إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

( نظريات التطور ) فضائح ومغالطات بإسم العلم !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة


  • تابع - التصميم الذكي



    Intelligent design



    ردود فعل الجماعات الدينية (الغربية) حول التصميم الذكي

    لم ترحب جميع المنظمات الخلقية بنظرية التصميم الذكي، فحسب كلام توماس دكسون "الزعماء الدينين انتقدوا التصميم الذكي أيضاً". ففي 2006 انتقدَ مدير مرصد الفاتيكان جورج كوين التصميم الذكي ووصفه بالنظرية الخلقية "الفجة" التي قللت من دور الله لتجعله مجرد مهندس.

    يقول هيو روس إنَّ جهود المدافعين عن التصميم الذكي لفصله عن الكتاب المقدس تجعل التصميم الذكي يغرق بالغموض.
    في 2012 كَتبَ "إن أنتصار التصميم الذكي من دون تحديد هوية المصمم تجعل النظرية سطحية، وهذا لن يقدم الكثير للمجتمع العلمي".

    بطريقة ممائلة لما سبق فان اثنين من أشهر المنظمات المدافعة عن خلقية الأرض الفتية في العالم أتخذتا موقفاً غير داعم للتصميم الذكي.
    هنري موريس مؤسس معهد الأبحاث المختصة بالخلق كتب يقول: "على الرغم من حسن النوايا، فانها (نظرية التصميم الذكي) غير مفيدة، فقد حاولت سابقاً وفشلتْ وتحاول اليوم وستفشل. والسبب في ذلك كونها طريقة غير أنجيلية" ويستطرد قائلاً:

    "بأنَّ أدلة التصميم الذكي يجب أنّْ تكون مأخوذة او متوافقة مع الخلقية في الكتاب المقدس اذا أُريدَ لها أن تدوم وأن تكون ذات معنى".

    ينتقد كارل فيلاند من منظمة الأجوبة في سفر التكوين المدافعين عن التصميم الذكي فيقول:

    انه على الرغم من نواياهم الجيدة إلا انهم "أخرجوا الكتاب المقدس من النظرية" وبالتي فانهم ومن دون قصد قد ساعدوا ودفعوا باتجاه هجر الكتاب المقدس. لذا فهو يعتبر منظمتهُ ليست مع او ضد حركة التصميم الذكي.




    ردود فعل المجتمع العلمي حول التصميم الذكي

    يكاد المجتمع العلمي يُجمع على أن التصميم الذكي ليسَ علماً وليس له مكان في المناهج العلمية الدراسية. الأكاديمية الوطنية للعلوم تقول:"الخلقية، والتصميم الذكي وغيرها من الإدعات القائلة بتدخل قوة خارقة في تكوين الحياة و الكون لا تُعتبر علماً، لإنها غير قابلة للتجريب حسب المنهج العلمي.

    " بينما تصنف الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم التصميم الذكي ضمن العلوم الكاذبة. وقد استنكرت منظمات علمية اخرى تكتيكات حركة التصميم متهميها بشن هجوم كاذب على نظرية التطوير من خلال الانخراط بالتضليل والتحريف، وتهميش اولئك الذين يدرسون التطوير.

    وحديثا حذر بيل نآي من أن وجهات النظر الخلقية باتت تهدد تدريس العلوم والإبتكارات في الولايات المتحدة.

    في 2001 نشرَ معهد دسكفري مقالاً تحت أسم "المعارضة العلمية للدارونية" مع توقيع العديد من العلماء على المقال معبرين عن شكوكهم "حول إمكانية الطفرات العشوائية والإنتخاب الطبيعي تفسير تعقيد الحياة".

    هذا الدعم المقدم من العلماء الموقعين على هذه الوثيقة أثارَ المجتمع العلمي المعارض.

    فقام مجموعة من العلماء بإنشاء حملة سميت "مشروع ستيف" والذي حصل على عدد موقعين من العلماء المسمين ستيف (او مشتاقاتها اللفظية) فاق عدد الموقعين على وثيقة معهد دسكفري.




    إستطلاعات الرأي

    أجريت العديد من الإحصاءات التي تبحث عن مدى الدعم الشعبي في الولايات المتحدة للتصميم الذكي والدارونية.

    ففي عام 2005 أجرت منظمة هاريس استطلاعاً وجدت فيه أن 10% من البالغين في الولايات المتحدة يعتقدون ان الإنسان "معقد للغاية إلى درجة تستدعي تدخل فوة خارقة وذكية لإنشاءه".

    قبل أشهر من الذكرى الخمسين بعد المائة لإصدار كتاب داروين الشهير "أصل الحياة" قامت منظمة زغبي بإجراء إستطلاع للرأي شمل أكثر من الف عينة وجاءت النتائج مفرحة لانصار التصميم الذكي حيث ان 52% من المستطلعة آرائهم قد راوا بأن "الحياة قد تطورت بقيادة مصمم ذكي"

    بينما 33% اجابوا بان "الحياة قد تطورت من خلال طرق عشوائية مثل الانتخاب الطبيعي"، لاقى هذا الاستطلاع نقداً ورفضاً من المعارضين.

    ومن الاستطلاعات المهمة في هذا المجال ايضاً إستطلاعات منظمة غالوب التي أستمرت من عام 1982 إلى 2012.
    حيث وجدت ان نسبة القائلين "بأن الإنسان تطور خلال ملايين السنين من أشكال أقل تقدماً. لكن الله هو من قاد وتحكم بهذه العملية"

    في 1982 كانت 44% أرتفعت لتصبح 46% في عام 2012.

    ونسبة القائلين "بأن الإنسان تطور خلال ملايين السنين من أشكال أقل تقدماً وليس لله دخلاً في هذه العملية" كانت عام 1982 38% وهبطت لتصبح 32% عام 2012.




    أفلام

    أثارَ الفيلم الوثائقي "مطرودون:غير مسموح بالذكاء" الذي أُنتج عام 2008 الكثير من الجدل حول الموضوع.

    قدم هذا الفيلم مزاعم بإضطهادٍ يُمارس ضدَ العلماء المؤمنين بالتصميم الذكي، وان التيار المعارض للتصميم الذكي يعمل بكل الأساليب لإبقاء الله خارج المناهج الدراسية والمختبرات العلمية، بل ان التيار المعارض يقوم بقمع الاكادميين وإسكاتهم وإقالتهم من مناصبهم لمجرد ابدائهم تاييد للتصميم الذكي او حتى لمجرد إنتقادهم لادلة التطور.

    وقد صور الفلم نظرية التطور على انها مرتبطة مع الفاشية، الهولوكوست، الشيوعية، الالحاد وتحسين النسل.

    نال الفيلم شهرة كبيرة بحيث انه عرض في 1,052 ليكون الفلم الوثائقي الاول الذي يعرض على هكذا عدد من المسارح في ذلك الوقت.

    بينما نددت رابطة مكافحة التشهير بربط الفلم الوثائقي لنظرية التطور مع الهولوكوست.




    تعريف التصميم الذكي كعلم

    يعمل دعاة التصميم الذكي على إبقاء الله (عز وجل) والكتاب المقدس خارج نظرية التصميم الذكي وبعيداً عن النقاش،

    ويحاولون تقديم التصميم الذكي بلغة نظرية علمية، ولكي توصف اي نظرية بانها علمية فان من المتوقع ان تكون تلك النظرية:

    - متناسقة.
    - مختصرة (ان تكون مختصرة في إقتراحاتها راجع موس أوكام)
    - مفيدة (تصف وتشرح ظاهرة تم رصدها، ويمكن إستعمالها بطريقة تنبؤية)
    - قابلة للتجربة وقابلة للخطا (يمكن اثباتها او نقضها بالتجارب والرصد)
    - قائمة على أرصاد عدة (في اغلب الاحوال على تجارب مسيطر عليها ومتكررة)
    - قابلة للتصحيح وديناميكية (قابلة للتعديل في ضوء التجارب التي لاتدعمها)
    - تقدمية (تهذب النظريات السابقة)
    - مؤقتة (مفتوحة للفحص التجريبي، وليست مؤكدة بشكل جازم)

    فلكي تعتبر أي نظرية علمية فانها يجب ان تتصف باغلب هذه الصفات (وبشكل مثالي كلها) (للمزيد راجع المشاركة رقم 55) .
    فاذا وصفت بعدد قليل من هذه الصفات صارت علميتها أقل واذا لم تتصف باي من تلك الصفات (او بعدد قليل جدا منها) فلا يمكن ان يطلق عليها اسم نظرية علمية.

    عند تسقيط صفات النظرية العلمية على التصميم الذكي نجد ان التصميم الذكي يفتقد إلى الإتساق، ويخرق قواعد التبسيط، وليس مفيد علمياً، وغير قابل للتخطيئ، لا يمكن اختبارها تجريبيا كما انها ليست تصحيحة او تقدمية او مؤقتة.

    المدافعون عن التصميم الذكي يحاولون تغيير الركائز الأساسية للعلوم من خلال اقصاء الفلسفة الطبعانية من العلم وتبديلها بما يسميه قائد حركة التصميم الذكي فيليب جونسون "الواقعية الايمانية".

    المدافعون عن التصميم الذكي يدعون ان التفسير الطبيعي قد فشل بتفسير ظواهر معينة وان القوة الخارقة للطبيعة يمكن ان تقدم تفسير بسيط وبديهي لاصل الحياة والكون.

    فشل التصميم الذكي بإتباع إجراءات الخطاب العلمي وتقديم أعمال للمجتمع العلمي الناقد له يعد من أهم المعوقات امام اعتباره علماً. حيث ان حركة التصميم الذكي على الارجح لم تنشر اي مراجعة أقران في مجلة علمية، ولم تنشر أيضا اي دعم لابحاث استعراض الاقران.

    المقال الوحيد الذي نشر من حركة التصميم الذكي في مجلة علمية تم سحبه من قبل المجلة نفسها وعللت الأسباب بأن المقالة لم تراجع بالطريقة الروتينية التي تراجع بها كل المقالات المنشورة.

    يقول معهد دسكفري بأنه نشر بالفعل مراجعات أقران في مجلات علمية. لكن المنتقدون يرفضون هذا الادعاء ويقولون أن هذه المجلات هي تابعة أصلاً لحركة التصميم الذكي وتلك الاقران تفتقر للنزاهة والاسلوب العلمي الرصين ولاتراجع الا من قبل المؤيدين للتصميم الذكي.




    الذكاء كصفة قابلة للملاحظة

    واحد من أهم الطعون التي يبيديها المنتقدون للتصميم هو ان مصطلح "الذكاء" ليس له تعريف متفق عليه علمياً.

    يقول المدافع عن التصميم ويليم ديبمسكي بان: "الذكاء يترك خلفه توقيع مميز".

    يدعي المدافعون عن التصميم الذكي ان الذكاء المميز من الممكن رصده لكنهم لا يضعون اي خواص او طرق حسابية لتحديد هذا الذكاء.

    يدعي المنتقدون ان طرق الإستدلال التي يَستعملها علماء التصميم الذكي تختلف جذرياً عن الطرق التقليدية للكشف عن التصميم وبالتالي فان عدم وجود طرق معينة للكشف على هذا الذكاء يجعل من مسالة اعتبار التصميم الذكي علماً مسالة أصعب.

    كما يرفض دعاة التصميم الذكي أي مقارنة بين التصميم الطبيعي (الحياة والكون) والتصميم المصنع (المنشأ من قبل الإنسان) وهذا يشكل حاجزاً أمام العلماء يحول دون تسقيط عوامل الذكاء المصنع على التعقيد الموجود في الطبيعة.




    وجهة نظر معارضة

    يقول بعض المنتقدين للتصميم بأنَّ العديد مِنَ النقاط التي يثيرها المدافعون عن التصميم لاتعدو كونها جدل منبعه الجهل، ففي هذه المغالطة يُنقل عبء إثبات الدعوى إلى جهة خاطئة حيث يكون ضعف الإثبات في جهة معينة من الدعوى دليلاً على صحة الجهة الأخرى بدون وجود إثبات لصحتها.

    حيث يرى المعارضون بان التصميم الذكي يركز على الامور التي فشلت نظرية التطور في تفسيرها ويعتبره دليلا على صحة التصميم. بينما ييجب العلماء بان هذه الأمور ليست غير مفسرة علمياً بالفعل وانما "لم يصل العلم لتفسيرها بعد"

    (الامر شبيه بسؤال من بنى الاهرامات) وإنَّ هذاالإعتقاد هو أفضل من إستدعاء قوة خارج العلم لتفسير ذلك.

    يرى المنتقدون بأن دُعاة التصميم الذكي يضعون مأزق مفتعل بحيث أن أي فشل لنظرية التطور يحسبوه إنتصاراً لنظريتهم.

    يدعي المنتقدون ايضاً، إن التصميم الذكي يستخدم حجة اله الفراغات والتي تتبع هذا الشكل: هناك فراغ في المعرفة العلمية.

    هذا الفجوة تُملئ بإستدعاء (الله عز وجل) (المصمم الذكي حسب تعبيرهم) وبالتي فان هذا يثبت أن الله الموجود.

    حجة اله الفراغات هو الشكل الديني لحجة التوسل بالمجهول. يرى المنتقدون إن إستدعاء قوى خارقة للطبيعة لتفسير الأمور التي فشل العلم بشرحها يشلْ البحث العلمي.

    حيث أن القارئ لتاريخ العلوم يعلم ان الكثير من الظواهر التي كان يرى الإنسان انها تحصل بطريقة عجائبية وغير مفهومة أُكتشفَ لاحقاً بانها تحدث لإسباب علمية بحتة وبدون تدخل الهي خارق.




    محاكمة كيتسميلر

    دعوى كيتسميلر ضد مدارس منطقة دوفر هي أول مواجهة قانونية بين دعاة التصميم الذكي ومعارضيه.

    حيث عرضت المدارس في منطقة دوفر التابعة لبنسلفانيا التصميم الذكي في مناهجها الدراسية كبديل لنظرية التطور.

    جادل الإدعاء بكون التصميم الذكي هو شكل من أشكال الخلقية، وبالتالي فان سياسة أدارة المدرسة قد خرقت التعديل الاول للدستور الأمريكي الذي نص على فصل الدين عن الدولة.

    احدى عشر ولي أمر لطلاب في مدينة دوفر التابعة لولاية بنسيلفانيا أقاموا دعوى قضائية ضد مدارس منطقتهم بسبب ادخال ادارة المدرسة لوثيقة يتم قرائتها بصوت عالي في الصف التاسع خلال درس تعليم التطور.

    مثل الادعاء الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، الاتحاد الأمريكي لفصل الكنيسة عن الدولة وببر هاميلتون. المركز الوطني لتعليم العلوم مثل جهة استشارية للمدعين. ومثل محامي الدفاع مركز توماس مور قانوني.

    بدات المحكمة في 26 ايلول وانتهت في 4 كانون الاول 2005. كينيث ميلر، كيفن باديان، براين التيرس، روبرت بينوك، باربرا فورست‏ وجون هات كانوا شهود خبراء استداعهم الادعاء. مايكل بيهي، ستيف فولر وسكوت منج كانوا شهود خبراء تم استداعهم من قبل الدفاع.

    في ال 20 من كانون الثاني قدم القاضي قراره ووثيقة مكونه من 139 ورقة تشرح كيفية توصله للحكم.

    كان الحكم بان تصرف ادارة المدرسة بادراج التصميم الذكي في المنهج التعليمي هو تصرف غير دستوري،

    ومنعت تدريس التصميم الذكي في حصص العلوم داخل مدارس منطقة وسط بنسلفانيا.





    في أوربا

    في نيسان 2007 أصدرت لجنة لجنة الثقافة والعلوم والتعليم في مجلس أوروبا تقريراً بعنوان "خطر الخلقية في التعليم" جاء فيه:"إن أي شكل من أشكال الخلقية، مثل التصميم الذكي، غير مستند إلى حقائق ولايَستعمل اي أسباب علمية ومحتوياته غير ملائمه بشكل مثير للشفقة للدروس العلمية".

    وفي اماكن اخرى من التقرير أُنتقد التصميم الذكي بشكل لاذع حيث وصف بانه "عدو العلم" ويستعمل "الاحتيال العلمي الصارخ" و"الخداع العلمي" الذي "يطمس طبيعة وأهداف وحدود العلم".

    في 4 أكتوبر 2007، أصدر المجلس الأوروبي قراراً ينص على أن المدارس يجب أن "تمنع عرض الأفكار الخلقية في أي تخصص آخر غير الدين"

    بما في ذلك "التصميم الذكي"، التي وصفها بأنها "نسخة مطوة وحديثة من الخلق، قدمت بطريقة أكثر مكراً".

    ويؤكد القرار أن الهدف من التقرير هو ليس محاربة الايمان، ولكن ل"التحذير من بعض الاتجاهات لتمرير الايمان كعلم.

    في المملكة المتحدة يعد التعليم الديني جزء من المنهج الدراسي في المدارس الحكومية، بالاضافة لوجود العديد من المدارس الدينية المستقلة التي تدرس مختلف المذاهب الدينية في العالم.

    أُثير جدل كبير في المملكة المتحدة لما نشرت منظمة أسمها الحقيقة في العلوم أقراص مدمجة منتجة من قبل Illustra Media التي تضم قادة للتصميم الذكي منتمين لمعهد دسكفري، تشجع على اعتماد التصميم الذكي وتدعي بانه يدرس في 59 مدرسة.

    وعلى خلفية هذه الضجة صرح قسم التعليم والمهارات الحكومي البريطاني بان:"لا الخلقية ولا التصميم الذكي يدرسان كموضوع في المدارس، وهو غير مدرج في مناهج الدراسة العلمية".

    وصرح ايضاً بان "التصميم الذكي ليس نظرية علمية معترف بها، وبالتالي فانها لاتوضع ضمن مناهج العلوم"، ولكن المجال مفتوح ليتم دارسته في التعليم الديني كجزء من المنهج الذي حدده المجلس الاستشاري الدائم للتربية الدينية.

    في 2006 اصدرت وكالة تاهيل وتطوير المناهج العلمية نموذجاً موحداً من التعليم الديني من خلاله يستطيع الطلاب ان يدرسوا وجهات النظر الدينية واللادينية الخاصة بالخلقية، التصميم الذكي، ونظرية التطور.

    في ال 18 من ايلول عام 2007 نشرت الحكومة البريطانية وثيقة موجهة للمدارس البريطانية عنونها "ارشادات تدريس الخلقية" نصت على ان "التصميم الذكي يقع بشكل كامل خارج العلم"، حيث انه غير قائم على أُسس علمية او تفسيرات وهو غير مقبول من المجتمع العلمي، لذلك يجب ان لايدرس كعلم.

    من جهة اخرى فان الاسئلة التي تثار داخل الصف حول الخلقية والتصميم الذكي تعطي مجالاً للمدرسين ليشرحوا لطلابهم لماذا لايتم اعتبار التصميم الذكي علما بينما يتم اعتبار نظرية التطور علم. قام المركز البريطاني لتعليم العلوم بانشاء مجموعة ضغط هدفها "مجابهة الخلقية في المملكة المتحدة".

    بينما صرح قسم التعليم في ايرلندا الشمالية بان المنهج الدراسي يعطي الفرصة بتدريس النظريات البديلة. اما الحزب الاتحادي الديمقراطي قاد حملة لتعليم التصميم الذكي في المدارس الايرلندية الشمالية.

    بينما صوت مجلس مدينة ليسبورن لصالح توصية الحزب الاتحادي الديمقراطي للكتابة الي المدارس الما بعد الابتدائية لتحضهم على تطوير موادهم العلمية فيما يتعلق ب"الخلقية والتصميم الذكي".

    أحد قادة التصميم الذكي هو المسلم الباكستاني مظفر اقبال الموقع على قائمة المعارضة العلمية لمعهد دسكفري.

    حيث ان الافكار مثل التصميم الذكي تلاقي إحتراماً من المسلمين، ففي تركيا تمت ترجمة العديد من الكتب الخاصة بالتصميم الذكي.

    وفي 2007 عقد في اسطنبول العديد من الاجتماعات لدعم التصميم الذكي برعاية الحكومة المحلية هناك.

    بينما يجيب موقع إسلام ويب عن سؤال حول التصميم الذكي بـ"ولا ريب عندنا ـ نحن المسلمين ـ في صحة أصل هذه النظرية".

    وضع التصميم الذكي في أستراليا يشبه إلى حداً كبير وضعه في المملكة المتحدة.

    حيث أثار تصريح وزير التعليم الأسترالي بريندان نيلسون حول تدريس التصميم الذكي جدلاً شعبياً كبيراً أدى لتدارك الوزير لتصريحه والقول بانه يؤيد تدريس التصميم الذكي في الحصص الدينية والفلسفية.


    المصدر
    لاحول ولاقوة إلا بالله

    تعليق



    • تعريف التعقيد المحدد -في التصميم الذكي


      ويليام دومبسكي


      لقد ظهر مصطلح التعقيد المحدد منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة. و حسب علمي فإن ليسلي أوركل (Leslie Orgel) المعروف بأبحاثه بخصوص أصل الحياة كان أول من استعمله.

      و قد ظهر هذا التعبير في كتابه "أصل الحياة" (The origins of Life) الذي نشر سنة 1973، و قد كتب فيه ما يلي: "الكائنات الحية تمتاز بتعقيدها المحدد. فالزجاج و الكرانيت لا يمكن تصنيفهما على أنهما من بين الأحياء بسبب خلوهما من التعقيد و كذلك الحال بالنسبة للخلائط الاعتباطية للبوليمرات".

      و حديثا، فقد أشار بول دايفز (Paul Davies) في كتابه "المعجزة الخامسة" (The fifthe Miracle) الذي تم نشره سنة 1999 إلى التعقيد المحدد باعتباره المفتاح الذي يمكنه حل مشكلة أصل الحياة :

      "إن الكائنات الحية غامضة ليس بسبب تعقيدها و لكن بسبب تعقيدها المحدد. و لكي نفهم جيدا كيف ظهرت الحياة من الجماد فنحن بحاجة لأن نعرف ليس فقط كيف استطاعت المعلومات البيولوجية أن تتمركز، و لكن أيضا كيف أن المعلومة المفيدة بيولوجيا استطاعت أن تصير محددة".

      إلا أنه لا أوركل و لا دايفز قدموا لنا حسابا تحليليا للتعقيد المحدد.

      و لقد قدمت ذلك الحساب في استنتاج التصميم (The design Inference) (1998) و قد أتممته في (No free lunch) (2002).

      و هنا سأحاول بكل بساطة طرح الموضوع بشكل سطحي. فكل من أوركل و دايفز استعملا مصطلح التعقيد المحدد بشكل غامض. ففي بحثي الشخصي قمت بصياغته على شكل معيار إحصائي من أجل تحديد آثار الذكاء. فالتعقيد المحدد، كما سأعرضه هنا، يحوي خمسة مكونات أساسية:


      - نسخة احتمالية للتعقيد مطابقة للأحداث.
      - نماذج مستقلة بشكل مشروط.
      - موارد احتمالية و التي تكون في شكلين: استنساخية و تحديدية.
      - نسخة تخصيصية للتعقيد مطابقة للنماذج.
      - حد احتمالي كوني.

      فلنلق نظرة سريعة:






      التعقيد الاحتمالي:

      يمكن اعتبار الاحتمال كشكل من أشكال التعقيد. و لفهم ذلك فلنأخذ قفلا ذو توافقية معينة (Combination). فكلما كان عدد التوافقيات الممكنة للقفل أكبر إلا و صارت الآلية أكثر تعقيدا و بالتالي فإن احتمالية فتح القفل عن طريق الحظ ستكون ضعيفة جدا.

      على سبيل المثال، لدينا قفل ذو توافقية و قرصه المدرج مرقم من الصفر إلى 39 و الذي يجب تدويره في ثلاث اتجاهات متناوبة و هو ما ينتج عنها 64000 توافقية محتملة (أي 40*40*40). هذا الرقم يمنحنا قياسا للتعقيد في القفل ذو التوافقية و هو ما يطابق 1 في 64000 احتمال لكي يمكننا فتح القفل عن طريق الحظ (من دون أن يكون لنا أي علم مسبق بالتوافقية الصحيحة). فأي قفل ذو توافقية أكثر تعقيد و قرصه المدرج مرقم من الصفر إلى 99 و الذي يجب تدويره في خمس اتجاهات متناوبة سينتج عنه10.000.000.000 توافقية محتملة ( أي 100*100*100*100*100) و بالتالي فإن احتمال فتح هذا القفل عن طريق الحظ هو 1 من بين 10.000.000.000 احتمال. و هكذا فإن التعقيد و الاحتمال يتغيران بشكل عكسي: كلما كان التعقيد أكبر إلا وكان الاحتمال أضعف. فالتعقيد باعتباره تعقيدا محددا فهو يقصد اللا احتمالية.







      نماذج مستقلة بشكل مشروط

      فالنماذج التي عند وجود التعقيد أو اللا احتمالية تستلزم ذكاء تصميمي يجب أن تكون مستقلة عن الحدث الذي يتواجد تصميمه قيد البحث.
      و إنه من المهم أن لا تكون النماذج مفروضة بشكل اصطناعي على الأحداث بعد الفعل.

      مثلا، إذا قام نبال بإطلاق سهامه على حائط ثم قمنا بعدها برسم الدوائر البيضاء حول تلك السهام بحيث تبقى مثبتة داخل نقطة الهدف الرئيسية، في هذه الحالة فإننا نفرض نموذجا معينا بعد الفعل، و أي نموذج كهذا لن يكون مستقلا عن مسار السهم.
      من جانب آخر، إذا ما كانت الأهداف موضوعة من قبل ("معينة") ثم أطلق النبال سهامه بدقة حينذاك فإننا نعلم أنها لم تكن ضربة حظ و إنما تصميم (مع الأخذ في الاعتبار بكل تأكيد أن التصويب في نقطة الهدف المحددة يعتبر أمرا غير محتملا بشكل كافي).

      أما طريقة تحديد استقلالية النماذج فتكون عبر تصور احتمالي للاستقلال المشروط. فأي نموذج هو مستقل بشكل مشروط عن الحدث إذا ما أضفنا معارفنا عن النموذج إلى فرضية الحظ فاحتمالية الحدث لا تتغير تحت هذه الفرضية. فالمحدد في التعقيد المحدد يقصد به تلك النماذج المستقلة بشكل مشروط. فهذه تعتبر هي التحديدات.






      الموارد الاحتمالية (Probabilistic resources):


      يقصد بالموارد الاحتمالية عدد الفرص التي يمكن أن يقع فيها الحدث أو أن يكون محددا. فأي حدث يبدو أنه غير محتمل يمكن أن يتحول إلى حدث محتمل بشكل مطلق عند تحديد الموارد الاحتمالية الكافية. من جانب آخر، يمكن لنفس الحدث أن يبقى غير محتمل حتى بعد تحديد جميع الموارد الاحتمالية الضرورية.

      فكر في أن تحاول توزيع رويال فلاش على نفسك (في لعبة البوكر تعني أن تحصل على 5 ورقات من نفس اللون و نفس الشكل كما يلي:1-10-J - Q – K).
      فحسب كمية الأيادي التي يمكنك توزيعها فإن وقوع ذلك، وهو أمر غير محتمل على الإطلاق، يمكن أن يستمر غير محتمل أو أن يصير محتملا جدا. إذا ما كان بإمكانك أن توزع على نفسك فقط بضع عشرات من الأيادي، فإنك في أغلب الاحتمالات سوف لن تحصل على رويال فلاش. و لكن إذا ما كان بإمكانك توزيع ملايين من الأيدي حينها سيكون من المحتمل أن تحصل عليه.


      الموارد الاحتمالية تأتي في شقين: استنساخية (Replicational) و تحديدية (Specificational).

      فالاستنساخية تشير إلى عدد فرص وقوع حدث معين بينما نقصد بالتحديدية عدد الفرص الممكنة لتحديد الحدث.

      و لفهم أساس كلا النوعين من الموارد الاحتمالية، تخيل سور كبير يحوي N من الدوائر البيضاء المرسومة ذات نفس القياس و غير موضوعة الواحدة فوق الأخرى، و M عدد النبال في جعبتك. نقول أن احتمالية إطلاق النبال عن طريق الحظ اتجاه الدوائر البيضاء، المأخوذة بشكل منفرد، و بنبل واحد هي p. إذن فإن احتمالية النجاح عبر الحظ في إصابة أي من N الدوائر البيضاء، المأخوذة بشكل جماعي، و بنبل واحد تبقى محصورة في Np (بمعنى، N و p مضاعفان). و احتمال إصابة أي من N الدوائر البيضاء عن طريق الحظ عبر Mمن نباله على الأقل تبقى محدودة ب MNp (أي M و N و p مضاعفون). في هذه الحالة، فعدد الموارد الاستنساخية يقابل M (عدد النبال الموجودة في جعبتك)، و العدد الإجمالي للموارد الاحتمالية يطابق نتيجة MN. فمن أجل حدث محدد للاحتمال p يمكن إيعازه بشكل معقول إلى الحظ، فالعدد MNp لا يمكن أن يكون صغيرا.




      التعقيد التحديدي (Specificational complexity):


      باعتبارهم نماذج، فالتحديدات تظهر عدة مستويات من التعقيد. فدرجة التعقيد لتحديد ما ستحدد كم من الموارد التحديدية يجب أن تكون معملة عندما يقوم مؤشر مستوى اللااحتمالية الضروري بإبعاد عامل الحظ (انظر ما أشرنا إليه من قبل). كلما كان النموذج معقد أكثر إلا و توجب تحديد موارد تحديدية أكثر. أما التفاصيل فهي تقنية و تتطلب تعميم ما يسميه الرياضيون ب تعقيد كولموجروف. مع ذلك، فإن الحدس الأساسي واضح. فالمستوى الضعيف للتعقيد التحديدي يعتبر أمرا مهما حينما نقوم بكشف التصميم لأنه يضمن أن الحدث الذي نحن بصدد دراسة تصميمه لم يتم وصفه بعد الفعل ثم من بعدها أخذ شكله المتأنق، بل تم وصفه قبل الفعل.




      و بهدف فهم على أي أساس يقوم هذا، فلنعتبر المتسلسلتين التاليتين الناتجتين عن رمي قطعة نقدية عن طريق الحظ عشر مرات متتابعة: صصصصصصصصصص و صصكصكككصكص.
      أي متسلسلة من المتسلسلتين يمكن إيعازها للحظ؟ فكلتاهما تقدما نفس الاحتمالية: تقريبا 1 في 1000. و مع ذلك فإن النموذج الذي يحدد المتسلسلة الأولى يعتبر بسيطا أكثر من الثانية. بالنسبة للأولى فالنموذج يمكن تحديده بكل بساطة عبر البيان التالي: "عشرة صور في النوبة". أما من جانب آخر، فتحديد نموذج المتسلسلة الثانية يتطلب بيانا أطول نسبيا: "صورتين ثم كتابة ثم صورة ثم كتابة ثلاث مرات ثم صورة ثم كتابة ثم صورة". أظن أن التعقيد التحديدي (الذي لا يجب خلطه مع التعقيد المحدد) مثل أدنى أطول وصف.


      و لكي يظهر شيء ما تعقيدا محددا فيجب أن يملك تعقيد تحديدي منخفض (كالمتسلسلة صصصصصصصصصص، و التي تتشكل من عشرة صور في النوبة الواحدة) و تعقيد احتمالي مرتفع (بمعنى أن تكون الاحتمالية ضعيفة). إنه التوافق بين التعقيد التحديدي المنخفض (نموذج يسهل وصفه وفق ترتيب قصير نسبيا) و بين التعقيد الاحتمالي المرتفع (شيء غير محتمل بشكل كبير) و هو ما يجعل من التعقيد المحدد محدد فعال للذكاء. لكن أهمية التعقيد التحديدي لا تنتهي هنا.

      فبالإضافة إلى المكانة المحورية التي يحظى بها في استنتاج التصميم، فالتعقيد التحديدي كان أيضا مدرجا ضمنيا في الجزء الأكبر من الأدبيات المتعلقة بالتنظيم الذاتي، و هو المجال الذي يدرس كيف أن النظم المعقدة تظهر انطلاقا من بنية و دينامية عناصره. بما أن التعقيد المحدد يوازن بين التعقيد التحديدي المنخفض و التعقيد الاحتمالي المرتفع، فإن التعقيد المحدد يتموضع بينهما، أي بين النظام و الفوضى و التي يشار إليها عامة ب "حد الفوضى". فالمشكل مع الترتيب الخالص (التعقيد التحديدي المنخفض) هو أنه قابل للتنبؤ و أقل أهمية. و نعطي كمثال هنا الزجاج الذي يتبع نفس النموذج البسيط مرات متتالية. أما المشكل مع الفوضى الخالصة (تعقيد احتمالي مرتفع) هو أنها مبعثرة و تخلو من الأهمية (ليس هناك أي نموذج ذو أهمية يمكن أن ينشأ من الفوضى الخالصة. و كمثال، الأنقاض المبعثرة بسبب إعصار أو انهيار ثلجي). بل إنه بالضبط في حدود الفوضى حيث تحصل الأشياء المهمة و هذا هو المكان الذي يتواجد فيه التعقيد المحدد.






      حد احتمالي كوني:


      في الكون الملاحظ تعتبر الموارد الاحتمالية محدودة. فالعلماء يقدرون أن داخل الكون الفيزيائي المعروف يوجد حوالي 1080 من الجسيمات الأولية. بالإضافة إلى أن خصائص المادة كالتحول من حالة فيزيائية إلى أخرى لا يمكن أن يحدث في مدى أكثر سرعة ب 1045 مرة في الثانية. و هذا التردد يتطابق مع زمن بلانك الذي يشكل الوحدة الفيزيائية الأقصر للوقت. و أخيرا، فعمر الكون نفسه يناهز تقريبا 1025 ثانية (على افتراض أن عمر الكون بين 10 و 20 مليار سنة). و بالتالي، إذا ما افترضنا أن أي تحديد لحدث داخل الكون الفيزيائي المعروف يتطلب على الأقل جسيم أولي و أن تلك التحديدات لا يمكنها أن تتولد بسرعة أطول من زمن بلانك، إذن فإن التحديدات الكونية تستلزم أن يكون العدد الإجمالي للأحداث المحددة خلال التاريخ الكوني لا تتجاوز 1080*1045*1025=10150. و كنتيجة فإن أي حدث محدد ذو احتمال أقل من 1 في 10150 سيكون غير محتمل حتى ولو تم تعميل جميع الموارد الاحتمالية الممكنة للكون، و كنتيجة فإن أي حدث محدد ذو احتمال أقل من 1 في 10150 يمثل الحد الاحتمالي الكوني. (للمزيد من التفاصيل بخصوص الحد الاحتمالي الكوني، انظر كتابي "The Design Inference"). فالحد الاحتمالي الكوني لا يمكن اختراقه أمام أي من الموارد الاحتمالية الممكنة و التي يمكنها أن تقف ضده. و بكل تأكيد فإن كل الموارد الاحتمالية للكون الفيزيائي المعروف لا يمكنها أن تتآمر فيما بينها حتى تجعل من حدث ما، ذو احتمالية أقل من الحد الاحتمالي الكوني، شيءا محتملا.



      فالحد الاحتمالي الكوني 1 في 10150 يعتبر الأكثر تحفظا داخل الأدبيات العلمية. فعالم الرياضيات الفرنسي إيميل بورل (Emile Borel) اقترح أن يكون 1 في 1050 كحد احتمالي كوني و الذي تحته يمكن استبعاد الحظ بشكل نهائي. (ذلك أن أي حدث محدد غير محتمل على هذا المنوال لا يمكن إيعازه إلى الحظ). فعلماء التشفير يحددون أمن الأنظمة التشفيرية باعتبار أي هجوم قد يستعمل جميع الموارد الاحتمالية المتوفرة في الكون بهدف فك رموز الأنظمة التشفيرية عن طريق الحظ. و في تقريره حول دور علم التشفير في تأمين المعلومة فقد حدد مجلس الأبحاث الوطنية (National Research council) الحد الاحتمالي الكوني في 1 في 1094 بهدف ضمان سلامة الأنظمة التشفيرية أمام أي هجوم قائم على الحظ. (انظر كتاب: Cryptography´s Role in Securing the Information Society, Kenneth Dam, Herbert Lin). فالعالم في المعلوميات سيث لويد (Seth Lloyd) من جانبه حدد 10120 كأقصى عدد للعمليات الثنائية (bit-operations) التي بإمكان الكون أن يقوم بها منذ نشأته. (Physical Review، 10 يونيو 2002)، و هذا العدد يطابق الحد الاحتمالي الكوني ل 1 في 10120. و لقد توصل ستوارت كوفمن (Stuart Kauffman) في كتابه الأخير "Investigations" (2002) إلى أرقام مماثلة.

      فلكي نقول أن شيء ما يملك تعقيدا محددا فيجب أن يتطابق مع نموذج مستقل بشكل مشروط (بمعنى التحديد Specification) ذو تعقيد تحديدي منخفض
      حيث أن الحدث الذي يتطابق مع هذا النموذج يقدم احتمالا للحدوث أصغر من الحد الاحتمالي الكوني، و بالتالي فهو يظهر تعقيدا احتماليا مرتفعا.
      فالتعقيد المحدد يستعمل بشكل كبير كمعيار لتحديد التصميم.

      على سبيل المثال، عندما يقوم الباحثون عن الذكاء خارج الأرض المعروف اختصارا ب "سيتي" (SETI) بالبحث عن ذكاء منبثق من الفضاء الخارجي فإنهم يبحثون حينها عن التعقيد المحدد. (كما هو الحال في فيلم Contact حيث تمكنوا من تحديد نموذج ذكي في إشارة ملتقطة من الفضاء الخارجي حيث يلاحظ تسلسل مطول من الأرقام. فذلك التسلسل يظهر التعقيد المحدد).

      المصدر
      لاحول ولاقوة إلا بالله

      تعليق



      • التعقيد الغير قابل للإختزال

        Irreducible complexity

        يستعرض مايكل بيهي Michael Behe أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ليهاي - بنسلفانيا وأحد منظري التصميم الذكي من خلال كتابه الشهير صندوق داروين الأسود " Darwin's Black Box:The Biochemical Challenge to Evolution " طبقة أخرى من النظم الغير قابلة للإختزال على المستوى البيوكيمائي الجزيئي فى الحياة المجهرية الدقيقة .

        ويعرف بيهي النظام الغير قابل للإختزال Irreducible complexity بأنه نظام مركب من العديد من الأجزاء التي تتفاعل بتناسق شديد لإنتاج الوظيفة المخولة بالنظام ويتبع ذلك أن إزالة جزء واحد من أجزائه يعطل هذا النظام ويوقفه عن العمل ،

        مما يعني أنه قد تم تصميمه من البداية مع جميع أجزائه ، وبذلك لا يمكن أن يتكون نتاجا لطفرات طفيفة متدرجة يتم إنتخابها،

        فالتطور لا يمكنه بناء عمليات بيو كيميائية معقدة خطوة بخطوة لأن تلك الخطوات لا يمكنها توفير أي ميزة لحاملها, وهذا يعني أن الانتقاء الطبيعي لن ينتقي هذا النمو التطوري ولن يسمح لنظام غير كامل وغير فعال بالانتشار من جيل لآخر فهو لا يثبت سوى التغيرات الوظيفية وهو ما تفتقده تلك النظم التي لا تعرف وظيفتها الا بوجودها مكتملة.

        يستخدم بيهي مصيدة الفئران لمكونه من القاعدة ، الزنبرك ، الماسك ، المطرقة ولا يكفي وجود كل الأجزاء فى الوقت والمكان المناسبين بل يجب أن تكون متناسقة مع بعضها بدقة حتى يمكنها القيام بوظيفتها مما يجعل من فرضية الفرص العشوائية محض جنون .






        ينتقل بيهي لشرح العديد من تلك النظم البيوكيميائية منها ألية استشعار الضوء فى نظام الرؤية ، ونظام تخثر الدم البشري، والسوط البكتيري الذي تستخدمه الكثير من البكتيريا للحركة .


        كمثال تقريبي لشرح فكرته حول التعقيد غير القابل للاختزال، فهي لا يمكن أن تعمل إذا فقدت أيا من أجزائها ا
        فالعين تحمل طبقة أخرى من التعقيد على المستوى البيوكيميائى الدقيق فعندما يضرب الضوء الخلايا الحساسة في العين ، تحدث سلسلة من التفاعلات الجزيئية المتعاقبة المذهلة تماما والتي يمكن تشبيهها بإنهيار قطع الدومينو المتراصة حين نسقط أول قطعة لتؤدي فى النهاية إلى نقل النبض العصبي إلى الدماغ .




        وإذا ما فقد أي جزيء في هذه السلسلة من قطع الدومينو أو كان معيبا لا يمكن بث النبض العصبي مما يعنى ببساطة إنعدام الرؤية والعمى التام . ومن ذلك فهذا النظام لا يمكنه العمل على الإطلاق ما لم تكن كل أجزائه حاضرة فى ذات الوقت .







        وفيه مثالة الثاني : شلال تخثر الدم فى الإنسان والمسئول عنه أكثر من عشرة جزيئات بروتين شديدة التناسق يجب أن تتفاعل مع بعضها البعض بشكل متسلسل لإنتاج الجلطة في الوقت والمكان المناسبين لإيقاف نزيف محتمل ، وفقد أحد هذه الجزيئات يعنى فشل نظام التخثر تماما (كما في حالة مرض الهيموفيليا ).






        والمثال الثالث:
        هو سوط البكتيريا flagellum الذي يبدو مثل خيوط خارجية طويلة تساعد على دفع البكتيريا وتمكنها من السباحة والحركة خلال السائل المحيط بها،

        يتحرك السوط بألية ميكانيكية تماما فعند قاعدة كل سوط محرك دوار يحركها آلاف المرات في الدقيقة الواحدة!!



        حركة السوط البكتيري :



        يتكون السوط البكتيري من الخيط Filament الذي يرتبط مع الجسم القاعدي Basal bodyبواسطة قطعة وسطية تسمى الخطاف Hook .


        يحاكى السوط البكتيري أنظمة الحركة الميكانيكية بوسائل النقل المائية بألية الدفع اللولبي بواسطة محركات دوارة التي لا يمكنها العمل مع فقد أحد أجزائها ومثل هذا النظام لا يقبل التدرج فى التكوين ، فالتطور بطريق الانتقاء الطبيعي والطفرة يجب فيه المضي الحثيث نحو تحسين وظيفية واحدة في كل خطوة،،

        فكيف يمكنه بناء جهاز لا يمكن إختزال خطواته مثل المحرك الدوار الذي لا يمكن أن يعمل على الإطلاق الا إذا كانت جميع أجزائه في مكانها الصحيح؟


        لاحول ولاقوة إلا بالله

        تعليق



        • حجج الداروينية المضادة >>
          للتعقيد الغير قابل للإختزال


          في عام 2005
          أقامت منظمة الدفاع عن حريات المواطنين الأمريكية"American Civil Liberties Union" بالاتفاق مع إحدى عشر أسرة ممن يتعلم أبناؤهم في مدارس منطقة دوفر التابعة لولاية بنسلفانيا دعوى قضائية ضد المجلس التعليمي للمنطقة .

          وكان السبب وراء ذلك هو أن مجلس التعليم في مدينة دوفر قد قرر دعوة الطلاب من خلال بيان مقتضب يتلى عليهم لدقيقة يعرفهم على "مبدأ التصميم الذكي" لتفسير الحياة بجوار نظرية التطور بالإشارة الى بعض الكتب فى مكتبة المدرسة ، وإنطلقت حيثيات تلك الدعوى بأن التصميم الذكي ينطلق من أسس دينية و تدريسه في المدارس العامة يخالف حقوق الدستور (التعديل الأول ) الذي نص على فصل الدين عن الدولة.

          كيت ميلر Kenneth Miller هو أحد الشهود الخبراء ممن إستعان بهم الإدعاء فى القضية

          وظهر مايكل بيهي Michael Behe الشاهد الخبير للدفاع .

          وأثناء إستجواب ودي طرحه عليه الإدعاء ، أكّد ميلر أن نظرية التصميم الذكي "ليست قابلة للإختبار" وبذلك فهي ليست من العلم فى شئ ،

          ولكن في وقت لاحق أثناء شهادته يناقض ميلر إدعائه هذا ويثبت أنها نظرية قابلة للإختبار حين جادل أن العلم قد إختبر حجة النظام الغير مختزل وأثبت زيفها
          .

          بالتغاضي عن تناقض ميلر الذي لم ينتبه إليه القاضي أو المحلفين فى حينه ، لنرى كيف أثبت زيف حجة بيهي حول التعقيد الذي لا يمكن إختزاله:

          يمكن للمطلع بسهولة أن يدرك أن ميلر إرتكز خلال شهادته وفى كتاباته العديدة على تشويه الحجج وطرح تعريف مضلل للنظام الغير قابل للاختزال
          ومن ثم يقوم بدحض هذه الفكرة المضللة والمشوهة التي صنعها بنفسه مرتكبا بذلك حيلة منطقية يجيدها تعرف بمغالطة رجل القش (انظر التعريف هنا).

          دلّس ميلر فى تعريف النظام الغير قابل للإختزال بإدعائه بأن حجيته تكمن فى كون الأجزاء المكونة له لا تحمل أي معنى وظيفي خارجه ،

          وبذلك يمكن تفنيده إذا ما تم العثور على وظيفة ثانوية لهذه الاجزاء فى نظم أخرى،

          ويستخدم مثال بيهي "مصيدة الفئران " للبرهنة على ذلك بنزع أحد أجزائها وإستخدامها كدبوس لرابطة العنق ، ومن ذلك يدعي أن مفهوم التعقيد غير القابل للإختزال فى السوط البكتيري قد تم دحضه لأن ما يقارب ¼ البروتينات المستخدمة فى وظيفة سوط البكتيريا تقوم بوظائف فى نظام أخر في أنواع بكتيرية مختلفة هو "آلة حقن السم وتسمى (نظام إفرازي النمط-III ، أو T3SS) ، مما يدل على أن السوط البكتيري من الممكن أن يتطور تدريجيا من نظام آلة الحقن الأقل تعقيدا .

          للتعريف بخدعة ميلر وتدليسه فى إختبار النظام الغير مختزل نضرب لكم هذا المثال :

          - بما إننا قد وجدنا أن كلا من جهاز الكمبيوتر والموقد الكهربائي لديهما سلك الطاقة المسئول عن توصيل التيار الكهربائي ، إذن نستنتج من ذلك :

          أن جهاز الكمبيوتر لم يعد تعقيدا غير قابل للإختزال. وذلك لأن الكمبيوتر يتطلب عددا من قطع الغيار اللازمة من أجل وظائف ثانوية فى أجهزة أخرى.


          - نعلم جيدا أن توافر بعض قطع جهاز الكمبيوتر الذي نستعمله الآن أو كل أجزائه فى أي مكان أخر لا يُغنى عن تلك الخطوات الذكية التى يجب أن تكون مسؤولة عن تجميع كافة الاجزاء فى الوقت والمكان المناسبين وفق مخطط إنشائي مسبق وتعليمات موجهة والطريقة الصحيحة لتفسير تعقيده هي تتبع كافة خطوات تركيبه .
          في مقالة نقدية نشرتها خدمة التصميم الذكي لكيسى لوسكن Casey Luskin
          حول مجريات وأحداث محاكمة دوفر يضعمقاربة تصويرية رائعة لمنطق ميلر السابق ممثلا فى تفسير التعقيد الغير إختزالى من خلال شكل القوس .

          الشكل (a : بإعتبار القوس وظيفة معقدة لا يمكن إختزالها مقسم إلى العديد من القطع، بما في ذلك القطع t و s:





          الشكل (b : برفع القطعه t من القوس، ينهار القوس. ولكن تبقى القطعة s شاخصة ليس لها أي قيمة :






          من خلال الرسم السابق نطرح سؤالا :

          هل فسر أو دحض وجود الجزء القاعدي (s ) من القوس التعقيد الغير قابل للإختزال للقوس ؟

          بالطبع لا.

          واذا قمنا بتمثيل القطعة (s)بقاعدة إبرة الحقن T3SS ، فكونها مشتركه مع السوط لم يدحض التعقيد الغير قابل للإختزال فى تركيب السوط ويفشل تماما فى تفسيره ،

          والإختبار الحقيقي الوحيد الذي يمكنه دحض هذا النظام هو إظهار قدرة الطفرات العشوائية والانتقاء الطبيعي على بناء هذا النظام تدريجيا خطوة بخطوة كما اشترط داروين ،

          فبروتينات نظام حقن السم T3SS المشتركة مع السوط البكتيري لا تمثل أكثر من وظيفة المساهمة فى تثبيت كلا منهما في غشاء الخلية ولا تساهم فى الوظيفة الغير اختزاله للسوط :


          إذا ضربنا مثال أكثر ملائمة وقمنا بتشبيه السوط البكتيري بمحرك دفع خارجي لقارب ونظام الحقن T3SS كرشّاش مياه ، وحتى نستطيع تثبيت كليهما على ظهر القارب (الذي يمثل بدوره جسم البكتيريا ) يتوجب علينا إستخدام قاعدة تثبيت(البروتينات القاعدية المشتركة)،
          ومنه يمكننا القول إنه من السذاجة الاستنتاج بأن وجود جزء التثبيت القاعدي فى رشاش الماء دليلا على نفى التعقيد الغير مختزل فى تركيب المحرك الخارجى،
          و يمكن إعتبارهذه الحجة في أحسن الأحوال مثل القول أنه بإمكاننا السفر سيرا على الأقدام من لوس أنجلوس إلى طوكيو لأننا اكتشفنا جزر هاواى "بتشبيه ويليام ديمبيسكي ".


          لاحول ولاقوة إلا بالله

          تعليق



          • ماهى متطلبات دحض نظام معقد غير إختزالى ؟


            لتتمكن الداروينية من وضع إختبار حقيقى حول تفسير أصل آلة جزيئية متكاملة غير قابلة للإختزال
            وظيفيا :

            يتوجب عليها تتبع الخطوات والشروط الاتية التي تم تلخيصها وفقا لـ انجوس مينيوجAngus Menuge :

            • أولا : توافر وإتاحة كل الأجزاء اللازمة لتشكيل النظام المطلوب .
            • ثانيا : تموقع الأجزاء فى موقع البناء فى الوقت الذي يتطلب وجودها فيه .
            • ثالثا : التنسيق والتوافق لتلك الاجزاء فى الوضع الصحيح لملائمة التركيب فى النظام وفقا للتوقيت والمكان المناسبين لتتفاعل بشكل صحيح داخل النظام .


            الاخلال بإحدى هذه الشروط يُفشل الاختبار ويؤكد عدم صلاحيته ،

            والحقيقة التي لاحظناها بوضوح أن ميلر فى إختباره لم يفعل سوى توفير جزء صغير من الشرط الأول متمثلا فى إتاحة الجزء القاعدي لإبرة الحقن والسوط التي لا يمثل سوى 20% من مكونات السوط

            ولم يفسر وجود أجزاء المحرك الدوار الأكثر تعقيدا فى السوط أو يجد لها مثيلا بأي وظيفه ثانوية أخرى فى أي نظام أخر ، و

            بالتبعية لم يقترب قط من الشرط الثاني أو الشرط الثالث للإختبار ليشرح كيف تزامنت أجزاء النظام أو تواجدت فى نفس مكان البناء ،
            وكيف توافقت فى تنسيق بعينه لإنتاج الوظيفة المخولة .

            وبدلا من ذلك بادَرَنا بإستعراضه المسرحي والهزلي بإستخدامه لأحد أجزاء مصيدة الفئران كمشبك لرابطة العنق .


            إدّعى ميلر زورا أن بيهي قد إفترض عدم وجود وظيفة ثانوية لأجزاء النظام فى تراكيب أخرى والتي يمكنها بحسب إدعائه أن تتكيف فيما بعد لانتاج النظام الجديد وأطلق عليها فرضية الخيار المشترك Co-option أو التكيف المسبق
            exaptation

            الذي تم اصطلاحه للتعبير عن الخصائص التي تظهر في سياق وظيفي ما ، قبل أن يتم إستغلالها فى سياق آخر؛ حيث يمكن لسمة معينة كانت تخدم وظيفة بعينها، أن تتحول في وقت لاحق لوظيفة أخرى.

            ومن الامثلة الشهيرة للتكيف المسبق هو ريش الطيور. الذي تفترض الداروينية وجوده لتدفئة الحيوانات قديما قبل ان يتكيف كعامل رئيسي فى الطيران ،

            ومثل هذه القصص من السذاجة بمكان بحيث يمكنها أن تصلح فقط كقصص ما قبل النوم التي كانت تحكيها لنا الجدات.

            فالريش بشكله الحالي وُجد خصّيصا بتركيب وتوزيع ليساعد على الطيران وكونه يحمل وظيفة أخرى تفيد في العزل والتدفئة لا يعني بالمرة أنه تكيّف من هذه الوظيفة تماما - كما لا يعني وجود جيوب بمعطف التدفئة نضع بها متعلقاتنا بأن المعطف الشتوي قد صنع فى البداية للإحتفاظ بالمتعلقات

            ومن السذاجة بمكان ربط تطور الطيران بوجود الريش ,
            فالخفاش يمكنه الطيران بدون ريش كما تفعل الفراشة ويفعل اليعسوب وإن إحتاج الحيوان ليصبح طائرا فلن ينفعه زغب ا
            لتدفئه فى تطوير تلك الخاصية

            ومثل تلك الطرق الاستدلالية تقع تحت إطار مغالطة الهجوم على رجل القش .


            ومن ذلك المنطلق فقد وضع القاضي جونز فى حيثيات حكمه أن بيهي كان جاهلا بآلية التكيف المسبق لتفسير تحول الوظيفة ،

            والحقيقة أن القاضي جونز هو من يجهل تماما مثل هذه القضايا المتخصصة , فبيهي تناول هذه الحُجّة تفصيليا من خلال كتابه (صندوق داروين الاسود )حين تكلم عن كيفية إستخدام مجموعة من القطع التي تمتلك وظائف ثانوية فى نظم أخرى كما فى تطور أهداب الحركة فى البكتريا، وشرح ذلك من خلال مثاله الشهير مصيدة الفأر حين أشار الى فرص تكوين تلك الآلة من مهملات المرئاب التي كانت تستعمل لأغراض أخرى سابقة ، فقطعه خشبية يمكن استخدامها كثقالة أو لأي غرض آخر ونابض مستخدم فى ساعة قديمة مهملة وغيرها من أجزاء تشكيل المصيدة ،

            ويشرح بيهي ان الاشكالية الحقيقية تكمن فى إدخال مثل هذه الاجزاء فى نظام وظيفي جديد وحاجاتها إلى سلوك مجموعة من التعديلات الملتوية بالغة التعقيد وفيها ينعدم الدور المخول للإنتقاء الطبيعي تماما وهذا هو سر فعالية الحجة .

            فحتى مع توافر جميع الأجزاء الضرورية المطلوبة كالقاعدة - النابض - عصا توقيف ، فإنه يتوجب عليها أن تتوائم مع بعضها بدقة والا فالمصيدة ستكون فاشلة ولن تعمل .

            أنصار التطور يُدركون جيدا حجم الإشكالية ومن ثم يجادلون فى إستنادهم على حجة ا
            لتكيف المسبق بأن النُظم الحيوية المعقدة التي تبدو غيرقابلة للاختزال يتم بنائها بطرق غير مباشرة بعملية تشبه عملية التسقيل (دعم بسقالات) والتي يمكنها المساعدة فى رفع البناء وإيصال المكونات إلى مكانها فى النظام حتى يكتمل ومن ثم يتم إزالة هذه الأجزاء (السقالات) .

            والاشكالية هنا تكمن فى الاجابة عن هذا التساؤل المحوري :

            أي قانون طبيعي بلا هدف يمكنه أن يوجه تلك الأجزاء (بعملية التسقيل المزعومة) إلى موقعها المطلوب في الزمن المطلوب بالتناسق المطلوب وما هي فرص حدوث مثل هذا الحدث ؟

            ومن ناحية أخرى فالاستناد إلى مثل هذا التشبيه مرتد علي صاحبه , فعملية البناء بالتسقيل للأبنية المعقدة بالقياس هي عملية غائية ذكية نتاج توجيه هندسي محكم وليست عشوائية

            حيث تتطلب دقة متناهية فى توجيه السقالة فى مكان محدد ونزعها فى توقيت دقيق .

            دعونا لا نستبق فى الحكم ونتوجه مباشرة لإختبار هذه الفرضية ونضع نموذجا افتراضيا لالة جزيئية تتألف من مكونات البروتين
            A- B- C- D والتي تتفاعل مع بعضها لتنتج الوظيفة البيولوجية المخولة بتلك الآلة البيولوجية.


            الشكل 1.


            مكونات A، B، C، D و تتفاعل لإنتاج الوظيفة البيولوجية.


            إذا كان لا يمكن لهذه الوظيفة البيولوجية أن تقوم الا بواسطة التفاعل بين المكونات السابقة ، يتوجب ساعتها على انصار التطور إستدعاء فرضية التكيف المسبق لتفسير حدوثها . وفيها يفترض أن كل جزء بروتيني من الاجزاء a,b,c,d كان يحمل في الأصل وظائف ثانوية سابقة ومن ثم يتفاعل مع بروتينات أخرى على مر الزمن التطوري، ويخضع النظام ككل لعمليات متكرره من التحول الوظيفي . وهذا هو جوهر التكيف المسبق ، كما هو موضح في الشكل 2.


            الشكل 2.

            المكونات تحمل وظائف ثانوية لا علاقة لها بالوظيفة الرئيسية للنظام الكلي ويجب أن تنتج وظيفة جديدة مع كل خطوة تدريجية فى سبيل تحولها الى خطوة أخرى.

            ندرك جيدا أن الآلات الجزيئية يتم بنائها من أجزاء فردية من البروتينات . فالسوط البكتيري من السالمونيلا يتكون من 42 أجزاء البروتين، منها MotA وMotB (البروتينات الحركية)، FlgE (المحور)، ..الخ .
            هذه الأجزاء البروتينية تتفاعل مع بعضها بتكامل دقيق للغاية يحدده أشكالها ثلاثية الأبعاد التي يتم تعشيقها لتتآلف وتتعاون لإنتاج الوظيفة المخولة بالنظام النهائي حيث يتوجب على
            بروتين يمتلك شكل به نتوءات معينة أن يقابله بروتين أخر يمتلك شقوقا متكاملة معها تماما ،




            الشكل (3)

            في الشكل (3 ) نرى آلة معقدة تتكون من خمسة عناصر(بروتينات) هي: A، B، C، D، E. وهذه البروتينات هي مكملة لبعضها البعض.

            العنصر A هو مكمل لB، C، D والعنصر D يعتبر مكملا لA، C، E. سيناريو التكيف المسبق يحملنا على الاعتقاد بأن أجزاء الآلة من A إلى E كانت تعمل أصلا في سياقات مختلفة، وتشكلت كل واحدة منها بصورة مستقلة عن طريق الانتقاء الطبيعي . ومن ثم إجتمعت هذا الاجزاء لتتكامل فى الوظيفة الجديدة،


            ولكن في خطوة التكامل هذه ينعدم تماما دور الانتقاء الطبيعي ويبقى العامل الوحيد المتحكم فى تكامل هذه الاجزاء داخل النظام الجديد هي الصدفة وحدها فليس
            هناك شيء في الانتقاء الطبيعي من شأنه الدفع نحو موائمة اشكال البروتينات لبعضها البعض

            و
            من المهم أن نتذكر ما شرحناه مسبقا بأن التطور غير غائي ولا يوجد لديه بُعد نظر،

            على عكس المهندس الذي يتحرك وفق خطة إنشائية مسبقة ويضع السقالات فى المكان الملائم ليرفع أجزاء البناء لتتكامل في نهاية المطاف
            ،

            ومن غير المعقول تماما أن نتوقع أن تلك العمليات الغير غائية يمكنها خلق هذه البروتينات فقط في الطريق الصحيح لتتوائم بدقة متناهية فى الشكل والتموضع لإداء الوظيفة الكلية للنظام .

            فكما يشير كل من Scott .Minnich و Stephen .Meyer أنه حتى مع توافر البروتينات اللازمة لتكوين السوط البكتيرى الدوار فإنها يجب أن تترتب وفقا لتسلسل زمنى صحيح
            تماما كما يتم تركيب السيارة أثناء خطوات تصنيعها، ومن أجل حدوث ذلك فإنها بحاجه الى نظام إنشائي مسبق من الشفرات والتعليمات الجينية وأدوات التجميع والتركيب المتمثلة فى الات جزيئية من البروتينات المتخصصة لمهة ترجمة تلك التعليمات وتنفيذها
            .




            مما سبق :

            يتضح أن حجة أنصار التطور المركزية حول التكيف المسبق عاجزة تماما فى تفسير التعقيد الحيوي وتفسير نشوءه

            ويتضح أيضا أن ميلر
            لم يقترب بأي حال من الاحوال من تفنيد التعقيد الغير قابل للإختزال , بل حُوِّل وجهة النقد الى مهاجمة رجل القش الذي صنعه بتحريف حجة بيهي وإختزالها ،
            ومن ثم وضع الاختبار فى المسار الخاطئ ،

            والحقيقة أن فرضية الخيار المشترك بتحول الوظائف وتكيفها الى أخرى مجرد حيلة أخرى من حيل تمرير الداروينية الشهيرة التي أجاد ستيفن جاي جولد إختلاق الكثير منها للهروب من الاشكاليات ولكنه لم يقدم للتطور سوى نوع من تكيييف المشكلةوتحويل مسارها الي طرق جانبية ملتوية لا تقدم أي حلول.

            لاحول ولاقوة إلا بالله

            تعليق




            • أيهما وُجد أولاً السوط البكتيرى أم نظام الحقن T3SS ؟


              كل التصورات السابقة قائمة على نقد سيناريو تطور السوط البكتيري تدريجيا من نظام أبسط هو إبرة الحقن T3SS كما تخبر الداروينية .

              فماذا لو علمنا أن وجهات الفحص تصب فى صالح تصور معاكس تماما !

              حيث تفترض الدراسات بأن السوط البكتيري كان سابقا لإبر الحقن وأن البكتيريا لابد أنها إحتاجت للدفع والحركة قبل أن تحتاج أدوات الافتراس التي تستخدم لمهاجمة خلايا حقيقيات النواة التي تطورت في وقت لاحق من البكتيريا.

              ومن الاسباب الداعمة ايضا لتلك الفكرة هي أنه قد تم العثور على T3SS في نطاق ضيق من البكتيريا - في حين وجدت الاسواط البكتيرية على نطاق واسع في المجموعات البكتيرية المختلفة وهو ما يعني أنها قد نشأت في وقت مبكرعن سابقتها .

              كما يشير Howard Ochman باحث الكيمياء الحيوية في جامعة أريزونا الي تطور TTSS من السوط و ليس العكس، فكيف يمكن للداروينية تخطي ذلك الامر .
              لاحول ولاقوة إلا بالله

              تعليق



              • التعقيد الغير مختزل دليل إيجابي على التصميم
                وليس فجوة معرفية


                مما لا شك فيه أن فكرة عِداء العلم للدين (فى الغرب) تعود بقسم كبير منها الى ذلك الإرث الكنسي اللاهوتي القديم المغرق فى السطحية الذي وضع برهانا خاطئا على وجود الله ينحصر في نوع من المعجزات مرتبط بما لا نستطع تفسيره ،وكان تبني تلك الفكرة المهينة بأن الله لا يتواجد الا فى الجزء غير المفسر من العالم بمثابة الحبل الذي لفه اللاهوتيون حول أعناقهم ،
                ومن ثم كانت الفرصة الذهبية لتنهي العلمانية المهمة بسهولة وتركل الكرسي من تحت أقدام اللاهوتيين .


                وعليه لا يمكننا تشديد اللوم على المادية في إصطلاحها المشهور "إله الفجوات المعرفية " .

                ولكن في المقابل من ذلك نجد أنه من الأهمية تصحيح المفاهيم وإعادة توجيه التوصيف الي مساره ،

                فتغييرالاعتقاد البائد عن مرض الصرع
                ومعرفة أسبابه وتصحيح الفكرة التي سادت حوله بإعتباره تلبس بروح شريرة وأن علاجه يكمن فى استجلاب معجزات الهية بالصلوات في الحقيقة لا يعتبر هدماً للإله وإنزواء لدوره في مقابل الحل المادي بقدر ما يمكن اعتباره هدماً للفكرة الخاطئة التي تبناها اللاهوتيون حول دور الله وتوظيفه بالخطأ ، والذي إعتمد على الإلتجاء الى نوع من التواكل وعدم السعي لمعرفة الاسباب وتتبعها ،

                ومن ذلك ظلت العلمانية تكسب جولات زائفة بتراجع دور الاله بذلك المفهوم ، لكنها في الحقيقة لم تجابه الا (رجل القش) الذي ساهم في خلقه هذه المرة اللاهوتيون أنفسهم .

                فنجاح المادية في تفسير كيفية عمل الآلة المعقدة التي كانت تبدو من قبل ذلك للبعض كالسحر والمعجزة، لايمكنه أن ينفي وجود صانع لتلك الآلة ويرجع الأمر برمته إلى القوانين الطبيعية مدّعيا قدرة تلك القوانين على صنعها ،
                بل على النقيض من ذلك من ذلك يجب أن يزيد يقننا في قدرة الصانع وبراعته ويؤكد قناعتنا بحتمية التصميم الحكيم .


                ومن جهة أخرى فإن الفجوات المعرفية المحيطة بقضية ما ،(على فرض صحتها) يتوجب عليها أن تعطي لدى الباحث المحقق إنطباعا من الحيادية أو اللاأدرية بخصوص تلك القضية وعدم إستباق الأحكام حولها ،

                لكن فى الوقت الذي يدعي فيه أنصار المادية إستعانة المعارضين بإله الفجوات لسد تلك الثغرات المعرفية ،

                فإنهم في المقابل يسدونها بإله آخر هو الصدفة العشوائية وينصبون التفسير المادي الطبيعي ليقعوا تحت نفس اطارالاتهام (سد الثغرات بإله الفجوات ) .

                وحتى لا نتشعب كثيرا في تفاصيل فرعية يمكن للإشارة السابقة بان تكون كافية لالقاء الضوء علي ذلك الادعاء الشائع الذي يروج له أنصار المادية والنهج العلماني بأن التعقيد الحيوي الغير إختزالي لا يمكن إعتباره برهانا إيجابيا داعما للتصميم بقدر ما هو برهان سلبي مبني علي استغلال فجوات معرفية متعلقة بجهل اليات نشوء هذه الاعضاء الحيوية والتي يمكن سدها في المستقبل ،

                ولكن الحقيقة علي غير ذلك، فهذه النظم تبدي علامات التصميم الحكيم التي يستحيل تفسيرها من خلال
                عمليات طبيعية عشوائية،

                فمن خلال قياسا بسيطا يمكننا إدراك تلك الحقيقة :

                لو وجد شخص ما كوخا حجريا مثقولا وسط الجبال، سيستنتج أنه تم صنعه بفعل مصمم . لكنه أيضا لن يبرر بنفس الادعاء إذا وجد قطعا صخرية عشوائية الشكل ومن نفس الحجم .
                تتميز الحياة بتعقيد تفشل في مضاهاته أي معقدات غير حية فهي ليست كالمعقدات العشوائية التي ترتبط خلالها الوحدات الصغيرة من خلال روابط كيميائية كأحجار الكرستال
                .
                ولكننا نرى في نماذج التتابع الجزيئي في الجزيئات البيولوجية الوظيفية مثل النظام المعلوماتي للحياة المعروف بالحمض النووي DNA تعقيدا متخصصا specified complexity كما يطلق عليه ويليلم ديمبسكي

                ويعرفه كعلامة واضحة من علامات التصميم الحكيم بقوله : عندما يبدي شيء ما تعقيداً متخصصاً ،أي عندما يكون معقداً و متخصصاً بنفس الوقت ، فإننا نستطيع أن نقول أنه قد أُنتج من قبل مسبب ذكي عوضاً عن القول بأنه كان نتيجة للعمليات الطبيعية.

                فالتعقيد المتخصص نظام لا يكتفي بالتعقيد العشوائي بل بتخصص التعقيد لأداء أدوار ومهام محددة ويستخدم ديمبسكي المثال التالي:


                - الحرف الأبجدي هو متخصص دون كونه تعقيدا.
                - جملة طويلة من الأحرف العشوائية هي تعقيد دون كونه متخصصا.

                - قصيدة لشكسبير هي " تعقيد متخصص"

                يضع ديمبسكي نموذجا رياضيا لتقنين التعقيد المتخصص في إطار ما قام بتعريفه ب"حد الاحتمال الكوني " :

                فلو كان عدد الجسيمات الاولية داخل الكون هو 80^10


                وعدد العمليات الفيزيائية التي يمكن حدوثها فى الثانية الواحدة هي 45^10

                وعمر الكون منذ الانفجار الكبير بالثواني هو 25^10


                فحاصل ضرب العوامل السابقة يمكن أن يعطينا الحد الاقصى للأحداث التي يمكن أن تكون قد حدثت للجسيمات الاولية منذ الانفجار الكبير حتي وقتنا هذا ،

                ومن ذلك فإن أقل احتمالية لحدوث حدث ما بشكل عشوائي خلال تاريخ الكون هو واحد من 150 ^10

                أما الأحداث التي تكون قيمة احتمالها أقل من هذه القيمة فمن غير الممكن حدوثها بكوننا بشكل عشوائي

                ومنه
                يُعرّف ديمبسكي المعلومات المعقدة المتخصصة بأنها : أي شيء احتمال حدوثه في الطبيعة أقل من 1 من150 ^10 .





                بالعودة الي السؤال حول سر وجود النظام الحيوي
                ي مكننا الآن أن نكّون تصّور للإجابة عنه في ظل التقدم العلمى فى مجال "البيولوجيا الجزيئية " الذي منحنا نظرة أكثر عمقا عن سيرورته ، وتكشف لنا مع ذلك التقدم أن الكثير من التفاعلات المهمة بين مكونات أي كائن متعض لا تتم على المستوى الفيزيوكيميائي بل على مستوى تكاملى أرقى منه ومتسّيد عليه هو "البرنامج المعلوماتى" المتمثل فى " الحمض النووى DNA " الذي يتواجد داخل نواة كل خلية حية،

                وهو بمثابة أبجدية مكونة من أربعة أحرف تحمل المعلومات ذات التعقيد المتخصص "تماما مثل الجمل العربية " أو برامج الكمبيوتر
                والتي لا يمكن تفسيرها بكيمياء الحبر أو فيزياء المغناطيسية، ولكنها ترجع بالضرورة الى التصميم الحكيم.

                هذا البرنامج يمكن إعتباره القاسم المشترك بين جميع الكائنات الحية من البكتيريا إلى الإنسان، وهو ما يقوم بوظيفة توجيه الأجزاء إلى الترابط فى تلك النظم الحيوية على نحو دقيق وقيادتها ويحمل مخططات بناء الكائن الحي ووظائفه بكل تفاصيله المدهشة .

                يشير بول ديفيز"Paul Davies عالم الفيزياء النظرية والبيولوجيا الفلكية الى تلك الحقيقة بقوله :

                • "بإرجاء الحياة إلى قوانين الفيزياء أو الكيمياء نراها تبدو مثل السحر ، إنها تتصرف بطرق غير عادية لا مثيل لها في أي نظام فيزيائي أو كيميائي أخر ،ولكنها تحمل خصائص نابضة بالحياة تتميز بالإستقلالية والقدرة على التكيف والسلوك الموجة نحو الأهداف وتسخير التفاعلات الكيميائية لتمرير أجندة مبرمجة مسبقا، بدلا من أن تكون عبدا لتلك التفاعلات ".


                وفى نفس السياق يقول :

                • [*=right]" نعرف الآن أن سر الحياة لا يكمن في المكونات الكيميائية على هذا النحو، ولكن فى البنية المنطقية والترتيب التنظيمي للجزيئات ، فالحياه هي نظام معالجة المعلومات. و برنامج الخلية الحية هي السر الحقيقي ، وليست الأجهزة '. ولكن من أين أتت البرنامج ؟ ، كيف لذرات غبيه بشكل عفوي كتابة البرامج الخاصة بها ؟ .لا أحد يعرف ... ".


                هذه الفجوة المعرفية التى يدعيها النهج العلمي العلماني حول مصدر البرامج والمعلومات الحيوية هي فى حقيقتها ليست الا فجوة مصطنعة يتم الترويج لها بغرض الهروب مما تؤول إليه التحليلات المنهجية من نتائج فى هذا الصدد ،

                وعلى النقيض من ذلك نجد أن الكثير من الأبحاث المعنية تؤكد حتمية تصدر التصميم لخلق مثل هذه البرامج المعلوماتية الحيوية ،

                ففى بحث بعنوان "In the Beginning Was Information " لـ فيرنر جيت ". Werner Gitt"
                ( أستاذ الفيزياء ومدير قسم معالجة المعلومات في معهد الفيزياء والتكنولوجيا ، براونشفايغ ) يخلص الى هذه النتيجة بقوله :

                • " نظام الترميز يستلزم دائما عملية عقلية . النهج الفيزيائي لا يمكنه أن ينتج رموز المعلومات. تظهر جميع التجارب أن كل قطعة من المعلومات الإبداعية تمثل بعض الجهد العقلي ".


                وفى نفس السياق يعترف
                كل منL. Lester وR. Bohlin بتلك الحقيقه :

                • "الحمض النووي هو رمز المعلومات. . . . الاستنتاج القطعي هو أن هذه المعلومات لا يمكن أن تنشأ تلقائيا من خلال عمليات ألية ’ . الذكاء ضرورة في الأصل لأى رمز معلوماتي ، بما في ذلك الشفرة الوراثية ."

                من خلال التحليل التتابعي السابق نخلص إلى النقاط الاتية :

                - الكائن الحي ليس تراكمات مجردة لمجموعة من المفردات وإنما نظام دقيق متكامل لا يقبل الإختزال والتطور التدريجي .
                - يتحكم فى سيرورة هذا النظام (برنامج معلوماتي) إنشائي وتشغيلي مسبق يمثل نوع من التعقيد المتخصص
                - البرنامج المعلوماتي يستحيل تفسير وجودة بالنهج الفيزيوكيميائي والقوانين الطبيعية وإنما هو نتاج حتمى للتصميم الحكيم كما أتثبت التجارب والدراسات في هذا الشأن .


                لاحول ولاقوة إلا بالله

                تعليق



                • ( تعقيد الحياة ) يدحض الداروينية

                  يقول داروين فى كتابه أصل الانواع :

                  "إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يُرجَّح أنه قد تشكل عن طريق العديد من التعديلات المتعاقبة والطفيفة، فسوف تنهار نظريتي تماما".



                  ماهي الحياة ؟
                  الفرق بين ..(الحى والميت) ، ..(الحياة والجماد) هكذا ظل منتهى علمنا بالحياة حبيسا داخل حدود هذا التوصيف ،

                  فالحياة هي اللغز الأعظم الذي حير الفلاسفة وأعجز البيولوجيون وأعيا أجيالا متعاقبه من الباحثين.

                  ف"الروح " هي الكينونة المبهمة بداخل كل مخلوق حي تميزه عن الجماد وتفارق بدنه عند الموت ،

                  سألت عنها اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب إجابة واضحة مباشرة بما أوحى به اليه ربنا ‏سبحانه وتعالى :


                  (
                  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً )[الإسراء: 85].

                  كان هناك دائما ومنذ بدأ الثورة العلمية نزاع تدور رحاه في أوساط المعرفة البيولوجية حول توصيف "الحياة "ومصدريتها كتصميم ، إنقسمت فيه الاراء الى معسكرين : أحدهما يعلن أن الكائنات الحية ليست مختلفه إطلاقا عن المادة غير الحية ،

                  وكانوا يدعون أنفسهم أحيانا بالآليين mechanists أوالفيزيقيين physicalists

                  وعلى الجانب المضاد :
                  يقف معسكر يدعى أصحابه
                  الحياتيين vitalists وكانوا ينادون برأي مفاده أن للكائنات الحية خصائص لا يمكن وجودها فى المادة الخاملة وأن المفاهيم البيولوجية لا يمكن أن تكون خاضعة لقوانين الفيزياء والكيمياء.

                  إستمدت الحياتية منهجا راسخا بداية من القرن السابع عشر وشكلت عقبة قوية فى وجه الفلسفة الالية المادية التي قالت أن الحيوان ماهو الا آلة ، وأن كل مظاهر الحياة هي عبارة مادة فى حالة حركة .

                  وتبنت الحياتية فكرة وجود مادة خاصة وقوة حيوية غير موجودة فى الجمادات هي ما تميز الحياة ، وكان كثير من أتباع تلك المدرسة من الغائيين teleolgists الذين يعتقدون أن الحياة وجدت لتحقيق غاية أخروية.

                  تسبب تشبث الحياتية بوجود تلك "القوة الحيوية" المبهمة فى التعجيل من سقوطها بإعتبارها فكرة ميتافيزيقية أكثر منها علمية حتى إنزوت تقريبا من المشهد العلمي مع بدايات القرن العشرين مع صعود الفلسفة المادية والنهج العلماني في تناول البيولوجيا .

                  ففى أواخر القرن التاسع عشر أتت الداروينية حاملة فى كنفها نزعة مادية عاتية كمخرج من سطوة الفكر الديني الأنجليكاني الذي تسيد المشهد البيولوجي آنذاك، فأنكرت وجود الغاية الكونية ، وإستبدلتها بقانون الانتخاب الطبيعي لقيادة التنوع الأحيائي من خلال مبدأ الصراع من اجل البقاء، بالاضافة الى نهج التبسيط والإرتقاء الذي يحاول تخطى معضلة تعقيد الحياة ,
                  فى الوقت الذي كانت فيه دراسة الطبيعة طريقا إلى معرفة الله وحين كان مشاهير علماء التاريخ الطبيعي يلتمسون التقوى من خلال ذلك ، مثل
                  جلبرت وايت الذي ألف كتابا عن إكتساب المعرفة بالملاحظة عنوانه "التاريخ الطبيعي لسلبورن " و الباحث الموسوعي وفيلسوف العلم ويليام هيويل الذي ألف "رسائل بريدجووتر "التي تناقش حكمة الله وقدرته ودوره المباشر فى خلق العالم الطبيعي ، والعالم الشهير ويليام بالي الذي كتب " التاريخ الطبيعي اللاهوتي " وعنوانه الفرعي "الأدلة على وجود الذات الإلهية وصفاتها مأخوذة من مظاهر الطبيعة "

                  ومنه إنتشر تشبيه صانع الساعات الإلهي حين قال :
                  "
                  عندما نجد ساعة قابعة فوق الأرض نستنتج بداهة أن حِرَفيّا ذكياً قد صنعها ،وعندما نجد حيوانات ونباتات صممت تصميما معقدا وتتكيف على نحو رائع ، ينبغى بالمثل أن نستنتج أن خالقا قديرا حكيما قد صنعها" .

                  بيد أنه من المفارقات المتعلقة بهذا الشأن أن أحد أهم اسباب سقوط الحياتية هو ما ثبت صحته لاحقا مع سيرورة التقدم العلمي، فبالرغم من فشل الحياتيون فى حل لغز تلك المادة المميزة للحياة والتي أطلقوا عليها آنذاك "البروتوبلازم" .

                  فإن المشتغلون بالبيولوجيا اليوم يعلمون أن الحياتية كانت على حق فى إحتجاجها بتميز الكائن الحى عن الجماد بميزات مذهلة تم الكشف عنها تباعا مع تقدم العلم وكان أهمها البرنامج المعلوماتي الجيني (الحمض النووي
                  DNA).


                  لاحول ولاقوة إلا بالله

                  تعليق



                  • ماهو النظام الحيوي ؟


                    فى عام 1931 أعلن عالم الفسيولوجيا
                    هالدين s.j.haldane أن علماء الأحياء (البيولوجيين) لم يجدوا بدا من التخلي عن الحياتية بسبب كونها فكرة ميتافيزيقية في التوصيف المادى، ولكن فى الوقت ذاته كان يقول أن أي تحليل آلى بحت لا يمكنه تفسير هذا التناسق المذهل للحياة ،

                    وبذلك فإنه رغم إنحسار فكرة الحياتية عن قيادة الوجهة البيولوجية لم تتسيد فكرة الالية الميكانزمية التسطيحية على المشهد بقدر ما مهد لظهور مدرسة أخرى تسلمت الراية من سابقتها ونحت وجهتها المادية بإتباع النهج الفيزيوكيمائى لتفسير النظام الحيوي وسميت
                    بالعضوانية .

                    لكن بالرغم أن هذا النهج قد تأهل لتوصيف الكثير من العمليات الحيوية على مستوى الجزيئات، فإنه يفتقد صلاحيته تماما فى تفسير علة ذلك التكامل التكويني المذهل للكائن الحى وكيفية وسبب حدوثه، وكلما إرتفع المستوى الذي يجري فيه الاختبار على طريق تكامل تكوين الكائن الحي إرتفع معدل الفشل وخابت الامال المرجوة .

                    فعند النظر فى المجاهر ، تبين للعلماء أن حياة الكائنات المتنوعة من بشر وحيوانات ونباتات هي محصلة لتعاون مئات المليارات من الخلايا المنفردة الدقيقة الغير مرئية التي تخصصت في وظائفها تخصصا عاليا لدرجة أن أي منها لم تعد قادرة على الحياة منفردة ، ومن ثم أصبحت مهمة العلماء هي فهم وظائف الخلايا المنفردة وطريقة تعاونها لأن المجال المرئي من العالم لم يقدم تفسيرا للحياة .

                    وبدا لهم آنذاك أن من يستطيع أن يعرف لماذا تمكنت هذه الملايين من الخلايا ،والتي توالدت جمعيها لدى كل حي من خلية (بويضة) ملقحة من أن تتطور تطورا غائيا إلى العديد من الانواع المختلفة من الخلايا عالية التخصص الوظيفي ، فإنه بذلك قد ملك سر الحياة،

                    بيد أن هذا السر يأبى الا أن يزداد غموضا فوق غموضه ، فلا زالت مسألة التنوع الخلوي بدون حل حتى يومنا هذا ،

                    وما زاد الأمور تعقيدا هو إكتشاف العلماء طبقة أعلى من التعقيد تحت المستوى الخلوي بداخل عمق الخلية ذاتها ،

                    وكان هذا المسار خطوة أولى فى ما يسمى مجال "
                    البيولوجيا الجزيئية " ، والتي اعطتنا الكثيرمن التساؤلات والألغاز المركبة بدلا من أن تمنحنا الإجابات ،

                    وظل التساؤل : كيف تنجز هذه الخلية مهامها وما هي العوامل التي تنظم وظائفها المتعددة في كل واحد منسجم ؟ .




                    وصف العلماء الكائنات الحية كنظم غاية فى التعقيد على مستويات وطبقات متعددة حيث تعتمد الخصائص المميزة لها على "
                    تنظيم الكيان" أكثر من اعتمادها على "تركيب الكائن

                    فإرتباط الكل بأجزائه فى عالم الحياة لا يقتصر علي التكامل الكمي بينهما ، بل يشمل أيضا ما ينتج عن ذلك من سيطرة الكل على اجزائه ،وفهم الكائنات المتعضية الحية ينبغى أن يتم من منظور كلي كما يخبر
                    s.j.smuts :

                    "
                    إن الترابط بين أجزاء أي كائن حي متعض ينطوي على نوع من التفاعل النشط بينها، فهذه الجزيئات فى حد ذاتها يمكن إعتبارها كليات صغرى كما هو الحال فى الخلايا التي يتألف منها جسم أي كائن حي "



                    ويشرح
                    ألكس نوفيكوفalex novikoff"ان الكل والجزء _كلاهما كيان مادي والتكامل ينتج مما يتم بين الاجزاء من تفاعل مرتب على خصائصها " فالكلية لا تنظر إلي الوحدات الفيزيوكيميائية التى يتكون منها الكائن الحي بإعتبارها أجزاء فى آلة يمكن فكها ووصفها من دون إعتبار للجهاز الذي إنتزعت منه"

                    وهو ما لخصه بيولوجيون آخرون فى عبارة موجزة هي :"
                    الكل شئ مختلف عن مجموع أجزائه ".

                    ومن ذلك فإن وصف الأجزاء المعزولة لا يمكن أن ينقل صورة عن خصائص الجهاز الحيوي ككل ولا يمكنه أن يفسر وجوده، فالذي يتحكم فى الجهاز كله هو ما يربط بين هذه الأجزاء من نظام يطلق عليه إسم التعضي organiztion .

                    وتكامل الأجزاء قائم على كل مستوى من مستويات التكوين : ففي الكائن المتعضي الواحد يتم التكامل فى الخلايا ، ثم بين تلك الخلايا ، فالأنسجة ، فالأعضاء ، فالأجهزة العضوية التي بتكاملها يكتمل كيان الفرد .


                    كيف يعمل هذا النظام ؟
                    وما هو سر وجودة ؟
                    وهل نجحت الداروينية حاملة راية التفسير المادي فى شرحه، أم أن هناك نظريات أخرى بديلة ؟

                    هذا ما نحاول إستكشافه من خلال تتبع تسلسل المجريات التال
                    ية.
                    لاحول ولاقوة إلا بالله

                    تعليق



                    • التعقيد الحيوي فى مواجهة الداروينية
                      :


                      عندما رأى داروين التشابه في العضلات وبنية الجسم عبر العديد من الأنواع ، لم يكن لديه المعرفة الكافية بهذه التعقيدات الهلئلة الكامنة داخل تلك الأجهزة في ذلك

                      الوقت المبكر من تاريخ العلم ، لكنه وبالرغم من ذلك أدرك حجم الإشكالية التي تواجه فرضيته ممثلة فى بنية الأعضاء الحيوية المعقدة بداخل كيانات الأحياء

                      والتي أطلق عليها أجهزة "مفرطة الإتقان والتعقيد"'extreme perfection and complication'


                      أمام روعة هذه التصاميم الحيوية يقف داروين عاجزا ويكتب عن تركيب العين فى كتابة أصل الأنواع :

                      إن الإفتراض بأن العين بكل ما أتيت من قدرات فذة لتعديل التركيز وفق مسافات متباينة ، والسماح بكميات مختلفة من الضوء ، وتصحيح الإنحراف الكرويواللوني ، قد صاغها الإنتقاء الطبيعي ،هوعلى ما يبدو، إفتراض سخيف غاية السخف وأنا اعترف بذلك .




                      منذ الوهلة الأولى أعلنت الأعضاء الحيوية مفرطة الإتقان extreme perfection عن تحدي على نحو لا لبس فيه لفرضية التطور المتدرج والتبسيط التى تبنتها الداروينية كتفسير مادى طبيعي لحدوث الحياة بمعزل عن التصميم ، والتي تفترض أن هذه العضيات الحيوية تمر أثناء رحلة تطورها المزعومة عبر سلسلة من المراحل الوسيطة الطفيفة والمتتالية ، يقوم خلالها الإنتقاء الطبيعي بصياغة تكيفها تدريجيا، بالحفاظ على تغيرات المرحلة المفيدة والوظيفية وتدمير ما هو غير صالح أو أقل تكيفا ،

                      وهنا تكمن المعضلة المحورية ، فهذه الأعضاء لا تستطيع أن تقوم بوظيفتها الا بوجودها مكتملة ، والكيانات الوسيطة المتتالية التي من المفترض أن يمر بها العضو أثناء رحلة تطوره ليس لها أي معنى وظيفي إلا بوصفها أجزاء من المنتج النهائي ،

                      ومن ذلك فإن كافة المراحل الوسيطة ليس لها أي ميزة إنتقائية و ينعدم الدور المخول للإنتقاء الطبيعي فى الحفاظ عليها وتثبيتها لأنها لا تحمل له أي قيمة تكيفية أثناء تطور العضو بل هي مجرد أعضاء مشوهة ناقصة تمثل عبئ يجب التخلص منه.

                      فالإنتخاب الطبيعي عملية لا غرض لها ، عمياء عن رؤية المستقبل ، ليس لها أهداف ،

                      ومعيارا التقييم الوحيدان لها هما :النجاح فى البقاء ،والنجاح فى التكاثر

                      وهذا ما يجب أن يتوافر فى كل خطوة من خطوات التغيير فى نشوء العضو الحيوي ولكن الطبيعة الغير إختزاليه للعضيات الحيوية التي لا تقبل التدرج الوظيفي

                      أو الإنقاص تفشل هذه العملة تماما ، فهي إما تكون ككل أو أبدا لا تكون .

                      وبالرغم من إعترافه بحجم تلك الاشكالية، فقد تعاطى معها داروين بمنهجية ملتوية ونقل عبئ الإثبات لجهة المشككين مطالبا إياهم بإثبات خطأ إدعائه الذي يطالب

                      هو بإثباته كأصل لقبول فرضيته وذلك لإدراكه الراسخ بأنها جولة خاسرة فقال فى كتابة أصل الانواع :


                      إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يُرجَّح أنه قد تشكل عن طريق العديد من التعديلات المتعاقبة والطفيفة، فسوف تنهار نظريتي تماما.

                      علينا أن ندرك بأن داروين كان حذقا فى التعامل مع العقبات التي تعترض فرضيته ، وإستعمل المواربات الذكية على أمل أن تحل تلك العقبات آجلا ،

                      وفى المقابل سلم بالانهيار التام لفرضيته إذا لم تتمكن من تخطيها.

                      مرت عقود عديدة على طرح داروين وهو ما يمثل زمنا طويلا جدا بمقياس مسار العلم الحديث ، ويبقى التساؤل البديهي الذي يفرض نفسه حتى الان

                      هل نجح تلامذته فى تخطى تلك العقبات ؟


                      *******

                      لاحول ولاقوة إلا بالله

                      تعليق



                      • العقبة الكبرى :


                        رغم التقدم العلمي الهائل فى رصد تعقيدات حيوية مذهلة ،والتي من المفترض أن تزيد من صعوبات تفسيرها بالإرتقاء والتطورعنها فى عصر داروين ،

                        الا أننا وعلى نقيض ذلك نلاحظ أن داروين كان أكثر معقولية وإتساقا من أتباعه فى مواجهة مشكلات التعقيد رغم إحاطته المعرفية المحدودة بفداحته وترفع عن سلوكهم المتعمد بذلك التدليس الإنتقائي بتسطيح التناول حول تطور هذه الاعضاء،

                        ويمكننا القول أنه من السذاجة أن نقبل وفق معرفتنا الحالية بكم هذا التعقيد بأنه من الممكن من خلال محاذاة بسيطة لسلسلة من الكائنات العائشة الأقل تعقيدا إلى الأكثر تعقيدا أن نستنتج أن نوعا من التطور التدريجي على مدى ملايين السنين سيكون مسؤولا عن تفسير التعقيد الحادث به،

                        وهذا السبيل بعينه هو ما يجادل به أنصار التطور منذ عهد داروين وحتى يومنا هذا لتفسير وجود تلك النظم الحيوية المعقدة دون تقديم أي آلية فعلية لسيرورة هذا التحول المفترض ،


                        فعلى سبيل المثال : تعرض لنا الداروينية محاكاة لتطور العين تشرح كيفية تحول بقعة حساسة للضوء كنظام رؤية بدائي تدريجيا إلى تجويف منخسف شديد التقعر، ثم نصف الكرة مملوءة بمادة شفافة ، وبعد ذلك تحولت إلى ما هي عليه الآن فى العيون الأكثر تعقيدا معتمدا فى ذلك على صنع إصطفاف لنماذج من العيون المختلفة فى الكائنات العائشة اليوم من البسيط إلى الأكثر تعقيدا .





                        تكمن الاشكالية هنا فى خطأ منهجي متمثل فى صحة الاستدلال على التطور بالإستناد على خصائص بعض العيون الموجودة في الوقت الحاضر،

                        فلا يمكن بأي حال من الأحوال تمثيل العيون التاريخية التي من المفترض أن تمثل الأسلاف من خلال سرد سلسلة من العيون الموجودة حاليا، والتى تمتلكها أنواع حية عصرية

                        لأن التطور يتطلب أن كل العيون الحالية لديها نفس القدر من التاريخ التطوري وهى أبناء عمومة لا يمكن إعتبارها أسلافا لبعضها البعض .

                        إن هذا النهج يتطلب إعتراف الداروينية بأن هذه العيون الحديثة 'البسيطة' فى أول السلسة التطورية هي نظائر للعيون المفترضة للأجداد ومماثلة لها وهذا يضعهم فى حرج حقيقي لأنه بالتبعية يؤكد أن تلك العيون لم تتطور أو يطرأ عليها أي تغيير منذ أزمان سحيقة وهو ما يناقض الفرضية التطورية برمتها حول سيرورة التطور الدؤوبة ، داروين نفسه كان يدرك جيدا عدم صلاحية هذا الإصطفاف للإستدلال وعلى الرغم من ذلك وقع هو نفسه فى ذلك الخطأ وتفشى فى نهج أتباعه .

                        the crucial importance of this requirement to the theory of evolution was fully understood by Darwin, who stated that, in searching for the gradations through which an organ in any species has been perfected, we ought to look at its lineal progenitors. Indeed we ought; though he himself could not do so. It is deceptive to the reader to create a seriation beginning with eye spots as seen in unicellular organisms and call them, as does Duke-Elder (1958), the earlieststage of evolution. (5)



                        حين نحاول التعاطي مع حجة التطور السابقة حول إصطفاف (تطور العين كمثال) ، فإننا وبمجرد الخوض في أولى خطوات إختبارها ، نصطدم مباشرة بالكثير من التناقضات ، ونرصد خرقا جسيما لما تضعه الداروينية لنفسها من آليات وإلزامات وقواعد داخل إطار الإستدلال العام على التطور (وهذا ليس مستغربا ) ،

                        ولكن على الرغم من ذلك لا تيأس من البحث عن مبررات لتخطيها وتقع أغلبها تحت إطار الحجج الدائرية ، أو المسكنات الموضعية للإشكالية ، أو ما يمكن تسميته بمبررات الإستهلاك المحلي ، فحين ننظر فى محاذاة عيون الأنواع العائشة من البسيط الى الأكثر تعقيدا لتبرير تطور العين نجد أنها تناقض شجرة التطور (
                        الفيلوجينية) التي تم رسمها .

                        على سبيل المثال :
                        تخبر الداروينية بأن أسلاف الرخويات قد إنشقت عن الفقاريات خلال عصور سحيقة من تاريخ الحياة فى عصر ما قبل الكمبري Precambrian ، مما يجعل البشر أكثر إرتباطا بنجم البحر، وديدان الأرض عن إرتباطهم بالاخطبوط (من الرأسقدميات ) وبناءا على ذلك فمن المفترض أن نرى العيون البسيطة البدائية في السلسلة متواجدة بالاخطبوط ،

                        لكن من الحقائق المثيرة للدهشة أن الاخطبوطات بالرغم من إنحدارها في أسفل سلسلة التطور، إلا أنها تمتلك ذلك النوع من نظام الرؤية شديد التعقيد والمعروف بعيون الكاميرا الذي يميزنا نحن البشر،

                        و العجيب هنا أن التشابه بين عيون الإنسان والأخطبوط رغم المسافة التطورية الشاسعة بين كلا النوعين يبدو متطابق فى التراكيب على نحو مذهل .




                        التطابق البنيوي بين عين الأخطبوط وعين الإنسان لغز يتحدى العشوائية



                        هذه القفزة الهائلة فى تشكل العين عبر سلسلة المحاذاة لا يمكن تفسيرها بالإنحدار من أي سلف مشترك وتقف مباشرة فى وجه السيناريو التطوري الذي يستدل بتدرج نماذج العيون الحالية كتمثيل لأسلافها ،

                        وكالعادة لا يمكن لأنصار التطور تحمل تبعات فرضياتهم فنجدهم يتملصون منها بالمجادلة حول كون كل من الأخطبوط والإنسان أبناء عمومة من سلف قديم جدا عاش في عصور ما قبل الكمبري ولا يمثل أحدهما سلفا للأخر ، و تلك البنية المعقدة والمتطابقة فى نظام الرؤية بين كلا النوعين قد تطورت بمعزل عن بعضها البعضبطريق تطوري تقاربي convergent evolution .

                        وهذا الرد هو ما يعنينا الآن من طرح المثال السابق وعليه نتساءل : إن كانت الكائنات العائشة لا يمكنها أن تمثل الأسلاف ولا تعبرعنها ، فلماذا يحتج أنصار التطور بمصفوفات كائنات حية حالية لتبرير تسلسل تطور العين !؟

                        المثال السابق ليس استثناءا فالتناقضات رصدت على نطاق كبير حيث لاحظ العلماء أن العيون فى ثلاثة فئات رئيسية من الأنواع (الفقاريات والمفصليات والرخويات) تنشأ من أنسجة مختلفة ومنه إفترض أنصار التطور أن لدي هذه الفئات الثلاثة تاريخا تطوريا منفصلا ​​والعديد من أوجه التشابه بينها نتجت أيضا
                        بسبب التطور التقاربي ،

                        مثل هذه التناقضات الشديدة فى المسارالتاريخى المقترح لتطور العين تداعت بانصار التطور الى الافتراض بأنها قد تطورت ونشئت أكثر 40 مرة بشكل مستقلوهو ما يفسد سيناريو الإصطفاف ويؤكد عدم جدواه فى الإستدلال.

                        بالاضافة الى تناقض هذا النموذج مع السجلات الجيولوجية التي لا تدعم هذا التدرج المزعوم وتستعرض ظهورا فجائيا للعيون المعقدة وبكامل تراكيبها المعروفة

                        اليوم منذ اكثر من 540 مليون سنة فيما عرف بعصر الكمبري Cambrian ويشير الى ثباتها منذ وجودها للوهلة الاولى ولا زال أصلها التطوري يمثل لغزا حقيقيا. (10)(11)(12)




                        بتخطي هذا النهج المعيب نتحول الى محور تناولنا والذي يتعلق بتلك الاشكالية الكبرى التي تتعامى عنها الدراوينية وهي ألية هذا التحول المطلوب لإنتاج ذلك الجهاز المعقد(العين) .

                        فحدوث كل طفرة متتابعة في الحمض النووي داخل مقلة العين يتطلب تحولات جذرية ومتزامنة وشديدة التعقيد والترابط داخل بنية العظام ، والأعصاب ، ووظيفة الدماغ ، ويجب سلوك مئات من المسارات التطورية فى ذات الوقت عن طريق طفرات فاعلة في جميع الجوانب المتعلقة بالرؤية ، ومثل هذه التغييرات تتطلب أكثر بكثير مما يمكن توقعه من الطفرات العشوائية والانتقاء الطبيعي.

                        ولتقريب مدى صعوبة تلك العملية بإتخاذ مقياس واحد فقط هو عدد الجينات المسؤولة عن إنتاج العين، نجد أنه قد تم التعرف حتى الآن على 501 من الجينات المرتبطة بالعين في تلك الحشرة البدائية (ذبابة الفاكهة) ، أي ما يعادل 3.5٪ من حجم جينومها بأكمله،

                        وفى الكائنات الأكثر تعقيدا مثل الفقاريات نجد أن أكثر من 7500 جين يتداخل فى تركيب وتنظيم شبكية العين أي حوالي 30٪ من الجينات البشرية قاطبة ،
                        و من ذلك فحدوث طفرات متزامنه على هذا العدد الهائل من المسارات والجينات هو فرضية مريعة تتخطى حدود المنطق وتتزايد مع مستويات التكامل الارقى بين أجزاء تشكل العين ،وحتى على المستويات التكوينية الاقل تدرك الداروينية تلك المشاكل الخطيرة فى وضع تفسير لتطور كل جزء من نظام الرؤية، بما في ذلك العدسة، ومقلة العين، وشبكية العين، والنظام البصري بأكمله، وفصوص القذالي في الدماغ،

                        مثل هذا التكامل والتنظيم أدى بالخبير تيرنر أن يسمى عملية الرؤية بالمعجزة ويقول بأن معجزة [الرؤية] الحقيقية تكمن في تلك العملية الحسابية التي يمكن أن تنتجها '
                        فكل هذه الأنظمة المختلفة يجب أن تعمل معا كوحدة متكاملة لتحقيق الرؤية، ويتعجب جراس فى بحث خاص يدرس أعضاء أقل تعقيدا فى تشريح أسد النمل ويتساءل حول إمكانية إنتاج مثل هذه النظم المعقدة بواسطة الإنتقاء الطبيعي لطفرات عشوائية و فرص حدوث مثل هذه الطفرات المتزامنة التي يمكنها أن تفعل ذلك و جدوى هذه الطفرات فى انتاج الهياكل التي تلائم بعضها البعض بدقة .

                        من المؤكد أن مثل تساؤل جراس سيلاقى طريقا مسدودا ، فحتى أبسط نظم الرؤية وأكثرها بدائية (البقع الحساسة للضوء) والتي استخدمت كحلقات أولية فى سلسلة التطور تتطلب وجود مجموعة كبيرة ومعقدة من النظم الانزيمية في المكان والوقت المناسب لكي تعمل ، وهى بحد ذاتها تعقيد لا يصدق ونظام لا يمكن إختزاله ،وعندما إتخذ داوكينز وغيره من أنصار التطور البقعة الحساسة للضوء كبداية للصعود نحو سفح الجبل فقد وقع فى مغالطة منطقية بسبب تعقيدها الهائل وبذلك فرحلته نحو القمة محكوم عليها بالفشل لأنه ابتدأ من القمة وهوى مباشرة نحو الهاوية.




                        على صعيد الجسم البشرى يشير الدكتور
                        جوزيف كوهين فى ورقة نشرت مؤخرا من (جامعة بايلور. المركز الطبي) بعنوان تشريح الداروينية إلى أن الكثير من الاطباء من خلال دراستهم للتعقيد الهائل للجسم البشري، يمكنهم تقبل حدوث إنتقاء لبعض الطفرات التي تعمل على مقاومة الملاريا، وخصائص الجلد، والعديد من التغييرات الطفيفة الأخرى لا يمكنها تحويل النوع.

                        ولكن مثل هذه الطفرات لاتقدم أي تفسير حقيقي حول منشأ وتشكيل الأجهزة والنظم المعقدة فجميع عناصر النظم الحيوية تقريبا يجب أن تكون موجودة في وقت واحد بدلا من أن تتطور تدريجيا فيما أسماه نظام كل شئ او لا شئ "all-or-nothing " .




                        وفى نفس السياق يقدم
                        جيفري سيمونز، أمثلة عديدة من داخل الجسم البشري للأنظمة المعقدة المتخصصة التي لا يمكن اختزالها أو يمكن تشكيلها من قبل الطفرات المتتابعة ، حيث يتوجب على جميع المكونات أن تكون موجودة لتعمل تلك الأنظمة بشكل صحيح وتشمل هذه النظم المعقدة الرؤية، والتوازن، الجهاز التنفسي، الجهاز الدوري، الجهاز المناعي، الجهاز الهضمي، الجلد، ونظام الغدد الصماء، الذوق،وغيرها من الأمثلة على المستويات البيوكيمائية والتشريحية ووظائف الأعضاء.

                        يشير
                        كوهين الى أن الداروينية لا يوجد لديها تفسيرات فعلية لأصل النظام المعقد الذي لا يمكن إختزاله ، ناهيك عن شبكة مترابطة من الأنظمة غير القابلة للاختزال التي تشكل جسم الإنسان ككل .وبالتالي فجسم الإنسان يمثل نظام معقد لا يمكن إختزاله على النطاق الخلوي والاجهزة والنظم.


                        *******
                        المصدر بتصرف بسيط
                        لاحول ولاقوة إلا بالله

                        تعليق



                        • لماذا لم يُفَنَّد البرهان الذي قدمه ( بيهي) بخصوص السوط البكتيري؟


                          للكاتب العِلمي جوناتهان ماكلاشي

                          Jonathan McLachie


                          حاصل على ماجستير البحوث في البيولوجيا التطورية و النظامية في جامعة كلاسكوو Glasgow




                          إن الذين كرسوا بعضا من وقتهم لقراءة الأدبيات الخاصة بالجدال القائم حول التصميم الذكي و التطور سيكونون معتادين بكل تأكيد على الجواب الذي قدمه التطوريون فيما يخص برهان التعقيد الغير القابل للاختزال الذي قدمه بيهي و الذي يتحدث فيه عن السوط البكتيري. على ما يبدو، هناك إجماع في الرأي بين أغلب التطوريين على أن التعقيد الغير القابل للاختزال الموجود في السوط البكتيري قد تم دحضه و على أننا نحن أنصار التصميم الذكي نسعى لتغيير قواعد اللعب بشكل مستمر و ذلك بدفن رؤوسنا في الرمال و بتشبتنا بأدلة جد سطحية.

                          و كما كان متوقعا، قام أحدهم مؤخرا بكتابة ما يلي عبر موقع الفيسبوك:


                          "ما يزعجني أكثر في أنصار التطور هو عدم استسلامهم أبدا. كم مرة يجب علي أن أقول لك على أن هذا الأمر غير صحيح حتى تتقبله؟ كم مرة تم دحض التصميم الذكي عبر أبحاث معترف بها حتى تعترف على أنها قضية خاسرة؟ إن تاريخ التعقيد الغير القابل للاختزال الموجود في السوط البكتيري يعتبر بشكل مطلق و نهائي أمرا مغلقا. إن ذلك لم يكن سوى مهزلة. و إن اللعبة قد انتهت."

                          مؤخرا عندما كنت في أحد المطاعم الأدبية التي كانت تحتضن جلسة حول الإيمان و العلم قمت بتقديم السوط كمثال للتعقيد الغير القابل للاختزال و تلقيت أجوبة مماثلة.

                          لكن، هل يعتبر هذا الإدعاء صحيحا فعلا؟ هل تم دحض هذا الدليل؟ منذ حوالي عام قرأت كتابا بعنوان: "لماذا فشل التصميم الذكي. نقد علمي للخلقيين الجدد." (Why Intelligent Design Fails- A Scientific Critique of the New Creacionism) كتبه كل من مات يونغ و تينر إيديس (Matt Young and Taner Edis) و قد ساهم في كتابة الفصل الخامس من هذا الكتاب يان موسغريف (Ian Musgrave) و الذي يحمل عنوان: "تطور السوط البكتيري" و الذي يحاول فيه الرد على مايكل بيهي و ويليام دومبسكي (Michael Behe and William Dembski) بشكل قطعي و حاسم فيما يخص التعقيد الغير القابل للاختزال. فبينما كنت أقرأ هذا الفصل أتذكر عدم شعوري بأي انطباع. ففي الصفحة 82 يقدم موسغريف البرهان التالي:


                          "هذا هو السيناريو المحتمل لتطور السوط البكتيري: يظهر أولا نظام الإفراز قائم على قضيب SMC و على تركيب معقد من المسام، و الذي يعتبر الأصل المشترك بين نظام الإفراز من النمط الثالث و النظام السوطي. و بإشراك مضخة أيونية (و التي ستتحول فيما بعد إلى بروتين للمحرك) إلى هذه البنية سمحت بتطوير وظيفة الإفراز. حتى اليوم، فبروتينات المحرك و التي تنتمي لعائلة من البروتينات تقوم بالإفراز يمكنها الإنفصال و الاتحاد من جديد مع بنية السوط بكل سهولة. فالقضيب و المسام ذو التركيب المعقد ربما كان بإمكانهم الدوران في هذه الحال كما يقع في بعض الأنظمة حيث تكون الحركية عن طريق الانزلاق دون امتلاك محرك. لقد ظهر ليف السوط البدائي فيما بعد كجزء من بنية الإفراز البروتيني (مقارنة مع الشعرة الزائفة (و هي جزء من البروتيوبكتيريا غاما) و الدودات الزائدة ذوات الألياف الموجودة في السلمونيلا و بنيات الألياف الموجودة في الإشريكية القولونية). فالحركية المتناوبة بين الانزلاق و قوة الدفع قد ظهرت خلال المرحلة التالية أو التي بعدها لتستقر بعدها عند حركة السباحة. يمكن أن يضاف التنظيم و التحول فيما بعد لأن هناك بكتيريا معاصرة و التي بالرغم من عدم توفرها على هذه الصفات فهي تعمل بشكل جيد في بيئتها (شاه و ساكت 1995/ Shah and Sockett 1995). في كل مرحلة هناك فائدة للتغيرات في البنية."


                          في الواقع، فإن مارك بالن و نيك ماتزك (Mark Pallen and Nick Matzke) أدلوا بحجة مشابهة في مقال لهم بمجلة الطبيعة "Nature" عام 2006 (و قد تمت الإشارة إليه من طرف إحدى الجمهور المستمع خلال الزيارة الأخيرة لبيهي إلى المملكة المتحدة). و يُعرَف كين ميلر أيضا بادعاءاته الروتينية المشابهة بخصوص السوط البكتيري انطلاقا من نظام الإفراز من النوع الثالث و الذي يقوم أساسا على اعتبارات التشابه في التسلسلات البروتينات.


                          إذن، هل بإمكان هذه النقط أن تدحض بشكل نهائي العمل المزعج و المقلق الذي يطرحه التصميم الذكي؟ فهي لا تستطيع. لأن حجج كل من السادة المذكورين آنفا يستهينون بعدة مسائل مهمة.


                          أولا و قبل كل شيء، فهم يستهينون بالتعقيد و بالتركيبة الهائلة للنظام السوطي – كجهاز التجميع و التصميم الفني لبنيتها-. في الواقع، فإن العملية التي يتشكل عن طريقها السوط بشكل ذاتي داخل الخلية تعتبر جد معقدة بحيث يجب علي القيام بمجهود كبير حتى أشرحه بشكل مفهوم للأشخاص الذين لا يعلمون شيء بخصوصه. فهذه المفاهيم الأساسية تعتبر صعبة للاستيعاب من طرف أولئك الذين ليسوا معتادين على تصور نظام كهذا أو من طرف أولئك الذين يدرسونه لأول مرة.

                          لكن، و في نفس الوقت، فالأساسات الميكانيكية لتجميع السوط تعمل برشاقة و سحر رائعين كالهندسة الرائعة الموجودة في المحرك السوطي –و هو التحدي الكبير الذي يطرح للتطور- و التي لا يمكن تقييمها بشكل صحيح دون حد أدنى من المعرفة السطحية لعملياتها المدعمة. فلنلق نظرة موجزة.




                          التجميع الذاتي للجهاز السوطي:

                          تركيبة السوط البكتيري تتطلب تعبيرا منظما لأكثر من 60 منتوجا جينيا. فتركيبته الحيوية داخل الخلية تنظم عن طريق جينات مرتبة في تسلسل منظم بشكل دقيق و التي فيها التعبير عن جين واحد في مستوى معين يستلزم التعبير المسبق لجين آخر في مستوى عال.

                          و كنموذج للتجميع السوطي نجد السالمونيلا و هي صنف من البكتيريا المعوية و بالتالي فإن مناقشتي سترتكز على هذه البكتيريا ما لم يرد خلاف ذلك.





                          النظام السوطي للسالمونيلا يتوفر على ثلاث أصناف من المحفزات (المحفز يشبه نوعا من المفتاح المفصلي الجزيئي و الذي بإمكانه بدأ التعبير الجيني عندما يتم التعرف عليه من طرف الحمض الريبوزي النووي ARN و من طرف بروتين مختص متداخل معه يسمى "عامل سيغما").

                          و هذه المحفزات تعرف ب "الصنف 1" و "الصنف 2" و "الصنف 3" و نسخها التسلسلي مرتبط بعملية التركيب السوطي.

                          فالصنف 1 يحوي جينين اثنين في مشغل واحد (يسميانFlhD و FlhC).

                          و الصنف 2 يحوي 35 جين موزع على ثمانية مشغلات (بما في ذلك الجينات المسؤولة عن تجميع الخطاف بالجسم القاعدي و بعناصر سوطية أخرى بالإضافة إلى جهاز التصدير و جينين اثنين آخرين منظِّمين يسميان "FliA" و "FlgM").

                          أما الجينات الأخرى المسؤولة عن تشكل الليف فيتم التحكم فيها من خلال محفزات الصنف الثالث.


                          محفز الصنف 1 يسوق التعبير عن المنظم الرئيسي (خاص بالبكتيريا المعوية التي تنتمي إليها السالمونيلا) المسمى "FldH4C2" (لا تقلق بشأن تَذَكّره) و حينما يبدأ بالعمل فالمنظم الرئيسي يعمل على محفزات الصنف 2 و يقوم بذلك بالاشتراك مع "عامل سيغما" σ70 (للتذكير فلقد أشرت من قبل أن "عامل سيغما" ل ARN هو عبارة عن بروتين قادر على الترابط بشكل محدد مع المحفزات الجينية).

                          فمحفزات الصنف 2 هي المسؤولة عن التعبير الجيني للوحدات الفرعية و للمنظمين للخطاف و للجسم القاعدي بالإضافة إلى عامل سيغما آخر يسمى σ28 (و الذي يشفر من قبل جين يسمى FliA) و عامل سيغما مضاد FlgM (كما يشير إليه اسمه فعامل سيغما مضاد يتحد مع عامل سيغما بهدف منع نشاط الاستنساخ).

                          أما عامل σ28 فهو ضروري لتنشيط محفزات الصنف 3 و هنا بالضبط أين نجد أنفسنا في مشكل إذ لا يوجد أي معنى للبدء بتركيب مونومرات الفلاجلين قبل أن يتم تركيب الخطاف و الجسم القاعدي و بالتالي و بهدف كبح σ28 فعامل سيغما المضاد (FlgM) و الذي تمت الإشارة إليه سابقا فهو يكبح نشاطه و يمنعه و ذلك بالعمل على التفاعل الذي يتشكل مع الهولوأنزيم الموجود في ARN.

                          و عندما يتم الإنتهاء من تشكل الخطاف و الجسم القاعدي فعامل سيغما المضاد FlgM يتم إفرازه عبر البنيات السوطية التي تم إنتاجها من طرف جينات الصنف 2، و بعد ذلك و أخيرا فإن محفزات الصنف 3 (المسؤولة عن تعبير مونومرات الفلاجلين و عن الانجذاب الكيميائي و المحركات المولدة للقوة) يتم تشغيلها من طرف σ28 و يمكن الانتهاء من السوط.


                          لكن هذا يصبح أحسن بكثير، فنظام التصدير السوطي (الذي عن طريقه يتم حذف FlgM من الخلية) لديه حالتين من نوعية الركائز (Substrate):

                          ركائز من نوع القضيب/ الخطاف و ركائز من نوع الليف.

                          فخلال عملية التجميع السوطي، فإن "مفتاح" نوعية الركيزة يجب أن يكون مدفوعا حتى يتغير من الحالة السابقة إلى النهائية.

                          و البروتينات التي تشكل أجزاء من الخطاف و من القضيب يجب أن يتم تصديرها قبل تلك التي تشكل الليف.

                          لكن، كيف يأخذ مكانه هذا التغير في نوعية الركيزة؟


                          و العنصر الرئيسي في هذه العملية هو بروتين مرتبط بالغشاء يسمى FlhB. كما يوجد كذلك بروتين منظِّم لطول الخطاف يدعى FliK و الذي يقوم بالتأكد من أن طول الخطاف يوجد في القياس الصحيح (55 nm) و نفس البروتين مسؤول أيضا عن تغير نوعية ركيزة التصدير.

                          و كما اتضح، فمن دون Flik ستفقد القدرة كليا على تغيير و تصدير الليف و على مراقبة طور الخطاف. فبروتين Flik لديه مجالين أساسيين:

                          مجال N-terminal و مجال C-terminal فخلال تجميع الخطاف ف FliKN يعمل كجهاز استشعار جزيئي و يرسل معلومات حول طول الخطاف و عندما يَبلُغ هذا الأخير الطول الصحيح تنقل المعلومة ل FliKC و FliKCT و هو ما يفضي إلى تغير تركيبي و هذا بدوره يؤدي إلى ارتباط FliKCT ب FlhBC، و هذا الترابط يفضي إلى تغير تركيبي في FlhBC. و هذا ما يسبب تغير في نوعية الركيزة.






                          فالتجميع السوطي يبدأ في الغشاء السيتوبلازمي ثم يتقدم عبر الحيز المحيط بالغشاء الهيولي ليمتد أخيرا خارج الخلية. فالسوط يتشكل أساسا من جزأين أساسيين اثنين: نظام الإفراز و البنية المحورية. و المكونات الأساسية للبنية المحورية هي FlgG للقضيب و FlgE للخطاف و Flic لليف و كلها تتجمع بمساعدة بروتين cap (FlgJ و FlgD و FliD على التوالي). و منها كلها يبقى فقط FliD عند طرف الليف في الناتج النهائي. هناك مكونات أخرى في البنية المحورية (تسمى FlgB و FlgC و FlgF) تصل القضيب و مركب الحلقات MS. فالخطاف و الليف يتصلون عبر FlgK و FlgL. عندما تثبت الحلقة C و القضيب C في الحلقة M في سطحها السيتوبلازمي فمركب الحلقات MS –الذي يعتبر الأساس البنيوي للجهاز- يمكنه البدأ بإفراز البروتينات السوطية.


                          فبنية القضيب تتشكل عبر طبقة البيبتيدو غليكان، لكن نموها لا يستطيع اجتياز الحاجز الفيزيائي المقدم من طرف الغشاء الخارجي دون أدنى مساعدة. لذلك فإن مركب الحلقات يحفر حفرة في الغشاء و هكذا يستطيع الخطاف النمو بفضل تنسيق FlgD حتى يبلغ الطول المحرج 55 nm. و الركائز التي تتشكل تتحول من وضع خطاف-قضيب إلى وضع فلاجيلين، و FlgD يمكن أن يستبدل بروتينات مرتبطة بالخطاف و الليف يستمر في تشكله. فمن دون البروتين cap Fli Dفمونومرات الفلاجلين سوف تضيع و بالتالي فإن البروتين cap يعتبر ضروريا لكي تتم العملية.





                          تطور السوط انطلاقا من نظام الإفراز من النمط الثالث (TTSS) لا يعمل:

                          يمكن أن يفكر أحد ما أن الوصف المقدم أعلاه يمكن أن يكون أكثر من كاف للضرب بعرض الحائط التفاهات التي قدمها كين ميلر (Kenneth Miller) و آخرون إلا أن الوضع يزداد سوءا أكثر للتاريخ الدارويني. لماذا التخليق الحيوي للسوط بالضبط هو هكذا انضباطا و تناسقا؟ ليس فقط لأن متطلبات الطاقة تجعل من السوط نظاما جد مكلف و لكن لأن التعبير المبكر للبروتينات السوطية ربما يؤدي إلى استجابة مناعية قوية في النظام المستضيف و هو ما لا تود البكتيريا فعله.


                          ما المغزى من هذا الأمر من وجهة نظر تطورية؟

                          حسنا، فمونومرات الفلاجلين هي إلى حد ما محرضات سيتوكين قوية. إذا ما كنت أنت عبارة عن ييرسينيا (Yersinia) فبامتلاك نظام الإفراز من النمط الثالث فآخر شيء ستفعله هو إظهار بيبتيدات الفلاجلين للبلعميات الكبيرة. فشيء كهذا فلا شك من أنه سيكون ضارا للآليات المضادة للالتهابات الموجودة في الييرسينيا.






                          الخاتمة:

                          إن الوصف الذي قدمته أعلاه لم يمس سوى سطح هذا الموضوع الرائع من تكنولوجيا النانو (للمزيد من المعلومات انظر هنا (ملف PDF ).

                          و بهدف الإيجاز فأنا لم أناقش بعد بخصوص عملية الانجذاب الكيميائي و عنصري نقل إشارة مجموعة الدوائر الكهربائية و التحويل الدوراني و قوة البروتون التي تؤدي إلى اشتغال السوط

                          لكن بيت القصيد هنا هو أن نظرية الداروينية الحديثة- كما تفهم عادة- لم تعطي أي تفسير بخصوص أصل هذه الآلة الدافعة و المعقدة بشكل ملحوظ. ربما كما حدث مع التفسيرات الداروينية بخصوص العين و التي في البدء تبدوا أن بإمكانها إقناع المبتدئين الغير المتعودين على روائع الكيمياء الحيوية و على الأساسات الجزيئية للرؤية.

                          و هكذا فسرعان ما تصير هذه التفسيرات الداروينية فارغة و غير مقنعة عند الأخذ بالاعتبار التفاصيل الجزيئية للنظام. و عندما يجمع شخص بين التفاصيل المقدمة في الأعلى و بين العجز

                          الكلي للداروينيون الجدد عن إنتاج طيات جديدة من البروتينات و مواقع جديدة من الاتحاد البروتيني-البروتيني، حينها يظهر السؤال التالي:

                          هل يمكن لهذا النظام أن ينسج نفسه عن طريق تغيرات طفيفة و متوالية و عبر مراحل؟

                          فبما أن الاقتراح الأساسي للداروينية يخدع بقدرته المزعومة على إعطاء تفسير لوفرة البراهين الدالة على التصميم. ألا تبدي الآن عجزها الواضح عن دحض مسلمة التصميم المشار إليه من قبل كمقترح علمي واقعي و محترم؟

                          دوغلاس أكس (Douglas Axe) من المعهد البيولوجي (Biologic Institute) أظهر في بحث قد تم نشره في مجلة Bio-complexity أن نموذج التضاعف الجيني و التوظيف يعمل فقط عندما تتطلب تغيرات صغيرة لاكتساب فائدة أو وظيفة جديدتين قابلتين للانتقاء.

                          إذا كان الجين المضاعف محايدا (من حيث تكلفتها بالنسبة للكائن الحي) فالعدد الأقصى للطفرات الذي يتطلبه أي تجديد داخل مجموعة من البكتيريا فهو أكثر من ستة. و إذا كان الجين المضاعف ذو تكلفة سلبية بشكل طفيف فالعدد الأقصى سيتراجع حينها إلى اثنين أو أقل (دون إدراج الضعف نفسه).


                          يبدو أن السوط البكتيري يعتبر –ربما بشكل مذهل- تحديا حقيقيا للتطور الدرويني مثل ما كان عليه الحال منذ 1996 عندما ذكره بيهي لأول مرة في كتابه: "الصندوق الأسود لداروين".

                          المصدر
                          لاحول ولاقوة إلا بالله

                          تعليق



                          • التصميم المذهل في جهاز التعشيق (أو القابض) الجزيئي لسوط العصوية الرقيقة.


                            كتبه:
                            جوناتهان ماكلاتيشي

                            Jonathan McLatichi





                            لقد ظهر في الرسم التخطيطي بعض الآليات الأساسية التي تتدخل في تركيبة السوط و في العملية الرائعة للجذب الكيميائي البكتيري الذي بواسطته تغير البكتيريا اتجاهها استجابة للإشارات الكيميائية.

                            هناك بكل تأكيد عدد كبير من المتغيرات المختلفة في تلك النظم. إذا استنتجت أن هذه الآليات المدهشة لديها تشابه كبير مع الأنظمة الذكية المستعملة في الهندسة فسوف يدهشك جهاز التعشيق (أو القابض) الجزيئي لسوط العصوية الرقيقة. (Bacillus Subtilis) الموضح فوق من طرف بلير و آخرون (Blair) سنة 2008.

                            العصوية الرقيقة (Bacillus Subtilis) هي كائن حي قادر على تكوين بيوفيلم. البيوفيلم (Biofilm) هو عبارة عن مضادات حيوية مقاومة تفرزها البكتيريا مطعم في قالب من المواد البوليمرية خارج الخلية (EPS) كالبروتينات و عديد السكريات الذي تلتصق فيه الميكروبات بعضها مع بعض. في البيوفيلم تكون حركية البكتيريا غير مشغلة.

                            و هو ما يجعلنا نطرح السؤال حول كيف يتم منع هذه الحركية. كما يفسر ذلك الكاتب:


                            "السوط هو عبارة عن آلية جزيئية معقدة، مقاومة و مكلفة و بكل بساطة فإن تغير تركيبة السوط لا يوقف بالضرورة الحركية. بمجرد ما يتم تعطيل الجينات التي تحوي بنية السوط فذلك يستلزم عدة جولات من الإنقسام الخلوي منذ أن يتم تركيب السوط الموجود من قبل إلى أن ينقرض عند الخلايا الوليدة. في مقابل ذلك، فجهاز التعشيق (أو القابض) يتطلب تركيب بروتين واحد لمنع الحركة. بالإضافة إلى ذلك إذا تم الإجهاض المبكر لتكون البيوفيلم فإن السوط الذي كان متروكا يمكن إعادة تشغيله مع تركيب المكونات السوطية. بينما أن التعبير الجيني و تركيبة السوط بطيئان و معقدان فالتحكم في جهاز التعشيق (أو القابض) يعتبر أمر بسيط، سريع و قابل للإنعكاس بشكل كبير."

                            ما الذي يحدد إذا ما كان محرك السيارة متصلا أم لا بالأجزاء التي تمكن من التحكم في اتجاه العجلات؟

                            الجواب :

                            هو جهاز التعشيق (أو القابض) الذي يضمن بأن يكون المحرك و الترس غير متصلين.

                            فسوط العصوي الرقيق، المشابه لجهاز التعشيق الموجود في السيارة هو عبارة عن بروتين يسمى EpsE، الذي من أجله يتدخل نفس المشغل الذي يراقب الجينات الضرورية لتكون EPS.
                            فبروتين EpsE يتواصل مع العضو الدوار للسوط (البنية التي تدور داخل العضو الثابت).
                            و البروتين الموجود في حالة البلمرة (أو الكوترة) داخل العضو الدوار يسمى FliG. فوحيدات FliG تحول الطاقة الصادرة عن تيار البروتونات في الطاقة الدورانية الخاصة بالسوط. عندما يتفاعل البروتين EpsE مع البروتين المبلمر FliG فذلك يولد تغيرا تكوينيا يسبب في انحراف يؤدي إلى انفصال العضو الدوار عن محرك البروتونات في السوط.


                            فـ كوتينبلان و آخرون (Guttenplanl) 2010 أكد أن البروتين EpsE لديه وظيفتين إثنين:

                            "يتفاعل مع العضو الدوار للسوط لمنع القابلية الحركية - كما يتعاون مع إنزيمات أخرى لتركيب قالب EPS".


                            و لقد تمت الإشارة إلى ذلك في عدة مواضع و قد عبر البروفيسور دانييل كيمس (Daniel Keams) بيولوجي في جامعة بلومينكتون في إنديانا،

                            و هو مدير البحث عن دهشته بالقول:


                            "الإكتشاف يمكن أن يعطي للمختصين لتقنيين في النانو أفكارا جديدة حول كيفية ضبط محركات صغيرة جدا في مجال الصناعة. السوط هو واحد من المحركات الأصغر حجما و قوة في الطبيعة (...).يمكنه الدوران أكثر من 200 مرة في الثانية بفضل خاصية الدفع الدوراني بقدر 1400 بيكونيوتن-نانوميتر (Piconewton-nms). إنه كعدد كبير من أحصنة القوة لتشغيل آلة بقياس بضعة نانوميترات على مستوى العرض."

                            "إنه ليبدو لي شيء رائع على أن البكتيريا المتطورة و المهندسون البشر قد توصلوا إلى حل مماثل لنفس المشكل. كيف يمكن أن توقف بشكل مؤقت محركا قد بدأ بالإشتغال؟"

                            بكل تأكيد،
                            من وجهة نظر التصميم الذكي، ليس من الغريب على أن يقوم جهاز تعشيق (أو القابض) بكتيري بمراقبة نظم متوازية مع ما تم تصميمه من طرف مهندسين بشر.
                            ممكن أن يكون هناك تردد إذا ما تمت تسمية هذا النظام بـ "التعقيد الغير قابل للاختزال" (إنه شيء نسبيا بسيط و الأنزيم الوحيد الذي يشارك في هذا النظام فهو يقوم بوظيفتين مختلفتين).

                            إلا أنه لا يمكنك تجنب اعتبار هذا النظام طرفا من التعقيد المحدد، كما يفسر ذلك دافيد طايلر في مدونته:

                            "فمقدار التعقيد يتجلى في التكوين المدهش للبروتين EpsE و قدرته في جذب البروتين الذي ينقل الدفع الدوراني مؤديا إلى عدم نقل هذه القوة. "

                            في نفس الوقت،

                            فهذا النظام يحتاج إلى العمل بتعاون مع آلية تفصل الحركة و تعيد الإرتباط بالمحرك. و كلما تعلم المرء بشكل أكثر مبادئ الهندسة المتعلقة بالنظم البيولوجية، إلا و كانت له دلائل أكثر تدفعه لاستنتاج أننا نتعامل مع أنظمة مصممة فعلا بعناية فائقه.

                            المصدر


                            لاحول ولاقوة إلا بالله

                            تعليق



                            • الجمال "الإلهي" و الموحي لعملية التركيب السوطي


                              جوناتهان ماكلاتيتشي: Jonathan McLatichi




                              منذ عدة أشهر، كنت قد نشرت مقالا في هذا الموقع تحدثت فيه عن التعقيد الخلاب و عن جاذبية عملية تشكل السوط. فحتى هذه اللحظة، فقد أعجبت بهذا الشريط الذي يتحدث عن هذا الموضوع. فبالرغم من أنه بالكاد يتناول الأمور السطحية في هذه العملية المتشابكة إلا أنه يقدم فكرة عن كيفية حدوث ذلك التخليق الحيوي و المعقد للسوط:


                              و من بين المصادر المفضلة لدي و التي عادة ما أعود إليها عند دراسة هذا الموضوع كتاب: "الشعيرات و السياط: الأبحاث الحالية و الاتجاهات المستقبلية" Pili and Flagella: Current Research and Future Trends الذي نشره كين جيرل (Ken Jarrel).

                              و أهم فصل في الكتاب قد ساهم فيه شي إيشي إيزاوا (
                              Shin-Ichi Aizawa) و عنوانه: "ما هو الأساس في التخليق الحيوي للسوط؟ ".


                              في الصفحة 91، عرض إيزاوا واحدا من أهم المقاطع دلالة في الكتاب:

                              "بما أن السوط مصمم بشكل صحيح و مشكل بشكل جميل عبر سلسلة تجميع مرتبة، و حتى أنا، الذي لا أؤمن بالخلق، فإنه ينتابني شعور رائع أمام هذا الجمال "الإلهي" (Pallen and Matzke, 2006) إذا ما كان السوط قد تطور انطلاقا من شكل بدائي فأين هي بقايا أسلافه؟ لماذا لا نلاحظ أي أشكال وسيطة للسياط الموجودة الآن؟ كيف يمكن أن يكون قد تطور السوط دون أن يترك آثارا في التاريخ؟".


                              و قد أتم فكرته في الصفحات القليلة (95-96) التي تلت قوله:

                              "جميع الجينات السوطية يبدو أنها قد تطورت تحت ضغوط إنتقائية جد عالية للحصول على الفعالية في التجميع. و بعد كل شيء، فإن كل ما يسمح للبكتيريا بتشكيل سوطها و بالتنقل اتجاه غذائها يمر عبر حمضها النووي. فالسياط هي عبارة عن نانوآلات مدفوعة عبر بروتونات تعمل ب 100% من الفعالية و طرق التجميع قد تم تحديثها عبر التطور بهدف تقليل فترة عملية التجميع. فالسوط قد اكتسب جماليته عبر التطور، متحولا بذلك إلى آلة فعالة و معقدة".

                              و من المتفق عليه إلى حد كبير أن مثل هذه الأعجوبة الهندسية تعطي مظهرا أخاذا على أنها قد صممت. و فعلا، فقد قامت البيولوجية كاثرين إيبلكيت (Kathryn Appelgate) التي تعمل على الدراسة الحاسوبية للخلية (و هي ذات توجه دارويني و تنشر مقالاتها بكثرة في موقع "البيولوجيون" Biologos) بكتابة بحث العام الماضي تحت عنوان: "السوط البكتيري: قد تكون المظاهر خداعة".

                              و أشارت إلى ما يلي:


                              "التشابه هو جد أخاذ، و نجد أنه من الصعوبة مقاومة هذه المماثلة لكيفية تشكل السوط. فنحن نعلم أن جميع المحركات الخارجية قد تم تصميمها من طرف مهندسين أذكياء، و جميع الأجزاء قد صنعت بإتقان حتى تعمل جميعا من أجل الغرض المقصود. و السوط البكتيري أيضا يملك مكونات متطابقة بشكل صحيح و كلها تؤدي نفس الوظيفة كأي محرك خارجي- بحيث تمكن من التحرك في وسط سائل. و بما أن السوط لم يتم تصميمه من طرف مهندسين بشر، فإنه يبدو من المعقول أن نستنتج فقط أنه صمم من قبل كيان آخر."


                              و بالتأكيد فإن إيبلكيت قد مضت في تأكيدها (بشكل غير مقنع) على أن السوط لم يصمم بشكل ذكي. إلا أنها طرحت سؤالا مشروعا بخصوص كيفية ظهوره: هل هذا النظام هو بالفعل مصمم؟ أم أن تصميمه مجرد ظاهري؟ حسنا، بما أننا جميعا متفقين –أو على الأقل معظمنا- على أن السوط يبدو كما لو أنه نظام مصمم فإنه سيكون من غير الحكمة استبعاد هذا الإقتراح مسبقا. فعند إغلاق الباب أمام جواب ممكن فإننا نحصر أنفسنا أمام مجموعة من الخيارات الزائفة.

                              فبما أن جميع "التفاسير" الطبيعية التي تم إعطاءها حول هذا النظام قد أبانت عن فشلها، و بما أننا نمتلك دافعا إيجابيا (على سبيل المثال، تجاربنا المتكررة مع قانون السببية) للاعتقاد على أن هذا النظام هو فعلا نتاج لسببية ذكية، فإنني لا أرى أي مشكل في أن يتم الاعتراف بفكرة استنتاج التصميم كوجهة نظر علمية مقبولة.

                              يعتبر السوط -من طرف العديد من العلماء- نظاما لا يقبل الاختزال ، و ذلك يعني أنه يستلزم تواجد جميع أجزاءه بهدف الإبقاء على فائدته الوظيفية.

                              على سبيل المثال، فمن دون البروتين المسمى
                              FliKفستفقد على حد سواء القدرة على التعديل و خيوط التصدير و القدرة على تعديل طول الكلاب.

                              كذلك الأمر عند غياب بروتين
                              cap المعروف ب FliDفإن مونمرات الفلاجيلين سيتم فقدانها من الخلية.

                              فأمام غياب أي دليل يظهر أن عملية جد معقدة كالتخليق الحيوي للسوط البكتيري يمكن أن تكون نتاجا لآليتي الطفرات و الانتخاب الطبيعي، فكيف يمكننا أن نكون متيقنين على أنه قد تطور عن طريقهما؟ إذا كان السوط قد ترك لنا مظهرا مثيرا للاهتمام على أنه قد تم تصميمه من طرف كيان ذكي،

                              أليس لدينا ما يبرر استنتاجنا إلى حين تقديم أي تفسير أكثر إقناع (يفسر المعطيات بشكل أفضل)؟




                              صاحب المقال:
                              جوناتهان ماكلاتييشي (
                              Jonathan McLatchie) حاصل على ماجستير البحوث في البيولوجيا التطورية و النظامية في جامعة كلاسكوو Glasgow. حاليا هو محرر موقع "التطور أخبار و نظرات"

                              المصدر
                              لاحول ولاقوة إلا بالله

                              تعليق



                              • التعقيد الغير مختزل
                                vs التكيف المسبق





                                معجزات الخلق والتدبير وعبث الداروينية

                                محارالمياه العذبة من نوع lampsilis ventricosa يدفن نفسه جزئيا فى قاع النهر تماما مثل باقي المحارات ، لكنه بعد ذلك يفعل شئ يمكننا ان نصفه بمعجزة ،
                                فهذا المحار الرخوي البدائي يقوم بحيله عبقرية مذهلة لاتمام دورة حياته ، ويضع الداروينية أمام مأزق بالغ الحرج .
                                فتابعوا:التكتيكات المخادعة في بلح البحر الطفيلي


                                "تعقيد لا يقبل الإختزال "



                                فى مياة القيعان النهرية ، نرقب هناك سمكه صغيره بديعة الألوان تسبح مكانها بإنسيابية ، وتحدق بنا بعيونها الثابتة العميقة . يمكنكم إعتبار هذا المشهد شيئا عاديا غير مثيرا للإنتباه ،




                                لكن صدقوا أو لا تصدقوا فما ترونه أمامكم ليس سمكة على الاطلاق، رغم زعانفها الجانبية المكتملة وزيلها وحركتها الايقاعية المنتظمة ،

                                إنها - ببساطة - جزء من جسد نوع من المحار مموه على هذه الهيئة المذهلة .

                                نعم هذا حقيقي تماما ،

                                لكن ما فائدة هذا التمويه المحكم ولما تصنع المحارة من نفسها شركا كهذا قد يعرضها لخطر الالتهام ؟.

                                من المعروف أن أغلب أنواع المحار تضع إناثها بيوضها فى المياة مباشرة وتقوم الذكور بإخصابها ، لكن فى أنواع معينه تحتفظ الاناث ببيوضها بداخل أجسامها ومن ثم يتم إخصابها بالحيوانات المنوية التي أفرزتها الذكور فى المياه القريبة ،وتحتفظ هذه الإناث الحبلي بصغارها داخل جراب منتفخا خارج جسدها الرخو يشبه تماما السمكة لها زيل وتمويه للعين، وزعانف يتم تحريكها بانسيابية بواسطة عقدة عصبية بحركة ايقاعية تبدو تماما كالسباحة .

                                هنا ينبغي علينا أن نتساءل !
                                لما تعرض المحارة مستقبل صغارها للخطر ، فهذا السلوك يجعل منها وصغارها عرضة للأكل .!

                                الحقيقة أن تلك الأنثى بالفعل تريد لصغارها أن يتم تناولهم بواسطة الاسماك ، لكن ليس لأنها تريد التخلص منهم ، بل ليعيشوا ويكملوا دورة حياتهم .

                                فدورة الحياة غير العادية لهذا المحار لا يمكنها أن تكتمل الا بأن تدخل يرقات صغارها "glochidia" الي خياشيم الأسماك لتتطفل عليها بالتغذي على دمائها .








                                ومن ذلك يمكننا أن ندرك أن السمكة الزائفة هي طعم وشرك لجذب الاسماك الاكبر لاكله ، فحين تنجذب هذه الاسماك للشرك وتنقض على السمكة الزائفة لتلتهمها ، تتحول من صياد الي فريسة، وفي لمح البصر تنفث المحارة الحبلى يرقاتها glochidia في فم السمكة لتنتقل اليرقات مباشرة الي الخيشوم وبذلك تكون المهمة قد أنجزت .




                                بالاضافة الي وجود طرق عديدة لنصب الفخاخ منها استخدام بعض اجناس المحارات الإضاءة أو الالوان المبهرجة نجد أن المحار من نوع lampsilis ventricosa يذهب إلى أبعد من ذلك في فن الخداع فالسمكة الزائفة التي يصنعها منفصلة جزئيا عن جسد الأم ، وتظل مرتبطة بالام بواسطة خيط هلامي طويل شفاف لا يرى . ومن ثم يحرك تيار الماء هذه السمكة لتبدو وكأنها حية تسبح .

                                هل تصدقوا ما ترون :




                                <


                                التفنن فى ابتكار أشكال مذهلة من الأشراك يعتبر سمة مميزة لأجناس هذه المحارات الخادعة ،والأكثر إذهالا في تلك العملية أنها إنتقائية حيث تصنع المحارة طعم الصيد الذي يفضله نوع السمكة التي تتطفل عليها ، مثل المحارVillosa Iris الذي يصنع فخه على شكل جراد البحر لأنه الطعام المفضل للسمكة smallmouth bass المضيفة لصغارة .






                                لا تتوقف المحارات عن إذهالنا ، فحدود الخداع تتحول الى إستراتجيات أخري ، حيث يمكننا أن نرصد محارا أخر يستخدم فخا مذهلا بحق ، فتصنع الام الحبلى بروتينات داخل جسدها على شكل ديدان حمراء اللون يمكنها أن تمثل وجبة مفضلة للأسماك ، أو أشكال صغيرة تشبه الحشرات المائية أو حشرات الصيد التي يستخدمها هواة الصيد كطعوم ، بل يمكننا أن نرى نوعا من تلك الأشكال المصنوعة يشبه الى حد مذهل شرانق الحشرات (أحد اطوار الحشرات التي تفضلها الأسماك)

                                ومن ثم تقوم الأم بطرد هذه الأجسام البروتينية المموهة خارج جسدها إلى المياة عن طريق أنبوب الزفير الى المياة المحيطة ، حاملة بداخلها مئات اليرقات التي تنتظر في صمت

                                وتتركها لتكمل الأسماك الجائعة باقي المهمة .




















                                يُتبع


                                لاحول ولاقوة إلا بالله

                                تعليق

                                يعمل...
                                X