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ فقال: (رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه، ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ربه, و يدع الناس من شره) رواه البخاري ومسلم .

        وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بخير الناس رجل ممسك ‏ ‏بعنان ‏ ‏فرسه في سبيل الله ألا أخبركم بالذي يتلوه رجل معتزل في غنيمة له يؤدي حق الله فيها ألا أخبركم بشر الناس رجل يسأل بالله ولا يعطي به‏) اخرجه الترمذي في سننه وصححه الألباني في مشكاة المصابيح رقم 1941.

        الشرح:
        وفي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أي الرجال خير فبين أنه الرجل الذي يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه ثم أي قال ورجل مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره يعني أنه قائم بعبادة الله كاف عن الناس ولا يريد أن ينال الناس منه شر
        وهذا أحد الأدلة الدالة على أن العزلة خير من الخلطة مع الناس ولكن الصحيح في هذه المسألة أن في ذلك تفصيلا من كان يخشى على دينه بالاختلاط بالناس فالأفضل له العزلة ومن لا يخشى فالأفضل أن يخالط الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على آذاهم.

        فمثلا: إذا فسد الزمان ورأيت أن اختلاطك مع الناس لا يزيدك إلا شرا وبعدا من الله فعليك بالوحدة اعتزل قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يكون خير مال الرجل غنما يتبع بها شعث الجبال ومراتع القطر.

        فالمسألة تختلف , العزلة في زمن الفتن والشر والخوف من المعاصي خير من الخلطة أما إذا لم يكن الأمر كذلك فاختلط مع الناس وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على آذاهم وعاشرهم ربما ينفع الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم إذا هداه الله على يديك.




        خير الناس أحسنهم قضـاءً

        الحديث
        : عن أبي رافع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسلف من رجل بكرا، وقال: ( إذا جاءت إبل الصدقة قضيناك) فلما قدمت، قال: ( يا أبا رافع، اقض هذا الرجل بكره) فلم أجد إلا رباعيا فصاعدا فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أعطه فإن خير الناس أحسنهم قضاء) . رواه ابن ماجة ورواه أيضا عن عرباض بن سارية بلفظ (خير الناس خيرهم قضاء) والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم 3290.
        وهو في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ (أعطوه،فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء).

        المفردات
        : البكره من الإبل يعنى الفتى أو الصغير من الإبل (العجل). ورباعيا من الإبل هو من الإبل ما أتى عليه ست سنين ودخل في السابعة حين طلعت رباعيته.

        الشرح
        :
        والقضاء هنا أداء الدين، فكلما حرصت على أداء الدين كلما ارتقيت عند الله عز وجل، ودخلت في باب الأفضلية، وباب الخيرية.
        و إنما كان ذلك لأن الذي يستقرض ويؤدي في الوقت المحدد يشجع على فعل الخيرات، أما الذي يأخذ ولا يعطي يمنع الخير بين الناس، فإذا رأيت الناس يتهربون من القرض الحسن، فلإساءة الذين يستقرضون، ولا يؤدون.

        -يُتبع
        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #5
          بارك الله بك أخي أبو سلطان وجزاك الله ألف خير

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة رامي الرمى مشاهدة المشاركة
            بارك الله بك أخي أبو سلطان وجزاك الله ألف خير
            آمين وإياكم أخي العزيز رامي الرمى
            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #7

              خيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم

              الحديث: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم -أي الشام- ويبقى في الأرض شرار أهلها، تلفظُهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير) أخرجه أبو داود والحاكم، وأحمد وصححه الالباني في السلسلة الصحيحة رقم 3203.

              الشرح
              :
              وفيه الحث على الهجرة إلي ارض الشام وبيان لمنقبة وفضيلة لأرض الشام كونها ستكون مهاجر المؤمنين أخر الزمان.

              قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
              والإسلامُ في آخِرِ الزمانِ يكونُ أظْهَرَ بالشامِ، وكَما أنْ مَكَّةَ أفضَلُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فأول الأُمَّةِ خَيْرٌ مِنْ آخرِها، وكما أنَّهُ في آخِرِ الزمانِ يعودُ الأمرُ إِلَى الشامِ كَما أُسْرِيَ بالنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) مِنَ الْمَسجدِ الْحَرَام إِلَى الْمَسجِدِ الأَقْصَى، فَخِيارُ أَهْلِ الأرضِ في آخِرِ الزمانِ ألزمُهم مُهاجَرَ إبراهيمَ عليه السلام وهُوَ بالشام .




              خير الامراء و شرارهم

              الحديث: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الا أخبركم بخيار أمرائكم و شرارهم ؟ خيارهم الذين تحبونهم و يحبونكم و تدعون لهم و يدعون لكم و شرار أمرائكم الذين تبغضونهم و يبغضونكم و تلعنونهم و يلعنونكم) رواه الترمذي و صححه الالباني في صحيح الجامع رقم 1201.

              الشرح
              :
              فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم وإن من كان من الأئمة محباً للرعية ومحبوباً لديهم وداعياً لهم ومدعواً له منهم فهو من خيار الأئمة ومن كان باغضاً لرعيته مبغوضاً عندهم يسبهم ويسبونه فهو من شرارهم
              وذلك لأنه إذا عدل فيهم وأحسن القول لهم أطاعوه وانقادوا له وأثنوا عليه فلما كان هو الذي يتسبب بالعدل وحسن القول إلى المحبة والطاعة والثناء منهم كان من خيار الأئمة ولما كان هو الذي يتسبب أيضاً بالجور والشتم للرعية إلى معصيتهم له وسوء المقالة منهم فيه كان من شرار الأئمة‏.‏




              خير الناس قرني

              الحديث: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم, ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه و يمينه شهادته) أخرجه البخاري ومسلم.

              الشرح :
              قال النووي رحمه الله :
              "الصَّحِيحُ أَنَّ قَرْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّحَابَةُ ، وَالثَّانِي : التَّابِعُونَ ، وَالثَّالِثُ : تَابِعُوهُمْ" انتهى من " شرح النووي على مسلم " (16/85) .
              قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
              " قوله: (خير الناس) دليل على أن قرنه خير الناس، فصحابته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من الحواريين الذين هم أنصار عيسى ، وأفضل من النقباء السبعين الذين اختارهم موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

              وهذه الأفضلية أفضلية من حيث العموم والجنس ، لا من حيث الأفراد ،
              فلا يعني أنه لا يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من التابعين ، أو لا يوجد في التابعين من هو أعلم من بعض الصحابة ،
              أما فضل الصحبة ، فلا يناله أحد غير الصحابة ولا أحد يسبقهم فيه ،
              وأما العلم والعبادة ، فقد يكون فيمن بعد الصحابة من هو أكثر من بعضهم علما وعبادة " .
              انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (10/ 1057-1058) .

              قوله: (ثم يجيء قوم) . أي: بعد القرون الثلاثة.
              قوله : (تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ) ، قال القاري رحمه الله :
              " قِيلَ: ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَةِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْيَمِينِ ، فَتَارَةً يَحْلِفُونَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ ، وَتَارَةً يَعْكِسُونَ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَثَلًا فِي سُرْعَةِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ، وَحِرْصِ الرَّجُلِ عَلَيْهِمَا، وَالْإِسْرَاعِ فِيهِمَا، حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَنَّهُ بِأَيِّهِمَا يَبْتَدِئُ، وَكَأَنَّهُ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ مِنْ قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالدِّينِ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (6/ 2444) .
              وقال ابن الجوزي رحمه الله :
              " يعني أنهم لا يتورعون في أقوالهم، ويستهينون بالشهادة واليمين " .انتهى من "كشف المشكل" (1/ 291) .

              وقال المناوي رحمه الله :
              " قال البيضاوي كالكرماني: هم قوم حراص على الشهادة مشغوفون بترويجها، يحلفون على ما يشهدون به، تارة يحلفون قبل أن يشهدوا، وتارة يعكسون " انتهى من "فيض القدير" (3/ 478)
              وقال الشيخ ابن عثيمين :
              " قوله: (تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته) . يحتمل ذلك وجهين:
              الأول: أنه لقلة الثقة بهم لا يشهدون إلا بيمين، فتارة تسبق الشهادة وتارة تسبق اليمين.
              الثاني: أنه كناية عن كون هؤلاء لا يبالون بالشهادة ولا باليمين، حتى تكون الشهادة واليمين في حقهم كأنهم متسابقتان.
              والمعنيان لا يتنافيان، فيحمل عليهما الحديث جميعا.
              وقوله: (ثم يجيء قوم) يدل على أنه ليس كل أصحاب القرن على هذا الوصف؛ لأنه لم يقل: ثم يكون الناس، الفرق واضح " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (10/ 1057) .

              فمعنى الحديث : أنه يجيء بعد القرون الفاضلة أقوام لا يؤتمنون على شهاداتهم وأيمانهم ، ويكثر فيهم الكذب .
              -يُتبع
              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق


              • #8

                أفضل وأخبث المنازل

                الحديث: عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أحدثكم حديثا فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل . وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية ويقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل فيه بحق فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته ووزرهما سواء). رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح وصححه الألباني في مشكاة المصابيح رقم 5287.

                الشرح:
                ينقسم الناس في تعاطيهم مع أمور الدنيا إلى أحوالٍ أربعة ، لخَّصها النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في هذا الحديث العظيم الذي يعتبر من جوامع كلمه.
                هذا الحديث الجامع لأنواع الناس وأحوالهم تجاه ما ينعم الله به عليهم في الدنيا ، يستهله صلى الله عليه وسلم بكلمات تبعث على الاهتمام بما سيُقال، وتجعل السامعين يتطلعون لما سيذكره، حيث قال: (أحدثكم حديثا فاحفظوه) ؛ ولذا ينبغي على دعاة الخير فعل ذلك في المواضع المهمة التي تستلزم الرعاية والعناية.

                ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الدنيا لأربعة نفر ):
                أي إنما حال أهلها حال أربعة ، اثنان عاملان، واثنان تبع لهما، فالثاني تبع للأول، والرابع تبع للثالث،
                وقد ذكر الدنيا رغم أنها تشمل الدنيا والآخرة كما سيأتي ليصبِّر الناس على طلب العلم، ويخبرهم أن العلم يجلب خيري الدنيا والآخرة، وأيضا فإن من طلب الدنيا بالعلم نال الدنيا وحازها، فالعلماء سلاطين غير متوّجين، والعامة تخضع لهم أكثر من خضوعهم للسلطان؛ لأن العلماء يملكون سلطان الحجة الذي يخضع له القلب، بينما السلاطين لا يملكون إلا سلطان اليد؛ الذي قد لا يخضع البعض له،

                وعلى كل حال فالناس لا يخرجون عن أحوال أربعة:

                الأولى:
                عالِم غني ((عبد رزقه الله مالاً وعلمًا فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل
                يتخيّر الله تعالى من يرزقه المال أو من يرزقه العلم أو من يرزقه العلم والمال معا، فإذا رُزق العبد العلم والمال معا كانت تلك أفضل منزلة، وذلك لاقتران العلم بالعمل، لأنه سيعمل في ماله بعلمه.
                وقد حثنا الله جل وعلا على العمل بالعلم، وذم من لا يعمل بعلمه، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون{ (الصف: 2-3)،

                وفي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه, وأنهى عن المنكر وآتيه
                وسُئل سفيان الثوري: طلب العلم أحب إليك أو العمل؟ فقال: "إنما يراد العلم للعمل, فلا تدع طلب العلم للعمل, ولا تدع العمل لطلب العلم".

                وقد دلت عبارة النبي صلى الله عليه وسلم على أن بركة المال لا تكون إلا إذا أُنفق بشرطين:
                العلم بما ينفق من أبواب الخير، والإخلاص،
                وهذان شرطا العبادة: الإخلاص لله، وأن يكون العمل على بصيرة وعلم.

                كما دلت العبارة على أن صلة الرحم من أعظم القربات، وأن من أسباب تقوية صلة الرحم: العون المادي، فقد يكون قريبك فقيرا فإعطاؤك له مما أعطاك الله يزيد الأواصر، كما أن طلبة العلم الفقراء هم أولى الناس بالعون، إذا كانوا غير قادرين لأن نفعهم يتعدى، وعلى دعاة الخير أن يكونوا أسبق الناس في هذا الأمر، ورحم العلم أبلغ من رحم القرابة.



                الثانية:
                عالِم فقير
                ( وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء)
                ينفع الله تعالى بصاحب العلم أكثر مما ينفع بصاحب المال، لأن العلم غذاء للقلوب والأرواح، والمال غذاء للأبدان، وغذاء القلوب أعظم من غذاء البطون، وإذا صدق الإنسان في نيته فإن الله يثيبه على ذلك، ويكتب له الأجر كما لو فعل، وذلك أن النية الصادقة سبب في حصول الأجر وهي شرط لصحة الأعمال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه،

                وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول في غزوة تبوك بعد أن رجعنا: (إن بالمدينة لأقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا يارسول الله وهم بالمدينة ؟قال : وهم بالمدينة , حبسهم المرض) رواه البخاري، وكما أن النية تجعل المرء يحصل على أجر العمل إذا حيل بينه وبين العمل، فإنها أيضا تجعل العمل كبيرا وإن كان صغيرا،

                يقول عبد الله بن المبارك "رُبّ عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية"،
                وقال سفيان الثوري"كانوا يتعلمون النية للعمل، كما تتعلمون العمل". فهذا الرجل تمنى أن يكون له مال كمال الأول وعلم كعلمه, حتى يؤدي حق الله فيهما, ولذا أُجِرَ على هذه النية الصالحة,
                قال يحيى بن أبي كثير"تعلموا النية، فإنها أبلغ من العمل".



                الثالثة:
                غني جاهل ( وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علمًا فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل)
                وقد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشر الناس لأنه سفيه لا يحسن التصرف في المال فيبدده ويضيعه, وقد نهى الإسلام عن إعطاء السفهاء الأموال, وأجاز الحجر على مال السفيه، قال تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) النساء: 5 ،

                وأوجه كثرة الإنفاق ثلاثة:
                أولها: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعاً، فلا شك في منعه، وهو المقصود معنا في هذا النوع) لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله حقا(.
                وثانيها: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعاً، فلا شك في كونه مطلوباً بالشرط المذكور في الحديث )يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا).
                وثالثها: إنفاقه في المباحات بالأصالة، كملاذّ النفس فهذا ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله، فهذا ليس بإسراف، والثاني: ما لا يليق به عرفاً، وهو ينقسم إلى قسمين: أحدهما ما يكون لدفع مفسدة ناجزة أو متوقعة فهذا ليس بإسراف، والثاني ما لا يكون في شيء من ذلك، فالراجح أنه إسراف.
                وزعيم هذه الطائفة المذمومة من الناس (قارون)، فقد آتاه الله مالاً ولم يؤته علما، قال الله عنه : إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) القصص: 76-77 .



                الرابعة:
                فقير جاهل ( وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء)
                دائما ما تكون سوء النية سبباً في حصول الوزر ، فهذا الرجل وقع بجهله في سوء النية، فتمنى أن يكون له مالٌ مثل مال هذا الرجل الذي يخبط في ماله بغير علم, فلا يؤدي حق الله تعالى فيه؛ ولذا تحمَّل وزرًا على هذه النية السيئة، وليس هذا بظلم له، لأن الله تعالى علم من نيته أنه لو أُعطِي مثل صاحبه لأفسد وفسق، وأيضا لكونه لم يأخذ بالأسباب الموصلة للعلم ورفع الجهالة عن نفسه،

                نسأل الله أن يعافينا من ذلك، وأن يرزقنا النية الصالحة والعلم النافع والعمل الصالح.

                -يُتبع

                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق


                • #9


                  خير التابعين

                  الحديث: عن أسير بن جابر رضي الله عنه :كان عمرُ بنُ الخطابِ ، إذا أتى عليه أمدادُ أهلِ اليمنِ ، سألهم : أفيكم أُوَيسُ بنُ عامرٍ ؟ حتى أتى على أٌوَيسٍ . فقال : أنت أُوَيسُ بنُ عامرٍ ؟ قال : نعم . قال : من مرادٍ ثم من قَرَنٍ ؟ قال : نعم . قال : فكان بك برصٌ فبرأت منه إلا موضعَ درهمٍ ؟ قال : نعم . قال : لك والدةٌ ؟ قال : نعم . قال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول " يأتي عليكم أُوَيسُ بنُ عامرٍ مع أمدادِ أهلِ اليمنِ من مرادٍ ، ثم من قرَنٍ . كان به برَصٌ فبرأ منه إلا موضعُ درهمٍ . له والدةٌ هو بها بَرٌّ . لو أقسم على اللهِ لأَبَرَّه . فإن استطعتَ أن يستغفرَ لك فافعلْ " . فاستغفِرْ لي . فاستغفَر له ... ) رواه مسلم.


                  الشرح:
                  هو أويس بن عامر بن جَزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصْوان بن قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مُراد، لم تذكر المراجع تاريخ ولادته لكنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره أو يلتقه حيث منعه من السفر إليه بره بأمه،

                  نقل الذ
                  هبي عن أصبغ بن زيد أنه قال: "إنما منع أويسا أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم بره بأمه"، لذلك فهو من التابعين بل خيرهم وسيدهم وكبيرهم وأفضلهم.

                  عاش رضي الله عنه في اليمن وانتقل إلى الكوفة، روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وروى عنه يُسير بن عمرو وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم روايات يسيرة كما ذهب إلى ذلك الذهبي، وقال في فضله: "القدوة الزاهد سيد التابعين في زمانه، كان من أولياء الله المتقين، ومن عباده المخلصين"،
                  كما عقد له الحاكم بابا في مناقبه وقال عنه: "أويس راهب هذه الأمة".

                  كان الناس يرمونه رضي الله عنه بالحجارة للباسه وحالته فلا يجدون منه إلا العفو والصفح، كانت يد الأذى تناله فكان دائما يغفر ويتجاوز، كان يجالسهم ويحدثهم رغم ما يصيبه من أذى ألسنتهم.

                  عن أصبغ بن زيد قال: "كان أويس القرني إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح (يطيل الركوع في الصلاة حتى يصبح) وكان يقول إذا أمسى (في ليلة أخرى) هذه ليلة السجود فيسجد حتى يصبح (يطيل السجود حتى يصبح)

                  وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل والطعام والثياب، ثم يقول: "اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به"، وفي رواية: "اللهم إني أعتذر إليك من كل كبد جائعة، وجسد عار، وليس لي إلا ما على ظهري وبطني".

                  خرج أويس القرني رضي الله عنه مع أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه في موقعة صفين، وقد نال الشهادة بعد أن طلبها من الله عز وجل، وبعد استشهاده وجدوا في جسده ما يزيد عن أربعين جرحا، وكان ذلك سنة 37 للهجرة.

                  -يُتبع

                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق


                  • #10



                    الخيرية في وقت الفتن

                    الحديث : تَكُونُ فِتَنٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ) رواه البخاري ومسلم

                    الشرح :
                    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في شرح معاني الحديث :
                    " قوله : ( من تَشَرَّفَ لها ) أي : تطلَّع لها ، بأن يتصدى ويتعرض لها ولا يعرض عنها ...
                    قوله : ( تستشرفه ) أي : تهلكه ، بأن يشرف منها على الهلاك ، يقال استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه ، يريد من انتصب لها انتصبت له ، ومن أعرض عنها أعرضت عنه . وحاصله : أن من طلع فيها بشخصه قابلته بشرها .
                    ويحتمل أن يكون المراد : من خاطر فيها بنفسه أهلكته ، ونحوه قول القائل : من غالبها غلبته.
                    قوله : ( فمن وجد فيها ملجأ ) أي يلتجئ إليه من شرها .
                    قوله : ( أو مَعاذا ) هو بمعنى الملجأ .
                    قوله : ( فليعذ به ) أي : ليعتزل فيه ليسلم من شر الفتنة .

                    ووقع تفسيره عند مسلم في حديث أبي بكرة ، ولفظه : ( فإذا نَزَلَت فمن كان له إبل فليلحق بإبله - وذكر الغنم والأرض - قال رجل : يا رسول الله ! أرأيت من لم يكن له ؟ قال : يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع ) " انتهى.
                    " فتح الباري " (13/30) ، وينظر " شرح مسلم " للنووي (18/9) .

                    والمراد بهذه الفتن ما يكون بين المسلمين من القتال بالبغي والعدوان ، أو التنازع على أمور الدنيا ، دون أن يتبين أي الفريقين هو المحق ، أو أيهما هو المبطل .

                    قال الإمام النووي رحمه الله :
                    "وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( القاعد فيها خير من القائم ) إلى آخره ، فمعناه بيان عظيم خطرها ، والحث على تجنبها ، والهرب منها ، وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها" . انتهى" شرح مسلم " (18/9-10) .

                    وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
                    " قوله : ( والقاعد فيها خير من القائم ) حكى ابن التين عن الداودي أن الظاهر أن المراد من يكون مباشرا لها في الأحوال كلها ، يعني أن بعضهم في ذلك أشد من بعض ، فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببا لإثارتها ، ثم من يكون قائما بأسبابها وهو الماشي ، ثم من يكون مباشرا لها وهو القائم ، ثم من يكون مع النظَّارة [ يعني : المتفرجين ] ولا يقاتل وهو القاعد ، ثم من يكون مجتنبا لها ولا يباشر ولا ينظر وهو المضطجع اليقظان ، ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم .
                    والمراد بالأفضلية في هذه الخيرية من يكون أقل شرا ممن فوقه على التفصيل المذكور . وفيه التحذير من الفتنة ، والحث على اجتناب الدخول فيها ، وأن شرها يكون بحسب التعلق بها . " .
                    انتهى باختصار." فتح الباري " (13/30-31) .

                    -يُتبع
                    لاحول ولاقوة إلا بالله

                    تعليق


                    • #11

                      ثانياً : أحاديث صحيحة في بيان ( شرِّ الناس )



                      شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه

                      الحديث: ( تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ) اخرجه الشيخان البخاري ومسلم.

                      الشرح:
                      قال أهل العلم: ووصف ذي الوجهين بكونه شر الناس أو من شر الناس مبالغة في شره ، والأولى حمل الناس على العموم فهو أبلغ في الذم.

                      ولذلك جاء في رواية: من شر خلق الله ذو الوجهين. وإنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق؛ إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس.
                      وذو الوجهين هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة،

                      وأما من قصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود، والفرق بينهما :

                      أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها ويقبحه عند الأخرى ويذم كل طائفة عند الأخرى،

                      والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل إليها ما أمكنه من الجميل ويستر القبيح.

                      ويؤيد هذه التفرقة ما جاء في رواية الإسماعيلي: الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء.




                      شر الناس من اتقاه الناس خوفا من تسلطه وجبروته

                      الحديث: عن ابن المنكدر سمع عروة بن الزبير يقول حدثتني عائشة أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ائذنوا له فلبئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة) فلما دخل عليه ألان له القول قالت عائشة فقلت يا رسول الله قلت له الذي قلت ثم ألنت له القول قال (يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه) اخرجه مسلم.
                      وفي رواية البخاري ( يا عائشة متى عهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره).

                      الشرح:
                      جمع هذا الحديث علمًا وأدبًا، وخلقًا حسنًا جُبِل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فهو دائم البِشر، طَلِق الوجه، ليّن الحديث، شفوق بأمتّه، رحيم بها.
                      و المدارة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة وسلِّ السخيمة ممن يخشى ضرره من فاسق وجاهل، وهي مندوبة إن ترتب عليها نفع بخلاف المداهنة فهي حرام مطلقًا وهي بـذل الدين لصالح الدنيا.

                      وفي هذا الحديث ايضاً مداراة من يتقي فحشه وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه.




                      شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة

                      الحديث
                      : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امراته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها ) رواه مسلم.

                      الشرح:
                      قال النووي في شرحه لهذا الحديث:
                      فيه تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه.

                      ومعنى يفضي الوارد في الحديث مباشرة الزوجة ومجامعتها، قال في المصباح: أفضى الرجل بيده إلى الأرض مسها ببطن راحته وأفضى إلى امرأته باشرها وجامعها.

                      -يُتبع إن شاء الله

                      لاحول ولاقوة إلا بالله

                      تعليق


                      • #12


                        أبغض الناس إلى الله

                        الحديث: عن عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ومطلب دم امرىء بغير حق ليهريق دمه) رواه البخاري.

                        المفردات:
                        قوله: (أبغض الناس) أي أكثرهم عقابا منه وبعدا عن رحمته.
                        قوله: (ملحد) ظالم مائل عن الحق والعدل بارتكاب المعصية.
                        قوله: (مبتغ) طالب ومتبع.
                        قوله: (سنة الجاهلية) طريقتها وعاداتها وأخلاق أهلها..
                        قوله: (مطلب) متكلف للطلب وساع وراءه في كل مكان.
                        قوله: (بغير حق) يستبيح دمه بغير حق، بل ظلماً وعدوانا. قوله: (ليهريق دمه) ليسيله، وهو كناية عن القتل.

                        الشرح:
                        قال المناوي -رحمه الله-:
                        "وإنما كان هؤلاء الثلاثة أبغض المؤمنين إليه , لأنهم جمعوا بين الذنب وما يزيد به قبحا من الإلحاد، وكونه في الحرم، وإحداث البدعة في الإسلام، وكونها من أمر الجاهلية، وقتل نفس لا لغرض بل بمجرد كونه قتلا،
                        ويزيد القبح في الأول باعتبار المحل،
                        وفي الثاني باعتبار الفاعل،
                        وفي الثالث باعتبار الفعل".

                        وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
                        "أخبر صلى الله عليه وسلم أن أبغض الناس إلى الله هؤلاء الثلاثة، وذلك لأن الفساد إما في الدين وإما في الدنيا فأعظم فساد الدنيا قتل النفوس بغير الحق، ولهذا كان أكبر الكبائر بعد أعظم فساد الدين الذي هو الكفر.
                        وأما فساد الدين فنوعان: نوع يتعلق بالعمل، ونوع يتعلق بمحل العمل،
                        فأما المتعلق بالعمل: فهو ابتغاء سنة الجاهلية.
                        وأما ما يتعلق بمحل العمل:
                        فالإلحاد في الحرم؛ لأن أعظم محال العمل هو الحرم، وانتهاك حرمة المحل المكاني أعظم من انتهاك حرمة المحل الزماني، ولهذا حرم من تناول المباحات من الصيد والنبات في البلد الحرام مالم يحرم مثله في الشهر الحرام. ولهذا كان الصحيح أن حرمة القتال في البلد الحرام باقية كما دلت عليه النصوص الصحيحة بخلاف الشهر الحرام،

                        فلهذا -والله أعلم- ذكر صلى الله عليه وسلم الإلحاد في الحرم وابتغاء سنة جاهلية. والمقصود أنّ من هؤلاء الثلاثة من ابتغى في الإسلام سنة جاهلية، فسواء قيل: مبتغياً أو غير مبتغ، فإن الابتغاء هو الطلب والإرادة، فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية دخل في هذا الحديث".




                        أبغض الخلق الى رسول الله

                        الحديث: عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون و المتشدقون و المتفيهقون) قالوا: يا رسول الله ما المتفيهقون؟ قال: (المتكبرون) رواه الترمذي وحسنه الالباني حديث رقم: 2201 في صحيح الجامع.

                        و مثل هذا الحديث قوله صلى الله علية واله وسلم (إن من شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يطلبون ألوان الطعام، وألوان الثياب، يتشدقون بالكلام) أخرجه أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الجوع و صححه الالباني في السلسلة الصحيحة رقم1891.

                        الشرح:
                        الثرثارون هم الذين يكثرون الكلام تكلفا وخروجا عن الحق من الثرثرة وهي كثرة الكلام وترديده.
                        المتشدقون أي المتوسعون في الكلام من غير احتياط واحتراز وقيل أراد بالمتشدق المستهزىء بالناس يلوي شدقه لهم وعليهم وقيل هم المتكلفون في الكلام فيلوي به شدقيه والشدق جانب الفم المتفيهقون أي الذين يملؤون أفواههم بالكلام ويفتحونها من الفهق وهو الامتلاء والاتساع قيل وهذا من التكبر والرعونة والحاصل أن كل ذلك راجع إلى معنى التزيد في الكلام ليميل بقلوب الناس وأسماعهم إليه.

                        و قال النووي في الأذكار يكره التفخر في الكلام وبالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون من زخارف القول فكل ذلك من التكلف المذموم وكذلك التحري في دقائق الأعراب ووحشي اللغة في حال مخاطبة العوام بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته إياهم لفظا يفهمونه فهما جليا ولا يدخل في الذم تحسين القادر للخطب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراط وإغراب لأن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله تعالى.

                        لاحول ولاقوة إلا بالله

                        تعليق


                        • #13

                          شر الناس الذي يسأل بالله ولا يعطي به

                          الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا أخبركم بشر الناس منزلا ؟ قيل : نعم قال : الذي يسأل بالله ولا يعطي به ) رواه أبي داود الطيالسي وصححه الالباني في السلسلة الصحيحة رقم 255.

                          الشرح:
                          ذهب عامة أهل العلم إلى تقييد الحديث السابق بقواعد الشريعة المجمع عليها، وجمعوا بين النصوص جميعا على ضوء قواعد أصول الفقه ومقاصد الشريعة على أوجه عدة :

                          الوجه الأول: أن يقال بكراهة عدم إعطاء من سأل بالله، وليس بالحرمة، وتفسير الحديث السابق بحمله على قصد الذم والتنفير، وليس التحريم .

                          الوجة الثاني:
                          ان المقصود هو الذي يجمع بين الخصلتين معا: أحدهما: السؤال بالله و الوجه الثاني: عدم الإعطاء لمن يسأل بهِ تعالى.
                          فما يراعي حرمة اسمه تعالى في الوقتين جميعاو يكون ضبط الحديث الصحيح هو ( يَسأَلُ بالله ولا يُعطِي به).

                          الوجه الثالث: أن يقال بأن السائل المضطر – الذي وقع في حال الضرورة – هو الذي تجب إجابته إذا سأل بالله ، أما غيره فتستحب ولا تجب .




                          أعظم المسلمين جرما

                          الحديث: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته) رواه البخاري ومسلم.

                          الشرح:
                          قال الإمام النووي في شرح مسلم:
                          والصواب الذي قاله الخطابي وصاحب التحرير وجماهير العلماء في شرح هذا الحديث أن المراد بالجرم هنا الإثم والذنب، إلى أن قال: قال الخطابي وغيره: هذا الحديث فيمن سأل تكلفا أو تعنتا فيما لا حاجة به إليه، فأما من سأل لضرورة بأن وقعت له مسألة فسأل عنها فلا إثم عليه ولا عتب لقوله تعالى: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) قال صاحب التحرير وغيره: فيه دليل على أن من عمل ما فيه إضرار بغيره كان آثما. انتهى.

                          وهذا أعني كون الشيء قد يحرم من اجل سؤال السائل في زمن التشريع ، أما بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا .
                          .

                          لاحول ولاقوة إلا بالله

                          تعليق


                          • #14
                            جزاك الله خيرا اخي ابو سلطان

                            تعليق


                            • #15

                              السلام عليكم
                              اللهم اجعلنا من خيرة عبادك المخلصين
                              أخي الغالي ابو سلطان
                              أحييك على كل ما تقدمه بجد في منتهى الروعة
                              وأسأل الله أن يجمعنا تحت ظله مع من أحبهم وكرمهم الله بحب الناس الطيبين من أمثالك

                              تعريف بأسماء مشايخ هيئة كبار العلماء بالسعودية وطرق التواصل معهم

                              قَالَ الشَيْخْ الأَلَبْانِيِ رَحِمَهُ الله:
                              "طَالِبُ الَحَقِ يَكْفيِهِ دَلِيلْ، وَ صَاحِبُ الَهوَى لا يَكْفِيهِ ألَفَ دَلِيلْ ،الجَاهِلً يُعَلّْمْ وَ صَاحِبُ الهَوَى لَيْسَ لنَا عَلَيهِ سَبِيلْ"
                              وقال :التحدث والتخاطب مع الجن بدعة عصرية

                              تعليق

                              يعمل...
                              X