إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معاً .. لمكافحة الإلحاد ... anti - atheism

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61

    شبهات الملاحدة والردود عليها

    سنستعرض إن شاء الله تعالى – أشهر شبهات الملاحدة والردود عليها :

    الشبهة الأولى : لا يوجد إله , أو إحتمال وجوده ضعيف جداً .

    فيزعم لملاحدة أن الكون وُجد بالصدفة بلا خالق وأن الطبيعة هي التي تُسيّر الكون

    وسنقوم إن شاء الله باستعراض عدد متنوع من الردود على كل شبهة

    ليسهل إيصال المعنى
    و تقريب الفهم بإذن الله

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739143

    ► الشُبهة الأولى : لا يوجد إله , أو إحتمال وجوده ضعيف جداً .


    ◄الرَدّْ على الشُبهة ►


    يقول الشيخ
    ابن عثيمين رحمه الله :

    " نردّ على هؤلاء بما ذكره الله تعالى في سورة الطور:
    ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَآية 35-36

    فنسألهم أولًا: هل هم موجودون بعد العدم، أو موجودون في الأزل وإلى الأبد؟


    والجواب بلا شك أن يقولوا : نحن موجودون بعد العدم ؛

    كما قال الله تعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا الإنسان: 1

    فإذا قالوا: نحن موجودون بعد العدم،


    قلنا: مَن أوجَدكم؟ أوجدكم أبوكم أو أمُّكم ! أو وجدتم هكذا بلا موجِد؟


    سيقولون: لم يوجِدْنا أبونا ولا أمُّنا


    لأن الله تعالى يقول: ﴿
    أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ *
    عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ
    الواقعة: 58 - 61


    إذا قالوا: وُجدنا من غير موجِد


    نقول: هذا مستحيل في العقل
    - لأنه ما من حادث إلا وله محدِث

    وحينئذٍ يتعيَّن أن يكون حدوثهم بمحدِث، وهو الله عز وجل الواجب الوجود،



    وكذلك يقال في السموات والأرض :


    نقول: مَن أوجَد السموات والأرض؟ هو الله عز وجل


    لكن السموات والأرض كانت ماءً تحت العرش، كما قال الله تبارك وتعالى:
    ﴿
    وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ﴾ هود: 7


    فخلق الله عز وجل السموات والأرض من هذا الماء

    قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ الأنبياء: 30

    أي: فصلنا ما بينهما، ﴿
    وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ الأنبياء: 30


    فهذا جواب على هؤلاء الملاحدة


    فإن أبَوْا إلا ما كانوا عليه، فهم مكابِرون

    ويحق عليهم قول الله تعالى في آل فرعون: ﴿
    وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ النمل: 14


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739144


    و يقول أيضاً ابن عثيمين رحمه الله :

    وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.

    1-
    أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها

    لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
    ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه» . رواه البخاري.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739143

    2 -
    وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى : فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها

    إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.

    لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه،

    لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقا ؟

    ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لا بد له من محدث

    ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين

    الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعا باتا أن يكون وجودها صدفة،

    إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده - فكيف يكون منتظما حال بقائه وتطوره؟!

    وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها، ولا أن توجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.

    وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال: {
    أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}

    يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى،

    ولهذا «لما سمع - جبير بن مطعم - رضي الله عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات:

    {
    أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ}

    وكان - جبير يومئذ مشركا قال: "
    كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي» رواه - البخاري - مفرقا
    .

    ولنضرب مثلا يوضح ذلك:

    فإنه لو حدثك شخص عن قصر مُشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفرش والأسرة، وزين بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته،
    وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه، وعددت حديثه سفها من القول،
    أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه وسمائه، وأفلاكه وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صدفة بدون موجد؟ !

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739143

    3 -
    وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك،

    وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه،

    وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739143

    4 -
    وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين:

    أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى،

    قال الله تعالى: {
    وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}

    وفي صحيح البخاري عن - أنس بن مالك - رضي الله عنه: «"أن أعرابيا دخل يوم الجمعة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال: (يا رسول الله) ، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال
    فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال:
    (يا رسول الله) تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"،
    فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت» .

    وما زالت إجابة الداعين أمرا مشهودا إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.

    الوجه الثاني : أن آيات الأنبياء التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود
    مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى تأييدا لرسله ونصرا لهم.

    مثال ذلك: آية موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق اثني عشر طريقا يابسا، والماء بينها كالجبال،
    قال الله تعالى: {
    فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} .

    ومثال ثان: آية عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله،
    قال الله تعالى: {
    وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} وقال: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} .

    ومثال ثالث: لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر فانفلق فرقتين فرآه الناس،
    وفي ذلك قوله تعالى: {
    اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} .

    فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى تأييدا لرسله، ونصرا لهم، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.

    المصدر و المصدر

    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق


    • #62


      ◄رد آخر - على الشبهة الأولى ►

      يُعتبر دليل الفطرة من أبرز الأدلة التي يسوقها العلماء للدلالة على وجود الله تعالى

      ويستند هذا الدليل على أن الإيمان بوجود الله تعالى حقيقة مركوزة ومغروسة في الفطرة البشرية ليست بحاجة إلى البرهنة والدلالة عليها نظرًا لوضوحها وجلائها عند كل إنسان .

      حتى قال عنها
      الفيلسوف الفرنسي ديكارت :

      (
      لا يبقى ما يقال بعد ذلك إلا أن هذه الفكرة ولدت ووجدت معي منذ خلقت ،
      كما ولدت الفكرة التي لدي عن نفسي ، والحق أنه لا ينبغي أن نعجب من أن الله حين خلقني غرس فيّ هذه الفكرة لكي تكون علامة للصانع مطبوعة على صنعته
      )

      بل إن الفيلسوف الاسكتلندي الشكاك
      ديفيد هيوم يعترف بهذه الفطرة في كتابه الحوارات :

      (
      ليس هنالك من هو أشد مني إحساسًا بالدين المنطبع في نفسي أو أشد تعلقًا بالموجود الإلهي كما ينكشف للعقل بين ابتداع الطبيعة وصناعتها اللذين من الصعب تفسيرهما)

      وكما يقول في موضع آخر من نفس الكتاب أنه (
      لا توجد حقيقة أظهر وأوضح من وجود إله)(3) .

      لكننا عندما نحاول بيان هذا الدليل للملحد ينبغي أن نضع في الاعتبار أن
      المخالف لا يقر بهذه الفطرة ولا يعترف بوجود هذه الحقيقة العلمية الفطرية

      إما عنادًا ومكابرةً أو لوجود خلل أو فساد أصاب فطرته فصار غير قادر على إدراك الحقائق الفطرية والانصياع لها

      لهذا نحن بحاجة إلى بيان دلالات أخرى من الفطرة تدل على وجود الله ، وسوف نتناول هذه الدلالات في ثلاثة محاور :

      المبادئ العقلية - الغرائز - القيم الأخلاقية :


      المبادئ العقلية :

      المبادئ العقلية أو المبادئ الأولية أو الأوليات أو البديهيات العقلية هي المقدمات الضرورية للاستدلال العقلي

      أي: هي أساس كل استدلال عقلي

      وهي تعود إلى أربعة مبادئ هي : مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض ومبدأ الثالث المرفوع ومبدأ السببية ، والبعض يجعلها أكثر من ذلك ، وهناك من يجعلها في مبدأين فقط : مبدأ عدم التناقض ومبدأ السبب الكافي .

      ◄وهذه المبادئ تتسم بأنها فطرية غير مكتسبة ، أي: لا يتعلمها الإنسان بعد ولادته ، بل يولد بها

      فالإنسان عندما يولد يكون لديه أسس وبديهيات للتفكير السليم يصل بها لاستيعاب الحقائق وتمكنه من الوصول لها ،

      يقول العلاّمة
      ابن حزم : والإدراك السادس علمها بالبديهيات‏.‏

      فمن ذلك : علمها بأن الجزء أقل من الكل
      فإن الصبي الصغير في أول تمييزه إذا أعطيته تمرتين بكى وإذا زدته ثالثة سر وهذا علم منه بأن الكل أكثر من الجزء وإن كان لا ينتبه لتحديد ما يعرف من ذلك ومن ذلك علمه بأن لا يجتمع المتضادان فإنك إذا وقفته قسراً بكى ونزع إلى القعود علماً منه بأنه لا يكون قائماً قاعداً معاً‏.‏

      ومن ذلك :
      علمه بأن لا يكون جسم واحد في مكانين فإنه إذا أراد الذهاب إلى مكان ما فأمسكته قسراً بكى وقال كلاماً معناه دعني أذهب علماً منه بأنه لا يكون في المكان الذي يريد أن يذهب إليه ما دام في مكان واحد‏.‏

      ومن ذلك :
      علمه بأنه لا يكون الجسمان في مكان واحد فإنك تراه ينازع على المكان الذي يريد أن يقعد فيه علماً منه بأنه لا يسعه ذلك المكان مع ما فيه فيدفع من في ذلك المكان الذي يريد أن يقعد فيه إذ يعلم أن مادام في المكان ما يشغله فإنه لا يسعه وهو فيه‏.‏

      وإذا قلت له ناولني ما في هذا الحائط وكان لا يدركه قال لست أدركه وهذا علم منه بأن الطويل زائد على مقدار ما هو أقصر منه وتراه يمشي إلى الشيء الذي يريد ليصل إليه وهذا علم منه بأن ذا النهاية يحصر ويقطع بالعدو وإن لم يحسن العبارة بتحديد ما يدري من ذلك‏.‏

      ومنها :
      علمه بأنه لا يعلم الغيب أحد وذلك أنه إذا سألته عن شيءٍ لا يعرفه أنكر ذلك وقال لا أدري‏.‏

      ومنها :
      فرقة بين الحق والباطل فإنه إذا أخبر بخبر تجده في بعض الأوقات لا يصدقه حتى إذا تظاهر عنده بمخبر آخر وآخر صدقه وسكن إلى ذلك‏.‏

      ومنها :
      علمه بأنه لا يكون شيءٌ إلا في زمان فإنك إذا ذكرت له أمراً ما قال متى كان وإذا قلت له لم تفعل كذا وكذا قال ما كنت أفعله وهذا علم منه بأنه لا يكون شيء مما في العالم إلا في زمان‏.‏

      ويعرف :
      أن للأشياء طبائع وماهية تقف عندها ولا تتجاوزها فتراه إذا رأى شيئاً لا يعرفه قال أي شيء هذا فإذا شرح له سكت‏.‏

      ومنها :
      علمه بأنه لا يكون فعل إلا لفاعل فإنه إذا رأى شيئاً قال من عمل هذا ولا يقنع البتة بأنه انعمل دون عامل وإذا رأى بيد آخر شيئاً قال من أعطاك هذا‏.‏

      ومنها :
      معرفته بأنه في الخبر صدقاً وكذباً فتراه يكذب بعض ما يخبر به ويصدق بعضه ويتوقف في بعضه هذا كله مشاهد من جميع الناس في مبدأ نشأتهم‏.‏

      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	99798797.gif 
مشاهدات:	5 
الحجم:	10.0 كيلوبايت 
الهوية:	739148


      وقال أبو محمد -ابن حزم :

      (
      فهذه أوائل العقل التي لا يختلف فيها ذو عقل وههنا أيضاً أشياء غير ما ذكرنا إذا فتشت وجدت وميزها كل ذي عقل من نفسه ومن غيره , وليس يدري أحد كيف وقع العلم بهذه الأشياء كلها بوجه من الوجوه ولا يشك ذو تمييز صحيح في أن هذه الأشياء كلها صحيحة لا امتراء فيها , وإنما يشك فيها بعد صحة علمه بها من دخلت عقله آفة وفسد تمييزه أو مال إلى بعض الآراء الفاسدة فكان ذلك أيضاً آفة دخلت على تمييزه‏) .

      ثم قال : (
      فهذه المقدمات التي ذكرناها هي الصحيحة التي لاشك فيها ولا سبيل إلى أن يطلب عليها دليلاً إلا مجنون أو جاهل لا يعلم حقائق الأشياء ومن الطفل أهدى منه‏.‏ وهذا أمر يستوي في الإقرار به كبار جميع بني آدم وصغارهم في أقطار الأرض إلا من غالط حسه وكابر عقله فيلحق بالمجانين لأن الاستدلال على الشيء لا يكون إلا في زمان ولابد ضرورة يعلم ذلك بأول العقل لأنه قد علم بضرورة العقل أنه لا يكون شيء مما في العالم إلا في وقت وليس بين أول أوقات تمييز النفس في هذا العالم وبين إدراكها لكل ما ذكرنا مهلة البتة لا دقيقة ولا جليلة ولا سبيل على ذلك فصح أنها ضرورات أوقعها الله في النفس ولا سبيل إلى الاستدلال البتة إلا من هذه المقدمات ولا يصح شيءٌ إلا بالرد إليها فما شهدت له مقدمة من هذه المقدمات بالصحة فهو صحيح متيقن وما لم تشهد له بالصحة فهو باطل ساقط‏) .


      كذلك ترى
      د. أليسون جوبنيك أستاذة الطب النفسي للأطفال :

      أن الطفل في استكشافه للعالم من حوله وسعيه لاكتساب اللغة والمعارف يتصرف تمامًا كالعالم في مختبره ، فهو يضع الفرضيات ويختبرها ويستبعد النتائج غير المفيدة أو المتناقضة أو المغرقة في التعقيد

      وفي هذا دليل على أن الطفل لديه بنية
      عقلية داخلية intrinsic structure قادرة على تحليل معطيات البيئة المحيطة واستنباط المعلومات منها ،

      وأن لديه قواعد أولية للفكر والنظر واستيعاب البيانات والمعلومات لم يكتسبها بعد الولادة ، بل هي مغروسة فيه منذ البداية ، ويتم تشغيلها وتفعليها بعد ولادته واحتكاكه بالعالم الخارجي ،

      وهذا عين ما نقصده بأوليات العقل أو المبادئ الأولية أو المبادئ الضرورية .

      ويلفت نظرنا شيخ الإسلام
      ابن تيمية إلى نقطة مهمة بقوله :

      (
      الإنسان حادث كائن بعد أن لم يكن ، و العلم الحاصل في قلبه حادث ، فلو لم يحصل في قلبه علم إلا بعد علم قلبه ، لزم أن لا يحصل في قلبه علم ابتداء ، فلا بد من علوم بديهية يبتدؤها الله في قلبه ، و غاية البرهان أن ينتهي إليها)

      ومقصوده رحمه الله أن العلوم التي يكتسبها المرء لابد لها من أسس ومبادئ تنبني عليها وإلا لن يكتسبها الإنسان ، وطالما أنه قادر على اكتساب المعلومات فهو لديه بالفعل هذه الأسس والمبادئ .

      والحقيقة أن وجود هذه المبادئ العقلية يدفعنا للسؤال عن موجدها ، فمن المؤكد أن الإنسان لم يوجدها لأنها موجودة في بنيته العقلية من قبل ولادته
      وكذلك فإن الوجود المادي الطبيعي لا يمكنه إيجادها ، فهذا دليل على أنها من إيجاد العليم الخبير ، فيكون وجود المبادئ العقلية دليلاً على وجود الله وخالقيته وعلمه وحكمته .

      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739149


      الغرائز :

      يمكن تعريف الغريزة بأنها هي الميل الفطري الذي يدفع الكائن الحي إلى العمل في اتجاه معين تحت ضغط حاجاته الحيوية

      والأمثلة عليها كثيرة جدًا تفوق الحصر في الحشرات والطيور والحيوانات المختلفة

      مثل بناء العش أو الخلية عند الزنابير والنحل والنمل ، وسبل التمويه والتخفي من الأعداء عند دودة القز مثلاً ، وهجرات الفراشات والجراد والطيور والأسماك والزواحف والثدييات من أوطانها في مسارات ثابتة محددة ثم العودة

      وفي الإنسان هناك غرائز الجوع والعطش والجنس وحب البقاء والأبوة والأمومة وغيرها

      حتى قال أحدهم إن الإنسان لو لم ير الماء قط لبحث عنه لأن غريزة العطش داخله تهفو إلى الماء وتهدي إليه .

      وتعتبر الغرائز من المسائل المستعصية على الطبيعيين أتباع الفلسفة الإلحادية وأنصار نظرية التطور

      لأن عددًا منها موجود في كائنات ذات جهاز عصبي محدود ليس لديه القدرة على بناء خطط وتكتيكات معقدة للتمويه وخداع الأعداء ،

      كذلك عدد من هذه الغرائز غير قابل للانتقال وراثيًا لكونه في أفراد عقيمين مثل شغالات النحل أو النمل

      لهذا فإن وجود الغرائز في الكائنات المختلفة تدل على أن هناك من غرسها فيها

      وفيها دلالة بارزة على وجود الله وخالقيته وعلمه وحكمته .


      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739149

      القيم الأخلاقية :


      من الأمور الملحوظة في البشر هي اتفاقهم في القيم الأخلاقية العامة

      مثل حسن العدل والصدق والأمانة وقبح الظلم والكذب والغش . وهذا على المستوى العام المطلق ،

      أما عند تنزيل هذه القيم المطلقة على الواقع ، فقد يختلف الناس في التطبيق ،

      ◄ لكنك لا تجد واحدًا يزعم أن الكذب خير من الصدق أو أن الظلم خير من العدل

      فنحن نعرف بالفطرة أن العدل حسن والظلم قبيح ، وأن الصدق حسن والكذب قبيح

      ووجود هذه الفطرة الأخلاقية دليلٌ على وجود الخالق وبرهانٌ عليه ، فالفطرة الأخلاقية هي المعيار الذاتي الذي نحكم به ،

      وفلاسفة الأخلاق يسمونها الحاسة الخلقية أو الضمير ، ويختلف هؤلاء الفلاسفة في كون هذه الحاسة محلها العاطفة أم العقل

      لكن ما يعنينا هنا هو أن وجود هذه الفطرة يقتضي وجود خالقها ، وأن في وجودها دلالة على وجود الله الخالق البارئ .


      ◄الخلاصة►

      يظهر مما سبق أن وجود أوليات العقل والغرائز والقيم الأخلاقية عبارة عن وجود أولي فطري غير مكتسب

      وأن هذا الوجود يستلزم الدلالة على وجود من غرس هذه السمات وأودعها في الإنسان

      وأن فيها دلالة على وجود الله وخالقيته وعلمه وحكمته .

      وفي هذا الاستدلال تدعيم لدلالة الفطرة على وجود الله من جهة وجودها الأنطولوجي

      فضلاً عن دلالتها المعرفية من جهة فطرية الإيمان بالخالق والتوجه إليه.

      المصدر

      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق


      • #63

        ► الشُبهة الثانية : الطبيعة خالقة للكون .


        ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

        يقول الإمام
        ابن القيم - رحمه الله - يرد فيه على هذه الفِرْيَة، فقد فنَّدها بأوضح عبارة، وبطريقة تتلقاها العقول السليمة بالتسليم:

        على أنك لو تأملت قولك: طبيعة، ومعنى هذه اللفظة، لدلّك على الخالق البارئ لفظُها، كما دل العقول عليه معناها

        لأن طبيعة فعيلة بمعنى مفعولة أي: مطبوعة، ولا يحتمل غير هذا البتة - لأنها على بناء الغرائز التي ركبت في الجسم ووضعت فيه

        كالسجية والغريزة والبحيرة والسليقة والطبيعة فهي التي طبع عليها الحيوان وطبعت فيه

        ومعلوم أن طبيعةً مِن غير طابع لها محال - فقد دل لفظ الطبيعة على البارئ تعالى كما دل معناها عليه،

        والمسلمون يقولون: إن الطبيعة خلقٌ من خلق الله مسخَّر مربوب،

        وهي سنته في خليقته التي أجراها عليه،
        ثم إنه يتصرف فيها كيف شاء، وكما شاء، فيسلُبها تأثيرها إذا أراد، ويقلب تأثيرها إلى ضده إذا شاء؛

        ليرى عباده أنه وحده الخالق البارئ المصور، وأنه يخلق ما يشاء كما يشاء،

        ﴿
        إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]،

        وإن الطبيعة التي انتهى نظر الخفافيش إليها إنما هي خلق من خلقه بمنزلة سائر مخلوقاته ,

        فكيف يحسُنُ بمن له حظ من إنسانية أو عقل أن ينسى من طبعها وخلقها، ويحيل الصنع والإبداع عليها،

        ولم يزلِ الله سبحانه يسلبها قوتها ويحيلها ويقلبها إلى ضد ما جعلت له حتى يرى عباده أنها خلقه وصنعه مسخرة بأمره:

        ﴿
        أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ الأعراف: 54مفتاح دار السعادة - لابن القيم

        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739152

        ويقول الدكتور
        عمر سليمان الأشقر - رحمه الله

        قالوا: الطبيعة هي الخالق، وهذه فِرْيَةٌ راجت في عصرنا هذا، راجت حتى على الذين نبغوا في العلوم المادية،

        وعلل كثيرون وجود الأشياء وحدوثها بها،

        فقالوا: الطبيعة هي التي توجِد وتُحدِث.

        وهؤلاء نوجه لهم هذا السؤال: ماذا تريدون بالطبيعة؟

        هل تعنون بالطبيعة ذوات الأشياء؟

        أم تريدون بها السنن والقوانين والضوابط التي تحكم الكون؟

        أم تريدون بها قوة أخرى وراء هذا الكون أوجَدته وأبدَعته؟

        إذا قالوا: نعني بالطبيعة الكون نفسه:

        فإننا لا نحتاج إلى الرد عليهم - لأن فساد قولهم معلوم مما مضى،

        فهذا القول يصبح ترديدًا للقول السابق: إن الشيء يوجد نفسه أي: إنهم يقولون: الكون خلق الكون

        فالسماء خلقت السماء، والأرض خلقت الأرض، والكون خلق الإنسان والحيوان،

        وقد بينا أن العقل الإنساني يرفض التسليم بأن الشيء يوجِد نفسه،

        ونَزيد الأمرَ إيضاحًا فنقول: والشيء لا يخلق شيئًا أرقى منه؛ فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس

        وأقمار لا تملِك عقلًا ولا سمعًا ولا بصرًا، فكيف تخلُقُ إنسانًا سميعًا عليمًا بصيرًا؟! هذا لا يكون.

        ويرى فريق آخرُ أن الطبيعة هي القوانين التي تحكم الكون:

        وهذا تفسير الذين يدَّعون العلم والمعرفة من القائلين: إن الطبيعة هي الخالق،

        فهم يقولون: إن هذا الكون يسير على سنن وقوانين تسيِّرُه وتنظم أموره في كل جزئية، والأحداث التي تحدث فيه تقع وفق هذه القوانين،

        مثله كمثل الساعة التي تسير بدقة وانتظام دهرًا طويلًا، فإنها تسير بذاتها بدون مسيِّر.

        وهؤلاء في واقع الأمر لا يجيبون عن السؤال المطروح: من خلق الكون؟

        ولكنهم يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمل الكون بها،

        هم يكشفون لنا كيف تعمل القوانين في الأشياء،

        ونحن نريد إجابة عن موجِد الكون، وموجِد القوانين التي تحكُمُه!

        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739152

        يقول
        وحيد الدين خان في "الإسلام يتحدى"

        كان الإنسان القديم يعرف أن السماء تمطر، لكننا اليوم نعرف كل شيء عن عملية تبخُّر الماء في البحر، حتى نزول

        قطرات الماء على الأرض، وكل هذه المشاهدات صور للوقائع، وليست في ذاتها تفسيرًا لها؛

        فالعلم لا يكشف لنا كيف صارت هذه الوقائع قوانين؟

        وكيف قامت بين الأرض والسماء على هذه الصورة المفيدة المدهشة،

        حتى إن العلماء يستنبطون منها قوانين علمية.

        إن ادعاءَ الإنسان - بعد كشفِه لنظام الطبيعة - أنه قد كشف تفسير الكون ليس سوى خدعة لنفسه

        فإنه قد وضع بهذا الادعاء حلقة من وسط السلسلة مكان الحلقة الأخيرة.

        إن الطبيعة لا تفسر شيئًا (من الكون)، وإنما هي نفسها بحاجة إلى تفسير.

        بتصرف بسيط : المصدر
        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق


        • #64

          ◄رد آخر - على الشبهة الثانية►



          ستيفن واينبرغ - فيزيائي أمريكي حصل على جائزة نوبل سنة 1979م، حصل عليها مشاركةً مع الأمريكي شيلدون جلاشو والباكستاني محمد عبد السلام .

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Steven_weinberg.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	755.9 كيلوبايت 
الهوية:	739153

          واينبرغ
          مُلحدٌ ذو ملامح جامدةٍ ولسانٍ طليقٍ ، كتب في ثاني كتبه «الدقائق الثلاثة الأولى» عن إمكانية أن نبحث عن هدفٍ للعالم،

          ثم ذكر بعد ذلك في كتابه «أحلام النظرية النهائية» أنَّه كان متسرِّعًا حين صرَّح بإمكانية البحث عن هدفٍ للعالم،

          فالعالم ليس إلَّا منظومة فيزيائية، لا هدف لها، وأنَّ هذا التسرّع كان من قبيل «الحنين إلى عالمٍ تُسَبِّح فيه السماوات بحمد الله»

          هذا الحنين يُفسِّره «
          واينبرغ » نفسه بقوله: «إنَّ من الرائع أن نجد في قوانين الطبيعة خطة أعدَّها خالقٌ مهتمٌّ وتؤدِّي فيها الكائنات البشرية دورًا متميزًا - وأنا أشعر بالحزن عندما أشك في ذلك، ومن زملائي العلميين نفرٌ يقولون بأن التأمُّل في الطبيعة يُعطيهم اكتفاءً روحانيًا كان الآخرون يجدونه في الاعتقاد بإلهٍ مهتم، ربما كان بعضهم يشعر فعلاً هذا الشعور، أمَّا أنا فلا !!»

          ثم يقول: «
          إنَّه لإغراء يكاد لا يقاوم أن نعتقد ... شيئًا مخصصًا لنا، وإن شرف مقاومة هذا الإغراء ليس أكثر من بديل ضعيف من عزاءات الدين، لكنه لا يخلو من رضىً عن الذات»

          وبعد أن تطَّلع على إفصاح «
          واينبرغ» عن تسرعه وحنينه وقلة عزائه، تعجب من ملحدٍ من عوام الملحدين يؤكد قمة ثباته واطمئنانه ورضاه!!

          ملحدٌ لو مات لم يشعر به أحدٌ غير جاره ذي القُربى، ملحدٌ لا يستطيع التأمُّل في الطبيعة لأنه لا علم له بقوانينها،

          يغالط نفسه أحيانًا ويدَّعي العلم بكلمةٍ من هنا وعبارةٍ من هناك، إلَّا أنَّه في قرارة نفسه يعلم أنَّه مُهرِّجٌ كبيرٌ يبيتُ ليلته كئيبًا،

          ملحدٌ لم يُؤتَ مِعْشار علم «واينبرغ» بقوانين الطبيعة، ومع ذلك فهو يدَّعي أضعاف ما عند «واينبرغ» من الاكتفاء

          الروحاني
          ، وما ذلك إلَّا من تهور الصغير وغفلة الجاهل وكِبر النفوس!

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739154

          يعرف التطوري الشهير «
          ثيودوسيوس دوبجانسكي» عن قلقه بخصوص أولئك الذين يعيشون خارج المعمل،

          فمثلهم لن يشعر بمعنى الحياة لعدم قدرته على فهم الطبيعة، إذ إنَّه ليس باستطاعة جميع الناس إدراك المفاهيم العلمية،

          ثم يتساءل قائلاً:

          «
          هل العوام لا قيمة لهم؟ قد يبدون كذلك بالنظر إلى حقيقة أن الإنجازات الفكرية والروحية هي بالأساس من نتاج الأقلية النخبوية، بل - وإلى حدٍّ كبيرٍ - من نتاج أقلية صغيرة من الأفراد العباقرة، بينما مصير الغالبية العظمة من البشر هي الموت والنسيان، فهل تلعب هذه الغالبية دورًا في تقدم البشرية؟!

          ثم يُقرِّر أن وجود العوام متحتِّم للتقدم كضرورة كثرة متسلقي الجبال، ليظهر من بينهم من يستطيع الوصول للقمة!

          هذا الملحد «الكومبارس» هو الذي يعنيني بالأساس، وهو الذي يُثير استغرابي وعجبي،

          فقد أَتفَهم نفسيَّة من أُوتي شيئًا من العلم بأمور الطبيعة والأحياء، واستغرق في هذا لعلم حتى نَسي ما سواه، ثم اشتُهر وصار يُشار إليه بالبنان،

          أتْفهم أن يملأ هذا فراغه الروحي بكلمات المديح وأحاديث الصحافة وإشارات الإعجاب، ومشهد كتبه التي تُحقق أعلى المبيعات، أتفهمه ولا أعذره


          لكني لا أفهم ما الذي يُجنيه ملحدٌ عامِّيٌ مُقلِّدٌ - وكيف يصبر نفسه على هذا الخواء الروحي الملازم للإلحاد؟!

          وإن كان الملحدون قد أجمعوا على أن الطبيعة وحدها تكفي علميًّا،

          واشترطوا لهذه الكفاية زمانًا قديمًا تعمل فيه قوانين الطبيعة والانتخاب الطبيعي،

          إلَّا أن أغلبهم قد اعترف أن الطبيعة لا تكفي روحيًّا - وقد أدرك كبراؤهم أن الفقر الروحاني المصاحب للإلحاد يمثِّلُ مشكلةً طاغية .

          ولا يبدو في الأُفق حلٌّ ناجعٌ يتصبَّر به الملحدون، فقرٌ كفيلٌ أن يُهاجر عَوَام الإلحاد بحثًا عن الكفاية في مذاهب أخرى.

          أدرك كهنة الإلحاد ذلك جيدًا،

          حتى إن الكتاب الأخير لـ «
          سام هاريس» عنوانه «الصحوة .. دليلٌ إلى الروحانية بدون أديان».



          ويبحث الملحد الشهير «
          ريتشارد دوكينز» عن شيءٍ يُشعر الإنسان بالامتنان لهذه الطبيعة :
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Richard_Dawkins.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	166.4 كيلوبايت 
الهوية:	739155

          شيء يجعلك في حاجةٍ إلى شكر الطبيعة والرضا بالحياة، ويدفعك إلى العمل عرفانًا بهذا الجميل.

          بحث « دوكينز» فوجد شيئًا كثيرًا ما كرَّره في كلامه، ويحلو لي أن أقتبسه من حواره مع «
          دانيال دينيت» عن معنى الحياة

          يقول «دوكينز» كذلك في إحدى كتبه:

          «
          لم يكن على أكثر فلاحي القرون الوسطى تواضع حالٍ سوى أن يعطس ليؤثِّر بدوره على شيءٍ آخر، ليُغيِّره بدوره شيئًا آخر، والذي بعد سلسلةٍ طويلةٍ من التداعيات أدَّى إلى نتيجة أنَّ واحدًا من جدودك المحتملين فشل في أن يكون جدَّك وصار جدًّا لفردٍ آخر بدلاً منك، إنني لا أتكلَّم عن "نظرية الفوضى" ولا عن نظريتها في الشيوع "نظرية التعقيد" بل عن الإحصائيات العادية للسببيَّة»

          نعم .. « يعطس » ما قرأته صحيح
          !
          انتهى كلام دوكينز بحذافيره ونصّه وفصّله وشحمه ولحمه .. هكذا

          هذا هو أقصى ما يجده دوكينز من تعزيةٍ في نظرته الإلحادية للإنسان !

          هذا المعنى الضعيف هو الذي يستند عليه دوكنز في مطالبة عوام الملحدين بالكفِّ عن التشكّي والضجر

          ◄لقد تمَّ اختيارك بالصدفة من بين البلايين .. فكفَّ عن التشكي!!

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739154

          كوسيلةٍ من وسائل الدعم المعنوي للجنود،

          فإن الجيش الأمريكي يضم عددًا من رجالات الأديان، يقومون بغرس الصبر والأمل في النفوس، ويخاطب كلٌّ منهم أتباع ديانته من المجندين..

          كل هذا معقول مفهوم

          لكن العجيب أن الجنود الملحدين يُطالبون بأنّ يكون لهم مثل هذا الذي لمعتنقي الأديان!!

          والجماعات الإلحادية في أمريكا تضغط على الجيش للسماح بالتحاق أحد رجالهم، ليخاطب الجنود الملحدين ويصبِّرهم ويدعمهم معنويًّا .

          وحتى الآن يرفض الجيش هذا المطلب الغريب، فمنذ متى والإلحاد - في نظر معتنقيه - ديانة كسائر الأديان؟!

          ثم لنفرض أن الجيش قد وافق، فما الذي سيقوله ممثِّل الإلحاد للجنود ليحثّهم على الصبر؟!

          أيحدثهم أنهم ليسوا إلَّا كائنات تافهة من نتاج تطور الطبيعة عبر ملايين السنين، فلا بأس أن يموتوا في سبل الوطن

          ليصيروا عدمًا ونسيًا منسيًّا؟! ما الذي سيقوله لرفع الروح المعنوية؟



          برنارد بيكيت
          - كاتبٌ قصصيٌ ترك الإلحاد وتحوّل إلى اللاأرادية

          الطريف في قصة تحوّل «بيكيت» أن سبب تحوله كان الملحد الشهير «ريتشارد دوكينز»

          وحين سُئل عن ذلك ذكر أنه حين جمعه أحد المناسبات بـ «دوكينز» نفسه رأى كيف يتعامل معه الملحدون وكأنَّه كاهنهم الأعظم

          وأحسَّ أنه عادَ إلى الكنيسة التي تركها من قبل، ورأى أن الملحدين يفرضون عليه بغض الأديان، والاعتقاد بضررها الجسيم حتى ولو لم يدرس الأمر،

          وتعجَّب من فكرة إلزامه بأن يدعو إلى الإلحاد وكأنَّه أحد المبشِّرين بالمسيحية!! هذا الذي جعله يترك الإلحاد ويتحول إلى اللاأرادية.

          فإذاً : شأن الملحد العامي أو الملحد «الكومبارس» يدعو للرثاء والشفقة

          فقد علَّموه أن الطبيعة ليست إلَّا منظومة متكاملة، وما سواها خيال

          وأن التأمل فيها لا يمكن إلَّا لمتخصصٍ عارفٍ بقوانين الطبيعة والكيمياء والأحياء

          وإلَّا صار التأمُّل سبيلاً للخرافات

          فامتنع عن التأمُّل إمعانًا في الطاعة، ثمَّ لمَّا صرخت روحه أسكتها ووضع الرمل في فمها،

          صبرًا منه على متطلبات الإلحاد العلمي الصارم،

          ثمّ لمَّا وجد بعض علماء الإلحاد أنفسهم يُحرِّكهم الحنين للإيمان، وبعضهم الآخر يصفه بأنَّه من العوام الذين لا قيمة لهم،

          اعتبر ذلك «زلَّةً» وظلَّ على عهده ملحدًا، ثمَّ لما حدَّثوه عن الروحانية بكلامٍ لا يُسمنُ، تغاضى عن الأمر ومضى في سبيله قُدمًا،

          وروحه تئنُّ بين الحين والآخر، كمحمومٍ يهذي من قِلَّة الدواء، حتى تفلتتْ الروح فذهبت برباطة جأشه،

          وغدا يخبط خبط عشواء، لا يدري حقيقة ما يقول ويفعل!

          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739154

          إنَّ هذا الخواء الروحي الذي يبتلع الإلحاد، قد جعل منه مسخًا بأيدي أتباعه،

          فالملحد الذي هرب من الأديان - ذهب فنحت بيديه صنمًا من الصلصال يعبده،

          ليُشبع هذه الصرخة التي تزلزل كيانه، ويروي هذه الروح العطشى في داخله،

          فإذا به وقد ترك الإله وعبد الطبيعة، وعصى الله وأطاع البشر، وزعم أنَّ الطبيعة أُمَّه،

          ثمَّ دار عليها يعُقَّها ويهجوها، وهجر الشرائع واتبع فلسفة العلم، وكَرِهَ علماء الدين وقدَّس كهنة الإلحاد،

          ونعى على المتدينين التقليد وبات معلِّقًا قلبه بما يقوله له روَّاد المعامل، واستنكر الولاء والبراء، وكرِه معتنقي الأديان،

          واستنكر في الدين مخاطبة العواطف، وذهب حائرًا يبحث عمَّا يُخاطب عاطفته، وادَّعى الثقة والجزعُ يملؤه،

          وأظهر اليقين والحنين يغزوه، ولو انعتقت روحه من إسار جسده لصرختْ في النَّاس تطلبُ النَّجاة!

          بتصرف بسيط : الطبيعة وحدها لاتكفي
          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق


          • #65

            ► الشُبهة الثالثة: الصُدفة أوجدت الكون
            .


            ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

            الله – سبحانه - موجود – وهذه حقيقة الحقائق

            لان هذا الكون لابد له من خالق ، ولا يصلح له خالق الا الله ، ومحال عقلا وعلما وواقعا ان يكون هذا الكون العجيب

            الدقيق الصنع قد (وجد) من لا شىء ،

            لان ( لاشىء) لا ينتج شيئا وليس هو قد خلق نفسه . فهذا باطل عقلا وعلما وواقعا .

            ولا خلقته الصدفة - لان الصدفة بفرض التسليم بها تجرى بين اشياء موجودة .

            والمشكلة – هنا – لا تتعلق بالنظام والتنسيق بين اشياء عملت فيها (الصدفة)

            ◄◄ وانما المشكلة هى مشكلة الخلق والايجاد نفسه .

            ولا عمل للصدفة فى الإيجاد

            بل هى تعمل وفى نطاق ضيق جدا فى أشياء
            سبق وجودها قبل عمل الصدفة نفسها

            فمثلا قد تتكون كلمة من حروف طباعة مثل (ولد) اذا تناثرت الحروف من يد من يحملها فالصدفة هنا عملت فى اشياء موجودة وهى حروف الطباعة

            ولكنها هى – الصدفة – لم تصنع اشكال حروف الطباعة ، ولا المادة التى شكلت منها .

            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739157

            ومع هذا فان الصدفة تستحيل عقلا إذا زعم زاعم إن كتابا يقع من 100 صفحة مثلا وبه 30,000 ألف كلمة قد صنعته الصدفة .

            وللإستحالة العقلية هنا أسباب :

            أحدها :

            أن الصدفة لا تُنشىء مادة

            وإنما يمكن أن يقع تنظيم ضئيل منها لشكل مادى .

            مثل تجمع الحروف : الواو ، واللام ، والدال فى المثال السابق .

            وثانيهما :

            أن العلماء بعد الدرس والتجربة والسبر وضعوا قانونا للصدفة قالوا فيه :

            ( إن حظ المصادفة من الإعتبار (النجاح) يزداد وينقص بنسبة معكوسة مع عدد الامكانيات المتكافئة المتزاحمة )

            أي كلما قل عدد الأشياء المتكافئة المتزاحمة ازداد حظ المصادفة من النجاح وكلما زاد عددها قل حظها من النجاح .

            وتطبيق هذا القانون:

            أنك إذا رأيت حجرين – مثلا – أحدهما فوق الآخر كأنهما بناء لا نستبعد المصادفة – بمعونة عامل آخر كالريح ،

            أو سقوط الحجرين من أعلى – قد أحدثت هذا الشكل لقلة التزاحم .


            أما حين تمر على حجرة مكونة من أربعة جدران ولها باب نافذ وفتحات لتمرير الهواء

            فإن العقل
            يستبعد – بكل قوة – الصدفة لكثرة الإشياء المتزاحمة

            ولابد ان يُسلِّم العقل بوجود صانع مُريد وراء هذا البناء - قد أقامه لقصد إراده .


            وماذا تكون الحجرة أمام هذا الكون العظيم الهائل ذى النظام البديع الذى لم يحط به علم الانسان حتى مع تقدم البحوث والعلوم

            وإنهم كلما ازدادوا علما ببعض أسراره ازدادوا جهلا وتبين لهم أن ما ظهر لهم منه لا يساوى شيئا مما لم يظهر .

            وأن هذا الموقف قد فتح لهم أبواب الايمان بالخالق العظيم على مصراعيها يقول
            انتشاين صاحب قانون النسبية

            وقد عمل فيه هذا الكشف العلمى عمله قال :

            (
            إن إجمل هزة نفسية تشعر بها هى تلك الهزة التى تعرونا عندما نقف عتب الخفاء من باب الغيب , إنها النواة لمعرفة الحق فى كل فن وعلم

            وإنه لميت ذلك الذى يكون غريبا عن هذا الشعور فيعيش مستغلقا رعبا من غير أن يجد روعة التعجب الى نفسه سبيلا .

            إن جوهر الشعور الدينى فى صميمه هو أن نعلم بأن ذلك الذى لا سبيل إلى معرفة كنه ذاته (الله) موجود حقا .

            ويتجلى بأسمى آيات الحكمة وأبهى أنوار الجمال التى لا تستطيع ملكاتنا العقلية المسكينة أن تدرك منها إلا صورها

            (الظاهرة) دون الدقائق فى الاعماق
            )

            أجل : ما أصدق هذا الكلام وما أحلاه . ولانملك أمامه إلا إن نتلو قول الحق تبارك وتعالى :

            (
            سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) - فصّلت

            بتصرف بسيط : المصدر

            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق


            • #66


              ◄رَدّ آخر - على الشُبهة الثالثة ►

              الحق : أنه ما من إنسان ٍعاقل في هذه الدنيا : ينبغي له أن يؤمن بهذه الصدفة !!!

              لأن كلمة الصدفة هي الكلمة التي استبدل بها الملحدون إسم الله عز وجل من قاموس عقولهم المريضة !

              فادّعوا بذلك عقلانية التفكير !!!

              ولا يعلمون أنهم قد وقعوا في أكثر المناطق تخلفا ًفي التفكير بالنسبة للعقل البشري !!!

              والتي هي حتى : لا يقبلها عقل طفل صغير !!!..

              والذي لو رأى مركبا ًخشبيا ًصغيرا ًيسير في الماء : ثم أخبره أحد الأشخاص بأن هذا المركب الصغير :

              قد اجتمعت ألواحه صدفة !!.. ثم تقطعت بالطول والعرض حسب الشكل المطلوب للمركب صدفة !!!..

              ثم قامت الحبال والمسامير بتربيطها بكل دقة صدفة :

              لنظر الطفل الصغير إليه متعجبا ًوقال له عن يقين : أأنت مجنون ؟!!!..

              فإذا كان هذا الطفل الصغير قد أصدر حكما ًواعيا ً في مسألة مركب صغير نسبوا بنائه للـ صدفة !!!..

              فما بالنا بهذا الكون العظيم ؟؟!!


              والذي يسير كل ما فيه : وفق نظام بديع ودقيق : تعجز عن وصفه الألسن !!!

              وذلك من أكبر أجرامه ونجومه وكواكبه : وحتى أصغر ذراته وجزيئاته وألكتروناته !!!...

              بل : وهناك أيضا ًملايين الملايين من العمليات التي تتم في أجسادنا الآن : ولا نعلم عنها شيئا ً!!..

              أليس كذلك ؟؟

              هضمٌ وتفكير !!!.. وتنفسٌ وضخ دم وتنظيف !!!.. وميلاد خلايا جديدة وموت أخرى !!!.... إلخ

              كل ذلك في تناسق ونظام بديع كامل : لا يقدر عليه إلا خالق قادر حكيم خبير مُبدع !!!

              فهل الصدفة التي يعتبرها الناس دوما ًعنوانا ًللـ عشوائية : هل هي كذلك ؟؟!

              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739158

              بل ولو افترضنا جدلا ًوهذا مستحيل بالطبع أن الصدفة أنشأت لنا في إحدى خبطاتها العشوائية : كل هذا الكمال في الكون مرة واحدة !!!!..

              فالسؤال الجدير بالتفكير فيه هو :

              لماذا لم نرى خبطات عشوائية أخرى في الكون حتى الآن ؟!!

              لماذا توقفت هذه الصدفة عن الخلق عند هذه النقطة بالذات ؟؟!!


              هل الصدفة تعقل : حتى نقول عنها أنها : قد رضيت بنتيجة ما خلقته :

              فتوقفت عن العمل والخلق والخبطات العشوائية الجديدة فجأة !!!!...

              بل : ولماذا توقفت عجلة الصدفة عن إنتاج مخلوقات أخرى جديدة معنا في هذا الكون ؟؟!!!..

              لماذا لا نراها تعمل إلى الآن :

              كما نرى الله عز وجل يخلق لنا في كل يوم ملايين الملايين من المخلوقات !!


              وصدق الله العظيم القائل لكل إنسان ٍعاقل في كتابه القرآن الكريم :


              وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) - الذاريات
              بل : وما أكثر الآيات من حولنا في الكون وفي كوكبنا : ولكن :

              ما أكثر الجاحدين !

              يقول الله تعالى في القرآن الكريم أيضا ًمُخاطبا ًكل البشر :

              إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) - آل عمران

              أي أن الإنسان السوي العقل والفطرة :

              يكفيه فقط النظر في الكون من حوله .. ومن فوقه .. ومن أسفل منه : ليرى بديع صنع الله تعالى في كل ذرة !!

              بما في ذلك : التوازن الكامل الدقيق بين كل عناصر الكون وكوكب الأرض من : ماء .. وهواء .. وزرع .. وجماد .. وحيوان .

              بل ولو نظر الإنسان في نفسه كما أخبر الله تعالى : لوجد مثل ذلك الإبداع والإعجاز أيضا ً

              فكل شيء في أجسادنا : له وظيفة محددة يقوم بها على أكمل وجه !!!!... فهل الصدفة :

              هي التي تخطط وتدير كل هذا ؟.. وتوحيه لكل إنسان ٍعند ولادته : بلا تغيير ؟؟؟!!!...

              وهل هي أيضا ًالتي تأمر المياه أن تتصرف كمياه !.. والجبال كجبال !.. والطيور كالطيور ؟!...

              فسبحان الله عمّا يقول المُـلحدون عبيد الصدفة !!!!...

              ومن هنا نرى أن كل شيء في هذا الكون : يسير وفق مشيئة الله تعالى .. حتى أن ما يراه أكثر الناس صدفة : هو في

              الحقيقة : من تدبير الله عز وجل !!.. حيث كل فعل في الحقيقة : له سبب عند الله تعالى : سواءٌ علمناه : أو لم نعلمه !!!..

              وهذا شيء ملموس في حياة كل منا جميعا ً!...

              فينبغي لمن يؤمن بذلك أن يتعظ ويراجع نفسه وعقله :

              للتفكير في هذه المسألة من جديد !..

              بتصرف بسيط : المصدر

              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق


              • #67

                ► الشُبهة الرابعة : لماذا خلق الله الشرور وهو الرحيم العادل .

                ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

                كيف يسمح الله للاشرار بتمرير شرّهم؟

                قال صاحبي ساخراً :

                كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق هذه الشرور في العالم !!!!

                المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير

                وآلام السرطان التي لا تعفي الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن .

                إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟؟!! "

                ونحن نقول :

                إن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة .

                (
                إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ،قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الأعراف:28-29

                الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.

                فلماذا ترك الله الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق ؟!

                لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ، ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة .

                وكان في قدرة الله أن يجعلنا أخيار، وذلك بأن يقهرنا جميعا على الطاعة قهرا ..
                وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.

                وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة ..
                ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم، وهذه هي الحكمة في سماحة الشر .

                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739159

                ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن :

                ◄◄الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء .

                فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء ..

                ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة ..

                وبالمثل الزلازل
                هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي يحصى بملايين السنين ..

                وكذلك البراكين، وكذلك الحروب التي هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة .

                ثم إننا نرى لكل شيء وجه خير، فالمرض يخلف وقاية،

                والألم يربي الصلابة والجَلَد والتحمل ،

                والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية،

                وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار، وتعيد الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها،

                والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة، وتكسو الأرض بتربة بركانية خصبة ..

                والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف..

                وأعظم الاختراعات خرجت أثناء الحروب.. البنسلين ، الذرّة ، الصواريخ ، الطائرات النفاثة ..

                كلها خرجت من أتون الحروب .

                ومن سم الثعبان يخرج الترياق . ومن الميكروب يصنع اللقاح .

                ولولا أن أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا ..

                والشر في الكون كالظل في الصورة

                إذا اقتربت منه خُيّل إليك أنه عيب ونقص في الصورة ..

                ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه..

                وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة .

                وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض ..

                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739159

                إن الصحة تظل تاج على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض .

                وبالمثل: ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح، ولا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.

                ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي:

                إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته، ولو أنه استقام لما رمى .

                وظيفة أخرى للمشقات والآلام:

                أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم .

                لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقدام قتال ..

                إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا .. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله .

                ◄ثم إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها، فالموت ليس نهاية القصة ولكن بدايتها .


                ولا يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا أن نرفض كتابا لأن الصفحة الأولى لم تعجبنا .

                الحكم هنا ناقص ... ولا يمكن استطلاع الحكمة كلها إلا في آخر المطاف ..

                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739159

                ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل الذي يسخر منا ؟ !

                هل يريد أن يعيش حياة بلا موت بلا مرض بلا شيخوخة بلا نقص بلا عجز بلا قيود بلا أحزان بلا آلام .

                هل يطلب كمالاً مطلقا ؟ ! .. و لكن الكمال المطلق لله .

                و الكامل واحد لا يتعدد .. و لماذا يتعدد .. و ماذا ينقصه ليجده في واحد آخر غيره ؟ !

                معنى هذا أن صاحبنا لن يرضيه إلا أن يكون هو الله ذاته و هو التطاول بعينه .


                و دعونا نسخر منه بدورنا ..

                هو و أمثاله ممن لا يعجبهم شيء . هؤلاء الذين يريدونها جنة ..ماذا فعلوا ليستحقونها جنة ؟

                و ماذا قدم صاحبنا للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون ؟ .

                إن جدتي أكثر ذكاء من الأستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا حينما تقول في بساطة : " خير من الله شر من نفوسنا " .

                إنها كلمات قليلة و لكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها ..

                فالله أرسل الرياح و أجرى النهر و لكن رُبّان السفينة الجشع ملأ سفينته بالناس و البضائع بأكثر مما تحتمل فغرقت

                فمضى يسب الله و القدر .. و ما ذنب الله ؟! ..

                الله أرسل الرياح رخاءً و أجرى النهر خيراً ..


                و لكن جشع النفوس و طمعها هو الذي قلب هذا الخير شراً .

                ما أصدقها من كلمات جميلة طيبة .. " خير من الله شر من نفوسنا " .


                من كتاب حوار مع صديقي الملحد - للدكتور مصطفى محمود رحمه الله
                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق


                • #68


                  ► الشُبهة الرابعة :
                  لماذا خلق الله الشرور وهو الرحيم العادل .

                  ◄الرَدّْ (2) على الشُبهة ►


                  معضلة إبيقور ( فيلسوفيوناني270 – 341 ق.م )


                  تعتمد معضلة أبيقور على طرح سؤال:

                  إذا كان الإله هو العادل و المثال الأعلى للخير , فلماذا توجد الشرور ؟

                  اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739162

                  يقول الملحد : الشر موجود في الدنيا - فهناك ثلاث احتمالات تفسر وجود الشر :

                  أ- ليس هناك اله ليمنع وجود الشر

                  ب- هناك اله يريد منع الشر ولكنه عاجز - إذاً لماذا ندعوه إلهاً

                  ج- هناك إله ويستطيع منع الشر ولكنه لايريد - إذا فهو شرير


                  في البدء نسأل الملحد :

                  هل الشر الذي تستدل به عبارة عن حقيقة موضوعية ؟

                  إذا كانت الاجابة لا - فقد بطل استدلالك من البداية

                  وإذا كانت الإجابة نعم - فمن أين اكتسب الشر حقيقته الموضوعية هذه ؟


                  هل مصدر هذه الحقيقة الموضوعية العالم المادي نفسه ؟

                  مثلا هل توصف عملية ما بأنها شر إذا كانت الطاقة المنبعثة من العملية عشرون كليوجول أم ماذا ؟


                  باختصار إذا قلت بمادية قيمة الشر - تكون قد أبطلت معناها من الأساس


                  فلا توجد علّة مادية كافية تجعل من قضية ما شراً أو خيراً



                  فإذا لم يكتسب الشر قيمته الموضوعية من عالمنا المادي

                  فإنه قد اكتسبها من عالم مفارق لعالمنا


                  أو أن هذا الواقع الموضوعي للشر غير موجود أساسا ولا يوجد احتمال ثالث !!!!


                  فان قلت بالأول - فقد هدمت إلحادك - وان قلت بالثاني فقد هدمت استدلالك كما سلف ..

                  اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739162

                  وحتى لوسلمنا للملحد ( جدلاً ) بكل مايدعي


                  فإن مشكلة الشر لا ترقى لتكون دليل لعدم وجود الله

                  لأن الإحتمال
                  ج (هناك إله ويستطيع منع الشر ولكنه لايريد - إذاً فهو شرير ) وفق استدلال الملحد

                  لاينفي وجود الإله
                  - إنما يصفه بالشر

                  يعني باختصار هذا الاله موجود - فأين الدليل على الإلحاد !!

                  اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739162

                  إضافة إلى ذلك وصف الإله بالشرير ناتج عن مغالطة

                  فلو كان وجود الشر يستلزم أن الإله شرير

                  فإن وجود الخير يستلزم أن الإله خيّر والجمع بينهما محال !



                  أما وفق الاسلام :

                  فكل شيء مخلوق لحكمة ما حتى " الشرور " التي في الدنيا!

                  فتقدير بعض الشرور في الدنيا لكي يستقيم معنى الابتلاء والامتحان :

                  الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) - المُلك


                  فالشر ليس هدفه ضرر الخلق بل هدفه إقامة معنى البلاء في دار البلاء ( الدنيا)


                  وهنا نسأل اللادينين سؤال شبيه بسؤال الملاحدة

                  هل الظلم في الدنيا يعني ان اله اللادينيين ظالم ؟؟؟

                  إذا كانت هذه الحياة الدنيا هي منتهى الأمر ولا حياة بعدها فما بال المظلومين الذين ماتو ولم ينالوا حقوقهم هل خلقهم

                  إلهكم الذي تؤمنون به عبثا يظلمون وتنتهك حقوقهم وكل شخص يفعل مايريد بدون حساب

                  فإما أن تؤمن بإله ظالم أو تؤمن أن الدنيا ليست كل شيء وأن الكل محاسب على أفعاله


                  الخلاصة :

                  - مجرد استدلالك بالشر عندها تهدم الحادك

                  - حتى لو تجاوزنا النقطة الأولى فان ذلك لاينفي وجود هذا الإله بل يصفه بالشرير

                  - وصف هذا الإله بأنه شرير ناتج عن مغالطة وفي كل الأحوال المعني بهذا هو إله اللادينيين الذين لا يؤمنون بالحساب

                  والجزاء أو الحياة الاخرى - وليس الإله الحق المتصف بالكمال.

                  فالخوض الحقيقي في مسألة الشر من قِبل الملحد يفضي به إلى هدم الإلحاد أو اللادينية

                  استنتاج :

                  كل من يتذرع بمشكلة الشر مشكلته نفسية وليست منطقية .


                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق


                  • #69

                    ► الشُبهة الرابعة :
                    لماذا خلق الله الشرور وهو الرحيم العادل .

                    ◄الرَدّْ (3) على الشُبهة ►


                    لماذا خلق الله الآلام والمؤذيات في حياة المسلمين الاجتماعية والسياسية؟

                    قد يبدو هذا السؤال في الوهلة الأولى قاسياً أو فيه تجاوز على الله تعالى، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى ليس لأحد من خلقه أن يعترض عليه، لأنه وحده صاحب الحكم والملك، يقضي كيف يشاء، ولا رادَّ لقضائه وحكمه الكوني القدري.

                    ويكون هذا السؤال تعدياً على الله -جل وتقدّس-
                    إذا قُصد به المعارضة والجحود،

                    إذْ أن هذا الباب -أقصد باب الاعتراض على حكمة الله الكونية- من أخطر الأبواب التي ضل فيها الناس

                    فما تزندق من تزندق، وما انتكس من انتكس؛ إلا بسبب هذه المواضيع، الذي هو مزلق أقدام البَرَيّة.. نسأل الله الثبات.

                    وهذا المقال ليس إلا إقرار وإذعان بحكم الله وإرادته المطلقة ،

                    ثم هو – أيضاً - تحقيق وإظهار –حسب الطاقة- لحكمة الله البالغة في حكمه الغالب.. سبحانه وبحمده.

                    ولذلك ..
                    ولبيان بعض جوانب الحكمة الإلهية العظيمة في ذلك لا بد من بيان أسس ومبادئ لا غنى عنها لفهم هذا الباب الخطير.

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739163

                    ◄◄ أسس ومبادئ مهمة في هذا الباب►►

                    أولاً: أن الله سبحانه وتعالى عَدْل.


                    فهولا يضع الشيء إلا في موضعه، فهو المحسن الجواد الحكيم العدل في كل ما خلقه، وفي كل ما وضعه في محله، وهيأه له،
                    وهو سبحانه له الخلق والأمر، فكما أنه في أمره لا يأمر إلا بأرجح الأمرين، ويأمر بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها،

                    وإذا تعارض أمران رجح أحسنهما وأصلحهما، وليس في الشريعة أمر يفعل إلا ووجوده للمأمور خير من عدمه ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده،
                    وإذا كانت هذه سنته في أمره وشرعه؛ فهكذا سنته في خلقه وقضائه وقدره فما أراد أن يخلقه أو يفعله كان أن يخلقه ويفعله خيراً من أن لا يخلقه ولا يفعله، وبالعكس،
                    وما كان عدمه خيراً من وجوده فوجوده شر وهو لا يفعله، بل هو منزه عنه والشر ليس إليه.


                    وبذلك ُيعلم أن الله تعالى لم يخلق هذه المؤذيات والآلام ظلماً، بل أوجدها بمقتضى عدله سبحانه، ووضعها في موضعها اللائق بها،
                    ومن تمام عدله سبحانه أنه لم يخلق من المؤذيات والآلام ما عدمه خيراً من وجوده وإلا كان شراً، بل لم يخلق من ذلك من شيء إلا وهو عدل وخير.


                    ثانياً : أن الخير هو الغالب في الوجود.

                    فمن تأمل هذا الوجود عَلِم أن الخير فيه غالب، وأن الأمراض وإن كثرت فالصحة أكثر منها، واللذات أكثر من الآلام،
                    والعافية أعظم من البلاء، والغرق والحرق والهدم ونحوها وإن كثرت فالسلامة أكثر،

                    ولو لم يوجد هذا الوجود الذي خيره غالب لأجل ما يعرض فيه من الشر لفات الخير الغالب، وفوات الغالب شر غالب.


                    مثال على ذلك :
                    النار فإن في وجودها منافع كثيرة وفيها مفاسد لكن إذا قابلنا بين مصالحها ومفاسدها لم تكن لمفاسدها نسبة إلى مصالحها
                    وكذلك المطر، والرياح، والحر، والبرد، فعناصر هذا العالم السفلي خيرها ممتزج بشرها ولكن خيرها غالب.


                    ثالثاً : أن الله رحيم لا يفعل إلا الخير.

                    فرحمته سبحانه غلبت الغضب، والعفو سبق العقوبة، والنعمة تقدمت المحنة، والخير في صفاته وأفعاله، والشر في المفعولات لا في الأفعال،

                    فأوصافه كلها كمال وأفعاله كلها خيرات، فإن آلم الإنسان أو الحيوان لم يعدم بألمه عافية من ألم هو أشد من ذلك الألم، أو إعداده لقوة وصحة وكمال أعظم، أو عوضا لا نسبة لذلك الألم إليه بوجه ما.


                    رابعاً : أن الآلام ليست شراً محضاً .

                    فالآلام والأمراض وإن كانت شروراً من وجه، فهي خيرات من وجوه عديدة، فالخير والشر من جنس اللذة والألم، والنفع والضرر،
                    وذلك في المقضي المقدر لا في نفس صفة الرب وفعله القائم به، فإن قطع يد السارق شر مؤلم ضار له، وأما قضاء الرب ذلك وتقديره عليه فعدل خير وحكمة ومصلحة،

                    فهذه الآلام والمؤذيات قد تكون شراً بالنسبة إلى محلها، لكنها تكون خيراً إلى ما سواه، بل قد تكون خيراً على نفس المحل، فهي شر من وجه وخير من الوجه الآخر، فقطع يد السارق إن كان فيه ألم للسارق وضرر وشر،
                    فهو خير للمجتمع كله والذي سينتفع بذلك، بل السارق نفسه له في ذلك الألم خير وهو كفارة له وعبرة .


                    خامساً : اللذات تنشأ من الآلام، والآلام من اللذات.

                    فأعظم اللذات ثمرات الآلام ونتائجها، وأعظم الآلام ثمرات اللذات ونتائجها، فسنة الله هي ترتيب الجزاء على العمل،
                    واللذة بعد الألم، وقد أجرى الله سبحانه سنته وعادته أن حلاوة الأسباب في العاجل تعقب المرارة في الآجل، ومرارتها تعقب الحلاوة،
                    فحلو الدنيا مر الآخرة، ومر الدنيا حلو الآخرة، وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل اللذات تثمر الآلام، والآلام تثمر اللذات، والقضاء والقدر منتظم لذلك انتظاماً لا يخرج عنه شئ ألبتة،

                    والشر مرجعه إلى اللذات وأسبابها، والخير المطلوب هو اللذات الدائمة والشر المرهوب هو الآلام الدائمة، فأسباب هذه الشرور وإن اشتملت على لذة ما، وأسباب تلك خيرات وإن اشتملت على ألم ما، فألم تعقبه اللذة الدائمة أولى بالإيثار والتحمل، من لذة يعقبها الألم الدائم.


                    سادساً : الآلام والمؤذيات خلقت للحكمة، ولم توجد عبثاً.

                    فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الآلام واللذات بدون حكمة، ولم يقدرهما عبثاً، ومن كمال قدرته وحكمته أن جعل كل واحد منهما تثمر الأخرى،

                    هذا ولوازم الخلقة يستحيل ارتفاعها كما يستحيل ارتفاع الفقر والحاجة والنقص عن المخلوق، فلا يكون المخلوق إلا فقيراً محتاجا ناقص العلم والقدرة،

                    فلو كان الإنسان وغيره من الحيوان لا يجوع ولا يعطش ولا يتألم في عالم الكون والفساد لم يكن حيواناً، ولكانت هذه الدار دار بقاء ولذة مطلقة كاملة، والله لم يجعلها كذلك، وإنما جعلها داراً ممتزجاً ألمها بلذتها، وسرورها بأحزانها، وغمومها وصحتها بسقمها، حكمة منه بالغة سبحانه وتعالى.

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739163

                    وخلاصة هذه الأسس هي :

                    القضاء الإلهي لا شر فيه بوجهٍ من الوجود ، لأنه علم الله وقدرته وكتابته ومشيئته ، وذلك خيرٌ محض وكمالٌ من كل وجه ، فالشر ليس إلى الرب تعالى بوجهٍ من الوجوه ، لا في ذاته ، ولا في أسمائه ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ،

                    وإنما يدخل الشر الجزئي الإضافي في المقضي المقدر ، ويكون شراً بالنسبة إلى محل ، وخيراً بالنسبة إلى محل آخر ، وقد يكون خيراً بالنسبة إلى المحل القائم به من وجهٍ ، كما هو شر له من وجهٍ ، وهذا هو الغالب في هذا العالم ، فلله فيما خلقه الحكمة والعدل .



                    وعلى ضوء ذلك نفهم مدى ضعف أكثر الاعتراضات العقلية على الحكمة الإلهية، مثل قول البعض :

                    أي حكمة أو مصلحة في خلق الكفر والفسوق والعصيان ؟

                    وأي حكمة في خلق الشرور والمؤذيات والآلام ؟

                    وأي حكمة في خلق المضار والسموم ؟ وأي حكمة في خلق إبليس والشياطين وإبقائهم إلى آخر الدهر ؟

                    أي حكمة في كل ذلك ؟ وغيرها من الاعتراضات.


                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739164


                    وللجواب عن هذه الأسئلة .. نقول :

                    إن لله في كل ما خلقه وأمر به حكمة بالغة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وكما لا يحيط بعلمه أحد، كذلك لا يحيط بحكمته أحد سواه، ولكن يمكننا تلمس تلك الحكم بمقدار ما أنعم الله علينا من عقول ومدارك، ولعل من أهم الحكم فيما خلقه الله من آلام ومؤذيات وكفر وفسوق .. ما يلي :

                    (1) للتمحيص والابتلاء والامتحان:

                    إن أفضل العطاء وأجله على الإطلاق الإيمان وجزاؤه، وهو لا يتحقق إلا بالامتحان والاختبار كما قال تعالى : ) ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين( .

                    فذكر سبحانه أنه لا بد أن يمتحن خلقه ويفتنهم، ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، ومن يشكره ويعبده ممن يكفره ويعرض عنه ويعبد غيره والله يبيّن سر هذه الفتنة والمحنة، وهو تبيين الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، وهو سبحانه كان يعلم ذلك قبل وقوعه، ولكن اقتضى عدله وحمده أنه لا يجزي العباد بمجرد علمه فيهم، بل بمعلومه إذا وجد وتحقق، والفتنة هي التي أظهرته وأخرجته إلى الوجود فحينئذ حسن وقوع الجزاء عليه.

                    فمن قال: "آمنت" امتحنه الله وابتلاه لتتحقق بالإيمان حجة إيمانه وثباته عليه، وأنه ليس بإيمان عافية ورخاء فقط بل إيمان ثابت في حالتي النعماء والبلاء، فلا بد من حصول الألم لكل نفس مؤمنة أو كافرة، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً ثم ينقطع ويعقبه أعظم اللذة، والكافر يحصل له اللذة والسرور ابتداءً ثم ينقطع ويعقبه أعظم الألم والمشقة، وهكذا حال الذين يتبعون الشهوات فيلتذون بها ابتداءً ثم تعقبها الآلام بحسب ما نالوه منها، والذين يصبرون عنها يتألمون بفقدها ابتداءً ثم يعقب ذلك الألم من اللذة والسرور بحسب ما صبروا عنها وتركوه منها .

                    إن الله سبحانه أخبر أنه خلق السماوات والأرض العالم العلوي والسفلي ليبلونا أينا أحسن عملاً ، وأخبر أنه زين الأرض بما عليها من حيوان ونبات ومعادن وغيرها لهذا الابتلاء ، وأنه خلق الموت والحياة لهذا الابتلاء ، فكان هذا الابتلاء غاية الخلق والأمر ، فلم يكن من بد من دار يقع فيها هذا الابتلاء جسراً يعبر عليه إليها ، ومزرعة يبذر فيها وميناء يزود منها ، وهذا هو الحق الذي خلق الخلق به ولأجله وهو أن يعبد وحده بما أمر به على ألسنة رسله ، فأمر ونهى على ألسنة رسله ، ووعد بالثواب والعقاب ، ولم يخلق خلقه سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يتركهم هملا ، لا يثيبهم ولا يعاقبهم ، بل خلقوا للأمر والنهي والثواب والعقاب ، ولا يليق بحكمته وحمده غير ذلك .

                    (2) الآلام من طبيعة حياة الإنسان:

                    إن هذه الآلام والمؤذيات هي من طبيعة الحياة التي يحياها الإنسان ، وهي من طبيعة تركيب هذا العالم ن ولا يكون هذا العالم كما هو إلا بتلك الشرور الإضافية.

                    فالألمواللذة أمر ضروري لكل إنسان ، لكن الفرق بين العاجل المنقطع اليسير والآجل الدائم العظيم بون ، ولهذا كان خاصة العقل النظر في العواقب والغايات ، فمن ظن أنه يتخلص من الآلام بحيث لا يصيبه البتة فظنه أكذب الحديث ، فإن الإنسان خلق عرضة للذة والألم والسرور والحزن والفرح والغم .

                    (3) الآلام فيها منافع للإنسان والحيوان وليس لله فيها منفعة:

                    إن هذه المؤذيات والآلام مثل : المجاهدة ، والصبر ، والاحتمال ، والمشاق ، ونحوها ، لا يعود منها منفعة على الله سبحانه فإنه غني عن العالمين ، لأنه لم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم ، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم ، بل أمرهم بما يعود نفعه ومصلحته عليهم في معاشهم ومعادهم ، ونهاهم عما يعود مضرته وفساده عليهم ، في معاشهم ومعادهم ، فكانت ثمرة هذا الابتلاء والامتحان مختصة بهم .

                    ولما كانت الآلام أدوية للأرواح والأبدان كانت كمالاً للحيوان ، خصوصاً لنوع الإنسان ، فإن فاطره وبارئه إنما أمرضه ليشفيه ، وإنما ابتلاه ليعافيه ، وإنما أماته لحييه، فهو سبحانه يسوق الحيوان والإنسان في مراتب الكمال طوراً بعد طور إلى آخر كماله، بأسباب لا بد منها ، وكماله موقوف على تلك الأسباب ، ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع ، كوجود المخلوق بدون الحاجة والفقر والنقص ، ولوازم ذلك ولوازم تلك اللوازم .

                    والآلام والمشاق إما أن تكون إحسان ورحمة ، وإما عدل وحكمة ، وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها ، وإما لدفع ألم هو أصعب منها ، وإما لتولدها عن لذات ونعم يولدها عنها أمر لازم لتلك اللذات ، وإما أن يكون من لوازم العدل ، أو لوازم الفضل والإحسان ، فيكون من لوازم الخير التي إن عطلت ؛ عطلت ملزوماتها ، وفات بتعطيلها خير أعظم من مفسدة تلك الآلام .

                    (4) الآلام والمشاق جسر للكمالات وأعظم اللذات:

                    لأن الكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق ، كالعلم ، والشجاعة ، والزهد ، والعفة ، والحلم ، والمروءة ، والصبر ، والإنسان ، وإذا كانت الآلام أسباباً للذات أعظم منها وأدوم منها ، كان العقل يقضي باحتمالها ، وكثيراً ما تكون الآلام أسباباً لصحة لولا تلك الآلام لفاتت.

                    ولذلك حجب الله سبحانه أعظم اللذات بأنواع المكاره ، وجعلها جسراً موصلاً إليها ، كما حجب أعظم الآلام بالشهوات واللذات ، وجعلها جسراً موصلاً إليها ، ولهذا قال العقلاء : إن النعيم لا يدرك بالنعيم ، وأن الراحة لا تنال بالراحة ، وأن من آثر اللذات فاتته اللذات .

                    (5)تحقيق العبودية لله:

                    فالله سبحانه يحب أن يعبد بأنواع العبودية ، ومن أعلاها وأجلها عبودية الموالاة فيه والمعادة فيه ، والحب فيه والبغض فيه ، والجهاد في سبيله وبذل مهج النفوس في مرضاته ومعارضة أعدائه ، وهذا النوع هو ذروة سنام العبودية ، وأعلى مراتبها ، وهو أحب أنواعها إليه ، وهو موقوف على ما لا يحصل بدونه ، من خلق الأرواح التي تواليه وتشكره وتؤمن به ، والأرواح التي تعاديه وتكفر به ، ويسلط بعضها على بعض ، لتحصل بذلك محابه على أتم الوجوه ، وتقرب أولياءه إليه بجهاد أعدائه ومعارضتهم فيه ، وإذلالهم وكبتهم ومخالفة سبيلهم، فتعلو كلمته ودعوته على كلمة الباطل ودعوته ، ويتبين بذلك شرف علوها وظهورها ،

                    ولو لم يكن للباطل والكفر والشرك وجود فعلى أي شئ كانت كلمته ودعوته تعلو ؟


                    فإن العلو أمرٌ لشيء يستلزم غالباً ما يعلى عليه ، وعلو الشيء على نفسه محال ، والوقوف على الشيء لا يحصل بدونه

                    ولو لا وجود الكفار لما حصلت عبودية الجهاد ، ولما نال أهله درجة الشهادة ، ولما ظهر من يقدم محبة فاطره وخالقه على نفسه وأهله وولده ، ومن يقدم أدنى حظ من الحظوظ عليه ، فأين صبر الرسل وأتباعهم وجهادهم وتحملهم لله أنواع المكاره والمشاق وأنواع العبودية المتعلقة بالدعوة وإظهارها لو لا وجود الكفار ؟

                    وتلك العبودية تقتضي درجة لا تنال إلا بها ، والرب تعالى يحب أن يبلغها رسله وأتباعهم ويشهدهم نعمته عليهم ، وفضله وحكمته ، ويستخرج منه حمده وشكره ومحبته والرضا عنه .

                    وذلك أن من عبوديته العتق ، والصدقة ، والإيثار ، والمواساة ، والعفو ، والصفح ، والصبر، وكظم الغيظ ، واحتمال المكاره ، ونحو ذلك مما لا يتم إلا بوجود متعلقه وأسبابه ، فلو لا الرق لم تحصل عبودية العتق ، فالرق من أثر الكفر ، ولو لا الظلم والإساءة والعدوان لم تحصل عبودية الصبر والمغفرة وكظم الغيظ ، ولو لا الفقر والحاجة لم تحصل عبودية الصدقة والإيثار والمواساة ، فلو سوَّى بين خلقه جميعهم لتعطلت هذه العبوديات التي هي أحب شئ إليه ، ولأجلها خلق الجن والإنس ولأجلها شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل، وخلق الدنيا .

                    وذلك لأنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه أعظم فرح يقدر أو يخطر ببال أو يدور في خلد ، وحصول هذا الفرح موقوف على التوبة الموقوفة على وجود ما يتاب منه ، وما يتوقف عليه الشئ لا يوجد بدونه ، فإن وجود الملزوم بدون لازمه محال ، ولا ريب أن وجود الفرح أكمل من عدمه ،

                    فمن تمام الحكمة تقدير أسبابه ولوازمه ، فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يفغر ، وعلى من يتوب ، وعمن يعفو ، ويسقط حقه ، ويظهر فضله ، وجوده ، وحلمه ، وكرمه ، وهو واسع المغفرة ، فكيف يعطل هذه الصفة ، أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له ، ومن يتوب وما يتاب عنه ؟

                    فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة ، فكيف والحكم والمصالح والغايات المحمودة التي في ضمن هذا التقدير فوق ما يخطر بالبال ، ولو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه .


                    (6)ظهور الآيات الدالة على عظمة الله .

                    فإنه قد يترتب على خلق من يكفر به ويشرك به ويعاديه من الحكم الباهرة والآيات الظاهرة ما لم يكن يحصل بدون ذلك ، فلو لا كفر قوم نوح لما ظهرت آية الطوفان وبقيت يتحدث بها الناس على ممر الزمان ، ولو لا كفر عاد لما ظهرت آية الريح العقيم التي دمرت ما مرت عليه ، ولو لا كفر قوم صالح لما ظهرت آية إهلاكهم بالصيحة ، ولو لا كفر فرعون لما ظهرت تلك الآيات والعجائب يتحدث بها الأمم أمة بعد أمة ، واهتدى من شاء الله ،

                    فهلك بها من هلك عن بينة ، وحي بها من حي عن بينة ، وظهر بها فضل الله وعدله وحمته ، وآيات رسله وصدقهم ، ولو تعطلت تلك الأسباب لتعطلت هذه الحكم والمصالح والآيات وحمته وكماله المقدس يأبى ذلك وحصول الشئ بدون لازمه ممتنع ، وكم بين ما وقع من المفاسد الجزئية وبين ما رتب الله عليها من حم ومصالح لا تحصى ، وهل تلك المفاسد الجزئية إلا دون مفسدة الحر ، والبرد ، والمطر ، والثلج ، بالنسبة إلى مصالحها بكثير .


                    (7) التمحيص بالفتن .

                    وذلك أن الله سبحانه بمقتضى حكمته وحمده ، وأمره ونهيه ، وقضائه وقدره ، قد جعل بعض عباده فتنة لبعض ، فهو سبحانه جعل أوليائه فتنة لأعدائه ، وأعداءه فتنة لأوليائه ، والملوك فتنة للرعية ، والرعية فتنة لهم ، والرجال فتنة للنساء ، وهن فتنة لهم ، والأغنياء فتنة للفقراء، والفقراء فتنة لهم ، وابتلى كل أحد بضد جعله متقابلاً ، وكذلك ابتلاء عباده بالخير والشر في هذه الدار

                    وكم له سبحانه في مثل هذا الابتلاء والامتحان من حكمة بالغة ، ونعمة سابغة ، وحكم نافذ ، وأمر ونهي ، وتصريف دال على ربوبيته وإلهيته وملكه وحمده ، دال على كمال حكمته ومقتضى حمده التام . فلو لا هذا الابتلاء والامتحان لما ظهر فضل الصبر، والرضى ، والتوكل ، والجهاد ، والعفة ، والشجاعة ، والحلم ، والعفو ، والصفح ، والله سبحانه يحب أن يكرم أوليائه بهذه الكمالات ويحب ظهورها عليهم ليثني بها عليهم هو وملائكته ، وينالوا باتصافهم بها غاية الكرامة واللذة والسرور ،
                    وإن كانت مرة المبادئ فلا أحلى من عواقبها ، ووجود الملزم بدون لازمه ممتنع ، ولذا كان أفضل العطاء وأجله على الإطلاق الإيمان وجزاءه وهو لا يتحقق إلا بالامتحان والاختبار .


                    قال تعالى (
                    آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون * من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآتٍ وهو السميع العليم * ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه أن الله لغني عن العالمين) .

                    فذكر سبحانه أنه لا بد أن يمتحن خلقه ويفتنهم ليتبين الصادق من الكاذب ، والمؤمن من الكافر، ومن يشكره ويعبده ، ممن يكفره ويعرض عنه ، ويعبد غيره… سبحانه وبحمده له الحكمة البالغة.

                    فإذا قال قائل: إننا نرى مثلاً بعض الشرور تحصل، وذلك كالأمراض، وكذلك نرى المعاصي والفجور وغير ذلك،

                    فيقال
                    أولاً:
                    إن أفعال الله سبحانه وتعالى كلها خير وحكمة وليس فيها شر بإطلاق، وإن كانت شراً على بعض الخلق بسبب كسبهم واختيارهم.

                    ثانياً:
                    الشر هذا الذي نراه إنما هو في مقدوراته ومفعولاته، ويوضح هذا أننا نجد في بعض المخلوقات المقدورات شراً كالحيات والعقارب، ونجد الأمراض والفقر والجدب وما أشبه ذلك،
                    فكل هذه بالنسبة للإنسان شرا لأنها لا تلائمه، لكن باعتبار نسبتها إلى الله هي خير لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.


                    (
                    وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء:80]

                    وكم من أمر يكرهه العبد ويرى أن فيه شـراً ، وليس كذلك

                    ولذا قال الله عز وجل : (
                    إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ )

                    وقال
                    عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .

                    وقال
                    الحسن : لا تكْرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلربّ أمر تكرهه فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك .

                    وكان عليه الصلاة والسلام يقول : الحمد لله على كل حال .

                    من أركان الإيمان : الإيمان بالقدر خيره وشـرِّه

                    إن الشر قد يكون في نظر العبد ، ولو كُشفت للعبد حُجب الغيب لما تمنى غير ما قدر الله وقضى .

                    فقال رجل : أنا في هذا البلد مهاجر ! وقد طُردت من بلدي ، وظننت أن ما حصل لي شـر ،

                    وإذا بي أرى الخير من خلال ذلك الذي ظننته شـراً


                    فقيل له : ذكرتنا بكلمة جميلة
                    لابن القيم رحمه الله حيث قال : كم مِن محنة في طيّـها مِنحـة


                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739164

                    فوائد المرض

                    الابتلاء بالمرض سُنة ماضية

                    حكم المرض وفوائده :

                    1 . استخراج عبودية الضراّء وهي الصبر :

                    - إذا كان المرء مؤمناً حقاً فإن كل أمره خير ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "
                    عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراّء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراّء صبر فكان خيراً له "رواه مسلم

                    2 . تكفير الذنوب والسيئات :

                    - مرضك أيها المريض سبب في تكفير خطاياك التي اقترفتها بقلبك وسمعك وبصرك ولسانك ، وسائر جوارحك .

                    - فإن المرض قد يكون عقوبة على ذنب وقع من العبد ، كما قال تعالى {
                    وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }.

                    - يقول - صلى الله عليه وسلم - : "
                    ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " صحيح البخاري ومسلم

                    3 . كتابة الحسنات ورفع الدرجات :

                    - قد يكون للعبد منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى ، لكن العبد لم يكن له من العمل ما يبلغه إياها ، فيبتليه الله بالمرض وبما يكره ، حتى يكون أهلاً لتلك المـنزلة ويصل إليها .

                    - قال عليه الصلاة والسلام : "
                    إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى "
                    صححه الألباني في "سنن أبي داود


                    4 . سبب في دخول الجنة :

                    - قال - صلى الله عليه وسلم - : "
                    يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب ، لو أن جلودهم كانت قرِّضت بالمقاريض " صحيح الترمذي للألباني .

                    5 . النجاة من النار :

                    - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد مريضاً ومعه أبو هريرة ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
                    أبشر فإن الله عز وجل يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة " السلسلة الصحيحة للألباني .

                    6 . ردّ العبد إلى ربه وتذكيره بمعصيته وإيقاظه من غفلته :

                    - من فوائد المرض أنه يرد العبد الشارد عن ربه إليه ، ويذكره بمولاه بعد أن كان غافلاً عنه ، ويكفه عن معصيته بعد أن كان منهمكاً فيها .

                    7 . البلاء يشتد بالمؤمنين بحسب إيمانهم :

                    - قال عليه الصلاة والسلام : "
                    إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739164

                    بُشرى للمريض :

                    - ما كان يعمله المريض من الطاعات ومنعه المرض من فعله فهو مكتوب له ، ويجري له أجره طالما أن المرض يمنعه منه .

                    - قال - صلى الله عليه وسلم - : "
                    إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري .

                    - * الواجب على المريض :

                    - الواجب على المريض تجاه ما أصابه من مرض هو أن يصبر على هذا البلاء ، فإن ذلك عبودية الضراء .

                    - والصبر يتحقق بثلاثة أمور :

                    1 . حبس النفس عن الجزع والسخط
                    2. وحبس اللسان عن الشكوى للخلق
                    3 . وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر .


                    * أسباب الصبر على المرض :

                    1 . العِلم بأن المرض مقدر لك من عند الله ، لم يجر عليك من غير قبل الله ..

                    - قال تعالى {
                    قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ، وقال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }

                    - قال عليه الصلاة والسلام : "
                    كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " صحيح مسلم .

                    2 . أن تتيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين :

                    - عن
                    عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبيٌ ، فإذا امرأة من السبي وجدت صبياً فأخذته ، فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قلنا : لا وهي تقدر أن لا تطرحه ، فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها " البخاري .

                    3 . أن تعلم أن الله اختار لك المرض ، ورضيه لك والله أعلم بمصلحتك من نفسك :

                    - إن الله هو الحكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فما أصابك هو عين الحكمة كما أنه عين الرحمة .

                    4 . أن تعلم أن الله أراد بك خيراً في هذا المرض :

                    - قال عليه الصلاة والسلام : "
                    من يرد الله به خيراً يصب منه " أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها .

                    5 . تذكر بأن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد :

                    - قال - صلى الله عليه وسلم - : "
                    إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم " صحيح الترمذي للألباني .

                    6 . أن يعلم المريض بأن هذه الدار فانية ، وأن هناك داراً أعظم منها وأجل قدراً :

                    - فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

                    - قال - صلى الله عليه وسلم - : "
                    يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم : هل رأيت خيراً قط ؟ هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط " - الصبغة أي يغمس غمسة ..

                    7 . التسلي والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضاً :

                    - قال عليه الصلاة والسلام : "
                    انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم "

                    وأسأله سبحانه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين

                    من فوائده الكوارث المُنسيه تذكير الناس بقدرتهم الضئيله مهما بلغوا من علم

                    أمام قدرة الله بعض فوائد الالم ...


                    والله أعلم

                    لاحول ولاقوة إلا بالله

                    تعليق


                    • #70


                      ► الشُبهة الرابعة :
                      لماذا خلق الله الشرور وهو الرحيم العادل .

                      ◄الرَدّْ (4) على الشُبهة ►



                      كثيرا ما يتحدث الملحدون عن معضلة الشر

                      ويتناسون
                      المعضلة الأكبر :

                      إنها معضلة الخير

                      ولماذا الخير موجود في هذا العالم ..... ما العلة لوجوده ..... ما هو المبرر المادي لهذه المعضلة ؟


                      وإذا كان الفناء والإنقراض هو مصير كل حي فما قيمة الخير ؟

                      بل والخير الكثير في هذا العالم ..
                      لماذا الخير موجود وبوفرة ..؟


                      هذه الأرض التي تقيم فيها - بما فيها من خيرات ومستقر وسكن وراحة ونِعم لا تُحصى

                      هذا الخير الذي لا يُحصى من حولك ما هو مبرره الإلحادي ....
                      لماذا الخير موجود ؟؟


                      ما هو تفسير الملحد لمعضلة الخير في إطار إلحادي وليس في إطار ديني ........!!؟

                      كيف يتم تبرير ذلك الخير الذي لا يُحصى إلحاديا ..؟؟

                      كيف يتم تبرير كل هذا الخير في العالم الذي لو جلسنا نتحدث عنه ألف عام ما ذكرنا منه شيئا ..

                      فالخير موجود في كل شيء بدءً من تركيب الذرة إلى الثوابت الفيزيائية المدهشة في الكون

                      إلى نسبة الهرمونات في الجسم التي لو تغير جزء من المليون في المليون منها لتحولت حياة الانسان الى جحيم ..


                      وملايين النعم الملموسة التي من كثرة ما ألفناها لا نشعر بقيمتها ...

                      فبالفعل علميا نعمة واحدة من النعم لا نستطيع أن نحيصها ..

                      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739165


                      مثلا
                      ثابت طول بلانك (قانون فيزيائي) لولا أنه ثابت لأصبحت حياة الإنسان جحيما


                      تخيل لو أن ثابت بلانك ليس ثابتا كنا عندما ندخل أنا وأنت قاعة المحاضرات تحدث لنا خاصية التداخل والحيود فتصير معدتي في معدتك وأمعائي في أمعائك ...

                      ولذا فالحمد لله أن ثابت بلانك ثابت بالفعل وهي نعمة بسيطة من مليارات النعم التي لا ندركها ..!!


                      مثال آخر في معضلة الخير ..

                      هذا المثال مستحيل ماديا مستحيل فيزيائيا ومع ذلك هو موجود ..

                      هذا المثال هو نشأة الكون المدهشة من نقطة يستحيل وجودها فالنقطة التي بدأ منها الكون أصغر من طول بلانك ويستحيل تواجد شيء أصغر من طول بلانك ..

                      علميا هذه النقطة تفوق حرارتها حرارة بلانك -الجدار الثاني الذي لا يمكن تجاوزه فيزيائيا - حرارتها 10 أس37 في حين أن حرارة بلانك هي 10 أس 32 ويستحيل فيزيائيا أن تتجاوز الحرارة جدار بلانك ..

                      أيضا هذه النقطة توسعت بسرعة تزيد على سرعة الضوء مليار مليار مرة

                      ففي خلال جزء من مائة ألف جزء من الثانية توسعت النقطة التي بدأ منها الكون من حجم أصغر بملايين المرات من البروتون وهي نقطة نصف قطرها صفر رياضيا ليصبح حجمها بحجم المجموعة الشمسية في أقل من جزء من مائة ألف جزء من الثانية ..

                      كيف صارت هذه النقطة بحجم مجموعة شمسية في لحظة أقل من أن تُذكر وهذه اللحظة هي أقل من جزء من مائة ألف جزء من الثانية يعني يستحيل تصورها .. !

                      وفي نفس تلك اللحظة المدهشة التي يستحيل حدوثها فيزيائيا حدث فجأة تلاؤم مذهل لآلاف الثوابت الطبيعية التي لو اختل واحد منها بمقدار جزء في مليار المليار لتحولت حياة الإنسان الذي سيظهر فيما بعد إلى جحيم وعناء لا يُطاق وإشكالات لا يمكننا استيعابها

                      وهذه الثوابت مثل ثابت الجاذبية وثابت حجم الالكترون وثابت الطاقة الكهرومغناطيسية وثابت قطر النواة وثابت بلانك

                      وغيرها الكثير والكثير جدا .....

                      كيف نُفسر إلحاديا حدوث هذا المثال البسيط من أمثلة الخير التي لا تُحصى ..

                      كيف نُفسر معضلة الخير العظيمة المدهشة المستحيلة هذه ..!!؟

                      لاحول ولاقوة إلا بالله

                      تعليق


                      • #71

                        ► الشُبهة الرابعة : لماذا خلق الله الشرور وهو الرحيم العادل .

                        ◄الرَدّْ (5) على الشُبهة ►




                        الخير والشر بمفهوم الالحاد


                        لقد درج الفلاسفة دائماً على الربط بين السلوك الإنساني والعقل والحرية، هادفين بذلك إثبات أن الحرية الإنسانية لا يمكن
                        أن تتحقق إلا في إطار العقل،

                        لكنهم بذلك لم يكونوا يصفون ما هو قائم بل ما يجب أن يكون، ولقد آثر
                        هيوم أن يصف السلوك الإنساني كما هو حادث بالفعل، كجزء من منهجه التجريبي الذي لا يقحم أي معيار خارجى يراد للسلوك الإنساني أن يتوافق معه، بل الذي يبحث في السلوك القائم بالفعل كما يوجهه.


                        ومثلما أنكر هيوم أن يكون للعقل دور في السلوك الإنساني، فهو أيضاً ينكر دوره في مجال الأخلاق. ويثبت هيوم ذلك عن طريق توضيح أنما يجعلنا نصدر أحكاماً أخلاقية حول ما إذا كان فعل ما فضيلة أو رذيلة، صح أو خطأ، مستحق الثناء والمديح أو اللوم والذم، لا يعتمد على فكرة مجردة

                        أو قيمة عقلية نتوصل إليها باستدلال أو برهان، بل يعتمد على ما لدينا من رغبات وانفعالات وأهواء. فإصدار حكم أخلاقي يعتمد على انطباعما، وهذا الانطباع يأخذ صورة إحساس أو انفعال. فالبشر يجدون أنفسهم مدفوعين نحو القيام بفعل ما

                        لأنهم يعتقدون أنه خيِّر أو صحيح، أو لأنهم يعتقدون أنه لن يؤدي إلى الخطأ أو إلى نتائج سلبية وخيمة.

                        وعلى الرغم من أن هذا الاعتقاد يبدو عليه العقلانية -
                        إلا أنه ليس كذلك،

                        لأنه موجه عن طريق السليقة والتلقائية - لا البرهان العقلي أو الاستدلال من قيم أخلاقية عليا.

                        «
                        العقل وحده عاجز في هذا المجال. إن قواعد الأخلاق ليست ناتج استدلالي عقلي»


                        ويميل هيوم إلى اعتبار أن الفضيلة والرذيلة ليستا إلا وجهة نظر إنسانية بحتة صادرة عن الطبيعة البشرية وليس لهما وجود موضوعي في العالم،

                        ذلك لأنهما مؤسسان على فكرتي الخير والشر. والخير والشر عنده مجرد انطباع انفعالي.

                        فالفيضانات والبراكين والزلازل ليست إلا ظواهر طبيعية،

                        أما في نظر الإنسان فتصبح شراً أو عقاباً، وذلك لما لها من آثار سلبية على الحياة الإنسانية.


                        ◄السؤال هنا لكل ملحد :

                        إن كنت مجرد ماده فلما تعترض على فعل الماده وقوانين الطبيعيه

                        وان كانت تضايقك فما هو ذلك الباعث المادى بداخلك اللذى جعلك تشعر بشعور اسمه الضيق !!

                        وهل يوجد للضيق باعث مادى مردود للطبيعه الفيزيائيه للكون !؟؟؟


                        وإن كنت مجرد آلة بيوكيميائيه وأفعالك ما هى إلا مردود نبضات وإشارات عصبيه


                        فمن أين استمددت الاحساس بأنك كائن حر يملك حريته ووعيه

                        وإن كنت مجرد آلة مسيره فلما تحكم على الأفعال بالخيريه والشروريه وهم مجرد الآت تنفذ ما تمليه عليهم ماديتهم


                        باختصار :

                        إن كنت ملحد حقيقى فأنت عبد لماديتك ولا معنى لكلامك عن الحريه


                        وإن كنت ملحد حقيقى فأنت كائن مادى يحارب ليبقى ويطاوع ماديته البحته مقهورا

                        لأنه ردة فعل لإشارات مخيه وعصبيه


                        وعليه :
                        فلا معنى مادى لأفعال الشر ولا يجوز لك أن تتكلم عنها أو تنتقد أى قيمه غير ماديه لا تخدم بقائك


                        وعليه :
                        منتهى الظلم منك ان تعاقب أى مجرم قاتل أو مغتصب أو حتى تجرؤ على انتقاده


                        فهل تجرؤ على إن تلتزم قواعد الحادك!

                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739166

                        والله أعلم

                        الردود 2-3-4-5 بتصرف من : المصدر
                        لاحول ولاقوة إلا بالله

                        تعليق


                        • #72

                          ► الشُبهة الخامسة :
                          يقول الملحد: لا أؤمن إلا بمعطيات العلم التجريبي

                          ◄الرَدّْ على الشُبهة ►



                          يتشنّج الملحد قائلاً :"
                          لا تُحدثني عن الأدلة العقلية، أو البديهيات المنطقية، أنا لا أُسلِّم إلا بمعطيات العلم التجريبي الوضعي المادي "

                          ما لا يعرفه الملحد أن مصدر المعرفة في العلم التجريبي الوضعي هو العمل العقلي في مُدخلات الحس والمشاهدة والتجريب،

                          وأساس العلم التجريبي هو البديهيات العقلية والمُسلمات المنطقية ثم يكون الإستقراء المعرفي بدرجاته، هذه بداية العلم التجريبي ونهايته !

                          وفي واقع الأمر فإن الملحد كاذب في ادعاؤه لأنه يرفض الأدلة الدينية فقط ،

                          ولذا فهو يقبل النص التاريخي طالما أن مصدره خارج التاريخ الديني

                          ويرفض نفس النص التاريخي بنفس درجات الإستقراء وأدوات الثبوتية لو كان مصدره دينياً

                          ويقبل الملحد أيضاً الترجيح العقلي والمنطقي بعموم،

                          ويقبل الترجيح الرياضي،

                          ولولا الترجيحات الثلاثة الأخيرة ما قبل بالعلم التجريبي نفسه،

                          لأن أدوات التثبت من معطيات العلم التجريبي هي أدوات عقلية ومنطقية ورياضية.

                          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	878798.png 
مشاهدات:	14 
الحجم:	2.4 كيلوبايت 
الهوية:	739173


                          ولذا نقول للملحد: هل شرطكم في بناء معرفة أن تكون صحيحة وموافِقة للواقع بدليل علمي صحيح، أم تكون مقصورة على جنس البحث الإمبريقي والطريقة التجريبية فقط ؟

                          إن كانت الثانية وكان كل ما يأتيكم من دعاوى معرفية أخرى مرفوضةً، فهذا الشرط ساقط بذاته إذ لا يُتخيل التسليم به مجرداً دون تأسيس عقلي ومنطقي ورياضي ومعرفي دون بديهة أسبقية A-Priori مستقرة في عقل الباحث أو العالم أو الفيزيائي.

                          ومراتب الأدلة والبراهين التي اتفق المناطقة على حُجيتها :

                          تتراوح بين الدليل الرياضي والدليل العقلي والدليل التجريبي وفي الأخير يأتي الدليل الحسي ..

                          ولذا عندما يُقرر أحد الملاحدة رفض بعض الأدلة فمشكلته مع المنطق وليست معنا نحن!

                          فما أبئس عقل الملحد الذي يرفض ذاته بذاته ! حين يرفض استخدام عقله بعقله

                          فسبحان مَن جعل للشيطان سلطاناً على هؤلاء في بديهية لا يُخطئها حَدَث صغير، لكنه الكفر !

                          بل إن المعرفة تعتمد على الهاديات الأربع : العقل - والنقل - والتجربة - والوجدان

                          فالأدلة المعرفية لا تنحصر في الدليل التجريبي الوضعي
                          وإلا فما هو مصدر القيمة الأخلاقية ؟ وما مصدر الحِس الجمالي ؟

                          يقول الملحد الدارويني المتعصب
                          ريتشارد داوكينز :

                          "
                          أنا ضد الداروينية ولا أُطيقها حين يتعلق الأمر بحياتنا"

                          ويرى
                          شرودينغر أبو ميكانيك الكم أن العلم التجريبي حين يتحدث عن القيمة الأخلاقية أو القيمة الجمالية فهو أراجوز نستمع له لنضحك لا لنأخذ كلامه على محمل الجد.!

                          فالملحد الذي يزعم أن الحق لا يوصَل إليه، والمعرفة لا تتحقق إلا من طريق العلم التجريبي وحده, لا يوصف بأنه صادق في طلب المعرفة أصلاً، وهو من أكذب الناس.!

                          المصدر

                          لاحول ولاقوة إلا بالله

                          تعليق


                          • #73


                            ► الشُبهة الخامسة :
                            يقول الملحد: لا أؤمن
                            إلا بمعطيات العلم التجريبي

                            ◄الرَدّْ (2)على الشُبهة ►



                            يعترف عالم الاجتماع الفرنسى
                            ليفى بريل أن نوعى التفكير - الامبيريقى والغيبى - يوجدان فى كل الثقافات الانسانية

                            بما فى ذلك الثقافة الاروبية الحديثة ,

                            والملحد نفسه الذى يدعى الغرق فى هذا النوع من التفكير ويزعم بأن سلاحة العلم والاحتمالات

                            يبنى فلسفته على تخمينات حدسية بحته فالمادة أزلية !

                            والجسيمات كانت راكدة ثم تحركت ولا يهم البحث عن السبب الذى يتشدق به

                            نهايك عن جدلية الصدفة وما تنطوى عليه من امكانية خلق العدم للوجود .


                            العلم ليس الطريقة الوحيدة للإجابة عن الأسئلة :


                            يقول هايزنبرج :


                            " العلم يعرف كيف يتصرف ذلك الشىء فى ظروف معينة ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الأشياء ويحسبها ..

                            ولكنه لا يستطيع أن يعرف ما هو .. العلم يدرك كميات ولكنه لا يدرك ماهيات ..

                            العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء ولا ما هو الإلكترون ..

                            وحينما يقول أن الأشعة الضوئية هى موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى ..

                            فما هى الموجات الكهربائية المغناطيسية .. ؟!

                            حركة الأثير .. وما الحركة وما الأثير .. ؟!

                            وما الفوتونات .. ؟!

                            حزم من الطاقة .. وما الطاقة .. ؟!

                            الصفة الثانية للعلم :

                            أن أحكامه كلها إحصائية وتقريبية لأنه لا يجرى تجاربه على حالات مفردة ..

                            لا يمسك ذرة مفردة ليجرى عليها تجربته .. ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه ..
                            ولا يمسك فوتوناً واحداً ليفحصه ويتفرج عليه ..

                            وإنما يجرى تجاربه على مجموعات - على شعاع الضوء مثلاً

                            والشعاع يحتوى على بلايين بلايين الفوتونات أو جرام من مادة

                            والجرام يحتوى على بلايين بلايين الذرات

                            وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات تقريبية تقوم على الإحتمالات ..

                            أما إذا حاول العلم أن يجرى تجاربه على وحدة أساسية كأن يدرس ذرة بعينها أو يلاحظ إلكتروناً واحداً بالذات فإنه لا

                            يمكنه أن يخرج بنتيجة لأنه يصطدم بإستحالة نهائية ..


                            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	98989.png 
مشاهدات:	11 
الحجم:	4.8 كيلوبايت 
الهوية:	739174


                            ولكي يثبت
                            هايزنبرج هذه الإستحالة :

                            تخيل أن عالِما يحاول أن يشاهد الإلكترون فعليه أولاً أن يستخدم ميكروسكوباً يكبر
                            مائة مليون مرة ..

                            وعلى إفتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب

                            فإن هناك صعوبة أخرى وهى أن الإلكترون أصغر من موجة الضوء

                            فعليه أن يختار موجة قصيرة مثل أشعة إكس ..

                            ولكن أشعة إكس لا تصلح للرؤية !!

                            إذن عليه أن يستخدم أشعة الراديوم !

                            وبإفتراض أنه حصل على هذه الأشياء ...

                            فإنه فى اللحظة التى يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتوناً ضوئياً ليرى به الإلكترون :

                            فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه لأن الفوتون عبارة عن شحنة من الطاقة ..

                            فهو فى محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته لن يصل إلى أى نتيجة ..

                            إذ فى اللحظة التى يسجل فيها مكانه تتغير سرعته وفى اللحظة التى يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه ..

                            أننا نكون أشبه بالأعمى الذى يمسك بقطعة مكعبة من الثلج ليتحسس شكلها ومقاييسها ..

                            وهى فى نفس اللحظة التى يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه ..

                            فيفقد الشىء الذى يبحث عنه بنفس العملية التى يبحث بها عنه ..

                            وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير ..

                            وتتوقف عند أصغر وحدة فى وحداته فلا تعود ساريه ولا تعود صالحة للتطبيق ..

                            وبالمثل هى تتعطل أحياناً حينما نحاول أن نطبقها على الكون بأسره ككل ..

                            القوانين تصطدم مع الحد الأكبر ومع الحد الأصغر للكون ولا تعود سارية ..

                            والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث فى المبدأ وفى المنتهى لأنه لم يجهز بالوسائل التى يقتحم بها هذه الحدود ..

                            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	98989.png 
مشاهدات:	11 
الحجم:	4.8 كيلوبايت 
الهوية:	739174


                            بهذا البحث الفلسفى الرياضى إستطاع
                            هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء ..

                            ووضع المعادلات التى تصلح لتفسير الضوء على الأساس المادى والأساس الموجى فى نفس الوقت ..

                            وإعتبر القوانين فى هذا المجال قوانين إحتمالية إحصائية تعبرعن سلوك مجاميع هائلة من بلايين بلايين الفوتونات ..

                            أما الفوتون نفسه فهو شىء لا يمكن تحديده ..

                            كل ما يمكن للعلم أن يدركه هو الكميات والكيفيات ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات .

                            المصدر
                            لاحول ولاقوة إلا بالله

                            تعليق


                            • #74

                              ► الشُبهة الخامسة :
                              يقول الملحد: لا أؤمن
                              إلا بمعطيات العلم التجريبي

                              ◄الرَدّْ (3)على الشُبهة ►



                              الدليل العلمي ليس منحصرا في الدليل التجريبي

                              الدليل العلمي ليس نوعا واحدا ،و ليس منحصرا في الدليل التجريبي , لأن العلوم أصناف شتى
                              و كل علم من العلوم له الأدلة التي تناسبه ،ودليل العلوم الطبيعية التحليلية ليس كدليل العلوم الإنسانية .

                              و من العلوم ما يناسبه الدليل الحسي المادي و الدليل التجريبي كعلم الفيزياء و الكيمياء والأحياء
                              وهذه العلوم الثلاثة علوم طبيعية تحليلية تجريبية تقوم على ملاحظة ظاهرة من الظواهر الطبيعية ووضع الفروض لها واختبار هذه الفروض بالتجربة أو ما يقوم مقامها ثم استنتاج الفرض الصحيح للظاهرة .

                              ومن العلوم ما يناسبه اللجؤ إلى أفضل التفسيرات كعلوم البدايات مثل بداية الكون و بداية الحياة و اللجؤ إلى أفضل التفسيرات يعتبر قاعدة علمية في التفضيل بين الأدلة أكثر من كونها دليل قائم بحد ذاته
                              فإذا كان يمكن تفسير ظاهرة ما بشكل بسيط، وبشكل معقد، فإن التفسير البسيط هو الأفضل .

                              و من العلوم ما يناسبه الدليل العقلي كعلم الفلسفة أحد العلوم الإنسانية حيث الاعتماد فيه على معلومات عقلية لا تحتاج إلى إحساس وتجربة .

                              و من العلوم ما يناسبه الوثائق و الآثار كعلم التاريخ أحد العلوم الإنسانية ، وهذا العلم مبني على الوثائق ولا مجال للتجربة فيه
                              حيث نحتاج لإثبات الحادث التاريخي إلى أخبار و آثار تبرهن على وجود هذا الحدث التاريخي في الماضي ،
                              و الوثائق و الآثار التي يعتمد عليها علماء التاريخ قد تكون مكتوبة كالرسائل و السجلات ،
                              و قد تكون غير مكتوبة كالألبسة و النقود و الأوسمة والمباني .

                              و هناك علوم كثيرة لا مجال للتجربة فيها أو تندر التجربة فيها :

                              فأين التجربة في علم اللغة و الأدب ؟ و أين التجربة في علم التاريخ ؟
                              و أين التجربة في علم المنطق ؟ و أين التجربة في علم الفلسفة ؟
                              و أين التجربة في علم الاجتماع ؟ و أين التجربة في علم القانون ؟
                              و أين التجربة في علم الاقتصاد ؟

                              و من هنا ندرك أن ليس كل الأدلة العلمية أدلة حسية أو أدلة تجريبية ،

                              وأن هناك علوم لا مجال للدليل الحسي أو التجريبي فيها .


                              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739175


                              الحواس قد تخطيء

                              بالغ الملاحدة في الاعتماد على الحس في الحكم على الأشياء أشد المبالغة رغم أن الاعتماد على الحس وحده في الحكم على الأشياء قد يؤدي للوقوع في الخطأ فالحس قد يخطئ ،و العقل يصحح خطأ الحواس .

                              ومن الأمثلة على خطأ الحواس
                              ظاهرة السراب
                              وهو نوع من الوهم البصري فهو خدعة بصرية تحدث نتيجة ظروف البيئة المحيطة من اشتداد درجة الحرارة، والأرض المستوية، واختلاف في معامل الانكسار، مما يجعلها في حالة توهج شديد حيث تبدو كالماء الذي يلتصق بالأرض ليعكس صورا وهمية للأجسام وكأنها منعكسة عن سطح مرآة كبيرة .

                              ومن الأمثلة على خطأ الحواس أيضا
                              ظاهرة انكسار الضوء
                              و هي عبارة عن انحراف الضوء عن مساره عند انتقاله إلى وسط شفاف آخر فبدل أن يستمر في الحركة على نفس الخط المستقيم الذي كان يستمر فيه ينحرف عن مساره بنقطه انتقاله بين الوسطين , فإذا وضعنا قلماً في كأس ماء بدا القلم للناظر مكسوراً ، و هو ليس كذلك .

                              ومن الأمثلة على خطأ الحواس أيضا
                              الخداع البصري
                              و هو أن يرى الناظر الصورة التي أمامه على غير حقيقتها التي هي عليها في الحقيقة نتيجة أن المعلومات التي تجمعها العين المجردة وبعد معالجتها بواسطة الدماغ تعطي نتيجة لا تطابق المصدر أو العنصر المرئي
                              فالخدع البصرية إذا هي صور و مشاهد مصنوعة مسبقا بطريقة مدروسة لتظهر للناظر بطريقة معيّنة و هي ليست كذلك

                              و من هنا ندرك أن الحواس يمكن تضليلها بسهولة ، والدليل الحسي و الدليل التجريبي يعتمد على الحواس في رصد النتائج فهو عرضة للتضليل ،

                              ومما سبق يتبين خطأ الاعتماد على الحواس كمصدر وحيد للمعرفة ، وأن المعرفة لا يمكن أن تبنى فقط على الحواس

                              فالحواس قد توهمنا وتخدعنا .

                              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	0042.gif 
مشاهدات:	30 
الحجم:	4.1 كيلوبايت 
الهوية:	739175


                              بطلان دعوى ما لا يدرك بالحواس لا وجود له


                              كثير ما نقرأ أو نسمع للملاحدة أن ما لا يدرك بالحواس لا وجود له ، و هذا زعم باطل يغني فساده عن إفساده فهذه الروح التي بنزعها نموت غير محسوسة بالحواس فلا نستطيع أن نسمعها أو نراها أو نشمها أو نلمسها أو نتذوقها مع أن الروح موجودة ،ويدرك وجودها بأثرها .

                              و العقل و الإدراك غير محسوس بالحواس فلا نستطيع أن نسمعه أو نراه أو نشمه أو نلمسه أو نتذوقه مع أن العقل موجود ويدرك وجوده بأثره.

                              و العدل و الظلم و الحكمة و الحب و الكره و السعادة و الفرح و الرضا و الغضب و غير ذلك من الصفات المعنوية غير محسوسة بالحواس مع أنها موجودة و من أنكرها عد من المجانين .

                              و الجاذبية موجودة لكنها لا تدرك بالحواس فلا نستطيع أن نسمعها أو نراها أو نشمها أو نلمسها أو نتذوقها لكن الجاذبية تدرك بغير الحواس إذ يدرك وجودها بأثرها .

                              و
                              الكهرباء موجودة لكنها لا تدرك بالحواس فلا نستطيع أن نسمعها أو نراها أو نشمها أو نلمسها أو نتذوقها بل تدرك بغير الحواس إذ يدرك وجودها بأثرها .

                              والكون مليء بالموجودات التي لا تقع تحت نطاق الحس و لا تعرف عن طريق الرؤية و إنما نستدل عليها عن طريق العقل و ظهور الآثار .

                              و الملاحدة يؤمنون بوجود الحس ويجعلونه أصل نظريتهم و أساسها مع أن الحس نفسه غير محسوس

                              فإن قالوا هو محسوس - فبأي الحواس أثبتوا وجوده بالبصر أو السمع أو الشم أو الذوق أو اللمس ؟!

                              و إذا كان الحس موجوداً فقد اعترفوا بموجود غير محسوس ، وإن كان الحس غير موجود فهذا أساس نظريتهم المادية ،وقد انهار .

                              و على منهج هؤلاء الملاحدة الماديين لن يستطع أحد الحكم باستحالة شيء أو بضرورة شيء آخر

                              لأن الاستحالة بمعنى عدم إمكان وجود الشيء ،و عدم إمكان وجود الشيء ليس مما يدخل في نطاق التجربة ،

                              و لا يمكن للحواس أن تكشف عنه و مع سقوط مفهوم الاستحالة يكون التناقض ممكناً .

                              و إن أقروا بجواز استحالة شيء و استنجوا منه استحالة وجوده في الخارج فالانتقال من الحكم باستحالة تصور شيء أو إحساسه إلى الحكم باستحالة وجوده في الخارج هو استنباط شيء من شيء ، و هذا الاستنباط خارج على مذهب الماديين أنفسهم .

                              و تعميم الحكم من الجزئي أو الفرد الذي أجرينا عليه التجربة على كافة أفراد النوع ( على أمثاله ) حكم عقلي لا تجريبي أي التعميم نفسه تجاوز لمصدر الحس و ليس مما يقع في خبرة الحواس بل هو استنباط ،و الاستنباط خارج على مذهب الماديين أنفسهم .

                              والتجربة لوحدها تحتاج إلى القوانين والقواعد العقلية الأولية في أكثر معارفها و لا قيمة للحواس في عملية المعرفة بدون العقل الذي يوجهها ويضبطها ويجمعها ويرتب صورها ويعطي أحكاما على مجالاتها .

                              و التجربة نفسها لا تثبت مبدأ العليّة ؛ لأن العلية لا تثبت عن طريق التجربة و مع انهيار مبدأ العليّة تنهار قاعدة إثبات
                              العلوم و إن أقروا بوجود مبدأ العلية فقد أقروا بمبدأ عقلي و المبادئ العقلية خارجة على مذهب الماديين أنفسهم .

                              و نخلص من هذا إلى :

                              خطأ القول : بأن ما لا يدرك بالحواس لا وجود له

                              بل ما لا يدرك بالحواس قد يدرك بغيرها .

                              بإيجاز بسيط : المصدر

                              لاحول ولاقوة إلا بالله

                              تعليق


                              • #75

                                ► الشُبهة السادسة :
                                أزلية الكون والمادة


                                ◄الرَدّْ على الشُبهة ►

                                يتناول المقال ردود متنوعة مختصرةعلى عدة نقاط في شبهة أزلية الكون والمادة :

                                - تحول المادة إلى طاقة ينافي الأزلية
                                - تحول المادة من صورة لأخرى ينافي الأزلية
                                - خضوع المادة لقوانين لا تحيد عنها: ينافي الأزلية
                                - احتجاج الملاحدة بأن المادة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم على أزلية المادة
                                - دعوى الملاحدة أن المفردة التي نشأ منها الكون أزلية
                                - الكون ممكن الوجود، وهذا ينافي الأزلية
                                - القول بأزلية الكون يستلزم وجود أحداث لانهائية تمَّتْ في الكون
                                - الكون بالموجودات التي فيه يعتريه التغير والتبدل، وهذا ينافي القول بأزليته
                                - الكون مِن أدقِّ دقائقِه إلى أكبرِ وَحداته في حركة دائرية؛ مما ينافي الأزلية
                                - استمرار انتقال الحرارة من الأجسام الساخنة إلى الأجسام الباردة ينافي أزلية الكون
                                - ظاهرة الإشعاع الحراري تنافي أزلية الكون
                                - نظرية الانفجار العظيم تنافي أزلية الكون
                                - وفرة غاز الهيدروجين والهيليوم في الكون تنافي أزلية الكون
                                - احتجاج الملاحدة بنظرية الحالة الثابتة أو نظرية الحالة المستقرة على أزلية الكون
                                - توسع الكون باستمرار ينافي أزليته
                                - احتجاج الملاحدة بفرضية الكون المتذبذب

                                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	98989.png 
مشاهدات:	11 
الحجم:	4.8 كيلوبايت 
الهوية:	739177

                                قولهم بأزلية المادة وأزلية الكون، فعندما تسأل أحد الملاحدة عمن أوجد المادة ؟

                                يجيب: المادة أزلية موجودة منذ الأزل، فليست بحاجة إلى خَلْق وخالق،

                                وعندما تسأل أحدهم عمن خلق الكون؟
                                يجيب: الكون وُجد منذ الأزل، والكون ليس إلا مادة وطاقة، ومادة الكون أزلية، والكون أزلي ليس بحاجة لخالق،

                                ويستدل بعضهم بأن المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم، ويستدل بعضهم بنظرية الحالة المستقرة، وبعضهم يستدل بفرضية الكون المتذبذب، وبعضهم يقول: إن المفردة التي نشأ منها الكون أزلية،

                                وكل هذه الأقوال ظُنونٌ وأوهام لا تغني من الحق شيئًا.

                                ما هي المادة؟ وما هو الكون؟ وما صفات الشيء الأزلي؟

                                قبل نقض شبهة أزلية المادة والكون لا بد أن نعرف ما هي المادة؟ وما هو الكون؟ وما صفات الشيء الأزلي؟

                                وكلنا نعلم أن المادة هي كل ما له كتلة وحجم ويَشغَل حيزًا في الفراغ،

                                ومن أمثلة المادة: الماء، والهواء، والكواكب، والنجوم، والنباتات، والجمادات، والحيوانات، وغير ذلك.
                                والكون هو ذلك الفضاء المحيط بنا، وكل ما يحويه من مجرات ونجوم وكواكب، وغير ذلك.وكلنا يعلم أن الأزلي ما ليس لوجوده بداية؛ فوجودُه ذاتي لا ينفك عنه؛ أي: يبقى إلى الأبد، ولا يعتمد في وجوده ولا استمرار وجوده على غيره؛ فهو مُستغنٍ عن غيره، ولا يتبدَّل ولا يتغير.

                                تحول المادة إلى طاقة ينافي الأزلية:

                                ومن المعلوم أن المادة يمكن أن تتحول إلى طاقة، والطاقة يمكن أن تتحول إلى مادة - طبقًا لقوانين معينة، وهذا يدل على أن الوجود ليس صفة ذاتية ملازمة للمادة أو الطاقة؛
                                إذ لو كان الوجود صفة ذاتية ملازمة للمادة، لَمَا انفك عن المادة وفارَقها بأي حال من الأحوال، ولو كان الوجود صفة ذاتية ملازمة للطاقة، لَمَا انفك عن الطاقة وفارقها بأي حال من الأحوال؛ أي: إن الوجود صفة عارضة للمادة والطاقة، تعرِضُ للمادة أو الطاقة في بعض الأحوال، وتنفك عن المادة أو الطاقة في بعض الأحوال،
                                وهذا يستلزم أن يكون لوجود المادة بداية؛ أي: المادة مُحدَثة ليست أزلية، وكل محدَثٍ له محدِثٌ.


                                تحول المادة من صورة لأخرى ينافي الأزلية:

                                ومن المعلوم أن المادة يمكن أن تتحول من صورة لصورة أخرى - طبقًا لقوانين معينة، والتحول والتغير يدل على أن بقاء المادة في صورة معينة يحتاج إلى شروط معينة خارجة عن ذاتها، فإذا زالت تلك الشروط زالت تلك الهيئة والصورة؛ أي: المادة تحتاج إلى شروط معينة كي تبقى على صورة معينة، وحاجة الشيء إلى غيره تعني أنه غير مستغنٍ بنفسه عن غيره،
                                وهذا معناه أنه غير قائم بذاته؛ أي: يحتاج إلى مَن يقيمه؛ أي: يحتاج إلى غيره، وهذا ينافي الأزلية.


                                خضوع المادة لقوانين لا تحيد عنها ينافي الأزلية:

                                ومن المعلوم أن أي مادة من المواد في الكون تخضع لقوانين معينة، ولا تستطيع المادة الخروج عن هذه القوانين، ويستحيل عليها تغييرها، ولو كانت هذه القوانين من المادة نفسها، لكان بإمكانها أن تغيرها، لكن الواقع أنها لا تستطيع تغييرها، ولا الخروج عنها، وإنما هي مفروضة عليها فرضًا؛
                                فدلَّ ذلك على أن هذه القوانين ليست من المادة، وبالتالي فهي مفروضة من غيرها، ووجود قانون ما يدل على وجود مقنِّن واضع لهذا القانون سبق القانون، والمادة تحكمها قوانين، ومقنِّن القوانين وواضعها سابق للقوانين؛ مما ينافي القول بأزلية المادة،

                                وإذا كان للمادة قدر لا تستطيع تجاوزه، وتعجِز عنده - فهي مخلوقة لا محالة.


                                احتجاج الملاحدة بأن المادة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم على أزلية المادة:

                                يحتجُّ بعض الملاحدة على أزلية المادة بأنها لا تفنى ولا تُستحدث من عدم؛ معلِّلين ذلك بعلة عليلة،
                                فيقولون: إذا كان في وقت من الأوقات لم يكن هناك شيء في الوجود - أي: لم يكن هناك وجود للمادة - فمن أين لها أن تنشأ؟! ولكن وجود المادة يعني أنها لم تنشأ في أي وقت من الأوقات، وفي الطبيعة لا ينشأ شيء من لا شيء،

                                والجواب على هذا الاستدلال السقيم أن الخالق لا يعجزه شيء، وإذا كان المخلوق لا يمكنه أن يصنع شيئًا من لا شيء، فالخالق قدرته ليس لها حدود؛ فهو على كل شيء قديرٌ، قادر على خَلْق الأشياء من عدم، وقادر على خلق الأشياء من جنسها، وقادر على خلق الأشياء من غير جنسها، وقادر على إفناء الأشياء؛
                                قال تعالى: ﴿
                                إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]،

                                والعلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار، ولا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون؟
                                فلا ينبغي لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه،
                                وقال تعالى: ﴿
                                وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36]،

                                وكون المادة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم هذا كلام تجريبي على المادة التي نتعامل معها ونختبرها،

                                أما المادة الأولى لنشأة الكون فلا سبيلَ للعلم للوصول إليها، فضلًا عن أن يختبرها.

                                دعوى الملاحدة أن المفردة التي نشأ منها الكون أزلية:

                                ادَّعى بعض الملاحدة أن المفردة التي نشأ منها أو المادة التي نشأ منها أو السديم أو المادة الأولى للكون - أزلية ، وهذا كلام بلا دليل،

                                والجواب عليه من وجوه :
                                الوجه الأول: أن العلم لا يدري ماذا كان قبل الانفجار، ولا يدري من أين جاءت المادة التي نشأ منها الكون وتطوَّرَ منها كل شيء؟

                                الوجه الثاني: ليس هناك ما يدعو إلى أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم.

                                الوجه الثالث: الفضاء والزمان وجدوا مع الانفجار العظيم، والمادة هي كل ما له كتلة وحجم، ويَشغَل حيزًا في الفراغ؛ أي: المادة تحتاج إلى مكان أو حيز ليحويها،
                                وبالتالي لا مادة دون وجود المكان الذي سيحويها.


                                الوجه الرابع: كون الكون تطوَّرَ من المادة الأولى إلى الحالة التي هو عليها، فهذا يدل على أن المادة الأولى قد طرأ عليها التغيُّر والتبدُّل، وما يجري عليه التغير والتبدل لا يكون أزليًّا؛

                                لأن كل ما يتغير ويتبدل لا بد له من مغيِّر ومبدل؛ أي: لا بد له من سبب يغيِّره ويبدِّله، وهذا السبب لا بد أن يكون سابقًا له؛ مما ينافي الأزلية،

                                وما دامت المادة الأولى احتاجت إلى سبب يغيرها من حال إلى حال، وسببٍ يبدلها من حال إلى حال - فالمادة محتاجةٌ إلى غيرها، غير مستغنية بنفسها، مما يدل على أن المادة حادثة،
                                ولو كان الأصل فيها الوجود الأزلي لم تكُنْ عُرضة للتحول والتغير والتبدل.

                                الكون ممكن الوجود، وهذا ينافي الأزلية :

                                هذا الكون - بكل ما فيه من مجرات، ونجوم، وكواكب، وبحار، وأنهار، ومحيطات، ونباتات، وحيوانات، وغير ذلك - يقبل الوجود والعدم؛ فإننا نرى أعيان ما في الكون تموت وتحيا، وتوجد وتنعدم، وكانت غير موجودة ثم وجدت، ونعلم أن المجرات والنجوم والكواكب والحيوانات والنباتات والجمادات لم تكن موجودة ثم وجدت، وعليه فلا مانع عقلًا من انعدام الكون، ولا يلزم من فرض وجود الكون محال، ولا يلزم من فرض عدمه محال، وهذه صفات ممكن الوجود، وممكن الوجود الأصل فيه العدم؛ إذ لو كان الأصل فيه الوجود، لكان واجبَ الوجود، فلا يكون مع ذلك ممكن الوجود والعدم، وإذا كان الكون مسبوقًا بالعدم فلا بد من وجود مَن رجَّح وجود الكون على عدمه؛ لبطلان الترجيح بلا مرجح، والممكن لا يوجد بنفسه، بل بغيره، ولا يكون كذلك إلا ما كان محدَثًا، وهذا ينافي الأزلية.


                                القول بأزلية الكون يستلزم وجود أحداث لانهائية تمَّتْ في الكون - وهذا باطل:

                                القول بأزلية الكون يستلزم وجود أحداث لانهائية تمَّتْ في الكون، ولا يمكن أن يكون هناك عدد لانهائي من الأحداث تم في الكون؛ لأن أحداث الماضي واقعية، وليست مجرد أفكار؛ فإن عدد أحداث الماضي يجب أن يكون نهائيًّا؛ أي: يجب أن يكون له بداية.


                                الكون بالموجودات التي فيه يعتريه التغير والتبدل، وهذا ينافي القول بأزليته:

                                الكون يحمل دائمًا صفات حدوثه؛ إذ من المشاهَد أن الكون بالموجودات التي فيه - من مجرات، ونجوم، وكواكب، وغير ذلك - يتغير من حال إلى حال، ويتبدل من حال إلى حال، وكل ما يتغير ويتبدل لا بد له من مغيِّر ومبدِّل؛ أي: لا بد له من سبب يغيره ويبدله، وهذا السبب لا بد أن يكون سابقًا له؛ مما ينافي الأزلية، وما دام الكون يحتاج إلى سبب يغيره من حال إلى حال، وسبب يبدله من حال إلى حال - فالكون محتاج إلى غيره، غيرُ مستغنٍ بنفسه؛ مما يدل على أن الكون حادث، ولو كان الأصلُ في الكون والموجودات التي فيه الوجودَ الأزلي، لم يكن عُرضة للتحوُّل والتغير والتبدل.

                                وقال الشيخ
                                عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني - رحمه الله -: (فالأدلة العقلية الفلسفية تُثبت لنا حدوثَ العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه؛ وذلك لأن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات، وهذا الحدوث لا بد له من علة، وتسلسلًا مع العلل للمتغيرات الأولى، سنصل حتمًا إلى نقطة بَدءٍ نقرر فيها أن هذا الكون له بداية، في صفاته وأعراضه، وفي ذاته ومادته الأولى، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقًا أزليًّا لا يمكن أن يتصف بصفاتٍ تقتضي حدوثه، وهذا الخالق هو الذي خلَق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها) .


                                الكون مِن أدقِّ دقائقِه إلى أكبرِ وَحداته في حركة دائرية؛ مما ينافي الأزلية :

                                من المعلوم أن الكون مِن أدقِّ دقائقه إلى أكبرِ وَحداته في حركة دائرية، وعلى سبيل المثال: الإلكترون يدور حول نواة الذرة، والأرض تدور حول الشمس، والقمر يدور حول الأرض، والمجموعة الشمسية تدور حول مركز المجرة، والمجرة تدور حول مركز تجمع مَجَري، والشيء الدائر لا بد أن تكون له نقطة بداية بدأ منها دورته، وبما أن الكون بأكمله في حركة دائرية فلا بد أن تكون له بداية بدأ منها، وهذا ينافي الأزلية.


                                استمرار انتقال الحرارة من الأجسام الساخنة إلى الأجسام الباردة ينافي أزلية الكون:

                                حسب قانون الديناميكا الحراري الثاني فإن الحرارة تنتقل من الجسم الساخن إلى الجسم البارد، والطاقة المركزة الموجودة في نظام معزولتنتشر وتتوزع فيه بالتساوي مع مرور الزمن، والاختلافات في تركيز الطاقة تختفي بمرور الوقت، وتتساوى درجة الحرارة بمرور الوقت، ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام، وينضب فيها معين الطاقة، وهو ما يعرف بالموت الحراري، وعندها لن تكون هناك عمليات كيميائية أو فيزيائية، ولن يكون هناك أي أثر للحياة نفسها في هذا الكون،
                                ولما كانت الحياة ما زالت قائمة، والعمليات الكيميائية والفيزيائية ما زالت مستمرة - فهذا يستلزم أن الكون لا يمكن أن يكون أزليًّا،
                                وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد، وتوقف كل نشاط في الوجود.

                                ظاهرة الإشعاع الحراري تنافي أزلية الكون:

                                من المعلوم أن الأجسام الساخنة تشع طاقة حرارية، ويطلق على الإشعاعات الصادرة عن الأجسام بفعل حرارتها اسم: الإشعاع الحراري،
                                ومن الأجسام التي تشع طاقة حرارية: النجوم، والكون مليء بالعديد من النجوم، وهذه النجوم عبارة عن أجرام سماوية شديدة الحرارة، ملتهبة مشتعلة، تبعث العديد من الإشعاعات، وموت النجوم يكون بانتهاء وقودهمن غاز الهيدروجين الذي يزودها بالطاقة، فإذا ما نفِدَت هذه المادة انكمش النجم، وتقلَّص حجمه إلى أقلَّ مما كان عليه بملايين المرات، ثم انهار وفقَدَ نشاطه،
                                وما دامت الشمس والكثير من النجوم ما زالت مشتعلة وتبعث الإشعاعات، إذًا فلا بد من وجود بداية لها؛ لأنها لو كانت أزلية لنفِد وقودها منذ مليارات السنوات.


                                نظرية الانفجار العظيم تنافي أزلية الكون :

                                تقول نظرية الانفجار العظيم
                                Big Bang: إن الكون نشأ من كتلة واحدة، ثم انفجرت وتباعدت أجزاؤها وتناثرت، وفي اللحظات الأولى من الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات، حيث خلقت فيها أجزاء الذرات، ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات، وهي ذرات الهيدروجين والهليوم، ومن هذه الذرات تألَّفَ الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد، ثم تكوَّنت النجومُ والكواكب، وما زالت تتكون حتى وصل الكون إلى ما نراه عليه اليوم،

                                وما دام الكون له بداية، فكيف يكون أزليًّا؟!

                                ومن أدلة حدوث الانفجار العظيم: وفرة غاز الهيدروجين والهيليوم في الكون، وإشعاع الخلفية الكونية، وتوسع الكون باستمرار.
                                ونعلم أن أي انفجار لا يكون إلا مخرِّبًا وهادمًا ومشتِّتًا ومبعثرًا للمواد، ولكن عندما نرى أن انفجارًا بهذا العنف وبهذا الهول يؤدي إلى تشكيل وتأسيس كون منظَّمٍ غاية النظام،
                                فإن وراءه يدَ قدرةٍ وعلم وإرادة فوق الطبيعة، وهي يد الله - سبحانه وتعالى.


                                وفرة غاز الهيدروجين والهيليوم في الكون تنافي أزلية الكون:

                                وجد العلماء أن غاز الهيدروجين يكون أكثر قليلًا من (74%) من مادة الكون، ويليه في النسبة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي (24%) من تلك المادة، ومعنى ذلك أن أخف عنصرين يكونان معًا أكثر من (98%) من مادة الكون المنظور،
                                أما بقية العناصر مجتمعة فتكون أقل من (2%) من مادة الكون، ونِسب وجود غازَي الهيدروجين والهيليوم في الكون تتطابق مع حسابات نظرية الانفجار العظيم، ولو كان الكون أزليًّا، لاحترق جميع الهيدروجين وتحوَّل إلى غاز الهيليوم.


                                احتجاج الملاحدة بنظرية الحالة الثابتة أو نظرية الحالة المستقرة على أزلية الكون:

                                يحتجُّ الكثير من الملاحدة بنظرية الحالة الثابتة أو نظرية الحالة المستقرة
                                Steady State theory أو نظرية الكون اللامتناهي، أو الخلق المستمر - على أن الكون أزلي، وموجود منذ الأبد لا يتغير،

                                وهذه النظرية عبارة عن نموذج تم تطويره في عام1949من قِبَلِ ( فريد هويل و توماس غولد و هيرمانبوندي وآخرين ) كبديل عن نظرية الانفجار العظيم،

                                وحسب نظرية الحالة الثابتة، هناك مادة جديدة تتشكل وتُخلَق باستمرار مع توسع وتمدد الكون، بحيث يؤمَن الحفاظ على المبدأ الكوني المثالي،
                                وقد تراجع الكثير من العلماء عنها في أواخر الستينيات مع اكتشافهم إشعاع الخلفية الكونية
                                cosmic backgroundradiation.

                                وإشعاع الخلفية الكونية ما هو إلا ضوء خافت يملأ الكون، ساقط نحو الأرض من كل الاتجاهات بشدة ثابتة تقريبًا،
                                ويمكن القول: إنه الحرارة المتبقية من الخلق - بقايا التوهج الناتج عن الانفجار الأعظم - التي ظلت تتدفق عبر الفضاء خلال الـ: 14 مليار سنة الماضية،
                                فعندما كان الكون صغيرًا جدًّا، وقبل تكوُّن النجوم والمجرات، كان شديد الحرارة، وكان يملؤه دُخَان ساخن جدًّا موزع توزيعًا متساويًا في جميع أنحائه، ومكونات هذا الدخان كانت بلازما الهيدروجين؛ أي: بروتونات وإلكترونات حرة من شدة الحرارة وعِظم الطاقة التي تحملها.
                                وبدأ الكون يتمدد ويتسع، فبدأت بالتالي درجة حرارة البلازما تنخفض إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونة ذرات الهيدروجين، وأصبح الكون مضيئًا، وانتهت فترة الظلمة،
                                وكانت الفوتونات الموجودة تنتشر في جميع الأرجاء، إلا أن طاقتها بدأت تضعف؛ حيث يملأ نفس عدد الفوتونات الحجم المتزايد بسرعة للكون،
                                وهذه الفوتونات هي التي تشكل اليوم إشعاع الخلفية الكونية، وانخفضت درجة حرارتها عبر نحو 14 مليار سنة الماضية، هي العمر المقدر فلكيًّا للكون.
                                ويعتبر إشعاع الخلفية الكونية من الأدلة الهامة على صحة نظرية الانفجار العظيم؛
                                فقد قال العلماء: لو كان هناك مثل هذا الانفجار، لكان من الضروري أن يخلِّف وراءه إشعاعًا، وفعلًا تم العثور على هذا الإشعاع عام 1989م.


                                توسع الكون باستمرار ينافي أزليته:

                                لاحَظ العلماء أن هناك مجرات في الكون تتحرك مبتعدة بعضها عن بعض، وأن الأجسام السماوية تترك عند تحليل طيفها لونًا أكثر احمرارًا في حال كانت تقترب من مركز المراقبة، ولكنه يميل إلى الأزرق عندما تبتعد ؛
                                فالضوء المنبعث من النجوم في مجرات بعيدة ينحرف نحو موجات الضوء الحمراء والطويلة للطيف،
                                وهذه الظاهرة، تدعى الإزاحة الحمراء
                                red shift، فُسّرت على أنها ناتجة عن الحركة السريعة للمجرات في ابتعاد كل منها عن الأخرى،
                                وأصبح بمقدور العلماء أن يحسبوا سرعة حركة المجرة من الانحراف الأحمر.

                                وقد أعلن أدوين هابل عام 1929م أن المجرات تبتعد عنا بسرعة تتناسب طرديًّا مع بُعدِها عنا؛ أي: إن الكون يتمدد ويتوسع باستمرار، وما دام الكون في توسع دائم، إذًا لو عدنا بحساباتنا إلى الوراء، فمن الضروري أن الكون في الماضي كان كله متركزًا في نقطة واحدة، أطلق عليها العلماء اسم: الذرة البدائية، أو الحساء الكوني.
                                وتوسع الكون ينافي أزليته،
                                فإذا كان الكون يتمدد، وكان أزليًّا، لكان قد تبعثر، وتناثرت مادة الكون، وتشتت الكون.

                                احتجاج الملاحدة بفرضية الكون المتذبذب :

                                يحتجُّ بعض الملاحدة على أزلية الكون بفرضية تدعى: ا
                                لكون المتذبذب،
                                وهذه النظرية ترى أن الكون نشأ من انفجار أعقبه إنسحاق أعاد الكون إلى حالة المفردة، ثم أعقب ذلك انفجار، ثم انسحاق، ثم انفجار، ثم انسحاق، وهكذا إلى ما لانهاية في القدم،

                                وهذه النظرية مجرد ظن لا يغني من الحق شيئًا؛
                                فلا دليل على أن كوننا كان قد سبقه كون منسحق، و
                                حسب قوانين الديناميكا الحرارية يستحيل أن تكون هناك انفجارات أزلية؛
                                لأن كل انفجار يجب أن ينتج كونًا له عمر أطول من الكون السابق؛
                                أي: دورة الكون السابق أقصر من الكون اللاحق،
                                فإذا رجعنا إلى الوراء، سيتقلص زمن كل كون في هذه السلسلة، ونعود إلى كون زمن دورته صفر، فنسأل عن هذا الانفجار الأول، وعن المؤثر الذي أحدثه، وستكون هذه هي بداية دورات التذبذب،
                                وأيضًا يستحيل تحقق اللانهائية في الواقع؛ فهو مفهوم رياضي يستحيل تحققه في العالم المادي،
                                ولا يمكن أن يكون هناك عدد لانهائي من الأكوان تم في الماضي؛ لأن أحداث الماضي واقعية، وليست مجرد أفكار؛ فإن عدد أحداث الماضي يجب أن يكون نهائيًّا؛
                                أي: يجب أن يكون له بداية.

                                هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

                                د.ربيع أحمد - المصدر



                                لاحول ولاقوة إلا بالله

                                تعليق

                                يعمل...
                                X