إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تاريخ السحر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46

    عند مراجعة التاريخ اليهودي ، نجد أن بني إسرائيل الذين كانوا يتصفون بميلهم إلى الوثنية اعتمدوا على عدة روافد لتلك الثقافة الوثنية ، لا سيما من خلال الثقافنين اللتين عاصرتاها و امتزجتا بها ، الثقافة الفرعونية المصرية القديمة ، و الثقافة البابلية .

    أولاً :
    في مصر القديمة :
    لا شك أن بني اسرائيل خلال وجودهم في مصر تأثَّروا كثيرا بالثقافة الوثنية التي كانت سائدةً هنالك ، إلاَّ أنهم و بعد خروجهم من مصر احتفظوا بالكثير من الممارسات الوثنية لدى المصريين القدماء ، محاولين بذلك إدخالها على دينهم اليهودي الذي اختلطت به وثنيات و أساطير كثيرة، فقد عرفوا تقاليد كابالا المصرية القديمة ونقلوها من جيل إلى جيل كتعاليم شفوية .

    فالحضارة الفرعونية المصرية تعد من أقدم الحضارات الإنسانية، وكان الفراعنة على رأس السلطة،حيث يحكمونها بمطلق الدكتاتورية ، ثم يأتي فريقان مهمان كانا يحيطان بفرعون :

    ـ الجيش والذي يمثل القوة المادية لفرعون.
    ـ السحرة أو الكهان، و الذين كانوا يمثلون الفكر والفلسفة التي يعتمد عليها فرعون، مع اشتغالهم بالسحر أيضاً و تأديتهم لطقوس سحرية معينة من السحر الأسود ، بالإضافة إلى اشتغالهم ببعض العلوم الطبيعية كعلم الفلك والرياضيات والهندسة .
    قد تكونت خلال هذه الحضارة قاعدة هائلة من الثقافة السحرية السوداء ، وانتقلت تلك الثقافة تدريجياً الى بني اسرائيل من خلال إقامتهم عدة قرون في مصر ،
    وتشكَّلت في هيئة تعاليم كهنوتية و فلسفية و سحرية عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بثقافة الكابالا ، و التي قاموا من خلالها بنقل التراث الوثني لمصر القديمة إلى الأجيال الأخرى .

    ومن مظاهر تأثَّر بنو اسرائيل بالثقافة المصرية القديمة

    1ـ نقل الوثنية المصرية إلى التوراة مما أدَّى بهم بالطبع إلى التحريف الكامل للتوراة ، و لا يمكننا فهم هذه الظاهرة وهي ظاهرة اشتياق بني إسرائيل للأوثان ولعبادة العجل، مع توالي دعوة التوحيد اليهم من خلال أنبياء كثر ، بدءاً بإسحاق ويوسف عليهما السلام وانتهاء بموسى عليه السلام ، و لكن يمكن تفسير هذه الظاهرة بتأثير الجو الوثني الذي عاشوا فيه مئات السنين ، و الذي كان قد أثر فيهم تأثيراً بالغاً .
    ونستطيع أن نشير إلى أمثلة عديدة لتسلل الفلسفة الوثنية والنظرة الوثنية اللاهوتية إلى التوراة حيث أضيفت صفات إنسانية وأنواع من الضعف الإنساني إلى الله تعالى ، مثل تعب الله بعد خلقه العالم واستراحته في اليوم السابع، وقيام يعقوب عليه السلام بالمصارعة مع الله وتغلبه عليه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواَّ كبيرا ، و كذلك تصوير (يهوه) وكأنه إله بني إسرائيل فقط وليس رباً للعالمين كما كان اعتقاد الفراعنة المصريين بآلهتهم ونقل عبادة العجل المسمَّى الإله هاثور عند المصريين الى الديانة اليهودية ، وكان العجل (الإله هاثور) معبوداً لدى المصريين كما هو معلوم ، و يُعَدُّ رمزاً لعبادة الشمس ،
    يقول الباحث "ريتشارد ريفز" في كتابه "مدة طويلة تحت الشمس"
    "لقد كان الثور و البقرة أي "هاثور" و"أبيس" من آلهة مصر القديمة ورمزين لعبادة الشمس وكانت عبادة المصريين لهذين الإلهين لا تعد إلا جزءاً صغيراً من التاريخ الطويل لعبادة المصريين الشمس".

    لذا فإن بني إسرائيل الذين عاشوا قلة مستضعفة في هذا المجتمع الوثني تأثروا بشكل شعوري ولا شعوري بهذا الجو الوثني فما إن رأوا بعد خروجهم من مصر قوماً يعبدون العجل حتى طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً مثل آلهة أولئك ، فلما غضب موسى عليه السلام من هذا الطلب. وذكرهم بنعم الله تعالى عليهم طلبوا منه حسب ما أملته عليهم ثقافتهم الوثنية أن يروا الله جهرة.
    قال تعالى :
    وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 (البقرة).
    أي كان من الصعب عليهم تصور إله لا يرونه ولا يستطيعون لمسه لأن المجتمع الوثني الذي نشأوا فيه وهم قلة مستضعفة حفر في أذهانهم وقلوبهم فكرة الإله المرئي الملموس ، لذا فقد كان الانحراف عن دين التوحيد أسهل لدى معظم بني إسرائيل بعد وفاة موسى عليه السلام .
    ج ـ و قد انتشرت عبر الثقافة اليهودية ظاهرة عبادة الشيطان التي كان لها بعض الانتشار في الحضارة المصرية القديمة ، و هي مبنية على الاسطورة الفرعونية القديمة و المشهورة في تلك الحضارة ، و المعروفة باسطورة إيزيس و أوزوريس ، و قد كُتبت حوالى عام 4000 ق . م و هى كأغلب الأساطير المصرية القديمة لها علاقة وثيقة بالمُعتقدات الدينية و بعبادة الشمس و تقديس نهر النيل .

    - و تقول الأسطورة أن أوزوريس هو إبن إله الأرض الذى ينحدر من سلالة إله الشمس رع ، و قد أصبح أوزوريس ملكاً على مصر و علم شعبها كيف يزرع و كيف يصنع الخبز و النبيذ ، و تزوج أوزوريس من أخته إيزيس و تعاونا سوياً لنشر الحضارة فى البلاد .
    و كان أوزوريس محبوباً لدى شعبه و أثار هذا الحب حقد أخيه "ست " الذى أخذ يُفكر فى التخلص من أخيه و الإستيلاء على عرشه ، و إستطاع سِت التخلص من أوزوريس .
    و بعد طول عناء إستطاعت إيزيس هذه الزوجة الوفية بمعونة بعض الآلهة و بسحرها إعادة أوزوريس إلى الحياة الأبدية و أصبح أوزوريس إلهاً بعد بعثه و عاد مرة أخرى إلى الأرض حيث قام بتعليم إبنه ( حورس ) و مساندته ضد عمه ( ست ) و إستطاع حورس فى النهاية التغلب على عمه و الإستيلاء على عرش أبيه .
    و أصبح أوزوريس رمزاً لإله الخير بينما أصبح ست أو "سيتان" رمزا لإله الشر أو الشيطان ، و انتشرت عبادة كلا الإلهين في الحضارة المصرية القديمة .
    و الغريب أننا نجد أثرا كبيرا للتراث اللفرعوني الوثني خلال الفكر اليهودي ، إذ أن التراث اليهودي يختزل هذه الأسماء الوثنية ، بل و تنتشر عبادة الإله "ست" من خلال تعاليم الكابالا اليهودية .

    مظاهر التأثُّر بالتراث الفرعوني :
    ـ تنبؤات المنجم الفرنسي اليهودي الأصل و المنشأ (ميشيل نوستراداموس) ـ المولود عام 1503م / 1566 م ـ و التي اشتهرت في القرن السادس عشر الميلادي و التي ضمّنها كتابه "القرون " و الذي عرِف فيما بعد بتنبؤات نوستراداموس ، و نشر لأول مرة في عام 1555 ميلادية ، و لكن تلك التنبؤات كانت تتكئ على ارث فرعوني قديم انتقل عبر الزمن فيما يسمى بالكابالا ، و كان ميشيل نوستراداموس قد أتقن عن جده الحاخام اليهودي اللغات اللاتينية و الإغريقية و العبرية و أصول الرياضيات و الطب ، و أهتم بصفة خاصة بالتنجيم ، ثم درس الحضارة المصرية القديمة وكان على معرفة واسعة بتاريخها وبآلهة الفراعنة وعلوم السحر التي كانوا أشهر العارفين بها.
    و قد اعترف نوستراداموس بنفسه أنه لم يرفع عينيه عن كتاب قديم اسمه "أسرار مصر" وهذا الكتاب من تأليف يامبليخوس اليوناني، وقد ذكر أنه وجد في هذا الكتاب علماً لم يعرفه أحد، وأن كتاب "أسرار مصر" ليس إلا أسرار الكرة الأرضية وأنه يستطيع عن طريق هذا الكتاب أن يعرف ما الذي سوف يجري على الجبال وفي الأنهار وفي المدن وفي المعابد كلها!
    ، و نحن نعلم أن هذه النبوءات أقرب الى الخرافات منها الى الواقع ، و أنها تحتفُّها أنواع التأويلات لا سيما أنها كُتِبت بلغةٍ رمزية ، فقد استعمل طريقة الجناس التصحيفي أي تغيير أماكن الحروف في الكلمة أو حذف أو تغيير حرف أو حرفين منها أو استخدام الأسماء القديمة و المنسية للمدن و الدول التي كان يعنيها في تنبؤاته و ذلك لإخفاء المعنى عن العامة من الناس و لقد قام بكل هذا حتى لا يقع في قبضة محاكم التفتيش التي كانت تحرق كل من يدّعي بمعرفته الكهانة و السحر ، و لقد ساعدته واستعانت به الملكة كاترين دي مديتشي ملكة فرنسا مما ساعده في نشر كتابه دون خوف من محاكم التفتيش ولكنه أبقى على الترميز فيه و استمر في البلاط الفرنسي إلى أن مات سنة 1566 ميلادية .
    ، إلاَّ أن تلك النبوءات زيد عليها أمثالها خلال طبعاتها المتلاحقة .

    و لكن لا نستبعد أن يكون بعضها من بقايا علوم المنجمين المصريين التي جمعوها خلال عدة آلاف من السنين ،كما اعترف نوستراداموس نفسه بذلك ، لا سيما أن ذلك الزمن قبل حراسة السماء بالشهب عن الجن .

    قال تعالى في كتابه الكريم
    { وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا } سورة الجن – (آية 8 ، آية 9) .

    ـ و من مظاهر التأثر اليهودي بالموروث الفرعوني كثير من الرموز الفرعونية
    والممارسات الماسونية التي ترمز لتلك الحقة التاريخية ، و التي تعج بها تلك المحافل السرية اليهودية .
    1ـ و من مظاهر التأثر اليهودي بالموروث الفرعوني أن أول محفل ماسوني افتتح كان يحمل اسم "ايزيس" الإله الفرعوني .

    2 ـ إدخالهم بعض تعاليم سحرة فرعون أو من عُرِفوا "بكهنة آمون" في التوراة، أي تأثر حاخامات اليهود بتعاليم كابالا ونقلوا بعضها إلى التوراة وبعضها كتعاليم شفوية نقلت من جيل إلى آخر.
    يقول الكاتب البريطاني "ناستا ه. وبستر" "على الرغم من قيام تعاليم موسى (أي التوراة) بلعنة السحر إلا أن اليهود تجاهلوا هذا اللعن، وتورطوا في هذه التعاليم السحرية وخلطوا تقاليدهم المقدسة بالأفكار والتعاليم السحرية التي اقتبسوها من الأمم الأخرى".
    وكانت فلسفة كابالا قائمة على أساس أن الكون تشكل بنفسه وتطور تلقائياً بعوامل المصادفات العشوائية. يقول مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام":
    "كان المصريون القدماء يؤمنون بأن المادة كانت موجودة منذ الأزل، حيث أن الدنيا وجدت بولادة النظام من رحم الفوضى والعماء و الظلام (وهو نفس ما كان يعتقده السومريون أيضاً)... وكان لهذه الهاوية قوة داخلية ثم أمرت هذه القوة الخالقة نفسها ببدء النظام. ولم تكن هذه القدرة السرية الموجودة داخل المادة في هذه الفوضى على وعي بذاتها... كانت هذه القوة احتمالاً من الاحتمالات وقوة ظهرت من رحم الفوضى نتيجة مصادفات عمياء".
    والمذهل في الأمر أن هذه الفلسفة المصرية الوثنية هي الفلسفة المطروحة في أيامنا الحالية من قبل أنصار "نظرية التطور" و"نظرية الفوضى" لا سيما في مجموع طروحات ماركس و دارون مع الفلسفة الهيغلية ... فتأمل!
    ويتابع مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام" شرح هذه الفلسفة المصرية الوثنية كما يأتي: "..والغريب أن هذا التعريف للخلق يتطابق تماماً مع النظرة الحالية للعلم الحديث ولا سيما مع "نظرية الفوضى" من ناحية تطور الأنظمة المختلطة والمشوشة رياضياً مكررة نفسها رياضياً ونتيجة للنظام".
    وعلى الرغم من أن قصة الخلق الواردة في التوراة تختلف تماماً عن هذه الفلسفة الوثنية، إلا أنها مع ذلك سرت إلى الدين اليهودي.

    يقول السيد مراد وزكن "وهو ماسوني تركي:
    ... إن أهم شيء في تعاليم "كابالا" الذي ظهر قبل التوراة بزمن طويل هو يتعلق بنشوء الكون، فهو على عكس الأديان المعترفة بالخلق مختلف عن قصة الخالق، فحسب نظرة الكابالا ولدت موجودات مادية ومعنوية في بداية الخلق ما يدعى ب"الدوائر" أو "الأفلاك" أطلق عليها اسم (سفيروت). ومجموعها 32 دائرة أو فلكٍ، يعود عشرة منها إلى النظام الشمسي والباقي إلى المجموعات النجمية الأخرى.

    ويتبين من هذا وجود علاقة قريبة بين هذا النظام العقائدي وبين علم الفلك القديم".
    إذن فنظرية التطور الحالية وصلت الينا عن طريقة ثقافة الكابالا التي تعود إلى جذورها في الفلسفة المصرية الوثنية القديمة ، و بذلك نعرف طبيعة الجهات التي تقف وراء الدفاع عن نظرية التطور على الرغم من تهاويها علمياً

    تعليق


    • #47



      ثانياً
      في بابل القديمة

      في الألفية الخامسة ق.م كانت بداية الحضارة السومريية في بلاد الرافدين ، حيث كون السومريون العبِيديون بجنوب العراق االمدن السومرية الرئيسية كأور عاصمة "بابل" ونيبور ولارسا ولجاش وكولاب وكيش وإيزين وإريدو و أد .
      و اشتهرت بابل في ذلك الوقت بممارسة كثير من الطقوس و التعاليم السحرية ، ففي تلك الفترة تقريباً ـ على الأظهر ـ أنزل الله الملكين هاروت وماروت بمدينة بابل لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله عز وللتمييز بين السحر والمعجزة ، حتى يتبين للناس صدق الرسل و الأنبيا و كذب الدجاجلة و السحرة ، و في إنزال السحر على يد الملكين في بابل يقول الله تعالى عن اليهود الذين جاؤوا من بعد نزول الملكين "هاروت و ماروت" بِمُدةٍ طويلةٍ :
      {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

      و انتشر السحر في بابل القديمة منذ أيام السومريين ، و بما أنه من المشهور تاريخيا أن السحر بدأ في بلاد فارس في الألف الخامسة قبل الميلاد على يد كاهن يسمى "زورستر" ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم ، فالأرجح أن يكون زورستر قد أخذ ذلك عن أهل بابل ، إذ ان البابليين السومريين "العبيديين هاجروا الى مرتفعات ايران بسبب الفيضانات السنوية التي كانت تهدد حياتهم ومزروعاتهم ونقلوا معهم تقاليدهم في بناء المنازل . و استمرت 400 سنة حتى انحسرت مياه الفيضان عن جنوب وادي الرافدين .

      و في القرن العشرين ق.م ، و في عهد الكلدانيين عاش إبراهيم الخليل عليه السلام ،
      و كان السحر قد استشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء و كهنة و سحرة بابل ، الذين كانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الرُّقى والعُقَد والنفث فيها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات .

      و قد اتخذت تلك الاساطيرو الخرافات السومرية والبابلية و ما خالطها من الشعبذات و الطلاسم و الممارسات السحرية عدة امتدادات دينية و عرقية خلال مساراتها التاريخية ، و للتأمُّل يلاحظ ـ مثلاً ـ أن طقوس التعميد ـ و هي طقوس تنشأ في المجتمعات التي تعيش على ضفاف الأنهار الكبيرة كنهر الغانج في الهند ، و كذلك الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ـ قد تسربت إلى كل من الصابئة و اليهود و النصارى مع كثير من الطقوس و التعاليم الطوطمائية عن طريق الثقافة البابلية .

      و من تلك الامتدادات التاريخية الشهيرة :

      1ـ الامتداد التاريخي من خلال تلك الحضارات المعاصرة أو التالية للحضارة البابلية كالحضارة الفرعونية مثلا و كذلك الفينيقيين و التدمرييين .

      2ـ الامتداد المندائي من خلال فرقة الصابئين المندائيين ، و التي تسربت عبرها كثير من تلك الطقوس و التعاليم ، و إن كان أكثرها ينحصر في عالم الأفلاك و مخاطبة النجوم ، و الذي اشتهرت به تلك الطائفة ، و قد انتقلت بعض تلك المارسات إلى بعض الطوائف الاسماعيلية .

      3ـ الامتداد التوراتي في الديانة اليهودية من خلال الشروحات التلمودية للتوراة .

      4ـ الامتداد التوراتي في الديانة االنصرانية من خلال شروحات العهد الجديد "الانجيل" ، و هذه أقل الامتدادات ، و إن كانت نظهر جليا في الطائفة السريانية " الآرامية" .

      5ـ الامتداد التوراتي من خلال الطائفة القبالية "طائفة الكابالا" في الديانة اليهودية و كتابها الأسود المعرروف بـ "الزوهار"، و هي محلُّ بحثنا هذا .
      و الكابالا فرقة أو مذهب يهودي يقوم على تفسيرات باطنية للأفكار التلمودية من التعاليم الغيبية و الروحانية والتي تشتمل على السحر والممارسات الصوفية ، ولا يرفض اليهود هذه التعاليم ، بل يعتبرونها الحلقة الداخلية التي لا يكشف عنها "للأغيار" والتي تعبر عن التقوى والولاء في ديانتهم.

      وقد سميت أولا الحكمة المستورة، ومن ثم تغيرت واصبح اسمها القبالة؛ والكلمة من أصل آرامي ومعناها القبول أو تلقي الرواية الشفهية ، و قد تأثرت القبالة بفلسفات هندية وفارسية ويونانية إشراقية، كما أنها أخذت بفكرة الانتظار. ومن أهم الشخصيات التي كونت الخطوط العريضة للكابالا : سمعان بن يوشاي من القرن الثاني الميلادي، وقد اختفى عن الأنظار مدة في مغارة ومن ثم خرج عليهم ليقول: إن أسراراً قد كشفت له، وأنه قد حصَل له شكلٌ من الكشف أو الإلهام ، ثم عادت مواثيق و أفكار طا
      ئفة القبالة لتشق طريقها بقوة بين اليهود بدءاً من القرن الثالث عشر الميلادي، مما أنتج مجموعة من التعاليم و النصوص التي جمعت ـ فيما بعد ـ في كتاب سموه: "زوهار" و الذي يضم ذروة فكر الكاباليين .

      والزوهار كلمة آرامية معناها النور أو الضياء، و قد قام بتدوين "الزوهار" بالآرامية حينذاك موسى اللبوني (1250 م ـ 1305 م ، ـ في اسبانيا ـ في صيغة تعاليق على الكتاب المقدس إلا أن قسماً كبيراً من هذه النصوص تعود إلى القرن الثاني الميلادي مع سمعان بن يوشاي ، و يوجد مركز "الكابالا"الآن في لوس انجلوس ، كما يقيم الزعيم الروحي لطائفة الكابالا الحاخام فيليب بيرغ في مدينة نيويورك.

      اليهود ورثة سحر بابل


      لم يشتغل أناس بالسحر مثلما اشتغل بنو إسرائيل، اليهود، على مدار تاريخهم منذ موسى عليه السلام ، رغم أن الله عز و جل حرم عليهم الاشتغال بالسحر ، كما في توراتهم ، إذ قبل موسى عليه السلام كان بنو اسرائيل وثنيين ، يعبدون تماثيل من حجر أو خشب، حتى أنهم عبدوا العجل في وقت موسى عليه السلام ، وكانت الشياطين تكلم الناس وهم لا يرونهم ويتلبسون بهم ويصرعونهم ، فكان بنو اسرائيل يستغيثون بالتماثيل و كهنتها ، ويطلبون من القائمين عليها عمل أي شيء يشفيهم من أمراضهم، ولما ازداد اعتقاد الناس فيهم ادعى الكهنة أنهم يعلمون الغيب ويحددون ويعرفون مواقع النجوم وقادرون على تغيير النحس الى السعد وطرد الأرواح الشريرة المتلبسة الأجساد ، مما روج كثيرا للسحر بين بني اسرائيل .

      وفي عهد سليمان عليه السلام كان السحر متفشياً في بني اسرائيل ، فجمع سليمان كتب السحر والكهانة ودفنها تحت كرسيه ، فلم يستطع أحد من الشياطين أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان ، وذهب العلماء الذين يعرفون الأمر ، جاء الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود ، هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي فحفروا – وهو متنح عنهم – فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحراً ، و لذلك لما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء ، أنكرت اليهود ذلك ، وقالوا إنما كان ساحراً ، فنزل قوله تعالى : (
      وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) سورة البقرة – الآية 102 .

      و في السبي البابلي ازداد اشتغال بني اسرائيل "المسبيين" بالسحر لِما رأوا من ضيق العيش بعد أن كانوا في سعة من المال ، فتعلموا أعمال السحر والتنجيم من البابلين ، بل زادوا عليهم في ذلك ، فكانوا يعملون هناك في السحر ، كما احتالوا على أهل بابل بأن زعموا : أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يسخر الجن ـ بكتاب في السحر ـ في بناء التماثيل والمعابد والمدن ، ولم يبينوا لهم أن الله عز و جل هو الذي سخر الجن لنبيه عليه السلام.

      ثم وضع اليهود كتبا شحنوها بالسحر مثل التلمود و شروحاته المختلفة ، و كذلك كتاب الزوهار الخاص بالقبالة ، و هو في أنواع السحر التي استقوها من البابلييين و كذلك من تاريخهم الوثني ، بل زوَّروا مزمورا خاصاً بعمل السحر أدرجوه في المزامير ففي سفر الزبور "مزامير داود" الموجود في "الكتاب المقدس" المنسوب الى داود عليه السلام وهو عبارة عن مائة وخمسين قطعة تزيد واحدة فيكون العدد مائة وإحدى وخمسين و هذا المزمور الزائد خاص بالسحر و لا توجد هذا المزمور الزائد رقم 151 إلاَّ في النسخة القبطية .و قد انتقلت كثير من الميثولوجيا و الأساطير و العقائد الوثنية مع السحر من البابليين إلى بني اسرائيل ، و قد أشار القرآن الكريم إلى تأثر اليهود بمن كان قبلهم في قوله تعالى :
      {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون } سورة التوبة - سورة 9 - آية 30.

      البابليون القدماء و عبادة الشيطان

      عبادة الشياطين ـ في حقيقة الأمرـ قديمة قدم الشرك ، و قدم الديانات الوثنية نفسها ـ، إذكانت موجودة منذ تحوَّل الناس عن الحنفية التي نزل بها آدم عليه السلام إلى الشرك و اتخاذ الأنداد من دون الله .

      و عبادة الشياطين لها جذور في معظم الحضارات القديمة و التي كانت في الغالب حضارات وثنية ، حيث تتطلب الممارسات الوثنية و من الكهنة طقوساً سحرية خاصةً تقدم لعالم "الأرواح الشريرة" للاستعانة بهم في تحقيق مرادات الكهنة و مرتاديهم ، و بالتالي نستطيع أن نستنتج بداية تاريخ هذه العبادة من خلال تاريخ السحر نفسه .
      أمَّا بالنسبة إلى عبادة إبليس نفسه لكونه رمزا لغلبة الشر المحض ، فقد أشار القرآن الكريم إلى عبادة الشيطان في عدة مواضع ، قال تعالى :
      { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} .

      ـ و من أقدم ما ذكر في تاريخ هذه العقيدة الشيطانية

      1ـ ما كان في بابل و أشور، حيث تذكر الأساطير البابلية و الآشورية أن هناك آلهة للنور وآلهة للشر ، و أنهما كانا في صراع دائم، وعندما يخاطب إبراهيم عليه السلام والده ـ ناصحاً له ـ فإنه يقول له:
      {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} .
      هذه الآيات وغيرها دليل على وجود عبادة الشيطان منذ القدم ، لا سيما لدى البابليين .

      2ـ و يبدو أن البداية المعتمدة أو الجذور المعروفة لهذه الديانة ترجع إلى أرض فارس، حيث بدأت عبادة شياطين الليل المفزعة ، ثم تطورت لتعبر عن مطلق الشر ، ثم تطورت ـ مرةً أخرى ـ لتعبر عن الشر بالظلمة، والخير بالنور، من خلال العقائد الثنوية التي كانت تؤمن بإلهين ؛الأول إله النور الفاعل لكل ما هو خير ؛ والثاني إله الظلمة الفاعل لكل ما هو شر و هو الشيطان ؛ و يقتسم ـ في زعمهم ـ الإلهان السيطرة علي الكون .
      وتفرض المثنوية لإله الشر في بعض الأزمنة سلطانا أكبر من سلطان إله الخير على الأرض ، فترى أن النور و الخير منفردان بالسماوات ، و أن الظلمة و الشر غالبان على الأرضين.
      و تقوم مجموعة الديانات الفارسية على معتقد أن العالم مركب من أصلين "اثنين" قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، و من هذة الديانات الزرادشتية و المزدكية ، وكذلك المجوسيبة التي تعبد النار بصفتها معدن الشيطان و أصله .
      ، و تبعهم في ذلك طوائف عدة تعبد الشيطان منها الشامانية والمانوية ، و اللتان تؤمنان بقوة إله الشر و الظلمة "الشيطان" وتعبدانِه ، ومازال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يقدمون له الضحايا والقرابين

      3 ـ كما تسللت كثير من العقائد اليهودية إلى المسيحية ، و ذلك حينما انتشرت فكرة عبادة الشيطان في التراث اليهودي من خلال ثقافة "الكابالا" ، و من ثَمَّ عبرت عن طريقها إلى المسيحية من خلال بعض الأفكار الغنوصية التي صاحبت انتشار المسيحية في اوربا ، و التي ترى في العالم أنه في الحقيقة هو الجحيم المطلق, وأنه عالم الشر ولا يمكن أن يخلقه إله خير , وهم يعتبرون أن كل القصص التي تتحدث عن الخلق في الديانات السماوية مغلوطة ، و لَمَّا كانت المسيحية نفسها لا تنفي غلبة الشيطان على العالم الأرضي ، أدَّى ذلك إلى تكريس فكرة عبادة الشياطين اتقاءً لشرها المزعوم
      والتي ترتكز على وجود عالمين ، عالم الملكوت و يسيطر فيه أله الخير ، و عالم الكهنوت و يسيطر فيه إله الشر و هو الشيطان

      4ـ كما يجدر بالملاحظة أن المسيحية دخلت آسيا و أوربا الشرقية و عشائرها مؤمنة بالسحر والشياطين ؛ فاختلطت المسيحية هنالك بكثير من عقائد تلك الشعوب من اثبات تغلب الشياطين و مشاركتهم في حكم العالم السفلي و مدافعتهم لإرادة الرب . "تعالى الله عما يقول الظالمون علوا عظيما "
      .
      5ـ كما ظلت ملة " البيوجوميل" ( النحلة الشيطانية) غالبة على عشائر البلغار و البلقان لعدة قرون .
      كما يرجع البعض أسباب شيوع هذه الطائفة الشيطانية في الفترة التي كانت المسيحية في توهجها الأول إلى موقف المسيحية نفسها من تعظيم قدرات الشيطان ، بالإضافة لانتشار المظالم الاجتماعية ؛ وتفسيرها بأنها من ثوابت القدر ، مما دعى البعض إلي الكفر ـ عياذاً بالله ـ بالإله السماوي ؛ والإقبال علي عبادة الشيطان المتمرد .

      6ـ أمَّا في القرون الوسطى، فظهرت في أوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان إلها ومعبوداً ، منها جماعة "فرسان الهيكل" اليهودية ، و التي ظهرت في فرنسا، وكان لها اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان، وتزعم أنه يزورها بصورة امرأة، وتقوم هذه الجماعة بسب المسيح وأمه وحوارييه، وتدعو أتباعها إلى تدنيس كل ما هو مقدس ، و تعتبر جماعة "فرسان الهيكل " طوراً من أطوار الماسونية العالمية .

      وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص أسود يسمونه "الكميسية". وقد انتشرت هذه الجماعة في فرنسا وإنجلترا والنمسا، ثم اكتشفتها الكنيسة، وقامت بحرق مجموعة من أتباعها، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310ـ 1335م، وقد قالت إحدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها: "إن الله ملك السماء، والشيطان ملك الأرض، وهما ندّان متساويان، ويتساجلان النصر والهزيمة، ويتفرد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر".

      7 ـ وفي القرن الرابع عشر أيضاً ( و حين انتشر الطاعون في أوروبا وقتل ثلث سكانها) ارتد عدد كبير عن المسيحية وعبدوا الشيطان بدعوى أنه اغتصب مملكة السماء (سبحانه وتعالى عما يصفون) ..

      8 ـ ثم ظهرت عدة جماعات مشابهة بعد ذلك، أخذ بعضها يمارس تعذيب الأطفال وقتلهم، وقد خطف لهذا الغرض مئات الأطفال بين عامي 1432ـ 1440م، والبعض الآخر أخذ يقوم بتسميم الآبار والينابيع مثل "جمعية الصليب الوردي".

      9ـ وفي القرن السابع عشر ظهرت جمعية تسمى "ياكين" تمارس الطقوس نفسها، وقد أعدم منها فوق الثلاثين فرداً.

      10ـ ثم ظهرت جمعيات أخرى مثل: الشعلة البافارية، و الشعلة الفرنسية، وأخوة آسيا.

      11ـ وفي 1770، أسس الألماني المتصهيِن آدم وايزهاويت مذهباً مشابهاً باسم "النورانيين" أو "حملة النور الشيطاني"، وقد أغلقت حكومة بافاريا محافل هذا المذهب سنة 1785، وحظرت أي نشاط لها، ثم اختفت هذه الأفكار لتعاود الظهور في منتصف الأربعينات من القرن العشرين .

      12ـ و ظلت طوائف الشيطان في دائرة الظل حتى تم الاعتراف بها - لأول مرة - بشكل رسمي وعلني في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1966، و ذلك حين تحولت أول كنيسة إلى عبادة الشيطان في سان فرانسيسكو تحت حماية قانون كاليفورنيا لحرية الأديان (الذي صدر في نفس العام). وقد أنشأها قس مرتد يدعى انطوان لافي ارتد عن النصرانية وادعى انه عقد اتفاقا مباشرا مع الشيطان لتبجيله وعبادته.

      13ـ وفي السنوات التالية تشكلت أعداد أخرى من الكنائس «الإبليسية» و اتخذت شعارات مضادة لعبارات الانجيل ؛ فعلى سبيل المثال بدلا من «طوبى للضعفاء سيرثون الأرض» هناك «طوبى للأقوياء سيدمرون العالم» وبدلا من « من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر» هناك «من ضربك على خدك الأيمن حطم فكه الأيسر».. كما ألغت «التعاليم العشرة» وشجعت على ممارسة «الخطايا العشر» كالقتل والكذب والسرقة والاغتصاب..!.

      14ـ و تعتبر الولايات المتحدة مهد الطوائف الشيطانية الحديثة ، فبالإضافة للكنائس المنحرفة هناك معابد وثنية صرفة يحميها القانون (ظهر أولها بشيكاغو في نهاية الستينيات ويقدر عددها اليوم بالآلاف.

      15ـ وهناك طوائف وجمعيات لا تحصى لممارسة السحر الأسود والشعوذة الشيطانية - أكبرها بزعامة امرأة تدعى سيجل ليبك تدعي أنها بالاصل ساحرة ولدت عام 1134 م .

      16ـ وحاليا يوجد في المدن الأمريكية مكتبات ومراكز متخصصة لتزويد الجمهور بما يحتاجونه لعبادة الشيطان و ممارسة السحر والاتصال بالجان ـ بمباركة يهودية ـ . فهناك مثلا محلات نيو ايجز التي تنتشر - كمحلات الهامبرجر - في كل مكان وتبيع كل ماله علاقة بالسحر والشعوذة وعبادة إبليس. ويعتبر المركز الميتافيزيقي في سان فرانسيسكو من أكبر المراكز المتخصصة في عبادة الشيطان ويحقق شهريا أكثر من 200,000 دولار نظير بيع وتأجير «المراجع الروحية» وبيع التعاويذ والأبخرة والأعشاب والكرات البلورية!.

      17ـ و مؤخراً بدأت هذه الممارسات تزدهر علنا في دول أوروبية كثيرة. ففي إنجلترا مثلا هناك تسعة ملايين شخص ينتمون إلى كنائس الشيطان - ومثلهم تقريبا في ألمانيا وإيطاليا. وفي فرنسا هناك مجلة وبرنامج خاص لعبدة الشيطان تقدمه عرافة تدعى «مدام سولي». وفي سويسرا وإيطاليا والنمسا يمارس آلاف الأشخاص بانتظام ما يسمى بالقداس الأسود عند اكتمال البدر..

      18ـ كما أعلن المتحدث الرسمي للجيش البريطاني مؤخرا تعيين الرقيب البحري كريس كرانمر رئيسا للطائفة الشيطانية ، وهذا الاعتراف يعني أحقية الأعضاء في هذه الطائفة بممارسة شعائرهم الدينية وإقامة صلواتهم الخاصة - بل ودفن موتاهم من خلال طقوس شيطانية خاصة.
      فنحمد لله على نعمة الدين ، و على كوننا من عباد الله المسلمين ، و لعنة الله على الظالمين ، و جنود ابليس أجمعين .

      تعليق


      • #48
        اثابك الله...
        سلمت يمينڪ .. وسلم لنا إنتقائڪ
        التعديل الأخير تم بواسطة محمدعامر; الساعة 2013-12-07, 03:32 PM.
        [CENTER][I][FONT=comic sans ms][COLOR=#b22222][SIZE=5]
        سسبحاان الله وبحمده سسبحان الله العظيم[/SIZE][/COLOR][/FONT][/I][/CENTER]

        تعليق


        • #49
          تسجيل متابعة
          [CENTER]هناك حقيقة واحدة دائــماً
          نستطيع ان نكون الخير و الشر اذا كنا نحاول ان نرفع الموت عكس مجرى الوقت
          أحيانا يتطلب منا ان نؤمن بتلك المقولة : Need Not To Know
          Fear Of Death Is Worse Than Death Itself - الخُوف من المُوت .. أسوأ مِن المُوت نفسه
          اذا كنا سنستمر برمي السنارة في بحر مظلم ، فلن نصطاد شيئاً
          مدارك Perceptions

          تعليق


          • #50


            ونستكمل معا تاريخ السحر فى بابل حيث يذكر أبو بكر الرازي المعروف بالجصّاص : " أنَّ أهل بابل كانوا صائبين يعبدون الكواكب السبعة , ويسمونها آلهة ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها , وهم معطلة لا يعترفون بالصانع الواحد المبدع للكواكب وجميع أجرام العالم , وهم الذين بعث الله تعالى إليهم إبراهيم خليله صلوات الله عليه , فدعاهم إلى الله تعالى , وحاجَّهم بالحجاج الذي بهرهم به , وأقام عليهم به الحجة من حيث لم يمكنهم دفعه , ثمَّ ألقوه في النار , فجعلها الله تعالى بردا وسلاما ثمَّ أمره الله تعالى بالهجرة إلى الشام " ..

            ويذكر الجصَّاص أيضا : " أن أهل بابل كانوا يعبدون أوثانا قد عملوها على أسماء الكواكب السبعة , وجعلوا لكل واحد منها هيكلا فيه صنمه , ويتقربون إليه بضروب من الفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقة ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم فعل خير أو شرّ , فمن أراد شيئا من الخير والصلاح بزعمه يتقرب إليه بما يوافق المشتري من الدخن والرقى والعقد والنفث عليها ومن طلب شيئا من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمه إلى زحل , بما يوافقه من ذلك , ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمه إلى المريخ بما يوافقه من ذلك من ذبح بعض الحيـوانات " ويذكر أيضا : أن جميع تلك الرقى بالنبطية تشتمل على تعظيم تلك الكواكب إلى ما يريدون من خير أو شر ومحبة وبغض فيعطيهم ما شاؤوا من ذلك فيزعمون أنهم عند ذلك يفعلون ما شاؤوا في غيرهم من غير مماسّة ولا ملامسة سوى ما قدموه من القربات للكوكب الذي طلبوا منه " ..

            ومن العامة من يزعم أنه يقلب الإنسان حمارا أو كلبا , ثم إذا شاء أعاده , ويركب البيضة والمكنسة والخابية , ويطير في الهواء فيمضي من العراق إلى الهند , وإلى ما شاء من البلدان ثم يرجع من ليلته .. وكانت عوامهم تعتقد ذلك لأنهم كانوا يعبدون الكواكب , وكل ما دعا إلى تعظيمها اعتقدوه , وكانت السحرة تحتال في خلال ذلك بحيل تموّه بها على العامة إلى اعتقاد صحته بأن يزعم أن ذلك لا ينفذ ولا ينتفع به أحد , ولا يبلغ ما يريد إلا من اعتقد صحة قولهم وتصديقهم فيما يقولون ..

            وكان لكهنة الكلدانيين وسحرتهم اعتقادات كفرية شركية في تأثير الكواكب والنجوم على حياة البشر , وينسبون إليها أمورا كثيرة منها أن ظهور كوكب المشتري في الليالي القمرية يبشر النساء الحاملات بالمواليد الذكور , وظهور عطارد دليل على زيادة المعاملات التجارية وتحسين الأحوال الاقتصادية للبلاد وعلو كعب العلم والأدب والمشتغلين به وظهور زحل يدل على الخلافات العائلية وتفشي الإجرام بالطرق السرية , أما ظهور المريخ فمعناه عزل الملوك أو وفاتهم وتفشي المجاعات والأمراض أو اندلاع الحروب , وظهور الزهرة يدل على رواج سوق الزواج خصوصا للعانسات .. وكان السحرة الكلدانيون يعولون في أعمالهم السحرية على حركات هذه الكواكب وأوقاتها وتقابلها وابتعادها وكل ما يتصل بها , وذلك لاعتقادهم الراسخ بتأثيرها على حياة الآدميين .. وكل هذا من الكفر والضلال الذي أضل به شياطين الإنس والجن العباد .. وقد اكتشف الباحثون في آثار الأمم الغابرة كثيرا من الآثار التي خلفتها مدينة بابل , وتدل الكتابات والنقوش التي خلفها البابليون والآشوريون , وكذلك اللوحات المكتوبة بخط المسمار على أن فنون السحر كان لها النصيب الأكبر من هذه الكتابات وال
            نقوش ..
            واستدلوا بتلك الآثار على أن الخوف من الجن والشياطين كان الظاهرة الأساسية في ديانة البابليين والآشوريين , وأن الحياة اليومية عند هذه الأقوام كانت متأثرة بالسحر .. وكانت مدينة ( أور ) القديمة إحدى المراكز القديمة للثقافة السومرية موطنا كبيرا لفنون السحر وكانت المؤلفات السومرية القديمة تعجُّ بالموضوعات السحرية كالترانيم والرقى التعاويذ .. وقد حفظ ( آشور بانيبال ) ملك آشور من عام ( 668 إلى 626 قبل الميلاد ) في مكتبته كثيرا من النصوص الدينية والسحرية , وقد جمع هذه النصوص من المعابد المختلفة التي كانت منتشرة في المدن القديمة , وكان أغلبها مكتوبا باللغة السومرية .. وقد قسم الباحثون في مؤلفات البابليين ونصوصهم السحرية تلك المؤلفات والنصوص إلى ثلاثة مجاميع رئيسية :

            الأولى : النصوص التنجيمية , وفيها تذكر الكواكب على أنها آلهة تؤثر في حياة الناس وفي أفعالهم ومصائرهم ..

            الثانية :
            اللوحات الخاصة ببعض الوسائل المستعملة في الكهانة والتنبؤ بالغيب ..

            أما المجموعة
            الثالثة : فهي الرقى والتعاويذ التي كانت تستخدم لدرء شرور السحر الأسود وطرد الأرواح الخبيثة التي تحل بالأبدان , فتسبب لأصحابها الأضرار والأمراض , إذ كان الاعتقاد أن السبب في المرض يرجع بوجه عام إلى الشياطين والأرواح الخبيثة , ولإبراء الشخص من مرضه يجب طرد هذه الأرواح من البدن ..وقد كان أهل بابل يعتقدون أنّ الأرواح الخبيثة مسؤولة عن الكوارث التي تحلّ بالعالم من وقت لآخر كالزلازل والبراكين والعواصف والفياضانات المغرقة ,, ومن ثم كان من الضروري استخدام التعاويذ لمنع عبث هذه الأرواح بالنظام العام الذي يسير العالم على مقتضاه ,, وقد رتبت هذه التعاويذ في لوحات مختلفة لكل نوع منها أثره الخاص في ناحية من هذه النواحي .. وكان الكلدانيون يستعملون دماء الطيور بعد ذبحها في أعمالهم السحرية ,, ولذا كانوا يُعنون بأمرها ويطعمونها طعاما خاصا ولا يأكلونها أبدا ..
            والآن هل رأيت كيف أوقع السحر هؤلاء الأقوام في الضلال الكبير والشرِّ المستطير

            السحر عند أهل فارس

            كان الفرس في بداية أمرهم على التوحيد ,, فلما استولى بعض ملوكهم على مدينة بابل أخذوا يتدينون بقتل السحرة ولم يزل هذا دينهم حتى حدثت فيهم المجوسية ,, ويذكر المؤرخون أنّ رستم قائد الفرس الكبير كان حزّاء ينظر في النجوم وقد اعتمد على النجوم في حكمه بظهور المسلمين وغلبتهم ,, وكان هذا أحد الأسباب التي دعته إلى تأخير ملاقاة المسلمين في معركة القادسية مدة طويلة نافت على أربعة أشهر .. ويذكر المؤرخون أنّ راية كسرى المسماة ( زركش كاويان ) كان منقوشا عليها بالذهب بمعرفة السحرة ووفقا لتعليماتهم الوفق المثيني العددي : وهو عبارة عن مربع مقسم إلى مائة خانة , يحوي كل ضلع من أضلاعها عشرة خانات . ويزعمون أنه إذا أمكن كتابة الأعداد من ( 1 ) إلى ( 100 ) في هذا المربع بأي ترتيب كان بحيث يكون أعداد كل ضلع من العشرة أضلاع الأفقية والرأسية منه تساوي تماما مجموع الأعداد المكون منها قطراه , بحيث لا يتكرر أي عدد مرتين . ونقش ذلك في لوح من الذهب عند دخول الشمس في برج الحوت أو القوس فإن حامل هذا اللوح يحقق معظم ما يتمناه .. في أوضاع فلكية خاصة ,, والغرض منها ضمان استمرار نصرة الفرس في جميع المواقع الحربية التي يشنونها على جيرانهم وأعدائهم .. وقد وجدت هذه الراية ممزقة في الموقعة التي قتل فيها رستم وانهزم فيها الفرس وتشتت فيها شملهم ,, وهي المعركة المعروفة بمعركة القادسية وكان الفرس يعتقدون أن الانتصارات التي حازوها عبر تاريخهم ترجع إلى تلك الراية ,, ولكن عندما جاء المسلمون يحملون دين الله في قلوبهم رافعين راية الحق بطل السحر واندفعت رآية الكفر ,, ولم يغن عن الفرس سحرهم شيئا

            السحر عند أهل الهند

            في الهند كانت الديانة وعلوم السحر مختلط بعضها ببعض , ليس فقط بالنسبة للتحفظ من الشيطان المغري للشهوات بل للتسلط على الآلهة بالرياضات والتقشف والتضحية وغيرها .. فلما جاءت الديانة البوذية التي هي إصلاح للبرهمية لم تحذف السحر بل أقرته , وهو لا يزال عظيم الاعتبار في التبت والصين , وحسبنا أن نعلم أن أحد أسفار
            ( الفيدا ) الأربعة وهو سفر ( أترافا ) مخصص لمعرفة الرقى والسحر , و ( الفيدا ) هو الكتاب المقدس عند الهندوس وقد تكامل هذا الكتاب عبر الأجيال , ولم يبق منه إلا أسفار أربعة , ومن ينظر في الحال التي عليها الهند اليوم فإنه يرى في حاضرها صورة لماضيها الغابر , فالسحرة والكهان والعرافون ومروضو الثعابين يبلغ تعدادهم عدة ملايين ..
            وأما البراهمة الذين يزعمون أن العالم نشأ من زعيمهم ومعبودهم ( براهما ) فإنهم مع ازدرائهم للسحر والديانة التي ترتضيه وتقوم عليه لم يقاوموه ولم يستنكروه .. والهنود كانوا يعتقدون بأن النجوم لها تأثير عظيم على البشر , وكان السحرة والعرافون يدَّعون معرفة الغيب ويطلعون الناس على ما غاب عنهم مقابل أجر زهيد ويزعمون أن باستطاعتهم مواجهة الشر المتمثل في الشياطين والثعابين .. كما كانوا يزعمون أن بمقدورهم تسليط الشياطين على أعداء من يستعين بهم أو يدفع لهم مالا , كما أن باستطاعتهم طرد أولئك الأعداء .. وكان سحرة الهند يزعمون فوق هذا كلِّه أنهم يستطيعون أن يجددوا الحيوية في الإنسان أو أن ينشئوا الحب في أي إنسان لإنسان آخر ..
            وإذا طالعنا الكتب الطبيّة الهندية القديمة رأينا هذا العلم قد اصتبغ بالسحر في كل مباحثه , سواء في بحث العلل والأمراض أو في التداوي والعلاج ..

            السحر في بلاد الإغريق

            كان للسحر مكان واسع عند اليونانيين وكانوا على نحو جميع الأمم في أمر الاعتقاد بالرقى والعزائم والطلاسم وتأثير الأرواح الشريرة إلى غير ذلك .. وكان الرأي عند بدء عصر النهضة والتنوير وقيام العلماء بدراسة التراث اليوناني والروماني القديم دراسة نقدية عميقة أن أمة اليونان مبرأة من أعمال السحر إذا قورنت بغيرها من الأمم القديمة وأن أمة قد أنجبت أمثال ( أرسطو , وأفلاطون , واكسينيفون , وأوريبيدس ) لا يمكن أن يستهويها فن كفن السحر الذي لا يعدُّ من الفنون الجميلة .. على أن هذا الرأي الذي يذهب إلى تبرئة اليونان القديمة من السحر والسحرة لم يقو على احتمال معاول النقد الحديث لفنون الإغريق وفلسفتهم , فإنه لا يصعب على الباحث أن يلمس آثار السحر في الديانة الإغريقية وفي التاريخ والأدب الإغريقي المليء بالرموز والكنايات السحرية , فالأساطير الإغريقية مليئة بالأفعال السحرية العجيبة التي تنقل الكائنات من حال إلى حال , وبأخبار السحرة والكائنات العجيبة التي تجمع بين خصائص الإنسان والحيوان ..

            ( والإسبرطيون ) الذين أعجب الفلاسفة بدستورهم ونظامهم التعليمي كانت حياتهم اليومية تتسم في الواقع بسمات الحياة اليومية البدائية التي تغلب عليها الطقوس والشعائر التي تمت إلى السحر بصلة كبيرة , كما أن المؤرخ اليوناني المشهور ( هيرودتس ) ويكنى بأبي التاريخ كان يميل بصفة خاصة إلى تدوين القصص والروايات المتصلة بالتكهنات العجيبة والهواتف التي تخرج من باطن الأرض أو تنبعث من كيد السماء , فيفسرها السحرة كما يريدون ويحبون فكان تاريخه المشهور مليء بمثل هذه القصص والأعاجيب كما أن كتابات ( اكسينيفون ) مليئة بأخبار القرابين والكهانة والرؤى والأحلام وما تنبي عنه من خيرات أو شرور ..

            ولا يقف ذكر هذه الأعاجيب والتكهنات الغريبة عند الكتّاب الإغريق العاديين بل إن آخرين ممن عرفوا بالحكمة والفلسفة مثل ( أفلاطون ) أو التعمق في الأدب مثل ( أوربيدس ) قد ذكروا الرقى والتعاويذ والأشربة التي تولد العشق والهيام وغير ذلك من الأعمال السحرية .. وإذا أدخلنا في اعتبارنا كل هذه الشواهد الثابتة في كتب التاريخ والأدب والفلسفة فلا يسعنا إلا القول بأن الإغريق لم يكونوا أقلَّ انغماسا في السحر من غيرهم من الأمم القديمة وأن السحر كان عنصرا هاما من عناصر الحضارة الإغريقية ..
            والغريب أن علم التنجيم وغيره من العلوم الغيبية لم يظهر في بلاد الإغريق في شكلها المتقدم إلا في العهد
            ( الهلليني ) الذي بلغت فيه الحضارة اليونانية أوجها , وتذهب الروايات إلى أن شخصا يدعى ( أوثانسي ) قد نقل فنون السحر في شكلها المتقدم إلى بلاد الإغريق , في عهد الحروب التي استعرت بين الفرس والإغريق ولم تكن هذه الفنون بدعة جديدة في نظر الإغريق , إنما كانت بمثابة صور أسمى وأكثر تقدما من الصور السحرية الغليظة البدائية التي كانوا يمارسونها حتى ذلك الوقت ..



            خب

            تعليق


            • #51



              السحر في أوروبا
              اليهود هم الذين نشروا السحر في أوربا , وكانت بدايات نشرهم له في الوقت الذي استوطنوا فيه إسبانيا ( تحت حكم المسلمين ) حيث وجد اليهود الأمن في ظل الدولة الإسلامية العادلة , ولكنهم استغلوا هذه الفرصة لنفث سمومهم في شتى البقاع في أوربا وقد راع الباحثين في تاريخ أوربا الدور الكبير " الذي لعبه السحرة والسحر في حياة هذه الممالك .. فقد كان للسحر والسحرة والساحرات في هذه البلاد شأن عظيم عند الحكام والطبقة الراقية وأقبل على دراسته وممارسته الأمير والصعلوك والغني والفقير والعالم والجاهل .. ولا عجب , فإن الحسد والتنافس والتكالب على القوة وحبِّ السلطان والمال , والجشع والطمع وحب الشهوة والانتقام والمكائد والدسائس وغيرها التي كانت تعيش فيها هذه البلدان , كل هذا في حاجة ماسة للسحر لتحقيق أغراض ذوي المآرب , فقد كان لكل ملك أو أمير أو أميرة ساحره الخاص الذي يقوم بخدمته ويحقق له أو لها الأغراض ..

              وقد انتشر السحر في أوربا بواسطة اليهود , ولم يبق السحر هنالك كما كان من قبل يمارسه أفراد في شتى المدن والبلاد , بل أنشأ اليهود جمعية عرفت باسم ( القبلانية ) وأصبح لهذه الجمعية شبه مذهب وفلسفة دينية يعتمد على التلمود , إذ يقال إن الأرواح الشريرة موجودة بشكل دائم بين الناس .. وفي القرن الرابع عشر انتشرت القبلانية في أوربا ابتداء من ألمانيا , ونزولا إلى فرنسا وإيطاليا حيث أنشأت هذه الفئة من اليهود مدرسة قبلانية سنة ( 1533 ) كانت أول مدرسة للسحر الأسود إلى أن أغلقت سنة ( 1572 ) وتطورت هذه الظاهرة بعد ذلك فأنشئت جمعيات عديدة مارست السحر الأسود , ولا يزال بعضها موجودا حتى الآن , ومنها الماسونية التي تمارس شعائر شبيهة بالتي كانت تمارسها القبلانية

              ومن الشخصيات التاريخية التي التحقت بهذه الجمعيات ( جيل دي رايس ) مرافق ( جان دارك ) وماريشال فرنسا فيما بعد .. وكان ( دي رايس ) مشهورا بتقواه ويعمل الخير ويتمسك بالمثل العليا , لكن بعد موت ( جان دارك ) كتب أنه
              " سلم نفسه إلى الشيطان " , والتحق بمجموعة من الناس تقوم بأشنع الجرائم , خاصة ضد الأولاد , فخلال سبع سنوات اختفى الأولاد الذين يعتقد أن هذه الجمعية ضحّت بدمهم من أجل الشيطان , وبعد أن اكتشف ذلك أحرق
              ( دي رايس ) وسجلت أسماء ضحاياه في كتيب خاص بهذه الفترة من التاريخ ..


              السحر عند العرب قبل الإسلام
              في تاريخ العرب أخبارا تدلُّ على أنّ العرب عرفوا السحر الذي عرفته الأمم الأخرى , ومارسوه كما مارسته تلك الأمم حماية لأرواحهم وأموالهم وبلادهم , ولكن العالم بتاريخ العرب يعرف أنه لم يكن للعرب عناية كبيرة في صناعة السحر كما هو الحال عند الآشوريين والسريانيين والمصريين واليونانيين , وجلّ عنايتهم كانت بالكهانة والعرافة ..
              ومن أوثق الأدلة على وجود السحر عند العرب بمعناه الذي وجد في الأمم الأخرى , ما جاء في الأحاديث الصحيحة من قصة أصحاب الأخدود , ففي تلك القصة إخبارا بأن الملك كان له ساحر , وكان للساحر مكانة عظيمة وكان بإمكانه تعليم السحر لمن يراه لذلك أهلا .. ولكن يبقى الاستدلال بالقصة موضع نظر , لأن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذه القصة لم تدل صراحة على أن أصحاب الأخدود كانوا عربا من أهل نجران كما ذهب إليه بعض المؤرخين , وإن كان هذا هو الراجح في هذه المسألة ..

              السحر عند المسلمين
              لما جاء الإسلام شنّ حربا لا هوادة فيها على السحرة والكهان والعرافين . وعدّ الرسول صلى الله عليه وسلم السحر واحدا من الجرائم السبع الكبرى , ففي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ! قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) .. وسمّيت موبقات لأنها تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة .. وعدّ كثير من علمائنا السحر كفرا واستدلوا على ذلك بقوله تعالى :
              ( وما
              يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر )
              وغيرها من الأدلة التي تحرم السحر وإلى قتل السحرة ..

              لذا فإن السحرة لم توجد لهم سوق رائجة في ديار الإسلام , وكان المسلمون المستقيمون ينظرون إلى السحرة نظرة ازدراء واحتقار , ومع ذلك فإن ديار الإسلام لم تخل على مرّ التاريخ من السحر والسحرة , ولكن المسلمين كانوا ينظرون إليهم نظرة مقت , وكانت سيوف الحكام تلاحقهم بالقتل والضرب والإذاية , وألسنة العلماء تبين خبثهم ودجلهم وضلالهم .. وقد تحدث ابن خلدون عن تاريخ السحر عند المسلمين فقال :

              " علوم السحر والطلسمات مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر , ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من الكواكب أو غيره , ولذلك فإن كتبها كالمفقودة بين الناس إلا ما وجد من كتب الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام .. ولم يترجم لنا من كتبهم إلا القليل مثل ( الفِلاحة النبطية ) لابن وحشّية من أوضاع أهل بابل , فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه , ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل ( مصاحف الكواكب السبعة ) وكتاب ( طمطم الهندي ) في صور الدرج والكواكب وغيرها .. ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملّة , فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص في زبدتها واستخرجها , ووضع فيها عدّة من التآليف , وأكثر من الكلام فيها وفي صناعة السيمياء , لأنها من توابعها , ولأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما تكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ثم جاء مسلمة بن محمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها , وجمع طرقها في كتابه الذي سماه ( غاية الحكيم ) ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده

              وذكر ابن خلدون أن بالمغرب صنفا من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين , يشير الواحد منهم إلى الكساء أو الجلد فينخرق , ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فينبعج , ويسمي أحدهم لهذا العهد باسم البعَّاج لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام , يُرَهِّب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها , وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام .. وذكر أيضا : أن بعض المتصوفة خاضوا في نوع من السحر هو علم أسرار الحروف , وهذا النوع هو المسمى بالسيمياء , نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من المتصوفة , فاستعمل هذا الاستعمال الخاص وحاصله عندهم وثمرته : تصرف النفوس الربانية في عالم الطبيعة بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية في الأكوان ..

              السحر في أمريكا
              عندما احتل الأسبانيون أمريكا وجدوا للسحر مكانة كبيرة , ورأوا السحرة منقطعين في الفيافي يأوون إلى الغيران طائمين متقشفين محافظين على رسوم محددة من الرياضة النفسية يزعمون أنها أوصلتهم إلى مناجاة الأرواح والتسلط على نواميس الطبيعة .. ورأوا أن للسحرة في أمريكيا الشمالية اطلاعا واسعا على خواص النباتات , فكانوا يصفونها للأمراض المختلفة , وكانوا يزعمون أنهم بالتأثير على صورة الشخص أو تمثاله ينتقل ذلك التأثير إلى صاحب الصورة أو التمثال فيضره أو ينفعه كما يريد الساحر .


              تعليق


              • #52


                مزامير داود

                يبدو أن مخطوطات "مزامير داود" ستظل على غموضها القديم حتى نهاية الزمان، ولكن غموض هذه الأيام يكمن في تعرضها للسرقة منذ عدة أسابيع، ثم العثور عليها في ظروف مثيرة، ولأن مصر تمتلك ثروات أثرية أخرى غير "المزامير" مثل لوحة خروج بني إسرائيل، فإن ما حدث مع "المزامير" الأسطورية ربما يتكرر مع مخطوطات أثرية أخرى لا سيما ما يتعلق بآثار اليهود القديمة. أصابع الاتهام تشير دائماً الى اليهود والإهمال في متاحفنا، وإذا كانت الظروف قد أتاحت لا استعادة "مزامير" السحر والتنجيم، فإن الأمر ربما لا يسلم في المرات القادمة، خاصة أن اليهود يتحرقون شوقاً لسرقة هذه المخطوطات الثمينة، ولكن ما حكاية "مزامير داود" الساحرة والغامضة؟!

                كان غريباً أن نسأل الدكتور رئيس قسم الآثار بآداب طنطا وكفر الشيخ وعضو مجلس إدارة المتحف القبطي سابقاً، عن مزامير داود فيرد بالحديث عن أهل الثقة والخبرة والاهمال الذي يؤلمه كثيراً، إذ قال: "قبل الحديث عن سرقة المزامير أو عدم سرقتها لا بد أن نعترف بأن سبب ما يحدث هم أهل الثقة وليس الخبرة بمعنى أن المسؤول عن حماية التراث أو قطاعات من الآثار لا بد أن يكون "خفيف الظل" ولا يهم أن يهتم برعاية ما يكلف به من آثار باعتبار أنه راع، وكل راع مسؤول عن رعيته.

                والمزامير التي عادت هي سفر الزبور المنسوب الى داود عليه السلام وهو عبارة عن مائة وخمسين قطعة والنسخة القبطية تزيد واحدة فيكون العدد مائة وإحدى وخمسين والمزمور الزائد هو أقوى المزامير ويستخدم في السحر كما يقولون وجميع المزامير مترجمة الى اللغة العربية والزبور موجود في "الكتاب المقدس" وهو يشتمل على التوراة والزبور والإنجيل ولكنه لا يشتمل على المزمور رقم 151 الذي يبدأ "صغيراً كنت في إخوتي وحدثا في بيت أبي. . ونزعت العار عن بني إسرائيل هللويا".

                ويضيف أنه يجب الاهتمام بشكل واسع النطاق بمثل تلك المخطوطات لأنها مستهدفة من جانب اليهود خاصة إذا علمنا إن وثائق "الجنيزة" خاصة بتراث اليهود في مصر، تم العثور عليها في حوش، مقبرة – بمنطقة البساتين وأعتقد أن اليهود كان لهم يد في سرقتها لأنهم يحاولون تجميع وسرقة كل ما يؤكد حقوقهم التاريخية ويدمرون كل ما يدين إسرائيل ويدينهم مثل لوحة السبي البابلي التي سرقوها من متحف بغداد بعد انتهاء الحرب على العراق، ولوحة السبي البابلي تحكي قصة الملك نبوخذنصر ملك بابل الذي دخل القدس بجيش عظيم وهزم اليهود هزيمة منكرة وساق أعيائهم وكبراءهم وعلماءهم أسرى الى بابل عام 586 قبل الميلاد.
                ويتساءل الدكتور حجاجي عن كيفية فتح "الفاترينة" الزجاج المعروض فيها نسخة المزامير لكي تضيع ثم يتم العثور عليها خاصة أن فتحها لا يتم إلا بمعرفة لجنة ومحضر رسمي. ويطلق صرخة تحذير قوية للمحافظة على لوحة الحدود المسماة خطأ لوحة خروج بني إسرائيل وهي مشرحة للسرقة، من وجهة نظره. وكذلك الحفاظ على مزمور الخروج وهو موجود في مقابر البجوات في واحة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، لأنه قد يأتي من يطمس جدارياتها لصعوبة نقلها وسرقتها وهي مهمة أهمية مخطوطات نجع حمادي التي بها جزء من التوراة حيث سرق منها جزء وحرق آخر وتم التحفظ على الباقي في المتحف القبطي ووثائق الجنيزة والمزامير.

                السحر اليهودي:
                وأضاف أن مزامير داود النبي عليه السلام، يستخدمها اليهود في السحر منذ زمن بعيد والتاريخ يذكر أن علماء بني إسرائيل عندما رجعوا من أرض بابل، السبي البابلي، بعد مائة عام كما في القرآن الكريم أو بعد سبعين عاماً كما في تواريخ بني إسرائيل لم يكفوا عن استخدام المزامير في السحر وألفوا فيها كتباً منها كتاب "التلمود" لدرجة أن "العالم" منهم كان يدخل على المريض بأي مرض فيجزم على الجان ويبخر ويقرأ بعض الآيات وينظر في النجوم ويكتب بزعفران وماء ورد كتابة على قطعة جلد أو إناء ماء ويأمر المريض بتعليق المكتوب عليى ثيابه أو يشرب الماء ويتفل فيه موهماً أنه حوى عليه، ويصب ماء على تراب صانعاً طينا ويطلي به موضع الجرب أو الحكة ووجع العين والأذن، وأي منطقة مصابة في الجسد فإن شفي المريض بإذن الله قال: لقد شفى ببركة عملي. وإن لم يشف: لأنه قليل الإيمان لم يؤثر عملي فيه.

                والسحر اشتهر به اليهود رغم أنه منهى عنه في التوراة حيث يقول الله جل وعلا لبني إسرائيل على لسان موسى عليه السلام في التوراة بقوله: "لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عانف ولا متفائل ولا ساحر". وحول خطورة فقدان المخطوطات يؤكد الدكتور حجاجي أنه تؤثر بشكل سلبي على الأبحاث العلمية لأن الباحثين يعتمدون عليها في أبحاثهم ولذلك يطالب بأن يكون مسؤولو المتاحف مثل المتحف القبطي والإسلامي واليوناني والروماني يتبعون وزير الثقافة مباشرة لأن خلط المسؤولية قد يؤدي الى كارثة إن لم يكن قد أدى بالفعل.

                السحر بالمزامير:
                ولكن ما حكاية "المزامير" وكيف يستخدمها اليهود في السحر؟ سؤال يدخل بنا في مساحات شديدة الالتصاق باليهود واليهودية القديمة، إذ لم يشتغل أناس بالسحر مثلما اشتغل بنو إسرائيل، اليهود، على مدار تاريخهم منذ موسى عليه السلام رغم أن السحر والاشتغال به حرمه الله عليهم في توراتهم. ولكنهم احترفوا السحر مستعينين بالمزامير، مزامير داود النبي المنسوبة اليه والى ولده نبي الله سليمان عليه السلام، وحكاية "السحر الإسرائيلي" أو سحر اليهود بدأ في زمان موسى عليه السلام حينما كان الأشرار لا يعبدون الله عز وجل ويعبدون تماثيل من حجر أو خشب، وكانت الأبالسة، وهم الشياطين، يكلمون الناس وهم لا يرونهم ويتلبسون أجسادهم ويصرعونهم على الأرض ومن شدة آلام الصرع يستغيثون بالتماثيل ويطلبون من القائمين عليها عمل أي شيء يشفيهم من أمراضهم، ولما ازداد اعتقاد الناس فيهم ادعوا أنهم يعلمون الغيب ويحددون ويعرفون مواقع النجوم وقادرون على تغيير النحس الى السعد وطرد الأرواح الشريرة المتلبسة الأجساد.

                كما ادعوا أن السحر له تأثير في حياة البشر ومن خلاله يفرقون بين الرجل وزوجته وأنهم ورثوه عن الأجداد الذين كانوا يوقدون النيران لعمل "الأعمال"، للضرر والنفع وقد سجل التاريخ أعمالهم وسجلتها أيضاً الكتب السماوية.
                ففي التوراة، العهد القديم، يقول الله عز وجل لبني إسرائيل في شخص موسى عليه السلام: "متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك، لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم، لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عانف ولا متفائل ولا ساحر، ولا من يرقى رقية ولا من يسأل جانا أو تابعه، ولا من يستشير الموتى لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب، ويسبب هذه الأرجاس - جمع رجس - الرب طاردهم من أمامك، تكون كاملاً لدى الرب إلهك، إن هؤلاء الأمم الذين تخلفهم، يسمعون للعانفين والعرافين وأما أنت فلم يسمح لك الرب إلهك هكذا".

                تسخير الجن:
                ورغم وضوح النص التوراتي في تحريم السحر وإيقاد النار وحرق الابن أو البنت لعمل السحر وغير ذلك من سؤال الشياطين في جلسات تحضير أرواح الموتى لاستشارتهم في شؤون الدنيا، فإن علماء بني إسرائيل خالفوا هذا الحكم وتلك النصوص وازداد اشتغالهم بالسحر بعد السبي البابلي أي بعد موسى عليه السلام بألف وخمسمائة سنة عندما ضج علماء اليهود المسبيين لما رأوا من ضيق العيش بعد أن كانوا في سعة من المال احتالوا على أهل بابل وزعموا أنهم يعرفون أعمال السحر والتنجيم وخواص الأسماء والأشياء وتفريق الرجل وزوجته.

                واقتنع الناس بحكاياتهم وروجوا لها بين الجهلاء ثم قووها بحجج منها أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يسخر الجن في بناء التماثيل والمعابد والمدن وقالوا إنه سخرهم بكتاب السحر الذي تعلم منه عمل العزائم وصرف الجن ولم يقولوا إن الله الذي أمرهم أن يطيعوه ولم يكتفوا بذلك ولكنهم قالوا إنهم مثل سليمان في معرفة ما في هذا الكتاب رغم أن حكم الساحر أو الساحرة هو القتل حيث جاء نص في التوراة بقوله (لا تدع ساحرة تعيش).

                ويسمي اليهود علم السحر بعلم الكف لأن السحر في العبرانية معناه "الكف" ويسمون العرافة التي تتنبأ بما سيكون في المستقبل بعلم تيسيم وهي معنى العرافة في اللغة العبرانية.


                تعليق


                • #53


                  السحر في بلاد الرافدين

                  من المفترض في بلد يعدّ مهد السحر والشعوذة والرقي أكثر من غيره أن يأمل المرء بوجود وفرة من الأساطير والمعتقدات الشعبية، ولن يخيب أمله في ذلك، على الرغم من إن الإسلام، بمنطقيته وعقلانيته، قد بدد الكثير من المعتقدات الموغلة في الضلال. إن المواطن العراقي، عموما، لا يمارس الطقوس الوثنية مثلما يمارس الزنجي طقوسه الوثنية؛ كما انه لا يعير الكثير من الاهتمام بالعالم الآخر مثلما يفعل الفلاحون الايرلنديون، وهو لا يخشى الأموات كما تخشاها شعوب حوض المحيط الهادي. والبيوت المسكونة في نظر العراقي لا تسكنها أرواح الموتى، وإنما يسكنها الجن الذين خلقهم الله من نار، وهم اقرب الى العفاريت منهم الى الشياطين. بيد إن بإمكان مؤلف كتاب الغصن الذهبي (The Golden Bough) أن يكتب مجلدات عدة بشأن كمّ المشاهدات التي تتخلل الحياة اليومية لسكان وادي الرافدين، وبشأن الطقوس التي يتخذونها لحماية أنفسهم من الشر وسوء الحظ، فضلا عن الأساليب السحرية التي يستخدمونها ضد المرض.

                  إن أكثر ما يتخلل حياة العراقي من خرافات، كما هو الحال للايطالي، هو الخوف من عين الحسود. ما هي عين الحسود؟ إنها القوة التي يمتلكها بعض الأشخاص، رغما عنهم غالبا، التي تستنزل البلاء وسوء الحظ. ويا لتعاسة من يوصف بأنه حسود، إذ سيخشاه جيرانه، وسيعدّه أهله بلاءً. أما في المناسبات الاجتماعية فإنه ضيف ثقيل على الدوام. وعند العشائر يحدث أن يطلق الرجل زوجته إذا ظنّ أنها تصيب بالعين.

                  وقد اخبرني رجل ذات مرة بأنه كان يعرف رجلا حسودا تباهى بقدرته على كسر شراع سفينة كانت تمخر عباب النهر حينذاك قبل أن تصل الى انعطافة كانت ستواريها عن الأنظار باستخدام قوة العين، وراهن الناس. غير إن أولئك الذين ارتابوا في قدرة العين خسروا نقودهم، لأن الشراع انكسر فعلا.

                  ومن الطقوس المأثورة في انكلترا وجوب ارتداء العروس شيئا ازرق في يوم زفافها. إن هذا الاعتقاد بأن اللون الأزرق مؤثرٌ في عين الحسود اعتقادٌ شائعٌ تقريبا، كما أظن، إذ يرتدي الأطفال والجياد والبغال هنا وفي ايطاليا وصقلية خرزة زرقاء بوصفها حجابا ضد العين. وتُصمم قوارب القفة المستديرة الحوضية الشكل، الشبيهة بالسلة، التي عادةً ما يراها المرء وهي تتهادى في نهر دجلة، بطريقة يلتصق فيها الخرز والدهّاشة في القار الذي يجعل القفة منيعة ضد الماء. كما يعلّق سائقي بضع خرز زرقاء في المفتاح عندما نمضي في أية رحلة. فضلا عن ذلك، تتضمن عمارة المنازل قِطعا من الفخار الزرقاء والخرز. ويبدو لجام الحصان وسرجه سارّا للناظرين بوجود حواشٍ وزخارف الخرز الزرقاء والوِدع. وتُستخدم الودع، وهي تعويذة قضيبية الشكل موغلة في القِدم، ضد العين الشريرة، كما هو الحال في جنوبي أوربا. تقول إحدى الأهازيج:

                  ودعة ودهاشة من عين اللاّشة

                  والدهاشة المذكورة في الأهزوجة هي خرزة زرقاء ذات ثقوب يتراوح عددها بين الخمسة الى سبعة ثقوب، ولها شكل الازرار، وهي تُباع خصيصا لتُخاط على الثياب أو القلنسوات كتميمة أو حجاب. وغالبا ما ترى طفلا وقد عُلقت بعضٌ من هذه الخرز على ثيابه، إذ تتوسط واحدة منها عادةً كتفيه على ظهر معطفه، إذ إن بإمكان العين أن تصيبه من الوراء وليس من الأمام فحسب.

                  وتتميز العباءة المشهورة، وهي أردية حريرية تُنسج في النجف، بالخيط الأزرق المخضر الذي يُخاط في إحدى زواياها. كما إن الأزرق هو اللون السائد للقرميد المزجج الأخاذ الذي يكسو جميع منائر بغداد وقبابها. ولا تحظَ كل درجات الأزرق بهذا الاحتفاء، وإنما يحظى به الأزرق المخضر الزاهي والأزرق السماوي ولون اللوبن
                  ومن
                  الشؤم أن تبدي إعجابك من دون إضافة العبارة الواقية ”ما شاء الله“. فعندما تُبدي إحداهن إعجابها قائلة: ”يا له من ازارٍ جميل هذا الذي ترتدين“، تجيبها الأخرى على وجل: ”لا تصيبيني بالعين“.

                  وتحرص النساء كل الحرص على ترك وجوه أطفالهن تتسخ، كما يحرصن على أن يُلبِسنَهُم الرثّ من الثياب لئلا يجذب جمالهم العينَ. فلو إن امرأة أغواها الشيطان بإظهار فلذة كبدها في أبهى حُلّة في الأعياد مصطحبةً الصبي وقد خيطت التمائم في قلنسوته وارتدى معطفا حريريا والخلاخل تتدلى منها الأجراس ليمتع نظره ولكن الجو حار أو مغبر، فلن ينفك الصبي يبكي متلويا من الالم والحمى. وهنا يجن جنون الأم، فلم تكن التمائم كافية، إذ إن عينا ما قد أصابته وستكشف الأم مَن أصابته بالعين، وهي على الأغلب إحدى الجيران التي حسدت بهاء الطفل وحُسنه.

                  ويُدعى الرجل الحكيم، وهو من سلالة اسيبو (Asipu) من بابل القديمة، ”فتاح فال“، أو ”فتاحة فال“ إذا كانت امرأة، وذلك لأنه يفتح كتاب التمائم الخاص به للذين يطلبون نصحه. فلو إن شابا اُغرم بفتاة قد شغفها غيره حباً، فلابد أن يلجأ الشاب الى فتاح الفال ويفضي إليه بمكنونات قلبه. ويفكر الحكيم بتمعن، مدونا حجابا فاعلا على قصاصة ورقية، ويعطيها للشاب مصحوبة بالقليل من البخور. بعد ذلك يضع الحكيم كتاب تمائمه ”كتاب الفتاح“ على رأس زائره، فيفتح الكتاب ويبدأ بالقراءة. وبعد أن يستشير العرّاف يقول: ”في اليوم واليوم الفلاني، ضع الحجاب الذي أعطيتك إياه في الماء واشرب بعضه بنفسك، واجعل الفتاة التي تهوى تشرب منه بطريقة أو بأخرى، وعند الغروب بخّر نفسك بما أعطيتك من بخور، وحالما تراك فستُصبح معبودها، أما الآخر فسيطويه النسيان“.

                  ولابد أن اذكر موضوع العين تقليدا شائعا، إذ يُؤْثَرُ الصبيانُ على البنات هنا، كما هو عليه الحال في عموم (بلاد) الشرق. وهربا من العين التي تطارد الذكور، تُترك شعورهم لتطول ويرتدون ملابس الإناث. فذات يوم جاءت المرأة التي استأجرها لغسل ثيابي مصطحبةً معها طفلا في رداء البنات، فسألتها: ”ما اسم طفلتك؟“، فأجابت قائلة: ”انه ليس بنتا، بل صبيا“، ثم استطردت موضحةً بأنه ابنها الوحيد بين بنات ثلاث.

                  ويخجل العرب المثقفون من الاعتراف بأنهم يعرفون أيا من هذه الأشياء، بيد إن صديقي استطاع أن يعرف من كاتبه بأن ما شهده على النهر كان حجابا قديما جدا، ويهدف الى أن يضمن للرجل محبة المرأة التي يهوى، فلا تسلِّم قلبها لسواه.

                  ويُستخدم البيض بوصفه ركنا أساسيا في الشعوذة والرقيات. وقد مررتُ في مواضع مختلفة من الكتاب على وصف الركن الذي تشغله المشعوذات اليهوديات والكمّ الهائل من قشور البيض التي تتناثر في الجوار. وكثيرا ما رأى زوجي، الذي كانت مكاتبه في جوار هذا الركن، عجوزا تصنع التمائم باستخدام البيض. وكان الأهالي يجلبون لها الأطفال، فتمرر بيضةً تخرجها من صدرها حول وجوههم متمتمةً بالرقي طوال الوقت. ثم تسحق العجوز بيضةً ويُرمى هشيمها الى النهر، بينما تغسل يديها استعدادا لزبون آخر. ولم أكن اعلم أي من التمائم كانت تلك، فمن المعتقد إن رمي بيضةٍ بعد الغروب هو نذير شؤم، إذ إن ذلك يعني ”فقدُك لطفلك“، إذ قال مصدر معلوماتي: ”سمعت أمي تقول لجارتنا التي جاءت بعد حلول الظلام تطلب بيضةً من اجل قرة عينها: تعالي غدا وسأعطيك مائة بيضة، أما الليلة فلن أعطيك شيئا“.

                  وقد اخبرني احد المسيحيين بأنه عندما كان مع بعض البدويين برأ رجلا كان يعاني من تضخم الطحال بالطريقة التالية: أولا قام البدو بربط ذراعه للأعلى، ثم وُضعت ذراعه في ماء ساخن، ثم فتحوا وريدا، فتدفق الدم، ووضعت كعكة، وما أن جفت حتى شفي الرجل.

                  أما ”النَفَس“، فهو مشابه للعين. وقد عُرض على رجلٍ ارتاب في النفس رجلٌ قتل كلبا بمجرد التنفس والتعليق بما يلي: ”ما أحسن هذا الكلب“، فخرّ الكلب صريعا. كما انزل رجلٌ ذو نفسٍ البلاءَ بأطفاله كلهم، إذ ماتوا وهم أطفال. وعندما لجأ الى الملا نصحه هذا بالامتناع عن طهورهم، على الرغم من إن الشريعة الإسلامية تفرض الطهور. وقد اخذ الرجل بنصيحته، فصار ربّ أسرة من الذكور.

                  وقبل أن اختم موضوع الأدوية هذا، ينبغي أن لا اغفل العلاج المحلي لمرض السعال الديكي، واسمه الشعبي ”الحُميرة“، نسبةً الى صوت النهيق، و ”خنزيرة“، وكلاهما حيوانان من غير اللائق ذكرهما. يذهب والد الطفل المصاب بالسعال الديكي الى بائع الخفّ أو الخفّاف أو صانع الخِفاف الحمراء والصفراء التي ينتعلها المسلمون واليهود فقط، ويقول له: ”يا كلب، سويلي كلب، لخاطر الكلب ابن الكلب“. وإذا دعوتَ أحدا بأنه ”كلب ابن كلب“، فإن هذه إهانة مريعة، ولكن في هذه الحالة يكتفي صانع الخِفاف بالتبسُّم، ويقتطع شكلا يشبه الكلب من قطعةٍ جلدية معلقة حول رقبة الطفل. ومن وسائل العلاج الأخرى أن يشرب المريض من ماءٍ شرب منه كلبٌ أو خنزير، وأن يذهب الى القصاب فيأخذ هذا الأخير خنزيرا الى النهر، ويمسكه في النهر من حنجرته ثم يخنقه. وباليد ذاتها يأخذ القصاب حنجرة الطفل ويعصرها بلطف، مُخرِجا بذلك السعال المزعج.


                  وتتناقل العائلات وسائل لعلاج امراضٍ معينة. إذ إنني اعرف شيخا ودودا تسلّم مؤخرا إدارة دائرة حكومية له قدرة وراثية على إشفاء الحمّى، إذ انه يكتب سورة الفاتحة على حبة لوزة مقشرة ليأكلها المريض. وفي حال استمرار الحمّى فإنه يهيئ لوزة أخرى فيها الشفاء إذا لم يحتج المريض الى تناول حبة لوز أخرى.

                  وكثيرة هي التمائم للنساء اللائي يرغبن بالذرية، وإحداهن أن تزحف المرأة بين قائمي بعير واقف. وفي يوم الجمعة الذي يسبق عيد الفصح تزحف النسوة المسيحيات العاقرات تحت مصغّر لتابوتٍ ملئ بالزهور يُطاف به حول الكنيسة. وتعقد النساء على اختلاف عقائدهن الخِرق في أقفال مدفعٍ قديم يسمى ”أبو خزامة“ على بوابة القلعة في بغداد. ويتمتع المدفع الذي يناهز عمره الثلاثمائة عام بخصائص سحرية؛ إذ تأتي النساء بأطفالهن حديثي الولادة للمدفع واضعاتٍ رؤوسهم في فوهته كفأل حسن.


                  وغالبا ما تزور النساء العاقرات جامع الشيخ جنيد، الذي يبعد بضعة أميال عن بغداد، خارج ضريح السيدة زبيدة. ويوجد خلف هذا الجامع في الجانب الشرقي بئرٌ يقال بأن الشيخ جنيد كان يتوضأ بمائها. وهنا لابد أن تستخرج المرأة الماءَ بالدلو ثلاث مرات وتسكب القليل منه على كتفها وهي تقول: ”تحبل“، وسيتحقق مرادها. ولابد أن يتم ذلك في يوم أربعاء. كما يجب أن تدفع السيدة للسيد القائم على الضريح مبلغا من المال. وبالطريقة ذاتها يمكن للمرأة التي تتوق لإنجاب ولد وليس لها إلا البنات أن تنال مناها عند البئر المقدسة. كما إن للحجر المحفوظ في الجامع قدرات شفائية، إذ إن الألم يتلاشى إذا مسح المريض بيده على الحجر ثم وضع يده على موضع العلة. ومن الأفضل أن يلامس الحجرُ العلةَ، أو أن يُطاف بالحجر حول ضريح الأمام. بيد إن خضر الياس أو النبي إيليا هو الولي الذي يؤمه المكروبون. ويقترب معنى كلمة ”خضر“ من معنى ”دائم الاخضرار“ لتبيان قدسيته وقوته السرمدية. ويكرمه المسلمون والنصارى واليهود على حد سواء، وهو رجل ربّاني ودود لا يخذل من يطلب معونته من النساء العاقرات أو العشاق المعذبين أو الأمهات المكروبات. وما أن ينتخي به المرء حتى يجده حاضرا، إذ إن الأمور البشرية تهمه كثيرا. وتُنذر النذور للخضر، وتُضاء له الشموع، كما تُقدَّم القرابين في ثوابه.

                  ومن أسماء الخضر الأخرى ”شيخ الشط“. فكثيرا ما يرى المرء تلك الطوافات الصغيرة المصنوعة من جذع سعفة، المغطاة بطين، تتهادى في صفحة دجلة حاملةً ثلاث أو خمس أو سبع شمعات مضاءة، تشيعها عيون مُرسليها، فإذا وصلت سفينة كبيرة متهاوية الى نقطة معينة في النهر وعليها شمعة واحدة مضاءة على الأقل، فسيغدو مؤكدا إن خضر الياس قد قَبِل نذرهم وسيمنحهم ما تمنوا.

                  وفي الليلة التي تسبق الصوم الكبير يصوم الناس صوم نينوى (إحياءً لذكرى تدمير نينوى)، أو صوم خضر الياس، ويعدّ هذا الوقت ممتازا لنذر النذور للخضر. إذ تنذر المرأة العاقر الصائمة لخضر الياس أن توزع الحلويات والكعك في ثوابه للفقراء، إذا دعا
                  اللهَ أن يرزقها بولد فإنها ستوزع الكعك سنويا طوال حياتها.)


                  ولربما كانت متشوقة لتعرف إن كان نذرها قد قُبل، فإذا كانت كذلك، فستُعدّ حجرةً في منزلها، واضعةً فيها صينية كبيرة ملأى بالكعك، وصينية أخرى تملؤها شموعا مضاءة وطاسة ماء ومشط وفرشاة وبعض الكرفس. وتحرص المرأة أيّما حرص على أن تنثر الكثير من الكرفس على كعكاتها حتى تجد آثار عصا الخضر عليها أو اثر لجام دابته في الصباح التالي إذا قُبل نذرُها. ويوضع الكرفس لكي تأكله الفرس، أما المشط والفرشاة فيوضعان حتى يمشط الولي بها لحيته الكثة وليهندم نفسه. وقد أكد لي مَن اخبرني بهذه الأشياء، وهو رجلٌ متعلم، بأن علامات ظهور الولي مرئية بوضوح غالبا. أما إذا لم تكن ثمة علامات فستُطمئِن المرأة نفسها بالقول: ”لا يهم، ربما سيزورنا في السنة القادمة“. ويُعتقد بأن الخضر سيعود الى الأرض عند ظهور الإمام الثاني عشر(
                  المُهدي والمسيح.)

                  ونذرت زوجة احد تجار بغداد المشهورين، وهي من إحدى العائلات فاحشة الثراء، بأنها ستلبس الأسمال الرثّة وتمشي حافية القدمين لتستجدي الصدقات من سبعة بيوت للمتعففين إذا برأ ولدها من مرضه، فإذا جمعت شيئا من الصدقات، فهذه علامة على قبول نذرها. وبالفعل حصلت على مبلغ ضئيل، وعاد ولدها صحيحا معافى، وهي الآن عجوزٌ هرمة، غير إن فقراء بغداد يتسلمون عطاياها كل سنة وفاءً لنذرها.

                  وما أكثرها تلك الأحراز الخاصة بفقد الأطفال العليلين. وتضفي حقيقة كون معدلات الوفيات بين الأطفال تصل الى 70% من عددهم الكلي أهميةً مساوية لهذه الخرافات. إذ تجلس المرأة التي فقدت أطفالها حين تُرزق بطفل جديد متنكرةً على قارعة الطريق لتستجدي من المارة مناديةً: ”من بركاتكم“، ويتوجب عليها أن تبتاع بما حصلت عليه من مال قطعةً صغيرة من الذهب أو الفضة لتحفر اسمها عليه، ثم تخيطها الى ثياب طفلها أو قلنسوته مع كلمة ”يعيش“. فضلا عن ذلك، يمكنها أن تذهب الى امرأة ابتسمت لها الأقدار فلم يمُت أي من أبنائها لتستجدي منها بعض ملابس الرضّع ليرتديها وليدها الواهن. ومن الأحراز الناجحة حرز محمد. إذ ينبغي على الأم أن تذهب الى سبعة أطفال اسمهم ”محمد“ لتحصل على قطعة فضة من كل واحد منهم، وتُذاب القطع لتُصنع منها قطعة واحدة يُنقش عليها اسم ”محمد“. وتعلق هذه القطعة في رقبة الطفل لتحفظه قويا معافى.

                  وتؤدي الفتاة البغدادية التي تخشى أن يفوتها قطار الزواج ما يسمى بحج الأربعين سبتاً، إذ يتوجب عليها الاستيقاظ مبكرا، والذهاب حافية القدمين، أو مرتدية جواربها، دون أن تكلم انسيا في الطريق، متوجهةً نحو مرقد الإمام موسى الكاظم في الكاظمية على بُعد بضعة أميال، أو الى مرقد الشيخ معروف الكرخي قرب ضريح زبيدة. وعند وصولها الى المرقد تدخل قارعةً على باب ضريح الولي مرددةً: ”ها قد جئتُ إليك، لا تقُل بأني لم آتِ!“، ويتوجب عليها العودة كما أتت، وبذلك تضمن الزواج في اقرب وقت. كما يمكن القيام بالزيارات الأربعين في يوم الأحد الى ضريح الإمام الأعظم أبي حنيفة، أو الى الشيخ عبد القادر الكيلاني لثلاثة وأربعين يوم احد.

                  ويعتقد المسلمون إن أيام الخميس والسبت أيام مباركة لاستهلال تجارةٍ ما (ربما اختاروا يوم السبت بالذات لغياب منافسة اليهود). أما ظهور القمر الأحمر في شهر رمضان فهو نذير شؤم للجميع. ويصوم المسلمون كافة في رمضان فيُحجِمون عن الأكل والشرب من الفجر حتى حلول الظلام الى نهاية الشهر. وفي رمضان الماضي استيقظنا على جلبة كبيرة، تنوعت بين القرع على علب الصفيح ونفخ الأبواب وإطلاق العيارات النارية وغيرها من ألوان الضوضاء، إذ يغلب اعتقادٌ سائد إن لون القمر الأحمر يعني إن الحوت قريب منه وقد يبتلعه، وإذا ما حدث ذلك فهذا يعني استمرار رمضان الى ابد الآبدين، ويا لها من قارعة! ولذلك يفعل المسلمون ما بوسعهم لإخافة الحوت وحمله على الهرب.

                  وهناك طرائق مباركة وأخرى مشؤومة لمزاولة فعاليات الحياة اليومية. فخُذ مثلا طريقة قص الأظافر على وجه الدقة، إذ يتوجب قص أظافر الكف الأيمن على وفق التسلسل الأتي: أولا الخنصر، ثانيا الوسطى، ثالثا الإبهام، رابعا البنصر، خامسا السبابة. أما الكف الأيسر فتقص الأظافر كما يأتي: أولا الإبهام، ثانيا الوسطى، ثالثا الخنصر، رابعا البنصر، خامسا السبابة.


                  لقد وقفت على ذكر هذه الأشياء لأنها تُظهر أي دور كبير تمارسه طقوس الخرافات تلك في حياة الناس اليومية. وثمة خرافات متعلقة بالسادة.... إذ يعتمر السادة عمامةً خضراء دلالة على قدسيتهم (يقدس المسلمون واليزيديون اللون الأخضر، إذ يعدّه اليزيديون لون إلههم الحارس، الشيطان). ويُحترم السيد حتى وإن كان قذرا سئ الخلق استنادا الى نسبه المقدس. ويلجأ حتى المسيحيون واليهود الى السادة طلبا للتمائم. ويشتهر احد السادة في بعقوبة بإخراج الجن، إذ تُحضر العائلة الشخص المجذوب الى السيد، فإذا لم يستجب الجني لمحاولة طرده ويخرج، يوثق المجذوب البائس من يديه ورجليه، فيكيل له السيد الضربة تلو الضربة صائحا: ”اطلع“. وكم من المرضى السيئي الحظ لقوا حتفهم أثناء هذا العلاج، ولكن في هذه الحالة لا جَرَم أن الجني قد خرج، كما يوضح السيد.
                  وحدثني صديق لي بأن المرأة التي يستأجرها لغسل ثيابه، وهي شابة يهودية محترمة، طلبت منه دفعة مقدمة تبلغ عشر روبيات. وعندما سألها عن سبب طلبها هذا أخبرته بأنها أرادت أن تدفع اجر السيد العرّاف على ضفة النهر الأخرى. لقد اسر الأتراك خطيبها، وبما انه لم تردها أية أنباء منه، فقد كانت تتحرق شوقا لتعرف أين تجده. وطالما هو على قيد الحياة لن تتمكن من الاقتران بآخر، إذ إن رابطة الخطوبة لدى يهود وادي الرافدين كرابطة الزواج. وعندما سألها صديقي عمّا سيفعله السيد، أخبرته: ”عليّ أن اشتري قطعة لحم وأعطيها إياه ومعها عشر روبيات، فيضعها تحت مخدته. وعندما ينام سيكشف له في الرؤيا عن مكان خطيبي إذا كان حيا يُرزق“.

                  وفي الحلة حوكم احد السادة لأنه قتل صبيا، إذ امسك به وهو يجمع الحطب خارج المدينة، فقتله، وانتزع قلبه، وصارت الأدلة ضده دامغة باكتشاف شفرة حلاقة ملطخة بالدماء في حوزته. وقيل في حقه انه قتل صبية آخرين بالطريقة ذاتها. ويبدو إن تلك كانت طريقة لعلاج احد الأمراض، وتقضي بالتهام قطعة من قلب صبي صغير يقتلعه سيد. وأحيانا تُعرض على السادة الراغبين بارتكاب الجريمة وتأمين العلاج مبالغ طائلة في الخفاء. وينبغي أن لا يكون الصبي قد دخن مطلقا. وقد اخبر احد الغلمان في بغداد مولاته، التي أخبرتني بدورها، بأنه عندما كان صبيا هرب من سيد كان يريد الإجهاز عليه للغرض ذاته.

                  وهناك بعض الأحراز التي يُعتقد أنها تجعل حاملها منيعا مصونا. فقد أعطى حاخام يهودي من البصرة احد معارفي حرزا على هذه الشاكلة. وكان الحرز عبارة عن كيس جلدي صغير يحتوي، من بين أشياء أخرى، على خمس ابر وخمسة خيوط حريرية مختلفة الألوان، واسم والدته، وتاريخ ولادتها، وتاريخ ولادته. ويصوم الحاخام أربعا وعشرين ساعة قبل إعداد الحرز. وقد أكد هذا الأخير لصديقي بأن الحرز سيجعل حامله لا يتأثر بطعنات الرماح أو العيارات النارية.

                  ويُحضَّر حرزٌ آخر يجعل حامله لا يتأثر بالجروح، على النحو الآتي: امسك عندليبا، وليكن صحيحا لا عيب فيه، وخذه الى مقبرة عندما يكون القمر بدرا؛ اختر قبراً، وأشعل فوقه نارا، ثم ضع قدرا فيه ماء على النار، ولكن ادر ظهرك للقبر أثناء العملية. بعد ذلك، اقتل العندليب من وراء ظهرك وضعه في القدر وأنت مديرٌ ظهرك أيضا، واتركه يغلي ويغلي حتى يستحيل سائلا، فيما عدا عظمٌ صغير واحد لم يغلِ. وهنا سيسطع ضوء القمر على هذا العظم جاعلا إياه يتوهج وهجا ابيض. خذ هذا العظم وضعهُ في كيس جلدي واحمله، وسيكفيك شر العيارات النارية.

                  ويمكن استخدام الهدهد بالطريقة ذاتها، غير انه يتم اختيار العظم بعد الغلي بوضع العِظام كافة في الماء الجاري، ويكون العظم الذي يطفو عكس اتجاه الماء هو العظم السحري الذي يتم الاحتفاظ به. ويعدّ التحدث أثناء العملية مهلكا لا محالة.


                  وقد أوضح لي احد معارفي بأن الناس ضربوا له مثلا على ما يحدث إذا خُرقت هذه القاعدة من خلال رجل أبكم كان يجلس في المقهى، إذ فقد قدرته على النطق كما يلي: كان بصدد تنفيذ حِرز الهدهد، وبينما هو في المقبرة يُغلي الطير، ناداه جني بإسمه قائلا: ”احمد، أين أنت؟“، فنسي الرجل وأجاب: ”انأ هنا“، فحلّ به بلاء البكم منذ ذلك الحين. إن الجن يتلبس أي رجل يكسر التعويذة بتلك الطريقة.

                  ومن الجن المقسِطون المحسنون، ومنهم مَن هُم دون ذلك. وهم يحبوا أن يقطنوا السراديب التي يلجأ إليها الناس حين يشتد الحر في الصيف القائظ. وأحيانا يُصدر الجن ضوضاء عظيمة ليلا تمتزج بين الغناء والرقص والصراخ. بيد إنهم مسالمون، إلا إذا اُزعجوا. ويُشاع إن جنيّا يسكن شجرة في البيت المجاور لبيتي، وهو يطرق على النوافذ أحيانا. وذات مرة اخبرني رجلٌ إن الجن استعاروا ثياب جدته في إحدى الليالي من اجل عرس احد الجن. وعندما سألته ”كيف عرفت بالأمر؟“، إذ إن الثياب كانت في محلها في الصباح التالي، وكان الصندوق مغلقا كسابق عهده، أجاب: ”كانت هناك بعض الحنة على الثياب، وبذلك عرفت إن الجن استخدموها“. ولمنع الجن من اقتراض الثياب هذا، ينبغي على المرء أن يضع بين ثيابه سكينا ودبوسا وإبرة وحبة تدعى “حبة سودة“. ومن الجن الأشرار الذين يحرقون أو يدمرون الأشياء في البيت، ويغطون العظام بالتراب والقذارة، كما إنهم يسيئون التصرف في ظروف أخرى. ومن الجن نوعٌ مثابرٌ شغول، إذ انه كالجرموزة
                  [6"> تماما، يقوم بأعمال المنزل قبل أن تصحو ربة البيت الصالحة، حتى انه يتسوق لها.

                  ويضعف الجن أمام الجمال البشري، فتراهم يهيمون بالعذراوات من البشر. إذ تجد فتاةٌ جميلة نقودا على مخدتها عندما تصحو في الصباح، فتعلمُ إن جنيا عاشقا كان يزورها. ولا يكتفي الجن دائما بالزيارات العابرة؛ إذ يُحكى إن فتاةً بارحت فراشا ليلا على اثر صوتٍ ينادي باسمها، وتوجهت صوب السرداب. وقد استيقظت الأم فتبعتها، بيد إنها وجدت باب السرداب موصدة، فنادت على ابنتها، وأجابها صوتٌ واهنٌ ناء: ”أنا هنا“. ولكن، عندما دخلوا الى السرداب عنوةً لم يجدوا سوى حفرة في الأرض.

                  والجن لا يؤذون الأطفال أو مَن يصاحب الأطفال، ولاسيما الصغيرات. إذ لا تجرؤ النساء على ولوج غرفة مظلمة دون أن تصطحب طفلة صغيرة. ويعتقد الصابئة بأن الجن يسرقون الطعام، فتراهم لا ينبسّون ببنت شفة أثناء الأكل، فلو تفوّه احدهم بكلمة فسيأخذ الجن قِطع الطعام ويهربون بها. والجن مولعون بالمقالب العملية؛ إذ اخبرني احد البغداديين بأن جده رأى خروفا يتجول في الحي المسيحي ذات ليلة، فاصطحبه الى البيت. وقد تضرعت إليه زوجته أن يخرجه لأنها شعرت بأن في هذا الحيوان شئ مريب، بيد انه لم يصدقها. وتم ربط الخروف في باحة المنزل. وفي صباح اليوم التالي وجد أهل الدار جثة رجل غريب ملقاةً في الباحة. ولشدة فزعهم، فقد سحبوه خارجا والقوا به الى الشارع، وعندها تحول ثانيةً الى خروف وواصل المسير!

                  وهناك العديد من المخلوقات الخرافية، فالسعلاة (السعلوة)، هي مخلوق نهري له شعر اخضر طويل، تسكن دجلة، وبالإمكان مشاهدتها وهي تمشط شعرها الطويل. واخبرني أوربي يقطن منطقة الأهوار قرب العمارة بأن هناك أمراض معينة لا يمكن علاجها إلا عن طريق الأحراز التي يصنعها أشخاص يُعرفون بأنهم ثمرة اقتران هذه المخلوقات المائية وعشاقها من البشر، الذين تستدرجهم السعلاة الى الفراش النهري ثم تحررهم. وينص القانون التركي بوضوح على عدم شرعية اقتران البشر بالمخلوقات المائية.

                  وهناك مخلوق ذكر يسكن دجلة يُعرف بإسم ”فريج الاكرع“، وهو كائن غريب نصف بشري نحيل القدمين وأصلع الرأس، ويحدث أن يقع في شِباك الصيادين، فيتضرع إليهم راجيا أن يتركوه، واعدا إياهم باللؤلؤ والجواهر وما لذّ وطاب لهم من ألوان الكنوز، مكافأة ً لهم على اطلاق سراحه. ولكن عندما يستجيب له الصيادون يسبح بعيدا دون أن ينفذ أيا من وعوده، ساخرا من محرريه وناعتا إياهم بأسوأ الشتائم!

                  وقد نشرت إحدى الصحف المحلية في بغداد، وهي صحيفة ”المفيد“ن بتاريخ الأول من آب (أغسطس) 1922، مقالا حول حيوان غريب لا يمكن أن يكون سوى هذا الشيطان النهري. وقد شاهده بعض الناس قرب نورية السيد لطفي الآلوسي في نهر الفرات. وقد وصفوا الحيوان بأنه يشبه الجمل في مظهره العام، وإن كانت قائمتاه الأماميتان وهيأته كهيأة الإنسان، وكان له شعر طويل يميل الى الاخضرار، وله (hea) طويل احمر، وذيله يشبه ذيل السمكة. وقد ابلغ الكثير من سكان المكان عن رؤية هذا المسخ، وأطلقوا النار عليه، بيد إنهم لم يصيبوه بأذى، فتعالى حماس الناس.

                  أما العفريت الذي يُعرف ﺑ ”الطنطل“ فهو جنيٌ فظٌ اخرق. وهو يقفز على ظهور المارّة ليلا، كما يضع قدمه أمام الشخص حتى لا يتمكن من الحراك دون أن يرى ما الذي يعيقه. ويصفه أولئك الذين شاهدوه بأنه طويل كالمنارة، وهو مولعٌ بالحيل القذرة المدهشة.


                  ولليهود شيطانهم الخاص بهم، ويدعى شبطيم، ,له قامة هائلة الطول مثل الطنطل. ويعترض هذا الشيطان طريق المسافرين ويختبر إيمانهم، فإذا كان المسافر يهوديا صالحا فإنه يسمح له بالمرور، أو أن ينقله الى وجهته بطريقة خارقة للطبيعة، أما إذا كان مسلما أو مسيحيا فإنه يشبعه ضربا ويسلبه ماله، ويتركه فاقد الوعي.

                  ويعدّ الحب العنيف ضربا من ضروب الجنون أو التلبس، الذي يُعالج عن طريق إخراج الجن. ويُحكى إن امرأة يهودية شابة شُغفت مؤخرا بحب شاب متزوج، فما كان منهم إلا أن أخضعوها للوضوء والصيام والصلوات والجرعات السحرية. وأخيرا، ولغرض إكمال العلاج، مكثت في بيت الحاخام لبعض الوقت، فخرجت وقد برأت من غرامها تماما. أما فيما يخص البدو فإن مهمة علاج الحب تُناط بعجوز القبيلة. إذ اخبرني ضابط سياسي بأن إحدى العوائل قدمت إليه شكوى ضد شاب تمكن من تسريب الدواء والطعام، بل وحتى قطع القماش المغمسة بخلطة الحب، حتى إن الفتاة صارت مولعة به عندما تأكل أو تشرب أو ترتدي ثيابها. ويتلخص العلاج الوحيد في جلب العالِم الذي يقوم بقراءة أجزاء من القران على المريضة، فضلا عن غسلها مرات عدة يوميا، وإعطائها طعاما معدّا خصيصا لها.

                  وتحصّن حياة الطفل بشتى ضروب السحر التي تخطر ببال الأم، على الرغم من إنها، للأسف، تنسى كثيرا الاحتياطات الصحية الضرورية لصحته. فعند ولادة الطفل يوضع سيف مجردٌ من غمده قرب الوليد لطرد الجن، كما يعلق جزء من القران في رقبته. وسبق أن وصفتُ كيف تحاول الأم القلقة على وليدها العليل الحفاظ عليه. وعندما يقع الطفل على الأرض، وهو أمر كثير الحدوث في العراق، إذ غالبا ما تقوم الأخت الصغيرة برعاية الرضيع، يتوجب على الأم أن تبخّر المكان الذي سقط فيه، إذ تذهب الى ذلك المكان عند الغروب آخذةً معها الملح والنخالة وبيضة واحدة، ثم تضرم نارا في تلك المنطقة وترمي فيها بعض الملح والنخالة وتكسر البيضة على الأرض، وهي تلثم الأرض منادية: ”أيها الملائكة، أيها الملائكة الصالحون، لا تؤذونا ولن نلحق الأذى بكم“. وتكتفي أحيانا بوضع شمعة مضاءة على مكان وقوع الطفل.

                  ويؤخذ الطفل الكثير البكاء الى النهر، حيث يُغسل وجهه ويداه، وتوضع بيضة في كفيه الصغيرين، حيث سيحملونه على رميها في الماء. وتتكرر هذه العملية في ثلاثة أيام متوالية. وتقول النساء إن ذلك ”يبرِّد“ قلب الطفل بحيث لن يبكي من اجل أن يرضع.

                  وهناك العديد من الخرافات المتعلقة بالمنازل، إذ لا يجازف العربي بشراء أي منزل الى أن يعرف إن كان البيت فأل خير أو نذير شؤم على مالكيه. ولهذا السبب بالذات من الصعب استئجار منزل جديد، إذ إن فأله إذا صح القول لم يجرَّب بعد. ويفترض إن المرض يحوم حول منازل معينة. واعرف رجلا انكليزيا اُنذر بحسن نية إن البيت الذي كان بصدد سكناه تسكنه رُكبة خادمة. ولا تكون المنازل المسكونة بالجن مشؤومةً بالضرورة، إذ إن من الممكن أن يكون الجن غير أولي ضرر، أو حتى من النوع الودود.

                  ترجمة
                  الدكتور أنيس عبد الخالق محمود القيسي

                  تعليق


                  • #54


                    تاريخ السحر والشعوذة في موريتانيا




                    الكتابة في علم “سر الحرف” كما يسميه الموريتانيون، أو “العلم المكتوم” كما يطلق عليه الباحثون الغربيون، مسألة تكتنفها صعوبات جمة لما يتميز به هذا العلم من غموض رافق نشأته وتطوره.
                    ويصر الموريتانيون المشتغلون في هذا الحقل على تسميته بـ”سر الحرف”، كما يتفقون على إيصال سنده بالصحابييْن الجليلين علي بن أبي طالب وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما. ويقولون انه من العلوم التي برع فيها أهل البيت وعرف عندهم بـ”علم الجفر”، بل إن بعض خبراء هذا الفن يفسر التكتم الذي رافقه بعلاقته القوية بالمذهب الشيعي. ويرى بعض الباحثين المهتمين بـ”سر الحرف” أن كلا من الشيعة والسنة أخذ هذا العلم عن الإمام جعفر الصادق.
                    وعلى كل حال فإن الإمام جعفر الصادق عرف بغزارة العلم وكثرة من أخذ عنه. يقول الحسين بن علي الوشاء (عانيا مسجد الكوفة): “أدركت في هذا المسجد 900 شيخ كلهم يقول: حدثني جعفر بن محمد”. ويروى أن جابر بن حيان ممن أخذ علم الرياضيات وصنعة الكيمياء عن الإمام جعفر الصادق.

                    ومع أن لكلمة “سر” دلالتها التصوفية، فإن هذا العلم في الحيز الموريتاني عرف بـ”سر الحرف”. يقول النابغة الغلاوي في رثاء شيخه أحمد ولد محمد العاقل:
                    من ذا الذي يعرف سر الحرف ++ فذاك ذو تصرف في العرف
                    لكننا ننبه إلى أن “سر الحرف” ليس سوى جزء بسيط من الكتابة الطلسمية التي تشمل علم الجداول والأوفاق، وعلم أسرار الحروف، وخواص الأشياء، وعلم الطلاسم، والاقترانات، والأنواء. ويتحدث عنه القرافي في كتابه “الفروق” قائلا: “اعلم أن السحر يلتبس بالهيمياء والسيمياء والطلسمات والأوفاق والخواص المنسوبة للحقائق والخواص المنسوبة للنفوس والرقى والعزائم والاستخدامات”.

                    الكتابة الطلسمية

                    عدد مجالات هذا العلم وتعقده وغموضه تجعلنا نختار كلمة “الكتابة الطلسمية” للدلالة عليه. ويذكر الشيخ محمد مفتاح ولد صالح (وهو أحد العارفين بهذا العلم الباحثين فيه) تعريفا لعلم الكتابة الطلسمية

                    لم يكن هذا العلم ضمن برامج المحظرة المتاحة لجميع الطلاب، وإنما هو علم خاص لا يتاح إلا لبعض الطلاب النابهين الذين يبذلون جهدا نوعيا. وفي هذا النطاق تتنزل الحكايات المتعلقة بالصعوبات التي واجهها الشيخ سيديا للحصول على الإجازة في سر الحرف من شيخيه الشيخ سيد المختار الكنتي وابنه الشيخ سيد محمد الخليفه. كما تتنزل الحكايات المتعلقة بتلمذة أحمد ولد العاقل على شيخه في سر الحر ألفا ابراهيما وغيرها من الحكايات التي تتشابه في سياقها ودلالاتها. وقد أخبرني أحد العلماء الموريتانيين من ذوي الخبرة في هذا الفن أن “الشيخ ألفا عمر الغيني قال لتلميذه أحمد ولد محمد العاقل، لما أخذ عنه سر الحرف: سر الحرف سينه مهموسة، وراءه مرققة، إشارة إلى خصوصية هذا العلم”.
                    وقد احتل علم الكتابة الطلسمية مكانة كبيرة في قلوب العامة، وصلت حد الإنبهار حيث اعتبروه جزءا من الكرامة التي يحظى بها خاصة الأولياء والصالحين.

                    الكتابة الطلسمية: ممارسة قديمة في موريتانيا

                    رافقت الكتابة الطلسمية المجتمع الموريتاني عبر كل العصور والأدوار التاريخية. ويعتبر شرفاء كنار، الذين أسس جدهم محمد فال قرية “تيكماطين” قبل تسع مائة سنة من الآن،
                    ( في حدود سنة 536هـ)، من أقدم الأسر الموريتانية التي عرفت بالخبرة الواسعة في هذا العلم. وقد ذكر الوزير القشتالي في كتابه “مناهل الصفا في أخبار ملوك الشرفاء” أن “الشيخ ابراهيم رضوان، حفيد الشيخ الكناري محمد فال، قام بدور كبير في مواجهة زحف السعديين تجاه بلاد موريتانيا الحالية. ويفهم من السياق الذي ورد في الكتاب المذكور أن ما أصاب الدولة السعدية من تشتت لرماتها وموت لملكها ناتج عن استخدام الشيخ المذكور لـ”سر الحرف”.
                    ومن المعروف أن السعديين زحفوا من المغرب في اتجاه الجنوب، ودمروا مدينة تمبكتو وصفدوا علماءها بمن فيهم أحمد بابه التمبكتي. ومن المتواتر في ولاية الترارزه أن قرية “تيكماطين” ظلت تنعم بالأمن في فترة السيبة ولم تتعرض لأي غزو وذلك بسبب تحصينها بـ”سر الحرف”.
                    * روافد الكتابة الطلسمية الموريتانية

                    يمكن أن نقول إن الرافد الكنتي والرافد الفوتي هما أهم تيارين انتشر عن طريقهما هذا العلم بموريتانيا. أما الرافد الكنتي فيمثله الشيخ سيدي المختار الكنتي وتلامذته من أمثال الشيخ سيدي محمد الخليفة، والشيخ سيديا والشيخ القاضي ولد محم، لكن الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيديا برع فيه، وقد شرح المخمس ونظم جدول المثلث. وتواصلت الخبرة في هذا العلم في أبنائه وأبناء عمومته وفي تلامذته.

                    ساهم الرافد الكنتي في نشر هذا العلم بموريتانيا ومالي والسنغال والنيجر وليبيا والجزائر… أما الشيخ محمد المامي (الذي هو جزء من هذا الرافد القادري) فقد اهتم بعلم السر كثيرا، وله كتاب بعنوان “مقدمة في علم التربيع”، يصرح فيه بأنه بعد أن كرس ردحا من الزمن للبحث في علوم الظاهر نظما ونثرا سيتجه في آخر عمره إلى علوم الأسرار الموافقة لطبعه.
                    ويقول أيضا في “الميزابية” ما نصه: “وبقي من الحكمة الإسلامية الظاهرة أنواع منها أسرار الحروف، ومنها الجداول، وعلم التربيع، وعلم الكيمياء، وعلم الخواص التي لا تدخل تحت حصر”. وقد بين الشيخ محمد المامي في مواضع مختلفة من مؤلفاته أن “علم السر علم إنساني عالمي قديم قم الإنسان كالفلسفة والرياضيات وله قواعده، وتعلمه متاح لمن أراد الحصول عليه”.
                    وممن عرف بالخبرة الواسعة في هذا العلم، من مشايخ الشاذلية، لمرابط محمذن فال ولد متالي. وقد تكلم عنه في العديد من مؤلفاته، لكن انشغاله الأكبر كان منصبا حول مشروعية استخدامه.

                    أما بالنسبة للرافد الفوتي فإن من أهم مصادره بموريتانيا كل من الإمام عبد القادر كان والشيخ عمر الفوتي. وقد أخذ أحمد ولد محمد العاقل من هذا الرافد عن طريق شيخ غيني يدعى ألفا ابراهيم. وبعد أن عاد إلى بلاده أصبح من المتمكنين الراسخين في هذا العلم وله نظم في تنزيل جدول المربع: أي طريقة إنجازه، ومن آثار سر الحرف في مدرسة أهل العاقل الفوتية قول محمد فال (ببهاه):

                    أدخلت نفسي ومن خاللت من أحد *** في الجيم والصاد من لفظ اسمك الصمد

                    ومن الأمثال التي رافقت تغلغل الكتابة الطلسمية بموريتانيا (سر الحرف) عبارة: “الحكمة كنتية أو فوتية”.
                    وإذا كانت الحكمة كنتية أو فوتية فإن الطريقة الفاضلية (نسبة للشيخ محمد فاضل بن مامين) القادرية، لسعة انتشارها، وكثرة مريديها هي الأخرى، أبرز ناقل لهذا العلم في المنطقة الإفريقية والمغاربية المحاذية لموريتانيا. ويقال إن مثلث العمر (مثلث لا يمكن إنجازه أكثر من مرة واحدة في العمر حسب ما يقولون) من إضافات هذه الطريقة، كما أن للطرق الصوفية الأخرى كالشاذلية والتيجانية مساهمات في نشر هذا العلم.
                    وعلى كل فإن هذا العلم لصيق بالطرق الصوفية، فمشايخها هم من بثه وألف فيه ووضع بعض جداوله وعزائمه وآدابه وشروط تعلمه، إلى أن أصبح مكونا هاما من مكونات الثقافة في المجتمع الموريتاني .

                    من العلماء الذين تعرضوا لهذا العلم وتحفظوا على الكثير من جوانبه (سدا للذريعة) سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم، فقد ناقش بعض متعلقات علم الجدول في كتابه “رشد الغافل”، كما أنه ذكر مسبع السلالة الذي قال إنه يكتب للشفاء من تعرض لـ”مص الدم”. ومسبع السلالة المذكور هو جدول من سبع خانات وأحرفه الموضوعة في خاناته هي سواقط الفاتحة، أي الأحرف التي لا توجد في سورة الفاتحة؛ وهي الفاء والجيم والشين والثاء والظاء والخاء والزاء،

                    ومنذ ظهر مسبع السلالة اهتم به الموريتانيون كثيرا لاعتقادهم في نجاعته لدفع ظاهرة “السل” التي يرجعونها لعملية سحرية، يمتص بموجبها “السلال” ما في قلب الإنسان من دم. ومن الملاحظ أن طبقية المجتمع جعلت “السل” يرتبط في ذهن الناس بشريحتي “العبيد” و”الحراطين”، وهي مسألة تحيل في رأينا إلى نوع من ممارسة الظلم الاجتماعي. وقد نظم محمد الحبيب ولد مايابه مسبع السلالة بقوله:

                    هذا مسبع لسحر دافـع++وإنه من بابه لنافـــع
                    وهو مجرب فقد جربته++ونفعه إذ ذاك قد وجدتـه
                    كيف لا وهو كلام طيب++والعلماء في أخذه قد رغبوا
                    وفيه أسماء لمولانا علا++يحصل نفعها لمن ذا استعملا
                    وهو مضاف لكلام الله++في خمس آيات على تناهي

                    إلى أن يقول:

                    تناسب الدفع لكل شر++لاسيما إن كان شر السحر

                    ولناظم آخر في ضبط مسبع السلالة:

                    وإن ترد لجدول الـسلاله++فخذه بالنظم وع المقالــه
                    مجدول مسبع بعد الآيات++معمر بذي الحروف بالثبات

                    يحتل الجدول مكانة كبيرة في هذا العلم، ويتخذ كل من الجدول والوفق شكلا هندسيا لكنهما يختلفان في مسائل، إذ يرتبط الوفق باقترانات فلكية، تتعلق بالطالع (التوقيت) والطيب المستخدم (البخور) وغيرهما من عناصر الوفق المعروفة في هذا الفن بـ”الزيجرة”، بينما يرتبط الجدول باستخدام أسرار بعض الحروف والأدعية إضافة إلى أنه يقوم على نظام حسابي مرتب، يُضعّـف من خلاله عدد معين للحصول على وضع قليل، وهو ما يسمى بالقوة. ولهذا حذر مشايخ هذا العلم من الاقترانات وما يتعلق بها من طالع نحس وسعد وصفات طلسمية، لأنها تدخل في نطاق فن ممارسة السحر المنهي عنه شرعا، ذلك لأنهم حريصون على الوقوف عند نهي الشارع وأمره. يقول لمرابط محمذن فال ولد في كتابه “فتح الحق” في معرض حديثه عن الأوفاق: “وهي لا تخلو من نوع ذم، إلا أن الذم فيها شديد حيث كان فيها رصد الأفلاك، كانتظار طلوع كوكب أو ساعة من ليل أو نهار، من غير توقيت من الشارع، بل بحسب نحوسة أو سعودة الأوقات باعتبار الكواكب، ونحو ذلك وكذلك إذا كان فيها تعوذ برؤساء الجن، فهو يجري على ما مر من التعوذ بمردة الجن، وما سلم من هذين الأمرين كان أخف، وذلك كتقطيع الأسماء في بيوت الأوفاق مع أن ذلك سوء أدب مع أسمائه تعالى، وفي الأسماء لمن صحت نيته وطابت سريرته بتقوى الله تعالى، دون تقطيع كفاية، لكن ينبغي مع ذلك مراعاة المناسبة في المعنى بين الإسم وما يستعمل فيه، ومراعاة عدد حروف الإسم. هكذا نصوا ولا ذم في هذا عند جميعهم، إلا من حيث تعلق بما يذم شرعا”.









                    تعليق


                    • #55



                      السحر فى أمريكا

                      "سالم" مدينة أمريكية تعتبر قبلة السحرة و مكان تجمعهم..فيها يعيش أكثر من 20 الف ساحر..يتمتعون بحقوق لا يجدونها فى أى ولاية أمريكية أخرى..و فى هذه المدينة التى تقع بولاية "بوسطن" يقام إحتفال سنوى كبير يتصل خلاله الأهالى بالموتى من أقاربهم و أصدقائهم. حكاية هذه المدينة غريبة..و التفاصيل أشد غرابة.

                      فى نفس المكان الذى شاهد شنق 600 ساحرة منذ 3 قرون يتجمع آلاف السحرة مع أهالى مدينة "سالم" بولاية "بوسطن" الأمريكية فى قلب الليل فى واد كبير يقع على أطراف المدينة فى اليوم الأول من نوفمبر لحضور "عيد الإحتفال بالموتى" أو عيد "سمهان" حيث يسود الصمت.. صمت القبور ليسمح بالإتصال المباشر بين المتواجدين و أرواح الموتى الهائمة..هذه المدينة التى تتخذ السحر مهنة أساسية و شعارا لها فهى تعترف بمقولة "أنت ساحر..إذن أنت مواطن فى مدينتنا" و يتمتع السحرة فيها بالحقوق القانونية و الدستورية لممارسة حميع أنواع السحر.
                      و فى هذا الإحتفال تكثر الأشياء المثيرة فإذا سرت فى المدينة ترى " قرع العسل" فى كل نوافذ البيوت على شكل "جماجم الموتى".. كما ترى جثثا متحجرة لموتى و صورا لنساء شريرات مخيفات..

                      و السحرة فى أنحاء ولايات أمريكا تبلغ أعداهم عدة ملايين إلا أن حوالى 20 ألف ساحر يتركزون فى مدينة "سالم" وحدها و ينتمون لجمعيات أو طوائف أو أحزاب و كل هؤلاء السحرة يلتفون فى النهاية حول "كبير أو كبيرة الساحرات".
                      و من الصعوبة معرفة العدد الحقيقى للسحرة فى "سالم" لأن أعدادا كبيرة منهم يفضلون التجمع سرا و لا يعلنون عن أنفسهم كسحرة خارج مدينتهم خوفا من نظرة الناس السيئة لهم.
                      و تقول كبيرة المنجمات فى "سالم"أنها تحتفظ بسلطة تعليم أسرار السحر الأكثر فاعلية للساحرات الجدد و ليقمن بممارسته بعد ذلك تبعا لقدرة كل واحدة منهن.
                      و هناك شعار للسحرة يرفعونه فى "سالم" وهو "إفعل ما تشاء لكن بشرط ألا تؤذى الآخرين".

                      و تؤكد إحدى الساحرات أن السحرة فى "سالم" لو إستعملوا القدرات الخارقة لديهم فى إيذاء العالم فإن التوازن الطبيعى للبشرية سيختل فى كل شىء.
                      و تقول فتاة صغيرة: إن الأرواح أجبرتها على تغيير مهنتها العادية التى إختارتها و جعلتها ساحرة رغما عنها عن طريق المضايقات المستمرة لها فكانت تصاب من حين إلى آخر بنوبات ضيق التنفس.. و تشعر بتيار كهربائى يدخل إلى جسدها مما إضطرها إلى قبول العمل كساحرة ، و أنه بعد دخولها فى هذا المجال تحسنت حالتها و إختفت تماما كل المضايقات التى كانت تحدث لها من قبل.
                      و تضيف: إن أول شىء مارسته فى السحر هو تحضير "عمل" لأحد مديرى البنوك و بالفعل نجح مفعوله فحصلت على قرض كبير من البنك دون أية ضمانات..و أصبحت فيما بعد قادرة على التنبوء بالمستقبل ثم إمتلكت محلا لبيع كل لوازم السحر و التنجيم و أنها على إتصال دائم بالأرواح و تقول: الأرواح توجهنى فى حياتى و لا أخالفها لأنى أعلم جيدا أننى إذا خالفتها فسوف أدفع الثمن غاليا.
                      و يوم الساحرة ملىء و مشحون بالعمل فهى تقوم بمباركة الأطفال حديثى الولادة و إجراء مراسيم الزواج، و دفن الموتى..و الساحرات يمتلكن تصاريح رسمية معترف بها من قبل السلطات المدنية لممارسة كل هذه الأعمال و كثير من الساحرات لا يكتفين بهذه الأعمال مع أن ربحها المادى كبير و يقمن بتفريغ الطاقة الخفية المدمرة الكامنة فيهن فيقمن بأعمال مثل التنجيم و تحضير الأرواح و غير ذلك.

                      و تقول ساحرة أخرى (عمرها 34 عاما) و هى دارسة بعلم الجيولوجيا و عضو بجمعية الساحرات : منذ مولدى و أنا أعرف أنى مختلفة عن الآخرين فأنا أتميز بقدرات خارقة مثل التنبوء برنين الهاتف قبل أن يرن و كنت قادرة على شفاء المرضى و إعادة صلات الحب بين المحبين أو التفريق بينهم.
                      و توسع نشاط الساحرات الأمريكيات خاصة فى مدينة "سالم" فهم يساعدون الشرطة أحيانا فى الكشف عن الجرائم الغامضة المبهمة.
                      و هناك البعض فى مدينة "سالم" يخشون النشاط الزائد للساحرات فى المدينة و يرفضونه رفضا قاطعا و يرونه نوعا من أنواع الشعوذة بل إن البعض منهم طالب بإحراق جميع الساحرات فى المدينة و طرد أبنائهن من المدارس و الجامعات لأنهن خطرا يهدد أمريكا و سكانها.
                      و يرفض السحرة و الساحرات هذه المواقف و يرونها قاسية عليهن و يطلبن تركهن للعمل فى حرية فكل شخص حر فيما يفعل ما دام لا يؤذى الأخرين.
                      و فى محاولة من عمدة مدينة "سالم" لتهدئة حدة هذه الصراعات قام بتعيين أحد كبار المنجمين مسئولا عن الدفاع عن حقوق السحرة.
                      و ياتى هذا الموقف من العمدة لمساندة السحرة لأنهم يدرون دخلا ماديا رهيبا على المدينة يبلغ 5 ملايين دولار سنويا.
                      و قد إتجه أغلب الناس فى مدينة "سالم" إلى العمل بالسحر فمديرة أكبر متحف فى "سالم" ساحرة.. و أغلب المترددين على السحرة من النساء أو الأشخاص الذين يعانون الضياع المادى أو المهنى أو الثقافى.

                      و يحاول الكهنة المسيحيون إرجاع هؤلاء السحرة إلى رشدهم ليتركوا التحالف مع الشيطان الذى لا يقود إلا إلى الهاوية كى تنعم مدينة "سالم" بحياتها الطبيعية بعيدا عن السحر و شره.!

                      تعليق


                      • #56


                        السحر فى أمريكا

                        "سالم" مدينة أمريكية تعتبر قبلة السحرة و مكان تجمعهم..فيها يعيش أكثر من 20 الف ساحر..يتمتعون بحقوق لا يجدونها فى أى ولاية أمريكية أخرى..و فى هذه المدينة التى تقع بولاية "بوسطن" يقام إحتفال سنوى كبير يتصل خلاله الأهالى بالموتى من أقاربهم و أصدقائهم. حكاية هذه المدينة غريبة..و التفاصيل أشد غرابة.

                        فى نفس المكان الذى شاهد شنق 600 ساحرة منذ 3 قرون يتجمع آلاف السحرة مع أهالى مدينة "سالم" بولاية "بوسطن" الأمريكية فى قلب الليل فى واد كبير يقع على أطراف المدينة فى اليوم الأول من نوفمبر لحضور "عيد الإحتفال بالموتى" أو عيد "سمهان" حيث يسود الصمت.. صمت القبور ليسمح بالإتصال المباشر بين المتواجدين و أرواح الموتى الهائمة..هذه المدينة التى تتخذ السحر مهنة أساسية و شعارا لها فهى تعترف بمقولة "أنت ساحر..إذن أنت مواطن فى مدينتنا" و يتمتع السحرة فيها بالحقوق القانونية و الدستورية لممارسة حميع أنواع السحر.
                        و فى هذا الإحتفال تكثر الأشياء المثيرة فإذا سرت فى المدينة ترى " قرع العسل" فى كل نوافذ البيوت على شكل "جماجم الموتى".. كما ترى جثثا متحجرة لموتى و صورا لنساء شريرات مخيفات..

                        و السحرة فى أنحاء ولايات أمريكا تبلغ أعداهم عدة ملايين إلا أن حوالى 20 ألف ساحر يتركزون فى مدينة "سالم" وحدها و ينتمون لجمعيات أو طوائف أو أحزاب و كل هؤلاء السحرة يلتفون فى النهاية حول "كبير أو كبيرة الساحرات".
                        و من الصعوبة معرفة العدد الحقيقى للسحرة فى "سالم" لأن أعدادا كبيرة منهم يفضلون التجمع سرا و لا يعلنون عن أنفسهم كسحرة خارج مدينتهم خوفا من نظرة الناس السيئة لهم.
                        و تقول كبيرة المنجمات فى "سالم"أنها تحتفظ بسلطة تعليم أسرار السحر الأكثر فاعلية للساحرات الجدد و ليقمن بممارسته بعد ذلك تبعا لقدرة كل واحدة منهن.
                        و هناك شعار للسحرة يرفعونه فى "سالم" وهو "إفعل ما تشاء لكن بشرط ألا تؤذى الآخرين".

                        و تؤكد إحدى الساحرات أن السحرة فى "سالم" لو إستعملوا القدرات الخارقة لديهم فى إيذاء العالم فإن التوازن الطبيعى للبشرية سيختل فى كل شىء.
                        و تقول فتاة صغيرة: إن الأرواح أجبرتها على تغيير مهنتها العادية التى إختارتها و جعلتها ساحرة رغما عنها عن طريق المضايقات المستمرة لها فكانت تصاب من حين إلى آخر بنوبات ضيق التنفس.. و تشعر بتيار كهربائى يدخل إلى جسدها مما إضطرها إلى قبول العمل كساحرة ، و أنه بعد دخولها فى هذا المجال تحسنت حالتها و إختفت تماما كل المضايقات التى كانت تحدث لها من قبل.
                        و تضيف: إن أول شىء مارسته فى السحر هو تحضير "عمل" لأحد مديرى البنوك و بالفعل نجح مفعوله فحصلت على قرض كبير من البنك دون أية ضمانات..و أصبحت فيما بعد قادرة على التنبوء بالمستقبل ثم إمتلكت محلا لبيع كل لوازم السحر و التنجيم و أنها على إتصال دائم بالأرواح و تقول: الأرواح توجهنى فى حياتى و لا أخالفها لأنى أعلم جيدا أننى إذا خالفتها فسوف أدفع الثمن غاليا.
                        و يوم الساحرة ملىء و مشحون بالعمل فهى تقوم بمباركة الأطفال حديثى الولادة و إجراء مراسيم الزواج، و دفن الموتى..و الساحرات يمتلكن تصاريح رسمية معترف بها من قبل السلطات المدنية لممارسة كل هذه الأعمال و كثير من الساحرات لا يكتفين بهذه الأعمال مع أن ربحها المادى كبير و يقمن بتفريغ الطاقة الخفية المدمرة الكامنة فيهن فيقمن بأعمال مثل التنجيم و تحضير الأرواح و غير ذلك.

                        و تقول ساحرة أخرى (عمرها 34 عاما) و هى دارسة بعلم الجيولوجيا و عضو بجمعية الساحرات : منذ مولدى و أنا أعرف أنى مختلفة عن الآخرين فأنا أتميز بقدرات خارقة مثل التنبوء برنين الهاتف قبل أن يرن و كنت قادرة على شفاء المرضى و إعادة صلات الحب بين المحبين أو التفريق بينهم.
                        و توسع نشاط الساحرات الأمريكيات خاصة فى مدينة "سالم" فهم يساعدون الشرطة أحيانا فى الكشف عن الجرائم الغامضة المبهمة.
                        و هناك البعض فى مدينة "سالم" يخشون النشاط الزائد للساحرات فى المدينة و يرفضونه رفضا قاطعا و يرونه نوعا من أنواع الشعوذة بل إن البعض منهم طالب بإحراق جميع الساحرات فى المدينة و طرد أبنائهن من المدارس و الجامعات لأنهن خطرا يهدد أمريكا و سكانها.
                        و يرفض السحرة و الساحرات هذه المواقف و يرونها قاسية عليهن و يطلبن تركهن للعمل فى حرية فكل شخص حر فيما يفعل ما دام لا يؤذى الأخرين.
                        و فى محاولة من عمدة مدينة "سالم" لتهدئة حدة هذه الصراعات قام بتعيين أحد كبار المنجمين مسئولا عن الدفاع عن حقوق السحرة.
                        و ياتى هذا الموقف من العمدة لمساندة السحرة لأنهم يدرون دخلا ماديا رهيبا على المدينة يبلغ 5 ملايين دولار سنويا.
                        و قد إتجه أغلب الناس فى مدينة "سالم" إلى العمل بالسحر فمديرة أكبر متحف فى "سالم" ساحرة.. و أغلب المترددين على السحرة من النساء أو الأشخاص الذين يعانون الضياع المادى أو المهنى أو الثقافى.

                        و يحاول الكهنة المسيحيون إرجاع هؤلاء السحرة إلى رشدهم ليتركوا التحالف مع الشيطان الذى لا يقود إلا إلى الهاوية كى تنعم مدينة "سالم" بحياتها الطبيعية بعيدا عن السحر و شره.!

                        تعليق


                        • #57

                          السحر عند أهل الهند

                          في الهند كانت الديانة وعلوم السحر مختلط بعضها ببعض , ليس فقط بالنسبة للتحفظ من الشيطان المغري للشهوات بل للتسلط على الآلهة بالرياضات والتقشف والتضحية وغيرها .. فلما جاءت الديانة البوذية التي هي إصلاح للبرهمية لم تحذف السحر بل أقرته , وهو لا يزال عظيم الاعتبار في التبت والصين , وحسبنا أن نعلم أن أحد أسفار
                          ( الفيدا ) الأربعة وهو سفر ( أترافا ) مخصص لمعرفة الرقى والسحر , و ( الفيدا ) هو الكتاب المقدس عند الهندوس وقد تكامل هذا الكتاب عبر الأجيال , ولم يبق منه إلا أسفار أربعة , ومن ينظر في الحال التي عليها الهند اليوم فإنه يرى في حاضرها صورة لماضيها الغابر , فالسحرة والكهان والعرافون ومروضو الثعابين يبلغ تعدادهم عدة ملايين ..
                          وأما البراهمة الذين يزعمون أن العالم نشأ من زعيمهم ومعبودهم ( براهما ) فإنهم مع ازدرائهم للسحر والديانة التي ترتضيه وتقوم عليه لم يقاوموه ولم يستنكروه .. والهنود كانوا يعتقدون بأن النجوم لها تأثير عظيم على البشر , وكان السحرة والعرافون يدَّعون معرفة الغيب ويطلعون الناس على ما غاب عنهم مقابل أجر زهيد ويزعمون أن باستطاعتهم مواجهة الشر المتمثل في الشياطين والثعابين .. كما كانوا يزعمون أن بمقدورهم تسليط الشياطين على أعداء من يستعين بهم أو يدفع لهم مالا , كما أن باستطاعتهم طرد أولئك الأعداء .. وكان سحرة الهند يزعمون فوق هذا كلِّه أنهم يستطيعون أن يجددوا الحيوية في الإنسان أو أن ينشئوا الحب في أي إنسان لإنسان آخر ..
                          وإذا طالعنا الكتب الطبيّة الهندية القديمة رأينا هذا العلم قد اصتبغ بالسحر في كل مباحثه , سواء في بحث العلل والأمراض أو في التداوي والعلاج ..

                          سبحان الله اخي .. انا دخلت للموضوع الآن حتى استفيد من بعض المعلومات حول السحر في الهند .. علما بأني ظننت أنك كتبت أكثر من ذلك كوني لم اتمم القراءة منذ
                          آخر مرة قرأت فيها الموضوع .. لم اقف كثيرا ونقلت السطر إلى السحر في الهند وذلك لأنهي كتابتي حول موضوع الديانات في الهند .. فهي متعددة ولكن ما لفت انتباهي
                          هو الفيدا .. وفي مصطلح ياباني الديفا .. وجميعها تصب في قالب واحد وهي الآلهة مختلفة الأسماء .. في الديانة الهندوسية القديمة حتى يومنا هذا .. المعلومات على الانترنت جدا
                          قليلة بالنسبة لما اعلمه شخصيا .. فإن الديانات في الهند وأقساها واكثرها انتشارا واجتياح هي الهنوسية والتي تفرعت منها كتب كثيرة ومنها ما يقدر عمرها إلى 5000 سنة

                          برأيي الشخصي وهذا ماكتبته ان الديانات الهندية لا تخلو من السحر الأسود .. وهي في الأصل لها منبع يهودي .. آرامي في نفس الوقت .. مع تعدد الحضارات إلى ان دول شرق آسيا
                          كالصين واليابان هما اكثر دولتين احتضنت الديانات التي تفرعت من الديانة الهندوسية الهندية القديمة .. كما ان عصورها التي تناقلت من 5500 سنة حتى الآن نقلت متغيراتها بكل ما فيها

                          وبالفعل كلام سليم للغاية في نصك هذا .. حيث ان السحر كان من احد اكثر طقوس العبادة في الهند ولكن هناك نقطة لم تذكرها وهي ان هذا السحر لم يدركه الناس على الإطلاق .. بل كانو
                          يظنون انها طقوس للعبادة .. والقرابين التي كانوا يقدمونها كانت بمثابة قربان إلهي ليس أكثر .. فالشعب الفقير الذي زادت نسبته عن الــ 70% كان لا يدرك بأن هذا سحر .. بل كان يظن
                          بأن هناك إله .. كمثيله من الآله المتعددة الأسماء .. ولها مغزى وسبب .. وأيضا لها طقوس خاصة .. وكان من بينها تقديم القربان لملك هذه القداسة .. لذلك تجد ان هناك بعضا من قرى الهند
                          تظن بأن الشخص الذي هو بمثابة قديس عندهم يجب ان يعبد .. ويظهر له الولاء والاحترام .. كما ان القربان يصل عن طريقه .. سواء كان في مبعد وطاقة يتم التواصل معه بها او من خلال تمثال
                          او من خلال صندوق أو حتى بحيرة من المياه

                          وكلها تشتمل كلمة " اساطير "

                          أخي الفاضل حسب معلوماتي السطحية
                          [CENTER]هناك حقيقة واحدة دائــماً
                          نستطيع ان نكون الخير و الشر اذا كنا نحاول ان نرفع الموت عكس مجرى الوقت
                          أحيانا يتطلب منا ان نؤمن بتلك المقولة : Need Not To Know
                          Fear Of Death Is Worse Than Death Itself - الخُوف من المُوت .. أسوأ مِن المُوت نفسه
                          اذا كنا سنستمر برمي السنارة في بحر مظلم ، فلن نصطاد شيئاً
                          مدارك Perceptions

                          تعليق


                          • #58


                            السحر في قديم الزمان

                            يقول صاحب كتاب " قصة الحضارة " : ( وقد كانت الغابات – في رأي الأقدمين – في أول أمرها عامرة بالجن والشياطين والسحرة والمردة والأقزام وعرائس الجن ، والفلاح الساذج في إيرلنده ( إيرلنده : جزيرة أوروبية في بحر الشمال تقع غرب بريطانيا – معجم اللغة والأعلام ) لا يزال يؤمن بوجود الجنيات ويستحيل أن يعترف بشاعر أو كاتب على أنه من رجال النهضة الأدبية هناك إلا إذا أدخل الجنيات في أدبه وشعره )

                            ويقول أيضاً : ( ونحن لا ننكر أن تكون الغابات والأماكن الخربة والصحارى والقبور وأماكن القذارة كالمعاطن والمزابل والحمامات وغيرها من هذا القبيل هي أماكن يأوي إليها الجن بكافة أنواعه غالباً ، إلا أن الإنسان البدائي تصور عالماً من الأرواح يجهل طبيعتها وغاياتها ولهذا سعى إلى الخرافة وعمل على استرضاء تلك الأرواح واجتلابها في جانبه لمعونته ، ومن ثم كان السحر هو جوهر الديانة البدائية بمثابة الروح من شعائر العبادة ، ولهذا تصور الناس آنذاك أن خضما حقيقياً مليئاً بقوة السحر وأطلقوا عليه اسم " مانا " وكان الساحر في رأيهم إنما يقطر قطرات ضئيلة من هذا المورد الذي لا ينتهي ، والذي يستمد منه قدرته على السحر ، وكان هناك ما يسمى بالسحر التمثيلي ( السحر التمثيلي : هو أن يقوم الإنسان بأداء أشباه الأفعال التي يريد أن تحصل له بقوة نفسه ) الذي كان هو أول الطرائق التي كسب بها الإنسان معونة الأرواح ، وكان هذا النوع معروفاً في " سومطرة " ( سومطرة : كبرى جزر أندونيسيا شهيرة بخصب تربتها ) وفي " أرخبيل بابار" ( أرخبيل بابار : هي مجموعة جزر بحر إيجة ) والحال كذلك كان في قبيلة " دياك " في " بورينو " ( بورينو : ثالث جزيرة في العالم وكبرى جزر أندونيسيا ) فقد كان الساحر إذا أراد أن يخفف آلام امرأة تضع يقوم هو بنفسه بحركات الوضع على سبيل التمثيل لعله بذلك يوحي بقوة سحره إلى الجنين أن يظهر ، بل كان أحياناً يقوم الساحر بدحرجة حجر على بطنه ثم يسقطه على الأرض آملا أن يقلده الجنين المستعصي فتسهل ولادته 0 وهذا كله نوع من الإيحاء

                            وفي العصور الوسطى كانوا يسحرون الشخص بأن يغرزوا الدبابيس في تمثال من الشمع يمثل صورته ( قلت : كما حدث تماماً للنبي فقد ذكر ابن حجر في الفتح من الزيادات على رواية عمرة عن عائشة أن الرسول وجد في طلعة الذكر المستخدمة في سحرة الذي فعله لبيد بن الأعصم تمثالاً من الشمع ، وهو تمثال له وفيه إبر مغروزة ووتر فيه إحدى عشرة عقدة فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ الرسول آية انحلت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألماً ثم يجد بعدها راحة حتى قام كأنما نشط من عقال – فتح الباري – 10 / 230 – انتهى كلامي ) 000 )

                            وقال : ( وكان هنود بيرو ( بيرو : جمهورية في أمريكا الجنوبية تقع بين كل من كولومبيا ، والبرازيل ، وبوليفيا ، والأرجنتين ) يحرقون الناس ممثلين في دماهم ( دماهم : جمع دمية ومعناها : الصور المزينة فيها حمرة كالدم ومنها الصنم 0 راجع دمى في المعاجم ) ويطلقون على هذا اسم " إحراق الروح " وليس سواد الناس في العصر الحاضر بأرقى من هذا السحر البدائي في أراجيفهم وخرافاتهم فنسمع عن أشياء مثل هذا وإن اختلفت في الطريقة والأسلوب
                            وصحيح أن السحر بدأ بالخرافة إلا أنه انتهى بالعلوم ، فهناك الألوف من أغرب العقائد جاءت نتيجة للفكرة الروحانية القديمة ثم نشأت عنها طقوس عجيبة بعد ذلك ، ولقد بدأ الاعتقاد في السحر في أوائل التاريخ الانساني إلا أنه لم يزل عن الإنسان زوالاً تاماً ، وكانت عبادة الأصنام وغيرها مما يكون له قوة سحرية كالتمائم أرسخ في القدم من السحر نفسه وأثبت منه في أعماق النفوس ثم ظهرت بعد ذلك الأحجبة وما زالت مثلاً من الأمثلة التي تعاصرنا حتى الآن كالأصنام وما إليها من ذوات القوة السحرية – على حد ما يزعمون – والعجيب أن نصف سكان أوربا تقريباً يلبسون المدليات والتمائم ليستمدوا بوساطتها وقاية ومعونة من وراء الطبيعة )

                            وقال أيضاً : ( والواقع أن
                            تاريخ المدنية ليعلمنا في كل خطوة من خطوات سيره كم تبلغ قشرة الحضارة من الرقة والوهن ، ثم كيف تقوم المدنية على شفا جرف هار فوق قمة بركان لا يخمد سعيره من الوحشية البدائية والخرافة الواسعة والجهل المكبوت ، وما المدنية المعاصرة إلا غطاء وضع وضعاً على قمة العصور الوسطى ولا تزال آثار العصور باقية في بعض الناس إلى اليوم ، فقد بالغ فريزر في مبالغة غير مستغربة منه فقال : إن أمجاد العلم تمتد بجذورها إلى سخافات السحر ، لأنه كلما أخفق الساحر في سحره استفاد من إخفاقه هذا استكشافاً لقانون من قوانين الطبيعة ( قلت : لا يجوز اطلاق هذا المصطلح في الواقع ، حيث أن كافة مقادير الحياة بيد الله سبحانه وتعالى وهو المتصرف في هذا الكون بأرضه وسماءه وأفلاكه وكل ما فيه ، وكافة القوانين هي من صنع الله سبحانه وتحت تقديره ومشيئته ) يستعين بفعله على مساعدة القوى غير الطبيعية في إحداث ما يريد إحداثه من ظواهر ثم أخذت الوسائل الطبيعية تسود وترجح كفتها شيئاً فشيئاً ، ولو أن الساحر كان دائماً يخفي هذه الوسائل الطبيعية ليحتفظ بمكانته عند الناس ما استطاع إلى إخفائها من سبيل بأن يعزو الظاهرة التي أحدثها إلى السحر الذي استمده من القوى الخارقة للطبيعة ، وهذا شبيه جداً بأهل هذا العصر حين يعزون الشفاء الطبيعي لوصفات وعقاقير سحرية ثم لا يخفى أنه كان للكهنة دور كبير في إضرار الناس في إبقائهم على الخرافة باحتكارهم لضروب معينة من المعرفة ، وقد كان أدب الكهنة آنذاك ترانيم دينية وطلاسم سحرية يتغنون بها عادة قل بالرواية من ذاكرة إلى أخرى ، وكانت الكلمة التي معناها الشعر عند الرومان تدل على الشعر وعلى السحر في آن واحد ، وكذلك الكلمة التي معناها النشيد عند اليونان معناها في الأصل طلسم سحري ، وقد تطورت أنغام الشعر وأوزانه تطوراً ظاهراً على أيدي السحرة في ذلك الوقت ليزيدوا من التأثير السحري )

                            وقال : ( ولا شك أن التنجيم سابق على علم الفلك ، وقد دام وجوده على الرغم من ظهور علم الفلك أما طرق العلاج في هذه الفترة البدائية فكانت باصطناع الرقية السحرية التي من شأنها – على حد دعواهم – أن تسترضي الروح الشريرة التي حلت في البدن العليل لعلها تتركه ، وكان للخزاف دور في تصوير الأشخاص في تماثيل يستفاد منها في تمائم السحر
                            ( قصة الحضارة – باختصار – 1 / 136 ، 137 ، 148 )


                            يرجع تاريخ السحر إلى ما قبل زمن نوح عليه السلام لأن قصة هاروت وماروت ( هاروت وماروت قيل أنهما بدل من الشياطين ، وقال الحسن : هما علجان كانا ببابل ملكين ، وقيل أنهما ملكان نزل عليهما السحر فتنة وامتحاناً يعلمان السحر تعليم إنذار من السحر لا تعليم دعاء إليه – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 50 ، 52 ، 54 ) كانت قبل زمنه عليه السلام على ما ذكره ابن اسحق وغيره ، وكان السحر موجوداً في زمن نوح عليه السلام إذ أخبر الله عن قوم نوح أنهم زعموا أنه ساحر

                            وفي عهد إبراهيم الخليل كان سحر أهل بابل وكانوا قوماً صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ، ويعتقدون أن حوادث العالم كلها من أفعالها ، وعملوا أوثاناً على أسمائها ، وجعلوا لكل واحد منها هيكلاً فيه صنمه ، ويتقربون إليها بضروب من الأفعال على حسب اعتقاداتهم من موافقه ذلك للكوكب الذي يطلبون منه بزعمهم إليه بما يوافق المشتري من الدخن والرقى والعقد والنفث عليها ، ومن طلب شيئاً من الشر والحرب والموت والبوار لغيره تقرب بزعمهم إلى زحل بما يوافقه من ذلك ، ومن أراد البرق والحرق والطاعون تقرب بزعمهم إلى المريخ بما يوافقه من ذبح بعض الحيوانات وجميع تلك الرقى بالنبطية ( النبطية : لغة قديمة أول من استعملها آدم عليه السلام حينما استيقظ فوجد حواء بجواره فقال " أثا " بالنبطية امرأة – بتصرف – جامع البيان في تفسير القرآن للطبري – 4 / 150 ) تشتمل على تعظيم تلك الكواكب لتحقيق ما أرادوا من خير أو شر أو محبة وبغض فتعطيهم ما شاؤا من ذلك ، فيزعمون أنهم عند ذلك يفعلون ما يريدون في غيرهم من غير مماسة ولا ملامسة سوى ما قدموه من القربات للكوكب الذي طلبوا ذلك منه ، وكان من العامة من يزعم أنه يقلب الإنسان حماراً أو كلباً ، ثم إذا شاء أعاده ويركب المكنسة والخابية ( الخابية : وعاء الماء الذي يحفظ فيه والجمع الخوابي – المعجم الوسيط – 1 / 212 ) ويطير في الهواء فيمضي من العراق إلى الهند وإلى ما شاء من البلدان ثم يرجع من ليلته

                            وكانت السحرة من خلال عبادتهم للكواكب وكل ما دعا إلى تعظيمها تموه بحيل على العامة زاعمة لهم أن سحرهم لا ينفذ ولا ينتقع به أحد ، ولا يبلغ ما يريد إلا من اعتقد صحة قولهم وتصديقهم فيما يقولون ، ولم تكن ملوكهم تعترض عليهم في ذلك ، بل كانت السحرة عندهم بالمحل الأجل لما كان لهم في نفوس العامة من التعظيم والإجلال ، ولأن الملوك في ذلك الوقت كانت تعتقد ما تدعيه السحرة

                            ولما كانت علوم أهل بابل ( بابل : قطر من الأرض ، قيل : العراق وما والاه ، وقال قوم : هو جبل نهاوند – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 53 ) تقوم على الحيل والنيرنجيات ( النيرنج والنيرج : أخذ كالسحر وليس به إنما هو تشبيه وتلبيس – هامش الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – 2 / 42 ) وأحكام النجوم ، فقد بعث الله إليهم إبراهيم الخليل مبطلاً لمعتقداتهم الباطلة ودعاهم إلى الله تعالى وحاجهم بالحجج التي بهرتهم

                            وكان أهل بابل ببلاد العراق والشام ومصر والروم على هذه المعتقدات إلى أيام بيوراسب الذي تسميه العرب الضحاك وكان ساحراً

                            وقد استطاع افريدون وكان من أهل دنباوند أن يقضي على بيوراسب ويزيل ملكه ويأسره في جبل دنباوند العالي لا يزال جهال الناس يزعمون أن بيوراسب حي في جبل دنباوند وأن السحرة يأتونه هناك فيأخذون عنه السحر ، وأنه سيخرج فيغلب على الأرض ، وأنه هو الدجال الذي أخبر به النبي وحذرنا منه ، ولعلهم أخذوا ذلك عن المجوس ثم صارت مملكة إقليم بابل للفرس فانتقل بعض ملوكهم إليها في بعض الأزمان فاستوطنوها ، ولم يكونوا عبدة أوثان ، بل كانوا موحدين مقرين بالله وحده ، إلا أنهم مع ذلك يعظمون العناصر الأربعة : الماء والنار والأرض والهواء لما فيها من منافع الخلق وأن بها قوام الحياة ، وإنما حدثت المجوسية فيهم بعد ذلك في زمن كشتاسب حين دعاه زرادشت فاستجاب له على شروط وأمور

                            وكانت الفرس تتعبد بقتل السحرة وإبادتها ، ولم يزل فيهم ومن دينهم قبل حدوث المجوسية فيهم وبعده إلى أن زال عنهم الملك

                            وفي زمن فرعون كان الناس ، يتبارون بالعلم والسحر والحيل ، ولذلك بعث الله إليهم موسى عليه السلام بآياته ( الآيات التسع : هي العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة وفلق البحر – تهذيب الأسماء واللغات للنووي – ص 120 ) التسع التي علمت السحرة أنها ليس من السحر في شيء ، وأنها لا يقدر عليها غير الله تعالى

                            ( وفي عهد سليمان كان السحر متفشياً فجمع سليمان كتب السحر والكهانة ودفنها تحت كرسيه ، فلم يستطع أحد من الشياطين أن يدنو من الكرسي فلما مات سليمان ، وذهب العلماء الذين يعرفون الأمر ، جاء الشيطان في صورة إنسان فقال لليهود ، هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي فحفروا – وهو متنح عنهم – فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحراً 0
                            فلما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء ، أنكرت اليهود ذلك ، وقالوا إنما كان ساحراً ، فنزل قوله تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) " سورة البقرة – الآية 102 " )
                            أخرجه الطبري وغيره عن السدي ، ومن طريق سعيد بن جبير بسند صحيح نحوه ، ومن طريق عمران بن الحارث عن ابن عباس موصولاً بمعناه – فتح الباري – 10 / 223 )

                            وقيل إن الشياطين هي التي كتبت السحر ودفنتها تحت كرسي سليمان ، فلما مات سليمان استخرجتها وقالوا هذا العلم الذي كان سليمان يكتمه عند الناس ، وقيل غير ذلك

                            يقول إبراهيم الجمل : ( وقبل ظهور المسيح بخمسة آلاف عام ، زاول الساحر ( زوروستر ) السحر في بلاد الفرس ، ويعتبر هذا الساحر واضع طرق السحر وأسسه التي سار عليها الكنعانيون والمصريون والهنود وغيرهم
                            وكان لكل فئة معتقد خاص يعتقده في القوة السحرية فمنهم من يعتقدها في القطط والكلاب ومنهم من يعتقدها في الطيور الصغيرة ومن أعظم الملوك الذين حكموا مصر الملك ( نيكتاييبس ) وكان ساحراً ضليعاً وامتد المصريون القوة لنجاح سحرهم تدعى ( He KAW ) وقد وجدت منقوشة على التعاويذ ( التعاويذ : ما يعلق لدفع الحسد والرقية يرقى بها الإنسان من فزع وجنون وهي مأخوذة عاذ به عوذاً وعياذاً : التجأ إليه واعتصم به ، وأعاذه بالله حصنه به – المعجم الوجيز – ص 440 ) والطلاسم ( الطلاسم : جمع طلسم وهو خطوط وأعداد يزعم كاتبها أنه يربط بها روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية لجلب محبوب أو دفع أذى – المعجم الوجيز – ص 393 ) والجعارين ( الجعارين : جمع جعران ، وهي عند قدماء المصريين ، تمثال لحشرة سوداء من نوع الخنافس عرفها المصريون فقدسوها ثم جعلوا منها تميمة وحلية – المعجم الوجيز – ص 107 ) وغيرها من آثارهم ، ووجد بورقة البردى رقم 122 المحفوظة بالمتحف البريطاني بعض التلاوات والرموز السحرية التي كان يستعين بها السحرة المصريون في أعمالهم وطقوسهم ( الطقوس عند غير المسلمين نظم الخدمة الدينية أو شعائرها واحتفالاتها – المعجم الوجيز – ص 392 وقد بذلت جميع الدول في الممالك الغربية قصارى جهدها ومجهودها للخلاص من السحرة ففرضت عليهم أقسى وأشد العقوبات التي أخفها الشنق ونالتهم بالتعذيب والتنكيل والتشهير ومصادرة الأموال وإنزال العقوبات بهم وبذريتهم
                            وكانت فرنسا وألمانيا وإيطاليا تحكم على السحرة بالإعدام حرقاًوفي اسكتلندا كانوا يعاقبونهم بإلقائهم في إناء حديدي كبير مملوء بالقار ، وكانت إنجلترا أو بعض دول أوربا تعدمهم شنقاً أمام الجمهور
                            وكان عقاب الساحر أو الساحرة في أمريكا الإعدام شنقاً في أقرب شجرة بالطريق

                            وقد استعملت بعض الممالك طريقة ( الخازوق ) في إعدام السحرة ، كما عاقبتهم دول كثيرة بطريقة ( التشبيح ) ، فقد كانوا يأتون بالساحر ويمدونه على مائدة كبيرة غليظة مقسمة إلى أربعة أقسام مفصولة عن بعضها ويفردون ذراعيه إلى أعلى بحيث يقيدون الذراع الأيمن في ركن المائدة الأعلى الأيمن والذراع الأيسر في ركنها الأيسر ، والقدم اليمنى في الركن الأسفل الأيمن ومثلها القدم اليسرى ، ومركب بوسط هذه المائدة عجلة مصنوعة ومتصلة بالمائدة بطريقة مخصوصة حتى إذا ما دارت العجلة انفصلت أربعة أجزاء المائدة عن بعضها وتحرك كل جزء منها في اتجاه مضاد للآخر ، فيتحرك الذراع الأيمن إلى الشمال الغربي والذراع الأيسر إلى الشمال الشرقي والقدم الأيمن إلى الجنوب الغربي والأيسر إلى الجنوب الشرقي ، وبهذا تتفكك أوصال عضلات ومفاصل الساحر ، وتسبب له من الآلام الفظيعة المبرحة ما لا تقوى عليه الأبالسة وتتسبب في نهاية أجله بعد بضع دقائق ثم تؤخذ جثته وتحرق ويبعثر رمادها في الشوارع

                            ولكن أبشع وأقسى طريقة اتبعت لعقاب الساحر هي التي طبقتها محاكم التفتيش بإسبانيا ، فقد أعدت هذه المحاكم غرفاً مخصوصة مزودة بكافة آلات التعذيب التي لا تخطر على بال البشر ، وأطلقوا عليها ( غرف التعذيب أو الاعتراف ) فعند القبض على الساحر واعترافه مبدئياً بمزاولته السحر يدخل غرفة التعذيب حيث تجري عليه العقوبات التالية :
                            يعلقونه من ساقيه بعد ربط يديه إلى جانبيه في عجلة كبيرة بحيث تكون رأسه إلى أسفل ثم تدور العجلة عدة دورات عنيفة حتى إذا ما دارت وجعلته في الوضع الصحيح ( أي انقلب وضعه وصارت رأسه فوق ورجلاه تحت ) يبدأون في تقليع أظافر يديه واحداً بعد الآخر ، ثم تدور العجلة وتضعه في وضع أفقي ويختارون من جسده الجهات المختلفة باللحم والشحم كالكتفين أو الفخذين ، أو الساقين ويشقون فيها طرقاً طويلة أو قصيرة حسبما يتراءى لهم ثم يصبون فيها الزيت أو القار المغلي ثم يضعونه في الوضع المقلوب الأول ويفقئون عينيه بمسامير كبيرة محماة وينهون هذا العذاب أخيراً بحرقه ونظراً لهذا العذاب الأليم كانت المحاكم في إسبانيا لا تقرر مجازاة الساحر إلا بعد اعترافه الصريح بمزاولة السحر بناء على اتفاق أو عقد أبرمه مع الشيطان وعلى الساحر أن يقرر هذا كتابة ويبين في إقراره متى وأين عقد اتفاقه ، وما هي نصوص الاتفاق ومدته وعلى أي صورة كان يظهر له الشيطان وما هي المواد التي يستعملها في سحره ومن يحضرها له ولمن كان يسحر ولصالح من ولضرر من ؟ وغير ذلك من الأسئلة التي لا تجعل هناك محلاً للشك في نوايا الساحر أو عقابه زورا
                            وانتقل السحر من أوربا إلى آسيا ووصل إلى جزيرة حاميكا والأمريكتين وقد ذكر المستر ( يويليامز ) عن سحر أهالي جاميكا وفنونهم الشيء الكثير في كتابيه الصادرين سنة 1932 ، 1935 موما زال في الأمريكتين من يعملون بالسحر لوقتنا هذا
                            ورغم العقوبات وأنواع التعذيب التي فرضتها الحكومات الأجنبية على السحرة والساحرات إلا أن كل هذا لم يكن كافياً لشل حركتهم أو شوكتهم أو تخويفهم أو استئصال بذور الشر من نفوسهم ، وكانوا يعتقدون أنهم ببيعهم روحهم للشيطان لم يبق هناك روح لإزهاقها بمعرفة الحكومة بواسطة الشنق أو الحرق وغيرها من طرق الإعدام ، وبجانب هؤلاء كان هناك من السحرة المثقفين كأرباب الأعمال أو المال أو الأساتذة فكانوا خوفاً من الجزاء الصارم يسترون سحرهم بحجج باطلة واهية إذ كانوا يدعون أن سحرهم موجه للأعمال الخيرية والإفادة مثل شفاء المرضى أو الإصلاح بين العائلات أو الأزواج أو الكشف عن أسرار الكنوز والعلوم المخبأة التي تنفع المدنية ويستفيد منها الناس ولذا كانوا يطلقون على عملهم هذا السحر الأبيض تفرقه له عن السحر الأسود المقصود به الضرر ولكن كل هذه الإدعاءات وكل هذه الحيل لم تأخذ بها الحكومات ولم يقرها القانون وقضوا على كل حالاته لأنه لا يخرج عن كونه السحر الأساسي الذي يعتمد في نجاحه للاستناد إلى قوى غير طبيعية ، وأن الساحر بعمله يهب نفسه القوة للتغلب على النواميس الطبيعية ونظمها ويدعيّ سلطته على عقول وقلوب ونفوس البشر ويمكنه أن يمسها بالضرر كلما شاء كما أنه يسحر الإنسان وجسده والحيوان والنبات والجماد لخدمته في أغراضه المشينة ، وكلها أمور تتنافى مع القدرة الإلهية

                            وفي القرن الثامن عشر عندما ألغيت عقوبة الإعدام على السحرة واستبدلت بعقوبة الحبس البسيط أو الغرامة ، وجد الناس الفرصة الطيبة لمزاولة السحر وتعلمه والعمل به جهراً ، وتكونت الأندية والجمعيات السحرية التي ضمت عدداً كبيراً من الرجال والنساء من مختلف الطبقات وأدى تخفيف العقوبة إلى رواج الدجل والشعوذة ، وكان من يخشى اللوم أو العتاب يدعي إنه يعمل في علم الكيمياء الذي اشتهر أمره في هذا الوقت ، وكان بعض السحرة في القرن المذكور يقطن بين القبور والأمكنة الموحشة ويتجسدون في أجساد الموتى ويسطون ليلاً على الآدميين فيمتصون دماءهم واشتهروا في هذا الوقت باسم ( مصاصي الدماء ) ، وزاد عددهم في فرنسا وروسيا والمجر وبولندا ، وراجت بهذه المناسبة الوصفات السحرية التي تحصن الشخص ضد شاربي
                            الدماء

                            وفي أوربا وفي القرن التاسع عشر والعشرين انتشر السحر انتشاراً واسعاً وتعقب البوليس السحرة وما زال يتعقبهم ويفاجئهم ) ( السحر دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية – 35 وما بعده )

                            هذه نبذة عن السحر
                            وتطوره
                            إلى عصرنا الحالي ، وهو ممقوت عند جميع الأديان ، مكروه من البشر ، لما فيه من الضرر البالغ ، ولما يشترطه من توجه لنجاح عمله إلى غير الله





                            تعليق

                            يعمل...
                            X