إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدولة العثمانية من نشأتها حتى سقوطها

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدولة العثمانية من نشأتها حتى سقوطها

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الخلافة العثمانية

    علمها :




    شعارها:










    الخلافة العثمانية (1299 - 1924) (اسمها الرسمي الدولة العلية العثمانية) هي إمبراطورية أسلامية أسسها عثمان الأول حكمت أجزاء كبيرة من آسيا الصغرى و الجزيرة العربية وبلاد العراق والشام و مصر والمغرب العربي والصومال والنمسا يطاليا جورجيا كردستان رومانيا بلغاريا السودان

    اللغة الرسمية :
    لغة تركية عثمانية

    العاصمة :
    سوغوت (1299–1326)
    بورصة (1326–1365)
    أدرنة (1365–1453)
    إسطنبول (1453–1922)

    الديانة :
    الإسلام

    الحكم :
    خلافة

    عمر الخلافة :
    625 سنة

    لقب رأس الدولة :
    سلطان

    عدد السلاطين :
    40 سلطان

    التأسيس سنة :
    699هـ / 1299م

    أول سلطان :
    عثمان بن أرطغرل (1299-1326)

    آخر سلطان :
    عبد المجيد الثاني (1922-1924)

    أصولهم ونشأت الدولة :
    ينحدر العثمانيون من قبائل (أوغوز) التركمانية، مع موجة الغارات المغولية تحولوا عن مواطنهم في منغوليا إلى ناحية الغرب. أقامو منذ 1237م إمارة حربية في بتيينيا (شمال الأناضول، و مقابل جزر القرم). تمكنوا بعدها من إزاحة السلاجقة عن منطقة الأناضول. في عهد السلطان عثمان الأول (عثمان بن ارطغل) (1280-1300 م)، و الذي حملت الأسرة اسمه، ثم خلفاءه من بعده، توسعت المملكة على حساب مملكة بيزنطة (إحتلال بورصة: 1376 م، إدرين: 1361 م). سنة 1354 م وضع العثمانيون أقدامهم لأول مرة على أرض البلقان. كانت مدينة غاليبولي (في تركية) قاعدتهم الأولى. شكل العثمانيون وحدات خاصة عرفت باسم الإنكشارية (كان أكثر أعضاءها من منطقة البلقان). تمكنوا بفضل هذه القوات الجديدة من التوسع سريعا في البلقان و الأناضول معا (معركة نيكبوليس: 1389 م). إلا أنهم منوا بهزيمة أمام قوات تيمورلنك في أنقرة سنة 1402 م. تلت هذه الهزيمة فترة اضطرابات و قلائل سياسية. استعادت الدولة توازنها و تواصلت سياسة التوسع في عهد مراد الثاني (1421-1451 م) ثم محمد الفاتح (1451-1481 م) والذي استطاع أن يدخل القسطنطينية سنة 1453 م و ينهي بذالك قرونا من التواجد البيزنطي في المنطقة.

    بداية ظهور آل عثمان :
    !بعد وفاة أرطغرل قام السلطان علاء الدين السلجوقي بتنصيب الأمير عثمان مكانه، وعثمان بن أرطغرل ولد عام 656 هـ/1258م وتوفي عام 726هـ/ 1326م. و هو من عشيرة قايي، من قبيلة الغزالأغوز التركية. هاجر جده سليمان شاه ، أمير عشيرة قايي، مع عشيرته من موطنه الأصلي، في آسيا الوسطى، ليستقر في الأناضول فتابع طريق التوسع بشجاعة خارقة، فكافأه السلطان علاء الدين، وكرّمه بإعطائه شارات السلاجقة، وهي الراية البيضاء والخلعة والطبل، ومنحه استقلالاً، ولقب بك، ابتداء من سنة 688 هـ/ 1289م، وسمح له بأن يسكك النقود باسمه (أى يكتب عليها أسمه ) ، وبذكر اسمه بعد اسم السلطان علاء الدين من على منابر المساجد والجوامع السلجوقية ، ومنحه السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الثالث جهات إسكي شهر وإينونو، عام (1289م).. وقرر منحه ما يفتحه من أرضي البيزنطيين وغيرهم ، حاصر عثمان مدينة بورصة، المعروفة في غرب الأناضول، في عام(1314م)، ولكنه لم يتمكن من الاستيلاء عليها ، وتوسعت منطقة نفوذ عثمان أو إمارته، فشملت مناطق سوغود، ودومانيج، وإينه كول، ويني شهر، وإن حصار، وقويون حصار، وكوبري حصار، ويوند حصار. وجعل في عام(1300م) ، يني شهر مركزاً لتلك الإمارة. خيانة قائد بيزنطي ونهاية دولة السلاجقة ونشأت صداقة بين عثمان الأول ، والقائد البيزنطي كوسه ميخائيل حاكم قلعة (خرمن قايا) الذي أسلم، وأنقذ عثمان من مؤامرة بيزنطية دُبرت له في وليمة عرس بيزنطي . وفي تلك الأثناء هاجم قازان المغولي المدن السورية، ومدينة قونية، فاحتلها سنة 699هـ/ 1299م، وأنهى دولة سلاجقة الأناضول ،, وفد على عثمان بن أرطغرل كثير من علماء الدولة السلجوقية هرباً من المغول ، وأقبل عليه أمراؤها وأعيانها وأثريائهم ، فأثورا إمارته وأنتقلت من مجرد قبيلة وأمارة إلى أن تصبح لها مقومات الدولة وبهذا الحدث يمكن القول أنه بدأت بهؤلاء القادمين العاربين من وجه المغول سلطنة آل عثمان في عام( 708هـ/1308م)، أى عندما توفي آخر سلاطين سلاجقة الروم السلطان غياث الدين مسعود الثالث، حيث كانت الإمارة العثمانية تابعة للدولة السلجوقية قبل ذلك.. الإستيلاء على بورصا

    وكان الهدف الأسمى، الذي يسعى الأمير عثمان لتحقيقه ، هو احتلال مدينة بورصا واتخاذها عاصمة للدولة العثمانية. وظل هذا هدفاً يطمح إليه الأمير عثمان حتى آخر حياته ؛ فقد أمر ، وهو على فراش الموت ، ولده أورخان بفرض الحصار عليها، والاستماتة في غزوها والإستيلاء عليها . وقد نجح أورخان في ذلك، وطارت أنباء الاستيلاء إلى الأمير عثمان وهو يجود بأنفاسه الأخيرة. ونُقل جثمانه إلى مدينة بورصا ودفن بها. في عام( 726هـ 1324/م) ، بعد أن عاش سبعين عاماً، قضى منها 27 عاماً على عرش السلطنة. وكان عثمان الأول له من الأولاد سبعة، هم: أورخان بك، وعلاء الدين بك، وجوبان بك، وحامد بك، وفاطمة خاتون، وبازارلي بك، وملك بك.

    بداية السلطنة العثمانية (699-726)هـ/1299-1326م:
    السلطان عثمان الأول وُلد في بلدة سُغُوْت (Sogüt) إحدى البلاد التابعة لمدينة (يني شهر) سنة 656 هـ/ 1258م ، وعندما مات السلطان علاء الدين السلجوقي ، أعلن سلطنته فأتاه أمراء الدولة السلجوقية ، ودخلوا تحت حمايته ، ونصبوه سلطانا على الأناضو ، فاتخذ مدينة يني شهر عاصمة له ، وأستمر في الحروب لمدة سبع سنوات، وغزا الكثير من قلاع الروم البيزنطيين، وغزا مدينة كبري حصار، وقلعة أزنيق الشهيرة، وهاجت الجيوش البيزنطة على يني شهر عاصمة العثمانيين ، فتصدى لهم السلطان عثمان على رأس جيشه بجوار قلعة قيون حصار وهزمهم ثم اقتفى أثرهم حتى موقع ديمبوز ، فقتل أمير مدينة كستل البيزنطي ، وهرب بقية الأمراء البيزنطيين نحو بورصة والقسطنطينية ، وشيد السلطان عثمان قلعتين بالقرب من مدينة بروسه سنة 717 هـ/ 1317م وأقام في إحداهما ابن أخيه آق تيمور قائداً ، وفي الأخرى بلبانجق أحد مماليكه قائداً ، وحاصر بروسه ، وترك ولده السلطان أورخان وكوسه ميخال وصالتق ألب للمحافظة على البلاد وحاصر قلعة قره ، ثم غزا السلطان عثمان قلعة لبلبنجي ، وقلعة جادرلق ، ويكينجه حصار ، وآق حصار ، وتكفور، ثم أرسل الغازي أورخان والغازي عبد الرحمن وغيرهما إلى قلعة قره جيش ، فإستولوا عليها ، وتابع السلطان غزواته نحو مدينة أزميد ، (قوجة إيلّي) وحينذا غزا الغازي عبد الرحمن مدينة أزنيق ( نيقيا). وعزم السلطان عثمان غازي على غزو بروسه سنة 726 هـ/ 1326م، وعين ابنه أورخان بك قائداً لجيوش الغزو ، واستولى على جبل أولمبة (أولو داغ) قرب بورصة (بروسة) ثم غزا بورصة، و مرض السلطان عثمان، فقام بزيارته ابنه الغازي أورخان، وتوفى السلطان عثمان الأولوهو يبلغ من العمر 70سنة ، توفي في 17 أو 20 رمضان سنة 726هـ/ 1326م، وقد غزا عثمان أراضى البيزنطيين وضمها إلى أملاكه حتى بلغت ستة عشر ألف كيلومتر غداة وفاته سنة 724 هـ/ 1324م ، ومدة سلطنته 27 سنة، ودفن في تربته الخاصة في بروسة (بورصة) وتسلطن بعده ابنه الغازي في سبيل الله أورخان فأوكل إدارة شؤون الإدارة لأخيه علاء الدين ، ووُلد لأورخان في تلك السنة ابنه مراد الأول .!

    توسع الدولة:
    توسع العثمانيين في آسيا الصغرى:
    وسع عثمان حدود السلطة حتى بلغ البحر الاسود . تولى الزعامة أبنه أورخان سنة 1326م الذي أسس الجيش الأنكشاري.


    توسّع العثمانيين في أوروبا:
    توفي أورخان سنة 1359م فخلفه ابنه مراد الأول الذي هاجم شبه جزيرة البلقان وأستولى على أدرنة وقد قتل بعد أن تغلب على الصرب والبلغار في معركة قوصوه (معركة كوسوفو) سنة 1389م.
    تغلب بايزيد الأول على التحالف الأوروبي الصليبي في معركة نيقوبولس 1396 م ضم شرق صوفيا عاصمة بلغاريا.
    حاولوا غزو جنوب إيطاليا سنوات 1480/1481م.

    التوسع بالعالم الإسلامي:
    أصبح العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي. وانتصر السلطان سليم الاول (1512-1520 م) على الصفويين في معركة جالديران مما مكنه من السيطرة على العراق و أذربيجان عام 1514م، ثم بلاد الشام وفلسطين عام 1516م بمعركة مرج دابق، واستولى على مصر بعد معركة الريدانية عام 1517 م. وبلغت الدولة أوجها في عهد ابنه سليمان القانوني (1520-1566 م) الذي واصل غزو البلقان (المجر عام 1519م، ثم حصار فيينا)، وفي عام 1532م، استولى بعدها على الساحل الصومالي من البحر الأحمر واستطاع بناء اسطول بحري لبسط سيطرته على البحر المتوسط بمساعدة خير الدين بربروس الذي قدم ولاءه للسلطان (بعد 1552 تم اعلان إنضمام الدول الثلاث الجزائر تونس وطرابلس إلى الدولة العثمانية : وذلك بطلب من الجزائر التي كان لها حكم ذاتي في تصرفها عندما طلب خير الدين بربروس العام 1518 المساعدة من الأستانة عقب مقتل أخيه بابا عروج من طرف الإسبان الذين احتلوا مدينة وهران وبعدها شواطئ تلمسان ومستغانم و تنس ودلس وبجاية حيث أخضعت طرابلس في حدود عام 1551م). فأصبحت الدولة تمتد على معظم ما يشكل اليوم الوطن العربي باستثناء وسط الجزيرة ومراكش وعُمان بإلإضافة إلى امتدادها في وسط آسيا وجنوب شرق أوروبا.

    التراجع:
    بعد سنة 1566 م أصبح الملك في أيدي سلاطين عاجزين أو غير مؤهلين. ثم منذ 1656 م أصبحت السلطة بين أيدي كبير الوزراء ( الصدر الأعظم ) أو كبار القادة الإنكشاريين. بدأت مع هذه الفترة مرحلة الانحطاط السياسي و الثقافي. كان العثمانيون في صراع دائم مع الهبسبورغ، ملوك النمسا ( حصار فيينا: 1683 م ) ، إلا أن مراكز القوى تغيرت بعد معركة فيينا، منذ 1700 م تحول وضع العثمانييين من الهجوم إلى الدفاع. تم إعادة هيكلة الدولة في عهد السلطانين سليم الثالث (1789-1807 م) ثم محمود الثاني (1808-1839 م) من بعده، رغم هذا استمر وضع الدولة في الانحلال. أعلنت التنظيماتسنة 1839 م وهي إصلاحات على الطريقة الأوروبية. أنهى السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909 م) هذه الإصلاحات بطريقة استبدادية، نتيجة لذلك استعدى السلطان عليه كل القوى الوطنية في تركيا. سنة 1922 م تم خلع آخر السلاطين محمد السادس العثماني (1918-1922 م). وأخيرا ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة نهائيا في 1924 م.

    عوامل ضعف الدولة العثمانية:
    العوامل الداخلية:

    1. ضعف السلاطن المتأخرين ويتضح من:
    * عدم قيادتهم للجيش.
    * عدم ترأسهم جلسات الديوان.
    * ضعف قدرتهم على الإدارة.
    * انشغالهم بأمورهم الخاصة.

    2. انحدار الإنكشارية:
    * أهملوا تدريباتهم.
    * قل ارتباطهم بثكناتهم مما أدى إلى ضعف قدراتهم القتالية و الحربية.

    3. سوء نظام جباية الضرائب:
    * كان تحصيل وجمع الأموال العامة في الولايات يتم عن طريقة الالتزام.

    العوامل الخارجية:

    1- الامتيازات الأجنبية لبعض الدول الأروبية أدى إلى التدخل في شؤون الدولة.
    2- الأطماع الاستعمارية الأروبية في ممتلكات الدولة العثمانية.
    3- ظهور روسيا القيصرية كقوة تسعى على حساب الدولة العثمانية ، وتحريض شعوب البلقان للثورة ضدها.
    4- الهزائم التي ألحقتها الجيوش الأروبية بالجيش العثمانية بسبب:
    * اختراع الأروبين اسلحة جديدة.
    * تفوق اساليبهم القتالية وضعف الانكشارية.


    نظام الحكم و الإدارة في الدولة العثمانية:
    1. السلطان: من مهامه:
    * تطبيق الشريعة الإسلامية.
    * قيادة الجيوش.
    * تعيين الوزراء وعزلهم.

    2. الصدر الأعظم.
    * كان مستشار السلطان في البداية العهد العثماني.
    * أصبح ممثل السلطان في فترة ضعف السلاطين, والتحكم بالتعيينات والوظائف والأمور المتعلقة بالجيش والإدارة.

    الجيش:
    أدى الجيش العثماني دوراً مهماً في تأسيس الدولة وتوطيد أركانها. وكان الجيش العثماني يقسم إلى ثلاثة أقسام هي:

    1. القوات البرية.
    وتتكون من الفرسان (الخيالة) و المدفعية، والإنكشارية هي أشهر هذه الفرق. وللتعرف إلى كيفية إعداد الانكشارية ودورها في توسع الدولة واستقرارها .

    2. قوات الولايات.
    تكونت هذه القوات من الفرسان( أصحاب العسكرية ) و قوات القلاع التي رابطت في مختلف القلاع ، وأحياناً كان الولاة يشكلون قوات خاصة بهم عرفت بالقوات المحلية, وقد استفاد منهم الولاة في توطيد سلطانهم وتوحيد ولاياتهم.

    3. القوات البحرية.
    أبدى العثمانيون اهتماماً بالغاً بالقوات البحرية ولا سيما بعد فتح القسطنطينية وقد أنشئ العديد من الترسانات و القواعد البحرية في عهد السلطان بايزيد الثاني، ووصل ذلك الاهتمام أوجه بتعين خير الدين بربروس قائداً أعلى للقوات البحرية في عهد السلطان سليمان القانوني إذ أصبح الأسطول العثماني في عهده أقوى أسطول في البحر الأبيض المتوسط .

    نظام الحكم و الإدارة العثمانية في الولايات العربية:
    عندما أتسعت الدولة العثمانية لجأ العثمانيون إلى تقسيمها ولايات . وقسمت الولايات إلى أقسام إدارية صغيرة عرفت بالسنجق و التي قسمت بدورها إلى أقسام إدارية أصغر سميت بالناحية .

    ويتشكل الجهاز الإداري للولايات العثمانية من عدد من كبار موظفي الدولة على النحو الأتي:

    1. الوالي: كانت مهمة الوالي أن ينوب عن السلطان في الأمور الإدارية و العسكرية ، وحفظ الأمن وجباية الضرائب وإرسال الأموال المفروضة على الولاية إلى خزينة الدولة. كان والي الشام متميزاً عن غيره من الولاة بإضافة منصصب إمارة الحج غليه, وكانت مهمة لأمير الحج لإشراف على قافلة الحج الشامي التي تضم حجاجاً من أنحاء بلاد الشام و الأناضول و البلقان وتنطلق القافلة من دمشق مارةً بشرق الأردن إلى الحجاز.

    2. السنجق و الناحية: يتولى حكام السنجق و الناحي تنفيذ أوامر الوالي و الإدارة المركزية وتصريف الأمور الداخلية وحفظ أمن و استقرار الأوضاع من مناطقهم.

    3. الدفتر دار: يعين من قبل السلطان مباشرة ، ويتمثل دوره الشؤون المالية في الولاية وهو بمثابة أمين الخزينة.



    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة باحث; الساعة 2010-04-01, 12:30 PM.

  • #2
    قائمة السلاطين

    عثمان بن أرطغل



    عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه (656 هـ/1258م - 1326م) مؤسس الدولة العثمانية وأول سلاطينها وإليه تنسب. شهدت سنة مولده غزو المغول بقيادة هولاكو لبغداد وسقوط الخلافة العباسية.

    تولى الحكم عام 687 هـ بعد وفاة أبيه أرطغرل بتأييد من الأمير علاء الدين السلجوقي. قام الأمير السلجوقي بمنحه أي أراض يقوم بفتحها وسمح له بضرب العملة. لما قتل الأمير علاء الدين من قبل المغول وقتلوا معه ابنه غياث الدين الذي تولى مكانه، أصبح عثمان بن أرطغرل أقوى رجال المنطقة فاتخذ مدينة اسكي شهر قاعدة له ولقب نفسه باديشاه آل عثمان واتخذ راية له.

    قام بدعوة حكام الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام فإن أبوا فعليهم أن يدفعوا الجزية فإن أبوا فالحرب، فخافوا منه واستعانوا عليه بالمغول فأرسل إليهم جيشا بقيادة ابنه أورخان فهزمهم وأكمل الجيش مسيرته ففتح بورصة. توفي بعد أن عهد لابنه بتولي الحكم من بعده.


    أعماله
    لقد تعاقب على إمارة السلطنة العثمانية قبل أن تعلن نفسها خلافة إسلامية سلاطين أقوياء ، ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو مؤسس الدولة وبانيها ، فماذا صنع عثمان :

    لقد بدأ عثمان يوسع إمارته فتمكن أن يضم إليه عام 688 قلعة قره حصا (القلعة السوداء) أو أفيون قره حصار ، فسر الملك علاء الدين بهذا كثيراً. فمنحه لقب (بيك). والأراضي التي يضمها إليه كافة ، وسمح له بضرب العملة ، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة.

    وفي عام 699 أغارت المغول على إمارة علاء الدين ففر من وجههم ، والتجأ إلى إمبراطور بيزنطية ، وتوفي هناك في العام نفسه ، وإن قيل أن المغول قد تمكنوا من قتله ، وتوليه ابنه غياث الدين مكانه ، ثم إن المغول قد قتلوا غياث الدين ، ففسح المجال لعثمان إذ لم تعد هناك سلطة أعلى منه توجهه أو يرجع إليها في المهمات ، فبدأ يتوسع ، وإن عجز عن فتح أزميد (أزميت) ، وأزنيق (نيقية) رغم محاصرتهما ، واتخذ مدينة (يني شهر) أي المدينة الجديدة قاعدة له ، ولقب نفسه باديشاه آل عثمان.

    واتخذ راية له ، وهي علم تركيا اليوم ، ودعا أمراء الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام ، فإن أبوا فعليهم أن يدفعوا الجزية ، فإن رفضوا فالحرب هي التي تحكم بينه وبينهم ، فخشوا على أملاكهم منه ، فاستعانوا بالمغول عليه ، وطلبوا منهم أن ينجدوهم ضده ، غير أن عثمان قد جهز جيش بإمرة ابنه أورخان الذي قارب الثلاثين من العمر ، وسيره لقتال المغول فشتت شملهم .

    ثم عاد واتجه إلى بورصة (بروسة) فاستطاع أن يدخلها عام 717 وتعد من الحصون الرومية المهمة في آسيا الصغرى ، وأمن أهلها وأحسن إليهم فدفعوا له ثلاثين ألفاً من عملتهم الذهبية ، وأسلم حاكمها (أفرينوس) ، فمنحه عثمان لقب بيك ، وأصبح من القادة العثمانيين البارزين. وتوفي عثمان عام 726 ، وقد عهد لابنه أورخان بالحكم بعده.


    أهم الصفات القيادية في عثمان
    1- الشجاعة : عندما تنادى أمراء المسيحيين في بورصة ومادانوس وأدره نوس وكته وكستله البيزنطيون في عام 700هـ لتشكيل حلف صليبي لمحاربة عثمان واستجابت النصارى لهذا النداء وتحالفوا تقدم عثمان بجنوده وخاض الحروب بنفسه وشتت الجيوش الصليبية وظهرت منه شجاعة أصبحت مضرب المثل .

    2- الحكمة : لقد رأى من الحكمة أن يقف مع السلطان علاء الدين ضد النصارى ، وساعده في افتتاح جملة من مدن منيعة ، وعدة قلاع حصينة ، ولذلك نال رتبة الإمارة من السلطان السلجوقي علاء الدين. وسمح له سك العملة باسمه ، مع الدعاء له في خطبة الجمعة في المناطق التي تحته.

    3- الإخلاص : عندما لمس سكان الأرضي القريبة من إمارة عثمان إخلاصه للدين تحركوا لمساندته والوقوف معه لتوطيد دعائم دولة إسلامية تقف سداً منيعاً أمام الدولة المعادية للإسلام والمسلمين.

    4- الصبر : وظهرت هذه الصفة في شخصيته عندما شرع في فتح الحصون والبلدان ، ففتح في سنة 707هـ حصن كته ، وحصن لفكة ، وحصن آق حصار ، وحصن قوج حصار. وفي سنة 712هـ فتح صحن كبوه وحصن يكيجه طرا قلوا ، وحصن تكرر بيكاري وغيرها ، وقد توج فتوحاته هذه بفتح مدينة بروسة في عام 717هـ ، وذلك بعد حصار صعب و شديد دام عدة سنوات ، كان من أصعب ما واجهه عثمان في فتوحاته.

    5- الجاذبية الإيمانية : وتظهر هذه الصفة عندما احتك به اقرينوس قائد بروسه واعتنق الإسلام أعطاه السلطان عثمان لقب (بك) وأصبح من قادة الدولة العثمانية البارزين فيما بعد ، وقد تأثر كثير من القادة البيزنطيين بشخصية عثمان ومنهجه الذي سار عليه حتى امتلأت صفوف العثمانيين منهم ، بل إن كثيراً من الجماعات الإسلامية انخرطت تحت لواء الدولة العثمانية كجماعة (غزياروم) أي غزاة الروم ، وهي جماعة إسلامية كانت ترابط على حدود الروم وتصد هجماتهم عن المسلمين منذ العصر العباسي ، وجماعة (الإخيان) (أي الإخوان) وهم جماعة من أهل الخير يعينون المسلمين ويستضيفونهم ويصاحبون جيوشهم لخدمة الغزاة ويتولون إقامة المساجد والتكايا و الفنادق، وجماعة (حاجيات روم) أي حجاج أرض الروم ، وكانت جماعة على فقه بالإسلام ومعرفة دقيقة لتشريعاته ، وكان هدفها معاونة المسلمين عموماً والمجاهدين خصوصاً وغير ذلك من الجماعات.

    6- عدله : تروى معظم المراجع التركية التي أرخت للعثمانيين أن أرطغرل عهد لابنه عثمان مؤسس الدول العثمانية بولاية القضاء في مدينة قره جه حصار بعد الاستيلاء عليها من البيزنطيين في عام 684هـ ، وأن عثمان حكم لبيزنطي نصراني ضد مسلم تركي ، فاستغرب البيزنطي وسأل عثمان : كيف تحكم لصالحي وأنا على غير دينك ، فأجابه عثمان : بل كيف لا أحكم لصالحك ، والله الذي نعبده ، يقول لنا : ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) فاهتدى الرجل وقومه إلى الإسلام. لقد عثمان استخدم العدل مع رعيته وفي البلاد التي فتحها ، فلم يعامل القوم المغلوبين بالظلم أو الجوار أو التعسف أو التجبر ، أو الطغيان ، أو البطش .

    7- الوفاء : كان شديد الاهتمام بالوفاء بالعهود ، فعندما اشترط أمير قلعة اولوباد البيزنطية حين استسلم للجيش العثماني ، أن لا يمر من فوق الجسر أي عثماني مسلم إلى داخل القلعة التزم بذلك وكذلك من جاء بعده.

    8- التجرد : فلم تكن أعماله وفتوحاته من أجل مصالح اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك ، بل كان فرصة تبليغ دعوة الله ونشر دينه ولذلك وصفه المؤرخ احمد رفيق بأنه (كان عثمان متديناً للغاية ، وكان يعلم أن نشر الإسلام وتعميمه واجب مقدس وكان مالكاً لفكر سياسي واسع متين ، ولم يؤسس عثمان دولته حباً في السلطة وإنما حباً في نشر الإسلام). ويقول مصر أوغلو : " لقد كان عثمان بن أرطغرل يؤمن إيماناً عميقاًً بأن وظيفته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ، وقد كان مندفعاً بكل حواسه وقواه نحو تحقيق هذا الهدف .

    لقد كانت شخصية عثمان متزنة وخلابة بسبب إيمانه العظيم بالله واليوم الآخر ، ولذلك لم تطغ قوته على عدالته ، ولا سلطانه على رحمته ، ولا غناه على تواضعه ، وأصبح مستحقاً لتأييد الله وعونه ، ولذلك أكرمه الله بالأخذ بأسباب التمكين والغلبة ، فجعل له مكنة وقدرة على التصرف في آسيا الصغرى من حيث التدبير والرأي وكثرة الجنود والهيبة والوقار ، لقد كانت رعاية الله له عظيمة ولذلك فتح له باب التوفيق وحقق ما تطلع إليه من أهداف وغاية سامية .


    الدستور الذي سار عليه العثمانيون
    كانت حياة الأمير عثمان جهاداً ودعوة في سبيل الله ، وكان علماء الدين يحيطون بالأمير ويشرفون على التخطيط الإداري والتنفيذ الشرعي في الإمارة، ولقد حفظ لنا التاريخ وصية عثمان لابنه أورخان وهو على فراش الموت وكانت تلك الوصية فيها دلالة حضارية ومنهجية شرعية سارت عليها الدولة العثمانية فيما بعد، يقول عثمان في وصيته : ( يا بني : إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين ، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلاً.. يا بني : أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود ، ولا يغرك الشيطان بجندك وبمالك ، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.. يا بني : إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين ، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق ، فتحدث مرضات الله جل جلاله .. يا بنى : لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد ، فنحن بالإسلام نحيا ونموت ، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل) .

    وفي كتاب (التاريخ السياسي للدولة العلية العثمانية) تجد رواية أخرى للوصية ( اعلم يا بني ، أن نشر الإسلام ، وهداية الناس إليه ، وحماية أعراض المسلمين وأموالهم ، أمانة في عنقك سيسألك الله عز وجل عنها) .

    وفي كتاب ( مأساة بني عثمان ) نجد عبارات أخرى من وصية عثمان لابنه أورخان تقول : ( يا بني ، أنني انتقل إلى جوار ربي ، وأنا فخور بك بأنك ستكون عادلاً في الرعية ، مجاهداً في سبيل الله ، لنشر دين الإسلام.. يا بني ، أوصيك بعلماء الأمة ، أدم رعايتهم ، وأكثر من تبجيلهم ، وانزل على مشورتهم ، فانهم لا يأمرون إلا بخير.. يا بني ، إياك أن تفعل أمراً لا يرضى الله عز وجل ، وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة ، فانهم سيدلونك على الخير.. واعلم يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو طريق الله ، وأن مقصدنا الوحيد هو نشر دين الله ، وأننا لسنا طلاب جاه ولا دنيا ).

    وفي (التاريخ العثماني المصور) عبارات أخرى من وصية عثمان تقول: ( وصيتي لأبنائي وأصدقائي ، أديموا علو الدين الإسلامي الجليل بإدامة الجهاد في سبيل الله . أمسكوا راية الإسلام الشريفة في الأعلى بأكمل جهاد. اخدموا الإسلام دائما ، لأن الله عز وجل قد وظف عبداً ضعيفاً مثلي لفتح البلدان ، اذهبوا بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله ومن انحرف من سلالتي عن الحق والعدل حرم من شفاعة الرسول الأعظم يوم المحشر. يا بني: ليس في الدنيا أحد لا يخضع رقبته للموت ، وقد اقترب أجلي بأمر الله جل جلاله أسلمك هذه الدولة وأستودعك المولى عز وجل ، اعدل في جميع شؤونك ...).

    لقد كانت هذه الوصية منهجاً سار عليه العثمانيون، فاهتموا بالعلم وبالمؤسسات العلمية، وبالجيش والمؤسسات العسكرية، وبالعلماء واحترامهم ، وبالجهاد الذي أوصل فتوحاً إلى أقصى مكان وصلت إليه راية جيش مسلم ، وبالإمارة وبالحضارة .

    ونستطيع أن نستخرج الدعائم والقواعد والأسس التي قامت الدولةالعثمانية من خلال تلك الوصية.

    --------------------------------------------------------------------------
    أورخان غازي



    أورخان غازي، سلطان عثماني، (680 هـ/1288 م-761 هـ/1360 م) خلف والده عثمان بن أرطغل عام 627 هـ/1324 م وعمره ستة وثلاثون عاماً وقد اعتمد على أعوان أقوياء لوضع القوانين وسن الأنظمة أبرزهم أخوه الأمير علاء الدين الذي نصبه وزيراً له وكذلك علاء الدين بن الحاج كمال الدين وقرة خليل جاندارلي وفي عهده نقلت عاصمة الدولة العثمانية من اسكي شهر إلى بورصة كما تم سك أول نقد عثماني و تمكن من انتزاع أزمير وأنقره وامتلك قره سي و برغمه ثم حاصر سمندره وإيدوس واستولى عليهما وقد دامت فترة حكمه خمسة وثلاثين عاماً خلف سبعة أولاد هم : سليمان باشا و قد توفي في حياة أبيه ومراد بك وإبراهيم بك وفاطمة سلطان وخليل بك وسلطان بك وقاسم بك.


    يتبع

    تعليق


    • #3




      مراد الاول




      السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان وأمه الأميرة البيزنطية هيلين وهي ذات أصول يونانية[1][2][3]، تولى الحكم بعد وفاة أبيه أورخان بن عثمان وكان ابن 36 عاما وقتها عام 1359 م, واستمر حكمه 31 سنة. استولى على مدينة أدرنة 1362 م وجعلها عاصمته وهزم التحالف البيزنطي البلغاري في معركتي ماريتزا 1363 م وقوصوة 1389 م وفيها قتل.

      تنظيم الإمبراطورية العثمانية
      ولد السلطان مراد الأول عام 726 هـ الموافق عام 1326 م, وهو العام الذى تولى فيه والده الحكم. وإليه يرجع الفضل بالنقلة النوعية من دويلة عثمانية قبلية إلى سلطنة قوية وتسمى بالسلطان عام 1383 م.
      أنشأ نظام الديوان للجند و الفرسان السيباه. وأنشأ نظام مقاطعتين هما الرومللي و الأناضول.

      حاول أمير دولة القرمان في أنقرة أن يعد جيشا مكونا من جيوش الأمراء المستقلين في آسيا الصغرى لقتال العثمانيين لكنه فوجئ بجيش مراد الأول يحيط بمدينة أنقرة فاضطر لعقد صلح معه يتنازل فيه عن أنقرة.

      استولى على مدينة فيلبة فصارت القسطنطينية محاطة بالعثمانيين واضطر إمبراطورها لدفع الجزية. حاول الأمراء الأوروبيون الاستنجاد بالبابا وبملوك أوروبا الغربية ضد المسلمين فلبى البابا النداء وبعث لملوك أوروبا عامة يطالبهم بشن حملة صليبية جديدة ولكن ملك الصرب لم يتوقع الدعم السريع فاستنهض الأمراء المجاورين له وهم أمراء البوسنة والأفلاق (جنوبى رومانيا) واتجهوا نحو أدرنة أثناء انشغال السلطان مراد الأول ببعض حروبه في آسيا الصغرى غير أن جيش العثمانيين أسرع للقائهم وهزمهم هزيمة منكرة.

      قام بتنظيم فرق الخيالة التى عرفت باسم سيباه ويقصد بها الفرسان. كما احتلت في عهده مدينة صوفيا عام 784 هـ بعد حصار دام ثلاث سنوات واحتل مدينة سالونيك اليونانية. تمرد عليه ابنه ساوجى بالاتفاق مع ابن إمبراطور القسطنطينية فأرسل إلى ابنه جيشا فقتله وقتل ابن الإمبراطور البيزنطي أيضا. حاول أمير البلغار الهجوم على الدولة أثناء انشغال السلطان في حروبه في الأناضول، ولكن الجيوش العثمانية داهمته واحتلت بعض أجزاء من بلاده ففر إلى مدينة نيكوبولي فهزمه العثمانيون مرة أخرى. تم في عهده غزو مدينة صوفيا عاصمة البلغار ومدينة سالونيك.

      حاول لازار ملك الصرب الانضمام للألبانيين ومحاربة العثمانيين فأدركه الجيش قبل وصوله إلى مبتغاه في سهل قوصوه (كوسوفو) وفي المعركة انحاز صهر لازار إلى جانب المسلمين بفرقته المؤلفة من عشرة آلاف مقاتل فانهزم الصربيون ووقع ملكهم أسيرا بأيدى المسلمين، وهو جريح فقتلوه انتقاما لأفعاله الخسيسة بأسراه من المسلمين. وفي نهاية المعركة كان السلطان مراد يتفقد القتلى فقام إليه جندي صربي جريح من بين القتلى وطعنه بخنجر فأرداه قتيلا وكان ذلك عام 791 هـ الموافق 20 يونيو 1389م وقتل الجند العثمانيين القاتل الصربي مباشرة.

      --------------------------------------------------------------------------

      بايزيد الأول
      بايزيد الأول، ولد حوالي عام 1345 وتوفي عام 1403، كان سلطان عثماني حكم بين عام 1389 و 1402. تولى العرش بعد مقتل أباه مراد الأول، ومباشرة قضى على أخيه يعقوب خنقا ليمنعه من القيام بانقلاب عليه. لقب باسم "يلدرم" أى الصاعقة نظرًا لحركته السريعة بجيوشه وتنقله بين عدة جهات بمنتهى السرعة.

      نشأته
      كان في غاية الشجاعة والحماسة للجهاد في سبيل الله غير أنه امتاز عمن سبقوه بسرعة الحركة وقوة الإنقضاض على أعدائه حتى لقب بالصاعقة أو يلدرم باللغة التركية، وكان مجرد ذكر اسم 'يلدرم' يوقع الرعب في نفوس الأوروبين عموماً وأهل القسطنطينية خصوصاً.

      تولى بايزيد الحكم بعد استشهاد أبيه مراد الأول في معركة كوسوفو سنة 791 هـ.


      فتوحاته
      كانت منطقة الأناضول أو أسيا الصغرى دائماً هى منطقة الإنطلاق لأى سلطان جديد، ذلك لأن هذه المنطقة منقسمة على نفسها لعدة إمارات صغيرة يحكمها أمراء متغلبون على رقاب المسلمين فيها، وقد سعى السلطان مراد الأول لتوحيد الأناضول بعدة وسائل، ولم يكد ينجح في ذلك حتى انفرط العقد مرة أخرى، ثار هؤلاء الأمراء على العثمانيين وسببوا لهم الكثير من المتاعب، وكانت ثوراتهم المتكررة سبباً لصرف جهود العثمانيين عن حرب أوروبا، مما جعل الأوروبيين يلتقطون أنفسهم ويشكلوا تحالفات صليبية متكررة لمحاربة العثمانيين، وفي سنة 793 هجرية استطاع بايزيد أن يضم إمارات منتشا، آيدين وصاروخان دون قتال بناءاً على رغبة سكان هذه الإمارات، وقد لجأ حكام هذه الإمارات إلى إمارة اصفنديار، كما تنازل له أمير القرمان علاء الدين عن جزء من أملاكه بدلاً من ضياعها كلها، وقد أشتهر علاء الدين هذا بالغدر والخيانة وأخبار جرائمه أيام السلطان مراد الأول مشهورة، لذلك فلم يكن مستغرباً على هذا الرجل أن يثور مرة أخرى أيام بايزيد مستغلاً انشغاله بالجهاد في أوروبا حيث قام علاء الدين بالهجوم على الحاميات العثمانية وأسر كبار قادة العثمانيين واسترد بعض الأراضى، فعاد بايزيد بسرعته المعهودة وانقض كالصاعقة على علاء الدين وفرق شمله وضم إمارة القرمان كلها للدولة العثمانية وتبعتها إمارة سيواس وتوقات، ثم شق بايزيد طريقه إلى إمارة اصفنديار التى تحولت لملجأ للأمراء الفارين، وطلب بايزيد من أمير اصفنديار تسليم هؤلاء الثوار فأبى فانقض عليه بايزيد وضم بلاده إليه، والتجأ الأمير ومن معه إلى تيمورلنك.

      غزوه لأوربا
      موقفه من الصرب
      بعدما فرغ بايزيد من ترتيب الشأن الداخلى والقضاء على ثورات الأناضول، اتجه إلى ناحية أوروبا وبدأ أولى خطواته هناك بإقامة حلف ودي مع الصرب، وربما يستغرب القارىء من هذه المحالفة ذلك لأن الصرب كانوا من أشد الناس عداوة للمسلمين وحتى الآن كذلك، ولأنهم كانوا السبب في قيام تحالف بلقانى صليبى ضد المسلمين، بل إن السلطان مراد الأول والد بايزيد قد قتل في حربه ضدهم، وكل هذه الأسباب كافية لمنع التحالف معهم، ولكن بايزيد (الصاعقة) كان له وجهة نظر ذكية، وهى أن الحلف مع الصرب يجعلهم بمنزلة الحاجز القوى بين الدولة العثمانية وإمبراطورية المجر التى كانت وقتها أقوى الممالك الأوروبية وتلعب بحامية الصليب، وكانت علاقة المجر والصرب متوترة، فاستغل بايزيد ذلك للتفرغ إلى الغرب والوسط الأوروبى وفتح القسطنطينية، وهذا من فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد الذى يحتاجه الحاكم المسلم على الدوام، ولايفهم من هذا الفقه إباحة ماحرمه الله عز وجل أو الإخلال بعقيدة الولاء والبراء، إنما هو من جنس المعاهدات المؤقتة التى تخدم هدفاً معيناً لفترة معينة، أى أنها لاتبطل شريعة الجهاد في سبيل الله أبداً وهى تشبه جنس معاهدة الحديبية وغيرها.

      عين بايزيد "إصطفان بن لازار" ملكًا على الصرب عام 792 هـ مقابل دفع جزية سنوية وتقديم عدد من المقاتلين ينضمون للجيوش العثمانية وقت الحرب. تزوج "أوليفير" أخت أصطفان لكى لايبقى مشغولاً بموضوع الصرب.

      كان بايزيد يهدف من محالفته للصرب غاية هامة إلا وهى التفرغ للوسط الأوروبي والقسطنطينية لذلك فقد قام بتوجيه ضربة خاطفة إلى بلغاريا وفتحها سنة 797 هـ، وأصبحت بلغاريا من وقتها إمارة تابعة للدولة العثمانية، مما جعل أوروبا ترتجف رعباً تحت (الصاعقة الإسلامية) التى فتحت البلاد الواحدة تلو الأخرى، وفرض بايزيد على إمبراطور بيزنطة مانويل عدة شروط منها :

      1- إنشاء محكمة إسلامية وتعيين قضاه مسلمين بها للفصل في شئون الرعية المسلمة بها.
      2- بناء مسجد كبير بها والدعاء فيه للخليفة العباسي بمصر ثم السلطان بايزيد وذلك يوم الجمعة.
      3- تخصيص 700 منزل داخل المدينة للجالية المسلمة بها.
      4- زيادة الجزية المفروضة على الدولة البيزنطية.


      معركة نيقوبولس
      كان سقوط بلغاريا وقبول مانويل للشروط السابقة بمثابة جرس الإنذار القوى لكل الأوروبيين خاصة ملك المجر سيجسموند والبابا بونيفاس التاسع، فاتفق عزم الرجلين على تكوين حلف صليبى جديد لمواجهة الصواعق العثمانية المرسلة، واجتهد سيجسموند في تضخيم حجم هذا الحلف وتدويله، باشتراك أكبر قدر ممكن من الجنسيات المختلفة، وبالفعل جاء الحلف ضخماً يضم مائة وعشرين ألف مقاتل من مختلف الجنسيات مثل: ألمانيا، فرنسا، إنجلترا، إسكتلندا، سويسرا وإيطاليا، ويقود الحلف سيجسموند ملك المجر. تحركت الحملة الصليبية الجرارة سنة 800 هجرية، ولكن بوادر الوهن والفشل قد ظهرت على الحملة مبكراً، ذلك لأن سيجسموند قائد الحملة كان مغروراً أحمقاً لايستمع لنصيحة أحد من باقى قواد الحملة، وحدث خلاف شديد على استراتيجية القتال، فسيجسموند يؤثر الإنتظار حتى تأتى القوات العثمانية، وباقى القواد يرون المبادرة بالهجوم، وبالفعل لم يستمعوا لرأى سيجسموند وانحدروا مع نهر الدانوب حتى وصلوا إلى مدينة نيكوبولس في شمال البلقان.

      لم يكد الصليبيون يدخلون المدينة حتى ظهر بايزيد ومعه مائة ألف مقاتل كأنما الأرض قد انشقت عنهم، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب الصليبيين فوقعت عليهم هزيمة مدوية حتى أن سيجسموند الذى وقف قبل المعركة يقول في تيه وغرور "لو انقضت علينا السماء من عليائها لأمسكناها بحرابنا" يهرب مثل الفأر المذعور ويلقى بنفسه في مركب صغير ويترك خلفه حملته الفاشلة تذوق ويلات هزيمة مروعة.

      أسفرت معركة نيكوبولي عن نصر عظيم للمسلمين كان له أعظم الأثر في العالم الإسلامى بأسره، ووقعت بشارة الفتح في كل مكان مسلم، وأرسل بايزيد إلى كبار حكام العالم الإسلامى يبشرهم بالفتح وبالعديد من أسرى النصارى كهدايا وسبايا لهؤلاء الحكام باعتبارهم دليلاً مادياً على روعة النصر، وأرسل بايزيد إلى الخليفة العباسى بالقاهرة يطلب منه الإقرار على لقب سلطان الروم الذى اتخذه بايزيد دليلاً على مواصلة الجهاد ضد أوروبا حتى يفتحها كلها، ووافق الخليفة على ذلك، وانساح كثير من المسلمين إلى بلاد الأناضول حيث الدولة العثمانية القوية المظفرة.

      وانتقل إلى الأناضول عام 793 هـ، فضم إمارة "منتشا" وإمارة "آيدين" وإمارة "صاروخان" دون قتال. تنازل له أمير دولة القرمان عن جزء من أملاكه كى يبقى له الجزء الباقى كما فتح مدينة الأشهر وهى آخر مدينة كانت باقية للروم في غرب بلاد الأناضول. حاصر القسطنطينية عام 794 هـ وتركها محاصرة واتجه بجيش إلى الأفلاق (جنوب رومانيا) وعقد معاهدة مع حاكمها تقضى بسيادة العثمانيين وبدفع جزية سنوية إلى السلطان. تمرد عليه أمير دولة القرمان علاء الدين فواجهه وهزمه وأخذه وولديه أسرى.


      معركة أنقرة
      هزم بايزيد الأول أمام جيش تيمورلنك في معركة أنقرة يوم 19 ذى الحجة 804هـ وأسر هو وولده موسى وحاول الفرار من الأسر ثلاث مرات وفشل فيها كلها، وتوفى في الأسر في 15 شعبان عام 805هـ وسمح تيمورلنك بنقل جثمانه ليدفن في بورصة.


      يتبع
      التعديل الأخير تم بواسطة باحث; الساعة 2010-04-01, 12:29 PM.

      تعليق


      • #4
        محمد الأول العثماني



        محمد الأول جلبي بن بايزيد هو السلطان الخامس للدولة العثمانية والملقب بالجلاد. خلف أباه في السلطنة بعد أسره بيد تيمورلنك في وقعة (أنقرة) ووفاته سنة 805 / هـ. نازعه الملك إخوته: سليمان وموسى وعيسى، وكل منهم يدعي التقدم عليه في السلطنة وتمكن من التغلب عليهم وقتلهم. كانت مدة سلطنته التي دامت 19 سنة حروباً داخلية لإرجاع الإمارات السلجوقية التي استقلت في مدة الفوضى التي أعقبت موت السلطان بايزيد الأول في الأسر، وكان السلطان بايزيد قد استولى عليها وألحقها بالدولة العثمانية. أنشأ أسطولا بحريا قويا انتقى بحارته من أهل جنوه وكريت، ونقل كرسي المملكة من بورصة إلى أدرنه . كان محباً للشعر والأدب، شهماً محباً للعدل وأطلق عليه رعاياه لقب (جلبي) أي النبيل.

        انتصر على أمير القرمان وعفا عنه، فعاد لقتاله فأسره مرة أخرى ثم عفا عنه، وفعل ذلك مع أمير أزمير فكان رحيمًا معهما على عكس ما كان مع إخوانه. ظهر الأمير مصطفى بن بايزيد أخو السلطان محمد والذى اختفى بعد معركة أنقرة وطالب أخاه بالحكم وسار عليه بجيش ولكن هزم ففر إلى سالونيك فطالب السلطان بتسليمه فأبى الإمبراطور ووعد بإبقائه تحت الإقامة الجبرية مادام السلطان على قيد الحياة فوافق السلطان وجعل لأخيه راتبًا شهريًا. توفى عام (824هـ) بعد أن أوصى لابنه مراد من بعده، وكان في أماسيا يوم وفاة أبيه وكتم خبر وفاة السلطان حتى وصل مراد لأدرنه بعد واحد وأربعين يومًا. ودفن السلطان محمد جلبى في بورصة.


        --------------------------------------------------------------------------
        مراد الثاني



        مراد الثاني بن محمد جلبي هو سادس السلاطين العثمانيين، عاش بين عامي (1404م - 1451م) ، أحب العربية فيعد أول من تعلم ومارس فن الخط العربي من سلاطين العثمانيين، كما أنه كان ينظم الشعر ويتقنه.

        تولى الخلافة بعد وفاة أبيه عام 824 هـ وكان عمره لايزيد على 18 عاما. فترة حكمه تميزت بحروب طويلة الأمد مع مسيحيي البلقان والإمارات التركية في الأناضول.

        تعليق


        • #5


          محمد الفاتح




          محمد الفاتح أو محمد الثاني السلطان العثماني السابع في سلسلة آل عثمان، يلقب بالفاتح وأبي الخيرات. حكم ما يقرب من ثلاثين عاماً عرفت توسع كبير للخلافة الإسلامية.

          مولده
          ولد "محمد الثاني" عام 30 مارس 1432 / 833هـ ، وتولى السلطنة عام(855/1451م)، فكان عمره يومذاك اثنين وعشرين سنة، وأراد أن يتمم ما بدأ به أبوه. وقد نجح في فتح القسطنطينية


          شخصيته
          لقد امتاز السلطان 'محمد الفاتح' بشخصية فذة جمعت بين القوة والعدل، كما أنه فاق أقرانه منذ حداثته في كثير من العلوم التي كان يتلقاها من شيوخه كالشيخ آق شمس الدين وكذلك من مدرسة الأمراء وخاصة معرفته لكثير من لغات عصره وميله الشديد لدراسة كتب التاريخ، مما ساعده فيما بعد على إبراز شخصيته في الإدارة وميادين القتال حتى أنه اشتهر أخيراً في التاريخ بلقب محمد الفاتح، لفتحه القسطنطينية .


          سياسته
          انتهج محمد الفاتح المنهج الذي سار عليه والده وأجداده في الفتوحات، ولقد برز بعد توليه السلطة في الدولة العثمانية بقيامه بإعادة تنظيم إدارات الدولة المختلفة، واهتم كثيراً بالأمور المالية فعمل على تحديد موارد الدولة وطرق الصرف منها بشكل يمنع الإسراف والبذخ أو الترف. وكذلك ركز على تطوير كتائب الجيش وأعاد تنظيمها ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوفرة في ذلك العصر. وعمل على تطوير إدارة الأقاليم، وأقر بعض الولاة السابقين في أقاليمهم، وعزل من ظهر منه تقصير أو إهمال، وطور البلاط السلطاني، وأمدهم بالخبرات الإدارية والعسكرية الجيدة مما ساهم في استقرار الدولة والتقدم إلى الإمام. وبعد أن قطع أشواطاً مثمرة في الإصلاح الداخلي تطلع إلى المناطق المسيحية في أوروبا لفتحهاونشر الإسلام فيها، ولقد ساعدته عوامل عدة في تحقيق أهدافه، منها الضعف الذي وصلت إليه الإمبراطورية البيزنطية بسبب المنازعات مع الدول الأوروبية الأخرى، وكذلك بسبب الخلافات الداخلية التي عمت جميع مناطقها ومدنها، ولم يكتف السلطان محمد بذلك بل أنه عمل بجد من أجل أن يتوج انتصاراته بفتح القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، والمعقل الاستراتيجي الهام للتحركات ضد العالم الإسلامي لفترة طويلة من الزمن، والتي طالما اعتزت بها الإمبراطورية البيزنطية بصورة خاصة والمسيحية بصورة عامة، وجعلها عاصمة للدولة العثمانية وتحقيق ما عجز عن تحقيقه أسلافه من قادة الجيوش الإسلامية .


          إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عنه
          ورد في مسند أحمد بن حنبل في الحديث رقم18189

          حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ


          فتح القسطنطينية
          فتح القسطنطينية هو انتصار العثمانيين ودخولهم لما كان عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في الثلاثاء 29 مايو عام 1453. وهذا ما أنهى الاستقلال السياسي لإمبراطورية عاشت أكثر من ألف عام. وقد كان من آثار هذا الفتح هجرة علماء بيزنطيين إلى أوروبا الغربية مما أدى لبدء الدراسات الإغريقية الكلاسيكية في عصر النهضة الأوروبية لاحقا. وساعد الفتح على استقرار السلطنة العثمانية وتوسعها في شرق المتوسط والبلقان. وكثيرا ما يقترح تاريخ الفتح كنهاية للقرون الوسطى.


          حياته
          بنى قلعة على مضيق البوسفور على الشاطئ الأوروبي مقابل القلعة التي بناها السلطان بايزيد على الشاطئ الآسيوي كي يتحكم بالمضيق ، ويمنع وصول الإمدادات إلى القسطنطينية من مملكة طرابزون الروحية الواقعة على ساحل البحر الأسود شمال شرقي الاناضول ، ورأى قسطنطين أن محمد الثاني عازم على دخول مدينته فعرض دفع الجزية التي لم يريد فرفض السلطان ، ورأى أن يتزوج بأرملة السلطان مراد الثاني أم السلطان محمد وكانت لا تزال على نصرانيتها فرفضت واعتكفت في بعض الأديرة. أراد السلطان الفاتح بعدئذ أن يتوجه إلى بلاد المورة لاحتلالها، فأرسل ملكها وفداً إليه يعرض عليه دفع جزية سنوية قدرها 12 ألف دوك ذهب. ثم بدأ الإمبراطور يستنجد الدول المسيحية، وتم حصار القسطنطينية والاستيلاء عليها بعد عامين فقط من توليه السلطة .

          وصالح أمير الصرب مقابل جزية قدرها ثمانون ألف دوك عان 857، وفي السنة الثانية دخل السلطان إلى بلاد الصرب، وحاصر بلغراد ، ودافع عنها المجر ، ولم يتمكن العثمانيون من احتلالها، ثم صار الصدر الأعظم محمود باشا فاستولى عليها بين ( 861 – 863 ). وتمكن من احتلال بلاد المورة (عام 863/1453م)، وفر ملكها إلى إيطاليا ، كما استولى على الجزر التي في بحر ايجه قرب مضيق الدردنيل . وعقد صلحاً مع اسكندر بك أمير البانيا .توجه سراً إلى الاناضول فاستولى على ميناء (اماستريس) الذي يتبع جنوه، وأكثر سكانه من التجار، كما دخل ميناء سينوب ، واحتل مملكة طرابزون دون مقاومة ، وكانت تتبع القسطنطينية .

          سار إلى أوروبا لمحاربة أمير الأفلاق لظلمه وتعديه على العثمانيين ، فطلب الأمير صلحاً مقابل جزية سنوية قدرها عشرة آلاف دوك ، فوافق السلطان غير أن هذا الأمير لم يطلب هذا الصلح إلا لتتاح له الفرصة ليتفق مع ملك المجر لمحاربة العثمانيين. فلما اتفقا، وعلم السلطان أرسل إليه رجلين يستوضح الخبر فقتلهما أمير الأفلاق، وسار مغيراً على أملاك الدولة العثمانية في بلغاريا، فأفسد فيها ، واستاق الأسرى. فأرسل إليه السلطان وفداً يطلب منه أن يعيد الأسرى، ويبقى على صلحه ، فمثل بهم، فسار إليه السلطان ففر أمير الأفلاق إلى ملك المجر ، فضم السلطان الأفلاق إلى العثمانيين ، وعين أخا أمير الأفلاق والياً عليها من قبله.

          وامتنع أمير البوسنة عن دفع الخراج فسار إليه السلطان ، وانتصر عليه ، وضم البوسنة للدولة العثمانية ، وحاول ملك المجر مساعدة أهل البوسنة (البوشناق) لكنه هزم. وأسلم الكثير من البوشناق بعد ذلك. واصطدم السلطان مع البنادقة الذين يملكون بعض المواقع في بلاد المورة ، وجزراً كثيرة في بحر ايجه ، وقد هاجم البنادقة بعض المراكز العثمانية ودخلوها ، فسار إليهم السلطان ففروا من مواقعهم ، ودخلها العثمانيون . وبعد هدنة سنة عاد البنادقة لغيهم إذ أرادوا استعادة ما فقدوه ، وبدؤوا يغيرون على الدولة فكانت النتيجة أن فقدوا بعض مواقعهم المهمة.

          بدأ البابا يدعو إلى حملة صليبية فشجع اسكندر بك أمير البانيا على نقض عهده مع السلطان، ودعا ملوك أوروبا وأمرائها لمساندته، غير أن البابا قد توفي ولم تقم الحملة الصليبية، لكن اسكندر بك نقض العهد، وحارب العثمانيين، وكانت الحرب سجالاً بين الطرفين. وتوفي اسكندر بك عام 870 .اتجه السلطان إلى الاناضول فضم إليه إمارة القرمان نهائياً إذ اختلف أبناء أميرهم إبراهيم الذي أوصى عند وفاته لابنه إسحاق فنازعه إخوته، فأيد السلطان إخوة إسحاق عليه وهزمه ، وعين مكانه أحد إخوته ، فلما رجع السلطان إلى أوروبا ، احتل إسحاق قونية وفرض نفسه ، فرجع إليه السلطان وهزمه ، وضم الإمارة إلى الدولة العثمانية. وهاجم اوزون حسن أحد خلفاء تيمورلنك شرقي الأناضول ، واحتل مدينة توقات ، فأرسل إليه السلطان جيشاً هزمه عام 1469 / 874 ، ثم سار إليه السلطان بنفسه على رأس جيش وأجهز على ما بقي معه من جنود.

          عرض السلطان عام( 878 / 1473 ) على أمير البغدان اصطفان الرابع الجزية حتى لا يحاربه فلم يقبل الأمير، فأرسل إليه جيشاً وانتصر عليه بعد حروب عنيفة، ولكن لم يستطيع غزو هذا الإقليم ، فعزم السلطان على دخول القرم للإفادة من فرسانها في قتال البغدان ، وتمكن من احتلال أملاك الجنوبيين الممتدة على شواطئ شبه جزيرة القرم ، ولم يقاوم التتار سكان القرم العثمانيين بل دفعوا لهم مبلغاً من المال سنوياً . وأقلعت السفن الحربية العثمانية من القرم إلى مصب نهر الدانوب فدخلت ، وكان السلطان يدخل بلاد البغدان عن طريق البر ، فانهزم اصطفان الرابع ، فتبعه السلطان في طريق مجهولة ، فانقض عليه اصطفان الرابع وانهزم السلطان ، وارتفع اسم اصطفان الرابع وذلك عام 881 .

          وصالح السلطان البنادقة ، وانهزم أمام المجر عندما سار لغزو ترانسلفانيا ، ولكنه في البحر استولى على الجزر التي بين اليونان و إيطاليا ، كما احتل مدينة (اوترانت) في جنوبي شبه جزيرة إيطاليا عام 885 ، وحاصر في العام نفسه جزيرة رودوس ولم يتمكن من احتلالها. وفي أثناء حصار القسطنطينية عرف قبر ابي أيوب خالد بن زيد الانصاري ، فبنى بجواره مسجداً ، وأصبح تنصيب السلاطين يتم بهذا المسجد.


          أهم أعماله

          اهتمامه بالمدارس والمعاهد
          فقد كان محباً للعلم والعلماء، لذلك اهتم ببناء المدارس والمعاهد في جميع أرجاء دولته، وفاق أجداده في هذا المضمار، وبذل جهوداً كبيرة في نشر العلم وإنشاء المدارس المعاهد، وأدخل بعض الإصلاحات في التعليم وأشرف على تهذيب المناهج وتطويرها، وحرص على نشر المدارس والمعاهد في كافة المدن والقرى وأوقف عليها الأوقاف العظيمة.

          ونظم هذه المدارس ورتبها على درجات ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدد العلوم والمواد التي تدرس في كل مرحلة، ووضع لها نظام الامتحانات الدقيقة للانتقال للمرحلة التي تليها، وكان ربما يحضر امتحانات الطلبة ويزور المدارس ولا يأنف من سماع الدروس التي يلقيها الأساتذة، ولا يبخل بالعطاء للنابغين من الأساتذة والطلبة ، وجعل التعليم في كافة مدارس الدولة بالمجان ، وكانت المواد التي تدرس في تلك المدارس: التفسير والحديث والفقه والأدب والبلاغة وعلوم اللغة والهندسة، وأنشأ بجانب مسجده الذي بناه بإسطنبول ثمان مدارس على كل جانب من جوانب المسجد أربعة مساجد يتوسطها صحن فسيح، وفيها يقضي الطالب المرحلة الأخيرة من دراسته وألحقت بهذه المدارس مساكن الطلبة ينامون فيها ويأكلون طعامهم ووضعت لهم منحة مالية شهرية، وأنشأ بجانبها مكتبة خاصة وكان يشترط في الرجل الذي يتولى أمانة هذه المكتبة أن يكون من أهل العلم والتقوى متبحراً في أسماء الكتب والمؤلفين، وكانت مناهج المدارس يتضمن نظام التخصص، فكان للعلوم النقلية والنظرية قسم خاص وللعلوم التطبيقية قسم خاص أيضاً.


          اهتمامه بالعلماء
          فقد قرب العلماء ورفع قدرهم وشجعهم على العمل والإنتاج وبذل لهم الأموال ووسع لهم في العطايا والمنح والهدايا ويكرمهم غاية الإكرام، ولما هزم أوزون حسن أمر السلطان بقتل جميع الأسرى إلا من كان من العلماء وأصحاب المعارف ليستفاد منهم. وكان من مكانة الشيخ أحمد الكوراني أنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له، ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وأنه كان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أرسل إليه، وكان يقول له: مطعمك حرام وملبسك حرام فعليك بالاحتياط.


          اهتمامه بالشعراء والأدباء
          فكان شاعراً مجيداً مهتماً بالأدب عامة والشعر خاصة، وكان يصاحب الشعراء ويصطفيهم، واستوزر الكثير منهم، وكان في بلاطه ثلاثون شاعراً يتناول كل منهم راتباً شهرياً قدره ألف درهم، وكان مع هذا ينكر على الشعراء التبذل والمجون والدعارة ويعاقب من يخرج عن الآداب بالسجن أو يطرده من بلاده.


          اهتمامه بالترجمة
          فقد كان متقناً للغة الرومية، وأمر بنقل كثير من الآثار المكتوبة باليونانية واللاتينية والعربية والفارسية إلى اللغة التركية، ونقل إلى التركية كتاب التصريف في الطب للزهراوي، وعندما وجد كتاب بطليموس في الجغرافيا وخريطة له طلب من العالم الرومي جورج اميروتزوس وابنه أن يقوما بترجمته إلى العربية وإعادة رسم الخريطة بالغتين العربية والرومية و كافأهما على هذا العمل بعطايا واسعة، وقام العلامة القوشجي بتأليف كتاب بالفارسية ونقله للعربية وأهداه للفاتح.

          كما كان مهتماً باللغة العربية فقد طلب من المدرسين بالمدارس الثماني أن يجمعوا بين الكتب الستة في تدريسهم وبين علم اللغة كالصحاح.. ودعم الفاتح حركة الترجمة والتأليف لنشر المعارف بين رعاياه بالإكثار من نشر المكاتب العامة وأنشأ له في قصره خزانة خاصة احتوت على غرائب الكتب والعلوم، وكان بها اثنا عشر ألف مجلد عندما احترقت.

          اهتمامه بالعمران والبناء والمستشفيات
          كان السلطان محمد الفاتح مغرماً ببناء المساجد والمعاهد والقصور والمستشفيات والخانات والحمامات والأسواق الكبيرة والحدائق العامة، وأدخل المياه إلى المدينة بواسطة قناطر خاصة . وشجع الوزراء وكبار رجال الدولة والأغنياء والأعيان على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين والحمامات وغيرها من المباني التي تعطى المدن بهاء ورونقاً، واهتم بالعاصمة ("اسلامبول":اى مليئة بالاسلام و قد غير مصطفى كمال اتاتورك هذا الاسم إلى "استانبول" بعد عزل السلطان و انهاء الخلافةالعثمانية في تركيا ) اهتماماً خاصاً، وكان حريصاً على أن يجعلها (أجمل عواصم العالم) وحاضرة العلوم والفنون. وكثر العمران في عهد الفاتح وانتشر ، واهتم بدور الشفاء ، ووضع لها نظاماً مثالياً في غاية الروعة والدقة والجمال، فقد كان يعهد بكل دار من هذه الدور إلى طبيب – ثم زيد إلى اثنين – من حذاق الأطباء من أي جنس كان، يعاونهما كحال وجراح وصيدلي وجماعة من الخدم والبوابين ، ويشترط في جميع المشتغلين بالمستشفي أن يكونوا من ذوي القناعة والشفقة والإنسانية، ويجب على الأطباء أن يعودوا المرضى مرتين في اليوم ، وأن لاتصرف الأدوية للمرضى إلا بعد التدقيق من إعدادها، وكان يشترط في طباخ المستشفي أن يكون عارفاً بطهي الأطعمة والأصناف التي توافق المرضى منها ، وكان العلاج والأدوية في هذه المستشفيات بالمجان ويغشاها جميع الناس بدون تمييز بين أجناسهم وأديانهم.

          الاهتمام بالتجارة والصناعة
          اهتم السلطان محمد الفاتح بالتجارة والصناعة وعمل على إنعاشهما بجميع الوسائل والعوامل والأسباب. وكان العثمانيون على دراية واسعة بالأسواق العالمية ، وبالطرق البحرية والبرية وطوروا الطرق القديمة ، وأنشأوا الكباري الجديدة مما سهل حركة التجارة في جميع أجزاء الدولة ، واضطرت الدول الأجنبية من الاستيلاء على موانيها لرعايا الدولة العثمانية ليمارسوا حرفة التجارة في ظل الراية العثمانية . وكان من أثر السياسة العامة للدولة في مجال التجارة والصناعة أن عم الرخاء وساد اليسر والرفاهية في جميع أرجاء الدولة، وأصبحت للدولة عملتها الذهبية المتميزة، ولم تهمل ا لدولة إنشاء دور الصناعة ومصانع الذخيرة والأسلحة ، وأقامت القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية في البلاد.

          الاهتمام بالتنظيمات الإدارية
          عمل السلطان محمد الفاتح على تطوير دولته ؛ ولذلك قنن قوانين حتى يستطيع أن ينظم شؤون الإدارة المحلية في دولته ، وكانت تلك القوانين مستمدة من الشرع الحكيم . وشكل السلطان محمد لجنة من خيار العلماء لتشرف على وضع (قانون نامه) المستمد من الشريعة الغراء وجعله أساساً لحكم دولته، وكان هذا القانون مكوناً من ثلاثة أبواب ، يتعلق بمناصب الموظفين وببعض التقاليد وما يجب أن يتخذ من التشريفات والاحتفالات السلطانية وهو يقرر كذلك العقوبات والغرامات ، ونص صراحة على جعل الدولة حكومة إسلامية قائمة على تفوق العنصر الإسلامي أياً كان أصله وجنسه. واهتم محمد الفاتح بوضع القوانين التي تنظم علاقة السكان من غير المسلمين بالدولة ومع جيرانهم من المسلمين ، ومع الدولة التي تحكمهم وترعاهم ، وأشاع العدل بين رعيته ، وجد في ملاحقة اللصوص وقطاع الطرق ، وأجرى عليهم أحكام الإسلام ، فاستتب الأمن وسادت الطمأنينة في ربوع الدولة العثمانية. وعندما تعلن الدولة الجهاد وتدعوا أمراء الولايات وأمراء الألوية، كان عليهم أن يلبوا الدعوة ويشتركوا في الحرب بفرسان يجهزونهم تجهيزاً تاماً ، وذلك حسب نسب مبينة، فكانوا يجهزون فارساً كامل السلاح قادراً على القتال عن كل خمسة آلاف آقجه من إيراد اقطاعه ، فإذا كان إيراد إقطاعه خمسمائة ألف آقجة مثلاً كان عليه أن يشترك بمائة فارس ، وكان جنود الإيالات مؤلفة من مشاة وفرسان ، وكان المشاة تحت قيادة وإدارة باشوات الإيالات وبكوات الألوية. وقام محمد الفاتح بحركة تطهير واسعة لكل الموظفين القدماء غير الأكفاء وجعل مكانهم الأكفاء ، واتخذ الكفاية وحدها أساساً في اختيار رجاله ومعاونيه وولاته.

          اهتمامه بالجيش والبحرية
          وقد تميز عصر السلطان محمد الفاتح بجانب قوة الجيش البشرية وتفوقه العددي ، بإنشاءات عسكرية عديدة متنوعة ، فأقام دور الصناعة العسكرية لسد احتياجات الجيش من الملابس والسروج والدروع ومصانع الذخيرة والأسلحة ، وأقام القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية ، وكانت هناك تشكيلات متنوعة في تمام الدقة وحسن التنظيم من فرسان ومشاة ومدفعية وفرق مساعدة ، تمد القوات المحاربة بما تحتاجه من وقود وغذاء وعلف للحيوان وإعداد صناديق الذخيرة حتى ميدان القتال . وكان هناك صنف من الجنود يسمى ، " لغمجية" وظيفته الحفر للألغام وحفر الأنفاق تحت الأرض أثناء محاصرة القلعة المراد الاستيلاء عليها وكذلك السقاؤون كان عليهم تزويد الجنود بالماء. ولقد تطورت الجامعة العسكرية في زمن الفاتح وأصبحت تخرج الدفعات المتتالية من المهندسين والأطباء والبيطريين وعلماء الطبيعيات والمساحات ، وكانت تمد الجيش بالفنيين المختصصين. استحق معه أن يعده المؤرخون مؤسس الأسطول البحري العثماني ، ولقد استفاد من الدول التي وصلت إلى مستوى رفيع في صناعة الأساطيل مثل الجمهوريات الإيطالية وبخاصة البندقية وجنوا أكبر الدول البحرية في ذلك الوقت.

          اهتمامه بالعدل

          سيف السلطان محمد الفاتح


          إن إقامة العدل بين الناس كان من واجبات السلاطين العثمانيين ، وكان السلطان محمد شأنه في ذلك شأن من سلف من آبائه – شديد الحرص على إجراء العدالة في أجزاء دولته، ولكي يتأكد من هذا الأمر كان يرسل بين الحين والحين إلى بعض رجال الدين من النصارى بالتجوال والتطواف في أنحاء الدولة ، ويمنحهم مرسوماً مكتوباً يبين مهمتهم وسلطتهم المطلقة في التنقيب والتحري والاستقصاء لكي يطلعوا كيف تساس أمور الدولة وكيف يجري ميزان العدل بين الناس في المحاكم ، وقد أعطى هؤلاء المبعوثون الحرية الكاملة في النقد وتسجيل ما يرون ثم يرفعون ذلك كله إلى السلطان. وقد كانت تقرير هؤلاء المبعوثين النصارى تشيد دائماً بحسن سير المحاكم وإجراء العدل بالحق والدقة بين الناس بدون محاباة أو تمييز ، وكان السلطان الفاتح عند خروجه إلى الغزوات يتوقف في بعض الأقاليم وينصب خيامه ليجلس بنفسه للمظالم ويرفع إليه من شاء من الناس شكواه ومظلمته. وقد اعتنى الفاتح بوجه خاص برجال القضاء الذين يتولون الحكم والفصل في أمور الناس ، فلا يكفي في هؤلاء أن يكونوا من المتضلعين في الفقه والشريعة والاتصاف بالنزاهة والاستقامة وحسب بل لا بد إلى جانب ذلك أن يكونوا موضع محبة وتقدير بين الناس ، وأن تتكفل الدولة بحوائجهم المادية حتى تسد طرق الإغراء والرشوة ، فوسع لهم الفاتح في عيشهم كل التوسعة ، وأحاط منصبهم بحالة مهيبة من الحرمة والجلالة والقداسة والحماية. أما القاضي المرتشي فلم يكن له عند الفاتح من جزاء غير القتل. وكان السلطان الفاتح - برغم اشتغاله بالجهاد والغزوات - إلا أنه كان يتتبع كل ما يجري في أرجاء دولته بيقظة واهتمام ، وأعانه على ذلك ما حباه الله من ذكاء قوي وبصيرة نفاذة وذاكرة حافظة وجسم قوي ، وكان كثيراً ما ينزل بالليل إلى الطرقات والدروب ليتعرف على أحوال الناس بنفسه ويستمع إلى شكاواهم بنفسه، كما ساعده على معرفة أحوال الناس جهاز أمن الدولة الذي كان يجمع المعلومات والأخبار التي لها علاقة بالسلطنة وترفع إلى السلطان الذي كان يحرص على دوام المباشرة لأحوال الرعية ، وتفقد أمورها والتماس الإحاطة بجوانب الخلل في أفرادها وجماعاتها.


          وفاته
          قاد السلطان يقود حملة لم يحدد وجهتها، لكن المؤرخون يخمنون بأنها كانت إلى إيطاليا. عرض أهل البندقية على طبيبه الخاص يعقوب باشا أن يقوم هو باغتياله، يعقوب لم يكن مسلما عند الولادة فقد ولد بإيطاليا، وقد ادعى الهداية، وأسلم. بدأ يعقوب يدس السم تدريجيا للسلطان، ولكن عندما علم بأمر الحملة زاد جرعة السم. وتوفى السلطان في العام 1481م، عن عمر 49 عاما، وبلغت مدة حكمه 31 عاما. انفضح أمر يعقوب، فأعدمه حرس السلطان. وصل خبر موت السلطان إلى البندقية بعد 16 يوما، جاء الخبر في رسالة البريد السياسي إلى سفارة البندقية في إسطنبول، احتوت الرسالة على هذه الجملة "لقد مات النسر الكبير". انتشر الخبر في البندقية ثم إلى باقي أوروبا، وراحت الكنائس في أوروبا تدق أجراسها لمدة ثلاثة أيام بأمر من البابا.

          تعليق


          • #6
            بايزيد الثاني



            بايزيد الثاني بن محمد الفاتح هو ثامن السلاطين العثمانيين، عاش بين عامي 1447 و 1512 ، وتقلد الحكم منذ عام 1481 ، عرف عنه أنه كان يؤلف الشعر، ويؤلف الموسيقى ويتقن فن الخط العربي.

            ولد بايزيد في القرن التاسع الهجري، وكان أكبر أولاد أبيه السلطان محمد الفاتح. حكم في عهد أبيه مقاطعة أماسيا. تولى السلطنة بعد أبيه بعد أن نازعه أخوه جم عليها. حصلت خلافات في عهده بين دولته والدولة المملوكية وتحاربت الدولتان حربا تم إبرام صلح بعدها.

            وصلت الغزوات في عهده لدولة البندقية التي انتصر عليها، فاستنجدت بملك فرنسا والبابا، فقامت حروب صليبية بين الطرفين. ظهرت في عهده دولة روسيا سنة 886 هـ وأرسلت له سفيرها عام 897 هـ. أجبر من قبل الإنكشارية في آخر حياته على التنازل عن الحكم لابنه سليم الأول سنة 918 هـ وهي نفس السنة التي توفي فيها..


            --------------------------------------------------------------------------

            سليم الأول



            سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح، (10 أكتوبر 1470-9 شوال 926 هـ/22 سبتمبر 1520 م)، سلطان الدولة العثمانية وخليفة المسلمين وأول من تلقب بأمير المؤمنين من خلفاء بني عثمان، يعرف لدى الغرب و البعض ب(Selim the Grim) أي سليم العابس و يلقب كذلك ب(ياوز) أي الشجاع عند الأتراك، حكم لثمانية سنوات بدءا من عام 1520 وحتى وفاته.


            حياته
            كان أبوه يريد أن يولي العهد لابنه أحمد ، وهو أكبر أولاده ، ولكن ابنه سليما اضطره ، بتأييد الجيش الإنكشاري ، أن يوليه العهد ، فخلع نفسه وولاه الخلافة وتوفي بعد عشرين يوما . وكان حوله ملكين يعاديانه وقد اتفقا عليه ، وهما السلطان إسماعيل الصفوي حاكم إيران ، وكان شيعي المذهب ، والسلطان قنصوه الغوري حاكم مصر والشام فقاتل الأول في معركة جالديران وانتصر عليه ودخل (تبريز) عاصمة ملكه واستولى على عرشه وخزائن ملكه وأسر زوجة الشاه المهزوم وذلك في 14/ رجب 920/ هـ و 4/9/1514م وقاتل الثاني في معركة (مرج دابق) شمال حلب وذلك في 25/رجب 922/هـ و (24/8/1516م) وفيها قُتِلَ قنصوه الغوري ثم زحف على مصر وقاتل الملك (طومان باي) خليفة الغوري وقتله واستولى على مصر والشام وخضع له الحجاز وعاد إلى القسطنطينية وهو يحمل لقب (أمير المؤمنين) وقد تنازل له عنه آخر الخلفاء العباسيين الذين قدموا إلى مصر بعد أن أزال هولاكو خلافة بغداد بقتل آخر خلفائها . وعاد السلطان سليم إلى القسطنطينية متوجا بنصر عظيم . وقد وضع الخطة لفتح جزيرة (رودس) ولم يمهله الموت فتوفي في يوم 9/شوال 926/هـ و (22/9/1520م) وخلفه ابنه السلطان سليمان الأول ، وإبان فترة حكم سليم الأول توسعت مساحة الدولة العثمانية من 2،4 مليون كم مربع إلى 6،5 مليون كم مربع.

            ويروي ابن إياس ان لدى خروج سليم الأول من مصر أخذ معه كميات كبيرة من الكنوز والأموال. كما يروى انه لدى إحتلاله للقاهرة نقل أمهر فنانيها وحرفييها إلى اسطنبول.


            علاقتة بفلسطين
            اصدر فرمانا يمنع اليهود من الهجرة فلسطين و لسيناء في عام 1518 م .


            شخصيته
            كان السلطان سليم شجاعا ذكيا طموحا عظيم الهيبة ذو عزيمة تفل الحديد ونفس تحب الغزو و الجهاد وكان يميل إلى القوة والعسكرية بل يعده المؤرخون أحد العبقريات العسكرية في التاريخ لدهاءه وإنجازاته العسكريةو كان سريع الغضب نادرا ما يُرى مبتسما متجهم الوجه حتى لقبه سفراء الدول الأجنبية بالعابس. و يصفه من رآه من معاصريه بأنه كان عظيم اللحية شاحب الوجه ونحيف البدن و لا يضع الحلق في أذنيه كما تخيل بعض الرسامون الغربيون لأنها محرمة على الرجال عند المسلمين.وعلى الرغم من بطشه وجبروته إلا أن السلطان سليم كان يجل العلماء والأدباء ويقدمهم في مجلسه ويحسن إليهم كذلك شجع رعاياه على العلم وطلبه، كما أنه أي السلطان كان عارفا بالفقه و الشعر و التاريخ. ويروى انه كان يكتب الشعر بالفارسية.


            يتبع

            تعليق


            • #7
              سليمان القانوني



              سليمان القانوني بن سليم (في الغرب يعرف ب سليمان العظيم ) أحد أشهر السلاطيين العثمانيين، ولد في مدينة طرابزون حين كان والده والياً عليها عاش بين عامي (900هـ-972هـ) - (1495م-1566م)، وحكم لفترة 48 عاما منذ عام 1520م،وبذلك يكون صاحب أطول فترة حكم بين السلاطيين العثمانيين. زادت مساحة الدولة العثمانية بأكثر من الضعف خلال فترة حكمه، حيث فتح شمال أفريقيا، وفي أوروبا قضى على دولة المجر وفتح بلجراد وحاصر فيينا.

              والده السلطان سليم الأول ووالدته حفصة سلطان ابنة منكولي كراني خان القرم.

              نبذة عن السلطان سليمان
              قضى السلطان سليمان القانوني ثمانية وأربعين عاما على قمة السلطة في دولة الخلافة العثمانية، وبلغت في أثنائها الدولة قمة درجات القوة والسلطان؛ حيث اتسعت أرجاؤها على نحو لم تشهده من قبل، وبسطت سلطانها على كثير من دول العالم في قاراته الثلاث، وامتدت هيبتها فشملت العالم كله، وصارت سيدة العالم يخطب ودها الدول والممالك، وارتقت فيها النظم والقوانين التي تسيّر الحياة في دقة ونظام، دون أن تخالف الشريعة الإسلامية التي حرص آل عثمان على احترامها والالتزام بها في كل أرجاء دولتهم، وارتقت فيها الفنون والآداب، وازدهرت العمارة والبناء.

              توليه مقاليد السلطة
              تولى السلطان سليمان القانوني بعد موت والده السلطان سليم الأول في 9 شوال 926هـ - 22 سبتمبر 1520م ، وبدأ في مباشرة أمور الدولة، وتوجيه سياستها. والأعمال التي أنجزها السلطان في فترة حكمه كثيرة وذات شأن في حياة الدولة.

              في الفترة الأولى من حكمه نجح في بسط هيبة الدولة والضرب على أيدي الخارجين عليها من الولاة الطامحين إلى الاستقلال، معتقدين أن صغر سن السلطان الذي كان في السادسة والعشرين من عمره فرصة سانحة لتحقيق أحلامهم، لكن فاجأتهم عزيمة السلطان القوية التي لا تلين، فقضى على تمرد "جان بردي الغزالي" في الشام، و"أحمد باشا" في مصر، و"قلندر جلبي" في منطقتي قونيه ومرعش الذي كان شيعيًا جمع حوله نحو ثلاثين ألفًا من الأتباع للثورة على الدولة


              ميادين االقتال
              تعدد ميادين القتال التي تحركت فيها الدولة العثمانية لبسط نفوذها في عهد سليمان فشملت أوروبا وآسيا وأفريقيا، فاستولى على بلجراد سنة 927هـ - 1521م، وحاصر فيينا سنة 935هـ - 1529م لكنه لم يفلح في فتحها، وأعاد الكَرّة مرة أخرى، ولم يكن نصيبها أفضل من الأولى، وضم إلى دولته أجزاء من المجر بما فيها عاصمتها بودابست، وجعلها ولاية عثمانية.

              وفي آسيا قام السلطان سليمان بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية، ابتدأت من سنة 941هـ - 1534م، وهي الحملة الأولى التي نجحت في ضم العراق إلى سيطرة الدولة العثمانية.

              وفي الحملة الثانية سنة 955هـ - 1548م أضيف إلى أملاك الدولة تبريز، وقلعتا: وان وأريوان.

              وأما الحملة الثالثة فقد كانت سنة 962هـ - 1555م وأجبرت الشاه طهماسب على الصلح وأحقية العثمانيين في كل من أريوان و تبريز وشرق الأناضول.

              وواجه العثمانيون نفوذ البرتغاليين في المحيط الهندي و الخليج العربي، فاستولى أويس باشا والي اليمن على قلعة تعز سنة 953هـ 1546م، ودخلت عُمان و الأحساء و قطر والبحر تحت نفوذ الدولة العثمانية، وأدت هذه السياسية إلى الحد من نفوذ البرتغاليين في مياه الشرق الأوسط.

              وفي إفريقيا، دخلت ليبيا والقسم الأعظم من تونس، و إريتريا، و جيبوتي و الصومال، ضمن نفوذ الدولة العثمانية.


              تطوير البحرية العثمانية
              كانت البحرية العثمانية قد نمت نموًا كبيرًا منذ أيام السلطان بايزيد الثاني، وأصبحت مسؤولة عن حماية مياه البحار التي تطل عليها الدولة، وفي عهد سليمان ازدادت قوة البحرية على نحو لم تشهده من قبل بانضمام "خير الدين برباروسا"، وكان يقود أسطولاً قويًا يهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب "قبودان".

              وقد قام خير الدين -بفضل المساعدات التي كان يتلقاها من السلطان سليمان القانوني- بضرب السواحل الإسبانية، وإنقاذ آلاف من المسلمين في إسبانيا، فقام في سنة 935هـ - 1529م بسبع رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل سبعين ألف مسلم من قبضة الحكومة الإسبانية.

              وقد وكل السلطان إلى خير الدين قيادة الحملات البحرية في غرب البحر المتوسط، وحاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله، لكنها تخفق في كل مرة وتتكبد خسائر فادحة، ولعل أقسى هزائمها كانت معركة بروزة سنة 945هـ - 1538م.

              وقد انضم أسطول خير الدين إلى الأسطول الفرنسي في حربه مع الهابسيورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس 950هـ - 1543م.

              واتسع نطاق عمل الأسطول العثماني فشمل البحر الأحمر، حيث استولى العثمانيون على سواكن ومصوع، وأخرج البرتغاليين من مياه البحر الأحمر، واستولى العثمانيون على سواحل الحبشة؛ مما أدى إلى انتعاش حركة التجارة بين آسيا والغرب عن طريق البلاد الإسلامية.

              التطور الحضاري
              كان السلطان سليمان القانوني شاعرًا له ذوق فني رفيع، وخطاطًا يجيد الكتابة، وملمًا بعدد من اللغات الشرقية من بينها العربية، وكان له بصر بالأحجار الكريمة، مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق بسخاء على المنشآت الكبرى فشيد المعاقل والحصون في رودس وبلجراد وبودا، وأنشأ المساجد والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة، وبخاصة في دمشق و مكة وبغداد ، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة.

              المنمنمات العثمانية
              وظهر في عصره أشهر المهندسين المعماريين في التاريخ الإسلامي وهو سنان، الذي اشترك في الحملات العثمانية، واطلع على كثير من الطرز المعمارية حتى استقام له أسلوب خاص، ويعد جامع السليمانية في إسطنبول الذي بناه للسلطان سليمان في سنة 964هـ - 1557م من أشهر الأعمال المعمارية في التاريخ الإسلامي.

              وفي عهده وصل فن المنمنمات العثمانية إلى أوجه. وقد قدّم "عارفي" وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التي جرت في عصر سليمان القانوني في منمنمات زاهية، ولمع في هذا العصر عدد من الخطاطين العظام يأتي في مقدمتهم: حسن أفندي جلبي القره حصاري الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه أحمد بن قره حصاري، وله مصحف بخطه، يعد من روائع الخط العربي والفن الرفيع، وهو محفوظ بمتحف "طوبي قابي".

              وظهر في عهد السلطان سليمان عدد من العلماء، في مقدمتهم: أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف باسم "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".


              القانون والإدارة
              غير أن الذي اشتهر به واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة.. هذه القوانين وضعها مع شيخ الإسلام أبو السعود أفندي، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، وحرص على أن تتفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وقد ظلت هذه القوانين التي عرفت باسم "قانون نامه سلطان سليمان" أي دستور السلطان سليمان تطبق حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري - التاسع عشر الميلادي.

              ولم يطلق الشعب على السلطان سليمان لقب القانوني لوضعه القوانين، وإنما لتطبيقه هذه القوانين بعدالة، ولهذا يعد العثمانيون الألقاب التي أطلقها الأوروبيون على سليمان في عصره مثل: الكبير، والعظيم قليلة الأهمية والأثر إذا ما قورنت بلقب "القانوني" الذي يمثّل العدالة.

              ولم يكن عهد القانوني العهد الذي بلغت فيه الدولة أقصى حدود لها من الاتساع، وإنما هو العهد الذي تمت فيه إدارة أعظم دولة بأرقى نظام إداري.

              أعماله

              قطعة نقدية تعود لعهد سليمان القانوني


              قام سليمان القانوني بالعديد من أعمال التشييد، ففي عصره بني جامع السليمانية الذي بناه المعماري سنان، كما قام بحملة معمارية في القدس من ضمنها ترميم سور القدس الحالي. كما عرف بسنه لقوانين لتنظيم شؤون الدولة عرفت باسم "قانون نامه سلطان سليمان" أي دستور السلطان سليمان ، وظلت هذه القوانين تطبق حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وكان ذلك مصدر تلقيبه بالقانوني. ولقد سماه الفرنجه بسليمان العظيم. ويعرف أيضا بلقب سليمان المشرع.

              وفاته
              مات سليمان القانوني أثناء حصار مدينة سيكتوار في 5 سبتمبر 1566.




              سليم الثاني

              سليم الثاني بن سليمان القانوني (930 هـ/1524 م-982 هـ/1574 م) هو الخليفة العثماني الحادي عشر وكان شاعرا. أمه هي روكسلان الروسية. وتولى الحكم بعد أبيه عام 974 هـ/1566. قامت أمه وهو معها بتحريض أبيه على قتل ابنيه الآخرين من زوجة أخرى لينفرد بالحكم.

              كان ضعيفا أعطى العديد من سلطاته لوزرائه، وعندما امتنع عن إعطاء العطايا للجنود أظهروا العصيان، فاضطر إلى العطاء ويرى البعض أنه لولا هيبة الدولة في السابق وقوة وزيره محمد الصقلي لسقطت الدولة. عقد صلحا مع النمسا يعترف فيه بأملاكها في المجر مقابل دفع جزية سنوية للسلطنة. وجدد المعاهدات مع بولونيا وفرنسا. بدأت فرنسا في عهده ترسل إرساليات نصرانية كاثوليكية إلى رعاياها في الدولة العثمانية وبذلك بدأ العمل ضد العثمانيين من الداخل وتربية النصارى على الارتباط بفرنسا.

              قامت ثورة في اليمن بإمرة المطهر بن شرف الدين فأرسل جيشا كبيرا بقيادة عثمان باشا ودعمه سنان باشا والي مصر فقضى على الثورة عام 976 هـ. تم في عهده فتح قبرص. عقد البابا حلفا مع إسبانيا والبندقية ضد العثمانيين وأيدهم رهبان جزيرة مالطة وانتصروا على العثمانيين في موقعة بحرية ولكن النصارى اختلفوا فعرضت البندقية الصلح وتم الصلح عام (980هـ). احتلت إسبانيا تونس عام (980هـ) ثم استعادها العثمانيون بعد ثمانية أشهر. وقضى على تمرد في إمارة البغدان عام (981هـ). وتوفى في 27 شعبان عام (982هـ) بعد حكم ثمانية أعوام.



              مراد الثالث

              مراد بن السلطان سليم بن سليمان القانوني هو أحد خلفاء الدولة العثمانية. ولد عام 953 هـ وتولى الخلافة عام 982 هـ بعد وفاة أبيه، وبعد أن تولى السلطة أمر بمنع شرب الخمر، ولكن ثورة الإنكشارية أجبرته على ترك هذا القرار.

              أدخل بولونيا تحت حماية الدولة العثمانية عام 983 هـ، وجدد للدول الأوربية (فرنسا والبندقية) امتيازاته. حدثت ثورة في مراكش في عهده، استعان فيها زعماء الثورة بالبرتغاليين النصارى بينما طلب سلطان مراكش المساعدة من الخليفة العثمانى فأرسل قوة انتصرت على البرتغاليين والثوار وأعيد السلطان الشرعي إلى حكمه.

              استغل العثمانيون وفاة طهماسب شاه الدولة الصفوية عام 984 هـ ومقتل ابنه فوجهوا جيشا لاحتلال الكرج ودخلوا عاصمتها تفليس عام 985 هـ ثم أكملوا المسير نحو شروان في أذربيجان الشمالية فدخلوها عام 986 هـ. طلب العثمانيون من خان القرم أن يساعدهم في محاربتهم للصفويين، إلا أنه رفض، فوجهوا جيوشهم لتأديبه إلا أن تلكم الجيوش أنهكت وتمت محاصرتها. قام عثمان باشا قائد الجيش العثماني بوعد أخو الخان بالحكم إن هو ساعدهم فقام بقتل أخيه الخان بالسم، فدخل عثمان باشا كافا عاصمة الخان. عين عثمان باشا لدى عودته لإستانبول صدرا أعظما .

              قطعة نقدية تعود لعهد مراد الثالث


              انهزم الصفويون في معارك عدة أجبرتهم على التنازل عن عدة ولايات من دولتهم للعثمانيين. حدثت ثورة قام بها أفراد من أمراء الأفلاق والبغدان وترانسلفانيا وانضموا إلى النمسا فسار إليهم سنان باشا الصدر الأعظم ودخل بوخارست عاصمة الأفلاق ولكن أمير الأفلاق استطاع أن ينتصر في النهاية وانسحب العثمانيون إلى ما بعد نهر الدانوب وخسروا عدة مدن. توفي الخليفة مراد الثالث عام 1003 هـ.



              محمد الثالث العثماني



              محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني هو الخليفة العثماني الثالث عشر، عاش بين عامي 974 هـ/1566 و1012 هـ/1603 م، وأمسك زمام الحكم عام 1595، كان شاعرا. هو ابن جارية بندقية الأصل، اشتراها السلطان مراد واصطفاها لنفسه وكانت ذات أثر كبير في السياسة.

              قاد الجيش بنفسه وانتصر على المجر والنمسا في موقعة كرزت عام 1005 هـ. قام تمرد في أيامه في الأناضول أثاره جنود هاربون من معركة كرزت كانت الدولة قد نفتهم إلى الأناضول، فحاصرتهم الجيوش العثمانية، فاستسلم قائدهم مقابل أن يصبح واليا على أماسيا فوافق الخليفة إلا أنه عاد وقام بثورة جديدة فقتل رئيس المتمردين وتولى أخوه من بعده قيادة الثورة، فأعطي ولاية البوسنة.

              قامت ثورة أخرى هي ثورة الخيالة (السباه) في إستانبول فاستعانت الدولة بالإنكشارية لتقضي على الثورة وقضت عليها بالفعل بعد أن أفسدوا ونهبوا المساجد وغيرها مما وصلت أيديهم إليها. توفي عام 1012 هـ.



              أحمد الأول

              أحمد الأول بن محمد بن مراد (998 هـ/1590 م-1062 هـ/1617 م) السلطان العثماني الرابع عشر، كان شاعرا وله ديوان مطبوع، وصل إلى الحكم عام ( 1603 م). كان عهده عهد حروب وتمردات وثورات ضد دولته.

              تولى الحكم وهو ابن 14 عاما. قامت في فترة حكمه حركات تمرد ضد الدولة العثمانية مثل حركة جان بولاد الكردي الذي هزم واضطر إلى الفرار إلى إيطاليا. قام الشاه عباس ملك الصفويين باحتلال عدة مدن تتبع الدولة العثمانية فاضطر أحمد الأول إلى إجراء صلح بين العثمانيين والصفويين، يفقد فيه العثمانيون كل ماضمه سليمان القانوني من أراض في تلك الجهات. أيضا عقدت الدولة العثمانية صلحا في عهده مع النمسا تخلصت فيه النمسا من الجزية السنوية التى كانت تدفعها للدولة العثمانية.

              جرت في عهده حروب بحرية بين السفن العثمانية وسفن الدول الأوربية وكانت في الأغلب تنتهى لصالح أوروبا. جدد امتيازات الدول الأوربية مثل فرنسا وإنجلترا وهولندا.




              مصطفى الأول



              هو مصطفى بن محمد بن مراد بن سليم بن سليمان بن سليم بن بايزيد بن محمد الفاتح حكم سنة 1617 وفي سنة 1618 عزله ابن اخيه عثمان الثاني ثم رجع إلى الحكم مره اخرى بعد ان قتل الانكشتريه عثمان الثاني في سنة 1622 فحكم سنه واحده ثم عزله ابن اخيه مراد الرابع بن احمد الأول في سنة 1623




              تعليق


              • #8
                مراد الرابع



                مراد الرابع بن أحمد بن محمد بن مراد بن سليم بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد بن محمد الفاتح هو الخليفة العثماني الثامن عشر، عاش بين عامي 1018 هـ/1612 و1640 م. حكم 17 عاما منذ عام 1032 هـ/1623 م وكان عمره آنذاك 11 عاما ميلاديا. ضمت بغداد للدولة العثمانية في عهده عام 1639 م. كان مولعا بالشعر كما كان موسيقيا مميزا.

                تولى أمر الخلافة بعد عزل عمه مصطفى الأول عام 1032 هـ. وتولى الخلافة وهو صغير فسيطر عليه الإنكشارية في بداية الأمر. حدث تمرد في بغداد فأرسل الخليفة جيشا إليها ولكن الصفويين دخلوا بغداد واستولوا عليها، وبعد وفاة الشاه عباس وتولى ابنه الصغير مكانه استغل العثمانيون الفرصة وحاصروا بغداد ولكنهم لم يتمكنوا من اقتحامها.


                جلوسه على السلطه
                تولى السلطان مراد الرابع عرش الدولة العثمانية، والأخطار تحدق بها من الداخل والخارج؛ فقد بويع بالسلطنة بعد عزل عمه السلطان مصطفى الأول في (15 من ذي القعدة 1032هـ= 11 من سبتمبر 1623م)، وكانت فرق الإنكشارية تعبث بمصالح البلاد العليا، وتعيث في الأرض فسادًا، حتى إنهم قتلوا السلطان "عثمان الثاني" (1027 ـ 1031 هـ= 1618 - 1622م) وكان سلطانًا -على الرغم من صغر سنه- يحاول أن ينهض بالدولة، ويبث فيها روح الإصلاح، ويبعث الحياة في مؤسسات الدولة التي شاخت وهرمت، لكن الإنكشارية لم تمكنه من ذلك، واعترضت طريقه، وتدخلت فيما لا يعنيها، ولم يجد السلطان مفرًا من تقليص نفوذهم، وقمع تمردهم، ولو كان ذلك بتصفية وجودهم العسكري، لكنهم كانوا أسبق منه، فأشعلوا ثورة في عاصمة الخلافة في (رجب 1031هـ= مايو 1622م) عرفت في التاريخ بـ"الهائلة العثمانية" راح ضحيتها السلطان الشاب الذي لم يجاوز عمره الثامنة عشرة.

                وبعد مقتل السلطان ولّوا السلطان مصطفى الأول وكان لا يملك من أمره شيئا، وصارت مقاليد البلاد في يد الإنكشارية، وعمّت أرجاء الدولة الفوضى والاضطرابات، وظلت ثمانية عشر شهرًا دون أن تجد يدًا حازمة تعيد للدولة أمنها وسلامتها.

                واستمرارًا لهذا العبث قام الإنكشارية بعزل السلطان مصطفى الأول وولوا مكانه ابن أخيه السلطان "مراد الرابع بن أحمد الأول"، وكان حدثًا لا يتجاوز الثانية عشرة، فصارت أمه "كوسم مهبيكر" نائبة السلطنة، تقوم بالأمر دونه، لكن مقاليد الأمور كانت بيد الإنكشارية التي علا شأنها وازداد نفوذها، واطمأنت إلى أن السلطنة في يد ضعيفة.



                ولاية السلطان
                عانت الدولة العثمانية في الفترة الأولى من ولاية مراد الرابع عدم الاستقرار واستمرار الاضطرابات والفوضى الداخلية التي تجاوزت عاصمة الخلافة إلى أطرافها؛ حيث أشهر والي طرابلس الشام استقلاله، وطرد الإنكشارية من ولايته، وفعل الشيء نفسه "أباظة باشا" والي "أرضروم"، واستولى على أنقرة وصادر إقطاعيات الإنكشارية.

                وانتهزت الدولة الصفوية هذه الفوضى التي عمّت الدولة العثمانية فاستولت على بغداد، وحاولت الدولة أن تستردها، فبعثت جيشًا يقوده الصدر الأعظم "حافظ باشا" فحاصر المدينة في (1033 هـ= 1624م) وضيق عليها الخناق، ولكن دون جدوى فتذمّر الإنكشارية، وأجبروا الصدر الأعظم على رفع الحصار والعودة إلى الموصل، ومنها إلى ديار بكر، وهناك ثارت عليه الإنكشارية، فعزله السلطان حتى تهدأ الأوضاع، وعين مكانه "خليل باشا" الذي سبق أن تولى هذا المنصب قبل ذلك، لكنه لم يستمر طويلا، وخلفه "خسرو باشا" في سنة (1035هـ= 1627م).

                وبعد تولّيه الصدارة اتجه إلى أرضروم، ونجح في إجبار أباظة باشا على التسليم، والدخول في طاعة الدولة، وذلك في سنة (1037هـ= 1629م) لكنه لم يفلح في استرداد بغداد، واضطر إلى رفع الحصار عنها في سنة (1039هـ= 1631م) وفي طريق العودة عزله السلطان مراد الرابع وأعاد حافظ باشا إلى منصب الصدارة مرة أخرى.


                ثورة الأنكشاريه
                كان خسرو باشا ظلومًا باطشًا، يستند في سلطانه على جماعة الإنكشارية في إستنبول التي يوجهها كما يشاء، فلما عزله السلطان أراد أن يكيد له، فأوعز إلى رؤساء الإنكشارية أن السلطان لم يعزله إلا لوقوفه إلى جانبهم وتعاطفه معهم، فثارت الإنكشارية في العاصمة، وطالبت السلطان بإعادة خسرو باشا إلى منصبه، لكن السلطان رفض مطلبهم، فاشتعلت ثورتهم في (19 رجب 1041هـ= 10 من فبراير 1632)، وقتلوا حافظ باشا أمام السلطان الذي لم يستطع أن يبسط حمايته عليه، ويدفع عنه أذاهم.

                كان السلطان يعلم أن خسرو باشا وراء هذه الثورة؛ فأمر بالقبض عليه، لكنه لم يذعن للأمر ورفض التسليم، وكانت هذه أول مرة في التاريخ العثماني يعترض وزير على أمر سلطاني، لكن القوات المكلّفة بالقبض عليه حاصرته في قصره، وقتلته في (19 من شعبان 1041 هـ= 11 من مارس 1632م) وفي اليوم الثاني أشعل الإنكشاريون ثورة هائلة أمام باب سراي السلطان؛ في محاولة لإرهاب السلطان وإفزاعه، لكنه واجه التمرد بالحزم، ورفض مطالبهم، واجتمع بالديوان والعلماء وأعلن أن الفوضى تغلغلت في كيان الدولة، وأن الجيش أصبح لا يحارب، وصار الجندي لا يؤدي واجبه لتدخله في سياسة الدولة، وهدد بأنه لن يتردد في البطش بمن لا يطيعه مهما كان ذلك الشخص.


                استتباب الأمن في البلاد
                انتهت فترة نيابة السلطانة "كوسم" التي دامت نحو تسع سنوات، وأصبح مراد الرابع طليق اليد في إدارة شئون الدولة، بعد أن ضرب بيد من حديد على الثائرين، وقتل كل من ثبت أن له علاقة بالفتنة، فسكنت الثورة واستقرت الأوضاع، وبدأ السلطان في اتخاذ الإجراءات التي تعيد النظام إلى الدولة؛ حتى يفرغ لاستعادة ما فقدته الدولة من أراضيها.

                خرج السلطان بنفسه على رأس حملة كبيرة إلى بلاد فارس في سنة (1045 هـ= 1635م) وكان النظامُ يسود فرق الجيوش البالغة نحو 200 ألف جندي، فأعاد الانضباط، وما كانت عليه الجيوش العثمانية في أيام سليمان القانوني من ضبط ونظام. واستهل الجيش انتصاراته بفتح مدينة "أريوان" في الشمال الغربي من إيران في (25 من صفر 1045 هـ= 10 من أغسطس 1635م) ثم قصد مدينة "تبريز" ففتحها في (28 من ربيع الأول 1045هـ= 10 من سبتمبر 1635م)، ولم يواصل الجيش فتوحاته في إيران؛ إذ عاد السلطان إلى بلاده طلبًا للراحة.

                وما كاد السلطان يستقر في إستنبول حتى عاود الصفويون القتال، فاستردوا "أريوان" بقيادة الشاه "صافي" بعد حصار لها دام ثلاثة أشهر، واستعادوا مدينة "تبريز" مع أجزاء كبيرة من أذربيجان.

                استنفرت هذه الأخبار حماس السلطان الشاب، فخرج في جيش كبير أحسن إعداده، واتجه إلى بغداد، وشرع في حصارها في (8 من رجب 1048 هـ= 15 من نوفمبر 1638م) وكان في المدينة المحاصرة حامية كبيرة تبلغ 40000 جندي، ولم يستطع الشاه الإيراني الاقتراب من الجيش العثماني، واعتمد على قوة جيشه المرابط في المدينة، وأبراج قلعتها الحصينة، لكن ذلك لم يغن عنها شيئا، فسقطت المدينة بعد حصار دام تسعة وثلاثين يومًا، في (18 من شعبان 1048 هـ= 25 من ديسمبر 1638م)، وعادت المدينة إلى الدولة العثمانية بعد أن بقيت في يدي الصفويين خمسة عشر عامًا.

                بعد ذلك رغب الشاه الصفوي في الصلح، وعرض على الدولة أن يترك لها مدينة بغداد مقابل أن تترك له مدينة "أريوان"، ودارت المفاوضات بينهما نحو عشرة أشهر، انتهت بعقد الصلح بينهما في (21 من جمادى الأولى 1049هـ= 19 من سبتمبر 1639م).


                وفاة السلطان مراد الرابع
                وبعد ثمانية أشهر من عودة السلطان مراد الرابع من حملته المظفرة توفي في (16 من شوال 1049 هـ= 8 من فبراير 1640م) وكانت سنه قد تجاوزت السابعة والعشرين بستة أشهر، ولم يترك ولدًا.

                ويُعدّ السلطان مراد الرابع من كبار سلاطين الدولة العثمانية، نجح في إعادة النظام إلى الدولة، وأعاد الانضباط إلى الجيش، وأنعش خزانة الدولة التي أُنهكت نتيجة القلاقل والاضطرابات، ومدّ في عمر الدولة نحو نصف قرن من الزمان وهي مرهوبة الجانب، قبل أن تتناوشها أوروبا بحروبها المتصلة.

                يؤخذ عليه أنه في سبيل ذلك استعان بوسائل استبدادية، حتى قيل إنه قتل عشرين ألفا في سبيل تأمين النظام في الدولة


                نبذه اخيره عن سياسته
                عانت الدولة في الفترة الأولى من ولايته من عدم الاستقرار، واستمرار الفوضى والمنازعات داخل الدولة وخارجها، وكانت الأمور كلها في يد السلطانه "كوسم مهبيكر" وظل الأمر على هذا النحو من الفتن والقلاقل وثورات الإنكشارية حتى انتهت فترة نيابة السلطانه كوسم التي دامت نحو تسع سنوات، وأصبح مراد الرابع طليق اليد في إدارة شئون الدولة؛ فنجح في إعادة الأمن إلى الدولة التي كادت تمزقها الفتن والخلافات، وضرب بيد من حديد على الخارجين عليه والثائرين، وأنعش خزانة الدولة التي أرهقت في فترة الاضطرابات، ومد في عمر الدولة نصف قرن من الزمان قبل أن تتناوشها أوروبا في حروب متصلة، واستعان في تحقيق ذلك بكل وسائل البطش والقهر مدة ثماني سنوات، حتى ليقال: إنه قتل عشرين ألفاً في سبيل تأمين النظام في الدولة. وكاد بطشه واستبداده وميله إلى سفك الدماء يقضي على ذرية آل عثمان من الرجال، وكنت هناك عادة سيئة يقوم بها سلاطين آل عثمان منذ عهد السلطان بايزيد الأول، حيث يقدم كل سلطان جديد على قتل إخوته الذكور بعد توليه السلطة، وكان هذا السلطان قد استصدر فتوى تجيز هذا القتل على أسباب المنافسة على الحكم.

                وكان عثمان الثاني بن السلطان أحمد قد قتل أحمد وولي عهده محمد وكان في السادسة عشرة من عمره، فلما ولي السلطان مراد الرابع الحكم استمر في تطبيق هذه العادة المخزية؛ فقتل أخاه وولي عهده بايزيد، وكان في الثالثة والعشرين من عمره، وقتل أخاه سليمان، ودُفن الشقيقان في مقبرة أبيهما السلطان أحمد، ثم لم يلبث مراد الرابع أن أمر بقتل أخيه الثالث "قاسم"، ولم يبق من إخوته الذكور سوى إبراهيم الذي أصبح ولياً للعهد بعد قتل أخيه القاسم.

                وشاءت الأقدار أنه كلما ولد ابن للسلطان مراد الرابع توفي بعد فترة، ولم يعش له أي أمير من أولاده حتى يجعله وليًّا، وبلغت الحماقة بمراد الرابع أنه عزم على قتل أخيه إبراهيم، لكن والدته السلطانة كوسم منعته حتى لا تنقرض سلسلة سلاطين آل عثمان، وهكذا نجا إبراهيم من القتل، وأصبح الوحيد من آل عثمان الذي بقي على قيد الحياة، ولو قدر له أن يموت لانقطع النسل من جهة الرجال.






                ابراهيم الأول



                إبراهيم الأول (1615 م - 1648م)، الخليفة العثماني التاسع عشر.

                جلس السلطان على العرش بعد وفاة أخيه مراد الرابع في (16 من شوال 1049 هـ – 1640 )، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وقضى فترة إمارته في عهد أخويه المخيفين عثمان الثاني ومراد الرابع بعيداً عن أي مهام، وشاهد مقتل إخوته الأربعة الكبار، وبقي ينتظر مثل مصيرهم، وهذا جعله عصبياً ومضطرباً لا يستقر على شيء، كما أنه لم يكمل تحصيله العلمي، ولم تتوافر له المهارة العسكرية بسبب العزلة التي فرضت عليه، وفي بداية حكمه حاول أن يكون مثل أخيه السلطان مراد الرابع، ولكن لم تكن له صفاته؛ فاضطربت أمور الدولة، وتوالى عزل الصدور العظام أو قتلهم، ولأن الدولة كانت قد استعادت هيبتها في عهد سلفه مراد الرابع فإن قصور إمكانات السلطان وضعف سياسته لم تؤثر تأثيراً قوياً في جسد الدولة الكبير

                السياسة الداخلية
                في سبيل حصول السلطان إبراهيم على ولي عهدٍ له ينقذ أسرة بني عثمان من الانقراض قضى معظم وقته مع الجواري الحسناوات، وكانت والدته السلطانة "كوسم" تدفعه في هذا الطريق؛ حتى يمكنها التدخل في شئون الدولة، وليس أدل على انصرافه إلى حياة اللهو والمتعة من إنجابه أكثر من 100 ابن له، وصار مثل السلطان مراد الثالث الذي أشتهر بإنغماسه في اللهو، وشغفه بالنساء إلى حد السَّفَه.

                وكان من شأن الحياة المترفة اللاهية التي انغمس فيها السلطان أن تدخلت سيدات الحريم السلطاني في شئون الدولة، وتغلغل نفوذهن في أجهزة الحكومة، وبلغ تأثيرهن إلى الحد الذي جعل السلطان إبراهيم يقتل الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا، ولم تشفع له بسالته في محاربة الدولة الصفوية، ثم يقتل يوسف باشا قائد الحملة البحرية على جزيرة كريت.

                وفقدت الدولة بهذا التصرف الرجال الأكْفَاء الذين تقوم على أكتافهم إدارة أمورها، وحل محلهم من لا قدرة لهم ولا شأن، وزاد الأمور سوءًا وفاة شيخ الإسلام "يحيى أفندي"؛ ففقدت الدولة عنصرًا مهمًّا من عناصر التوازن الكبيرة، وأصبح السلطان ذو الخبرة القليلة فريسة حاشية ضعيفة دفعته إلى حياة اللهو.

                وبلغت السفاهة بالسلطان أنه اعتزم مرتين قتل جميع المسيحيين في إستانبول، لولا أن وقف في وجهه "أسعد زاده" أبو "سعيد أفندي" شيخ الإسلام، وحذره من الإقدام على مثل هذا العمل.


                فتح جزيرة كريت
                رغم الحالة السيئة التي كانت عليها أجهزة الحكومة، وتغلغل نفوذ نساء القصر؛ فإن الدولة ظلت قوية لم تتأثر كثيرًا بتخبط السلطان وكبار رجاله، وقام السلطان في وقت تيقظه وانتباهه لتبعات منصبه بغزو جزيرة كريت، وكان استقلالها عن نفوذ الدولة أمرًا يدعو للدهشة؛ فدولة كبرى مثل الدولة العثمانية التي لها أسطول دائم في المحيط الأطلسي تترك جزيرة كريت التي تقع في متناول يدها خاضعةً لجمهورية البندقية.

                وحدث أن وقعت سفينة عثمانية تحمل رجالاً ونساء وأطفالاً في أيدي فرسان القديس يوحنا وكان مقرهم جزيرة مالطة، وكانت السفينة في طريقها إلى الحجاز، وقام هؤلاء القراصنة بقتل الرجال وسبي النساء، وتنصير الأطفال؛ ليكونوا في زعمهم جنودًا من جنود المسيح () يحاربون ويقتلون المسلمين في أعالي البحار.

                ونتيجة لهذا قررت الدولة الاستيلاء على جزيرة كريت، ودأب السلطان إبراهيم على زيارة الترسانة البحرية، والإشراف على الاستعدادات، وأعطى القيادة العليا لمشير البحر الوزير يوسف باشا، وتحركت الحملة في (5 من ربيع الأول 1055هـ = 30 إبريل 1645م)، وكانت تضم 106 سفن و300 ناقلة جنود، وما يزيد على 70 ألف جندي، وفي الطريق توقفت في نافارين، ثم وصلت الحملة إلى كريت، وضربت حصارًا حول قلعة "كانية"، واستسلمت القلعة على الرغم من تحصينها وقوة دفاعاتها، غير أن الحملة لم تتمكن من السيطرة على الجزيرة كلها، وتركت قوة تعدادها 12000 جندي للمحافظة على كانية وحمايتها، ومواصلة فتح الأجزاء المتبقية في الجزيرة، وفي السنة التالية فرض العثمانيون حصارًا حول "كنديا" عاصمة الجزيرة، لكن حال دون فتحها تمرد الجنود الإنكشارية.


                تمرد الأنكشاريه وخلع السلطان إبراهيم وقتله
                ازدادت أحوال الدولة سوءاً، واضطربت ماليتها، ونزع الإنكشارية إلى التكتل والتدخل في شئون الدولة، وحاول السلطان إبراهيم أن يقمع الفتنة، ويتخلص من زعماء الإنكشارية بعد أن علا صوتهم، وازداد تدخلهم في شئون الدولة، وتركوا مهمتهم الأصلية في الدفاع عن الدولة ومهاجمة أعدائها إلى التذمر وانتقاض أعمال السلطان، والقيام بالسلب والنهب.

                وعندما علم زعماء الإنكشارية بعزم السلطان، تحركوا سريعًا وأعلنوا ثورتهم، وعاونهم فيها شيخ الإسلام "عبد الرحيم أفندي" وبعض العلماء، وكانت السلطانة الوالدة "كوسم مهبيكر" تقف وراء الثورة، واتفق الجميع على عزل السلطان وتولية ابنه "محمد الرابع"، ولم يكن قد أتم السابعة من عمره، ووقعت هذه الثورة في (18 من رجب 1058هـ = 8 أغسطس 1648م)، وتحقق لها خلع سلطان غير قدير إلى حد كبير، ولا يصلح لتولي مسئولية دولة عظيمة كالدولة العثمانية، غير أن وجوده كان سيمنع –على الأقل- كثيرًا من التصرفات السيئة إذا ما قورن بالنتائج السيئة التي ستترتب على جلوس طفل صغير على عرش دولة كبيرة.

                وبعد عشرة أيام من عزله قرر العصاة -الذين قاموا بهذه الفتنة- قتله حين تنادى بعض رجال الدولة بضرورة عودته، لكن ذلك لم يكن في صالحهم، وكان عمر السلطان حين قتل خنقًا قد بلغ الثالثة والثلاثين، ودُفن في قبره الموجود في رواق جامع "آيا صوفيا" إلى جانب عمه "مصطفى الأول".





                محمد الرابع



                في الأيام الأخيرة من حكم السلطان العثماني إبراهيم خان الأول ساءت أحوال الدولة وازدادت الأمور سوءًا، واضطربت مالية البلاد، ونزع الجنود الإنكشارية إلى التدخل في شئون الحكم وعمت الفوضى والقلاقل، وحاول السلطان أن يعيد الأمور إلى نصابها ويقمع حالة الفوضى التي اجتاحت العاصمة إستانبول، ويقضي على رؤوس الفتنة من الإنكشاريين الذين تخلوا عن وظيفتهم في الدفاع عن البلاد، وتفرَّغوا لمناهضة السلطان، لكن السلطان لم ينجح في عزمه، وكان الإنكشاريون أسرع منه، فاشتدت ثورتهم التي اندلعت في (18 من رجب 1058هـ = 8 من أغسطس 1648م)، ولم تنته ثورتهم إلا بخلع السلطان وتولية ابنه محمد بدلاً منه في منصب الخلافة.

                تولية السلطان محمد الرابع ( فترة النيابه )
                كان السلطان محمد الرابع حين جلس على عرش الدولة في السابعة من عمره، فقد ولد في (29 من رمضان 1051هـ = 1 يناير 1642م)، ولما كان صغيرًا فقد تولت جدته "كوسم مهبيكر" نيابة السلطنة، وأصبحت مقاليد الأمور في يديها، واستمرت فترة نيابتها ثلاث سنوات، ساءت فيها أحوال الدولة وازدادت سوءًا على سوء، واستبد الإنكشارية بالحكم، وسيطروا على شئون الدولة، وتدخلوا في تصريف أمورها، ولم يعد لمؤسسات الدولة معهم حول ولا قوة، وقد أطلق المؤرخون على هذه الفترة "سلطنة الأغوات".

                وبعد وفاة السلطانة الجدة في سنة (1062هـ = 1651م) لم يكن محمد الرابع قد بلغ السن التي تمكنه من مباشرة سلطاته وتولي زمام الأمور، فتولت أمه السلطانة "خديجة تاريخان" نيابة السلطنة، وكانت شابة في الرابعة والعشرين، اتصفت على صغرها برجاحة العقل واتزان الرأي، ذات رأي وتدبير، تحرص على مصالح الدولة العليا التي أصبحت تعصف بها أهواء الإنكشارية، ولذا شغلت نفسها بالبحث عن الرجال الأكفاء الذين يأخذون بيد الدولة، ويعيدون إليها هيبتها، وكانت تأمل في أن تجد صدرًا أعظم قديرًا يعتمد عليه السلطان في جلائل الأعمال، حيث توالى على هذا المنصب كثير من رجال الدولة الذين عجزوا عن الخروج بدولتهم من محنتها الأليمة.

                ووجدت السلطانة الشابة ضالتها المنشودة بعد خمس سنوات من البحث الدءوب في محمد باشا كوبريللي، وهو من أصل ألباني، قوى الشكيمة، ورجل دولة من الطراز الأول، فاشترط لنفسه قبل أن يتولى هذا المنصب الرفيع أن يكون مطلق اليد في مباشرة سلطاته وألا تُغلّ يده، فقبلت السلطانة هذا الشرط؛ حرصًا على مصالح الدولة، ورغبة في أن يعود النظام والهدوء إلى مؤسسات الدولة وبليبيا الخاضعة للحكم العثماني كانت تعم الفوضي بعهد الداي عثمان الساقزلي الي ان نجح امر حامية طرابلس احمد القرمانالي وهو ذو اصول لعائلة قادمة من قرمان بالانقلاب والاستيلاءعلي طرابلس الغرب ليؤسس حكم الاسرة القرمانلية اما خارج اسوار مدينة طرابلس فكانت السيطرة فيها لرجال البادية وكان الحاكم الشهير عبد الرحمن الجبالي سيد روحة بن عبداللة بن عبد الهادي بن عوكل بن عبيد بن محارب بن عقار الشريف اولاد سالم ولة معارك شهيرة مع بن جميل حاكم فزان وسيف النصر الاول والمرامير وكانت تخضع لة العربان بالبادية من ساحل الاحامد الي الجبل الاخضر ومقرة قصر الجبالي بسرت ومدحة العياشي في رحلة العطش( ماء الموائد1056 \1064) هجريةبأن قال قهر الاعراب وتوود الية الاتراك وعم الامان لطرق القوافل الي دول جنوب الصحراء والسودان وكان سببا لحقد الجميع علية.


                محمد الرابع يباشر سلطاته (فترة آل كوبريللي)
                باشر كوبريللي عمله في (26 من ذي القعدة 1066هـ = 15 سبتمبر 1656م)، وأعلن أن السلطان محمد قد بلغ سن الرشد، وانتهت بذلك نيابة السلطانة الوالدة التي دامت خمس سنوات، وتوارت إلى الظل، ولم تتدخل في أمور السلطنة بعد أن اطمأنت أن مقاليد البلاد في يد أمينة، وانصرفت إلى أعمال الخير وتربية ولديها: سليمان وأحمد.

                وبدأ محمد باشا كوبريللي أعماله بإعادة هيبة الدولة، فضرب على يد الخارجين من الإنكشارية بيد من حديد، وأجبرهم على احترام النظام، والانشغال بعملهم والتفرغ للدفاع عن الدولة وحمايتها باعتبار أن هذا هو عملهم الأساسي ووظيفتهم الأولى، وليس لهم حق التدخل في شئون الدولة، وكان لسياسته الحازمة وميله إلى الشدة والترهيب فيما يتصل بأمور الدولة أثره في انتظام أمور الدولة واستتاب أمنها، ثم كلفه السلطان محمد الرابع بالدفاع عن الدولة أمام الأخطار المحدقة بها، فهزم البنادقة، وأخذ منهم جزيرة "لمنوس" وبعض الجزر الأخرى، وكان هؤلاء قد استولوا على هذه الجزر، واحتلوا مضيق الدردنيل، وفرضوا حصارًا بحريًا على الدولة، ومنعوا دخول المواد التموينية إلى إستانبول، فارتفعت الأسعار، وتدهورت الحالة الاقتصادية، ولولا نجاح كوبريللي في فك هذا الحصار لتعرضت الدولة إلى خطر فادح.


                سقوط قلعة نوهزل النمساوية
                استمرت صدارة محمد كوبريللي خمس سنوات، نجحت الدولة في أثنائها أن تسترد عافيتها ويعود إليها بعض من هيبتها القديمة على الساحة العالمية، وبعد وفاته في سنة (1072هـ = 1661م) أصدر السلطان محمد الرابع أن يتولى أحمد كوبريللي منصب الصدارة العظمى خلفًا لأبيه، وكان في السادسة والعشرين من عمره، ويعد أصغر من تولى هذا المنصب في تاريخ الدولة العثمانية، لكنه كان عظيم الكفاءة، متعدد المواهب، على دراية واسعة بالسياسة العالمية، وما إن تولى منصبه حتى أدرك أن جبهة الدولة الخارجية تحتاج إلى جهود كثيرة منه، فترك متابعة أمور الدولة الداخلية إلى قرة مصطفى باشا، وتحرك هو إلى إعلان الحرب على النمسا التي انتهزت فرصة انشغال الدولة العثمانية بأمورها الداخلية المضطربة، فاعتدت على حدود الدولة، وبنت عليها قلعة حربية، على الرغم من مخالفة ذلك للمعاهدة المعقودة بينهما، لكنها لم تستجب لنداءات الدولة العثمانية المتكررة.

                تحرك الصدر الأعظم من أدرنة على رأس جيش هائل يبلغ نحو 120 ألف جندي، مزودين بالمدافع والذخائر والعتاد، حتى وصل إلى قلعة نوهزل الشهيرة، وكانت تقع شمال غرب يودابست، على الشرق من فيينا بنحو 110 كم، ومن براتسلافيا بنحو 80 كم، وكانت بالغة التحصين، فائقة الاستحكامات حتى أصبحت من أقوى القلاع في أوروبا، وما إن وصل كوبريللي إلى القلعة حتى ضرب عليها حصارًا قويًا دام سبعة وثلاثين يومًا، اضطرت القلعة بعدها إلى طلب الصلح والاستسلام، فوافق الصدر الأعظم، شريطة جلاء الحامية عن القلعة بغير سلاح ولا ذخيرة، فدخلها في (25 من صفر 1074هـ = 28 من سبتمبر 1683م)، وبعد استسلام هذه القلعة العظيمة استسلمت حوالي 30 قلعة نمساوية، واضطرت النمسا إلى طلب الصلح، ودفعت للدولة العثمانية غرامات حرب رزمية قدرها 200 ألف سكة ذهبية، وأن تبقى كافة القلاع التي فتحتها الجيوش العثمانية تحت سيادتها، وعاد كوبريللي إلى أدرنة مكللا بالنصر في (2 من رمضان 1075هـ = 17 من مارس 1665م).


                فتح كريت
                ولم يكد يمضي سنتان على هذا النصر حتى كلف السلطان محمد الرابع قائده المظفر أحمد باشا كوبريللي باستكمال فتح جزيرة كريت التي فتحها السلطان إبراهيم الأول لكن ظلت قلعة "كانديه" وبعض القلاع بالجزيرة تقاوم العثمانيين بسبب المساعدات التي تتلقاها من بلاد أوروبا.

                تحرك كوبريللي على رأس أسطول بحري إلى جزيرة كريت، وضرب حصارًا حول كانديه في (رمضان 1077هـ = مارس 1667م) ودام الحصار نحو سبعة أشهر صمدت خلالها القلعة ثم عاود الحصار مرة أخرى في (8 من المحرم 1079هـ = 18 يونيو 1668م) لكنه طال هذه المرة، حتى تجاوز العامين، وفي النهاية تنازلت البندقية عن كانديه بما فيها من مدافع وأسلحة للدولة العثمانية، وأصبحت كريت تابعة للدولة العثمانية، وقضى كوبريللي وقتًا بعد الفتح في إصلاح القلاع والأسوار والأبنية، ثم غادر الجزيرة في (14 من ذي الحجة 1080هـ = 5 مايو 1670م) بعد أن ظل بها ثلاث سنوات ونصف السنة.

                وفي أثناء تولي كوبريللي الصدارة العظمى دخلت بلاد القوقاز جنوبي روسيا في حماية الدولة العثمانية، فلما حاولت بولونيا الاعتداء على بلاد القوقاز استنجدت بالدولة العثمانية التي تحركت على الفور لنجدتها، وأجبرت ملك بولونيا على طلب الصلح.


                الحملة على روسيا
                نشبت الحرب مع روسيا بسبب الصراع حول أوكرانيا فغادر السلطان محمد الرابع و قرة مصطفى باشا الصدر الأعظم الذي تولى المنصب بعد وفاة كوبريللي في (24 من رمضان 1087هـ = 30 أكتوبر 1676م) إستانبول على رأس حملة هائلة هي الحملة الأولى لسلطان عثماني على روسيا في (8 من ربيع الأول 1089هـ = 30 مارس 1678م)، حتى بلغت قلعة جهرين في أوكرانيا، فضربت حولها حصارًا، وكانت قلعة محصنة، وكان يدافع عنها جيش روسي ضخم يقدر بمائتي ألف جندي، لكن القلعة سقطت بعد اثنين وثلاثين يومًا، وقُتل من الجيش الروسي 20 ألف جندي، ثم عاود السلطان محمد الرابع حملة ثانية على روسيا بعد عامين من حملته الأولى، لكنها انتهت بعقد معاهدة أدرنة بين الدولتين في (22 من المحرم 1092هـ = 11 من فبراير 1681م)، واتفق الطرفان على أن تقسم أوكرانيا بين العثمانيين والروس، على أن يكون القسم الأكبر من البلاد تحت الحكم العثماني، وأن تستمر روسيا في تقديم الضريبة السنوية إلى بلاد القرم التابعة للعثمانيين، وأن تدفع المبالغ المتراكمة عليها خلال سنوات الحرب مرة واحدة.

                حصار فينا للمرة الثانية
                كانت الدول الأوربية قد تألبت على الدولة العثمانية وأفزعها ما بلغته من قوة، فأخذت تتحرش بها، وكانت النمسا تقف في مقدمة الدول المناوئة لها، فاتخذت الدولة قرارها بتوجيه ضربة قوية للنمسا حتى تكف يدها عن التدخل في شئون المجر التي كانت خاضعة للدولة العثمانية.

                وفي (19 من رجب 1094هـ = 14 يوليو 1683م) وصل الجيش العثماني بقيادة قرة مصطفى باشا إلى فيينا ، وضرب عليها حصارًا شديدًا، استمر الحصار شهرين تهدمت في أثنائه أسوار المدينة المنيعة، واستشهد آلاف العثمانيين الطامعين في نيل شرف الفتح، وانزعج البابا بعد أن أدرك خطورة الموقف، وتحركت أوروبا لنداءاته، وجاءت الإمدادات والمساعدات إلى فيينا، واستطاعت أن تعبر جسر "الدونة" إلى المدينة المحاصرة، وكان الإقدام على هذا العمل خطورة كبيرة لأن الجسر كان تحت سيطرة العثمانيين، لكن المكلف بحماية الجسر لم ينسفه عند مرور هذه القوات وتركها تعبر في سلام إلى المدينة، في واحدة من أكبر الخيانات التي شهدها التاريخ العثماني، ولما نشب القتال انهزم العثمانيون وفكوا حصارهم عن فيينا في (20 من رمضان 1094هـ = 12 من سبتمبر 1683م)، ودقت كنائس فيينا أجراسها فرحة بهذا النصر، وجاوبتها كافة أجراس العالم المسيحي.


                نهاية السلطان محمد اخر الفاتحين ( فترة النكبات )
                تلقى محمد الرابع أنباء هذه الهزيمة المدوية ولم يفعل شيءًا سوى أن بعث بمن قتل الصدر الأعظم الكفء قرة مصطفى باشا تحت تأثير بعض الوشاة والكارهين للصدر الأعظم وذلك في (6 من المحرم 1095هـ = 25 من ديسمبر 1683م)، وبدأ عصر قحط الرجال الأكفاء، وتتابع عدد من الصدور العظام الذين لا يستطيعون تنفيذ واجباتهم التي تقتضيها مقاماتهم، وكان من أثر هذا أن تألبت الدولة الأوربية وتجمعت لمحاربة العثمانيين باسم التحالف المقدس الذي ضم النمسا وبولونيا والبندقية ورهبان مالطة، وروسيا، فأغارت النمسا على المجر واحتلت بعض مدنها، واستولت على قلعة نوهزل، واحتلت جيوش البنادقة أغلب مدن اليونان.

                حاول محمد الرابع استعادة زمام الأمور وأن يسترد بعض ما فقدته الدولة في المجر، لكنه لم ينجح، وتلقى صدره الأعظم سليمان باشا هزيمة منكرة في سهل موهاكس أمام التحالف المقدس في (3 من شوال 1098هـ = 12 من أغسطس 1687م).

                وكان من نتائج الهزائم المتتابعة التي لحقت بالدولة العثمانية في أواخر عهد محمد الرابع أن ثار الجيش في وجهه، وقام بخلعه في (3 من المحرم 1099هـ = 8 من نوفمبر 1678م) بعد أن دامت سلطنته نحو أربعين سنة، وكانت الدولة في تاريخ خلعه قد فقدت كثيرًا من أراضيها للبنادقة والنمساويين، وتولى بعد أخوه سليمان الثالث، ودخلت الدولة العثمانية في عصر توقف الفتوح




                تعليق


                • #9
                  سليمان الثاني

                  سليمان الثاني بن الخليفة إبراهيم بن أحمد (1052هـ - 1102هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية.

                  تولى الحكم بعد أخيه محمد الرابع عام 1099 هـ وكان عمره يزيد على 44 سنة. أكثر من عطايا الجند ولم يعاقبهم على مافعلوه بأخيه فطمعوا فيه وتمردوا عليه وقتلوا قادتهم وقتلوا الصدر الأعظم سياوس باشا وسبوا نساءه فعين الخليفة صدرا أعظم جديدا وهو مصطفى باشا بن محمد كوبرلي.

                  انتهز منافسو الدولة العثمانية الفوضى الحاصلة في البلاد، فاستردت النمسا كثيرا من المواقع والمدن وكذلك فعلت البندقية وتوالت الهزائم محمد كوبريلى وسار على نهج أبيه وأخيه فحمى الأهالي من تصرفات الجند وأعطى الجنود حقوقهم وعامل النصارى معاملة حسنة فأحبه الناس حتى أن نصارى المورة ثاروا ضد البندقية وطردوا جيشها من بلادهم. استعاد بعض المواقع من النمسا وأخضع خان القرم، أعاد تيكلي المجري إقليم ترانسلفانيا إلى الدولة العثمانية وبتلك الانتصارات استعاد العثمانيون كثيرا من هيبتهم. توفي الخليفة عام 1102 هـ ولم ينجب، فتولى مكانه أخوه أحمد الثاني.





                  أحمد الثاني

                  أحمد الثاني بن إبراهيم بن أحمد (1052هـ/1643 - 1106هـ/1695) الخليفة العثماني الحادي والعشرين. تولى الحكم عام 1106هـ لمدة 4 أعوام حتى وفاته. كان خطاطا محترفا، فكان يكتب المصاحف بخطه. تولى الحكم بعد أخيه سليمان الثاني الذي يصغره بشهرين عام 1102هـ. في أيامه توفي الصدر الأعظم مصطفى كوبريلى وهو يجاهد ضد النمسا وتولى بعده عربجى باشا وكان ضعيفا.

                  ضاعت أيامه البندقية وبعض جزر بحر إيجة. تولى الحكم بعده ابن أخيه مصطفى الثاني بن محمد الرابع.





                  مصطفى الثاني



                  مصطفى الثاني بن محمد بن إبراهيم (1074هـ - ) السلطان العثماني الثاني والعشرين، عاش بين عامي 1664 و 1704 م، كان خطاطا موهوبا. تولى الحكم بعد وفاة عمه أحمد الثاني عام 1106 هـ. قاد جيوش الدولة العثمانية بنفسه، انتصر على بولونيا في عدة معارك، وقام بإنهاء الحصار المضروب على مدينة آزوف من قبل بطرس الأكبر قيصر روسيا. هزم الجيوش المجرية في عدة معارك ولكنه هُزم في معركة مع النمسا فاستغل بطرس الأكبر ذلك ودخل مدينة آزوف في عام 1108 هـ. ولي حسين كوبريللي منصب الصدر الأعظم وشهدت فترته انتصارات على جيوش النمسا وانتصار الأسطول العثماني على دولة البندقية.

                  عقدت معاهدة بين الدولة العثمانية والنمسا والبندقية وروسيا وبولونيا بجهود فرنسا وذلك عام 1110 هـ وتسمى معاهدة كارلوفتس فقدت من خلالها الدولة العديد من المدن لصالح الدول الأخرى ولم تعد هناك أى دولة تدفع جزية للدولة العثمانية وأصبحت الدول الأوربية النصرانية تقف كلها في وجه العثمانيين وتستعد لتقسيم الدولة العثمانية.

                  استقال حسين كوبريللى من الصدارة العظمى عام 1114 هـ وثارت الإنكشارية على من خلفه واستبدله بآخر فثاروا عليه أيضًا وطلبوا من الخليفة أن يعزله فرفض فعزلوا الخليفة عام 1115هـ وولوا أخاه أحمد الثالث مكانه.






                  أحمد الثالث

                  أحمد بن الخليفة محمد بن إبراهيم (1083هـ - 1149هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية. ولد عام (1083هـ) توفى عام (1149هـ).

                  تولى الخلافة عام (1115هـ) وكان عمره آنذاك اثنين وثلاثين سنة. سار مع آراء الإنكشارية في أول الأمر حتى إذا تمكن اقتص من قادتهم.

                  في عهده جرت حرب بين العثمانيين والنمسا انتصرت فيها النمسا وعقدت معاهدة كرست الوضع الجديد وأعطت للنمسا الكثير من الأجزاء التي تم الاستيلاء عليها. صرح الخليفة للتجار الروس بالمرور في أراضى الدولة العثمانية دون دفع أي شىء. في عهد الخليفة أحمد الثالث دخلت المطبعة وتأسست دار للطباعة في إستانبول.









                  محمود الأول



                  السلطان محمود الأول ابن الخليفة مصطفى الثاني (1108 هـ-1168 هـ) أحد سلاطين الدولة العثمانية. تولى الحكم بعد عمه أحمد الثالث عام 1143 هـ، وكان عمره آنذاك خمس وثلاثين سنة. قاتلت الدولة في عهده الصفويين فتغلبت على طهماسب وتخلى للعثمانيين عن تبريز، وهمذان، وإقليم لورستان.

                  قامت حروب بين الدولة العثمانية وروسيا في عهده، على إثرها احتلت روسيا بعض مناطق الدولة العثمانية. في عهده أيضا، انتصرت الدولة العثمانية على الصرب والنمسا، واستردت بلجراد والأفلاق، وتعهدت روسيا بعدم بناء السفن في البحر الأسود.

                  كما تم عقد اتفاق في عهده مع السويد ضد روسيا عام 1153 هـ. توفي محمود الأول عام 1168 هـ، وخلفه أخوه عثمان الثالث.







                  عثمان الثالث



                  السلطان عثمان الثالث أخو السلطان محمود الأول (1110 هـ-1171 هـ) هو أحد سلاطين الدولة العثمانية. تولى الخلافة بعد موت أخيه السلطان محمود الأول، وكان عمره وقتئذ يزيد على الثامنة والخمسين. قام بقتل الصدر الأعظم علي باشا لسوء تصرفه، وعين محمد راغب باشا مكانه، فكان عونا له. يقال أن الخليفة عثمان كان يسير متنكرا في الليل، ويطلع على أحوال الرعية، ويعمل على الإصلاح. توفي سنة 1171 هـ.




                  تعليق


                  • #10
                    مصطفى الثالث



                    مصطفى الثالث بن السلطان أحمد الثالث (1129 هـ - 1187 هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية. تولى الحكم من 1171 حتى 1187 هـ بعد ابن عمه عثمان الثالث وكان عمره حينذاك 42 عاما.

                    في عهده قامت الحرب بين روسيا والدولة العثمانية، وفيها انتصرت الدولة العثمانية في بداية الحرب، ثم لقيت الدولة العثمانية بعض الهزائم، واستولت روسيا على بعض المدن العثمانية. وقامت روسيا في عهده بالتحالف مع علي بك الكبير حاكم مصر ضد الدولة العثمانية، حيث حاربت الدولة العثمانية، وتغلبت عليها عن طريق "محمد بك أبو الدهب". وقامت روسيا أيضا بتشجيع سكان الدولة العثمانية النصارى على الثورة فثار نصارى شبه جزيرة المورة وساعدهم الأسطول الروسي، ولكنه هزم. وكانت وفاة السلطان مصطفى خان الثالث سنة (1187 هـ).

                    له العديد من المواقف ومنها إنشاؤه للحجر الصحي.




                    عبد الحميد الأول



                    عبدالحميد بن أحمد بن محمد (1137هـ - 1203هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية. حكم من عام 1187 هـ حتى 1203 هـ. بقي محجوزا في قصره مدة حكم أخيه مصطفى الثالث حتى تولى الحكم بعد وفاته عام 1187 هـ.

                    في عهده هاجمت روسيا الجيوش العثمانية عند فارنا البلغارية وهزمتها وتم الصلح بعد ذلك على استقلال تتار القرم وإقليم بسارابيا ومنطقة قوبان وإعطاء السفن الروسية حرية الملاحة في البحر الأسود والمتوسط وأن تدفع الدولة العثمانية غرامة لروسيا كل سنة وإعطاء روسيا حق حماية النصارى الأرثوذكس من رعايا الدولة العثمانية وتبني كنيسة في إستانبول.


                    أخذت روسيا تضم أجزاء من الدولة العثمانية إليها رغم المعاهدة واستسلمت الدولة العثمانية لضعفها. أعلن العثمانيون الحرب على روسيا -وكانت النمسا قد تحالفت مع روسيا-، وانتهت تلك الحروب لمصلحة الدولة العثمانية. توفي عبدالحميد الأول عام (1203هـ) وخلفه ابن أخيه وهو سليم الثالث ابن مصطفى الثالث.








                    سليم الثالث



                    سليم الثالث بن مصطفى الثالث (1175هـ - 1222هـ) هو أحد خلفاء الدولة العثمانية. تولى السلطة بعد وفاة عمه عبد الحميد الأول سنة 1203 هـ وكانت المعارك الحربية مستمرة، فأعطى وقته وجهده للقتال.

                    حينما ضعفت الجيوش العثمانية، واتحدت الجيوش الروسية والنمساوية تمكنت روسيا من الاستيلاء على الأفلاق، والبغدان، وبساربيا، واستطاعت النمسا احتلال بلاد الصرب، ودخلت بلغراد. ونتيجة لعدم استمرار التحالف النمساوي الروسي، وانصراف النمسا إلى فرنسا تنازلت النمسا عن الصرب للدولة العثمانية سنة 1205 هـ. واستمرت روسيا في حربها، واستولت على بعض المدن وارتكبت جرائم كثيرة. تدخلت إنجلترا وهولندا وبروسيا للصلح بين الطرفين خوفا على مصالحها فكانت معاهدة ياسي عام 1314هـ، وأخذت روسيا بموجبها بلاد القرم نهائيًا.

                    وبعد هدوء القتال على الجبهات انصرف الخليفة للإصلاحات الداخلية فبدأ بتنظيم الجند للتخلص من الإنكشارية الذين غدوا سبب كل فتنة. وفى سنة (1213هـ) دخلت فرنسا مصر، فتعاونت الدولة العثمانية مع إنجلترا وروسيا لإخراج فرنسا من مصر، كما صدت هجوم نابليون على الشام.





                    مصطفى الرابع



                    مصطفى الرابع (8 سبتمبر 1779 - 15 نوفمبر 1808) كان سلطان الإمبراطورية العثمانية بين عامي 1222هـ/1807 و 1223هـ/1808. والده عبد الحميد الأول. وخلال فترة حكم الإصلاحي سليم الثالث، كان مصطفى مفضلا لدى السلطان. وتولى الخلافة عام (1222هـ) بعد عزل ابن عمه سليم الثالث.

                    عندما قامت ثورة الإنكشارية على سليم الثالث، خدع مصطفى السلطان ودعم الإنكشارية الذين خلعوا السلطان القديم، وجعلوا من مصطفى الحاكم الجديد. ولكن ظل هناك تعاطف مع سليم، وفي عام 1808 إنطلق جيش بقيادة مصطفى بيرقدار إلى إسطنبول لإعادة سليم للحكم. وردا على ذلك أمر مصطفى إعدام سليم الثالث وأخ آخر له هو محمود. الأمر الذي سيجعل من مصطفى الذكر الوحيد المتبقي من السلالة الحاكمة، ومنحيا بذلك أي منافس قانوني على العرش كما إعتقد. وقتل سليم والقيت جثته أمام المنشقين في مهزلة، ولكن تم الإطاحة بمصطفى وإستبداله بمحمود الذي نجا من الإعدام بالإختباء. وتم إعدام مصطفى في ذات العام.

                    تحكم فيه قادة الثورة التى أطاحت بسليم الثالث. وفى عهده قتل الإنكشارية الصدر الأعظم. وتآمرت فرنسا وروسيا والنمسا عليه ولكن توقفت الحرب بين الدولة العثمانية وروسيا لمدة سنتين. قتل زعيم الثورة "قباقجي أوغلي" وطلب من تسلم الحركة بعده بإعادة سليم الثالث ولكن الخليفة مصطفى قتل هذا الزعيم وأبلغ جنوده بوفاة سليم الثالث الذى توفى قبل ذلك بأيام. وقام الجنود بعزله وحجزه مكان سليم الثالث وأقيم بعده أخوه محمود الثاني عام (1223هـ).



                    تعليق


                    • #11
                      محمود الثاني





                      محمود الثاني ومحاولة إحياء الدولة العثمانية
                      لاحظ علماء الدولة العثمانية منذ عهد السلطان مراد الثالث (982-1003هـ = 1574-1595م) أن الفساد قد استشرى في أجهزة الدولة، وأن الفتن والثورات بدأت تطل برأسها، ولم تعد الدولة قادرة على أن تُمْسك بزمام الأمور، وأصبحت في حاجة إلى من يبثّ فيها الحياة، ويأخذ بيدها بعيدا عن موارد الهلكة والسقوط، وظهرت دعوات إصلاحية تستند إلى استلهام روح الإسلام ومبادئه في علاج الخلل، وإلى ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف مؤسسات الدولة؛ حتى تنهض الدولة وتهبّ من كبوتها، وتعيد إلى الأذهان سالف عهدها العظيم.

                      ثم ظهرت دعوات إصلاحية تنادي بضرورة الاستفادة من التقدم الأوروبي، بعد أن بلغت الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري أسوأ حالاتها ضعفا وانحلالا. وأول حركة إصلاحية تبنت هذا النهج كانت في عهد السلطان أحمد الثالث، الذي تجمع حوله عدد من المثقفين الذين يقفون وراء هذا الاتجاه.

                      ثم شهد عصر السلطان سليم الثالث بدايات الإصلاح الحربي، وتطوير التعليم العسكري على النمط الغربي، وما ارتبط به من اقتباس المعرفة الأوروبية، ثم جاء السلطان محمود الثاني، فخطا بالإصلاح خطوات واسعة، وحاول أن يوقظ الدولة العثمانية، وأن يدفعها إلى ما تستحقه من مكانة وتقدير.


                      ولاية السلطان محمود الثاني
                      تقلد السلطان محمود الثاني مقاليد الخلافة العثمانية سنة (1199هـ = 1784م) وهو في الرابعة والعشرين من عمره، واستقر عزمه على أن يمضي في طريق الإصلاح الذي سلكه بعض أسلافه من الخلفاء العثمانيين، ورأى أن يبدأ بالإصلاح الحربي، فكلف الصدر الأعظم "مصطفى البيرقدار" بتنظيم الإنكشارية وإصلاح أحوالهم، وإجبارهم على اتباع التنظيمات القديمة الموضوعة منذ عهد السلطان سليمان القانوني وأُهملت شيئا فشيئا.

                      القضاء على الإنكشارية
                      حاول الصدر الأعظم أن يقوم بالمهمة التي كلفه بها السلطان محمود الثاني؛ فقوبل باعتراض من الإنكشارية، وثاروا في العاصمة ثورة عارمة في (رمضان 1223هـ = 1808م) وحاولوا إرجاع السلطان السابق "مصطفى الرابع" ليكون ألعوبة في أيديهم، وأضرموا النيران في السرايا الحكومية، ومات الصدر الأعظم في هذه الفتنة محترقا وهو يحاول أن يقضي على تلك الفتنة، واضطر السلطان أن يخضع لهم بعد أن أضرموا النار في العاصمة، وكادت النيران تقضي عليها، مؤجلا فكرة التخلّص منهم إلى وقت آخر.

                      وكان السلطان يرى أن اشتداد نفوذ الإنكشارية قد حطم جهود كل من يحاول الإصلاح من السلاطين السابقين، وأن سرّ نجاح محمد علي في حركته الإصلاحية أنه بدأ بإزالة عقبة مشابهة وهي المماليك فتخلص منهم في الحادثة المعروفة باسم "مذبحة القلعة"، وقد تخلص السلطان محمود الثاني من الإنكشارية تماما في سنة (1240هـ=1826م).


                      الأخذ بالنظم العسكرية الحديثة
                      وجّه السلطان محمود الثاني عنايته إلى بناء فرق عسكرية تأخذ بالنظم الحديثة؛ فأنشأ قوة من سلاح المدفعية على يد ضباط أوروبيين، وكان نجاح هذه القوة في تعلم الفنون العسكرية الحديثة حافزا له في تنظيم قوة أخرى من المشاة على نفس الطريقة.

                      وبدأ السلطان يعمل على إيجاد رأي عام يؤيد ما يتجه إليه من إصلاحات، بإقامة الحفلات الكبرى لأي إنجاز تقوم به قواته، وباستصدار فتوى من كبار مشايخ الدولة بوجوب تعليم فنون الحرب، وضرورة إصلاح الجندية، وإدخال النظام العسكري الحديث في فرق الإنكشارية التي لا يمكنها بما هي عليه الآن الوقوف أمام الجيوش الأوروبية، وأحيا السلطان محمود الثاني ما أقامه مصطفى الثالث من مدارس للطوبجية والبحرية والهندسة، وأنشأ مدرسة حربية لتخريج الضباط على غرار المدارس الحربية الأوروبية، وكذا مدارس لتعليم الجند وتدريبهم على نَسَق مدارس الجيش في إنجلترا.

                      وأخذ السلطان بنظام التجنيد الإجباري لأبناء المسلمين، وجعل مدة التجنيد عشر سنوات، وأرسل الضباط في بعثات للخارج على نطاق واسع، واستدعى عددا من الضباط من بروسيا لتدريب القوات الجديدة.

                      واتجه السلطان إلى إصلاح البحرية، فأعاد فتح مدرسة البحرية التي كان قد أنشأها السلطان مصطفى الثالث، وشرع في بناء ثكنات خاصة لرجال البحرية الذين سُموا أحيانا بـ"جنود البحر"، وبنى دارا جديدة للمدرسة البحرية عُنِي بتلاميذها ومدرسيها، وزودها بالأدوات والمكتبة والأجهزة، ثم بنى مدرسة بحرية أخرى قصرها على الطلاب المتفوقين من المدرسة القديمة.

                      وأنشأ السلطان عددا من الترسانات البحرية في عدد من الثغور، وهي تعد من أهم إصلاحات محمود الثاني، وأعاد فتح المدرسة الهندسية البحرية التي كانت قد أنشئت في قبل في سنة (1208هـ=1793م)، وكلما انتهى العمل في بناء قطعة بحرية أُنزلت للبحر في احتفال عظيم، وكان السلطان يُسرّ لإنشاء السفن الجديدة سرورا عظيما ويخلع على طاقمها هباته وهداياه.


                      إصلاح التعليم
                      عُنِي محمود الثاني بتنظيم التعليم حيث أنشأ المدارس الابتدائية المسماة "صبيان مكتبي" لتعليم الهجاء التركي وقراءة القرآن، ومبادئ اللغة العربية، والمدارس الثانوية "مكتب رشدية" لتعليم الرياضيات والتاريخ والجغرافيا، إلى جانب المدارس الملحقة بالمساجد، كما أنشئت مدارس تُعِدّ طلابها للالتحاق بمدارس البحرية والطب والزراعة والهندسة والمدفعية، وكانت المدرسة الإعدادية لمدرسة الطب ملحقة بها.

                      واعتنى محمود الثاني بمدرسة تعليم اللغات التي أنشئت في عصر السلطان محمود الرابع لتخريج المترجمين، وكان يلتحق خريجو هذه المدارس بالسفارات المختلفة.

                      وأكثر محمود الثاني من إرسال البعثات العلمية إلى لندن وباريس لتحصيل الفنون والعلوم الحديثة، وكلف سفيره في باريس "أحمد باشا" بمرافقتهم وكتابة تقارير عنهم.


                      إصلاحات أخرى
                      حاول السلطان إصلاح أجهزة الدولة المركزية بالطريقة الأوروبية الصليبية ، فوضع الأوقاف تحت إشرافه وألغى الأوقاف الصغيرة وضمها إلى أملاك السلطان، وأجرى أول إحصاء للأراضي الزراعية التركية في العصر الحديث، وأدخل تحسينات على شبكة المواصلات، وأنشأ طرقا جديدة وأدخل البرق، وخطوط السكك الحديدية، كما أنشأ جريدة رسمية للدولة.

                      وشهد عصر السلطان محمود نشاطا في حركة التعمير، وصيانة المرافق القديمة التي أصابها الإهمال، فأنشأ في سنة (1241هـ = 1825م) "جامع نصرت" أي جامع النصر في إستانبول، وأعاد تعمير مسجد "آيا صوفيا" وغيره من مساجد العاصمة.


                      وفاة السلطان
                      امتاز السلطان محمود الثاني بالتوجه للغرب العلماني ومعاداته للاسلام والأديان الأخرى ،أنهكته الحروب مع روسيا، وشغلته حروبه مع محمد علي والي مصر الطموح الذي تطلع إلى ضم بلاد الشام إلى ولايته في مصر ،ووقعت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي في سنة (1245هـ = 1830م).

                      تعرض السلطان للإصابة بعدوى السل، ولما اشتد به المرض نُقل إلى إحدى ضواحي إستانبول للاستشفاء بهوائها النقي، ثم لم يلبث أن عاجلته المنية في (19 من ربيع الآخر 1255هـ = 2 من يوليو 1839م) وخلفه السلطان عبد المجيد.




                      تعليق


                      • #12
                        عبد المجيد الأول





                        عبد المجيد الأول (1823 - 1861)، السلطان رقم 31 في الدولة العثمانية. وهو أول خليفة عثماني يرعى مسيرة التغريب تحت شعار الإصلاح والتحديث في الدولة العثمانية، حيث إستحدث الباب العالي(رئاسة مجلس الوزراء) الذي أصبح يتولى مقاليد السلطة، ويقاسم السلطان نفوذه، في حكم الدولة، بينما أصبحت مشيخة الإسلام مجرد هيئة شورية. وهو والد السلطان عبد الحميد الثاني.





                        عبد العزيز الأول



                        هو عبد العزيز بن الخليفة محمود بن عبدالحميد (1245هـ - 1293هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية. حكم من 1277هـ حتى عزل عام 1293هـ.

                        تولى الخلافة أواخر عام 1277 هـ بعد وفاة أخيه عبدالمجيد، وفي عهده قامت ثورة كريت وأخمدت عام 1283 هـ، وتم فتح قناة السويس عام 1285 هـ، كما صدرت مجلة الأحكام العدلية عام 1285 هـ. وصدر قانون التجارة البحرية عام 1279 هـ. وقد كان السلطان عبدالعزيز عظيم الجسم حتى كان يقال عنه إذا أتاه خبر سيء يصفع من يأتيه بهذا الخبرصفعة قوية يعاد منها الرجل لأيام حتى ابتكر الوزراء طريقة للابتعاد عن شر هذه الصفعة وذلك أنهم يخبرونه الخبر السيء وهو يأكل فيأمر بإحضار الماء البارد للغسيل فينطفئ غضبه. وقيل أنهم عندما أرادوا إغتياله أرسلو له أربعة مصارعين فأتوه في "الحريم السلطاني" وهو نائم فبركوا عليه فنهض عليهم وماستطاعوا طرحه حتى قام أحدهم بأخذ مقص كان بالقرب منه فقطع عروق السلطان فتمكنوا منه .

                        حصرت ولاية مصر في أبناء إسماعيل باشا الذى حصل على لقب خديوى أى نائب سلطان، ورأى الخليفة عبدالعزيز طمع أوروبا في الدولة العثمانية ففكر في استغلال اختلاف دول أوروبا على مصالحها الخاصة في مصلحة الدولة العثمانية فأكثر من دعوة السفير الروسى في إستانبول ليدفع دول أوروبا الغربية إلى تقديم التنازلات للدولة العثمانية، ولكنها أخذت تشيع عنه التبذير والإسراف فتولى رئيس مجلس الشورى أحمد مدحت باشا فكرة عزله فعزل عام (1293هـ)، ثم قتله بعد ذلك وأشاعوا أنه انتحر. تولى بعده مراد الخامس ابن أخيه عبدالمجيد.

                        تعليق


                        • #13
                          مراد الخامس




                          مراد بن الخليفة عبدالمجيد بن محمود (ولد 25 رجب 1256 هـ) أحد خلفاء الدولة العثمانية. تولى الخلافة بعد عزل عمه عبدالعزيز وكان عمره سبعا وثلاثين سنة. بويع بالخلافة في 7 جمادى الأولى وعزل بعد ثلاثة أشهر وثلاثة أيام في 10 شعبان من العام نفسه 1293 هـ. بويع بعده أخوه عبد الحميد الثاني وأشيع أن العزل كان لاختلال عقل مراد الخامس.

                          تعليق


                          • #14
                            عبد الحميد الثاني

                            عبد الحميد الثاني السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخر من أمتلك سلطة فعلية منهم. وولد في 21 سبتمبر 1842 م، وتولى الحكم عام 1876 م. أبعد عن العرش عام 1909 م بتهمة الرجعية، وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 10 فبراير 1918 م.

                            وتلقى السلطان عبد الحميد تعليمه بالقصر السلطاني واتقن من اللغات: الفارسية والعربية وكذلك درس التاريخ والأدب.

                            أظهر السلطان روحا إصلاحية وعهد بمنصب الصدر الأعظم إلى مدحت باشا أحد زعماء الاصلاح فأمر بإعلان الدستور وبداية العمل به، وقد كان الدستور مقتبسا عن دساتير دول أوربية مثل: (بلجيكا و فرنسا و غيرها). وضم الدستور 119 مادة تضمنت حقوق يتمتع بها السلطان كأي ملك دستوري، كما نصب الدستور على تشكيل مجلس نواب منتخب دعي بهيئة المبعوثان.

                            يعرفه البعض ، بـ(اولو خاقان) أي ( "الملك العظيم") و عرف في الغرب باسم "السلطان الأحمر" ، او "القاتل الكبير" بسبب مذابح الأرمن المزعوم وقوعها في فترة توليه منصبه.

                            رحب جزء من الشعب العثماني بالعوده إلى الحكم الدستوري بعد إبعاد السلطان عبد الحميد عن العرش في اعقاب ثورة الشباب التركي. غير أن الكثير من المسلمين مازالوا يقدّرون قيمة هذا السلطان الذي خسر عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعها لزعماء الحركة الصهيونية.


                            حياته الشخصيه
                            عبد الحميد هو ابن السلطان عبد المجيد الاول، وأمه هي واحدة من زوجات أبيه العديدات وأسمها "تيرمشكان" الشركسية الأصل توفيت عن 33 عاما، ولم يتجاوز ابنها عشر سنوات، فعهد بعبد الحميد إلى زوجة أبيه "بيرستو قادين" التي اعتنت بتربيته، وأولته محبتها؛ لذا منحها عند صعوده للعرش لقب "السلطانة الوالدة".

                            توفي والده وعمره 18 عامًا، وصار ولي عهد ثان لعمه "عبدالعزيز الاول"، الذي تابع نهج أخيه في مسيرة التغريب والتحديث، واستمر في الخلافة 15 عاما .قبل توليه العرش بتسع سنوات رافق عمه سلطان عبدالعزيز الاول في زيارته إلى النمسا وفرنسا وإنجلترا في 1867. و في بعض سياحاته ورحلاته إلى أوروبا ومصر.

                            التقى عبد الحميد في خلافة عمه بعدد من ملوك العالم الذين زاروا إستانبول. وعُرف عنه مزاولة الرياضة وركوب الخيل والمحافظة على العبادات والشعائر الإسلامية والبعد عن المسكرات والميل إلى العزلة، وكان والده يصفه بالشكاك الصامت.

                            كان عبد الحميد نجارا ماهرا، وكان يملك مشغلا صغيرا في حديقة قصره في إستانبول. وكانت له أهتمامات مختلفة من بينها هواية التصوير وكان مهتما بالأوبرا وكتب شخصيا لأول مرة على الاطلاق العديد من الترجمات التركية للأوبرا الكلاسيكية. كما انه ألف عدة قطع أوبراليه لmızıka - I hümayun ، واستضاف المؤدين الشهيرين من أوروبا في دار الأوبرا yıldız . وكان لديه هواية التصوير وقام بتصوير كل أنحاء إستانبول وجمعها في ألبوم يتكون من 12 مجلد، والألبوم محفوط حاليا في مكتبة الكونغرس في واشنطن "Washington Congress" في القسم التركي [1].و كان يملك مكتبا للترجمة يعمل فيه 6 مترجمين و كان يعطي أجرا إضافيا لترجمة الروايات البوليسية.


                            فترة حكمة
                            تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة ، في 11 شعبان 1293هـ، الموافق 31 آب (أغسطس) 1876م، وتبوَّأ عرش السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال، حيث كانت الدولة في منتهى السوء والاضطراب، سواء في ذلك الأوضاع الداخلية والخارجية. وفي نفس السنة دخلت الدولة العثمانية في أزمة مالية خانقة في فترة السلطان عبد العزيز المبذر ونجح العثمانيون الجدد من الاطاحة بحكمه سنة 1876م، في مؤامرة دبرها بعض رجال القصر، واعتلى العرش من بعده مراد الخامس شقيق عبد الحميد، ليكون السلطان الجديد، إلا انه عُزل بعد مدة قصيرة قوامها حوالي ثلاثة أشهر، فتولى عبد الحميد الحكم من بعده الذي وافق مع العثمانيين الجدد على إتباع سياسة عثمانية متحررة.

                            سوء الأوضاع الخارجية
                            أتفقت الدول الغربية على الإجهاز على الدولة العثمانية التي أسموها "تركة الرجل المريض"، ومن ثم تقاسم أجزائها، هذا بالإضافة إلى تمرد البوسنة والهرسك، الذين هزموا الجيش العثماني وحاصروه في الجبل الأسود، وإعلان الصرب الحرب على الدولة بقوات منظمة وخطرة، وانفجار الحرب الروسية الفظيعة التي قامت سنة 1294هـ، الموافق سنة 1877م، وضغط دول الغرب المسيحية على الدولة لإعلان الدستور وتحقيق الإصلاحات في البلاد، بالإضافة إلى قيام الثورات في بلغاريا بتحريض ومساعدة من روسيا والنمسا.

                            سوء الأوضاع الداخلية
                            أفلست خزينة الدولة وتراكمت الديون عليها، حيث بلغت الديون ما يقرب من ثلاثمائة مليون ليرة، كما ظهر التعصب القومي والدعوات القومية والجمعيات ذات الأهداف السياسية، بإيحاء من الدول الغربية المعادية، ولا سيما إنجلترا، وكانت أهم مراكز هذه الجمعيات في بيروت واستانبول، وقد كان للمسيحية دورها الكبير في إذكاء تلك الجمعيات التي أنشئت في بيروت والتي كان من مؤسسيها بطرس البستاني (1819م-1883م) وناصيف اليازجي (1800-1817م). وأما الجمعيات التي أنشئت في استانبول فقد ضمت مختلف العناصر والفئات، وكان لليهود فيها دور كبير، خاصة يهود الدَوْنَمة، ومن أشهر هذه الجمعيات "جمعية تركيا الفتاة" التي أُسست في باريس، وكان لها فروع في برلين وسلانيك واستانبول، وكانت برئاسة أحمد رضا بك، الذي فتن بأوروبا وبأفكار الثورة الفرنسية. وقد كانت هذه الجمعيات تُدار بأيدي الماسونية العالمية. ومن الأمور السيئة في الأوضاع الداخلية أيضًا، وجود رجال كان لهم دور خطير في الدولة قد فُتنوا بالتطور الحاصل في أوروبا وبأفكارها، وكانوا بعيدين عن معرفة الإسلام، ويتهمون الخلفاء بالحكم المطلق، الدكتاتوري ويطالبون بوضع دستور للدولة على نمط الدول الأوروبية المسيحية، ويرفضون العمل بالشريعة الإسلامية.

                            اصلاحات دستورية
                            في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، دعا سعيد النورسي أحد قادة الطرق الدينية البارزين وغيره إلى اصلاحات دستورية وتعليمية من بينها تقيد سلطات السلطان عبد الحميد الثاني وهو ما سمى بـ«المشروطية»، وانشاء جامعة في مدينة «فان» التركية للنهضة العلمية، ولما رفض السلطان عبد الحميد هذه الطلبات، دعم قادة الطرق الدينية التركية جمعية «الاتحاد والترقي» التي كانت تريد اصلاحات سياسية واجتماعية وكانت تعارض السلطان عبد الحميد. دبرت جمعية «الاتحاد والترقي» عام 1908 انقلابا على السلطان عبد الحميد تحت شعار ( حرية، عدالة ، مساواة) . وتعهد الانقلابيون بوضع حد للتمييز في الحقوق والواجبات بين السكان على أساس الدين والعرق . 1111

                            من أهم منجزاته
                            في وسط هذه التيارات والأمواج المتلاطمة تقلد السلطان عبد الحميد الحكم، وبدأ في العمل وفق السياسة الآتية:

                            حاول كسب بعض المناوئين له واستمالتهم إلى صفه بكل ما يستطيع.
                            دعا جميع مسلمي العالم في آسيا الوسطى وفي الهند والصين وأواسط أفريقيا وغيرها إلى الوحدة الإسلامية والانضواء تحت لواء الجامعة الإسلامية، ونشر شعاره المعروف "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وأنشأ مدرسة للدعاة المسلمين سرعان ما أنتشر خريجوها في كل أطراف العالم الإسلامي الذي لقي منه السلطان كل القبول والتعاطف والتأييد لتلك الدعوة، ولكن قوى الغرب قامت لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها.
                            قرَّب إليه الكثير من رجال العلم والسياسة المسلمين واستمع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم.
                            عمل على تنظيم المحاكم والعمل في "مجلة الأحكام العدلية" وفق الشريعة الإسلامية.
                            قام ببعض الإصلاحات العظيمة مثل القضاء على معظم الإقطاعات الكبيرة المنتشرة في كثير من أجزاء الدولة، والعمل على القضاء على الرشوة وفساد الإدارة.
                            عامل الأقليات والأجناس غير التركية معاملة خاصة، كي تضعف فكرة العصبية، وغض طرفه عن بعض إساءاتهم، مثل الرعب الذي نشرته عصابات الأرمن، ومثل محاولة الأرمن مع اليهود اغتياله أثناء خروجه لصلاة الجمعة، وذلك لكي لا يترك أي ثغرة تنفذ منها الدول الأجنبية للتدخل في شؤون الدولة.
                            عمل على سياسة الإيقاع بين القوى العالمية آنذاك لكي تشتبك فيما بينها، وتسلم الدولة من شرورها، ولهذا حبس الأسطول العثماني في الخليج ولم يخرجه حتى للتدريب.
                            اهتم بتدريب الجيش وتقوية مركز الخلافة.
                            حرص على إتمام مشروع خط السكة الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة لِمَا كان يراه من أن هذا المشروع فيه تقوية للرابطة بين المسلمين، تلك الرابطة التي تمثل صخرة صلبة تتحطم عليها كل الخيانات والخدع الإنجليزية، على حد تعبير السلطان نفسه.
                            أنشئ قصر النجمة بأمره. ويوجد في متحف قصر النجمة في القصر منجرة مخصصة لتأمين الموبيليا للقصر, لأن السلطان عبد الحميد الثاني يحب النجارة ومعروف بالحفر اليدوي وأعطى إهتمام في هذا الموضوع. وكل الأثار المعروضة في المتحف هي أغراض القصر نفسه.
                            تم إنشاء مسرح قصر النجمة بأمر السلطان عبد الحميد الثاني في عام 1889.و بعد الإصلاحات الضرورية تم إفتتاح المتحف كمتحف للفنون والمسرح. ويوجد قسم من المتحف خاص بالملابس التي أستخدمت في المسرح نفسه.


                            مذابح الأرمن
                            بدأت قضية مذابح الأرمن في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، إذ قالت الدولة العثمانية أن روسيا قامت بإثارة الأرمن الروس القاطنين قرب الحدود الروسية العثمانية، فبدأت بتحريضهم وإمدادهم بالمال والسلاح والقيام بتدريبهم في أراضيها وتشكيل الجمعيات المسلحة من أمثال خنجاق و طشناق. وقدمت بريطانيا دعماً قوياً لتلك المنظمات لأنها كانت تريد تفتيت الدولة العثمانية. حتى أن الزعيم المصري مصطفى كامل يقول في كتابه المسألة الشرقية: "فالذين ماتوا من الأرمن في الحوادث الأرمنية إنما ماتوا فريسة الدسائس الإنكليزية"

                            وكان قبول الدولة العثمانية إقامة دولة أرمنية في مركزها (في الولايات الستة في شرقي الأناضول) وفي مناطق يشكل المسلمون فيها الأكثرية بمثابة عملية انتحارية للدولة العثمانية. إذ كان عدد الأرمن – حسب الإحصائيات العثمانية والأجنبية كذلك – يتراوح بين مليون ومئتي ألف إلى مليون ونصف مليون في جميع أراضي الدولة العثمانية. لذا لم يعبأ السلطان بالضغوطات الخارجية ولا بتهديد انكلترا وقيامها بإرسال أسطولها إلى جنق قلعة. وحاولت تلك المنظمات المسلحة اغتيال السلطان عام 1905 بتفجير عربة عند خروجه من المسجد. ولكن السلطان نجا، وألقي القبض على الجاني، ولكن السلطان عفا عنه


                            علاقاته مع اليهود
                            لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بازل) بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل (1860م-1904م) رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصر هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يفلح، وأخيرًا زار السلطان عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي)و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: (( إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل ، إن أرض فلسطين ليست ملكى إنما هى ملك الأمة الاسلامية، و ما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع و ربما إذا تفتت إمبراطوريتى يوما ، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل )) ، ثم أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.

                            عندئذ أدرك خصومه أنهم أمام رجل قوي وعنيد، وأنه ليس من السهولة بمكان استمالته إلى صفها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه مادام على عرش الخلافة فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تحقق أطماعها في فلسطين، ولن يمكن للدولة الأوروبية أن تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان.

                            لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولعب يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان.


                            عزله
                            تم عزله وخلعه من منصبه عام 1909 وتم تنصيب شقيقه محمد رشاد خلفاً له.

                            من أقواله
                            (أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين ، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة).
                            السلطان عبد الحميد الثاني أستانبول 1901م.


                            طغراء السلطان عبد الحميد الثاني



                            وفاته
                            وتوفي السلطان عبد الحميد الثاني في المنفى في 10 فبراير من عام 1918 م.

                            وقام برثاءه أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة جميلة حيث قال:

                            ضجت عليك مآذن ومنابر ...وبكت عليك ممالك ونواح.

                            الهند والـهة ومصر حزينة ... تبكي عليك بمدمع سحاح.

                            والشـام تسأل والعراق وفارس ... أمحا من الأرض الخلافة ماح؟

                            نزعو عن الأعناق خير قلادة ... ونضوا عن الأعطاف خير وشاح.

                            من قائل للمسلمين مقالة ... لم يوحها غير النصيحة واح.

                            عهد الخلافة فيه أول ذائد ... عن حوضها بيراعه نضاح.

                            إني أنا المصباح لست بضائع ... حتى أكون فراشة المصباح.

                            كما رثاه شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي، بقصيدة عن العهد الحميدي قال فيها:

                            وقد بعث الله الخليفة رحمة ...إلى الناس إن الله للناس يرحم

                            أقام به الديان أركان دينه ...فليست على رغم العدى تتهدم

                            وصاغ النهى منه سوار عدالة ... به إزدان من خود الحكومة معصم

                            وكم لأمير المؤمنين مآثر ... بهن صنوف الناس تدري وتعلم

                            ويشهد حتى الأجنبي بفضله ... فكيف يسيء الظن من هو مسلم

                            سلام على العهد الحميدي إنه ... لأسعد عهد في الزمان وأنعم


                            انتقاد
                            انتقد جميل صدقي الزهاوي السلطان عبد الحميد الثاني عام 1898 قائلا فيه :

                            أيأمر ظل الله في أرضه بما ... نهى الله عنه والرسول المبجل

                            فيفقر ذا مال وينفي مبرءا ... ويسجن مظلوما ويسبي ويقتل

                            تمكن عبد الحميد الثاني ، من تشكيل فرق حربية من بعض العشائر الكردية سميت بالفرق (الحميدية ) وهي تشكيلات غير نظامية، حاولت الأوساط العثمانية الحاكمة من خلالها تحويل العشائر الكردية إلى قوة احتياطية في يدها بهدف السيطرة عليها أولاً ، ومن أجل الحفاظ على سطوة السلطان، ولضرب الحركة القومية للشعوب غير التركية، في مناطق الحدود الروسية والإيرانية ثانياً ، (وأخيراً في سبيل إعدادها بشكل اكفأ في الحرب أو الحروب القادمة المتوقعة ،خاصة مع روسيا ) . وعندما كانت الدولة العثمانية آيلة إلى الانحلال والسقوط كان السلطان عبد الحميد الثاني يتخذ شعار الجامعة الإسلامية وسيلة للحفاظ على كيان إمبراطوريته.
                            التعديل الأخير تم بواسطة باحث; الساعة 2009-10-13, 10:21 AM.

                            تعليق


                            • #15
                              محمد الخامس




                              الخليفه محمد رشاد بن عبد المجيد
                              ابن السيده :قول جمال كدن افندي


                              عين والده يوسف سلطانا للمغرب بعد تنازل السلطان عبد الحفيظ عن العرش مباشرة بعد توقيع معاهدة الحماية. وقد تقلد محمد بن يوسف يوم 18 أغسطس 1927 العرش بعد وفاة أبيه. ساند السلطان محمد بن يوسف نضالات الوطنيين المطالبة بتحقيق الاستقلال، الشيء الذي دفعه إلى الاصطدام بسلطات الحماية ما من مرة. وكانت النتيجة قيام سلطات الحماية بنفيه خارج أرض الوطن. وعلى إثر ذلك اندلعت مظاهرات مطالبة بعودة أب الحركة الوطنية إلى وطنه. وأمام اشتداد حدة المظاهرات، قبلت السلطات الفرنسية بإرجاع السلطان إلى عرشه يوم 16 نوفمبر 1955. وبعد بضعة شهور تم إعلان استقلال المغرب.

                              خطاب طنجة
                              بعد تعيين المقيم إريك لابون مقيما عاما بالمغرب (2 مارس 1946 ـ 13 مايو 1947) خلفا لكَابريال بيو، أعلنت سلطات الحماية ولفترة قصيرة القيام بمجموعة من الإصلاحات الليبرالية. وتميزت هذه الفترة بإجراء إصلاحات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي سواء في المدن أو البوادي، وذلك من أجل التخفيف من حدة الأزمة التي كانت الساكنة المغربية تعيشها في هذه المناطق. وقد خفت الحماية من تصعيد سياستها العنيفة ضد الوطنيين منذ وصول لابون إلى الرباط يوم 30 مارس 1946.

                              ودفعت طبيعة هذه السياسة بعض المؤرخين إلى اعتبار هذا المقيم العام الأكثر ليبرالية من ضمن كل نظرائه الذي تعاقبوا على السلطة في فترة الحماية على المغرب. إذ قام بحملة سياسية تجاه إطلاق سراح بعض المعتقلين من الوطنيين وتحرير ميدان الصحافة بالسماح بتأسيس أريع جرائد وطنية وإلغاء مديرية الشؤون السياسية. ففي هذه الأجواء عاد الزعيم الوطني علال الفاسي من منفاه بالغابون.


                              لكن إذا كانت هذه السياسة التي بوشرت منذ سنة 1946 قد استقبلت بنوع من الارتياح من طرف بعض الوطنيين، فإن غالبيتهم قد اعتبرها غير كافية مادام أنها لم تأت بجديد في مجال الاعتراف بحق المغرب في الاستقلال. لهذا السبب فشلت مبادرة إريك لابون بسرعة وانتهت برفض الوطنيين "التعاون" مع المقيم العام الجديد. وقد أقيل هذا الأخير بعد أن تمت المناداة عليه في فرنسا سنة 1947 ليعوض بالجنرال جوان. غير أن أهم مكسب للوطنية المغربية من هذه المبادرة هو خطاب طنجة التاريخي الذي ألقاه محمد بن يوسف يوم 19 جمادى الاولى 1366 الموافق 20 أبريل 1947. وقد قام بزيارة لطنجة ليؤكد للعالم كله أن وحدة المغرب غير قابلة للتجزيء.

                              المقاومة المسلحة
                              إن المحاولات التي قامت بها فرنسا للوصول إلى تنحية السلطان محمد بن يوسف قد انتهت بالفشل. لقد قامت سلطات الحماية بمباشرة المفاوضات منذ فبراير 1955 مع السلطان محمد بن يوسف وصلت إلى حد تهديده حتى على أرض المنفى، فقد اقترح عليه المتفاوضون، بمن فيهم طبيبه الخاص الدكتور ديبوا روكبير، الخيار بين أمرين أحلاهما مر: إما التنازل عن العرش والعودة إلى أرض الوطن للعيش بسلام وفي حماية الفرنسيين، أو تشديد الخناق عليه في المنفى في حالة الرفض. وكان جواب محمد بن يوسف هو الرفض المطلق للمقترحات المفترضة. وبموازاة أنشطة الحركة الوطنية، اندلعت أعمال المقاومة المسلحة المنظمة على شكل تأسيس جيش التحرير في 1 أكتوبر 1955 في مناطق أكنول وإيموزار مرموشة وفي تطوان حيث وجد مقر القيادة العامة ومركز تكوين الضباط. وقد تم تأسيس جيش التحرير من قبل لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة من أجل تنظيم حركة المقاومة المغربية وجبهة التحرير الجزائرية. وكان هدف هذه اللجنة هو العمل بكل الوسائل لعودة السلطان محمد بن يوسف بجانب تحرير البلدين الشقيقين، تونس والجزائر.عبد المطلب الحميوي

                              ثورة الملك والشعب
                              بعد إعلان نبأ تنحية سلطان المغرب الشرعي محمد بن يوسف وتنصيب محمد بن عرفة كسلطان مزيف، انتفض الشعب المغربي قاطبة ضد الإجراء واستنكروا تجرؤ الفرنسيين على المس بكرامتهم والنيل من رمز سيادتهم. لذلك اندلعت أحداث مؤلمة وفي بعض الأحيان عفوية ضد الفرنسيين. كما شنت إضرابات عديدة شلت مختلف القطاعات الحيوية لاقتصاد البلاد. ونظمت عمليات للمقاومة أدت إلى استشهاد العديد من الوطنيين أثناء مقاومتهم للاستعمار، أمثال علال بن عبد الله والزرقطوني. ولهذا السبب أطلق على حركات المقاومة هذه اسم "ثورة الملك والشعب". وقد قررت سلطات الحماية إطلاق حملة من الاعتقالات في صفوف الوطنيين منذ 10 أغسطس 1952، ونفي رمز الأمة المغربية محمد بن يوسف وولي العهد آنذاك الأمير عبد الله وكافة أفراد العائلة الملكية خارج الوطن يوم 20 أغسطس 1953.

                              تنحية محمد الخامس
                              حينما اختار السلطان الامتناع عن توقيع الظهائر والمصادقة على قرارات الإقامة العامة واتجاهه العلني نحو اتخاذ موقف مساند لسياسة حزب الاستقلال، قررت سلطات الحماية تنحيته وتنصيب مكانه سلطانا مصطنعا يعمل كدمية تحت تصرفها. واستعانت من أجل ذلك بالأعيان الموالين لها والمجتمعين وراء عميلها الكلاوي باشا مدينة مراكش. فقد اجتمع يوم 20 مارس 1953 بالمدينة باشوات المدن المغربية الكبرى إضافة إلى عشرين قائدا، حيث حرروا عريضة تسير في اتجاه سحب الشرعية الدينية عن السلطان محمد بن يوسف كإمام.

                              نفي محمد الخامس
                              بعد رفض السلطان سيدي محمد بن يوسف للإصلاحات المزعومة التي باشرتها سلطات الحماية وعلى إثر فشل المفاوضات مع المسؤولين الفرنسيين، لم يبق أمام السلطان إلا العمل على إعلان معارضته للتوجهات الفرنسية بقيامه بسن سياسة رفض التوقيع على الظهائر. رغم أن الإقامة العامة تعهدت بالتطبيق الحرفي لمعاهدة الحماية الموقعة بفاس على أساس "مساندة جلالته الشريف وحمايته ضد الأخطار المهددة لشخصيته أو لعرشه والعمل على ضمان طمأنينة إيلاته" (الفصل الثالث من المعاهدة). لقد قرر الجنرال كيوم تنحية سلطان المغرب. وباتفاق مع الحكومة الفرنسية، أبعد محمد بن يوسف عن المغرب يوم 20 أغسطس 1953 على الساعة الثالثة بعد الزوال، حيث أقل هو وعائلته في طائرة عسكرية باتجاه كورسيكا قبل أن ينقل من جديد، يوم 2 يناير 1954 إلى مدغشقر. غير أن الحكومة الفرنسية انتقدت بشدة هذا الإجراء الذي اتخذه كيوم مما كلفه الإقالة وتعيين فرانسيس لاكوست مكانه سنة 1954. أثناء فترة المنفى التي دامت من 20 إغسطس 1953 إلى 16 نوفمبر 1955، كان ولي العهد مولاي الحسن مرافقا لمحمد بن يوسف في كل اللقاءات التي كان يجريها، إذ قام فيها بدور المستشار. كما شارك في كل المفاوضات التي تمت بكورسيكا ومدغشقر وأيضا في النقاشات الرسمية وغير الرسمية

                              التوابع السياسية لنفي محمد الخامس
                              اعتبرت عملية تنحية السلطان عن العرش من الناحية السياسية خطأ استراتيجيا. فرغم أن الإقامة العامة قد أضفت على الإجراء طابعا شرعيا بدفع بعض العملاء وبعض العلماء الاعيان إلى مساندة موقفها، فإن المغاربة لم يعترفوا بتولية ابن عرفة سلطانا. من الناحية السياسية الدولية، بدأت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في التخلي عن سياستها المتحفظة تجاه ما كان يجري في المغرب. إذ بدأت الدولتان بإعلان معارضتهما للقرارات التي كان يتخذها المقيم العام جوان منذ بداية سنة 1951. ولم يعترف دبلوماسيو هاتين الدولتين بالعريضة التي وقعها الأعيان، إذ اعتبروها محاولة فقط من سلطات الحماية لإجبار السلطان على قبول مخططاتها وذلك بالتوقيع على الظهائر. أما معارضة الدول العربية و الآسيوية، فإنها تمثلت في شنها لحملة شرسة عبر الصحافة والإذاعة ضد الإجراء الفرنسي. فما إن أعلن عن نبأ تنحية السلطان حتى أدان زعيم الحركة الوطنية علال الفاسي عبر إذاعة القاهرة في برنامج صوت العرب إبعاد السلطان هو وعائلته عن الوطن. وأما جامعة الدول العربية، فقد عبرت عن تخوفاتها إزاء تطورات القضية المغربية وبدأت في الإلحاح على ضرورة استقلال المغرب. ومنذ 21 أغسطس 1953، أظهرت 15 دولة عربية آسيوية عضو في هيئة الأمم المتحدة انشغالها بمستقبل الاستقرار السياسي بشمال إفريقيا بعد عملية نفي محمد بن يوسف. وعلى مستوى العلاقات السياسية بين فرنسا وإسبانيا، حدث الأمر نفسه. فحسب الوفق الذي أبرم بين البلدين يوم 27 نوفمبر 1912، فقد حدد أنه يتعهد البلدان بالتزام " الاحترام إزاء الإمبراطورية الشريفة"، في المنطقتين، الخليفية التابعة للحماية الإسبانية، و الجنوبية، الخاضعة للحماية الفرنسية. وقد استقبلت عملية تنصيب سلطان جديد على المغرب بإسبانيا بنوع من الاستياء، إذ اعتبرته سلطات مدريد إعلانا لنوع من العداء ضدها. مما دفعها إلى تنظيم عملية توقيع عريضة مشابهة لتلك التي تمت بمراكش في المنطقة التي تخضع لسيطرتها. وتمكنت من جمع 430 توقيعا من باشوات وأعيان المنطقة الخليفية ركزت فيها على تثبيت فكرة " تنحية السلطان الشرعي محمد بن يوسف، نتيجة للدسائس التي حاكتها الإقامة العامة " ورفض " سلطة ابن عرفة … والتي فرضتها فرنسا ضد إرادة الشعب المغربي". ثم أعلنت العريضة "أحقية السيادة التي يتمتع بها المهدي بن إسماعيل على المنطقة الخليفية"، وذلك تحت إمرة سلطة فرانكو.

                              أهداف ثورة الملك والشعب
                              كان لنفي جلالة السلطان محمد بن يوسف أثر قوي في تصعيد المقاومة ضد المحتل. فالمظاهرات التي قام بها الشعب المغربي قاطبة ضد المحتل، وبتأطير من حزب الاستقلال، أخذت تؤرق أكثر مما كان في السابق سلطات الحماية. فقد اندلعت انتفاضات قوية في مناطق متعددة من المغرب. وكانت أقوى انتفاضة هي تلك التي حدثت في وجدة يوم 16 أغسطس 1953، بتنظيم مناضلين من حزب الاستقلال. وقد طال الساحة السياسية المغربية نوع من الشلل والاضطراب الناتجين عن أجواء الاستياء العارم المصاحب لإبعاد السلطان عن البلاد. وقد قام الشعب المغربي بعرقلة إقامة حفل عيد الأضحى ضدا على إمامة السلطان الدمية لصلاة العيد ونحر الأضحية. إذ ظهر خلال المناسبة أن ابن عرفة غير مؤهل أن يكون سلطانا للمغاربة، لسبب بسيط هو أنه لا يتوفر على السلطة الشرعية التي كانت مجتمعة في شخصية جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف. لقد أحدثت إذن تنحية سيدي محمد بن يوسف انطلاق نوع جديد من المقاومة المغربية أعطى شكلا جديدا من الوفاء والارتباط بالسلطان الشرعي للمغرب. وقد شكلت معجزة رؤية صورة السلطان سيدي محمد بن يوسف بالقمر إحدى الركائز الإيجابية التي قوت من تشبث المغاربة بسلطانهم الشرعي. وأدى انتشار هذه الفكرة في كافة المناطق البعيدة عن المملكة المغربية إلى ترسيخ شرعية سيدي محمد بن يوسف وتأكيد سلطانه وجعلته موحدا للأمة المغربية.

                              مؤتمر إيكس ليبان
                              بعد اشتداد الأزمة السياسية بالمغرب، عقب الفراغ المؤسساتي الحاصل إثر رفض المغاربة الإعتراف بابن عرفة كسلطان، رضخت السلطات الفرنسية لمبدأ قبول التفاوض مع الشخصيات السياسية المغربية والممثلة للتوجة الراغب في تسيير المغرب من طرف أبنائه وتوجيهه نحو الاستقلال. ولذلك عقد لقاء بين الأطراف المغربية والفرنسية في مؤتمر إيكس ليبان بفرنسا، أسفر بعد نقاشات انطلقت يوم 23 أغسطس 1955 ودامت خمسة أيام عن اتخاذ قرار تنحية ابن عرفة عن العرش ، إضافة إلى تشكيل حكومة وطنية مغربية تضم مختلف المكونات السياسية وذلك في أفق التفاوض مع الحكومة الفرنسية من أجل إدخال إصلاحات على نظام الحماية. وكان الوفد الفرنسي المفوض الذي حضر مناقشات إيكس ليبان يتكون من إيدكار فور رئيس الحكومة والسيد بيناي، وزير الشؤون الخارجية والجنرال كوينغ وزير الدفاع وروبيرت شومان وبيير جولي. بينما كان الوفد المغربي يتشكل من 37 شخصية كان من بينهم مبارك البكاي، الحاج الفاطمي بنسليمان والحاج محمد المقري إضافة إلى ممثلي الأحزاب: عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازيدي وعمر بن عبد الجليل والمهدي بن بركة من جانب حزب الاستقلال، وعبد القادر بن جلون واحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب ومحمد الشرقاوي من طرف حزب الشورى والاستقلال. إلى جانب الشخصيات السياسية وجد بعض العلماء كالسيد جواد الصقلي وحميد العراقي. كما ضم الوفد القائد العيادي وعباس.

                              الموافقة على مخطط إيكس ليبان
                              كان المخطط الذي خرجت به مفاوضات إيكس ليبان ينتظر لكسب الشرعية القانونية، المصادقة من طرف سلطان المغرب الشرعي. فمادام أن السلطات الفرنسية قد وقعت معاهدة الحماية مع السلطان في شخص مولاي عبد الحفيظ سنة 1912، فقد كان لزاما عليها من الناحية القانوية أن يتم التفاوض على مبدأ الاستقلال مع سيدي محمد بن يوسف. ففي هذا الإطار استقبل جلالته في يوم 5 سبتمبر 1955 وفدا فرنسيا مفوضا يضم الجنرال كاترو وهنري يريسو، إضافة إلى الوفد المغربي المشكل من السيد مولاي حسن بن إدريس ومبارك البكاي والفاطمي بن سليمان وعبد الهادي بوطالب وعمر عبد الجليل وعبد الرحيم بوعبيد. وجاء هذان الوفدان من إجل إبلاغ السلطان عن النتائج التي توصل إليها الطرفان المتفاوضان والحصول على التعليمات التي يجب اتباعها. وبعد مشاورات طويلة لعب فيها ولي العهد آنذاك مولاي الحسن دورا أساسيا في توجيه الموقف الذي اتخذه سيدي محمد بن يوسف من المخطط، وهوالموافقة على المخطط مع التحفظ بإعلان ضرورة بقاء مجلس العرش مؤقتا إلى حين عودة السلطان إلى أرض الوطن.

                              عودة محمد الخامس
                              إن قرار الإقامة العامة بنفي السلطان محمد بن يوسف، والذي تم في فترة متزامنة مع مناسبة الاحتفال بعيد الأضحى، قد أدى إلى انتشار سخط عارم وسط الشعب المغربي. واجه السلطان سيدي محمد بن يوسف هذا الحدث الأليم الذي وقع في تاريخنا الوطني بعزم وثبات معتمدا على إيمانه وإخلاص شعبه الوفي الذي لم يقبل أبدا أن يبعد عنه الأب الروحي للوطنية المغربية. ففي هذا السياق، اندلعت أحداث دموية في العديد من المدن والبوادي. وأمام هول وشراسة المقاومة، لم يجد الفرنسيون بدا من الرضوخ لفكرة إعادة السلطان الشرعي محمد بن يوسف إلى بلده والعدول عن فكرة إبعاده عن العرش. وفي هذا الإطار عاد محمد بن يوسف إلى أرض الوطن يوم 16 نوفمبر 1955 .

                              تشكيل أول حكومة بعد الحماية
                              قام مبارك البكاي يوم 6 نوفمبر 1955، تحت إمارة السلطان محمد بن يوسف بتشكيل أول حكومة وطنية. وكان الهدف الرئيسي لهذه الحكومة هو متابعة المفاوضات مع سلطات الحماية من أجل استرجاع استقلال البلاد، إضافة إلى بناء الدولة المغربية وتنظيمها. وقد كثف من أجل ذلك السلطان سيدي محمد بن يوسف وبجانبه ولي العهد آنذاك، مولاي الحسن مجهودات جبارة ومتواصلة، أثمرت بتوقيع عقد الاستقلال في يوم 2 مارس 1956 بالكي دورسي.

                              استرجاع المنطقة الخليفية ومنطقة طنجة الدولية
                              مباشرة بعد استرجاعه لمنطقة الحماية الفرنسية، وجه محمد بن يوسف مجهوداته نحو استكمال الوحدة الترابية بإعادة الجيوب المتبقية تحت الاحتلال إلى أرض الوطن الأم. وفي هذا الإطار فتح مفاوضات مع إسبانيا انتهت بتوقيع معاهدة مدريد التي وضعت حدا للحماية الإسبانية في المنطقة الشمالية يوم 7 أبريل 1956. وباستعادة هذه المنطقة من أرض المغرب، يكون محمد الخامس قد أزال الحدود الوهمية التي وضعتها كل من فرنسا وإسبانيا بالمغرب طيلة 43 سنة بين المنطقتين الخليفية والجنوبية.

                              وفاة محمد الخامس
                              لما سقط جلالة الملك محمد الخامس مريضا، أدخل بسرعة إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية. لكن لسوء الحظ لقي ربه في اليوم الموالي ليخلف موجة من الأسى والحزن لدى الشعب المغربي.

                              سجل الأحداث
                              - 30 أغسطس 1909 : ميلاد الملك محمد الخامس.

                              - 18 نوفمبر 1927 : اعتلاء العرش خلفا للسلطان مولاي يوسف.

                              - 26 نوفمبر 1927 : يستقبل المقيم العام الفرنسي بالمغرب السيد ستيغ.

                              - 9 يوليو 1929 : ميلاد الحسن الثاني بالرباط.

                              - 13 ماي 1930 : محمد الخامس يوشح المقيم العام بوسام الاستحقاق المدني للدولة الشريفة بمناسبة عيد الأضحى.

                              - 16 ماي 1930 : فرنسا تصدر الظهير البربري الذي كان يهدف إلى الفصل بين العرب والبربر في المغرب وهو ما أثار موجة احتجاجات ومظاهرات وطنية عارمة.

                              - ماي 1934 : خروج مظاهرة مؤيدة لجلالته في فاس عندما كان متوجها لأداء صلاة الجمعة.

                              - 8 أكتوبر 1936 : جلالته يستقبل المقيم العام الجديد بالمغرب الجنرال نوغيس .

                              - 22 مارس 1937 : تدشين مدرسة محمد بن يوسف بمراكش .

                              - 1939 : اندلاع الحرب العالمية الثانية.

                              - ديسمبر 1939 : جلالته يوجه نداء في كل المساجد ويطلب من الشعب المغربي دعم فرنسا في الحرب العالمية.

                              - 1940 : انهزام فرنسا في مواجهة القوات الألمانية.

                              - 1940: جلالته يرفض تطبيق قوانين الاستثناء التي أبرمت في فيشي ضد الجالية اليهودية.

                              - 02 يناير 1942 : افتتاح المدرسة الثانوية الملكية بالرباط حيث ألقى الحسن الثاني أول خطاب له.

                              - 8 نونبر 1942 : القوات الأمريكية البريطانية تنزل في آسفي والدارالبيضاء والقنيطرة ووهران والجزائر.

                              - 14 يناير1943 : انعقاد مؤتمر آنفا بالدار البيضاء بحضور وينستون تشرشل و فرانكلين روزفلت ودوغول وجيرو.

                              - 22 يناير 1943: مأدبة عشاء ولقاء بالدار البيضاء بين جلالة المغفور له محمد الخامس والرئيس الأمريكي روزفلت.

                              - 21 يونيو 1943 : تعيين المارشال بيو مقيما عاما جديدا بالمغرب .

                              - 10 جينور 1943 : تأسيس حزب الاستقلال.

                              - 11 يناير 1944 : تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال إلى الإقامة العامة بالمغرب.

                              - 28 يناير 1944 : الجنرال دوغول يرسل مبعوثه في الشؤون الخارجية روني ماسيكلي إلى الرباط من أجل دعوة المغفور له محمد الخامس إلى "احترام مقتضيات معاهدة فاس" .

                              - 16 فبراير 1945 : تدشين مدرسة مولاي عبد الله بسطات.

                              - 22 مارس 1945 : إعلان إنشاء الجامعة العربية في الإسكندرية.

                              - 8 ماي 1945 : انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

                              - 16 يونيو 1945 : الجنرال دوغول يستقبل "رفيق التحرير" جلالة المغفور له محمد الخامس بقصر الرئاسة الفرنسية.

                              - 23 مارس 1946 : تعيين الماريشال إريك لابون مقيما عاما جديدا بالمغرب .

                              - 10 أبريل 1947 : جلالة المغفور له يوجه خطابه التاريخي من طنجة والذي طالب فيه باستقلال المغرب ووحدته الترابية.

                              - 13 ماي 1947 : تعيين الجنرال جوان رئيس أركان الدفاع الوطني مقيما عاما جديدا بالمغرب

                              - 9 أكتوبر 1950 : جامعة بوردو تمنح المغفور له محمد الخامس الدكتوراة الفخرية وتمنح ولي عهده جلالة المغفور له الحسن الثاني شهادة الباكلوريا في القانون.

                              - 26 يناير 1951 : الجنرال جوان يوجه إنذارا لجلالة المغفور له محمد الخامس يدعوه فيه إلى التبرؤ من حزب الاستقلال علنا أو التنازل على العرش وإلا "فإنه سيخلع عنوة".

                              - ديسمبر 1951 : الجنرال جوان يغادر المغرب ويعوضه الجنرال أوكستان كيوم في منصب المقيم العام.

                              - 27 أكتوبر 1952 :الشعب المغربي يقاطع انتخابات الغرف الاستشارية المغربية التي نظمتها الإقامة العامة والتي كانت تهدف إلى المس بالسيادة المغربية وانفجار اضطرابات غاضبة في الدار البيضاء خلفت 5 قتلى و 40 جريحا.

                              - 14 مارس 1952: جلالة المغفور له محمد الخامس يرسل مذكرة جديدة إلى باريس يدعو فيها فرنسا إلى تمكين المغاربة من الحريات العامة والاعتراف لهم بحقهم في تكوين النقابات وتمتيع المغرب بحكومة ذات صبغة تمثيلية تشكل من قبل الدولة المغربية والإسراع ببدء المفاوضات بين فرنسا والمغرب على أساس المذكرة التي رفعها جلالته سنة 1950 والمنادية باستقلال الأمة.

                              - أكتوبر 1952 : فرنسا تقترح نهج سياسة التبعية المشتركة التي تعني إقامة إدارة ومجالس مشتركة وبدء المفاوضات انطلاقا من مقتضيات معاهدة فاس وجلالة المغفور له محمد الخامس يرفض هذه المقترحات لأنها "تنزع عمليا في روحها واتجاهاتها إلى اقتسام السيادة المغربية".

                              - 1 يونيو 1953 : جلالته يطلب من فرنسا وضع حد للعصيان المنظم والمدبر من طرف فرنسا "لأن من شأنه أن يدهور إلى حد كبير العلاقات الفرنسية المغربية".

                              - 11 أغسطس 1953 : وزير الخارجية الفرنسي جورج بيدو يبرق إلى الجنرال كيوم طالبا منه أن يهدئ الكلاوي "بعد جولة التهريج التي قام بها".

                              - 13 أغسطس 1953 : فرنسا تضغط على المغفور له من أجل التنازل على عدد من حقوقه السياسية.

                              - 16 أغسطس 1953 : مظاهرات عنيفة ضد الاستعمار وأعوانه في مراكش وفاس والدار البيضاء والرباط وسلا ومكناس ووجدة.

                              - 20 أغسطس 1953 : سلطات الحماية تنفذ مؤامرتها وتقدم على نفي جلالة المغفور له محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى مدغشقر واندلاع ثورة الملك والشعب.

                              - 11 ديسمبر 1953 : المقاوم علال بن عبد الله ينفذ محاولة اغتيال بن عرفة صنيعة المستعمر.

                              - نهاية 1953 : الدول العربية تقدم للأمم المتحدة مشروع قرار يطالب بتمكين المغرب من حق تقرير مصيره وتزايد المواجهات الدموية بين الوطنيين وقوات الاستعمار.

                              - 23 أغسطس 1955 : انطلاق مؤتمر إيكس ليبان بين المغرب وفرنسا تقرر خلاله تنحية بن عرفة وإقامة مجلس وصاية والتعجيل بتشكيل حكومة مغربية تمثيلية لمختلف الاتجاهات.

                              - فاتح نوفمبر 1955 : جلالة المغفور له محمد الخامس يجري محادثات مع السيد بيني وزير الخارجية الفرنسي تناولت قضية عودة جلالته إلى المغرب.

                              - 10 نوفمبر 1955 : جلالة المغفور له محمد الخامس يلتقي مقيم فرنسا الجديد بالمغرب السيد اندري دوبوى بقصر هنري الرابع بسان جرمان ويعرب له عن رغبة جلالته في بدء المفاوضات بين "الحكومة المغربية وحكومة الجمهورية الفرنسية في أقرب وقت".

                              - 16 نوفمبر 1955 : عودة المغفور له محمد الخامس إلى المغرب من منفاه.

                              - 7 جينور 1955 : جلالته يلقي خطابا بمناسبة تشكيل أول حكومة مغربية ائتلافية مستقلة برئاسة السيد محمد البكاي.

                              - 15 فبراير 1956 : زيارة جلالة المغفور له إلى فرنسا وافتتاح المفاوضات حول استقلال المغرب وتمكينه من سيادته وتحديد طبيعة العلاقة التي ستجمع المغرب بفرنسا.

                              - 2 مارس 1956 : جلالته يعلن استقلال المغرب.

                              - 4 أبريل 1956 : المغفور له يقوم بزيارة رسمية لإسبانيا.

                              - 5 أبريل 1956 : افتتاح المفاوضات المغربية الإسبانية لاستكمال الوحدة الترابية للمغرب.

                              - 7 أبريل 1956 : صدور التصريح المشترك المغربي الإسباني الذي أكد اعتراف إسبانيا باستقلال المغرب واحترامها لوحدة ترابه وسيادته التامة.

                              - 13 ماي 1956 : جلالة المغفور له يستقبل أرباب الصحافة المغربية والأجنبية بالمغرب .

                              - 14 ماي 1956 : إنشاء القوات المسلحة الملكية.

                              - 16 ماي 1956 : إنشاء الأمن الوطني.

                              - 15 يوليو 1956 : جلالة المغفور له يوجه تحية ملكية لأبطال الريف في خطاب وجهه بالناظور أكد فيها على اعتزاز المغرب بجهاد أبناء هذه المنطقة ضد المستعمر.

                              - 20 يوليو 1956 : قبول المغرب عضوا في حظيرة الأمم المتحدة بإجماع الأعضاء.

                              - 25 ديسنبر 1956 : المغفور له يقوم بزيارة رسمية لوجدة ويدشن فيها المعهد العلمي.

                              - 2 أكتوبر 1956: المغفور له يفتتح أول دورة قضائية لمحكمة الاستئناف العصرية بالرباط.

                              - 27 أكتوبر 1956 : المغفور له يكلف السيد امبارك البكاي بتشكيل حكومة جديدة.

                              - 12 نوفمبر 1956 : المغفور له يفتتح المجلس الوطني الاستشاري.

                              - 29 أكتوبر 1956 : المغفور له يعين أعضاء مجلس التاج.

                              - 9 يوليو 1957 : تعيين الأمير مولاي الحسن رسميا وليا للعهد.

                              - 23 أكتوبر 1957: تأسيس المجلس الأعلى للقضاء.

                              - 15 نوفمبر 1958 : إصدار ظهير الحريات السياسية.

                              - 23 نوفمبر 1957 : زيارة جلالة المغفور له محمد الخامس للولايات المتحدة الأمريكية.

                              - 27 نوفمبر 1957 : جلالته يحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة جورجتاون.

                              - 9 جينور 1957 : جلالته يلقي خطابا بالأمم المتحدة.

                              - 21 جينور 1957 : تدشين أول جامعة مغربية عصرية.

                              - 17 فبراير1958 : المغرب يستكمل وحدته الاقتصادية والمالية وجلالة المغفور له محمد الخامس يوجه خطابا بالمناسبة.

                              - 10 أبريل 1958 : استرجاع طرفاية التي كانت خاضعة للاستعمار الإسباني.

                              - 15 أبريل 1958 : مؤتمر أكرا بغانا يدين بمبادرة من جلالة المغفور له محمد الخامس الإمبريالية ويطالب بتحرير القارة الإفريقية.

                              - أكتوبر 1958 : انضمام المغرب إلى الجامعة العربية.

                              - 29 ماي 1959 : تدشين المعهد الإسلامي بتارودانت.

                              - 2 يوليو 1959: جلالة المغفور له يدشن "بنك المغرب".

                              - 19 أكتوبر 1959 : افتتاح المجلس الأعلى للقضاء.

                              - 22 جينور 1959 : جلالة المغفور له يجري محادثات مع الرئيس إيزنهاور حول جلاء القوات الأمريكية عن التراب المغربي ويوقع معه اتفاقا بجلائها قبل نهاية سنة 1963.

                              - 4 يناير 1960 : جلالته يتسلم الدكتوراه الفخرية من الجامعة اللبنانية.

                              - 6 يناير 1960 : جلالته يبدأ جولة في منطقة الشرق الأوسط.

                              - 13 يناير 1960 : جامعة الأزهر تمنح الدكتوراه الفخرية لجلالته.

                              - 29 يناير 1960 : جلالته يزور مخيمات اللاجئين بأريحا.

                              - 2 مارس 1960 : جلالته يوجه نداء إلى الشعب المغربي عقب الزلزال الذي ضرب مدينة أكادير ويقوم بزيارة لها.

                              - 22 أبريل 1960 : جلالته يراسل الرئيس الأمريكي أيزنهاور في شأن القضية الجزائرية ويدعوه إلى التدخل لدى الحكومة الفرنسية لوقف نزيف الحرب الدائرة في الجزائر وتمكين شعبها من استقلاله.

                              - 30 أبريل 1960: تدشين المحطة الإذاعية "صوت المغرب".

                              - 31 ماي 1960: إجراء أول انتخابات للمجالس البلدية والقروية.

                              - 14 يونيو 1960: جلالة المغفور له محمد الخامس يوجه خطابا للرئيس الإسباني الجنرال فرانكو يطالبه فيه بانسحاب القوات الإسبانية الكامل من المغرب.

                              - 18 يونيو 1960 : إجراء أول عملية إحصاء في المغرب.

                              - 7 نونبر 1960 : جلالته يفتتح أشغال المجلس المكلف بوضع دستور للمملكة.

                              - يناير 1961 : انعقاد مؤتمر رؤساء الدول الإفريقية بالدار البيضاء وجلالته يلقي خطابا في افتتاح اللقاء.

                              - 26 فبراير 1961: وفاة جلالة المغفور له محمد الخامس .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X